تذكرة الفقهاء الجزء ٧

تذكرة الفقهاء12%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-007-2
الصفحات: 481

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 481 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 179158 / تحميل: 5960
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ٧

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٠٠٧-٢
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

كلمة في تاريخ بغداد

قال ابن جزلة حول تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ما نصه:

« ولمـّا كان الحديث والعناية به ومعرفة الرجال الناقلين له من أجلّ العلوم الشرعية وأشرفها، إستحق من صرف إليه زمانه ووفّر عليه تعبه الثناء والمدح والترحم على السلف الماضين منهم.

وقد صنّف الناس في ذلك وأوغلوا وبالغوا، وميّزوا الثقة من المتهم والضعيف من القوي، وما أعظم فائدة ذلك وأجل موقعه، لكثرة ما دسَّ الملاحدة والزنادقة من الأحاديث الموضوعة البشعة المنفردة التي فسد بسماعها خلق من الناس، واعتقد الغر عند سماعها أنها من قول صاحب الشرع فهلك وتسرع إلى التكذيب ومال إلى الخلاعة، نعوذ بالله من الشقاء والبلاء.

وهذا الكتاب الذي صنّفه الشيخ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب الحافظ البغداديرحمه‌الله ، وسماه تاريخ بغداد، كتاب جليل في هذا العلم نفيس، قد تعب وسهر فيه، وأطال الزمان، والله تعالى يثيبه ويحسن إليه »(١) .

ترجمته:

وللنقل بعض كلمات كبار العلماء في حقه:

١ - السمعاني : « صنّف قريباً من مائة مصنف صارت عمدة لأصحاب الحديث، منها التاريخ الكبير لمدينة السّلام بغداد »(٢) .

٢ - ابن خلكان : « صاحب تاريخ بغداد وغيره من المصنفات المفيدة، كان من الحفاظ المتقنين والعلماء المتبحرين، ولو لم يكن له سوى التاريخ لكفاه، فإنه

____________________

(١). المختصر المختار من تاريخ بغداد / مقدمة المؤلف.

(٢). الأنساب / البغدادي.

٦١

يدل على اطلاع عظيم »(١) .

٣ - الذهبي : « قال الحافظ ابن عساكر: سمعت الحسين بن محمّد يحكى عن ابن خيرون أو غيره: أن الخطيب ذكر أنه لما حجّ شرب ماء زمزم ثلاث شربات، وسأل الله تعالى ثلاث حاجات: أن يحدّث بتاريخ بغداد بها، وأن يملي الحديث بجامع المنصور، وأن يدفن عند بشر الحافي. فقضيت له الثلاث »(٢) .

وممن ترجم له كذلك السبكي و ( الدهلوي ) في ( بستان المحدثين ).

(٧)

رواية ابن المغازلي

روى هذا الحديث بطرقٍ عديدة حيث قال:

« قولهعليه‌السلام : كنت أنا وعلي نوراً بين يدي الله.

أخبرنا أبو غالب محمّد بن أحمد بن سهل النحويرحمه‌الله ، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن منصور الحلبي الأخباري، قال: حدثنا علي بن محمد العدوي الشمشاطي قال: حدثنا الحسن بن علي بن زكريا، قال: حدثنا أحمد بن المقدام العجلي، قال: حدثنا الفضيل بن عياض، عن ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن زاذان عن سلمان الفارسي قال: سمعت حبيبي محمّداصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: كنت أنا وعلي نوراً بين يدي الله عز وجل، يسبح الله ذلك النور ويقدّسه قبل أن يخلق آدم بألف عام، فلما خلق الله آدم ركّب ذلك النور في صلبه، فلم يزل في شيء واحداً حتى افترقنا في صلب عبد المطلب، ففيّ النبوة وفي علي الخلافة.

____________________

(١). وفيات الاعيان ١ / ٩٢.

(٢). سير أعلام النبلاء ١٨ / ٢٧٠.

٦٢

وأخبرنا أبو طالب محمّد بن أحمد بن عثمان قال: حدّثنا محمّد بن الحسن بن سليمان، قال: حدّثنا عبد الله بن محمد البكري، قال: حدّثنا عبد الله بن محمد ابن حسان الهروي، قال: حدّثنا جابر بن سهل بن عمر بن جعفر، حدّثني أبي عن الأعمش عن سالم بن أبي الجعد عن أبي ذر، قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: كنت أنا وعلي نوراً عن يمين العرش، يسبح الله ذلك النور ويقدسه قبل أن يخلق الله آدم بأربعة عشر ألف عام، فلم أزل أنا وعلي في شيء واحد حتى افترقنا في صلب عبد المطلب.

و أخبرنا أبو غالب محمد بن أحمد بن سهل النحوي نا: أبو عبد الله محمّد بن علي بن مهدي السقطي الواسطي إملاء قال: أخبرنا أحمد بن علي القواريري الواسطي، نا محمّد بن عبد الله بن ثابت، نا محمّد بن مصفا، نا بقية بن الوليد عن سعيد بن عبد العزيز، عن جابر بن عبد الله عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: إن الله عز وجل؟؟؟ أول قطعة من نور فأسنها في صلب آدم، فساقها حتى قسمها جزءين: جزءاً في صلب عبد الله وجزءاً في صلب أبي أبي طالب، فأخرجني نبياً وأخرج علياً وصياً »(١) .

فائدة:

لقد جاء في آخر النسخة التي بأيدينا ما يلي بنصه: « قال في النسخة التي نقلت منها هذه: قال في الأم: قال في نسخة الفقيه بهاء الدين علي بن أحمد الأكوع: فرغ من نسختها أبو الحسن علي بن محمد بن الحسن بن أبي نزار ابن الشرفية بواسط العراق، في ثاني عشر من شوال من سنة خمس وثمانين وخمسمائة، والله ولي التوفيق.

ثم قال في أم الأم: وفرغت من نسخها في جمادى الآخرة من سنة ثلاث وعشرين وستمائة، وكتب عمر بن الحسن بن ناصر بن يعقوب. ختم الله له بخير.

____________________

(١). مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ٨٧ - ٨٩.

٦٣

وقال في أم هذه النسخة: فرغت أنا من هذه النسخة، يوم تاسع عشر من شهر المحرم الحرام من سنة إحدى وتسعين وتسعمائة سنة بمدينة ثلا حماه الله بالصالحين من عباده، وكتب مالكه مملوك آل محمد سعيد بن عبد الله بن صالح عفا الله عنه وحشره في زمرتهم.

وفرغت أنا من تحصيل هذه النسخة المباركة - وأنا الفقير إلى مغفرة الله وكرمه، والعائذ به من أليم عذابه ونقمه: الحسين بن عبد الهادي بن أحمد صلاح، ثبته الله بالقول الثابت في الدنيا والآخرة - آخر نهار الخميس خامس شهر جمادى الآخرة، سنة سبع وثلاثين وألف سنة بمدينة ثلا حرسها الله تعالى بصالحين من عباده، والحمد لله رب العالمين وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين، وأنا أسال من اطلع على هذا الكتاب واستوصيه أن يدعو لي بما أمكن من الدعاء لا سيما لحسن الخاتمة والعقبي، وبالله التوفيق والاعانة وهو حسبي ونعم الوكيل ».

وجاء في آخر النسخة أيضاً:

« قال في آخر النسخة التي نقلت منها هذه ما لفظه: حكاية حسنة من المناقب مسموعة في فضائل أهل البيت: قال أبو الحسن علي بن محمّد بن الشرفية: حضر عندي في دكاني بالوراقين بواسط يوم الجمعة خامس ذي القعدة من سنة ثمانين وخمسمائة: القاضي العدل جمال الدين نعمة الله بن علي بن أحمد العطار، وحضر أيضاً عندي الأمير شرف الدين أبو شجاع بن العبري الشاعر، فسأل شرف الدين القاضي جمال الدين أن يسمعه المناقب، فابتدأ بالقراءة عليه من نسختي التي بخطّي في دكاني يومئذ، وهو يرويها عن جدّه العلّامة المعمّر محمّد بن علي المغازلي عن أبيه المصنف، فهمّا في القراءة وقد اجتمع عليهما جماعة، إذ اجتاز أبو مصر قاضي العراق وأبو العباس ربيعة وهما ينبزان بالعدالة، فوقفا يغوغيان وينكران عليه قراءة المناقب، وأطنب قاضي العراق في التهزء والمجون، وقال في جملة مقالته على طريق الاستهزاء: أي قاضي اجعل لنا وظيفة كلّ يوم جمعة بعد الصلاة تسمعنا شيئاً من هذه المناقب في المسجد الجامع، فقال لهما القاضي نعمة

٦٤

الله بن العطار: ما أنتما من أهلها، أنتما قد حضرتما في درب الخطيب وذكرتما أن علياً ما كان يحفظ سورة واحدة من كتاب الله تعالى، والمناقب تتضمّن أنه ما كان في الصحابة أقرأ من علي بن أبي طالب، فما أنتما من أهلها، فأكثرا الغوغاء والتهزّء، فضجر القاضي نعمة الله بن العطار، وقال بمحضر جماعة كانوا وقوفاً:

أللهم إنْ كان لأهل بيت نبيّك عندك حرمة ومنزلة فاخسف به داره وعجّل نكايته، فبات في ليلته تلك وفي صبيحة يوم السبت من سنة ثمانين وخمسمائة خسف الله تعالى بداره، فوقعت هي والقنطرة وجميع المسنّاة إلى دجلة، وتلف منه فيها جميع ما كان يملك من مال وأثاث وقماش، فكانت هذه المنقبة من أطرف ما شوهد يومئذ من مناقب آل محمّد صلوات الله عليهم.

فقال علي بن محمد بن الشرفية في ذلك اليوم في هذا المعنى:

يا أيّها العدل الذي

هو عن طريق الحق عادل

متجنباً سبل الهدى

وإلى سبيل الغيّ مائل

أبمثل أهل البيت يا

مغرور ويحك أنت هازل

دع عنك أسباب الخلا

عة واستمع مني الدلائل

بالأمس حين جحدت

من أفضالهم بعض الفضائل

وجريت في سنن السخر

ولست تسمع عذل عاذل

نزل القضاء على ديار

ك في صباحك شرّ نازل

أضحت ديارك سابحات في

الثرى خسف الزلازل

وبقيت يا مغرور في الد

ارين لم تحظ بطائل

هذا الجزاء بهذه الدنيا فعد

لهم غداً ما أنت قائل

قال علي بن محمّد الشرفية: وقرأت المناقب التي صنّفها ابن المغازلي بمسجد الجامع بواسط، الذي بناه الحجاج بن يوسف الثقفي لعنه الله ولقّاه ما عمل، في مجالس ستة، أوّلها الأحد رابع صفر وآخرهنّ عاشر صفر سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة، في أممٍ لا يحصى عديدهم، وكتب قاريها بالمسجد الجامع علي بن محمّد

٦٥

ابن الشرفية ».

ترجمته:

وأبو الحسن علي بن محمّد المعروف بابن المغازلي، من أعلام الفقهاء والمحدّثين من أهل السنة. قال السمعاني: « كان فاضلاً عارفاً برجالات واسط وحديثهم، وكان حريصاً على سماع الحديث وطلبه، رأيت له ذيل التاريخ بواسط وطالعته وانتخبت منه روى لنا عنه ابنه بواسط ».

(٨)

رواية شيرويه الديلمي

لقد روى هذا الحديث في ( فردوس الأخبار ) حيث قال:

« سلمان: كنت أنا وعلي نوراً بين يدي الله مطيعاً يسبّح الله ويقدس قبل أن يخلق آدم بأربع عشر ألف سنة، فلما خلق الله آدم ركّب ذلك النور في صلبه، ولم نزل في شيء واحد حتى افترقنا في صلب عبد المطلب، فجزء أنا وجزء علي بن أبي طالب ».

و قال: « سلمان: قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : بخلقت أنا وعلي من نور واحد قبل أن يخلق آدم بأربعة آلاف عام، فلما خلق الله تعالى آدم ركّب ذلك النور في صلبه، فلم نزل في شيء واحد حتى افترقنا في صلب عبد المطلب، ففيّ النبوة وفي علي الخلافة ».

ترجمته:

وقد أثنى على شيرويه الديلمي وأطراه كل من ترجم له، كالذهبي في ( تذكرة الحفاظ ) وغيره والرافعي في ( التدوين ) واليافعي في ( مرآة الجنان ) والأسنوي

٦٦

في ( طبقات الشافعية ) وغيرهم من أعلام أهل السنة أصحاب السير والتواريخ وسنورد نصوص عبائرهم في قسم ( حديث التشبيه ) إنْ شاء الله تعالى.

(٩)

رواية العاصمي

لقد رواه بطرق عديدة مستدلاً به على شبه أمير المؤمنينعليه‌السلام لآدمعليه‌السلام في الخلق، ثم أيّده بأحاديث أخر، قال:

« ذكر مشابه نبينا آدمعليه‌السلام ، فإنه قد وقعت المشابهة بين المرتضى وبينهعليه‌السلام بعشرة أشياء: أوّلها الخلق والطينة، والثاني بالمكث والمدة، والثالث بالصاحبة والزوجة، والرابع بالتزويج والخلعة، والخامس بالعلم والحكمة، والسادس بالذهن والفطنة، والسابع بالأمر والخلافة، والثامن بالأعداء والمخالفة، والتاسع بالعرفاء والوصية، والعاشر بالأولاد والعترة.

أما الخلق والطينة فإن آدمعليه‌السلام خلق من الطين وخلط طينه بنور الثقلين، فكان طيناً دينيّاً، وكذلك المرتضى خلق من الطينة الطاهرة والتربة الزكية الزاهرة، ولذلك قال المصطفى: خلقت من أطيب الطين وخلق محبي من أسفلها ثم خلطت العليا بالسفلى، فلو لا النبوة والرسالة لكنت رجلاً من أمتي.

والذي يؤيد ما قلنا: ما أخبرني به محمّد بن أبي زكريا الثقة قال: أخبرنا محمّد بن عبد الله الحافظ قال: حدثنا إسحاق بن محمّد بن علي بن خالد الهاشمي بالكوفة قال: حدّثنا أحمد بن زكريا بن طهمان، قال: حدّثنا محمّد بن خالد الهاشمي قال: حدّثنا الحسن بن إسماعيل بن حماد بن أبي خليفة، عن أبيه عن زياد بن المنذر، عن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن جدّه قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كنت أنا وعلي نوراً بين يدي الله

٦٧

عز وجل من قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام، فلمّا خلق الله آدم نقل ذلك النور من صلبه، فلم يزل ينقله من صلب إلى صلب حتى أقرّه في صلب عبد المطلب فقسّمه قسمين، فصيّر قسمي في صلب عبد الله وقسم علي في صلب أبي طالب، فعلي مني وأنا منه، لحمه لحمي ودمه من دمي، فمن أحبه فبحبي أحبه ومن أبغضه فببغضي أبغضه ».

ثم روى أربعة أحاديث أخرى، وهذه ألفاظ ثلاثة منها:

« عن أبي الحمراء عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: لمـّا اسري بي إلى السماء نظرت إلى ساق العرش الأيمن، فاذا عليه مكتوب: لا إله إلّا الله محمّد رسول الله أيّدته بعلي ونصرته به ».

« عن نافع عن ابن عمر قال: بينما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جالس ذات يوم ببطحاء مكة، إذ هبط عليه جبرئيل الروح الأمين قال: يا محمد إنّ رب العرش يقرأ عليك السلام ويقول: لما أخذ ميثاق النبيين أخذ ميثاقك في صلب آدم، فجعلك سيّد الأنبياء وجعل وصيك سيّد الأوصياء علي بن أبي طالب ويقول: يا محمد وعزتي لو سألتني أن أزيل السماوات والأرض لأزلتها لكرامتك عليّ ».

« عن أنس بن مالك عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: كل مولود يولد فهو في سرته من التربة التي خلق منها، وأنا وعلي بن أبي طالب خلقنا من تربة واحدة ».

وهذا لفظ رابعها بسنده: « أخبرنا الحسين بن محمّد قال: حدّثنا عبد الله بن أبي منصور قال: حدّثنا محمّد بن بشر قال: حدّثنا محمّد بن عبد الله بن المثنى قال: حدثني حميد الطويل، عن أنس بن مالك قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : خلقت أنا وعلي بن أبي طالب من نور واحد يسبح الله عز وجل في يمنة العرش قبل خلق الدنيا، ولقد سكن آدم الجنة ونحن في صلبه، ولقد ركب نوح السفينة ونحن في صلبه، ولقد قذف إبراهيم في النار ونحن في صلبه، فلم يزل يقلبنا الله عز وجل في أصلاب طاهرة إلى أرحام طاهرة، حتى انتهى بنا إلى عبد

٦٨

المطلب، فجعل ذلك النور بنصفين، فجعلني في صلب عبد الله وجعل علياً في صلب أبي طالب، وجعل فيَّ النبوة والرسالة وجعل في علي الفروسية والفصاحة، واشتق لنا اسمين من أسمائه، فربّ العرش محمود وأنا محمّد، وهو الأعلى وهذا علي ».

قال العاصمي: « فهذه الأحاديث تدلّ على صحّة ما أشرنا إليه ورجحان ما دلّلنا عليه »(١) .

(١٠)

رواية أبي الفتح النطنزي

لقد روى هذا الحديث قائلاً: « أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد قال: حدثنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد الحافظ قال: حدثنا أحمد ابن يوسف بن خلاد النصيبي ببغداد، قال: حدثنا الحارث بن أبي أُسامة التميمي قال: حدّثنا داود بن المحبر بن محمد قال: حدّثنا قيس بن الربيع، عن عباد بن كثير عن أبي عثمان الرازي عن سلمان الفارسي قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: خلقت أنا وعلي بن أبي طالب من نور عن يمين العرش، نسبّح الله ونقدّسه من قبل أن يخلق الله عز وجل آدم بأربع عشرة آلاف سنة، فلما خلق الله آدم نقلنا إلى أصلاب الرجال وأرحام النساء الطاهرات، ثم نقلنا إلى صلب عبد المطلب وقسمنا بنصفين، فجعل النصف في صلب أبي عبد الله وجعل النصف في صلب أبي طالب، فخلقت من ذلك النصف وخلق علي من النصف الآخر، واشتق الله لنا من أسمائه اسما، والله محمود وأنا محمّد، والله الأعلى وأخي علي، والله فاطر وابنتي فاطمة، والله محسن وابناي الحسن والحسين. فكان اسمي

____________________

(١). زين الفتى في تفسير هل أتى - مخطوط.

٦٩

في الرسالة والنبوة، وكان اسمه في الخلافة والشجاعة، فأنا رسول الله وعلي سيف الله »(١) .

و روى النطنزي حديث الأشباح بسنده عن ابن عباسرضي‌الله‌عنه قال: « لما خلق الله عز وجل آدم ونفخ فيه من روحه عطس فألهمه الله « الحمد لله رب العالمين »، فقال له ربّه: يرحمك الله، فلما سجد له الملائكة تداخله العجب فقال: يا رب خلقت خلقا هو أحب إليك منّي؟ فلم يجب، ثم قال الثانية، فلم يجب.ثم قال الثالثة، فلم يجب. ثم قال الرابعة فقال الله عز وجل له: نعم ولولاهم ما خلقتك. فقال: فأرنيهم، فأوحى الله عز وجل إلى ملائكة الحجب أنه ارفعوا الحجب، فلما رفعت إذا آدم بخمسة أشباح قدّام العرش، فقال يا رب من هؤلاء؟ قال: يا آدم هذا نبيي، وهذا علي أمير المؤمنين ابن عم النبي، وهذه فاطمة بنت نبيي، وهذان الحسن والحسين ابنا علي وولدا نبيي. ثم قال: يا آدم هم الأول. ففرح بذلك. فلما اقترف الخطيئة قال: يا رب أسألك بمحمّد وعلي وفاطمة والحسن والحسين لما غفرت لي فغفر الله له، فهذا الذي قال الله عز وجل:( فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ ) . فلما أهبط إلى الأرض صاغ خاتماً نقش عليه: محمّد رسول الله. ويكنى آدم بأبي محمد »(٢) .

ترجمته:

وسنورد ترجمة النطنزي مفصّلة في قسم ( حديث التشبيه ) ونذكر كلمة تلميذه السمعاني في حقه، ومدح ابن النجار له، وإطراء الصفدي في الوافي بالوفيات فانتظر.

____________________

[ ١ - ٢ ] الخصائص العلوية - مخطوط.

٧٠

(١١)

رواية شهردار الديلمي

قال الحمويني ما نصه: « أنبأني أبو طالب بن أنجب الخازن، عن ناصر بن أبي المكارم إجازة قال: أنبأنا أبو المؤيد الموفق بن أحمد إجازة إنْ لم يكن سماعاً.

( ح ) وأنبأني العزيز محمد بن أبي القاسم، عن والده أبي القاسم بن أبي الفضل بن عبد الكريم إجازة قالا: أخبرنا شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي إجازة، أنبأنا عبدوس بن عبد الله الهمداني كتابة، حدّثنا أبو الحسن علي ابن عبد الله، أنبأنا أبو علي محمد بن أحمد العطشي، حدثنا أبو سعيد العدوي الحسن بن علي، حدثنا أحمد بن المقدام العجلي أبو الأشعث، حدثنا الفضيل بن عياض عن ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان عن زاذان عن سلمان قال: سمعت حبيبي المصطفى محمّداًصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: كنت أنا وعلي نوراً بين يدي الله عز وجل مطيعاً، يسبّح الله ذلك النور ويقدسه قبل أن يخلق الله آدم بأربعة عشر ألف سنة، فلما خلق الله تعالى آدم ركّب ذلك النور في صلبه، فلم نزل في شيء واحد حتى افترقنا في صلب عبد المطلب، فجزء أنا وجزء علي »(١) .

كما ويستفاد رواية شهردار الديلمي من سند رواية الخوارزمي الآتية أيضاً.

ترجمته:

وشهردار الديلمي من أعلام حفاظ أهل السنة كأبيه، فقد قال الذهبي نقلاً عن السمعاني: « كان حافظاً عارفاً بالحديث فهماً عارفاً بالأدب ظريفاً. سمع أباه وعبدوس بن عبد الله ومكي السلّار وطائفة. وأجاز له أبو بكر ابن خلف

____________________

(١). فرائد السمطين - ١ / ٤٢.

٧١

الشيرازي، وعاش خمساً وسبعين سنة »(١) .

وكذا ترجم له كلّ من السبكي والأسنوي وابن قاضي شهبة الأسدي في كتبهم في ( طبقات الشافعية ).

(١٢)

رواية الخوارزمي

روى هذا الحديث بقوله: « أخبرني شهردار هذا إجازة، أخبرنا عبدوس بن عبد الله الهمداني كتابة، حدّثنا أبو الحسن علي بن عبد الله، حدثنا أبو علي محمّد ابن أحمد العطشي

و أخبرني شهردار هذا إجازة، أخبرنا عبدوس بن عبد الله بن عبدوس الهمداني كتابة، حدثنا الشريف أبو طالب الجعفري، حدثنا ابن مردويه الحافظ، حدثنا إسحاق بن محمد بن علي بن خالد، حدثنا أحمد بن زكريا، حدثنا ابن طهمان، حدثنا محمد بن خالد الهاشمي، حدثنا الحسين بن إسماعيل بن حماد، عن أبيه عن زياد بن المنذر عن محمد بن علي بن الحسين عن أبيه عن جده قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كنت أنا وعلي نوراً بين يدي الله تعالى من قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام، فلما خلق الله آدم سلك النور في صلبه، فلم يزل الله يقلبه من صلب إلى صلب، حتى أقره في صلب عبد المطلب، فقسّمه نصفين قسماً في صلب عبد الله وقسماً في صلب أبي طالب، فعلي مني وأنا منه، لحمه لحمي، ودمه دمي، فمن أحبه فبحبي أحبه ومن أبغضه فببغضي أبغضه »(٢) .

وقال الخوارزمي: « أخبرني سيد الحافظ أبو منصور شهردار بن شيرويه بن

____________________

(١). العبر في خبر من ٣ / ٢٩.

(٢). مناقب امير المؤمنين - ٨٨.

٧٢

شهردار الديلمي الهمداني - فيما كتب الي من همدان - أخبرني أبو الفتح عبدوس ابن عبد الله بن عبدوس الهمداني كتابة، أخبرني الشيخ الخطيب أبو الحسن صاعد ابن محمّد بن الغياث الدامغاني بدامغان، حدثني أبو يحيى محمّد بن عبد العزيز البسطامي، حدّثنا أبو بكر القرشي، حدّثني أبو سعيد الحسن بن علي بن زكريا، حدّثني هدبة بن خالد القيسي، عن حماد بن ثابت البناني عن عبيد بن عمير الليثي عن عثمان بن عفان قال قال عمر بن الخطاب: إن الله تعالى خلق ملائكة من نور وجه علي بن أبي طالب »(١) .

ترجمته:

وللخوارزمي تراجم في عدةٍ من المصادر المعتبرة، ومن ذلك ما جاء في ( العقد الثمين في تاريخ بلد الله الأمين ) للحافظ تقي الدين الفاسي حيث عنونه بقوله: « الموفق بن أحمد بن محمّد المكي، أبو المؤيد، العلامة خطيب خوارزم، كان أديباً فصيحاً مفوهاً، خطب بخوارزم دهرا وأنشأ الخطب وأقرأ الناس وتخرّج به جماعة، وتوفي بخوارزم في صفر سنة ٥٦٨. ذكره هكذا الذهبي في ( تاريخ الإسلام ). وذكره الشيخ محيي الدين عبد القادر الحنفي في ( طبقات الحنفية ) وقال: ذكره القفطي في ( أخبار النحاة ) ».

(١٣)

رواية ابن عساكر

لقد قال الحافظ الكنجي ما نصه: « وأخبرنا أبو إسحاق الدمشقي، أخبرنا أبو القاسم الحافظ، أخبرنا ابو غالب بن البنا، أخبرنا أبو محمّد الجوهري، أخبرنا

____________________

(١). مناقب أمير المؤمنين ٢٣٦.

٧٣

أبو علي بن محمد بن أحمد بن يحيى، حدثنا أبو سعيد العدوي، حدثنا أبو الأشعث، حدثنا الفضيل بن عياض، عن ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن زاذان عن سلمان قال: سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: كنت أنا وعلي نوراً بين يدي الله مطيعاً، يسبح الله ذلك النور ويقدّسه قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام، فلما خلق الله آدم ركّب ذلك النور في صلبه، فلم نزل في شيء واحد حتى افترقنا في صلب عبد المطلب، فجزء أنا وجزء علي.

قلت: هكذا أخرجه محدّث الشام في تاريخه في الجزء الخمسين بعد الثلاث مائة قبل نصفه، ولم يطعن في سنده، ولم يتكلّم عليه، وهذا يدل على ثبوته »(١) .

ترجمته:

وقد ذكرنا في قسم ( حديث الثقلين ) عدةً من مصادر ترجمة الحافظ ابن عساكر الدمشقي، مثل ( وفيات الاعيان ٢ / ٤٧١ ) و ( طبقات السبكي ٧ / ٢١٥ ) و ( طبقات الحفاظ ٤٧٤ ) وغيرها.

وفي ( تذكرة الحفاظ ٤ / ١٣٢٨ ) ما ملخصه: « ابن عساكر - الامام الحافظ الكبير، محدّث الشام، فخر الأئمة، ثقة الدين، أبو القاسم، صاحب التصانيف عدد شيوخه ١٣٠٠ ونيف شيخ و٨٠ امرأة. قال السمعاني: أبو القاسم حافظ ثقة متقن ديّن خيّر حسن السمت. قال ابن النجار: أبو القاسم إمام المحدثين في وقته، إنتهت إليه الرياسة في الحفظ والاتقان والنقل والمعرفة التامة، وبه ختم هذا الشأن ».

(١٤)

رواية النور الصالحاني

لقد روى الشهاب أحمد: « عن علي بن حسين عن أبيه عن جدّه قال: قال

____________________

(١). كفاية الطالب ٣١٥.

٧٤

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كنت أنا وعلي نوراً بين يدي الله تعالى من قبل أن يخلق الله تعالى آدم بأربعة آلاف عام، فلما خلق الله تعالى آدم سلك ذلك النور في صلبه، فلم يزل الله ينقله من صلب إلى صلب، حتى أقرّه في صلب عبد المطلب فقسم قسمين: قسماً في صلب عبد الله وقسماً في صلب أبي طالب، فعلي مني وأنا منه، لحمه لحمي، ودمه دمي، ومن أحبه فبحبي أحبه ».

ثم إنه روى حديث ( الشجرة ) ثم قال: « روى الحديث الأول الامام الصالحاني نور الدين أبو الرجاء محمود بن محمّد، الذي سافر ورحل وأدرك المشايخ وسمع وأسمع، وصنّف في كلّ فن، وروى عنه خلق كثير، وصحب بالعراق أبا موسى المديني الامام ومن في طبقته، باسناده إلى الامام الحافظ ابن مردويه، باسناده مسلسلاً مرفوعاً »(١) .

ومن هذه العبارة يظهر جانب من عظمة الصالحاني ومناقبه الشامخة.

(١٥)

رواية أبي الفتح ناصر المطرزي

لقد قال الحمويني: « أنبأني أبو طالب ابن أنجب الخازن عن ناصر بن أبي المكارم إجازة ».

كما قال أيضاً: « أنبأني الشيخ أبو طالب ابن أنجب بن عبيد الله، عن محب الدين محمد بن محمود بن الحسن بن النجار إجازة، عن برهان الدين أبي الفتح ناصر بن أبي المكارم المطرزي إجازة عن محمد بن علي بن الحسين بن أبيه عن جده ( صلوات الله عليهم ) قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كنت أنا وعلي نوراً بين يدي الله تعالى من قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام، فلما

____________________

(١). توضيح الدلائل - مخطوط.

٧٥

خلق الله تعالى آدم سلك ذلك النور في صلبه، فلم يزل الله تعالى ينقله من صلب إلى صلب حتى أقرّه في صلب عبد المطلب، ثم أخرجه من صلب عبد المطلب فقسمه قسمين: قسماً في صلب عبد الله وقسماً في صلب أبي طالب، فعلي مني وأنا منه، لحمه لحمي، ودمه دمي، فمن أحبه فبحبي أحبه، ومن أبغضه فببغضي أبغضه »(١) .

١٦

رواية صدر الأفاضل الخوارزمي

لقد رواه في شرح قول المعري:

[ له الجوهر الساري يوهم شخصه

يجوب إليه محتداً بعد محتد ]

قائلاً ما نصه: « هذا من قولهعليه‌السلام : كنت أنا وعلي نوراً بين يدي الله عز وجل من قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام، فلمّا خلق الله آدم نقل ذلك النور إلى صلبه، فلم يزل ينقله من صلب إلى صلب حتى أقرّه في صلب عبد المطلب فقسمه قسمين: فصير قسمي في صلب عبد الله، وقسم علي في صلب أبي طالب فعلي مني وأنا منه »(٢) .

ترجمته:

وفضائل صدر الأفاضل لا تخفى على من راجع المعاجم الرجالية وكتب

____________________

(١). فرائد السمطين ١ / ٤٤.

(٢). أنظر: شروح سقط الزند ١ / ٣٥٣ - القصيدة الثامنة.

٧٦

الأدب، فقد ترجم له:

١ - ياقوت الحموي : « القاسم بن الحسين بن محمّد بن محمّد الخوارزمي، صدر الأفاضل حقاً وواحد الدهر في علم العربية صدقاً، ذو الخاطر الوقّاد والطبع النقّاد والقريحة الحاذقة والنحيرة الصادقة، برع في علم الأدب وفاق في نظم الشعر ونثر الخطب، فهو إنسان عين الزمان وغرة جبهة هذا الأوان، سألته عن مولده فقال: مولدي في الليلة التاسعة من شعبان سنة خمس وخمسين وخمسمائة

وقلت له ما مذهبك؟ فقال: حنفي، ولكن لست خوارزمياً لست خوارزمياً يكررها، إنما اشتغلت ببخارا فأرى رأي أهلها. نفى عن نفسه أن يكون معتزلياً »(١) .

٢ - عبد القادر القرشي : « تفقّه على أبي الفتح ناصر بن عبد السيد المطرزي وأخذ عنه العربية، وله تصانيف: شرح المفصل سماه التحبير ثلاث مجلدات، وشرح سقط الزند قتلته التتار سنة عشرة وستمائة »(٢) .

٣ - السيوطي ، وأورد كلمة ياقوت المتقدمة أيضاً(٣) .

٤ - الكفوي : « الشيخ الكامل الفاضل »(٤) .

٥ - علي بن سلطان القاري المكي كذلك(٥) .

(١٧)

رواية أبي القاسم عبد الكريم الرافعي القزويني

قال العلّامة الحمويني ما نصه: « وأخبرني الشيخ الصالح جمال الدين أحمد

____________________

(١). معجم الأدباء ١٦ / ٢٣٨.

(٢). الجواهر المضية في طبقات الحنفية ١ / ٤١٠.

(٣). بغية الوعاة ٣٧٦.

(٤). كتائب أعلام الأخيار - مخطوط.

(٥). الأثمار الجنية - مخطوط.

٧٧

ابن محمد بن محمد المعروف بمذكويه القزويني وغيره إجازة، بروايتهم عن الشيخ الامام إمام الدين أبي القاسم عبد الكريم بن محمّد بن عبد الكريم الرافعي القزويني إجازة، أنبأنا الشيخ العالم عبد القادر بن أبي صالح الجيلي قال: أنبأنا أبو البركات هبة الله بن موسى السقطي قال: أنبأ القاضي أبو المظفر هناد بن إبراهيم النسفي قال: أنبأنا الحسن محمد بن موسى بتكريت قال: أنبأنا محمّد بن فرحان، حدّثنا محمّد بن يزيد القاضي، حدّثنا قتيبة، حدّثنا الليث بن سعد، عن العلاء ابن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال:

لما خلق الله تعالى أبا البشر ونفخ فيه من روحه، إلتفت آدم يمنة العرش، فإذا في النور خمسة أشباح سجّداً وركّعاً، قال آدم: يا رب هل خلقت أحداً من طين قبلي؟ قال: لا يا آدم. قال: فمن هؤلاء الخمسة الذين أراهم في هيئتي وصورتي؟ قال: هؤلاء خمسة من ولدك لولاهم ما خلقتك، هؤلاء خمسة شققت لهم خمسة أسماء من أسمائي، لولاهم ما خلقت الجنة ولا النار ولا العرش ولا الكرسي ولا السماء ولا الأرض ولا الملائكة ولا الإِنس ولا الجن، فأنا المحمود وهذا محمد وأنا العالي وهذا علي، وأنا الفاطر وهذه فاطمة، وأنا الإِحسان وهذا الحسن، وأنا المحسن وهذا الحسين.

آليت بعزتي أنّه لا يأتيني أحد بمثقال حبّة من خردل من بغض أحدهم إلّا أدخلته ناري ولا اُبالي. يا آدم هؤلاء صفوتي بهم أنجيهم وبهم أهلكهم، فإذا كان لك إليَّ حاجة فبهؤلاء توسل.

فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : نحن سفينة النجاة من تعلّق بها نجا ومن حاد عنها هلك، فمن كان له إلى الله حاجة فليسأل بنا أهل البيت »(١) .

ترجمته:

والرافعي القزويني من أعلام محدّثي أهل السنة ومؤرخيهم، وكتابه ( التدوين ) من أشهر الكتب المعتمدة وقد ترجم للرافعي وأثنى عليه علماؤهم

____________________

(١). فرائد السمطين ١ / ٣٦.

٧٨

كالسبكي في ( طبقاته ٥ / ١١٩ ) وابن شاكر الكتبي في ( فوات الوفيات ٢ / ٣ ) وابن الوردي في ( تاريخه ٢ / ١٨٤ ).

(١٨)

إثبات الشيخ فريد الدين العطّار

لقد أثبت هذا الحديث بقوله:

« تو نور أحمد وحيدر يكى دان

كه تا گردد بتو أسرار آسان »(١)

ترجمته:

وتوجد ترجمته في ( نفحات الأنس ) وغيره من تراجم العرفاء. وقد نصّ ( الدهلوي ) في كتابه على أنه من الأكابر المقبولين عند أهل السنة.

(١٩)

رواية أبي الربيع ابن سبع الكلاعي

لقد قال الوصابي: « وعنه - أي عن علي بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه - قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : خلقت أنا وعلي من نور واحد، يسبح الله على متن العرش من قبل أن يخلق أبونا آدم بألفي عام، فلمّا خلق آدم صرنا في صلبه، ثم نقلنا من كرام الأصلاب إلى مطهّرات الأرحام، حتّى صرنا في صلب عبد المطلب، ثم قسّمنا نصفين، فصيّرني في صلب عبد الله، وصار علي في صلب أبي طالب، فاختارني للنبوّة، واختار علياً للشجاعة والعلم والفصاحة، وشق لنا أسماء من أسمائه، فالله محمود وأنا محمد، والله الأعلى وهذا علي.

____________________

(١). أسرار نامه.

٧٩

أخرجه إبن الاسبوع الأندلسي في كتابه الشفا »(١) .

ترجمته:

وابن سبع صاحب كتاب ( شفاء الصدور ) من أجلّة حفاظ أهل السنة، وأعاظم علمائهم، كما يظهر من ترجمته، وإليك بعض الكلمات الواردة في حقّه:

١ - الذهبي: « الكلاعي - الامام العالم الحافظ البارع، محدّث الأندلس وبليغها أبو الربيع عني أتم عناية بالتقييد والرواية، وكان إماماً في صناعة الحديث، بصيراً به حافظاً حافلاً عارفاً بالجرح والتعديل، ذاكراً للمواليد والوفيات، يتقدّم أهل زمانه في ذلك وفي حفظه اسماء الرجال، خصوصاً من تأخر زمانه وعاصره، كتب الكثير، وكان خطّه لا نظير له في الاتقان والضبط، مع الاستبحار في الأدب والاستهتار بالبلاغة، فرداً في إنشاء الرسائل، مجيداً في النظم خطيباً فصيحاً مفوهاً مدركاً، حسن السرد والمساق لما ينقله، مع الشارة الأنيقة والزيّ الحسن، وهو كان المتكلّم عن الملوك في زمانه في المجالس، المبيّن عنهم لما يرومونه في المحافل على المنابر، ولي خطابة بلنسة في أوقات، وله تصانيف مفيدة في فنون عديدة وإليه كانت الرحلة للأخذ عنه، إنتفعت به في الحديث كلّ الانتفاع وأخذت عنه كثيراً.

قلت: حدّث عنه أبو العباس أحمد بن العماد قاضي تونس، وطائفة، قال ابن مندي: لم ألق مثله جلالة ونبلاً ورياسة وفضلاً، وكان إماماً مبرّزاً في فنون من منقول ومعقول وموزون ومنثور، جامعاً للفضائل، برع في علوم القرآن والتجويد، أما الأدب فكان ابن بجدته، وهو ختام الحفاظ

قال الأبّار وهو آخر الحفاظ والبلغاء بالأندلس، استشهد بكابية تنسيه على ثلاث فراسخ من مرسية مقبلاً غير مدبر، في العشر من ذي الحجة سنة ٦٣٤.

قال الحافظ المنذري: توفي شهيداً بيد العدو، وكان مولده بظاهر مرسية في

____________________

(١). الاكتفاء في فضائل الأربعة الخلفاء - مخطوط، وقد ذكر في كشف الظنون ٢ / ١٠٥٠ « كتاب شفاء الصدور ».

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

مسألة ٢٩٨ : لا أعرف لأصحابنا نصّاً في كراهة نقل تراب الحرم وأحجاره إلى سائر البلاد.

وقال بعض الشافعية : يكره نقل تراب الحرم وأحجاره إلى سائر البقاع ، والبرام يجلب من الحِلّ(١) .

ولا يكره نقل ماء زمزم - وبه قال الشافعية(٢) - لأنّ عائشة كانت تنقله(٣) .

قال بعض الشافعية : لا يجوز قطع شي‌ء من ستر الكعبة ونقله وبيعه وشراؤه خلاف ما تفعله العامّة ، فإنّهم يشترونه من بني شيبة ، وربما وضعوه في أوراق المصاحف ، ومَنْ حَمَل منه شيئاً فعليه ردّه(٤) . وهو الوجه عندي ، وكذا البحث في المشاهد المقدسة.

مسألة ٢٩٩ : حرم المدينة يفارق حرم مكة في اُمور :

أ - أنّه لا كفّارة فيما يفعل فيه من صيد أو قطع شجر على ما اخترناه.

ب - أنّه يباح من شجر المدينة ما تدعو الحاجة إليه من الحشيش للمعلف.

روى العامّة عن عليعليه‌السلام ، قال : « المدينة حرام ما بين عائر إلى ثور ، لا يختلى خلاها ، ولا ينفّر صيدها ، ولا يصلح أن يقطع منها شجرة إلّا أن يعلف رجل بعيره »(٥) .

ولأنّ المدينة يقرب منها شجر كثير وزروع ، فلو منع من احتشاشها مع الحاجة ، لزم الضرر ، بخلاف مكة.

____________________

(١) فتح العزيز ٧ : ٥١٣ ، المجموع ٧ : ٤٥٨.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٢٦ ، المجموع ٧ : ٤٥٧ ، فتح العزيز ٧ : ٥١٣.

(٣) فتح العزيز ٧ : ٥١٣.

(٤) فتح العزيز ٧ : ٥١٣ ، المجموع ٧ : ٤٥٩ - ٤٦٠.

(٥) سنن أبي داود ٢ : ٢١٦ - ٢١٧ / ٢٠٣٤ و ٢٠٣٥ ، والمغني ٣ : ٣٧٣ ، والشرح الكبير ٣ : ٣٨٤ وفيها عن عليعليه‌السلام عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٣٨١

ج - لا يجب دخولها بإحرام ، بخلاف حرم مكة.

د - مَنْ أدخل صيداً إلى المدينة لا يجب عليه إرساله ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يقول : ( يا أبا عمير ما فعل النُّغَيْر(١) ؟ ) وهو طائر صغير ، رواه العامّة(٢) ، وظاهره إباحة إمساكه ، وإلّا لأنكر عليه.

البحث الخامس عشر : الاستمتاع بالنساء‌

مسألة ٣٠٠ : يحرم على المـُحْرم الاستمتاع بالنساء‌ بالوطء والتقبيل والنظر بشهوة والعقد له ولغيره والشهادة على العقد وإقامة الشهادة به وإن تحمّلها مُحِلاً ، وكذا الاستمناء.

وقد أجمع علماء الأمصار على تحريم الوطء.

قال الله تعالى :( فَلا رَفَثَ ) (٣) .

وروى العامّة عن ابن عمر(٤) : أنّ رجلاً سأله ، فقال : إنّي واقعت بامرأتي ونحن مُحرمان ، فقال : أفسدت حجّك انطلق أنت وأهلك فاقض ما يقضون وحلّ إذا أحلّوا ، فإذا كان العام المقبل فاحجج أنت وامرأتك واهديا هدياً ، فإن لم تجدا فصُوما ثلاثة أيّام في الحجّ وسبعة إذا رجعتم(٥) .

[ وفي حديث ابن عباس ](٦) : ويتفرّقان من حيث يُحرمان حتى يقضيا‌

____________________

(١) النُّغَيْر : تصغير النُّغَر ، وهو : طائر يشبه العصفور ، وجمعه نِغْران. لسان العرب ٥ : ٢٢٣ « نغر ».

(٢) صحيح البخاري ٨ : ٣٧ و ٥٥ ، صحيح مسلم ٣ : ١٦٩٢ - ١٦٩٣ / ٢١٥٠ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٢٢٦ / ٣٧٢٠ ، مسند أحمد ٣ : ١١٥ ، ١١٩ ، ١٧١ ، ١٨٨ ، المغني ٣ : ٣٧٣ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٨٤.

(٣) البقرة : ١٩٧.

(٤) في النسخ الخطية والحجرية : ابن عباس. وما أثبتناه من المصدر.

(٥) المغني ٣ : ٣٢٣ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢١.

(٦) أضفناها من المصدر.

٣٨٢

حجّهما(١) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « والرفث الجماع »(٢) .

إذا عرفت هذا ، فقوله تعالى( فَلا رَفَثَ ) (٣) نفي يريد به النهي ، أي : لا ترفثوا ، كقوله تعالى :( لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها ) (٤) .

مسألة ٣٠١ : ولا فرق في التحريم بين الوطء في القُبُل أو الدُّبُر ، ولا بين دُبُر المرأة أو الغلام.

وكذا يحرم التقبيل للنساء وملاعبتهنّ بشهوة ، والنظر إليهنّ بشهوة ، والملامسة بشهوة من غير جماع ؛ لما روى العامّة : أنّ عمر بن عبد الله(٥) قبّل عائشة بنت طلحة مُحْرماً ، فسأل ، فاُجمع له على أن يهريق دماً(٦) . والظاهر أنّه لم يكن أنزل.

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « يا أبا سيّار إنّ حال المـُحْرم ضيّقة ، إن قبَّل امرأته على غير شهوة وهو مُحْرم ، فعليه دم شاة ، ومَنْ قبَّل امرأته على شهوة فأمنى ، فعليه جزور ، ويستغفر الله ، ومَنْ مسّ امرأته وهو مُحرم على شهوة فعليه دم شاة ، ومَنْ نظر إلى امرأته نظر شهوة فأمنى ، فعليه جزور ، وإن مسّ امرأته أو لازمها من غير شهوة ، فلا شي‌ء عليه »(٧) .

مسألة ٣٠٢ : يحرم على المـُحْرم أن يتزوّج أو يُزوّج ، فيكون وكيلاً لغيره‌

____________________

(١) المغني ٣ : ٣٢٣ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢١.

(٢) الكافي ٤ : ٣٣٨ / ٣ ، التهذيب ٥ : ٢٩٦ - ٢٩٧ / ١٠٠٣.

(٣) البقرة : ١٩٧.

(٤) البقرة : ٢٣٣.

(٥) في النسخ الخطية والحجرية : عبيد الله. وما أثبتناه من المصدر.

(٦) المغني ٣ : ٣٣٤.

(٧) الكافي ٤ : ٣٧٦ / ٤ ، التهذيب ٥ : ٣٢٦ / ١١٢١ ، الاستبصار ٢ : ١٩١ / ٦٤١.

٣٨٣

فيه أو وليّاً ، سواء كان رجلاً أو امرأةً ، ذهب إليه علماؤنا أجمع - وبه قال عليعليه‌السلام ، وعمر وعبد الله بن عمر وزيد بن ثابت ، ومن التابعين : سعيد ابن المسيّب وسليمان بن يسار والزهري ، وبه قال في الفقهاء : مالك والشافعي والأوزاعي وأحمد بن حنبل(١) - لما رواه العامّة أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : ( لا يَنْكح المـُحْرم ولا يُنْكح ولا يخطب )(٢) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « ليس للمُحْرم أن يتزوّج ولا يُزوّج ، فإن تزوّج أو زوّج فتزويجه باطل »(٣) .

وروى العامّة عن ابن عباس جواز ذلك كلّه ، وبه قال أبو حنيفة والحكم ؛ لما رواه ابن عباس : أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله تزوّج ميمونة وهو مُحْرم(٤) .

ولأنّه عقد يملك به الاستمتاع ، فلا يحرّمه الإِحرام ، كشراء الإِماء(٥) .

والرواية ممنوعة ؛ فإنّ أبا رافع قال : تزوّج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ميمونة وهو حلال ، وبنى بها وهو حلال ، وكُنْتُ أنا الرسول بينهما(٦) .

وروى يزيد [ بن ](٧) الأصم عن ميمونة : أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله

____________________

(١) المغني والشرح الكبير ٣ : ٣١٨ ، المجموع ٧ : ٢٨٧ - ٢٨٨ ، المنتقى - للباجي - ٢ : ٢٣٨ ، بداية المجتهد ١ : ٣٣١ ، سنن الترمذي ٣ : ٢٠٠ ذيل الحديث ٨٤٠.

(٢) صحيح مسلم ٢ : ١٠٣٠ / ١٤٠٩ و ١٠٣١ / ٤٣ ، سنن أبي داود ٢ : ١٦٩ / ١٨٤١ و ١٨٤٢ ، سنن البيهقي ٥ : ٦٩ ، الموطّأ ١ : ٣٤٨ / ٧٠ ، مسند أحمد ١ : ٦٤ ، المغني ٣ : ٣١٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٣١٨.

(٣) التهذيب ٥ : ٣٢٨ / ١١٢٨ ، الاستبصار ٢ : ١٩٣ / ٦٤٧.

(٤) صحيح مسلم ٢ : ١٠٣٢ / ٤٧ ، سنن أبي داود ٢ : ١٦٩ / ١٨٤٤ ، سنن النسائي ٥ : ١٩١ ، سنن الترمذي ٣ : ٢٠١ - ٢٠٢ / ٨٤٢ - ٨٤٤.

(٥) المغني والشرح الكبير ٣ : ٣١٨ ، المجموع ٧ : ٢٨٨ ، بداية المجتهد ١ : ٣٣١ ، المنتقى - للباجي - ٢ : ٢٣٨.

(٦) سنن الترمذي ٣ : ٢٠٠ / ٨٤١ ، سنن البيهقي ٥ : ٦٦ ، المغني ٣ : ٣١٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٣١٨.

(٧) أضفناها من المصدر.

٣٨٤

تزوّجها حلالاً ، وبنى بها حلالاً ، وماتت بـ « سرف » في الظلّة التي بنى فيها(١) ، وميمونة صاحبة القصة ، وأبو رافع كان السفير.

ولأنّ ابن عباس كان صغيراً لا يعرف حقائق الأشياء ، ولا يقف عليها ، فربما توهّم الإِحرام وليس موجوداً ، بخلاف أبي رافع.

ولأنّ سعيد بن المسيّب قال : وَهِمَ ابن عباس ، ما تزوّجها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إلّا حلالاً(٢) .

وأيضاً يحتمل أنّه أطلق المـُحْرم على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بمجرّد أنّه تزوّجها في الشهر الحرام في البلد الحرام ، كما قيل :

قتلوا ابن عفّان الخليفةَ مُحرماً

..................(١)

أو أنّه تزوّجها وهو حلال ثم ظهر أمر التزويج وهو مُحْرم.

وشراء الأمة قد يكون للخدمة وهو الغالب ، بخلاف عقد النكاح الذي لا يكون إلّا مقدّمةً للاستمتاع ، فلمـّا كان مقدّمةً للمُحَرَّم كان حراماً.

ولأنّ النكاح يحرم بالعدّة واختلاف الدين والردّة وكون المنكوحة اُختاً من الرضاع ، وتُعتبر له شرائط غير ثابتة في شراء الإِماء ، فافترقا.

إذا عرفت هذا ، فلو أفسد إحرامه ، لم يجز له أن يتزوّج فيه أيضاً ؛ لأنّ حكم الفاسد فيما يمنع حكم الصحيح.

مسألة ٣٠٣ : لو تزوّج المـُحْرم أو زوّج غيره وإن كان مُحلاً أو زوّجت المـُحْرمة ، فالنكاح باطل ، ولا فرق بين أن يكون المزوّجان مُحْرمين أو‌

____________________

(١) سنن الترمذي ٣ : ٣٠٣ / ٨٤٥ ، المغني ٣ : ٣١٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٣١٨ ، وانظر : سنن أبي داود ٢ : ١٦٩ / ١٨٤٣‌

(٢) سنن أبي داود ٢ : ١٦٩ / ١٨٤٥ ، المغني والشرح الكبير ٣ : ٣١٩.

(٣) صدر بيت للراعي ، وعجزه :

..............

ودعا فلم أر مثله مخذولاً

ديوان الراعي النميري : ٢٣١ ، والصحاح - للجوهري - ٥ : ١٨٩٧ ، والمغني والشرح الكبير ٣ : ٣١٩.

٣٨٥

أحدهما ، عند علمائنا ؛ لأنّه منهي عنه ، وكان باطلاً ، كنكاح المرضعة.

ولقول الصادقعليه‌السلام : « إنّ رجلاً من الأنصار تزوّج وهو مُحْرم ، فأبطل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نكاحه »(١) .

وقال أحمد : إن زوّج المـُحْرم لم أفسخ النكاح(٢) .

وهو يدلّ على أنّه إذا كان الوليّ بمفرده أو الوكيل مُحْرماً ، لم يفسد النكاح ، هذا عند بعض أصحابه ، والمشهور عندهم : الأول(٣) .

إذا عرفت هذا ، فلو عقد المـُحْرم لغيره ، فإنّ العقد يكون باطلاً ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « المـُحْرم لا يَنْكح ولا يُنْكح ولا يشهد ، فإن نكح فنكاحه باطل »(٤) .

وأمّا الخطبة فإنّه تُكره الخطبة للمُحرم وخطبة المـُحْرمة ، ويكره للمُحْرم أن يخطب للمحلّين ؛ لأنّه تسبّب إلى الحرام ، فكان مكروهاً ، كالصرف ، بخلاف الخطبة في العدّة ، فإنّها مُحرَّمة ؛ لأنّها تكون داعيةً للمرأة إلى أن تُخبر بانقضاء العدّة قبل انقضائها رغبةً في النكاح ، فكان حراماً.

ولا فرق بين الإِمام وغيره في تحريم الوكالة والولاية في النكاح المـُحرَّم.

وقال الشافعي في أحد الوجهين : يجوز للإِمام أن يعقد للمُحْرم في حال إحرامه ؛ لأنّه يجوز له التزويج للمُحْرمين بولايته العامّة ، لأنّه موضع الحاجة(٥) .

ونمنع من الحاجة الزائدة على عقد الولي الولايةَ الخاصّة.

____________________

(١) الكافي ٤ : ٣٧٢ / ٢ ، الفقيه ٢ : ٢٣١ / ١٠٩٧ ، التهذيب ٥ : ٣٢٨ - ٣٢٩ / ١١٣٠ ، الاستبصار ٢ : ١٩٣ / ٦٤٩.

(٢ و ٣) المغني والشرح الكبير ٣ : ٣٢٠.

(٤) الكافي ٤ : ٣٧٢ / ١ وفيه بزيادة « ولا يخطب » التهذيب ٥ : ٣٣٠ / ١١٣٦.

(٥) الحاوي الكبير ٤ : ١٢٦ ، حلية العلماء ٣ : ٢٩٣ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢١٧ ، والمجموع ٧ : ٢٨٤.

٣٨٦

مسألة ٣٠٤ : لا يجوز للمُحْرم أن يشهد بالعقد بين المـُحلّين‌ - ولو شهد ، انعقد النكاح عندنا ؛ لأنّ النكاح لا يعتبر فيه الشهادة - لما رواه العامّة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ( لا يَنْكح المـُحْرم ولا يُنْكح ولا يشهد )(١) .

ولقول الصادقعليه‌السلام وقد سُئل عن المـُحْرم يشهد على نكاح المـُحلّين ، قال : « لا يشهد»(٢) .

وقال الشافعي : يجوز له أن يشهد ؛ لأنّه لا مدخل للشاهد في العقد ، فأشبه الخطيب(٣) .

والفرق : أنّ الخطبة لإِيقاع العقد في حال الإِحلال وصْلةٌ إلى الحلال ، أمّا الشهادة على عقد المـُحْرم فإنّه معونة على فعل الحرام ، فكان حراماً.

مسألة ٣٠٥ : لو عقد المـُحْرم حال الإِحرام ، فإن كان عالماً بتحريم ذلك عليه ، فُرّق بينهما ولم تحلّ له أبداً ، وإن لم يكن عالماً ، فُرّق بينهما ، فإذا أحلّا أو أحلّ الزوج إن لم تكن المرأة مُحْرمةً ، جاز له العقد عليها ، ذهب إليه علماؤنا - خلافاً للعامّة - لأنّ الاحتياط يقتضي التحريم المؤبّد.

ولقول الصادقعليه‌السلام : « إنّ المـُحْرم إذا تزوّج وهو مُحْرمٌ فُرّق بينهما ولا يتعاودان أبداً »(٤) .

وأمّا جواز المراجعة مع الجهل وعدم الدخول : فلقول الباقرعليه‌السلام : « قضى أمير المؤمنين عليٌّعليه‌السلام في رجل ملك بُضْع امرأة وهو مُحْرمٌ قبل أن يحلّ ، فقضى أن يخلّي سبيلها ، ولم يجعل نكاحه شيئاً حتى يحلّ ، فإذا أحلّ خطبها ، إن شاء أهلها زوّجوه ، وإن شاءوا لم يزوّجوه »(٥) .

____________________

(١) الحاوي الكبير ٤ : ١٢٦ ، المجموع ٧ : ٢٨٤.

(٢) الفقيه ٢ : ٢٣٠ / ١٠٩٥ ، التهذيب ٥ : ٣١٥ / ١٠٨٧ ، الاستبصار ٢ : ١٨٨ / ٦٣٠.

(٣) حلية العلماء ٣ : ٢٩٤ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢١٧ ، المجموع ٧ : ٢٨٤.

(٤) الكافي ٤ : ٣٧٢ / ٣ ، التهذيب ٥ : ٣٢٩ / ١١٣٣.

(٥) التهذيب ٥ : ٣٣٠ / ١١٣٤.

٣٨٧

فروع :

أ - لو وكّل مُحلٌّ مُحلاً في التزويج ، فعقد له الوكيل بعد إحرام الموكّل ، لم يصح النكاح ، سواء حضره الموكّل أو لا ، وسواء علم الوكيل أو لا ؛ لأنّ الوكيل نائب عن الموكّل ، ففعله مسند إليه في الحقيقة وهو مُحْرم.

ب - لو وكّل مُحْرمٌ مُحلاً في التزويج ، فعقد الوكيل والموكّل مُحْرمٌ ، بطل العقد ، وإن كان بعد إحلاله ، صحّ ، ولا يبطل ببطلان التوكيل ؛ لأنّ الإِذن في النكاح وقع مطلقاً ، لكن ما تناول حالة الإِحرام يكون باطلاً ، وما تناول حالة الإِحلال يكون صحيحاً ، والوكالة إذا اشتملت على شرط فاسد ، بطل ذلك ، وبقي مجرّد الإِذن يوجب صحة التصرف ، وكذا فساده في بعضه لا يمنع نفوذ التصرّف فيما يتناوله الإِذن على وجه الصحة ، بخلاف الصبي إذا وكّل في التزويج ، فأوقعه الوكيل بعد بلوغه ؛ لأنّ الوكالة هنا لا اعتبار بها في تلك الحال ولا في ثانيه ، ولم يوجد منه الإذن في ثاني الحال ولا في أوّله على وجه الصحة ، فافترقا.

ج - لو شهد وهو مُحْرم ، صحَّ العقد وفَعَل حراماً. ولو أقام الشهادة بذلك لم يثبت بشهادته النكاح إذا كان تحمّلها وهو مُحْرم ، قاله الشيخ(١) رحمه‌الله

والأقوى ثبوته إذا أقامها حالة الإِحلال.

ويشكل : باستلزامه إباحةَ البُضْع المـُحرَّم ، كما لو عرف العقد ، فتزوّجت بغيره.

وكما تحرم عليه الشهادة بالعقد حال إحرامه تحرم عليه إقامتها في تلك الحال ولو تحمّلها مُحلاً.

ولو قيل : إنّ التحريم مخصوص بالعقد الذي أوقعه المـُحْرم ، كان وجهاً.

____________________

(١) المبسوط - للطوسي - ١ : ٣١٧.

٣٨٨

مسألة ٣٠٦ : إذا اتّفق الزوجان على وقوع العقد حالة الإِحرام ، بطل ، وسقط المهر إن كانا عالمين أو جاهلين ولم يدخل بها ؛ لفساد أصل العقد.

ولو دخل وهي جاهلة ، ثبت المهر بما استحلّ من فرجها ، وفرّق بينهما.

ولو اختلفا فادّعى أحدهما وقوعه حالة الإِحلال وادّعى الآخر وقوعه حالة الإِحرام ، فإن كان هناك بيّنة ، حُكم بها.

ولو انتفت البيّنة ، فإن كانت الزوجةُ مُدّعيةً لوقوعه في الإِحرام وأنكر الرجل ، فالقول قوله مع اليمين ؛ عملاً بأصالة الصحّة ، فإذا حلف ، ثبت النكاح ، وليس لها المطالبة بالمهر مع عدم الدخول ، ولو كانت قَبَضَتْه ، لم يكن للزوج استعادته.

ولو كان الزوج هو المدّعي لوقوعه حالة الإِحرام ، فالقول قول المرأة مع اليمين ، ويحُكم بفساد العقد في حقّ الزوج ؛ لأنّه ادّعى فساده ، ويُحكم عليه بأحكام النكاح الصحيح.

ثم إن كان قد دخل بها ، وجب عليه المهر كملاً ؛ للرواية(١) ، وإن لم يكن دخل بها ، قال الشيخ : يجب نصف المهر(٢) .

والوجه : الجميع.

ولو أشكل الأمر فلم يُعلم هل وقع العقد في الإِحرام أو الإِحلال ، صحَ العقد - وبه قال الشافعي(٣) - لأصالة الصحة.

قال الشيخرحمه‌الله : والأحوط تجديده(٤) ؛ لأنّ الأول إن وقع في الإِحلال ، لم يضرّ الثاني ، وإلّا كان مبيحاً.

وإذا وطأ العاقد في الإِحرام ، لزمه المهر : إمّا المسمّى إن كان قد‌

____________________

(١) الفقيه ٢ : ٢٣١ / ١٠٩٩.

(٢) المبسوط - للطوسي - ١ : ٣١٨.

(٣) المجموع ٧ : ٢٨٧.

(٤) المبسوط - للطوسي - ١ : ٣١٧.

٣٨٩

سمّاه ، وإلّا مهر المثل ، ويلحق به الولد ، ويفسد حجّه إن كان قبل الوقوف بالموقفين ، ويلزمها العدّة ، وإن لم يكن دخل ، فلا يلزمه شي‌ء من ذلك.

ولو عقد المـُحْرم لغيره ، كان العقد فاسداً ، ثم يُنظر فإن كان المعقود له مُحْرماً ودخل بها ، لزم العاقد بدنة.

مسألة ٣٠٧ : لا بأس للمُحْرم أن يراجع امرأته عند علمائنا‌ - وبه قال الشافعي ومالك وأحمد في إحدى الروايتين(١) - لقوله تعالى :( وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ ) (٢) .

وقوله تعالى :( فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ ) (٣) والإِمساك هو المراجعة ولم يُفصّل.

ولأنّه ليس باستئناف عقد ، بل إزالة مانع عن الوطء ، فأشبه التكفير عن الظهار.

وقال أحمد في الرواية الاُخرى : لا يجوز ؛ لأنّه استباحة فرج مقصود بعقد ، فلا يجوز في الإِحرام ، كعقد النكاح(٤) .

والفرق : أنّ عقد النكاح يملك به الاستمتاع ، بخلاف الرجعة ، فإنّ الاستمتاع مملوك له قبلها؛ إذ لا تخرج بالطلاق الرجعي عن حكم الزوجة ، فإنّهما يتوارثان.

على أن المشهور من مذهب أحمد : أنّ الرجعية مباحة(٥) ، فلا يصح‌

____________________

(١) مختصر المزني : ٦٦ ، حلية العلماء ٢٣ : ٢٩٤ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢١٧ ، المجموع ٧ : ٢٨٥ و ٢٩٠ ، المنتقى - للباجي - ٢ : ٢٣٩ ، المغني ٣ : ٣٤١ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٠.

(٢) البقرة : ٢٢٨.

(٣) البقرة : ٢٢٩.

(٤) المغني ٣ : ٣٤١ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٠ ، المجموع ٧ : ٢٩٠ ، المنتقى - للباجي - ٢ : ٢٣٩.

(٥) المغني ٣ : ٣٤١ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٠.

٣٩٠

قوله : الرجعة استباحة.

مسألة ٣٠٨ : يجوز شراء الإِماء في حالة الإِحرام ، لكن لا يقربهنّ إجماعاً ؛ لأنّ الشراء لفائدة الاستخدام غالباً ، فكان سائغاً ، وسواء قصد به التسرّي أو لا ، ولا نعلم فيه خلافاً ؛ لأنّه ليس بموضوع للاستباحة في البُضْع ، فأشبه شراء العبيد ، ولذلك اُبيح شراء مَنْ لا يحلّ وطؤها ، ولم يحرم الشراء في حال يحرم فيه الوطء.

ويؤيّده : ما رواه سعد بن سعد عن الرضاعليه‌السلام - في الصحيح - قال : سألته عن المـُحْرم يشتري الجواري ويبيع ، قال : « نعم »(١) .

إذا ثبت هذا ، فلو اشترى حالة الإِحرام أمةً للتسرّي بها حالة الإِحرام ، احتمل فساد العقد ؛ لأنّ الغرض الذي وقع لأجله مُحرَّم ، ويحتمل الصحة ؛ لأنّ الغرض عارض ، فلا يؤثّر في الصحة الأصلية.

إذا عرفت هذا ، فإنّه يجوز له مفارقة النساء حالة الإِحرام بكلّ حال من طلاق أو خُلع أو ظهار أو لعان أو غير ذلك من أسباب الفرقة إجماعاً.

ورواه أبو بصير - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : « المـُحْرم يطلّق ولا يتزوّج »(٢) .

مسألة ٣٠٩ : كلّ موضع حكمنا فيه ببطلان العقد من المـُحْرم يُفرّق بينهما بغير طلاق‌ - وبه قال الشافعي(٣) - لأنّ الطلاق إنّما يقع في صلب نكاح صحيح ، وهذا النكاح باطل.

وقال مالك : يُفرّق بينهما بطلقة. وكذا كلّ نكاح وقع فاسداً عنده يُفرّق بينهما بطلقة(٤) .

____________________

(١) الكافي ٤ : ٣٧٣ / ٨ ، الفقيه ٢ : ٣٠٨ / ١٥٢٩ ، التهذيب ٥ : ٣٣١ / ١١٣٩.

(٢) الكافي ٤ : ٣٧٢ / ٦ ، الفقيه ٢ : ٢٣١ / ١١٠٠.

(٣) حلية العلماء ٣ : ٢٩٤ ، المجموع ٧ : ٢٩٠.

(٤) الكافي في فقه أهل المدينة : ٢٣٩ ، بداية المجتهد ٢ : ٧٠ - ٧١ ، التفريع ٢ : ٧٧ ، حلية =

٣٩١

مسألة ٣١٠ : لو نظر إلى امرأته بشهوة ، فَعَل حراماً ، ولو أمنى حينئذٍ ، كان عليه جزور إن كان موسراً.

ولو نظر بغير شهوة ، لم يكن عليه شي‌ء وإن أمنى ؛ لما رواه أبو بصير عن الصادقعليه‌السلام : أنّه سأله عن رجل مُحْرم نظر إلى ساق امرأته(١) فأمنى ، فقال : « إن كان موسراً فعليه بدنة ، وإن كان وسطاً فعليه بقرة ، وإن كان فقيراً فعليه شاة »(٢) .

ولو نظر إلى غير أهله فأمنى ، كان عليه بدنة ، فإن لم يجد فبقرة ، فإن لم يجد فشاة ؛ لما رواه زرارة - في الصحيح - عن الباقرعليه‌السلام ، قال : سألته عن رجل مُحْرم نظر إلى غير أهله فأنزل ، قال : « عليه جزور أو بقرة ، فإن لم يجد فشاة »(٣) .

ولو حملها بشهوة فأمنى أو لم يُمنْ ، وجب عليه دم شاة ، ولو لم يكن بشهوة ، لم يكن عليه شي‌ء ولو أمنى ؛ لما رواه الحلبي عن الصادقعليه‌السلام ، قال : قلت له : المـُحْرم يضع يده على امرأته ، قال : « لا بأس » قلت : فإنّه أراد أن ينزلها في المحمل ويضمّها إليه ، قال : « لا بأس » قلت : فإنّه أراد أن ينزلها في المحمل فلمـّا ضمّها إليه أدركته الشهوة ، قال : « ليس عليه شي‌ء إلّا أن يكون طلب ذلك »(٤) .

وسأل محمّدُ بن مسلم الصادقَعليه‌السلام : عن رجل مُحْرم حمل امرأته وهو مُحْرم فأمنى أو أمذى ، قال : « إن كان حملها ومسّها بشي‌ء من الشهوة وأمنى أو لم يُمْن أمذى أو لم يُمْذ فعليه دم يهريقه ، وإن حملها أو مسّها‌

____________________

= العلماء ٣ : ٢٩٤ ، المجموع ٧ : ٢٩٠.

(١) في المصدر : امرأة.

(٢) الكافي ٤ : ٣٧٧ / ٧ ، التهذيب ٥ : ٣٢٥ / ١١١٥.

(٣) التهذيب ٥ : ٣٢٥ / ١١١٦.

(٤) التهذيب ٥ : ٣٢٦ / ١١١٨.

٣٩٢

بغير شهوة فأمنى أو أمذى فليس عليه شي‌ء »(١) .

ويجوز للمُحْرم أن يُقبّل اُمّه ؛ لأنّه ليس محلّ الشهوة ، ولا داعياً إلى الجماع ، فكان سائغاَ ؛ لأنّ الحسين بن حمّاد سأل الصادقَعليه‌السلام : عن المـُحْرم يُقبِّل اُمَّه ، قال : « لا بأس به هذه قُبْلة رحمة ، إنّما تكره قُبْلة الشهوة »(٢) .

إذا ثبت هذا ، فلا فرق بين الاُمّ والاُخت وغيرهما من المـُحرَّمات المؤبَّدة.

البحث السادس عشر : في الفسوق والجدال‌

مسألة ٣١١ : يحرم على المـُحْرم الفسوقُ ، وهو : الكذب ، وهو حرام على غيره إلّا أنّه يتأكّد في حقّه.

قال الله تعالى :( فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ ) (٣) .

قال الصادقعليه‌السلام : « والفسوق : الكذب والسباب »(٤) .

وروى العامّة قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( سباب المسلم فسوق )(٥) فجعلوا الفسوق هو السباب ؛ لهذا الخبر.

وهو غير دالّ ، وسبب الغلط إيهام العكس.

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٣٢٦ / ١١١٩.

(٢) الكافي ٤ : ٣٧٧ / ٩ ، التهذيب ٥ : ٣٢٨ / ١١٢٧.

(٣) البقرة : ١٩٧.

(٤) الكافي ٤ : ٣٣٨ / ٣ ، التهذيب ٥ : ٢٩٦ - ٢٩٧ / ١٠٠٣.

(٥) صحيح البخاري ١ : ١٩ و ٨ : ١٨ ، و ٩ : ٦٣ ، صحيح مسلم ١ : ٨١ / ١١٦ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٧ / ٦٩ ، و ٢ : ١٢٩٩ / ٣٩٣٩ و ٣٩٤٠ و ١٣٠٠ / ٣٩٤١ ، سنن الترمذي ٤ : ٣٥٣ / ١٩٨٣ ، و ٥ : ٢١ / ٢٦٣٥ ، سنن النسائي ٧ : ١٢٢ ، المعجم الكبير - للطبراني - ١ : ١٤٥ / ٣٢٥ ، و ١٠ : ١٢٩ / ١٠١٠٥ ، و ١٩٤ / ١٠٣٠٨ ، و ١٩٧ / ١٠٣١٦ ، المغني ٣ : ٢٧١.

٣٩٣

وقال ابن عباس : الفسوق : المعاصي. وهو قول ابن عمر وعطاء وإبراهيم(١) .

وقال الكاظمعليه‌السلام : « والفسوق : الكذب »(٢) .

مسألة ٣١٢ : ويحرم على المـُحْرم الجدال ، وفسّره الصادقعليه‌السلام بقول الرجل لغيره : لا والله وبلى والله(٣) . وكذا قال الكاظم(٤) عليه‌السلام .

وقال ابن عباس : الجدال هو أن تماري صاحبك حتى تغضبه(٥) . وهو قريب ممّا فسّره الإِمامانعليهما‌السلام .

وقال مجاهد :( وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ ) (٦) أي : لا مجادلة ، ولا شكّ في الحجّ أنّه في ذي الحجّة(٧) . وما قلناه أولى.

إذا عرفت هذا ، فإنّه يستحب للمُحْرم قلّة الكلام إلّا بخير.

وروى العامة عن الحسين بن عليعليهما‌السلام ، قال : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه »(٨) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « إذا أحرمت فعليك بتقوى الله وذكر الله وقلّة الكلام إلّا بخير ، فإنّ تمام الحجّ والعمرة أن يحفظ‌

____________________

(١) تفسير الماوردي ١ : ٢٥٩ ، تفسير الطبري ٢ : ١٥٦ ، تفسير القرطبي ٢ : ٤٠٧ ، المغني ٣ : ٢٧١ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٣٥ - ٣٣٦.

(٢) التهذيب ٥ : ٢٩٧ / ١٠٠٥.

(٣) الكافي ٤ : ٣٣٨ / ٣ ، التهذيب ٥ : ٢٩٧ / ١٠٠٣.

(٤) التهذيب ٥ : ٢٩٧ / ١٠٠٥.

(٥) تفسير الطبري ٢ : ١٥٨ ، المغني ٣ : ٢٧١ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٣٦.

(٦) البقرة : ١٩٧.

(٧) تفسير القرطبي ٢ : ٤٠٧ ، تفسير الطبري ٢ : ١٦٠ ، المغني ٣ : ٢٧١ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٣٦.

(٨) المعجم الكبير - للطبراني - ٣ : ١٣٨ / ٢٨٨٦ ، المعجم الصغير - للطبراني - ٢ : ١١١ ، مسند أحمد ١ : ٢٠١ ، المغني ٣ : ٢٧١ - ٢٧٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٣٦.

٣٩٤

المرء لسانه إلّا من خير كما قال تعالى ، فإنّ الله يقول :( فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ ) (١) فالرفث : الجماع ، والفسوق : الكذب ، والجدال : قول الرجل : لا والله وبلى والله »(٢) .

ولأنّ ترك الكلام فيما لا ينفع ممّا يقتضي صيانة النفس عن اللغو والوقوع في الكذب وما لا يحلّ ، فإنّ مَنْ كثر كلامه كثر سقطه وقد قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت )(٣) فيستحب ترك الكلام فيما لا يتعلّق بالذكر والبحث في العلوم مطلقاً ، إلّا أنّه في حال الإِحرام أشدّ استحباباً ؛ لأنّه حال عبادة واستغفار واستشعار بطاعة الله تعالى ، فيشبه الاعتكاف.

ولا يعارض ذلك ما رواه العامّة عن عمر أنّه كان إذا ركب ناقته وهو محْرمٌ يقول :

كأنّ راكبها غصن بمروحة

إذا تدلّت به أو شارب ثمل(٤)

وفِعْلُ عمر لا حجّة فيه ، خصوصاً مع معارضة فعل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

مسألة ٣١٣ : لو ارتدّ في أثناء الحجّ والعمرة ، لم تُفسدهما ، ولا يعتدّ بما فَعَله في زمان الردّة - وهو قول بعض الشافعية(٥) - لأصالة الصحّة ، وبراءة الذمّة ، والخروج عن العهدة بامتثال الأمر.

وقال بعض الشافعية : إنّها تُفسدهما ، سواء طال زمانها أو قصر(٦) .

____________________

(١) البقرة : ١٩٧.

(٢) الكافي ٤ : ٣٣٧ - ٣٣٨ / ٣ ، التهذيب ٥ : ٢٩٦ / ١٠٠٣.

(٣) صحيح مسلم ١ : ٦٨ / ٤٧ ، صحيح البخاري ٨ : ٣٩ ، سنن الترمذي ٤ : ٦٥٩ / ٢٥٠٠ ، الموطّأ ٢ : ٩٢٩ / ٢٢ ، المغني ٣ : ٢٧١ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٣٦.

(٤) سنن البيهقي ٥ : ٦٨ ، المغني ٣ : ٢٧٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٣٦.

(٥ و ٦ ) فتح العزيز ٧ : ٤٧٩ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٤٢ ، المجموع ٧ : ٤٠٠.

٣٩٥

وعلى القول بالفساد لهُمْ وجهان :

أظهرهما : أنّه يبطل النسك بالكلية حتى لا يمضي فيه لا في الردّة ولا إذا عاد إلى الإِسلام ؛ لأنّ الردّة تُحْبط العبادة.

[ والثاني : أنّ سبيل الفساد هاهنا كسبيله عند الجماع ، فيمضي فيه لو عاد إلى الإِسلام ](١) لكن لا تجب الكفّارة ، كما أنّ إفساد الصوم بالردّة لا يتعلّق به الكفّارة.

وعلى القول بالصحة لهُمْ ثلاثة أوجه :

أحدها : أنّه ينعقد على الصحة ، فإن رجع في الحال فذاك ، وإلّا فسد نسكه ، وعليه الفدية والقضاء والمضيّ في الفاسد.

والثاني : أنّه ينعقد فاسداً ، وعليه القضاء والمضيّ فيه ، سواء مكث أو رجع في الحال ، وإن مكث ، وجبت الفدية ، وهل هي بدنة أو شاة؟ خلاف.

والثالث : لا ينعقد أصلاً ، كما لا تنعقد الصلاة مع الحدث(٢) .

القسم الثاني : في مكروهات الإِحرام‌

أ : يكره للمُحْرم النوم على الفراش المصبوغة ، وليس بحرام ؛ لما رواه أبو بصير - في الصحيح - عن الباقرعليه‌السلام ، قال : « يكره للمُحْرم أن ينام على الفراش الأصفر أو المرفقة الصفراء »(٣) .

ب : يكره الإِحرام في الثوب المصبوغ بالسواد أو المعصفر ، ويتأكّد في السواد والنوم عليه.

____________________

(١) أضفناها من المصدر.

(٢) فتح العزيز ٧ : ٤٧٩.

(٣) التهذيب ٥ : ٦٨ / ٢٢١.

٣٩٦

ج : يكره الإِحرام في الثياب الوسخة وإن كانت طاهرةً.

د : لُبْس الثياب المعلمة.

ه - : استعمال الحِنّاء للزينة.

و: النقاب للمرأة على إشكال.

ز : دخول الحمّام وتدليك الجسد فيه.

ح : تلبية المنادي ، بل يقول : يا سعد ؛ لأنّه في مقام التلبية لله تعالى ، فكره لغيره.

ولقول الصادقعليه‌السلام : « ليس للمُحْرم أن يلبّي مَن دعاه حتى ينقضي إحرامه » قلت : كيف يقول؟ قال : « يقول : يا سعد »(١) .

ط : استعمال الرياحين.

مسألة ٣١٤ : يجوز للمُحْرم أن يلبس الهميان ، وهو قول جمهور العلماء(٢) .

قال ابن عبد البرّ : أجمع فقهاء الأمصار متقدّموهم ومتأخّروهم على جواز ذلك(٣) .

وكرهه ابن عمر ومولاه نافع(٤) .

لما رواه العامّة عن ابن عباس قال : رخص رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله للمُحْرم في الهميان أن يربطه إذا كانت فيه نفقته(٥) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « كان أبيعليه‌السلام يشدّ على بطنه نفقته يستوثق ، فإنّها تمام حجّه »(٦) .

____________________

(١) الكافي ٤ : ٣٦٦ / ٤ ، التهذيب ٥ : ٣٨٦ / ١٣٤٨.

(٢) المغني ٣ : ٢٨٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٨٥.

(٣) المغني ٣ : ٢٨٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٨٥ - ٢٨٦.

(٤ و ٥) المغني ٣ : ٢٨٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٨٦.

(٦) الفقيه ٢ : ٢٢١ / ١٠٢٨ ، وانظر : الكافي ٤ : ٣٤٣ - ٣٤٤ ذيل الحديث ٢.

٣٩٧

ولشدّة الحاجة إلى ذلك.

وقول ابن عمر لا حجّة له فيه.

مسألة ٣١٥ : يجوز للمحرم أن يلبس السلاح عند الحاجة إجماعا ، إلاّ من الحسن البصري ، فإنّه كرهه(١) .

والحقُّ الأول ؛ لما رواه العامّة : أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله صالح أهل الحديبية على أن لا يدخلوها إلّا بجُلْبان السلاح(٢) ، يعني القراب بما فيه.

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « إنّ المـُحْرم(٣) إذا خاف العدوّ فلبس السلاح ، فلا كفّارة عليه »(٤) .

وللحاجة إليه.

وقد دلّ هذا الحديث من حيث المفهوم على التحريم مع عدم الخوف ، وهو أحد قولي علمائنا(٥) .

مسألة ٣١٦ : يجوز أن يؤدّب الرجل عبده عند الحاجة إليه حالة إحرامه ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « لا بأس أن يؤدّب المـُحْرم عبده ما بينه وبين عشرة أسواط »(٦) .

وإذا قتل المـُحْرم حيواناً وشكّ في أنّه صيد ، لم يكن عليه شي‌ء ؛ لأصالة البراءة.

ولو علم أنّه صيد وشكّ في أيّ صيد هو ، لزمه دم شاة ؛ لأنّه أقلّ مراتب‌

____________________

(١) المغني ٣ : ٢٨٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٨٧.

(٢) سنن أبي داود ٢ : ١٦٧ / ١٨٣٢ ، المغني ٣ : ٢٨٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٨٧.

(٣) في النسخ الخطية والحجرية : المسلم ، وما أثبتناه من المصدر.

(٤) التهذيب ٥ : ٣٨٧ / ١٣٥١.

(٥) كالشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ٣٢٢ ، والقاضي ابن البرّاج في المهذّب ١ : ٢٢١ ، وابن إدريس في السرائر : ١٢٨.

(٦) التهذيب ٥ : ٣٨٧ / ١٣٥٣.

٣٩٨

الصيد.

ولقول الصادقعليه‌السلام في رجل أكل من لحم صيد لا يدري ما هو وهو مُحْرمٌ ، قال : « عليه شاة »(١) .

ويجوز أن يكون مع المـُحْرم لحم الصيد إذا لم يأكله ، وتركه إلى وقت إحلاله ثم يأكله إذا لم يكن صاده هو ؛ لأنّ علي بن مهزيار سأله عن المـُحْرم معه لحم من لحوم الصيد في زاده ، هل يجوز أن يكون معه ولا يأكله ويُدخله مكة وهو مُحْرم فإذا أحلّ أكله؟ فقال : « نعم إذا لم يكن صاده »(٢) .

ويجوز إخراج الفهد من الحرم ؛ لأنّ إسماعيل بن الفضل الهاشمي سأل الصادقعليه‌السلام ، فقال له : فهود تُباع على باب المسجد ينبغي لأحد أن يشتريها ويخرج بها؟ قال : « لا بأس »(٣) .

وفي الصحيح عن محمد بن أبي عمير عن بعض أصحابه عن الصادقعليه‌السلام ، أنّه سُئل عن رجل أدخل فهداً إلى الحرم ، له أن يخرجه؟

فقال : « هو سبُع ، وكلّما أدخلت من السباع(٤) الحرم أسيراً فلك أن تخرجه »(٥) .

____________________

(١) الكافي ٤ : ٣٩٧ / ٧ ، التهذيب ٥ : ٣٨٤ / ١٣٤٢.

(٢) التهذيب ٥ : ٣٨٥ / ١٣٤٥.

(٣) التهذيب ٥ : ٣٨٥ / ١٣٤٦.

(٤) في المصدر : « السَّبُع ».

(٥) التهذيب ٥ : ٣٦٧ / ١٢٨١.

٣٩٩

المطلب الرابع : في كفّارات الإِحرام‌

وفيه بابان :

الأول : في كفّارات(١) الصيد.

وفيه مباحث :

الأوّل : فيما لكفّارته بدل على الخصوص‌

وهو خمسة :

الأوّل : قتل النعامة‌.

مقدّمة : دابّة الصيد تضمن بمثلها من النَّعَم عند أكثر العلماء(٢) ؛ لقوله تعالى :( فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ ) (٣) .

وما رواه العامّة : أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله جعل في الضبع كبشاً(٤) .

ومن طريق الخاصّة : ما رواه أبو الصباح - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن قول الله عزّ وجلّ في الصيد( وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ ) (٥) قال : « في الظبي شاة ، وفي حمار وحش بقرة ، وفي النعامة جزور »(٦) .

وقال أبو حنيفة : الواجب القيمة ؛ لأنّ الصيد ليس بمثلي ، فتجب القيمة ، ويجوز صرفها في المثل(٧) .

____________________

(١) في « ن » كفّارة.

(٢) المغني ٣ : ٥٤٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٦١.

(٣) المائدة : ٩٥.

(٤) سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٣١ / ٣٠٨٥ ، سنن الدار قطني ٢ : ٢٤٦ / ٤٨ ، سنن البيهقي ٥ : ١٨٣ ، المغني ٣ : ٥٤٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٦١.

(٥) المائدة : ٩٥.

(٦) التهذيب ٥ : ٣٤١ / ١١٨٠.

(٧) بدائع الصنائع ٢ : ١٩٨ ، الهداية - للمرغيناني - ١ : ١٦٩ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : =

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481