نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٧

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار13%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 424

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 424 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 266071 / تحميل: 6803
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٧

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

الإسلام

محمدي الوجود حسيني البقاء

محاضرات

الشيخ أحمد الماحوزي

تدوين وتقرير

السيد مصطفى المزيدي

١

٢

بسم الله الرحمن الرحيم

( الإسلام محمدي الوجود حسيني البقاء )

مقولة مشهورة ومتداولة عند المؤمنين ، وكون الإسلام محمدي الوجود ممّا لاشك ولا ريب فيه ، ومن البديهيات المتّفق عليها عند كافة أهل الإسلام ، وغيرهم من بقيّة الأديان السماوية وغير السماوية ، أمّا القول ببقاء الإسلام واستمراريته بسبب الحسين (عليه السّلام) وتضحيته فهذا ممّا يحتاج إلى دليل وبرهان

فيا ترى هل ما يعتقده المؤمنون من أنّه لولا الإمام الحسين (عليه السّلام) ، ولولا مواقفه وشهادته في كربلاء لما بقي من الإسلام إلاّ اسمه ومن الدين إلاّ رسمه ، ولكان الإسلام اليوم كبقية الأديان السماوية الأخرى ـ اليهودية والمسيحية ـ ليس لها تطابق مع دين الكليم موسى والمسيح عيسى (عليهما السّلام) إلاّ في الاسم ودعوى الانتساب إليهما ؟

٣

فهل هذه الكلمة ( الإسلام محمدي الوجود ، وحسيني البقاء ) كلمة حبّ وعاطفة أطلقها عشّاق ومحبّي الإمام الحسين (عليه السّلام) ، أم أنّها كلمة لها واقع حقيقي ؟

إذ لعلّ إنسان يتساءل ويقول : كثير من المذاهب الإسلامية لا تنظر إلى الإمام الحسين (عليه السّلام) على أنّه إمام مفترض الطاعة ، كما ينظر إليه المؤمنون ، ومع ذلك فإنّها متمسّكة ظاهراً بالدين وبدستور الإسلام الخالد ( القرآن الكريم ) ، فالإسلام مستمر وباق حتى لو لم يُقتل الإمام الحسين في كربلاء ، بل حتى لو لم يولد الإمام الحسين (عليه السّلام)

إلاّ إنّا نصرّ ونقول :

إنّه لو لم يكن الإمام الحسين (عليه السّلام) ، ولو لم تكن واقعة كربلاء لكان الإسلام اسمه موجود وحقيقته مفقودة ، ولأصبح كبقيّة الأديان السماوية الموجودة الآن ليس له من الحق إلاّ الاسم ، وأنّ مقولة ( الإسلام حسيني البقاء ) لها واقع حقيقي ملموس ممتدّ من قوله (صلّى الله عليه وآله) : (( حسين منّي وأنا من حسين ))(١)

ــــــــــــــــــــ

(١) أخرجه البخاري في الأدب من صحيحه ، ورواه في التاريخ الكبير ٤ / ٤١٥ ، مسند الإمام أحمد ٤ / ١٧٢ ، سنن ابن ماجه ، سنن الترمذي ، المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٧٧ ، ولمعرفة دلالة الحديث راجع ما ألقيناه تحت عنوان ( علي منّي وأنا منه )

٤

ولتوضيح ذلك نقول : هناك طائفة من البشر يعتنقون المسيحية ، وطائفة أخرى يعتنقون اليهودية ، ويزعمون أنّها المسيحية التي جاء بها عيسى ، واليهودية التي أنزلت على موسى (عليهما السّلام) ، ولكنّ الواقع يشهد على أنّ المسيحية واليهودية الموجودة الآن لا تشكّل أكثر من ٥% ممّا كانت عليه عند موسى وعيسى (عليهما السّلام) ، بل لعلّه أقل من هذه النسبة

وليس الكلام ـ في مقامنا هذا ـ في اسم المسيحية واليهودية وبعض الأمور الاعتقادية الضئيلة والقليلة والأحكام المتفرّعة على ذلك ، وإنّما الكلام في الطابع العام لهذا الدين أو ذاك ، فالطابع العام لليهودية والمسيحية الموجودتان الآن لا يمتّ بصلة إلى المسيحية واليهودية التي جاء بها عيسى وموسى (عليهما السّلام) ، لا في الاعتقاد ، ولا في الطقوس العبادية

أمّا الإسلام الآن ـ الموجود لدى المذاهب الإسلامية ـ طابعه العام ينطبق مع الإسلام الذي جاء به الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله)

نعم ، لا ينطبق عليه بحذافيره ، ولكنّه في الأعم الأغلب وفي أكثر الأحكام يتطابق معه ، فما عند المسلمين اليوم بكافّة فرقهم كثير منه مؤسس من قبل الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله)

وهذه حقيقة واضحة لا يمكن التغافل والغفلة عنها وهو سرّ خلود الإسلام

٥

إلى يوم القيامة ، فهو خالد بهذه الفرق الإسلامية التي تشكّل بمجوعها ٥٠% إلى ٧٠% تقريباً(١) من الدين الذي جاء به النبي الأُمّي (صلّى الله عليه وآله) ، وخالد على نحو الحقيقة والواقعية بتلك الطائفة التي لا تزال على الحق ، وظاهرة به إلى يوم القيامة(٢) ، والتي تشكّل الإسلام والإيمان صورة وقالباً

ـــــــــــــــــــــــ

(١) وهذا بفضل الحسين (عليه السّلام) ولولاه ـ كما سيأتي ذكره ـ لكان شأن هذه المذاهب شأن المذاهب المسيحية لا تشكّل من دين المسيح (عليه السّلام) إلاّ الاسم ودعوى الانتساب

(٢) ففي الحديث المستفيض (( لا تزال طائفة من أُمّتي يُقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة )) ، راجع : صحيح البخاري ٤ /٢٥٣ كتاب المناقب باب ٢٨ ، صحيح مسلم ١ / ١٣٧ كتاب الإيمان باب نزول عيسى (عليه السّلام) ، صحيح سنن أبي داود ـ للألباني ٢ / ٤٧١ ، صحيح سنن ابن ماجه ـ للألباني ١ / ٦ ، سنن الترمذي ٤ / ٤٨٥ ، صحيح سنن النسائي ـ للألباني ٢ / ٧٥٦ ، سلسلة الأحاديث الصحيحة ـ للألباني ٤ / ٥٧١

وأخرجه الإمام أحمد بن حنبل في المسند عن جابر ، وأبي أُمامة ، وثوبان ، وزيد بن أرقم ، ومعاوية بن قرّة ، وجابر بن سمرة ، وأبي هريرة ، ومعاوية بن أبي سفيان ، ومسلمة ، والمغيرة ، وعمران بن الحصين ، راجع المسند ٢ / ٣٢١ ، ٣٤٠ ، ٣٧٩ ، ٥ / ٣٤٥ ، ٣٨٤ ، ٤ / ٩٣ ، ٩٧ ، ٩٩ ، ١٠١ ، ١٠٤ ، ٢٤٤ ، ٢٤٨ ، ٢٥٢ ، ٣٦٩ ، ٤٢٩ ، ٤٣٤ ، ٤٣٧ ، ٥ / ٣٤ ، ٣٥ ، ٩٢ ، ٩٤ ، ٩٨ ، ١٠٣ ، ١٠٥ ، ١٠٦ ، ١٠٨ ، ٢٦٩ ، ٢٧٨ ، ٢٧٩

وفي بعض الروايات : (( ناس من أُمّتي )) ، وبعضها الآخر كما في صحيح البخاري : (( أُمّة قائمة بأمر الله لا يضرّهم مَنْ خذلهم ، ولا مَنْ خالفهم حتى يأتيهم أمر الله وهم على ذلك )) ، وفي بعضها الثالث : (( لن يبرح الدين قائماً ، يقاتل عليه عصابة من المسلمين حتى تقوم الساعة )) ، ( والطائفة ، والعصابة ، والأُمّة ، وناس ) فيها دلالة على أنّ الدين لا يزال قائماً بفئة قليلة من الناس لا بالأغلبية من المسلمين

٦

إذا عرفت ذلك نقول : لولا الإمام الحسين (عليه السّلام) لكان إسلام بقيّة المذاهب والفرق إسلاماً طابعه العام لا يتلاءم مع الإسلام الواقعي والحقيقي الذي جاء به الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله) ، بل ليس له من الإسلام الواقعي إلاّ الاسم وزعم الانتساب ، كما هو شأن اليهودية والمسيحية

مصادر التشريع

ولبلورة المطلب واتّضاحه نمهّده بمقدّمة ، فنقول :

لا شك أنّ مبدأ انحراف الأديان قاطبة هو الانحراف في مصادر التشريع في كلّ دين ، فما من دين إلاّ وله مصادر التشريع خاصّة به يُستنبط منها عباداته ومعتقداته ، وترك هذه المصادر أو استحداث مصادر أُخرى لم يقرّها هذا الدين أو ذاك ، هو منشأ وبداية الانحراف والابتعاد عن الدين ، بل الاختلاف في منابع المعرفة والتشريع هو منشأ كلّ الاختلاف والتنازع الفكري والثقافي والعقائدي بين بني البشر

فمن باب التوضيح : هناك خلاف بين البشر قاطبة في مصادر المعرفة ، هل هي العقل ، أو الحس ، أو التجربة ، فهناك مذهب ومدرسة عقلية صرفة ، وهناك مدرسة ثانية حسّية صرفة ، وهناك مدرسة ثالثة تجريبية صرفة ، وهناك مدرسة رابعة تعتبر كلّ هذه

٧

المنابع مصادر للمعرفة مع اختلاف في متعلق المعرفة ؛ فبعض المعارف لا سبيل لمعرفتها إلاّ بالعقل ، وبعضها الآخر لا طريق لاستيعابها إلاّ عن طريق الحس ، وبعضها الثالث لا يعرف إلاّ عن طريق التجربة

وبما أنّ هذه المدارس تختلف في مصادر المعرفة ومنابع التشريع ، فيتفرّع على هذا الاختلاف ، الاختلاف والتباين في العقيدة والسلوك العبادي ، وهذا واضح لا غبار عليه ؛ إذ بداية الخلاف بين المدارس يرجع إلى الخلاف في مصادر المعرفة كما ذكرنا

وهذا الخلاف أيضاً جارٍ بين المسلمين في مصادر المعرفة المرتبطة بالدين والإسلام ، فالكتاب والسُنّة مجمع على كونهما من مصادر المعرفة والتشريع عند الجميع ، وهنالك خلاف في كون : سنة أهل البيت (عليهم السّلام) ، وسنة الصحابي ، والقياس ، والمصالح المرسلة ، وسد الذرائع ، والاستحسان ، مصادر للمعرفة والتشريع الإسلامي

وباختلاف المصادر تختلف الأحكام ؛ سواء المرتبطة بالجانب العقائدي ، أو المرتبطة بالأحكام الفرعية ـ العبادات والمعاملات ـ

٨

فمَنْ جعل أهل البيت (عليهم السّلام)(١) مصدراً للمعرفة والتشريع تختلف عقائده وممارساته عمّنْ لم يجعلهم (عليهم السّلام) مصدراً لذلك

ومَنْ جعل قول وفعل وتقرير الصحابي ـ مهما كانت صحبته مع الرسول (صلّى الله عليه وآله) ـ مصدراً للمعرفة والتشريع ، تختلف عقائده وممارساته عمّنْ لم يجعلهم مصدراً للمعرفة والتشريع(٢)

ولكن ، هذا الخلاف كما أشرنا إليه بشكل موجز لا يؤدّي إلى غياب الطابع العام للإسلام(٣) ، بل يبقى الطابع العام طابعاً إسلامياً نعم ، الإسلام بمعناه الحقيقي لا يوجد إلاّ في طائفة واحدة المشار

ــــــــــــــــــــ

(١) كما هو مقتضى الأدلة الكثيرة والمعتبرة والواضحة ، كحديث الثقلين وحديث سفينة نوح وغيرهما

(٢) ولذلك ذهب أغلبية المسلمين ـ تبعاً للخليفة عمر بن الخطاب ـ إلى أنّ قول الرجل لزوجته : أنت طالق طالق طالق ، في مجلس واحد هو طلاق ثلاثي بحاجة إلى محلّل ، خلافاً لقوله تعالى : ( الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ) ، ( فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ ) ، وخلافاً لسُنّة الرسول وسيرة أبي بكر ، وستأتي تتمّة لذلك فانتظر

(٣) مع ملاحظة الجهود التي بذلها سيّد المتّقين علي بن أبي طالب (عليه السّلام) في تصحيح سيرة الخلفاء بعد الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله) ، وإرشاد بقيّة الصحابة والتابعين إلى مصادر التشريع الحقّة ، حتى قال الخليفة عمر بن الخطاب في مواقف كثيرة : ( لولا علي لهلك عمر ) ، ( لا أبقاني الله لمعضلة ليس لها أبو الحسن )

٩

إليها في قوله (صلّى الله عليه وآله) المتقدّم : (( لا تزال طائفة من أُمّتي ظاهرين على الحق ))

الأئمّة المضلّون

نعم ، الذي يمحق الإسلام محقاً ، ويمحي تعاليمه وسننه هو اتّخاذ الأئمّة المضلّين فقط ، وجعلهم حجّة على الدين ومصادر للمعرفة والتشريع ، فهذا ما يُخاف به على الإسلام ، وهذا ما حذّر منه الإسلام والقرآن في عدّة من البيانات والآيات

من تلك الآيات التي تشير إلى هذا الخطر الكبير :

قوله تعالى : (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ )(١)

قال الإمام الصادق (عليه السّلام) في تفسير الآية : (( أما والله ، ما دعوهم إلى عبادة أنفسهم ؛ ولو دعوهم إلى عبادة أنفسهم ما أجابوهم ، ولكن أحلّوا لهم حراماً وحرّموا عليهم حلالاً ؛ فعبدوهم من حيث لا يشعرون))(٢)

ـــــــــــــــــ

(١) سورة التوبة / ٣١

(٢) الكافي ١ / ٥٤٣ ، المحاسن / ٢٤٦

١٠

قال الرازي : الأكثرون من المفسرين(١) قالوا : ليس المراد من الأرباب أنّهم اعتقدوا فيهم أنّهم آلهة العالم ، بل المراد أنّهم أطاعوهم في أوامرهم ونواهيهم

نُقل أنّ عدي بن حاتم كان نصرانياً ، فانتهى إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وهو يقرأ سورة براءة ، فوصل إلى هذه الآية ، قال : فقلت : لسنا نعبدهم ؟

فقال (صلّى الله عليه وآله) : (( أليس يحرّمون ما أحلّ الله فتحرّمونه ، ويحلّون ما حرّم الله فتستحلّونه ؟! ))

فقلت : بلى

قال : (( فتلك عبادتهم))(٢)

وقال الربيع : قلت لأبي العالية ـ عامر الشعبي ـ : كيف كانت تلك الربوبية في بني إسرائيل ؟ فقال : إنّهم ربما وجدوا في كتاب الله ما يخالف أقوال الأحبار والرهبان ، فكانوا يأخذون بأقوالهم ، وما كانوا يقبلون حكم كتاب الله

قال : قال شيخنا ومولانا خاتمة المحقّقين والمجتهدين ( رضي الله عنه ) : قد شاهدت جماعة من مقلّدة الفقهاء ، قرأت عليهم آيات كثيرة من كتاب الله تعالى في بعض المسائل ، وكانت مذاهبهم

ــــــــــــــــ

(١) تفسير الطبري ١٠ / ٨٠ ، الكشّاف ـ للزمخشري ٢ / ١٨٥ ، تفسير القرطبي ٨ / ١٢٠ ، تفسير ابن كثير ٢ / ٣٤٨ ، الدر المنثور ٤ / ١٧٤

(٢) أخرجه ابن سعد وعبد حميد والترمذي وحسّنه ، وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في سننه ، راجع الدر المنثور ٤ / ١٧٤

١١

بخلاف تلك الآيات ، فلم يقبلوا تلك الآيات ولم يلتفتوا إليها ، وبَقوا ينظرون إليّ كالمتعجّب ، يعني كيف يمكن العمل بظواهر هذه الآيات مع أنّ الرواية عن سلفنا وردت على خلافها ، ولو تأمّلت حقّ التأمّل وجدت هذا الداء سارياً في عروق الأكثرين من أهل الدنيا(١)

أمّا الأحاديث المحذّرة من الأئمّة المضلّين فكثيرة جدّاً :

منها : ما أخرجه الترمذي بسنده عن ثوبان قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : (( إنّما أخاف على أُمّتي الأئمّة المضلّين ))(٢)

فالخطر الذي يُخاف منه على الإسلام هو : أن يُصبح كلّ مَنْ تسلّم زمام الأمور السياسية والإدارية للمسلمين قوله وفعله وتقريره حجّة ، كحجّية قول وفعل وتقرير الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله) ، فيُصبح مصدراً من مصادر التشريع ، وهذا ما حصل

ـــــــــــــــــــ

(١) تفسير الرازي ١٦ / ٣٧

(٢) سنن الترمذي ٤ / ٥٠٤ ، كتاب الفتن ، وقال : حديث حسن صحيح ، المستدرك ٤ / ٤٤٩ ، وصحّحه على شرط الشيخين ووافقه الذهبي ، وقد روى الحديث عن ثوبان وعمر وأبي ذر وأبي الدرداء كلّ من : أبو داود في السنن ٤ / ٩٧ ، أحمد بن حنبل في المسند ١ / ٤٢ ، ٥ / ١٤٥ ، ٢٧٨ ، ٢٨٤ ، ٦ / ٤٤١ ، ابن ماجه في السنن ٢ / ١٣٠٤ ، والدارمي في السنن ١ / ٧٠ ، وصحّح الحديث الألباني في صحيح سنن أبي داود ٣ / ٨٠١ ، وصحيح سنن ابن ماجه ٢ / ٣٥٢

١٢

بالفعل لدى المسلمين بالنسبة لبعض الخلفاء من الصحابة(١)

إذ أنّ بعض المسلمين ـ بل كثير منهم ـ يأخذون عقائدهم من الواقع المعاش ، فبما أنّ أبا بكر أوّل مَنْ جاء بعد الرسول (صلّى الله عليه وآله) ثمّ عمر ثمّ عثمان ثمّ علي ، فأبو بكر عندهم أفضل الصحابة ثمّ عمر ثمّ عثمان ثمّ علي ، ولو أنّ معاوية لم يحارب علياً (عليه السّلام) لكان بعد علي (عليه السّلام) في الأفضلية

فتربى المسلمون على قبول كلّ ما يصدر من الخلفاء بعد الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله) ، وأصبحت أقوالهم وأفعالهم حجّة ودليلاً على الحكم الشرعي والاعتقادي ، حتى معاوية بن أبي سفيان الذي هو طليق بإجماع المسلمين قوله حجّة عند عدّة من المسلمين(٢)

ــــــــــــــــ

(١) وسُنّة الصحابي تارة تكون حجّة بلحاظ أنّها طريق إلى سُنّة الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله) ، وأُخرى تكون حجّة بما هي هي ، فعلى الأوّل تكون الحجّية طريقية وعلى الثاني تكون الحجّية موضوعية ، والحجّية الموضوعية هي أن يكون الشيء بنفسه حجّة يجب التعبّد به كحجّية الكتاب ، والحجّية الطريقية هي أن يكون الشيء طريقاً إلى الحجّة وكاشف عنها ، وليس الخلاف بين المسلمين في سُنّة الصحابي من كونها حجّة طريقية ، وإنّما الخلاف في كونها حجّة موضوعية

(٢) وهؤلاء لم يفرّقوا بين كون الصحابي عدل وثقة وبين كونه مصدراً للتشريع ؛ إذ كونه ثقة لا يستلزم حجّية أقواله وأفعاله ، فقد يخطأ وقد يغفل وقد ينسى ، والشاهد عليه اختلاف سيرة الشيخين أبي بكر وعمر

١٣

بدع مستحدثة

ودلالة على ما نقول نذكر عدّة من الموارد التي غيّر فيها بعض الخلفاء من الصحابة سُنّة الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله) ، وأتبعهم السواد الأعظم والأكثر من المسلمين إلى اليوم

البدعة الأولى : الطلقات الثلاث

روى مسلم بسنده عن ابن عباس قال : كان الطلاق في عهد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة ، فقال عمر بن الخطاب : إنّ الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة ، فلو أمضيناه عليهم ، فأمضاه عليهم(١) ، وهو إلى اليوم ممضى خلافاً لسُنّة رسول الله (صلّى الله عليه وآله)(٢)

البدعة الثانية : التثويب في الأذان(٣)

روى الترمذي عن مجاهد قال : دخلت مع عبد الله بن عمر

ـــــــــــــــــــ

(١) صحيح مسلم ٢ / ١٠٩٩ ، كتاب الطلاق ، باب طلاق الثلاث ، سنن أبي داود ٢ / ٢٦١ ، صحيح سنن أبي داود ـ للألباني ٢ / ٤١٥ ، صحيح سنن النسائي ـ للألباني ٢ / ٧١٨

(٢) نعم ، رجعت مشيخة الأزهر في هذه الأعصار إلى كتاب الله وسُنّة الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله) والاقتداء بأهل البيت ، وتركوا سُنّة الخليفة عمر بن الخطاب ، فجعلوا الطلقات الثلاث بصيغة واحد طلقة واحدة

(٣) وهو قول المؤذّن ( الصلاة خير من النوم )

١٤

مسجداً وقد أذّن فيه ونحن نريد أن نصلّي فيه فثوّب المؤذّن ؛ فخرج عبد الله بن عمر من المسجد ، وقال : اخرج بنا من عند هذا المبتدع ، ولم يصلِّ(١)

وأوّل مَنْ ثوّب في الأذان وأمر به هو الخليفة عمر بن الخطاب ، فقد أخرج مالك في الموطأ أنّه بلغه أنّ المؤذّن جاء إلى عمر يؤذِنه لصلاة الصبح ، فوجده نائماً ، فقال : الصلاة خير من النوم ، فأمره عمر أن يجعلها في نداء الصبح(٢)

وروى عبد الرزاق بسند متّصل عن عمر بن حفص قال : أنّ سعداً ـ ابن القرظ مؤذّن عمر ـ أوّل مَنْ قال : الصلاة خير من النوم ، في خلافة عمر ، فقال : بدعة ، ثمّ تركه ، وأنّ بلال لم يؤذّن لعمر(٣)

قال الشوكاني : وذهبت العترة والشافعي في أحد قوليه إلى أنّ التثويب بدعة ، قال في البحر : أحدثه عمر ، فقال ابنه : هذه بدعة ، وقال علي (عليه السّلام) حين سمعه : (( لا تزيدوا في الأذان ما ليس

ــــــــــــــــــ

(١) سنن الترمذي ١ / ٣٨١ ، صحيح سنن أبي داود ـ للألباني ١ / ١٠٨ ، السنن الكبرى ١ / ٤٢٤

(٢) الموطأ / ٤٢ ح ١٥١ ، وراجع المصنّف ـ لابن أبي شيبة ١ / ١٨٩ ح ٢١٥٩ ، سنن الدارقطني ١ / ٢٤٣

(٣) المصنّف ١ / ٤٧٣ رقم ١٨٢٩

١٥

منه))(١)

وقال ابن أبي ليلى : ما ابتدعوا بدعة أحبّ إليّ من التثويب في الصلاة ، يعني العشاء والفجر(٢)

وروى ابن أبي شيبة في المصنّف بسنده عن الأسود بن يزيد أنّه سمع مؤذّناً يقول في الفجر : ( الصلاة خير من النوم ) ، فقال : لا يزيدون في الأذان ما ليس منه

وقد استمرت هذه البدعة إلى الآن ، قال السرخسي : أمّا المتأخّرون فاستحسنوا التثويب في جميع الصلوات ؛ لأنّ الناس قد ازدادت بهم الغفلة ، وقلّما يقومون عند سماع الأذان ، فيستحسن التثويب للمبالغة في الإعلام(٣)

البدعة الثالثة : الصلاة بمنى تماماً

روى الشيخان وغيرهما بسندهم إلى عبد الرحمن بن يزيد قال : صلّى بنا عثمان بن عفان بمنى أربع ركعات ، فقيل ذلك لعبد الله بن مسعود (رضي الله عنه) فاسترجع(٤) ، ثمّ قال : صلّيت

ـــــــــــــــــ

(١) نيل الأوطار ٢ / ٣٨

(٢) المصنّف ـ لابن أبي شيبة ١ / ١٩٠ ح ٢١٧٠ ، بسند صحيح عن وكيع عن سفيان عن عبد الرحمن بن عبد الله الأصفهاني عن ابن أبي ليلى

(٣) المبسوط ١ / ١٣١

(٤) أي قال : إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، ولا يُقال ذلك إلاّ لمصيبة ، ولا مصيبة

١٦

مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بمنى ركعتين ، وصلّيت مع أبي بكر بمنى ركعتين ، وصلّيت مع عمر بن الخطاب بمنى ركعتين ، فليت حظّي من أربع ركعات ركعتان متقبلتان(١)

البدعة الرابعة : تحريم نكاح المتعة

أخرج مسلم في صحيحه عن جابر قال : كنّا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الأيام على عهد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وأبي بكر حتى نهى عنه عمر في شأن عمر بن حريث(٢)

وقد ذكر السيوطي في تاريخ الخلفاء وأبو هلال العسكري في كتاب الأوائل تحريم عمر للمتعة(٣)

البدعة الخامسة : تحريم متعة الحج

روى البخاري في صحيحه عن عمران بن حصين قال : أُنزلت آية المتعة في كتاب الله ففعلناها مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله)

ــــــــــــــــ

==

أعظم من مصيبة الدين

(١) صحيح البخاري ١ / ٣٢٥ تقصير الصلاة ، صحيح مسلم ١ / ٤٨٣ صلاة المسافرين ، صحيح سنن ابن داود ١ / ٣٦٩

(٢) صحيح مسلم ٢ / ١٠٢٣ كتاب النكاح باب ١٣ ، مسند أحمد ٣ / ٣٨٠ ، ٤ / ٤٢٩ ، ٤٣٨ ، ٤٣٩ ، فلو أنّ الرسول (صلّى الله عليه وآله) نهى عنها لما خفي ذلك على جابر وهو الحافظ لتراث النبي (صلّى الله عليه وآله) والمدمن صحبته

(٣) تاريخ الخلفاء / ١٠٨ ، الأوائل ١ / ٢٤٠

١٧

ولم ينزل قرآن يحرّمها ، ولم ينه عنها حتى مات ، قال رجل برأيه ما شاء(١)

وروى بسنده عن مروان قال : شهدت عثمان وعلياً (عليه السّلام) وعثمان ينهى عن المتعة وأن يجمع بينهما ، فلمّا رأى علي أهلّ بهما لبيك بعمرة وحجّة ، قال : (( ما كنت لأدع سُنّة النبي (صلّى الله عليه وآله) لقول أحد))(٢)

البدعة السادسة : صلاة التراويح

روى البخاري بسنده عن عبد الرحمن بن عبد القاري أنّه قال : خرجت مع عمر بن الخطاب ليلة في رمضان إلى المسجد ، فإذا الناس أوزاع متفرّقون ، يصلّي الرجل لنفسه ، ويصلّي الرجل فيصلّي بصلاته الرهط ، فقال عمر : إنّي أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل ، ثمّ عزم فجمعهم على أُبي بن كعب ، ثمّ خرجت معه ليلة أُخرى والناس يصلّون بصلاة قارئهم ، قال عمر : نِعْمَ البدعة هذه(٣)

ـــــــــــــــــــ

(١) صحيح البخاري ٦ / ٣٣ ، كتاب التفسير سورة البقرة ، والرجل الذي يقصده الصحابي عمران هو الخليفة عمر بن الخطاب

(٢) صحيح البخاري ٢ / ١٧٥ كتاب الحج باب التمتع والإقران ، سنن النسائي بشرح السيوطي ٥ / ١٤٨

(٣) صحيح البخاري ٢ / ٥٩٥ ، الموطأ / ٥٩ ح ٢٤٧

١٨

هذا وقد روى البخاري ومسلم والترمذي وأبو داود والنسائي والدارمي ومالك وأحمد وغيرهم بأسانيدهم عن زيد بن ثابت : أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) اتّخذ حجرة ـ قال : حسبت أنّه قال : من حصير ـ في رمضان ، فصلّى فيها ليالي ، فصلّى بصلاته ناس من أصحابه ، فلمّا علم بهم جعل يقعد ، فخرج إليهم فقال : (( قد عرفت الذي رأيت من صنيعكم ، فصلّوا أيّها الناس في بيوتكم ؛ فإنّ أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلاّ المكتوبة ))(١)

فمع هذا المنع من الرسول (صلّى الله عليه وآله) نجد حرص الناس والسواد الأكثر من المسلمين على اتّباع سُنّة الخليفة عمر وترك سُنّة الرسول (صلّى الله عليه وآله)(٢) ، وحينما حاول الإمام علي (عليه السّلام) المنع من هذه الصلاة ارتفعت العقائر ( وا سُنّة عمراه ) فتركهم لشأنهم

إحداث الصحابة

وقد تواترت الأحاديث عن الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله)

ــــــــــــــــــ

(١) صحيح البخاري ١ / ٢٢٨ كتاب الأذان ب ٨١ ح ٧٣١ ، صحيح مسلم ١ / ٥٣٩ صلاة المسافرين ب ٢٩ ح ٧٨١ ، سنن الترمذي ٢ / ٣١٢ ح ٤٥٠ ، سنن أبي داود ١ / ٢٧٤ ح ١٠٤٤ ، سنن الدارمي ١ / ٣١٧ ، مسند أحمد : ح ٢١٦٦٥ ، ٢١٦٨٦ ، ٢١٧٠٩ تحقيق أحمد شاكر ، الموطأ / ٦٦ ح ٢٨٨

(٢) وهي القيام بأداء النوافل في البيت لا جماعة في المسجد

١٩

بأنّ عدداً غير قليل من الصحابة سوف يُحدثوا في الدين ما ليس منه

من هذه الروايات :

ما رواه البخاري ومسلم وغيرهما عن ابن عباس عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ـ في حديث ـ قال : (( ألا وإنّه يُجاء برجال من أُمّتي فيؤخذ بهم ذات الشمال ، فأقول : يا ربّ أصحابي ، فيُقال : إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، فأقول كما قال العبد الصالح : وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ ))(١)

وما رواه البخاري عن أبي هريرة أنّه كان يُحدّث أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قال : (( يرد عليّ يوم القيامة رهط من أصحابي فيُحلؤون(٢) عن الحوض ، فأقول : يا ربّ أصحابي ، فيقول : إنّك لا علم لك بما أحدثوا بعدك ، إنّهم ارتدّوا على أدبارهم القهقري ))(٣)

وما رواه مسلم وأحمد عن عبد الله قال : قال رسول الله (صلّى

ـــــــــــــــــــ

(١) صحيح البخاري ٦ / ٦٩ كتاب التفسير ، سورة المائدة / ١٢٢ سورة الأنبياء / ١٣٦ كتاب الرقاق ب ٤٥ ، صحيح مسلم ٤ / ٢١٩٥ كتاب الجنة ب ١٤ ، سنن الترمذي ٥ / ٣٢١ ، صحيح سنن النسائي ـ للألباني ٢ / ٤٤٩ ، مسند أحمد ١ / ٢٣٥ ، ٢٥٣

(٢) أي يبعدون عن الحوض

(٣) صحيح البخاري ٨ / ١٥٠ كتاب الرقاق باب في الحوض

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

(٨٠)

رواية الخلعي

قال المتقي: « عن أبي إسحاق عن عمرو ذي مرّ وسعيد بن وهب وزيد ابن يثيع قالوا: سمعنا عليّاً يقول: نشدت الله رجلاً سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول يوم غدير خم ما قال لما قام، فقام ثلاثة عشر رجلاً فشهدوا أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال فأخذ بيد علي قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، أللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وأحب من أحبه وأبغض من أبغضه، وانصر من نصره واخذل من خذله. البزار وابن جرير والخلعي في الخلعيات، قال الهيثمي: رجال إسناده ثقات. قال ابن حجر: ولكنهم شيعة »(١) .

ترجمته

١ - الذهبي: « والخلعي القاضي أبو الحسن علي بن الحسن المصري الفقيه الشافعي، وله ثمان وثمانون سنة، سمع عبد الرحمن بن عمر النحاس وأبا سعد الماليني، وطائفة، وانتهى إليه علو الإِسناد بمصر، قال ابن سكرة: فقيه له تصانيف، ولّي القضاء وحكم يوماً واستغفى وانزوى بالقرافة. توفي في ذي الحجة. قلت: وكان يوصف بدين وعبادة »(٢) .

٢ - الأسنوي: « القاضي أبو الحسن ولد بمصر في المحرم من السّنة

____________________

(١). كنز العمال ١٣ / ١٥٨.

(٢). العبر حوادث سنة ٤٩٢.

١٤١

الخامسة بعد الأربعمائة، وكان فقيهاً صالحاً، له كرامات وتصانيف، وروايات متّسعة، وكان أعلى أهل مصر إسناداً، جمع له أبو نصر أحمد بن الحسن الشيرازي عشرين جزءاً، خرّجها عنه وسمّاها الخلعيات »(١) .

(٨١)

ذكر أبي حامد الغزالي

حديث الغدير في كتابه ( سر العالمين وكشف ما في الدارين )، وسيأتي نص عبارته مع ترجمته فيما بعد إنْ شاء الله تعالى.

(٨٢)

رواية البغوي

رواه في ( المصابيح ) حيث قال: « عن زيد بن أرقم عن النبيعليه‌السلام قال: من كنت مولاه فعلي مولاه ».

ترجمته

قالالسيوطي: « محي السنّة البغوي، الإِمام الفقيه، الحافظ المجتهد، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد الفرّاء الشافعي ويلقب أيضا ركن الدين، صاحب معالم التنزيل، وشرح السنّة، والتهذيب والمصابيح، وغير ذلك. تفقه على القاضي حسين، وحدّث عنه، وعن أبي عمر عبد الواحد المليجي، وبورك له في

____________________

(١). طبقات الشافعية ١ / ٤٧٩.

١٤٢

تصانيفه لقصده الصالح، فإنّه كان من العلماء الربّانيين، ذا تعبد ونسك وقناعة باليسير، وآخر من روى عنه بالإِجازة: أبو المكارم فضل الله بن محمد البرقاني، الذي أجاز للفخر ابن البخاري. مات بمرو الروذ في شوال سنة ٥١٦ عن ثمانين »(١) .

(٨٣)

رواية رزين العبدري

رواه « عن أبي سريحة أو زيد بن أرقم: إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه»(٢) .

ترجمته

قالالذهبي: « ورزين بن معاوية أبو الحسن العبدري الأندلسي السرقسطي مصنف تجريد الصحاح، روى كتاب البخاري عن أبي مكتوم ابن أبي ذر، وكتاب مسلم عن الحسين الطبري، وجاور بمكة دهراً، وتوفي في المحرم »(٣) .

____________________

(١). طبقات الحفاظ ٤٥٧. وفيه بدل « البرقاني »: « النوقاني »، وتوجد ترجمته في: تذكرة الحفاظ ٤ / ١٢٥٧ وتاريخ ابن كثير ١٢ / ١٩٣ ومرآة الجنان ٣ / ١٩٣ ووفيات الأعيان ١ / ١٤٥ وطبقات السبكي ٧ / ٧٥ وشذرات الذهب ٤ / ٤٨ والعبر ٤ / ٣٧ وغيرها.

(٢). الجمع بين الصحاح الستة - مخطوط.

(٣). العبر - حوادث سنة: ٥٣٥. وتوجد ترجمته في: طبقات الحفاظ ٤٥٧ وتذكرة الحفاظ ٤ / ١٢٥٧ ومرآة الجنان ٣ / ٢١٣ وطبقات المفسرين ١ / ٢٠٥ وغيرها.

١٤٣

(٨٤)

رواية العاصمي

ورواه أحمد بن محمد العاصمي بأسانيده المختلفة، بعد أن قال في ذكر مشابه أمير المؤمنينعليه‌السلام مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « وأمّا المولى والولاية فإنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه ».

وقد ذكر في خطبة كتابه ما هذا نصه: « ولقد كان من أوكد ما دعاني إليه وأشد ما حداني عليه - بعد الذي قدمت ذكره وبيّنت أمره - ظن بعض الجهلة الأغثام والغفلة الذين هم في بلادة الأغنام، بنا معاشر آل الكرام وجماعة أهل السنة والجماعة الاحكام، أنا نستجيز الوقيعة في المرتضى رضوان الله عليه وحباه خير ما لديه، وفي أولاده ثم في شيعته وأحفاده، وكيف نستجيز ذلك!! وهو الذي قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه وهذا حديث تلّقته الأمة بالقبول، وهو موافق للأصول، أخبرنا الشيخ الزاهد » ثم قال بعد روايته ببعض أسانيده وطرقه: « ولهذا الحديث طرق سوى ما ذكرناه، يأتيك في الفصل الخامس من هذا الكتاب إن شاء الله عزّ وجلّ ».

وقال: « ومن ذلك قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه » ثم رواه بطرقه وأسانيده المختلفة(١) .

____________________

(١). زين الفتى في تفسير سورة هل أتى - مخطوط.

١٤٤

(٨٥)

ذكر جار الله الزمخشري

حديث الغدير وأرسله إرسال المسلَّم حيث قال: « ليلة الغدير معظّمة عند الشيعة، محياة عندهم بالتهجّد، وهي الليلة التي خطب فيها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بغدير خم على أقتاب الجمال وقال في خطبته: من كنت مولاه فعلي مولاه »(١) .

ترجمته

قالعبد القادر القرشي الحنفي: « محمد بن عمر بن محمد بن عمر الزمخشري، الإِمام الكبير، المضروب به المثل في علم الأدب، لقي الفضلاء وصنّف التصانيف: التفسير وغريب الحديث وغيرهما. وله ديوان شعر. وشهرته تغني عن الإِطناب بذكره. ولد بزمخشر، قرية من قرى خوارزم، في رجب سنة ٤٦٧. وتوفي رحمه الله تعالى بجرجانية خوارزم، ليلة عرفة سنة ٥٣٧. وأجاز للحافظ السلفي »(٢) .

____________________

(١). ربيع الأبرار ونصوص الأخبار ١ / ٨٥.

(٢). الجواهر المضية في طبقات الحنفية ٢ / ١٦٠.

١٤٥

(٨٦)

رواية النطنزي

وروى أبو الفتح محمد بن علي بن إبراهيم النطنزي حديث الغدير، وستأتي عبارته فيما بعد، إن شاء الله تعالى(١) .

(٨٧)

رواية الموفق الخوارزمي

ورواه الموفّق بن أحمد المكي المعروف بأخطب خوارزم حيث قال: « وبهذا الإِسناد عن أحمد بن الحسين هذا، أخبرنا [ بهذا ] علي بن أحمد ابن عبدان قال: أخبرنا أحمد بن عبيد قال: حدثنا أحمد بن سليمان المؤدب قال: حدثنا عثمان قال: حدثنا زيد بن الحباب قال: حدثنا أحمد بن سلمة عن علي بن زيد بن جدعان عن عدي بن ثابت عن البراء، قال: أقبلنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حجّته، حتى إذ كنّا بين مكة والمدينة نزل فأمر منادياً الصّلاة جامعة، قال فأخذ بيد علي ثم قال: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى، قال: ألست أولى بكلّ مؤمن من نفسه؟ قالوا: بلى. قال: فهذا وليّ من أنا وليّه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، من كنت مولاه فعلي مولاه، فلقيه عمر بن الخطاب بعد ذلك فقال: هنيئاً لك يا ابن أبي طالب، أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة »(٢) .

____________________

(١). وتوجد ترجمة أبي الفتح النطنزي في: الأنساب - النطنزي، الوافي بالوفيات، وغيرهما.

(٢). مناقب علي بن أبي طالب: ٩٤ باختلاف في بعض أسماء الرواة.

١٤٦

وروى أخطب خوارزم كتاباً لعمرو بن العاص إلى معاوية جاء فيه: « وأمّا ما نسيت أبا الحسن أخا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ووصيّه، إلى الحسد والبغي على عثمان، وسمّيت الصحابة فسقة، وزعمت أنه أشلاهم على قتله، فهذا غواية، ويحك يا معاوية أما علمت أن أبا حسن بذل نفسه بين يدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وبات على فراشه، وهو صاحب السبق إلى الإسلام والهجرة، و قد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : هو منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعدي، وقد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم غدير خم: ألا من كنت مولاه فعليّ مولاه، أللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره واخذل من خذله »(١) .

(٨٨)

رواية عمر الملّا

ورواه الشيخ عمر بن محمد بن خضر المعروف بالملّا في كتابه في السّيرة النبويّة: « عن البراء قال: أقبلنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حجة الوداع، حتى إذا كنا بغدير خم نودي فينا الصّلاة جامعة، وكسح لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تحت شجرتين، فأخذ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيد علي، ثم قال: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى. قال: ألست أولى بكل مؤمن من نفسه؟ قالوا: بلى. قال: أليس أزواجي أمّهاتكم؟ قالوا: بلى. قال: فإن هذا مولى من أنا مولاه. اللهم وال من

____________________

(١). مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب. وتوجد ترجمة الخوارزمي في: شذرات الذهب حوادث: ٥٦٨، الجواهر المضيّة في طبقات الحنفية، بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة، العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين، وستأتي ترجمته عن المصادر المذكورة وغيرها في قسم حديث التشبيه.

١٤٧

والاه وعاد من عاداه، فلقيه بعد ذلك عمر فقال له: هنيئاً لك يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة »(١) .

(٨٩)

رواية ابن عساكر

أخرج حديث الغدير بترجمة سيدنا الأميرعليه‌السلام من ( تاريخ دمشق ) بأسانيد وألفاظ كثيرة جدّاً. من الحديث رقم (٥٠١) إلى الحديث رقم (٥٨٨)، فأخرجه عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وعن: عبدالله بن مسعود، وجابر، وأبي سعيد، والبرّاء، وطلحة، وسعد، وزيد بن أرقم، وحذيفة بن أسيد، وأبي هريرة، وعمر، وعبدالله بن عمر، وسمرة، وأنس وجماعةٍ غيرهم. كما روى خبر مناشدة أمير المؤمنينعليه‌السلام الناس في رحبة الكوفة عن عدّةٍ من الصحّابة والتابعين. ونحن نكتفي هنا بإيراد الرواية التالية:

« أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنبأنا أبو سعد الجنزرودي، أنبأنا السيد أبو الحسن محمد بن علي، أنبأنا أحمد بن علي بن مهدي، أنبأنا أبي، أنبأنا علي بن موسى الرضا، أنبأنا أبي، عن أبيه جعفر الصادق، حدثني أبي، عن أبيه على بن الحسين، عن أبيه عن جدّه علي بن أبي طالب قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله ».

قال الحافظ ابن كثير: « وقد رواه معروف بن خرّبوذ [ المكي ] عن أبي الطفيل [ عامر بن واثلة ] عن حذيفة بن أسيد [ الغفاري ]. قال: لمـّا قفل رسول

____________________

(١). وسيلة المتعبّدين إلى متابعة سيد المرسلين ٥ / ١٦٢، وستأتي ترجمته وبيان اعتبار كتابه المذكور في قسم حديث التشبيه.

١٤٨

اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حجة الوداع، أمر أصحابه أن ينزلوا عند شجرات متقاربات بالبطحاء، فنزلوا حولهنّ، ثم أمر فقم ما تحتهنّ من الشوك، وشذبن بمقدار الرؤس ثم بعث إليهم فصلّى تحتهنّ، ثم قام فقال:

أيّها الناس لقد نبأني اللّطيف الخبير أنه لم يعمّر نبي إلّا مثل نصف عمر الذي قبله، وإني لأظنّ أنه يوشك أن أدعى فأجيب، وإني مسئول وأنتم مسئولون، فماذا أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلّغت ونصحت وجهدت، فجزاك الله خيراً، قال: ألستم تشهدون أن لا إله، إلّا الله ومحمد عبده ورسوله، وأن الجنة حق وأن النار حق، وأن الموت حق، وأن البعث حق بعد الموت، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور؟ قالوا: بلى نشهد بذلك. قال: اللهم اشهد. ثم قال: أيها الناس إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين وأنا أولى بهم، من كنت مولاه فهذا مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، ثم قال: أيها الناس إني فرطكم وإنكم واردون عليّ الحوض، حوض أعرض مما بين بصرى وصنعاء، فيه آنية عدد النجوم، قدحان من ذهب وقدحان من فضة، وإني سائلكم حين تردون علي عن الثقلين، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، الثقل الأكبر كتاب الله سبب طرف بيد الله وطرف بأيديكم، فاستمسكوا به ولا تضلّوا ولا تبدّلوا، وعترتي أهل بيتي، فإني نبأني اللّطيف الخبير أنهما لم يفترقا حتى يردا عليّ الحوض.

رواه ابن عساكر بطوله من طريق معروف كما ذكرنا »(١) .

وقال المتقي الهندي: « عن رفاعة بن أياس الضبي عن أبيه عن جدّه، قال: كنت من علي في الجمل فبعث إلى طلحة أن ألقني فلقيه، فقال: أنشدك الله أسمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه؟ قال: نعم. قال: فلم تقاتلني؟!. كر»(٢) .

____________________

(١). تاريخ ابن كثير ٧ / ٣٤٩ مع الاختلاف في ألفاظ الحديث.

(٢). كنز العمال ١١ / ٣٣٢.

١٤٩

ترجمته

قالابن قاضي شهبة « علي بن الحسين بن هبة الله بن عبدالله بن الحسين، الحافظ الكبير، ثقة الدين، أبو القاسم بن عساكر، فخر الشافعية وإمام أهل الحديث في زمانه وحامل لوائهم، صاحب تاريخ دمشق، وغير ذلك من المصنّفات المفيدة المشهورة، مولده في مستهل سنة ٤٩٩. ورحل إلى بلاد كثيرة، وسمع الكثير من نحو ألف وثلاثمائة شيخ وثمانين امرأة، وتفقه بدمشق وبغداد، وكان ديّناً خيّراً يختم في كل جمعة، وأمّا في رمضان ففي كلّ يوم، معرضاً عن المناصب بعد عرضها عليه، كثير الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قليل الالتفات إلى الامراء وأبناء الدنيا.

قال الحافظ أبو سعد السمعاني في تاريخه: هو كثير العلم، غزير الفضل حافظ ثقة متقن، ديّن خير حسن السّمت، جمع بين معرفة المتون والأسانيد، صحيح القراءة متثبت محتاط، رحل وبالغ في الطلب، إلى أن جمع ما لم يجمع غيره، وأربى على أقرانه، وصنّف التصانيف وخرّج التخاريج، وشرع في تاريخ دمشق.

وقال أبو محمد عبدالقادر الرهاوي: رأيت الحافظ السلفي والحافظ أبا العلاء الهمداني والحافظ أبا موسى المديني، ما رأيت فيهم مثل ابن عساكر. توفي في رجب سنة ٥٧١ »(١) .

____________________

(١). طبقات الشافعية. وتوجد ترجمة ابن عساكر في: تذكرة الحفاظ ٤ / ١٣٢٨ وطبقات السبكي ٧ / ٢١٥ وتاريخ ابن كثير ١٢ / ٢٩٤ ومرآة الجنان ٣ / ٣٩٣ والمنتظم ١٠ / ٢٦١ والنجوم الزاهرة ٦ / ٧٧ ووفيات الأعيان ١ / ٣٣٥ وشذرات الذهب ٤ / ٢٣٩.

١٥٠

(٩٠)

رواية أبي موسى المديني

قال الحافظ السمهودي: « وعن عامر بن ليلى بن ضمرة وحذيفة بن أسيد الغفاري رضي الله عنهما، قالا: لمـّا صدر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حجة الوداع - ولم يحج غيرها - أقبل حتى إذا كان بالجحفة، نهى عن شجرات بالبطحاء متقاربات، لا ينزلوا تحتهنّ، حتى إذا نزل القوم وأخذوا منازلهم سواهنّ، أرسل إليهنّ فقمّ ما تحتهنّ وشذبن عن رؤس القوم، حتى إذا نودي للصّلاة غدا إليهنّ، فصلّى تحتهنّ، ثم انصرف إلى الناس، وذلك يوم غدير خم - وخم من الجحفة وله بها مسجد معروف - فقال:

يا أيّها الناس إنه قد نبّأني اللّطيف الخبير أنه لم يعمّر نبي إلّا نصف عمر الذي يليه من قبله، وإني لأظنّ أن أدعى فأجيب، وإني مسئول وأنتم مسئولون هل بلّغت، فما أنتم قائلون؟ قالوا: نقول قد بلّغت وجهدت ونصحت فجزاك الله خيرا، وقال: ألستم تشهدون أن لا إله إلاّ الله وأن محمدا عبده ورسوله وأن جنّته حق وأن ناره حق، والبعث بعد الموت حق؟ قالوا: بلى. قال: أللهم اشهد، ثم قال: يا ايها الناس ألا تسمعون! ألا فإن الله مولاي وأنا أولى بكم من أنفسكم، ألا ومن كنت مولاه فهذا علي مولاه، وأخذ بيد علي فعرفها(١) حتى عرفه القوم أجمعون، ثم قال: اللهم وإل من والاه وعاد من عاداه. ثم قال: أيها الناس إني فرطكم، وأنتم واردون عليّ الحوض، أعرض مما بين بصري وصنعاء، فيه عدد نجوم السماء قدحان من فضة، ألا وإني سائلكم حين تردون عليَّ عن الثقلين،

____________________

(١). كذا ولعله: فرفعها.

١٥١

فانظروا كيف تخلفوني فيهما حين تلقوني. قالوا: وما الثقلان يا رسول الله؟ قال: الثقل الأكبر كتاب الله، سبب طرفه بيد الله وطرف بأيديكم، فاستمسكوا به لا تضلّوا بعدي ولا تبدّلوا، وعترتي، فإني قد نبّأني الخبير أن لا يتفرقا حتى يلقياني، وسألت الله ربّي لهم ذلك فأعطاني، فلا تسبقوهم فتهلكوا، ولا تعلّموهم فهم أعلم منكم. أخرجه ابن عقدة في الموالاة من طريق عبدالله بن سنان عن أبي الطفيل عنهما به.

ومن طريق ابن عقدة أورده أبو موسى المديني في الصحابة وقال: إنه غريب جدّاً، والحافظ أبو الفتوح العجلي في كتابه الموجز في فضائل الصحابة »(١) .

وقال علي بن محمد المعروف بابن الاثير الجزري: « عبدالله بن ياميل. أورده ابن عقدة وحده. روى جعفر بن محمد عن أبيه وأيمن بن نائل عن عبدالله بن ياميل قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه. أخرجه أبو موسى »(٢) .

وروى عنه أحاديث أخرى، كما سيظهر عن كثب إن شاء الله تعالى.

ترجمته

١ - الذهبي: « وأبو موسى المديني، محمد بن أبي بكر عمر بن أحمد الحافظ صاحب التصانيف، وله ثمانون سنة، سمع من غانم البرحي وجماعة من أصحاب أبي نعيم، ولم يخلّف بعده مثله. مات في جمادي الأولى، وكان مع براعته في الحفظ والرجال صاحب ورع وعبادة وجلالة وتقى »(٣) .

٢ - الأسنوي: « الحافظ أبو موسى المديني محمد بن عمر بن أحمد المديني الاصبهاني، الامام الحافظ، ولد ليلة الاربعاء تاسع عشر ذي القعدة سنة ٥٠١،

____________________

(١). جواهر العقدين - مخطوط.

(٢). أسد الغابة ٣ / ٢٧٤.

(٣). العبر - حوادث سنة ٥٨١.

١٥٢

وتخرّج بالامام إسماعيل بن محمد التيمي، وأخذ عنه المذهب، وعلوم الحديث، وسمع من خلائق كثيرين، وصنف التصانيف المشهورة النافعة، وكان ورعاً زاهداً متواضعاً متعففاً عمّا في أيدي الناس، لا يقبل لأحد شيئاً قطّ، مع الهرب من الناس.

قال ابن الدبيثي: وعاش حتى صار أوحد وقته وشيخ زمانه، توفي منتصف يوم الأربعاء تاسع جمادى الأولى سنة ٥٨١. ذكره في العبر قال: لم يخلّف بعده مثله »(١) .

٣ - ابن قاضي شهبة: « محمد بن عمر بن محمد الحافظ الكبير، أبو موسى المديني الاصبهاني أحد الأعلام، وكان حافظاً، واسع الدائرة، جم العلوم.

قال أبو سعد السمعاني: كتبت عنه وسمعت منه، وهو ثقة صدوق. وقال ابن الدبيثي »(٢) .

(٩١)

حكم التوربشتي

باعتبار حديث الغدير وشهرته، فإنه قال بعد ذكر حديث: علي منّي بمنزلة هارون من موسى وحديث الغدير والجواب عنهما - ما تعريبه: « وليس لهذه الطائفة في الأحاديث ما يتمسّكون به، إلّا هذين الحديثين المشهورين المعتبرين، وقد ذكرنا وجه الاستدلال بهما، وأما غيرهما فإمّا ضعيف لا يصلح للاحتجاج به، وإمّا موضوع لا يجوز التفوّه به، فضلاً عن الاستدلال ...»(٣) .

____________________

(١). طبقات الشافعية ٢ / ٤٤٠.

(٢). طبقات الشافعية ١ / ٣٧٣.

(٣). المعتمد في المعتقد للتوربشتي.

١٥٣

ترجمته

قالابن قاضي شهبة: « فضل الله التوربشتي. قال السبكي في الطبقات الكبرى: فقيه محدث من أهل شيراز، شرح مصابيح البغوي شرحاً حسناً، ولعله كان في حدود الستمائة »(١) .

(٩٢)

رواية أبي الفتوح العجلي

قال الشيخ نور الدين علي بن محمد المعروف بابن الصبّاغ المالكي: « وروى الحافظ أبو الفتوح أسعد بن أبي الفضائل بن خلف العجلي، في كتابه الموجز في فضائل الخلفاء الأربعة، يرفعه بسنده إلى حذيفة بن أسيد الغفاري وعامر بن ليلى بن ضمرة قالا: لمـّا صدر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حجة الوداع - ولم يحجّ غيرها - أقبل حتى إذا كان بالجحفة، نهى عن سمرات متقاربات بالبطحاء، أن لا ينزل تحتهنّ أحد، حتى إذا أخذ القوم منازلهم أرسل فقمّ ما تحتهنّ، حتى إذا ثوّب بالصلاة - صلاة الظهر - غدا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فصلّى بالناس تحتهنّ، وذلك يوم غدير خم، ثم بعد فراغه من الصلاة قال:

أيها الناس إنّه قد نبأني اللّطيف الخبير، أنه لن يعمّر نبي إلّا نصف عمر النبي الذي كان قبله، وإني لأظن بأني أدعى فأجيب، وإني مسئول هل بلغت فما أنتم قائلون؟ قالوا: نقول: قد بلّغت وجهدت ونصحت، فجزاك الله خيراً، قال: ألستم تشهدون أن لا إله إلّا الله وأن محمّداً عبده ورسوله، وأن جنّته حق

____________________

(١). طبقات الشافعية ١ / ٣٦٧. وترجمته في طبقات السبكي ٤ / ١٤٦.

١٥٤

وأن ناره حق، والبعث بعد الموت حق؟ قالوا: بلى نشهد. قال: اللهم اشهد.

ثم قال: أيها الناس ألا تسمعون: ألا فإن الله مولاي وأنا أولى بكم من أنفسكم، ألا ومن كنت مولاه فعلي مولاه، وأخذ بيد علي فعرفه حتى نظره القوم، ثم قال: اللهم وال من والاه وعاد من عاداه »(١) .

وقد عرفت من كلام السمهودي - في رواية أبي موسى المديني - رواية العجلي لحديث الغدير، في كتابه الموجز في فضائل الصحابة.

ترجمته

١ - الذهبي: « وفيها توفي العلامة أبو الفتح العجلي منتجب الدين، أسعد ابن أبي الفضائل محمود بن خلف الاصبهاني، الشافعي الواعظ، شيخ الشافعية، عاش خمساً وثمانين سنة »(٢) .

٢ - اليافعي: « وفيها توفي الامام العلامة أبو الفتح العجلي، كان من الفقهاء الفضلاء، الموصوفين بالعلم والزهد، مشهوراً بالعبادة والنسك والقناعة، لا يأكل إلّا من كسب يده »(٣) .

٣ - ابن قاضي شهبة: « كان فقيهاً مكثراً من الرواية، زاهداً ورعاً »(٤) .

____________________

(١). الفصول المهمة في معرفة الأئمة: ٤١.

(٢). العبر - حوادث ٦٠٠.

(٣). مرآة الجنان - حوادث ٦٠٠.

(٤). طبقات الشافعية ١ / ٣٥٨.

١٥٥

(٩٣)

إثبات الفخر الرازي

إجماع الأمة على حديث الغدير، كما ذكرنا سابقاً أنه قال في ( الأربعين في أصول الدين ): «وأما الشبهة الثانية عشر، وهي التمسك بقولهعليه‌السلام : من كنت مولاه فعلي مولاه. فجوابها من وجوه، الأول: إنّه خبر واحد، قوله: الأمة اتفقت على صحّته، لأن منهم من تمسّك به في فضل علي، ومنهم من تمسّك به في إمامته. قلنا: تدعى أن كل الأمة قبلوه قبول القطع أو قبول الظن، الأول ممنوع وهو نفس المطلوب، والثاني: مسلّم ولا ينفعكم في مطلوبكم »(١) .

وتقدم أيضاً: أنه اعترف في ( نهاية العقول ) بأن مخالفي الشيعة يروون حديث الغدير، للاحتجاج به في فضل علي بن أبي طالب.

وذكر الرازي في ( تفسيره ) القول بنزول قوله تعالى:( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ. ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ ) الآية في غدير خم، ناسباً إيّاه إلى ابن عباس والبراء بن عازب والامام محمد بن علي الباقرعليه‌السلام ، كما علمت وستعلم إن شاء الله تعالى.

ترجمته

قالاليافعي: « وفيها الامام الكبير، العلامة النحرير، الأصولي المتكلّم، المناظر المفسّر، صاحب التصانيف المشهورة في الآفاق، الحظيّة في سوق الإِفادة بالنفاق، الامام فخر الدين الرازي، أبو عبدالله محمد بن عمر بن حسين القرشي، التيمي البكري، الملقّب بالإمام عند علماء الأصول، المقرّر لشبه مذاهب الفرق المخالفين، والمبطل لها بإقامة البراهين، الطبرستاني الأصل،

____________________

(١). الأربعين في أصول الدين ٤٦٢.

١٥٦

الرازي المولد المعروف به، الشافعي المذهب، فريد عصره ونسيج دهره، الذي قال فيه بعض العلماء: خصّه الله برأي هو للغيب طليعة، فيرى الحق بعين دونها حدّ الطبيعة، فاق أهل زمانه في الأصلين والمعقولات وعلم الأوائل، صنّف التصانيف المفيدة في فنون عديدة وكل كتبه مفيدة، وانتشرت تصانيفه في البلاد، ورزق فيها سعادة عظيمة بين العباد »(١) .

(٩٤)

رواية أبي السعادات ابن الأثير

رواه بقوله: « زيد بن أرقم - أو أبو سريحة، شك شعبة - إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه. أخرجه الترمذي »(٢) .

ترجمته

قالاليافعي: « وفيها العلامة مجد الدين، أبو السعادات، المبارك بن محمد ابن محمد المعروف بابن الأثير، الشيباني الجزري ثم الموصلي الكاتب. قال أبو البركات ابن المستوفي في حقه: أشهر العلماء ذكراً، وأكبر النبلاء قدراً، واحد الأفاضل المشار إليهم، وفرد الأماثل المعتمد في الأمور عليهم »(٣) .

____________________

(١). مرآة الجنان - حوادث ٦٠٦.

(٢). جامع الأصول ٩ / ٤٦٨.

(٣). مرآة الجنان - حوادث ٦٠٦. وتوجد ترجمته في الكامل ١٢ / ١٢٠.

١٥٧

(٩٥)

رواية أبي الحسن ابن الأثير

رواه بقوله: « عامر بن ليلى بن ضمرة. أورده أبو العباس ابن عقدة روى عبدالله بن سنان، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة عن حذيفة بن أسيد الغفاري وعامر بن ليلى بن ضمرة قالا: لما صدر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حجة الوداع - ولم يحج غيرها - أقبل حتى إذا كان بالجحفة، وذلك يوم غدير خم من الجحفة - وله بها مسجد معروف - فقال: أيها الناس إنه قد نبأني اللّطيف الخبير، أنه لم يعمّر نبي إلّا نصف عمر الذين قبله، وإنّي يوشك أن أدعى فأجيب، ثم ذكر الحديث إلى أن قال: فأخذ بيد علي فرفعها وقال: من كنت مولاه فهذا مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وذكر الحديث، قال أبو موسى: هذا حديث غريب جداً، لا أعلم أني كتبته إلّا من رواية ابن سعيد. أخرجه أبو موسى »(١) .

وقال: « عبدالله بن ياميل. أورده ابن عقدة وحده. روى جعفر بن محمد عن أبيه وأيمن بن نائل، عن عبدالله بن ياميل، قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه. أخرجه أبو موسى »(٢) .

وقال: « أبو سريحة الغفاري اسمه حذيفة بن أسيد بن خالد عن سلمة بن كهيل قال: سمعت أبا الطفيل يحدّث عن أبي سريحة أو زيد بن أرقم - شك شعبة - عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه.

____________________

(١). أسد الغابة ٣ / ٩٢.

(٢). أسد الغابة ٣ / ٢٧٤.

١٥٨

أخرجه أبو عمر وأبو نعيم وأبو موسى »(١) .

ترجمته

قالاليافعي: « الامام الحافظ ابن الأثير، أبو الحسن علي بن محمد الجزري صاحب التاريخ، ومعرفة الصحابة، وغير ذلك، كان صدراً معظماً كثير الفضائل، كان بيته مجمع الفضل لأهل الموصل، وحافظاً للتاريخ، وخبيراً لأنساب العرب وأخبارهم وأيامهم ووقائعهم »(٢) .

(٩٦)

رواية الضياء المقدسي

رواه في ( المختارة )، الكتاب الذي التزم فيه بالصحة، قال السمهودي: « عن حذيفة بن أسيد الغفاري أو زيد بن أرقم قال: لما صدر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حجة الوداع، نهى أصحابه عن شجرات بالبطحاء متقاربات أن ينزلوا تحتهنّ، ثم بعث إليهن فقمّ ما تحتهنّ من الشوك، وعمد إليهنّ فصلّى تحتهن، ثم قام فقال: يا ايها الناس إنّي قد نبأني اللّطيف الخبير، أنه لم يعمّر نبي إلّا نصف عمر الذي يليه من قبله، وإني لأظنّ أن يوشك أن أدعى فأجيب، وإني مسئول وإنكم مسئولون، فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلّغت وجهدت ونصحت، فجزاك الله خيراً، فقال: أليس تشهدون أن لا إله إلّا الله وأن محمّداً عبده ورسوله، وأن جنّته حق وناره حق، وأن الموت حق، وأن البعث حق بعد

____________________

(١). المصدر نفسه ٥ / ٢٠٨.

(٢). مرآة الجنان - حوادث: ٦٣٠ وله ترجمة في: العبر ٥ / ١٢٠ وتذكرة الحفاظ ٤ / ١٣٦٦ ووفيات الأعيان ٢ / ٢٧٨ وغيرها.

١٥٩

الموت، وأنّ السّاعة آتية لا ريب فيها، وأنّ الله يبعث من في القبور؟ قالوا: بلى نشهد بذلك. قال: اللهم اشهد.

ثم قال: يا أيها الناس إنّ الله مولا لي وأنا ولي المؤمنين، وأنا أولى بهم من أنفسهم، فمن كنت مولاه فهذا مولاه - يعني علياً - اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، ثم قال: يا أيها الناس إني فرطكم وإنكم واردون عليّ الحوض، حوض أعرض مما بين بصرى إلى صنعاء، فيه عدد النجوم قدحان من فضة، وإني سائلكم حين تردون عليَّ عن الثقلين، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، الثقل الأكبر كتاب الله عز وجل، سبب طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم، فاستمسكوا به لا تضلّوا ولا تبدّلوا، وعترتي أهل بيتي، فإنه قد نبّأني اللّطيف الخبير أنهما لن ينقضيا حتى يردا عليَّ الحوض.

أخرجه الطبراني في الكبير، والضياء في المختارة من طريق سلمة بن كهيل عن أبي الطفيل، وهما من رجال الصحيح عنه بالشك في صحابيته »(١) .

وفي ( الجامع الصغير ) للسيوطي: « من كنت مولاه فعلي مولاه. حم عن البراء، حم عن بريدة، ن والضياء عن زيد بن أرقم »(٢) .

ترجمته

١ - الذهبي: « الضياء الامام العالم، الحافظ الحجة، محدث الشام شيخ السنّة، ضياء الدين أبو عبدالله محمد بن عبد الواحد ولد سنة ٥٦٩ حصّل أصولاً كثيرة، ونسخ وصنّف وصحّح وليّن وجرح وعدّل، وكان المرجوع إليه في هذا الشأن. قال تلميذه عمر بن الحاجب: شيخنا أبو عبدالله شيخ وقته، ونسيج وحده، علماً وحفظاً وثقة وديناً، من العلماء الربانيين، وهو أكثر من أن يدخل عليه مثل، كان شديد التحرّي في الرواية، مجتهداً في العبادة، كثير الذكر،

____________________

(١). جواهر العقدين - مخطوط.

(٢). الجامع الصغير ٢ / ١٨١.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424