نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٥

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار15%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 383

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 383 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 262909 / تحميل: 7917
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٥

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

الاحبّة محمداً وحزبه. فقال عمرو: صدقت، أنت صاحبه والله ما ظفرت يداك وقد أسخطت ربك.

وعن السدي، عن يعقوب بن أسباط، قال احتج رجلان بصفّين في سلب عمار وفي قتله، فأتيا عبد الله بن عمرو بن العاص يتحاكمان اليه، فقال: ويحكما أخرجا عني فانّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: أولعت قريش بعمّار، عمار يدعوهم الى الجنة ويدعونه الى النار، قاتله وسالبه في النار».

و قال السهيلي: « وفي « جامع معمر بن راشد » أن عماراً كان ينقل في بنيان المسجد لبنتين، لبنة عنه ولبنة عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والناس ينقلون لبنة واحدة، فقال له النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : للناس أجر ولك أجران، وآخر زادك من الدنيا شربة لبن، وتقتلك الفئة الباغية! فلما قتل يوم صفين دخل عمرو على معاوية فزعاً فقال: قتل عمار! فقال معاوية فما ذا؟ فقال عمرو: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: تقتلك الفئة الباغية! فقال: دحضت في بولك، أنحن قلناه؟! انما قتله من أخرجه ».

وقال ابن الاثير الجزري في خبر رسل أمير المؤمنين الى معاوية: « وقال يزيد بن قيس: انا لم نأت الا لنبلغك ما أرسلنا به اليك ونؤدي عنك ما سمعنا منك، ولن ندع ان ننصح وأن نذكر ما يكون به الحجة عليك ويرجع الى الالفة والجماعة، ان صاحبنا من عرف المسلمون فضله ولا يخفى عليك، فاتق الله يا معاوية ولا تخالفه! فانا والله ما رأينا في الناس رجلا قط أعمل بالتقوى ولا أزهد في الدنيا ولا أجمع لخصال الخير كلها منه. فحمد الله معاوية ثم قال:

أما بعد، فانكم دعوتم الى الطاعة والجماعة، فأما الجماعة التي دعوتم اليها فمعنا هي، وأما الطاعة لصاحبكم فانا لا نراها، لان صاحبكم قتل خليفتنا وفرق جماعتنا وآوى ثارنا، وصاحبكم يزعم أنه لم يقتله، فنحن لا نرد عليه ذلك فليدفع الينا قتلة عثمان لنقتلهم ونحن نجيبكم الى الطاعة والجماعة! فقال شبث بن ربعي: أيسرك يا معاوية أن تقتل عماراً؟!

٤١

فقال: وما يمنعني من ذلك لو تمكنت من ابن سمية لقتلته بمولى عثمان! فقال شبث: والذي لا اله غيره لا تصل الى ذلك حتى تندر الهام عن الكواهل وتضيق الارض والفضاء عليك! فقال معاوية: لو كان ذلك لكانت عليك اضيق! وتفرق القوم عن معاوية ».

وقال في ذكر مقتل عمار عليه الرحمة: « وخرج عمار بن ياسر على الناس فقال: اللهم انك تعلم أني لو أعلم أن رضاك في أن أقذف بنفسي في هذا البحر لفعلته! اللهم انك تعلم أني لو أعلم أن رضاك في أن أضع ظبة سيفي في بطني ثم أنحني عليه حتى تخرج من ظهري لفعلته! واني لا أعلم اليوم عملا هو أرضى لك من جهاد هؤلاء الفاسقين، ولو أعلم عملا هو أرضى لك منه لفعلته، والله اني لارى قوماً ليضربنكم ضرباً يرتاب منه المبطلون، وأيم الله لو ضربونا حتى يبلغوا بنا سعفات هجر، لعلمت أنا على الحق، وأنهم على الباطل.

ثم قال: من يبتغي رضوان الله ربه ولا يرجع الى مال ولا ولد؟ فأتاه عصابة فقال: اقصدوا بنا هؤلاء القوم الذين يطلبون دم عثمان، والله ما أرادوا الطلب بدمه ولكنهم ذاقوا الدنيا واستحبوها وعلموا أن الحق اذا لزمهم حال بينهم وبين ما يتمرغون فيه منها، ولم يكن لهم سابقة يستحقون بها طاعة الناس والولاية عليهم، فخدعوا أتباعهم وقالوا: امامنا قتل مظلوماً، ليكونوا بذلك جبابرة ملوكاً فبلغوا ما ترون، فلولا هذا ما تبعهم من الناس رجلان. اللهم ان تنصرنا فطالما نصرت وان تجعل لهم الامر فادخر لهم بما أحدثوا في عبادك العذاب الاليم.

ثم مضى ومعه تلك العصابة، فكان لا يمر بواد من أودية صفين الا تبعه من كان هناك من أصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثم جاء الى هاشم بن عتبة ابن أبي وقاص، وهو المرقال وكان صاحب راية علي وكان أعور، فقال:

يا هاشم! أعورا وجبنا

لا خير في أعور لا يغشى البأس

اركب يا هاشم!

فركب ومضى معه وهو يقول:

٤٢

أعور يبغي أهله محلّا

قد عالج الحياة حتى ملا

لا بدّ أن يفلّ أو يفلّا

يتلّهم بذي الكعوب تلا

وعمار يقول: تقدم يا هاشم الجنة تحت ضلال السيوف والموت تحت أطراف الاسل، وقد فتحت أبواب السماء وتزينت الحور العين، اليوم ألقى الاحبة محمداً وحزبه، وتقدم حتى دنا من عمرو بن العاص، فقال له: يا عمرو، بعث دينك بمصر؟! تباً لك! فقال له: لا ولكن أطلب بدم عثمان! فقال: أنا أشهد على علمي فيك أنك لا تطلب بشيء من فعلك وجه الله وأنك ان لم تقتل اليوم تمت غداً، فانظر اذا أعطى الناس على قدر نياتهم ما نيتك؟ لقد قاتلت صاحب هذه الراية ثلاثاً مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهذه الرابعة ما هي بأبر وأتقى! ثم قاتل عمار ولم يرجع وقتل ».

قال: « وقال عبد الرحمن السلمي: لما قتل عمار دخلت عسكر معاوية لانظر هل بلغ منهم قتل عمار ما بلغ منا، وكنا اذا تركنا القتال تحدثوا الينا وتحدثنا اليهم، فاذا معاوية وعمرو وأبو الاعور وعبد الله بن عمرو يتسايرون، فأدخلت فرسي بينهم لئلا يفوتني ما يقولون. فقال عبد الله لابيه: يا أبّة! قتلتم هذا الرجل في يومكم هذا وقد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما قال! قال: وما قال؟ قال: ألم يكن المسلمون ينقلون في بناء مسجد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لبنة لبنة وعمار لبنتين لبنتين فغشي عليه، فأتاه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فجعل يمسح التراب عن وجهه ويقول: ويحك يا ابن سمية! الناس ينقلون لبنة لبنة وأنت تنقل لبنتين لبنتين رغبة في الاجر وأنت مع ذلك تقتلك الفئة الباغية؟؟ فقال عمرو لمعوية: أما تسمع ما يقول؟ قال: وما يقول؟ فأخبره فقال معاوية: أنحن قتلناه؟! انما قتله من جاء به! فخرج الناس من فساطيطهم وأخبيتهم يقولون: انما قتل عماراً من جاء به، فلا أدري من كان أعجب أهو أم هم؟! ».

وقال محيي الدين ابن عربي الاندلسي في تفسيره،( وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) الى آخره، الاقتتال لا يكون الا للميل الى الدنيا والركون الى الهوى

٤٣

والانجذاب الى الجهة السفلية والتوجه الى المطالب الجزئية، والاصلاح انما يكون من لزوم العدالة في النفس التي هي ظل المحبة التي هي ظل الوحدة، فلذلك امر المؤمنون الموحدون بالاصلاح بينهما على تقدير بغيهما، والقتال مع الباغية على تقدير بغي احداهما حتى ترجع لكون الباغية مضادة للحق دافعة له، كما خرج عماررضي‌الله‌عنه مع كبره وشيخوخته في قتال أصحاب معاوية ليعلم بذلك أنهم الفئة الباغية ».

و قال سبط ابن الجوزي: « وحكى ابن سعد في ( الطبقات ) عن عبد الله ابن عمرو بن العاص أنه قال لابيه: قتلتم عماراً وقد سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول له: تقتلك الفئة الباغية!؟ فسمعه معاوية فقال: لانك شيخ أخرق ما تزال تأتينا بهنة تدحض بها في بولك! أنحن قتلناه؟! انما قتله الذي أخرجه و في رواية: فبلغ ذلك عليا فقال: ونحن قتلنا حمزة لأنا أخرجناه الى احد. وذكر ابن سعد أيضاً أن ذا الكلاع لما بلغه هذا قال لعمرو: نحن الفئة الباغية وهم بالرجوع الى عسكر علي وكان تحت يده ستون ألفاً فقتل ذو الكلاع فقال معاوية: لو بقي ذو الكلاع لافسد علينا جندنا بميله الى ابن أبي طالب! ».

وقال أيضاً: « وقال الواقدي: لما طعن أبو الغادية عماراً بالرمح وسقط أكب عليه آخر فاجتز رأسه ثم أقبلا الى معاوية يختصمان فيه، كل منهما يقول: أنا قتلته، فقال لهما عمرو: والله ان تختصمان الا في النار! فقال معاوية: ما صنعت؟ قوم بذلوا نفوسهم دوننا تقول لهم هذا؟! فقال عمرو: هو والله كذلك وأنت تعلمه واني والله وددت أني مت قبل هذا اليوم بعشرين سنة! ».

وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني: « فائدة - روى حديث تقتل عماراً الفئة الباغية » جماعة من الصحابة منهم قتادة ( أبو قتادة. ظ ) بن النعمان كما تقدم وام سلمة عند مسلم، وأبو هريرة عند الترمذي، وعبد الله بن عمرو بن العاص عند النسائي، وعثمان بن عفان وحذيفة وأبو أيوب وأبو رافع

٤٤

وخزيمة بن ثابت ومعاوية وعمرو بن العاص وأبو اليسر وعمار نفسه، وكلها عند الطبراني وغيره طرقها صحيحة أو حسنة. وفيه عن جماعة آخرين يطول عدهم. وفي هذا الحديث علم من أعلام النبوة وفضيلة ظاهرة لعلي ولعمار ورد على النواصب الزاعمين أن علياً لم يكن مصيباً في حروبه ».

وقال بدر الدين العيني في شرح حديث « اذا تواجه المسلمان فكلاهما من أهل النار »: « وقال الكرماني: عليرضي‌الله‌عنه ومعاوية كلاهما كانا مجتهدين غاية ما في الباب أن معاوية كان مخطئاً في اجتهاده له أجر واحد وكان لعليرضي‌الله‌عنه أجران. قلت: المراد ( فالمراد. ظ ) بما في الحديث المتواجهان بلا دليل من الاجتهاد ونحوه، انتهى.

قلت: كيف يقال كان معاوية مخطئاً في اجتهاده، فما كان الدليل في اجتهاده!! و قد بلغه الحديث الذي قال صلّى الله تعالى عليه وسلّم: ويح ابن سمية تقتله الفئة الباغية! وابن سمية هو عمار ابن ياسر، وقد قتله فئة معاوية، أفلا يرضى معاوية سواء بسواء حتى يكون له أجر واحد ».

وقال محمد بن خلفة الوشتاني الابي في شرح حديث قتل عمار: « والحديث حجة بينة للقول بأن الحق مع علي وحزبه وانما عذر الآخرون بالاجتهاد، وأصل البغي الحسد، ثم استعمل في الظلم، وعلى هذا حمل الحديث عبد الله ابن عمرو العاص يوم قتل عمار، وغيره تأوله فتأوله معاوية وكان أولا يقول: انما قتله من أخرجه لينفي عن نفسه صفة البغي ثم رجع فتأوله على الطلب وقال: نحن الفئة الباغية، اي الطالبة لدم عثمان، من البغاء بضم الباء والمد وهو الطلب.

قلت: البغي عرفاً الخروج عن طاعة الامام مغالبة له، ولا يخفى عليك بعد التأويلين او خطؤهما، فأما الاول فواضح وكذا الثاني لان ترك علي القصاص من قتلة عثمان للذين قاموا بطلبه ورأوه مستنداً في اجتهادهم ليس لانه تركه جملة واحدة وانما تركه لما تقدم، وفيه ان عدم القصاص منكر قاموا بتغييره والقيام بتغيير المنكر انما هو ما لم يؤد الى مفسدة أشد. وايضاً المجتهد انما

٤٥

يحسن به الظن اذا لم يبين مستند اجتهاده، اما اذا بينه فكان خطأ فكيف؟. ولله در الشيخ حيث كان يقول الصحبة حصنت على من حارب علياً! ».

وقال ابو عبد الله محمد بن محمد بن يوسف السنوسي في شرح حديث قتل عمار: « والحديث حجة بينة للقول بأن الحق مع علي وحزبه وانما عذر الاخرون بالاجتهاد، واصل البغي الحسد ثم استعمل في الظلم، وغير تأويله معاويةرضي‌الله‌عنه فكان يقول: انما قتله من أخرجه لينفي عن نفسه صفة البغي ثم رجع فتأوله على الطالب وقال: نحن الفئة الباغية، اي الطالبة لدم عثمان، من البغاء بضم الباء والمد وهو الطلب ( ب(١) ): البغي عرفاً الخروج عن طاعة الامام مغالبة له، ولا يخفى بعد التأويلين او خطؤهما، ولله در الشيخ حيث كان يقول: الصحبة حصنت على من حارب علياًرضي‌الله‌عنه ».

و قال عماد الدين يحيى بن ابي بكر العامري في ترجمة سيدنا عمار: « قتلرضي‌الله‌عنه بصفين سنة سبع وثلثين عن ثلث وخمسين سنة وكان من اصحاب علي وقتله اصحاب معاوية، وبقتله استدل اهل السنة على تصحيح جانب علي لان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان قد قال له: ويح ابن سمية! تقتلك الفئة الباغية، وقال: ويح عمار يدعوهم الى الجنة ويدعونه الى النار، وقال قبل ان يقتل: ائتوني بشربة لبن فاني سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: آخر شربة تشربها من الدنيا شربة لبن. وكان آدم طوالا لا يغيّر شيبة، رضي ‌الله‌ عنه ورحمه ».

و قال نور الدين السمهودي: « وأسند(٢) أيضاً أن علي بن أبي طالب كان يرتجز وهو يعمل فيه ويقول:

لا يستوي من يعمر المساجدا

يدأب فيها قائماً وقاعدا

ومن يرى عن الغبار حائدا

__________________

(١). أى: قال الابى.

(٢). أى: ابن زبالة.

٤٦

و أسند هو أيضاً ويحيى من طريقه والمجد ولم يخرجه عن أم سلمة رضي الله عنها، قالت: بنى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مسجده فقرب اللبن وما يحتاجون اليه، فقام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فوضع ردائه، فلما رأى ذلك المهاجرون الاولون والانصار ألقوا أرديتهم وأكسيتهم وجعلوا يرتجزون ويعملون ويقولون:

لئن قعدنا والنبي يعمل. ألبيت

وكان عثمان بن عفانرضي‌الله‌عنه رجلا نظيفاً متنظفاً وكان يحمل اللبنة فيجافى بها عن ثوبه، فاذا وضعها نفض كمه ونظر الى ثوبه فان أصابه شيء من التراب نفضه، فنظر اليه علي بن أبي طالب فأنشأ يقول:

لا يستوي من يعمر المساجدا

الابيات المتقدمة، فسمعها عمار بن ياسر فجعل يرتجز بها وهو لا يدري من يعني بها فمر بعثمان فقال: يا ابن سمية! ما أعرفني بمن تعرّض ومعه جريدة فقال: لتكفن أو لاعترضن بها وجهك! فسمعه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو جالس في ظل بيتي تعنى ام سلمة. وفي كتاب يحيى: في ظل بيته، فغضب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ثم قال: ان عمار بن ياسر جلدة ما بين عيني وأنفي فاذا بلغ ذلك من المرء فقد بلغ ووضع يده بين عينيه، فكف الناس عن ذلك ثم قالوا لعمار: ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد غضب فيك ونخاف أن ينزل فينا القرآن! فقال: أنا أرضيه كما غضب، فقال: يا رسول الله! ما لي ولا لاصحابك؟ قال: مالك وما لهم؟ قال: يريدون قتلي يحملون لبنة لبنة ويحملون علي اللبنتين والثلاث فأخذ بيده فطاف به في المسجد وجعل يمسح وفرته بيده من التراب ويقول: يا ابن سمية لا يقتلك أصحابي ولكن تقتلك الفئة الباغية.

وقد ذكر ابن اسحاق القصة بنحوه كما في ( تهذيب ) ابن هشام، قال: وسألت غير واحد من أهل العلم بالشعر عن هذا الرجز فقالوا: بلغنا أن علي ابن أبي طالب ارتجز به، فلا ندري أهو قائله أم غيره، وانما قال ذلك عليرضي‌الله‌عنه مطائبة ومباسطة كما هو عادة الجماعة، اذا اجتمعوا على عمل

٤٧

وليس ذلك طعناً. وأخرج ابن أبي شيبة من مرسل أبي جعفر الخطمي، قال: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يبني المسجد وعبد الله بن رواحة يقول: أفلح من يعالج المساجدا فيقولها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيقول ابن رواحة: يتلوا القرآن قائماً وقاعداً، فيقولها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وفي « الصحيح » في ذكر بناء المسجد: وكنا نحمل لبنة لبنة وعمار لبنتين لبنتين، فرآه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فجعل ينفض التراب عنه ويقول: ويح عمار! تقتله الفئة الباغية يدعوهم الى الجنة ويدعونه الى النار، وقال: يقول عمار: أعوذ بالله من الفتن. وأسند ابن زبالة ويحيى، عن مجاهد، قال: رآهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهم يحملون الحجارة على عمار وهو يبني المسجد فقال: ما لهم ولعمار، ويدعوهم الى الجنة ويدعونه الى النار وذلك فعل الاشقياء الاشرار! وأسند الثاني أيضاً عن أم سلمة، قالت: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأصحابه يبنون المسجد فجعل أصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يحمل كل رجل منهم لبنة لبنة وعمار بن ياسر لبنتين، لبنة عنه ولبنة عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقام اليه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فمسح ظهره وقال: يا ابن سمية! لك أجران وللناس أجر، وآخر زادك من الدنيا شربة من لبن وتقتلك الفئة الباغية.

و في ( الروض ) للسهيلي أن معمر بن راشد روى ذلك في جامعه بزيادة في آخره وهي: فلما قتل يوم صفين دخل عمرو على معاوية رضي الله عنهما فزعاً فقال: قتل عمار! فقال معاوية: فما ذا؟ فقال عمرو: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: تقتله الفئة الباغية. فقال معاوية: دحضت في بولك، أنحن قتلناه؟ انما قتله من أخرجه.

و روى البيهقي في ( الدلائل ) عن عبد الرحمن ( أبي عبد الرحمن. ظ ) السلمي أنه سمع عبد الله بن عمرو بن العاص يقول لابيه عمرو: قد قتلنا هذا الرجل وقد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيه ما قال قال: أي رجل؟ قال: عمار بن ياسر، أما تذكر يوم بنى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المسجد، فكنا

٤٨

نحمل لبنة لبنة وعمار يحمل لبنتين لبنتين، فمر على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: تحمل لبنتين وأنت ترحض! أما انك ستقتلك الفئة الباغية وأنت من أهل الجنة. فدخل عمرو على معاوية فقال: قتلنا هذا الرجل وقد قال فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما قال فقال: اسكت، فو الله ما تزال تدحض في بولك! أنحن قتلناه؟! انما قتله علي وأصحابه جاءوا به حتى ألقوه بيننا.

قلت: وهو يقتضي أن هذا القول لعمار كان في البناء الثاني للمسجد، لان اسلام عمرو كان في الخامسة كما سبق.

و قال السمهودي في ( خلاصة الوفاء ): « ولاحمد عن أبي هريرة: كانوا يحملون اللّبن الى بناء المسجد ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم معهم، ثم قال: فاستقبلت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو عارض لبنة على بطنه فظننت انها ثقلت عليه فقلت: ناولنيها يا رسول الله! فقال: خذ غيرها يا أبا هريرة فانه لا عيش الا عيش الآخرة. وهذا في البناء الثاني لان اسلام أبي هريرة متأخر.

و كذا ما في الصحيح في ذكر بناء المسجد: كنا نحمل لبنة لبنة وعمار لبنتين لبنتين، فرآه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فجعل ينفض التراب ويقول: ويح عمار تقتله الفئة الباغية، يدعوهم الى الجنة ويدعونه الى النار ، لان البيهقي روى في ( الدلائل ) عن أبي عبد الرحمن السلمي أنه سمع عبد الله بن العاص يقول لابيه عمرو: قد قتلنا هذا الرجل وقد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيه ما قال! قال: أى رجل؟ قال قال: عمار بن ياسر، اما تذكره يوم بنى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المسجد، فكنا نحمل لبنة لبنة وعمار يحمل لبنتين لبنتين، فمر على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وذكر نحو رواية الصحيح.

ثم قال: فدخل عمرو على معاوية فقال: قتلنا هذا الرجل وقد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما قال! فقال: اسكت فو الله ما تزال تدحض في بولك، أنحن قتلناه؟ انما قتله على وأصحابه جاءوا به حتى ألقوه بيننا. واسلام عمرورضي‌الله‌عنه كان في السنة الخامسة فلم يحضر الا البناء الثاني ».

٤٩

و قال الملا على المتقي: « عن خالد بن الوليد عن ابنة هشام بن الوليد ابن المغيرة وكانت تمرض عماراً قالت: جاء معاوية الى عمار يعوده فلما خرج من عنده قال: أللهم لا تجعل منيته بأيدينا، فانى سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: تقتل عماراً الفئة الباغية ( ع. كر ) ».

وقال في ( شرح الفقه الاكبر ) في ذكر خلافة امير المؤمنينعليه‌السلام : « ومما يدل على صحة خلافته دون خلافة غيره الحديث المشهور « الخلافة بعدي ثلثون سنة ثم يصير ملكا عضوضاً » وقد استشهد علي (رض) على رأس ثلاثين سنة عن وفاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . ومما يدل على صحة اجتهاده وخطأ معاوية في مراده ما صح عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حق عمار بن ياسر: تقتلك الفئة الباغية. وأما ما نقل أن معاوية أو أحداً من أشياعه قال: ما قتله الا علي (رض) حيث حمله على المقاتلة فروي عن عليّ كرّمه الله وجهه انه قال في المقابلة: فيلزم أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قتل عمه حمزة! فتبين أن معاوية ومن بعده لم يكونوا خلفاء بل ملوكا وأمراء ».

و قال في ( شرح الشفاء ) في فصل الاخبار بالغيوب: « وان عماراً وهو ابن ياسر تقتله الفئة الباغية. رواه الشيخان، ولفظ مسلم: قال النبي صلّى الله تعالى عليه وسلّم لعمار: تقتلك الفئة الباغية. وزاد: وقاتله في النار.

فقتله، أي عماراً، أصحاب معاوية، أى بصفين، ودفنه علي رضي الله تعالى عنه في ثيابه وقد نيف على سبعين سنة، فكانوا هم البغاة على علي بدلالة هذا الحديث ونحوه، وقد ورد: اذا اختلف الناس كان ابن سمية مع الحق، وقد كان مع علي رضي الله تعالى عنهما، وأما تأويل معاوية أو ابن العاص بأن الباغي علي وهو قتله حيث حمله على ما أدى الى قتله، فجوابه ما نقل عن علي كرم الله وجهه أنه يلزم منه أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قاتل حمزة عمه.

والحاصل أنه لا يعدل عن حقيقة العبارة الى مجاز الاشارة الا بدليل ظاهر من عقل أو نقل يصرفه عن ظاهره، نعم، غاية العذر عنهم أنهم اجتهدوا وأخطئوا فالمراد بالباغية الخارجة المتجاوزة لا الطالبة كما ظنه بعض

٥٠

الطائفة ».

وقال في ( المرقاة - شرح المشكوة ): « ( وعن أبي قتادة ) صحابي مشهور ( أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لعمار ) أى ابن ياسر ( حين يحفر الخندق ) حكاية حال ماضية ( فجعل يمسح رأسه ) أي رأسه عمار عن الغبار ترحماً عليه من الاغيار ( ويقول بؤس ) بضم موحدة وسكون همز، ويبدل، وبفتح السين مضافاً الى ( ابن سمية ) وهي بضم السين وفتح الميم وتشديد التحتية ام عمار وهي قد أسلمت بمكة وعذبت لترجع عن دينها فلم ترجع وطعنها أبو جهل فماتت، ذكره ابن الملك.

وقال غيره: كانت امه ابنة أبي حذيفة المخزومي زوجها ياسراً وكان حليفه فولدت له عماراً فأعتقه أبو حذيفة أي: يا شدة عمار احضرى فهذا أوانك، واتسع في حذف حرف النداء من أسماء الاجناس وانما يحذف من أسماء الاعلام، وروى بوس بالرفع على ما في بعض النسخ، أى: عليك بؤس أو يصيبك بوس، وعلى هذا ابن سمية منادى مضاف، أى: يا ابن سمية! وقال شارح « المغني »: يا شدة ما يلقاه ابن سمية من الفئة الباغية، نادى بؤسه وأراد نداءه وخاطبه بقوله: ( تقتلك الفئة الباغية ) أى الجماعة الخارجة على امام الوقت وخليفة الزمان.

قال الطيبي: ترحم عليه بسبب الشدة التي يقع فيها عمار من قبل الفئة الباغية يريد به معاوية وقومه فانه قتل يوم صفين. وقال ابن الملك: اعلم أن عماراً قتله معاوية وفئته فكانوا طاغين باغين بهذا الحديث، لان عمار كان في عسكر علي وهو المستحق للامامة فامتنعوا عن بيعته.

وحكي أن معاوية كان يتأول معنى الحديث ويقول: نحن فئة باغية طالبة لدم عثمان، وهذا كما ترى تحريف، اذ معنى طلب الدم غير مناسب هنا لانهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذكر الحديث في اظهار فضيلة عمار وذم قاتله لانه جاء في طريق: ويح! قلت: ويح، كلمة تقال لمن وقع في هلكة لا يستحقها فيترحم عليه ويرثى له، بخلاف ويل، فانها كلمة عقوبة تقال للذي

٥١

يستحقها ولا يترحم عليه هذا.

و في ( الجامع الصغير ) برواية الامام أحمد والبخاري عن أبي سعيد مرفوعاً: ويح عمار تقتله الفئة الباغية، يدعوهم الى الجنة يدعونه الى النار. وهذا كالنص الصريح في المعنى الصحيح المتبادر من البغي المطلق في الكتاب كما في قوله تعالى:( وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ ) ، وقوله سبحانه:( فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى ) فاطلاق اللفظ الشرعي على ارادة المعنى اللغوي عدول من العدل وميل الى الظلم الذي هو وضع الشيء في غير موضعه.

والحاصل ان البغي بحسب المعنى الشرعي والاطلاق العرفي خص عموم معنى الطلب اللغوي الى طلب الشر الخاص بالخروج المنهي، فلا يصح أن يراد به طلب دم خليفة الزمان وهو عثمانرضي‌الله‌عنه . وقد حكي عن معاوية تأويل أقبح من هذا حيث قال: انما قتله علي وفئته حيث حمله على القتال وصار سبباً لقتله في المال، فقيل له في الجواب: فاذن قاتل حمزة هو النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، حيث كان باعثاً له على ذلك والله سبحانه وتعالى حيث أمر المؤمنين بقتال المشركين!

والحاصل أن هذا الحديث فيه معجزات ثلث: احديها انه سيقتل، وثانيها أنه مظلوم، وثالثها أن قاتله باغ من البغاة، والكل صدق وحق. ثم رأيت الشيخ أكمل الدين قال: الظاهر أن هذا أي التأويل السابق عن معاوية وما حكي عنه أيضاً من أنه « قتله من أخرجه للقتل وحرضه عليه » كل منهما افتراء عليه! أما الاول فتحريف للحديث، وأما الثاني فلانه ما أخرجه أحد بل هو خرج بنفسه وما له مجاهداً في سبيل الله قاصداً لاقامة الفرض، وانما كان كل منهما افتراء على معاوية لانهرضي‌الله‌عنه أعقل من أن يقع في شيء ظاهر الفساد على الخاص والعام.

قلت: فاذاً كان الواجب عليه أن يرجع عن بغيه باطاعته الخليفة ويترك المخالفة وطلب الخلافة المنيفة، فتبين بهذا أنه كان في الباطن باغياً

٥٢

وفي الظاهر متستراً بدم عثمان مراعياً مرائياً، فجاء هذا الحديث عليه ناعياً، وعن عمله ناهياً، لكن كان ذلك في الكتاب مسطوراً، فصار عنده كل من القرآن والحديث مهجوراً! فرحم الله من أنصف ولم يتعصب ولم يتعسف وتولى الاقتصاد في الاعتقاد لئلا يقع في جانبي سبيل الرشاد من الرفض والنصب بأن: يحب الال والصحب. ( رواه مسلم ) ».

و قال نور الدين الحلبي: « ولما قتل عمار دخل عمرو بن العاص على معاوية فزعاً وقال: قتل عمار! فقال معاوية: قتل عمار فما ذا؟ قال عمرو: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : تقتل عمارا الفئة الباغية. فقال له معاوية: دحضت، أى زلقت في بولك! أنحن قتلناه؟ انما قتله من أخرجه.

و في رواية قال له: أسكت فو الله ما تزال تدحض، أي تزلق في بولك، انما قتله على واصحابه جاءوا به حتى ألقوه بيننا. وذكر أن علياً رضي الله تعالى عنه لما احتج على معاوية رضي الله تعالى عنه بهذا الحديث ولم يسع معاوية انكاره قال: انما قتله من أخرجه من داره، يعني بذلك علياً. فقال علي رضي الله تعالى عنه: فرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اذن قتل حمزة حين أخرجه ».

قال: « وكان ذو الكلاع رضي الله تعالى عنه مع معاوية وقال له يوماً ولعمرو ابن العاص: كيف نقاتل علياً وعمار بن ياسر؟! فقالا له: ان عماراً يعود الينا ويقتل معنا. فقتل ذو الكلاع قبل قتل عمار، ولما قتل عمار قال معاوية: لو كان ذو الكلاع حياً لمال بنصف الناس الى على، أي لان ذا الكلاع ذووه اربعة الاف اهلبيت، وقيل: عشرة آلاف ».

و قال شهاب الدين الخفاجي في ( نسيم الرياض ): « ومما اخبر بهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من المغيبات ان عمار بن ياسر الصحابي المشهور تقتله الفئة الباغية. من البغي وهو الخروج بغير حق على الامام.

و لفظ مسلم: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعمار: تقتلك الفئة الباغية. و روي: وقاتله في النار. فقتله اصحاب معاوية وكان هو مع علي بصفين وهو صريح في ان الخليفة بحق هو عليّرضي‌الله‌عنه وان معاوية مخطئ في اجتهاده

٥٣

كما في حديث « اذا اختلف الناس كان ابن سمية مع الحق » وابن سمية هو عمار رضي الله تعالى عنه كان مع على، وهذا هو الذي ندين الله به، وهو ان عليّاً كرم الله وجهه على الحق ومجتهد مصيب في عدم تسليم قتلة عثمان، ومعاوية رضي الله تعالى عنه مجتهد مخطي، فدع القيل والقال فما ذا بعد الحق الا الضلال؟!

وقد تأول معاوية حديث عمار لما لم يجد مجالا لانكاره فقال: انما قتله من أخرجه، ولذا قال عليّ كرم الله وجهه لما بلغه قوله: فرسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلّم قتل حمزة رضى الله تعالى عنه لما أخرجه لاحد ، كما نقله ابن دحية رحمه الله تعالى ، وقتل عمار بصفين وهو ابن سبعين سنة قتله ابن العمادية ( أبو الغادية. ظ ) واجتز رأسه ابن جزء ودفنه علىّ رضي الله تعالى عنه ».

و قال حسين بن محمد الديار بكرى: « وفي ( عقائد الشيخ أبي السحق الفيروزآبادي ) و ( خلاصة الوفاء ) أن عمرو بن العاص كان وزير معاوية فلما قتل عمار بن ياسر أمسك عن القتال وتابعه على ذلك خلق كثير فقال له معاوية لم لا تقاتل؟ قال قتلنا هذا الرجل وقد سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: تقتله الفئة الباغية، فدل على أنا نحن بغاً. قال له معاوية: أسكت فو الله ما تزال تدحض في بولك! انحن قتلناه؟ انما قتله على وأصحابه جاءوا به حتى ألقوه بيننا.

و في رواية قال: قتله من أرسله الينا يقاتلنا ودفعنا عن أنفسنا فقتل فبلغ ذلك علياً فقال: ان كنت أنا قتلته فالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قتل حمزة حين أرسله الى قتال الكفار ».

و قال محمد بن عبد الباقي الزرقاني في ( شرح المواهب اللدنية ) في بحث حديث « ويح عمار تقتله الفئة الباغية ». « وهذا الحديث متواتر، قال القرطبي: ولما لم يقدر معاوية على انكاره قال: انما قتله من اخرجه فأجابه علي بأن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اذاً قتل حمزة حين اخرجه. قال ابن دحية: وهذا من الالزام المفحم الذي لا جواب عنه، وحجة لا اعتراض عليها. قال القرطبي: فرجع معاوية وتأوله على الطلب وقال: نحن الفئة الباغية أي

٥٤

الطالبة لدم عثمان، من البغاء بضم الباء والمد هو الطلب. قال الابي: البغي عرفاً الخروج عن طاعة الامام مغالبة له.

ولا يخفى بعد التأويلين أو خطؤهما والاول واضح وكذا الثاني لان ترك علي القصاص من قتلة عثمان الذين قاموا بطلبه ورأوه مستند اجتهادهم ليس لانه تركه جملة واحدة، وانما تركه لما تقدم أي حتى يدخلوا في الطاعة ثم يدعوا علي من قتل. قال: وأيضاً عدم القصاص منكر قاموا لتغييره، والقيام لتغيير المنكر انما هو ما لم يؤد الى مفسدة أشد.

وأيضاً المجتهد انما يحسن به الظن اذا لم يبين مستند اجتهاده وأما اذا بينه وكان خطأ فلا، ولله در الشيخ، يعنى ابن عرفة حيث كان يقول: الصحبة حصنت من حارب علياً، انتهى ».

وقال محمد بن اسمعيل بن صلاح الامير اليماني الصنعاني في ( الروضة الندية ) بعد ذكر بعض أحاديث وأخبار قتال أمير المؤمنين مع الناكثين والقاسطين والمارقين: « تنبيه - قلت: اشتملت هذه القصص على معجزات نبوية وكرامات علوية وأخلاق عند الله مرضية، فنذكر شيئاً من ذلك. أما المعجزات فمنها: اخبارهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأن وصيهعليه‌السلام يقاتل الثلاث الطوائف وأمره له بذلك، فانه اخبار بالغيب الذي هو احدى المعجزات ووصف كل طائفة بوصفها التي قوتلت عليه من النكث والقسط والمروق، وقدمنا في قتاله الناكثين نكتاً من معجزات وكرامات، ومن المعجزات في قتاله القاسطين ما تواتر عند أئمة النقل من أن عماراً يقتله الفئة الباغية وأنه يدعوهم الى الجنة ويدعونه الى النار.

وهذا الحديث متواتر متفق عليه بين الطوائف حتى أن رأس الفئة الباغية ورئيسها معاوية بن أبى سفيان مقر به، فانه تأوله بالتأويل الباطل ولم ينكره، بل قال: قتله من جاء به، فالزم بأن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو القاتل لحمزة. وهذا الحديث من أعلام النبوة فانه قالهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اول قدومه المدينة عند بناء مسجدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما هو معروف في كتب السير

٥٥

والحديث ولم يحضرنا منه شيء فننقل لفظه، ومعناه أنه قال عماررضي‌الله‌عنه وقد حملوه أحجاراًصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المسجد: قتلوني يا رسول الله يحملونني فوق ما أطيق، أو قال: كما يحمله رجلان. فنفضصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الغبار عنه وقال: ليسوا بقاتليك، انما يقتلك الفئة الباغية. تكلمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بهذا قبل وقعة بدر وقبل فتح مكة وقبل اسلام رأس الفئة الباغية وقبل أن يفتح من البلاد شبر واحد.

وتكرر منهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذكر أن عماراً (رض) يقتله الفئة الباغية في عدة مواقف، وقد كان عمار (رض) من أعيان أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . قال العامري (رض): وكان مخصوصاً من الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالبشارة والترحيب والبشاشة والتطييب، أخبر الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه أحد الاربعة الذين تشتاق اليهم الجنة وقال له: مرحباً بالطيب المطيب، وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : عمار جلدة ما بين عيني وأنفي، وقال: اهتدوا بهدى عمار، وقال: من عادى عماراً عاداه الله من أبغض عماراً أبغضه الله. ذكر هذه الاحاديث في فضائله الفقيه العلامة الشافعي المحدث يحيى بن أبى بكر العامري (رض) في كتاب ( الرياض المستطابة ) في ترجمة عماررضي‌الله‌عنه .

قال العامري: وكان من اصحاب عليعليه‌السلام وقتله اصحاب معاوية وبقتله استدل اهل السنة على تصحيح امامة عليعليه‌السلام و ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد كان قال: ويح ابن سمية يقتله الفئة الباغية ، و قال: ويح عمار يدعوهم الى الجنة ويدعونه الى النار ، انتهى كلامه.

قلت: و أخرج ابن عساكر وابن سعد أن علياًعليه‌السلام قال حين قتل عمار: ان امرؤ من المسلمين لم يعظم عليه قتل عمار بن ياسر وتدخل عليه المصيبة الموجعة لغير رشيد. رحم الله عماراً يوم اسلم، ورحم الله عماراً يوم قتل، ورحم الله عمارً يوم يبعث حياً، لقد رأيت عماراً وما يذكر من اصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اربعة الا كان رابعاً ولا خمسة الا كان خامساً ولا كان احد من اصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يشك ان عماراً

٥٦

قد وجبت له الجنة في غير موطن ولا شك، فهنيئاً لعمار بالجنة، ولقد قيل: ان عماراً مع الحق والحق معه يدور عمار مع الحق حيث دار، وقاتل عمار في النار، انتهى.

قلت: وبقتله استدل على ان معاوية في حربه وقتاله باغ ظالم غير مجتهد كما يقوله بعض السنية انه مجتهد مخطئ وانه غير آثم، كما قال العامري ايضاً واما المخالفون له فكانوا متأولين وكان لهم شبهة اداهم اجتهادهم اليها، انتهى ذكره في ترجمة الزبير.

فنقول: انه لا يشك من يعرف حال معاوية انه ليس من الاجتهاد في ورد ولا صدر، وانما الرجل يتحيل على الملك فنفق شبهة الطلبة بدم عثمان ليضل اهل الشام بها واي اجتهاد مع النص انه باغ، واي اجتهاد مع اخبار رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعليعليه‌السلام بأنه يقاتل القاسطين، وسمعت صحة الحديث عند امام المتأخرين مع اهل السنة الحافظ ابن حجر، فانه قال: وثبت عند النسائي ونقله وفسره ولم يقدح فيه، وقد ثبت من طرق عدة، وأي اجتهاد مع نص عمار ونص القرآن ان الفئة الباغية تقاتل حتى تفيء الى امر الله، وحديث عمار نص ان فئة معاوية الفئة الباغية. واحسن من قال مشيراً الى الرد على من زعم اجتهاد معاوية:

قال النواصب قد أخطا معاوية

في الاجتهاد وأخطا فيه صاحبه

والعفو في ذاك من حق لفاعله

وفي أعالي جنان الخلد راكبه

قلنا كذبتم فلم قال النبي لنا

في النار قاتل عمار وسالبه

وما دعوى الاجتهاد لمعاوية في قتاله الا كدعوى ابن حزم أن ابن ملجم أشقى الاخرين مجتهد في قتله لعليعليه‌السلام كما حكاه عنه الحافظ ابن حجر في ( تلخيصه ) واذا كان من ارتكب هواه ولفق باطلا يروج به ما يراه اجتهاداً لم يبق في الدنيا مبطل، اذ لا يأتي أحد منكراً الا وقد أهب له عذراً، وهؤلاء

٥٧

عبدة الاوثان قالوا: ما يعبدونهم الا ليقربوهم الى الله زلفى! وكم من محتج حجته داحضة عند ربه وعليه غضب ».

وقال المولوي عبد العلي بن الملا نظام الدين السهالوي في ( فواتح الرحموت - شرح مسلم الثبوت ): « بقي أمر بغي معاوية، والذي عليه جمهور أهل السنة أن هذا أيضاً خطأ في الاجتهاد ولا يلزم منه بطلان العدالة، لكن يخدشه عدم اظهار الحجة في مقابلة أمير المؤمنين علي وكان هو ألين للحق واستمراره على الصنع الذي صنع، مع أن قتل عمار كان من أبين الحجج على حقية رأي أمير المؤمنين علي، ولم ينقل في الدفع الا أمر بعيد هو أن الجائي برجل شيخ في المعركة قاتل إياه! وهو كما ترى ».

وقال: « وقال بعضهم: في كون مخالفة معاوية بالاجتهاد نظر، لانه لو كانت بالاجتهاد لناظر بالحجة وأمير المؤمنين علي كان ألين للحق، وقصد مناظرته بالحجة واقامة الحجة عليه ولم يصغ اليه، وعند شهادة عمار قال: انما قتله علي حيث جاء به شيخاً كبيراً، وليس هذا من الحجة في شيء، ولذا قال أمير المؤمنين في الجواب: فاذاً قتل حمزة رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلّم، بل الكلام في كونه مجتهداً، كيف وقد عده صاحب ( الهداية ) من السلاطين الجائرة مقابل العادلين، ولو كان بالاجتهاد لما كان جوراً، ولم ينقل عنه فتوى على طريقة الاصول الشرعية ».

و قال سليمان بن ابراهيم البلخي في ( ينابيع المودة ) في الباب الثالث والاربعين: « وفي ( جمع الفوائد ) عن عبد الله بن الحارث أن عمرو بن العاص قال لمعوية: أما سمعت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يقول حين كان يبني المسجد لعمار: انك لحريص على الجهاد وانك لمن أهل الجنة ولتقتلنك الفئة الباغية. قال: بلى! قال عمرو: فلم قتلتموه؟ قال: والله ما تزال تدحض في بولك! أنحن قتلناه؟ انما قتله الذي جاء به، وهو علي - لاحمد.

عبد الله بن عمرو بن العاص رأى رجلين يختصمان في رأس عمار يقول كل واحد منهما: أنا قتلته. فقال عبد الله: سمعت النبي صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله‌

٥٨

وسلّم يقول: تقتله الفئة الباغية. فقال معاوية: فما بالك أنت معنا؟ قال: شكاني ابي الى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال لي: اطع اباك ما دام حياً ولا تعصيه ( تعصه. ظ ) فأنا معكم ولست اقاتل - لاحمد ».

١٥ - خروج عمرو بن العاص لقتل عمار

وهذا الحديث دليل مبين على ضلالة عمرو بن العاص، فانه الذي أعان معاوية ونصره وأيده وشاركه في سيئات أعماله.

اخرج احمد وابن سعد واللفظ للثاني: « قيل لعمرو بن العاص: قد كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يحبك ويستعملك، قال: قد كان والله يفعل فلا أدري أحب أم تألف يتألفنى، ولكني أشهد على رجلين توفي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو يحبهما: عبد الله بن مسعود وعمار بن ياسر.

قالوا: فذاك والله قتيلكم يوم صفين.

قال: صدقتم والله، لقد قتلناه »(١) .

وفي ( الطبري ): « وخرج اليوم الثالث عمار بن ياسر، وخرج اليه عمرو بن العاص، فاقتتل الناس كأشد القتال وشد عمار في الرجال فأزال عمرو بن العاص عن موقفه »(٢) .

و في ( الكامل ): « وقد كان ذو الكلاع سمع عمرو بن العاص يقول قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعمار بن ياسر: تقتلك الفئة الباغية، وآخر شربة تشربها ضياح من لبن. فكان ذو الكلاع يقول لعمرو: ما هذا ويحك يا عمرو! فيقول عمرو: انه سيرجع إلينا، فقتل ذو الكلاع قبل عمار مع معاوية وأصيب عمار بعده مع علي، فقال عمرو لمعاوية: ما ادري بقتل أيهما أنا أشد فرحاً؟ بقتل عمار أو بقتل ذي الا كلاع، والله لو بقي ذو الكلاع بعد قتل عمار

__________________

(١). الطبقات ٢ / ٢٦٣.

(٢). الطبري ٤ / ٧ - ٨.

٥٩

لمال بعامة اهل الشام الى علي.

فأتى جماعة الى معاوية كلهم يقول: أنا قتلت عماراً، فيقول عمرو: وما سمعته يقول؟ فيخلطون، فاتاه ابن جزء فقال: أنا قتلته وسمعته يقول: اليوم ألقى الاحبة، محمداً وحزبه، فقال عمرو: أنت صاحبه، ثم قال: رويداً والله ما ظفرت يداك، ولقد اسخطت ربك »(١) .

وروى المتقى: « قاتل ابن سمية في النار. كر عن عمرو بن العاص ».

وانظر ١٦ / ١٤١، ١٤٥ من ( كنز العمال ).

وانظر أيضاً:

المستدرك ٣ / ٣٨٦، ٣٨٧

مروج الذهب ٣ / ٣١

اسد الغابة ٤ / ٤٧

تذكرة الخواص ٩١، ٩٢

تاريخ ابن خلدون ٢ / ١٧٣. وغيرها

١٦ - ابو غادية قاتل عمار

وابو الغادية قاتل عمار بن ياسر رضي الله تعالى عنه.

قال ابن سعد بترجمة عمار: « شهد خزيمة بن ثابت الجمل وهو لا يسل سيفاً، وشهد صفين وقال: انا لا أسل أبداً حتى يقتل عمار، فانظر من يقتله، فانى سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: تقتله الفئة الباغية.

قال: فلما قتل عمار بن ياسر قال خزيمة: قد بانت لي الضلالة واقترب فقاتل حتى قتل.

وكان الذي قتل عمار بن ياسر ابو غادية المزني، طعنه برمح فسقط، وكان يومئذ يقاتل في محفة، فقتل يومئذ وهو ابن أربع وتسعين سنة، فلما وقع

__________________

(١). الكامل لابن الاثير ٣ / ١٥٧.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

مستهل رمضان سنة ٦٥ جمع مجالس تدل على غزارة علمه وكثرة حفظه ومعرفته بهذه الشأن، كتب إلينا بالإِجازة سنة أربع عشرة »(١) .

وقال الذهبي أيضاً بترجمته: « وأبو الربيع الكلاعي، سليمان بن موسى بن سالم البلنسي الحافظ الكبير، صاحب التصانيف بقية أعلام الأثر بالأندلس قال الأبار: كان بصيراً بالحديث حافظاً عاقلاً عارفاً بالجرح والتعديل، ذاكراً للمواليد والوفيات، يتقدم أهل زمانه في ذلك خصوصاً من تأخّر عنه »(٢) .

٢ - اليافعي : « الحافظ أبو الربيع الكلاعي، سليمان بن موسى البلنسي صاحب التصانيف وبقية أعلام الأثر » ثم أورد كلمة الأبار المذكورة سابقاً(٣) .

٣ - السيوطي : « أبو الربيع الامام الحافظ البارع محدّث الأندلس وبليغها »(٤) .

٤ - الشامي صاحب السيرة : « أبا الربيع فالثقة الثبت سليمان بن سالم الكلاعي »(٥) .

٥ - المقري : « كان رحمه الله تعالى حافظاً للحديث، مبرزاً في نقده، تام المعرفة بطرقه، ضابطاً لأحكام أسانيده، ذاكراً لرجاله »(٦) .

(٢٠)

رواية الكنجي

لقد روى هذا الحديث في باب خصّه به حيث قال:

____________________

(١). تذكرة الحفاظ ٤ / ١٤١٧.

(٢). العبر حوادث ٦٤٣.

(٣). مرآة الجنان حوادث ٦٤٣.

(٤). طبقات الحفاظ / ٤٩٧.

(٥). سبل الهدى والرشاد / مقدمة الكتاب.

(٦). نفح الطيب - في ذكر وقعة اينجة ٢ / ٥٨٦.

٨١

« الباب السابع والثمانون: في أن علياً خلق من نور النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

أخبرنا ابراهيم بن بركات الخشوعي بمسجد الربوة من غوطة دمشق، أخبرنا الحافظ علي بن الحسن، أخبرنا أبو القاسم هبة الله، أخبرنا الحافظ أبو بكر الخطيب، أخبرنا علي بن محمّد بن عبد الله المعدل، أخبرنا أبو علي الحسين بن صفوان، حدّثنا محمّد بن سهل العطار، حدثني أبو ذكوان، حدثني حرب بن بيان الضرير من أهل قيسارية، حدثني أحمد بن عمرو، حدّثنا أحمد بن عبد الله عن عبد الله بن عمرو، عن عبد الكريم الجزري عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : خلق الله قضيباً من نور قبل أن يخلق الدنيا بأربعين ألف عام، فجعله أمام العرش حتى كان أوّل مبعثي، فشق منه نصفا، فخلق منه نبيكم، والنصف الآخر علي بن أبي طالب.

أخرجه إمام أهل الشام عن إمام أهل العراق كما سقناه، وهو في كتابيهما.

و أخبرنا أبو إسحاق الدمشقي، أخبرنا أبو القاسم الحافظ، أخبرنا أبو غالب ابن البنا، أخبرنا أبو محمّد الجوهري، أخبرنا أبو علي محمد بن أحمد بن يحيى، حدثنا أبو سعيد العدوي، حدثنا أبو الأشعث، حدثنا الفضيل بن عياض، عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان، عن زاذان عن سلمان قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: كنت أنا وعلي نورا بين يدي الله مطيعا يسبح الله ذلك النور ويقدسه قبل أن يخلق آدم بأربع عشر ألف عام، فلما خلق الله آدم ركّز ذلك النور في صلبه، فلم نزل في شيء واحد حتى افترقنا في صلب عبد المطلب، فجزء أنا وجزء علي.

قلت: هكذا أخرجه محدّث الشام في تاريخه في الجزء الخمسين بعد الثلاثمائة قبل نصفه، ولم يطعن في سنده ولم يتكلّم عليه، وهذا يدل على ثبوته [ عنده ] ».

أخبرنا علي بن أبي عبد الله المعروف بابن المقيّر البغدادي بدمشق، عن أبي الفضل محمّد الحافظ، أخبرنا أبو نصر بن علي، حدّثنا ابو الحسن علي بن محمّد

٨٢

المؤدب، حدثنا أبو الحسن الفارسي، حدثنا أحمد بن سلمة النمري، حدّثنا أبو الفرج غلام فرج الواسطي، حدثنا الحسن بن علي، عن مالك عن أبي سلمة عن أبي سعيد قال:

سأل أبو عقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: يا رسول الله من سيد المسلمين؟ ( وساق الكنجي الرواية بطولها إلى أن سأل أبو عقال ):

فأيّهم أحبّ إليك؟

قال: علي بن أبي طالب.

فقلت: ولم ذلك؟

فقال: لأني خلقت أنا وعلي بن أبي طالب من نور واحد.

قال: فقلت: فلم جعلته آخر القوم؟

قال: ويحك يا أبا عقال، أليس قد أخبرتك أنّي خير النبيين، وقد سبقوني بالرسالة وبشّروا بي من قبلي، فهل ضرّني شيء إذ كنت آخر القوم؟! أنا محمّد رسول الله، وكذلك لا يضرّ علياً إذا كان آخر القوم، ولكن يا أبا عقال فضل علي على سائر الناس كفضل جبرئيل على سائر الملائكة.

قلت: هذا حديث حسن عال وفيه طول أنا اختصرته، ما كتبنا إلّا من هذا الوجه.

ثم روى الكنجي بسنده عن أبي أمامة الباهلي « قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن الله خلق الأنبياء من أشجار شتى، وخلقني وعلياً من شجرة واحدة، فأنا أصلها وعلي فرعها وفاطمة لقاحها والحسن والحسين ثمرها، فمن تعلّق بغصن من أغصانها نجى ومن زاغ عنها هوى، ولو أن عبداً عبد الله بين الصفا والمروة ألف عام ثم ألف عام ثم لم يدرك صحبتنا [ محبتنا ] أكبه الله على منخريه في النار، ثم تلا( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) .

قلت: هذا حديث حسن عال رواه الطبري في معجمه كما أخرجناه سواء. ورواه محدّث الشام في كتابه بطرق شتى » ثم رواه بأسانيد عن ابن عساكر محدث

٨٣

الشام بها(١) .

الكنجي وكتابه

١ - لقد صرح الحافظ الكنجي بأنّ ما في كتابه من الأحاديث هي: « أحاديث صحيحة من كتب الأئمة والحفاظ في مناقب أمير المؤمنين علي، الذي لم ينل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فضيلة في آبائه وطهارة مولده إلّا هو قسيمه فيها ».

و قد ألّفه وأملاه « تأسياً بما رويناه عن شقيق عن عبد الله قال: قلت يا رسول الله المرء يحب القوم ولما يلحق بهم؟ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : المرء مع من أحب »(٢) .

٢ - لقد نقل الشيخ نور الدين ابن الصباغ في كتابه عن ( كفاية الطالب )، وهذا نص كلامه:

« ومن كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب، تأليف الامام الحافظ أبي عبد الله محمّد بن يوسف الكنجي الشافعي، عن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما -: إن سعيد بن جبير كان يقوده »(٣) .

وقد ذكر الجلبي هذا الكتاب معبّراً عن مؤلّفه بـ « الشيخ الحافظ »(٤) .

٣ - وللكنجي كتاب اسمه ( البيان في أخبار صاحب الزمان ) ذكره الجلبي قائلا: « للشيخ أبي عبد الله »(٥) .

____________________

(١). كفاية الطالب ٣١٤ - ٣١٩.

(٢). كفاية الطالب / المقدمة.

(٣). الفصول المهمة / ١١١.

(٤). كشف الظنون ٢ / ١٤٩٧.

(٥). المصدر ١ / ٢٦٣.

٨٤

وممن نقل عن هذا الكتاب: عبد الله بن محمّد المطيري في كتابه ( الرياض الزاهرة ) فقد قال: « قال الشيخ أبو عبد الله محمّد بن يوسف بن محمّد الكنجي الشافعي في كتابه ( البيان في أخبار صاحب الزمان ) من الدلالة على كون المهدي حياً باقياً »(١) .

إذن، عبّروا عن الكنجي بـ ( الحافظ ) و ( الشيخ ). ولنذكر بعض النصوص في المراد من الكلمتين في الإٍصطلاح:

كلمة « الحافظ » في الإِصطلاح:

إنّ هذه الكلمة تدل على عظمة شأن من لقب بها وعلو منزلة من أطلقت عليه كما تدل على ذلك كلمات أئمة الفن:

قال الذهبي: « والحافظ أعلى من المفيد في العرف، كما أن الحجة فوق الثقة »(٢) .

وقال القاري: « الحافظ المراد به حافظ الحديث لا القرآن، وكذا ذكره ميرك، ويحتمل أنه كان حافظاً للكتاب والسنة.

ثم الحافظ في اصطلاح المحدثين: من أحاط علمه بمائة ألف حديثاً متناً وإسناداً وقال ابن الجوزي: والحافظ من روى ما يصل إليه، ووعى ما يحتاج لديه »(٣) .

وقال الشعراني: « كان الحافظ ابن حجر يقول: الشروط التي إذا اجتمعت في الإِنسان سمي حافظاً هي: الشهرة بالطلب، والأخذ من أفواه الرجال، والمعرفة بالجرح والتعديل لطبقات الرواة ومراتبهم، وتمييز الصحيح من السقيم،

____________________

(١). الرياض الزاهرة - مخطوط.

(٢). تذكرة الحفاظ بترجمة: محمّد بن احمد محدث جرجرايا.

(٣). جمع الوسائل في شرح الشمائل: ٧٠.

٨٥

حتى يكون ما يستحضره من ذلك أكثر مما لا يستحضره، مع استحفاظ الكثير من المتون، فهذه الشروط من جمعها فهو حافظ »(١) .

وقال البدخشاني: « الحافظ: يطلق هذا الاسم على من مهر في فن الحديث، بخلاف المحدّث»(٢) .

كلمة « الشيخ » في الاصطلاح:

وأما كلمة « الشيخ » في الاصطلاح فقد قال القاري:

« المحدث » و « الشيخ » و « الامام » هو « الْأُستاد الكامل »(٣) .

وكذا قال غيره.

(٢١)

رواية المحبّ الطبري

لقد روى هذا الحديث في ( الرياض النضرة في فضائل العشرة ) الذي طالما اعتمد عليه ( الدهلوي ) ووالده - من دون أن يتكلّم فيه كما فعل بالنسبة إلى بعض الأحاديث الصحيحة كحديث سد الأبواب - وهذا نص كلامه:

« ذكر اختصاصه بأنه قسيم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في نور كانا عليه قبل خلق الخلق ) عن سلمان قال:

سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: كنت أنا وعلي نوراً بين يدي الله تعالى قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام، فلما خلق الله آدم قسم ذلك

____________________

(١). لواقح الأنوار - ترجمة جلال الدين السيوطي.

(٢). تراجم الحفاظ - مخطوط.

(٣). جمع الوسائل في شرح الشمائل: ٧٠.

٨٦

النور جزءين، فجزء أنا وجزء علي. أخرجه أحمد في المناقب »(١) .

ترجمته:

وقد أثنى على المحبّ الطبري كلّ من ترجم له كالذهبي في ( تذكرة الحفاظ ) و ( المعجم المختص ) و ( العبر ) و ( دول الاسلام ) وابن الوردي في ( تتمة المختصر ) والسبكي في ( طبقات الشافعية ) والصفدي في ( الوافي بالوفيات ) والسيوطي في ( طبقات الحفاظ ) وغيرهم

(٢٢)

رواية الحمويني

لقد روى هذا الحديث بألفاظ مختلفة - بعد أن روى حديث الأشباح المتقدم سابقاً من طريق الرافعي بسنده عن ابن عباس، وسلمان، والحسن بن إسماعيل ابن عباد عن أبيه عن جده، ومحمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن جده وهذا نص كلامه:

« أنبأني أبو اليمن عبد الصمد بن عبد الوهاب بن عساكر الدمشقي بمكة شرفها الله [ تعالى ] قال: أنبأنا المؤيد بن محمد بن علي الطوسي كتابة، أنبأنا عبد الجبار بن محمّد الحواري البيهقي، أنبأنا الامام أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي، قال: أنبأنا أبو محمّد عبد الله بن يوسف، أنبأنا محمّد بن حامد بن الحرث التميمي، حدثنا الحسن بن عرفة، حدثنا علي بن قدامة، عن ميسرة بن عبد الله، عن عبد الكريم الجزري، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول لعلي: خلقت أنا وأنت من نور الله تعالى.

____________________

(١). الرياض النضرة ٢ / ٢١٧.

٨٧

أخبرني السيد النسّابة عبد الحميد بن فخار الموسويرحمه‌الله كتابة، أخبرنا النقيب أبو طالب عبد الرحمن بن عبد السميع الواسطي إجازة، أنبأنا شاذان بن جبرئيل بن إسماعيل القمي بقراءتي عليه، أنبأنا أبو عبد الله محمّد بن عبد العزيز القمي، أنبأنا [ الامام ] حاكم الدين أبو عبد الله محمّد بن أحمد بن علي بن أحمد، أنبأنا محمّد بن علي بن إبراهيم النطنزي، أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد قال: حدثنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد الحافظ، حدّثنا أحمد بن يوسف بن خلاد النصيبي ببغداد، قال: حدّثنا الحارث بن أبي أسامة التميمي قال: حدّثنا داود بن المحبر بن محمّد قال: حدثنا قيس بن الربيع، عن عباد بن كثير عن أبي عثمان النهدي عن سلمان الفارسيرضي‌الله‌عنه قال:

سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: خلقت أنا وعلي بن أبي طالب من نور عن يمين العرش، نسبح الله ونقدسه [ من ] قبل أن يخلق الله عز وجل آدم بأربعة عشر ألف سنة، فلمّا خلق الله آدم نقلنا إلى أصلاب الرجال وأرحام النساء الطاهرات، ثم نقلنا إلى صلب عبد المطلب، وقسّمنا نصفين فجعل النصف في صلب أبي عبد الّه وجعل النصف في صلب عمى أبي طالب، فخلقت من ذلك النصف وخلق علي من النصف الآخر، واشتق الله تعالى لنا من أسمائه أسماء، فالله عز وجل المحمود وأنا محمّد والله الأعلى وأخي علي والله الفاطر وابنتي فاطمة والله محسن وابناي الحسن والحسين، وكان اسمي في الرّسالة والنبوة وكان اسمه في الخلافة والشجاعة، فأنا رسول الله وعلي سيف الله.

أنبأني أبو طالب بن أنجب الخازن عن ناصر بن أبي المكارم إجازة قال: أنبأنا أبو المؤيّد الموفق بن أحمد إجازة ان لم يكن سماعا. ( ح ) أنبأني العزيز محمّد عن والده أبي القاسم بن أبي الفضل بن عبد الكريم إجازة قال: أخبرنا شهردار ابن شيرويه بن شهردار الديلمي إجازة، أنبأنا عبدوس ( إلى آخر ما تقدم في شهردار ابن شيرويه الديلمي ).

وبهذا الاسناد إلى شهردار إجازة ( إلى آخر ما تقدم في الخوارزمي ).

٨٨

أنبأني الشيخ أبو طالب بن أنجب « إلى آخر ما تقدم في أبي الفتح المطرزي »(١) .

(٢٣)

رواية شرف الدين الدركزيني الطالبي القرشي

لقد قال علي بن إبراهيم في ( بحر المناقب ) ما ترجمته:

« في ( نزل السائرين ) و ( المناقب للخطيب ) عن سلمان الفارسيرحمه‌الله قال: سمعت حبيبي المصطفى محمّداًصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: كنت أنا وعلي نوراً بين يدي الله عز وجل مطيعاً، يسبح الله ذلك النور ويقدسه قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام، فلمّا خلق الله تعالى آدم ركّب ذلك النور في صلبه، فلم نزل في شيء واحد، حتى افترقنا في صلب عبد المطلب، فجزء أنا وجزء علي بن أبي طالب »(٢) .

ترجمته:

قال الأسنوي الشافعي بترجمته ما نصه:

« شرف الدين محمود بن محمّد بن محمّد القرشي الطائي المعروف بالدركزيني: كان عالماً زاهداً، كثير العبادة شديد الاتباع للسنّة، صاحب كرامات أجمع عليها العامة والخاصة، الملوك والعلماء فمن دونهم، وكان طويلاً جداً، جهوري الصوت، حسن الخلق والخلق، جواداً، من بيت علم ودين، وله أولاد علماء صلحاء، صنّف في الحديث كتابا سماه ( نزل السائرين ) في مجلّد واحد،

____________________

(١). فرائد السمطين ١ / ٣٩ - ٤٤.

(٢). بحر المناقب - مخطوط.

٨٩

و ( شرح منازل السائرين ) في جزءين.

توفي يوم الجمعة الحادي عشر من شعبان سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة وله في عشر المائة ثلاث سنين، ودفن بـ ( دركزين ) وهي بدال مهملة مفتوحة ثم راء ساكنة ثم كاف مكسورة ثم زاء معجمة بعدها ياء ونون: بلد من همدان، بينهما اثنا عشر فرسخا »(١) .

(٢٤)

رواية جمال الدين المدني الزرندي

لقد روى هذا الحديث عن ابن عباس عن النبي -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - حيث قال: « روى ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: كنت أنا وعلي نوراً بين يدي الله عز وجل من قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام، فلما خلق الله عز وجل آدم سلك ذلك النور في صلبه، ولم يزل الله عز وجل ينقله من صلب إلى صلب حتى أقرّه في صلب عبد المطلب، ثم أخرجه من صلب عبد المطلب فقسمه قسمين قسماً في صلب عبد الله وقسماً في صلب أبي طالب، فعلي مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن من بعدي ».

كما ضمّنه في أبيات له نظمها في مدح الامام أمير المؤمنين هذا مطلعها:

أخو أحمد المختار صفوة هاشم

أبو السادة الغر الميامين بالمنن

في قوله:

هما ظهرا شخصين والنور واحد

بنصّ حديث النفس والنور فاعلمنْ(٢)

____________________

(١). طبقات الشافعية ١ / ٥٥٥.

(٢). نظم درر السمطين: ٧٩ - ٧٨.

٩٠

كتاب نظم درر السمطين:

وقد بيّن ( الزرندي ) قيمة كتابه هذا في خطبته فقال:

« جمعت فيه ما ورد في فضائلهم من أحاديث مما نقلها العلماء والأئمة، تنبيهاً على عظم قدرهم وشرفهم وموالاتهم الواجبة على جميع الأمة وأسأل الله تعالى أن يجعل سعيي فيما نظمت فيه من الدرر وجمعت فيه من الغرر خالصاً لوجهه الكريم ».

وقد روى الزرندي في هذا الحديث في كتابه الآخر ( معارج الوصول إلى فضل آل الرسول ) عن ابن عباس باللفظ المتقدم كذلك(١) .

كتاب معارج الوصول:

كما بيّن قيمة هذا الكتاب في خطبته قائلاً:

« جعلته لي عندهم سبباً متيناً، وبرهاناً مبيناً، واعتقاداً صافياً، ويقيناً وديدناً ودأباً وديناً كشفت فيه عن بعض ما خصّهم الله تعالى به من الفضائل المتلألأة الأنوار، والمناقب العالية المنار، والمقامات الظاهرة الأقدار، والكرامات الواسعة الأقطار، والمراتب الرفيعة الأخطار، والمنائح الفائحة الأزهار، والمكارم الفائضة التيار، والمآثر الكريمة الآثار ».

ترجمته:

والزرندي من كبار علماء أهل السنة، فقد أثنى عليه ابن حجر العسقلاني قائلاً: « محمّد بن يوسف بن الحسن بن محمد بن محمود بن الحسن الزرندي

____________________

(١). معارج الوصول الى فضل آل الرسول - مخطوط.

٩١

الحنفي، شمس الدين أخو نور الدين علي.

قرأت في مشيخة الجنيد البلباني تخريج الحافظ شمس الدين الجزري الدمشقي: نزل شيراز وأنه كان عالماً وأرخ مولده سنة ٦٩٣ ووفاته بشيراز سنة بضع وخمسين وسبعمائة، وذكر أنه صنّف السمطين في مناقب السبطين، وبغية المرتاح، جمع فيها أربعين حديثا بأسانيدها وشرحها. قال: وخرج له البرزالي مشيخة عن مائة شيخ »(١) .

وقال محمّد بن يوسف الشامي في ( سيرته ) ما نصه:

« مشروعية السفر لزيارة قبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : قد ألّف فيها الشيخ تقي الدين السبكي، والشيخ كمال الدين الزملكاني، والشيخ داود أبو سليمان كتاب الانتصار وابن جملة وغيرهم من الأئمة، وردّوا على الشيخ تقي الدين ابن تيميّة فإنه أتى في ذلك بشيء منكر لا تغسله البحار.

وممن ردّه عليه من أئمة عصره: العلاّمة محمّد بن يوسف الزرندي المدني المحدّث في ( بغية المرتاح إلى طلب الأرباح ) ».

كما نقل الحافظ الشريف السمهودي عن كتابه أحاديث، معبراً عنه بـ ( الحافظ )، وكذا أحمد بن الفضل بن محمّد باكثير الحضرمي المكي، فراجع ( جواهر العقدين )(٢) .

____________________

(١). الدرر الكامنة ٥ / ٦٣.

(٢). من ذلك قوله: « وفي رواية ذكرها الحافظ جمال الدين محمّد الزرندي عن صدى قال: بينما أنا ألعب وأنا غلام عند أحجار الزيت، إذ أقبل رجل على بعير فوقف يسبّ عليارضي‌الله‌عنه فحفّ به الناس ينظرون إليه، فبينما هم كذلك إذ طلع سعد - يعني ابن أبي وقاص - فقال: ما هذا؟ قالوا: يشتم علياً. فقال: اللهم إن كان هذا يشتم عبداً صالحاً فأر المسلمين خزيه. قال: فما لبث أن تعثّر به بعيره فسقط واندقت عنقه وخبط بعيره فكسره وقتله.

ومن ذلك قوله في ذكر الاختلاف في الصلاة على آل النبي بعد كلام له: « قلت: ويشهد له قول الحافظ أبي عبد الله محمّد بن يوسف الزرندي المدني في أوائل كتاب معراج الوصول إلى معرفة فضل آل الرسول صلّى الله عليه وعليهم وسلم ما لفظه: وقد قال الامام الشافعي رحمه الله تعالى في هذا المعنى مشيراً إلى وصفهم، ومنبّهاً على ما خصهم الله تعالى به من رعاية فضلهم: =

٩٢

و ( وسيلة المآل )(١) .

كما نقل عن كتبه جماعة من المحدثين ووصفوه بـ « الشيخ الامام العلامة المحدث بالحرم الشريف النبوي » ومنهم ابن الصباغ المالكي(٢) .

(٢٥)

رواية السيد محمّد الدهلوي المعروف بـ (كيسو دراز )

لقد قال ما معرّبه:

« ويدل حديث [ خلقت أنا وعلي من نور واحد قبل أن يخلق الله آدم بأربعة آلاف سنة، فلم نزل في شيء واحد حتى افترقنا في صلب عبد المطلب ] على أنّ جميع الكمالات التي كانت لآدم موجودة في محمد، وكذلك كمالات نوح وموسى

____________________

=

يا أهل بيت رسول الله حبّكم

فرض من الله في القرآن أنزله

كفاكم من عظيم القدر أنكم

من لم يصلّ عليكم لا صلاة له

ومن ذلك قوله: « وقال الحافظ جمال الدين الزرندي عن ابن عباس رضي الله عنهما: لمـّا نزلت هذه الآية( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعليرضي‌الله‌عنه : هو أنت وشيعتك، تأتي يوم القيامة أنت وشيعتك راضين مرضيّين ويأتي عدوك غضاباً مقمحين، فقال: من عدوي؟ قال: من تبرّأ منك ولعنك».

(١). ففيه: « قال الحافظ جمال الدين الزرندي عقبحديث من كنت مولاه فعلي مولاهالآتي: قال الامام الواحدي: هذه الولاية التي أثبتها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مسئول عنها يوم القيامة، أي عن ولاية علي وأهل البيت، لأن الله تعالى أمر نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يعرّف الخلف أنه لم يسألهم على تبليغ الرسالة أجراً إلّا المودة في القربى، والمعنى: إنهم يسألون هل والوهم حق الموالاة كما أوصاهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أم أضاعوها وأهملوها فتكون عليهم المطالبة والتبعة ».

(٢). الفصول المهمة ص ٣.

٩٣

الكليم وخليل الله وروح الله كلّها موجودة في محمّد، ولم يخلق الله آدم ولا العالم إلّا من أجل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم »(١) .

كما رواه أيضاً في موضعين غيره من كتابه أحدهما بلفظ: « خلقت أنا وعلي من نور واحد، ففيّ النبوة وفيه الخلافة » ولفظ الآخر: « خلقت أنا وعلي من نور واحد »(٢) .

ترجمته:

ترجم له الشيخ عبد الحق الدهلوي في ( أخبار الأخيار ) وقال:

« جمع بين السيادة والعلم والولاية، له شأن رفيع ودرجة منيعة وكلام عال، وله مشرب خاص من بين مشايخ ( جشت ) وطريقة يختص وينفرد بها من بينهم في بيان أسرار الحقيقة كان بدهلي في أوائل أمره، وانتقل بعد وفاة شيخه إلى دكن، وحصل له القبول التام عند أهلها، وانقادت له الناس، وتوفي هناك ».

ثم ذكر سبب شهرته بهذا اللقب وقال: « من مصنفاته الشهيرة كتاب ( الأسمار ) الذي أورد فيه الحقائق بنحو الألغاز »(٣) .

(٢٦)

رواية السيد محمّد بن جعفر المكي

لقد رواه قائلاً:

« ع ل. علي كرم الله وجهه: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه

____________________

(١). الأسمار، السمر الرابع والسبعين.

(٢). الأسمار - السمر، ٧٧ والسمر. ١٠١.

(٣). أخبار الأخيار ١٢٧.

٩٤

قال: أنا وعلي من نور واحد، فيكون واحداً إلى عبد المطلب، فنزل نوري في جبهة عبد الله، فهو أنا، ونزل نور الولاية في جبهة أبي طالب فهو علي، فأنا وعلي واحد في النبوة والولاية »(١) .

ترجمته:

ترجم له الشيخ عبد الحق الدهلوي في كتاب ( أخبار الأخيار ) وقد أطراه وأثنى عليه الثناء البالغ، وذكر مؤلفاته ومن بينها ( بحر الأنساب )(٢) .

(٢٧)

رواية الجلال البخاري

قال ملك العلماء الدولت آبادي:

« وفي ( الخزانة الجلالية ) بهذه العبارة: فصار نصفين نصف إلى عبد الله ونصف إلى أبي طالب، فخلقت أنا من جزء وعلي من جزء، فالأنوار كلّها من نوري ونور علي، والمراد من الأنوار: أولاده، أو متابعوه »(٣) .

ترجمته:

ومخدوم جهانيان تجد مناقبه والثناء عليه في الكتب التالية:

١ - ( جامع السلاسل ) لمجد الدين علي البدخشاني.

٢ - ( أخبار الأخيار ) لعبد الحق الدهلوي.

____________________

(١). بحر الأنساب - مخطوط.

(٢). أخبار الأخيار ١٣٢.

(٣). هداية السعداء - مخطوط.

٩٥

٣ - ( الانتباه في سلاسل أولياء الله ) لوالد ( الدهلوي ).

٤ - ( ايضاح لطافة المقال ) لرشيد الدين الدهلوي.

٥ - ( الفرع النامي ) لصديق حسن خان.

... وغيرها

(٢٨)

رواية السيد علي الهمداني

لقد روى أحاديث عديدة في الباب تحت عنوان ( المودة الثانية: إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلياً من نور واحد، وفيما أعطي علي من الخصال ما لم يعط أحد من العالمين ) عن سلمان، وابن عباس، وأبي ذر، وسيدنا أمير المؤمنينعليه‌السلام قائلاً:

« عن سلمانرضي‌الله‌عنه قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : خلقت أنا وعلي من نور واحد قبل أن يخلق الله آدم بأربعة آلاف عام، فلما خلق الله آدم ركّب ذلك النور في صلبه، فلم نزل في شيء واحد حتى افترقنا في صلب عبد المطلب، ففيّ النبوة وفي علي الخلافة.

و عنهرضي‌الله‌عنه قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كنت أنا وعلي نورا بين يدي الله مطيعا، يسبح الله ذلك النور ويقدسه قبل أن يخلق الله آدم بأربعة عشر ألف عام، فلما خلق الله آدم ركّب ذلك النور في صلبه، فلم نزل في شيء واحد حتى افترقنا في صلب عبد المطلب، فجزء أنا وجزء علي.

و عن ابن عباس قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا وعلي من شجرة واحدة والناس من أشجار شتى.

و عنهرضي‌الله‌عنه قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : خلق الله الأنبياء من أشجار شتى وخلقني وعلياً من شجرة واحدة، فأنا أصلها وعلي فرعها

٩٦

والحسن والحسين أثمارها، وأشياعنا أوراقها، فمن تعلق بها نجى ومن زاغ عنها هوى.

عن أبي ذررضي‌الله‌عنه قال: إني سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: إن الله تعالى أيّد هذا الدين بعلي، وإنه مني وأنا منه وفيه أنزل( أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ ) الآية.

عن عليعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : خلقت أنا وعلي من نور واحد »(١) .

ترجمته:

وقد ترجم للهمداني بكلّ إطراء وتبجيل في:

١ - ( خلاصة المناقب ) للبدخشاني.

٢ - ( نفحات الْأُنس ) لعبد الرحمن الجامي.

٣ - ( كتائب أعلام الأخيار ) للكفوي.

٤ - ( جامع السلاسل ) للبدخشاني.

٥ - ( توضيح الدلائل ) لشهاب الدين أحمد.

٦ - ( الفواتح ) للميبدي.

٧ - ( السمط المجيد ) للقشاشي.

٨ - ( الانتباه ) لولي الله والد ( الدهلوي ).

و روى هذا الحديث عن سلمان في كتابه ( روضة الفردوس ) حيث قال:

« الباب الثالث عشر: ما روي عن سلمان قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : خلقت أنا وعلي من نور واحد قبل أن يخلق الله آدم بأربعة آلاف عام، فلمّا خلق الله آدم ركّب ذلك النور في صلبه، فلم نزل في شيء واحد حتى افترقنا في صلب عبد المطلب. ففيّ النبوة وفي علي الخلافة ».

____________________

(١). مودة القربى - المودة الثامنة.

٩٧

و فيه: « وعنه قال قالعليه‌السلام : كنت أنا وعلي بين يدي الله نوراً مطيعاً يسبح الله ذلك النور ويقدسه »(١) .

كلمة الهمداني في روضة الفردوس:

وقد بيّن الهمداني قيمة مؤلَّفه ( روضة الفردوس ) بقوله في خطبته:

« لمـّا طالعت كتاب الفردوس، من مصنفات الشيخ الامام العلامة قدوة المحققين وحجة المحدثين شجاع الملة والدين ناصر السنة أبي المحامد شيرويه ابن شهردار الديلمي الهمداني، أفاض الله على روحه سجال الرحمة، وجدته بحراً من بحور الفرائد وكنزاً من كنوز اللطائف، مشحوناً بحقائق الألفاظ النبوية، ومخزوناً في حدائق فصوله دقائق الآثار المصطفوية، ومع كثرة فوائده وشمول موائده كاد أن تنطفئ أنواره وتندرس آثاره، لما فيه من التطويل والزيادات فدعتني بواعث خواطري إلى استخراج لبابه واستحضار أبوابه، تسهيلاً لضبط الألفاظ وتيسيراً لدرك الحفاظ، فاستخرجت من قعر تلك البحور أشرف جواهرها، وجنيت من أغصان رياضها أنفس زواهرها، وسمّيت كتابي ( روضة الفردوس ) مبوبة على عشرين باباً، كل باب منها ينفرد برواية صحابي لا غير ».

ورواه أيضاً في كتابه ( مشارب الأذواق في شرح ميمية ابن الفارض ) بشرح ( قوله ):

لها البدر كاس وهي شمس تديرها

هلال وكم يبدو إذا مزجت بنجم

وقد علّق عليه وأيّده بالأحاديث الْأُخرى.

____________________

(١). روضة الفردوس - مخطوط.

٩٨

٢٩ رواية الجلال الخجندي

لقد قال الشهاب أحمد في معنى حديث ( أنا منه وهو مني ) ما نصّه:

« قال العلّامة مطلع الكشف والكرامة جلال الدين أحمد الخجندي ...: يجوز أن يكون المراد بقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبارك وسلّم: أنا منه وهو مني: ما قيل أنه ورد في الحديث: أنا وعلي من نور واحد، أي: كلّ منا مما منه الآخر »(١) .

ترجمته:

وقد أكثر شهاب الدين أحمد من الاعتماد على الخجندي، مما يدل على عظمة الرجل وجلالته، وهو تارة يعبّر عنه بما مر، وأخرى بـ « الشيخ الامام العارف العلامة منبع الكشف والعرفان والكرامة، جامع علمي المعقول والمنقول، المشهود له بالصديقية العظمى من أهل اليقين والوصول، جلال الملة والشريعة والصدق والطريقة والحق والحقيقة والدين أحمد الخجندي، شيخ الحرم الشريف النبوي المحمدي قدس روحه، في بعض مصنفاته: اعلم أنه قد ورد في بعض الآثار الصديق الأكبر هو أبو بكر رضي الله تعالى عنه، وقد ورد في بعض الآثار إطلاق الصديق الأكبر على المرتضى رضي الله تعالى عنه وكرم وجهه، وما ورد اطلاق الصديق الأكبر على غيرهما ».

وثالثة بقوله: « قال الشيخ العارف أسوة ذوي بالمعارف جلال الدين أحمد الخجندي قدس الله سره - بعد رواية عائشة ومعاوية وأبي ذر رضي الله عنهم كما سبق -: وهذه الآثار عاضدة حديث الطير، إذ لا يكون أحد أحب إلى رسول

____________________

(١). توضيح الدلائل - مخطوط.

٩٩

الله صلى ‌الله ‌عليه‌ و آله وبارك وسلّم إلّا أن يكون ذلك أحب إلى الله عز وجل ».

ورابعة بقوله: « قال الشيخ المرضي والامام الرضي جلال الدين الخجندي رحمه الله تعالى : وقد ثبت أنه صلى‌ الله‌ عليه ‌و آله وبارك وسلّم أمر بسد الأبواب الشارعة إلى المسجد إلّا باب علي ».

وخامسة بقوله: « قال الشيخ الامام الفائق العالم بالشرائع والطرائق والحقائق جلال الملة والدين أحمد الخجندي ثم المدني روح الله روحه وأناله كل مقام سني: قد نشأ - يعني علياً كرم الله تعالى وجهه - وربي في حجر النبي صلّى الله عليه وعلى آله وبارك وسلّم من الصغر ».

(٣٠ )

رواية السيد شهاب الدين أحمد

لقد روى هذا الحديث عن الصالحاني، بسنده عن محمّد بن علي بن الحسين عن أبيه عن جدّه عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثم روى حديث ( الشجرة ) عن جابر عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهذا نص روايته:

« عن محمد بن علي بن الحسين، عن أبيه عن جدّه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وبارك وسلّم: كنت أنا وعلي نوراً بين يدي الله تعالى من قبل أن يخلق الله سبحانه آدم بأربعة عشر ألف عام، فلمّا خلق الله تعالى آدم سلك ذلك النّور في صلبه، فلم يزل الله تعالى ينقله من صلب إلى صلب حق أقرّه في صلب عبد المطلب، فقسّمه قسمين قسما في صلب عبد الله وقسماً في صلب أبي طالب. فعلي مني وأنا منه لحمه لحمي ودمه دمي، ومن أحبه فبحبي أحبه ومن

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383