نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٥

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار10%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 383

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 383 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 263114 / تحميل: 7936
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٥

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

ابن المغازلي.

[٥] جابر بن عبد الله الأنصاري، وقد رواه من حديثه:

ابن المغازلي.

[٦] عبد الله بن العباس، وقد رواه من حديثه العلماء التالية أسماؤهم:

١ - إبن حبيب البغدادي.

٢ - النطنزي.

٣ - الكنجي.

٤ - الحمويني.

٥ - الزرندي.

٦ - شهاب الدين أحمد.

٧ - الجمال المحدّث.

[٧] أبو هريرة، وقد رواه من حديثه: الحمويني.

[٨] أنس بن مالك، وقد رواه من حديثه: العاصمي.

أسماء رواة حديث النور من التابعين

وقد روى هذا الحديث من التابعين:

(١) سيدنا الامام علي بن الحسين بن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام .

وإنما ذكرناه في التابعين حسب إصطلاح أهل السنة.

(٢) زاذان أبو عمر الكندي المتوفى سنة ٨٢.

(٣) أبو عثمان النهدي.

(٤) سالم بن أبي الجعد الأشجعي المتوفى سنة ٩٧، ٩٨، ١٠٠.

(٥) أبو الزبير محمد بن مسلم بن تدرس الأسدي المكي المتوفى سنة ١٢٦.

(٦) عكرمة بن عبد الله البربري مولى ابن عباس المتوفى سنة ١٠٧.

٢١

(٧) عبد الرحمن بن يعقوب الجهني المدني.

(٨) أبو عبيدة حميد بن أبي حميد الطويل البصري المتوفى سنة ٢٤، ٤٣.

أسماء رواة حديث النور من الحفاظ والأئمة

١ - أحمد بن حنبل الشيباني (٢٤١).

٢ - أبو حاتم محمد بن إدريس الرازي (٢٧٧).

٣ - عبد الله بن أحمد بن حنبل (٢٩٠).

٤ - ابن مردويه أبو بكر أحمد بن موسى الاصبهاني (٤١٠).

٥ - أبو نعيم أحمد بن عبد الله الاصبهاني (٤٣٠)(١) .

٦ - ابن عبد البر يوسف بن عبد الله النمري القرطبي (٤٦٣).

٧ - الخطيب البغدادي أحمد بن علي بن ثابت (٤٦٣).

٨ - ابن المغازلي أبو الحسن علي بن محمّد بن الطيب الجلّابي (٤٨٣).

٩ - أبو شجاع شيرويه بن شهردار الديلمي (٥٠٩).

١٠ - أبو محمد العاصمي صاحب زين الفتى في تفسير سورة هل أتى.

١١ - أبو الفتح محمد بن علي النطنزي ( حدود سنة ٥٥٠ ).

١٢ - أبو منصور شهردار بن شيرويه الديلمي (٥٥٨).

١٣ - الخطيب الخوارزمي أبو المؤيد الموفق بن أحمد المكي (٥٦٨).

١٤ - إبن عساكر أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي (٥٧١).

١٥ - الصالحاني نور الدين أبو حامد محمود بن محمّد.

١٦ - المطرزي أبو الفتح ناصر بن عبد السيد (٦١٠).

١٧ - أبو محمد قاسم بن الحسين الخوارزمي (٦١٧).

____________________

(١). تعلم روايته من الخصائص العلوية للنطنزي كما سيأتي في محله.

٢٢

١٨ - عبد الكريم الرافعي القزويني (٦٢٤).

١٩ - الكلاعي أبو الربيع سليمان بن موسى المعروف بابن سبع (٦٣٤).

٢٠ - الكنجي محمد بن يوسف الشافعي (٦٥٨).

٢١ - المحب الطبري أبو العباس أحمد بن عبد الله (٦٩٦).

٢٢ - الحمويني أبو المؤيد إبراهيم بن محمّد (٧٢٢).

٢٣ - شرف الدين الدركزيني الطالبي القرشي (٧٤٣).

٢٤ - الزرندي محمد بن يوسف ( بضع وخمسين وسبعمائة ).

٢٥ - محمد بن يوسف الحسيني المعروف بـ « گيسو دراز ».

٢٦ - السيد محمد بن جعفر المكي.

٢٧ - الجلال البخاري (٧٨٥).

٢٨ - السيد علي الهمداني.

٢٩ - جلال الدين أحمد الخجندي.

٣٠ - السيد شهاب الدين أحمد صاحب توضيح الدلائل.

٣١ - الشهاب الدولت آبادي الملقب بملك العلماء (٨٤٩).

٣٢ - شهاب الدين أحمد بن علي المعروف بابن حجر العسقلاني (٨٥٢).

٣٣ - أحمد بن محمد الحافي الحسيني.

٣٤ - الوصابي ابراهيم بن عبد الله اليمني الشافعي.

٣٥ - جمال الدين عطاء الله بن فضل الله الشيرازي (١٠٠٠)(١) .

٣٦ - شيخ بن علي العلوي الجفري.

٣٧ - الواعظ الهروي الشيخ محمد.

٣٨ - أحمد بن ابراهيم.

٣٩ - السيد محمد ماه عالم.

____________________

(١). كذا والصحيح (٩٢٦).

٢٣

٤٠ - محمد صدر العالم.

٤١ - حسان الهند غلام علي آزاد (١١٥٦).

حديث النور متواتر

وليعلم: أن رواية أمير المؤمنينعليه‌السلام وحدها خير دليل على صحة هذا الحديث وثبوته، لأنه معصوم - كما صرح بذلك ( الدهلوي ) ووالده - ولذا يجوز الاكتفاء بها في مقام البحث والاستدلال ومع هذا فإن هذا الحديث متواتر لرواية سبعة من الصحابة إياه غيره عليه الصلاة والسّلام، وقد قال ابن حجر بالنسبة إلى حديث « مروا أبابكر فليصلّ بالناس » ما نصه:

« واعلم أن هذا الحديث متواتر، فإنه ورد من حديث عائشة، وابن مسعود، وابن عباس، وابن عمر، وعبد الله بن زمعة، وأبي سعيد، وعلي بن أبي طالب، وحفصة »(١) .

بل ادعى ابن حزم التواتر في مسألة عدم جواز بيع الماء بنقل أربعة من الصحابة قائلاً:

« فهؤلاء أربعة من الصحابة، رضي الله عنهم، فهو نقل تواتر لا تحلُّ مخالفته »(٢) .

وقال ( الدهلوي ) عند الجواب عن مطاعن أبي بكر:

« وما قيل من أنه أجاب فاطمة بحديث لم يروه غيره، كذب محض، لأنه قد جاء في كتب أهل السنة مصححاً من حديث حذيفة بن اليمان، والزبير بن العوام، وأبي الدرداء، وأبي هريرة، والعباس، وعلي، وعثمان، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وهؤلاء أجلة الصحابة وفيهم من بشّر بالجنّة، وقد

____________________

(١). الصواعق المحرقة - الفصل الثالث من الباب الأول - ١٣.

(٢). المحلى - كتاب البيوع.

٢٤

روى الملّا عبد الله المشهدي في إظهار الحق عن النبي في حذيفة « ما حدّثكم به حذيفة فصدّقوه » وفيهم المرتضى علي المعصوم بإجماع الشيعة والثقة بإجماع أهل السنة، ولا اعتبار في هذا المقام برواية عائشة وأبي بكر وعمر.

أخرج البخاري عن مالك بن أوس بن الحدثان النصري: أن عمر بن الخطاب قال بمحضر من الصحابة فيهم: علي والعباس وعثمان وعبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص: أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض: أتعلمون أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : قال: لا نورّث ما تركناه صدقة؟ قالوا: اللهم نعم، ثم أقبل على علي والعباس وقال: أنشدكما بالله هل تعلمان أن رسول الله قال ذلك؟ قالا: اللهم نعم.

فثبت أن هذا الحديث قطعيّ الصدور كالآية من القرآن، فإن رواية الواحد من هؤلاء الذين ذكرت أسماؤهم تفيد اليقين فكيف بهذا الجمع؟ ولا سيما علي المرتضى المعصوم لدى الشيعة، ورواية المعصوم عندهم تساوي القرآن في إفادة اليقين »(١) .

ولنا أن نستدل بهذا الكلام ( الذي أُجيب عنه بالتفصيل في تشييد المطاعن ) على صحة حديث النّور من وجوه:

١ - لقد صرّح بأن رواية أحد هؤلاء الصحابة المذكورين - وفيهم أبو هريرة - تفيد اليقين كالآية من القرآن العظيم، وبما أن أبا هريرة من رواة هذا الحديث الشريف، فإنّ حديث النور كالآية القرآنية في إفادة اليقين.

٢ - إن جميع الوجوه التي استدل بها على إفادة خبر الزبير وعبد الرحمن وسعد وأبي الدرداء وأمثالهم للقطع واليقين، هي بنفسها بل الأقوى منها دليل على إفادة حديث النور - الذي رواه أولئك الصحابة - للقطع واليقين.

٣ - لقد روى حديث النور الامام أمير المؤمنينعليه‌السلام . ومن المستفاد

____________________

(١). التحفة الباب العاشر: ٢٧٤.

٢٥

من كلام ( الدهلوي ) أن روايته لأي حديث تفيد ثبوته وصحته، ويكون ذلك الحديث مساوياً للآية القرآنية، فحديث النور - إذن - مساو للقرآن العظيم.

٤ - كلام ( الدهلوي ) صريح في أن لأمير المؤمنينعليه‌السلام مزيةً على سائر الصحابة في إفادة روايته القطع، وأما قوله « المعصوم لدى الشيعة » فيردّه: أن جماعة من أهل السنة يصرّحون أيضاً بعصمته ومنهم والده كما يظهر من ( التحفة ) و ( التفسير ). فالاعتقاد بذلك ثابت لدى الفريقين.

٥ - ظاهر كلامه أن رواية أولئك الصحابة - وفيهم علي وأبو هريرة - أقوى من رواية أبي بكر وعمر وعائشة، وعليه: فإن حديث النور الذي رواه - فيمن رواه - علي وأبو هريرة أقوى مما يروونه.

* * *

٢٦

نصوص روايات الحفّاظ والعلماء

هذا ولنذكر نصوص روايات الحفاظ والعلماء المذكورين بالتفصيل فنقول:

(١)

رواية أحمد بن حنبل

لقد جاء في ( تذكرة الخواص ) ما نصّه:

« حديث فيما خلق منه: قال أحمد في الفضائل: حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن خالد بن معدان، عن زاذان عن سلمان، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كنت أنا وعلي بن أبي طالب نوراً بين يدي الله تعالى قبل أن يخلق آدم بأربعة آلاف عام، فلمّا خلق آدم قسّم ذلك النور جزءين: فجزء أنا وجزء علي.

و في رواية: خلقت أنا وعلي من نور واحد »(١) .

____________________

(١). تذكرة خواص الأمة / ٤٦.

٢٧

رجال الحديث

ورجال هذا السند كلهم ثقات ومن رجال الصحاح، فالطّعن في أحدهم يساوق الطعن في الصحاح ولا سيما الصحيحين، إلّا أن يقال: إن روايات هؤلاء معتبرة في كلّ بابٍ إلّا باب فضائل عليعليه‌السلام ، فتنقلب هناك المدائح مطاعن، والتوثيقات جروحاً، ولا حول ولا قوة إلّا بالله.

عبد الرزاق الصنعاني

أمّا ( عبد الرزاق ) فقد ذكرنا ترجمته وآيات عظمته وجلالته لدى أهل السنة وأرباب الصحاح في مجلّد ( حديث التشبيه )، فإنه الذي قالوا في حقه: « ما رحل الناس إلى أحد بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مثل ما رحلوا إليه »(١) .

وذكر المقدسي عن يحيى بن معين: « لو ارتدّ عن الاسلام عبد الرزاق ما تركنا حديثه ».

وقال المقدسي: « وقال أحمد بن صالح: قلت لأحمد بن حنبل: أرأيت أحداً أحسن حديثاً من عبد الرزاق؟ قال: لا.

وقال أبو زرعة: عبد الرزاق أحد من ثبت حديثه »(٢) .

وقال السبكي عند توثيق « موسى بن هلال » رداً على « ابن تيمية » في كلام طويل: « وأحمدرحمه‌الله لم يكن يروي إلّا عن ثقة، وقد صرّح بذلك الخصم في الكتاب الذي صنفه في الردّ على البكري، بعد عشر كراريس منه، قال: إن

____________________

(١). جاء ذلك في مرآة الجنان - حوادث ٢١١، الأنساب - الصنعاني، الكمال - مخطوط.

(٢). الكمال - مخطوط.

٢٨

القائلين بالجرح والتعديل من علماء الحديث نوعان، منهم من لم يرو إلّا عن ثقة عنده، كمالك، وشعبة، ويحيى بن سعيد، وعبد الرحمن بن مهدي، وأحمد بن حنبل، وكذلك البخاري وأمثاله.

وقد كفانا الخصم بهذا الكلام مؤنة تبيين أن أحمد لا يروي إلّا عن ثقة، وحينئذ لا يبقى له مطعن فيه »(١) .

معمر بن راشد

وأما ( معمر بن راشد ) فقد ذكرنا ترجمته هناك كذلك، ونكتفي في هذا المقام بما ذكره الذهبي، فإنه قال:

« معمر بن راشد أبو عروة الأزدي مولاهم، عالم اليمن، عن الزهري وهمام، وعنه غندر وابن المبارك وعبد الرزاق. قال معمر: طلبت العلم سنة. مات الحسن ولي أربع عشرة سنة. وقال أحمد لا تضم معمراً إلى أحد إلّا وجدته يتقدمه، كان من أطلب أهل زمانه للعلم. وقال عبد الرزاق سمعت منه عشرة آلاف حديث. توفي في رمضان سنة ثلاث وخمسين ومائة باليمن »(٢) .

الزهري

وأما ( الزهري ) فقد ذكرناه هناك أيضاً، وهذه كلمة الحافظ ابن حجر في حقّه:

____________________

(١). شفاء الأسقام في زيارة خير الأنام ١٠ - ١١.

(٢). الكاشف ٣ / ١٦٤، وانظر تهذيب التهذيب ١٠ / ٢٤٣ - ٢٦٤. وقد أخرج له الترمذي والنسائي وابن ماجة وأبو داود.

٢٩

« محمد بن مسلم بن عبيد الله الزهري، وكنيته أبو بكر، الفقيه الحافظ، متفق على جلالته وإتقانه، وهو من رؤس الطبقة الرابعة. مات سنة خمس وعشرين، وقيل قبل ذلك بسنة أو سنتين. ع »(١) .

خالد بن معدان

وأما ( خالد بن معدان ) فإليك بعض الكلمات في حقّه:

١ - ابن حبان : « يروي عن أبي أمامة والمقدام بن معدي كرب. ولقي سبعين رجلاً من أصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكنيته أبو عبد الله، وكان من خيار عباد الله مات سنة ١٠٤ وقيل سنة ١٠٨ ويقال سنة ١٠٣ »(٢) .

٢ - الذهبي : « فقيه كبير، ثبت، مهيب، مخلص، يقال: كان يسبّح في اليوم أربعين ألف تسبيحة، توفي سنة ١٠٤. يرسل عن الكبار »(٣) .

٣ - ابن حجر : « يعدّ من الطبقة الثالثة من فقهاء الشامية بعد الصحابة، وقال العجلي: شامي تابعي، ثقة. وقال يعقوب بن شيبة ومحمّد بن سعد وابن جرير والنسائي: ثقة، وقال أبو مسهر عن إسماعيل بن عياش حدثنا عبدة بنت خالد بن معدان وأم الضحاك بنت راشد أن خالد بن معدان قال: أدركت سبعين رجلاً من أصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم »(٤) .

زاذان الكندي

وأما ( زاذان ) فهو من مشاهير التابعين، أخرج عنه مسلم وأبو داود والترمذي

____________________

(١). تقريب التهذيب ٢ / ٢٠٧. « ع » رمز لرواية أصحاب الصحاح عنه.

(٢). الثقات ٥ / ٣٤٩.

(٣). الكاشف ١ / ٢٧٤.

(٤). تقريب التهذيب ١ / ٢١٨، تهذيب التهذيب ٣ / ١١٨.

٣٠

والنسائي وابن ماجة في صحاحهم. وقال الذهبي في ( الكاشف ):

« ع - زاذان أبو عمرو الكندي مولاهم الضرير البزاز. عن علي وابن مسعود وابن عمر، ويقال: سمع عمر. وعنه: عمر بن مرة والمنهال بن عمر. ثقة. توفي ١٠٨ ».

وأورده ابن القيسراني المقدسي في ( أسماء رجال الصحيحين ) في بيان أفراد مسلم من التفاريق وقد ذكر ابن القيسراني في مقدمة كتابه المذكور اتفاق حفاظ الحديث كابن عدي والدار قطني وابن مندة والحاكم وغيرهم من السابقين واللاحقين على أن من أخرج عنه في الصحيحين فهو ثقة حجة فيكون ( زاذان ) ثقة حجة عند الحفّاظ والأئمة المذكورين وغيرهم.

سلمان

وأما ( سلمان ) هذا الصحابي العظيم فغني عن التعريف والترجمة، وقد ترجم له في جميع كتب تراجم الصحابة وغيرها راجع ( أسد الغابة ) و ( الاستيعاب ) وغيرهما.

وإليك طرفا مما ذكره ابن عبد البر بترجمته: « سلمان الفارسي أبو عبد الله يقال مولى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويعرف بسلمان الخير

وكان خيّراً فاضلاً حبراً عدلاً زاهداً متقشفاً. وذكر هشام بن حسان عن الحسن قال: كان عطاء سلمان خمسة آلاف، وكان إذا خرج عطاؤه تصدّق به ويأكل من عمل يده، وكانت له عباءة يفترش بعضها ويلبس بعضها.

ذكر ابن وهب بن نافع عن مالك قال: كان سلمان يعمل الخوص بيده فيعيش منه، ولا يقبل من أحد شيئاً. قال: ولم يكن له بيت إنما كان يستظل بالجدر والشجر، وإن رجلاً قال له: ألا أبني لك بيتاً تسكن فيه؟ فقال: مالي به حاجة، فما زال به الرجل وقال له: إني أعرف البيت الذي يوافقك. قال: فصفه لي. قال:

٣١

أبني لك بيتاً إذا أنت قمت فيه أصاب رأسك سقفه، وإنْ أنت مررت فيه رجليك أصابهما الجدار. قال: نعم، فبنى له.

و روي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من وجوه أنه قال: لو كان الدين بالثريا لناله سلمان. و في رواية أخرى: لناله رجال من فارس. وروينا عن عائشة أم المؤمنين قالت: كان لسلمان مجلس من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يتفرد به بالليل، حتى كاد به يغلبنا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

و روي من حديث ابن بريدة عن أبيه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال: أمرني ربي بحبّ أربعة وأخبرني أنه يحبّهم: علي وأبوذر الغفاري والمقداد وسلمان. وروى قتادة عن خيثمة عن أبي هريرة قال: سلمان صاحب الكتابين. قال قتادة: يعني الفرقان والإِنجيل.

حدثنا خلف بن قاسم، حدثنا ابن المفسر، حدثنا أحمد بن علي بن سعيد، حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا جرير عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن أبي البختري عن علي: أنه سئل عن سلمان. فقال: علم علم الأول والآخر، هو بحر لا ينزف، هو منّا أهل البيت.

هذه رواية أبي البختري عن علي. و في رواية زاذان عن علي قال: سلمان الفارسي مثل لقمان الحكيم. ثم ذكر مثل أبي البختري. وقال كعب الأخبار: سلمان حشي علماً وحكمة.

و ذكر مسلم: حدثنا بهز، حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن معاوية بن قرة، عن عائد بن عمرو: أن أبا سفيان أتى على سلمان وصهيب وبلال في نفرٍ فقالوا: ما أخذت سيوف الله من عنق عدو الله مأخذها. فقال أبو بكر: تقولون هذا لشيخ قريش وسيدهم! وأتى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: يا أبا بكر لعلك أغضبتهم، لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربك، فأتاهم أبو بكر فقال: يا إخوتاه أغضبتكم؟ فقالوا: لا يا أبا بكر، يغفر الله لك(١) .

____________________

(١). لا يخفى أن في أصل صحيح مسلم في باب فضائل سلمان وبلال هذه الفقرة هكذا: « فقالوا: لا يغفر الله لك يا أخي » فترى ابن عبد البر قد زاد لفظة « يا أبا بكر » بعد « لا » حتى لا يتعلق « لا » =

٣٢

وله أخبار حسان وفضائل جمةرضي‌الله‌عنه .

توفي سلمان في آخر خلافة عثمان، سنة خمس وثلاثين، وقيل بل توفي سنة ست وثلاثين في أولها، وقيل بل توفي في خلافة عمر. والأول أكثر والله أعلم. وقال الشعبي: توفي سلمان في علية لأبي قرة الكندي بالمدائن.

وروى عنه من الصحابة ابن عمر، وابن عباس، وأنس بن مالك، وأبو الطفيل ».

فالحمد لله على ظهور بطلان خرافات أهل الزور، وثبوت صحة حديث النور كالنور على شاهق الطّور، ولكنْ من لم يجعل الله له نوراً فماله من نور. ولقد صدق الله تعالى حيث قال( فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ) .

ترجمة أحمد بن حنبل

وأما ( أحمد بن حنبل ) فهو الامام العظيم والركن الركين، وأحد شيوخ الإسلام عند أهل السنة من السابقين واللاحقين، وقد أوردنا شطراً من كلماتهم في حقه، ونبذة من الفضائل والمكارم التي ذكروها له، في قسم ( حديث التشبيه ) عن طائفة كبيرة من أمهات مصادرهم، ومن أشهر مؤلفاتهم ومصنفاتهم، أمثال:

١ - الثقات لابن حبان.

٢ - حلية الأولياء لأبي نعيم الاصبهاني.

٣ - الاكمال للأمير ابن ماكولا.

٤ - الأنساب لأبي سعد السمعاني.

____________________

= بلفظ « يغفر » وحذف « يا أخي » حتى لا يلزم التكرار المستبشع ولما ذا صدر منه هذا التحريف؟ لأن الحديث هذا صريح في أن أبا بكر أغضب الله تعالى بإغضاب سيدنا سلمان راجع: ٧ / ١٧٣

٣٣

٥ - وفيات الأعيان لابن خلكان.

٦ - تهذيب الأسماء واللغات للنووي.

٧ - المختصر في أخبار البشر لأبي الفداء الأيوبي.

٨ - تذكرة الحفاظ للذهبي.

٩ - العبر في خبر من غبر للذهبي.

١٠ - مرآة الجنان لليافعي.

١١ - تتمة المختصر في أخبار البشر لابن الوردي.

١٢ - رجال المشكاة للخطيب التبريزي.

١٣ - تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني.

١٤ - تقريب التهذيب لابن حجر العسقلاني.

١٥ - طبقات الشافعية للسبكي.

١٦ - طبقات الحفاظ لجلال الدين السيوطي.

١٧ - شرح المواهب اللدنية للزرقاني.

وغيرها من المعاجم الرجالية وكتب الحديث المعتبرة لدى القوم.

ولعلّ من أجلى مدائحه ما ذكره النووي عن إبراهيم بن الحارث - وهو من أولاد عبادة بن الصامت - أنه قيل لبشر الحافي: لو أنك قمت وقلت بما قال أحمد! فقال بشر: « لا أقدر على هذا الأمر، إن أحمد قام مقام الأنبياء »(١) .

وما ذكره عبد الحق الدهلوي عن الميموني قال: « قال لي ابن المديني بالبصرة بعد المحنة: يا ميموني، ما قام أحد في الإسلام ما قام أحمد. فعجبت من هذا وأبو بكر قد قام في الردة، قلت: بأي شيء؟ قال: إن أبا بكر وجد أنصاراً، وإن أحمد لم يجد ناصراً »(٢) .

____________________

(١). تهذيب الأسماء واللغات ١ / ١١٠.

(٢). رجال المشكاة - ترجمته.

٣٤

ألا يستفاد من هذا تفضيل أحمد على أبي بكر؟.

وهذه مقتطفات مما جاء في ( سير أعلام النبلاء ) بترجمته:

« الامام أحمد بن حنبل، هو الامام حقاً وشيخ الاسلام صدقاً أحد الأئمة الأعلام أنبأ عبد الله بن أحمد سمعت سفيان بن وكيع يقول: أحفظ عن أبيك مسألة من نحو أربعين سنة، سئل عن الطلاق قبل النكاح فقال: يروى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعن علي وابن عباس ونيف وعشرين من التابعين، لم يروا به باساً. فسألت أبي عن ذلك، فقال: صدق كذا قلت.

قال: وحفظت أني سمعت أبا بكر بن حماد يقول: سمعت أبا بكر بن أبي شيبة يقول: لا يقال لأحمد بن حنبل: من أين قلت؟

وسمعت: أبا إسماعيل الترمذي يذكر عن ابن نمير قال: كنت عند وكيع، فجاءه رجل - أو قال جماعة - من أصحاب أبي حنيفة فقالوا له: هاهنا رجل بغدادي يتكلم في بعض الكوفيين، فلم يعرفه وكيع، فبينا نحن إذْ طلع أحمد بن حنبل فقالوا: هذا هو. فقال وكيع: هاهنا يا أبا عبد الله، فأفرجوا فجعلوا يذكرون عن أبي عبد الله الذي ينكرون، وجعل أبو عبد الله يحتج بالأحاديث عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فقالوا لوكيع: هذا بحضرتك ترى ما يقول. فقال: رجل يقول قام رسول الله أيش أقول له؟ ثم قال: ليس القول إلّا كما قلت يا أبا عبد الله، فقام القوم بوكيع: خدعك والله البغدادي.

وقال إبراهيم الحربي: رأيت أبا عبد الله كأن الله جمع له علم الأولين والآخرين.

وعن رجل قال: ما رأيت أحداً أعلم بفقه الحديث ومعانيه من أحمد.

أحمد بن سلمة سمعت ابن راهويه يقول: كنت أجالس أحمد وابن معين ونتذاكر، فأقول: ما فقهه؟ ما تفسيره؟ فيسكتون إلّا أحمد.

قال أبو بكر الخلال: كان أحمد قد كتب الرأي وحفظها ثم لم يلتفت إليها.

٣٥

قال إبراهيم بن شماس: سالنا وكيعا عن خارجة بن مصعب، فقال: نهاني أحمد أنْ أُحدّث عنه.

قال العباس بن محمّد الخلال: أنبأ إبراهيم بن شماس: سمعت وكيعاً وحفص بن غياث يقولان: ما قدم الكوفة مثل ذاك الفتى. يعنيان أحمد بن حنبل.

وقيل: إن أحمد أتى حسيناً الجعفي بكتاب كبير يشفع في أحمد، فقال حسين: يا أبا عبد الله لا تجعل بيني وبينك منعما، فليس تحمل عليّ بأحدٍ إلّا وأنت أكبر منه.

الخلال: أنبا المروزي، أنبأ خضر المروزي بطرسوس، سمعت ابن راهويه سمعت يحيى بن آدم يقول: أحمد بن حنبل إمامنا.

الخلال: أنبانا محمد بن علي، ثنا الأثرم، حدثني بعض من كان مع أبي عبد الله: أنهم كانوا يجتمعون عند يحيى بن آدم فيتشاغلون عن الحديث بمناظرة أحمد يحيى بن آدم، ويرتفع الصوت بينهما، وكان يحيى بن آدم واحد أهل زمانه في الفقه.

الخلال: أنبأ المروزي سمعت محمد بن يحيى القطان يقول: رأيت أبي مكرماً لأحمد بن حنبل، لقد بذل له كتبه - أو قال - حديثه.

وقال القواريري: قال يحيى القطان: ما قدم علينا مثل هذين، أحمد بن حنبل ويحيى بن معين. وما قدم عليَّ من بغداد أحب إليّ من أحمد بن حنبل.

وقال عبد الله بن أحمد: سمعت أبي يقول: شقّ على يحيى بن سعيد يوم خرجت من البصرة.

عمرو بن العباس: سمعت عبد الرحمن بن مهدي ذكر اصحاب الحديث فقال: أعلمهم بحديث الثوري أحمد بن حنبل. قال: فأقبل أحمد، فقال ابن مهدي: من أراد أن ينظر إلى ما بين كتفي الثوري فلينظر إلى هذا.

قال المروزي: قال أحمد: عنيت بحديث سفيان حتى كتبته عن رجلين،

٣٦

حتى كلّمنا يحيى بن آدم فكلّم لنا الأشجعي، فكان يخرج إلينا الكتب فنكتب من غير أن نسمع.

وعن ابن مهدي قال: ما نظرت إلى أحمد إلّا ذكرت به سفيان.

قال عبد الله بن أحمد: سمعت أبي يقول: خالف وكيع ابن مهدي في نحو من ستين حديثاً من حديث سفيان، فذكرت ذلك لابن مهدي وكان يخفيه عني.

عباس الدوري: سمعت أبا عاصم يقول: الرجل بغدادي من تعدّون عندكم اليوم من أصحاب الحديث؟ قال: عندنا أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وأبو خيثمة والعيطي والسويدي، حتى عدّله جماعة بالكوفة أيضاً وبالبصرة، فقال أبو عاصم: قد رأيت جميع من ذكرت، وجاؤا إلي، ولم أر مثل ذاك الفتى. يعني أحمد بن حنبل.

قال شجاع بن مخلد: سمعت أبا الوليد الطيالسي يقول: ما بالمصرين رجل أكرم عليّ من أحمد بن حنبل.

وعن سليمان بن حرب أنه قال لرجل: سل أحمد بن حنبل ما يقول في مسألة كذا، فإنه عندنا إمام.

وقال عبد الرزاق: ما رأيت أحداً أفقه ولا أورع من أحمد بن حنبل.

( قال الذهبي ): قلت: قال هذا وقد رأى مثل الثوري ومالك وابن جريج.

وقال حفص بن غياث: ما قدم الكوفة مثل أحمد.

وقال الهيثم بن جميل الحافظ: إنْ عاش أحمد سيكون حجة على أهل زمانه.

وقال قتيبة: خير أهل زماننا ابن المبارك ثم هذا الشاب - يعني أحمد بن حنبل - وإذا رأيت رجلاً يحب أحمد فاعلم أنه صاحب سنة، ولو أدرك عصر الثوري والأوزاعي والليث لكان هو المقدّم عليهم. فقيل لقتيبة: تضم أحمد إلى التابعين؟ قال: إلى كبار التابعين.

قال المزني: قال لي الشافعي: رأيت ببغداد شاباً إذا قال أنبأ قال الناس كلّهم: صدق. قلت: ومن هو؟ قال: أحمد بن حنبل.

٣٧

وقال حرملة: سمعت الشافعي يقول: خرجت من بغداد فما خلّفت بها رجلاً أفضل ولا أعلم ولا أفقه ولا أتقى من أحمد بن حنبل.

وقال الزعفراني: قال لي الشافعي: ما رأيت أعقل من احمد وسليمان بن داود الهاشمي.

وقال محمد بن إسحاق بن راهويه: حدثني أبي قال لي أحمد بن حنبل: تعال حتى أريك من لم تر مثله، فذهب بي إلى الشافعي. قال أبي: وما رأى الشافعي مثل أحمد بن حنبل، ولو لا أحمد وبذل نفسه لذهب الإسلام. يريد المحنة.

وروي عن إسحاق بن راهويه قال: أحمد حجة بين الله وبين خلقه.

وقال محمد بن عبدويه: سمعت علي بن المديني يقول: أحمد أفضل عندي من سعيد بن جبير في زمانه، لأن سعيداً كان له نظراء.

وعن ابن المديني قال: أعز الله الدين بالصّديق يوم الردة وبأحمد يوم المحنة.

وقال أبو عبيد: انتهى العلم إلى أربعة: أحمد بن حنبل وهو أفقههم. وذكر الحكاية.

وقال أبو عبيد: إني لأتزيّن بذكر أحمد، وما رأيت رجلاً أعلم بالسنّة منه وقال الحسن بن الربيع: ما شبّهت أحمد بن حنبل إلّا بابن المبارك، في سمته وتقاه.

الطبراني: أنبأ محمد بن الحسين الأنماطي قال: كنا في مجلس فيه يحيى بن معين وأبو خيثمة فجعلوا يثنون على أحمد بن حنبل. فقال رجل: فبعض هذا! فقال يحيى: وكثرة الثناء على أحمد تستنكر! لو جلسنا بالثناء عليه ما ذكرنا فضائله بكمالها.

وروى عباس عن ابن معين قال: ما رأيت مثل أحمد.

وقال النفيلي: كان أحمد بن حنبل من أعلام الدين. وقال المروزي: حضرت أبا ثور سئل عن مسألة فقال: قال أبو عبد الله أحمد بن حنبل شيخنا وأمامنا فيها كذا وكذا.

٣٨

وقال ابن معين: ما رأيت من يحدّث لله إلّا ثلاثة: يعلى بن عبيد والعيني وأحمد بن حنبل.

وقال ابن معين: أرادوا أن أكون مثل أحمد، والله لا أكون مثله أبداً.

وقال أبو خيثمة: ما رأيت مثل أحمد ولا أشدّ منه قلباً.

وقال علي بن خشرم: سمعت بشر بن الحارث يقول: أنا أسأل عن أحمد ابن حنبل! إن أحمد دخل الكير فخرج ذهباً أحمر.

وقال عبد الله بن أحمد: قال أصحاب بشر الحافي له حين ضرب أبي: لو أنك خرجت فقلت: إني على قول أحمد! فقال: أتريدون أن أقوم مقام الأنبياء.

القاسم بن محمد الصائغ، سمعت المروزي يقول: دخلت على ذي النون السجن ونحن بالعسكر فقال: أيّ شيء حال سيدنا؟ يعني أحمد بن حنبل.

وقال محمد بن حماد الطهراني: سمعت أبا ثور الفقيه يقول: أحمد بن حنبل أعلم وأفقه من الثوري.

وقال نصر بن علي الجهضمي: أحمد أفضل أهل زمانه.

قال صالح بن علي الحلبي: سمعت أبا همام السكوني يقول: ما رأيت مثل أحمد بن حنبل ولا رأى هو مثله. وعن حجاج بن الشاعر قال: ما رأيت أفضل من أحمد بن حنبل، وما كنت أحب أن أقتل في سبيل الله ولم أصل على أحمد، بلغ والله في الإمامة أكثر من مبلغ سفيان ومالك.

وقال عمرو الناقد: اذا وافقني أحمد بن حنبل على حديثٍ لا أبالي من خالفني.

قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن علي بن المديني وأحمد بن حنبل أيّهما أحفظ؟ فقال: كانا في الحفظ متقاربين، وكان احمد أفقه، إذا رأيت من يجب أحمد فاعلم أنه صاحب سنّة.

وقال أبو زرعة: أحمد بن حنبل أكبر من إسحاق وأفقه، ما رأيت أحداً أكمل من أحمد.

٣٩

وقال محمد بن يحيى الذهلي: جعلت أحمد إماماً فيما بيني وبين الله تعالى.

وقال محمد بن مهران الحمّال: ما بقي غير أحمد.

قال إمام الأئمة ابن خزيمة: سمعت محمّد بن سحنويه، سمعت أبا عمير ابن النحاس الرملي وذكر أحمد بن حنبل فقال:رحمه‌الله عن الدنيا، ما كان أصبره وبالماضين ما كان أشبهه، وبالصالحين ما كان ألحقه، عرضت له الدنيا فأباها، والبدع فنفاها.

قال أبو حاتم: كان أبو عمير من عباد المسلمين قال لي: إمل عليَّ شيئاً عن احمد بن حنبل.

وروي عن أبي عبد الله البوشنجي قال: ما رأيت أجمع في كلّ شيء من أحمد ابن حنبل ولا أعقل منه.

وقال ابن وارة: كان أحمد صاحب فقه، صاحب حفظ، صاحب معرفة.

وقال النسائي: جمع أحمد بن حنبل المعرفة بالحديث والفقه والورع والزهد والصّبر.

و عن عبد الوهاب الورّاق قال: لما قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : فردّوه إلى عالمه. رددناه إلى أحمد بن حنبل، وكان أعلم أهل زمانه.

وقال أبو داود: كانت مجالس أحمد مجالس الآخرة، لا يذكر فيها شيء من أمر الدنيا، ما رأيته ذكر الدنيا قط.

قال صالح بن محمّد جزرة: أفقه من أدركت في الحديث أحمد بن حنبل.

قال علي بن خلف: سمعت الحميدي يقول: ما دمت بالحجاز وأحمد بالعراق وابن راهويه بخراسان لا يغلبنا أحد.

الخلال: أنبأنا محمد بن ياسين البلدي، سمعت ابن أبي أويس وقيل له: ذهب أصحاب الحديث. فقال: ما أبقى الله أحمد بن حنبل فلم يذهب أصحاب الحديث.

وعن ابن المديني قال: أمرني سيّدي أحمد بن حنبل أن لا أحدّث إلّا من

٤٠

كتاب الحسين بن الحسن.

أبو معين الرازي: سمعت ابن المديني يقول: ليس في أصحابنا أحفظ من أحمد، وبلغني أنه لا يحدّث إلّا من كتاب، ولنا فيه أسوة.

وعنه قال: أحمد اليوم حجة الله تعالى على خلقه.

أخبرنا عمر بن عبد المنعم، عن أبي اليمن الكندي، أنبأنا عبد الملك بن أبي القاسم، أنبأنا أبو إسمعيل الأنصاري، أنبأنا أبو يعقوب القراب، أنبأنا محمّد ابن عبد الله الجوزقي، سمعت أبا حامد الشرقي، سمعت أحمد بن سلمة، سمعت أحمد بن عاصم، سمعت أبا عبيد القاسم بن سلّام يقول: انتهى العلم إلى أربعة: أحمد بن حنبل وهو أفقههم فيه، وإلى ابن أبي شيبة وهو أحفظهم، وإلى علي بن المديني وهو أعلمهم به، وإلى يحيى بن معين وهو أكتبهم له.

إسحاق المنجنيقي، أنبانا القاسم بن محمد المؤدب، عن محمّد بن أبي بشر، قال: أتيت أحمد بن حنبل في مسألة فقال: رأيت عبيد فإنّ له بياناً لا تسمعه من غيره، فأتيته فشفاني جوابه، فأخبرته بقول أحمد، فقال: ذاك رجل من عمّال الله، نشر الله تعالى رداء علمه وذخر له عنده الزلفى، أما تراه محبباً مألوفاً، ما رأت عيني بالعراق رجلاً اجتمعت فيه خصال هي فيه، فبارك الله تعالى له فيما أعطاه من الحلم والعلم والفهم

وبأسنادي إلى أبي إسماعيل الأنصاري، أنبأ إسماعيل بن إبراهيم، أنبأ نصر ابن أبي نصر الطوسي، سمعت علي بن أحمد بن حشيش، سمعت أبا الحديث الصوفي بمصر عن أبيه عن المزني يقول: أحمد بن حنبل يوم المحنة وأبو بكر يوم الردة وعمر يوم السقيفة وعثمان يوم الدار وعلي يوم صفين.

قال أحمد بن محمّد الرشديني، سمعت أحمد بن صالح المصري يقول: ما رأيت بالعراق مثل هذين: أحمد بن حنبل ومحمّد بن عبد الله بن نمير، رجلين جامعين لم أر مثلهما بالعراق.

وروى أحمد بن سلمة النيسابوري عن ابن وارة قال: أحمد بن حنبل

٤١

ببغداد، وأحمد بن صالح بمصر، وأبو جعفر النفيلي بحرّان، وابن نمير بالكوفة. هؤلاء أركان الدين.

وقال علي بن الجنيد الرازي: سمعت أبا جعفر النفيلي يقول: كان أحمد بن حنبل من أعلام الدين.

وعن محمد بن مصعب العابد قال: لسوط ضرب به أحمد بن حنبل في الله تعالى أكبر من أيام بشر بن الحارث الحافي.

قال أبو عبد الرحمن النهاوندي: سمعت يعقوب الفسوي يقول: كتبت عن ألف شيخ، حجتي فيما بيني وبين الله رجلان: أحمد بن حنبل وأحمد بن صالح.

وبالإسناد إلى الأنصاري شيخ الإسلام، أنبأ أبو يعقوب، أنبأ منصور بن عبد الله الذهلي، أنبأ محمّد بن الحسن بن علي البخاري، سمعت محمّد بن إبراهيم البوشنجي، وذكر أحمد بن حنبل فقال: هو عندي أفضل وأفقه من سفيان الثوري، وذلك أن سفيان لم يمتحن بمثل ما امتحن به أحمد، ولا علم سفيان ومن تقدّم من فقهاء الأمصار بعلم احمد بن حنبل، لأنه كان أجمع بها وأبصر بأغاليطهم وصدوقهم وكذوبهم.

قال: ولقد بلغني عن بشر بن الحارث أنه قال: قام أحمد مقام الأنبياء. وأحمد عندنا امتحن بالسرّاء والضرّاء فكان فيهما معتصماً بالله تعالى.

قال أبو يحيى الناقد: كنا عند ابراهيم بن عرعرة فذكروا علي بن عاصم فقال رجل: أحمد بن حنبل يضعّفه. فقال رجل: وما يضرّه إذا كان ثقة! فقال ابن عرعرة: والله لو تكلّم أحمد في علقمة والأسود لغيّرهما.

وقال الخشني: سمعت إسماعيل بن الخليل يقول: لو كان أحمد بن حنبل في بني إسرائيل لكان آية »(١) .

____________________

(١). سير أعلام النبلاء ١١ / ١٧٧.

٤٢

رواية أحمد دليل على صحة الحديث

ثم إنّ مجرّد رواية أحمد لحديثٍ من الأحاديث دليل على ثبوته واعتباره عند المحققين من أهل السنة، فقد استشهد الخوارزمي المكي - عند الكلام على فضائل عليعليه‌السلام ، وأنها لا تحصى كثرة بعد رواية أحاديث عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دالة على هذا المعنى - بكلام رواه عن أحمد بن حنبل هذا نصه:

« ويدلّك على ذلك: ما روي عن الامام الحافظ أحمد بن حنبل - وهو كما عرف أصحاب الحديث: قريع أقرانه، وإمام زمانه، والفارس الذي يكب فرسان الحفاظ في ميدانه، وروايته فيهرضي‌الله‌عنه مقبولة، وعلى كاهل التصديق محمولة، لما علم أن الامام أحمد بن حنبل ومن احتذى على مثاله ونسج على منواله وحطب في حبله وانضوى إلى حفله، مالوا إلى تفضيل الشيخين رضوان الله عليهما، فجاءت روايته فيه كعمود الصباح لا يمكن ستره بالراح - وهو:

ما رواه الشيخ الامام الزاهد فخر الأئمة أبو الفضل بن عبد الرحمن الحفربندي الخوارزمي رحمه الله تعالى إجازة قال: أخبرنا الشيخ الامام أبو محمّد الحسن ابن أحمد السمرقندي قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن أحمد بن محمّد ابن عبدان العطار، وإسماعيل بن أبي نصر عبد الرحمن الصابوني، وأحمد بن الحسين البيهقي قالوا جميعاً: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: سمعت القاضي الامام أبا الحسن علي بن الحسين، وأبا الحسن محمّد بن المظفر الحافظ يقولان: سمعنا أبا حامد محمّد بن هارون الحضرمي يقول: سمعت محمّد بن منصور الطوسي يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول:

ما جاء لأحدٍ من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الفضائل ما

٤٣

جاء لعلي بن أبي طالب »(١) .

إذن كلّ ما روى أحمد في أمير المؤمنينعليه‌السلام مقبول وعلى كاهل التصديق محمول

وبمثله صرح الحافظ الكنجي الشافعي حيث قال: « قلت: ذكر فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب من آيات القرآن لا يمكن جعله إلّا في كتاب واحد، وذكر جميعها يقصر عنه باع الإحصاء. ويدلّك على صدق ما ذهب إليه مؤلف هذا الكتاب محمّد بن يوسف بن محمّد الكنجي الشافعي عفا الله عنه: ما أخبره الشيخ المقري أبو إسحاق إبراهيم بن بركة الكتبي بالموصل عن مجاهد عن ابن عباس قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لو أن الغياض أقلام والبحر مداد والجنّ حسّاب والإنس كتّاب ما أحصوا فضائل علي بن أبي طالب.

... ويدلّك على ذلك: ما روينا عن إمام أهل الحديث أحمد بن حنبل - وهو أعرف أصحاب الحديث في علم الحديث قريع أقرانه وإمام زمانه »(٢) . وقال سبط ابن الجوزي: « وأحمد مقلَّد في الباب، متى روى حديثاً وجب المصير إلى روايته، لأنه إمام زمانه، وعالم أوانه، والمبرّز في علم النقل على أقرانه، والفارس الذي لا يجارى في ميدانه، وهذا هو الجواب عن جميع ما يرد في الباب في أحاديث الكتاب »(٣) .

جواب سبط ابن الجوزي عن تضعيف الحديث

« فإن قيل: قد ضعّفوا هذا الحديث. فالجواب: إن الحديث الذي ضعّفوه غير هذه الألفاظ وغير هذا الإسناد، أما اللّفظ: خلقت أنا وهارون بن عمران

____________________

(١). مناقب أمير المؤمنين / ٣.

(٢). كفاية الطالب / ٢٥٣.

(٣). تذكرة الخواص / ٢٢.

٤٤

ويحيى بن زكريا وعلي بن أبي طالب من طينة واحدة. وفي رواية: خلقت أنا وعلي من نور كنا عن يمين العرش قبل أن يخلق الله آدم بألفي عام، فجعلنا ننقلب في أصلاب الرجال إلى عبد المطلب.

وأما الإِسناد فقالوا: في إسناده محمّد بن خلف المروزي وكان مغفلاً، وفيه أيضاً جعفر بن أحمد بن بيان وكان شيعياً.

والحديث الذي رويته يخالف هذا اللفظ والاسناد، لأن رجاله ثقات.

فإنْ قيل: فعبد الرزاق كان يتشيع.

قلنا: هو أكبر شيوخ أحمد بن حنبل، ومشى إلى صنعاء من بغداد حتى سمع منه وقال: ما رأيت مثل عبد الرزاق، ولو كان فيه بدعة لما روى عنه، وما زال إلى أن مات يروي عنه، ومعظم الأحاديث التي في المسند رواها من طريقه، وقد أخرج عنه في الصحيحين »(١) .

ترجمة سبط ابن الجوزي

وسبط ابن الجوزي من كبار علماء أهل السنة ومحدّثيهم المعتمدين، فقد

ترجم له:

١ - أبو المؤيد الخوارزمي: « أما السند الأول - وهو مسند الأستاذ أبي محمّد الحارثي البخاري - فقد أخبرني به الأئمة بقراءتي عليهم: الامام أقضى قضاة الأنام، أخطب خطباء الشام جمال الدين أبو الفضائل عبد الكريم بن عبد الصمد ابن محمّد بن أبي الفضل الأنصاري الحرستاني، والشيخ الثقة تقي الدين إسماعيل ابن إبراهيم بن يحيى والشيخ الامام شمس الدين يوسف بن عبد الله سبط

____________________

(١). تذكرة خواص الأمة ٤٦ - ٤٧.

٤٥

الامام أبي الفرج ابن الجوزي بقراءتي عليه »(١) .

وقال في مقام الجواب عمّا ذكر من لحن أبي حنيفة: « والجواب الثاني: إنه ذكر الامام الحافظ سبط ابن الجوزي أنه افتراء على أبي حنيفة، وانما المنقول عنه: بأبي قبيس. كذا قاله الثقات من أرباب النقل »(٢) .

فترى أنه وصفه تارة بـ « الشيخ الامام » وأخرى بـ « الامام الحافظ ».

٢ - ابن خلكان قائلاً: « الواعظ المشهور، حنفي المذهب، وله صيت وسمعة في مجالس وعظه، وقبول عند الملوك وعيرهم ».

كما أنه اعتمد على تاريخه المسمّى بـ « مرآة الزمان » في ترجمة الحلّاج(٣) .

ترجمة ابن خلكان

وابن خلكان المتوفى سنة ٦٨١ من أشهر مشاهير أهل السنة، فقد قال الذهبي بترجمته:

« ابن خلكان قاضي القضاة لقي كبار العلماء، وبرع في الفضائل والآداب وكان كريماً جواداً سرياً ذكياً أخبارياً عارفاً بأخبار الناس »(٤) .

وقال أبو الفداء: « القاضي الفاضل المحقق شمس الدين أحمد بن محمّد بن أبي بكر بن خلكان البرمكي، وكان فاضلاً عالماً، تولى القضاء بمصر والشام وله مصنفات جليلة مثل وفيات الأعيان وغيره في التاريخ »(٥) .

وكذا قال ابن الوردي(٦) .

____________________

(١). جامع مسانيد أبي حنيفة ١ / ٧٠.

(٢). المصدر ١ / ٥٤.

(٣). وفيات الأعيان ٣ / ١٤٢، وانظر ٢ / ١٥٣.

(٤). العبر في حوادث سنة ٦٨١.

(٥). المختصر، في حوادث السنة المذكورة.

(٦). تتمة المختصر في حوادث السنة المذكورة.

٤٦

وقال الصفدي: « كان فاضلاً بارعاً متفقهاً، عارفاً بالمذاهب، حسن الفتاوى، جيد القريحة، بصيراً بالعربية علامة بالأدب والشعر وأيام الناس، كثير الاطلاع حلو المذاكرة، وافر الحرمة، فيه رئاسة كثيرة، له كتاب وفيات الأعيان، وقد اشتهر كثيراً »(١) .

وقال السبكي: « كان أحنف وقته حلماً، وشافعي زمانه علماً، وحاتم عصره، إلا أنه لا يقاس به حاتم »(٢) .

وعن قطب الدين في تاريخ مصر: « كان إماماً، أديباً بارعاً، وحاكماً عادلاً، ومؤرخاً جامعاً، وله الباع الطويل في الفقه والنحو والأدب، غزير النقل، كامل العقل »(٣) .

وكذا ترجم له وأثنى عليه الأسدي والأسنوي في كتابيهما في ( طبقات الشافعية ) واليافعي في ( مرآة الجنان ) وابن تغري بردي في ( النجوم الزاهرة )، والسيوطي في ( حسن المحاضرة ) وغيرهم.

٣ - يوسف بن أحمد بن محمّد ترجم لسبط ابن الجوزي في ترجمة « وفيات الأعيان » الى الفارسية.

٤ - القطب اليونيني البعلبكي قائلاً: « وكان له القبول التام عند الخاص والعام من أبناء الدنيا وأبناء الآخرة »(٤) .

ترجمة اليونيني

واليونيني المتوفى سنة ٧٢٦ من أعاظم أهل السنة، فقد قال الذهبي

____________________

(١). الوافي بالوفيات ٧ / ٣٠٨.

(٢). طبقات الشافعية الوسطى - مخطوط -.

(٣). طبقات الشافعية ٣ / ٢٣.

(٤). ذيل مرآة الزمان - مقدّمة الكتاب.

٤٧

بترجمته:

« موسى بن محمّد بن أبي الحسين، الامام المؤرخ، قطب الدين ابن الشيخ الفقيه، سمع من أبيه وبدمشق من ابن عبد الدائم وشيخ الشيوخ، وبمصر من ابن صارم، واختصر مرآة الزمان وذيّل عليه فأجاد، روى الكثير ببعلبك، ولد سنة أربعين وستمائة، وتوفي في شوال سنة ٧٢٦، وكان رئيساً محترماً »(١) .

وقال اليافعي « ومات ببعلبك شيخها الصدر الكبير قطب الدين

صاحب التاريخ »(٢) .

أما ذيله على ( مرآة الزمان ) فقد ذكره الجلبي، واستحسنه الذهبي - كما تقدم - وغيره.

٥ - أبو الفداء حيث قال: « وفيها توفي الشيخ الدين وكان من الوعاظ الفضلاء، ألّف تاريخاً جامعاً سمّاه ( مرآة الزمان ) »(٣) .

ترجمة أبي الفداء

وأبو الفداء المتوفى سنة ٧٣٢ من أكابر علمائهم، فقد قال ابن الوردي بترجمته:

« وكان سخياً محباً للعلم والعلماء، متفنناً، يعرف علوماً، وقد رأيت جماعة من ذوي الفضل يزعمون أنه ليس في الملوك بعد المأمون أفضل منه، رحمه الله تعالى »(٤) .

وقال ابن الشحنة: « وكان عالماً أديباً، له اليد الطولى في الرياضة

____________________

(١). المعجم المختص: ٢٨٥.

(٢). مرآة الجنان - حوادث سنة ٧٢٦.

(٣). المختصر - حوادث ٦٥٤.

(٤). تتمة المختصر - حوادث ٧٣٢.

٤٨

والهندسة والهيئة »(١) .

وقال الكتبي: « الملك المؤيد صاحب حماة، إسماعيل بن علي، الامام العالم الفاضل السلطان فيه مكارم وفضيلة تامة من فقه وطب وحكمة وغير ذلك »(٢) .

وقال الاسدي: « العالم العلامة المتفنن المصنف، السلطان المؤيد، عماد الدين اشتغل في العلوم وتفنن منها، وصنف التصانيف المشهورة، منها التاريخ »(٣) .

وكذا ترجم له ابن حجر العسقلاني وابن تغري بردي.

٦ - ابن الوردي قائلاً : « فيها توفي الشيخ شمس الدين يوسف سبط جمال الدين ابن الجوزي، واعظ فاضل، له مرآة الزمان تاريخ جامع.

قلت: وله تذكرة الخواص من الأمة في ذكر مناقب الأئمة، والله أعلم »(٤) .

ترجمة ابن الوردي

وابن الوردي من كبار الفقهاء المشاهير، فقد قال ابن حجر العسقلاني بترجمته: « زين الدين ابن الوردي الفقيه الشافعي الشاعر المشهور، نشأ بحلب وتفقّه بها وفاق الأقران »(٥)

وكذا قال ابن قاضي شبهة بعد أن عنونه بـ « الامام العلامة الأديب المؤرّخ فقيه حلب ...»(٦)

____________________

(١). روضة المناظر - حوادث ٧٣٢.

(٢). فوات الوفيات ١ / ١٨٣.

(٣). طبقات الشافعية ٣ / ١٠٩.

(٤). تتمة المختصر - حوادث ٦٥٦.

(٥). الدرر الكامنة ٣ / ٢٧٢.

(٦). طبقات الشافعية ٣ / ١٩٧.

٤٩

٧ - الذهبي حيث قال: « ابن الجوزي، العلامة الواعظ المؤرخ شمس الدين أسمعه جدّه منه ومن ابن كليب وجماعة، وقدم دمشق سنة بضع وستين فوعظ بها، وحصل له القبول للطف شمائله وعذوبة وعظه، وله تفسير في تسعة وعشرين مجلداً، وشرح الجامع الكبير، وجمع مجلداً في مناقب أبي حنيفة، ودرّس وأفتى، وكان في شبيبته حنبلياً، توفي في الخامس والعشرين من ذي الحجة، وكان وافر الحرمة عند الملوك »(١) .

٨ - الداودي : « يوسف بن قزغلي، الواعظ المؤرخ، شمس الدين أبو المظفر سبط الحافظ أبي الفرج، روى عن جدّه وطائفة، وألف كتاب مرآة الزمان، وله تفسير على القرآن العظيم في سبعة وعشرين مجلداً، وشرح الجامع الكبير، وكان في شبيبته حنبلياً ثم صار حنفياً، وكان بارعاً في الوعظ، وله القبول التام عند الخاص والعام من أبناء الدنيا وأبناء الآخرة، مات بدمشق سنة أربع وخمسين وستمائة »(٢) .

٩ - الكفوي « وكان إماماً عالماً فقيهاً واعظاً جيّداً مهيباً »(٣) .

١٠ - اليافعي : « العلّامة الواعظ المؤرخ درّس وأفتى »(٤) .

١١ - الفيروزآبادي : « أوحد زمانه في الوعظ »(٥) .

١٢ - القاري : « تفقه على الشيخ محمود الحصري، وأعطي القبول بين الملوك والأمراء والمشايخ والعلماء في الوعظ وغيره »(٦) .

وغيرهم وكلهم أثنوا عليه الثناء البالغ ومدحوه المدح العظيم.

____________________

(١). العبر - حوادث سنة ٦٥٤.

(٢). طبقات المفسرين ٢ / ٣٨٣.

(٣). كتائب أعلام الاخيار - مخطوط.

(٤). مرآة الجنان - حوادث ٦٥٤.

(٥). مختصر الجواهر المضية في طبقات الحنفية - مخطوط.

(٦). الأثمار الجنية في طبقات الحنفية - مخطوط.

٥٠

طعن الذهبي والصفدي في السّبط

لكن الذهبي والصفدي قد انتقدا السبط وجرحاه - جرياً على عادتهما في التسرع في الطعن والجرح - فقد قال الكفوي ما نصه:

« قال الشيخ صلاح الدين الصفدي - بعد أن أثنى على أبي المظفر يوسف ابن قزغلي -: وهو صاحب مرآة الزمان، وأنا ممّن حسده على هذه التسمية، فإنها لائقة بالتاريخ، كأن الناظر في التاريخ يعاين من ذكر فيه في مرآة، إلّا أن المرآة فيه صدأ المجازفة منهرحمه‌الله ، في أماكن معروفة.

وقال الذهبي في كتابه المسمى بالميزان: إن يوسف بن قزغلي ألّف مرآة الزمان، فتراه يأتي بمناكير الحكايات وما أظنه بثقة، بل يحيف ويجازف، ثم إنه يترفض. وقال في موضع آخر: كان حنبلياً وتحوّل حنفياً للدنيا ».

الدفاع عن السبط

قال الكفوي بعد أن نقل هذا عنهما: « واعلم أن صاحب مرآة الزمان قد كان ناقلاً عمّن تقدّمه في التاريخ، ووظيفته الرواية والعهدة على الراوي، ونسبته إلى المجازفة جور عليه، فإنّ التاريخ لا يشترط فيه الأسانيد التي لا غبار عليها، على أن صلاح الدين الصفدي والشيخ الحافظ شمس الدين الذهبي ومن بعدهما تطفلوا على تاريخه ونقلوا من مرآة الزمان شيئاً كثيراً، فإن لم يكن ثقة فهم ليسوا بثقات »(١) .

كما استبعد القاري ما ادعاه الذهبي فقال - بعد أن نقل كلامه في الميزان -: « وهو بعيد جدّاً كما لا يخفى »(٢) .

____________________

(١). كتائب أعلام الأخيار - مخطوط.

(٢). الأثمار الجنية - مخطوط.

٥١

وقال الجلبي ما نصه: « قال في الذيل: وهذا من الحسد، فإنه في غاية التحرير، ومن أرخ بعده فقد تطفل عليه، لا سيّما الذهبي والصفدي، فإنّ نقولهما منه في تاريخهما »(١) .

استناد القوم إلى أقواله في القضايا الخلافية

أضف إلى ذلك كلّه: أنا نثبت جلالة سبط ابن الجوزي وعظمته من كلام:

الخواجة الكابلي صاحب ( الصواقع ) وهو الذي طالما اقتدى به ( الدهلوي ) ونسج على منواله.

والقاضي ثناء الله العثماني.

ورشيد الدين خان.

وصاحب إزالة الغين.

ومن كلام ( الدهلوي ).

أما الكابلي فقد قال عند الجواب عن مطعن درء الحد عن المغيرة بن شعبة ما نصه:

« ودعوى أهل البصرة على مغيرة كما ذكره ابن جرير الطبري، والامام البخاري، والحافظ عماد الدين ابن كثير، والحافظ جمال الدين أبو الفرج ابن الجوزي، والشيخ شمس الدين أبو المظفر سبط ابن الجوزي، في تواريخهم: إن المغيرة كان أمير البصرة ».

إذن ( الكابلي ) يعتمد على ( السبط ) ويثق به على حدّ اعتماده ووثوقه بـ ( البخاري ) و ( ابن جرير ) و ( ابن الجوزي ) وغيرهم.

وأما ( القاضي ) و ( الدّهلوي ) فقد قالا بمثل كلام الكابلي عند الجواب عن المطعن المذكور، وقد صرح الثاني بوثاقة هؤلاء المؤرّخين المذكورين.

وأما ( رشيد الدين خان ) فقد قال: « قال الحافظ أبو المؤيد الخوارزمي - في

____________________

(١). كشف الظنون ٢ / ١٦٤٨.

٥٢

أوائل مسند الامام الاعظم عند الجواب عن اشكالات الخطيب البغدادي: - وأمّا قوله: إن أبا حنيفة لحن حيث قال في مسألة القتل بالقتل: ولو رماه بأبا قبيس فيجاب عنه بوجوه: الأول: إنه ذكر الامام الحافظ سبط ابن الجوزي أنه افتراء على أبي حنيفة »(١) .

كما أنه عدّ ( سبط ابن الجوزي ) من أئمة الدين المعتمدين، كأحمد وابن الجوزي وغيرهم(٢) .

وأما صاحب ( إزالة الغين ) فقد نقل عن ( السبط ) كلامه في الدفاع عن أبي حنيفة معبّراً عنه بـ « الامام الحافظ »(٣) .

مؤلفات السبط

ولسبط ابن الجوزي مؤلفات مشهورة. وقد ذكر الجلبي منها الكتب التالية:

١ - الإنتصار لإمام أئمة الأمصار.

٢ - اللوامع في أحاديث المختصر والجامع.

٣ - التفسير.

٤ - منتهى السؤل في سيرة الرسول.

٥ - إيثار الإنصاف.

وذكر أنه ألّف كتاباً في ترجيح مذهب أبي حنيفة على غيره من المذاهب، عدا كتاب الانتصار الذي ألّفه في الموضوع، وأن له شرحاً على الجامع الكبير لأبي عبد الله الشيباني.

أما مرآة الزمان فقد ذكره السندي أيضاً في مروياته في ( حصر الشارد )

____________________

(١). شوكت عمريه ١٢٠.

(٢). إيضاح لطافة المقال ٢٧٩.

(٣). إزالة الغين. في مبحث الجواب عما طعن في أبي حنيفة.

٥٣

قائلاً:

« وأما مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي فأرويه بالسند المتقدم إلى الحافظ ابن حجر، عن أحمد بن أبي بكر المقدسي، عن سليمان عن يوسف بن قزغلي سبط ابن الجوزي ».

اعتماد العلماء على كتبه

ولقد اعتمد كبار العلماء على كتبه ونقلوا عنها، مثل ابن خلكان في ( تاريخه ) والصفدي في ( الوافي بالوفيات ) في ترجمة « محمّد بن كرام السجستاني » والبدخشي في ( مفتاح النجا ) والسمهودي في مواضع من ( جواهر العقدين )(١) والحلبي في ( سيرته ) والحصكفي في ( الدر المختار ) وابن عابدين في ( رد المحتار في شرح الدر المختار ) وغيرهم.

٢

رواية أبي حاتم الرازي

لقد جاء في كتاب ( زين الفتى في تفسير سورة هل أتى ) ما نصه:

« أخبرنا الحسين بن محمّد قال: حدثنا عبد الله بن أبي منصور قال: حدثنا محمّد بن بشر قال: حدثنا محمد بن إدريس الرازي قال: حدثنا محمّد بن عبد الله

____________________

(١) منها: ما ذكره في الروايات والآثار الدالة على أن من أعان أهل البيتعليهم‌السلام وأحسن إليهم يجازى بعمله الجزاء الحسن فقال: « ومن ذلك: ما رواه سبط ابن الجوزي بسنده إلى عبد الله بن المبارك - وكان يحج سنة ويغزو سنة، فلما كان السنة التي حج فيها - خرجت بخمسمائة دينار إلى موقف الجمال بالكوفة لأشتري جمالا، فرأيت امرأة على بعض المزابل تنتف ريش بطة منتنة، =

٥٤

ابن المثنى قال: حدثني حميد الطويل عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : خلقت أنا وعلي بن أبي طالب من نور واحد نسبّح الله عز وجل في يمنة العرش قبل خلق الدنيا، ولقد سكن آدم الجنة ونحن في صلبه، ولقد ركب نوح السفينة ونحن في صلبه، ولقد قذف إبراهيم في النار ونحن في صلبه، فلم نزل يقلّبنا الله عز وجل من أصلاب طاهرة إلى أرحام طاهرة، حتى انتهى بنا إلى عبد المطلب، فجعل ذلك النور بنصفين، فجعلني في صلب عبد الله، وجعل عليا في صلب أبي طالب، وجعل فيّ النبوة والرسالة وجعل في علي الفروسية والفصاحة، واشتق لنا اسمين من أسمائه، فرب العرش محمود وأنا محمّد، وهو الأعلى وهذا علي »(١) .

ترجمته:

وأبو حاتم محمّد بن إدريس الرازي المتوفى سنة ٢٧٧ غني عن التعريف، فلا حاجة إلى الإطناب في ذكر فضائله، ونقل الكلمات في حقه، بل نكتفي بنبذة

____________________

فتقدّمت إليها فقلت: لم تفعلين هذا؟ فقالت: يا عبد الله لا تسأل عما يعنيك، قال: فوقع في خاطري من كلامها شيء، فألححت عليها، فقالت: يا عبد الله قد ألجأتني إلى كشف سرّي إليك. أنا امرأة علوية ولي أربع بنات يتامى، مات أبوهن من قريب وهذا اليوم الرابع ما أكلنا شيئا، وقد حلّت لنا الميتة، فأخذت هذه البطة أصلحها وأحملها إلى بناتي فنأكلها. فقلت في نفسي: ويحك يا ابن المبارك أين أنت من هذه!! فقلت: إفتحي حجرك، ففتحته، فصببت الدنانير في طرف إزارها وهي مطرقة لا تلتفت. قال: ومضيت إلى المنزل ونزع الله من قلبي شهوة الحج ذلك العام، ثم تجهزت إلى بلادي وأقمت حتى حج الناس وعادوا، فخرجت أتلقى جيراني وأصحابي، فجعلت كل من أقول له « قبل الله حجك وشكر سعيك » يقول: وأنت قبل الله حجك وشكر سعيك، أما قد اجتمعنا بك في مكان كذا وكذا، وأكثر عليّ الناس في القول. فبت متفكرا في ذلك فرأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المنام وهو يقول: يا عبد الله لا تعجب، فإنك أغثت ملهوفة من ولدي، فسألت الله أن يخلق على صورتك ملكا يحج عنك في كلّ عام إلى يوم القيامة، فإن شئت أن تحج وإن شئت أن لا تحج ».

(١). زين الفتى في تفسير سورة هل أتى - مخطوط.

٥٥

منها فقط:

١ - السمعاني: « إمام عصره والمرجوع إليه في مشكلات الحديث كان من مشاهير العلماء المذكورين الموصوفين بالفضل والحفظ والرحلة »(١) .

٢ - ابن الأثير: « هو من أقران البخاري ومسلم »(٢) .

٣ - الذهبي: « حافظ المشرق بارع الحفظ، واسع الرحلة من أوعية العلم وكان جارياً في مضمار البخاري وأبي زرعة الرازي »(٣) .

(٣)

رواية عبد الله بن أحمد

لقد روى هذا الحديث في ( زوائد مناقب أمير المؤمنين ) قائلاً:

« حدثنا الحسن قال: حدثنا أحمد بن المقدام العجلي، حدثنا الفضيل بن عياض قال: حدثنا ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن زاذان عن سلمان قال: سمعت حبيبي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: كنت أنا وعلي نوراً بين يدي الله عز وجل قبل أن يخلق الله آدم بأربعة عشر عام، فلما خلق الله آدم قسّم ذلك النور جزئين، فجزء أنا وجزء علي ».

ترجمته:

وعبد الله بن أحمد المتوفى سنة ٢٩٠ من كبار محدّثي أهل السنة، وقد جاءت فضائله الباهرة في كافة معاجم الرجال، وإليك بعض الكلمات:

____________________

(١). الأنساب - الحنظلي.

(٢). الكامل ٦ / ٦٧.

(٣). العبر - حوادث ٢٧٧.

٥٦

١ - المقدسي : « سمع أباه ويحيى بن معين وأبا بكر وعثمان ابني أبي شيبة وأبا خيثمة قال أبو بكر الخطيب: كان ثقة ثبتاً فهماً.

وقال بدر بن أبي بدر البغدادي: عبد الله بن أحمد جهبذ ابن جهبذ.

وقال أبو الحسين بن المنادي: لم يكن في الدنيا أروى عن أبيه منه، لأنه سمع المسند وهو ثلاثون ألفاً، والتفسير وهو مائة وعشرون ألفاً، سمع منها ثلاثين ألفاً والباقي وجادة، والناسخ والمنسوخ، والتاريخ، وحديث شعبة، والمقدّم والمؤخّر في كتاب الله تعالى، والجوابات في القرآن، والمناسك الكبير والصغير، وحديث الشيوخ وغير ذلك.

وما زلنا نرى أكابر شيوخنا يشهدون له بمعرفة الرجال وعلل الحديث والأسماء والكنى، والمواظبة على طلب الحديث في العراق وغيرها، ويذكرون عن أسلافهم الإِقرار له بذلك، حتى أن بعضهم ليسرف في تقريظه إيّاه بالمعرفة وزيادة السماع للحديث على أبيه »(١) .

٢ - الذهبي : « عبد الله بن أحمد بن محمّد بن حنبل، الامام الحافظ الحجة، أبو عبد الله، محدّث العراق، ولد إمام العلماء »(٢) .

وقال: « الحافظ أبو عبد الرحمن كان إماماً خبيراً بالحديث وعلله، مقدما فيه، وكان من أروى الناس عن أبيه »(٣) .

٣ - ابن حجر : « قال عباس الدوري: سمعت أحمد يقول: قد وعى عبد الله علماً كثيراً، وقال الخطيمي بلغني عن أبي زرعة قال قال أحمد: ابني عبد الله محفوظ، من علماء الحديث، لا يكاد يذاكر إسماعيل بن علي إلّا بما لا أحفظ. وقال أبو علي الصواف: قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: كل شيء أقول قال أبي فقد سمعته مرتين أو ثلاثة. وقال ابن أبي حاتم: كتب إليّ بمسائل أبيه وبعلل

____________________

(١). الكمال - مخطوط.

(٢). تذكرة الحفاظ ٢ / ٦٦٥.

(٣). العبر - حوادث سنة ٢٩٠.

٥٧

الحديث. وقال أبو الحسين ابن المنادي: لم يكن في الدنيا أحد أروى عن أبيه منه، لأنه سمع منه المسند وهو ثلاثون ألفا والتفسير قال: وما زلنا نرى أكابر شيوخنا يشهدون له بمعرفة الرجال وعلل الحديث والأسماء والكنى والمواظبة على الطلب، حتى أن بعضهم أسرف في تقريظه إيّاه بالمعرفة وزيادة السماع على أبيه قال النسائي ثقة. وقال السلمي: سألت الدار قطني عن عبد الله بن أحمد وحنبل بن إسحاق؟ فقال: ثقتان نبيلان. وقال أبو بكر الخلال: كان عبد الله رجلاً صالحاً صادق اللهجة كثير الحياء »(١) .

٤ - اليافعي : « الحافظ أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل الشيباني، كان إماماً خبيراً بالحديث وعلله مقدّماً فيه »(٢) .

(٤)

رواية ابن مردويه

لقد قال الخطيب الخوارزمي ما نصه:

« أخبرنا شهردار - هذا - إجازةً، أخبرنا عبدوس بن عبد الله بن عبدوس الهمداني كتابة: حدثنا الشريف أبو طالب الجعفري، حدثنا ابن مردويه الحافظ، حدثنا إسحاق بن محمّد بن علي بن خالد، حدثنا أحمد بن زكريا، حدثنا أبو طهمان، حدثنا محمّد بن خالد الهاشمي، حدثنا الحسين بن إسماعيل بن حماد، عن أبيه، عن زياد بن المنذر، عن محمّد بن علي بن الحسين عن أبيه عن جدّه قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كنت أنا وعلي نوراً بين يدي الله تعالى

____________________

(١). تهذيب التهذيب ٥ / ١٤١.

(٢). مرآة الجنان حوادث: ٢٩٠.

٥٨

قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام، فلمّا خلق الله تعالى آدم سلك ذلك النور في صلبه، فلم يزل الله تعالى ينقله من صلب إلى صلب حتى أقرّه في صلب عبد المطلب فقسمه نصفين: قسماً في صلب عبد الله وقسماً في صلب أبي طالب. فعلي مني وأنا منه، لحمه لحمي ودمه دمي، فمن أحبه فبحبّي أحبه ومن أبغضه فببغضي أبغضه »(١) .

ترجمته:

وأبو بكر ابن مردويه الحافظ المتوفى سنة ٤١٠ من أعاظم محدّثي أهل السنّة الموصوفين بالحفظ والوثاقة، وقد ترجم له وأثنى عليه الذهبي في ( تذكرة الحفاظ ) والسيوطي في ( طبقات الحفاظ ) وغيرهما في كتب الرجال والحديث.

(٥)

رواية ابن عبد البر

لقد روى هذا الحديث ضمن جملة من فضائل أمير المؤمنينعليه‌السلام - كحديث الطير وغيره - فقال:

« وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : خلقت أنا وعلي من نور واحد نسبح الله تعالى يمنة العرش، قبل أن يخلق آدم بألف عام، فلما انتهى النور إلى عبد المطلب جعله نصفين: نصف في عبد الله ونصف في صلب أبي طالب، وشق لنا من اسمه، فالله محمود وأنا محمّد، والله الأعلى وهذا علي »(٢) .

____________________

(١). مناقب أمير المؤمنين: ٨٨.

(٢). بهجة المجالس وأنس الجالس، ذكره في كشف الظنون وقال « من الكتب المعتبرة في المحاظرات ».

٥٩

ترجمته:

وقد تقدّمت لإِبن عبد البر القرطبي ترجمة في قسم ( حديث الثقلين ) عن الذهبي الذي قال: « كان إماماً ديناً ثقة متقناً علّامة متبحراً صاحب سنة واتباع » ثم ذكرنا جملة من مصادر ترجمته.

(٦)

رواية الخطيب البغدادي

لقد قال الكنجي ما نصه:

« الباب السابع والثمانون: في أن علياً خلق من نور النبي: أخبرنا إبراهيم ابن بركات الخشوعي بمسجد الربوة من غوطة دمشق، أخبرنا الحافظ علي بن الحسن، أخبرنا أبو القاسم هبة الله، أخبرنا الحافظ أبو بكر الخطيب، أخبرنا علي ابن محمد بن عبد الله العدل، أخبرنا أبو علي الحسن بن صفوان، حدثنا محمد بن سهل العطار، حدثنا أبو ذكوان حدثني حرب بن بيان الضرير من أهل قيسارية، حدثني أحمد بن عمرو حدثنا أحمد بن عبد الله عن عبيد الله بن عمرو عن عبد الكريم الجزري، عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : خلق الله قضيباً من نور قبل أن يخلق الدنيا بأربعين ألف عام، فجعله أمام العرش حتى كان أول مبعثي، فشق منه نصفاً فخلق منه نبيّكم، والنصف الآخر علي بن أبي طالب.

قلت: هكذا أخرجه إمام أهل الشام عن إمام أهل العراق، كما سقناه، وهو في كتابيهما »(١) .

____________________

(١). كفاية الطالب / ٣١٤.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383