نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٧

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار13%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 424

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 424 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 279248 / تحميل: 7361
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٧

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

الأحول، أحد الأعلام وقال يحيى القطان: ما رأيت أثبت من مسعر، وقال أحمد بن حنبل: الثقة مثل شعبة ومسعر، وقال وكيع: شك مسعر كيقين غيره، وعن الحسن بن عمارة قال: إنْ لم يدخل إلّا مثل مسعر فإنّ أهل الجنة لقليل، وقال ابن عيينة: قالوا للأعمش: إن مسعراً شك في حديثه، فقال: شكه كيقين غيره »(١) .

٢ - الذهبي: « كان من العباد القانتين »(٢) .

٣ - ابن حجر: « ثقة ثبت فاضل »(٣) .

٤ - السيوطي: « قال الثوري: كنا إذا اختلفنا في شيء سألنا عنه مسعراً وقال شعبة: كنا نسمّي مسعراً المصحف. مات سنة ١٥٣ »(٤) .

(١٧)

أبو عيسى الحكم بن أبان العدني

المتوفى سنة (١٥٤) أو (١٥٥). أخرج الحاكم « عن محمد بن صالح بن هاني قال: ثنا أحمد بن نصر، وأخبرنا محمد بن علي الشيباني بالكوفة، ثنا أحمد بن حازم الغفاري، وأنبأ محمد بن عبدالله العمري، ثنا محمد بن اسحاق، ثنا محمد بن يحيى وأحمد بن يوسف قالوا: ثنا أبو نعيم، ثنا ابن أبي غنية، عن حكم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس عن بريدة الأسلميرضي‌الله‌عنه قال: غزوت مع علي إلى اليمن فرأيت منه جفوة،

____________________

(١). تذكرة الحفاظ ١ / ١٨٨.

(٢). الكشاف ٣ / ١٣٧.

(٣). تقريب التهذيب ٢ / ٢٤٣.

(٤). طبقات الحفاظ: ٨١.

٢٤١

فقدمت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فذكرت علياً فتنقّصته، فرأيت وجه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يتغيّر. فقال: يا بريدة ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قلت: بلى يا رسول الله. فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه. وذكر الحديث.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه »(١) .

ترجمته

١ - الذهبي: « ثقة صاحب سنة، إذا هدأت العيون وقف في البحر إلى ركبتيه يذكر الله، وكان سيد أهل اليمن، عاش ثمانين سنة. مات سنة ١٥٤ »(٢) .

٢ - ابن حجر العسقلاني: « صدوق عابد، وله أوهام »(٣) .

(١٨)

عبدالله بن شوذب البلخي

المتوفى سنة (١٥٧). روى حديث صوم يوم الغدير بطريق صحيح رجاله كلّهم ثقات، فقد أخرج الحافظ الخطيب « عن عبدالله بن علي بن محمد بن بشران، عن علي بن عمر الدار قطني، عن أبي نصر حبشون الخلال، عن علي بن سعيد الرملي، عن ضمرة بن ربيعة، عن عبدالله بن شوذب، عن مطر الورّاق، عن شهر بن حوشب عن أبي هريرة قال: من صام يوم ثمان عشر من ذي الحجة كتب له صيام ستين شهراً، وهو يوم غدير خم، لما أخذ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيد علي بن أبي طالب فقال: ألست ولي المؤمنين؟

____________________

(١). المستدرك على الصحيحين ٣ / ١١٠.

(٢). الكاشف ١ / ٢٤٤.

(٣). تقريب التهذيب ١ / ١٩٠.

٢٤٢

قالوا: بلى يا رسول الله. قال: من كنت مولاه فعلي مولاه. فقال عمر بن الخطاب: بخ بخ لك يا ابن أبي طالب. أصبحت مولاي ومولى كل مسلم. فأنزل الله:( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) »(١) .

ترجمته

١ - ابن حجر: « صدوق عابد، من السابعة، مات سنة ست أو سبع وخمسين بخ ع »(٢) .

٢ - الذهبي: « وثّقه جماعة، كان إذا رئي ذكرت الملائكة »(٣) .

٣ - الخزرجي، وحكى عن أحمد وابن معين ثقته(٤) .

(١٩)

شعبة بن الحجاج الواسطي

المتوفى سنة (١٦٠). أخرج في ( المسند ) « عن محمد بن جعفر، عن شعبة، عن ميمون أبي عبدالله قال: كنت عند زيد بن أرقم، فجاء رجل من أقصى الفسطاط، فسأله عن ذا، فقال: إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى. قال: من كنت مولاه فعلي مولاه.

قال ميمون: فحدثني بعض القوم أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: اللهم وال من والاه وعاد من عاداه »(٥) .

____________________

(١). تاريخ بغداد ٨ / ٢٩٠.

(٢). تقريب التهذيب ١ / ٤٢٣.

(٣). الكاشف ٢ / ٩٦.

(٤). خلاصة التذهيب: ١٧٠.

(٥). مسند أحمد بن حنبل ٤ / ٣٧٢.

٢٤٣

ورواه ابن كثير من طريق غندر، عن شعبة، عن سلمة بن كهيل، عن أبي الطفيل، عن أبي مريم أو زيد بن أرقم(١) .

و أبو نعيم قال: « حدثنا محمد بن المظفر قال: ثنا زيد بن محمد قال: ثنا أحمد بن محمد بن الجهم قال: ثنا رجاء بن الجارود أبو المنذر قال: ثنا سليمان بن محمد المباركي قال: ثنا محمد بن جرير الصنعاني وأثنى عليهْ خيراً قال: ثنا شعبة، عن الحكم، عن ابن أبي ليلى، عن سعد بن أبي وقاص قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في علي بن أبي طالب ثلاث خلال: لأعطينّ الرّاية غداً رجلاً يحبّ الله ورسوله، وحديث الطير، وحديث غدير خم غريب من حديث شعبة والحكم، ما كتبناه إلّا من هذا الوجه »(٢) .

ترجمته

١ - الذهبي بترجمة حافلة، معنوناً إياه بـ « الحجة الحافظ شيخ الاسلام » فنقل كلمات الأعلام في ثقته والثناء عليه(٣) .

٢ - ووصفه في( الكاشف ) بـ « أمير المؤمنين في الحديث »(٤) .

٣ - وقد نقلابن حجر اللقب المذكور عن الثوري، قال: « ثقة حافظ متقن، كان الثوري يقول: هو أمير المؤمنين في الحديث، وهو أول من فتش بالعراق عن الرجال، وذبّ عن السنّة، وكان عابداً »(٥) .

٤ - وقالالسيوطي: « الحافظ العلم، أحد أئمة الاسلام »(٦) .

____________________

(١). تاريخ ابن كثير ٧ / ٣٤٨.

(٢). حلية الأولياء ٤ / ٣٥٦.

(٣). تذكرة الحفاظ ١ / ١٩٣.

(٤). الكاشف ٢ / ١١.

(٥). تقريب التهذيب ١ / ٣٥١.

(٦). طبقات الحفاظ: ٨٣.

٢٤٤

(٢٠)

أبو العلاء كامل بن العلاء التميمي الكوفي

المتوفى حدود سنة (١٦٠) أخرج الحاكم « عن محمد بن علي الشيباني بالكوفة، ثنا أحمد بن حازم الغفاري، ثنا أبو نعيم، ثنا كامل أبو العلاء قال: سمعت حبيب بن أبي ثابت يخبر عن يحيى ابن جعدة عن زيد قال: خرجنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى انتهينا إلى غدير خم، فأمر بدوح فكسح في يوم ما أتى علينا يوم كان أشد حرّاً منه، فحمد الله وأثنى عليه وقال: يا أيها الناس إنه لم يبعث نبي قط إلّا ما عاش نصف ما عاش الذي كان قبله، وإني أوشك أن أدعى فأجيب، وإني تارك فيكم ما لن تضلّوا بعده: كتاب الله عزّ وجل، ثم قام فأخذ بيد عليرضي‌الله‌عنه فقال: يا أيها الناس من أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: من كنت مولاه فعلي مولاه.

هذا حديث صحيح الإِسناد ولم يخرجاه »(١) .

ترجمته

١ - صحّحالحاكم حديثه كما رأيت، فهو عنده ثقة.

٢ - وثّقهابن معين ونفى عنه البأس ابن عدي والنسائي كما قال الخزرجي(٢) .

٣ - وقالابن حجر: « صدوق يخطئ. من السابعة. د م ت ق »(٣) .

____________________

(١). المستدرك ٣ / ٥٣٣.

(٢). خلاصة تذهيب الكمال: ٢٧٢.

(٣). تقريب التهذيب ٢ / ١٣١.

٢٤٥

(٢١)

سفيان بن سعيد الثوري

المتوفى سنة (١٦١). أخرج الخطيب: « أخبرنا أبو الفتح محمد بن الحسين العطار قطيط: أخبرنا محمد بن أحمد بن عبد الرحمن المعدّل باصبهان، حدثنا أبوبكر محمد بن عمر التميمي الحافظ، حدثنا الحسن بن علي ابن سهل العاقولي، حدثنا حمدان بن المختار، حدثنا حفص بن عبيدالله بن عمر، عن سفيان الثوري، حدثنا علي بن زيد عن أنس قال: سمعت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه »(١) .

ترجمته

١ - الخطيب البغدادي: « وكان إماماً من أئمة المسلمين، وعلماً من أعلام الدين، مجمعاً على إمامته بحيث يستغنى عن تزكيته، مع الإِتقان والحفظ والمعرفة، والضبط والورع والزهد »(٢) .

٢ - الذهبي: « الإِمام شيخ الاسلام سيد الحفاظ » ثم نقل بعض الكلمات في الثناء عليه فقال: « مناقب هذا الامام في مجلد لابن الجوزي، وقد اختصرته وسقت جملة حسنة من ذلك في تاريخي »(٣) .

٣ - ابن حجر: « ثقة حافظ فقيه، عابد إمام حجة، من رؤس الطبقة السابعة وكان ربما دلّس »(٤) .

____________________

(١). تاريخ بغداد ٧ / ٣٧٧.

(٢). المصدر ٩ / ١٥٢.

(٣). تذكرة الحفاظ ١ / ٢٠٣.

(٤). تقريب التهذيب ١ / ٣١١.

٢٤٦

(٢٢)

جعفر بن زياد الكوفي الأحمر

المتوفى سنة (١٦٥) أو (١٦٧). روى أحمد بن محمد العاصمي في ( زين الفتى ) قال: « أخبرنا عن الشيخ الزاهد جدّي أبو عبدالله أحمد بن المهاجر بن الوليدرضي‌الله‌عنه قال: أخبرنا الشيخ الزاهد أبو علي الهروي الأديب عن عبدالله بن عروة قال حدثنا يوسف بن موسى القطان عن مالك بن إسماعيل قال: حدثنا جعفر بن زياد الأحمر عن يزيد ابن أبي زياد وعن مسلم بن سالم قالا: أخبرنا عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: سمعت علياً كرم الله وجهه ينشد الناس يقول: أنشد كلّ امرئ مسلم سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم غدير خم يقول إلاّ قام، فقام اثنا عشر بدريا فقالوا: أخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيد علي فرفعها ثم قال: أيها الناس: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه »(١) .

ترجمته

١ - قال أبو داود: ثقة شيعي، وقال أبو زرعة: صدوق، ونفى النسائي عنه البأس. كذا قال الخزرجي(٢) .

٢ - ابن حجر العسقلاني: « صدوق يتشيع. من السابعة، مات سنة سبع وستين. د ت س »(٣) .

____________________

(١). زين الفتى في تفسير سورة هل أتى - مخطوط.

(٢). خلاصة تذهيب الكمال: ٥٣.

(٣). تقريب التهذيب ١ / ١٣٠.

٢٤٧

٣ - الذهبي: « صدوق شيعي »(١) .

(٢٣)

مسلم بن سالم النهدي أبو فروة الكوفي

المتوفى في أواسط القرن الثاني. علم روايته لحديث المناشدة بلفظ عبد الرحمن بن أبي ليلى، من السند المتقدّم في رواية جعفر بن زياد عن ( زين الفتى ).

ترجمته

١ - هو من رجال البخاري، ومسلم، وأبي داود، والنسائي، وابن ماجة كما فيالكاشف (٢) .

٢ - وكذا قالابن حجر العسقلاني بعد أن قال: « صدوق من السادسة »(٣) .

(٢٤)

قيس بن الربيع أبو محمد الأسدي الكوفي

المتوفى سنة (١٦٥). روى حديث نزول قوله تعالى:( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً ) في واقعة يوم الغدير، وقد أخرج حديثه أبو نعيم في كتابه ( ما نزل من القرآن في علي )، وأبو سعيد السجستاني في ( كتاب الولاية )، وأبو القاسم الحسكاني في ( شواهد التنزيل )، وأبو الفتح النطنزي في ( الخصائص

____________________

(١). الكاشف ١ / ١٨٥.

(٢). الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة ٣ / ١٤٠.

(٣). تقريب التهذيب ٢ / ٢٤٥.

٢٤٨

العلوية ).

ترجمته

١ - الذهبي: « قيس بن الربيع الحافظ، أبو محمد الأسدي، الكوفي، أحد الأعلام على ضعفٍ فيه كان شعبة يثني عليه، وقال عفان: كان ثقة، وقال يعقوب بن شيبة: هو عند جميع أصحابنا صدوق، وكتابه صالح، وهو رديّ الحفظ »(١) .

٢ - ابن حجر: « صدوق تغيّر لما كبر »(٢) .

٣ - السيوطي في طبقاته، فذكر ثقته عن الثوري وشعبة وعفان وغيرهم، قال: وقال ابن عدي عامة رواياته مستقيمة(٣) .

(٢٥)

حماد بن سلمة أبو سلمة البصري

المتوفى سنة (١٦٧). أخرج في ( المسند ) باسناده عن عفان، عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن عدي بن ثابت، عن البراء بن عازب قال: « كنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في سفر، فنزلنا بغدير خم، فنودي الصلاة جامعة، وكسح لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تحت شجرة، فصلى الظهر، فأخذ بيد علي فقال: ألستم تعلمون أني أولى بكل مؤمن من نفسه؟ قالوا: بلى، فأخذ بيد علي فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه. اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.

فلقيه عمر بعد ذلك فقال: هنيئاً لك يا ابن أبي طالب، أصبحت وأمسيت

____________________

(١). تذكرة الحفاظ ١ / ٢٢٦.

(٢). تقريب التهذيب ٢ / ١٢٨.

(٣). طبقات الحفاظ: ٩٦.

٢٤٩

مولى كل مؤمن ومؤمنة »(١) .

ترجمته

١ - الذهبي: « الامام الحافظ، شيخ الاسلام » ثم نقل ثقته عن ابن معين، وعن شهاب بن معمر: كان حماد بن سلمة يعدّ من الأبدال، وعن أحمد ابن حنبل قال: إذا رأيت الرجل ينال من حماد من سلمة فاتّهمه على الاسلام. ثم قال: « مناقب حماد يطول شرحها »(٢) .

٢ - وفي الكاشف: « هو ثقة صدوق، يغلط وليس في قوة مالك. توفي سنة ١٦٧ »(٣) .

٣ - ابن حجر: « ثقة عابد »(٤) .

٤ - وترجمهالسيوطي بذكر كلمات الثناء عليه(٥) .

(٢٦)

عبدالله بن لهيعة أبو عبد الرحمن المصري

المتوفى سنة (١٧٤). قال الحافظ ابن كثير: « وقال المطلب بن زياد، عن عبدالله بن محمد بن عقيل سمع جابر بن عبدالله يقول: كنا بالجحفة بغدير خم، فخرج علينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من خباء أو فسطاط، فأخذ بيد علي فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه.

____________________

(١). مسند أحمد بن حنبل ٤ / ٢٨١.

(٢). تذكرة الحفاظ ١ / ٢٠٢.

(٣). الكاشف ١ / ٢٥١.

(٤). تقريب التهذيب ١ / ١٩٧.

(٥). طبقات الحفاظ: ٨٧.

٢٥٠

قال شيخنا الذهبي: هذا حديث حسن.

وقد رواه ابن لهيعة، عن بكر بن سوادة وغيره، عن أبي سلمة، عن عبد الرحمن عن جابر بنحوه»(١) .

ترجمته

١ - الذهبي: « ابن لهيعة، الامام الكبير قاضي الديار المصرية، وعالمها ومحدّثها قال أحمد بن حنبل: من كان مثل ابن لهيعة بمصر في كثرة حديثه وضبطه وإتقانه؟ »(٢) .

٢ - ابن حجر العسقلاني: « صدوق من السابعة، خلط بعد احتراق كتبه، ورواية ابن المبارك وابن وهب عنه أعدل من غيرهما، وله في مسلم بعض شيء مقرون. مات سنة أربع وسبعين، وقد ناف على الثمانين. م د ت ق »(٣) .

(٢٧)

أبو عوانة الوضاح بن عبدالله اليشكري الواسطي

البزاز المتوفى سنة (١٧٥) أو (١٧٦). أخرج النسائي « عن أحمد بن المثنى قال: حدثنا يحيى بن حماد قال: أخبرنا أبو عوانة، عن سليمان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم قال: لما رجع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حجة الوداع ونزل غدير خم، أمر بدوحات فقممن، ثم قال: كأني دعيت فأجبت، وإني تارك فيكم الثقلين، أحدهما الأكبر من الآخر: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فانظروا كيف تخلفوني

____________________

(١). تاريخ ابن كثير ٥ / ٢١٣.

(٢). تذكرة الحفاظ ١ / ٢٣٧.

(٣). تقريب التهذيب ١ / ٤٤٤.

٢٥١

فيهما، فإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض. ثم قال: إنّ الله مولاي وأنا ولي كل مؤمن، ثم إنه أخذ بيد عليرضي‌الله‌عنه فقال: من كنت وليه فهذا وليه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، فقلت لزيد: سمعته من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: وإنه ما كان في الدوحات أحد إلّا رآه بعينه وسمعه بأذنيه »(١) .

وفي ( المسند ): « عن سفيان، عن أبي عوانة، عن المغيرة، عن أبي عبيد، عن ميمون أبي عبدالله قال: قال زيد بن أرقم وأنا أسمع: نزلنا مع رسول الله بواد يقال له وادي خم »(٢) .

وفي ( المستدرك ): « وحدثنا أبو نصر أحمد بن سهل الفقيه البخاري، ثنا صالح بن محمد الحافظ البغدادي، ثنا خلف بن سالم المخرمي، ثنا يحيى بن حماد، ثنا أبو عوانة، عن سليمان الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي الطفيل عن زيد »(٣) .

ترجمته

١ - الذهبي: « الحافظ أحد الثقات »(٤) .

٢ - ابن حجر: « ثقة ثبت »(٥) .

٣ - السيوطي: « قال عفان: كان صحيح الكتاب، كثير العجم والنقط، ثبتا »(٦) .

٤ - وترجمهالخطيب. فنقل كلمات القوم في حقه(٧) .

____________________

(١). خصائص أمير المؤمنين: ٩٣.

(٢). مسند أحمد بن حنبل ٤ / ٣٧٢.

(٣). المستدرك ٣ / ١٠٩.

(٤). تذكرة الحفاظ ١ / ٢٣٦.

(٥). تقريب التهذيب ٢ / ٣٣١.

(٦). طبقات الحفاظ: ١٠٠.

(٧). تاريخ بغداد ١٣ / ٤٦٠.

٢٥٢

(٢٨)

نوح بن قيس أبو روح الحداني البصري

المتوفى سنه (١٨٣). أخرج حديثه ابن المغازلي حيث قال: « أخبرنا أبو يعلى علي بن عبيدالله بن العلاف البزار إذناً، قال: أخبرنا عبد السلام بن عبد الملك بن حبيب البزار قال: أخبرنا عبدالله بن محمد بن عثمان قال: حدثنا محمد بن بكر بن عبد الرزاق، حدثنا أبو حاتم مغيرة بن محمد المهلبي قال: حدثني مسلم بن إبراهيم، حدثنا نوح بن قيس الحداني، حدثنا الوليد بن صالح عن امرأة زيد بن أرقم قالت:

أقبل نبيّ الله من مكة في حجة الوداع، حتى نزلصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بغدير الجحفة بين مكة والمدينة فأمر بدوحات، فقم ما تحتهنّ من شوك، ثم نادى: الصلاة جامعة فخرجنا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في يوم شديد الحر، وإنّ منا لمن يضع رداءه على رأسه وبعضه على قدميه من شدة الرمضاء، حتى انتهينا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فصلى بنا الظهر، ثم انصرف إلينا فقال: الحمد لله نحمده ونستعينه، ونؤمن به ونتوكل عليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيّئات أعمالنا، الذي لا هادي لمن أضل، ولا مضل لمن هدى، وأشهد أن لا إله إلّا الله، وأن محمّداً عبده ورسوله - أما بعد:

أيها الناس فإنه لم يكن لنبي من العمر إلّا نصف من عمر من قبله، وإنّ عيسى بن مريم لبث في قومه أربعين سنة، وإني قد أسرعت في العشرين، ألا وإنّي يوشك أن أفارقكم، ألا وإني مسئول وأنتم مسئولون، فهل بلّغتكم؟ فما ذا أنتم قائلون؟ فقام من كل ناحية من القوم مجيب يقولون: نشهد أنك عبدالله ورسوله، قد بلّغت رسالته، وجاهدت في سبيله، وصدعت بأمره وعبدته حتى أتاك اليقين، جزاك الله عنا خير ما جزى نبيا عن أمته.

فقال: ألستم تشهدون أن لا إله إلّا الله لا شريك له، وأن محمّدا عبده

٢٥٣

ورسوله، وأن الجنة حق وأن النار حق، وتؤمنون بالكتاب كله؟ قالوا: بلى قال: فإني أشهد أن قد صدقتكم وصدقتموني، ألا وإني فرطكم وإنكم تبعي توشكون أن تردوا عليّ الحوض، فأسألكم حين تلقوني عن ثقلي كيف خلفتموني فيهما، قال: فأعيل علينا ما ندري ما الثقلان، حتى قام رجل من المهاجرين وقال: بأبي وأمي أنت يا نبي الله ما الثقلان؟

قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الأكبر منهما كتاب الله تعالى، سبب طرف بيد الله وطرف بأيديكم، فتمسكوا به ولا تضلّوا. والأصغر منهما عترتي، من استقبل قبلتي وأجاب دعوتي، فلا تقتلوهم ولا تقهروهم ولا تقصروا عنهم، فإني قد سألت لهم اللّطيف الخبير فأعطاني، ناصرهما لي ناصر، وخاذلهما لي خاذل، ووليّهما لي وليّ، وعدوهما لي عدو.

ألا وإنها لم تهلك أمة قبلكم حتى تتدين بأهوائها، وتظاهر على نبوّتها، وتقتل من قام بالقسط.

ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب فرفعها ثم قال: من كنت مولاه فهذا مولاه ومن كنت وليّه فهذا وليه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. قالها ثلاثا. هذا آخر الخطبة »(١) .

ترجمته

١ - الذهبي: « حسن الحديث، وقد وثّق. مات سنة ١٨٣ »(٢) .

٢ - وترجم له صفي الدين الخزرجي ونقل ثقته عن بعض الأئمة الأعلام(٣) .

____________________

(١). المناقب لابن المغازلي ١٦ - ١٨.

(٢). الكاشف ٣ / ٢١١.

(٣). خلاصة تذهيب الكمال: ٣٤٧.

٢٥٤

(٢٩)

المطلب بن زياد بن أبي زهير الكوفي أبو طالب

المتوفى سنة (١٨٥). قال الحافظ الكنجي الشافعي: « أخبرني بذلك عالياً المشايخ، منهم الشريف الخطيب أبو تمام علي بن أبي الفخار بن أبي منصور الهاشمي بكرخ بغداد، وأبو طالب عبد اللطيف بن محمد بن علي بن حمزة القبيطي بنهر معلى، وابراهيم بن عثمان بن يوسف بن أيوب الكاشغري، قالوا جميعاً: أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن سليمان المعروف بنسيب ابن البطّي. وقال الكاشغري أيضاً أخبرنا أبو الحسن علي بن أبي القاسم الطوسي المعروف بابن تاج القراء، قالا: أخبرنا أبو عبدالله مالك بن أحمد بن علي البانياسي، أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى بن الصلت، حدثنا ابراهيم بن عبد الصمد الهاشمي، حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا مطلب بن زياد، عن عبدالله بن محمد ابن عقيل، قال:

كنت عند جابر بن عبدالله في بيته، وعلي بن الحسين ومحمد بن الحنفية وأبو جعفر، فدخل رجل من أهل العراق فقال: بالله إلّا ما حدّثتني ما رأيت وما سمعت من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فقال: كنا بالجحفة بغدير خم، وثمّ ناس كثير من جهينة ومزينة وغفار، فخرج علينا رسول الله من خباء فسطاط، فأشار بيده ثلاثاً، فأخذ بيد علي بن أبي طالب وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه »(١) .

____________________

(١). كفاية الطالب: ٦١.

٢٥٥

ورواه شيخ الاسلام الحمويني(١) وابن كثير الدمشقي وقال: « قال شيخنا الذهبي: هذا حديث حسن »(٢) وقد أسقط ابن كثير شطراً من لفظ الحديث.

ترجمته

١ - الذهبي: « وعنه: أحمد وابن معين ووثقاه »(٣) .

٢ - ابن حجر: « صدوق. ربما وهم، من الثامنة: مات سنة خمس وثمانين. بخ ص ق »(٤) .

(٣٠)

حسّان بن ابراهيم العنزي الكرماني أبو هاشم

المتوفى سنة (١٨٦) أخرج الحاكم: « عن أبي بكر بن إسحاق ودعلج بن أحمد السجزي قالا: أنبأ محمد بن أيوب، ثنا الأزرق بن علي، ثنا حسان بن ابراهيم الكرماني، ثنا محمد بن سلمة ابن كهيل، عن أبيه، عن أبي الطفيل، عن زيد يقول: نزل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بين مكة والمدينة، عند سمرات خمس دوحات عظام، فكنس الناس ما تحت السمرات، ثم راح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عشية فصلّى، ثم قام خطيبا، فحمد الله وأثنى عليه، وذكّر ووعظ، فقال ما شاء الله أن يقول، ثم قال: أيها الناس إني تارك فيكم أمرين، لن تضلّوا إن اتبعتموهما، وهما كتاب الله وأهل بيتي عترتي. ثم قال: أتعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ ثلاث مرات. قالوا: نعم. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه فعلي

____________________

(١). فرائد السمطين ١ / ٦٢ - ٦٣.

(٢). تاريخ ابن كثير ٥ / ٢١٣.

(٣). الكاشف ٣ / ١٥٠.

(٤). تقريب التهذيب ١ / ٢٥٤.

٢٥٦

مولاه »(١) .

ترجمته

١ - وثّقه أحمد وأبو زرعة وابن معين وابن عدي كما في الخلاصة وهامشها(٢) .

٢ - الذهبي: « خ م د ثقة »(٣) .

٣ - ابن حجر: « صدوق يخطئ »(٤) .

(٣١)

الفضل بن موسى أبو عبدالله المروزي السيناني

المتوفى سنة (١٩٢) أخرج النسائي قال: « أخبرنا الحسين بن حريث المروزي قال: أخبرنا الفضل بن موسى، عن الأعمش، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن وهب قال قال علي كرّم الله وجهه في الرحبة: أنشد بالله من سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم غدير خم يقول: إن الله ورسوله وليّ المؤمنين، ومن كنت وليه فهذا وليه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره؟ قال: فقال سعيد: قام إلى جنبي ستة، وقال زيد بن يثيع: قام عندي ستة. وقال عمرو ذي مر: أحبّ من أحبه وأبغض من أبغضه »(٥) .

ترجمته

١ - وثّقهابن معين وابو حاتم كما في الخلاصة(٦) .

____________________

(١). المستدرك ٣ / ١٠٩.

(٢). خلاصة التذهيب: ٦٤.

(٣). الكاشف ١ / ٢١٥.

(٤). تقريب التهذيب ١ / ١٦١.

(٥). خصائص أمير المؤمنين: ١٠٣.

(٦). خلاصة التذهيب: ٢٦٣.

٢٥٧

٢ - وقال الذهبي: « ثبت »(١) .

٣ - وقال ابن حجر: « ثقة ثبت. وربما أغرب »(٢) .

(٣٢)

اسماعيل بن علية أبو بشر الأسدي

المتوفى سنة (١٩٣) وهو « ابن أخت حميد الطويل ». أخرج الحافظ الكنجي قائلاً: « أخبرنا يوسف بن خليل الدمشقي بحلب قال: أخبرنا الشريف أبو المعمر محمد بن حيدرة الحسيني الكوفي ببغداد، وأخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي بن ميمون النرسي بالكوفة، أخبرنا أبو المثنى دارم ابن محمد بن زيد النهشلي، حدثنا أبو حكيم محمد بن إبراهيم بن السري التميمي، حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، حدثنا ابراهيم ابن الوليد بن حماد، أخبرنا أبي، أخبرنا يحيى بن يعلى، عن حرب بن صبيح، عن ابن اخت حميد الطويل، عن ابن جدعان، عن سعيد بن المسيب قال:

قلت لسعد بن أبي وقاص: إني أريد أن أسألك عن شيء وإني أتّقيك. قال: سل عما بدا لك فإنّما أنا عمّك. قال: قلت: مقام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيكم يوم غدير خم. قال: نعم، قام فينا بالظهيرة، فأخذ بيد علي بن أبي طالب فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه. قال: فقال أبوبكر وعمر: أمسيت يا ابن أبي طالب مولى كلّ مؤمن ومؤمنة »(٣) .

ترجمته

١ - الذهبي: « إسماعيل بن عليّة، الحافظ الثبت العلّامة، أبو بشر اسماعيل بن ابراهيم بن مقسم الأسدي. مولاهم البصري، أحد الأعلام

____________________

(١). الكاشف ٢ / ٣٨٤.

(٢). تقريب التهذيب: ٢ / ١١١.

(٣). كفاية الطالب: ٦٢.

٢٥٨

قال أبو داود: ما أحد إلّا وقد أخطأ إلّا ابن علية وبشر بن المفضل. وقال ابن معين: كان ابن علية ثقة ورعاً تقياً، وقال يونس بن بكير: سمعت شعبة يقول: ابن عليّة سيّد المحدثين »(١) .

٢ - الخطيب البغدادي: « وكان إسماعيل يكنى أبا بشر، وكان ثقة ثبتاً في الحديث حجة »(٢) .

٣ - ابن حجر: « ثقة حافظ »(٣) .

٤ - وترجمةالسيوطي فأورد كلمات الثناء عليه(٤) .

(٣٣)

محمد بن ابراهيم أبو عمرو السلمي البصري

المتوفى سنة (١٩٤). أخرج النسائي قال: « أخبرنا قتيبة بن سعيد، عن ابن أبي عدي، عن عوف، عن ميمون أبي عبدالله قال: قال زيد بن أرقم: قام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ألستم تعلمون أني أولى بكل مؤمن من نفسه؟ قالوا: بلى نشهد لأنت أولى بكل مؤمن من نفسه. قال: فإني من كنت مولاه فهذا مولاه وأخذ بيد علي »(٥) .

ترجمته

١ - الذهبي: « محمد بن أبي عدي الحافظ الثقة وثّقه أبو حاتم

____________________

(١). تذكرة الحفاظ ١ / ٣٢٢.

(٢). تاريخ بغداد ٦ / ٢٢٩.

(٣). تقريب التهذيب ١ / ٦٥.

(٤). طبقات الحفاظ: ١٣٣.

(٥). خصائص أمير المؤمنين: ٩٥.

٢٥٩

الرازي وغيره »(١) .

٢ - وفي الكاشف: « ثقة »(٢) .

٣ - ابن حجر العسقلاني: « ثقة »(٣) .

(٣٤)

محمد بن خازم أبو معاوية التميمي الضرير

المتوفى سنة (١٩٥). أخرج ابن كثير: « قال الحسن بن عرفة العبدي، ثنا محمد بن خازم أبو معاوية الضرير، عن موسى بن مسلم الشيباني، عن عبد الرحمن بن سابط، عن سعد بن أبي وقاص قال: قدم معاوية في بعض حجّاته، فأتاه سعد بن أبي وقاص فذكروا علياً. فقال سعد: له ثلاث خصال لئن لي واحدة منهنّ أحبّ إليّ من الدنيا وما فيها، سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه. الحديث. ( قال ابن كثير ): لم يخرجوه وإسناده حسن »(٤) .

ترجمته

١ - الخطيب البغدادي: « روى عنه: أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وأبو خيثمة زهير بن حرب » ثم أورد كلمات القوم فيه ووثّقه(٥) .

٢ - الذهبي: « أبو معاوية الحافظ الثبت محدّث الكوفة »(٦) .

____________________

(١). تذكرة الحفاظ ١ / ٣٢٤.

(٢). الكاشف ٣ / ١٦.

(٣). تقريب التهذيب ٢ / ١٤١.

(٤). تاريخ ابن كثير ٧ / ٣٤١.

(٥). تاريخ بغداد ٥ / ٢٤٢.

(٦). تذكرة الحفاظ ١ / ٢٩٤.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

رواة حديث الغدير من الأئمّة الثقات، وفيهم أحمد والنسائي والترمذي وابن ماجة ونظراؤهم

ولقد زاد الهروي هذا في الطنبور نغمة أخرى، فزاد على من زعم قدحه في حديث الغدير الواقدي وابن خزيمة، والحال أن أسلافه الذين أخذ منهم هذه المزاعم لم يذكروهما فيمن نسب إليهم القدح في هذا الحديث الشريف

هذا ويكفي في الردّ على هذه المكابرات تصريح جدّه صاحب النواقض بتواتر حديث الغدير.

عبد الحق الدهلوي

وقال الشيخ عبد الحق الدّهلوي في ( شرح المشكاة ): « وهذا الحديث صحيح بلا ريب، رواه جماعة كالترمذي والنسائي وأحمد، وله طرق كثيرة، رووه عن ستة عشر نفس من الصحابة، وفي رواية لأحمد: أنه سمعه من النبي -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - ثلاثون صحابياً وشهدوا به لعلي لما نوزع أيام خلافته، وكثير من أسانيده صحاح أو حسان، ولا التفات بقول من تكلّم في صحته ولا بقول بعضهم القائل بأن: اللهم وال من والاه، موضوع. لوروده من طرق متعدّدة صحح أكثرها الذهبي، كذا قال الشيخ ابن حجر في الصواعق المحرقة.

ولكنا نقول للشيعة على طريق الإلزام - حيث اتفقوا على لزوم أن يكون دليل الامامة متواتراً، وأنه متى لم يكن الحديث متواتراً لم يجز الاستدلال به على الامامة - بأن هذا الحديث غير متواتر يقيناً، على أنه مختلف فيه - وإنْ كان هذا الاختلاف في بعض الخصوصيات - وقد طعن في صحته بعض أئمّة الحديث وعدولهم المرجوع إليهم في هذا الشأن، كأبي داود السجستاني وأبي حاتم الرازي وغيرهم، وقد تركه أهل الحفظ والإتقان الذين طافوا البلاد وساروا إلى الأمصار في طلب الحديث، كالبخاري ومسلم والواقدي وغيرهم من أكابر أهل الحديث، وهذا وإنْ كان غير مخل بصحة الحديث إلّا أن دعوى التواتر في مثله من

٣٨١

العجائب ».

فهو وإنْ بالغ في الردّ على من أنكر صحة الحديث وخدش في ثبوته، إلّا أنه حاول إنكار تواتره، فسلك طرقاً ملتوية وأتى بكلمات متهافتة سعياً وراء ذلك، ولكن لا تخفى حقيقة الأمر على الناظر في كلامه، لأنه ينكر تواتر هذا الحديث في حين أنه يذعن بكثرة طرقه، وأنه رواه ستة عشر شخص من الصحابة وأن أكثر طرقه صحاح أو حسان. فأيّ كلام في ثبوت تواتر حديث هذا شأنه!؟ مع أنهم يعتقدون بحصول التواتر بالأقل من هذا العدد، ويرون تحققه لما رواه ثمانية من الصحابة كما في ( الصواعق ).

بل ذكر هذا الشيخ أن في روايةٍ لأحمد أنه سمعه من النبي -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - ثلاثون من الصحابة، وشهدوا به لأمير المؤمنينعليه‌السلام .

وهذا بناءاً على ما ذكره هذا الرجل، وإلّا فقد علمت أن رواته من الصحابة يزيدون على المائة

وقد نص أبو محمد علي بن أحمد بن حزم على تواتر حديث رواه أربعة من الصحابة، حيث قال في ( المحلى ) في مسألة عدم جواز بيع الماء بعد أن نقل رواية المنع عن أربعة من الصحابة: « فهؤلاء أربعة من الصحابة - رضي الله عنهم -، فهو نقل تواتر لا تحل مخالفته »، فمن العجيب أن يكون ما رواه الأربعة متواتراً ولا يكون ما رواه الستة عشر أو الثلاثون أو الأكثر بمتواتر، وهل هذا إلّا تحكّم قبيح وتعصب فضيح؟!

هذا بالاضافة إلى ما تقدم من تصريح الأئمّة المحققين من أهل السنة ومنهم الذهبي الذي استند اليه ابن حجر، كما ذكره عبد الحق في هذه العبارة، بتواتر حديث الغدير

ومن العجائب أيضاً نفيه تواتر حديث الغدير تمسكاً بوجود الاختلاف فيه، وهذا واضح البطلان جداً، لاعترافه هو في هذا الكلام ببطلان هذا الخلاف، وإذا كان الخلاف في الحديث مردوداً كان التمسك بهذا الخلاف مردوداً كذلك.

٣٨٢

والحاصل إنّ هذا الكلام مختل الأركان ضعيف البنيان واضح البطلان، فهو من جهة يتمسك بقدح القادحين في هذا الحديث للقدح في تواتره، ومن جهة أخرى ينص على أن الخلاف في هذا الحديث مردود، ومن جهة ثالثة يعود ليمدح القادحين فيه ويصفهم بالامامة في هذا الشأن ليشيد بالتالي بقدحهم في الحديث ويسقطه بذلك عن الاعتبار.

وإذا كانت هذه التناقضات والتعصبات - التي يأباها أتباع القادحين ومقلديهم - قادحة في الأحاديث المتواترة، كان مكابرة المخالفين للإسلام وقدحهم في تواتر معاجز النبي -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - جديرة بالإذعان ومؤثرة في الطعن في الدين الحنيف. وذلك لأن هذه المكابرات وتلك التعصبات من باب واحد.

والفرق بأن القادحين هنا أئمة عدول بخلافهم هناك فإنهم ملحدون لا يسمن ولا يغني من جوع. أما أولاً: فلأنّهم لدى الشيعة في مرتبة واحدة، وأما ثانياً: فمع التسليم بالفرق فإنّ كلام الطرفين في البابين في البطلان على حد سواء. على أن الملاك في التواتر حصول شروطه، فمتى تحققت في مورد حكم بتواتره، وليس من شروطه عدم وجود قادح فيه أبداً، بل إذا توفرت شروط التواتر، كان قدح القادحين موجباً للطعن فيهم لا في الحديث وإنْ كانوا من كبار الأئمّة، فلو قدح أبو حاتم وأمثاله في وجوب الصوم مثلاً كان ذلك موجباً للقدح في أنفسهم لا في وجوب الصوم كما لا يخفى.

ثم إنّ نسبة القدح في حديث الغدير إلى أبي داود أكذوبة أخرى، لما عرفت سابقاً من أنه قد روى هذا الحديث. فهذه النسبة باطلة لا أصل لها البتّة. ومن التعصب الفاحش أن ينسب إلى أبي داود هذا البهتان ويتّهم بهذا الأمر الفظيع، ثم يتمسك بهذا القدح المزعوم - مع الاعتراف بكونه مردوداً - في نفي تواتر الحديث خلافاً للمحققين من الأئمّة، وبالرغم من الإذعان بكثرة طرقه!!

٣٨٣

النقض بموقف ابن مسعود من الفاتحة والمعوذتين

ثم إن التمسك بقدح أبي حاتم وجماعته لإِنكار تواتر حديث الغدير، منقوض بإنكار ابن مسعود كون الفاتحة والمعوّذتين من القرآن، وإسقاطه إيّاهما من مصحفه، مع قيام الإجماع من المسلمين على تواترهما وأنّهما من القرآن، وإنّ من جحد ذلك كافر، قال السيوطي: « قال النووي في شرح المهذّب: أجمع المسلمون على أن المعوذتين والفاتحة من القرآن، وأن من جحد منها شيئاً كفر ».

وأمّا موقف ابن مسعود من هذه السور، فهو مما اشتهر اشتهار الشمس في رابعة النهار. قال الراغب: « وأسقط ابن مسعود من مصحفه أمّ القرآن والمعوّذتين »(١) .

وقال السيوطي: « أخرج عبد بن حميد ومحمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة، وابن الأنباري في المصاحف، عن محمد بن سيرين أن أبيّ بن كعب كان يكتب فاتحة الكتاب والمعوّذتين، وأللهم إياك نعبد، وأللهم إنا نستعينك، ولم يكتب ابن مسعود شيئاً من هذا، وكتب عثمان بن عفّان فاتحة الكتاب والمعوّذتين »(٢) .

وقال السّيوطي: « أخرج عبد بن حميد، عن إبراهيم، قال: كان عبد الله لا يكتب فاتحة الكتاب في المصحف، وقال: لو كتبتها، لكتبت في أوّل كل شيء »(٣) .

وقال أيضاً: « أخرج أحمد والبزار والطبراني وابن مردويه من طرق صحيحة عن ابن مسعود أنه كان يحكّ المعوّذتين، وكان ابن مسعود لا يقرأ بهما. قال البزار: لم يتابع ابن مسعود أحد من الصحابة، وقد صحّ عن النبي -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم -

___________________

(١). المحاضرات ٢ / ١٨٩.

(٢). الدر المنثور ١ / ٢.

(٣). نفس المصدر ١ / ٢.

٣٨٤

قراءتهما في الصلاة وأثبتهما في المصحف »(١) .

و قال: « أخرج أحمد والبخاري والنسائي وابن الضريس وابن الأنباري وابن حبّان وابن مردويه عن زرّ بن حبيش، قال: أتيت المدينة، فلقيت أبيّ بن كعب، فقلت له: يا أبا المنذر، إني رأيت ابن مسعود لا يكتب المعوّذتين في مصحفه، فقال: أما والذي بعث محمداً بالحق، لقد سألت رسول الله -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - عنهما، وما سألني عنهما أحد منذ سألت غيرك، قال: قيل لي: قل: فقلت: فقولوا فنحن نقول كما قال رسول الله -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم »(٢) .

وقال السيوطي: « أخرج أبو عبيدة عن ابن سيرين، قال: كتب أبيّ بن كعب في مصحفه فاتحة الكتاب والمعوّذتين، وأللهمّ إنّا نستعينك، واللهمّ إياك نعبد، وتركهنّ ابن مسعود، وكتب عثمان منهنّ فاتحة الكتاب والمعوّذتين »(٣) .

وقال محب الدين الطبري الشافعي في ذكر مطاعن عثمان: « و [ أما ] الخامسة عشرة وهي إحراق مصحف ابن مسعود، فليس ذلك مما يعتذر عنه، بل هو من أكبر المصالح، فانه لو بقي في أيدي الناس لكان أدّى ذلك إلى الفتنة الكبيرة في الدين، لكثرة ما فيه من الشذوذ المنكرة عند أهل العلم بالقرآن، ولحذفه المعوّذتين، من مصحفه مع الشهرة عند الصحابة إنهما من القرآن، وقال عثمان لما عوتب في ذلك: خشيت الفتنة في القرآن »(٤) .

وقال حسين الديار بكري المؤرّخ: « أما إحراق مصحف ابن مسعود، فليس ذلك مما يعتذر عنه، بل هو من أكبر المصالح، فإنه لو بقي في أيدي الناس لأدى ذلك إلى فتنة كبيرة في الدين، لكثرة ما فيه من الشذوذ المنكر عند أهل العلم بالقرآن، ولحذفه المعوّذتين من مصحفه مع الشهرة عند الصحابة أنهما من

___________________

(١). الدر المنثور ٦ / ٤١٦.

(٢). نفس المصدر ٦ / ٤١٦.

(٣). الاتقان في علوم القرآن ١ / ٦٧.

(٤). الرياض النضرة ٢ / ١٩٨، مع اختلاف.

٣٨٥

القرآن »(١) .

وقال المولوي محسن الكشميري: « وأسقط، أي ابن مسعود، عنه، أي عن المصحف، المعوذتين وبالغ في أنهما ليست من القرآن مع أن الفاتحة أمّه »(٢) .

وروى أحمد بن حنبل، عن عبد الرحمن بن يزيد، قال: « كان عبد الله يحك المعوّذتين من مصاحفه ويقول: إنهما ليستا من كتاب الله تبارك وتعالى »(٣) .

وأخرج رواية زرّ بن حبيش المتقدمة: « قلت لأبيّ: إنّ أخاك يحكّهما من المصحف فلم ينكر. قيل لسفيان: ابن مسعود؟ قال: نعم، وليسا في مصحف ابن مسعود، كان يرى رسول الله -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - يعوّذ بهما الحسن والحسين ولم يسمعه يقرأ بهما [ يقرأهما ] في شيء من صلاته، فظنّ أنهما عوذتان وأصرّ على ظنّه »(٤) .

و قال البخاري: « حدثنا علي بن عبد الله، قال: حدثنا سفيان، قال:

حدثنا عبدة بن أبي لبابة، عن زر، قال: سألت أبيّ بن كعب، قلت: يا أبا المنذر، إن أخاك ابن مسعود يقول كذا وكذا، فقال أبي: سألت رسول الله -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - فقال لي: قل، فقلت: فنحن نقول كما قال رسول الله -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم »(٥) .

وقال ابن حجر العسقلاني بشرح هذا الحديث:

« قوله: يقول كذا وكذا، هكذا وقع هذا اللفظ مبهماً، وكأن بعض الرواة أبهمه استعظاماً له، وأظن ذلك من سفيان، فإنّ الاسماعيلي أخرجه من طريق عبد الجبار بن العلاء عن سفيان كذلك على الإِبهام، وكنت أظن أولاً أن الذي

___________________

(١). الخميس ٢ / ٢٧٣.

(٢). نجاة المؤمنين - مخطوط.

(٣). المسند ٥ / ١٢٩ - ١٣٠.

(٤). مسند أحمد ٥ / ١٣٠.

(٥). صحيح البخاري بشرح ابن حجر ٨ / ٦٠٣ - ٦٠٤.

٣٨٦

أبهمه البخاري، لأنّني رأيت التصريح به في رواية أحمد عن سفيان، ولفظه: قلت لأبيّ: إنّ أخاك يحكهما [ يحكها ] من المصحف. وكذا أخرجه الحميدي، عن سفيان، ومن طريقه أبو نعيم في المستخرج، وكان سفيان تارة يصرّح بذلك وتارة يبهمه، وقد أخرجه أحمد أيضاً وابن حبّان من رواية حمّاد بن سلمة عن عاصم بلفظ: ان [ عبد الله ] ابن مسعود كان لا يثبت [ يكتب ] المعوّذتين في مصحفه، وأخرج أحمد عن أبي بكر بن عيّاش، عن عاصم، بلفظ: ان عبد الله يقول في المعوذتين، وهذا أيضاً فيه إبهام.

وقد أخرجه عبد الله بن أحمد في زيادات المسند والطبراني وابن مردويه من طريق الأعمش، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن يزيد [ زيد ] النخعي، قال: كان ابن مسعود يحك المعوّذتين من مصاحفه ويقول: إنهما ليستا من كتاب الله، قال الأعمش: و [ قد ] حدثنا عاصم عن زرّ عن أبي بن كعب، فذكر نحو حديث قتيبة الذي في الباب الماضي، و قد أخرجه البزاز وفي آخره [ و ] يقول: إنما أمر النبي -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - أن نتعوّذ بهما.

قال البزار: لم يتابع ابن مسعود على ذلك أحد من الصحابة، وقد صح عن النبي -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - أنه قرأها في الصلاة. قلت: هو في صحيح مسلم عن عقبة بن عامر، وزاد فيه ابن حبّان من وجه آخر عن عقبة بن عامر، فإنْ استطعت أن لا تفوتك قراءتهما [ في صلاة ] فافعل.

و أخرج أحمد من طريق أبي العلاء بن الشخير، عن رجل من الصحابة أن النبي -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - أقرأه المعوّذتين وقال له: إذا أنت صلّيت فاقرأ بهما. وإسناده صحيح. ولسعيد بن منصور من حديث معاذ بن جبل: إنّ النبي -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - صلّى الصبح فقرأ فيها بالمعوذتين.

وقد تأوّل القاضي أبو بكر الباقلاني في كتاب الانتصار، وتبعه عياض وغيره، ما حكى عن ابن مسعود فقال: لم ينكر ابن مسعود كونهما من القرآن، وإنما أنكر إثباتهما في المصحف، فإنّه كان يرى أن لا يكتب في المصحف شيئا إلّا أن

٣٨٧

كان النبي -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - اذن في كتابته فيه وكأنّه لم يبلغه الاذن في ذلك قال: فهذا تأويل منه وليس جحداً لكونهما قرآناً، وهو تأويل حسن، إلّا أن الرواية [ الصحيحة ] الصريحة التي ذكرتها تدفع ذلك حيث جاء فيها: ويقول: إنّهما ليستا من كتاب الله، نعم يمكن حمل لفظ كتاب الله على المصحف فيتمشى التأويل المذكور.

وقال غير القاضي: لم يكن اختلاف ابن مسعود مع غيره في قرآنيّتهما، وإنما كان في صفة من صفاتهما [ صفتهما ] انتهى. وغاية ما في هذا أنه أبهم ما بيّنه القاضي. ومن تأمل سياق الطرق التي أوردتها للحديث استبعد هذا الجمع.

وأمّا قول النووي في شرح المهذب: أجمع المسلمون على أن المعوذتين والفاتحة من القرآن، وإنّ من جحد شيئاً منها كفر، وما نقل عن ابن مسعود باطل ليس بصحيح، ففيه نظر، وقد سبقه لذلك أبو محمد بن حزم، قال في أوائل المحلّى: ما نقل عن ابن مسعود من انكار قرآنيّة المعوّذتين، فهو كذب باطل، وكذا قال الفخر الرازي في أوائل تفسيره: الأغلب على الظنّ أن هذا النقل عن ابن مسعود كذب باطل، والطعن في الروايات الصحيحة بغير سند لا يقبل، بل الرواية صحيحة والتأويل محتمل، والإجماع الذي نقله إن أراد شموله لكل عصر فهو مخدوش، وإنْ أراد استقراره فهو مقبول.

وقد قال ابن الصباغ في الكلام على مانعي الزكاة: وإنّما قاتلهم أبو بكر على منع الزكاة، ولم يقل أنهم كفروا بذلك، وإنما لم يكفر لأن الاجماع لم يكن استقر، قال: ونحن الآن نكفّر من جحدها، قال: وكذلك ما نقل عن ابن مسعود في المعوّذتين يعني انه لم يثبت عنده القطع بذلك، ثم حصل الاتفاق بعد ذلك.

وقد استشكل هذا الموضع الفخر الرازي، فقال: إنْ قلنا أن كونهما من القرآن كان متواتراً في عصر ابن مسعود لزم تكفير من أنكرهما، وإنْ قلنا أنه لم يكن متواتراً لزم أن بعض القرآن لم يتواتر. قال: وهذه عقدة صعبة، وأجيب باحتمال أنه كان متواترا في عصر ابن مسعود، ولكن لم يتواتر عند ابن مسعود، فانحلت العقدة

٣٨٨

بعون الله تعالى »(١) .

وقال السيوطي بعد أن ذكر أحاديث في مسألة جزئية البسملة من كل سورة: « فهذه الأحاديث تعطي التواتر المعنوي بكونها قرآناً منزلاً في أوائل السور، ومن المشكل على هذا الأصل ما ذكره الامام فخر الدين، قال: نقل في بعض الكتب القديمة أن ابن مسعود كان ينكر كون سورة الفاتحة والمعوّذتين من القرآن، وهو في غاية الصعوبة، لأنا إنْ قلنا أن النقل المتواتر كان حاصلاً في عصر الصحابة بكون ذلك من القرآن، فإنكاره يوجب الكفر، وإنْ قلنا لم يكن حاصلاً في ذلك الزمان، فيلزم أن القرآن ليس بمتواتر في الأصل. قال: والأغلب على الظن أن نقل هذا المذهب عن ابن مسعود نقل باطل وبه يحصل الخلاص عن هذه العقدة، وكذا قال القاضي أبو بكر لم يصح عنه أنها ليست بقرآن ولا حفظ عنه، إنّما حكّها وأسقطها من مصحفه إنكاراً لكتابتها لا جحداً لكونها قرآناً، لأنّه كانت السنّة عنده أن لا يكتب في المصحف إلّا ما أمره النبي -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - بإثباته فيه ولم يجده كتب ذلك ولا سمعه أمر به.

وقال النووي في شرح المهذّب: أجمع المسلمون على أن المعوذتين والفاتحة من القرآن، وأن من جحد منها شيئاً كفر، وما نقل عن ابن مسعود باطل ليس بصحيح.

وقال ابن حزم في المحلى: هذا كذب على ابن مسعود، موضوع، وإنما صح عنه قراءة عاصم عن زرّ عنه، وفيه المعوّذتان والفاتحة.

وقال ابن حجر في شرح البخاري: قد صح عن ابن مسعود إنكار ذلك، فأخرج أحمد وابن حبان عنه أنه كان لا يكتب المعوذتين في مصحفه، وأخرج عبد الله بن أحمد في زيادات المسند والطبراني وابن مردويه من طريق الأعمش عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد النخعي، قال: كان عبد الله بن مسعود يحك

___________________

(١). فتح الباري في شرح صحيح البخاري ٨ / ٦٠٣ - ٦٠٤.

٣٨٩

المعوّذتين من مصاحفه ويقول: إنهما ليستا من كتاب الله، وأخرج الطبراني والبزار من وجه آخر عنه أنه كان يحكّ المعوّذتين من المصحف ويقول إنما أمر النبي -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - أن نتعوذ بهما، وكان عبد الله لا يقرأ بهما أسانيدها صحيحة، قال البزار: لم يتابع ابن مسعود على ذلك أحد من الصحابة وقد صح أنه -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - قرأهما في الصلاة.

قال ابن حجر: فقول من قال إنه كذب مردود والطعن في الروايات الصحيحة بغير مستند لا يقبل، بل الرواية صحيحة والتأويل محتمل، قال: وقد أوّله القاضي وغيره على إنكار الكتابة كما سبق، قال: وهو تأويل حسن إلّا أن الرواية الصريحة التي ذكرتها تدفع ذلك حيث جاء فيها: ويقول: إنهما ليستا من كتاب الله. قال: ويمكن حمل لفظ كتاب الله على المصحف، فيتم التأويل المذكور، قال: لكن من تأمل سياق الطرق المذكورة استبعد هذا الجمع، قال: وقد أجاب ابن الصباغ بأنه لم يستقر عنده القطع بذلك، ثم حصل الاتفاق بعد ذلك، وحاصله أنهما كانتا متواترتين في عصره، لكن لم يتواترا عنده، انتهى

وقال ابن قتيبة في مشكل القرآن: ظن ابن مسعود - رضي الله تعالى عنه - أن المعوذتين ليستا من القرآن، لأنّه رأى النبي -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - يعوّذ بهما الحسن والحسين فأقام على ظنه، ولا نقول أنه أصاب في ذلك وأخطأ المهاجرون والأنصار. قال: وأما إسقاطه الفاتحة من مصحفه فليس لظنه أنها ليست من القرآن، معاذ الله، ولكنه ذهب إلى أن القرآن إنما كتب وجمع بين اللّوحين مخافة الشك والنسيان والزيادة والنقصان، ورأى أن ذلك مأمون في سورة الحمد لقصرها ووجوب تعلّمها على كل أحد.

قلت: وإسقاطه الفاتحة من مصحفه أخرجه أبو عبيد بسندٍ صحيح كما تقدم في أوائل النوع التاسع عشر »(١) .

___________________

(١). الاتقان في علوم القرآن ١ / ٨١ - ٨٢.

٣٩٠

أقول:

فإذا لم يكن إنكار ابن مسعود المعوّذتين قادحاً في تواترهما وقرآنيّتهما، فإنّ قدح مثل أبي حاتم وغيره في حديث الغدير، لا يكون قادحاً في تواتره قطعاً، كيف والحال أن أبا حاتم وأمثاله لا يبلغون في الشرف والكرامة مرتبة تراب أقدام ابن مسعود!! بل إنّ غبار أنف فرس ابن مسعود مع رسول الله -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - أفضل من أبي حاتم وأمثاله، حسب ما نقله ابن حجر المكي في تفضيل معاوية على عمر بن عبد العزيز.

النقض بموقف بعضهم من حديث انشقاق القمر

وأيضاً: فإنّ كان إنكار أبي حاتم ومن حذا حذوه حديث الغدير يضرّ في تواتره، كان إنكار بعضهم حديث انشقاق القمر موجباً للقدح في تواتر هذه المعجزة العظيمة والكرامة الباهرة الثابتة - لرسول الله -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقد جاء في ( نهاية العقول ) للرازي أنّ « الحليمي » قد منع وقوع انشقاق القمر. و « الحليمي » من أكابر علماء أهل السنّة ومن فطاحل أئمّتهم، كما لا يخفى على من راجع تراجمه في معاجم التراجم المعتبرة(١) .

لكن حديث انشقاق القمر متواتر قطعاً:

قال الشهاب القسطلاني: « وقال ابن عبد البرّ: قد روي هذا الحديث - يعني حديث انشقاق القمر - عن جماعة كثيرة من الصحابة، وروى ذلك عنهم أمثالهم من التابعين، ثم نقله الجمّ الغفير إلى أن انتهى إلينا وتأيّد بالآية الكريمة. إنتهى.

___________________

(١). الأنساب الحليمي، وفيات الأعيان ٢ / ١٣٧، مرآة الجنان - حوادث سنة ٤٠٣ طبقات الأسنوي ١ / ٤٠٤.

٣٩١

وقال العلّامة ابن السبكي في شرحه لمختصر ابن الحاجب: الصحيح عندي أنّ انشقاق القمر متواتر منصوص عليه في القرآن، مروي في الصحيحين وغيرهما، من طرق من حديث شعبة، عن سليمان عن إبراهيم، عن أبي معمر، عن أبن مسعود. ثمّ قال: وله طرق أخر شتّى بحيث لا يمترى في تواتره انتهى »(١) .

وقال السيوطي في كلام له في معنى التواتر: « فقد وصف جماعة من المتقدّمين والمتأخّرين أحاديث كثيرة بالتواتر، منها: حديث نزل القرآن على سبعة أحرف، وحديث الحوض، وانشقاق القمر، وأحاديث الهرج والفتن في آخر الزمان »(٢) .

فإذا لم يؤثّر إنكار « الحليمي » ومنعه وقوع إنشقاق القمر في تواتر هذا الحديث، كان إنكار بعض المتعصّبين حديث الغدير غير مؤثّر في تواتره كذلك.

ومن الغرائب إنكار الشاه وليّ الله الدهلوي هذا الحديث كذلك، وقد قال ما نصّه: « أمّا شقّ القمر، فعندنا ليس من المعجزات، إنّما هو من آيات القيامة، كما قال الله تعالى:( اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ) ، ولكنه أخبر عنه قبل وجوده، فكان معجزة من هذا السبيل »(٣) .

عود إلى النظر في كلام عبد الحق الدهلوي

وأمّا استناد الشيخ عبد الحقّ بترك البخاري ومسلم والواقدي رواية حديث الغدير، فقد تقدّم الجواب عنه بالتفصيل في الردّ على كلام الفخر الرازي.

على أنّ ترك هؤلاء روايته، غير قادح في صحة الحديث، كما اعترف هو بذلك، وإذْ ليس قادحاً في صحته، فكيف يكون قادحاً في تواتره؟

وبالجملة، فإنّ دعوى عدم تواتر حديث الغدير، بالاستناد الى هذه

___________________

(١). المواهب اللدنية ١٥ / ٣٥٦.

(٢). إتمام الدراية / ٥٥، هامش مفتاح العلوم.

(٣). راجع: التفهيمات الالهية ٣ / ٦٥.

٣٩٢

الهفوات والأباطيل، من أعجب العجائب. ولنعم ما قال ابن حجر العسقلاني في شرح حديث إنشقاق القمر: « فأمّا من سأل عن السبب في كون أهل التنجيم لم يذكروه، فجوابه: أنه لم ينقل عن أحد منهم أنّه نفاه وهذا كاف، فإنّ الحجة فيمن أثبت لا فيمن لم يوجد منه صريح النفي، حتى أنّ من وجد منه صريح النفي يقدّم عليه من وجد منه صريح الإثبات »(١) .

محمد البرزنجي

وممن وقع في هذه الورطة، محمد بن عبد الرسول البرزنجي، فإنّه مع دعوى انسابه إلى الدّوحة العلوية، وبالرغم من تصريحه بصحة حديث الغدير سلك سبيل مشايخه المتعصّبين، فتطرّق إلى الخلاف في صحّته وأثنى على من نسب إليهم القدح فيه، وعدّ فيهم أبا داود السجستاني - كذباً وبهتاناً - فقال:

« والخلاف في صحته ينفي تواتره، بل يخرجه عن كونه صحيحاً متّفقاً عليه، والطاعنون جمع من أئمّة الحديث أجلّاء، كأبي داود السجستاني وأبي حاتم وغيرهما »(٢) .

حسام الدين السهارنبوري

وقال حسام الدين ابن الشيخ محمد بايزيد السهارنبوري:

ولا نسلّم أنّ الأمة تلقّت هذا الحديث بالقبول، لأن جماعة من الأئمة العدول وثقات المحدّثين المرجوع اليهم في هذا الشأن كأبي داود السجستاني وأبي حاتم الرازي وغيرهما، طعنوا فيه، وتكلّموا في صحّته، على ما صرّح بذلك الشيخ ابن حجر -رحمه‌الله - في الصواعق، وعليّ القوشجي -رحمه‌الله - في شرح التجريد، وإنّ جماعة من أهل الحق والإيقان وأكابر المحدثين كالإمام البخاري

___________________

(١). فتح الباري ٧ / ١٤٧.

(٢). نواقض الروافض - مخطوط.

٣٩٣

ومسلم والواقدي وغيرهم لم يرووه، كما ذكر الشيخ عبد الحق، وهؤلاء من أعاظم علماء السنّة والجماعة وأكابر أصحاب الحديث وأخبار خير البريّة - عليه الصلاة والتحيّة - وقد طافوا البلاد وساروا في الأمصار في طلب الأحاديث والآثار، وبلغوا في هذا العلم الشريف أقصى الغاية وارتقوا فيه على أعلى الدرجات.

فدعوى تلقي جميع الأمة حديثاً طعن فيه رؤساء المحدّثين وتركه ثقاتهم بالقبول باطلة وإثبات تواتره مع طعن أئمّة المحدثين وعدولهم فيه مشكل جداً »(١) .

أقول: لقد تبع هذا الرجل ابن حجر المكي وعبد الحق الدهلوي وأخذ عنهما هذه الخرافات، لكن لا يخفى من كلامه أنّه أكثر منهما تعصباً وأشد انحرافاً عن الحق، لأن ابن حجر وعبد الحق قد شهدا قبل القدح في حديث الغدير بصحته وكثرة طرقه، وأنه قد رواه ستة عشر من الصحابة وشهد به ثلاثون منهم على ما أخرجه أحمد، وأن كثيراً من طرقه صحيح أو حسن، وقد أضاف عبد الحق أن القدح فيه مردود غير مسموع.

لكن صاحب المرافض لم يتعرض لهذه الكلمات الحقة، واقتصر على أخذ الخرافات وآيات التعصب والعناد منهما، فذكر كلماتهما الباطلة ونسج على منوالهما في تلك الدعاوي الكاذبة

وعلى كل حال، فلا يخفى بطلان هذه المناقشات وسقوطها عن درجة الاعتبار، ولا سيما دعوى قدح جماعة من الأئمّة العدول المرجوع إليهم في حديث الغدير، فإنّها دعوى كاذبة باطلة، كما ذكرنا مراراً، ويشهد بذلك نسبة القدح إلى أبي داود - تبعاً لغيره - وقد علمت أن أبا داود من رواة هذا الحديث الشريف.

ومن الجدير بالذكر أن صاحب المرافض قد نقل حديث الغدير عن أحمد ابن حنبل في فضائل أمير المؤمنين -عليه‌السلام - من ذي قبل.

___________________

(١). مرافض الروافض - مخطوط.

٣٩٤

ابن تيمية

وقال ابن تيمية: « أما قوله: من كنت مولاه فعلي مولاه، فليس [ هو ] في الصحاح، لكن هو مما رواه العلماء، وتنازع الناس في صحته. ونقل عن البخاري وابراهيم الحربي وطائفة من أهل العلم بالحديث، أنهم طعنوا فيه وضعّفوه، ونقل عن أحمد بن حنبل أنه حسّنه كما حسّنه الترمذي. وقد صنف أبو العباس ابن عقدة مصنفاً في جمع طرقه »(١) .

أقول:

أما قوله: « فليس في الصحاح » فيكفي في رده كلام القاضي سناء الله في ( السيف المسلول ) حيث صرح فيه برواية الجمهور هذا الحديث في الصحاح السنن والمسانيد، وقد سبق نص كلامه فيما مضى.

وأيضاً يتضح بطلانه من مراجعه: صحيح الترمذي وصحيح ابن ماجة وصحيح ابن حبان والمستدرك والمختارة للضياء المقدسي - وهي كلّها من الكتب الصحاح لدى أهل السنة - فإنها قد أخرجت حديث الغدير.

ولقد اعترف ابن روزبهان - مع تعصبه - بكون هذا الحديث مخرجاً في الصحاح كما سيجيء ان شاء الله.

وأمّا: أن « البخاري » طعن فيه، فنقول: لقد كان أهل الحق في حيرة وعجب من ترك البخاري حديث الغدير، مع توفر شروط التواتر فيه بأضعاف مضاعفة، فهو مؤاخذ على تركه رواية هذا الحديث، حتى جاء ابن تيميّة فادّعى طعن البخاري فيه، وهذا أعجب من ذلك بكثير! وهل من الجائز الاعتماد على هكذا أناس في نقل السنة النبويّة؟

___________________

(١). منهاج السنة ٤ / ٨٦.

٣٩٥

ولقد وقفت على طرف من قوادح البخاري وكتابه فيما سبق نقلاً عن أكابر القوم وستقف على طرف آخر منها فيما سيأتي إنْ شاء الله تعالى. وإنّ من أفحش قوادحه وأقبح مساويه استرابته في بعض أحاديث الامام الصادق -عليه‌السلام - تبعاً ليحيى القطان جعله الله قاطناً في دركات النيران، على ما ذكر ابن تيمية حيث قال:

« وبالجملة، فهؤلاء الأئمّة الأربعة ليس منهم من أخذ عن جعفر من قواعد الفقه، لكن رووا عنه الأحاديث كما رووا عن غيره، وأحاديث غيره أضعاف أحاديثه، وليس بين حديث الزهري وحديثه نسبة لا في القوة ولا في الكثرة، وقد استراب البخاري في بعض أحاديثه لمـّا بلغه عن يحيى بن سعيد القطان فيه كلام، فلم يخرج له، ويمتنع أن يكون حفظه للحديث كحفظ من يحتج بهم البخاري »(١) .

وأما: أن « ابراهيم الحربي » طعن فيه، فإنّ طعنه مردود بالوجوه التي ذكرناها في رد قدح ابن أبي داود

على أن هذا الرجل مقدوح لما ذكروا في ترجمته من أنه كان يستحسن الابتلاء بعشق الصبي المليح قال صلاح الدين الكتبي:

« وقال ياقوت: حدثني صديقنا الحافظ أبو عبد الله محمد بن محمود ابن النجار، قال: حدثني أحمد بن سعيد الصباغ، يرفعه إلى أبي نعيم، قال: كان يحضر مجلس إبراهيم الحربي جماعة من الشبّان للقراءة عليه، ففقد أحدهم، فسأل عنه من حضر، فقالوا: هو مشغول، ثم سأل يوماً آخر فقالوا: هو مشغول وكان قد ابتلي بمحبة شخص شغله عن الحضور، وعظّموا إبراهيم الحربي أن يخبروه بجلية الحال. فلما تكرّر السؤال عنه - وهم لا يزيدونه على أنه مشغول - قال: يا قوم، إن كان مريضاً قوموا بنا لنعوده، وإنْ كان مديوناً اجتهدنا في مساعدته

___________________

(١). منهاج السنة ٢ / ٨٦.

٣٩٦

أو محبوساً سعينا في خلاصه، فخبّروني عن جلية حاله. فقالوا: نجلك عن ذلك فقال: لا بدّ أن تخبروني، فقالوا: إنه ابتلي بعشق صبي. فاحتشم إبراهيم ثم قال: هذا الصبي الذي ابلي بعشقه هو مليح أو قبيح؟ فعجب القوم من سؤاله عن مثل ذلك مع جلالته في أنفسهم، وقالوا: أيها الشيخ مثلك يسأل عن مثل هذا؟ فقال: إنه بلغني أن الانسان إذا ابتلي بمحبة صورة قبيحة، كان بلاء يجب الاستعاذة من مثله، وإنْ كان مليحاً كان ابتلاء يجب الصبر عليه واحتمال المشقة فيه. قال: فعجبنا مما أتى به »(١) .

أقول: وكيف لا يتعجبون مما أتى به؟ وعشق الصبي في غاية القبح والشناعة والفظاعة، وقد كتب الشيخ محمد حياة السندي - وهو من أكابر العلماء المتبحّرين - رسالة في النهي عن عشق صور المرد والنسوان قال فيها على ما نقل عنها معاصره القنوجي في ( اتحاف النبلاء ) بترجمته: « تلك لعمر الله الفتنة الكبرى والبلية العظمى استعبدت النفوس لغير خلّاقها، وملكت القلوب لمن يسومها الهوان من عشّاقها، وألقت الحرب بين العشق والتوحيد ودعت إلى موالاة كل شيطان مريد - إلى قوله -: إنما حكى الله العشق عن الكفرة قوم لوط وامرأة العزيز، وكانت إذ ذاك مشركة، والفتنة بعشق الصور تنافي أن يكون دين العبد كله لله، بل ينقص من دينه بحسب ما حصل له من فتنة العشق، وربما أخرجت صاحبه من أن يبقى معه شيء من الدين، والمفتون بالصور مخالف لقوله:( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ ) والمبتلى بها ليس بغاض بصره بل يلتذ بالنظر الحرام وربما يقع به في الزنا - إلى قوله: - فإنّ تعبّد القلب للمعشوق شرك وقد أثبت النبي -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - اسم التعبد على المحبة لغير الله تعالى في قوله في الصحيح: تعس عبد الدينار وعبد الدراهم الخ ».

وقال الذهبي بترجمة إبراهيم الحربي: « قال المسعودي: كانت وفاة الحربي

___________________

(١). فوات الوفيات ١ / ١٦.

٣٩٧

المحدث الفقيه في الجانب الغربي وله نيف وثمانون سنة، وكان صدوقاً عالماً فصيحاً جواداً عفيفاً زاهداً عابداً ناسكا، وكان مع ذلك ضاحك السنّ ظريف الطّبع ولم يكن معه تكبّر ولا تجبّر، يمازح مع أصدقائه بما يستحيى منه ويستقبح من غيره »(١) .

قال: « ويروى أن ابراهيم لما صنّف غريب الحديث وهو كتاب نفيس كامل في معناه، قال ثعلب: ما لإِبراهيم وغرائب الحديث، رجل محدث، ثم حضر مجلسه فلما حضر المجلس سجد ثعلب وقال: ما ظننت أن على وجه الأرض مثل هذا الرجل »(٢) .

هذا، ولم ينقل الذهبي عن الحربي أنه أنكر على ثعلب سجوده له، فهو اذاً يجوّز السجود لغير الله تعالى، وهذا أيضاً من مساويه وقبائحه.

ومن مساويه طعنه في علي بن المديني - شيخ البخاري - إذ قال الذهبي: « قال أبو بكر الشافعي: سمعت إبراهيم الحربي يقول: عندي عن علي بن المديني قمطر ولا أحدّث عنه بشيء، لأنّه رأيته في المغرب وبيده نعله مبادراً، فقلت: إلى أين؟ قال: ألحق الصلاة مع أبي عبد الله، فظننته يعني أحمد بن حنبل، ثم قلت: من أبو عبد الله؟ قال: ابن أبي داود »(٣) .

وهذا لا يكون إلّا من التعنت

ولا بأس بنقل كلمات أساطين أهل السنة في الثناء على بن المديني ليتضح سقوط كلام الحربي ومدى انهماكه في التعصب المقيت:

قال النووي: « علي بن المديني الامام أحد أئمّة الاسلام المبرزين في الحديث. صنف فيه مائتي مصنف لم يسبق الى معظمها ولم يلحق في كثير منها، سمع أباه وحماد بن زيد وسفيان بن عيينة ويحيى القطان وخلائق. روى عنه معاذ ابن معاذ وأحمد بن حنبل والبخاري وخلائق من الأئمّة، وأجمعوا على جلالته وإمامته

___________________

(١). سير أعلام النبلاء ١٣ / ٣٦٤.

(٢). سير أعلام النبلاء ١٣ / ٣٦١.

(٣). سير أعلام النبلاء ١٣ / ٣٦٩.

٣٩٨

وبراعته في هذا الشأن وتقدمه على غيره.

قال عبد الغني بن سعيد المصري: أحسن الناس كلاماً على حديث رسول الله -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - ثلاثة: علي بن المديني في وقته، وموسى بن مروان في وقته، والدر قطني في وقته.

وقال سفيان بن عيينة - وهو أحد شيوخ علي بن المديني -: حدثني علي بن المديني - وتلومونني على حب علي، والله لقد كنت أتعلّم منه أكثر ممّا يتعلّم منّي -.

وكان سفيان يسميه حيّة الوادي، وكان اذا سئل عن شيء يقول: لو كان حية الوادي.

وقال حفص بن محبوب: كنت عند ابن عيينة، ومعنا علي بن المديني وابن الشاذكوني، فلما قام ابن المديني، قال السفيان: إذا قامت الخيل لم نجلس مع رجّالة.

وقال محمد بن يحيى: رأيت لعلي بن المديني كتاباً على ظهره مكتوب المائة والنيف والستون من علل الحديث.

وقال عباس العنبري: كانوا يكتبون قيام ابن المديني وقعوده ولباسه وكل شيء يقول ويفعل أو نحو هذا، وكان ابن المديني إذا قدم بغداد تصدّر بالحلقة وجاء أحمد ويحيى والمعيطي والناس يتناظرون، فإذا اختلفوا في شيء تكلّم فيه.

وقال الأعين: رأيت ابن المديني مستلقياً، وأحمد بن حنبل عن يمينه ويحيى ابن معين عن يساره، وهو يملي عليهما.

وقال البخاري: ما استصغرت نفسي عند أحد قط إلّا عند علي بن المديني.

وقال يحيى القطان: نحن نستفيد من ابن المديني أكثر مما يستفيد منا.

وقال عبد الرحمن بن المهدي: علي بن المديني أعلم الناس بحديث رسول الله -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - وخاصة بحديث ابن عيينة.

وقال أبو حاتم: كان ابن المديني علماً في الناس في معرفة الحديث والعلل وكان أحمد بن حنبل لا يسميّه بل يكنّيه ابا الحسن تبجيلاً، وما سمعت أحمد سمّاه

٣٩٩

قط.

قال البخاري: توفي ابن المديني ليومين بقيا من ذي القعدة سنة أربع وثلاثين ومائتين بالعسكر»(١) .

ابن حزم

وقال ابن حزم الاندلسي - فيما نقل عنه ابن تيمية -: « وأما من كنت مولاه فعلي مولاه، فلا يصح من طريق الثقات أصلاً »(٢) .

أقول: أعوذ بالله من الكذب والبهتان والتفوه بمثل هذا الهذر والهذيان ولكن ابن حزم مشهور بالتعصب لبني أمية ماضيهم وباقيهم، وباعتقاده بصحة إمامتهم، حتى نسب إلى النصب لأمير المؤمنين وأهل البيت الطاهرين - عليهم الصلاة والسلام - إلى غير ذلك من مساويه وصفاته حتى أجمع فقهاء عصره على تضليله

ولا بدّ من نقل نصوص عبارات مشاهير علمائهم المحققين في ترجمته في هذا المقام:

قال الحافظ ابن حجر العسقلاني: « ولد بقرطبة سنة ٣٨٤، ونشأ في نعمة ورئاسة، وكان أبوه من الوزراء وولي هو وزارة بعض الخلفاء من بني أمية بالأندلس، ثم ترك واشتغل في صباه بالأدب والمنطق والعربية وقال الشعر وترسّل ثم أقبل على العلم فقرأ الموطأ وغيره. ثم تحوّل شافعيّاً فمضى على ذلك وقت ثم انتقل إلى مذهب الظاهر وصنف فيه وردَّ على مخالفيه.

وكان واسع الحفظ إلّا أنه لثقته بحافظته، كان يهجم على القول في التعديل والتجريح وتبيين أسماء الرواة فيقع له من ذلك أوهام شنيعة، وقد تتبع كثيراً منها الحافظ قطب الدين الحلبي ثم المصري م المحلى خاصة، وسأذكر منها أشياء.

___________________

(١). تهذيب الأسماء واللغات ١ / ٣٥٠ - ٣٥١.

(٢). منهاج السنة ٤ / ٨٦.

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424