نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٦

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار18%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 423

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 423 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 188140 / تحميل: 7227
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٦

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

يفكّر بآخرته ، قبل أن يفكر بدنياه.

بعيد النظر عميق الفكر ، يتجاوز الحاضر إلى المستقبل ، ويعمل للأجيال.

كما يعلمنا أنّ :

ـ الصلاة عمود الدين.

ـ جولة الباطل ساعة ، وجولة الحق إلى الساعة.

ـ الرجوع عن الخطأ خير من التمادي في الباطل (مثال الحر بن يزيد)

ـ إذا حمّ القضاء ، وقع البلاء.

ـ المسلم أخو المسلم ، ما لم يقع بينهما السيف.

ـ على الباغي تدور الدوائر (مثال عمر بن سعد).

ـ بشّر القاتل بالقتل ولو بعد حين

(مثال عبيد الله بن زياد ، وكل من شرك في دم الحسينعليه‌السلام ).

ـ من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا ، فهو في سبيل الله.

ـ كل قتيل في جنب الله شهيد.

ـ الشهيد حيّ بقدر ما يمثل من آمال وأمنيات.

ـ الحق يؤخذ ولا يعطى.

ـ وإذا لم يكن من الموت بدّ فمن العجز أن تموت جبانا

ـ المنية ولا الدنية ، والموت ولا العار.

ـ لا سعادة إلا بالشهادة ، ولا خلود إلا بالفداء.

ـ الجهاد باب من أبواب الجنة.

ـ الجنّة تحت ظلال السيوف.

ـ الناس عبيد الدّنيا ، والدين لعق على ألسنتهم.

ـ حبّ الدّنيا رأس كل خطيئة (مثال عمر بن سعد).

٢١

مقدمة في موضوع الموسوعة

لا يخفى ما لحياة سيد الشهداء الإمام الحسينعليه‌السلام من قيمة مميّزة ومنزلة مرموقة ، في التاريخ العربي والإسلامي ، إذ وجّهت الفكر الإنساني وأيقظت الضمير الإسلامي ، للتمسك بالدين الحنيف ، والانقياد لتعاليم السماء.

لذلك كانت سيرة الحسينعليه‌السلام وكلماته أثناء مسيره إلى الشهادة ، النبراس الحيّ لكل مؤمن حرّ ، ولكل شاب مثقّف ، ينهل منها أصول العقائد والأمر بالمعروف ، ومبادئ التحرر والجهاد ، وفنون الأخلاق والهداية ، عدا عما تحتويه من المعلومات الأدبية والشعرية والتاريخية والسياسية والحربية.

وقد انصبّ الاهتمام في هذه (الموسوعة) على الفترة الزمنية من حياة الحسينعليه‌السلام الممتدة من هلاك معاوية في رجب سنة ٦٠ ه‍ وتولي يزيد الحكم ـ حيث قرر الحسينعليه‌السلام القيام بنهضته الشريفة ـ وحتى رجوع سبايا أهل البيتعليهم‌السلام من دمشق إلى المدينة المنورة مع الإمام زين العابدينعليه‌السلام ، في صفر سنة ٦١ ه‍ ، وهي فترة لا تزيد عن ثمانية أشهر من نهاية عمر الإمام الحسينعليه‌السلام التي ختمت بالشهادة ، التي هي أعلى مراقي السعادة.

وقد قسّمت هذه المدة إلى أقسام توافق الأمكنة التي تنقّل فيها الحسينعليه‌السلام ؛ من إقامته في المدينة إلى خروجه إلى مكة ، إلى مسيره واستشهاده ، في كربلاء ، ثم مسير رأسه الشريف والسبايا إلى الكوفة ، ثم إلى دمشق ، ثم رجوع الركب الحسيني إلى المدينة المنورة (أنظر المخطط التالي).

٢٢

(الشكل ـ ١)

المخطط العام لمسير الحسينعليه‌السلام من المدينة إلى مكة إلى العراق

ونهضة مسلم بن عقيل في الكوفة واستشهاده

ثم استشهاد الحسينعليه‌السلام في كربلاء ومسيرة الرؤوس والسبايا

وكان لا بدّ قبل الدخول في صلب الموضوع من إعطاء فكرة سريعة عن الخلفية السابقة لنهضة الحسينعليه‌السلام ، وكيف نقض معاوية صلحه مع الإمام الحسنعليه‌السلام ، ثم عمل على أخذ البيعة لابنه يزيد. كما كان لزوما لإتمام الفائدة إطلاع القارئ على بعض أعمال يزيد بعد كربلاء ، في مدة خلافته الممسوخة ، والتي قصّرها الله إلى ثلاث سنين وثمانية أشهر لا أكثر.

وختمت الموسوعة بمقارنة بين شخصية الحسينعليه‌السلام وشخصية يزيد ، لأظهر أن هذه الأمة الحائرة لم تكن خير أمة أخرجت للناس ، حين ضنّت بالنور المبين المتمثل بالحسينعليه‌السلام ، واستبدلت به رمز الباطل والغواية المبين ، المتمثل بيزيد بن معاوية اللعين ، فكانت عقوبتها العادلة أن تظل متفرقة متخاصمة إلى يوم الدين.

وقد حاولت في هذه الموسوعة المبينة ، استقصاء كل الأحداث والوقائع المتصلة بالحسينعليه‌السلام وأصحابه وأعدائه ، مأخوذة من أشهر كتب التاريخ والمقاتل ، وكتب الأعلام والتراجم ؛ بدءا من أقدم المؤرخين أبي مخنف (لوط بن يحيى) المتوفى سنة ١٥٧ ه‍ ، وحتى نهاية القرن الحادي عشر الهجري ، الموافق لوفاة العلامة المجلسي صاحب (البحار) سنة ١١١١ ه‍.

٢٣

وكان من أكبر أهداف هذه الموسوعة ، عرض الأحداث وفق تسلسلها الزمني وترابطها المرحلي ، فراعيت التسلسل الزمني والتاريخي لهذه الأحداث قدر الإمكان.

هذا وقد نهجت على تقسيم مواد الموسوعة إلى فقرات ، ووضعت لكل فقرة رقما وعنوانا ، متبوعا بين قوسين بذكر الكتاب الّذي نقلت منه ، مقرونا باسم المؤلف ورقم الصفحة والجزء والطبعة. وذكرت في الحاشية المراجع والمصادر التي أخذ منها ذلك الكتاب.

ولم آل جهدا في شرح بعض المفردات الصعبة والعبارات الغامضة حسب مقتضى الحال ، إضافة إلى بعض التعليقات الضرورية والإيضاحات الهامة.

ويجد القارئ في الفصل التالي مقدمة شاملة عن مصادر الكتاب المعتمدة.

والله أسأل أن يوفقنا لما فيه الخير والسداد ، ويلهمنا الهداية والرشاد ، إنه سميع مجيب.

لبيب

٢٤

الباب الأول

مقدّمات

الفصل ١ ـ مقدمة في مصادر الموسوعة

الفصل ٢ ـ أنساب آل أبي طالبعليهم‌السلام وتراجمهم

الفصل ٣ ـ توطئة في أهل البيتعليهم‌السلام وفضائلهم :

ـ من هم أهل البيتعليهم‌السلام ؟

ـ أهل البيتعليهم‌السلام هم الأئمة الاثنا عشر

ـ أهل البيتعليهم‌السلام هم الخمسة أصحاب الكساء

ـ فضائل أهل البيتعليهم‌السلام

ـ محبة أهل البيتعليهم‌السلام ومودتهم

الفصل ٤ ـ الإمام الحسينعليه‌السلام : جملة من مناقبه وفضائله

الفصل ٥ ـ أنباء باستشهاد الإمام الحسينعليه‌السلام قبل وقوعه

الفصل ٦ ـ الحزن والبكاء وإقامة المآتم على الحسينعليه‌السلام

ـ إقامة العزاء على الحسينعليه‌السلام يوم عاشوراء

الفصل ٧ ـ فلسفة النهضة الحسينية وأهدافها

ـ فلسفة الإبتلاء

٢٥
٢٦

الفصل الأول

مقدمة في مصادر الموسوعة

١ ـ جولة في المراجع القديمة

٢ ـ رواة الطبري وأبي مخنف

٣ ـ أهم المراجع والمصادر المعتمدة

٤ ـ التعريف بالكتب السابقة

٥ ـ تلاحم مصادر الشيعة والسنة في روايات مقتل الحسينعليه‌السلام

٦ ـ ترجمة أصحاب المصادر

٧ ـ فهرس عام للمصادر التاريخية التي اعتمدنا عليها

٨ ـ فهرس لمصادر التراجم والأنساب

٩ ـ مصادر تاريخية (درجة ثانية)

١٠ ـ الكتب التاريخية الحديثة والمعاصرة

١١ ـ كتب الجغرافيا والبلدان.

٢٧
٢٨

الفصل الأول :

مقدمة في مصادر الموسوعة

١ ـ جولة في المراجع القديمة

(نقصد بالمراجع : الكتب الأصلية التي أثبت مؤلفوها فيها الروايات والأخبار مباشرة دون الرجوع إلى غيرهم. أما المصادر : فهي الكتب التي ألّفها أصحابها معتمدين على المراجع الأصلية).

ولقد كان من أهداف هذه الموسوعة الأساسية الاعتماد على المراجع الأصلية والمصادر القديمة ، وبيان قيمة هذه المراجع ومدى وثاقة أصحابها ، دون تفريق في ذلك بين كتب السنّة وكتب الشيعة ، لأنها لا تتعارض مع بعضها من جهة ، ولأنها تؤلف وحدة متكاملة حول الموضوع من جهة أخرى. ذلك أن الحسينعليه‌السلام ونهضته المباركة وشهادته في كربلاء ، ليست ملك مذهب معين ولا دين معيّن ؛ فالحسينعليه‌السلام استشهد من أجل الإسلام والإيمان ، ومن أجل الحق أينما كان.

مراجع صدر الإسلام الأول :

خلافا لما يظن البعض ، فقد اهتم أجدادنا بتدوين التاريخ ، وخاصة منذ صدر الإسلام الأول وعصر الخلفاء الأربعة. فهذا هو المؤرخ الكبير أبو مخنف (الكوفي)(١) يخصص كتابا لكل وقعة من المواقع الهامة في صدر الإسلام ، حتّى عدّوا له أكثر من ثلاثين مؤلفا ، منها : (فتوح الشام) ـ

(الرّدة) ـ (فتوح العراق) ـ (وقعة الجمل) ـ (وقعة صفين) ـ (وقعة النهروان) ـ

__________________

(١) أبو مخنف : بكسر الميم ، وخنف الرجل بأنفه يخنف : لوى أنفه من التيه والكبر.

٢٩

(الأزارقة) ـ (الخوارج والمهلب) ـ (مقتل الإمام عليّعليه‌السلام ) ـ (الشورى) ـ (مقتل عثمان) ـ (مصعب بن الزبير والعراق) ـ (ثورة المختار والأخذ بالثار).

وجاء في دائرة المعارف الإسلامية (المترجمة عن الانكليزية) أن أبا مخنف صنّف ٣٢ رسالة في التاريخ ، عن حوادث مختلفة وقعت إبّان القرن الأول للهجرة.

اندثار كتب المراجع القديمة :

وللأسف فإن كل هذه المراجع الثمينة لأبي مخنف قد اندثرت ولم يصل إلينا منها إلا القليل ، ولم يبق لنا منها إلا بعض ما رواه الآخرون في تواريخهم ، مثل الطبري الّذي جاء بعد نحو ١٥٠ عاما من أبي مخنف.

كتاب مقتل الحسينعليه‌السلام لأبي مخنف :

ومن أشهر كتب أبي مخنف «مقتل الحسينعليه‌السلام » الّذي نقل عنه أعظم العلماء المتقدمين واعتمدوا عليه. ولكن للأسف أنه فقد ، ولا توجد منه نسخة اليوم. وأما المقتل الّذي بأيدينا والمنسوب إليه ، فهو ليس له ، بل ولا لأحد من المؤرخين المعتمدين. ومن أراد تصديق ذلك فليقابل بين ما في هذا المقتل وما نقله الطبري وغيره.

يقول الشيخ محمّد السماوي في تقديمه لكتاب مقتل الحسينعليه‌السلام للخوارزمي (ج ١ صفحة ه) : فإن المقاتل القديمة المفصّلة ، كمقتل أبي مخنف ، لم يبق منها شيء إلا ما نقله الطبري والجزري وأمثالهما ، في ضمن كتبهم ، فأما أعيانها فلم يبق منها شيء ، لأن (مقتل أبي مخنف) لم يوجد منذ خمسة أو ستة قرون ، وكذلك أمثاله.

وقد أورد بروكلمان في كتابه (تاريخ الأدب العربي) ج ١ ص ٢٥٣ ، أن مخطوطة كتاب مقتل الحسينعليه‌السلام المنسوب لأبي مخنف موجودة في امبروزيانا ، وأنها طبعت في بومباي عام ١٣١١ ه‍.

ويقول العلامة المرحوم آغا بزرك الطهراني في (الذريعة) :

«مقتل الحسينعليه‌السلام لأبي مخنف ، طبع مع المجلد العاشر من البحار في بومباي عام ١٢٨٧ ه‍. ونسبته إليه مشهورة ، لكن الظاهر أن فيه بعض الموضوعات. وقد حقّقه شيخنا النوري في كتابه (اللؤلؤ والمرجان)».

٣٠

وقد أورد سليمان القندوزي في (ينابيع المودة) ج ٢ ص ١٥٨ ، مقتلا منسوبا إلى أبي مخنف ، وهو يشبه إلى حدّ ما المقتل المتداول ، ولكنه يختلف اختلافا بيّنا ، حتّى في الأشعار.

مقتل الحسين لأبي مخنف (المقتبس) من الطبري :

وبما أن أغلب روايات الطبري المتعلقة بمقتل الحسينعليه‌السلام هي من رواية أبي مخنف ، فقد قام أحد علمائنا الأفاضل وهو الحاج ميرزا حسن الغفاري بإنجاز مفيد ، فنخب روايات أبي مخنف التي وردت في تاريخ الطبري ، وجمعها في كتاب سمّاه «مقتل الحسين (المقتبس) من الطبري». وهو من منشورات المكتبة العامة لآية الله المرعشي النجفي ، طبع قم عام ١٣٩٨ ه‍ ، وفيه تعليقات هامة ومفيدة.

مقتل أبي مخنف الصغير والكبير :

ولدى مطالعة كتاب (أسرار الشهادة) للفاضل الدربندي ، تبيّن أنه ينقل عن كتابين باسم (مقتل الحسين لأبي مخنف) ، أحدهما صغير والآخر كبير ، والظاهر أن المتداول بأيدينا هو الصغير ، وقد قابلته مع المقتل المتداول فوجدت بينهما شبها كبيرا ، ولكنهما ليسا متطابقين.

مخطوطة نادرة لمقتل أبي مخنف (في مكتبة الأسد):

هذا وقد لفت نظري وجود مخطوطة لمقتل الحسينعليه‌السلام لأبي مخنف في مكتبة الأسد العامرة بدمشق ، برقم (عامّ ٤٣٠٣).

أولها : «هذا مصرع الحسينعليه‌السلام وما جرى له ولأهل بيته من قتلهم وسفك دمائهم وسبي حريمهم ..». وهذه المخطوطة مصرع كامل قديم لمؤلف مجهول وبدون تاريخ.

النسخة مخرومة الأول ، ومهترئة ، والكلام فيها على شاكلة القصص. ويدخل في مجرى القصة قوله : قال أبو مخنف يقصد لوط بن يحيى الأزدي. والمظنون أن هذه القصة منسوبة لأبي مخنف. وإذا صحّ أن جامعها نسبها إليه ، تبيّن الوضع فيها ، من أن لغتها غير لغة عصره ، ومن بعض أغلاط النحو فيها.

وزيد في آخرها فصل ليس في الكتاب الأصلي ، وهو (شرح زيارة أبي عبد اللهعليه‌السلام في يوم عاشوراء من قرب أو بعد).

٣١

وتقع المخطوطة في ٧١ ورقة ، أصابتها الرطوبة بما لم يؤثّر ، حجم ١٨ ١٤ سم ، ١٥ سطرا ، ٣ سم حاشية. خط تعليق ـ القرن التاسع ، بقايا جلد مطبوع.

الثقات الذين حفظوا لنا التاريخ :

كان محمّد بن جرير الطبري [توفي عام ٣١٠ ه‍] مسلما تقيّا ورعا ، ومن أشهر المؤرخين عند السنة. وكان يحترم أهل البيتعليهم‌السلام ويجلّهم باعتبارهم جزءا لا ينفصل عن الإسلام ، وامتدادا عقائديا لجدّهم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . ومن مظاهر هذا الإجلال أنه لم يكن يذكر أحدا من أهل البيت إلا وقرنه بكلمةعليه‌السلام ، وهي عبارة تسالم على ذكرها الشيعة دون السنة. إذن فالطبري مؤرّخ سنّي موثوق وغير متعصب.

أما أبو مخنف لوط بن يحيى [ت ١٥٧ ه‍] فقد كان مسلما تقيّا ملتزما ، وهو من أشهر المؤرخين عند الشيعة. ويدل على صدقه وتقواه أن رواياته كانت منقولة عن رجال موثوقين رأوا الحوادث بأمّ أعينهم ، وسمعوا الحوار بآذانهم ، وهو بعد ذلك يذكر الرواية كما هي بحرفيتها ، دون أن يدخل رأيه الشخصي ، حتّى لا يحرّفها عن منطوقها الأصلي. إذن فأبو مخنف مؤرّخ شيعي موثوق وغير متعصب.

وكان من التقاء هذين البحرين الكبيرين ، أكبر نعمة حصلنا عليها ، وهي حفظ الروايات التاريخية الإسلامية ، ومنها ما يختص بمعركة كربلاء والإمام الحسينعليه‌السلام . والذي يدل على وثاقة أبي مخنف من طرف غير مباشر ، اعتماد الطبري على رواياته بشكل مطلق ، حتّى أن تاريخ الطبري فيما يتعلق بكربلاء كأنه تاريخ لأبي مخنف. كل ذلك بفضل التقوى والموضوعية وعدم التعصب ، التي امتاز بها أغلب مؤرخينا من سنّة وشيعة ، لأن الكذب والغش مما لا يقرّه أي مذهب من المذاهب.

جناية التعصب المقيت :

هذا التواشج والتلاحم بين الفريقين في حفظ التاريخ وغيره من التراث الإسلامي ، وهو مما يفتخر به كل مسلم ، لم يرق لبعض العلماء والمؤرخين ، من الذين أعماهم التعصب ، فعملوا على التشكيك بكل المؤرخين ، ليتسنى لهم التشكيك بكل التراث. وقد دفعهم هذا التعصب إلى أن يوثّقوا في الرواية كلّ سنيّ ، حتّى ولو كان قاتل الحسين وحارق أستار الكعبة ، في مقابل أن يوهّنوا في رواية أي

٣٢

شخص شيعي مهما كان صادقا وورعا. وهم ينسون أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يكن له مذهب ، وإنما كان مسلما فحسب. وكذا الخلفاء الأربعة الذين جاؤوا من بعده ، فقد كان مذهبهم الإسلام ليس إلا.

ومن هذا القبيل ما قرأت في أحد كتب التاريخ المعتبرة وقد فاتني اسمه ، أن الحصين بن نمير أو غيره ، لا يجوز لعنه ، والسبب في ذلك أنه ولد قبل وفاة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأسبوع ، فاحتراما للصحبة لا يجوز لعنه.

(أقول) : ما ذا بقي من أثر الصحبة لمثل هذا الرجل الّذي اشترك في قتل الحسينعليه‌السلام وضرب الكعبة بالمنجنيق بأمر من يزيد الفاجر ، لا بل ما ذا بقي فيه من الإسلام؟. وكيف نثق به على رواية يرويها ، ونحن لم نثق به على قتل الحسين وأهل البيتعليهم‌السلام وهدم الكعبة وحرقها؟!.

وكيف لا يأسف الإنسان أن يقع في مثل هذا التعصب المقيت حتّى أكابر العلماء ، أمثال ابن كثير [ت ٧٧٤ ه‍] صاحب التفسير الكبير والمؤلفات الشهيرة ، مثل (البداية والنهاية) وغيره. فهو بعد أن وصم الشيعة بأحاديث لم أعثر على ذكرها في أي كتاب من كتبهم ، فإنه حاول الإيقاع بين السنة والشيعة والتشكيك بمؤرخيهم ، حتّى بأبي مخنف.

يقول ابن كثير في (البداية والنهاية) ج ٨ ص ١٨٦ ، في أول حديثه عن مقتل الحسينعليه‌السلام : «صفة مقتلهعليه‌السلام مأخوذ من كلام أئمة هذا الشان ، لا كما يزعمه أهل التشيع من الكذب الصريح والبهتان».

ثم يقول في (البداية والنهاية) ج ٨ ص ٢١٣ ، بعد ذكر تسيير سبايا أهل البيتعليهم‌السلام إلى يزيد : «وهذا يردّ قول الرافضة ، أنهم حملوا على نجائب الإبل سبايا عرايا ، حتّى كذب من زعم منهم أن الإبل البخاتي ، إنما نبتت لها الأسنمة من ذلك اليوم ، لتستر عوراتهم من قبلهن ودبرهن». يقصد بالإبل البخاتي ذات السنامين.

ولا أدري ماذا عنى بالرافضة هنا ، هل الشيعة الإمامية أم غيرهم؟.

إلى أن يقول في (البداية والنهاية) ج ٨ ص ٢١٨ ، علما بأن كل الروايات التي أوردها ابن كثير هي مروية عن الطبري عن أبي مخنف ، يقول :

«وللشيعة والرافضة في صفة مصرع الحسينعليه‌السلام كذب كثير وأخبار باطلة ،

٣٣

وفيما ذكرنا كفاية ، وفي بعض ما أوردناه نظر. ولو لا أن ابن جرير الطبري وغيره من الحفّاظ والأئمة ذكروه ما سقته ، وأكثره من رواية أبي مخنف (لوط بن يحيى) وقد كان شيعيا ، وهو ضعيف الحديث عند الأئمة ، ولكنه إخباري حافظ ، وعنده من هذه الأشياء ما ليس عند غيره ، ولهذا يترامى عليه كثير من المصنفين في هذا الشأن ممن بعده. والله أعلم».

وظاهر تناقضه فيما ذكر ، فإذا كان أبو مخنف ضعيفا عند أئمة السنة ، فلما ذا روى عنه أغلب رواياته ، ولما ذا رووا هم عنه؟ ولما ذا لم يذكر أسباب ضعفه وعدم ثقته ، الله م إلا أن يكون سبب ذلك لكونه شيعيا ، لا سيما أنه ذكر أنه «كان شيعيا «قبل أن يصمه بالضعف ، مما يوحي بالعلاقة بينهما. ومن الغريب أن يكون ميزان الوثاقة عند ابن كثير وغيره مثل هذا الميزان ، علما بأن الشيعي هو بالتعريف كلّ من التزم بمنهج الإمام عليّعليه‌السلام لا يحيد عنه ، ذلك الإمام الّذي نشأ على الإسلام وتربّى على الإسلام وكان ديدنه الإسلام ، وكان صلبا في ذات الله ، لا تأخذه في الله لومة لائم.

٣٤

٢ ـ رواة الطبري وأبي مخنف

بحث قيّم للمؤرخ فلهوزن حول رواة الطبري وأبي مخنف :

كتب المؤرخ الألماني يوليوس فلهوزن عدة كتب حول صدر الإسلام ، منها كتاب (الخوارج والشيعة) وتطرق فيه إلى ذكر وقعة كربلاء ، ومنها كتاب (تاريخ الدولة العربية) وتطرق فيه إلى خلافة الإمام عليّعليه‌السلام وانشقاق معاوية وتأسيس الدولة الأموية. وموضوع هذا الكتاب لا علاقة له بموضوعنا ، إلا أن فلهوزن قد ذكر في مقدمته بحثا قيّما عن الطبري ، وعن الرواة الذين اعتمد عليهم ، نثبته فيما يلي :

الطبري يحفظ لنا تراث أبي مخنف :

قال فلهوزن في (تاريخ الدولة العربية) صفحة (ق) :

إن الروايات القديمة المتعلقة بعصر بني أمية توجد حتّى اليوم على أوثق ما تكون عليه عند الطبري ، لأنها لم تختلط ولم تتناولها يد التوفيق والتنسيق.

والطبري حفظ لنا خصوصا قطعا كبيرة جدا من روايات أبي مخنف ، الراوية المحقق ، فحفظ لنا بذلك أقدم وأحسن ما كتبه ناثر عربي نعرفه.

من هو أبو مخنف؟ : (حوالي ٥٧ ـ ١٥٧ ه‍)

وكان أبو مخنف لوط بن يحيى بن سعيد بن مخنف ، من (أزد) الكوفة. ويدل نسبه الطويل على أنه كان من حيث نسب أبيه ، من أصل نابه. والأغلب أن مخنف بن سليم ـ رئيس الأزد في موقعة صفين ـ كان جدّه.

ونحن لا نعلم متى ولد أبو مخنف ، ولكنه لما قامت ثورة ابن الأشعث في سنة ٨٢ ه‍ كان في سن الرجال(١) .

__________________

(١) يمكن أن نعتبر إعتمادا على كلام فلهوزن هذا ، أن يكون عمر أبي مخنف في هذا التاريخ ٢٥ عاما ، فتكون ولادته سنة ٥٧ ه‍ ، أي قبل وقعة كربلاء بثلاث سنوات. وبناء على هذا الاعتبار يكون عمره نحو مئة عام. وقد ذكر فلهوزن بعد قليل ما يوحي بأن أبا مخنف كان مولودا عندما حدثت موقعة صفين ، وهذا غير صحيح لأن هذه الموقعة حدثت سنة ٣٧ ه‍ ، أي قبل أن يولد بعشرين سنة.

٣٥

وكان أبو مخنف صديقا لمحمد بن السائب الكلبي. ويرجع لهشام الكلبي المؤرخ المشهور [ت ٢٠٦ ه‍] ـ وهو ابن محمّد بن السائب ـ الفضل الأكبر في حفظ كتب أبي مخنف وروايتها وتوريثها للأجيال. والطبري في العادة يذكر روايات أبي مخنف بحسب رواية ابن الكلبي لها. وقد عاش أبو مخنف حتّى شهد سقوط خلافة بني أمية في دمشق. وآخر الروايات المأثورة عنه تتعلق بحوادث سنة ١٣٢ ه‍.

على أن أبا مخنف يذكر في بعض الأحيان رواة آخرين أقدم منه أو معاصرين له ويعتمد على رواياتهم ، مثل عامر الشعبي وأبي المخارق الراسبي ومجالد بن سعيد ومحمد بن السائب الكلبي. أما في الأغلب فإنه لم يأخذ ما رواه عن أقرانه من الرواة المتقدمين ، بل هو جمع رواياته من سماعه لها بنفسه ، ومن السؤال عنها في مختلف مظانّها ، وعند كل من استقاها من مصادرها أو حضرها بنفسه من الناس.وعلى هذا فإن سلسلة الرواة الذين يذكرهم هي دائما قصيرة جدا.

وكل الروايات تذكر في صورة حديث بين الأشخاص الذين كانت تدور حولهم الحوادث ، وكل الروايات وصف لمسرح هذه الحوادث.

(وقد أثبتّ بعد هذا البحث القيّم استقصاء للرواة الذين اعتمد عليهم أبو مخنف والطبري ، لما لذلك من قيمة تاريخية وتوثيقية).

ميزة أبي مخنف أنه يروي أخبارا متنوعة في الموضوع الواحد :

وتابع فلهوزن حديثه قائلا : وأعظم ما صنع أبو مخنف من حيث تقدير قيمة الروايات ، هو أنه جمع طائفة كبيرة من روايات متنوعة ومن أخبار عن الشيء الواحد مختلفة في مصادرها ، بحيث يستطيع الإنسان أن يوازن بينها ويعرف الصحيح المؤكد منها من غيره. وأبو مخنف قد توصّل بذلك إلى أن صارت الأشياء الثانوية تتوارى ، لأنها لا تظهر إلا مرة واحدة ، كما صارت الأشياء الأساسية لا تزال تزداد بروزا ، لأنها تتكرر في جميع الروايات.

أبو مخنف لم يراع الترتيب الزمني للحوادث :

ومع ذلك فإن أبا مخنف لا يتناول برواياته فترة كبيرة من الزمان ، وهو لا يربط بين أجزائها ربطا يراعي الوقائع كما هي ، ويراعي ترتيبها التاريخي ، ويعوزه ترتيب الحوادث ترتيبا مطّردا ، فهو لا يذكر إلا تواريخ متفرقة.

٣٦

ميزة أخرى لأبي مخنف ورواياته :

ومما يتميز به أبو مخنف أن رواياته تبدأ بعصر الفتوحات ، وأنه يخبرنا في الأغلب عن فترة كان هو نفسه يعيش فيها ، وهي تبدأ بوقعة صفين ، ويرجع ذلك إلى أن اهتمامه اقتصر على المكان الّذي كان يعيش هو فيه ، أعني على العراق وعاصمته الكوفة. والموضوعات التي يتناولها بشغف خاص هي ثورات الخوارج والشيعة ، التي كان على رأسها (مثل) حجر بن عدي والحسين بن عليّعليه‌السلام وسليمان بن صرد والمختار الثقفي

أبو مخنف كان موضوعيا رغم أن ميله شيعي :

فأبو مخنف يمثّل الروايات العراقية ، وهواه في جانب أهل العراق على أهل الشام ، وفي جانب عليّعليه‌السلام على بني أمية. ومع ذلك فإن الإنسان لا يلاحظ عند أبي مخنف شيئا من الأغراض يستحق الذكر.

المؤرخون الذين جاؤوا بعده :

وعند الحديث عن الدولة الأموية وأحزاب المعارضة ، لا يقدّم أبو مخنف المادة الغزيرة ، لذلك فإن أصدق مرجع لها هو الروايات المدنية (نسبة إلى المدينة المنوّرة) ، فهي أهم الروايات القديمة ، وهي من حيث أصولها أقدم من الروايات الكوفية. غير أن أصحابها الذين وصلت إلينا عنهم روايات كافية ، أحدث عهدا من أبي مخنف. وأهم حملة هذه الروايات المدنية هم خصوصا : ابن اسحق ، وأبو معشر ، والواقدي [ت ٢٠٧ ه‍]. وهم لم يكونوا يجمعون مادة الروايات من مصادرها الأصلية ، كما فعل الرواة قبلهم ، بل إنما وصلت إليهم الروايات من حفظ رواية العلماء لها. وهؤلاء نظروا فيها ونخلوها ، وكتبوها من جديد ومزجوا بينها ، ولكنهم خصوصا ربطوا بينها ربطا أوسع وأدقّ مما كان قبلهم. وهم في الوقت نفسه رتّبوها ترتيبا زمنيا مطّردا ، بحيث خرج على أيديهم من الروايات المفككة لأخبار الأحداث الكبرى المتفرقة ، تاريخ متصل.

ويمكن أن يعتبر ابن اسحق مؤسس هذا التاريخ ، وهو يتميز ـ هو ومن جاء بعده ـ بكتابة التاريخ في صورة ذكر الأحداث التي وقعت في كل عام ، وهي الصورة التي أصبحت متّبعة.

٣٧

هذا ولم يكن في المدينة ميل لبني أمية ولا لأهل الشام ، فلا يستطيع الإنسان أن ينتظر منهم أكثر من الحكاية الموضوعية.

روايات أهل الشام ضاعت :

ولا شك أنه قد كان هناك عند أهل الشام أيضا ، مأثور من الروايات ، ولكن هذا المأثور ضاع ولم يصل إلينا. ويجد الإنسان آثارا له عند البلاذري [ت ٢٧٩ ه‍] وربما وجدها أيضا عند عوانة الكلبي [ت ١٤٧ ه‍]. ويذكر الطبري في كثير من الأحيان عند روايته لأخبار الشام : وذلك بحسب رواية ابن الكلبي عادة.

أما المدائني [ت ٢٢٥ ه‍] فهو يتبوّأ ما يشبه أن يكون مكانا وسطا بين أبي مخنف وبين مؤرخي المدينة. فهو مؤرخ عالم ، لكنه يسهب في الرواية ، وله اهتمام إقليمي ظاهر فيما يتعلق بالبصرة وخراسان. وتكاد كل الروايات المتعلقة بهما تكون مأخوذة عنه. هذا إلى أنه يمثل وجهة النظر العباسية تماما ، وهو يروي سقوط بني أمية وقيام الأسرة (المباركة) ، رواية تتمشى مع ذلك.

وإنني أكتفي بهذا القدر من الكلام في بيان ما يختص به هؤلاء الرواة الكبار عند الطبري.

(انتهى ما أورده فلهوزن حتّى الصفحة ذ)

الرواة الذين اعتمد عليهم الطبري في رواياته عن مقتل الحسينعليه‌السلام :

إن (محمد بن جرير الطبري) من المؤرخين المتقدمين كما اسلفنا ، إذ كانت مدة حياته بين ٢٢٤ ـ ٣١٠ ه‍ (الموافق ٨٣٩ ـ ٩٢٣ م). ومن الملاحظ أن كل رواياته التي وردت في تاريخه ، والمتعلقة بمقتل الحسينعليه‌السلام كانت منقولة عن ابي مخنف ، الذي توفي سنة ١٥٧ ه‍. وهي منقولة مباشرة عن أبي مخنف باستثناء روايتين رواهما عن (هشام بن محمد الكلبي عن أبي مخنف).

وقد استقصيت كل هذه الروايات وجمعت أسانيدها ، لما لها من الأهمية التاريخية البالغة ، أوردها فيما يلي(١) :

__________________

(١) تاريخ الطبري ـ الجزء السادس ـ نهاية سنة ٦٠ ه‍.

٣٨

(قال هشام بن محمد) حدثني أبو مخنف عن يحيى بن هانئ بن عروة.

(قال هشام بن محمد) حدثني أبو مخنف عن النضر بن صالح بن حبيب بن زهير العبسي عن حسان بن فائد بن بكر العبسي.

(قال أبو مخنف) : حدثني النضر بن صالح بن زهير العبسي.

(قال أبو مخنف) : حدثني الحجاج بن علي عن محمد بن بشير الهمداني.

(قال أبو مخنف) : حدثني يوسف بن يزيد عن عفيف بن زهير بن أبي الأخنس.

(قال أبو مخنف) : حدثني يوسف بن يزيد عن عبد الله بن حازم.

(قال أبو مخنف) : حدثني سليمان بن أبي راشد عن عبد الله بن حازم الكبري.

(قال أبو مخنف) : حدثني سليمان بن أبي راشد عن حميد بن مسلم الأزدي.

(قال أبو مخنف) : حدثني الصقعب بن زهير عن حميد بن مسلم.

(قال أبو مخنف) : حدثني يونس بن أبي إسحاق السبيعي عن عباس الجدلي.

(قال أبو مخنف) : حدثني المجالد بن سعيد الهمداني عن عامر الشعبي.

(قال أبو مخنف) : حدثني قدامة بن سعيد بن زائدة بن قدامة الثقفي.

(قال أبو مخنف) : حدثني جعفر بن حذيفة الطائي.

(قال أبو مخنف) : حدثني سعيد بن مدرك بن عمارة.

(قال أبو مخنف) : حدثني عبد الرحمن بن جندب عن عقبة بن سمعان.

(قال أبو مخنف) : حدثني الحارث بن كعب الوالبي عن عقبة بن سمعان.

(قال أبو مخنف) : حدثني حدثتني دلهم بنت عمرو زوجة زهير بن القين.

(قال أبو مخنف) : حدثني أبو جناب يحيى بن أبي حية الكلبي عن عدى بن حرملة ابن كاهل الأسدي.

(قال أبو مخنف) : حدثني الحارث بن كعب الوالبي عن زين العابدينعليه‌السلام .

(قال أبو مخنف) : حدثني أبو جناب عن هانئ بن ثبيت الحضرمي.

(قال أبو مخنف) : حدثني أبو سعيد عقيصي عن بعض أصحابه.

(قال أبو مخنف) : حدثني هشام بن الوليد عمن شهد ذلك.

(قال أبو مخنف) : حدثني السدي عن رجل من بني فزارة.

٣٩

(قال أبو مخنف) : حدثني الصقعب بن زهير عن عوف بن أبي جحيفة.

(قال أبو مخنف) : حدثني عمر بن خالد عن زيد بن علي بن الحسينعليه‌السلام عن داود بن علي بن عبد الله بن عباس.

(قال أبو مخنف) : حدثني حدثني أبو علي الأنصاري عن بكر بن مصعب المزني.

(قال أبو مخنف) : حدثني لوذان أحد بني عكرمة عن أحد بني عمومته.

(قال أبو مخنف) : حدثني عقبة بن أبي العيزار.

(قال أبو مخنف) : حدثني الحارث بن حصيرة عن عبد الله بن شريك العامري.

(قال أبو مخنف) : حدثني عبد الله بن عاصم الفائشي عن الضحاك بن عبد الله المشرقي.

(قال أبو مخنف) : حدثني فضيل بن خديج الكندي من محمد بن بشر عن عمرو الحضرمي.

(قال أبو مخنف) : حدثني عمرو بن مرة الجملي عن أبي صالح الحنفي عن غلام لعبد الرحمن الأنصاري.

(قال أبو مخنف) : حدثني علي بن حنظلة بن أسعد الشامي عن رجل من قومه.

(قال أبو مخنف) : حدثني حسين أبو جعفر. (قال) حدثني محمد بن قيس.

(قال أبو مخنف) : حدثني سويد بن حية. (قال) حدثني ثابت بن هبيرة.

(قال أبو مخنف) : حدثني جعفر بن محمد بن عليعليه‌السلام .

(قال أبو مخنف) : حدثني عطاء بن السائب عن عبد الجبار بن وائل الحضرمي عن أخيه مسروق بن وائل.

(قال أبو مخنف) : حدثني الحسين بن عقبة المرادي.

(قال أبو مخنف) : حدثني نمر بن وعلة عن أيوب بن مشرح الخيواني.

(قال أبو مخنف) : حدثني زهير بن عبد الرحمن بن زهير الخثعمي.

(قال أبو مخنف) : حدثني الحجاج بن عبد الله بن عمار بن عبد يغوث البارقي.

(قال أبو مخنف) : حدثني جميل بن مرثد من بني معن عن الطرماح بن عدي.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

الولاية، ورأيت في بعض ما صنفه الطبري في صحة خبر يوم الغدير أنّ اسم الكتاب « الردّ على الحرقوصية » يعني: الحنبلية، لأن أحمد بن حنبل من ولد حرقوص بن زهير الخارجي، وقيل: إنّما سماه الطبري بهذا الاسم لأنّ البر بهاري الحنبلي تعرّض للطعن في شيء مما يتعلّق بخبر يوم غدير خم »(١) .

ذكر من قال ذلك

هذا، وقد أثبت كتاب الطبري هذا جماعة من كبار حفّاظ أهل السنّة وعلمائهم:

١ ) الذهبي

فقد قال محمد بن إسماعيل الأمير: « قال الحافظ الذهبي في تذكرة الحفاظ في ترجمة من كنت مولاه: ألّف محمد بن جرير فيه كتاباً، - قال الذهبي - وقفت عليه فاندهشت لكثرة طرقه »(٢) .

٢ ) ابن كثير

وستأتي ترجمته في محلها، قال بترجمة الطبري: « وقد رأيت كتاباً جمع فيه أحاديث غدير خمّ في مجلدين ضخمين، وكتابا جمع فيه طرق حديث الطير »(٣) .

٣ ) ياقوت الحموي

ترجم له ابن حجر العسقلاني [ لسان الميزان ٦ / ٢٣٩ ] بقوله « ياقوت الرومي الكاتب الحموي، قال ابن النجار: كان ذكياً حسن الفهم، ورحل في

___________________

(١). الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف، للسيد ابن طاوس: ٣٨.

(٢). الروضة الندية: شرح التحفة العلوية: ٥٧.

(٣). التاريخ لابن كثير ١١ / ١٤٧.

٨١

طلب النسب إلى البلاد والشام ومصر والبحرين وخراسان، وسمع الحديث وصنّف معجم البلدان ومعجم الادباء مات بحلب سنة ٦٢٦ » *: « وكان قد قال بعض الشيوخ ببغداد بتكذيب غدير خم وقال: إنّ علي بن أبي طالب كان باليمن في الوقت الذي كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - بغدير خم، وقال هذا الإنسان في قصيدة مزدوجة يصف فيها بلداً منزلاً منزلاً أبياتاً يلوّح فيها الى معنى حديث غدير، قال:

ثمّ مررنا بغدير خمّ

كم قائل فيه بزور جمّ

على عليّ والنبيّ الاميّ

وبلغ أبا جعفر ذلك فابتدأ بالكلام في فضائل عليّ وذكر طريق حديث خمّ »(١) .

٤ ) ابن حجر العسقلاني

قال بترجمة مولانا أمير المؤمنين -عليه‌السلام -: « قلت: ولم يجاوز المؤلّف ما ذكر ابن عبد البرّ وفيه مقنع، ولكنه ذكر حديث الموالاة عن نفر سمّاهم فقط، وقد جمعه ابن جرير الطبري في مؤلَّف فيه أضعاف من ذكر وصحّحه، واعتنى بجمع طرقه أبو العباس ابن عقدة، فأخرجه من حديث سبعين صحابياً أو أكثر »(٢) .

ترجمة الطبري

وإنْ شئت أن تعرف ما لابن جرير الطبري من مكانة مرموقة لدى القوم

___________________

(١). معجم الادباء ٦ / ٤٥٥.

(٢). تهذيب التهذيب ٧ / ٣٣٩.

٨٢

فضع يدك على أيّ معجم من معاجم الرجال شئت، تجد هناك المدح البليغ والثناء العظيم، وغاية التجليل والتكريم لابن جرير الطبري، وهذا بعض مصادر ترجمته:

١ - معجم الأدباء ١٨ / ٤٠.

٢ - الأنساب - الطبري.

٣ - تهذيب الأسماء واللغات ١ / ٧٨.

٤ - وفيات الأعيان ٤ / ١٩١.

٥ - العبر - حوادث سنة ٣١٠.

٦ - مرآة الجنان - حوادث سنة ٣١٠.

٧ - طبقات السبكي ٢ / ١٣٥.

٨ - تتمة المختصر في أخبار البشر - حوادث سنة ٣١٠.

٩ - لسان الميزان ٥ / ١٠٠.

١٠ - طبقات الحفاظ / ٣٠٧.

١١ - تذكرة الحفاظ / ٧١٠.

١٢ - ميزان الاعتدال ٣ / ٤٩٨.

١٣ - تاريخ بغداد ٢ / ١٦٢.

١٤ - طبقات القراء ٢ / ١٠٦.

١٥ - شذرات الذهب ٢ / ٢٦٠.

وسنترجم له بالتفصيل في هذا الكتاب إنْ شاء الله، ونكتفي هنا بذكر عبارتين فقط:

قال ابن تيمية في كلام له في الردّ على الامامية: « ولا يشكّ أنّ رجوع مثل: مالك وابن أبي ذؤيب وابن الماجشون والليث بن سعد والأوزاعي والثوري وابن أبي ليلى وشريك وأبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن وزفر والحسن بن زياد واللؤلؤي والشافعي والبويطي والمزني وأحمد بن حنبل وأبي داود السجستاني وابراهيم

٨٣

الحربي والبخاري وعثمان بن سعيد الدارمي وأبي بكر ابن خزيمة ومحمد بن جرير الطبري ومحمد بن نصر المروزي وغير هؤلاء إلى اجتهادهم واعتبارهم، مثل أن يعلموا سنّة النبي -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - الثابتة عنه، ويجتهدوا في تحقيق مناط الاحكام وتنقيحها وتخريجها، خير لهم من أن يتمسكوا بنقل الروافض عن العسكريّين وأمثالهما، فإنّ الواحد من هؤلاء أعلم بدين الله ورسوله من العسكريّين أنفسهما، فلو أفتاه أحدهما بفتيا كان رجوعه إلى اجتهاده أولى من رجوعه إلى فتيا أحدهما، بل هو الواجب عليه، فكيف إذا كان نقلا عنهما من مثل الرافضة، والواجب على مثل العسكريّين وأمثالهما أن يتعلّموا من الواحد من هؤلاء »(١) .

أقول: ونحن لا يسعنا إلّا أنْ نقول:( كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً ) (٢) .

وقال السيوطي في ( التنبئة بمن يبعثه الله على رأس كل مائة ): « وممن يصلح أن يعدّ على رأس الثلاثمائة: الإِمام أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، وعجبت كيف لم يعدّوه، وهو أجلّ من ابن شريحٍ وأوسع علوماً، وبلغ مرتبة الاجتهاد المطلق المستقل، ودوّن لنفسه مذهباً مستقلاً، وله أتباع قلّدوه وأفتوا وقضوا بمذهبه ويسمّون الجريرية.

وكان إماماً في كل علم من القراءة والتفسير والحديث والفقه والأصول وأقوال الصحابة والتابعين ومن بعدهم والعربية والتاريخ، قال النّوويّ: أجمعت الأمّة على أنه لم يصنّف مثل تفسيره. قال الخطيب: كان أئمة العلماء تحكم بقوله وترجع اليه، وكان قد جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره، قال ابن خزيمة: ما أعلم على الأرض أعلم من ابن جرير، وقد أراد الخليفة المقتدر بالله مرّة أن يكتب كتاب وقف تكون شروطه متفقاً عليها بين العلماء، فقيل له:

___________________

(١). منهاج السنة ٢ / ١٢٧.

(٢). سورة الكهف: ٥.

٨٤

لا يقدر على استحضار هذا إلّا محمد بن جرير، فطلبه عند ذلك فكتبها. مات في شوال سنة عشر وثلاثمائة ».

هذا شأن الطبري صاحب التفسير والتاريخ، وراوي حديث الغدير بطرقه في كتاب ( الموالاة ).

٨٥

(٤ )

تصنيف الحسكاني في طرق حديث الغدير

وصنّف أبو القاسم عبيد الله بن عبد الله الحسكاني كتاباً، أثبت فيه حديث الغدير وجمع طرقه، فقد قال السيد ابن طاوس -رحمه‌الله -:

« ومن ذلك: ما رواه أبو القاسم عبيد الله بن عبد الله الحسكاني في كتاب سماه: كتاب دعاء الهداة إلى أداء حق الموالاة »(١) .

وقال: « وصنف في حديث الغدير الحاكم عبيد الله بن عبد الله الحسكاني كتاب سمّاه: كتاب دعاء الهداة إلى أداء حقّ الموالاة، اثنا عشر كرّاساً مجلداً »(٢) .

ترجمة الحسكاني

وقد ترجم الحافظ السيوطي للقاضي الحسكاني بقوله: « الحسكاني القاضي المحدّث أبو القاسم عبيد الله بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن حسكان القرشي العامري النيسابوري، ويعرف بابن الحذّاء، شيخ متقن ذو عناية تامة بعلم الحديث، عمّر وعلا أسناده وصنف في الأبواب، وجمع، وحدث عن جدّه والحاكم

___________________

(١). الإقبال: ٤٥٣.

(٢). الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف.

٨٦

وأبي طاهر بن محمش، وتفقه بالقاضي أبي العلاء صاعد. أملى مجلساً صحح فيه رد الشمس لعلي، وهو يدل على خبرته بالحديث، وتشيع، مات بعد الأربعمائة وسبعين »(١) .

أقول: ليس التشيع بقادح في وثاقة الرجل، إذ قد عرفت من كلام ابن حجر الحافظ أن التشيع ليس إلّا محبّة علي -عليه‌السلام -.

على أن محمد بن يوسف الشامي، صاحب السيرة الشامية - وهو تلميذ السيوطي * وقد ترجم له مع الاطراء والثناء عليه في ( لواقح الأنوار للشعراني ) و ( الرسالة المستطرفة / ١١٣ ) و ( كفاية المتطلع للدهان ) و ( شذرات الذهب ٨ / ٢٥٠ ) و ( أصول الحديث للدهلوي ) وغيرها * قد نفى عن الحسكاني التشيع فقد قال محمد أمين بن محمد معين السندي بعد كلام له في إثبات عصمة أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام :

« وممّا يجب أن أنبه عليه: إنّ هذا الكلام في عصمة الأئمّة إنّما جرينا فيها على جري الشيخ الأكبرقدس‌سره فيها في المهدي - رضي الله تعالى عنه - من حيث أن مقصودنا منه أن قوله صلّى الله تعالى عليه وسلم فيه: « يقفو أثري لا يخطأ » لما دل عند الشيخ على عصمته، فحديث الثقلين يدل على عصمة الأئمّة الطاهرين - رضي الله تعالى عنهم - بما مر تبيانه، وليست عقدة الأنامل على أن العصمة الثابتة في الأنبياء -عليهم‌السلام - توجد في غيرهم، وإنّما اعتقد في أهل الولاية قاطبة العصمة بمعنى الحفظ وعدم صدور الذنب لا استحالة صدوره، والأئمّة الطاهرون أقدم من الكلّ في ذلك، وبذلك يطلق عليهم الأئمّة المعصومين.

فمن رماني من هذا المبحث باتّباع مذهب غير السنيّة مما يعلم الله سبحانه براءتي منه، فعليه إثم فريته والله خصمه، وكيف لا أخاف الاتّهام من هذا

___________________

(١). طبقات الحفاظ ٤٤٣ وفيه: عبيد الله بن أحمد بن محمد بن

٨٧

الكلام، وقد خاف شيخ أرباب السير في ( السيرة الشامية ) من الكلام على طرق حديث الشمس بدعائه صلّى الله تعالى عليه وسلّم - لصلاة علي - رضي الله تعالى عنه - وتوثيق رجالها أن يرمى بالتشيع، حيث رأى الحافظ الحسكاني في ذلك سلفاً له، ولننقل ذلك بعين كلامه، قال – رحمه ‌الله تعالى – لـمّا فرغ من توثيق رجال سنده:

« ليحذر من يقف على كلامي هذا هنا أن يظنّ بي أني أميل الى التشيع، الله تعالى يعلم أن الأمر ليس كذلك ». ( قال ): والحامل على هذا الكلام ( يعني قوله:

ليحذر الى آخره ): أن الذهبي ذكر في ترجمة الحسكاني أنه كان يميل الى التشيع، لأنه أملى جزءاً في طرق حديث ردّ الشمس ( قال ): وهذا الرجل ( يعني الحسكاني ) ترجمه تلميذه الحافظ عبد الغافر في ذيله تاريخ نيسابور، فلم يصفه بذلك، بل أثنى عليه ثناءاً حسناً، وكذلك غيره من المؤرخين، فنسأل الله تعالى السلامة بن الخوض في أعراض الناس بما لا نعلم وبما نعلم، والله تعالى أعلم. انتهى.

أقول: وهذا الجرح في الحافظ الحسكاني، إنما نشأ من كمال عصبيّة الجارح وانحرافه من مناهج العدل والإِنصاف، وإلّا فالحافظ في خدمة الحديث بذل جهده في تصحيح الحديث وجمع طرقه وأسناده، وأثبت بذلك معجزة من أعظم علامات النبوة وأكملها، بما يقر بصحته عين كل من يؤمن بالله تعالى ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وكيف يتّهم وينسب إلى التشيع بملابسة القضية لعلي -رضي‌الله‌عنه -؟ ولو صحّح حافظ حديثاً متمحضاً في فضله لا يتّهم بذلك، ولو كان كذلك لترك أحاديث فضائل أهل البيت رأساً. ومن مثل هذه المؤاخذة الباطلة طعن كثير من المشايخ العظام، ومولع هذا الفن الشريف إذا صح عنده حديث في أدنى شيء من العادات كاد أن يتّخذ لذلك طعاماً فرحاً بصحة قول الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - عنده، وأين هذا من ذاك؟ ولما اطّلع هذا الفقير على صحته كأنّه ازداد سمناً من سرور ذلك ولذته، أقر الله سبحانه وتعالى عيوننا بأمثاله،

٨٨

والحمد لله رب العالمين »(١) .

ترجمة عبد الغافر

ولنترجم للحافظ عبد الغافر تلميذ الحافظ الحسكاني ومادحه فقد ذكره ابن خلّكان بقوله: « أبو الحسن عبد الغافر إسماعيل الحافظ، كان إماما في الحديث والعربية، وقرأ القرآن الكريم، ولقّن الاعتقاد بالفارسية وهو ابن خمس سنين، وتفقّه على إمام الحرمين أبي المعالي الجويني صاحب نهاية المطلب في المذهب، والخلاف، ولازمه مدة أربع سنين وهو سبط الامام أبي القاسم عبد الكريم القشيري المقدّم ذكره، وسمع عليه الحديث كانت ولادته في شهر ربيع الآخر سنة إحدى وخمسين وأربعمائة، وتوفّي في سنة تسع وعشرين وخمسمائة بنيسابور،رحمه‌الله تعالى »(٢) .

وبمثل هذا ترجم له كل من الذهبي واليافعي والأسنوي(٣) .

وذكره ابن قاضي شهبة الأسدي بقوله: « الحافظ العالم الفقيه البارع أبو الحسن الفارسي النيسابوري، ذو الفنون والمصنفات ». وقال في آخر كلامه: « قال الذهبي: كان إماماً، حافظاً، محدثاً، لغوياً، أديباً، كاملاً، فصيحاً، مفوهّاً »(٤) .

هذا وكأن ( الدهلوي ) لم يقف على ما تقدم، ولا سيّما ما ذكره صاحب دراسات اللبيب - وهو في طبقته ومن تلامذة والده - فحكم على رواية الحسكاني الموافقة لرواية الحافظ الثعلبي في التفسير وابن حجر المكي في صواعقه: بأنها تحريف للقرآن، وذلك حيث قال:

___________________

(١). دراسات اللبيب: ٢٤٦ - ٢٤٨

(٢). وفيات الأعيان ٣ / ٢٢٥

(٣). العبر، حوادث ٥٢٩، مرآة الجنان حوادث ٥٢٩، طبقات الشافعية ٢ / ٢٧٥

(٤). طبقات الشافعية ٢ / ٢٧٤. هذا وللحافظ أبي الحسن عبد الغافر بن إسماعيل الفارسي ترجمة في تذكرة الحفاظ / ١٢٧٦، طبقات السبكي ٤ / ٢٥٥، شذرات الذهب ٤ / ٩٣، تاريخ ابن كثير ١٢ / ٢٣٥

٨٩

« وأخرج الحسكاني بإسناده عن الأصبغ بن نباته، أنه سأل أمير المؤمنين عن قوله تعالى:( وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلّاً بِسِيماهُمْ ) (١) ، فقال: ويحك يا أصبغ! أولئك نحن، نقف بين الجنة والنار فنعرف من نصرنا بسيماه وندخله الجنة ونعرف من عادانا بسيماه وندخله النار.

وكل هذه الرواية تحريف، فانه ذكر في حقهم صريحاً طمعهم في دخول الجنّة وخوفهم من دخول النار، وهذا لا يناسب شأن الأئمة المهديين »(٢) .

أقول: ومن اراد الاطلاع على تفصيل وجوه قلع هذه الشبهة الركيكة فعليه بكتاب ( مصارع الأفهام ) للعلامة السيد محمد قلي، أحله دار السلام.

___________________

(١). سورة الاعراف: ٤٦.

(٢). هامش التحفة الاثنا عشرية، الباب الحادي عشر.

٩٠

(٥ )

تصنيف أبي سعيد السجستاني مصنفاً في

طرق حديث الغدير

وصنف أبو سعيد مسعود السجستاني كتاباً مفرداً في طرق حديث الغدير قال السيد ابن طاوس – رحمه ‌الله تعالى -: « إعلم أن نص النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - على مولانا علي بن أبي طالب -عليه‌السلام - يوم الغدير بالإِمامة لا يحتاج إلى كشف وبيان لأهل العلم والإِمامة والدراية، وإنما نذكر تنبيهاً على بعض من رواه، ليقصده من شاء ويقف على معناه:

فمن ذلك: ما صنّفه أبو سعيد مسعود بن ناصر السجستاني المخالف لأهل البيت في عقيدته، المتفق عند أهل المعرفة على صحة ما يرويه لأهل البيت وأمانته، صنف كتاباً سماه كتاب دراية حديث الولاية، وهو سبعة عشر جزء، روى فيه حديث نص النبي بتلك المناقب والمراتب على مولانا علي بن أبي طالب عن مائة وعشرين نفساً من الصحابة »(١) .

___________________

(١). الاقبال: ٤٥٣.

٩١

وقال أيضاً: « قد وقفت على كتاب صنّفه أبو سعيد مسعود بن ناصر السجستاني سمّاه كتاب دراية حديث الولاية، وهو سبعة عشر جزء ما وقفت على مثله، وهذا مسعود بن ناصر من أوثق رجال الأربعة المذاهب، وقد كشف عن حديث يوم الغدير ونص النبي على علي بن أبي طالب بالخلافة بعده، رواه عن مائة وعشرين نفساً من الصحابة منهم ست نساء، ومن عرف ما تضمّنه كتاب دراية حديث الولاية ما يشك في أن الذين تقدموا على علي بن أبي طالب عاندوا ومالوا إلى طلب الرئاسة.

وعدد أسانيد كتاب دراية الولاية ألف وثلاثمائة إسناد »(١) .

ترجمة أبي سعيد السجستاني

وأبو سعيد السجستاني من كبار حفاظ أهل السنة قال السمعاني: « أبو سعيد مسعود بن ناصر بن أبي زيد السجزي الركاب: كان حافظاً متقناً فاضلاً رحل إلى خراسان والجبال والعراقين والحجاز، وأكثر من الحديث وجمع الجمع، روى لنا عنه جماعة كثيرة بمرو ونيسابور وأصبهان، وتوفي سنة سبعة وسبعين وأربعمائة »(٢) .

وقال الذهبي: « ومسعود بن ناصر السجزي، أبو سعيد الركاب الحافظ رحل وصنّف وحدّث عن أبي حسان المزكّى وعلي بن بشرى وطبقتهما، ورحل إلى بغداد وأصبهان، قال الدقاق: لم أر أجود إتقاناً ولا أحسن ضبطاً منه: توفي بنيسابور في جمادى الأولى »(٣) .

وقال اليافعي في حوادث سنة ٤٧٧: « وفيها الحافظ أبو سعيد مسعود بن ناصر السجزي، رحل وصنّف وحدّث عن جماعة، قال الدقاق: لم أر أجود إتقاناً

___________________

(١). الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف للسيد ابن طاوس: ٣٨.

(٢). الانساب - السجستاني.

(٣). العبر - حوادث سنة ٤٧٧.

٩٢

ولا أحسن ضبطاً منه »(١) .

ترجمة الدقاق

ولنذكر ترجمة السيوطي للدقاق المادح لأبي سعيد، قال: « الدقاق الحافظ المفيد الرّحال، أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد بن محمد الأصبهاني، ولد سنة بضع وثلاثين وأربعمائة وسمع وأكثر، وأملى بسرخس، وكان صالحاً يقرئ، متعففاً، صاحب سنّة واتّباع.

قال الحافظ إسماعيل بن محمد: ما أعرف أحداً أحفظ لغرائب الأحاديث وغرائب الأسانيد منه، مات ليلة الجمعة سادس شوال سنة ٥١٤ »(٢) .

___________________

(١). مرآة الجنان، حوادث سنة ٤٧٧. وانظر: تذكرة الحفاظ / ١٢١٦، شذرات الذهب ٣ / ٣٥٧، طبقات الحفاظ: ٤٤٧.

(٢). طبقات الحفاظ: ٤٥٦. وفيه بدل « يقرى »: « فقيرا ». وتاريخ الوفاة فيه: ٥١٦.

٩٣

(٦ )

تصنيف الحافظ الذهبي في جمع

طرق حديث الغدير

وصنف الحافظ شمس الدين الذهبي كتاباً مفرداً في طرق حديث الغدير وصرّح بأن له طرقاً جيدة جاء ذلك في ( مفتاح كنز دراية المجموع ) حيث قال: « وقال الخطيب البغدادي: كان الحاكم ثقة وكان يميل الى التشيع، جمع أحاديث وزعم أنها صحاح على شرط البخاري ومسلم، منها حديث الطير، ومن كنت مولاه فعلي مولاه، فأنكرها عليه أصحاب الحديث ولم يلتفتوا إلى قوله.

قال الحافظ الذهبي: ولا ريب أن في المستدرك أحاديث كثيرة ليست على شرط الصحة، بل فيه أحاديث موضوعة شان المستدرك بإخراجها فيه، وأمّا حديث الطير فله طرق كثيرة جداً، قد أفردتها بمصنف بمجموعها يوجب أنّ الحديث له أصل، وأمّا حديث من كنت مولاه فعلي مولاه، فله طرق جيّدة وقد أفردت ذلك أيضاً »(١) .

___________________

(١). مفتاح كنز دراية المجموع من درر المجلّد المسموع: ١٠٧.

٩٤

أقول: والجدير بالذكر هنا أن ( الدهلوي ) أسقط من عبارة الذهبي هذه - حيث نقلها - تصريح الذهبي بتصنيفه كتاباً في طرق حديث الغدير، فقد جاء في ( بستان المحدثين ) له، المنحول من كتاب ( مفتاح كنز دراية المجموع ) بترجمة الحاكم ما هذا تعريبه: « قال الخطيب البغدادي: كان الحاكم ثقة وكان يميل الى التشيع، وقال بعض العلماء بالنسبة الى تشيّعه أنه كان يقول بتفضيل علي على عثمان، وهو مذهب جماعة من الاسلاف، والله أعلم.

ولقد أنكر عليه جماعة من أجلة العلماء كثيراً من أحاديث المستدرك التي حكم بصحتها وزعم أنها صحاح على شرط الشيخين، منها: حديث الطير وهو من مناقب المرتضى المشهورة المعروفة، ومن هنا قال الذهبي: لا يحلّ لأحدٍ أن يغترّ بتصحيح الحاكم ما لم يلاحظ تعقيباتي عليه. وقال أيضاً: في المستدرك أحاديث كثيرة ليست على شرط الصحة، بل فيه أحاديث موضوعة شان المستدرك بإخراجها فيه. وأمّا حديث الطير فله طرق كثيرة جدّاً قد أفردتها بمصنف بمجموعها يوجب أنّ الحديث له أصل »(١) .

فحيا الله أمانة ( الدهلوي ) وديانته، وخدمته للحديث وأهله!!

___________________

(١). بستان المحدثين - ترجمة الحاكم: ٣٤.

٩٥

(٧ )

تصنيف بعض العلماء في طرق حديث الغدير

وصنف بعض العلماء كتاباً كبيراً في طرق حديث الغدير، وهو يزيد على ثمانية وعشرين مجلدا، على ما نقل الحسين بن جبر عن ابن شهرآشوب * الذي ترجم له في ( الوافي بالوفيات ٤ / ١٦٤ ) و ( البلغة في تراجم أئمة النحو واللغة / ٢٤٠ ) و ( بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة ١ / ١٨١ ) * حيث قال « قال جدي شهرآشوب: سمعت أبا المعالي الجويني يتعجّب ويقول: شاهدت مجلداً ببغداد في يد صحاف فيه روايات هذا الخبر مكتوبا عليه: المجلدة الثامنة والعشرون من طرق قوله: « من كنت مولاه فعلي مولاه »، يتلوه المجلدة التاسعة والعشرون »(١) .

وحكاه الحافظ القندوزي الحنفي عن الجويني كذلك(٢) .

أقول: فأي حديث أكثر تواتراً من هذا الحديث الذي استغرقت طرقه هذه المجلدات الكثيرة عن أكثر من مائة صحابي!؟

___________________

(١). نخب المناقب: ٩٢.

(٢). ينابيع المودة: ٣٦.

٩٦

ترجمة أبي المعالي الجويني

وأبو المعالي الجويني، الذي شاهد هذا الكتاب العظيم، من كبار مهرة فن الحديث وفحول التحقيق وفطاحل الأئمة، ترجم له:

ابن خلكان: وفيات الأعيان ٢ / ٣٤١.

اليافعي: مرآة الجنان حوادث ٤٧٨.

الذهبي: العبر حوادث ٤٧٨.

الأسنوي: طبقات الشافعية ١ / ٤٠٩.

الأسدي: طبقات الشافعية ١ / ٢١٨.

ابن الجوزي: المنتظم حوادث سنة ٤٧٨.

ابن كثير: التاريخ حوادث سنة ٤٧٨.

ابن العماد: شذرات الذهب حوادث سنة ٤٧٨.

السبكي: طبقات الشافعية ٥ / ١٦٥.

ولنقتصر على ترجمته من اليافعي:

« وفيها الامام الحفيل السيد الجليل، المجمع على إمامته، المتفق على غزارة مادته وتفننه في العلوم، من الأصول والفروع والأدب وغير ذلك، الإمام الناقد، المحقق البارع، النجيب المدقق، أستاذ الفقهاء والمتكلمين، وفحل النجباء والمناظرين، المقرّ له بالنجابة والبراعة، والبلاغة والبداعة، وتحقيق التصانيف وملاحتها وحسن العبارة وفصاحتها، والتقدم في الفقه، والأصلين، النجيب ابن النجيب، إمام الحرمين، حامل راية المفاخر وعلم العلماء الأكابر، أبو المعالي عبد الملك ابن ركن الإسلام ابن محمد، إمام الحرمين، فخر الإِسلام، إمام الأئمّة ومفتي الأنام، المجمع على إمامته شرقاً وغرباً، المقرّ بفضله السراة والحراة عجماً وعرباً، ربّاه حجر الإِمامة، وحرّك ساعد السعادة مهده، وأرضعه ثدي العلم والورع إلى أن ترعرع فيه ويفع.

٩٧

أخذ من العربية وما يتعلق بها أوفر حظ ونصيب، وزاد فيها على كلّ أديب، من التوسع في العبارة بعلوها ما لم يعهد من غيره، حتى أنسى سحبان وفاق فيه الاقران، وأعجز الفصحاء اللد وجاوز الوصف والحد، وكان يذكر دروساً يقع كل واحد منها في أطباق وأوراق، لا يتلعثم في كلمة ولا يحتاج إلى استدراك عثرة، يمر فيها كالبرق الخاطف ويصوت كالرعد القاصف، لا يلحقه المبرزون ولا يدرك شأوه المتشدقون المتفيهقون، وما يوجد من كثير من العبارات البالغة كنه الفصاحة، غيض من غيض ما كان على لسانه، وغرفة من أمواج ما كان يعهد من بيانه.

تفقّه في صباه على والده ركن الإسلام ثمّ خلفه من بعد وفاته وأتى على جميع مصنفاته فقلبها ظهراً لبطن وتصرف فيها، خرّج المسائل بعضها على بعض، ودرّس سنين، ولم يرض في شبابه تقليد والده وأصحابه، حتى أخذ في التحقيق وجدّ واجتهد في المذهب والخلاف ومجالس النظر حتى ظهرت نجابته، ولاح على أيّامه همة أبيه وفراسته، وسلك طريق المباحثة وجمع الطرق بالمطالعة والمناظرة، حتى أربى على المتقدمين وأنسى مصنفات الأوّلين، وسعى في دين الله سعياً يبقى أثره إلى يوم الدين » الى آخر الترجمة الحافلة(١) .

___________________

(١). مرآة الجنان - حوادث سنة ٤٧٨.

اقول: وممن ألّف في حديث الغدير من أعلام أهل السنة:

١ - أبو جعفر محمد بن علي بن دحيم الشيباني الكوفي المتوفى سنة ٣٥١، عدّه العلامة الأميني من رواة القرن الرابع وقال: ممن ألّف في الحديث، ثم لم يعده في المؤلفين.

٢ - الحافظ العراقي زين الدين عبد الرحيم بن الحسين الشافعي المتوفى سنة ٨٠٦، ترجم له ابن فهد المكي في ذيل تذكرة الحفاظ / ٢٣١، وذكر هذا الكتاب في مؤلفاته.

٣ - أبوبكر محمد بن عمر البغدادي، المعروف بالجعابي، المتوفى سنة ٣٥٥، والمترجم له في تذكرة الحفاظ وتاريخ بغداد وطبقات الحفاظ / ٣٧٥، له كتاب: « من روى حديث غدير خم » عدّه أبو العباس النجّاشي من كتبه في فهرسته ٢٨١.

٤ - الحافظ الدار قطني علي بن عمر البغدادي المتوفى سنة ٣٨٥، قال الكنجي في كفاية الطالب =

٩٨

___________________

= عند ذكر حديث الغدير: أجمع الحافظ الدار قطني طرقه في جزء.

٥ - شمس الدين محمد بن محمد المعروف بابن الجزري الدمشقي الشافعي المتوفى سنة ٨٣٣.

أفرد رسالة في اثبات تواتر حديث الغدير وأسماها « أسنى المطالب في مناقب علي بن أبي طالب » وقد عدّها في تآليفه السخاوي في ترجمته في الضوء اللامع. )

٩٩

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423