نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٧

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار13%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 424

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 424 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 267326 / تحميل: 6867
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٧

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

وقال ابن المديني: مدار حديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على ستة فذكرهم، قال: وصار علم الستة عند اثني عشر أحدهم ابن إسحاق. وسئل ابن شهاب عن المغازي فقال: هذا أعلم الناس بها - يعني ابن إسحاق - وقال الشافعي: من أراد أن يتبحّر في المغازي فهو عيال على ابن إسحاق. وقال أحمد ابن زهير سألت يحيى بن معين عنه فقال: قال عاصم بن عمر بن قتادة: لا يزال في الناس علم ما عاش محمد بن إسحاق.

وقال ابن أبي خيثمة: نا هارون بن معروف قال: سمعت أبا معاوية يقول: كان ابن اسحاق من أحفظ الناس، فكان إذا كان عند الرجل خمسة أحاديث أو أكثر جاء فاستودعها محمد بن اسحاق فقال إحفظها، فإنْ نسيتها كنت قد حفظتها عليّ. وروى الخطيب بإسناد له إلى ابن نفيل، نا عبدالله بن فائد، قال: كنا إذا جلسنا الى محمد بن إسحاق فأخذ في فنٍ من العلم قضى مجلسه في ذلك الفن. وقال أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو النصري: ومحمد بن إسحاق قد أجمع الكبراء من أهل العلم على الأخذ عنه، منهم سفيان، وشعبة، وابن عيينة، والحمّادان، وابن المبارك، وإبراهيم بن سعد، وروى عنه من الأكابر يزيد بن أبي حبيب، وقد اختبره أهل الحديث فرأوا صدقاً وخيراً، مع مدحة ابن شهاب له، وقد ذاكرت دحيماً قول مالك - يعني فيه - فرأى أن ذلك ليس للحديث، إنما هو لأنّه اتّهمه بالقدر.

وقال إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني: الناس يشتهون حديثه، وكان يرمى بغير نوع من البدع. وقال ابن نمير: كان يرمى بالقدر، وكان أبعد الناس منه. وقال البخاري: ينبغي أن يكون له ألف حديث ينفرد به الا يشاركه فيها أحد. وقال عن ابن المديني عن سفيان: ما رأيت أحداً يتّهم محمد بن إسحاق. وقال أبو سعيد الجعفي: كان ابن إدريس معجباً بابن إسحاق، كثير الذّكر له، ينسبه إلى العلم والمعرفة والحفظ.

وقال: إبراهيم الحربي: حدثني مصعب قال: كانوا يطعنون عليه بشيء من

٢١

غير جنس الحديث. وقال يزيد بن هارون: لو سوّد أحد في الحديث لسوّد محمد ابن إسحاق. وقال شعبة فيه: أمير المؤمنين في الحديث. وروى يحيى بن آدم نا أبو شهاب قال قال لي شعبة بن الحجاج: عليك بالحجاج بن أرطاة وبمحمد بن إسحاق. وقال ابن علّية قال شعبة: أما محمد بن إسحاق وجابر الجعفي فصدوقان. وقال:

يعقوب بن شيبة: سألت ابن المديني كيف حديث محمد بن إسحاق صحيح؟ قال: نعم حديثه عندي صحيح، قلت له: فكلام مالك فيه؟ قال: لم يجالسه ولم يعرفه. ثم قال علي: ابن اسحاق أي شيء حدّث بالمدينة، قلت له: فهشام بن عروة قد تكلّم فيه، فقال علي: الذي قال هشام ليس بحجة، لعلّه دخل على امرأته وهو غلام فسمع منها، وسمعت عليّا يقول: إن حديث محمد بن اسحاق ليتبيّن فيه الصدق، يروي مرة: حدثني أبو الزناد، ومرة ذكر أبو الزناد، وروى عن رجل عمن سمع منه يقول: حدثني سفيان بن سعيد عن سالم أبي النظر عن عمر صوم يوم عرفة، وهو من أروى الناس عن أبي النضر، ويقول: حدثني الحسن بن دينار عن أيوب عن عمرو بن شعيب في سلف وبيع، وهو من أروى الناس عن عمرو بن شعيب، وقال علي: لم أجد لابن إسحاق إلّا حديثين منكرين وقال مرة: وقع إليّ من حديثه شيء، فما أنكرت منه إلّا أربعة أحاديث. ظننت أن بعضه منه وبعضه ليس منه.

وقال البخاري: رأيت علي بن المديني يحتج بحديثه، فقال لي: نظرت في كتابه فما وجدت عليه إلّا حديثين، ويمكن أن يكونا صحيحين.

وقال العجلي: ثقة. وروى المفضل بن غسان عن يحيى بن معين: ثبت في الحديث، وقال يعقوب بن شيبة: سألت ابن معين عنه: في نفسك شيء من صدقه؟ قال: لا، هو صدوق. وروى ابن أبي خيثمة عن يحيى: ليس به بأس. وقال ابن المديني قلت لسفيان: كان ابن إسحاق جالس فاطمة بنت المنذر؟ فقال: أخبرني أنها حدّثته وأنه دخل عليها، فاطمة هذه هي زوج هشام بن عروة، وكان

٢٢

هشام ينكر على ابن إسحاق روايته عنها ويقول: لقد دخلت بها وهي بنت تسع سنين، وما رآها مخلوق حتى لحقت بالله. وقال الأثرم: سألت أحمد ابن حنبل عنه فقال: هو حسن الحديث »(١) .

(٢)

رواية معمر بن راشد

قال الحافظ ابن كثير الدمشقي: « وقال عبد الرزاق أنا معمر عن علي بن زيد بن جدعان عن عدي بن ثابت عن البراء بن عازب قال: خرجنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى نزلنا غدير خم، فبعث منادياً ينادي، فلما اجتمعنا قال: ألست أولى بكم من أنفسكم؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: ألست أولى بكم من آبائكم؟ قلنا: بلى يا رسول الله قال: ألست ألست ألست؟ قلنا: بلى يا رسول الله. قال: من كنت مولاه فعلي مولاه. أللهم وال من والاه وعاد من عاداه. فقال عمر بن الخطاب: هنيئاً لك يا ابن أبي طالب أصبحت اليوم ولي كل مؤمن »(٢) .

ترجمته

١ - ابن حبان: « معمر بن راشد مولى عبد السّلام بن عبد القدوس أخو صالح بن عبد القدوس، وقد قيل: إنه مولى للمهلّب بن أبي صفرة. وهو معمر ابن أبي عمرو، من أهل البصرة سكن اليمن. يروي عن قتادة والزهري

____________________

(١). عيون الأثر - مقدمة الكتاب.

(٢). تاريخ ابن كثير ٧ / ٣٥٠

٢٣

وعبد الرزاق، يروي عن عمير بن هاني العبسي: إنه كان يسجد كلّ يوم ألف سجدة ويسبّح مائة ألف تسبيحة. روى عنه علي بن حجر السعدي »(١) .

٢ - السمعاني: « ومن القدماء أبو عمرة معمر بن راشد البصري وكان من ثقات العلماء قال ابن جريح: عليكم بهذا الرجل - يعني معمراً - فإنه لم يبق من أهل زمانه أعلم منه. وسئل ابن جريج عن شيء من التفسير فأجابني فقلت له: معمر قال كذا وكذا، قال: إن معمراً شرب من العلم فانقع قال علي بن المديني: نظرت فإذا الإِسناد يدور على ستة، فلأهل البصرة شعبة وسعيد ابن أبي عروبة وحماد بن سلمة ومعمر بن راشد، ويكنى أبا عروة مولى حمدان ومات باليمن سنة أربع وخمسين ومائة، قال أبو حاتم الرازي: انتهى الاسناد إلى ستة نفر أدركهم معمر وكتب عنهم، لا أعلم اجتمع لأحد غير معمر قال أحمد بن حنبل: لا يضم أحد إلى معمر إلّا وجدت معمراً أطلب للعلم منه »(٢) .

٣ - الذهبي: « وفي رمضان: معمر بن راشد الأزدي مولاهم البصري. الحافظ أبو عروة، صاحب الزهري كهلاً، روى عن أبي إسحاق وطبقته، وشهد جنازة الحسن، وأقدم شيوخه موتاً قتادة، قال أحمد: ليس يضم معمر إلى أحد إلّا وجدته فوقه، وقال غيره: كان معمر صالحاً خيرا، وهو أوّل من ارتحل إلى اليمن في طلب الحديث، فلقى بها همام بن منبه صاحب أبي هريرة »(٣) .

٤ - الذهبي: « وشيخ اليمن معمر بن راشد الأزدي البصري. وكان من أوعية العلم، وصنّف التصانيف »(٤) .

٥ - الذهبي: « ع - معمر بن راشد أبو عروة مولاهم. عالم اليمن عن الزهري وهمام. وعنه: غندر وابن المبارك وعبد الرزاق. قال معمر: طلبت العلم

____________________

(١). الثقات ٧ / ٤٨٤.

(٢). الأنساب - المهلبي.

(٣). العبر - حوادث سنة ١٥٣.

(٤). دول الاسلام - حوادث سنة ١٥٣.

٢٤

سنة مات الحسن ولي أربع عشرة سنة، وقال أحمد: لا تضم معمراً إلى أحد إلّا وجدته يتقدّمه، كان أطلب أهل زمانه للعلم. وقال عبد الرزاق: سمعت منه عشرة آلاف. وتوفي في رمضان سنة ١٥٣ »(١) .

٦ - اليافعي: « وفي رمضان منها: معمر بن راشد الأزدي مولاهم البصري الحافظ، قال أحمد: ليس يضم »(٢) .

٧ - السيوطي: « قال ابن حبان: كان فقيهاً متقناً حافظاً ورعاً »(٣) .

(٣)

رواية إسرائيل بن يونس السبيعي

قال الحافظ ابن كثير: « وقال عبد الرزاق عن إسرائيل عن أبي اسحاق عن سعيد بن وهب وعبد خير قالا: سمعنا علياً يقول برحبة الكوفة يقول: أنشد الله رجلاً سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعليّ مولاه. فقام عدة من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فشهدوا أنهم سمعوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول ذلك »(٤) .

ترجمته

١ - ابن حبان: « إسرائيل بن يونس بن إسحاق السبيعي الهمداني، من أهل الكوفة، أخو عيسى بن يونس، يروى عن أبي إسحاق وسماك. روى عنه أهل العراق، ولد سنة مائة، ومات سنة ستين ومائة، وقد قيل سنة اثنتين وستين، وكنيته أبو يوسف.

____________________

(١). الكاشف ٣ / ١٦٤.

(٢). مرآة الجنان - حوادث سنة ١٥٣.

(٣). طبقات الحفاظ ٨٢.

(٤). تاريخ ابن كثير ٧ / ٣٤٨.

٢٥

سمعت ابن خزيمة يقول: سمعت الدورقي يقول: سمعت ابن مهدي يقول قال: عيسى بن يونس قال إسرائيل: كنت أحفظ حديث يونس ابن إسحاق كما أحفظ السورة من القرآن »(١) .

٢ - السيوطي: « وعنه: عبد الرزاق وأبو داود الطيالسي وأحمد بن أبي أياس وابن مهدي وأبو نعيم والفريابي ووكيع. قال يحيى القطان: إسرائيل فوق أبي بكر ابن عياش. وكان أحمد يتعجب [ يعجب ] من حفظه. وقال أحمد: إسرائيل أصحّ حديثاً من شريك، إلّا في أبي اسحاق، فإنّ شريكاً أضبط. مات سنة ١٦٠ »(٢) .

(٤)

رواية شريك بن عبدالله النخعي

قال ابن كثير الحافظ: « وقال أبوبكر بن أبي شيبة: ثنا شريك عن حنش عن رباح بن الحارث قال: بينا نحن جلوس في الرحبة مع علي إذ جاء رجل عليه أثر السفر فقال: السلام عليك يا مولاي. قالوا: من هذا؟ فقال [ هذا ] أبو أيوب، فقال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه »(٣) .

ترجمته

١ - ابن الوردي: « فيها توفي بالكوفة أبو عبدالله شريك بن عبدالله بن

____________________

(١). الثقات ٦ / ٧٩.

(٢). طبقات الحفاظ ٩٠ وتاريخ الوفاة: ١٦٢. وتوجد ترجمته في تذكرة الحفاظ ١ / ٢١٤ وتهذيب التهذيب ١ / ٢٦١ واللباب في الأنساب ١ / ٥٣١ وطبقات ابن سعد ٦ / ٢٦٠ وغيرها.

(٣). تاريخ ابن كثير ٧ / ٣٤٩.

٢٦

أبي شريك. تولى القضاء أيام المهدي ثم عزله الهادي. وكان عالماً عادلاً، كثير الصّواب، حاضر الجواب، ذكر عنده معاوية بالحلم فقال: ليس بحليم من سفّه الحق وقاتل علياً. ولد ببخارى سنة خمس وتسعين »(١) .

٢ - الذهبي: « وقاضي الكوفة ومفتيها: شريك بن عبدالله النخعي، عن نيف وثمانين سنة »(٢) .

٣ - اليافعي: « أحد الأعلام »(٣) .

٤ - السيوطي: « أحد الأعلام قال ابن معين: صدوق ثقة، إلّا أنّه إذا خالف فغيره أحبّ إلينا منه. ولد سنة خمس وتسعين. ومات سنة سبع وسبعين ومائة »(٤) .

(٥)

رواية محمد بن جعفر ( غندر )

في مسند أحمد بن حنبل: « حدثنا عبدالله، حدثني أبي، ثنا محمد بن جعفر، ثنا شعبة عن أبي اسحاق، قال: سمعت سعيد بن وهب قال: نشد علي الناس، فقال خمسة أو ستة من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فشهدوا أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه »(٥) .

ترجمته

١ - الذهبي: « محمد بن جعفر غندر، الحافظ أبو عبدالله البصري

____________________

(١). تتمة المختصر - حوادث سنة ١٧٧.

(٢). دول الاسلام - حوادث سنة ١٧٧.

(٣). مرآة الجنان - حوادث سنة ١٧٧.

(٤). طبقات الحفاظ ٩٨.

(٥). مسند أحمد ٥ / ٣٦٦.

٢٧

صاحب شعبة، وقد روى عن حسين المعلم وطائفة، وقال: لزمت شعبة عشرين سنة. قال ابن معين: كان من أصحّ الناس كتاباً، وقال آخر: مكث غندر خمسين سنة يصوم يوماً ويفطر يوماً»(١) .

٢ - الذهبي أيضاً: « ع - محمد بن جعفر الهذلي، مولاهم البصري الحافظ غندر قال ابن معين: أراد بعضهم أن يخطئه فلم يقدر، وكان من أصح الناس كتاباً »(٢) .

٣ - اليافعي: « الحافظ محمد بن جعفر المعروف بغندر، قال ابن معين »(٣) .

٤ - البدخشاني: « أحد الأئمّة وروى عنه صاحب الصحيح الامام محمد بن إسماعيل البخاري.

قلت: غندر الذي في رجال صحيح البخاري هو صاحب الترجمة، ولكن ليس من شيوخ البخاري بل هو شيخ شيوخه، وهو من كبار الحفاظ، وقال ابن معين: أراد بعضهم أن يخطئه فلم يقدر، وكان من أصحّ الناس كتاباً.

مات في ذي القعدة سنة ثلاث وتسعين ومائة »(٤) .

(٦)

رواية وكيع بن الجراح

قال أحمد بن حنبل: « حدثنا وكيع قال حدثنا الأعمش عن سعد بن عبيدة

____________________

(١). العبر - حوادث ١٩٣.

(٢). الكاشف - ٣ / ٢٩.

(٣). مرآة الجنان - حوادث ١٩٣.

(٤). تراجم الحفاظ - مخطوط.

٢٨

عن ابن بريدة عن أبيه قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه فعلي مولاه »(١) .

ترجمته

١ - ابن حبان: « وكيع بن الجراح روى عنه أحمد بن حنبل وأهل العراق، وكان حافظاً متقناً، سمعت محمد بن أحمد بن أبي عوف يقول: سمعت فياض بن زهير يقول: ما رأينا بيد وكيع كتاباً قطّ، كان يقرأ كتبه من حفظه، قال أبو حاتم: كان مولد وكيع سنة تسع وعشرين ومائة، ومات سنة ست أو سبع وتسعين ومائة بفيد من طريق مكة »(٢) .

٢ - النووي: « الإِمام في الحديث وغيره، وهو من تابعي التابعين وأجمعوا على جلالته ووفور علمه، وحفظه وإتقانه، وورعه وصلاحه، وعبادته وتوثيقه واعتماده، قال أحمد بن حنبل: ما رأيت أوعى للعلم ولا أحفظ من وكيع، ما رأيته شكّ في حديث إلّا يوماً واحداً، ولا رأيت معه كتاباً ولا رقعة قط. وقال أحمد أيضاً: حدثني من لم تر عيناك مثله وكيع بن الجراح. وقال أحمد: هو أحب إليّ من يحيى بن سعيد، فقيل له: كيف فضّلت وكيعاً؟ فقال: كان وكيع صديقاً لحفص بن غياث، فلما ولّي القضاء هجره وكيع، وكان يحيى بن سعيد صديقاً لمعاذ بن معاذ، فولي القضاء معاذ ولم يهجر يحيى. وقال أحمد: ما رأيت رجلاً قط مثل وكيع في العلم والحفظ والاسناد والأبواب، ويحفظ الحديث جيّداً، ويذاكر بالفقه، مع ورع واجتهاد، ولا يتكلّم في أحد.

وقال ابن معين: ما رأيت أحداً يحدّث لله غير وكيع بن الجراح، وهو أحب إلى سفيان من ابن مهدي، وأحب إليّ من أبي نعيم، وما رأيت رجلاً قط أحفظ من وكيع، ووكيع في زمانه كالأوزاعي في زمانه.

وقال أحمد بن عبدالله: وكيع كوفي ثقة عابد صالح، من حفّاظ الحديث،

____________________

(١). مناقب علي بن أبي طالب - مخطوط.

(٢). الثقات ٧ / ٥٦٢.

٢٩

وكان يفتي.

وقال ابن عمار: ما كان بالكوفة في زمن وكيع أفقه ولا أعلم بالحديث من وكيع، كان جهبذاً »(١) .

٣ - الذهبي: « أحد الأعلام قال أحمد: ما رأيت أوعى للعلم منه ولا أحفظ »(٢) .

(٧)

رواية عبدالله بن نمير

في مسند أحمد: « حدثنا عبدالله قال: حدثني أبي قال: ثنا ابن نمير ثنا عبد الملك عن أبي عبد الرحيم الكندي عن زاذان أبي عمر قال: سمعت عليّاً في الرحبة وهو ينشد الناس: من شهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم غدير خم هو يقول ما قال؟ فقام ثلاثة عشر رجلاً فشهدوا أنهم سمعوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه »(٣) .

و فيه: « حدثنا عبدالله، حدثني أبي، حدثنا ابن نمير، حدثنا عبد الملك - يعني ابن أبي سليمان - عن عطية العوفي، قال: أتيت زيد بن أرقم فقلت له: إن ختناً لي حدثني عنك بحديث في شأن علي يوم غدير خم، فأنا أحب أن أسمعه منك، فقال: إنكم معشر أهل العراق فيكم ما فيكم، فقلت له: ليس عليك مني بأس، فقال: نعم كنا بالجحفة فخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلينا ظهراً وهو آخذ بعضد علي، فقال: أيها الناس ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين

____________________

(١). تهذيب الأسماء واللغات ٢ / ١٤٤.

(٢). الكاشف - ٣ / ٢٣٧.

(٣). مسند أحمد ١ / ٨٤.

٣٠

من أنفسهم؟ قالوا: بلى، قال: فمن كنت مولاه فعلي مولاه. قال فقلت: هل قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه؟ قال: إنما أخبرك ما سمعت »(١) .

ترجمته

١ - عبد الغني المقدسي: « عبدالله بن نمير أبو هشام الخارفي الكوفي قال أبو نعيم: سئل يحيى بن معين عن أبي خالد الأحمر، فقال: نعم الرجل عبدالله بن نمير.

وقال عثمان بن سعد: قلت ليحيى بن معين: إدريس أحب إليك في الأعمش أو ابن نمير؟ فقال: كلاهما ثقتان.

وقال أبو حاتم: كان عبدالله بن نمير مستقيم الأمر.

وقال أبوبكر الخطيب: عبدالله بن نمير حدّث عنه محمد بن بشر العبدي، والحسن بن علي بن عفّان العامري، وبين وفاتيهما سبع وستون سنة إلخ »(٢) .

٢ - الذهبي: « ع - عبدالله بن نمير أبو هشام، عن هشام بن عروة والأعمش وعنه: ابنه محمد وأحمد وابن معين، حجة. توفي ١٩٩ »(٣) .

٣ - ابن حجر: « عبدالله بن نمير وذكره ابن حبان في الثقات. وقال العجلي: ثقة صالح الحديث صاحب سنّة، وقال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث صدوقاً »(٤) .

٤ - ابن حجر أيضاً: « ثقة صاحب حديث، من أهل السنة، من كبار التاسعة، مات سنة تسع وتسعين »(٥) .

____________________

(١). مسند أحمد ٤ / ٣٦٨.

(٢). الكمال في معرفة الرجال - مخطوط.

(٣). الكاشف ٢ / ١٣٧.

(٤). تهذيب التهذيب ٦ / ٥٧.

(٥). تقريب التهذيب ١ / ٤٥٧.

٣١

(٨)

رواية محمد بن عبدالله الزبيري

أبو أحمد الحبال

في مسند أحمد: « حدثنا عبدالله قال: حدثني أبي قال: ثنا محمد بن عبدالله قال: ثنا الربيع يعني ابن أبي صالح الأسلمي قال: حدثني زياد بن أبي زياد الأسلمي قال: سمعت علياً ينشد الناس فقال: أنشد الله رجلاً مسلماً سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول يوم غدير خم ما قال، فقام اثنا عشر بدريّاً فشهدوا »(١) .

ترجمته

١ - الذهبي: « ع - محمد بن عبدالله أبو أحمد الزبيري الكوفي الحبال، عن:

فطر ومسعر وخلق. وعنه: أحمد ومحمود بن غيلان وأحمد بن الفرات. قال بندار:

ما رأيت أحفظ منه. وقال آخر: كان يصوم الدهر مات ٢٠٣ »(٢) .

٢ - اليافعي: « وفيها أبو أحمد الزبيري قال أبو حاتم كان ثقة حافظاً عابداً مجتهداً »(٣) .

____________________

(١). مسند أحمد بن حنبل ١ / ٨٨.

(٢). الكاشف ١ / ٦٠.

(٣). مرآة الجنان - حوادث ٢٠٣ وله ترجمة في: تذكرة الحفاظ ١ / ٣٥٧ والعبر ١ / ٣٤١ وخلاصة تذهيب الكمال: ٢٩٤ وطبقات ابن سعد ٦ / ٢٨١ وغيرها.

٣٢

(٩)

رواية يحيى بن آدم

في مسند أحمد: « حدثنا عبدالله، ثني أبي، ثنا يحيى بن آدم، ثنا حنش بن الحارث بن لقيط النخعي الأشجعي، عن رباح بن الحارث قال: جاء رهط إلى علي بالرحبة فقالوا: السلام عليك يا مولانا. فقال: كيف أكون مولاكم وأنتم قوم عرب؟ قالوا: سمعنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، يوم غدير خم يقول: من كنت مولاه فإن هذا مولاه. قال رباح فلما مضوا اتّبعتهم، فسألت من هؤلاء؟ قالوا: نفر من الأنصار فيهم أبو أيوب الأنصاري »(١) .

ترجمته

١ - الذهبي: « ع - يحيى بن آدم بن سليمان القرشي الأموي، مولى خالد ابن عقبة بن أبي معيط، أبو زكريا الكوفي، أحد الأعلام وثّقه ابن معين والنسائي، وسئل أبو داود عنه فقال: يحيى واحد الناس، وقال يعقوب بن شيبة: ثقة كثير الحديث، فقيه البلد، لم يكن له سنّ متقدّم، سمعت ابن المديني يقول:رحمه‌الله أيّ علم كان عنده، وقال أبو أسامة: ما رأيت يحيى بن آدم إلّا ذكر الشعبي. وقال محمود بن غيلان: سمعت أبا أسامة يقول: كان عمر بن الخطاب في زمانه رأس الناس، وهو جامع، وبعده ابن عباس في زمانه، وبعده الشعبي، وبعده الثوري، وكان بعد الثوري يحيى بن آدم.

____________________

(١). مسند أحمد ٥ / ٤١٩.

٣٣

. . قلت: وكان اماماً في القرآن والسنّة والفقه »(١) .

٢ - الذهبي أيضاً: « وفيها الإِمام الحبر أبو زكريا يحيى بن آدم الكوفي المقرئ الحافظ الفقيه »(٢) .

٣ - اليافعي: « وفيها الإِمام الحبر، أبو زكريا يحيى بن آدم الكوفي، المقري الحافظ الفقيه، صاحب التصانيف »(٣) .

٤ - السيوطي: « يحيى بن آدم بن سليمان الكوفي الأموي مولاهم أبو زكريا، روى عن إسرائيل وحماد بن سلمة والسفيانين وخلق. وعنه: أحمد ويحيى وإسحاق وابنا أبي شيبة وعدة [ مات سنة ٢٠٣ ] »(٤) .

(١٠)

رواية الشافعي

قال الشيخ عز الدين أبو الحسن ابن الأثير: « وقد تكرّر ذكر المولى في الحديث، وهو اسم يقع على جماعة كثيرة، وهو: الربّ والمالك والسيّد والمنعم والمعتق والمنعم عليه، وأكثرها قد جاءت في الحديث فيضاف كلّ واحد إلى ما يقتضيه الحديث الوارد فيه، وكلّ من ولي أمراً أو قام به فهو مولاه ووليّه، وقد يختلف مصادر هذه الأسماء، فالولاية بالفتح في النسب والنصرة والمعتق، والولاية

____________________

(١). تذهيب التهذيب - مخطوط.

(٢). العبر - حوادث ٢٠٣.

(٣). مرآة الجنان - حوادث ٢٠٣.

(٤). طبقات الحفاظ ١٥٢.

٣٤

بالكسر في الإِمارة، والولاء في المعتق، والموالاة من والى القوم ومنه الحديث: من كنت مولاه فعلي مولاه، ويحمل على أكثر الأسماء المذكورة. وقال الشافعي: يعني بذلك ولاء الإسلام كقوله تعالى:( ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ ) إلخ »(١) .

وقد نقل محمد طاهر الصديقي الفتني الكجراتي كلام الشّافعي هذا في كتابه(٢) .

وقال شمس الدين محمد بن مظفر الخلخالي: « قوله: من كنت مولاه. قيل: معناه من يتولّاني فعلي يتولّاه، و قيل: كان سبب ذلك أن أسامة بن زيد قال لعليّ: لست مولاي إنما مولاي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه فعلي مولاه.

ونقل عن الشافعيرضي‌الله‌عنه أنه قال: أراد بذلك ولاء الإِسلام، قال الله تعالى:( ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا ) أي وليّهم وناصرهم »(٣)

وقد ذكره أيضاً أبو عبدالله فضل الله بن تاج الدين أبي سعيد الحسن بن الحسن التوربشتي(٤) .

ترجمته

١ - النووي: « إمامنارضي‌الله‌عنه ، هو: أبو عبدالله محمد بن إدريس وقد أكثر العلماءرحمهم‌الله من المصنّفات في مناقب الشافعي وأحواله، من المتقدمين والمتأخرين، كداود الظاهري والساجي وخلائق من المتقدمين، وأما المتأخرون: كالدار قطني والآجري والرازي والصاحب بن عباد والبيهقي

____________________

(١). النهاية في غريب الحديث - « ولي ».

(٢). مجمع البحار « ولي ».

(٣). المفاتيح في شرح المصابيح - مخطوط.

(٤). المعتمد في المعتقد للتوربشتي.

٣٥

والمقدسي، وخلائق لا يحصون

فصل - في شهادات علماء الاسلام المتقدّمين فمن بعدهم للشافعي بالتقدّم في العلم، واعترافهم له به، وحسن ثنائهم عليه، وجميل دعائهم له، ووصفهم له بالصفات الجميلة والخلال الحميدة، وهذا الباب ربّما اتّسع جدّاً، لكن نرمز إلى أحرف منه، تنبيهاً بها على ما سواه، وأسانيدها كلّها موجودة مشهورة لكن نحذفها إختصاراً.

قال له شيخه مالك بن أنسرضي‌الله‌عنه : إن الله عز وجل قد ألقى على قلبك نوراً، فلا تطفئه بالمعصية وقال شيخه سفيان بن عيينة وقد قرئ عليه حديث في الرقائق فغشي على الشافعي فقيل: قد مات الشافعي، فقال سفيان: إنْ كان قد مات فقد مات أفضل أهل زمانه. وقال أحمد بن محمد بن بدر الشافعي سمعت أبي وعمي يقولان: كان ابن عيينة إذا جاءه شيء من التفسير والفتيا التفت إلى الشافعي وقال: سلوا هذا. وقال علي بن المديني: كان الشافعي عند ابن عيينة يعظّمه ويجلّه، وفسّر الشافعي بحضرة سفيان بن عيينة حديثاً أشكل على سفيان، فقال له سفيان: جزاك الله خيراً، ما يجيئنا منك إلّا ما نحب.

وقال الحميدي صاحب سفيان: كان سفيان بن عيينة ومسلم بن خالد وسعيد بن سالم وعبد الحميد بن عبد العزيز وشيوخ مكة يصفون الشافعي ويعرفونه من صغره، مقدّماً عندهم بالذكاء والعقل والصيانة، ويقولون: لم نعرف له صبوة. وقال الحميدي: سمعت مسلم بن خالد يقول للشافعيرحمه‌الله : قد والله آن لك أن تفتي، والشافعي ابن خمس عشرة سنة.

وقال يحيى بن سعيد القطان إمام المحدثين في زمنه: أنا أدعو الله تعالى للشّافعي في كل صلاة منذ أربع سنين. وقال القطّان حين عرض عليه كتاب الرسالة للشافعي، ما رأيت أعقل أو أفقه منه. وقال أبو سعيد عبد الرحمن بن مهدي المقدَّم في عصره في علمي الحديث والفقه، حين جاءته رسالة الشافعي وكان طلب من الشافعي أن يصنّف كتاب الرسالة، فأثنى عليه ثناءاً جميلاً،

٣٦

وأعجب بالرسالة إعجاباً كثيراً، وقال: ما أصلّي صلاة إلّا أدعو للشافعي فيها.

وبعث أبو يوسف القاضي إلى الشافعي حين خرج من عند هارون الرّشيد يقرأه السلام ويقول: صنّف الكتب فإنك أولى من يصنّف في هذا الزمان. وقال أبو حسان الرازي: ما رأيت محمد بن الحسن يعظّم أحداً من أهل العلم تعظيمه للشافعي.

وقال أيّوب بن سويد الرملي - وهو أحد شيوخ الشافعي ومات قبل الشافعي بإحدى عشر سنة -: ما ظننت أنّي أعيش حتى أرى مثل الشافعي. وقال البويطي: قال يحيى بن حبان: ما رأيت مثل الشافعي، وكان شديد المحبة للشافعي، قدم مصر وقال: انما جئت للسلام على الشافعي. وقال محمد بن علي المديني: قال لي أبي: لا تترك للشافعي حرفاً إلّا أكتبه.

وقال يحيى بن معين - وقد سئل عمن يكتب كتب الشافعي - فقال: عن الربيع. وقال قتيبة بن سعيد: مات الثوري ومات الورع، ومات الشافعي وماتت السنن، وبموت أحمد بن حنبل يظهر البدع.

وقال قتيبة: لو وصلتني كتب الشافعي لكتبتها، ما رأت عيناي أكيس منه »(١) .

٢ - السبكي: « وقد كان عنّ لنا أن نعقد لمناقب الإِمام الأعظم المطّلبي، والعالم الأقوم ابن عم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، باباً يقدّم التراجم، فإنه عالم قريش الذي ملأ الله به طباق الأرض علماً، ورفع من طباقها إلى طباق السماء بذاته الطاهرة من هو أعلى من نجومها وأسمى، وأثبت باسمه في طباق أجرامها اسم من يسمع آذاناً صماً، ومن لوقالت بنو آدم علمّه الله الأسماء لقيل كما أبرز منه لكم أباً ومن تصانيفه أمّاً، والحبر الذي أسس بعد الصحابة قواعد بيته بيت النبوة وأقامها، وشيّد مباني الإِسلام بعد ما جهل الناس حلالها وحرامها، وأيّد دعائم

____________________

(١). تهذيب الأسماء واللغات ١ / ٤٤.

٣٧

الدين منه بمن سهر في محو ليالي الشبهات، إذا سهر غيره الليالي في الشهوات أو نامها.

ولكنا رأينا الخطب في ذلك عظيماً، والأمر يستدعي مجلدات، ولا ينهض بمعشار ما يحاوله من أوتي بسطة في العلم والجسم إذا كان عليماً جسيماً » ثم ذكر المؤلّفين في مناقب الشافعي وفضائله من المتقدمين والمتأخرين(١) .

٣ - أبو نعيم: « ومنهم: الامام الكامل، العالم العامل، ذو الشرف المنيف والخلق الظريف، له السخاء والكرم، وهو الضياء في الظلم، أوضح المشكلات وأفصح عن المعضلات، المنتشر علمه شرقاً وغرباً، المستفيض مذهبه براً وبحراً، المتّبع للسنن والآثار، والمقتدي بما أجمع عليه المهاجرون والأنصار، اقتبس عن الأئمّة الأخيار، فحدّث عنه الأحبار، الحجازي المطّلبي أبو عبدالله محمد بن إدريس الشافعي، حاز المرتبة العالية، وفاز بالمنقبة السّامية، إذ المناقب والمراتب يستحقّها من له الدين والحسب، وقد ظفر الشافعيرحمه‌الله عليهما بهما جميعاً، لشرف العلم والعمل به »(٢) .

(١١)

روايه اسود بن عامر

في المسند: « حدثنا عبدالله، حدثني أبي، حدثنا أسود بن عامر، أنبأ أبو إسرائيل، عن الحكم، عن أبي سليمان، عن زيد بن أرقم قال: استشهد عليّ الناس فقال: أنشد الله رجلاً سمع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: اللهم من كنت مولاه فعليّ مولاه، أللهم وال من والاه، وعاد من عاداه. فقام ستة عشر رجلاً

____________________

(١). طبقات السبكي ١ / ٣٤٣.

(٢). حلية الأولياء ٩ / ٦٣.

٣٨

فشهدوا »(١) .

ترجمته

١ - ابن حجر: « الأسود بن عامر شاذان أبو عبد الرحمن الشامي نزيل بغداد. روى عن: شعبة والحمادين والثوري والحسن بن صالح وجرير بن حازم وجماعة.

وعنه: أحمد بن حنبل وابنا أبي شيبة وعلي بن المديني وأبو ثور وعمرو الناقد وأبو كريب والصغاني والدارمي والحارث بن أبي أسامة خاتمة أصحابه وغيرهم. وروى عنه بقية، وهو أكبر منه.

قال ابن معين: لا بأس به. وقال ابن المديني: ثقة، وقال أبو حاتم: صدوق صالح، وقال ابن سعد: صالح الحديث.

مات سنة ٢٠٨.

قلت: وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: مات أول سنة ثمان »(٢) .

٢ - ابن حبان: « الأسود بن عامر أبو عبد الرحمن، ولقبه شاذان أصله من الشام، سكن بغداد »(٣) .

(١٢)

رواية عبد الرزاق بن همام

علم روايته من كلام الحافظ ابن كثير، في ذكر رواية معمر وإسرائيل

____________________

(١). مسند أحمد بن حنبل ٥ / ٣٧٠.

(٢). تهذيب التهذيب ١ / ٣٤٠.

(٣). الثقات ٨ / ١٣٠.

٣٩

وفي مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب لأحمد: « حدثنا عبدالله بن أحمد ابن حنبل، قال: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرزاق، حدثني معمر، عن طاوس، عن أبيه قال: بعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علياً إلى اليمن علينا، وخرج بريدة الاسلمي، فبعث علي في بعض السبّي، فشكاه بريدة إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه فعليّ مولاه »(١) .

ترجمته

١ - عبد الغني المقدسي: « محمد بن إسماعيل الفزاري: بلغنا - ونحن بصنعاء عند عبد الرزاق - أن يحيى بن معين، وأحمد بن حنبل وغيرهم تركوا حديث عبد الرزاق وكرهوا، فدخلنا من ذلك غمّ شديد، فقلنا: قد أنفقنا وتعبنا، وآخر ذلك سقط حديثه! فلم أزل في غم من ذلك إلى وقت الحج، فخرجت من صنعاء إلى مكة، فوافيت بها يحيى بن معين، فقلت يا أبا زكريّا ما الذي بلغنا عنكم في عبد الرزاق؟ فقال: ما هو؟ فقلنا بلغنا أنكم تركتم حديثه ورغبتم عنه؟ فقال: يا صالح لو ارتّد عن الاسلام عبد الرزاق ما تركنا حديثه »(٢) .

٢ - المقدسي أيضاً: « وروينا عن عبد الرزاق أنه قال: قدمت مكة فمكثت ثلاثة أيام لا يجيئني أصحاب الحديث، فمضيت وطفت وتعلّقت بأستار الكعبة فقلت: يا ربّ ما لي أكذّاب أمدلّس أنا؟! فرجعت إلى البيت فجاؤني.

قال ابن خيثمة: سئل يحيى بن معين عن أصحاب الثوري، فقال: أمّا عبد الرزاق والفريابي وعبيدالله بن موسى وابو أحمد الزبيري وأبو عاصم وطبقتهم كلّهم في سفيان قريب بعضهم من بعض، وهم دون يحيى بن سعيد وعبد الرحمن

____________________

(١). مناقب علي بن أبي طالب - مخطوط.

(٢). الكمال في معرفة الرجال - مخطوط

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

ومولانا المهدي ( عج ) هو الحجة من آل محمد ، وهو بقية الله في أرضه ، وهو آخر العترة الطاهرة التي خلّفها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله مع القرآن الكريم في هذه الأُمة

وبتعبير آخر لتوضيح النقطة الأُولى ، أن الإمام المهدي ( عج ) وآبائهعليهم‌السلام هم الوسائط في إيصال الفيوضات الإلهية إلى سائر المخلوقات وإليه أُشير في دعاء الندبة « أين السبب المتصلّ بين الأرض والسماء »

ثانياً : حق البقاء في الدنيا : فلولا الامام ( عج ) ما حييت في الدنيا ولا ساعة ، يدلّ على ذلك ما رواه الشيخ الكليني في الكافي الشريف بسند صحيح عن الوشاء وهو الحسن بن علي قال سألت أبو الحسن الرضاعليه‌السلام هل تبقى الأرض بغير إمام ؟ قال : لا ، قلت : إنا نروي أنها لا تبقى إلّا أن يسخط الله عزوجل على العباد ، قال لا تبقى إذاً لساخت(١)

ثالثاً : حق القرابة من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : وقد أشار القرآن الكريم إلى هذا الحق في سورة الشورى :( قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ) (٢)

قال الشاعر :

وجدنا لكم في آل حم آية

تأولها منّا تقي ومعرب



ويقول ابن العربي :

رأيت ولأي آل طه فريضه

على رغم أهل البعد يورثني القُربى

فما طلب المبعوث أجراً على الهدى

بتبليغه إلّا المودة في القربى



___________________

(١) الكافي ٢ / ١٧٩

(٢) سورة الشورى : الآية ٢٣

١٦١

وفي الحديث المروي في ظهور الإمام المهدي ( عج ) في مكة ينادي الناس اسألكم بحق الله وحق رسوله وبحقي فإنّ لي عليكم حق القربىٰ برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله

رابعاً : حق المنعم على المتنعم وحق واسطة النعمة : وتوضيح ذلك هناك إشارة في بعض الأحاديث ومنها الحديث المروي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من أتى إليكم معروفاً فكافئوه فإن لم تجدوا فادعوا له حتى تعلموا من أنفسكم أنكم قد كافأتموه »

وقد اجتمع الحقّان لمولانا صاحب الزمانعليه‌السلام فإن ما ينتفع به أهل كل زمان إنما هو ببركة إمام زمانهمعليه‌السلام وفي الزيارة الجامعة الكبيرة إشارة إلى هذا المعنى « السلام على أولياء النعم » فولي نعمتنا هو مولانا المهدي ( عج ) إذ « بيمينه رزق الورىٰ وبوجوده ثبتت الأرض والسماء » والحديث الذي يرويه الشيخ الكلينيقدس‌سره في الكافي الشريف عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : « بنا أثمرت الأشجار وأينعت الثمار وجرت الأنهار ، وبنا ينزل غيث السماء ، وينبت عشب الأرض ، وبعبادتنا عبد الله »(١)

ويدلّ على هذا المعنى ما رواه المحدّث النوري في دار السلام نقلاً عن كتاب بصائر الدرجات للصفار عن أبي حمزة الثمالي ، عن علي بن الحسينعليه‌السلام : « يا أبا حمزة لا تنامن قبل طلوع الشمس ، فإني أكرهها لك إن الله يقسم في ذلك الوقت أرزاق العباد وعلى أيدينا يجريها »

خامساً : حق الوالد على الولد : وتوضيح ذلك حسب ما أفادت في بعض
الروايات الواردة عن أهل البيت عليهم‌السلام أنّ الشيعة خلقوا من فاضل طينة أهل البيت ،
وبعض الروايات تصرّح كرواية الشيخ الطوسي في أماليه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال :
___________________

(١) الكافي ١ / ١٤٤

١٦٢

« أنا الشجرة وفاطمةعليهم‌السلام فرعها وعليّ لقاحها ، والحسن والحسين ثمرها ومحبوهم من أُمتي ورقها »(١) ومن هنا يشير الشاعر :

يا حبذا دوحة في الخلد نابتة

ما مثلها نبتت في الخلد من شجر

المصطفى أصلها والفرع فاطمة

ثم اللقاح عليّ سيد البشر

والهاشميان سبطاه لها ثمر

والشيعة الورق الملتف بالثمر



وهناك حديث عن الإمام الرضاعليه‌السلام يؤيد ذلك وهو أنّ منزلة الامام منزلة الوالد يقول الامامعليه‌السلام : « الإمام الأنيس الرفيق والوالد الشفيق »

سادساً : حق السيّد على العبد : وتوضيح ذلك أنّ القرآن الكريم يشير في آية من آياته :( النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ ) (٢) وأهل البيت والعترة الطاهرة ورثوا مقام النبي وأمرنا الله عزّ وجل بطاعتهم حيث قال :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
أَطِيعُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ
) (٣) ومن هنا يظهر لنا معنى سيادتهمعليهم‌السلام كونهم أولىٰ بك منك في جميع أُمورك

وقد روى الخرازي في كفاية الأثر : ١٩٥ مسنداً عن الحسين بن عليعليه‌السلام قال ،
قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعليعليه‌السلام : « أنا أولى بالمؤمنين منهم بأنفسهم ثم أنت يا علي
أول ی بالمؤمنين من أنفسهم ثم بعدك الحسن أول ی بالمؤمنين من أنفسهم ، وبعده
الحسين أولى بالمؤمنين من أنفسهم ثم بعده علي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ثم
بعده محمد أولى بالمؤمنين من أنفسهم وبعده جعفر أولى بالمؤمنين من أنفسهم ثم
___________________

(١) بحار الأنوار ١٢ / ٣٧ نقلاً عن أمالي الشيخ الطوسي

(٢) سورة الأحزاب : الآية ٦

(٣) سورة النساء : الآية ٥٩

١٦٣

بعده موسى أولى بالمؤمنين من أنفسهم ثم بعده علي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ثم بعده محمد أولى بالمؤمنين من أنفسهم ثم بعده علي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ثم بعده الحسن أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، والحجة ابن الحسن أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، أئمة أبرارهم مع الحق والحق معهم » ومن هنا ورد في الزيارة الجامعة الكبيرة : « والسادة الولاة »

ومن هنا فيما ينقل في كتب التأريخ والسيرة كما ذكر ذلك الشيخ الحائري في معالي السبطين وهو يشير إلى أدب أبي الفضل العباسعليه‌السلام أنّه ما خاطب أخاه الحسينعليه‌السلام بلفظ يا أخي بل كان غالباً يخاطبه سيّدي أبا عبد الله الحسينعليه‌السلام وهذا إن دلّ على شيء إنّما يدلّ على معرفة العباس بمقام أخيه الحسينعليه‌السلام وإنه إمام زمانه هذا من جانب ومن جانب آخر له حق القرابة برسول الله لأنه ابن فاطمة الزهراء ، من هنا رعىٰ حق هذه الحرمة ومن جهة أُخرى رأىٰ العباسّعليه‌السلام إنّ وجود الحسينعليه‌السلام أولى من وجوده في كل الأُمور حتى أنّه لما ملك المشرعة لم يشرب الماء قبل أخيه الحسينعليه‌السلام وقال :

يا نفس من بعد الحسين هوني

وبعده لا كنت أو تكون

هذا حسينٌ واردُ المنون

وتشربين بارد المعين

هيهات ما هذا فعال ديني

         

يحاچي النفس يا نفس تهونين

وكل الناس تغده فدوه لحسين

الف وسفه يخويه ما لك امعين

وتظل بعدي يبو سكنه امحيّر



اشلون اشرب واخوي احسين عطشان

وسكنه والحرم واطفال رضعان

واظن گلب العليل التهب نيران

يريت الماي بعده لا حله او مر



١٦٤

اميأس وگف عاف العمر من ساسه

رايد مماته او لا غدر نوماسه

صابو ابعامود الضعاين راسه

طاح او نده سيد شباب الجنه



وحين الوصل لحسين صوت عضيده

صاح عباس عگبك للعمر ما ريده



الدهر يا عباس من بعدك لوانه

وتمنينه الفنه گبلک لوانه

الله اویاک یالشایل لوانه

عگبک من یشیل العلم لیّه



لمن اللوا اعطي ومن هو جامعٌ

شملي وفي ضنك الزمام يقيني



١٦٥

باب الحوائج
موسى بن جعفر عليه‌السلام

تباً لهم من أُمة لم يحفظوا

عهد النبي بآله الأمجاد

قد شتتوهم بين مقهور ومأسور

ومنحور بسيف عناد

هذا بسامرا وذاك بكربلا

وبطوس ذاك وذاك في بغداد

لهفي وهل يجدي أسىً لهفي على

موسى بن جعفر علّة الايجاد

ما زال ينقل في السجون معانياً

عضّ القيود ومثقل الأصفاد

قطع الرشيد عليه فرض صلاته

قسراً وأظهر كامن الأحقاد

حتى إليه دسّ سمّاً قاتلاً

فأصاب أقصى منية ومراد

وضعوا على جسر الرصاخة نعشه

وعليه نادى بالهوان منادي(١)



نحل جسمي وغده ينلظم بالسم

وثغري بالفرح ما يوم بالسم

على المات ابسجن هارون بالسم

ونعشه اعلى الجسر خلوه رميه



___________________

(١) السيد مهدي الأعرجي ، رياض المدح والرثاء : ٥٦٦

١٦٦

على الجسر خلوه فرجه لليروح ولليرد

والمنادي عليه ينادي والنده ايذوب الچبد

مر طبيب البلد شافه وگام ينشد والنشد

ما هالميت عشيره ابثاره تطلب لا تهيد

     



من سمع ويلي گبل هذا الشهيد

ميت شالوه وبرجله الحديد

لچن ابغربه وماله من عضيد

واظهرت اشرارها المكتومها



بكت على نعشك الأعداء قاطبة

ما حال نعش له الأعداء باكونا



لم تزل للأنام تحسن صنعا

وتجير الذي أتاك وترعى

وإذا ضاقت الفضا بي ذرعا

يا سمّي الكليم جئتك أسعى

والهوى مركبي وحبّك زادي

أنت غيث للمجد بين ولولا

فيض جودكم الوجود اضمحلا

قسماً بالذي تعالى وجلّا

ليس تقضى لنا الحوائج إلّا

عند باب الرجاء جدّ الجواد

         



باب الحوائج :

وهذا اللقب من أكثر ألقاب الإمام موسى بن جعفرعليهما‌السلام ذكراً وأشهرها ذيوعاً وانتشاراً ، فقد اشتهر بين الخاص والعام أنه ما قصده مكروب أو حزين إلّا فرّج الله آلامه وأحزانه وما استجار أحد بضريحه المقدس إلّا قضيت حوائجه ، ورجع

١٦٧

إلى أهله مثلوج القلب مستريح الفكر مما ألمّ به من طوارق الزمن وفجائع الأيام وقد آمن بذلك جمهور شيعته بل عموم المسلمين على اختلاف طبقاتهم ونزعاتهم فهذا شيخ الحنابلة وعميدهم الروحي أبو علي الخلال يقول :

« ما همني أمر فقصدت قبر موسى بن جعفر إلّا سهل الله تعالى لي ما أُحب »(١)

وقال الامام الشافعي : « قبر موسى بن جعفر الكاظم الترياق المجرّب »(٢)

وقد ذكر المرحوم العلامة السيد أحمد المستنبط في كتاب القطرة إنّ الأبيات التي بدأنا بها صدر المجلس ما كتبت وألقيت في ضريح الامام موسى الكاظمعليه‌السلام إلّا وقد قضيت حاجته ببركة الامام موسى الكاظمعليه‌السلام

وقد روى الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد قصة كان فيها شاهد عيان فقد
رأى امرأة مذهولة قد فقدت رشدها لأنها أخبرت أن ولدها اعتقلته السلطة
المحلية وأودعته في السجن ، فأخذت تهرول نحو ضريح الامام مستجيرة به
فرآها بعض الأوغاد ممن لا يؤمن بالإمام فقال لها إلى أين ؟ فقالت إلى موسى بن
جعفر ، فانه قد حبس ابني ، فقال لها بسخرية واستهزاء « إنه قد مات بالحبس »
فاندفعت تقول بحرارة وقد لذعها قوله « اللهم بحق المقتول في الحبس ان تريني
القدرة » فاستجاب الله دعاءها ، فأطلق سراح ولدها ، وأودع ابن المستهزئ في
ظلمات السجون بجرم ذلك الشخص ونقل الشيخ الجليل الحائري في نور
الأبصار نقلاً عن البحار أن أحمد بن ربيعة كان أحد كتاب الخليفة المقتدر بالله ظهر
جرح في إحدى يديه ولم تزل تزاد العلة حتى اسودت يده ونتنت وظهرت منها
رائحة كريهة وأمر المعالج بقطعه استمهلهم ليلة ثم لجأ إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام
واستدعى منه الخلاص فنام فرأى أمير المؤمنين عليه‌السلام فيما يراه النائم وقال له
___________________

(١ و ٢) حياة الامام الكاظم ( باقر شريف القرشي ) ١ : ٥١

١٦٨

يا أحمد إنّي لمشغول عنك إذهب إلى ولدي موسى بن جعفر وسله حتى تبرئ من علتك فلما انتبه اغتسل وتطيب وأمر بأن يحملوه في محمل إلى موسى بن جعفرعليه‌السلام ففعلوا ذلك وجاءوا به إلى القبر الشريف فرمى بنفسه على القبر وجعل يبكي ويتضرع ويتمسح بتراب القبر ويطلب الشفاء ثم شدّ يده فلما أصبح جاءوا إليه وكشفوا عنها فإذا هي بأحسن ما يكون كأن لم يكن فيها جرح ببركة تربة موسى بن جعفر والتوسل به يقول الشاعر :

زر ببغداد قبر موسى بن جعفر

قبر موسى مديحه ليس ينكر

هو باب إلى المهيمن تقضى

منه حاجاتنا وتحىٰ وتحبر

هو حصني وعدتي وغياثي

وملاذي وموئلي يوم احشر

كم مريض وافىٰ إليه فعافاه

وأعمى أتاه صح وابصر



نعم أنّ الأئمة هم أبواب رحمة الله تعالى ، وهم الوسيلة إليه وهم أقرب الخلق إليه لانّهم أعمل الناس بطاعته سبحانه ، فلهم الجاه الوجيه عند الله سبحانه وفي الزيارة الرجبية الواردة عن الناحية المقدّسة« اَنَا سٰائِلُكُمْ وَآمِلُكُمْ فيمٰا اِلَيْكُمُ ،
التَّفْويضُ ، وَعَلَيْكُمُ التَّعْويضُ فَبِكُمْ يُجْبَرُ الْمَهيضُ ، وَيُشْفَى الْمَريضُ ، وَمٰا تَزْدٰادُ
الْأَرْحٰامُ وَمٰا تَغيضُ »

وفي الزيارة الجامعة الكبيرة« مُسْتَجيرٌ بِكُمْ ، زٰآئِرٌ لَكُمْ لٰۤائِذٌ عٰآئِذٌ بِقُبُورِكُمْ ،
مُسْتَشْفِعٌ اِلَى اللهِ عَزَّوَجَلَّ بِكُمْ ، وَمُتَقَرِّبٌ بِكُمْ اِلَيْهِ ، وَمُقَدِّمُكُمْ اَمٰامَ طَلِبَتي ،
وحَوٰآئِجي»
يقول السيد عبد الباقي العمري :

لذو استجر متوسلاً

إن ضاق أمرك أو تعسّر

بأبي الرضا جد الجواد

محمد موسى بن جعفر



١٦٩

ويقول الامام علي بن الحسين زين العابدينعليه‌السلام في دعاءه :« اَللّٰهُمَّ صَلِّ عَلىٰ
مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، الْكَهْفِ الْحَصينِ ، وَغِيٰاثِ الْمُضْطَرِّ الْمُسْتَكينِ ، وَمَلْجَأِ الْهٰارِبينَ ،
وَعِصْمَةِ الْمُعْتَصِمينَ »
(١)

إخلاص العبودية لله عزّ وجل من أهمّ الأسباب التي جعلت لهم الجاه الوجيه عند الله عزّ وجل :

ولبيان هذه النقطة ينقل بعض أهل الفن « العبودية جوهرة كنهها الربوبية » وعبادة الامام موس ی بن جعفر كان يضرب فيها المثل وإنّه معروف حليف السجدة الطويلة والدموع الغزيرة ، ولم يحدثنا التاريخ عن مسجون ـ غير الامام موسى بن جعفر ـ كان يشكر الله تعالى على ما أتاح من نعمة التفرّغ للعبادة بين جدران السجن

قال ابن الصباغ المالكي : إنّ شخصاً من بعض العيون التي كانت عليه في السجن ، رفع إلى عيسى بن جعفر أنه سمعه يقول في دعاءه « اللهمّ إنّك تعلم أنّي كنت اسألك أن تفرغني لعبادتك وقد فعلت فلك الحمد »(٢)

وروى أصحابنا أنّه دخل مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فسجد سجدة في أول الليل ، وسمع وهو يقول في سجوده « عظم الذنب من عبدك ، فليحسن العفو من عندك ، يا أهل التقوى ويا أهل المغفرة » فجعل يرددها حتى أصبح(٣)

وكانعليه‌السلام يصلي نوافل الليل ويصلها بصلاة الصبح ثم يعقّب حتى تطلع الشمس
وخرّ لله ساجداً فلا يرفع رأسه من الدعاء والتحميد حتى يقرب زوال الشمس
___________________

(١) مفاتيح الجنان ، في أدعية الزوال من كل يوم في شهر شعبان

(٢) الفصول المهمة : ٢٢٢

(٣) تاريخ بغداد ١٣ : ٢٧

١٧٠

وكان يدعو كثيراً فيقول : « اللهم إنّي أسألك الراحة عند الموت والعفو عند الحساب » ويكرر ذلك(١)

وحدّث هشام بن أحمر كنت أسير مع أبي الحسن في بعض طرق المدينة إذ ثنى رجله عن دابته فخرّ ساجداً فأطال وأطال ، ثم رفع رأسه وركب دابته ، فقلت جعلت فداك قد أطلت السجود ؟ فقال إنّي ذكرت نعمة أنعم الله بها عليّ ، فأحببت أن اشكر ربي(٢)

وكانعليه‌السلام يبكي من خشية الله حتى تخضل كريمته الشريفة من دموع عينيه(٣) ، ولكثرة سجوده فقد كان له غلام يقص اللحم من جبينه ، وعرنين أنفه فقد نظم بعض الشعراء ذلك بقوله :

طالت لطول سجود منه ثفنته

فقرّحت جبهة منه وعرنينا

رأى فراغته في السجن منيته

ونعمة شكر الباري بها حببنا



وكانعليه‌السلام أحسن الناس صوتاً بالقرآن ، فكان إذا قرأ يحزن ويبكي السامعون لتلاوته ويروى أنّ الرشيد كان يشرف على الحبس الذي هو فيه فيراه ساجداً فيقول للربيع : ما ذلك الثوب الذي أراه كل يوم في ذلك الموضع ؟ فيخبره أنّه ليس بثوب ، وإنما هو موسى بن جعفر ، له كل يوم سجدة بعد طلوع الشمس إلى الزوال ، فقال هارون : أما إنّ هذا من رهبان بني هاشم(٤)

___________________

(١) كشف الغمة : ٢٤٧

(٢) بحار الأنوار ٤٨ : ٢٦٦

(٣) كشف الغمة : ٢٤٧

(٤) أعيان الشيعة ٤ ق ٣ / ٤٢

١٧١

وكان من أشدّ السجون على إمامنا موسى بن جعفرعليه‌السلام سجن السندي بن شاهك وكان طامورة لا يعرف فيها الليل من النهار ، وفي هذا السجن زاره ابن سويد يقول بعد أن أرضيت بعض السجانين ببعض الدنانير ، فلمّا أردت النزول قالی لي الإمام لحظة يابن سويد لأسرج لك ، يقول لمّا أسرج لي ونزلت نظرت وإذا بسلاسل الحديد والقيود في رجلي الامامعليه‌السلام وقد أُشير إلى هذه المظلومية في الزيارة« وَالْمُعَذَّبِ في قَعْرِ السُّجُونِ وَظُلَمِ الْمَطٰاميرِ ،
ذِي السّٰاقِ الْمَرْضُوضِ بِحَلَقِ الْقُيُودِ »
وكذلك ورد في زيارة الجامعة لأئمة المؤمنين« وَمُكَبَّلٍ فِي السِّجْنِ قَدْ رُضَّتْ بِالْحَديدِ اَعْضٰآئُهُ » يقول ابن سويد فسألت الإمام مسائل فأجابني عنها ، فقلت له سيدي بقت مسألة واحدة ، فقال لي سَل يابن سويد ، قلت له متى الفرج لقد ضاقت صدورنا ؟ فقال لي إنّ الفرج قريب ! قلت ومتى وأين ؟ فقالعليه‌السلام يوم الجمعة ضحیً على الجسر ببغداد ، يقول خرجت وأنا لا تكاد تحملني رجلاي أقبلت إلى شيعتنا وأصحابنا أقول لهم البشارة البشارة إنّ إمامكم سوف يخرج فقالوا متى وأين ؟ فقلت لهم يوم الجمعة ضحىً على الجسر ببغداد ، يقول بينما نحن وقوف علىٰ أحرّ من الجمر وإذا بجنازة يحملها أربع من السجانين والمنادي ينادي هذا إمام الرافضة

وضعوا على جسر الرصافة نعشه

وعليه نادى بالهوان منادي



امن البصره السجن بغداد جابه

ابحديد او گید ويدوّر ذهابه

ذبّه بسجن مظلم غلگ بابه

نهى السجان يمّه ناس يصلون



١٧٢

ابسجن والسندي بن شاهك السجان

عليه ابكل وكت مغلق البيبان

ظل اسنين للوادم فلا بان

ما يدرون ميت والله مسجون



يگولون غريب اهله امبينين

لچن بالمدينه اعليه بعيدين



سمع سليمان بالضحية على الجسر فسأل ما الخبر فقيل له نعيش باب الحوائج على جسر الرصافة ، فقال لغلمانه خذوا نعشه وهيأ له كفناً بـ ( عشرين الف دينار ) ونادى عليه بهذا النداء ألا ومن أراد تشييع جنازة الطيب بن الطيب موسى بن جعفر فليحضر

من سمعت الشيعه الصوت گبّر

طلعت فرد طلعه ابحال الاگشر

صاحت آه وا موسى بن جعفر

هاذي امصيبتك بچّت الدارين



الاصل والرحم لسليمان جابه

على موسى ودحجته عروگ النجابه

بس لحسين ما حصّل گرابه

يغسلونه ويكفنونه ويدفنون



غسلته دماؤه ، قلبته أرجل الخيل ، كفّنته الرمول



١٧٣

أخلاق القائد

من ذا الفقيد علا عليه عويل

فعرى جميع العالمين ذهول

ولفقده جبريل نادى في السّما

صوتاً وجبريل به مثكول

يا من تسايل أيّ خطب قد عرى

وتكاد منه الراسيات تزول

بينا أُسايل إذ سمعت بأنّ ذا

الهادي وهذا نعشه محمول

أو ما ترى الزهراء تندب خلفه

ودموعها سيل الغمام تسيل

وتحنّ من قلب ملئ بالأسىٰ

طوراً وطوراً تنثني فتقول

حزني لفقدك سمرد لا تنقضي

أيّامه حتى يحين رحيل

أبتاه بعدك لا يطيب ليّ الكرى

كلّا ولا عيني إليه تمثيل(١)



يبويه اشلون يا راعي المحنّه

نضل بالدار وانته اتشيل عنّه

يبويه اعليك ما فتّر الونّه

ولا أبطل النياحه يا ولينه



___________________

(١) في شهادة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله للشيخ محمد سعيد المنصوري

١٧٤

من غاب شخصك يا ولينه

علگت روايه شر علينه

لفانه الصهاكي وشياطينه

ويّاهم حطبهم شايلينه

نشدته اشعندك جاي لينه

وكل يوم گلبي امروعينه

بسما لمحني وزرگ عينه

عصرني او مني استافه دينه

وآمر على شيوخ المدينه

تگود الفحل ليث العرينه

گادوا وراسه امكشفينه

ينخه ولا واحد يعينه

وراه اطلعت ولهه او حزينه

لاوين أصيحن ماخذينه

بس ما شافني المشرچ ابدينه

رد لي او سطر عيني ابيمينه



طول الليل فگدناك وعاني

وبگيت اجرع هظم بعدك وعاني

انكسر ضلعي اووگع محسن وعيني

لطمها الرجس وامتوني او اديّه



والداخلين على البتولة بيتها

والمسقطين لها أعزّ جنين



( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّـهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ) (١)

________________________

المقدمة :

من جملة الأُمور المهمة التي يحتاجها القائد بشكل عام ، وخصوصاً القائد
الربّاني الإلهي هو ( سعة الصدر ) وقد ورد في الحديث « آلة الرئاسة سعة الصدر »
___________________

(١) سورة آل عمران : الآية ١٥٩

١٧٥

إذا لم يتمتع القائد بهذه الخصلة فهو قائد فاشل ولا يمكنه أن يواصل هذه المهمّة والمسؤولية بنجاح بل سوف يخسر أقرب المقرّبين إليه

ولأهميّة هذه النقطة في حياة الأنبياء بشكل عام وخصوصاً نبينا الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله لذا فقد شملته الرحمة الإلهية والعناية الربانية في تهيأة الظرف المناسب لهذه النقطة ، ولعلّ من جملة المنن الإلهية على الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله قوله تعالى له( أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ
صَدْرَكَ
) وكذلك قوله تعالى( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّـهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ
الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ
)

الأخلاق الحسنة للقائد سبب رئيسي لكسب الجماهير :

كثير من القادة استطاعوا ان يكسبوا اعداءهم بأخلاقهم العالية وذلك لأنّ الإنسان الطبيعي غير الشاذ تؤثر فيه الأخلاق العالية ، ولعلّ من أبرز الشواهد على ذلك ، ما ينقله التأريخ من سيرة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله

دخول اليهودي في الإسلام : كان لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله جاراً يؤذيه وذلك يرمي سلّة الفضلات عليه حين رجوعه من صلاة الجماعة ، وكان يهودياً ، فافتقده النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لمدة ثلاثة أيام لم يرم النبي بتلك الفضلات فسأل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عنه فقيل له إنّه يشتكي جسده ، فقال الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله إذن نعوده ، باعتبار من حقوق الجار عيادته إذا مرض ، وذهب هو وبعض أصحابه واستأذنوا للدخول عليه ، وعرف اليهودي أنّ ذلك من آداب الإسلام الحنيف ، فقال اليهودي يا رسول الله مدّ يدك فإني اشهد أن لا إله إلّا الله وإنّك محمد رسول الله

لين الجانب يبلغ بالعبد رضوان الله تعالى :

ورد في حديث عن إمامنا محمد الجوادعليه‌السلام أنّه قال : ثلاثة تبلغن بالعبد رضوان الله تعالى ، أولها : كثرة الإستغفار وثانيها كثرة الصدقة وثالثها لين الجانب

١٧٦

لين الجانب له أثر في استدرار عطف الطرف المقابل بخلاف الشدّة والغلظة والفظاظة تؤدي إلى انصراف الناس عن هذا الشخص وبالتالي تسقط شعبية القائد وجماهيرته في الوسط الاجتماعي ومن هنا يقول الله سبحانه وتعالى وهو يتحدث ويشير( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّـهِ لِنتَ لَهُمْ ) وفي الأحاديث الكثيرة هناك حثّ وترغيب على ضرورة التخلّق بالرفق ، « ما وضع الرفق في شيء إلّا زانه » وفي حديث قريب من هذا المعنى « خيركم الموطأين أكنافاً الذين يألفون ويُألفون »

لين الجانب لا يعني التنازل عن المبادئ والقيّم :

في الوقت الذي كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يتمتع بهذه الخصلة الحميدة لكنّه لم يتنازل عن معتقداته ومبادئه مهما كلّفه الأمر ، ولعلّ من أوضح الشواهد على ذلك قول المشركين لعمّه أبي الطالب قل لابن أخيك أن يسكت عن الكلام عن آلهتنا ونحن نعطيه مبالغ وأموال ، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « يا عم لو وضعوا الشمس بيميني والقمر بيساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته أو أهلك دونه »

من مواقف أمير المؤمنينعليه‌السلام :

لما آلت الأُمور إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام وصار هو الحاكم أقبل جماعة وقالوا له يا أمير المؤمنين ، لو أبقيت فلاناً وفلاناً في وظائفهم إلى أن تستتب لك الأُمور فقال لهم : « أتأمرونني أن أطلب النصر بالجور »

الغلظة والفظاظة من أخلاق المنافقين والكافرين :

من أبرز صفات المنافقين والكافرين وأعداء الله ورسوله هي الغلظة ، والذي

١٧٧

يسير التأريخ يجد نماذج وصور كثيرة لأمثال هؤلاء ، فبعضهم من كان قبل أن يدخل في الإسلام قد وأد ابنته ، هذه التي ينبغي أن يعطف عليها حتى أنزل الله عزّ وجل :( وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ )

مثل هذا يتجرأ على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :

لمّا قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إيتوني بدواة وكتف لأكتب لكم كتاباً لن تضلّوا بعده أبداً ، فقام بعض من حضر يلتمس دواة وكتفاً ، فقال له عمر : ارجع [ قد غلب عليه الوجع !! فانه يهجر !! وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله !! فاختلف أهل المجلس واختصموا فمنهم من يقول : قرّبوا منه الدواة والكتف ليكتب لكم رسول الله ومنهم من يقول ما قال عمر !! ]

العجب كل العجب لقولة عمر مع أن القرآن يقول في حق النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله :( وَمَا
يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ
إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ ) ويقول في حقه كذلك( وَمَا آتَاكُمُ
الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا
) ولكنّها الرئاسة والدنيا والملك أنستهم كل هذه الآيات

ومثل هذا لا نستبعد أن يقول بعد وفاة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حينما قيل له إنّ في الدار فاطمة ، فيقول وإن !

أو أن يقول في جواب الطاهرة المطهّرة حينما قالت له : يابن صهاك أراك محرقاً عليّ داري ؟ فيقول : ذاك أقوى لما جاء به أبوك !!

شهادة ابن حجر العسقلاني في لسان الميزان : أخرج الإمام الحافظ شهاب الدين ابو الفضل المعروف بالعسقلاني ( المتوفى عام ٨٥٢ هـ ) في كتابه لسان الميزان بسنده عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه قال :

١٧٨

دخلت على أبي بكر أعوده فاستوى جالساً فقلت أصبحت بحمد الله بارئاً فقال أبو بكر : أما إنّي على ما ترى بي إنّي لا آسىٰ على شيء إلّا على ثلاث وددت إنّي لم أفعلهنّ وددت انّي لم أكشف بيت فاطمة وتركته وإن أُغلق على الحرب ، وددت إنّي يوم السقيفة كنت قذفت الأمر في عنق أبي عبيدة أو عمر فكان أميراً وكنت وزيراً(١)

علماً أنّ هذا المقطع رواه كذلك المتقي الهندي في كنزل العمال ٥ / ٦٣١ رقم الحديث ١٤١١٣ ورواه الذهبي في تاريخ الاسلام ٣ / ١١٧ ـ ١١٨ ورواه نور الدين الهيثمي في مجمع الزوائد ٥ / ٢٠٢ ـ ٢٠٣ وغيرهم

ومن هنا أشارت الزهراءعليهما‌السلام بعد كلامها مع الأول يقول الراوي ثم عطفت على قبر النبي وقالت :

قد كان بعدك أنباء وهنبثة

لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب

إنّا فقدناك فقد الأرض وابلها

واختلّ قومك فاشهدهم ولا تغب

أبدت رجال لنا نجوى صدورهم

لمّا مضيت وحالت دونك الترب

تجهّمتنا رجال واستخف بنا

لمّا فقدت وكل الأرض مغتصب

فليت قبلك كان الموت صادفنا

لمّا مضيت وحالت دونك الكثبُ



من غبت يا سيد البريّه

ردت أصحابك جاهلية

للدار اجوني اشلون جيّه

جدامهم نسل الدعيّه

ورى الباب لمّن هجس بيّه

عصرني او طحت فوگ الوطيّه



___________________

(١) لسان الميزان ٤ / ١٨٨ ـ ١٨٩

١٧٩

يبو ابراهيم من عگبك مظلمه الدار

تدري اشصار يوم الهجمت الأنصار

الباب ابحطب گاموا يحرگونه ابنار

والدخان من گبّر غدت رنّه



گمت للباب لاچن ما عليّ احجاب

حس بيّه الرجس من لذت خلف الباب

عصرني واسگط المحسن وصدري انعاب

وكسر ضلعي وجنيني ايّست منّه

     



الزهره الزچيه بعد ابوها

هجموا عليها او روعوها

غصبوا فدكها او ما رعوها

او سگطوا محسنها ولوّعوها



وعليها هجم القوم ولم

تك لاثت لا وعلياها الخمارا



١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424