تذكرة الفقهاء الجزء ٧

تذكرة الفقهاء12%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-007-2
الصفحات: 481

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 481 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 179060 / تحميل: 5959
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ٧

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٠٠٧-٢
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

عنه ، سقط الفور في تلك السنة عنه ؛ لأنّ المال إنّما يعتبر وقت خروج الناس ، وقد يتوسّل المحتال بهذا إلى دفع الحجّ.

مسألة ٤٣ : لو كان له مال يكفيه لذهابه وعوده دون نفقة عياله ، سقط عنه فرض الحجّ ؛ لما تقدّم من الأمر بالنفقة على العيال ، ولأنّ نفقة العيال تتعلّق بالفاضل عن قوته ، وفرض الحجّ(١) يتعلّق بالفاضل عن كفايته ، فكان الإِنفاق على العيال أولى من الحجّ.

والمراد بالعيال هنا من تلزمه النفقة عليه دون من تُستحب.

مسألة ٤٤ : لو لم يكن له زاد وراحلة أو كان ولا مؤونة له لسفره أو لعياله ، فبذل له باذل الزاد والراحلة ومئونته ذاهباً وعائداً ومؤونة عياله مدّة غيبته ، وجب عليه الحجّ عند علمائنا ، سواء كان الباذل قريباً أو بعيداً ؛ لأنّه مستطيع للحجّ.

ولأنّ الباقر والصادقعليهما‌السلام سُئلا عمّن عرض عليه ما يحجّ به فاستحيى من ذلك ، أهو ممّن يستطيع إلى ذلك سبيلا؟ قال : « نعم »(٢) .

وللشافعي قولان في وجوب الحجّ إذا كان الباذل ولدا :

أحدهما : الوجوب ؛ لأنّ الابن يخالف غيره في باب المنّة.

والثاني : عدم الوجوب ؛ لأنّه لا يلزمه القبول ؛ لاشتماله على المنّة.

وإن لم يكن ولداً ، لم يجب القبول(٣) .

وقال أحمد : لا يجب الحجّ مطلقاً ، سواء بُذل له الركوب والزاد أو بُذل له مال ؛ لأنّه غير مالك للزاد والراحلة ولا لثمنهما ، فسقط عنه فرض الحجّ(٤) .

____________________

(١) في « ف ، ن » زيادة : على الكفاية.

(٢) الكافي ٤ : ٢٦٦ - ٢٦٧ / ١ ، التهذيب ٥ : ٣ - ٤ / ٣ و ٤ ، الاستبصار ٢ : ١٤٠ / ٤٥٥ و ٤٥٦.

(٣) الوجيز ١ : ١١١ ، فتح العزيز ٧ : ٤٥ - ٤٦.

(٤) المغني ٣ : ١٦٩ ، الشرح الكبير ٣ : ١٨١.

٦١

ونمنع ثبوت المنّة وعدم الملك المشروط في الاستطاعة.

فروع :

أ - لو بُذل له مال يتمكّن به من الحجّ ويكفيه في مئونته ومؤونة عياله ، لم يجب عليه القبول ، سواء كان الباذل له ولداً أو أجنبياً ؛ لاشتماله على المنّة في قبول الطاعة.

ولأنّ في قبول المال وتملّكه إيجاب سببٍ يلزم به الفرض ، وهو : القبول ، وربما حدثت عليه حقوق كانت ساقطة ، فيلزمه صرف المال إليها من وجوب نفقة وقضاء دين.

ولأنّ تحصيل شرط الوجوب غير واجب ، كما في تحصيل مال الزكاة.

ب - لو وجد بعض ما يلزمه الحجّ به وعجز عن الباقي فبُذل له ما عجز عنه ، وجب عليه الحجّ ؛ لأنّه ببذل الجميع مع عدم تمكّنه من شي‌ء أصلاً يجب عليه فمع تمكّنه من البعض يكون الوجوب أولى.

ج - لو طلب من فاقد الاستطاعة إيجار نفسه للمساعدة في السفر بما تحصل به الاستطاعة ، لم يجب القبول ، لأنّ تحصيل شرط الوجوب ليس بواجب.

نعم لو آجر نفسه بمال تحصل به الاستطاعة أو ببعضه إذا كان مالكاً للباقي ، وجب عليه الحجّ.

وكذا لو قبل مال الهبة ؛ لأنّه صار الآن مالكاً للاستطاعة.

د - قال ابن إدريس من علمائنا : إنّ من يعرض عليه بعض إخوانه ما يحتاج إليه من مؤونة الطريق يجب عليه الحجّ بشرط أن يملّكه ما يبذل له ويعرض عليه ، لا وعدا بالقول دون الفعل ، وكذا فيمن حجّ به بعض إخوانه(١) .

____________________

(١) السرائر : ١٢١.

٦٢

والتحقيق أن نقول : البحث هنا في أمرين :

الأول : هل يجب على الباذل بالبذل الشي‌ء المبذول أم لا؟

فإن قلنا بالوجوب أمكن وجوب الحج على المبذول له ، لكن في إيجاب المبذول بالبذل إشكال أقربه عدم الوجوب.

وإن قلنا بعدم وجوبه ، ففي إيجاب الحجّ إشكال ، أقربه : العدم ؛ لما فيه من تعليق الواجب بغير الواجب.

الثاني : هل بين بذل المال وبذل الزاد والراحلة ومئونته ومؤونة عياله فرق أم لا؟ الأقرب : عدم الفرق ؛ لعدم جريان العادة بالمسامحة في بذل الزاد والراحلة والمؤن بغير منّة كالمال.

ه - لو وهب المال ، فإن قبل ، وجب الحجّ ، وإلاّ فلا ، ولا يجب عليه قبول الاتّهاب ، وكذا الزاد والراحلة ، لأنّ في قبول عقد الهبة تحصيل شرط الوجوب وليس واجبا.

و - لا يجب الاقتراض للحجّ إلّا أن يحتاج إليه ويكون له مال بقدره يفضل عن الزاد والراحلة ومئونته ومؤونة عياله ذهاباً وعوداً ، فلو لم يكن له مال ، أو كان له ما يقصر عن ذلك ، لم يجب عليه الحجّ ؛ لأصالة البراءة ، ولأنّ تحصيل شرط الوجوب ليس واجباً.

ز - لو كان له ولد له مال ، لم يجب عليه بذله لأبيه في الحجّ ولا إقراضه له ، سواء كان الولد كبيراً أو صغيراً ، ولا يجب على الأب الحجّ بذلك المال.

وقال الشيخرحمه‌الله : وقد روى أصحابنا أنّه إذا كان له ولد له مال ، وجب أن يأخذ من ماله ما يحجّ به ، ويجب عليه إعطاؤه(١) .

ونحن نحمل ما رواه الشيخ على الاستحباب.

ج - لو حجّ فاقد الزاد والراحلة ماشياً أو راكباً ، لم يجزئه عن حجّة‌

____________________

(١) الخلاف ٢ : ٢٥٠ ، المسألة ٨.

٦٣

الإِسلام ؛ لأنّ الحج على هذه الحالة غير واجب عليه ، فلم يكن ما أوقعه واجباً عليه ، فإذا حصل شرط الوجوب الذي هو كالوقت له ، وجب عليه الحجّ ؛ لأنّ الفعل أوّلاً كان فعلاً للواجب قبل وقته ، فلم يكن مجزئاً كالصلاة.

مسألة ٤٥ : لا تباع داره التي يسكنها في ثمن الزاد والراحلة ، ولا خادمه ولا ثياب بدنه ولا فرس ركوبه بإجماع العلماء ؛ لأنّ ذلك ممّا تمسّ الحاجة إليه ، ويجب عليه بيع ما زاد على ذلك من ضياع وعقار وغير ذلك من الذخائر والأثاث التي له منها بُدٌّ إذا حصلت الاستطاعة معه.

مسألة ٤٦ : لو(١) فقد الاستطاعة فغصب مالاً فحجّ به ، أو غصب حمولةً فركبها حتى أوصلته ، أثم بذلك ، وعليه اُجرة الحمولة وضمان المال ، ولم يجزئه عن الحجّ.

أمّا لو كان واجداً للزاد والراحلة والمؤونة فغصب وحجَّ بالمغصوب ، أجزأه ذلك - وبه قال الشافعي(٢) - لأنّ الحجّ عبادة بدنيّة ، والمال والمحمولة يُرادان للتوصّل إليه ، فإذا فعله لم يقدح فيه ما يوصل به إليه.

نعم لو طاف أو سعى على الدابة المغصوبة ، لم يصحّا.

ولو وقف عليها فالأقوى : الصحّة ؛ لأنّ الواجب هو الكون في الموقف وقد حصل.

وقال أحمد : إذا حجّ بالمال المغصوب ، لم يصح ، وكذا لو غصب حمولةً فركبها حتى أوصلته(٣) ؛ لأنّ الزاد والراحلة من شرائط الحجّ ولم يوجد على الوجه المأمور به ، فلا يخرج به عن العهدة.

وليس بجيّد ؛ لأنّ الشرط(٤) ليس تملّك عين الزاد والراحلة ، بل هما أو‌

____________________

(١) في النسخ الخطية : ولو ، بدل مسألة : لو.

(٢ و ٣) المجموع ٧ : ٦٢.

(٤) في الطبعة الحجرية : لأنّ شرط الحج ، بدل لأنّ الشرط.

٦٤

ثمنهما ، والبحث في القادر.

مسألة ٤٧ : الفقير الزمن لا يجب عليه الحجّ إجماعاً ، فلو بذل له غيره الحجّ عنه بأن ينوبه ، لم يجب عليه أيضاً - وبه قال مالك وأبو حنيفة(١) - لقولهعليه‌السلام : ( السبيل زاد وراحلة )(٢) .

ولأنّ الحجّ عبادة بدنيّة فوجب أن لا يجب عليه ببذل الغير النيابة عنه فيها ، كالصلاة والصوم.

ولأنّ العبادات ضربان :

منها : ما يتعلّق بالأبدان ، فتجب بالقدرة عليها ، كالصلاة والصيام.

ومنها : ما يتعلّق بالأموال ، فيعتبر في وجوبها ملك المال ، كالزكاة ، ولم يُعهد في الاُصول وجوب عبادة ببذل الطاعة(٣) .

وقال الشافعي : يجب ؛ لما روي أنّ امرأةً من خثعم قالت : يا رسول الله إنّ فريضة الله في الحجّ على عباده أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يستطيع أن يستمسك على الراحلة ، فهل ترى أن أحجّ عنه؟ فقال : ( نعم ) فقالت : أو ينفعه؟ فقال : ( أرأيت لو كان على أبيكِ دَيْنٌ فقضيِته أكان ينفعه؟ ) فقالت : نعم ، قال : ( فدَيْن الله أحقّ أن يقضى )(٤) .

وجه الدلالة : أنّها بذلت الطاعة لأبيها ، فأمرها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالحجّ عنه من غير أن يجري للمال ذكر ، فدلّ على أنّ الفرض وجب ببذل الطاعة.

____________________

(١) بداية المجتهد ١ : ٣١٩ - ٣٢٠ ، الحاوي الكبير ٤ : ٩ ، المجموع ٧ : ١٠١.

(٢) سنن الدار قطني ٢ : ٢١٨ / ١٣ ، سنن البيهقي ٤ : ٣٣٠.

(٣) قوله : ببذل الطاعة ، أي بالتقرّب إلى الله تعالى بالنيابة عنه في الحج ، فلم يجب على النائب. هامش « ن ».

(٤) صحيح مسلم ٢ : ٩٧٣ / ١٣٣٤ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٩٧١ / ٢٩٠٩ ، سنن البيهقي ٤ : ٣٢٨ بتفاوت واختصار.

٦٥

ولأنّ المغصوب(١) الموسر يجب عليه الحجّ بالاستنابة للغير بالمال ، وهذا في حكمه ؛ لأنّه قادر على فعل الحجّ عن نفسه فلزمه ، كالقادر بنفسه(٢) .

والحديث لا يدلّ على الوجوب ، ولهذا شبّههعليه‌السلام بالدَّيْن مع أنّ الولد لا يجب عليه قضاء ما وجب على أبيه من الدَّيْن ، بل يستحب له ، فكذا هنا.

ونمنع وجوب الاستنابة على المعضوب ، وسيأتي(٣) إن شاء الله.

تنبيه : شرط الشافعية في وجوب الحجّ ببذل الطاعة سبعة شرائط ، ثلاثة في الباذل :

أ - أن يكون الباذل من أهل الحجّ ، فيجمع البلوغ والعقل والحرّية والإِسلام ؛ لأنّ من لا يصح منه أداء الحجّ عن نفسه لا تصح منه النيابة فيه عن غيره.

ب - أن لا تكون عليه حجة الإِسلام ليصحّ إحرامه(٤) بالحجّ عن غيره.

ج - أن يكون واجداً للزاد والراحلة ؛ لأنّه لمـّا كان ذلك معتبراً في المبذول له كان اعتباره في الباذل أولى ؛ إذ ليس حال الباذل أوكد في إلزام الفرض من المبذول له.

وبعض الشافعية لا يعتبر هذا الشرط في بذله للطاعة وإن اعتبره في فرض نفسه ؛ لأنّه التزم الطاعة باختياره ، فصار كحجّ النذر المخالف للفرض بالأصالة.

____________________

(١) المعضوب : الزمن الذي لا حراك به. النهاية - لابن الأثير - ٣ : ٢٥١.

(٢) الحاوي الكبير ٤ : ٩ ، فتح العزيز ٧ : ٤٦ ، المهذب - للشيرازي - ١ : ٢٠٥ ، المجموع ٧ : ٩٧ و ١٠١.

(٣) يأتي في المسألة ٩٩.

(٤) في « ف » : الإِحرام.

٦٦

وأربعة في المبذول له :

أ - أن يكون المبذول له واثقاً بطاعة الباذل عالماً أنّه متى أمره بالحجّ امتثل أمره ؛ لأنّ قدرة الباذل قد اُقيمت مقام قدرته ، فافتقر إلى الثقة بطاعته.

ب - أن يكون الفرض غير ساقط عنه.

ج - أن يكون معضوباً آيساً من أن يفعل بنفسه.

د - أن لا يكون له مال ؛ لأنّ ذا المال يجب عليه الحجّ بماله.

فإذا اجتمعت الشروط نُظر في الباذل ؛ فإن كان من غير ولد ولا والد ، ففي لزوم الفرض ببذله وجهان :

أحدهما - وهو الصحيح عندهم ونصّ عليه الشافعي - : أنّه كالولد في لزوم الفرض ببذل طاعته ؛ لكونه مستطيعاً للحجّ في الحالين.

والثاني : أنّ الفرض لا يلزمه ببذل غير ولده ؛ لما يلحقه من المنّة في قبوله ، ولأنّ حكم الولد مخالف لغيره في القصاص وحدّ القذف والرجوع في الهبة ، فخالف غيره في بذل الطاعة.

وإذا كملت الشرائط التي يلزم بها فرض الحج ببذل الطاعة فعلى المبذول له الطاعة أن يأذن للباذل أن يحجّ عنه ؛ لوجوب الفرض عليه ، وإذا أذن له وقبل الباذل إذنه فقد لزمه أن يحجّ عنه متى شاء ، وليس له الرجوع بعد القبول.

إذا تقرّر هذا فعلى المبذول له أن يأذن وعلى الباذل أن يحجّ.

فإن امتنع المبذول له من الإِذن فهل يقوم الحاكم مقامه في الإِذن للباذل؟ وجهان :

أحدهما : القيام فيأذن للباذل في الحجّ ؛ لأنّ الإِذن قد لزمه ، ومتى امتنع من فعل ما وجب عليه قام الحاكم مقامه في استيفاء ما لزمه ، كالديون.

والثاني - وهو الصحيح عندهم - : أنّ إذن الحاكم لا يقوم مقام إذنه ؛ لأنّ البذل كان لغيره ، فإن أذن المبذول له قبل وفاته ، انتقل الفرض عنه إلى‌

٦٧

الباذل ، وإن لم يأذن حتى مات ، لقي الله تعالى وفرض الحجّ واجب عليه.

فلو حجّ الباذل بغير إذن المبذول له ، كانت الحجّة واقعةً عن نفسه ؛ لأنّ الحجّ عن الحي لا يصحّ بغير إذنه ، وكان فرض الحجّ باقياً على المبذول له(١) .

وهذا كلّه ساقط عندنا.

البحث الخامس : في إمكان المسير‌

ويشتمل على اُمور أربعة : الصحة ، والتثبّت على الراحلة ، وأمن الطريق في النفس والبُضع والمال ، واتّساع الوقت ، فالنظر هنا في أربعة :

النظر الأول : الصحة‌

مسألة ٤٨ : أجمع علماء الأمصار في جميع الأعصار على أنّ القادر على الحجّ بنفسه الجامع لشرائط وجوب حجّة الإِسلام يجب عليه إيقاعه مباشرةً ، ولا تجوز له الاستنابة فيه ، فإن استناب غيره لم يجزئه ، ووجب عليه أن يحجّ بنفسه.

فإن مات بعد استطاعته واستنابته واستقرار الحجّ في ذمّته ، وجب أن يُخرج عنه اُجرة المثل من صلب ماله ؛ لأنّ ما فعله أوّلاً لم يُفده براءة ذمّته ، فيكون بمنزلة التارك للحجّ بعد استقراره في الذمّة من غير إجارة.

أمّا المريض مرضاً لا يتضرّر بالسفر والركوب فإنّه كالصحيح يجب عليه مباشرة الحجّ بنفسه ، فإن وجد مشقّة أو احتاج إلى ما يزيد على مؤونة سفر الصحيح مع عجزه عنه ، سقط عنه فرض المباشرة ، ولو احتاج إلى الدواء‌

____________________

(١) الحاوي الكبير ٤ : ١٠ - ١١ ، المهذب - للشيرازي - ١ : ٢٠٥ ، المجموع ٧ : ٩٥ و ٩٦ و ١٠٠ ، فتح العزيز ٧ : ٤٦.

٦٨

فكالزاد.

مسألة ٤٩ : المريض الذي يتضرّر بالركوب أو بالسفر إن كان مرضه لا يرجى زواله وكان مأيوساً من بُرئه لزمانة أو مرض لا يرجى زواله أو كان معضوباً نِضْو(١) الخلقة لا يقدر على التثبّت على الراحلة إلّا بمشقّة غير محتملة أو كان شيخاً فانياً وما أشبه ذلك إذا كان واجداً لشرائط الحج من الزاد والراحلة وغيرهما ، لا تجب عليه المباشرة بنفسه إجماعاً ؛ لما فيه من المشقّة والحرج وقد قال تعالى :( ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) (٢) .

ولما رواه العامة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : ( من لم تمنعه من الحج حاجة أو مرض حابس أو سلطان جائر فمات فليمت يهوديّاً أو نصرانيّاً )(٣) .

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام : « من مات ولم يحجّ حجّة الإِسلام ولم تمنعه من ذلك حاجة تجحف به أو مرض لا يطيق معه الحجّ أو سلطان يمنعه فليمت يهوديّاً أو نصرانياً »(٤) .

وهل تجب عليه الاستنابة؟ قال الشيخ : نعم(٥) ، وبه قال في الصحابة : عليعليه‌السلام ، وفي التابعين : الحسن البصري ، ومن الفقهاء : الشافعي والثوري وأحمد وإسحاق(٦) .

لما رواه العامة عن عليعليه‌السلام أنّه سُئل عن شيخ يجد الاستطاعة ،

____________________

(١) أي : مهزولاً. لسان العرب ١٥ : ٣٣٠.

(٢) الحج : ٧٨.

(٣) حلية الأولياء ٩ : ٢٥١ ، سنن الدارمي ٢ : ٢٨.

(٤) الكافي ٤ : ٢٦٨ / ١ ، الفقيه ٢ : ٢٧٣ / ١٣٣٣ ، التهذيب ٥ : ١٧ / ٤٩.

(٥) المبسوط - للطوسي - ١ : ٢٩٩ ، الخلاف ٢ : ٢٤٨ ، المسألة ٦.

(٦) الحاوي الكبير ٤ : ٨ ، فتح العزيز ٧ : ٤٤ ، المجموع ٧ : ٩٤ و ١٠٠ ، المغني ٣ : ١٨١ ، الشرح الكبير ٣ : ١٨٣ ، تفسير القرطبي ٤ : ١٥١.

٦٩

فقال : « يجهّز من يحجّ عنه »(١) .

ولحديث الخثعمية(٢) .

ومن طريق الخاصة : ما رواه معاوية بن عمّار - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام قال : « إنّ عليّاًعليه‌السلام رأى شيخاً لم يحج قطّ ولم يُطق الحجّ من كبره ، فأمر أن يجهّز رجلاً فيحجّ عنه »(٣) .

ولأنّها عبادة تجب بإفسادها الكفّارة فجاز أن يقوم غير فعله مقام فعله فيها ، كالصوم إذا عجز عنه.

وقال بعض علمائنا : لا تجب الاستنابة(٤) ، وبه قال مالك ؛ لأنّ الاستطاعة غير موجودة ؛ لعدم التمكّن من المباشرة ، والنيابة فرع الوجوب والوجوب ساقط ؛ لعدم شرطه ، فإنّ الله تعالى قال( مَنِ اسْتَطاعَ ) وهذا غير مستطيع.

ولأنّها عبادة لا تدخلها النيابة مع القدرة فلا تدخلها مع العجز ، كالصوم والصلاة(٥) .

ونمنع عدم الاستطاعة ؛ لأنّ الصادقعليه‌السلام فسّرها بالزاد والراحلة(٦) ، وهي موجودة ، والقياس ضعيف ، وهذا القول لا بأس به أيضاً.

قال مالك : ولا يجوز أن يستأجر من يحجّ عنه في حال حياته ، فإن وصّى أن يُحجّ عنه بعد وفاته ، جاز(٧) .

____________________

(١) تفسير القرطبي ٤ : ١٥١ ، المغني ٣ : ١٨٢ ، الشرح الكبير ٣ : ١٨٤.

(٢) تقدّمت الإِشارة إلى مصادره في الصفحة ٦٤ ، الهامش (٤)

(٣) التهذيب ٥ : ١٤ / ٣٨.

(٤) قاله ابن إدريس في السرائر : ١٢٠.

(٥) الحاوي الكبير ٤ : ٩ ، المجموع ٧ : ١٠٠ ، المغني ٣ : ١٨١ ، الشرح الكبير ٣ : ١٨٣ ، تفسير القرطبي ٤ : ١٥٠.

(٦) الكافي ٤ : ٢٦٨ / ٥.

(٧) الحاوي الكبير ٤ : ٩ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ١٣٣ ، تفسير القرطبي ٤ : =

٧٠

وقال أبو حنيفة : إن قدر على الحجّ قبل زمانته ، لزمه الحجّ ، وإن لم يقدر عليه ، فلا حجّ عليه(١) .

مسألة ٥٠ : لو لم يجد هذا المريض الذي لا يرجى بُرؤه مالاً يستنيب به ، لم يكن عليه حجّ إجماعاً ؛ لأنّ الصحيح لو لم يجد ما يحجّ به لم يجب عليه فالمريض أولى ، وإن وجد مالاً ولم يجد مَنْ ينوب عنه لم يجب عليه أيضاً ؛ لعدم تمكّنه من الاستئجار.

وعن أحمد روايتان في إمكان المسير هل هو من شرائط الوجوب أو من شرائط لزوم السعي ، فإن قلنا : من شرائط لزوم السعي ، ثبت الحجّ في ذمّته يُحجّ عنه بعد موته ، وإن قلنا : من شرائط الوجوب ، لم يجب عليه شي‌ء(٢) .

وهذا ساقط عندنا.

مسألة ٥١ : المريض الذي لا يرجى بُرؤه لو استناب من حجّ عنه ثم عُوفي ، والمعضوب إذا تمكّن من المباشرة بعد أن أحجّ عن نفسه ، وجب عليه أن يحجّ بنفسه مباشرةً.

قال الشيخرحمه‌الله : لأنّ ما فعله كان واجباً في ماله وهذا يلزمه في نفسه(٣) .

وبه قال الشافعي وأصحاب الرأي وابن المنذر ؛ لأنّ هذا بدل اياس فإذا برأ تبيّنّا أنّه لم يكن مأيوساً منه ، فلزمه الأصل كالآيسة إذا اعتدت بالشهور ثم حاضت لا تجزئها تلك العدّة(٤) .

____________________

= ١٥٠ - ١٥١.

(١) الحاوي الكبير ٤ : ٨ - ٩.

(٢) المغني ٣ : ١٨٢ ، الشرح الكبير ٣ : ١٨٤.

(٣) المبسوط - للطوسي - ١ : ٢٩٩.

(٤) الاُم ٢ : ١١٤ و ١٢٣ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٠٦ ، المغني ٣ : ١٨٢ ، الشرح الكبير ٣ : ١٨٤.

٧١

وقال أحمد وإسحاق : لا يجب عليه حجٌّ آخر ؛ لأنّه فَعَل المأمور به ، فخرج عن العهدة ، كما لو لم يبرأ ، ولأنّه أدّى حجة الإِسلام بأمر الشارع ، فلم يلزمه حجّ ثانٍ ، كما لو حجّ بنفسه ، ولإِفضائه إلى إيجاب حجّتين وليس عليه إلّا حجّة واحدة(١) .

ونمنع فعله للمأمور به ، والفرق بينه وبين عدم البرء ظاهر ، ونمنع أداء حجّة الإِسلام بل بدلها المشروط بعدم القدرة على المباشرة ، ونمنع أنّه ليس عليه إلّا حجّة واحدة.

إذا عرفت هذا ، فلو عُوفي قبل فراق النائب من الحجّ ، قال بعض العامة : لم يجزئه الحجّ ؛ لأنّه قدر على الأصل قبل تمام البدل فلزمه ، كالصغيرة ومن ارتفع حيضها إذا حاضتا قبل تمام عدّتهما بالشهور ، وكالمتيمّم إذا رأى الماء في صلاته.

ويحتمل الاجزاء ، كالمتمتّع إذا شرع في الصيام ثم قدر على الهدي ، والمكفّر إذا قدر على الأصل بعد الشروع في البدل ، وإن برأ قبل إحرام النائب ، لم يجزئه بحال(٢) .

وهذا كلّه ساقط عندنا.

مسألة ٥٢ : المريض إذا كان مرضه يرجى زواله والبرء منه ، والمحبوس ونحوه إذا وجد الاستطاعة وتعذّر عليه الحجّ ، يستحب أن يستنيب ، قاله الشيخ(٣) رحمه‌الله .

ومنع منه الشافعي وأحمد ، فإن استناب غيره ، لم يجزئه كالصحيح ، سواء برأ من مرضه أو لم يبرأ ؛ لأنّه يرجو القدرة على الحجّ بنفسه ، فلم تكن‌

____________________

(١) المغني ٣ : ١٨٢ - ١٨٣ ، الشرح الكبير ٣ : ١٨٤.

(٢) المغني ٣ : ١٨٣ ، الشرح الكبير ٣ : ١٨٥.

(٣) المبسوط - للطوسي - ١ : ٢٩٩.

٧٢

له الاستنابة ، ولا يجزئه إن فعل ، كالفقير(١) .

وقال أبو حنيفة : يجوز له ان يستنيب ، ويكون ذلك مراعىً ، فإن قدر على الحج بنفسه ، لزمه ، وإلّا أجزأه ذلك ؛ لأنّه عاجز عن الحج بنفسه ، فأشبه المأيوس من برئه(٢) .

وفرّق الشافعية بأنّ المأيوس عاجز على الإِطلاق ، آيس من القدرة على الأصل فأشبه الميت ، ولأنّ النصّ إنّما ورد في الحجّ عن الشيخ الكبير وهو ممّن لا يرجى منه مباشرة الحج ، فلا يقاس عليه إلّا ما يشابهه(٣) .

والمعتمد : ما قاله الشيخ ؛ لقول الباقرعليه‌السلام : « كان عليعليه‌السلام يقول : لو أنّ رجلا أراد الحجّ فعرض له مرض أو خالطه سقم فلم يستطع الخروج ، فليجهّز رجلاً من ماله ثم ليبعثه مكانه»(٤) وهو عام.

ولأنّه غير قادر على الحجّ بنفسه ، فجاز له الاستنابة ، كالمعضوب.

إذا ثبت هذا ، فلو استناب من يرجو القدرة على الحجّ بنفسه ثم صار مأيوساً من بُرئه ، فعليه أن يحجّ عن نفسه مرّة اُخرى ؛ لأنّه استناب في حال لا تجوز الاستنابة فيها ، فأشبه الصحيح.

قال الشيخ : ولأنّ تلك الحجّة كانت عن ماله وهذه عن بدنه(٥) .

ولو مات سقط الحج عنه مع الاستنابة وبدونها ؛ لأنّه غير مستطيع للحجّ.

وللشافعي وجهان مع الاستنابة :

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٠٦ ، المجموع ٧ : ٩٤ و ١١٦ ، فتح العزيز ٧ : ٤٠ ، حلية العلماء ٣ : ٢٤٦ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٤ ، المغني ٣ : ١٨٤ ، الشرح الكبير ٣ : ١٨٥.

(٢) المبسوط - للسرخسي - ٤ : ١٥٢ ، المغني ٣ : ١٨٤ ، الشرح الكبير ٣ : ١٨٥ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٤ ، حلية العلماء ٣ : ٢٤٦.

(٣) راجع : المغني ٣ : ١٨٢ ، والشرح الكبير ٣ : ١٨٥.

(٤) الكافي ٤ : ٢٧٣ / ٤ ، التهذيب ٥ : ١٤ - ١٥ / ٤٠.

(٥) المبسوط - للطوسي - ١ : ٢٩٩.

٧٣

أحدهما : عدم الإِجزاء ؛ لأنّه استناب وهو غير مأيوس منه ، فأشبه ما إذا برأ.

والثاني : الإِجزاء ؛ لأنّا تبيّنّا أنّ المرض كان مأيوساً منه حيث اتّصل الموت به(١) .

مسألة ٥٣ : قد بيّنّا أنّ من بذل طاعة الحج لغيره لا يجب على ذلك الغير القبول ، خلافاً للشافعي حيث أوجب القبول والإِذن للمطيع في الحجّ عنه.

ولو مات المطيع قبل أن يأذن له ، فإن كان قد أتى من الزمان ما يمكنه فعل الحجّ فيه ، استقرّ في ذمّته ، وإن كان قبل ذلك ، لم يجب عليه ؛ لأنّه قد بان أنّه لم يكن مستطيعاً.

وهل يلزم الباذل ببذله؟ قال : إن كان قد أحرم لزم المضيّ فيه ، وإلّا فلا ؛ لأنّه لا يجب عليه البذل ، فلا يلزمه به حكم ؛ لأنّه متبرّع به(٢) .

وهذه كلّها ساقطة عندنا ؛ لأنّها مبنية على وجوب الحج بالطاعة ، وهو باطل ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله سُئل ما يوجب الحجّ؟ فقال : ( الزاد والراحلة )(٣) .

ولو كان على المعضوب حجّتان : منذورة وحجة الإِسلام ، جاز له أن يستنيب اثنين في سنة واحدة ؛ لأنّهما فعلان متباينان لا ترتيب بينهما ، ولا يؤدّي ذلك إلى وقوع المنذورة دون حجّة الإِسلام ، بل يقعان معاً ، فأجزأ ذلك ، بخلاف ما إذا ازدحم الفرضان على واحد.

____________________

(١) الحاوي الكبير ٤ : ١٤ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٠٦ ، المجموع ٧ : ١١٦ ، فتح العزيز ٧ : ٤٢.

(٢) فتح العزيز ٧ : ٤٥ و ٤٦ ، المجموع ٧ : ٩٥ و ٩٦ ، الحاوي الكبير ٤ : ١١.

(٣) سنن الترمذي ٣ : ١٧٧ / ٨١٣ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٩٦٧ / ٢٨٩٦ ، سنن الدار قطني ٢ : ٢١٥ / ٣.

٧٤

وللشافعي وجهان(١) .

تذنيبان :

الأول : قال الشيخ : المعضوب إذا وجب عليه حجّة بالنذر أو بإفساد حجّه ، وجب عليه أن يُحجّ غيره عن نفسه ، وإن برأ فيما بعدُ ، وجب عليه الإِعادة(٢) .

وفيه نظر.

الثاني : يجوز استنابة الصرورة وغير الصرورة على ما يأتي(٣) .

مسألة ٥٤ : يجوز للصحيح الذي قضى ما عليه من حجّة الإِسلام أن يستنيب في حجّ التطوّع وإن تمكّن من مباشرة الحجّ بنفسه عند علمائنا - وبه قال أبو حنيفة وأحمد في إحدى الروايتين(٤) - لأنّها حجّة لا تلزمه بنفسه ، فجاز أن يستنيب فيها ، كالمعضوب.

وقال الشافعي : لا يجوز - وهو الرواية الثانية عن أحمد - لأنّه غير آيس من الحجّ بنفسه قادر عليه ، فلم يجز أن يستنيب فيه كالفرض(٥) .

وهو خطأ ؛ للفرق ، فإنّ الفرض لم يؤدّه مباشرة وهنا قد أدّاه ، فافترقا.

ولو لم يكن قد حجّ حجّة الإِسلام ، جاز له أن يستنيب أيضاً في حجّ التطوّع ، سواء وجب عليه الحجّ قبل ذلك أو لا ، وسواء تمكّن من أداء الواجب أو لا ؛ لعدم المنافاة بينهما.

ولو كان قد أدّى حجّة الإِسلام وعجز عن الحجّ بنفسه ، صحّ أن يستنيب‌

____________________

(١) فتح العزيز ٧ : ٣٦ ، المهذب - للشيرازي - ١ : ٢٠٧.

(٢) المبسوط - للطوسي - ١ : ٢٩٩.

(٣) يأتي في المسألة ٨٤.

(٤) المبسوط - للسرخسي - ٤ : ١٥٢ ، المغني ٣ : ١٨٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٢١١ ، المجموع ٧ : ١١٦.

(٥) المجموع ٧ : ١١٦ ، المغني ٣ : ١٨٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٢١٢.

٧٥

في التطوّع ؛ لأنّ ما جازت الاستنابة في فرضه جازت في نفله ، كالصدقة.

مسألة ٥٥ : يجوز الاستئجار على الحجّ ، وبه قال مالك والشافعي وابن المنذر وأحمد في إحدى الروايتين(١) ، ومنع في الرواية الاُخرى منه ومن الاستئجار على الأذان وتعليم القرآن والفقه ونحوه ممّا يتعدّى نفعه ويختصّ فاعله أن يكون من أهله القربة(٢) .

وجوّز ذلك كلّه الشافعي ومالك ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( أحقّ ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله)(٣) .

وأخذ أصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله الجعل على الرقية بكتاب الله ، وأخبروا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بذلك فصوّبهم.

ولأنّه تجوز النفقة عليه فجاز الاستئجار عليه كبناء المساجد والقناطر(٤) .

واحتجّ المانعون : بأنّ عبادة بن الصامت كان يُعلّم رجلاً القرآن ، فأهدى له قوساً ، فسأل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عن ذلك ، فقال له : ( إن سرّك أن تتقلّد قوساً من نار فتقلّدها )(٥) .

وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لعثمان بن أبي العاص : ( واتّخذ مؤذّناً لا يأخذ على أذانه أجراً )(٦) .

____________________

(١) الكافي في فقه أهل المدينة : ١٦٦ ، المنتقى - للباجي - ٢ : ٢٧١ ، الاُم ٢ : ١٢٤ ، فتح العزيز ٧ : ٤٩ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٤ و ٢٥٧ ، المجموع ٧ : ١٢٠ و ١٣٩ ، المغني والشرح الكبير ٣ : ١٨٦.

(٢) المغني ٣ : ١٨٦ ، الشرح الكبير ٣ : ١٨٥ ، فتح العزيز ٧ : ٤٩.

(٣) صحيح البخاري ٣ : ١٢١ ، سنن البيهقي ١ : ٤٣٠.

(٤) الاُم ٢ : ١٢٤ ، فتح العزيز ٣ : ١٩٨ و ٧ : ٤٩ ، المجموع ٣ : ١٢٧ و ٧ : ١٢٠ و ١٣٩ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢٥٧ ، المدوّنة الكبرى ١ : ٦٢ و ٤ : ٤١٩ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ١٦٦ و ٣٧٤ و ٣٧٥ ، المغني والشرح الكبير ٣ : ١٨٦.

(٥) أورده ابن قدامة في المغني ٣ : ١٨٦ ، وفي سنن البيهقي ٦ : ١٢٥ ، ومسند أحمد ٥ : ٣١٥ ، وتفسير القرطبي ١ : ٣٣٥ بتفاوت.

(٦) سنن أبي داود ١ : ١٤٦ / ٥٣١ ، سنن الترمذي ١ : ٤٠٩ - ٤١٠ / ٢٠٩ ، سنن النسائي =

٧٦

ولأنّها عبادة يختص فاعلها أن يكون من أهل القربة ، فلم يجز أخذ الاُجرة عليها ، كالصلاة والصوم.

والرقية قضية في عين ، فتختص بها.

وأمّا بناء المساجد فلا يختص فاعله أن يكون من أهل القربة ، ويجوز أن يقع قربةً وغير قربة ، فإذا وقع باُجرة لم يكن قربةً ولا عبادةً ، ولا يصح هنا أن يكون غير عبادة ، ولا يجوز الاشتراك في العبادة ، فمتى فعله من أجل الاُجرة خرج عن كونه عبادةً ، فلم يصح.

ولا يلزم من جواز أخذ النفقة جواز أخذ الاُجرة ، كالقضاء والشهادة والإِمامة يؤخذ عليها الرزق من بيت المال ، وهو نفقة في المعنى ، ولا يجوز أخذ الاُجرة عليها(١) .

ونمنع أنّه إذا فعل من أجل أخذ الاُجرة خرج عن كونه عبادةً ، وإنّما يتحقّق ذلك لو لم يقصد سوى أخذ الاُجرة ، أمّا إذا جعله جزءاً لمقصود فلا.

وفائدة الخلاف : أنّه متى لم يجز أخذ الاُجرة عليها فلا يكون إلّا نائباً محضاً ، وما يدفع إليه من المال يكون نفقةً لطريقة ، فلو مات أو اُحصر أو مرض أو ضلّ الطريق ، لم يلزمه الضمان لما أنفق ؛ لأنّه إنفاق بإذن صاحب المال ، قاله أحمد(٢) ، فأشبه ما لو أذن له في سدّ بثق فانفتق ولم ينسد.

وإذا ناب عنه آخر ، فإنّه يحجّ من حيث بلغ النائب الأول من الطريق ؛ لأنّه حصل قطع هذه المسافة بمال المنوب عنه ، فلم يكن عليه الإِنفاق دفعةً اُخرى ، كما لو خرج بنفسه فمات في بعض الطريق ، فإنّه يحجّ عنه من حيث انتهى ، وما فضل معه من المال ردّه إلّا أن يؤذن له في أخذه ، ويُنفق على نفسه‌

____________________

= ٢ : ٢٣ ، سنن البيهقي ١ : ٤٢٩ ، المستدرك - للحاكم - ١ : ١٩٩ ، مسند أحمد ٤ :٢١.

(١) المغني ٣ : ١٨٦ - ١٨٧ ، الشرح الكبير ٣ : ١٨٦.

(٢) المغني ٣ : ١٨٧ ، الشرح الكبير ٣ : ١٨٦.

٧٧

بقدر الحاجة من غير إسراف ولا تقتير ، وليس له التبرّع بشي‌ء منه إلّا أن يؤذن له في ذلك.

وعلى القول بجواز الاستئجار للحجّ يجوز أن يدفع إلى النائب من غير استئجار ، فيكون الحكم فيه على ما مضى.

وإن استأجره ليحجّ عنه أو عن ميت ، اعتبرت فيه شرائط الإِجارة من معرفة الاُجرة وعقد الإِجارة ، وما يأخذه اُجرةً له يملكه ويباح له التصرّف فيه والتوسّع في النفقة وغيرها ، وما فضل فهو له.

وإن اُحصر أو ضلّ الطريق أو ضاعت النفقة منه ، فهو في ضمانه ، والحجّ عليه ، وإن مات ، انفسخت الإِجارة ؛ لأنّ المعقود عليه تلف فانفسخ العقد ، كما لو ماتت البهيمة المستأجرة ، ويكون الحجّ أيضاً من موضع بلغ إليه النائب.

وما يلزمه من الدماء فعليه ؛ لأنّ الحجّ عليه.

النظر الثاني : التثبّت على الراحلة‌

التثبّت على الراحلة شرط في وجوب الحجّ ، فالشيخ الهِمّ والمعضوب الذي لا يتمكّن من الاستمساك على الراحلة لا يجب عليه الحجّ.

وكذا لو كان يتثبّت على الراحلة لكن بمشقّة عظيمة ، يسقط عنه فرض عامه ، لقولهعليه‌السلام : ( مَنْ لم يحبسه مرض أو حاجة ظاهرة أو سلطان جائر ولم يحج فليمت إن شاء يهوديّاً أو نصرانيّاً)(١) .

إذا عرفت هذا ، فمقطوع اليدين أو الرِّجْلين إذا أمكنه الثبوت على الراحلة من غير مشقّة شديدة يجب عليه مباشرة الحجّ ، ولا تجوز الاستنابة.

ولو احتاج المعضوب إلى حركة عنيفة يعجز عنها ، سقط في عامه ، فإن‌

____________________

(١) سنن البيهقي ٤ : ٣٣٤.

٧٨

مات قبل التمكّن ، سقط.

النظر الثالث : أمن الطريق‌

وهو شرط في وجوب الحجّ ، فلو كان الطريق مخوفاً أو كان فيه مانع من عدوّ وشبهه ، سقط فرض الحجّ في ذلك العام وإن حصلت باقي الشرائط ، عند علمائنا - وبه قال أبو حنيفة والشافعي وأحمد في إحدى الروايتين(١) - لأنّ الله تعالى إنّما فرض الحجّ على المستطيع وهذا غير مستطيع.

ولأنّ هذا يتعذّر معه فعل الحجّ ، فكان شرطاً ، كالزاد والراحلة.

ولأنّ حفص الكناسي سأل الصادقعليه‌السلام عن قول الله عزّ وجلّ :( وَلِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) (٢) ما يعني بذلك؟ قال : « مَنْ كان صحيحاً في بدنه ، مخلّى سربه ، له زاد وراحلة فهو ممّن يستطيع الحج »(٣) .

وقال أحمد في الرواية الاُخرى : إنّه ليس شرطاً للوجوب ، بل هو شرط لزوم السعي ، فلو كملت شرائط الحج ثم مات قبل وجود هذا الشرط ، حُجّ عنه بعد موته ، وإن أعسر قبل وجوده، بقي في ذمته ، لأنّ النبيعليه‌السلام لمـّا سئل ما يوجب الحج؟ قال : ( الزاد والراحلة )(٤) وهذا له زاد وراحلة.

ولأنّ هذا عذر يمنع نفس الأداء ، فلم يمنع الوجوب ، كالعضب.

ولأنّ إمكان الأداء ليس شرطاً في وجوب العبادات بدليل ما لو طهرت الحائض أو بلغ الصبي أو أفاق المجنون ولم يبق من وقت الصلاة ما يمكن‌

____________________

(١) بدائع الصنائع ٢ : ١٢٣ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٣ ، المهذب - للشيرازي - ١ : ٢٠٤ ، الوجيز ١ : ١٠٩ ، فتح العزيز ٧ : ١٧ ، المغني ٣ : ١٦٦ ، الشرح الكبير ٣ : ١٩٥.

(٢) آل عمران : ٩٧.

(٣) الكافي ٤ : ٢٦٧ / ٢ ، التهذيب ٥ : ٣ / ٢ ، الاستبصار ٢ : ١٣٩ / ٤٥٤.

(٤) تقدّمت الإِشارة إلى مصادره في المسألة ٣٦.

٧٩

أداؤها فيه(١) .

وليس بجيّد ، لأنّ تكليف الخائف بالسعي تكليف بالمنهي عنه ، فإنّ الله تعالى قال :( وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) (٢) وهو قبيح.

والمراد بقولهعليه‌السلام : ( الزاد والراحلة ) ليس على إطلاقه ، بل مع حصول باقي الشرائط قطعاً.

ونمنع الوجوب في حقّ المعضوب ، وقد تقدّم(٣) .

وللفرق : بأنّ المعضوب يتمكّن من الاستنابة ، بخلاف المتنازع ، فإنّه غير متمكّن من الاستئجار ، فإنّ الأجير لا يتمكّن المضيّ مع الخوف.

مسألة ٥٦ : أمن الطريق على النفس والبُضْع والمال شرط في وجوب الحجّ ، فلو خاف على نفسه من سبع أو عدوّ في الطريق ، لم يلزمه الحجّ ، ولهذا جاز التحلّل عن الإِحرام بمثل ذلك على ما يأتي في باب الإِحصار ، وقد تقدّم الخلاف فيه.

هذا إذا لم يجد طريقاً سواه ، فإن وجد طريقاً آخر آمناً ، لزمه سلوكه وإن كان أبعد إذا وجد النفقة المحتاج إليها في سلوكه واتّسع الزمان ، وهو قول الشافعية(٤) .

ولهم وجه آخر : إنّه لا يلزمه ، كما لو احتاج إلى بذل مؤونة زائدة في ذلك الطريق(٥) .

وليس بجيّد ؛ لأنّه مستطيع ، وليس للطريق ضابط.

مسألة ٥٧ : لو كان في الطريق بحر ، وكان له في البرّ طريق آخر ، فإن استويا في الأمن ، تخيّر في سلوك أيّهما شاء ، وإن اختصّ أحدهما بالأمن دون‌

____________________

(١) المغني ٣ : ١٦٦ - ١٦٧ ، الشرح الكبير ٣ : ١٩٥.

(٢) البقرة : ١٩٥.

(٣) تقدّم في المسألة ٤٧.

(٤ و ٥) فتح العزيز ٧ : ١٧ ، المجموع ٧ : ٨١.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

وهما وهذا المضطجع معى فى مكان واحد يوم القيامة ، قال : أخرجه ابن عساكر.

[الهيثمى فى مجمعه ج ٩ ص ١٨٤ ] قال : وعن أبى موسى الأشعرى قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم : أنا وعلى وفاطمة والحسن والحسين يوم القيامة فى قبة تحت العرش ، قال : رواه الطبرانى.

[كنز العمال ج ٦ ص ٢١٦ ] و لفظه : إن فاطمة وعليا والحسن والحسين فى حظيرة القدس فى قبة بيضاء سقفها عرش الرحمن ، قال : أخرجه ابن عساكر عن عمر ـ يعنى عن النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم.

[كنز العمال ج ٧ ص ١٠٢ ] قال : عن على عليه السلام عن النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم قال : فى الجنة درجة تدعى الوسيلة فاذا سألتم اللّه فسلوا لى الوسيلة ، قالوا : يا رسول اللّه من يسكن معك فيها؟ قال : علىّ وفاطمة والحسن والحسين ، قال : أخرجه ابن مردويه.

[الرياض النضرة ج ٢ ص ٢٠٨ ] قال : قال ابن عمر على ( عليه السلام ) من أهل البيت لا يقاس بهم أحد ، على ( عليه السلام ) مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم فى درجته إن اللّه عز وجل يقول ( والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بايمان ألحقنا بهم ذريتهم ) فاطمة مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فى درجته ، وعلى ( عليه السّلام ) مع فاطمة ، قال : أخرجه على بن نعيم البصرى.

١٤١

باب

إن عليا عليه السّلام قصره بين قصر

النبى صلّى اللّه عليه وآله وسلم وقصر ابراهيم عليه السلام

[كنز العمال ج ٦ ص ١٥٦ ] و لفظه : إن اللّه اتخذنى خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا ، فقصرى فى الجنة وقصر إبراهيم فى الجنة متقابلين ، وقصر على بن أبى طالب بين قصرى وقصر إبراهيم ، فياله من حبيب بين خليلين ( قال ) أخرجه الحاكم فى تاريخه والبيهقى فى فضائل الصحابة وابن الجوزى عن حذيفة ( أقول ) وذكره المحب الطبرى أيضا فى الرياض النضرة ( ج ٢ ص ٢١١ ) وقال : أخرجه أبو الخير الحاكمى.

[كنز العمال ج ٦ ص ١٥٦ ] و لفظه : إذا كان يوم القيامة ضربت لى قبة من ياقوتة حمراء على يمين العرش ، وضربت لابراهيم عليه السلام قبة من ياقوتة خضراء على يسار العرش ، وضربت فيما بيننا لعلى بن أبى طالب قبة من لؤلؤة بيضاء ، فما ظنك بحبيب بين خليلين؟ قال : أخرجه البيهقى فى فضائل الصحابة وابن الجوزى عن سلمان ( أقول ) وذكره المحب الطبرى أيضا فى الرياض النضرة ( ج ٢ ص ٢١١ ) وقال أخرجه الحاكمى.

١٤٢

باب

في جنة علي وفاطمة عليهما السلام

[الهيثمى فى مجمعه ج ٩ ص ٢٠٤ ] قال : وعن عبد اللّه بن مسعود قال سأحدثكم بحديث سمعته من رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ، فلم أزل أطلب الشهادة للحديث فلم أرزقها ، سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم فى غزوة تبوك يقول ـ ونحن نسير معه ـ إن اللّه لما أمرنى أن أزوج فاطمة من علىّ ففعلت ، قال جبريل عليه السلام ان اللّه تعالى بنى جنة من لؤلؤة قصب ، بين كل قصبة الى قصبة لؤلؤة من ياقوتة مشذرة بالذهب ، وجعل سقوفها زبرجدا أخضر ، وجعل فيها طاقات من لؤلؤة مكللة باليواقيت ، ثم جعل عليها غرفا لبنة من فضة ولبنة من ذهب ، ولبنة من در ، ولبنة من ياقوت ، ولبنة من زبرجد ، ثم جعل فيها عيونا تنبسع فى نواحيها ، وحفت بالأنهار ، وجعل على الأنهار قبابا من در قد شعبت بسلاسل ، وحفت بانواع الشجر ، وبنى فى كل غصن قبة ، وجعل فى كل قبة اريكة من درة بيضاء غشاؤها السندس والاستبرق ، وفرش أرضها بالزعفران ، وفتق بالمسك والعنبر ، وجعل فى كل قبة حوراء ، والقبة لها مائة باب ، على كل باب حارسان وشجرتان فى كل قبة مفرش ، وكتاب مكتوب حول القباب آية الكرسى ، قلت لجبريل لمن بنى اللّه هذه الجنة؟ قال : بناها لفاطمة ابنتك وعلى بن أبى طالب سوى جنانهما تحفة اتحفهما أقر عينيك يا رسول اللّه ، قال : رواه الطبرانى.

١٤٣

باب

إن عليا عليه السّلام رفيق النبي (ص) في الجنة

[تاريخ بغداد للخطيب البغدادى ج ١٢ ص ٢٦٨ ] روى بسنده عن محمد بن على بن الحسين عن أبيه عن على عليه السلام قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم : يا على أنت أخى وصاحبى ورفيقى فى الجنة.

[مستدرك الصحيحين للحاكم ج ٣ ص ١٩٩ ] روى بسنده عن المسيب ابن نجبة عن على بن ابى طالب عليه السلام : إن النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم قال : كل نبى اعطى سبعة رفقاء وأعطيت بضعة عشر ، فقيل لعلى عليه السّلام من هم؟ فقال : أنا وحمزة وابناى ، قال الحاكم ثم ذكرهم ( ثم قال ) الحاكم هذا حديث صحيح الاسناد ( أقول ) إن الحديث الشريف وإن كان مطلقا ليس فيه تصريح بانهم رفقاؤه فى خصوص الجنة ولكن المقصود منه هو ذلك قطعا لان رفقاءه صلى اللّه عليه وآله وسلم فى الدنيا أكثر من ذلك وأكثر.

١٤٤

باب

إن عليا عليه السّلام وقومه آية الجنة

ومعاوية وقومه آية النار

[الهيثمى فى مجمعه ج ٩ ص ٤٠٥ ] قال : عن عمرو بن الحمق قال : بعث رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم سرية ( وساق الحديث الى أن قال ) ثم هاجرت الى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم فبينا أنا عنده ذات يوم فقال لى : يا عمرو هل لك أن اريك آية الجنة تأكل الطعام وتشرب الشراب وتمشى فى الأسواق؟ قلت : بلى بابى أنت قال : هذا وقومه ـ وأشار بيده الى على بن أبى طالب عليه السلام ـ وقال : لى يا عمرو هل لك أن اريك آية النار تأكل الطعام وتشرب الشراب وتمشى فى الأسواق؟ قلت : بلى بابى أنت قال : هذا وقومه آية النار ـ وأشار الى رجل ـ فلما وقعت الفتنة ذكرت قول رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم : ففررت من آية النار إلى آية الجنة ( الى أن قال ) واللّه إن كنت فى حجر فى جوف حجر لاستخرجنى بنو امية حتى يقتلونى ، حدثنى به حبيبى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم إن رأسى أول رأس يحتز فى الاسلام وينقل من بلد الى بلد قال : رواه الطبرانى فى الأوسط.

[كنز العمال ج ٧ ص ٦٣ ] قال : عن الأجلح بن عبد اللّه الكندى

١٤٥

قال : سمعت زيد بن على وعبد اللّه بن الحسن وجعفر بن محمد ومحمد بن عبد اللّه ابن الحسن يذكرون تسمية من شهد مع على عليه السلام من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم كلهم ذكره عن آبائه وعمن أدرك من أهله ، وسمعته أيضا من غيرهم فذكرهم وذكر فيهم عمرو بن الحمق الخزاعى ، وكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم قال له : يا عمرو أتحب أن أريك آية الجنة؟ قال : نعم يا رسول اللّه فمر على عليه السلام : فقال : هذا وقومه آية الجنة ، فلما قتل عثمان وبايع الناس عليا عليه السلام لزمه فكان معه حتى أصيب ( الحديث ) قال : أخرجه ابن عساكر.

[كنز العمال ج ٧ ص ٦٣ ] قال : عن عبيد اللّه بن رافع إن معاوية طلب عمرو بن الحمق ليقتله فهرب منه نحو الجزيرة ومعه رجل من أصحاب على عليه السلام يقال له زاهر ، فلما نزلا الوادى نهشت عمرا حية من جوف الليل فاصبح منتفخا ، فقال لزاهر تنح عنى فان خليلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم قد أخبرنى انه سيشترك فى دمى الانس والجن ولا بد لى من أن اقتل فقد أصابتنى بلية الجن بهذا الوادى ، فبينماهم كذلك إذ رأيا نواصى الخيل فى طلبه فامر زاهرا يتغيب ، قال : فاذا قتلت فانهم يأخذون رأسى فارجع الى جسدى فادفنه ، فقال له زاهر بل أنثر نبلى ثم أرميهم حتى إذا فنيت نبلى قتلت معك؟ قال : لا ولكنى سأزودك منى ما ينفعك اللّه به فاسمع منى آية الجنة محمد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم وعلامتهم على بن أبى طالب عليه السلام ، وتوارى زاهر فاقبل القوم فنظروا الى عمرو فنزل اليه رجل منهم آدم(١) فقطع رأسه ، وكان أول رأس فى الاسلام نصب فى الناس وخرج زاهر اليه فدفنه ، قال أخرجه ابن عساكر.

___________________

١ ـ آدم : بالمد أى أسمر.

١٤٦

باب

إن عليا عليه السّلام وشيعته في الجنة

[حلية الأولياء لأبى نعيم ج ٤ ص ٣٢٩ ] روى بسنده عن الشعبى عن على عليه السلام قال : قال لى النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم : إنك وشيعتك فى الجنة ، الحديث ( أقول ) ورواه الخطيب البغدادى أيضا فى تاريخ بغداد ( ج ١٢ ص ٢٨٩ ).

[تاريخ بغداد ج ١٢ ص ٣٥٨ ] روى بسنده عن أبى سعيد الخدرى عن أم سلمة قالت : كانت ليلتى من رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم فأتته فاطمة عليها السلام ومعها على عليه السلام ، فقال له النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم : أنت وأصحابك فى الجنة ، أنت وشيعتك فى الجنة ، الحديث ( أقول ) وذكره الهيثمى أيضا فى مجمعه ( ج ١٠ ص ٢١ ) وقال : رواه الطبرانى فى الاوسط.

[الهيثمى فى مجمعه ج ٩ ص ١٧٣ ] قال : وعن أبى هريرة إن على بن أبى طالب عليه السلام قال : يا رسول اللّه أيما أحب اليك أنا أم فاطمة؟ قال : فاطمة أحب إلىّ منك وأنت أعز علىّ منها ، وكأنى بك وأنت على حوضى تذود عنه الناس وإن عليه لأباريق مثل عدد نجوم السماء ، وإنى وأنت والحسن

١٤٧

والحسين وفاطمة وعقيل وجعفر فى الجنة ( إخوانا على سرر متقابلين ) أنت معى وشيعتك فى الجنة ثم قرأ رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ( إخوانا على سرر متقابلين ) لا ينظر أحد فى قفا صاحبه ، قال رواه الطبرانى.

[الصواعق المحرقة لابن حجر ص ٩٦ ] قال : وأخرج أحمد فى المناقب إنه صلى اللّه عليه وآله وسلم قال لعلى عليه السّلام : أما ترضى انك معى فى الجنة والحسن والحسين وذريتنا خلف ظهورنا وأزواجنا خلف ذريتنا وشيعتنا عن أيماننا وشمائلنا؟ ( أقول ) وذكره المحب الطبرى أيضا فى الرياض النضرة ( ج ٢ ص ٢٠٩ ) وقال أخرجه أحمد فى المناقب وأبو سعد فى شرف النبوة

[كنز العمال ج ٢ ص ٢١٨ ] ولفظه : يا على إن أول أربعة يدخلون الجنة أنا وأنت والحسن والحسين وذرارينا خلف ظهورنا وأزواجنا خلف ذرارينا وشيعتنا عن أيماننا وعن شمائلنا ، قال : أخرجه ابن عساكر عن على عليه السلام ، وأخرجه الطبرانى عن أبى رافع.

١٤٨

باب

في حورية علي عليه السّلام فى الجنة

[تاريخ بغداد للخطيب البغدادى ج ٤ ص ٢٧٨ ] روى بسنده عن أبى سعيد إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم قال : لما أسرى بى دخلت الجنة فناولنى جبريل تفاحة فانفلقت بنصفين فخرجت منها حوراء فقلت لها : لمن أنت؟ فقالت : لعلى بن أبى طالب.

[الرياض النضرة ج ٢ ص ٢١١ ] قال : عن أنس قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم : لما أسرى بى إلى السماء أخذ جبريل بيدى وأقعدنى على درنوك(١) من درانيك الجنة وناولنى سفر جلة فكنت أفليها إذا انفلقت وخرجت منها حوراء لم أر أحسن منها ، فقالت : السلام عليك يا محمد ، قلت : وعليك السلام من أنت؟ قالت : أنا الراضية المرضية خلقنى الجبار من ثلاثة أصناف ، أعلاى من عنبر ، ووسطى من كافور وأسفلى من مسك ، عجننى بماء الحيوان ، ثم قال : كونى فكنت ، خلقنى لأخيك وابن عمك على بن أبى طالب.

__________________

١ ـ الدرنوك نوع من البسط له خمل.

١٤٩

باب

إن عليا عليه السّلام يزهر

في الجنة ككوكب الصبح

[كنز العمال ج ٦ ص ١٥٣ ] ولفظه : على بن أبى طالب يزهر فى الجنة ككوكب الصبح لأهل الدنيا ، قال : أخرجه البيهقى فى فضائل الصحابة والديلمى فى الفردوس عن أنس ـ يعنى عن النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم ( أقول ) وذكره فى ( ص ١ ٥٥ ) أيضا وقال : أخرجه الحاكم فى التاريخ والبيهقى فى فضائل الصحابة والديلمى وابن الجوزى عن أنس ( انتهى ) ، وذكره المناوى أيضا فى فيض القدير فى المتن وصححه ، وذكره جمع آخرون أيضا من أئمة الحديث غير المذكورين.

١٥٠

المقصد الثالث

في فضائل فاطمة عليها السلام

وفيه أبواب :

(أقول ) قد تقدم جملة من فضائل فاطمة سلام اللّه عليها فى جملة من أبواب فضائل على عليه السلام ، مثل باب آدم سأل اللّه بحق محمد وعلىّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام ، وباب علىّ وفاطمة والحسن والحسين هم آل محمد ، وباب آية التطهير نزلت فى النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم وعلىّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام ، وباب باهل النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم بعلى وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام ، وباب فى قول النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم لعلى وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام أنا حرب لمن حاربتم وسلم لمن سالمتم إلى غير ذلك من أبواب كثيرة ، وهذه جملة أخرى من فضائل فاطمة سلام اللّه عليها مما ظفرنا عليه على العجالة ، نذكرها فى هذا المقصد الثالث المختص بها فنقول :

١٥١

باب

في انعقاد نطفة فاطمة عليها السلام من ثمار

الجنة وأنها حوراء إنسية لم تحض ولم تطمث

[السيوطى فى الدر المنثور ] فى ذيل تفسير قوله تعالى :( سبحان الذى أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام ) قال : وأخرج الطبرانى عن عائشة قالت : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم : لما أسرى بى إلى السماء ادخلت الجنة فوقفت على شجرة من أشجار الجنة لم أر فى الجنة أحسن منها ولا أبيض ورقا ولا أطيب ثمرة فتناولت ثمرة من ثمرتها فأكلتها فصارت نطفة فى صلبى فلما هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة فاذا أنا اشتقت إلى ريح الجنة شمعت ريح فاطمة.

[مستدرك الصحيحين ج ٣ ص ١٥٦ ] روى بسنده عن سعد بن مالك قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم : أتانى جبريل عليه الصلاة والسلام بسفر جملة من الجنة فأكلتها ليلة أسرى بى فعلقت خديجة بفاطمة فكنت إذا اشتقت إلى رائحة الجنة شمعت رقبة فاطمة.

[ذخائر العقبى ص ٣٦ ] قال : وعن ابن عباس قال : كان النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم يكثر القبل لفاطمة عليها السلام فقالت له عائشة : إنك تكثر تقبيل فاطمة ، فقال : إن جبريل ليلة أسرى بى أدخلنى الجنة

١٥٢

فأطعمنى من جميع ثمارها فصار ماء فى صلبى فحملت خديجة بفاطمة ، فاذا اشتقت لتلك الثمار قبلت فاطمة فأصبت من رائحتها جميع تلك الثمار التى أكلتها قال : خرجه أبو الفضل بن خيرون.

[ذخائر العقبى ص ٤٤ ] قال : روى الملا فى سيرته إن النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم قال : أتانى جبريل بتفاحة من الجنة فأكلتها وواقعت خديجة فحملت بفاطمة ، فقالت : إنى حملت حملا خفيفا فاذا خرجت حدثنى الذى فى بطنى ( الحديث ) وسيأتى تمامه إن شاء اللّه فى باب ولادتها.

[تاريخ بغداد للخطيب البغدادى ج ٥ ص ٨٧ ] روى بسنده عن عائشة قالت : قلت : يا رسول اللّه ما لك إذا جاءت فاطمة قبلتها حتى تجعل لسانك فى فيها كله كأنك تريد أن تلعقها عسلا؟ قال : نعم يا عائشة إنى لما أسرى بى إلى السماء أدخلنى جبريل الجنة فناولنى منها تفاحة فأكلتها فصارت نطفة فى صلبى ، فلما نزلت واقعت خديجة ، ففاطمة من تلك النطفة وهى حوراء إنسية ، كلما اشتقت إلى الجنة قبلتها ، ( أقول ) وذكره المحب الطبرى أيضا فى ذخائره ( ص ٣ ٦ ) و قال : خرجه أبو سعد فى شرف النبوة.

[تاريخ بغداد أيضا ج ١٢ ص ٣٣١ ] روى بسنده عن ابن عباس قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم : ابنتى فاطمة حوراء آدمية لم تحض ولم تطمث ، وإنما سماها فاطمة لأن اللّه فطمها ومحبيها عن النار ( أقول ) وذكره ابن حجر أيضا فى صواعقه ( ص ٩ ٦ ) و قال : أخرجه النسائى.

[ذخائر العقبى ص ٤٤ ] ذكر حديثا عن أسماء فى ولادة فاطمة بالحسن عليهما السلام قالت أسماء : فقلت : يا رسول اللّه إنى لم أر لها دما فى حيض ولا فى نفاس ، فقال صلى اللّه عليه وآله وسلم : أما علمت أن ابنتى طاهرة مطهرة لا يرى لها دم فى طمث ولا ولادة؟.

١٥٣

باب

فى أن فاطمة عليها السلام حدثت أمها فى بطنها

ووليت ولادتها حواء وآسية وكلثم ومريم

فولدت ووقعت على الأرض ساجدة

[ذخائر العقبى ص ٤٤ ] قال : روى الملا فى سيرته إن النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم قال : أتانى جبريل بتفاحة من الجنة فأكلتها وواقعت خديجة فحملت بفاطمة ، فقالت : إنى حملت حملا خفيفا فاذا خرجت حدثنى الذى فى بطنى ، فلما أرادت أن تضع بعثت إلى نساء قريش لتأتينها فيلين منها ما تلى النساء ممن تلد فلم يفعلن وقلن : لا نأتيك وقد صرت زوجة محمد ، فبينما هى كذلك إذ دخل عليها أربع نسوة عليهن من الجمال والنور ما لا يوصف فقالت لها إحداهن : أنا أمك حواء ، وقالت الأخرى : أنا آسية بنت مزاحم وقالت الأخرى : أنا كلثم أخت موسى ، وقالت الأخرى : أنا مريم بنت عمر ان أم عيسى ، جئنا لنلى من أمرك ما تلى النساء قالت : فولدت فاطمة سلام اللّه عليها ، فوقعت حين وقعت على الأرض ساجدة رافعة إصبعها.

١٥٤

باب

فى وجه تسميتها بفاطمة وبالبتول وبيان كنيتها

(أقول ) قد تقدم فى باب انعقاد نطفة فاطمة عليها السلام حديث ابن عباس عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم قوله : وإنما سماها فاطمة لأن اللّه فطمها ومحبيها عن النار ، وهذه بقية ما جاء فى ذلك مما ظفرت عليه على العجالة.

[ذخائر العقبى ص ٢٦ ] قال : عن على عليه السلام قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم لفاطمة : يا فاطمة تدرين لم سميت فاطمة؟ قال على عليه السلام : يا رسول اللّه لم سميت فاطمة؟ قال : إن اللّه عز وجل قد فطمها وذريتها عن النار يوم القيامة ، ( قال ) أخرجه الحافظ الدمشقى ( ثم قال ) وقد رواه الإمام على بن موسى الرضا ( عليه السّلام ) فى مسنده ( قال ) ولفظه : إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم قال : إن اللّه عز وجل فطم ابنتى فاطمة وولدها ومن أحبهم من النار ، فلذلك سميت فاطمة.

[كنز العمال ج ٦ ص ٢١٩ ] ولفظه : إنما سميت فاطمة لأن اللّه فطمها ومحبيها عن النار ، قال : أخرجه الديلمى عن أبى هريرة ـ يعنى

١٥٥

عن النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم ( ابن الاثير ) فى النهاية فى مادة بتل قال سميت فاطمة البتول لانقطاعها عن نساء زمانها فضلا ودينا وحسبا ( وقيل ) لانقطاعها عن الدنيا الى اللّه تعالى ( وقال ) عبيدة الهروى ( فى الغريبين ) سميت فاطمة بتولا لانها بتلت عن النظير.

[أسد الغابة لابن الأثير ج ٥ ص ٥٢٠ ] فى ترجمة فاطمة بنت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم قال : وكانت فاطمة تكنى أم أبيها.

[الاستيعاب لابن عبد البر ج ٢ ص ٧٥٢ ] ذكر عن جعفر بن محمد عليه السّلام أنه قال : كانت كنية فاطمة بنت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم أم أبيها

١٥٦

باب

فى شباهة فاطمة عليها السلام بالنبى صلّى اللّه عليه وآله وسلّم

من وجوه وتقبيل النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم لها

[صحيح الترمذى ج ٢ ص ٣١٩ ] روى بسنده عن عائشة أم المؤمنين قالت : ما رأيت أحدا أشبه سمتا ودلا وهديا برسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم فى قيامها وقعودها من فاطمة بنت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم قالت : وكانت إذا دخلت على النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم قام اليها فقبلها وأجلسها فى مجلسه وكان النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم إذا دخل عليها قامت من مجلسها فقبلته واجلسته فى مجلسها ( الحديث ).

(أقول ) ورواه أبو داود أيضا فى صحيحه ( ج ٣٣ ) فى باب ما جاء فى القيام ( ص ٢٢٣ ) ورواه الحاكم أيضا فى مستدرك الصحيحين ( ج ٤ ص ١٧٢ ) ورواه البخارى أيضا فى الأدب المفرد ( ص ١٣ ٦ ) و ذكر العسقلانى فى فتح البارى ج ٩ ص ٢٠٠ انه رواه ابن حبان‌ايضا.

[مستدرك الصحيحين ج ٣ ص ١٥٤ ] روى بسنده عن أم المؤمنين عائشة إنها قالت : ما رأيت أحدا كان أشبه كلاما وحديثا من

١٥٧

فاطمة برسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ، وكانت إذا دخلت عليه رحبّ بها وقام اليها فأخذ بيدها فقبلها وأجلسها فى مجلسه ، قال : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ، ( أقول ) ورواه فى ( ص ١ ٥ ٩ ) أيضا ، ورواه البخارى أيضا فى الأدب المفرد ( ص ١ ٤ ١ ) ورواه أبو عمرو أيضا فى استيعابه ( ج ٢ ص ٧ ٥ ١ ) ورواه البيهقى أيضا فى سننه ( ج ٧ ص ١٠١ ) وزاد فى آخره فقال : وكان ـ يعنى النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم ـ إذا دخل عليها رحبت به وقامت فأخذت بيده فقبلته.

[مسند الإمام أحمد بن حنبل ج ٣ ص ١٦٤ ] روى بسنده عن أنس ابن مالك قال : لم يكن أحد أشبه برسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم من الحسن بن على عليهما السلام وفاطمة سلام اللّه عليها.

[صحيح مسلم ] فى كتاب فضائل الصحابة فى باب فضائل فاطمة عليها السلام روى بسنده عن عائشة قالت : اجتمع نساء النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم فلم يغادر منهن امرأة فجاءت فاطمة تمشى كأن مشيتها مشية رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم فقال : مرحبا بابنتى فأجلسها عن يمينه أو عن شماله ( الحديث ) وسيأتى تمامه إن شاء اللّه فى باب فاطمة سيدة النساء ، ( أقول ) ورواه ابن ماجة أيضا فى صحيحه فى باب ما جاء فى ذكر مرض رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ، ورواه أحمد بن حنبل أيضا فى مسنده ( ج ٦ ص ٢٨٢ ) ورواه جمع كثير أيضا من أئمة الحديث.

[كنز العمال ج ٧ ص ١١١ ] قال : عن عائشة إن النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم كان كثيرا ما يقبل عرف فاطمة عليها السلام قال : أخرجه ابن عساكر ، ( أقول ) وقال المناوى فى فيض القدير ( ج ٥ ص ١٧ ٦ ) : وكان كثيرا ما يقبلها فى فمها أيضا وذكر عن أبى داود

١٥٨

ويمص لسانها.

[أسد الغابة لابن الأثير ج ٥ ص ٥٢٢ ] روى عن ابن عباس أن النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم كان إذا قدم من سفر قبل ابنته فاطمة عليها السلام ، ( أقول ) وذكره الهيثمى أيضا فى مجمعه ( ج ٨ ص ٤ ٢ ) وقال : رواه الطبرانى فى الأوسط ورجاله ثقات ، وذكره المحب الطبرى أيضا فى ذخائر العقبى ( ٣ ٦ ) و قال : خرجه ابن السرى.

[ذخائر العقبى ص ٣٦ ] قال : وعن عائشة إن النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم قبل يوما نحر فاطمة عليها السلام ، قال : خرجه الحربى ، قال :

وخرجه الملا فى سيرته وزاد : فقلت له : يا رسول اللّه فعلت شيئا لم تفعله فقال : يا عائشة إنى إذا اشتقت الجنة قبلت نحر فاطمة.

(أقول ) وقد تقدم فى باب انعقاد نطفة فاطمة عليها السلام حديث عائشة ، قالت : قلت : يا رسول اللّه ما لك إذا جاءت فاطمة قبلتها حتى تجعل لسانك فى فيها كله كأنك تريد أن تلعقها عسلا ( إلى آخره ) وحديث ابن عباس كان النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم يكثر القبل لفاطمة فقالت له عائشة : إنك تكثر تقبيل فاطمة ( إلى آخره ).

١٥٩

باب

فى حنوّ فاطمة عليها السلام على أبيها وحنوّ أبيها عليها

[صحيح مسلم فى كتاب الجهاد والسير ] فى باب ما لقى النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم من أذى المشركين ، روى بسنده عن ابن مسعود قال : بينما رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم يصلى عند البيت وأبو جهل وأصحاب له جلوس وقد نحرت جزور بالأمس ، فقال أبو جهل : أيكم يقوم إلى سلا جزور بنى فلان فيأخذه فيضعه فى كتفى محمد إذا سجد؟ فانبعث أشقى القوم فأخذه فلما سجد النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم وضعه بين كتفيه ، قال : فاستضحكوا وجعل بعضهم يميل على بعض وأنا قائم أنظر لو كانت لى منعة طرحته عن ظهر رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم والنبى صلى اللّه عليه وآله وسلم ساجد ما يرفع رأسه حتى انطلق إنسان فأخبر فاطمة عليها السلام فجاءت وهى جويرة فطرحته عنه ثم أقبلت عليهم تشتمهم ، فلما قضى النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم صلاته رفع صوته ثم دعا عليهم ، وكان إذا دعا دعا ثلاثا ، وإذا سأل سأل ثلاثا ، ثم قال : اللهم عليك بقريش ثلاث مرات فلما سمعوا صوته ذهب عنهم الضحك وخافوا دعوته ، ثم قال : اللهم عليك بأبى جهل بن هشام وعتبة بن ربيعة

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481