نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٧

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار13%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 424

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 424 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 267467 / تحميل: 6876
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٧

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

وسلّم علي بن أبي طالب في غزوة تبوك، فقال: يا رسول الله أتخلفني في النساء والصبيان؟! فقال: أما ترضى. الحديث. وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. رواه الإِمام أحمد »(١) .

(١١٦)

ذكر سعيد الدين الكازروني

حديث الغدير بقوله: « وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في علي: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه »(٢) .

(١١٧)

رواية ابن كثير

ورواه اسماعيل بن عمر المعروف بابن كثير الدمشقي الشافعي، في ذكر فضائل أمير المؤمنينعليه‌السلام تحت عنوان « حديث غدير خم »، فأورد حديث مناشدة الإِمام الناس في الرّحبة عن أبي الطفيل، ورواية أبي بكر الشافعي بسنده عن زيد بن أرقم، ورواية أبي يعلى وعبدالله بن أحمد حديث المناشدة أيضاً عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وكذا رواية الطبراني المناشدة عن عميرة بن سعد، وعن ابن عقدة بسنده عن زيد بن يثيع به، وكذا عن عبد الرزاق بسنده عن سعيد بن

____________________

(١). مرآة الجنان وعبرة اليقظان. حوادث سنة: ٤٠ وترجمته في طبقات السبكي ٦ / ١٠٣، الدرر الكامنة ٢ / ٢٤٧.

(٢). المنتقى في سيرة المصطفى - مخطوط. وترجمته في الدرر الكامنة ٤ / ٢٥٥.

١٨١

وهب وعبد خير، وعن أحمد عن سعيد، وعنه عن زياد بن أبي الأسلمي، وعنه عن زاذان.

قال: « ورواه أحمد عن علي نفسه: إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، قال: فزاد الناس: اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.

وقد روى هذا عن طرق متعددة عن علي، وله طرق متعددة أيضاً عن زيد ابن أرقم » ثم روى أحاديث أخرى غيرها.

وقد ذكرنا بعض تلك الأحاديث عن ابن كثير، كلاً في محله مما تقدّم في الكتاب.

وقال ابن كثير في ذكر خبر حجة الوداع: « وقال المطلب بن زياد: عن عبدالله بن محمد بن عقيل، سمع جابر بن عبدالله يقول: كنا بالجحفة بغدير خم، فخرج علينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من خباء أو فسطاط، فأخذ بيد علي فقال. من كنت مولاه فعلي مولاه. قال شيخنا الذهبي: هذا حديث حسن. وقد رواه ابن لهيعة عن بكر بن سوادة، وغيره عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن جابر بنحوه »(١) .

وقال أيضاً: « وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي، ثنا أبوبكر بن أبي شيبة أنا شريك عن أبي يزيد الأودي عن أبيه قال: دخل أبو هريرة المسجد فاجتمع الناس إليه، فقام إليه شابّ فقال: أنشدك بالله أسمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه؟ قال: نعم.

ورواه ابن جرير، عن أبي كريب، عن شاذان، عن شريك به. تابعه ادريس الأودي، عن أخيه أبي يزيد واسمه داود بن شريك به.

____________________

(١). تاريخ ابن كثير. حوادث السنة العاشرة.

١٨٢

ورواه ابن جرير أيضاً من حديث إدريس وداود، عن أبيهما عن أبي هريرة فذكره »(١) .

(١١٨)

رواية أبي حفص المراغي

ورواه أبو حفص عمر بن الحسن المراغي، فقد قال شمس الدين ابن الجزري: « أخبرنا أبو حفص عمر بن الحسن المراغي فيما شافهني به، عن أبي الفتح يوسف بن يعقوب الشيباني عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: سمعت علياًرضي‌الله‌عنه بالرحبة ينشد الناس: من سمع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه؟ فقام اثنا عشر بدريّاً، فشهدوا أنهم سمعوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول ذلك. هذا حديث حسن من هذا الوجه، صحيح من وجوه كثيرة »(٢) .

ترجمته

١ - ابن الجزري: « عمر بن الحسن بن مزيد بن أميلة بن جمعة، أبو حفص المراغي الأصل، الحلبي المحتد، الدمشقي المزي المولد، رحلة زمانه في

____________________

(١). نفس المصدر. وتوجد ترجمة ابن كثير في: طبقات ابن قاضي شهبة والبدر الطالع ١ / ١٥٣ والنجوم الزاهرة ١١ / ١٢٣ وأنباء الغمر ١ / ٣٩ والدرر الكامنة ١ / ٣٩٩ وطبقات المفسرين ١ / ١١٠ وشذرات الذهب ٦ / ٢٣١.

(٢). أسنى المطالب في مناقب علي بن أبي طالب:٣ - ٤.

١٨٣

علوّ الإسناد وكان خيراً ديناً ثقة صالحاً، إنفرد بأكثر مسموعاته، وتوفي في يوم الاثنين، ثامن ربيع الآخر سنة ٧٧٨. ودفن بالمزة ظاهر دمشق »(١) .

٢ - ابن روزبهان في ( شرح الشمائل ): « كان الشيخ المذكور ابن أميلة ثقة متقناً رحلة، يرحل إليه الناس في زمانه، وكان يسكن بمزة من الشام، وهو شيخ للشيخ أبي الخير محمد بن الجزري، وإليه ينتهي إسناده وغيره من أكابر المشايخ وأجلة الأصحاب ».

(١١٩)

رواية السيد علي الهمداني

ورواه السيد علي بن شهاب الدين الهمداني: « عن أبي عبدالله الشيبانيرضي‌الله‌عنه قال: بينما أنا جالس عند زيد بن أرقم في مجلس بني الأرقم، إذ جاء رجل فقال: أيّكم زيد بن أرقم؟ فقال القوم: هذا زيد. فقال: أنشدك بالذي لا إله إلّا هو سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه؟ قال: نعم.

و عن أبي هريرةرضي‌الله‌عنه قال: من صام يوم الثامن عشر من ذي الحجة كان له كصيام ستين شهراً، وهو اليوم الذي أخذ فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيد علي في غدير خم، فقال عليه الصلاة والسلام: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، واخذل من خذله.

وعن الإِمام الباقر عن آبائهعليهم‌السلام مثل ذلك، بل روي عن كثير من الصحابة في أماكن مختلفة هذا الخبر.

____________________

(١). طبقات القراء ١ / ٥٩٠.

١٨٤

عن عمر بن الخطابرضي‌الله‌عنه قال: نصب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علياً علماً. فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، واخذل من خذله وانصر من نصره، اللهم أنت شهيدي عليهم. قال: وكان في جنبي شاب حسن الوجه طيب الريح، فقال لي: يا عمر لقد عقد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عقداً لا يحلّه إلّا منافق، فاحذر أن تحلّه. قال عمر: فقلت يا رسول الله إنّك حيث قلت في علي كان في جنبي شاب حسن الوجه طيب الريح قال: كذا وكذا قال: نعم يا عمر، إنه ليس من ولد آدم، لكنه جبرئيل أراد أن يؤكد عليكم ما قلته في علي.

وعن البراء بن عازبرضي‌الله‌عنه قال: أقبلت مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حجة الوداع وفيه نزلت( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ) الآية »(١) .

(١٢٠)

رواية ابن المحب

ورواه محمد بن عبدالله ابن المحب المقدسي قال ابن الجزري: « وألطف طريق وقع لهذا الحديث وأغربه: ما حدثنا به شيخنا خاتمة الحفاظ، أبوبكر محمد بن عبدالله بن المحب المقدسي مشافهة، أخبرتنا الشيخة أم محمد زينب ابنة أحمد بن عبد الرحيم المقدسية حدثتنا فاطمة بنت علي بن موسى الرّضا، حدثتني فاطمة وزينب وأم كلثوم بنات موسى بن جعفر، قلن: حدثتنا فاطمة بنت جعفر بن محمد الصادق، حدثتني فاطمة بنت محمد بن علي، حدثتني

____________________

(١). المودة في القربى للسيد علي الهمداني. أنظر ينابيع المودة: ٢٤٩.

١٨٥

فاطمة بنت علي بن الحسين، حدثتني فاطمة وسكينة ابنتا الحسين بن علي، عن أم كلثوم بنت فاطمة بنت النبيعليه‌السلام ، عن فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ورضي عنها. قالت: أنسيتم قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم غدير خم من كنت مولاه فعلي مولاه، وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنت مني بمنزلة هارون من موسىعليهما‌السلام ؟

هكذا أخرجه الحافظ الكبير أبو موسى المديني في كتابه المسلسل بالأسماء وقال: هذا الحديث مسلسل من وجه، وهو أن كل واحدة من الفواطم تروي عن عمة لها، فهو رواية خمس بنات أخ كل واحدة منهنّ عن عمّتها »(١) .

ترجمته

١ - ابن الجزري: « شيخنا وإمامنا ومبرّزنا، الحافظ الكبير، شمس الدين أبوبكر ابن الحافظ محب الدين أبي محمد الشهير بابن المحب الصامت، ولد يوم الجمعة أول شعبان سنة ٧١٢ وسمع منه الأئمّة والحفّاظ وكان صالحاً قانتاً، قانعاً باليسير، متقشفاً لا مبالياً لأحد غيري، ربما جاءني إلى منزلي فأسمعني وأسمع أهلي وأولادي، وانتهى إليه الحفظ في زمانه، رجالاً ومتناً ومعرفة للأجزاء ورواتها، توفي في ليلة الأحد الخامس من شوال سنة ٧٨٩ »(٢) .

٢ - السيوطي: « ابن المحب الحافظ وكان عالماً متقناً فقهياً »(٣) .

____________________

(١). أسنى المطالب:٣ - ٤.

(٢). طبقات القراء ٢ / ١٧٤.

(٣). طبقات الحفاظ: ٥٣٥.

١٨٦

(١٢١)

رواية خواجة پارسا

ورواه محمد بن محمد الحافظي الشهير بخواجة پارسا بقوله: « وعن عمررضي‌الله‌عنه ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لعليرضي‌الله‌عنه : من كنت مولاه فعلي مولاه »(١) .

(١٢٢)

رواية ابن الحزري

وروى شمس الدين محمد بن محمد بن الجزري حديث الغدير - كما علمت فيما تقدم عن شيخه المراغي ثم قال ما نصه: « هذا حديث حسن من هذا الوجه، صحيح من وجوه كثيرة، تواتر عن أمير المؤمنين عليرضي‌الله‌عنه ، وهو متواتر أيضاً عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، رواه الجم الغفير عن الجم الغفير، ولا عبرة بمن حاول تضعيفه ممن لا اطلاع له في هذا العلم.

فقد ورد مرفوعاً عن: أبي بكر الصدّيق، وعمر بن الخطاب، وطلحة بن عبيدالله، والزبير بن العوام، وسعد بن أبي وقّاص، وعبد الرحمن بن عوف

____________________

(١). ترجمته في الضوء اللامع ١٠ / ٢٠ والشقائق النعمانية ١ / ٢٨٦ وفوائد أبي الحسنات ص ١٩٩، ونفحات الأنس ٣٩٢ وغيرها.

١٨٧

والعباس بن عبد المطلب، وزيد بن أرقم، والبراء بن عازب، وبريدة بن الحصيب، وأبي هريرة، وأبي سعيد الخدري، وجابر بن عبدالله، وعبدالله بن عباس، وحبشي بن جنادة، وعبدالله بن مسعود، وعمران بن حصين، وعبدالله ابن عمر، وعمار بن ياسر، وأبي ذر الغفاري، وسلمان الفارسي، وأسعد بن زرارة، وخزيمة بن ثابت، وأبي أيوب الأنصاري، وسهل بن حنيف، وحذيفة بن اليمان، وسمرة بن جندب، وزيد بن ثابت، وأنس بن مالك، وغيرهم من الصحابة رضوان الله عليهم، وصحّ عن جماعة منهم ممن يحصل القطع بخبرهم.

وثبت أيضاً أن هذا القول كان منهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم غدير خم ». ثم إن الحافظ ابن الجزري روى ما تقدم نقله عنه عن شيخه الحافظ ابن المحب المقدسي(١) ، ولا نعيده

ترجمته

١ - القاضي مجير الدين أبو اليمن عبد الرحمن العليمي: « شيخ الإسلام شمس الدين، أبو الخير محمد بن محمد الجزري، الدمشقي المقري الشافعي. مولده في ليلة السبت سادس عشر رمضان سنة ٧٥١، اعتنى بالقراءات فأتقنها ومهر فيها، وله مصنفات جليلة وتوفي بشيراز نهار عيد الأضحى سنة ٨٣٣رضي‌الله‌عنه ورحمه »(٢) .

٢ - الفضل بن روزبهان في ( شرح الشمائل ): « أبو الخير محمد بن محمد بن محمد الجزري رحمه الله تعالى ، شيخ مشايخ الإسلام، وقاضي القضاة بن الأنام، الجامع لأقسام العلوم الشرعية، والحاوي للمعارف الأصلية والفرعية، كان متوحّداً في زمانه في علوّ الشأن في العلوم سيّما في القراءة، فقد وصف الشيخ الامام

____________________

(١). أسنى المطالب:٣ - ٤.

(٢). الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل ٢ / ١٠٩.

١٨٨

الأجل أبوالفضل العسقلاني - شهر بابن حجر - إنه المتفرد الوحيد في القراءة، والمشارك في الحديث، وصاحب الفقه، اشتهر في زمانه بعلو الإِسناد، سافر البلاد ولاقى المشايخ وصحبهم ...»(١) .

(١٢٣)

رواية المقريزي

وقال أحمد بن علي بن عبد القادر المقريزي: « عيد الغدير - إعلم أن عيد الغدير لم يكن عيداً مشروعاً، ولا عمله أحد من سالف الأمة المقتدى بهم، وأوّل ما عرف في الإِسلام بالعراق أيام معز الدولة علي بن بويه، فإنه أحدثه في سنة ٣٥٢، فاتّخذه الشيعة من حينئذٍ عيداً.

وأصلهم فيه ما خرجه الامام أحمد في مسنده الكبير من حديث البراء بن عازبرضي‌الله‌عنه قال: كنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في سفر لنا، فنزلنا بغدير خم، ونودي الصلاة جامعة، وكسح لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تحت شجرتين، فصلى الظّهر، وأخذ بيد علي بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه فقال: ألستم تعلمون أني أولى بكل مؤمن من نفسه؟ قالوا: بلى. فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. قال: فلقيه عمر بن الخطابرضي‌الله‌عنه فقال: هنيئا لك يا ابن أبي طالب، أصبحت مولى كلّ مؤمن ومؤمنة »(٢) .

____________________

(١). شرح الشمائل لابن روزبهان الشيرازي. وله ترجمة في: البدر الطالع ٢ / ٢٥٧ والضوء اللامع ٩ / ٢٥٥ وطبقات الداودي ٢ / ٥٩ وشذرات الذهب ٧ / ٢٠٤.

(٢). المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار ١ / ٣٨٨ وتوجد ترجمة المقريزي في الضوء اللامع ٢ / ٢١.

١٨٩

(١٢٤)

رواية الدولت آبادي

ورواه شهاب الدين بن شمس الدين الدولت آبادي حيث قال: « وفي التشريح قال أبو القاسمرحمه‌الله : من قال: إن علياً أفضل من عثمان فلا شيء عليه، لأنه قال أبو حنيفةرضي‌الله‌عنه : وقال ابن مبارك: من قال إنّ عليّاً أفضل العالمين، أو أفضل الناس وأكبر الكبراء، فلا شيء عليه، لأن المراد منه أفضل الناس في عصره وزمان خلافته، كقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه فعلي مولاه. أي في زمان خلافته »(١) .

(١٢٥)

رواية ابن حجر العسقلاني

ورواه ابن حجر العسقلاني حيث قال: « وروى هو ( يعني بريدة ) وأبو هريرة، وجابر، والبراء بن عازب، وزيد بن أرقم عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه»(٢) .

____________________

(١). هداية السعداء. مخطوط. وتوجد ترجمته في: سبحة المرجان: ٣٩، نزهة الخواطر ٣ / ١٩.

(٢). تهذيب التهذيب ٨ / ٣٣٧.

١٩٠

وقال بعد ذكر طرف من مناقب أمير المؤمنينعليه‌السلام : « قلت: لم يجاوز المؤلف ما ذكر ابن عبد البر وفيه مقنع، ولكنه ذكر حديث الموالاة عن نفر سماهم فقط، وقد جمعه ابن جرير الطبري في مؤلف فيه أضعاف من ذكر، وصحّحه واعتنى بجمع طرقه أبو العباس ابن عقدة، فأخرجه من حديث سبعين صحابيّاً أو أكثر »(١) .

وقد أورد ابن حجر حديث الغدير في ( الإِصابة ٤ / ٨٠ ) و ( فتح الباري ). و ( المطالب العالية ٤ / ٦٠ ) أيضاً.

قال في الثاني: « وأمّا حديث: من كنت مولاه فعلي مولاه، فقد أخرجه الترمذي والنسائي ، وهو كثير الطرق جداً، وكثير من أسانيدها صحاح وحسان » ٧ / ٧٤.

(١٢٦)

رواية ابن الصبّاغ المالكي

ورواه نور الدين علي بن محمد المعروف بابن الصباغ المالكي المكي عن الترمذي من حديث زيد بن أرقم، وعن أحمد بن حنبل في مسنده عن البراء بن عازب، وعن البيهقي عن البراء أيضاً.

ثم رواه عن العجلي بسنده إلى حذيفة بن أسيد الغفاري، وعامر بن ليلى ابن ضمرة، وقد تقدم نقله سابقاً(٢) .

____________________

(١). نفس المصدر ٧ / ٣٣٩. ومن مصادر ترجمة ابن حجر: الضوء اللامع ٢ / ٣٦ نظم العقيان: ٥، شذرات الذهب ٧ / ٢٧٠، حسن المحاضرة ١ / ١٠٦، طبقات الحفاظ ٥٤٧، البدر الطالع ١ / ٨٧.

(٢). الفصول المهمة في معرفة الأئمة: ٤٠ / ٤١. ترجمته في الضوء اللامع ٥ / ٢٨٣.

١٩١

(١٢٧)

رواية الحسين الميبدي

ورواه حسين بن معين الدين الميبدي، حيث أورده عن أحمد من حديث البراء بن عازب وزيد بن أرقم مترجماً إيّاه إلى الفارسية(١) .

(١٢٨)

رواية العيني

ورواه محمود بن أحمد العيني، كما ستعرف ذلك إنْ شاء الله تعالى(٢) .

(١٢٩)

رواية أصيل الدين الواعظ

ورواه عبدالله بن عبد الرحمن الحسيني، المشتهر بأصيل الدين الواعظ، ذاكراً معناه بالفارسية ضمن بيان وقائع حجة الوداع(٣) .

____________________

(١). الفواتح: شرح ديوان أمير المؤمنين.

(٢). وتوجد ترجمة العيني في الضوء اللامع ١٠ / ١٣١ وبغية الوعاة ٣٨٦ وغيرهما.

(٣). درج الدرر ودرج الغرر في ميلاد سيد البشر.

١٩٢

ترجمته

وأصيل الدين الواعظ من مشايخ ( الدهلوي )، كما لا يخفى على ناظر رسالته في أصول الحديث، وقد ترجم له وأثنى عليه غياث الدين خواند أمير، وقد توفي في ١٧ ربيع الآخر سنة ٨٨٣(١) .

(١٣٠)

اثبات ابن روزبهان

حديث الغدير بقوله: « وأما ما روي من أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذكره يوم غدير خم، حين أخذ بيد علي وقال: ألست أولى. فقد ثبت هذا في الصحاح، وقد ذكرنا سرّ هذا في ترجمة كتاب كشف الغمّة في معرفة الأئمّة »(٢) .

(١٣١)

رواية السمهودي

ورواه نور الدين علي بن عبدالله السمهودي، وقد تقدم بعض ألفاظ

____________________

(١). حبيب السير في أخبار أفراد البشر ٤ / ٣٣٤، وانظر الضوء اللامع ٥ / ١٢.

(٢). إبطال الباطل لا بن روزبهان الشيرازي، ترجمته في الضوء اللامع ٦ / ١٧١.

١٩٣

روايته سابقاً(١) .

وقال في ( وفاء الوفاء ): « وفي مسند أحمد عن البراء بن عازب، قال: كنا عند النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فنزلنا بغدير خم، فنودي فينا الصلاة، وكسح لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تحت شجرة، فصلى الظهر، وأخذ بيد علي، وقال: ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى. قال: فأخذ بيد علي وقال: أللهم من كنت مولاه فعلي مولاه، أللهم وال من والاه وعاد من عاداه، قال: فلقيه عمر بعد ذلك فقال: هنيئاً لك يا ابن أبي طالب، أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة.

و عن زيد بن أرقم مثله ».

ترجمته

١ - السخاوي: « ولد في صفر سنة ٨٤٤ هو إنسان فاضل، متفنّن متميّز في الفقه والأصلين، مديم للعمل والجمع والتأليف، متوجه للعبادة وللمباحثة والمناظرة، قوي الجلادة على ذلك، طلق العبارة فيه، مغرم به، مع قوة نفس وتكلّف »(٢) .

٢ - ابن العماد: « نزيل المدينة المنورة، وعالمها ومفتيها، ومدرسها ومؤرخها، الشافعي، الامام القدوة الحجة المفنّن »(٣) .

٣ - ابن العيدروس: وذكر مشايخه، وعد تآليفه، وأثنى عليها(٤) .

٤ - الشوكاني كذلك(٥) .

____________________

(١). جواهر العقدين - مخطوط.

(٢). الضوء اللامع ٥ / ٢٤٥.

(٣). شذرات الذهب ٨ / ٥٠.

(٤). النور السافر ٥٨ - ٦٠.

(٥). البدر الطالع ١ / ٤٧٠.

١٩٤

(١٣٢)

رواية السيوطي

لقد تقدم كلامه الصريح في تواتر حديث الغدير.

وقال في ( تاريخ الخلفا ): « وأخرج الترمذي عن سريحة أو زيد بن أرقم عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، وأخرجه أحمد عن علي وأبي أيوب الأنصاري وزيد بن أرقم وعمرو ذي مر، وأبو يعلى عن أبي هريرة. والطبراني عن ابن عمر ومالك بن الحويرث وحبشي بن جنادة وجرير وسعد بن أبي وقاص وأبي سعيد الخدري وأنس. و البزار عن ابن عباس وعمارة وبريدة. وفي أكثرها زيادة: اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.

و لأحمد عن أبي الطفيل قال: جمع علي الناس في الرحبة ثم قال لهم: أنشد بالله كل امرئ مسلم سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول يوم غدير خم ما قال لما قام. فقام إليه ثلاثون من الناس فشهدوا أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه. اللهم وال من والاه وعاد من عاداه »(١) .

ترجمته

١ - ابن العماد: « المسند المحقق المدقق، صاحب المؤلفات الفائقة النافعة »(٢) .

____________________

(١). تاريخ الخلفاء: ١٦٩.

(٢). شذرات الذهب ٨ / ٥١.

١٩٥

٢ - ابن العيدروس، وقد أثنى عليه الثناء البالغ، وذكر بعض كراماته وتآليفه(١) .

٣ - السيوطي نفسه، فذكر ترجمته بالتفصيل، من ولادته في سنة ٨٤٩ ودروسه ومشايخه، ومؤلفاته، وما قيل في حقه(٢) .

(١٣٣)

رواية جمال الدين المحدّث

ورواه عطاء الله بن فضل الله المعروف بجمال الدين المحدّث الشيرازي عن الامام جعفر الصادقعليه‌السلام ، وذكر نزول قوله تعالى:( سَأَلَ سائِلٌ ) الآية في حق الحارث، ثم قال:

« أصل هذا الحديث سوى قصة الحارث متواتر عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وهو متواتر عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أيضاً، رواه جمع كثير وجم غفير من الصحابة، فرواه ابن عباس ولفظه قال: لـمّا أمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يقوم بعلي بن أبي طالب الذي قام به، فانطلق النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى مكة فقال: رأيت الناس حديثي عهد بكفر وبجاهلية، ومتى أفعل هذا به يقولون: صنع هذا بابن عمه، ثم مضى حتى قضى حجّة الوداع، ثم رجع حتى إذا كان بغدير خم أنزل الله عزّ وجلّ:( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ) الآية. فقام مناد فنادى الصلاة جامعة، ثم قام وأخذ بيد علي، فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.

____________________

(١). النور السافر ٥٨ - ٦٠.

(٢). حسن المحاضرة ١ / ٤٣٥ - ٣٤٤.

١٩٦

ورواه حذيفة بن أسيد الغفاري قال: لـمّا صدر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حجة الوداع نهى أصحابه عن شجرات بالبطحاء متقاربات أن ينزلوا تحتهن، ثم بعث إليهنّ فقمّ ما تحتهنّ من الشوك، ثم عمد إليهنّ فصلّى تحتهنّ، ثم قام فقال: أيّها الناس قد نبّأني اللّطيف الخبير أنه لم يعمّر نبي إلّا مثل نصف عمر الذي يليه من قبله، وإنّي لأظن أن أوشك أن أدعى فأجيب، وإني مسئول وإنكم مسئولون، فما ذا أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلّغت وجهدت ونصحت، فجزاك الله خيراً، فقال: ألستم تشهدون أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّداً عبده ورسوله، وأن جنّته حق وناره حق، وأن الموت حق، وأن البعث بعد الموت حق، وأنّ الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور؟ ثم قال:

أيّها الناس إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين، وأنا أولى بهم من أنفسهم، فمن كنت مولاه فهذا مولاه - يعني علياً - اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، ثم قال: أيّها الناس إني فرطكم وأنتم واردون عليّ الحوض، حوض أعرض مما بين بصرى وصنعاء، فيه عدد النجوم قدحان من فضة، وإني سائلكم حين تردون عليّ عن الثقلين، فانظروا كيف تخلفوني فيها، الثقل الأكبر كتاب الله سبب طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم، فاستمسكوا به لا تضلّوا ولا تبدّلوا، وعترتي أهل بيتي، فإنّه قد نبّأني اللّطيف الخبير أنّهما لن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض.

ورواه زر بن حبيش فقال: خرج عليعليه‌السلام من القصر، فاستقبله ركبان متقلّدي السيوف، عليهم العمائم، حديثي عهد بسفر فقالوا: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، السلام عليك يا مولانا، فقال عليعليه‌السلام بعد ما ردّ السلام: من هاهنا من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ فقام اثنا عشر رجلاً، منهم: خالد بن زيد أبو أيوب الأنصاري، وخزيمة ابن ثابت ذو الشهادتين، وثابت بن قيس بن شماس، وعمار بن ياسر، وابو الهيثم ابن التيهان، وهاشم بن عتبة، وسعد بن أبي وقاص، وحبيب بن بديل بن ورقاء. فشهدوا أنهم سمعوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم غدير خم يقول: من كنت

١٩٧

مولاه فعلي مولاه. الحديث.

فقال علي لأنس بن مالك والبراء بن عازب: ما منعكما أن تقوما فتشهدا، فقد سمعتما كما سمع القوم؟ فقال: اللهم إنْ كانا كتماها معاندة فأبلهما، فأمّا البراء فعمي، فكان يسأل عن منزله فيقول: كيف يرشد من أدركته الدعوة، وأمّا أنس فقد برصت قدماه، وقيل: لـمّا استشهده عليعليه‌السلام على قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من كنت مولاه فعلي مولاه، واعتذر بالنسيان فقال: اللهم إنْ كان كاذباً فاضربه ببياض لا تواريه العمامة. فبرص وجهه، فسدل بعد ذلك برقعاً على وجهه »(١) .

ورواه أيضاً في كتابه ( روضة الأحباب في سيرة النبي والآل والأصحاب ) وهو الكتاب الذي اعتمد عليه أصحاب السير والمؤرخون، كما لا يخفى على من راجع: ( الخميس ) و ( حبيب السير ) و ( إزالة الخفاء ).

(١٣٤)

ذكر عبد الوهاب البخاري

ابن محمد بن رفيع الدين البخاري، حديث الغدير. وسيأتي نصّ كلامه إنْ شاء الله(٢) .

____________________

(١). الأربعين - مخطوط.

(٢). وهو من علماء الهند، وقد ترجمه الشيخ عبد الحق الدهلوي في أخبار الأخيار: ٢٠٦.

١٩٨

(١٣٥)

رواية ابن حجر المكّي

ورواه أحمد بن محمد بن علي بن حجر المكي، ضمن فضائل أمير المؤمنينعليه‌السلام حيث قال: « وأنّه قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. رواه ثلاثون صحابياً »(١) .

وقال في ( الصواعق ) في الجواب عن حديث الغدير: « وجواب هذه الشبهة التي هي أقوى شبههم، يحتاج إلى مقدمة، وهي بيان الحديث ومخرّجيه، وبيانه: إنّه حديث صحيح لا مرية فيه، وقد أخرجه جماعة كالترمذي والنسائي وأحمد، فطرقه كثيرة جدّاً، ومن ثم رواه ستة عشر صحابيا، وفي رواية لأحمد إنه سمعه من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثلاثون صحابيا، وشهدوا به لعلي لـمّا نوزع أيام خلافته كما مر، وسيأتي، وكثير من أسانيدها صحاح وحسان، ولا التفات لمن قدح في صحته، ولا لمن ردّه بأن علياً كان باليمن، لثبوت رجوعه منها، وإدراكه الحج مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقول بعضهم: إن زيادة: اللهم وال من والاه إلى آخر موضوعة. مردود، فقد ورد ذلك من طرق صحّح الذهبي كثيراً منها »(٢) .

وقال أيضاً: « قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وقد مر في حادي عشر الشّبه أنه رواه عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثلاثون صحابياً، وأن كثيراً من طرقه صحيح أو

____________________

(١). المنح المكية - شرح القصيدة الهمزية.

(٢). الصواعق المحرقة: ٢٥.

١٩٩

حسن، ومرّ الكلام ثم على معناه مستوفى »(١) .

ترجمته

وتوجد ترجمة ابن حجر المكي في: ريحانة الألباء ١ / ٤٣٥ والنور السافر ٢٨٧، والبدر الطالع ١ / ١٠٩ وغيرها.

قالالعيدروس: « الشيخ الامام، شيخ الإسلام، خاتمة أهل الفتيا والتدريس، كان بحراً في علم الفقه وتحقيقه لا تدركه الدّلاء، إمام الحرمين كما أجمع على ذلك العارفون، وانعقدت عليه خناصر الملأ، إمام اقتدت به الأئمّة وهمام صار في إقليم الحجاز أمة، مصنفاته في العصر آية، يعجز عن الإتيان بمثلها المعاصرون، فهم عنها قاصرون ».

(١٣٦)

رواية المتقي

ورواه علي بن حسام الدين الشهير بالمتقي في ( كنز العمال )، وقد علمت ذلك من مواضع متعددة من الكتاب.

ترجمته

وتوجد ترجمة المتقي في: أخبار الأخيار ٢٤٥، وسبحة المرجان ٤٣، والنور السافر ٣١٥.

وقد وصفهابن العيدروس: بقوله: « كان من العلماء العاملين، وعباد الله

____________________

(١). الصواعق المحرقة: ٨٤.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

الشرط فاسداً ؛ لأنّه يجب عليه أن يمنع أهل الحرب من دخول دار الإسلام ، فلا يجوز أن يشترط خلافه. وإن كانوا في دار الحرب أو بين دار الإسلام ودار الحرب ، كان الشرط جائزاً ؛ لعدم تضمّنه تمكين أهل الحرب من دار الإسلام.

إذا ثبت هذا ، فمتى قصدهم أهل الحرب ولم يدفعهم عنهم حتى مضى حول ، فلا جزية عليهم ؛ لأنّ الجزية تُستحقّ بالدفع ، فإن سباهم أهل الحرب ، فعليه أن يردّ ما سبي منهم من الأموال ؛ لأنّ عليه حفظ أموالهم. فإن كان في جملته خمر أو خنزير ، لم تلزمه استعادته(١) ؛ لأنّه لا يحلّ إمساكه.

وإذا أغار أهل الحرب على أهل الهدنة وأخذوا أموالهم وظفر الإمام بأهل الحرب واستنقذ أموال أهل الهدنة ، قال الشافعي : يردّها الإمام عليهم(٢) .

وكذا إذا اشترى مسلم من أهل الحرب ما أخذوه من أهل الهدنة ، وجب ردّه عليهم ، لأنّه في عهدٍ منه ، فلا يجوز أن يتملّك ما سبي منهم ، كأهل الذمّة.

وقال أبو حنيفة : لا يجب ردّ ما أخذوه من أهل الحرب من أموالهم ؛ لأنّه لا يجب عليه أن يدفعهم عنهم ، فلا يلزمه ردّ ما استنقذه منهم ، كما لو أغار أهل الحرب على أهل الحرب(٣) .

____________________

(١) في « ق ، ك» : « استيفاؤه » بدل « استعادته ».

(٢) المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٢٥٧ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٥٧٧ ، روضة الطالبين ٧ : ٥٣١.

(٣) المبسوط - للسرخسي - ١٠ : ٨٨ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٥٧٧.

٣٨١

وقول أبي حنيفة فيه قوّة.

مسألة ٢٢٧ : إذا انتقض العهد ، جاز قصد بلدهم وتبييتهم والإغارة عليهم في بلادهم‌ إن علموا أنّ ما أتوا به ناقض للعهد. وإن لم يعلموا ، فكذلك الحكم ، أو لا يقاتلون إلّا بعد الإنذار للشافعيّة وجهان(١) .

والأولى أنّه إذا لم يعلموا أنّه خيانة ، لا ينتقض العهد إلّا إذا كان المأتيّ به ممّا لا يشكّ في مضادّته للهدنة ، كالقتال.

فأمّا مَنْ دخل داراً بأمانٍ أو مهادنة ، فلا يغتال وإن انتقض عهده ، بل يبلغ المأمن.

ولو(٢) نقض السوقةُ العهد ولم يعلم الرئيس والأشراف بذلك ، احتمل النقض في حقّ السوقة ، وعدمه ؛ لأنّه لا اعتبار بعقدهم فكذا بنقضهم.

وللشافعيّة وجهان(٣) .

ولو نقض الرئيس وامتنع الأتباع وأنكروا ، ففي الانتقاض في حقّهم للشافعي قولان ، أحدهما : الانتقاض ؛ لأنّه لم يبق العهد في حقّ المتبوع فلا يبقى في حقّ التابع(٤) .

هذا حكم نقض عهد(٥) الهدنة ، وأمّا نقض الذمّة : فنقضه من البعض ليس بنقضٍ من الباقين ، وقد سلف الفرق.

والمعتبر في إبلاغ الكافر المأمن أن يمنعه من المسلمين ويلحقه بأوّل بلاد الكفر(٦) ، ولا يلزم إلحاقه ببلده الذي يسكنه فوق ذلك إلّا أن يكون بين‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٥٦٠ ، روضة الطالبين ٧ : ٥٢٢.

(٢) في « ق » : « وإن » بدل « ولو ».

(٣ و ٤) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٥٦٢ ، روضة الطالبين ٧ : ٥٢٣.

(٥) كلمة « عهد » لم ترد في « ق ، ك».

(٦) في « ق » : الكفّار.

٣٨٢

أوّل بلاد الكفر وبلده الذي يسكنه بلدٌ للمسلمين يحتاج إلى المرور عليه.

وإذا هادنه الإمام مدّةً لضعفٍ وخوف ثمّ زال الخوف وقوي المسلمون ، وجب البقاء عليه ؛ لقوله تعالى :( فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلى مُدَّتِهِمْ ) (١) وإن كانت المدّة عشر سنين.

ويجب على الذين هادنّاهم الكفّ عن قبيح القول والعمل في حقّ المسلمين وبذل الجميل منهما. ولو كانوا يُكرمون المسلمين فصاروا يُهينونهم ، أو يضيفون الرسل ويصلونهم فصاروا يقطعونهم ، أو يعظّمون كتاب الإمام فصاروا يستخفّون ، أو نقصوا عمّا كانوا يخاطبونه به ، سألَهم الإمام عن سبب فعلهم ، فإن اعتذروا بما يجوز قبول مثله ، قَبِله ، وإن لم يذكروا عذراً ، أمرهم بالرجوع إلى عادتهم ، فإن امتنعوا ، أعلمهم بنقض الهدنة ونقَضَها ، عند الشافعيّة(٢) .

وسبُّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تنتقض به الهدنة كالذمّة ، عند الشافعي(٣) ، خلافاً لأبي حنيفة فيهما(٤) .

مسألة ٢٢٨ : لو كان تحت كافرٍ عشرُ زوجات فأسلمن وهاجرن وجاء الزوج يطلبهنّ ، اُمر باختيار أربع منهنّ ، ويعطى مهورهنّ ، سواء اختار الأكثر مهراً أو الأقلّ ، وسواء اختار مَنْ دفع إليهنّ المهر أو بعضه أو مَنْ لم يدفع إليهنّ ، فإذا اختار مَنْ لم يدفع إليهنّ شيئاً ، لم يرجع بشي‌ء.

ولو جاءت مستولدةً ، فهي كالأمة.

____________________

(١) التوبة : ٤.

(٢) الحاوي الكبير ١٤ : ٣٨٣ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٥٦٣ ، روضة الطالبين ٧ : ٥٢٣ - ٥٢٤.

(٣ و ٤) الحاوي الكبير ١٤ : ٣٨٣ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٥٦٣.

٣٨٣

وأمّا المكاتبة : فإن اقتضى الحال عتقها ، فكذلك ، وتبطل الكتابة ، وإلّا فهي على كتابتها. فإن أدّت مالَ الكتابة ، عُتقت بالكتابة. قال الشافعي : وللسيّد الولاء(١) . فإن عجزت ورُقّتْ ، حُسب ما أخذ من مال الكتابة بعد إسلامها من ضمانها ، ولا يُحسب منه ما اُخذ قبل الإسلام.

مسألة ٢٢٩ : لو عقدنا الهدنة بشرط أن يردّوا مَنْ جاءهم منّا مرتدّاً ويُسلّموه إلينا ، وجب عليهم الوفاء بما التزموه ، فإن امتنعوا ، كانوا ناقضين للعهد.

وإن عقدنا بشرط أن لا يردّوا مَنْ جاءهم ، ففي الجواز إشكال.

وللشافعي قولان :

أشهرهما : الجواز ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله شرط ذلك في مهادنة قريش(٢) .

والثاني : المنع ؛ لإعلاء الإسلام ، وإقامة حكم المرتدّين [ عليه ](٣) (٤) .

وقال بعضهم : هذا الشرط يصحّ في حقّ الرجال دون النساء كما لو شرط ردّ مَنْ جاءنا مسلماً ؛ لأنّ الإبضاع يحتاط لها ، ويحرم على الكافر من المرتدّة ما يحرم على المسلم(٥) .

فإن أوجبنا الردّ ، فالذي عليهم التمكين والتخلية دون التسليم.

____________________

(١) الحاوي الكبير ١٤ : ٣٦٦ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٥٧٤ ، روضة الطالبين ٧ : ٥٣٠.

(٢) المغازي - للواقدي - ٢ : ٦١١ ، السيرة النبويّة - لابن هشام - ٣ : ٣٣٢ ، دلائل النبوّة - للبيهقي - ٤ : ١٤٧ ، صحيح البخاري ٣ : ٢٤٢ ، صحيح مسلم ٣ : ١٤١١ / ١٧٨٤.

(٣) بدل ما بين المعقوفين في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : حكمهم. وما أثبتناه من المصادر.

(٤ و ٥) الحاوي الكبير ١٤ : ٣٦٧ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٥٧٥ ، روضة الطالبين ٧ : ٥٣٠.

٣٨٤

وكذا الحكم لو جرت المهادنة مطلقاً من غير تعرّضٍ لردّ من ارتدّ بالنفي والإثبات.

وحيث لا يجب عليهم التمكين ولا التسليم فعليهم مهر مَنْ ارتدّ من نساء المسلمين ، وقيمة مَنْ ارتدّ من رقيقهم ، ولا يلزمهم غُرْم مَنْ ارتدّ من الرجال الأحرار.

ولو عاد المرتدّون إلينا ، لم نردّ المهر ، ورددنا القيمة ؛ لأنّ الرقيق بدفع القيمة يصير ملكاً لهم والنساء لا يصرن زوجاتٍ.

وحيث يجب التمكين دون التسليم فمكّنوا ، فلا غرم عليهم سواء وصلنا إلى المطلوبين أو لم نصل. وحيث يجب التسليم فنطالبهم به عند الإمكان.

فإن فات التسليم بالموت ، فعليهم الغرم.

وإن هربوا نُظر إن هربوا قبل القدرة على التسليم ، فلا يغرمون ، أو بعدها ، فيغرمون.

ولو هاجرت إلينا امرأة منهم مسلمة وطلبها زوجها وجاءتهم امرأة منّا مرتدّة ، لا نغرم لزوج المسلمة المهر ، ولكن نقول له : واحدة بواحدة ، ونجعل المهرين قصاصاً ، ويدفع الإمامُ المهر إلى زوج المرتدّة ، ويكتب إلى زعيمهم ليدفع مهرها إلى زوج المهاجرة المسلمة.

هذا إن تساوى القدران ، ولو كان مهر المهاجرة أكثر ، صرفنا مقدار مهر المرتدّة منه إلى زوجها والباقي إلى زوج المهاجرة. وإن كان مهر المرتدّة أكثر ، صرفنا مقدار مهر المهاجرة إلى زوجها والباقي إلى زوج المرتدّة.

٣٨٥

وبهذه المقاصّة فسّر أكثر الشافعيّة(١) قوله تعالى :( وَإِنْ فاتَكُمْ شَيْ‌ءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ إِلَى الْكُفّارِ فَعاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْواجُهُمْ مِثْلَ ما أَنْفَقُوا ) (٢) .

ولو قال زوج المسلمة : لا ذنب لي في التحاق المرتدّة بدار المهادنين فلِمَ منعتموني حقّي ، قلنا : ليس لك حقٌّ على قياس أعواض المتلفات ، وإنّما نغرم لك بحكم المهادنة ، وأهل المهادنة في موجب المهادنة كالشخص الواحد.

البحث السابع : في الحكم بين المعاهدين والمهادنين.

مسألة ٢٣٠ : إذا تحاكم إلينا أهل الذمّة بعضهم مع بعض ، تخيّر الحاكم‌ بين الحكم بينهم على مقتضى حكم الإسلام وبين الإعراض عنهم - وبه قال مالك(٣) - لقوله تعالى :( فَإِنْ جاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ ) (٤) .

ولقول الباقرعليه‌السلام : « إنّ الحاكم إذا أتاه أهل التوراة وأهل الإنجيل يتحاكمون إليه ، كان ذلك إليه إن شاء حكم بينهم وإن شاء تركهم »(٥) .

ولأنّهما لا يعتقدان صحّة الحكم ، فأشبها المستأمنين.

وقال المزني : يجب الحكم - وللشافعي قولان - لقوله تعالى :( وَأَنِ

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٥٧٦ ، روضة الطالبين ٧ : ٥٣١.

(٢) الممتحنة : ١١.

(٣) أحكام القرآن - لابن العربي - ٢ : ٦٢٠ ، الجامع لأحكام القرآن ٦ : ١٨٤ ، العزيز شرح الوجيز ٨ : ١٠٣.

(٤) المائدة : ٤٢.

(٥) التهذيب ٦ : ٣٠٠ / ٨٣٩.

٣٨٦

احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ ) (١) والأمر للوجوب.

ولأنّ دفع الظلم عنهم واجب على الإمام ، والحكم بينهم دفع لذلك عنهم ، فلزمهم(٢) كالمسلمين(٣) .

وآيتنا أخصّ ، والقياس باطل ؛ لأنّ المسلمين يعتقدون صحّة الحكم.

ولو تحاكم إلينا ذمّيُّ مع مسلم أو مستأمنٌ مع مسلم ، وجب على الحاكم أن يحكم بينهما على ما يقتضيه حكم الإسلام ؛ لأنّه يجب عليه حفظ المسلم من ظلم الذمّي ، وبالعكس.

ولو تحاكم إلينا مستأمنان حربيّان من غير أهل الذمّة ، لم يجب على الحاكم أن يحكم بينهما إجماعاً ؛ لأنّه لا يجب على الإمام دفع بعضهم عن بعض ، بخلاف أهل الذمّة. ولأنّ أهل الذمّة آكد حرمةً ؛ فإنّهم يسكنون دار الإسلام على التأبيد.

مسألة ٢٣١ : إذا استعدى أحد الخصمين إلى الإمام ، أعداه على الآخر‌ في كلّ موضع يلزم الحاكم الحكم بينهما ، فإذا استدعى خصمه ، وجب عليه الحضور إلى مجلس الحكم ؛ لأنّ هارون بن حمزة سأل الصادقَعليه‌السلام : رجلان من أهل الكتاب نصرانيّان أو يهوديّان كان بينهما خصومة ، فقضى بينهما حاكم من حُكّامهما بجَوْزٍ فأبى الذي قُضي عليه أن يقبل ، وسأل أن يردّ إلى حكم المسلمين ، قال : « يردّ إلى حكم المسلمين »(٤) .

____________________

(١) المائدة : ٤٩.

(٢) كذا ، والظاهر : فلزمه.

(٣) الحاوي الكبير ١٤ : ٣٨٥ - ٣٨٦ ، الوجيز ٢ : ١٥ ، العزيز شرح الوجيز ٨ : ١٠٣ ، الوسيط ٥ : ١٣٨ - ١٣٩ ، روضة الطالبين ٥ : ٤٩٠ - ٤٩١ ، المغني ١٠ : ١٩٠ ، التفسير الكبير ١١ : ٢٣٥ ، الجامع لأحكام القرآن ٦ : ١٨٤.

(٤) التهذيب ٦ : ٣٠١ / ٨٤٢.

٣٨٧

ويجب إذا حكم بينهم أن يحكم بحكم المسلمين ، لقوله تعالى :( وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ ) (١) وقال تعالى :( وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ ) (٢) .

ولو جاءت ذمّيّة تستعدي على زوجها الذمّيّ في طلاقٍ أو ظهارٍ أو إيلاءٍ ، تخيّر في الحكم بينهم والردّ إلى أهل نحلتهم ليحكموا بينهم بمذهبهم. فإن حَكَم بينهم ، حَكَم بحكم الإسلام ، ويمنعه في الظهار من أن يقربها حتى يكفّر. ولا يجوز له أن يكفّر بالصوم ؛ لافتقاره إلى نيّة القربة ، ولا بالعتق ؛ لتوقّفه على ملك المسلم ، وهو لا يتحقّق في طرفه إلّا أن يسلم في يده أو يرثها ، بل بالإطعام.

مسألة ٢٣٢ : يجوز للمسلم أخذ مالٍ من نصرانيّ مضاربةً ، ولا يكره ذلك ؛ لأنّ المسلم لا يتصرّف إلّا فيما يسوغ.

ويكره للمسلم أن يدفع إلى المشرك مالاً مضاربةً ؛ لأنّ الكافر قد يتصرّف بما لا يسوغ في الشرع ، فإن فَعَل ، صحّ القراض.

وينبغي له إذا دفع إليه المال أن يشترط عليه أن لا يتصرّف إلّا بما يسوغ في شرعنا ، فإن شرط عليه ذلك فابتاع خمراً أو خنزيراً ، فالشراء باطل ، سواء ابتاعه بعين المال أو في الذمّة ؛ لأنّه خالف الشرطَ. ولا يجوز له أن يقبض الثمن ، فإن قَبَض الثمنَ ، ضمنه.

وإن لم يشترط عليه ذلك بل دفع المال إليه مطلقاً فابتاع ما لا يجوز ابتياعه ، فالبيع باطل ، فإن دفع الثمن ، فعليه الضمان أيضاً ؛ لأنّه ابتاع ما ليس بمباح عندنا.

وإطلاق العقد يقتضي أن يبتاع لربّ المال ما يملكه ربّ المال ،

____________________

(١) المائدة : ٤٢.

(٢) المائدة : ٤٩.

٣٨٨

فإذا(١) خالف ، ضمن.

فإن باع المضارب ونضّ المال ، فإن علم ربّ المال أنّه تصرّف في محظورٍ ، أو خالَط محظوراً ، لم يجز له قبضه ، كما لو اختلطت اُخته بأجنبيّاتٍ ، وإن علم أنّه عين المباح ، قَبَضه ، وإن شكّ ، جاز على كراهة.

ولو أكرى نفسه من ذمّيّ ، فإن كانت الإجارة في الذمّة ، صحّ ؛ لأنّ الحقّ ثابت في ذمّته. وإن كانت معيّنةً ، فإن استأجره ليخدمه شهراً أو يبني له شهراً ، صحّ أيضاً. وتكون أوقات العبادة مستثناةً منها.

مسألة ٢٣٣ : لو فَعَل الذمّيّ ما لا يجوز في شرع الإسلام ولا في شرعهم‌ - كالزنا واللواط والسرقة والقتل والقطع - كان الحكم في ذلك كالحكم بين المسلمين في إقامة الحدود ؛ لأنّهم عقدوا الذمّة بشرط أن يجرى عليهم أحكام المسلمين.

وإن كان ما يجوز في شرعهم - كشرب الخمر وأكل لحم الخنزير ونكاح المحارم - لم يتعرّض لهم ما لم يُظهروه ؛ لأنّا نُقرّهم عليه ، وترك التعرّض لهم فيه ؛ لأنّهم عقدوا الذمّة وبذلوا الجزية على هذا. فإن أظهروا ذلك وأعلنوه ، مَنَعهم الإمام وأدَّبهم على إظهاره.

قال الشيخ : وقد روى أصحابنا أنّه يُقيم عليهم الحدّ بذلك ، وهو الصحيح(٢) .

ولو جاء نصرانيّ باع من مسلم خمراً أو اشترى منه خمراً ، أبطلناه بكلّ حال تقابضا أو لا ، ورددنا الثمن إلى المشتري. فإن كان مسلماً ، استرجع الثمن ، وأرقنا الخمر ؛ لأنّا لا نقضي على المسلم بردّ الخمر ، وجاز إراقتها ؛ لأنّ الذمّيّ عصى بإخراجها إلى المسلم ، فيعاقب بإراقتها عليه. وإن‌

____________________

(١) في الطبعة الحجريّة : فإن.

(٢) المبسوط - للطوسي - ٢ : ٦١.

٣٨٩

كان المشتري المشركَ ، رددنا إليه الثمن ، ولا نأمر الذمّيّ بردّ الخمر ، بل يُريقها ؛ لأنّها ليست كمال الذمّيّ.

ونمنع المشرك من شراء المصاحف إعزازاً للقرآن ، فإن اشترى ، لم يصح البيع.

وقال بعض الشافعيّة : يملكه ويلزم البيع(١) .

والأوّل أنسب بإعظام القرآن.

قال الشيخ : وكذا حكم الدفاتر التي فيها أحاديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وآثار السلف وأقاويلهم - والأقوى عندي الكراهة - أمّا كتب النحو واللغة والشعر وباقي الأدب : فإنّ شراءها جائز لهم ؛ إذ لا حرمة لها(٢) .

مسألة ٢٣٤ : لو أوصى مسلم لذمّيٍّ بعبدٍ مسلم ، لم تصحّ الوصيّة ؛ لأنّ المشرك لا يملك المسلم.

وقال بعض الناس(٣) : تصحّ الوصيّة ، وتلزم برفع اليد عنه ، كما لو ابتاعه.

فعلى هذا لو أسلم وقَبِل الوصيّة ، صحّ ، وملكه بعد موت الموصي.

وعلى الأوّل لا يملكه وإن أسلم في حياة الموصي ؛ لأنّ الوصيّة وقعت في الأصل باطلةً.

ولو كان العبد مشركاً فأسلم العبد قبل موت الموصي ثمّ مات ، فقَبِله الموصى له ، لم يملكه ؛ لأنّ الاعتبار في الوصيّة حال اللزوم ، وهي حالة الوفاة.

وعلى القول الثاني يملكه ويرفع يده عنه.

ولو أوصى الذمّيّ ببناء كنيسة أو بيعة أو موضع عبادة لهم ، لم تصحّ ؛

____________________

(١) الوجيز ١ : ١٣٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٧ ، حلية العلماء ٤ : ١١٨ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٤ ، المجموع ٩ : ٣٥٥ ، روضة الطالبين ٣ : ١١.

(٢) المبسوط - للطوسي - ٢ : ٦٢.

(٣) كما في المبسوط - للطوسي - ٢ : ٦٢ ، وانظر : الحاوي الكبير ١٤ : ٣٩٣ ، والعزيز شرح الوجيز ٤ : ١٧ ، وروضة الطالبين ٣ : ١١.

٣٩٠

لأنّها في معصية.

وكذا لو أوصى أن يستأجر خدماً للبِيعة والكنيسة ، أو يعمل صلباناً ، أو يشتري مصباحاً أو يشتري أرضاً فيوقف عليها.

ولو أوصى الذمّيّ ببناء كنيسة تنزلها المارّة من أهل الذمّة أو من غيرهم ، أو وقفها على قومٍ يسكنونها ، أو جعل اُجرتها للنصارى ، جازت الوصيّة ؛ لأنّ نزولهم ليس بمعصية ، إلّا أن تبنى لصلواتهم.

وكذا لو أوصى للرهبان بشي‌ء ، صحّت الوصيّة ؛ لجواز صدقة التطوّع عليهم.

ولو أوصى أن يكون لنزول المارّة للصلاة فيه ، قيل : تبطل الوصيّة في الصلاة ، وتصحّ ( في نزول )(١) المارّة ، فتبنى كنيسة بنصف الثلث لنزول المارّة خاصّةً ، فإن لم يمكن ذلك ، بطلت الوصيّة(٢) .

وقيل : تبنى الكنيسة بالثلث ، وتكون لنزول المارّة ، ويُمنعون من الاجتماع للصلاة فيها(٣) .

ولو أوصى بشي‌ء تكتب به التوراة أو الإنجيل أو الزبور أو غير ذلك من الكتب القديمة ، بطلت الوصيّة ؛ لأنّها كتب محرَّفة مبدَّلة منسوخة.

وخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوماً من داره فوجد في يد عمر صحيفةً ، فقال :

« ما هي؟ » فقال : من التوراة ، فغضب عليه ورماها من يده ، وقال : « لو كان موسى أو عيسى حيّين لما وسعهما إلّا اتّباعي »(٤) .

إذا ثبت(٥) هذا ، فإنّه يكره للمسلم اُجرة رمّ ما يستهدم من الكنائس والبِيَع من بناء ونجارة وغير ذلك ، وليس محرَّماً.

____________________

(١) بدل ما بين القوسين في الطبعة الحجريّة : لنزول.

(٢ و ٣) لم نعثر على القائل فيما بين أيدينا من المصادر.

(٤) الجامع لأحكام القرآن ١٣ : ٣٥٥ باختصار.

(٥) في « ق » : « عرفت » بدل « ثبت ».

٣٩١

الفصل السادس : في قتال أهل البغي‌

الأصل في ذلك قول الله تعالى :( وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتّى تَفِي‌ءَ إِلى أَمْرِ اللهِ ) (١) .

قيل : وردت في طائفتين من الأنصار وقع بينهم [ قتال ](٢) فلمـّا نزلت ، قرأها عليهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فأقلعوا. وليس فيها تعرّضٌ للخروج والبغي على الإمام ، ولكن إذا اُمرنا بقتال طائفة بغَتْ على طائفة اُخرى ، فلأن نقاتل الذين بغوا على الإمام إلى أن يفيئوا إلى أمر الله أولى(٣) .

والمراد بالباغي في عرف الفقهاء : المخالف للإمام العادل ، الخارج عن طاعته بالامتناع عن أداء ما وجب عليه بالشرائط الآتية. وسُمّي باغياً إمّا لتجاوزه الحدّ المرسوم له ، والبغي : مجاوزة الحدّ.

وقيل : لأنّه ظالم بذلك ، والبغي : الظلم. قال الله تعالى :( ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ ) (٤) أي : ظُلم(٥) .

وقيل : لطلبه الاستعلاء على الإمام ، من قولهم : بغى الشي‌ء ، أي : طلبه(٦) .

مسألة ٢٣٥ : قتال أهل البغي واجب بالنصّ والإجماع.

____________________

(١) الحجرات : ٩.

(٢) أضفناها من المصدر.

(٣) كما في العزيز شرح الوجيز ١١ : ٦٩ - ٧٠.

(٤) الحجّ : ٦٠.

(٥ و ٦) كما في العزيز شرح الوجيز ١١ : ٦٩.

٣٩٢

قال الله تعالى :( فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي ) (١) .

وروى العامّة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « مَنْ حمل علينا السلاح فليس منّا »(٢) .

ومن طريق الخاصّة : قول عليعليه‌السلام : « القتال قتالان : قتال لأهل الشرك لا ينفر عنهم حتى يُسلموا أو يؤدّوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون ، وقتال لأهل الزيغ لا ينفر عنهم حتى يفيئوا إلى أمر الله أو يُقتلوا »(٣) .

ولا خلاف بين المسلمين كافّة في وجوب جهاد البُغاة ، وقد قاتل عليٌّعليه‌السلام ثلاثَ طوائف : أهل البصرة يوم الجمل : عائشة وطلحة والزبير وعبد الله بن الزبير وغيرهم ، وهُم الناكثون الذين بايعوه ونكثوا بيعته. وقاتل أهلَ الشام معاوية ومَنْ تابعه ، وهُم القاسطون ، أي : الجائرون. وقاتل أهلَ النهروان : الخوارج ، وهُم المارقون ، وقد أخبره رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : « تقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين »(٤) .

قال الشيخرحمه‌الله : وهؤلاء كلّهم عندنا محكوم بكفرهم ، لكن ظاهرهم الإسلام. وعند الفقهاء أنّهم مسلمون لكن قاتلوا الإمامَ العادل ، فإنّ الإمامة كانت لعليُّعليه‌السلام بعد عثمان عندهم(٥) .

والأصل في ذلك : أنّ الإمامة عندنا من شرائط الإيمان ، فلا يستحقّ‌

____________________

(١) الحجرات : ٩.

(٢) صحيح البخاري ٩ : ٦٢ ، صحيح مسلم ١ : ٩٨ و ٩٩ / ٩٨ و ١٠٠ و ١٠١ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٨٦٠ / ٢٥٧٥ ، مسند أحمد ٣ : ١٤٤ / ٩١٢٩.

(٣) التهذيب ٤ : ١١٤ / ٣٣٥ ، و ٦ : ١٤٤ / ٢٤٧.

(٤) المستدرك - للحاكم - ٣ : ١٤٠.

(٥) المبسوط - للطوسي - ٧ : ٢٦٤.

٣٩٣

الثواب الدائم إلّا به.

مسألة ٢٣٦ : قد جرت العادة بين الفقهاء أن يذكروا الإمامة في هذا الموضع‌ ليُعرف الإمام الذي يجب اتّباعه ، ويصير الإنسان باغياً بالخروج عليه ، وليست من علم الفقه ، بل هي من علم الكلام ، فلنذكر كلاماً مختصراً ، فنقول‌ يشترط في الإمام اُمور :

الأوّل : أن يكون مكلّفاً ؛ فإنّ غيره مولّى عليه في خاصّة نفسه ، فكيف يلي أمر الاُمّة!

الثاني : أن يكون مسلماً ليراعي مصلحة المسلمين والإسلام ، وليحصل الوثوق بقوله ، ويصحّ الركون إليه ؛ فإنّ غير المسلم ظالم وقد قال الله تعالى :( وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا ) (١) .

الثالث : أن يكون عدلا ؛ لما تقدّم ؛ فإنّ الفاسق ظالم ولا يجوز الركون إليه والمصير إلى قوله ؛ للنهي عنه في قوله تعالى :( وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا ) (٢) . ولأنّ الفاسق ظالم ، فلا ينال مرتبة الإمامة ، لقوله تعالى :( لا يَنالُ عَهْدِي الظّالِمِينَ ) (٣) .

الرابع : أن يكون حُرّاً ؛ فإنّ العبد مشغول بخدمة مولاه لا يتفرّغ للنظر في مصالح المسلمين. ولأنّ الإمامة رئاسة عامّة والعبد مرؤوس ، وهي من المناصب الجليلة ، فلا تليق به.

الخامس : أن يكون ذَكَراً ليُهاب ، وليتمكّن من مخالطة الرجال ،

____________________

(١ و ٢) هود : ١١٣.

(٣) البقرة : ١٢٤.

٣٩٤

ويتفرّغ للنظر ؛ فإنّ المرأة ناقصة العقل.

السادس : أن يكون عالماً ، ليعرف الأحكام ويعلّم الناس ، فلا يفوت الأمر عليه بالاستفتاء والمراجعة.

السابع : أن يكون شجاعاً ، ليغزو بنفسه ، ويعالج الجيوش ، ويقوى على فتح البلاد ، ويحمي بيضة الإسلام.

الثامن : أن يكون ذا رأي وكفاية ؛ لافتقار قيام نظام النوع إليه.

التاسع : أن يكون صحيح السمع والبصر والنطق ، ليتمكّن من فصل الاُمور. وهذه الشرائط غير مختلف فيها.

العاشر : أن يكون صحيح الأعضاء ، كاليد والرِّجْل والاُذن. وبالجملة اشتراط سلامة الأعضاء من نقصٍ يمنع من استيفاء الحركة وسرعة النهوض. وهو أولى قولي الشافعيّة(١) .

الحادي عشر : أن يكون من قريش ؛ لقولهعليه‌السلام : « الأئمّة من قريش »(٢) وهو أظهر قولي الشافعيّة(٣) .

وخالف فيه الجويني(٤) ، مع أنّه لا خلاف في أنّ أبا بكر احتجّ على‌

____________________

(١) الأحكام السلطانيّة - للماوردي - : ٦ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٧١ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٦٣.

(٢) المستدرك - للحاكم - ٤ : ٧٦ ، المصنّف - لابن أبي شيبة - ١٢ : ١٦٩ - ١٧٠ / ١٢٤٣٨ ، المعجم الكبير - للطبراني - ١ : ٢٥٢ / ٧٢٥ ، سنن البيهقي ٣ : ١٢١ ، و ٨ : ١٤٤ ، مسند أحمد ٤ : ٢٩ / ١٢٤٨٩ ، و ٥ : ٥٧٩ / ١٩٢٧٨.

(٣) الأحكام السلطانيّة - للماوردي - : ٦ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٧١ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٦٢.

(٤) الأحكام السلطانيّة - للماوردي - : ٦ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٧١.

٣٩٥

الأنصار يوم السقيفة به(١) ، وبذلك أخذت الصحابة بعده.

قالت الشافعيّة : فإن لم يُوجد في قريش مَنْ يستجمع الصفات المعتبرة ، نُصب كنانيٌّ ، فإن لم يُوجد ، فرجلٌ من ولد إسماعيلعليه‌السلام (٢) .

وهو باطل عندنا ؛ لأنّ الإمامة عندنا محصورة في الاثني عشرعليهم‌السلام على ما يأتي.

ثمّ إنّ قريشاً ولد النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة ، فعلى قولهم : « إذا لم يُوجد قرشي ، ينبغي نصب كنانيّ » ينبغي أنّه إذا لم يُوجد كنانيٌّ ، نُصب خزيميّ وهكذا يرتقي إلى أبٍ بعد أبٍ إلى أن ينتهي إلى إسماعيلعليه‌السلام .

فإن لم يُوجد من ولد إسماعيل مَنْ يصلح لذلك ، قال بعضهم : يُولّى رجلٌ من العجم(٣) .

وقال بعضهم : يُولّى جُرْهُميٌّ ، وجُرْهُم أصل العرب ، وفيهم تزوّج إسماعيلعليه‌السلام حين أنزله أبوهعليه‌السلام أرضَ مكة. فإن لم يوجد جُرْهميُّ ، فرجلٌ من نسل إسحاق(٤) .

ولا يشترط أن يكون هاشميّاً عندهم(٥) .

الثاني عشر : يجب أن يكون الإمام معصوماً عند الشيعة ؛ لأنّ المقتضي لوجوب الإمامة ونصب الإمام جواز الخطأ على الاُمّة ، المستلزم لاختلال النظام ؛ فإنّ الضرورة قاضية بأنّ الاجتماع مظنّة التنازع والتغالب ، فإنّ كلّ‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٧١ ، وانظر : تاريخ الطبري ٣ : ٢٢٠ ، والكامل في التاريخ ٢ : ٣٢٥.

(٢ - ٥) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٧٢ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٦٣.

٣٩٦

واحد من بني النوع يشتهي ما يحتاج إليه ، ويغضب على مَنْ يزاحمه في ذلك ، وتدعوه شهوته وغضبه إلى الجور على غيره ، فيقع من ذلك الهرج والمرج ، ويختلّ أمر الاجتماع ، مع أنّ الاجتماع ضروريّ لنوع الإنسان ؛ فإنّ كلّ شخص لا يمكنه أن يعيش وحده ، لافتقاره إلى غذاء وملبوس ومسكن ، وكلّها صناعيّة لا يمكن أن تصدر عن صانعٍ واحد إلّا في مدّة لا يمكن أن يعيش تلك المدّة فاقداً لها ، أو يتعسّر إن أمكن ، وإنّما يتيسّر لجماعة يتعاونون ويتشاركون في تحصيلها ، يفرغ كلّ واحد منهم لصاحبه عن بعض ذلك ، فيتمّ النظام بمعاوضة عملٍ بعمل ومعاوضة عملٍ باُجرة ، فلهذا قيل : الإنسان مدنيُّ بالطبع ، فلا بدّ حينئذٍ من سلطانٍ قاهر ، مُطاع ، نافذ الأمر ، متميّز عن غيره من بني النوع ، وليس نصبه مفوّضاً إليه ، وإلّا وقع المحذور ، ولا إلى العامّة ؛ لذلك أيضاً ، بل يكون من عند الله تعالى.

ولا يجوز وقوع الخطأ منه ، وإلّا لوجب أن يكون له إمام آخر ، ويتسلسل ، فلهذا وجب أن يكون معصوماً.

ولأنّه تعالى أوجب علينا طاعته وامتثال أوامره ؛ لقوله تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) (١) وذلك عامّ في كلّ شي‌ء ، فلو لم يكن معصوماً ، لجاز أن يأمر بالخطإ ، فإن وجب علينا اتّباعه ، لزم الأمر بالضدّين ، وهو محال ، وإن لم يجب ، بطل العمل بالنصّ.

ويجب عندهم أن يكون معصوماً من أوّل عمره إلى آخره ؛ لسقوط محلّه‌

____________________

(١) النساء : ٥٩.

٣٩٧

عند الناس لولاه.

الثالث عشر : أن يكون منصوصاً عليه من الله تعالى ، أو من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أو ممّن ثبتت إمامته بالنصّ فيهما ؛ لأنّ العصمة من الاُمور الخفيّة التي لا يمكن الاطّلاع عليها ، فلو لم يكن منصوصاً عليه ، لزم تكليف ما لا يطاق. والنصّ من الله تعالى يُعلم إمّا بالوحي على نبيّهعليه‌السلام ، أو بخلق مُعجزٍ(١) على يده عقيب ادّعائه الإمامة.

الرابع عشر : أن يكون أفضلَ أهل زمانه ، ليتحقّق التميز عن غيره.

ولا يجوز عندنا تقديم المفضول على الفاضل - خلافاً لكثير من العامّة(٢) - للعقل والنقل.

أمّا العقل : فإنّ الضرورة قاضية بقبحه.

وأمّا النقل : فقوله تعالى :( أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) (٣) وهذه صيغة تعجّبٍ من الله تعالى ، دالّة على شدّة الإنكار ؛ لامتناعه في حقّه تعالى.

والأفضليّة تتحقّق بالعلم والزهد والورع وشرف النسب والكرم والشجاعة وغير ذلك من الأخلاق الحميدة(٤) .

الخامس عشر : أن يكون منزَّهاً عن القبائح ؛ لدلالة العصمة عليه. ولأنّه يكون مستحقّاً للإهانة والإنكار عليه ، فيسقط محلّه من قلوب العامّة ، فتبطل فائدة نصبه. وأن يكون منزَّهاً عن الدناءات والرذائل ، كاللعب‌

____________________

(١) في الطبعة الحجريّة : معجزة.

(٢) اُنظر : الأحكام السلطانيّة - للماوردي - ٨ ، والعزيز شرح الوجيز ١١ : ٧٢ ، وروضة الطالبين ٧ : ٢٦٣.

(٣) يونس : ٣٥.

(٤) في متن الطبعة الحجريّة : « الجميلة » بدل « الحميدة ». وفي هامشها كما هنا.

٣٩٨

والأكل في الأسواق وكشف الرأس بين الناس وغير ذلك ممّا يُسقط محلَّه ويوهن مرتبتَه. وأن يكون منزَّهاً عن دناءة الآباء وعهر الاُمّهات. وقد خالفت العامّة في ذلك كلّه.

مسألة ٢٣٧ : وإنّما تنعقد الإمامة بالنصّ عندنا على ما سبق. ولا تنعقد بالبيعة ، خلافاً للعامّة بأسرهم ؛ فإنّهم أثبتوا إمامة أبي بكر بالبيعة ، ووافقونا على صحّة الانعقاد بالنصّ ، لكنّهم جوّزوا انعقادها باُمور :

أحدها : البيعة(١) . واختلفوا في عدد الذين تنعقد الإمامة ببيعتهم.

فقال بعضهم : لا بدّ من أربعين ؛ لأنّ عهد الإمامة أعظم خطراً من عقد الجُمُعة ، وهذا العدد معتبر في الجُمُعة عند الشافعيّة ففي البيعة أولى(٢) .

وقال بعض الشافعيّة : إنّه يكفي أربعة ؛ لأنّه أكمل نُصُب الشهادات(٣) .

وقال بعضهم : ثلاثة ؛ لأنّ الثلاثة مطلق الجمع ، فإذا اتّفقوا ، لم يجز مخالفة الجماعة(٤) .

وقال بعضهم : اثنان ؛ لأنّ أقلّ الجمع اثنان(٥) .

وقال بعضهم : واحد ؛ لأنّ عمر بن الخطّاب بايع أبا بكر أوّلاً ثمّ وافقه الصحابة(٦) .

وقال بعضهم : يعتبر بيعة أهل الحلّ والعقد من العلماء والرؤساء ووجوه الناس الذين يسهل حضورهم ، ولا يشترط اتّفاق أهل الحلّ والعقد في سائر البلاد ، بل إذا وصل الخبر إلى أهل البلاد البعيدة ، فعليهم الموافقة والمتابعة(٧) . وعلى هذا فلا يتعيّن للاعتبار عدد ، بل لا يشترط العدد ، فلو تعلّق الحلّ والعقد بواحد مُطاع ، كفت بيعته لانعقاد الإمامة(٨) .

____________________

(١ - ٦) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٧٢ - ٧٣ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٦٣.

(٧) في « ق » : « المبايعة » بدل « المتابعة ».

(٨) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٧٣ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٦٤.

٣٩٩

قالوا : ولا بدّ وأن يكون الذين يبايعون بصفات الشهود حتى لو كان واحداً ، شرط ذلك فيه.

وهل يشترط في البيعة حضور شاهدين؟ وجهان للشافعيّة.

ويشترط في انعقاد البيعة أن يُجيب الذين يبايعونه ، فإن امتنع ، لم تنعقد إمامته(١) .

الأمر الثاني : استخلاف الإمام قبله ، وعهده إليه ، كما عهد أبو بكر إلى عمر. وانعقد الإجماع بينهم على جوازه(٢) .

قالوا : والاستخلاف أن يجعله خليفةً في حياته ثمّ يخلفه بعد موته(٣) .

ولو أوصى له بالإمامة من بعده ، ففيه وجهان عندهم ؛ لأنّه بالموت يخرج عن الولاية ، فلا يصحّ منه تولية الغير(٤) .

ويشكل بأنّ مرادهم بجعله خليفةً في حياته إن كان استنابه ، فلا يكون عهداً إليه بالإمامة ، أو جعله إماماً في الحال ، فهذا إمّا خلعٌ لنفسه أو اجتماع إمامين في وقتٍ واحد ، أو جعله إماماً بعد موته ، وهذا معنى لفظ الوصيّة(٥) .

ولو جعل الأمر شورى بين اثنين فصاعداً بعده ، كان كالاستخلاف ، إلّا أنّ المستخلَف غير معيّن ، فيحتاج إلى تشاورهم اتّفاقهم على جعل واحد منهم خليفة ، كقضيّة عمر حيث جعل الأمر شورى في ستّة(٦) .

ثمّ اختلفوا في أنّه هل يشترط في المـُولّى شروط الإمامة من وقت العهد إليه حتى لو كان صغيراً أو فاسقاً عند العهد ، بالغاً عدلاً عند موت المـُولّي ، لم ينصب إماماً إلّا أن يبايعه أهل الحلّ والعقد؟(٧) وبعضهم لم يشترط ذلك(٨) .

____________________

(١ - ٤) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٧٣ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٦٤.

(٥) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٧٣ - ٧٤.

(٦) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٧٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٦٤ - ٢٦٥.

(٧ و ٨) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٧٤ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٦٥.

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424