نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٥

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار20%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 383

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 383 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 270390 / تحميل: 8321
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٥

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

١

٢

٣

٤

اهداء

الى حامل لواء الامامة الكبرى والخلافة العظمى

ولى العصر المهدى المنتظر الحجّة ابن الحسن العسكري أرواحنا فداه

يا ايّها العزِيز مسّنا واهلنا الضّرّ

وجئنا بِبِضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل

وتصدّق علينا إن الله يجزِي المتصدّقين

علي

٥

٦

حديث النور

ومن ألفاظه:

« كنت أنا وعلي بن أبى طالب بين يدي الله عزّ وجل قبل انْ يخلق آدم بأربعة آلاف علام، فلمّا خلق آدم قسّم ذلك النور جزءين، فجزء أنا وجزء علي.

أخرجه أحمد

٧

٨

كلمة المؤلف

لم يفارق الامام علي رسول الله صلّى الله عليهما وآلهما قبل هذا العالم، وما فارقه في هذا العالم، ولن يفارقه بعده

أما قبل هذا العالم فقد خلق الامامعليه‌السلام من نور ومن النور الذي خلق منه النبي بالذات فهما مخلوقان من نور واحد

وكان ذلك النور بين يدي الله، مطيعا له، سيجد له ويركع، يقدّسه ويسبّحه وكانت الملائكة تسبّح بتسبيحه

وكان ذلك النور قبل أن يخلق آدم وسائر المخلوقات بآلاف السنين ثم خلق الله آدم حتى يسلكه فيه، فينتقل في الأصلاب والأرحام إلى هذا العالم ولأجله أمرت الملائكة بالسجود لأدم

ولم يفارق اسمه اسم النبي في موطن من مواطن ذاك العالم:

فعلى العرش مكتوب: « لا إله إلّا الله محمد رسول الله أيّدته بعلي ».

وعلى باب الجنة مكتوب: « محمد رسول الله، علي بن أبي طالب أخو رسول الله ».

وهكذا

وأما في هذا العالم فالكلّ يعلم أنه كان معه - بعد أن كان معه

٩

في الأصلاب الشامخة والأرحام المطهرة - منذ أن ولد، وتربى في حجره، وتعلّم منه كلّ شيء، وشهد معه المواطن ولازمه في الليل والنهار وفي السفر والحضر، وفي السهل والجبل بل كان نفسه

وأما بعد هذا العالم فهو معه في درجته، وأقرب الناس إليه، يحمل لوائه، ويسقي الواردين حوضه

وهذه كلها حقائق صدع بها الصادق الأمين، الذي ما ينطق عن الهوى إنْ هو إلّا وحي يوحى من رب العالمين

فهل يقاس به الذين خلقوا في ظلمة الشرك، وقضوا فيه شطراً من حياتهم، وماتوا في ظلمة الكفر والجهل منقلبين على أعقابهم، وهم في الآخرة يذادون عن الحوض ويساقون إلى النار؟!.

لقد أجاد القائل:

« أنّى ساووك بمن ناووك

وهل ساووا نعلي قنبر؟ ».

هذا الكتاب

وهذا الكتاب هو الجزء الخامس من كتابنا ( نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الانوار ) وموضوعه ( حديث النور )

وحديث النور وإنْ كان أقل شهرة واستدلالاً به من بعض الأحاديث الأْخرى، إلّا أنه لا يقل عنها شأناً ودلالة

بل إنّ هذا الحديث يمتاز عن تلك الأحاديث بدلالته على إمامة أمير المؤمنينعليه‌السلام من كلتا الناحيتين:

١ - دلالته على الامامة بالنص

ففي بعض طرق حديث النور تصريح بخلافة أمير المؤمنين للرسول وإمامته من بعده يقولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في بعضها: « ففيّ النبوة

١٠

وفي علي الخلافة ».

وفي بعض طرقه يقول: « فأخرجني نبياً وأخرج علياً وصيّاً ».

٢ - دلالته على الامامة بالملازمة

فحديث النور يدل على أعلمية الامامعليه‌السلام بعد النبي، لأن الملائكة تعلّموا التقديس والتحميد والتهليل لله منهما كما في بعض ألفاظه، ولأن الأنبياء كلّهم استفادوا العلم من ذلك النور الذي خلقا منه، كما نص عليه بعض شراح قول البوصيري:

وكلّهم من رسول الله ملتمس

غرفاً من البحر أو رشفاً من الديم

ويدل على أفضلية الامامعليه‌السلام بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من آدم وسائر الأنبياء، فمن كان الغاية من خلقهم والمصدر لعلومهم وأنوارهم وكراماتهم يكون أفضل منهم ومتقدماً عليهم.

ويدل على عصمة الامامعليه‌السلام ، ففي بعض ألفاظه: « سرّك سرّي، وعلانيتك علانيتي، وسريرة صدرك كسريرة صدري ». وفي بعضها: « فعلي مني وأنا منه، لحمه لحمي، ودمه دمي، فمن أحبّه فبحبي أحبّه، ومن أبغضه فببغضي أبغضه ».

هذا بالنسبة إلى دلالة هذا الحديث.

وأما السند فهو وارد من حديث عدّةٍ من الأصحاب، وعلى رأسهم سيدنا أمير المؤمنينعليه‌السلام وأخرجه جمع غفير من أعلام القوم، وعلى رأسهم: عبد الرزاق بن همام الصنعاني، وأحمد بن حنبل، وأبو حاتم الرازي، وابن مردويه، وأبو نعيم، والخطيب البغدادي، وابن عساكر، وابن حجر العسقلاني بأسانيد مختلفة وطرق معتبرة.

هذا بيان موجز لموضوع هذا الجزء من الكتاب، وسيرى القارئ الكريم تفصيل ذلك عن كثب، وسيجد ( حديث النور ) من أوضح الأدلة من السنة

١١

النبوية الشريفة وأمتنها في الدلالة، ومن أقوى الأحاديث في باب الفضائل والمناقب من حيث السند، وبذلك يكون آخذاً بالحق ومتبعاً له ومعترفاً بما يقوله أهل الحق والصدق - أعني الشيعة الامامية - المستدلين بحديث النور على امامة أمير المؤمنينعليه‌السلام وسيقول بالتالي كلمته في حق المكذّبين لهذا الحديث أو المنكرين دلالته

فهذا موضوع هذا الجزء وفي غضونه أبحاث علمية وتحقيقات ثمينة وفوائد عالية

والله أسأل أن يوفقنا لمعرفة الحق واتباعه، ويهدينا إلى سواء السبيل، وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم. إنه سميع مجيب.

علي الحسيني الميلاني

١٢

كلام الدهلوي في الجواب

عن حديث النور

« الحديث الثامن - ما رووا من أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: كنت أنا وعلي ابن أبي طالب نوراً بين يدي الله، قبل أنْ يخلق آدم بأربعة آلاف سنة، فلمّا خلق الله آدم قسّم ذلك النور جزءين، فجزء أنا وجزء علي بن أبي طالب.

وهذا حديث موضوع بإجماع أهل السنة، وفي إسناده محمّد بن خلف المروزي، قال يحيى بن معين: هو كذّاب، وقال الدار قطني: متروك لم يختلف أحد في كذبه.

ويروى من طريق آخر وفيه: جعفر بن أحمد، وكان رافضيّاً غالياً كذّاباً وضّاعاً، وكان أكثر ما يضع في قدح الأصحاب وسبّهم.

وعلى تقدير صحته، فإنه معارض بما هو أحسن منه في الجملة وليس في إسناده من اتّهم بالكذب وهو: ما رواه الشافعي بإسناده عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال: كنت أنا وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي بين يدي الله تعالى قبل أن يخلق آدم بألف عام، فلمّا خلق أسكننا ظهره، ولم نزل ننتقل في الأصلاب الطاهرة حتى نقلني الله تعالى إلى صلب عبد الله، ونقل أبا بكر إلى صلب أبي قحافة، ونقل

١٣

عمر إلى صلب الخطاب، ونقل عثمان إلى صلب عفان، ونقل علياً إلى صلب أبي طالب. ويؤيدهالحديث المشهور: إن الأرواح جنود مجنّدة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف.

وبعد اللتيا والتي، فلا دلالة لهذا الحديث على ما يدّعونه، لأن كون سيدنا الأمير شريكاً في النور النبوي لا يستلزم إمامته من بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فلا بدّ لمن يدّعي ذلك من إثبات الملازمة بين الأمرين وبيانها بحيث لا تقبل المنع، ودون ذلك خرط القتاد.

ولا كلام في قرب نسب حضرة الأمير من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وإنما الكلام في استلزام القرب النسبي للامامة بلا فصل، ولو كانت القرابة بمجرّدها تستلزم الامامة لكان العباس أولى بها منه، لكونه عمه وصنو أبيه، والعم أقرب من ابن العم شرعاً وعرفاً.

ولو قيل: إن العباس إنما حرم منها لعدم نيله شيئاً من نور عبد المطلب، لانتقاله منه إلى عبد الله وأبي طالب دون غيرهما من أبنائه.

قلنا: إن كانت الامامة منوطة بشدّة النور وكثرته، فإن الحسنين أولى وأقدم من علي بالامامة بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لاجتماع نوري عبد الله وأبي طالب فيهما، بينما لم ينتقل إلى علي سوى نور أبيه أبي طالب، كما أنّ من المعلوم أن نور النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أقوى من نور علي، وهما مجتمعان في الحسنين »(١) .

أقول:

لقد نسب ( الدهلوي ) رواية حديث النور إلى الامامية فقط، وادّعى إجماع أهل السنة على كونه موضوعاً، ونحن نكشف النقاب عن كذب هذه الدعاوى، وعن مدى تعصب صاحبها وعناده للحق وأهله، كما فعلنا ذلك في المجلدات السابقة، وسيتجلّى ذلك لكلّ منصف يقف على ما تفوّه به الرجل في المقام كذلك،

____________________

(١). التحفة الاثنا عشرية: ٢١٥ - ٢١٦.

١٤

ولا بأس بأن نشير إلى ما في كلامه بايجاز ونقول:

أما نسبة رواية حديث النور إلى الامامية فقط كما هي ظاهر كلامه، فبرواية الحديث عن مشاهير علماء أهل السنة الثقات، وجهابذة أهل الحديث المعتمدين عندهم، ليعلم الملا العلمي أن في أهل السنة متعصبين لا يروقهمْ الإذعان حتى برواية علماء طائفتهم لشيء من فضائل أهل بيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وليتمّ لنا الاستدلال بهذا الحديث وإلزام الخصم به وإلّا فإنّ الحديث مروي في كتب الامامية بطرق معتبرة مستفيضة، كسائر الأحاديث الواردة في شأن العترة الطاهرة.

وأما المناقشة في سنده، والقول بأنه موضوع بإجماع أهل السنة، فتتوقف على تمامية دعوى انحصار روايته في طريقين كما هو ظاهر كلامه، ثم تضعيفهما كما زعم فببطلان دعوى الانحصار المذكور، والردّ على تضعيف الطريقين على فرضه

وأما معارضته بما رواه عن الشافعي فيدفعها بطلان هذا الخبر رواية ودراية بل إن متنه ينادي بوضعه، فأين من مات على الكفر أو قضى فيه أكثر عمره أو شطره من عالم النور، ومن النور الذي خلق منه النبي الأطهر؟!

وأما دلالته فلا يشكك فيها إلّا من كان في قلبه مرض وفي عينه عمى لأن الحديث صريح في أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خلق من نور فأخرجه الله عز وجل نبياً، وخلق علياًعليه‌السلام من نفس ذاك النور فأخرجه وصياً، فكما تفرّع على خلق النبي من نورٍ نبوته تفرّع على خلق علي من نوره وصايته وخلافته له

ولأنه صريح في أفضليّته من جميع الخلائق بعد النبي الأنبياء والملائكة فمن سواهم ومن ذا الذي يشك في تعيّن الأفضل للامامة والخلافة بعد النبي ...؟!

١٥

نعم سنكشف النقاب عن كذب مزاعم ( الدهلوي ) وبطلان دعاويه واحدة تلو الأخرى بالتفصيل، وسيظهر للقراء أن الرجل قد أسس بنيانه على شفا جرف هار، فانهار به في نار جهنم والله المستعان.

١٦

سند حديث النور

١٧

١٨

وبحثنا حول سند حديث النور يتكفّل إثبات تواتره - فضلاً عن صحته - عن طريق بيان وصول رواته في كلّ طبقة حداً يوجب اليقين بصدوره عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فنذكر أولاً أسماء رواته من الصحابة، ثم نتبع ذلك بذكر رواته من التابعين، ثم العلماء في مختلف القرون فهذه أولاً:

أسماء رواة حديث النور من الصحابة

[١] سيدنا ومولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام.

وقد رواه من حديثه العلماء التالية أسماؤهم:

١ - الصالحاني.

٢ - الكلاعي.

٣ - محمد بن جعفر.

٤ - الوصابي.

٥ - الواعظ الهروي.

٦ - محمد صدر عالم.

١٩

[ ٢] سيدنا أبو عبد الله الحسين بن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، وقد رواه من حديثه العلماء التالية أسماؤهم:

١ - العاصمي.

٢ - الخوارزمي.

٣ - المطرزي.

٤ - شهاب الدين أحمد.

[٣] سيدنا سلمان، وقد رواه من حديثه العلماء التالية أسماؤهم:

١ - أحمد بن حنبل.

٢ - عبد الله بن أحمد.

٣ - ابن المغازلي.

٤ - شيرويه الديلمي.

٥ - النطنزي.

٦ - شهردار الديلمي.

٧ - الخطيب الخوارزمي.

٨ - إبن عساكر.

٩ - الحمويني.

١٠ - الطالبي.

١١ - الهمداني.

١٢ - الكنجي.

١٣ - الطبري.

١٤ - الوصابي.

١٥ - الهروي.

١٦ - محمد صدر عالم.

[٤] أبوذر الغفاري، وقد رواه من حديثه:

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

محاور الموضوع:

اعلم أيّها الواقف على أعتاب البيت العتيق، أنّك دنوت من البقعة المباركة، والّتي انفرَدَت بميزات ثمانية، هي:

١- مكان لقبول الأعمال: فينبغي تصفية النيّة والوجه الخالص لله تعالى، حيث قال: ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا(١) .

في موضعٍ آخر: ﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ(٢) .

٢- مكان للعبادة والطاعة: قال تعالى: ﴿وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ(٣) .

وعن الإمام الصادقعليه‌السلام : "إِنّ لِلَّهِ تَباركَ وَتَعَالى حَوْلَ الْكَعْبَةِ مئةً وَعِشْرينَ رَحْمَةً، مِنْها سِتّونَ لِلطّائِفيَنَ، وَأَرْبَعونَ لِلْمُصلِّينَ، وَعِشْرونَ للِنّاظِرينَ"(٤) .

٣- مكانٌ مبارك: قال تعالى: ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ * فِيهِ آيَاتٌ بَيِّ-نَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ(٥) .

عن الإمام الصّادقعليه‌السلام : "إنّ اللهَ اختارَ مِنَ كُلِّ شَيْءٍ شَيْئاً،

____________________

١- البقرة، ١٢٧.

٢- المائدة ٢٧.

٣- البقرة، ١٢٥.

٤- الكافي، الشيخ الكليني، ج٤، ص٢٤٠.

٥- آل عمران، ٩٦-٩٧.

٤١

اختارَ مِنَ الأَرْضِ مَوْضِعَ الْكَعْبَةِ"(١) .

٤- مكان لقيام النّاس: قال تعالى: ﴿جَعَلَ اللّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِّلنَّاسِ(٢) ، سئل أبو عبد الله عن الآية فقال: "جَعَلَها اللهُ لِدينِهِمْ وَمَعايِشِهِمْ"(٣) .

وعن الإمام الصادقعليه‌السلام : "لا يزالُ الدّينُ قائِماً ما قامَتِ الْكَعْبَةُ"(٤) .

وعن الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام : "فَرَضَ اللهُ الإيمانَ تَطْهيراً مِنَ الشّركِ........... والْحَجَّ تَقْوَيِةً للدّينِ"(٥) .

وجاء في خطبة السيّدة الزهراءعليها‌السلام : "..... وَالْحَجَّ تَشْييداً للدّينِ"(٦) .

٥- مكانٌ لكتابة الحسنات ومَحْو السيئات: فعن الإمام الصادقعليه‌السلام : "مَنْ نَظَرَ إِلى الْكَعْبَةِ لَمْ يَزَلْ يُكْتَبُ لَهُ حَسَنَةٌ وَيُمْحَى عَنْهُ سَيِّئَةٌ حَتَّى يَصْرِفَ بِبَصَرِهِ"(٧) .

وعنه أيضاًعليه‌السلام أنّه قال: "هَيْهُنا يُخْسَفُ بِالأَخابِث"(٨) .

٦-مكان لاختبار النّاس: عن الإمام عليِّعليه‌السلام : "ألّا تَرَوْنَ

____________________

١- الحجّ والعمرة في الكتاب والسنّة، ص٧٧.

٢- المائدة، ٩٧.

٣- الوسائل، ج١١، ص٦٠.

٤- الكافي، ج٤، ص٢٧١.

٥- عيون الحكم والمواعظ، ص٣٦١.

٦- وسائل الشيعة، ج١، ص١٤.

٧- الكافي، ج٤، ص٢٤٠.

٨- الوسائل، ج٩، ص٤٩.

٤٢

اللهَ سُبْحانَهَ اخْتَبَرَ الأَوّلينَ مِنْ لَدُنْ آدَمَ وَالآخِرينَ مِنْ هذا العالَمِ بِأَحْجارٍ لا تَضُرُّ وَلا تَنْفَعُ وَلا تُبْصِرُ وَلا تَسْمَعُ فَجَعَلَها بَيْتَهُ الحرامَ الّذي جَعَلَهُ للنّاسِ قِياماً"(١) .

وعن الإمام الصادقعليه‌السلام : "هذا البيتُ اسْتَعْبَدَ اللهُ بِهِ خَلْقَهُ لِيَخْتَبِرَ طاعَتَهُمْ في إتيانه، فَحَثَّهُمْ عَلى تَعْظيمِهِ وَزِيارَتِهِ، وَجَعَلَهُ مَحَلّ أَنْبِيائِهِ وَقْبِلَةً لِلْمُصَلّينَ إِلَيْهِ، فَهُوَ شُعْبَةًٌ مِنَ رِضْوانِهِ، وَطَريقٌ يُؤَدّي إِلى غُفْرانِهِ......."(٢) .

٧- مكان للرحمة: "....... جَعَلَهُ اللُه سَبَباً لِرَحْمَتِهِ وَوَصْلَةً إِلى جَنَّتِهِ"(٣) .

٨- مكان مثابة وآمان: قال تعالى: ﴿وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً(٤) .

وفي آية أخرى: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هذَا بَلَدًا آمِنًا(٥) .

____________________

١- نهج البلاغة، الخطبة القاصعة، ١٩٢.

٢- الكافي، ج٤، ص١٩٨.

٣- موسوعة أحاديث أهل البيت، ج١، ص٤٣٣.

٤- البقرة، ١٢٥.

٥- البقرة، ١٢٦.

٤٣

٤٤

المحاضرة الثامنة:

الطواف في الحجّ

عن الإمام الصادقعليه‌السلام :

"وَطُفْ بِقَلْبِكَ مَعَ الْمَلائِكَةِ حَوْلَ الْعَرْشِ، كَطَوافِكَ مَعَ الْمُسْلِمينَ بِنَفْسِكَ حَوْلَ الْبَيْتِ".

الهدف

تعريف الحجيج بأسرار منسك الطواف حول البيت، وثوابه، ومضامين أدعيته، ودلالات صلاة ركعتين بعده.

تصدير الموضوع

قال تعالى: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ(١)

____________________

١- الحجّ ٢٩.

٤٥

محاور الموضوع

طوافك بالبيت الحرام عزيزي الحاجّ، ينبغي أن يكون طوافاً بقلبك، لا بجسدك حول الحضرة الربوبيّة المتمثّلة بالكعبة الشريفة. وأن تبدأ بالذكر، وتختم به، مقرّاً بأنّ الله هو المبدأ والمعاد، والأوّل والآخر، وإليه تُرجع كلّ الأمور.

ثواب الطواف

عن الإمام الصادقعليه‌السلام : "وَطُفْ بِقَلْبِكَ مَعَ الْمَلائِكَةِ حَوْلَ الْعَرْشِ، كَطَوافِكَ مَعَ الْمُسْلِمينَ بِنَفْسِكَ حَوْلَ الْبَيْتِ"(١) .

وعنه سلام الله عليه أيضاً، قوله: "مَنْ طافَ في الْبَيْتِ طَوْفاً واحِداً كَتَبَ اللهُ لَهُ سِتَّةَ آلافٍ حَسَنَةٍ وَمَحا عَنْهُ سِتَّةَ آلافِ سَيِّئَةٍ وَرَفَعَ لَهُ سِتَّةَ آلافِ دَرَجَةٍ"(٢) .

وقفةٌ مع مضامين أدعية الأشواط

لعلّ ما ينبغي على الحاجّ استحضارُه، والتوجُّه إليه، وطلبه من الله تعالى، مستخلصٌ من مضامينِ أدعيةِ الأشواط، والّتي هي كالآتي:

- دعاء الشوط الأوّل: الإقرار بالربوبيّة لله تعالى، فقد ورد في الدّعاء: "اللَّهُمَّ أَسْأَلَكَ باسمِكَ الّذي يُمْشى بِهِ عَلَى طَلَلِ الماءِ

____________________

١- عبدالله شبّر، الأخلاق، ص٧١.

٢- الكافي، ج٤، ص٤١٢.

٤٦

كَما يُمشَى بِهِ على جَدَدِ الأَرضِ، وأسألك باسمك الّذي يَهْتَزُّ لَهُ عَرْشُكَ، وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الّذي تَهْتَزُّ لَهُ أَقْدامُ مَلائِكَتِكَ..."(١) .

- دعاء الشوط الثاني: الإقرار بالعبوديّة، حين يقول: "اللَّهُمَّ إنّي إِلَيْكَ فَقيرٌ، وَإِنّي خائِفٌ مُسْتَجيرٌ، فَلا تُغَيِّرْ جِسْمي وَلا تُبَدِّلْ اسِمْي، سائِلُكَ فَقيرُكَ مِسْكينُكَ بِبابِكَ..."(٢) .

- دعاء الشوط الثالث: طلب الجنّة والعافية، والرزق الحلال، حيث نقول: "اللَّهُمَّ أَدْخِلْني الجنّة وَأَجِرْني مِنَ النّارِ بِرَحْمَتِكَ، وَعافِني مِنَ السَّقَمِ وَأَوْسِعْ عَلَيَّ مِنَ الرّزْقِ الْحَلالِ..."(٣) .

- دعاء الشوط الرابع: وفيه طلب العافية في الدّنيا والآخرة، حيث تردّد: "... وارْزُقَنا العافِيَةَ، وتَمَامَ العافِيَةِ، وَشُكْرَ العافِيَةِ في الدُّنْيا وَالآخِرَةِ، يا أَرْحَمَ الرّاحِمينَ"(٤) .

- دعاء الشوط الخامس: حيث الإقرار بالنبوّة والإمامة. "...الْحَمْدُ لِلَّهِ الّذي بَعَثَ مُحَمّداً نَبِيّاً وَجَعَلَ عَلِيّاً إِماماً..."(٥) .

- دعاء الشوط السادس: ستطلب قبول الأعمال وغفران معصية السرّ في دعائك: "اللَّهُمَّ إِنّ عَمَلي ضَعيفٌ فَضاعِفْهُ لي

____________________

١- المقنع، الشيخ الصدوق، ص٢٥٦.

٢- الهداية، الشيخ الصدوق، ص٢٢٦.

٣- التحفة السنيّة، السيّد عبد الله الجزائري، ص١٨٧.

٤- عيون أخبار الرضا، الشيخ الصدوق، ج١، ص١٩٠.

٥- منتهى المطلب العلّامة الحلّي، ج٢، ص ٦٩٥.

٤٧

وَاغْفِرْ لي ما اطَّلَعْتَ عَلَيْهِ مِنّي وَخَفِيَ عَلَى خَلْقِكَ..."(١) .

- دعاء الشوط السابع: وفيه نختم بطلب الرحمة والمغفرة: "اللَّهُمَّ إنّ عِنْدي أَفْواجاً مِنْ ذُنوبِ وأفواجاً مِنْ خَطايا، وَعِنْدَكَ أَفْواجٌ مِنْ رَحْمَةٍ وَأَفْواجٌ مِنْ مَغْفِرَةٍ..."(٢) .

صلاة الطواف

لعلّ السرّ في الصلاة ركعتين عند مقام إبراهيمعليه‌السلام ، والتي أشار إليها القرآن بقوله: ﴿وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مصلّى(٣) ، في عدّة أمور:

١- الوفاء لتضحياته العظيمة في تشريع الحجّ: قال تعالى: ﴿رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النّاس تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ(٤)

٢- الإعتقاد بنبوّته وصوابيّة النهج الذي كان عليه: قال تعالى: ﴿وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إلّا مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ(٥) .

٣- إثبات الترابط بين دعوات الأنبياء: وبالأخصّ مع أبي الأنبياء إبراهيمعليه‌السلام ، وأنّ الرسالات كلّها رسالة واحدة هي رسالة

____________________

١- كتاب الحجّ، السيّد الخوئي، ج٥، ص٤٨٧.

٢- كلمة التقوى، الشيخ محمّد أمين زين الدين، ج٣، ص٣٦٩.

٣- البقرة، ١٢٥.

٤- إبراهيم، ٣٧.

٥- البقرة، ١٣٠.

٤٨

الإسلام. قال تعالى: ﴿مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النّاس(١) .

٤- جهاده ضد المشركين وتحطيمه للأصنام: قال تعالى: ﴿وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم بَعْدَ أَن تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إلّا كَبِيرًا لَّهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ(٢) .

____________________

١- الحجّ، ٧٨.

٢- الأنبياء، ٥٧ - ٥٨.

٤٩

المحاضرة التاسعة:

الصفا والمروة

عن الإمام جعفر الصادقعليه‌السلام :

"وهرول هرولةَ من هواك وتبرِّيَاً من حولك وقوّتك".

الهدف:

بيان البعد الروحيّ لحركة السعي بين الصفا والمروة، وعلّة تشريع هذا المنسك، والنيّة التي ينبغي أن يعقدها الحاجّ.

تصدير الموضوع:

قال تعالى: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ(١) .

____________________

١- البقرة، ١٥٨.

٥٠

محاور الموضوع:

السعي بين الصفا والمروة في فناء البيت، يضاهي تردّد العبد بفناء الدار جائياً وذاهباً، إظهاراً للخلوص في الخدمة، ورجاءً للملاحظة بعين الرحمة، وليتذكّر في تردّده التردّد بين الكّفتين، ناظراً إلى الرجحان والنقصان، مردَّداً بين العذاب والغفران(١) .

علّة تشريع السعي

عن الإمام الصادقعليه‌السلام : "جُعِلَ السّعْيُ بَيْنَ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مَذَلَّةً لِلْجَبَّارينَ"(٢) . فالمراد من هرولة الحاجّ بين الصفا والمروة أن يقتل في نفسه الكِبَرَ والتّجَبُّرَ والغرور، وسواها من الأخلاق الذميمة التي تحول بينه وبين القرب من الله عزّ وجلّ.

وعنهعليه‌السلام : "الجبّارونَ أَبْعَدُ النّاس عَنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ"(٣) .

أجر السعي بين الصفا والمروة

عن أبي جعفرعليه‌السلام أنّه قال: "قالَ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لِرَجُلٍ مِنَ الأَنْصارِ: إِذا سَعَيْتَ بَيْنَ الصَّفا وَالْمَرْوةَ كانَ ذلِكَ عِنْدَ اللهِ أَجرُ مَنْ حَجَّ ماشِياً مِنْ بِلادِهِ، وَمِثْلَ أَجْرِ مَن أعَتَقَ سَبْعينَ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ"(٤) .

____________________

١- جامع السعادات، ج٣، ص٣٩٢.

٢- الوسائل، ج٩، ص٥٥.

٣- ثواب الأعمال، الشيخ الصدوق، ص٢٢٢.

٤- الوسائل، ج١٣، ص٤٧١، باب١، ح١٥.

٥١

نيّة السعي (بين الخوف والرجاء)

فقد ورد في رواية الشلبيّ: ثمّ قالعليه‌السلام له: "أَسَعَيْتَ بَيْنَ الصّفا وَالْمَرْوَةَ، وَمَشَيْتَ وَتَرَدَّدْتَ بَيْنَهُما؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ لَهُ: نَوَيْتَ أَنَّكَ بَيْنَ الرّجاءِ وَالْخَوْفِ؟ قالَ: لا، قالَ: فَما سَعَيْتَ، وَلا مَشَيْتَ، وَلا تَرَدَّدْتَ بَيْنَ الصّفا وَالْمَرْوَةِ!"(١) .

فإشعار الحاجّ قلبه هاتين النيّتين، أي نيّة الخوف ونيّة الرجاء، بحيث لا يَقْنَطُ من رحمة الله، ولا يستهين بعقابه من الأمور، التي ينبغي أن تبقى ملازمةً للإنسان المتديّن، لا سيّما للحاجّ أثناء أدائه لفريضة الحجّ.

وعن الحسين بن أبي سارة قال: سمعت أبا عبد الله الحسينعليه‌السلام يقول: "لا يكونُ العَبدُ مُؤمِناً حَتَّى يَكونَ خائِفاً راجِياً، وَلاَ يكونَ خَائِفاً راجِياً حَتَّى يَكونَ عامِلاً لِما يُحِبُّ وَيَرْجو"(٢) . فملاك الخوف من الله أن يحذر الإنسان المعصية ويجتنبها، كما أن ملاك الرجاء أن يعمل لما يحبّ، ويرجو من الله.

وعن الإمام الصادقعليه‌السلام : "أُرْجُ اللهَ رَجاءً لا يُجَرِّئُكَ عَلى مَعْصِيَتِهِ، وَخَفِ اللهَ خَوْفاً لا يُؤْيِسْكَ مِنْ رَحْمَتِهِ"(٣) .

وَعَنْهَعليه‌السلام في روايةٍ يؤكِّد فيها أنّ المؤمن يسير مُتوازِناً بين

____________________

١- الحجّ والعمرة في الكتاب والسنّة، ص٢٦٢.

٢- ميزان الحكمة، ج١- ص٨٢٧.

٣- الأمالي، الشيخ الصدوق، ص٦٥.

٥٢

الخوف والرجاء، قال: "كانَ أبي يقولُ: إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ إلّا وَفي قَلْبِهِ نورانِ، نورُ خيفةٍ ونورُ رَجاءٍ، لَوْ وُزِنَ هذا لَمْ يَزِدْ عَلَى هذا، وَلَوْ وُزِنَ هذا لَمْ يَزِدْ عَلى هذا"(١) .

____________________

١- مشكاة الأنوار، الطبرسي، ص٢١٥.

٥٣

المحاضرة العاشرة:

الوقوف بعرفة

عن الإمام الصادقعليه‌السلام :

"واعترف بالخطايا بعرفات، وجدّد عهدَكَ عندَ الله بوحدانِيّته".

الهدف:

بيان سرّ الوقوف بعرفة، وفضائل هذا اليوم، وبعض المستحبّات التي ينبغي على الحاجّ القيام بها.

تصديرالموضوع:

عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : "الحَجُّ عَرَفَةٌ فَمَنْ أَدْرَكَ عَرَفَةَ فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ"(١) .

____________________

١- تذكرة الفقهاء، العلّامة الحلّي، ج٨، ص١٧١.

٥٤

محاور الموضوع:

إنّ سرَّ الوقوف بعرفة، يكمن في أنّ الحاجّ عندما يرى اجتماع الخلق على اختلاف ألوانهم وألسنتهم وطوائفهم وسعيهم، أن يذكر ازدحام الخلق يوم القيامة، فيخلص النيّة، ويبتهل الى الله بقلب خاشع، ونفس خاضعة لله تعالى.

فضائل يوم عرفة:

ليوم عرفة فضائل عديدة، نذكر أهمّها:

١- يوم للإقرار بالذنوب: فإنّ الإقرار بالذنب يستبطن العبوديّة لله، والاعتراف بالتقصير، والخروج عن الصراط المستقيم. فعن الإمام الباقرعليه‌السلام : "لا واللهِ ما أرادَ اللهُ مِنَ العبدِ إلّا خُصْلَتَيْنِ: أَنْ يُقِرُّوا بِالنِّعَمِ فَيِزيدَهُمْ، وَبِالذُّنوبِ فَيَغْفُرها لَهُمْ"(١) .

وعنهعليه‌السلام : "واللهِ ما يَنْجو مِنَ الذّنْبِ إلّا مَنْ أَقَرَّ بِهِ"(٢) .

٢- يوم للتوبة والاستغفار: ورد في الروايات، أنّ وجه تسمية صحراء عرفات بهذا الاسم، يعود إلى أنّ آدم اعترف فيها بذنبه، وتاب إلى ربّه، واستغفره فتاب عليه(٣) .

٣- عن الإمام الصادقعليه‌السلام : "إنّ الله - عزّ وجلّ - يفرحُ بتوبةِ

____________________

١- الكافي، الشيخ الكليني، ج٢، ص ٤٢٦.

٢- شرح أصول الكافي،المازندراني، ج١٠، ص١٥٧.

٣- الحجّ والعمرة في الكتاب والسنّة، الريشهري، ص٢٤٩.

٥٥

عبدِهِ المؤمنِ إِذا تابَ كَما يَفْرَحُ أَحَدُكُمْ بِضالَّتِهِ إِذا وَجَدَها"(١) .

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : "التَائِبُ مِنَ الذّنْبِ كَمَنْ لا ذَنْبَ لَهُ"(٢) .

٤- يوم مشهود: عن الإمام الصادقعليه‌السلام في تفسير قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النّاس وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ(٣) ، قالعليه‌السلام : "المشهودُ يومُ عرفةَ والمجموعُ لهُ النّاس يومَ القيامةِ"(٤) .

٥- يوم لاستجابة الدعاء: عن الإمام الرّضاعليه‌السلام : قال: "كان أبو جعفرٍعليه‌السلام يقولُ: ما مِنْ برٍّ وَلا فاجِرٍ يَقِفُ بِجِبالِ عَرَفاتُ فَيَدْعو اللهَ إلّا اسْتَجابَ اللهُ لَهُ، أَمّا البرُّ فَفِي حَوائِجِ الدّنْيا وَالآخِرَةِ، وَأَمّا الفاجِرُ فَفي أَمْرِ الدُّنْيا"(٥) .

٦- يومٌ للغفران: "عن أبي عبد اللهعليه‌السلام عندما سُئِلَ أيُّ أَهلِ عرفاتَ أعظمُ جُرْماً؟، قال: المُنْصَرِفُ من عرفاتَ وَهَوَ يَظُنُّ أَنَّ اللهَ لَمْ يْغَفْرَ لَهُ"(٦) .

٧- يوم لتعميم الفضل: روي أنّ الإمام عليَّ بن الحسينعليه‌السلام سمع في يوم عرفة سائلاً يسأل النّاس، فقال له: "وَيْحَكَ أَغَيْرُ اللهِ تَسْأَلُ في هذا الْيَوْمِ، إِنَّه لَيُرْجى ما في بُطونِ الحَبالَى في هذا الْيَوْمِ أَنْ يَكونَ سَعيداً"(٧) .

____________________

١- الكافي، الشيخ الكليني، ج٢، ص٤٣٦.

٢- الكافي، الشيخ الكليني، ج٢، ص٤٣٥.

٣- هود ١٠٣.

٤- الوسائل، ج١٠، ص٢٣.

٥- مستدرك الوسائل، ج١٠، ص٦٤، ح٦.

٦- وسائل الشيعة، ج١٣، ص٥٤٧، باب١٨،إحرام الحجّ، ح٢.

٧- جواهر الكلام، الشيخ الجواهري، ج١٩، ص٦٠.

٥٦

عن الإمام عليّعليه‌السلام : "إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: العُمْرَةُ إلى الْعُمْرَةِ كَفّارَةُ ما بَيْنَهُما، والحجَّةُ المُتَقَبَّلَةُ ثَوَابُها الجنّة، وَمِنَ الذُّنوبِ ذُنوبٌ لا تُغْفَرُ إلّا بِعَرفاتَ"(١) .

٨- يومُ عيد: ورد في مفاتيح الجنان: "وهو عيد من الأعياد العظيمة، وإن لم يسمّى عيداً، وهو يومٌ دعا الله فيه عباده إلى طاعته وعبادته، وبسط لهم موائدَ إحسانه وجوده، والشيطانُ فيه ذليلٌ حقيرٌ طريدٌ غضبان أكثرُ من أيِّ وقتٍ سواه".

مستحبّات الوقوف بعرفة

١- الطهارة طيلة الوقت.

٢- الغسل عند الزوال.

٣- التفرّغ للدعاء والإبتهال.

٤- الجمع بين صلاتي الظهرين بأذانين وإقامتين.

٥- الدعاء بالمأثور خاصّةً دعاء الإمام الحسينعليه‌السلام يوم عرفة.

٦- الصوم.

٧- أن يصلّي ركعتين بعد فريضة العصر وقبل أن يبدأ بأدعية يوم عرفة.

____________________

١- دعائم الإسلام، القاضي المغربي، ج١، ص٢٩٤.

٥٧

المحاضرة الحادية عشرة:

ذكر الله

قال تعالى:

﴿فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّآلِّينَ

الهدف

التركيز على استحباب الذكر أثناء القيام بكافّة المناسك، وثوابه لا سيّما في منى والمشعر الحرام.

تصدير الموضوع

قال تعالى: ﴿فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّآلِّينَ(١) .

____________________

١- البقرة، ١٩٨.

٥٨

محاور الموضوع

الذكر

الذكر إحدى أهمّ وسائل الإرتباط بالله تعالى، وقد أكدّت الروايات أنّه لذّة المحبيّن وشيمة المتّقين، وسجيّة كلّ محسن، ومسرّة كلّ متّقً، ولذلك ينبغي إيلاؤه اهتماماً خاصّاً، والإكثار منه. قال تعالى: ﴿وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيرًا(١) .

حقيقة الذكر

ورد عن الإمام عليّعليه‌السلام : "وَاذْكُرْهُ ذِكَراًكامِلاً يُوافِقُ فيه قَلْبُكَ لِسانَكَ، وَيُطابِقُ إِضْمارُكَ إْعِلانَكَ، وَلَنْ تَذْكَرَهُ حَقيقَةَ الذِّكْرِ حَتَّى تَنْسَى نَفْسَكَ في ذِكْرِكَ وَتَفْقِدَها في أَمْرِكَ"(٢) .

بركات الذكر

١- محبّة الله: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : "مَنْ أَكْثَرَ ذِكْرَ اللهِ أَحَبّهُ".

٢ - السعادة في الحياة: عن الإمام عليّعليه‌السلام : "اذكرُوا اللهَ ذِكْراً خالِصاً تَحْيوُا بِهِ أفضلَ الحياةِ وَتَسْلُكُوا بِهِ طُرُقَ النَّجاةِ".

٣- طُمَأنينة النفس: قال تعالى: ﴿أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ(٣) .

هذه الطمأنينة التي تؤدّي إلى الفوز بالجنّة: قال تعالى: ﴿يَا

____________________

١- الأحزاب: ٤١.

٢- ميزان الحكمة، الريشهري، ج٢، ص٩٧٣.

٣- الرعد، ٢٨.

٥٩

أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي(١) .

موانع ذكر الله

١- الأموال والأولاد: قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ(٢) .

٢- الشيطان: قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ(٣) .

٣ - عدم غضّ البصر: عن الإمام عليّعليه‌السلام : "لَيْسَ في الجَوارِحِ أَقَلُّ شُكْراً مِنَ العَيْنِ فَلا تُعْطوها سُؤْلَها فَتَشَغَلَكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللِهِ"(٤) .

٤ - اتّباع الشهوة: عن الإمام عليٍّعليه‌السلام : "لَيْسَ في المعاصي أَشَدُّ مِنَ اتِّباعِ الشَّهْوَةِ فَلا تَطيعوها فَتَشْغَلَكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ"(٥) .

٥ - التحدّث عن النّاس: عن الإمام عليعليه‌السلام : "مَنِ اشْتَغَلَ بِذِكْرِ النّاس قَطَعَهُ اللهُ سُبْحانَهُ عَنْ ذِكْرِهِ"(٦) .

____________________

١- الفجر: ٢٧.

٢- المنافقون: ٩.

٣- المائدة:٩١.

٤- ميزان الحكمة، الريشهري، ج٢، ص٩٧٦.

٥- مستدرك الوسائل، الميرزا النوري، ج١١، ص٣٤٧.

٦- ميزان الحكمة، الريشهري، ج٢، ص٩٧٦.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383