نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٦

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار13%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 423

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 423 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 188615 / تحميل: 7243
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٦

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

تواتر حديث الغدير

١٠١

١٠٢

هذا، ولبلوغ طرق حديث الغدير حدّ التواتر القطعي، الذي قلّ أن يتحقّق مثله لحديثٍ عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - لم يجد أكابر محققي أهل السنّة بدّاً من الاعتراف بتواتره، مصرّحين باعتقادهم الجازم بذلك وقطعهم بصدوره عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وإليك ذلك بالتفصيل:

ذكر من نص على ذلك

١. الحافظ الذهبي

وتوجد ترجمته في كثير من المعاجم مثل: ( طبقات الأسنوي ١ / ٥٥٨ ) و ( فوات الوفيات ٢ / ٣٧٠ )، وقد عبّر عنه ابن الوزير الصنعاني في ( الروض الباسم ) بـ « شيخ الاسلام » ورثاه تلميذه الشيخ تاج الدين عبد الوهاب بقصيدةٍ بليغة مفصلة، وقال السبط ابن العجمي في مقدمة ( الكشف الحثيث ) الذي انتخبه من ( الميزان ) في وصفه: « حافظ جهبذ ومؤرخ الإسلام وشيخ جماعة من الشيوخ » كما عبّر عنه ( الدهلوي ) بـ « إمام أهل الحديث »(١) * فقد قال الحافظ ابن كثير ما نصّه:

___________________

(١). وتوجد ترجمته في: الوافي بالوفيات ٢ / ١٦٣، وطبقات القراء ٢ / ٧١، وطبقات الشافعية للسبكي ٥ / ٢١٦، والنجوم الزاهرة ١٠ / ١٨٢، وغيرها.

١٠٣

« فأما الحديث الذي رواه ضمرة، عن أبي شوذب، عن مطر الورّاق، عن شهر بن حوشب، عن أبي هريرة، قال: لمّا أخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيد علي قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، فأنزل الله عزّ وجلّ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) (١) . قال أبو هريرة: وهو يوم غدير خم، من صام يوم ثماني عشر من ذي الحجة كتب له صيام ستين شهراً.

فإنه حديث منكر جداً بل كذب، لمخالفته ما ثبت في الصحيحين عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب: أن هذه الآية نزلت في يوم الجمعة يوم عرفة ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - واقف بها كما قدمنا. وكذا قوله: إن صيام يوم الثامن عشر من ذي الحجة وهو يوم غدير خم يعدل صيام ستين شهراً، لا يصح، لأنه قد ثبت ما معناه في الصحيح: أن شهر رمضان بعشر أشهر، فكيف يكون صيام يوم واحد يعادل ستين شهراً؟ هذا باطل.

وقد قال شيخنا الحافظ أبو عبد الله الذهبي - بعد إيراد هذا الحديث -: هذا حديث منكر جدّاً، ورواه خيشون الخلّال وأحمد بن عبد الله بن أحمد الدّيري - وهما صدوقان - عن علي بن سعيد الرّملي، عن ضمرة، قال: ويروى هذا الحديث من حديث عمر بن الخطاب ومالك بن الحويرث وأنس بن مالك وأبي سعيد وغيرهم بأسانيد واهية.

قال: وصدر الحديث متواتر أتيقّن أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - قاله وأما: اللهمَّ وال من والاه، فزيادة قوية الإِسناد. وأما هذا الصوم فليس بصحيح، وو الله نزلت الآية يوم عرفة قبل غدير خم بأيام، والله أعلم »(٢) .

٢. الحافظ ابن الجزري

« أخبرنا أبو حفص عمر بن الحسن المراغي فيما شافهني به، عن أبي الفتح

___________________

(١). سورة المائدة: ٣.

(٢). التاريخ لابن كثير ٥ / ٢١٣ - ٢١٤.

١٠٤

يوسف بن يعقوب الشيباني، أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي، أخبرنا أبو منصور القزاز، أخبرنا الامام أبو بكر ابن ثابت الحافظ، أخبرنا محمد بن عمر بن بكير أبو عمر الأخباري، حدثنا أبو جعفر أحمد بن محمد الضبعي، حدثنا الأشج، حدثنا العلاء بن سالم، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: سمعت علياً - رضي‌الله‌عنه - بالرحبة ينشد الناس: من سمع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه؟ فقام اثنا عشر بدريا فشهدوا أنّهم سمعوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - يقول ذلك.

هذا حديث حسن من هذا الوجه، صحيح عن وجوه كثيرة، متواتر عن أمير المؤمنين علي -رضي‌الله‌عنه - وهو متواتر أيضاً عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

رواه الجم الغفير عن الجم الغفير، ولا عبرة بمن حاول تضعيفه ممّن لا اطلاع له في هذا العلم.

فقد ورد مرفوعاً عن: أبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وطلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، وسعد بن أبي وقّاص، وعبد الرحمن بن عوف والعباس بن عبد المطلب، وزيد بن أرقم، والبراء بن عازب، وبريدة بن الحصيب، وأبي هريرة، وأبي سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله، وعبد الله بن عباس، وحبشي بن جنادة، وعبد الله بن مسعود، وعمران بن حصين، وعبد الله ابن عمر، وعمار بن ياسر، وأبي ذر الغفاري، وسلمان الفارسي، وسعد بن زرارة، وخزيمة بن ثابت، وأبي أيّوب الأنصاري، وسهل بن حنيف، وحذيفة بن اليمان، وسمرة بن جندب، وزيد بن ثابت، وأنس بن مالك وغيرهم من الصحابة، رضوان الله عليهم.

وصحّ عن جماعة ممن يحصل القطع بخبرهم. وثبت أيضاً أن هذا القول كان منهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - يوم غدير خم »(١) .

___________________

(١). أسنى المطالب في مناقب علي بن أبي طالب: ٣ - ٤.

١٠٥

ترجمة ابن الجزري

وقد ترجم الحافظ السيوطي لابن الجزري بقوله: « ابن الجزري الحافظ المقري شيخ الاقراء في زمانه شمس الدين أبو الخير محمد بن محمد الدمشقي الشافعي، ولد سنة أحدى وخمسين وسبعمائة وسمع من أصحاب الفخر ابن البخاري وبرع في القراءات، ودخل الروم فاتصل بملكها [ أبي ] يزيد بن عثمان، فأكرمه وانتفع به أهل الروم، فلمّا دخل تيمور لنك إلى الروم وقتل ملكها، اتصل ابن الجزري بتيمور ودخل [ معه ] بلاد العجم، وولّي قضاء شيراز وانتفع به أهلها في القراءات والحديث، وكان إماماً في القراءات لا نظير له في عصره في الدنيا، حافظاً للحديث، وغيره أتقن منه، ولم يكن له في الفقه معرفة.

ألف: النشر في القراءات العشر، لم يصنف مثله، وله أشياء أخر وتخاريج في الحديث وعمل [ وقد ] وصفه ابن حجر بالحفظ في مواضع عديدة من الدرر الكامنة، مات سنة ٨٣٣ »(١) .

وفي ( مفتاح كنز دراية المجموع ) بعد رواية كتاب عقود اللآلي في الأحاديث المسلسلة والعوالي عن مؤلفه ابن الجزري ما نصه:

« إعلام - قال العلامة أبو القاسم عمر بن فهد في معجم شيوخ والده الحافظ تقي الدين ابن فهد: هو الامام العلامة أستاذ القراء أبو الخير قاضي القضاة شمس الدين كان والده تاجراً وبقي مدة من العمر لم يرزق ولداً، فلما حج شرب ماء زمزم وسأل الله أن يرزقه ولداً عالماً، فولد له شيخنا هذا بعد صلاة التراويح، من ليلة السبت الخامس والعشرين من رمضان سنة إحدى وخمسين وسبعمائة بدمشق، ونشأ بها وتفقه بها على العماد ابن كثير، ولع بطلب الحديث والقراءات فسمع من ابن الرميلة الصلاح ابن أبي عمرو وابن كثير في

___________________

(١). طبقات الحفاظ ٥٤٣ - ٥٤٤.

١٠٦

آخرين وله المؤلفات العديدة الجامعة المفيدة، من عيونها: النشر في القراءات العشر وأسنى المطالب في مناقب علي بن أبي طالب ».

وممن ترجم له هو ( الدهلوي ) نفسه، فقد ترجم له وأثنى عليه في ( بستان المحدثين ) الذي انتحله من ( مفتاح كنز الدراية )، فعبارته عين العبارات المتقدمة، فلا حاجة الى تكرارها(١) .

إعتماد العلماء عليه

ومما يدل على جلالة الحافظ ابن الجزري ووثاقته: إعتماد كبار علمائهم على كتبه، ونقلهم لأقواله وآرائه مذعنين بها، فمن ذلك: نقل السيوطي في كتابه ( حسن المقصد بعمل المولد ) عن « التعريف بالمولد الشريف » لابن الجزري، معبّراً عنه بـ « إمام القراء الحافظ ». وأيضاً: نقله في ( ميزان المعدلة في شأن البسملة ) عن كتاب ( النشر ) لابن الجزري معبّرا عنه بـ « أستاذ القراء الامام ».

كما قال السيوطي في كتاب ( الإتقان في علوم القرآن ) في تقسيم القراءات: « وأحسن من تكلم في هذا النوع: إمام القرّاء في زمانه، شيخ شيوخنا، أبو الخير ابن الجزري » ثم قال: بعد كلام له -: « قلت: أتقن الامام ابن الجزري هذا الفصل جداً »(٢) .

بل إنّ جماعة من كبار علمائهم، كابن حجر المكي والبرزنجي والسهارنفوري وغيرهم اعتمدوا على روايته لحديث الغدير وهم بصدد ردّه معبرين عنه بـ « الحافظ ».

كما تمسك ( الدهلوي ) في رد حديث « أنا مدينة العلم » بحكم ابن الجزري

___________________

(١). وتوجد ترجمة ابن الجزري في الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل ٢ / ١٠٩ والبدر الطالع ٢ / ٢٥٧ والضوء اللامع ٩ / ٢٥٥ وطبقات الداودي ٢ / ٥٩ وشذرات الذهب ٧ / ٤٠٢ وطبقات القراء ٢ / ٢٤٧.

(٢). الاتقان في علوم القرآن ١ / ٧٧.

١٠٧

بوضعه - حسب زعم الدهلوي -.

روايتهم لكتبه

ولقد اعتنى علماؤهم بمؤلفات الحافظ ابن الجزري فرووها بأسانيدهم، ويتجلى ذلك بمراجعة رسالة ( أصول الحديث ) و ( كفاية المتطلع ) و ( حصر الشارد ) وغيرها وقد عبروا عنه في أسانيدهم وطرقهم بـ « الحافظ ».

وقال الكاتب الجلبي - حيث ذكر الحصن الحصين لابن الجزري -: « وهو من الكتب الجامعة للأدعية والأوراد والأذكار الواردة في الأحاديث والآثار، ذكر فيه أنه أخرجه من الأحاديث الصحيحة، وأبرزه عدة عند كل شدّة. ولما أكمل ترتيبه طلبه عدوّه وهو تيمور، فهرب منه مختفياً تحصن بهذا الحصن، فرأى سيد المرسلينصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - جالساً على يمينه وكأنّه - عليه الصلاة والسلام - يقول له: ما تريد؟ فقال: يا رسول الله! أدع لي وللمسلمين، فرفع يديه ثم مسح بهما وجهه الكريم، وكان ذلك ليلة الخميس فهرب العدو ليلة الأحد، وفرّج الله سبحانه وتعالى عنه وعن المسلمين، ببركة ما في هذا الكتاب »(١) .

٣. الحافظ السيوطي

* الذي بالغ الشعراني في ( لواقح الانوار ) في تعظيمه، ووصفه المناوي بـ « الحافظ الكبير والامام الشهير » والعزيزي بـ « الإِمام العلامة مجتهد عصره وشيخ الحديث » والشامي صاحب السيرة بـ « شيخنا حافظ الاسلام بقية المجتهدين الأعلام »، وهو ممن يفتخر شاه ولي الله باتصال أسانيده إليه، وبذلك يتباهى ( الدهلوي ) أيضاً ويثني عليه في رسالة ( أصول الحديث ) * فإنّه قال ما هذا لفظه:

« حديث « من كنت مولاه فعلي مولاه » أخرجه الترمذي عن زيد بن أرقم،

___________________

(١). كشف الظنون ١ / ٦٦٩.

١٠٨

وأحمد عن علي وأبي أيوب الأنصاري، والبزّار عن أبي هريرة وطلحة وعمارة وابن عباس وبريدة، والطبراني عن ابن عمر ومالك بن الحويرث وحبشي بن جنادة وحوشب وسعد بن أبي وقّاص وأبي سعيد الخدري وأنس، وأبو نعيم عن خديج الأنصاري.

وأخرجه ابن عساكر عن عمر بن عبد العزيز، قال: حدثني عدة أنهم سمعوا رسول الله يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه.

واخرج ابن عقدة في « كتاب الموالاة » عن ابن حبيش، قال: قال علي: من هاهنا من أصحاب محمد؟ فقام اثنا عشر رجلاً منهم قيس بن ثابت وحبيب بن بديل بن ورقاء، فشهدوا أنهم سمعوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - يقول: من كنت مولاه فعليّ مولاه.

وأخرجه أيضاً عن يعلى بن مرة قال: لما قدم علي الكوفة، نشد الناس: من سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه؟ فانتدب بضعة عشر رجلاً، منهم يزيد أو زيد بن شرحبيل الأنصاري »(١) .

أقول: واقتصار الحافظ السيوطي في كتابه هذا، على الاحاديث المتواترة والتزامه بعدم إيراد غيرها فيه، ظاهر من اسمه، ولا بأس بنقل خطبة الكتاب لمزيد الوضوح: « وبعد، فإنّي جمعت كتاباً سميته ( الفوائد المتكاثرة في الأخبار المتواترة )، أوردنا فيه ما رواه من الصحابة عشرة فصاعداً مستوعباً طرق كل حديث وألفاظه، فجاء كتاباً حافلاً لم أسبق إلى مثله، إلّا أنه لكثرة ما فيه من الأسانيد إنما يرغب فيه من له عناية بعلم الحديث، واهتمام عال، وقليل ما هم. فرأيت تجريد مقاصده في هذه الكراسة ليعم نفعه، بأن أذكر الحديث وعدة من الصحابة مقرونا بالعزو إلى من خرّجه من الأئمة المشهورين، وفي ذلك مقنع للمستفيدين، وسميته: الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة ».

___________________

(١). الأزهار المتناثرة: ١.

١٠٩

أقول: فالحافظ السيوطي قد حكم بتواتر هذا الحديث وأدرجه في اثنين من مؤلفاته أعدهما لهذا الموضوع، وهما: ( الفوائد المتكاثرة في الأخبار المتواترة ) و ( الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة )، وسيأتي حكمه بذلك في كتاب ثالث له وهو: ( قطف الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة ).

ذكر كتب السيوطي في الأحاديث المتواترة

هذا، ولا ريب في ثبوت هذه الكتب للحافظ السيوطي، وهي من مؤلفاته المشهورة، وقد أورد الكتابين المذكورين في كشف الظنون، حيث قال: « الفوائد المتكاثرة في الأخبار المتواترة للسيوطي، وهو كتاب أورد فيه ما رواه من الصحابة عشرة فصاعداً مستوعباً فيه، فجاء كتاباً حافلاً، ثمّ جرّد مقاصده وسماه: الأزهار المتناثرة »(١) .

وقال: « الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة، رسالة للسيوطي المذكور، جرّدها من كتابه المسمّى بالفوائد المتكاثرة »(٢) .

كما ذكره السيوطي الكتاب الثاني في قائمة مؤلفاته، وقد علمت تصريحه في خطبته بأنه مختصر من الفوائد المتكاثرة.

وأما كتابه الثالث، فقد ذكره العلامة المتقي، وسيأتي نص كلامه قريباً.

نقل حكمه بتواتر الحديث

وقد نقل حكم الحافظ السيوطي بتواتر حديث الغدير بعض العلماء مرتضين له، منهم:

العلامة المناوي * وستأتي ترجمته * حيث قال بشرح الحديث: « قال:

___________________

(١). كشف الظنون ٢ / ١٣٠١.

(٢). المصدر نفسه ١ / ٧٣.

١١٠

حديث متواتر »(١) .

والعلامة العزيزي، حيث قال بشرحه كذلك: « قال المؤلف: حديث متواتر »(٢) .

٤. الشيخ علي المتقي

* توجد ترجمته في ( أخبار الأخيار ) لعبد الحق الدهلوي، وقد جاء فيه: « قال الشيخ أبو الحسن البكري: للسيوطي منّة على العالمين وللمتقي منّة عليه ».

وفي ( سبحة المرجان في تراجم علماء هندوستان ) بترجمته: « وكان الشيخ ابن حجر المكي أستاذ المتقي، وقد صار أخيراً تلميذه ». وتوجد ترجمته أيضاً في: ( النور السافر في أخبار القرن العاشر / ٣١٥ ) و ( لواقح الأنوار في طبقات الأخيار، للشعراني ) و ( شذرات الذهب ٨ / ٣٧٩ ) وغيرها * إذ أورد حديث الغدير مع حديث المنزلة في كتاب ( مختصر قطف الأزهار )، وقد قال في خطبة هذا الكتاب:

« هذه أحاديث متواترة نحو اثنين وثمانين حديثاً التي جمعها العلامة السيوطي - رحمة الله تعالى عليه - وسمّاها ( قطف الأزهار المتناثرة ) وذكر فيها رواتها من الصحابة عشرة فصاعداً، لكني حذفت الرواة وذكرت متن الأحاديث ليسهل حفظها ».

٥. الميرزا مخدوم

* صاحب كتاب النواقض على الروافض، وهو حفيد الشريف الجرجاني وقد ذكره البرزنجي في نواقض الروافض واصفاً إيّاه بـ « السيد العلامة القاضي بالحرمين المحترمين معين الدين أشرف، الشهير بميرزا مخدوم الحسيني الحسني حفيد السيد السند المحقق العلامة نور الدين علي الجرجاني شارح المواقف وغيرها

___________________

(١). التيسير في شرح الجامع الصغير ٢ / ٤٤٢.

(٢). السراج المنير في شرح الجامع الصغير ٣ / ٣٦٠.

١١١

- صاحب المؤلفات العديدة والتحقيقات المفيدة » وذكر كتابه ( النواقض ) في ( كشف الظنون ) واعتمد عليه: رشيد الدين الدهلوي، وحيدر علي الفيض آبادي، والسهارنبوري، في ردودهم على الامامية * فانه قال في كتابه المذكور الذي تفوح منه رائحة التعصب الشديد. ما نصه:

« ومن هفواتهم القول بوجوب عصمة الأنبياء والأئمة، بمعنى أنه يجب على الله تعالى حفظهم من جميع الصغائر والكبائر وخلاف المروءة عمداً وسهواً وخطاً، من المهد إلى اللحد، مع أنّ القرآن وكتب الأحاديث والتواريخ مشحونة بخلاف ذلك

أفلا تنظرون إلى هذه الجماعة التي تأوّل أمثال هذه النصوص الجلية بما لا يقبله عقل عاقل، بل لا يحسّنه طبع جاهل؟! ومع ذلك يشنّعون علينا تجويزنا عدم دلالة حديث الغدير على نفي خلافة أبي بكر وثبوت خلافة علي بلا فصل، بل يقولون: إنه نص جلي منكره كافر، فإنْ تسألني عن حديث الغدير المتواتر أذكر لك الملخص الذي ذكره مفيدهم »(١) .

ألا تراه بينما يطعن في الاعتقاد بعصمة الأنبياء والأئمةعليهم‌السلام يعترف بتواتر حديث الغدير ولقد أجاد صاحب ( مصائب النواصب في الرد على النواقض على الروافض ) حيث قال في جوابه: « وأما رابعاً: فلأن قوله: فإنْ تسألني عن حديث الغدير أذكر لك متضمن الاعتراف بنقيض ما هو بصدده من تضييع الحق وترويج المحال، حيث أجرى الله تعالى على لسان قلمه ما هو الحق، فوصف حديث الغدير بالتواتر من غير أن يكون سياق كلامه مقتضياً لذكر هذا الوصف بوجه من الوجوه »(٢) .

___________________

(١). النواقض على الروافض - مخطوط.

(٢). مصائب النواصب للسيد التستري.

١١٢

٦. جمال الدين المحدث

* وهو من مشايخ إجازة ( الدهلوي ) ووالده. وفي ( المرقاة في شرح المشكاة ): إن « المحدث » من المشايخ الكبار. ولقد اعتمد المؤرخون والمحدثون على سيرته ( روضة الأحباب ) معتبرين إيّاه من التواريخ المعتبرة * فإنّه قال: « الحديث الثالث عشر من جعفر بن محمد، عن آبائه الكرامعليهم‌السلام أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - لما كان بغدير خم، نادى الناس فاجتمعوا، فأخذ بيد علي وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، وأدر الحق معه حيث دار. وفي رواية: اللهمَّ أعنه وأعن به وارحمه وارحم به وانصره وانصر به.

فشاع ذلك وطار في البلاد، فبلغ ذلك الحارث بن النعمان الفهري، فأتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - على ناقة له، فنزل بالأبطح عن ناقته وأناخها، فقال: يا محمد! أمرتنا أن نشهد أن لا إله إلّا الله، وأنك رسول الله فقبلناه منك، وأمرتنا أن نصلّي خمساً فقبلناه منك، وأمرتنا بالزكاة فقبلناه منك وأمرتنا أن نصوم فقبلناه منك، ثم أمرتنا بالحج فقبلناه منك، ثم لم ترض بهذا حتى رفعت بضبعي ابن عمك تفضله علينا وقلت: من كنت مولاه فعلي مولاه، فهذا شيء منك أم من الله عز وجلّ؟ فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : والذي لا إله إلّا الله إنّ هذا من الله.

فولّى الحارث بن النعمان وهو يريد راحلته وهو يقول: اللهم إنْ كان ما يقوله محمد حقاً فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم، فما وصل الى راحلته حتى رماه الله عز وجلّ بحجر، فسقط على هامته وخرج من دبره فقتله، وأنزل الله عز وجلّ:( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ ) .

أقول: أصل هذا الحديث سوى قصة الحارث، تواتر عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وهو متواتر عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - أيضاً رواه جمع كثير وجم

١١٣

غفير من الصحابة »(١) .

٧. الملّا علي القاري

* توجد ترجمته في ( خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر ٣ / ١٨٥ ) وغيره، وقد اثنوا عليه واعتمدوا على تصانيفه لا سيّما ( المرقاة في شرح المشكاة ) * قال بشرح قول صاحب المشكاة: « وعن زيد بن أرقم: أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، رواه أحمد والترمذي ». قال: « وفي الجامع: رواه أحمد وابن ماجة عن البراء، وأحمد بن بريدة، والترمذي والنسائي والضياء عن زيد بن أرقم، ففي إسناد المصنف الحديث عن زيد بن أرقم إلى أحمد والترمذي مسامحة لا تخفى.

وفي رواية لأحمد والنسائي والحاكم عن بريدة، بلفظ: من كنت وليّه فعلي وليّه.

وروى المحاملي في أماليه عن ابن عباس ولفظه: علي بن أبي طالب مولى من كنت مولاه.

والحاصل: إنّ هذا حديث صحيح لا مرية فيه، بل بعض الحفّاظ عدّه متواتراً، إذْ في رواية لأحمد: أنه سمعه من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - ثلاثون صحابياً، وشهدوا به لعلي لما نوزع أيام خلافته. وسيأتي زيادة تحقيق في الفصل الثالث عند حديث البراء »(٢) .

٨. ضياء الدين المقبلي

* المترجم له في ( البدر الطالع ١ / ٢٨٨ ) و ( التاج المكلّل: ٣٧٦ ) وغيرهما، ووصفه الشيخ محمد بن إسماعيل الأمير في ذيل الأبحاث المسددة بقوله: فإنّ

___________________

(١). الأربعين - مخطوط.

(٢). المرقاة في شرح المشكاة ٥ / ٥٦٨.

١١٤

الأبحاث المسددة في الفنون المتعددة، تأليف العلامة التقي صالح بن مهدي - رحم الله مثواه وبلّ بوابل رحمته ثراه - قد رزقت القبول، وهي به حقيقة، وكاد أن لا يخلو عنها بيت عالم، لما اشتملت عليه من فوائد أنيقة، إلّا أنّها تدقُّ عبارته عن الايضاح وتكثر إشارته إلى مسائل طال فيها اللجاج والكفاح، فرأيت إيضاح معانيها وشرح المشار إليه في غصون مبانيها، بذيل سميته ( ذيل الابحاث المسدّدة وحل مسائلها المعقّدة ) كما عدّه السندي في ( حصر الشارد ) والشوكاني في ( اتحاف الاكابر ) من الكتب المعتبرة، وذكرا طريقهما إلى مؤلفه في رواية الكتاب * فإنّه قال في ذكر الأحاديث النبوية الواردة في فضل أهل البيت عليهم الصلاة والسلام: « ومن شواهد ذلك ما ورد في حق علي - كرم الله وجهه في الجنة - وهو على حدته متواتر معنى، ومن أوضحه معنى وأشهره روايةحديث: من كنت مولاه فعلي مولاه، وفي بعض رواياته زيادة: اللهمَّ وال من والاه وعاد من عاداه. وفي بعض زيادة: وانصر من نصره واخذل من خذله.

وطرقه كثيرة جداً، ولذا ذهب بعضهم إلى أنه متواتر لفظاً فضلاً عن المعنى، وعزاه السيوطي في الجامع الكبير الى أحمد بن حنبل والحاكم وابن أبي شيبة والطبراني وابن ماجة والترمذي والنسائي وابن أبي عاصم والشيرازي وأبي نعيم وابن عقدة وابن حبان، بعضهم من رواية صحابي، وبعضهم من رواية اثنين، وبعضهم من رواية أكثر من ذلك.

وذلك من حديث: ابن عباس، وبريدة بن الحصيب، والبراء بن عازب، وجرير البجلي، وجندب الانصاري، وحبشي بن الجنادة، وأبي الطفيل، وزيد بن أرقم، وزيد بن ثابت، وحذيفة بن أسيد الغفاري، وأبي أيوب الأنصاري، وزيد ابن شراحيل الانصاري، وعلي بن أبي طالب، وابن عمر، وأبي هريرة، وطلحة، وأنس بن مالك، وعمرو بن مرة. وفي بعض روايات أحمد: عن علي وثلاثة عشر رجلاً، وفي رواية له وللضياء المقدسي، عن أبي أيوب وجمع من الصحابة. و في رواية لابن أبي شيبة وفيها: اللهمَّ وال من والاه الخ، عن أبي هريرة واثني

١١٥

عشر من الصحابة. وفي رواية أحمد والطبراني والمقدسي: عن علي وزيد ابن أرقم وثلاثين رجلاً من الصحابة.

نعم، فإنْ كان مثل هذا معلوماً وإلّا فما في الدنيا معلوم »(١) .

٩. محمد بن إسماعيل الأمير

* وهو من شيوخ القاضي الشوكاني كما في ( اتحاف الأكابر ) وقد ترجم له وأثنى عليه في ( البدر الطالع ٢ / ١٣٣ ) * قال: « وحديث الغدير متواتر عند أكثر أئمة الحديث، قال الحافظ الذهبي في تذكرة الحفاظ في ترجمة من كنت مولاه: ألّف محمد بن جرير فيه كتاباً - قال الذهبي: - وقفت عليه فاندهشت لكثرة طرقه. إنتهى.

وقال الذهبي في ترجمة الحاكم أبي عبد الله بن البيّع: فأما حديث من كنت مولاه فعلي مولاه فله طرق جيّدة أفردتها بمصنّف.

قلت: عدّه الشيخ المجتهد نزيل حرم الله ضياء الدين صالح بن مهدي المقبلي في الأحاديث المتواترة التي جمعها في أبحاث عن لفظ: من كنت مولاه فعلي مولاه، وهو من أئمة العلم والتقوى والانصاف.

ومع إنصاف الأئمة بتواتره فلا نميل بإيراد طرقه بل نتبرك ببعض منها »(٢) .

١٠. محمد صدر العالم

* وهو من أكابر علماء الهند ترجم له وأثنى عليه اللكنهوي في ( نزهة الخواطر ٦ / ١١٣ ) * قال: « ثم اعلم أن حديث الموالاة متواتر عند السيوطي -رحمه‌الله - كما ذكره في قطف الأزهار، فأردت أن أسوق طرقه ليتضح التواترْ، فأقول:

___________________

(١). الأبحاث المسددة في الفنون المتعددة: ١٢٢ في ذكر الأحاديث النبوية.

(٢). الروضة الندية - شرح التحفة العلوية: ٦٧.

١١٦

أخرج أحمد والحاكم عن ابن عباس، وابن أبي شيبة وأحمد عنه عن بريدة، وأحمد وابن ماجة عن البراء، والطبراني عن جرير، وأبو نعيم عن جندب الأنصاري، وابن قانع عن حبشي بن جنادة، والترمذي - وقال: حسن غريب - والنسائي والطبراني والضياء المقدسي عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم، وحذيفة بن أسيد الغفاري، وابن أبي شيبة والطبراني، عن أبي أيوب، وابن أبي شيبة وابن أبي عاصم، والضياء، عن سعد بن أبي وقاص، والشيرازي في الألقاب عن عمر، والطبراني عن مالك بن الحويرث، وأبو نعيم في فضائل الصحابة. عن يحيى بن جعدة، عن زيد بن أرقم، وابن عقدة في كتاب الموالاة عن حبيب بن بديل بن ورقاء، وقيس بن ثابت وزيد بن شراحيل الأنصاري، وأحمد عن علي وثلاثة عشر رجلاً، وابن أبي شيبة عن جابر، قالوا:

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه فعلي مولاه. إلى آخر ما أفادوا وأجادوا »(١) .

١١. باني بتي

* وهو القاضي ثناء الله باني بتي، من كبار علماء الهند ترجم له البغدادي في ( ايضاح المكنون ١ / ٣١٠ ) وغيره وتوفي سنة ١٢١٦. * قال ما هذا تعريبه: « الأول - ما رواه بريدة بن حصيب وجماعة غيره من الصحابة: أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - قال في غدير خم - وهو موضع بين مكة والمدينة -: يا أيها الناس إنّ الله مولاي وأنا مولى المؤمنين، وأنا أولى بهم من أنفسهم، فمن كنت مولاه فهذا مولاه، اللهمَّ وال من والاه وعاد من عاداه - يعني عليّاً -.

وهذا حديث صحيح بل متواتر، رواه ثلاثون صحابياً. منهم: علي بن أبي طالب وأبو أيوب وزيد بن أرقم والبراء بن عازب وعمرو بن مرة وابو هريرة وابن

___________________

(١). معارج العلى في مناقب المرتضى - مخطوط.

١١٧

عباس وعمارة بن بريدة وسعد بن أبي وقاص وابن عمر وأنس وجرير بن عبد الله البجلي ومالك بن الحويرث وأبو سعيد الخدري وطلحة وأبو الطفيل وحذيفة بن أسيد وغيرهم.

وذكره جمهور المحدثين في الصحاح والسنن والمسانيد.

وجاء في بعض الروايات: من كنت أولى الناس به من نفسه فعلي وليّه، أللهمَّ وال من والاه وعاد من عاداه.

وتمسّك به الروافض على أنه نص جلي على استخلاف علي ويزعمون أن « مولى » بمعنى « الأولى بالتصرف » فهو الإِمام، ويزيدون على ألفاظ هذا الحديث المتواتر: « وهو الخليفة من بعدي وهو وليكم بعدي » وهي زيادة موضوعة »(١) .

١٢. محمد مبين اللكهنوي

* وهو من أكابر علماء أهل السنة في بلاد الهند ترجم له في ( نزهة الخواطر ٧ / ٤٠٣ ) وأرّخ وفاته بسنة ١٢٢٥ * قال بعد ذكر بعض طرقه في فضائل الإِمامعليه‌السلام : « وأكثر الأحاديث المذكورة في هذا الباب من المتواترات، كحديث « أنت مني بمنزلة هارون من موسى » و حديث « أنا من علي وعلي مني، اللهمَّ وال من والاه وعاد من عاداه » و حديث « لاعطينّ الراية رجلاً يحب الله ورسوله » وغيرها »(٢) .

___________________

(١). السيف المسلول: ١٠٨.

(٢). وسيلة النجاة في فضائل السادات: ١٠٤.

١١٨

خلاصة البحث

وخلاصة هذا البحث الطويل هو: أن حديث الغدير حديث متواتر ثابت لدى كبار علماء أهل السنة من حفاظهم ومفسريهم وعلمائهم في الكلام والأصول متواتر عند أعاظم أساطينهم وأعيان علمائهم الفطاحل، من المتقدمين والمتأخرين.

وقد ظهر ذلك جلياً بتصريح جماعة منهم

ولنذكر هنا كلاماً للشّريف المرتضى -رحمه‌الله - نختم به هذا الفصل من البحث، قال:

« أما الدلالة على صحة الخبر فيما يطالب بها إلّا متعنّت، لظهوره وانتشاره وحصول العلم لكلّ من سمع الاخبار به، وما المطالب بتصحيح خبر الغدير والدلالة عليه، إلّا كالمطالب بتصحيح غزوات النبي الظاهرة المنشورة وأحواله المعروفة وحجّة الوداع نفسها، لأن ظهور الجميع وعموم العلم به بمنزلة واحدة.

وبعد، فان الشيعة قاطبة تنقله وتتواتر به، وأكثر رواة أصحاب الحديث ترويه بالأسانيد المتصلة وأصحاب السير ينقلونه عن أسلافهم خلفاً عن سلف، نقلاً بغير إسناد مخصوص، كما نقلوا الوقائع والحوادث الظاهرة.

وقد أورده مصنفوا الحديث في جملة الصحيح، وقد استبد هذا الخبر بما لا

١١٩

يشركه فيه سائر الاخبار، لأن الأخبار على ضربين: أحدهما: لا يعتبر في نقله الأسانيد المتصلة كالخبر عن وقعة بدر وخيبر والجمل وصفين وما جرى مجرى ذلك من الامور الظاهرة، التي يعلمها الناس قرناً بعد قرن بغير إسناد وطريق مخصوص، والضرب الآخر: يعتبر فيه إتصال الأسانيد، كأخبار الشريعة.

وقد اجتمع في خبر الغدير الطريقان مع تفريقهما في غيره من الأخبار، على أن ما اعتبر في نقله في أخبار الشريعة إتصال الاسانيد لو فتشت عن جميعه لم تجد رواته إلّا آحاداً، وخبر الغدير قد رواه بالأسانيد الكثيرة المتصلة الجمع الكثير فمزيّته ظاهرة »(١) .

___________________

(١). الشافي في الامامة: ١٣٢ ط القديم.

١٢٠

(باب)

( من طلق وفرق بين الشهود أو طلق بحضرة قوم ولم يقل)

(لهم اشهدوا)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال سألت أبا الحسنعليه‌السلام عن رجل طلق امرأته على طهر من غير جماع وأشهد اليوم رجلا ثم مكث خمسة أيام ثم أشهد آخر فقال إنما أمر أن يشهدا جميعا.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن أحمد بن أشيم قال سألته عن رجل طهرت امرأته من حيضها فقال فلانة طالق وقوم يسمعون كلامه ولم يقل لهم اشهدوا أيقع الطلاق عليها قال نعم هي شهادة أفتترك معلقة.

فإنه صريح في أنه كان معترفا بأنه محدث والطلاق ثلاثا لا أصل له في الشرع إلا أنه أمضاه رغما لأنفسهم ، وهل هذا إلا حكم أيضا في الشرع بما لا فيه وإمضاؤه لله ولرسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقد قال تعالى : «وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ ».(١)

باب من طلق وفرق بين الشهود أو طلق بحضرة قوم ولم يقل لهم اشهدوا

الحديث الأول : حسن ، وعليه الأصحاب.

الحديث الثاني : مجهول.

ويدل على الاكتفاء بسماع الشاهدين وإن لم يشهدهما ، قال في المسالك : أجمع الأصحاب على أن الإشهاد شرط في صحة الطلاق ، والمعتبر سماع الشاهدين لإنشاء الطلاق ، سواء قال لهما : اشهدا أم لا.

قوله عليه‌السلام : « أفتترك معلقة » أي لا ذات زوج ولا مطلقة لأنها مطلقة في الواقع ، وهذا الكلام سبب لعدم رغبة الأزواج فيها.

__________________

(١) سورة المائدة الآية ـ ٤٤.

١٢١

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال سألت أبا الحسنعليه‌السلام عن رجل كانت له امرأة طهرت من حيضها فجاء إلى جماعة فقال فلانة طالق يقع عليها الطلاق ولم يقل لهم اشهدوا قال نعم.

٤ ـ علي ، عن أبيه ، عن صفوان بن يحيى ، عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال سئل عن رجل طهرت امرأته من حيضها فقال فلانة طالق وقوم يسمعون كلامه ولم يقل لهم اشهدوا أيقع الطلاق عليها قال نعم هذه شهادة.

(باب)

( من أشهد على طلاق امرأتين بلفظة واحدة)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن بكير ، عن زرارة قال قلت لأبي جعفرعليه‌السلام ما تقول في رجل أحضر شاهدين عدلين وأحضر امرأتين له وهما طاهرتان من غير جماع ثم قال اشهدا أن امرأتي هاتين طالق وهما طاهرتان أيقع الطلاق قال نعم.

الحديث الثالث : حسن.

الحديث الرابع : حسن.

باب من أشهد على طلاق امرأتين بلفظة واحدة

الحديث الأول : حسن أو موثق وعليه الفتوى.

١٢٢

(باب)

( الإشهاد على الرجعة)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في الذي يراجع ولم يشهد قال يشهد أحب إلي ولا أرى بالذي صنع بأسا.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن موسى بن بكر ، عن زرارة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال يشهد رجلين إذا طلق وإذا رجع فإن جهل فغشيها فليشهد الآن على ما صنع وهي امرأته فإن كان لم يشهد حين طلق فليس طلاقه بشيء.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن زرارة ومحمد بن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال إن الطلاق لا يكون بغير شهود وإن الرجعة بغير شهود رجعة ولكن ليشهد بعد فهو أفضل.

٤ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن بعض أصحابه ، عن أبان ، عن محمد بن مسلم قال سئل أبو جعفرعليه‌السلام عن رجل طلق امرأته واحدة ثم راجعها قبل أن تنقضي عدتها ولم يشهد على رجعتها قال هي امرأته ما لم تنقض عدتها وقد كان ينبغي له أن

باب الإشهاد على الرجعة

الحديث الأول : حسن.

ويدل على عدم وجوب الإشهاد في الرجعة واستحبابه كما مر.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

وظاهره وجوب الإشهاد في الرجعة ، وعدم بطلانها بتركه ، وحمل على تأكد الاستحباب كما يدل عليه الأخبار الآتية.

الحديث الثالث : حسن.

الحديث الرابع : ضعيف على المشهور.

١٢٣

يشهد على رجعتها فإن جهل ذلك فليشهد حين علم ولا أرى بالذي صنع بأسا وإن كثيرا من الناس لو أرادوا البينة على نكاحهم اليوم لم يجدوا أحدا يثبت الشهادة على ما كان من أمرهما ولا أرى بالذي صنع بأسا وإن يشهد فهو أحسن.

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهماعليهما‌السلام قال سألته عن رجل طلق امرأته واحدة قال هو أملك برجعتها ما لم تنقض العدة قلت فإن لم يشهد على رجعتها قال فليشهد قلت فإن غفل عن ذلك قال فليشهد حين يذكر وإنما جعل الشهود لمكان الميراث.

(باب)

( أن المراجعة لا تكون إلا بالمواقعة)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي نصر ، عن عبد الكريم ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال المراجعة هي الجماع وإلا فإنما هي واحدة.

٢ ـ علي ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام في رجل يطلق امرأته له أن يراجع ـ وقال لا يطلق التطليقة الأخرى حتى يمسها.

الحديث الخامس : صحيح.

باب أن المراجعة لا تكون إلا بالمواقعة

أي المراجعة التي يحصل بعدها الطلاق كما هو مختار ابن أبي عقيل.

الحديث الأول : حسن أو موثق.

الحديث الثاني : حسن كالصحيح.

قوله عليه‌السلام : « لا يطلق » قيل : يعني إن كان غرضه من الرجعة أن يطلقها تطليقة أخرى حتى تبين منه ، فلا تتم مراجعتها ولا يصح طلاقها بعد المراجعة ، ولا يحسب

١٢٤

٣ ـ علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن أذينة ، عن بكير قال سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول إذا طلق الرجل امرأته وأشهد شاهدين عدلين في قبل عدتها فليس له أن يطلقها حتى تنقضي عدتها إلا أن يراجعها.

٤ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن صفوان ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي إبراهيمعليه‌السلام قال سألته عن رجل يطلق امرأته في طهر من غير جماع ثم يراجعها في يومه ذلك ثم يطلقها تبين منه بثلاث تطليقات في طهر واحد فقال خالف السنة قلت فليس ينبغي له إذا هو راجعها أن يطلقها إلا في طهر فقال نعم قلت حتى يجامع قال نعم.

٥ ـ حميد بن زياد ، عن ابن سماعة ، عن صفوان ، عن ابن مسكان ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي الحسنعليه‌السلام قال الرجعة الجماع وإلا فإنما هي واحدة.

من الثلاث حتى يمسها ، وإن كان غرضه من أن تكون في حبالته وله فيها حاجة ثم بدا له أن يطلقها فلا حاجة إلى المس ، ويصح طلاقها ويحسب من الثلاث ، وبهذا التأويل يتوافق الأخبار المختلفة بحسب الظاهر في هذا الباب ، وإنما جاز هذا التأويل ، لأنه كان أكثر ما يكون غرض الناس من المراجعة ، الطلاق والبينونة كما يستفاد من كثير من الأخبار ، ويشار إليه بقولهمعليهم‌السلام وإلا فإنما هي واحدة ، حتى أنه ربما صدر ذلك عن الأئمةعليهم‌السلام كما سيأتي في حديث أبي جعفرعليه‌السلام إنه قال :

إنما فعلت ذلك بها لأني لم يكن لي بها حاجة.

الحديث الثالث : حسن.

الحديث الرابع : موثق.

الحديث الخامس : موثق.

١٢٥

(باب)

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن أبي ولاد الحناط ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن امرأة ادعت على زوجها أنه طلقها تطليقة طلاق العدة طلاقا صحيحا يعني على طهر من غير جماع وأشهد لها شهودا على ذلك ثم أنكر الزوج بعد ذلك فقال إن كان إنكاره الطلاق قبل انقضاء العدة فإن إنكاره للطلاق رجعة لها وإن كان أنكر الطلاق بعد انقضاء العدة فإن على الإمام أن يفرق بينهما بعد شهادة الشهود بعد أن يستحلف أن إنكاره للطلاق بعد انقضاء العدة وهو خاطب من الخطاب.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن خالد ، عن سعد بن سعد ، عن المرزبان قال سألت أبا الحسن الرضاعليه‌السلام عن رجل قال لامرأته اعتدي فقد خليت سبيلك ثم أشهد على رجعتها بعد ذلك بأيام ثم غاب عنها قبل أن يجامعها حتى مضت لذلك أشهر بعد العدة أو أكثر فكيف تأمره قال إذا أشهد على رجعته فهي زوجته.

باب

الحديث الأول : مرسل.

ويدل على أن إنكار الطلاق رجعة ، وظاهر الأصحاب اتفاقهم عليه.

قوله عليه‌السلام ، « بعد أن يستحلف » لعل المعنى أنه إذا ادعى الزوج على الزوجة أن إنكاره للطلاق كان في أثناء العدة فيكون رجوعا ، وأنكر له الزوجة فالقول قولها لأنها منكرة ، لكن للزوج أن يستحلفها على ذلك ، فعلى هذا يقرأ يستحلف على بناء المعلوم ، وهو موافق للأصول ، ولو قرئ على بناء المجهول يمكن حمله على اليمين المردودة.

وقال في الشرائع : لو ادعت انقضاء العدة فادعى الرجعة قبل ذلك ، فالقول قول المرأة ، ولو راجعها فادعت بعد الرجعة انقضاء العدة قبل الرجعة فالقول الزوج إذ الأصل صحة الرجعة.

الحديث الثاني : حسن.

١٢٦

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي نجران ، عن عاصم بن حميد ، عن محمد بن قيس ، عن أبي جعفرعليه‌السلام أنه قال في رجل طلق امرأته وأشهد شاهدين ثم أشهد على رجعتها سرا منها واستكتم ذلك الشهود فلم تعلم المرأة بالرجعة حتى انقضت عدتها قال تخير المرأة فإن شاءت زوجها وإن شاءت غير ذلك وإن تزوجت قبل أن تعلم بالرجعة التي أشهد عليها زوجها فليس للذي طلقها عليها سبيل وزوجها الأخير أحق بها.

٤ ـ حميد بن زياد ، عن ابن سماعة ، عن غير واحد ، عن أبان ، عن زرارة ، عن أحدهماعليهما‌السلام في رجل يطلق امرأته تطليقة ثم يدعها حتى تمضي ثلاثة أشهر إلا يوما ثم يراجعها في مجلس ثم يطلقها ثم فعل ذلك في آخر الثلاثة الأشهر أيضا قال فقال إذا أدخل الرجعة اعتدت بالتطليقة الأخيرة وإذا طلق بغير رجعة لم يكن له طلاق.

الحديث الثالث : حسن.

وظاهره اشتراط علم الزوجة في تحقق الرجعة ، ولم أر به قائلا ، ويمكن حمله على ما إذا يثبت بالشهود وهو بعيد.

الحديث الرابع : كالموثق.

قوله عليه‌السلام : « اعتدت » أي معتبرة ، لا أنه يحتاج إلى العدة.

١٢٧

(باب)

( التي لا تحل لزوجها حتى تنكح زوجا غيره)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن أبي بصير قال سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن الطلاق الذي لا يحل له حتى تنكح زوجا غيره فقال أخبرك بما صنعت أنا بامرأة كانت عندي وأردت أن أطلقها فتركتها حتى إذا طمثت وطهرت طلقتها من غير جماع وأشهدت على ذلك شاهدين ثم تركتها حتى إذا كادت أن تنقضي عدتها راجعتها ودخلت بها وتركتها حتى إذا طمثت وطهرت ثم طلقتها على طهر من غير جماع بشاهدين ثم تركتها حتى إذا كان قبل أن تنقضي عدتها راجعتها ودخلت بها حتى إذا طمثت وطهرت طلقتها على طهر بغير جماع بشهود وإنما فعلت ذلك بها إنه لم يكن لي بها حاجة.

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن أبي نصر وحميد بن زياد ، عن ابن سماعة ، عن جعفر بن سماعة وعلي بن خالد ، عن عبد الكريم ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قلت له المرأة التي لا تحل لزوجها «حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ » قال هي التي تطلق ثم تراجع ثم تطلق ثم تراجع ثم تطلق فهي التي لا تحل له «حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ » وقال الرجعة بالجماع وإلا فإنما هي واحدة.

٣ ـ محمد بن جعفر الرزاز ، عن أيوب بن نوح وأبو علي الأشعري ، عن محمد بن

باب التي لا تحل لزوجها حتى تنكح زوجا غيره

الحديث الأول : حسن.

الحديث الثاني : موثق.

الحديث الثالث : صحيح.

وقال السيدرحمه‌الله : يعتبر في المحلل أمور :

الأول البلوغ وبه قطع الأكثر ، وقوي الشيخ في المبسوط والخلاف أن المراهق

١٢٨

عبد الجبار ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان وحميد بن زياد ، عن ابن سماعة كلهم ، عن صفوان ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام المرأة التي لا تحل لزوجها «حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ » قال هي التي تطلق ثم تراجع ثم تطلق ثم تراجع ثم تطلق الثالثة فهي التي لا تحل لزوجها «حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ » ويذوق عسيلتها.

٤ ـ صفوان ، عن موسى بن بكر ، عن زرارة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام في الرجل يطلق امرأته تطليقة ثم يراجعها بعد انقضاء عدتها فإذا طلقها الثالثة لم تحل له «حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ » فإذا تزوجها غيره ولم يدخل بها وطلقها أو مات عنها لم تحل لزوجها الأول حتى يذوق الآخر عسيلتها.

٥ ـ صفوان ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في المطلقة التطليقة الثالثة لا تحل له «حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ » ويذوق عسيلتها.

٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن علي بن أسباط ، عن علي بن الفضل الواسطي قال كتبت إلى الرضاعليه‌السلام رجل طلق امرأته الطلاق الذي لا تحل له «حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ » فتزوجها غلام لم يحتلم قال لا حتى يبلغ فكتبت إليه ما حد البلوغ فقال ما أوجب على المؤمنين الحدود.

يحصل بوطئه التحليل ، والأجود اعتبار البلوغ.

الثاني : الوطء في القبل فلا يكفي الدبر ، والمعتبر منه ما يوجب الغسل حتى لو حصل إدخال الحشفة بالاستعانة يكفي ، مع احتمال العدم ، لقولهعليه‌السلام حتى يذوق عسيلتها ، والعسيلة لذة الجماع ، وهي لا تحصل بالوطء على هذا الوجه.

الثالث : أن يكون بالعقد لا بالملك والتحليل.

الرابع : أن يكون العقد دائما فلا تكفي المتعة.

الحديث الرابع : ضعيف على المشهور.

الحديث الخامس : صحيح.

الحديث السادس : ضعيف على المشهور.

١٢٩

(باب)

( ما يهدم الطلاق وما لا يهدم)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن شعيب الحداد ، عن معلى بن خنيس ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في رجل طلق امرأته ثم لم يراجعها حتى حاضت ثلاث حيض ثم تزوجها ثم طلقها فتركها حتى حاضت ثلاث حيض من غير أن يراجعها يعني يمسها قال له أن يتزوجها أبدا ما لم يراجع ويمس.

٢ ـ حميد بن زياد ، عن عبيد الله بن أحمد ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن شعيب الحداد ، عن المعلى بن خنيس ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في رجل طلق امرأته ثم لم يراجعها حتى حاضت ثلاث حيض ثم تزوجها ثم طلقها فتركها حتى حاضت ثلاث

باب ما يهدم الطلاق وما لا يهدم

الحديث الأول : مختلف فيه.

قوله عليه‌السلام : « له أن يتزوجها » أي مع تحلل المحلل ، فالمراد عدم التحريم المؤبد في التاسعة ، وقال الشيخ في التهذيب(١) : قولهعليه‌السلام « له أن يتزوجها أبدا ما لم يراجع ويمس » يحتمل أن يكون المراد به إذا كانت قد تزوجت زوجا آخر ثم فارقها بموت أو طلاق ، لأنه متى كان الأمر على ما وصفناه جاز له أن يتزوجها أبدا ، لأن الزوج يهدم الطلاق الأول ، وليس في الخبر أنه يجوز له أن يتزوجها وإن لم يتزوج زوجا غيره ، وإذا لم يكن ذلك في ظاهره حملناه على ما ذكرناه ، ثم ذكر رواية رفاعة ورواية ابن بكير الآتيتين لتأييد ما ذكره.

الحديث الثاني : مختلف فيه.

واختلف الأصحاب في أنه هل يهدم المحلل ما دون الثلاث أم لا؟ فذهب الشيخ وأتباعه وابن إدريس إلى أنه يهدم ، ونقل عن بعض فقهائنا القول بعدم الهدم ، ولم يذكر القائل به على التعيين ، لكن يدل عليه أخبار ، وأما الهدم بمحض انقضاء

__________________

(١) التهذيب ج ٨ ص ٢٩.

١٣٠

حيض ثم تزوجها ثم طلقها من غير أن يراجعها ثم تركها حتى حاضت ثلاث حيض قال له أن يتزوجها أبدا ما لم يراجع ويمس وكان ابن بكير وأصحابه يقولون هذا فأخبرني عبد الله بن المغيرة قال قلت له من أين قلت هذا قال قلته من قبل رواية رفاعة روى عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه يهدم ما مضى قال قلت له فإن رفاعة إنما قال طلقها ثم تزوجها رجل ثم طلقها ثم تزوجها الأول إن ذلك يهدم الطلاق الأول.

٣ ـ حميد بن زياد ، عن ابن سماعة ، عن محمد بن زياد وصفوان ، عن رفاعة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن رجل طلق امرأته حتى بانت منه وانقضت عدتها ثم تزوجت زوجا آخر فطلقها أيضا ثم تزوجها زوجها الأول أيهدم ذلك الطلاق الأول قال نعم قال ابن سماعة وكان ابن بكير يقول المطلقة إذا طلقها زوجها ثم تركها حتى تبين ثم تزوجها ـ فإنما هي عنده على طلاق مستأنف قال ابن سماعة وذكر الحسين بن هاشم أنه سأل ابن بكير عنها فأجابه بهذا الجواب فقال له سمعت في هذا شيئا فقال رواية رفاعة فقال إن رفاعة روى إذا دخل بينهما زوج فقال زوج وغير زوج عندي سواء فقلت سمعت في هذا شيئا فقال لا هذا مما رزق الله عز وجل من الرأي قال ابن سماعة وليس نأخذ بقول ابن بكير فإن الرواية إذا كان بينهما زوج.

٤ ـ محمد بن أبي عبد الله ، عن معاوية بن حكيم ، عن عبد الله بن المغيرة قال سألت

العدة بدون المحلل فلم يقل به أحد من أصحابنا ، وإنما نسب ذلك إلى ابن بكير ويظهر من الصدوق في الفقيه القول به ، لكن لم تنسب إليه ، وكلام المصنف أيضا يوهمه ، نعم على المشهور هذا إنما يورث عدم التحريم المؤبد في التاسعة ، وقال الشهيد الثانيرحمه‌الله : إن هذا القول بالإعراض عنه حقيق لما ذكرنا من شذوذه ، ومخالفته للقرآن بل لسائر علماء الإسلام.

الحديث الثالث : موثق.

الحديث الرابع : موثق وآخره مرسل كالموثق.

وروى الشيخ في التهذيب والاستبصار بإسناده عن ابن بكير عن زرارة(١)

__________________

(١) التهذيب ج ٨ ص ٣٥.

١٣١

عبد الله بن بكير عن رجل طلق امرأته واحدة ثم تركها حتى بانت منه ثم تزوجها قال هي معه كما كانت في التزويج قال قلت له فإن رواية رفاعة إذا كان بينهما زوج فقال لي عبد الله هذا زوج وهذا مما رزق الله من الرأي ومتى ما طلقها واحدة فبانت منه ثم تزوجها زوج آخر ثم طلقها زوجها فتزوجها الأول فهي عنده مستقبلة كما كانت قال فقلت لعبد الله هذا برواية من فقال هذا مما رزق الله قال معاوية بن حكيم روى أصحابنا

« قال : سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول : الطلاق الذي يحبه الله والذي يطلق الفقيه ، وهو العدل بين المرأة والرجل ، أن يطلقها استقبال الطهر بشهادة شاهدين ، وإرادة من القلب ثم يتركها حتى يمضي ثلاثة قروء ، فإذا رأت الدم في أول قطرة من الثالثة ـ وهو آخر القروء ، لأن الأقراء هي الأطهار ـ فقد بانت منه ، وهي أملك بنفسها ، فإن شاءت تزوجت وحلت له بلا زوج ، فإن فعل هذا بها مائة مرة هدم ما قبله وحلت بلا زوج ، وإن راجعها قبل أن تملك نفسها ثم طلقها ثلاث مرات يراجعها ، ويطلقها لم تحل له إلا بزوج » قال الشيخ : فهذه الرواية آكد شبهة من جميع ما تقدم من الروايات ، لأنها لا تحتمل شيئا مما قلناه ، لكونها مصرحة خالية من وجوه الاحتمال ، إلا أن طريقها عبد الله بن بكير ، وقد قدمنا من الأخبار ما تضمن أنه قال : حين سئل عن هذه المسألة : هذا مما رزق الله من الرأي ، ولو كان سمع ذلك من زرارة لكان يقول حين سأله الحسين بن هاشم وغيره عن ذلك وأنه هل عندك في ذلك شيء؟ لكان يقول : نعم رواية زرارة ، ولا يقول : نعم رواية رفاعة حتى قال له السائل : إن رواية رفاعة تتضمن أنها إذا كان بينهما زوج ، فقال هو عند ذلك : هذا مما رزق الله تعالى من الرأي فعدل عن قوله إن هذا في رواية رفاعة إلى أن قال : الزوج وغير الزوج سواء عندي ، فلما ألح عليه السائل قال : هذا مما رزق الله من الرأي ، ومن هذه صورته فيجوز أن يكون أسند ذلك إلى رواية زرارة نصرة لمذهبه الذي كان أفتى به ، وأنه لما رأى أنه أصحابه لا يقبلونه ما يقوله برأيه أسنده إلى من رواه عن أبي جعفرعليه‌السلام ، وليس عبد الله بن بكير معصوما لا يجوز هذا عليه ، بل وقع منه من العدول عن اعتقاد مذهب الحق

١٣٢

عن رفاعة بن موسى أن الزوج يهدم الطلاق الأول فإن تزوجها فهي عنده مستقبلة فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام يهدم الثلاث ولا يهدم الواحدة والثنتين.

ورواية رفاعة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام هو الذي احتج به ابن بكير.

(باب)

( الغائب يقدم من غيبته فيطلق عند ذلك أنه لا يقع الطلاق حتى تحيض وتطهر)

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن حجاج الخشاب قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن رجل كان في سفر فلما دخل المصر جاء معه بشاهدين فلما استقبلته امرأته على الباب أشهدهما على طلاقها قال لا يقع بها طلاق

إلى اعتقاد مذهب الفطحية ما هو معروف من مذهبه أعظم من إسناد فتياء الغلط في ذلك من يعتقد صحته لشبهة إلى بعض أصحاب الأئمةعليهم‌السلام انتهى ، واعترض عليه بأنه كيف يطعن في ابن بكير وهو الذي وثقه في فهرسته وعده الكشي من فقهاء أصحابنا وممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه ، والإقرار له بالفقه ، ولو كان مطعونا ولا سيما بمثل هذا الطعن المنكر لارتفع الوثوق عن كثير من أخبار الذي هو في طريقه ، وأيضا مضمون هذه الرواية ليس منحصرا فيما رواه ، بل هو مما تكرر في الأخبار ، ونقله غير واحد من الرجال ، فالصواب أن يحمل أحد الخبرين المتنافيين في هذا الباب على التقية ، وكذا كلام ابن بكير ونسبة قوله تارة إلى رواية رفاعة وأخرى إلى الرأي فإنه ينبغي أن يحمل على ضرب من التقية.

باب الغائب يقدم من غيبته فيطلق عند ذلك أنه لا يقع الطلاق حتى تحيض وتطهر

الحديث الأول : موثق.

١٣٣

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن الحكم بن مسكين ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا غاب الرجل عن امرأته سنة أو سنتين أو أكثر ثم قدم وأراد طلاقها وكانت حائضا تركها حتى تطهر ثم يطلقها.

(باب)

( النساء اللاتي يطلقن على كل حال)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن جميل بن دراج ، عن إسماعيل الجعفي ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال خمس يطلقهن الرجل على كل حال الحامل والتي لم يدخل بها زوجها والغائب عنها زوجها والتي لم تحض

الحديث الثاني : مجهول.

وظاهر كلام المصنف أنه يجب مع حضور الزوج من سفر ، استبراؤها بحيضة على أي حال ، وهو الظاهر من كلام الشيخ في التهذيب حيث قال : والغائب إذا قدم من سفره لا يجوز له أن يطلق امرأته حتى يستبرئها بحيضة وإن لم يواقعها ، والظاهر أنه عبارة المقنعة ثم أورد الشيخ هذين الخبرين ولم أر غيرهما قال : بذلك ، والأولى حمل الخبر الأول على ما إذا كانت حائضا كما يدل عليه الخبر الثاني ، وبه أوله في الاستبصار حيث قال بعد إيراد الخبر الأول بعد الثاني : فالوجه في هذا الخبر أن يحمله على ما تضمنه الخبر الأول من أنه إنما لم يقع طلاقه من حيث كانت حائضا ، لأنها لو كانت طاهرا لوقع الطلاق ، كما كان يقع لو لم يكن غائبا أصلا ، ويحتمل أيضا أن يكون مختصا بمن غاب عن زوجته في طهر قربها فيه بجماع وعاد ، وهي في ذلك الطهر لم يجز أن يطلقها إلا بعد استبرائها بحيضة.

باب النساء اللاتي يطلقن على كل حال

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « على كل حال » أي وإن صادف الحيض وطهر المواقعة.

١٣٤

والتي قد يئست من الحيض.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا بأس بطلاق خمس على كل حال الغائب عنها زوجها والتي لم تحض والتي لم يدخل بها زوجها والحبلى والتي قد يئست من المحيض.

٣ ـ حميد بن زياد ، عن ابن سماعة ، عن عبد الله بن جبلة وجعفر بن سماعة ، عن جميل ، عن إسماعيل الجعفي ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال خمس يطلقن على كل حال الحامل والغائب عنها زوجها والتي لم تحض والتي قد يئست من المحيض والتي لم يدخل بها.

علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل ، عن إسماعيل الجعفي ، عن أبي جعفرعليه‌السلام مثله.

(باب)

( طلاق الغائب)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن أذينة ، عن زرارة ، عن بكير قال أشهد على أبي جعفرعليه‌السلام أني سمعته يقول الغائب يطلق بالأهلة و

الحديث الثاني : حسن.

الحديث الثالث : موثق والسند الثاني حسن.

باب طلاق الغائب

الحديث الأول : حسن.

ولا خلاف في أن طلاق الغائب صحيح وإن صادف الحيض ما لم يعلم أنها حائض ، لكن اختلف الأصحاب في أنه هل يكفي مجرد الغيبة في جوازه أم لا بد معها من أمر آخر؟ ومنشأ الاختلاف اختلاف الأخبار ، فذهب المفيد وعلي بن بابويه وجماعة إلى جواز طلاقها حيث لم يمكن استعلام حالها من غير تربص ، وذهب الشيخ في النهاية وابن حمزة إلى اعتبار مضي شهر منذ غاب ، وذهب ابن الجنيد والعلامة في المختلف إلى اعتبار ثلاثة أشهر ، وذهب المحقق وأكثر المتأخرين إلى اعتبار مضي

١٣٥

الشهور.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن الحسين بن عثمان ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الغائب إذا أراد أن يطلقها تركها شهرا.

٣ ـ علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمد بن أبي حمزة وحسين بن عثمان ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الغائب إذا أراد أن يطلقها تركها شهرا.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن الحسن بن صالح قال سألت جعفر بن محمدعليهما‌السلام عن رجل طلق امرأته وهو غائب في بلدة أخرى وأشهد على طلاقها رجلين ثم إنه راجعها قبل انقضاء العدة ولم يشهد على الرجعة ثم إنه قدم عليها بعد انقضاء العدة وقد تزوجت رجلا فأرسل إليها أني قد كنت راجعتك قبل انقضاء العدة ولم أشهد قال فقال لا سبيل له عليها لأنه قد أقر بالطلاق وادعى الرجعة بغير بينة فلا سبيل له عليها ولذلك ينبغي لمن طلق أن يشهد ولمن راجع أن يشهد على الرجعة كما أشهد على الطلاق وإن كان قد أدركها قبل أن تزوج كان خاطبا من الخطاب.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرار ، عن يونس ، عن ابن مسكان ، عن سليمان بن خالد قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن رجل طلق امرأته وهو غائب

مدة يعلم انتقالها من الطهر الذي واقعها فيه إلى آخر بحسب عادتها ، ولا يتقدر بمدة.

الحديث الثاني : موثق.

الحديث الثالث : موثق.

الحديث الرابع : ضعيف.

الحديث الخامس : مجهول.

وقال في الشرائع : إذا طلق غائبا ثم حضر ودخل بالزوجة ثم ادعى الطلاق لم يقبل دعواه ولا بينته ، تنزيلا لتصرف المسلم على المشروع ، فكأنه مكذب لبينته ولو كان أولد لحق به الولد.

١٣٦

وأشهد على طلاقها ثم قدم فأقام مع المرأة أشهرا لم يعلمها بطلاقها ثم إن المرأة ادعت الحبل فقال الرجل قد طلقتك وأشهدت على طلاقك قال يلزم الولد ولا يقبل قوله.

٦ ـ علي ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمد ، عن حماد بن عثمان قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام ما تقول في رجل له أربع نسوة طلق واحدة منهن وهو غائب عنهن متى يجوز له أن يتزوج قال بعد تسعة أشهر وفيها أجلان فساد الحيض وفساد الحمل.

٧ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهماعليهما‌السلام قال سألته عن الرجل يطلق امرأته وهو غائب قال يجوز طلاقه على كل حال وتعتد امرأته من يوم طلقها.

وقال في المسالك : الأصل فيها رواية سليمان بن خالد ، وأيد بما ذكره المصنف ، ويشكل بأن تصرفه إنما يحمل على المشروع إذا لم يعرف بما ينافيه ، وأما تكذيب فعله ببينته فإنما يتم مع كونه هو الذي أقامها ، فلو قامت الشهادة حسبة وورخت بما ينافي فعله قبلت وحكم بالبينونة ، ويبقى في إلحاق الولد بهما أو بأحدهما ما قد علم من اعتبار العلم بالحال وعدمه ، وهذا كله إذا كان الطلاق بائنا أو رجعيا وانقضت العدة ، وإلا قبل وحسب من الثلاث فيكون الوطء رجعة.

الحديث السادس : حسن.

قوله عليه‌السلام : « فساد الحيض » المراد بفسادهما بطلانهما ، وانقضاء زمانهما هذا هو المشهور ، وذهب العلامة في القواعد وجماعة إلى وجوب التربص سنة ، وعلى أي حال محمول على الرجعي ، وقال الوالد العلامة (ره) : لعل المراد بيان علة الانتظار تسعة أشهر بأنه يمكن أن يكون حاملا أو يصير حيضها فاسدا ، ولا ينقضي إلا بتسعة أشهر ، بأن ترى الدم قبل انقضاء الثلاثة أشهر بساعة إلى تسعة أشهر ، كما سيأتي في المسترابة.

الحديث السابع : صحيح.

١٣٧

٨ ـ حميد بن زياد ، عن ابن سماعة قال سألت محمد بن أبي حمزة متى يطلق الغائب قال حدثني إسحاق بن عمار أو روى إسحاق بن عمار عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أو أبي الحسنعليه‌السلام قال إذا مضى له شهر.

٩ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن مهزيار ، عن محمد بن الحسن الأشعري قال كتب بعض موالينا إلى أبي جعفرعليه‌السلام أن معي امرأة عارفة أحدث زوجها فهرب عن البلاد فتبع الزوج بعض أهل المرأة فقال إما طلقت وإما رددتك فطلقها ومضى الرجل على وجهه فما ترى للمرأة فكتب بخطه تزوجي يرحمك الله.

(باب)

( طلاق الحامل)

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن ابن بكير ، عن أبي بصير

الحديث الثامن : موثق.

الحديث التاسع : مجهول.

باب طلاق الحامل

الحديث الأول : موثق.

وقال في المسالك : اتفق العلماء على جواز طلاق الحامل مرة بشرائطها ، واختلف في جوازه ثانيا بسبب اختلاف الروايات في ذلك ، فذهب الصدوقان إلى المنع منه إلا بعد مضي ثلاثة أشهر ، سواء في ذلك طلاق العدة وغيره ، وذهب ابن الجنيد إلى المنع من طلاق العدة إلا بعد شهر ولم يتعرض لغيره ، والشيخ أطلق جواز الطلاق للعدة ومنع من طلاقها ثانيا للسنة ، وابن إدريس والمحقق وسائر المتأخرين جوزوه بها مطلقا كغيرها ، ثم إن بعض الأصحاب حمل السني في كلامهم في هذا المقام على السني بالمعنى الأخص ، وأورد عليه بأن هذا لا يتحقق في الحامل ، لأنه لا يصير ، كذلك إلا بعد

١٣٨

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الحبلى تطلق تطليقة واحدة.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال طلاق الحامل واحدة وعدتها أقرب الأجلين.

٣ ـ حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن عبد الله بن جبلة وجعفر بن سماعة ، عن جميل ، عن إسماعيل الجعفي ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال طلاق الحبلى واحدة فإذا وضعت ما في بطنها فقد بانت.

الوضع والعقد عليها ثانيا ، وحينئذ فلا تكون حاملا ، والكلام في الطلاق الواقع بالحامل ثانيا ، إلا أن يقال : إن تجديد نكاحها بعد الوضع يكون كاشفا عن جعل الطلاق السابق سنيا ، فيلحقه حينئذ النهي ، وهذا أيضا في غاية البعد ، وبعضهم حمل على السني بالمعنى الأعم وأورد عليه أن في بعض الروايات تصريح بجواز التعدد الذي ليس بعدي ، وهو سني بالمعنى الأعم فكيف تحمل أخبار النهي عن الزائد على السني ، والحق الإعراض عن هذه التكلفات والرجوع إلى حكم الأصل من جواز طلاق الحامل كغيرها ، وحمل أخبار النهي على الكراهة وجعله قبل شهر آكد.

الحديث الثاني : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « أقرب الأجلين » المشهور أن الحامل تنقضي بالوضع لا غير ، وذهب الصدوق وابن حمزة إلى أنها بأقرب الأجلين إن مضت ثلاثة أشهر قبل أن تضع فقد انقضت عدتها ، ولكن لا تتزوج حتى تضع ، وإذا وضعت ما في بطنها قبل انقضاء ثلاثة أشهر فقد انقضى أجلها ، واستدلا بهذه الأخبار ، ويمكن حملها على أن المراد بيان الفرد الأخفى ، أي قد تنقضي بأقرب الأجلين فيما إذا كان الحمل أقرب ، بخلاف عدة الوفاة فإنها لا تنقضي إلا بأبعد الأجلين.

الحديث الثالث : موثق.

١٣٩

٤ ـ وعنه ، عن عبد الله بن جبلة وصفوان بن يحيى ، عن ابن بكير ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الحبلى تطلق تطليقة واحدة.

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن أبي نصر ، عن جميل ، عن إسماعيل الجعفي ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال طلاق الحامل واحدة فإذا وضعت ما في بطنها فقد بانت منه.

٦ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار وأبو العباس الرزاز ، عن أيوب بن نوح جميعا ، عن صفوان ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام طلاق الحبلى واحدة وأجلها أن تضع حملها وهو أقرب الأجلين.

٧ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة قال سألته عن طلاق الحبلى فقال واحدة وأجلها أن تضع حملها.

٨ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال طلاق الحبلى واحدة وأجلها أن تضع حملها وهو أقرب الأجلين.

٩ ـ حميد بن زياد ، عن ابن سماعة ، عن الحسين بن هاشم ومحمد بن زياد ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، عن أبي الحسنعليه‌السلام قال سألته عن الحبلى إذا طلقها زوجها فوضعت سقطا تم أو لم يتم أو وضعته مضغة قال كل شيء وضعته يستبين أنه حمل تم أو لم يتم فقد انقضت عدتها وإن كانت مضغة.

١٠ ـ وعنه ، عن جعفر بن سماعة ، عن علي بن عمران الشفا ، عن ربعي بن عبد الله

الحديث الرابع : موثق.

الحديث الخامس : ضعيف على المشهور.

الحديث السادس : صحيح.

الحديث السابع : موثق.

الحديث الثامن : حسن.

الحديث التاسع : موثق وعليه الفتوى.

الحديث العاشر : موثق.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423