نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٧

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار13%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 424

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 424 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 267210 / تحميل: 6857
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٧

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

فكان العالم المجرّب الحكيم والناقد الخبير، وكان لطيف الحسّ، نقيّ الجوهر، وضّاء النفس، سليم الذوق، مستقيم الرأي، حسن الطريقة، سريع البديهة، حاضر الخاطر، عارفاً بمهمّات الأُمور(١) .

عبادته وتقواهعليه‌السلام :

اشتهر عليّ بن أبي طالب بتقواه التي كانت علّة الكثير من تصرّفاته مع نفسه وذويه والناس... وفيما ترى العبادة لدى المعظم رجع أصداء الضعف في نفوسهم أحياناً، ومعنىً من معاني التهرّب من مواجهة الحياة والأحياء أحياناً أُخرى، وهوساً موروثاً ثمّ مدعوماً بهوس جديد مصدره تقديس الناس والمجتمع لكلّ موروث في أكثر الأحيان... تراها تشتهر عند الإمام أخْذاً من كلّ قوّة ووصلاً لأطراف الحلقة الخلقية التي تشتدّ وتمتدّ حتى تجمع الأرض والسماء، ومعنىً من معاني الجهاد في سبيل ما يربط الأحياء بكلّ خير، وهي على كلّ حال شيء من روح التمرّد على الفساد يريد محاربته من كلّ صوب، ثمّ على النفاق وروح الاستغلال والاقتتال من أجل المنافع الخاصّة.. وعلى المذلّة والفقر والمسكنة والضعف، ثمّ على سائر الصفات التي تميّز بها عصره المضطرب القلق.

إنّ من تبصّر في عبادة الإمام، تبيّن له أنّ عليّاً متمرّد في عبادته وتقواه، كما هو متمرّد في أُسلوبه في السياسة والحكم، ففي عبادته افتتان الشاعر يقف في هيكل الوجود الرحب صافي النفس ممتلئ القلب، حتى إذا انكشفت له جمالات هذا الكون; تجاوبت وما في كيانه من أصداء وأظلال وموازين، فأطلق هذه الكلمة الرائعة التي نرى فيها دستوراً كاملاً لتقوى الأحرار وعبادة عظماء النفوس: (وإنّ قوماً عبدوا الله رغبةً فتلك عبادة التجّار، وإنّ قوماً عبدوا الله رهبةً فتلك عبادة العبيد، وإنّ

ــــــــــــ

(١) راجع: مقدمة شرح نهج البلاغة، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم.

٢١

قوماً عبدوا الله شكراً فتلك عبادة الأحرار)(١) .

إنّ عبادة الإمام ليست شيئاً من سلبيّة الخائف الهارب أو التاجر الراغب كما هي الحال عند الكثيرين من المتعبّدين، بل هي شيء من إيجابية الإنسان العظيم الواعي نفسه والكون على أساس من خبرة المجرّب وعقل الحكيم وقلب الشاعر.

وبهذا المفهوم للتقوى والعبادة كان عليّ يوجّه الناس إلى أن يتّقوا الله في سبيل الخير الإنساني العام، أو قل: في سبيل أمر أجلّ من رغبة تجّار العبادات في نعيم الآخرة، كان يوجّههم إلى التقوى لعلّ فيها ما يحملهم على أن يعدلوا وينصفوا المظلوم من الظالم فيقول:) عليكم بتقوى الله وبالعدل على الصديق والعدوّ ( (٢) . ولا خير في التقوى في نظر الإمام; إلاّ إذا دفعتك إلى أن تعترف بالحقّ قبل أن تشهد عليه، وألاّ تحيف على من تبغض ولا تأثم، والحياة ـ بهذا المعنى للعبادة ـ لا تبتغى لمتاع ولا تُرجى للذّة عابرة.

زُهدهعليه‌السلام :

لقد زهد عليّ في الدنيا وتقشّف، وكان صادقاً في زهده كما كان صادقاً في كلّ ما نتج عن يمينه أو بَدَر من قلبه ولسانه، زهد في لذّة الدنيا وسبب الدولة وعلّة السلطان وكلّ ما يطمح لبلوغه الآخرون، ويَرَوْن أنّه مرتكز وجودهم، فإذا هو يسكن مع أولاده في بيت متواضع تأوي إليه الخلافة لا المُلك، وإذا هو يأكل الشعير تطحنه امرأته بيديها فيما كان عمّاله يعيشون على أطايب الشام وخيرات مصر ونعيم العراق، وكثيراً ما كان يأبى على زوجته أن تطحن له، فيطحن لنفسه وهو أمير المؤمنين، ويأكل من الخبز اليابس الذي يكسره على ركبته، وكان إذا أرعده البرد واشتدّ عليه الصقيع لا يتّخذ له عدّة من دثار يقيه أذى البرد، بل يكتفي بما رقّ من لباس الصيف إغراقاً منه في صوفيّة الروح.

ــــــــــــ

(١) نهج البلاغة طبعة صبحي الصالح : ٥١٠ الحكمة ٢٣٧ ط دار الهجرة قم.

(٢) بحار الأنوار: ٧٧/٢٣٦ باب وصيّة أمير المؤمنين عليه‌السلام ط الوفاء .

٢٢

روى هارون بن عنترة عن أبيه، قال: دخلتُ على عليّ بالخورنق، وكان فصل شتاء، وعليه خلق قطيفة هو يرعد فيه، فقلت: يا أمير المؤمنين! إن الله قد جعل لك ولأهلك في هذا المال نصيباً وأنت تفعل ذلك بنفسك؟ فقال: (والله ما أرزؤكم شيئاً، وما هي إلاّ قطيفتي التي أخرجتها من المدينة) (١) .

وأتى أحدهم عليّاً بطعام نفيس حلو يقال له: الفالوذج، فلم يأكله عليّ ونظر إليه يقول:(والله إنّك لطيّب الريح حسن اللون طيّب الطعم، ولكن أكره أن أُعوِّد نفسي ما لم تعتد) (٢) .

ولعمري إنّ زهد عليّ هذا ليس إلاّ معنىً ومزاجاً من معاني فروسيّته ومزاجها وإن بدا للبعض أنّهما مختلفان.

وقد حملت هذه السيرة الطيّبة عمر بن عبد العزيز ـ أحد خلفاء الأسرة الأموية التي تكره عليّاً وتختلق له السيّئات وتسبّه على المنابر ـ على أن يقول: أزهد الناس في الدنيا عليّ بن أبي طالب(٣) .

والمشهور أنّ عليّاً أبى أن يسكن قصر الإمارة الذي كان معدّاً له بالكوفة، لئلاّ يرفع سكنه عن سكن أولئك الفقراء الكثيرين الذين يقيمون في خِصاصهم البائسة، ومن كلامه هذا القول الذي انبثق عن أُسلوبه في العيش انبثاقاً:) أأقنع من نفسي بأن يقال هذا أمير المؤمنين ولا أشاركهم في مكاره الدهر؟ !( (٤) .

إباؤه وشهامتهعليه‌السلام :

مثّل عليّ بن أبي طالب الفروسيّة بأروع معانيها وبكلّ ما تنطوي عليه

ــــــــــــ

(١) بحار الأنوار : ٤٠/٣٣٤ ط الوفاء.

(٢) المصدر السابق : ٤٠/٣٢٧.

(٣) المصدر السابق : ٤٠/٣٣١ باب ٩٨ ذ ح ١٣ ط الوفاء.

(٤) نهج البلاغة طبعة صبحي الصالح: ٤١٨ الكتاب ٤٥ .

٢٣

من ألوان الشهامة. والإباء والترفّع أصلان من أصول روح الفروسيّة، فهما إذن من طبائع الإمام، لذلك كان بغيضاً لديه أن ينال أحداً من الناس بالأذى وإن آذاه، وأن يبادر مخلوقاً بالاعتداء ولو على ثقة بأنّ هذا المخلوق يقصد قتله.

وروح الإباء والترفّع هذه هي التي ارتفعت به عن مقابلة الأمويين بالسباب يوم كانوا يرشقونه به.. بل إنّه منع على أصحابه أن ينالوا الأمويين بالشتيمة المقذعة حتى قال لهم: (إنّي أكره لكم أن تكونوا سبّابين، ولكنّكم لو وصفتم أعمالهم وذكرتم حالهم; كان أصوب في القول، وأبلغ في العذر، وقلتم مكان سبّكم إيّاهم: اللهمّ احقن دماءنا ودماءهم، وأصلح ذات بيننا وبينهم، واهدهم من ضلالتهم حتّى يعرف الحقّ مَن جهله، ويرعوي عن الغيّ والعدوان مَن لهج به ) (١) .

مروءتهعليه‌السلام :

إنّ مروءة الإمام أندر من أن يكون لها مثيل في التأريخ، وحوادث المروءة في سيرته أكثر من أن تعدّ، منها أنّه أبى على جنده ـ وهم في حال من النقمة والسخط ـ أن يقتلوا عدوّاً تراجع، كما أبى عليهم أن يكشفوا ستراً أو يأخذوا مالاً، ومنها: أنّه حين ظفر بألدّ أعدائه الذين يتحيّنون الفرص للتخلّص منه; عفا عنهم وأحسن إليهم وأبى على أنصاره أن يتعقّبوهم بسوء وهم على ذلك قادرون(٢) .

صدقه وإخلاصهعليه‌السلام :

وتتماسك هذه الصفات الكريمة في سلسلة لا تنتهي; وبعضها على بعض دليل، ومن أروع حلقاتها: الصدق والإخلاص، وقد بلغ به الصدق مبلغاً أضاع به الخلافة، وهو لو رضي عن الصدق بديلاً في بعض أحواله; لما نال منه عدوّ ولا انقلب عليه صديق.. لقد رفض أن يقرّ معاوية على عمله وقال:( لا أداهن في ديني

ــــــــــــ

(١) نهج البلاغة طبعة صبحي الصالح: ٣٢٣ ، الخطبة ٢٠٦.

(٢) البداية والنهاية: ٧ / ٢٧٦.

٢٤

ولا أعطي الدنيّة في أمري ) ولمّا ظهرت حيلة معاوية; أطلق عبارته التي صحّت أن تكون صيغة للخلق العظيم:( والله ما معاوية بأدهى منّي، ولكنّه يغدر ويفجر، ولولا كراهية الغدر; لكنت من أدهى الناس ) (١) . وقال مشدّداً على ضرورة الصدق مهما اختلفت الظروف:( الإيمان أن تؤثر الصدق حيث يضرّك ، على الكذب حيث ينفعك ) (٢) .

شجاعتهعليه‌السلام :

إن شجاعة الإمام هي من الإمام بمنزلة التعبير من الفكرة وبمثابة العمل من الإرادة، لأنّ محورها الدفاع عن طبع في الحق وإيمان بالخير، والمشهور أنّ أحداً من الأبطال لم ينهض له في ميدان.. فقد كان لجرأته على الموت لا يهاب صنديداً، بل إنّ فكرة الموت لم تجل مرة في خاطر الإمام وهو في موقف نزال، وأنّه لم يقارع بطلاً إلاّ بعد أن يحاوره لينصحه ويهديه.

وكان عليّ مع قوته البالغة يتورّع عن البغي أيّاً كان الظرف، وأجمع المؤرّخون على أنّه كان يأنف القتال إلاّ إذا حُمِل عليه حملاً، فكان يسعى أن يسوّي الأُمور مع خصومه على وجوه سلميّة تحقن الدم وتحول دون النزال.

وطبيعة التورّع عن البغي أصل من أصول نفسيّة عليّ وخلق من أخلاقه، وهي متّصلة اتّصالاً وثيقاً بمبدئه العام الذي يقوم بمعرفة العهد وصيانة الذمّة والرحمة بالناس حتى يخونوا كلّ عهد ويقسوا دون كلّ رحمة.

وما كان لعليّ أن يستنجد الصداقة على العداوة; لولا ذلك الفيض العظيم من الوفاء والحنان الذي تزخر به نفسه ويطغى على جنانه.

ولكنّ صاحب المودّات لم يرعَ أصدقاؤه له مودّة، لأنّهم لم يكونوا ليطمعوا

ــــــــــــ

(١) نهج البلاغة، الخطبة : ٢٠٠.

(٢) نهج البلاغة، قصار الحكم: ٤٥٨.

٢٥

بأن يحولوا بينه وبين نفسه، فيطلق أيديهم في خيرات الأرض دون سائر الخلق، يقول عليّعليه‌السلام :( والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلُبها جَلبَ شعيرة ما فعلتُ، وإنّ دنياكم عندي لأهون من ورقة في فم جرادة ) (١) وليس عليّ في هذا المجال قائلاً ثمّ عاملاً، بل هو القول يجري من طبيعة العمل الذي يُعمل والشعور الذي يُحَسّ... فعليّ أكرم الناس مع الناس، وأبعد الخلق عن أن ينال الخلق بالأذى، وأقربهم إلى بذل نفسه في سبيلهم على أن يقتنع ضميره بضرورة هذا البذل، أوَليست حياته كلّها سلسلة معارك في سبيل المظلومين والمستضعفين، وانتصاراً دائماً للاُمّة دون من يريدونه آلة إنتاج لهم من السادة ورثة الأمجاد العائلية، أولم يكن سيفاً صارماً فوق أعناق القرشيّين الذين أرادوا استغلال الخلافة والإمارة للسلطان والجاه وتكديس الأموال ؟! أَلمْ يَضع الخلافةَ والحياةَ على الأرض لأنّه أبى مسايرة أهل الدنيا في استعباد إخوانهم الضعفاء والفقراء والمظلومين ؟

عدلهعليه‌السلام :

ليس غريباً أن يكون عليٌّ أعدل الناس، بل الغريب أن لا يكونَهُ، وأخبار عليّ في عدله تراثٌ يشرّف المكانة الإنسانية والروح الإنساني.

وكان الإمام يأبى الترفّع عن رعاياه في المخاصمة والمقاضاة، بل إنّه كان يسعى إلى المقاضاة إذا وجبت لتشبّعه بروح العدالة.

وتجري في روحه العدالة حتى أمام أبسط الأُمور، ووصايا الإمام ورسائله إلى الولاة تكاد تدور حول محور واحد هو العدل، وقد انتصر العدل في قلب عليّ وقلوب أتباعه وإن ظلموا وظلم.

ــــــــــــ

(١) نهج البلاغة، الخطبة: ٢٢٤.

٢٦

تواضعهعليه‌السلام :

إنّ من أصول أخلاق الإمام أنّه كان يعتمد البساطة ويمقت التكلّف. وكان يقول:( شر الإخوان من تكلّف له ) (١) . ويقول:( إذا احتشم المؤمن أخاه فقد فارقه ) (٢) ويقصد بالاحتشام مراعاته حتى التكلّف.

وكان لا يتصنّع في رأي يراه أو نصيحة يسديها أو رزق يهبه أو مال يمنعه. وكانت هذه الطبيعة تلازمه حتى يسأم أصحاب الأغراض من استرضائه بالحيلة. وإذا هم ينسبون إليه القسوة والجفوة والزهو على الناس، وليس صدق الشعور وإظهاره زهواً وليس جفوة، بل إنّه كان يمقت الزهو والعجب.. ولطالما نهى ولدَه وأعوانه وعمّاله عن الكبر والعجب قائلاً:( إيّاك والإعجاب بنفسك، واعلم أنّ الإعجاب ضد الصواب وآفة الألباب ) (٣) . وكره التكلّف في محبّيه الغالين كما كره التكلّف في مبغضيه المفرطين فقال:( هلك فيّ اثنان: محبٌ غال ومبغضٌ قال ) (٤) .

لقد كان يخرج إلى مبارزيه حاسر الرأس ومبارزوه مقنعون بالحديد، أفعجيب أن يخرج إليهم حاسر النفس وهم مقنعون بالحيلة والرياء؟.

نقاؤهعليه‌السلام :

وتميّز عليّ بسلامة القلب، فهو لا يحمل ضغينة على مخلوق ولا يعرف حقداً على ألدّ أعدائه ومناوئيه ومن يحقدون عليه حسداً وكرهاً.

كرمهعليه‌السلام :

وكان من خلقه أنّه كان كريماً ولا حدود لكرمه، ولكنّه الكرم السليم

ــــــــــــ

(١) نهج البلاغة، قصار الحكم: ٤٧٩.

(٢) المصدر السابق: ٤٨٠.

(٣) المصدر السابق من كتاب ٣١ رقم ٥٧.

(٤) نهج البلاغة : ١١٧.

٢٧

بأصوله وغاياته لا كرم الولاة الذين (يكرمون) بأموال الناس وجهودهم. وهذا الكرم لم يعرفه عليٌّ مرّة في حياته، وإنّما كرمه هو الذي يعبّر عن جملة المروءات، ففيما كان يزجر ابنته زجراً شديداً إذ هي استعارت من بيت المال قلادة تتزيّن بها في عيد من الأعياد. كان يسقي بيده النخل لقوم من يهود المدينة حتى تمْجلَ يده فيتناول أجرته فيهبها لأهل الفاقة والعوز ويشتري بها الأرقاء ويحرّرهم في الحال.

وقد شهد معاوية على كرم عليّ قائلاً: لو ملك عليّ بيتاً من تبر وبيتاً من تبن لأنفد تبره قبل تبنه(١) .

علمه ومعارفهعليه‌السلام :

قال ابن أبي الحديد: (وما أقول في رجل تُعزى إليه كلّ فضيلة، وتنتمي إليه كلّ فرقة، وتتجاذبه كلّ طائفة، فهو رئيس الفضائل وينبوعها، وأبو عُذْرِها، وسابق مضمارها، ومجلّي حَلْبتها، كلّ من بزغ فيها بعده فمنه أخذ، وله اقتفى، وعلى مثاله احتذى. وإنّ أشرف العلوم ـ وهو العلم الإلهي ـ من كلامهعليه‌السلام اقتبس وعنه نقل وإليه انتهى ومنه ابتدأ... وعلم الفقه هو أصله وأساسه وكلّ فقيه في الإسلام فهو عيال عليه ومستفيد من فقهه... وعلم تفسير القرآن عنه أُخذ ومنه فُرّع وعلم الطريقة والحقيقة وأحوال التصوّف(؟!) إنّ أرباب هذا الفنّ في جميع بلاد الإسلام إليه ينتهون، وعنده يقفون.. وعلم النحو والعربية قد علم الناس كافة أنّه هو الذي ابتدعه وأنشأه، وأملى على أبي الأسود الدؤلي جوامعَه وأصوله...)

ثم قال: (وأمّا الفصاحة، فهوعليه‌السلام إمام الفصحاء وسيّد البلغاء، وفي كلامه قيل: (دون كلام الخالق وفوق كلام المخلوقين)، ومنه تعلّم الناس الخطابة والكتابة ..

ــــــــــــ

(١) تاريخ دمشق لابن عساكر : ٤٣/٤١٤ ترجمة علي بن أبي طالب عليه‌السلام .

٢٨

فوالله ما سنّ الفصاحة لقريش غيره، ويكفي هذا الكتاب الذي نحن شارحوه دلالةً على أنّه لا يجارى في الفصاحة ولا يُبارى في البلاغة...)

ثم قال: (وأمّا الزهد في الدنيا، فهو سيّد الزهاد، وبدل الأبدال، وإليه تشدّ الرحال، وعنده تُنْفَضُ الأحلاس، ما شبع من طعام قطّ، وكان أخشنَ الناس مأكلاً وملبساً(.

وأمّا العبادة فكان أعبد الناس وأكثرهم صلاةً وصوماً، ومنه تعلّم الناس صلاة الليل وملازمة الأوراد وقيام النافلة، وما ظنّك برجل يبلغ من محافظته على وِرده أن يُبسَط له نِطَعٌ بين الصفّين ليلةَ الهرير(١) فيصلّي عليه ورده والسهام تقع بين يديه وتمرّ على صِماخيه يميناً وشمالاً، فلا يرتاع لذلك، ولا يقوم حتى يفرغ من وظيفته... وأنت إذا تأمّلت دعواته ومناجاته ووقفت على ما فيها من تعظيم الله سبحانه وإجلاله وما يتضمّنه من الخضوع لهيبتهِ والخشوع لعزّته والاستخذاء له; عرفت ما ينطوي عليه من الإخلاص، وفهمت من أيّ قلب خرجت، وعلى أيّ لسان جَرَت. وقال عليّ بن الحسين وكان الغاية في العبادة:عبادتي عند عبادة جدّي كعبادة جدّي عند عبادة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وأمّا قراءته القرآن واشتغاله به فهو المنظور إليه في هذا الباب; اتّفق الكلّ على أنّه كان يحفظ القرآن على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولم يكن غيره يحفظه، ثمّ هو أوّل من جمعه. وإذا رجعت إلى كتب القراءات وجدت أئمّة القرّاء كلّهم يرجعون إليه.

وما أقول في رجل تحبّه أهل الذمّة على تكذيبهم بالنبوّة، وتعظّمه الفلاسفة على معاندتهم لأهل الملّة، وتصوِّر ملوك الإفرنج والروم صورته في بِيَعها وبيوت عباداتها، حاملاً سيفه؟ وما أقول في رجل أحبّ كلُّ واحد أن يتكثّر به، وودّ كلُّ أحد أن يتجمّل ويتحسّن بالانتساب إليه؟

ــــــــــــ

(١) هي أشد ليلة مرّت على الجيشين في معركة صفّين، راجع مروج الذهب : ٢ / ٣٨٩ .

٢٩

وما أقول في رجل سبق الناس إلى الهدى.. لم يسبقه أحد إلى التوحيد إلاّ السابق لكلّ خير محمد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١) ؟

ــــــــــــ

(١) من مقدمة ابن أبي الحديد لشرح نهج البلاغة ١ / ١٦ ـ ٣٠ تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم.

٣٠

الباب الثاني: فيه فصول:

الفصل الأول: نشأة الإمام عليعليه‌السلام .

الفصل الثاني: مراحل حياة الإمام عليعليه‌السلام .

الفصل الثالث: من الولادة إلى الإمامة.

الفصل الأول: نشأة الإمام عليعليه‌السلام

نسبه الوضّاء :

هو الإمام أمير المؤمنين وسيّد الوصيّين عليّ بن أبي طالب بن عبد المطلب ابن هاشم بن عبد مناف بن قصيّ بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إياس بن مضر بن نزار ابن معد بن عدنان.

جدّه الكريم :

عبد المطلب شيبة الحمد، وكنيته أبو الحرث، وعنده يجتمع نسبه بنسب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكان مؤمناً بالله تعالى، ويعلم بأنّ محمداً سيكون نبيّاً(١) .

ولمّا حضرت عبد المطلب الوفاة دعا ابنه أبا طالب، فقال له: يا بني! قد علمت شدّة حبّي لمحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ووجدي به أنظر كيف تحفظني فيه قال أبو طالب: يا أبه! لا توصني بمحمّد فإنّه ابني وابن أخي(٢) .

ــــــــــــ

(١) الطبقات لمحمد بن سعد: ١ / ٧٤ ط. ليدن.

(٢) كمال الدين للصدوق : ١٧٠ ط النجف الأشرف و ١٧٢ ط طهران عن ابن عباس. وفي موسوعة التاريخ الإسلامي: ١/٢٨٥.

٣١

والده :

عبد مناف، وقيل: عمران، وقيل: شيبة، وكنيته أبو طالب، وهو أخو عبد الله والد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأُمه وأبيه. ولد أبو طالب بمكّة قبل ولادة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بخمس وثلاثين سنة، وانتهت إليه بعد أبيه عبد المطلب الزعامة المطلقة لقريش، وكان يروي الماء لوفود مكّة كافّة لأنّ السقاية كانت له، ورفض عبادة الأصنام فوحّد الله سبحانه، ومنع نكاح المحارم وقتل الموؤدة والزنا وشرب الخمر وطواف العراة في بيت الله الحرام(١) . ولمّا توفّي عبد المطلب; تكفّل أبو طالب رعاية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فكان أبو طالب يحبّه حبّاً شديداً لا يحبّه ولده، وكان لا ينام إلاّ إلى جنبه، ويخرج فيخرج معه، وكان يخصّه بالطعام دون أولاده.

وروي أنّ أبا طالب دعا بني عبد المطلب فقال: لن تزالوا بخير ما سمعتم من محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وما اتّبعتم أمره، فاتّبعوه وأعينوه ترشدوا. وما زالت قريش كافّة عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى مات أبو طالب(٢) .

توفّي أبو طالب قبل الهجرة بثلاث سنين وبعد خروج بني هاشم مع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الشِعب وعمره بضع وثمانون سنة(٣) ، وكان للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تعلّق شديد بأبي طالب، فقد عاش في كنفه (٤٣) عاماً منذ الثامنة من عمره الشريف حينما توفّي جدّه عبد المطلب.. وقد ثبت أنّ أبا طالب كان موحّداً مؤمناً بالله ومعتقداً بالإسلام أرسخ الاعتقاد، وبقي على حاله هذه حتى وافاه الأجل، وإنّما أخفى إيمانه ليتمكّن أن يكون له شأن واتّصال مع كفّار مكّة، وليطّلع على

ــــــــــــ

(١) روضة الواعظين للفتال: ١٢١ ـ ١٢٢ وصية أبي طالب لبني هاشم.

(٢) الطبقات لابن سعد: ١ / ٧٥.

(٣) الكامل في التأريخ لأبن الأثير: ٢ / ٩٠، راجع : موسوعة التاريخ الإسلامي : ١/٤٣٦.

٣٢

مكائدهم ومؤامراتهم، فكان يعيش حالة التقيّة، وكان مثله كأصحاب الكهف في قومهم، وهو ممّن آتاهم الله أجرهم مرّتين لإيمانه وتقيّته(١) .

أُمّه :

فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف، تجتمع هي وأبو طالب في هاشم، أسلمت وهاجرت مع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكانت من السابقات إلى الإيمان وبمنزلة الأُم للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٢) ربّته في حجرها، ولمّا ماتت فاطمة بنت أسد; دخل إليها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فجلس عند رأسها وقال:( رحمك الله يا أُمي، كنت أُمي بعد أُمي، تجوعين وتشبعيني، وتعرين وتكسيني، وتمنعين نفسك طيب الطعام وتطعميني، تريدين بذلك وجه الله والآخرة ) .

وغمّضها، ثمّ أمر أن تغسل بالماء ثلاثاً، فلمّا بلغ الماء الّذي فيه الكافور سكبه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيده، ثمّ خلع قميصه فألبسه إيّاها وكفّنت فوقه ودعا لها أسامة بن زيد مولى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأبا أيوب الأنصاري وعمر بن الخطّاب وغلاماً أسود فحفروا لها قبرها، فلمّا بلغوا اللّحد حفره رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيده، وأخرج ترابه ودخل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبرها فاضطجع فيه، ثمّ قال:( الله الّذي يحيي ويميت، وهو حيّ لا يموت، اللّهمّ اغفر لأُمّي فاطمة بنت أسد بن هاشم، ولقّنها حجتها، ووسّع عليها مدخلها بحقّ نبيّك والأنبياء من قبلي، فإنّك أرحم الراحمين ) وأدخلها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اللحد والعباسُ وأبو بكر(٣) .

فقيل: يا رسول الله رأيناك وضعت شيئاً لم تكن وضعته بأحد من قبل:

ــــــــــــ

(١) بحار الأنوار: ٣٥ / ٧٢. وانظر: منية الطالب في إيمان أبي طالب للشيخ الطبسي، وأبو طالب مؤمن قريش للشيخ عبد الله الخُنيزي وموسوعة التاريخ الإسلامي: ١/٥١٤ ـ ٥١٧ و ٥٩٦ ـ ٦٠١.

(٢) الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي: ٣١.

(٣) بصائر الدرجات : ٧١ عن الصادق عليه‌السلام ، وراجع: موسوعة التاريخ الإسلامي: ٢/٤٣٣ ـ ٤٣٧ .

٣٣

فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :(ألبستها قميصي لتلبس من ثياب الجنّة، واضطجعت في قبرها ليخفّف عنها من ضغطة القبر، إنّها كانت من أحسن خلق الله صُنعاً إليّ بعد أبي طالب رضي اللّه عنهما ورحمهما ( (١) .

الفصل الثاني: مراحل حياة الإمام عليّعليه‌السلام

ولد الإمام عليعليه‌السلام قبل البعثة النبوية بعقد واحد، وعاصر إرهاصات البعثة وكل حركة الرسالة خلال العهد المكّي ـ وهو عهد بناء الأمة المسلمة وتكوين القاعدة الرسالية الصلبة ـ كما عاصر كل أحداث العهد المدني، حيث تم فيه بناء الدولة الإسلامية بقيادة سيّد المرسلينصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وساهم بكل وجوده في بناء هذا الكيان الشامخ حتى تجلّى للجميع عمق وجوده في هذا البناء الرسالي الفريد.

وحمل الإمامعليه‌السلام بأمر من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مشعل الهداهية الربّانية والقيادة الإسلامية بعد وفاة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رغم تراجع جمع من الصحابة وتمرّدهم على نصوص الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وخذلانهم للإمامعليه‌السلام والحيولة دون استلامه للقيادة السياسية ولكنه استمر في انجاز مهمامّه الرسالية في تلك الظروف العصيبة وعايس الخلفاء رغم انه كان يرى محلّه من القيادة محل القطب من الرحى فصبر وفي العين قذى مدة عقدين وصنف عقد حتّى انكشفت للأمة جملة من نتائج انحرافها الخطير عن تخطيط الرسول الأمين.

من هنا التجأت الأمة إلى الإمام لتسلم له زمام أمرها بعد تلك الخطوب وذلك التصدع الذي طال كيانه فحمل عبء القيادة بكل جدارة خلال نصف عقد فقط حتّى قدّم دمه الطاهر في سبيل الله رخيصا يبتغي به رضوان الله تعالى تثبيتا للقيم الرسالية التي جاهد من أجل إرسائها في وجدان المجتمع الإسلامي وضمير المجتمع الإنساني.

وعلى هذا تنقسم حياة الإمام عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام إلى شطرين رئيسين:

الشطر الأول: حياته منذ ولادته وحتّى وفاة سيد المرسلينصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

الشطر الثاني: حياته من حين وفاة الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتولّيه لمهامّ الإمامة الشرعية وحتّى استشهادهعليه‌السلام في محراب العبادة.

ــــــــــــ

(١) الفصول المهمة لابن الصباغ: ٣٢، وفي فرائد السمطين: ١ / ٣٧٩: (صنعت شيئاً لم تصنعه بأحد) وروى إسلام فاطمة بنت أسد وهجرتها وحنانها ورعايتها للرسول ووفاتها وما قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في فضلها كثير من الحفّاظ والمؤلّفين في كتبهم كابن عساكر وابن الأثير وابن عبد البرّ ومحب الدين الطبري ومحمد بن طلحة والشبلنجي وابن الصبّاغ البلاذري وغيرهم.

٣٤

ونظرا لتنوّع الأدوار والظروف التي عاشهاعليه‌السلام يمكننا أن نصنّف حياته إلى عدّة مراحل:

المرحلة الأولى: من الولادة إلى البعثة النبويّة المباركة.

المرحلة الثانية: من البعثة إلى الهجرة.

المرحلة الثالثة: من الهجرة إلى وفاة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وهذه المراحل الثلاث تدخل في الشطر الأول من حياته وقد تجلّى فيها انقياده المطلق للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والدفاع المستميت عن الرسالة والرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

المرحلة الرابعة: حياة الإمام في عهد (أبي بكر وعمر وعثمان(.

المرحلة الخامسة: حياته في عهد دولته.

وسوف ندرس المراحل الثلاث الأولى في الفصل الثالث من الباب الثاني.

كما نبحث عن المرحلة الرابعة من حياته في الباب الثالث بفصوله الأربعة، ونخصص الباب الرابع بالمرحلة الخامسة من حياتهعليه‌السلام .

الفصل الثالث: المرحلة الأولى : من الولادة إلى البعثة النبوية المباركة

ولادته :

قال عليّعليه‌السلام :(فإنّي ولدتُ على الفطرة وسَبقتُ إلى الإيمان والهجرة ( (١) .

ولِد الإمام عليّعليه‌السلام بمكّة المشرّفة داخل البيت الحرام وفي جوف الكعبة في يوم الجمعة الثالث عشر من شهر رجب سنة ثلاثين من عام الفيل قبل الهجرة بثلاث وعشرين سنة، ولم يولد في بيت الله الحرام قبله أحد سواه، وهي فضيلة خصّه الله تعالى بها إجلالاً له وإعلاءً لمرتبته وإظهاراً لتكرمته(٢) .

ــــــــــــ

(١) نهج البلاغة (صبحي الصالح): الخطبة ٥٧ ص٩٢، وأمالي الطوسي: ص٣٦٤ الرقم ٧٦٥، ومناقب آل أبي طالب: ٢ / ١٠٧، وشرح النهج لابن أبي الحديد: ٤ / ١١٤، وبحار الأنوار: ٤١ / ٢١٧.

(٢) خصائص أمير المؤمنين للشريف الرضي: ٣٩، والغدير للأميني: ٦ / ٢٢، والمستدرك للحاكم النيشابوري: ٣/٤٨٣، والكفاية للحافظ الكنجي الشافعي والخريدة الغيبيّة في شرح القصيدة العينيّة للآلوسي صاحب التفسير، ومروج الذهب للمسعودي، والسيرة النبوية، وموسوعة التاريخ الإسلامي: ١/٣٠٦ ـ ٣١٠.

٣٥

روي عن يزيد بن قعنب أنّه قال: كنت جالساً مع العباس بن عبد المطلب وفريق من بني عبد العزّى بإزاء بيت الله الحرام إذ أقبلت فاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وكانت حاملاً به لتسعة أشهر وقد أخذها الطلق، فقالت: يا ربّ إنّي مؤمنة بك وبما جاء من عندك من رسل وكتب، وإنّي مصدّقة بكلام جديّ إبراهيم الخليلعليه‌السلام وإنّه بنى البيت العتيق، فبحقّ الّذي بنى هذا البيت، وبحقّ المولود الّذي في بطني إلاّ ما يسّرت عليَّ ولادتي.

قال يزيد: فرأيت البيت قد انشق عن ظهره، ودخلت فاطمة فيه، وغابت عن أبصارنا وعاد إلى حاله والتزق الحائط، فرمنا أن ينفتح لنا قفل الباب فلم ينفتح، فعلمنا أنّ ذلك أمر من أمر الله عَزَّ وجَلَّ، ثمّ خرجت في اليوم الرابع وعلى يدها أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام (١) .

وأسرع البشير إلى أبي طالب وأهل بيته فأقبلوا مسرعين والبِشر يعلو وجوههم، وتقدّم من بينهم محمّد المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فضمّه إلى صدره، وحمله إلى بيت أبي طالب ـ حيث كان الرسول في تلك الفترة يعيش مع خديجة في دار عمه منذ زواجه ـ وانقدح في ذهن أبي طالب أن يسمّي وليده (عليّاً) وهكذا سمّاه، وأقام أبو طالب وليمةً على شرف الوليد المبارك، ونحر الكثير من الأنعام(٢) .

كناه وألقابه :

إن لأمير المؤمنين عليّعليه‌السلام ألقاباً وكنىً ونعوتاً يصعب حصرها والإلمام بها، وكلّها صادرة من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في شتى المواقف والمناسبات العديدة التي وقفهاعليه‌السلام لنشر الإسلام والدفاع عنه وعن الرسول.

فمن ألقابهعليه‌السلام : أمير المؤمنين، ويعسوب الدين والمسلمين، ومبير(٣)  الشرك والمشركين، وقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين، ومولى المؤمنين، وشبيه هارون، والمرتضى، ونفس الرسول، وأخوه، وزوج البتول، وسيف الله المسلول، وأمير البررة، وقاتل الفجرة، وقسيم الجنّة والنار، وصاحب اللواء، وسيّد

ــــــــــــ

(١) علل الشرائع للصدوق: ص٥٦، وروضة الواعظين للفتال النيسابوري: ص٦٧، وبحار الأنوار: ٣٥ / ٨ ، وكشف الغمة للأربلي: ١ / ٨٢ .

(٢) بحار الأنوار: ٣٥ / ١٨.

(٣) اليعسوب: يقصد به هنا سيّد قومه. المبير: المهلك.

٣٦

العرب، وخاصف النعل، وكشّاف الكرب، والصدّيق الأكبر، وذو القرنين، والهادي، والفاروق، والداعي، والشاهد، وباب المدينة، والوالي، والوصيّ، وقاضي دين رسول الله، ومنجز وعده، والنبأ العظيم، والصراط المستقيم، والأنزع البطين(١) .

وأمّا كناه فمنها: أبو الحسن، أبو الحسين، أبو السبطين، أبو الريحانتين، أبو تراب.

الإعداد النبويّ للإمام عليّعليه‌السلام :

كان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يتردّد كثيراً على دار عمّه أبي طالب بالرغم من زواجه من خديجة وعيشه معها في دار منفردة، وكان يشمل عليّاًعليه‌السلام بعواطفه، ويحوطه بعنايته، ويحمله على صدره، ويحرّك مهده عند نومه إلى غير ذلك من مظاهر العناية والرعاية(٢) .

وكان من نِعَم الله عزّ وجلّ على عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام وما صنع الله له وأراده به من الخير أنّ قريشاً أصابتهم أزمة شديدة، وكان أبو طالب ذا عيال كثير، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للعبّاس ـ وكان من أيسر بني هاشم ـ : يا عبّاس، إنّ أخاك أبا طالب كثير العيال، وقد ترى ما أصاب الناس من هذه الأزمة، فانطلق بنا، فلنخفّف عنه من عياله، آخذُ من بيته واحداً، وتأخذ واحداً، فنكفيهما عنه ، قال العباس: نعم.

فانطلقا حتى أتيا أبا طالب فقالا له:إنّا نريد أن نخفّف عنك من عيالك حتّى ينكشف عن الناس ما هم فيه ، فقال لهما أبو طالب: إذا تركتما لي عقيلاً فاصنعا

ــــــــــــ

(١) كشف الغمة للأربلي: ١ / ٩٣. وقد وردت ألقاب أُخرى عديدة لأمير المؤمنين في مصادر الرواة والمحدّثين منها: صحيح الترمذي والخصائص للنسائي والمستدرك للحاكم النيسابوري وحلية الأولياء للأصفهاني وأُسد الغابة لابن الأثير وتأريخ الإسلام للذهبي وغيرهم.

(٢) بحار الأنوار: ٣٥ / ٤٣.

٣٧

ما شئتما، فأخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليّاًعليه‌السلام فضمّه إليه وكان عمره يومئذ ستة أعوام، وأخذ العبّاس جعفراً، فلم يزل عليّ بن أبي طالب مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى بعثه الله نبيّاً، فاتّبعه عليّعليه‌السلام فآمن به وصدّقه، ولم يزل جعفر عند العبّاس حتّى أسلم واستغنى عنه(١) .

وقد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد أن اختار عليّاًعليه‌السلام : (قد اخترت من اختاره الله لي عليكم عليّاً ( (٢) .

وهكذا آن لعليّعليه‌السلام أن يعيش منذ نعومة أظفاره في كنف محمّد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيث نشأ وترعرع في ظل أخلاقه السماويّة السامية، ونهل من ينابيع مودّته وحنانه، وربّاهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفقاً لما علّمه ربّه تعالى، ولم يفارقه منذ ذلك التأريخ.

وقد أشار الإمام عليّعليه‌السلام إلى أبعاد التربية التي حظي بها من لدن أستاذه ومربّيه النبيّ الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومداها وعمق أثرها، وذلك في خطبته المعروفة بالقاصعة: (وقد علمتم موضعي من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالقرابة القريبة، والمنزلة الخصيصة (٣) ، وضعني في حجره وأنا ولد، يضمّني إلى صدره، ويكنفني في فراشه، ويمسّني جَسده، ويشمّني عَرْفه (٤) ، وكان يمضع الشيء ثمّ يلقمنيه، وما وجد لي كذبة في قول، ولا خطلة (٥) في فعل) .

إلى أن قال:(ولقد كنت أتّبعه اتباع الفصيل (٦) أثر أمه، يرفع لي في كلّ يوم من

ــــــــــــ

(١) تأريخ الطبري: ٢ / ٥٨ ط مؤسسة الأعلمي بيروت، وشرح ابن أبي الحديد: ١٣ / ١٩٨، وينابيع المودة: ٢٠٢، وكشف الغمة: ١ / ١٠٤، وموسوعة التاريخ الإسلامي : ١ / ٣٥١  ـ ٣٥٦.

(٢) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ١ / ١٥ ، نقلاً عن البلاذري والأصفهاني.

(٣) الخصيصة: الخاصة.

(٤) عرفه (بالفتح): رائحته، وأكثر استعماله في الطيب.

(٥) الخطلة: الخطأ ينشأ من عدم الرؤية.

(٦) الفصيل: ولد الناقة.

٣٨

أخلاقه علماً (١) ، ويأمرني بالاقتداء به، ولقد كان يجاور في كلّ سنة بحراء (٢) ، فأراه ولا يراه غيري، ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وخديجة وأنا ثالثهما، أرى نور الوحي والرسالة، وأشمّ ريح النبوّة، ولقد سمعت رنّة (٣) الشيطان حين نزل الوحي عليه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقلت: يا رسول الله، ما هذه الرنّة؟ فقال: هذا الشيطان آيس من عبادته، إنّك تسمع ما أسمع، وترى ما أرى، إلاّ أنّك لست بنبيّ، ولكنّك وزير، وأنّك لعلى خير) (٤) .

المرحلة الثانية : من البعثة إلى الهجرة

عليّعليه‌السلام أول المؤمنين برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

لقد نشأ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على قيم إلهية سامية كما صرّح بذلك القرآن الكريم بقوله تعالى:( وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) (٥) ، فكان النموذج المغاير لإنسان الجزيرة في معتقده وتفكيره وسلوكه وأخلاقه، فسلك منذ نعومة أظفاره خطّاً موازياً لقيم رسالات الأنبياء سيَّما شيخهم إبراهيم الخليلعليه‌السلام ، وكان في قناعة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّ هذا الخطّ لا يلتقي بقيم المجتمع الجاهلي، من هنا بدأصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بإنشاء نواة الأسرة المؤمنة المتكونة منه وخديجة وعليّعليهم‌السلام .

وقرّر أن يشقّ مجرى التأريخ، وأن يفتح طريقاً وسط التيار العام، وأن يقاوم بتلك الأسرة الانحراف السائد، وأن يُحدث موجاً هادراً يتحوّل شيئاً فشيئاً إلى تيار جارف للوثنية والجاهلية من ربوع الأرض، إنّ عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام والذي تربّى في حِجر الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يسجد لصنم قطّ، ولم يُشرك بالله طرفة

ــــــــــــ

(١) عَلَماً: فضلاً ظاهراً.

(٢) حراء: جبل قرب مكّة.

(٣) رنّة الشيطان: صوته.

(٤) شرح نهج البلاغة للفيض: ٨٠٢ ، الخطبة ٢٣٤.

(٥) القلم (٦٨) : ٤.

٣٩

عين. وعندما نزل الوحي على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان عليّعليه‌السلام إلى جانبه، وكان أوّل من آمن برسالتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما شهدت بذلك عامّة مصادر التأريخ.

وعن أنس بن مالك قال : أنزلت النبوّة على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم الاثنين وصلّى عليّعليه‌السلام يوم الثلاثاء(١) .

كما روي عن سلمان الفارسي أَنّه قال: أوّل هذه الأمة وروداً على نبيّهاصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الحوض، أوّلها إسلاماً عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام (٢) .

وعن العباس بن عبد المطلب أنّه سمع عمر بن الخطاب وهو يقول: كفّوا عن ذكر عليّ بن أبي طالب إلاّ بخير، فإنّي سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: في عليّ ثلاث خصال، وددت أنّ لي واحدةً منهنّ، كلّ واحدة منهنّ أحبّ إليّ ممّا طلعت عليه الشمس، وذلك أنّي كنت أنا وأبو بكر وأبو عبيدة بن الجرّاح ونفر من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ ضرب النبي على كتف عليّ بن أبي طالب وقال: يا عليّ، أنت أوّل المسلمين إسلاماً، وأنت أول المؤمنين إيماناً، وأنت منّي بمنزلة هارون من موسى، كذب من زعم أنّه يحبّني وهو مبغضك (٣) .

وإذ اتّفق المؤرّخون على أنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام أوّل الناس إسلاماً(٤) ;  فقد

ــــــــــــ

(١) تأريخ دمشق لابن عساكر: ١ / ٤١، والكامل في التأريخ: ٢ / ٥٨، وتأريخ الطبري: ٢ / ٥٥، وسنن الترمذي: ٥ / ٦٠٠ الحديث ٣٧٣٥.

(٢) الاستيعاب لابن عبد البرّ المالكي بهامش الإصابة: ٣ / ٢٩، وتأريخ الطبري: ٢ / ٥٥ وفيه: عليّ أول من أسلم، وفي تأريخ دمشق لابن عساكر: ١ / ٣٢، ٣٦، ٦٥ ذكر أنّ عليّاً أول من أسلم، وتأريخ بغداد: ٢ / ٨١ رقم ٤٥٩.

(٣) الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي: ١٢٦، وتأريخ دمشق لابن عساكر: ١ / ٣٣١ رقم الحديث ٤٠١.

(٤) من مصادر حديث أنّ علي بن أبي طالب أول من أسلم: سنن البيهقي: ٦ / ٢٠٦، ومسند أبي حنيفة: رقم ٣٦٨ ص١٧٣، وتأريخ الطبري: ٢ / ٥٥ ط مؤسسة الأعلمي، والكامل في التأريخ: ٢ / ٥٧، واُسد الغابة: ٤ / ١٦، تاريخ ابن خلدون : ج٣ / ص٧١٥ ، بدء الوحي والسيرة النبوية: ١ / ٢٦٢، والسيرة الحلبية: ١ / ٤٣٢، ومروج الذهب: ٢ / ٢٨٣، وعيون الأثر: ١ / ٩٢، والإصابة في معرفة الصحابة: ٢ / ٥٠٧، وتأريخ بغداد للخطيب البغدادي: ٢ / ١٨.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

ذكره أبو سعد السمعاني وقال: هو جليل القدر، وافر الفضل، واسع الرواية، ثقة حافظ، مكثر صدوق، كثير التصانيف، حسن السيرة، بعيد من التكلف، أوحد بيته في عصره، خرّج التاريخ لنفسه ولجماعة من شيوخنا، وأجاز لي مسموعاته، وسألت اسماعيل بن محمد الحافظ عنه فأثنى عليه، ووصفه بالحفظ والمعرفة والدراية

وكتب إليّ معمر بن الفاخر أنه توفي يوم النحر سنة إحدى عشرة، وقيل توفي في ثاني عشر ذي الحجة »(١) .

٢ - ابن خلكان: « كان من الحفاظ المشهورين، وأحد أصحاب الحديث المبرزين، وكان جليل القدر، وافر الفضل، واسع الرواية، ثقة حافظاً مكثراً صدوقاً، كثير التصانيف »(٢) .

(١٣٢)

هبة الله بن محمد بن عبد الواحد الشيباني

المتوفى سنة (٥٢٥). هو راوي حديث مناشدة أمير المؤمنينعليه‌السلام الناس في الرحبة عن أبي علي ابن المذهب، بسنده عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، كما تقدّم في « ابن المذهب ».

ترجمته

١ - الذهبي: « ومسند العراقين أبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، وله ثلاث وتسعون سنة »(٣) .

____________________

(١). تذكرة الحفاظ ٤ / ١٢٥٠.

(٢). وفيات الأعيان ٢ / ٣٦٦.

(٣). دول الاسلام ٢ / ٤٧ حوادث ٥٢٥.

٣٦١

٢ - ابن كثير: « راوي المسند عن أبي علي ابن المذهب، عن أبي بكر بن مالك عن عبدالله بن أحمد عن أبيه. وقد روى عنه: ابن الجوزي وغير واحد. كان ثقة ثبتاً صحيح السماع »(١) .

٣ - اليافعي: « وفيها توفي مسند العراق، هبة الله بن حصين الشيباني البغدادي »(٢) .

(١٣٣)

ابن الزاغوني أبوبكر محمد بن عبيدالله بن نصر (٥٥٢).

قال الحمويني: « أخبرني الشيخ مجد الدين عبدالله بن محمود بن مودود الحنفي بقراءتي عليه ببغداد، ثالث رجب سنة ٦٧٢ قال: أنا الشيخ أبوبكر المسمار ابن عمر بن العويس البغدادي سماعاً عليه قال: أنبأ أبو الفتح محمد بن عبد الباقي المعروف بابن البطي سماعاً عليه. ح.

وأخبرنا الامام الفقيه كمال الدين أبو غالب هبة الله بن أبي القاسم بن أبي غالب السامري بقراءتي عليه، بجامع القصر ببغداد ليلة الأحد السابع والعشرين من شهر رمضان سنة ٦٨٢ قال: أنبأ الشيخ محاسن بن عمر بن رضوان الخرائبي سماعاً عليه، في الحادي والعشرين من المحرم سنة ٦٢٢ قال: أنبأ أبوبكر محمد ابن عبيدالله بن نصر ابن الزاغوني سماعاً عليه، في السادس عشر من شهر رجب سنة ٥٥٠ قالا: أنبأ أبو عبدالله مالك بن أحمد بن علي بن ابراهيم الفراء البانياسي سماعاً عليه، قال ابن الزاغوني في شعبان سنة ٤٦٣ قال: أنبأ أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى بن الصلت قراءة عليه، وأنا أسمع في رجب ثالث عشر من الشهر سنة ٤٠٥ قال ابراهيم بن عبد الصمد الهاشمي المكنى بأبي إسحاق قال: أنبأ أبو

____________________

(١). تاريخ ابن كثير - حوادث السنة المذكورة ١٢ / ٢٠٣.

(٢). مرآة الجنان - حوادث السنة المذكورة ٣ / ٢٤٥.

٣٦٢

سعيد الأشج قال: أنبأ أبو طالب المطلب بن زياد، عن عبدالله بن محمد بن عقيل قال: كنت عند جابر إلى آخر الحديث(١) .

ترجمته

١ - ابن الجوزي: « ولد سنة ٤٦٨، وقرأت عليه كثيراً من مسموعاته »(٢) .

٢ - الذهبي: « صار مسند العراق وكان صالحاً مرضياً »(٣) .

(١٣٤)

عياض بن موسى اليحصبي

المتوفى سنة (٥٤٤). روى حديث الغدير في كتابه ( الشفا بتعريف حقوق المصطفى )(٤) .

ترجمته

١ - ابن خلكان: « كان إمام وقته في الحديث وعلومه، والنحو واللغة وكلام العرب وأيّامهم وأنسابهم، وصنف التصانيف المفيدة »(٥) .

٢ - الذهبي: « قال ابن بشكوال: هو من أهل العلم واليقين والذكاء والفهم قدم علينا قرطبة فأخذنا عنه »(٦) .

٣ - ابن الوردي: « أحد الأئمّة الحفّاظ، المحدّثين الأدباء، وتآليفه وأشعاره

____________________

(١). فرائد السمطين ١ / ٦٢.

(٢). المنتظم حوادث ٥٥٢.

(٣). العبر - حوادث ٥٥٢.

(٤). الشفاء بشرح الخفاجي ٣ / ٤٥٦.

(٥). وفيات الأعيان ٣ / ١٥٢.

(٦). تذكرة الحفاظ ٤ / ١٣٠٤.

٣٦٣

شاهدة بذلك »(١) .

٤ - السيوطي: « كان إمام الحديث في وقته، وأعلم الناس بعلومه والنحو واللغة »(٢) .

(١٣٥)

أبو الفتح محمد بن عبد الكريم الشهرستاني المتكلّم الأشعري

المتوفى سنة (٥٤٨).

ذكر في كتابه ( الملل والنحل ) ما نصه: « ومثل ما جرى في كمال الإسلام وانتظام الحال، حين نزل قوله تعالى:( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ ) فلما وصل إلى غدير خم أمر بالدوحات فقممن ونادوا الصلاة جامعة، ثم قالعليه‌السلام - وهو على الرّحال -: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره واخذل من خذله، وأدر الحق معه حيث دار. ألا هل بلّغت؟ ثلاثاً »(٣) .

ترجمته

١ - السبكي: « كان إماماً مبرّزاً، مقدّماً في علم الكلام والنظر، برع في الفقه والأصول والكلام»(٤) .

٢ - الذهبي: « والشهرستاني الأفضل محمد بن عبد الكريم المتكلّم، صاحب التصانيف وعظ ببغداد وظهر له القبول التام »(٥) .

____________________

(١). تتمة المختصر ٢ / ٧٢.

(٢). طبقات الحفاظ: ٤٦٨.

(٣). الملل والنحل - هامش الفصل - ١ / ٢٢٠.

(٤). طبقات الشافعية ٦ / ١٢٨.

(٥). العبر ٤ / ١٣٢.

٣٦٤

٣ - الصفدي: « كان إماماً مبرزاً، فقيهاً متكلّماً، كان كثير المحفوظ حسن المحاورة يعظ الناس، دخل بغداد سنة ٥١٠ وأقام بها ثلاث سنين، وظهر له قبول كثير عند العوام، وسمع من علي بن المديني بنيسابور وغيره، وكتب عنه الحافظ أبو سعد السمعاني »(١) .

٤ - ابن تغرى بردي: « الامام العالم المتكلم، كان إمام عصره في علم الكلام، عالماً بفنون كثيرة من العلوم، وبه تخرّج جماعة كثيرة من العلماء »(٢) .

(١٣٦)

أبو عبدالله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي

المتوفى سنة (٦٧١). روى في ( تفسيره ) حديث نزول الآية( سَأَلَ سائِلٌ ) في واقعة يوم غدير خم حيث قال بتفسير الآية: « لما قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه فعلي مولاه. قال النضر بن الحارث لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمرتنا بالشهادتين عن الله فقبلنا منك، وأمرتنا بالصلاة والزكاة، ثم لم ترض حتى فضّلت علينا ابن عمك أالله أمرك؟ أم من عندك؟ فقال: والذي لا إله إلّا هو إنّه من عند الله، فولّى وهو يقول: اللهمّ إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء. فوقع عليه حجر من السماء فقتله ».

ترجمته

١ - الداودي: « كان من عباد الله الصالحين، والعلماء العارفين الورعين الزاهدين في الدنيا، المشغولين بما يعنيهم من أمور الآخرة، أوقاته معمورة ما بين توجه وعبادة وتصنيف، جمع في تفسير القرآن كتاباً كبيراً في خمسة عشر مجلداً، سمّاه

____________________

(١). الوافي بالوفيات ٣ / ٢٧٨.

(٢). النجوم الزاهرة ٥ / ٣٠٥.

٣٦٥

كتاب جامع أحكام القرآن والمبين لما تضمنه من السنة وآي القرآن وهو من أجل التفاسير وأعظمها نفعاً قال الذهبي: إمام متقن متبحر في العلم له تصانيف مفيدة تدل على إمامته وكثرة اطلاعه ووفور فضله، كان مستقراً بمنية بني خصيب من الصعيد الأدنى، وبها توفي في ليلة الاثنين التاسع من شوال سنة ٦٧١ »(١) .

٢ - ابن العماد: « وفيها الامام أبو عبدالله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرج الأنصاري الخزرجي القرطبي، صاحب كتاب التذكرة بأمور الآخرة، والتفسير الجامع لأحكام القرآن، الحاكي مذاهب السلف كلّها، وما أكثر فوائده، وكان إماماً علماً، من الغوّاصين على معاني الحديث، حسن التصنيف، جيد النقل »(٢) .

____________________

(١). طبقات المفسرين ٢ / ٦٥.

(٢). شذرات الذهب ٥ / ٣٣٥.

٣٦٦

القرن السابع

(١٣٧)

تاج الدين زيد بن الحسن الكندي أبو اليمن البغدادي

المتوفى سنة (٦١٣). روى الحافظ ابن الجزري من طريقه حديث مناشدة أمير المؤمنينعليه‌السلام في الرحبة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، حيث قال: « أخبرني فيما شافهني به أبو حفص عمر بن الحسن المراغي، عن أبي الفتح يوسف بن يعقوب الشيباني، عن أبي اليمن زيد الكندي، عن أبي منصور القزاز، عن أبي بكر بن ثابت، عن محمد بن عمر عن أبي عمر »(١) .

ترجمته

١ - ابن الأثير: « كان إماماً في النحو واللغة، وله الإِسناد العالي في الحديث، وكان ذا فنون كثيرة من أنواع العلوم »(٢) .

٢ - الذهبي: « العلامة تاج الدين الكندي أبو اليمن زيد بن الحسن بن

____________________

(١). أسنى المطالب: ٣.

(٢). الكامل ١٢ / ١٣٠.

٣٦٧

زيد بن الحسن البغدادي المقرئ اللغوي، شيخ الحنفية والقراء والنحاة بالشام، ومسند العصر ...»(١) .

٣ - ابن الجزري: « ولد في شعبان سنة ٥٢٠ ببغداد، وتلقى القرآن على سبط الخياط وله نحو من سبع سنين وهذا عجيب، وأعجب من ذلك أنه قرأ القراآت العشر وهو ابن عشر، وهذا لا يعرف لأحد قبله، وأعجب من ذلك طول عمره وانفراده في الدنيا بعلوّ الإِسناد في القراآت والحديث، فعاش بعد أن قرأ القراآت ثلاثاً وثمانين سنة، وهذا ما نعلمه وقع في الإِسلام »(٢) .

(١٣٨)

علي بن حميد القرشي

المتوفى سنة (٦٢١). أخرجه في كتابه ( شمس الأخبار المنتقى من كلام النبي المختار ) نقلاً عن كتاب ( سلوة العارفين ) للموفق بالله الحسين بن اسماعيل الجرجاني والد المرشد بالله، بإسناده عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه لمـّا سئل عن معنى قوله:

« من كنت مولاه فعلي مولاه » قال:

« الله مولاي، أولى بي من نفسي، لا أمر لي معه، وأنا مولى المؤمنين أولى بهم من أنفسهم لا أمر لهم معي، ومن كنت مولاه أولى به من نفسه لا أمر له معي، فعلي مولاه أولى به من نفسه لا أمر له معه »(٣) .

ترجمته

قال عمر رضا كحالة: « علي القرشي، كان حياً سنة ٦١٠: علي بن حميد ابن أحمد بن جعفر بن الوليد القرشي، محدّث، من آثاره: « شمس الأخبار المنتقاة

____________________

(١). العبر حوادث ٦١٣.

(٢). غاية النهاية في طبقات القراء ١ / ٢٩٧.

(٣). الغدير ١ / ٣٨٦ عن شمس الأخبار: ٣٨.

٣٦٨

من كلام النبي المختار »(١) .

١٣٩

حنبل بن عبدالله بن سعادة المكبر الرصافي (٦٠٤).

روى الحمويني قال: « أخبرني الشيخ أبو الفضل إسماعيل بن أبي عبدالله ابن حماد العسقلاني في كتابه، أنبأنا الشيخ حنبل بن عبدالله بن سعادة المكبر الرصافي سماعا عليه، أنبأنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد بن الحصين سماعاً عليه، أنبأنا أبو علي ابن المذهب سماعاً عليه، أنبأنا أبوبكر القطيعي، أنبأنا أبو عبد الرحمن عبدالله بن أحمد بن محمد بن حنبل. قال: أنبأنا أحمد بن عمر الوكيعي قال: أنبأنا زيد بن الحباب قال: أنبأنا الوليد بن عقبة بن نزار القيسي قال: حدثني سماك بن عبيد بن الوليد العنسي قال: دخلت على عبد الرحمن بن أبي ليلى فحدثني أنه شهد علياً في الرحبة قال: أنشد الله رجلاً سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وشهده يوم غدير خم، إلّا قام، ولا يقوم أحد إلّا من قد رآه.

فقام اثنا عشر رجلاً فقالوا: قد رأينا وسمعنا حيث أخذ بيده ويقول: اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره واخذل من خذله »(٢) .

ترجمته

١ - الذهبي: « حنبل بن عبدالله الرصافي، أبو عبدالله المكبر، راوي المسند في نيف وعشرين مجلساً بقراءة ابن الخشاب، سنة ثلاث وعشرين، توفي في رابع عشر المحرم بعد عوده من دمشق، وما تهنى بالذهب الذي ناله وقت سماعهم

____________________

(١). معجم المؤلفين ٧ / ٨٥.

(٢). فرائد السمطين ١ / ٦٩.

٣٦٩

عليه »(١) .

٢ - وكذا ترجمه ابن العماد الحنبلي ناقلاً عبارة الذهبي(٢) .

٣ - ابن شامة: « كان فقيراً جداً، وكان قد سمع المسند من ابن الحصين فقيل له: لو سافرت إلى الشام، فخرج من بغداد فأسمع المسند بإربل، فسمعه ابن زين الدين، وبالموصل، وبدمشق، فسمعه عليه الملك المعظم عيسى في جمع كثير، وهو آخر من رواه عن ابن الحصين، فألحق الصغار بالكبار »(٣) .

(١٤٠)

مجد الدين عبدالله بن محمود بن مودود الحنفي الموصلي

المتوفى سنة (٦٨٣). يروي عنه الحمويني حديث مناشدة رجل عراقي جابر الأنصاري حديث غدير خم، وقد تقدم نصه سابقاً.

ترجمته

ترجمهاللكهنوي وقال: « ولد بالموصل سنة ٥٩٩، فأخذ عن جمال الدين الحصيري، وتولى القضاء بالكوفة ثم عزل، ودخل بغداد ورتب الدرس بمشهد أبي حنيفة، ولم يزل يفتي ويدرس إلى أن مات يوم السبت التاسع عشر من المحرم سنة ٦٨٣، وكان من أفراد الدهر في الفروع والأصول، وكانت مشاهير الفتاوى على حفظه، ومن تصانيفه ( المختار ) ألفه في عنفوان شبابه، ثم صنف شرحاً له وسماه ( بالاختيار )، وهما كتابان معتبران عند الفقهاء »(٤) .

____________________

(١). العبر حوادث ٥٦٠٤ / ١٠.

(٢). شذرات الذهب ٥ / ١٢ حوادث ٦٠٤.

(٣). ذيل الروضتين: ٦٣ حوادث ٦٠٤.

(٤). الفوائد البهية في تراجم الحنفية: ١٠٦ ملخصاً.

٣٧٠

(١٤١)

ناصر الدين عبدالله عمر أبو الخير البيضاوي الشافعي

المتوفى سنة (٦٨٥). أورد الحديث في كتابه ( طوالع الأنوار ) في علم الكلام في البحث عن مسألة الامامة.

ترجمته

١ - السبكي: « كان إماماً مبرزاً نظّاراً، صالحاً متعبداً زاهداً »(١) .

٢ - السيوطي: « كان إماماً علّامة. عارفاً بالفقه والتفسير والأصلين والعربية والمنطق، نظاراً صالحاً متعبداً شافعياً »(٢) .

٣ - الداودي كذلك(٣) .

____________________

(١). طبقات الشافعية ٨ / ١٥٧.

(٢). بغية الوعاة ٢ / ٥٠.

(٣). طبقات المفسرين ١ / ٢٤٢.

٣٧١

٣٧٢

القرن الثامن

(١٤٢)

زين الدين عمر بن مظفر الحلبي الشافعي المشهور بابن الوردي

المتوفى سنة (٧٤٩). روى حديث الولاية في ( تاريخه ) حيث قال: « شيء من فضائلهرضي‌الله‌عنه - من ذلك: مشاهده مع رسول الله. وأخوة رسول الله له، وسبق إسلامه، و قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم خيبر لأعطينّ الراية رجلاً يحب الله ورسوله. الحديث. وقوله: من كنت مولاه فعلي مولاه و قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى و قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أقضاكم علي »(١) .

ترجمته

١ - ابن حجر العسقلاني: « الفقيه الشافعي، الشاعر المشهور، نشأ بحلب وتفقه بها ففاق الأقران، وكان ينوب في الحكم في كثير من معاملات حلب،

____________________

(١). تتمة المختصر في أخبار البشر ١ / ٢٢١.

٣٧٣

وولي قضاء منبج، ومات في الطاعون العام آخر سنة ٧٤٩ »(١) .

٢ - السيوطي: « كان إماماً بارعاً في الفقه والنحو والأدب، مفنناً في العلم ونظمه في الذروة العليا والطبقة القصوى، وله فضائل مشهورة »(٢) .

(١٤٣)

عبد الرحمن بن أحمد الإيجي الشافعي

المتوفى سنة (٧٥٦). ذكر حديث الغدير في كتابه ( المواقف ) في علم الكلام، حيث أورده في مبحث الامامة وتكلّم حوله.

ترجمته

١ - ابن حجر العسقلاني: « عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الغفار القاضي عضد الدين الإيجي، ولد بايج من نواحي شيراز بعد السبعمائة، وأخذ عن مشايخ عصره، ولازم الشيخ زين الدين الهنكي تلميذ البيضاوي وغيره، وكان إماماً في المعقول، قائماً بالأصول والمعاني والعربية، مشاركاً في الفنون، وكان كثير المال جدّاً، كريم النفس يكثر الإِنعام على الطلبة، وجرت له محنة مع صاحب كرمان فحبسه بالقلعة، فمات مسجوناً في سنة ٧٥٦، أرّخه السبكي وأرّخه الأسنوي قبل ذلك»(٣) .

٢ - السبكي: « قاضي القضاة عضد الدين الشيرازي، كان إماماً في المعقولات، عارفاً بالأصلين والمعاني والبيان والنحو، مشاركاً في الفقه، له في علم الكلام كتاب المواقف وغيرها، وكانت له سعادة مفرطة، ومال جزيل وإنعام على

____________________

(١). الدرر الكامنة بأعيان المائة الثامنة ٣ / ٢٧٢.

(٢). بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة ٢ / ٢٢٦.

(٣). الدرر الكامنة ٢ / ٤٢٩.

٣٧٤

طلبة العلم وكلمة نافذة »(١) .

٣ - الأسنوي: « كان إماماً في علوم متعددة، محققاً، مدققاً، صاحب تصانيف مشهورة، توفي في سنة ٧٥٣ »(٢) .

٤ - الشوكاني بمثل ما تقدم(٣) .

(١٤٤)

شمس الدين أبو عبدالله محمد بن أحمد بن علي الهواري المالكي الشهير بابن جابر الأندلسي

المتوفى (٧٨٠)، ذكر الحديث في شعر له حيث قال:

« وقال رسول الله إني مدينة

من العلم وهو الباب والباب فاقصد

ومن كنت مولاه علي وليّه

ومولاك فاقصد حب مولاك ترشد »(٤)

ترجمته

وقد ترجم له واثنى عليه الحافظابن حجر العسقلاني (٥) والحافظ السيوطي (٦) وابن العماد (٧) والمقري (٨) ، فراجع.

____________________

(١). طبقات الشافعية ١٠ / ٤٦.

(٢). طبقات الشافعية ٢ / ٨٥٧.

(٣). البدر الطالع ١ / ٣٢٦.

(٤). نفح الطيب ٤ / ٦٠٣ - ٦٠٧.

(٥). الدرر الكامنة ٣ / ٣٣٩.

(٦). بغية الوعاة: ١٤.

(٧). شذرات الذهب ٦ / ٢٦٨.

(٨). نفح الطيب ٤ / ٣٧٣ - ٤٠٨.

٣٧٥

(١٤٥)

سعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني

المتوفى سنة ( ٧٩١ / ٧٩٢ ). ذكر حديث الغدير في بحث الامامة من كتابه ( شرح المقاصد) في علم الكلام وتكلّم حول مفاده.

ترجمته

١ - ابن حجر العسقلاني: « العلامة الكبير، صاحب شرحي التلخيص وشرح العقائد في أصول الدين، وله غير ذلك من التصانيف في أنواع العلوم الذي تنافس الأئمة في تحصيلها والاعتناء بها، وكان قد انتهت إليه معرفة علوم البلاغة والمعقول بالمشرق بل سائر الأمصار، لم يكن له نظير في معرفة هذه العلوم، مات في صفر سنة ٧٩٢، ولم يخلّف بعده مثله، وكان مولده سنة ٧١٢ »(١) .

٢ - السيوطي: « الامام العلامة، عالم بالنحو والتصريف والمعاني والبيان والأصلين والمنطق وغيرها، شافعي »(٢) .

____________________

(١). الدرر الكامنة ٥ / ١٢٠.

(٢). بغية الوعاة ٢ / ٢٨٥.

٣٧٦

القرن التاسع

(١٤٦)

علي بن أبي بكر بن سليمان الهيثمي

المتوفى سنة (٨٠٧). أخرج حديث الغدير في كتابه بطرق كثيرة صحّح غير واحد منها، من ذلك قوله: « حبشي: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول يوم غدير خم: اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره وأعن من أعانه. رواه الطبراني ورجاله وثقوا »(١) .

ومن ذلك: رواية الحديث عن حذيفة بن أسيد بطريقين للطبراني، ثم قال « رجال أحد الإِسنادين ثقات »(٢) .

و من ذلك: روايته عن الترمذي والطبراني والبراء باسنادهم عن زيد بن أرقم قال: « أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالشجرات فقمّ ما تحتها ورشّ، ثم خطبنا فو الله ما من شيء يكون إلى يوم الساعة إلّا قد أخبرنا به يومئذٍ، ثم قال:

____________________

(١). مجمع الزوائد ٩ / ١٠٦.

(٢). المصدر ٩ / ١٦٥.

٣٧٧

أيها الناس من أولى بكم من أنفسكم؟ قلنا: الله ورسوله أولى بنا من أنفسنا. قال: فمن كنت مولاه فهذا مولاه، يعني علياً. ثم أخذ بيده فبسطها ثم قال: اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. ووثق رجاله »(١) .

ومن ذلك: ما رواه من طريق البزار عن سعد: « إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أخذ بيد علي فقال: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ من كنت وليه فعلي وليه » قال: « رواه البزار ورجاله ثقات »(٢) .

ترجمته

قالالسخاوي: « علي بن أبي بكر الحافظ ويعرف بالهيثمي، ولد في رجب سنة ٧٣٥ وكان عجباً في الدين والتقوى والزهد والإِقبال على العلم والعبادة والأوراد، قال شيخنا في معجمه: وكان خيّراً ساكناً ليّناً سليم الفطرة شديد الإنكار للمنكر. وقال البرهان الحلبي: إنه كان من محاسن القاهرة. وقال التقي الفاسي: كان كثير الحفظ للمتون والآثار صالحاً خيّراً. وقال الأقفهسي: كان إماماً عالماً حافظاً زاهداً متواضعاً متودداً في الناس ذا عبادة وتقشف وورع.

والثناء على دينه وزهده وورعه ونحو ذلك كثير جدّاً، بل هو في ذلك كلمة اتفاق »(٣) .

وكذا ترجمهالسيوطي في طبقات الحفاظ: ٥٤١ وحسن المحاضرة ١ / ٣٦٢ والشوكاني في البدر الطالع: ١ / ٤٤ وغيرهم.

____________________

(١). مجمع الزوائد ٩ / ١٠٥.

(٢). المصدر ٩ / ١٠٧.

(٣). الضوء اللّامع لأهل القرن التاسع ٥ / ٢٠٠ ملخصاً.

٣٧٨

(١٤٧)

ولي الدين عبد الرحمن بن محمد الشهير بابن خلدون

المتوفى سنة (٨٠٨) صاحب التواريخ، ذكر في مقدمة تاريخه في بيان النص على الامامة عند الامامية: « إنه جلي وخفي، فالجلي مثل قوله: من كنت مولاه فعليّ مولاه ».

ثم قال ابن خلدون: « قالوا: ولم تطرّد هذه الولاية إلّا في علي، ولهذا قال عمر: أصبحت مولى كل مؤمن ومؤمنة ». ثم شرع في المناقشة في مفاد الحديث(١) .

ترجمته

ترجمهالسخاوي بما ملخّصه: « ولد في أول رمضان سنة ٧٣٢ بتونس، وأخذ القراءات السبع أفرادا وجمعا، واعتنى بالأدب وأمور الكتابة والخط، وأخذ ذلك عن أبيه وغيره، ومهر في جميعه، ثم قدم الديار المصرية في ذي القعدة سنة ٨٤ فحج ثم عاد إليها، وتلقاه أهلها وأكرموه وأكثروا ملازمته والتردد إليه، بل تصدر للإِقراء بجامع الأزهر مدة، وقد ولى مشيخة البيبرسية وقتاً وكذا تدريس الفقه بقبة الصالح بالبيمارستان إلى أن مات، وقد ترجمه جماعة »(٢) .

(١٤٨)

الشريف الجرجاني علي بن محمد بن علي الحسيني الحنفي

المتوفى سنة (٦١٨).

____________________

(١). المقدمة: ١٣٨.

(٢). الضوء اللامع ٤ / ١٤٥.

٣٧٩

ذكر حديث الغدير في باب الإِمامة من كتابه ( شرح المواقف ) في علم الكلام مع البحث حول مفاده ودلالته.

ترجمته

١ - السخاوي: « عالم المشرق، ويعرف بالسيد الشريف، وصفه العفيف الجرهي في مشيخته بالعلامة فريد عصره ووحيد دهره، سلطان العلماء العاملين إفتخار أعاظم المفسرين، ذي الخلق والخلق والتواضع مع الفقراء، وقال غيره: إن من شيوخه بالقاهرة العلامة مباركشاه، قرأ عليه الموافق لشيخه العضد. وقال أبو الفتوح الطاووسي، وهو ممن أخذ عنه بعد أن عظّمه جداً: شهرته تغنيني عن ذكر نسبه، وحديث مهارته في العلوم يكفيني في بيان حسبه، سمعت عليه من شرحي التلخيص مع حاشيته التي كتبها على المطول، وكذا مؤلفه شرح المفتاح، وقال فيه البدر العيني: كان عالم الشرق علامة دهره وقد تصدى للإقراء والتصنيف والفتيا، وتخرّج به أئمة نحارير، وكثرت أتباعه وطلبته، واشتهر ذكره وبعد صيته. مات سنة ١٦ بشيراز »(١) .

٢ - أبو الحسنات اللكهنوي: « عالم نحرير، قد حاز قصبات السبق في التحرير، فصيح العبارة دقيق الاشارة، نظار فارس في البحث والجدل، ولد في جرجان لثمان بقين من شعبان سنة ٧٤٠ »(٢) .

(١٤٩)

أبو عبدالله محمد بن خلفة الوشتاني المالكي

المتوفى سنة (٨٢٧) أو (٨٢٨).

____________________

(١). الضوء اللامع ٥ / ٣٢٨.

(٢). الفوائد البهية: ١٢٥ - ١٣٧.

٣٨٠

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424