نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٧

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار13%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 424

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 424 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 279249 / تحميل: 7361
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٧

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

ابن مهدي ووكيع وأبي نعيم.

وقال أحمد بن صالح: قلت: لأحمد بن حنبل: رأيت أحداً أحسن حديثاً من عبد الرزاق؟ قال: لا(١) .

وقال أبو زرعة: عبد الرزاق أحد من ثبت حديثه.

قال البخاري: مات سنة أحدى عشرة ومائتين. روى له الجماعة »(٢) .

٣ - السمعاني: « أبوبكر عبد الرزاق بن همام الصنعاني: قيل: ما رحل إلى أحد بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مثل ما رحل إليه »(٣) .

٤ - الذهبي: « وفيها مات محدّث اليمن: عبد الرزاق بن همام الصنعاني صاحب التصانيف »(٤) .

٥ - اليافعي: « وفي السنّة المذكورة توفي الحافظ العلامة المرتحل إليه من الآفاق، الشيخ الامام عبد الرزاق

روى عن معمر وابن جريج والأوزاعي وطبقتهم، ورحل إليه الأئمّة إلى اليمن، قيل: ما رحل الناس إلى أحد بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مثل ما رحلوا اليه.

روى عنه خلائق من أئمّة الإسلام، منهم: الامام سفيان بن عيينة والامام أحمد ويحيى بن معين وإسحاق بن راهويه وعلي بن المديني ومحمود بن غيلان »(٥) .

____________________

(١). المصدر السابق - مخطوط.

(٢). الأنساب - الصنعاني.

(٣). دول الاسلام حوادث ٢١١.

(٤). مرآة الجنان حوادث ٢١١.

٤١

(١٣)

رواية حسين بن محمد بن بهرام

في المسند: « حدثنا عبدالله، حدثني أبي، ثنا حسين بن محمد وأبو نعيم، قالا: ثنا فطر عن أبي الطفيل، قال: جمع علي الناس في الرحبة ثم قال لهم: أنشد الله كلّ امرئ مسلم سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم غدير خم ما سمع لمـّا قام. فقام ثلاثون من الناس، قال أبو نعيم فقام ناس كثير، فشهدوا حين أخذ بيده فقال: أتعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: نعم يا رسول الله، قال: من كنت مولاه فهذا مولاه، أللهم وال من والاه، وعاد من عاداه. قال: فخرجت - وكان في نفسي شيء - فلقيت زيد بن أرقم فقلت له: إنّي سمعت علياًرضي‌الله‌عنه يقول كذا وكذا، قال: فما تنكر، قد سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول ذلك له »(١) .

ترجمته

١ - ابن حجر: « ع - الحسين بن محمد بن بهرام التميمي أبو أحمد عنه: أحمد بن حنبل وأحمد بن منيع وإبراهيم بن سعيد الجوهري وابو خيثمة ومحمد ابن رافع ويحيى وابن أبي شيبة والذهلي وإبراهيم وإسحاق الحربيّان وعباس الدّوري وجماعة. وحدّث عنه عبد الرحمن بن مهدي ومات قبله.

قال ابن سعد: ثقة، مات في آخر خلافة المأمون، وقال النسائي: ليس به بأس. وقال معاوية بن صالح: قال لي أحمد: أكتبوا عنه. وذكره ابن حبان في

____________________

(١). مسند أحمد ٤ / ٣٧٠.

٤٢

الثقات. وقال حنبل بن إسحاق: مات سنة ٢١٣ وقال مطين: سنة ١٤.

قلت: قال أبو حاتم في حسين بن محمد المروزي: أتيته مرّات بعد فراغه من تفسير شيبان، وسألته أن يعيد علي بعض المجلس فقال: بكرّ بكرّ، ولم أسمع منه شيئاً، ثم ذكر ابن أبي حاتم: حسين بن محمد بن بهرام، وحكى عن أبيه أنه مجهول، فكأنّه ظنّ أنّه غير المروزي. وقال ابن قانع: مات سنة ١٥ وهو ثقة، وقال ابن وضّاح: سمعت محمد بن مسعود يقول: حسين بن محمد ثقة. وسمعت ابن نمير يقول: حسين بن محمد بن بهرام صدوق. وقال العجلي: بصري ثقة »(١) .

٢ - ابن حجر أيضاً: « ثقة من التاسعة »(٢) .

٣ - الذهبي: « الحسين بن محمد أبو أحمد المؤدب المروزي ببغداد، عن ابن أبي ذئب وشيبان. وعنه: أحمد وعباس الدوري وإسحاق الحربي، توفي ٢١٣.

وكان يحفظ »(٣) .

(١٤)

رواية الفضل بن دكين « شيخ البخاري »

في المسند: « حدثنا عبدالله، حدثني أبي، حدثنا الفضل بن دكين، ثنا ابن أبي غنية، عن الحكم وسعيد بن جبير، عن ابن عباس عن بريدة قال: غزوت مع علي باليمن، فرأيت منه جفوة، فلمـّا قدمت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذكرت علياً فتنقصّته، فرأيت وجه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يتغيّر، فقال:

____________________

(١). تهذيب التهذيب ٢ / ٢٦٦.

(٢). تقريب التهذيب ١ / ١٧٩.

(٣). الكاشف ١ / ٢٣٤.

٤٣

يا بريدة ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قلت: بلى يا رسول الله. قال: من كنت مولاه فعلي مولاه »(١) .

وقال أحمد: « حدثنا الفضل بن دكين، قال حدثنا ابن أبي غنية، عن الحكم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن بريدة قال: غزوت مع عليّ باليمن »(٢) .

ترجمته

١ - السمعاني: « وأبو نعيم الفضل بن دكين من أهل الكوفة وأئمتها روى عنه: محمد بن إسماعيل البخاري وأحمد بن حنبل وأبوبكر وعثمان ابنا أبي شيبة، وأبو زرعة وأبو حاتم الرازيّان، وإسحاق بن راهويه، وعالم.

وكان مولده سنة ثلاثين ومائة. ومات سنة ثمان أو تسع عشرة ومائتين. وكان أصغر من وكيع بسنة. وكان فيه دعابة ومزاح، ولكن كان ثقة إماماً »(٣) .

٢ - البدخشاني: « الفضل بن دكين الكوفي أبو نعيم أحد الأئمّة قال المزي في تهذيب الكمال: قال يعقوب بن شيبة: سمعت أحمد بن حنبل يقول: هو أثبت من وكيع، وقال أبو زرعة الدمشقي: سمعت يحيى بن معين يقول: ما رأيت أثبت من رجلين أبي نعيم وعفان، وقال يعقوب بن سفيان: أجمع أصحابنا أن أبا نعيم. كان غاية في الإِتقان، وذكره الذهبي وابن ناصر الدين في طبقات الحفاظ »(٤) .

٣ - اليافعي: « وفيها الامام أبو نعيم الفضل بن دكين، محدّث الكوفة الحافظ، قال ابن معين »(٥) .

____________________

(١). مسند أحمد ٥ / ٣٤٧.

(٢). مناقب علي بن أبي طالب - مخطوط.

(٣). الأنساب - الملائي.

(٤). تراجم الحفاظ - مخطوط.

(٥). مرآة الجنان - حوادث ٢١٩.

٤٤

٤ - السيوطي: « أحد الأعلام قال أحمد: ثقة، موضع للحجة، يزاحم به ابن عيينة، وقال أبو حاتم: كان ثقة حافظاً متقناً مات سنة ٢١٨ »(١) .

٥ - عبد الحق الدهلوي: « قال أحمد: صدوق ثقة. وقال العجلي: ثقة ثبت في الحديث، وقال أبو حاتم: ثقة

قدم بغداد وحدّث بها، وكان مزّاحاً ذا دعابة، مع فقهه ودينه وأمانته، وكان غايةً في الإتقان والحفظ، وهو حجة وروى له الجماعة »(٢) .

(١٥)

رواية عفان بن مسلم « شيخ البخاري »

في المسند: « حدثنا عبدالله، حدثني أبي، ثنا عفان، ثنا أبو عوانة عن المغيرة، عن أبي عبيد، عن ابن ميمون أبي عبدالله قال قال زيد بن أرقم - وأنا أسمع - نزلنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بوادٍ يقال له: وادي خم، فأمر بالصلاة، فصلّاها بهجير، قال: فخطبنا - وظلّل لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بثوب على شجرة سمرة من الشمس - فقال: ألستم تعلمون - أو لستم تشهدون - أني أولى بكل مؤمن من نفسه؟ قالوا: بلى. قال: فمن كنت مولاه فعلي مولاه، أللهم وال من والاه وعاد من عاداه »(٣) .

و في مناقب علي: « ثنا عفان، قال: حدثنا حماد بن سلمة، قال: حدثنا زيد ابن عدي، عن ثابت، عن البراء بن عازب، قال: كنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في سفر، فنزلنا بغدير خم، ونودي فينا الصلاة جامعة، وكسح لرسول

____________________

(١). طبقات الحفاظ ١٥٩.

(٢). رجال المشكاة لعبد الحق الدهلوي.

(٣). مسند أحمد بن حنبل ٤ / ٣٧٢.

٤٥

اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بين شجرتين، فصلّى الظهر وأخذ بيد علي فقال ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى. قال: ألستم تعلمون أني كنت أولى بكل مؤمن من نفسه؟ قالوا: بلى. فأخذ بيد علي فقال: اللهم من كنت مولاه فعلى مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وقال: فلقيه عمر فقال: هنيئاً لك يا ابن أبي طالب، أصبحت مولى كلّ مؤمن ومؤمنة »(١) .

ترجمته

١ - الذهبي: « ع - عفّان بن مسلم الصفار، أبو عثمان الحافظ، عن هشام الدستوائي وهمام والطبقة. وعنه: خ وإبراهيم الحربي وأبو زرعة وأمم. وكان ثبتاً، من حكّام الجرح والتعديل. مات ٢٢٠ »(٢) .

٢ - السيوطي: « أحد الأعلام نزل ببغداد، وروى عن شعبة والحمّادين وهمام وخلق. وعنه: أحمد ويحيى وإسحاق وابن المديني والبخاري وأبو زرعة وأبو حاتم وخلق. قال العجلي: ثقة ثبت صاحب سنّه. وقال أبو حاتم: إمام ثقة متقن [ متين ]. مات سنة ٢١٩ »(٣) .

(١٦)

رواية سعيد بن منصور

قال علي المتقي: « من كنت مولاه فعلي مولاه، أللهم وال من والاه وعاد

____________________

(١). مناقب علي بن أبي طالب - مخطوط.

(٢). الكاشف ٢ / ٢٧٠.

(٣). طبقات الحافظ ١٦٣ وتوجد ترجمته في: تذكرة الحفاظ ١ / ٣٧٩ وتاريخ بغداد ١٢ / ٢٦٩ وخلاصة تذهيب الكمال: ٢٢٧ والعبر ١ / ٣٨٠ وغيرها.

٤٦

من عاداه. طب عن ابن عمر. ش عن أبي هريرة واثني عشر من الصحابة. حم طب ص عن أبي أيوب وجمع الصحابة. ك‍ عن علي وطلحة - حم طب ص عن علي وزيد بن أرقم وثلاثين رجلاً من الصحابة. أبو نعيم في فضائل الصحابة عن سعد - الخطيب عن أنس »(١) .

ترجمته

١ - السيوطي: « سعيد بن منصور [ ابن شعبة ] الخراساني الحافظ، أحد الأعلام، صاحب كتاب السنّن والزهد. روى عن: مالك والليث وفليح وأبي عوانة وابن عيينة وحماد بن زيد وخلق.

وعنه: أحمد ومسلم وأبو داود وأبو ثور وأبوبكر الأثرم والكديمي وأبو زرعة [ وأبو حاتم ] وخلق.

قال أحمد: من أهل الفضل والصدق، وقال أبو حاتم: من المتقنين الأثبات ممّن جمع وصنّف. ما ت بمكة سنة سبع وعشرين ومائتين »(٢) .

٢ - الذهبي: « وفيها: أبو عثمان سعيد بن منصور الخراساني، الحافظ صاحب السنن، روى عن فليح بن سليمان وشريك وطبقتهما، وجاور بمكة، وبها مات، في رمضان، وقد روى البخاري عن رجل عنه »(٣) .

٣ - الذهبي: « الحافظ مصنّف السنن عنه م د »(٤) .

٤ - ابن حجر: « ثقة مصنّف، وكان لا يرجع عمّا في كتابه لشدّة وثوقه به. مات سنة سبع وعشرين. وقيل: بعدها، من العاشرة »(٥) .

____________________

(١). كنز العمال ١١ / ٦٠٩ - ٦١٠ و « ص » رمز لسعيد بن منصور في السنن.

(٢). طبقات الحفاظ: ١٧٩.

(٣). العبر - حوادث سنة ٢٢٧.

(٤). الكاشف ١ / ٢٧٣.

(٥). تقريب التهذيب ١ / ٣٠٦.

٤٧

(١٧)

رواية ابراهيم بن الحجاج

قال الحافظ ابن كثير الشامي - بعد عبارته المنقولة سابقاً -: « ورواه أبو يعلى الموصلي عن هدبة بن خالد وإبراهيم بن الحجاج السامي »(١) .

ترجمة

١ - الذهبي: « إبراهيم بن الحجاج بن زيد السّامي الناجي البصري، أبو إسحاق، أحد علماء الحديث. عن: الحمّادين وأبان العطار ووهيب بن خالد وعبد المؤمن بن عبيدالله السدوسي وقرعة بن سعيد وطائفة.

وعنه: عثمان بن خرّاز والحسن بن سفيان وأحمد بن علي بن سعيد المروزي وأبو يعلى الموصلي وجماعة كثيرة. قال: ابن حبان في الثقات: مات سنة ٢٣١ »(٢) .

٢ - ابن حجر: « وقال الدار قطني في الجرح والتعديل: ثقة، وقال ابن قانع: صالح »(٣) .

____________________

(١). تاريخ ابن كثير ٥ / ٢٠٩.

(٢). تذهيب التهذيب - مخطوط.

(٣). تهذيب التهذيب ١ / ١١٣.

٤٨

(١٨)

رواية علي بن حكيم الأودي

في المسند: « حدثنا عبدالله، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا علي بن حكيم الأودي، قال: أخبرنا شريك، عن أبي إسحاق عن سعيد بن وهب. وعن زيد ابن يثيع قال: نشد علي الناس في الرحبة: من سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول يوم غدير خم إلّا قام. فقام من قبل سعيد ستة، ومن قبل زيد ستة، فشهدوا أنهم سمعوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول لعلي يوم غدير خم: أليس الله أولى بالمؤمنين؟ قالوا: بلى. قال: أللهمَّ من كنت مولاه فعلي مولاه. أللهمَّ وال من والاه، وعاد من عاداه(١) .

ترجمته

قالابن حجر العسقلاني: « علي بن حكيم بن ذبيان الأودي، أبو الحسن الكوفي روى عنه: البخاري في الأدب، ومسلم، وروى النسائي عن عثمان ابن خرزاد عنه وقال ابن الجنيد عن ابن معين: ثقة ليس به بأس. وقال أبو حاتم: صدوق. وقال الآجري عن أبي داود: صدوق، خرج مع أبي السّرايا. وقال النسائي ومحمد بن عبدالله الحضرمي: ثقة. مات سنة إحدى وثلاثين ومائتين. قلت: وفيها أرخّه ابن قانع، وزاد في رمضان، وكان ثقة صالحاً. وفي الزهرة: روى عنه م حديثين »(٢) .

____________________

(١). مسند أحمد ١ / ١١٨.

(٢). تهذيب التهذيب ٧ / ٣١١.

٤٩

(١٩)

رواية علي بن محمد الطنافسي

قال ابن ماجة: « حدثنا علي بن محمد، ثنا أبو معاوية، ثنا موسى بن مسلم عن ابن سابط - وهو عبد الرحمن - عن سعد بن أبي وقاص، قال: قدم معاوية في بعض حجّاته، فدخل على [ عليه ] سعد، فذكروا عليا فنال منه، فغضب سعد وقال: تقول هذا لرجل سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه، وسمعته يقول: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنه لا نبيّ بعدي، وسمعته يقول: لأعطيّن الرّاية اليوم رجلاً يحبّ الله ورسوله »(١) .

ترجمته

١ - ابن حجر: « عس ق - علي بن محمد أبو الحسن الطنافسي الكوفي مولى آل الخطاب، سكن الري وقزوين وعنه: ابن ماجة، وروى النسائي في مسند علي عن زياد بن أيوب الطوسي عنه، وأبو زرعة وأبو حاتم وأبو وارة

قال أبو حاتم: كان ثقة صدوقاً، وهو أحب إلي من أبي بكر بن أبي شيبة في الفضل والصلاح، وأبوبكر أكثر حديثاً وأفهم، قال الخليلي: أقام هو وأخوه الحسن بقزوين، ولهما محل عظيم، وارتحل إليهما الكبار، توفي الحسن سنة ٢٢٢ وعلي سنة ٢٣٣.

قلت: وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: مات ٣٥ أو قبلها بقليل أو بعدها

____________________

(١). سنن ابن ماجة ١ / ٤٥.

٥٠

بقليل »(١) .

٢ - ابن حجر: « عس ق - ثقة عابد، من العاشرة، مات سنة ثلاث وقيل خمس وثلاثين»(٢) .

٣ - الذهبي: « علي بن محمد بن إسحاق الطنافسي أبو الحسن، الكوفي الحافظ، نزيل قزوين قال أبو حاتم: هو أحبّ إليّ من أبي بكر بن أبي شيبة في الفضل والصلاح، وهو ثقة. مات ٢٣٣ »(٣) .

٤ - الذهبي: « الحافظ الثبت، أبو الحسن الطنافسي الكوفي، محدّث قزوين وعالمها ...»(٤) .

٥ - الرافعي: « ذكر الخليلي الحافظ: أنه خرج من الكوفة مع أخيه الحسن بن محمد إلى قزوين سنة اثنتين ومائتين، وهو من الأئمّة الثقات وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: الطنافسي ثقة صدوق، وهو أحب إليّ »(٥) .

(٢٠)

رواية هدبة بن خالد

قال الحافظ ابن كثير: « ورواه أبو يعلى الموصلي عن هدبة بن خالد وإبراهيم بن الحجاج السامي عن حماد بن سلمة، عن أبي زيد وأبي هارون

____________________

(١). تهذيب التهذيب ٧ / ٣٧٨.

(٢). تقريب التهذيب ٢ / ٤٣.

(٣). الكاشف ٢ / ٢٩٤.

(٤). تذكرة الحفاظ ٢ / ٢٩.

(٥). التدوين ٣ / ٣٩٧.

٥١

العبدي، عن عدي بن ثابت، عن البراءِ به »(١) .

ترجمته

١ - السمعاني: « وأبو خالد هدبة بن خالد القيسي من أهل البصرة، يروي عن همام بن يحيى، روى عنه: البخاري ومسلم وجماعة، آخرهم أبو القاسم البغوي »(٢) .

٢ - البدخشاني: « هدبة بن خالد القيسي البصري، أحد الأئمّة وروى عنه: أبو داود السجستاني وأبوبكر بن أبي عاصم وأبوبكر البزار والفضل ابن العباس المروزي المعروف بفضلك »(٣) .

٣ - الذهبي: « خ م د - هدبة بن خالد القيسي البصري، أبو خالد، الحافظ المسند، يقال له: هداب، عن: حماد بن سلمة وجرير بن حازم. وعنه: خ م د وأبو يعلى والبغوي، صدوق، وقال ابن عدي: لا أعرف له حديثاً منكراً. توفى ٢٣٥ »(٤) .

(٢١)

رواية عبدالله بن أبي شيبة

أخرج هذا الحديث في كتابه ( المصنف ) وهذه ألفاظه:

« حدثنا مطلب بن زياد، عن عبدالله بن محمد بن عقيل عن جابر بن

____________________

(١). تاريخ ابن كثير ٥ / ٢٠٩.

(٢). الأنساب - القيسي.

(٣). تراجم الحفاظ - مخطوط.

(٤). الكاشف ٣ / ٢١٨.

٥٢

عبدالله قال: كنّا بالجحفة بغدير خم إذا خرج علينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأخذ بيد علي فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه » ١٢ / ٥٩.

« حدثنا شريك عن حنش بن الحارث عن رياح بن الحارث قال: بينا علي جالساً في الرحبة، إذ جاء رجل عليه أثر السفر فقال: السلام عليك يا مولاي. فقال: من هذا؟ فقالوا: أبو أيوب الأنصاري. فقال: إني سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه » ١٢ / ٦٠.

« حدثنا أبو معاوية عن موسى بن مسلم عن عبد الرحمن بن سابط عن سعد قال: قدم معاوية في بعض حجّاته، فأتاه سعد، فذكروا علّياً فنال منه معاوية، فغضب سعد فقال: تقول هذا لرجل سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول له ثلاث خصال، لأن تكون لي خصلة منها أحبّ إليّ من الدنيا وما فيها: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه. وسمعت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنه لا نبيَّ بعدي. وسمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: لأُعطين الراية رجلاً يحب الله ورسوله » ١٢ / ٦١.

« حدثنا شريك عن أبي إسحاق عن سعيد بن وهب عن زيد بن يثيع قال: بلغ علياً أن أناساً يقولون فيه، قال: فصعد المنبر فقال: أنشد الله رجلاً ولا أنشده إلّا من أصحاب محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سمع من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شيئاً إلّا قام. فقام ممّا يليه ستة وممّا يلي سعيد بن وهب ستة فقالوا: نشهد أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.

حدثنا شريك عن أبي يزيد الأودي عن أبيه قال: دخل أبو هريرة المسجد فاجتمعنا إليه، فقام إليه شاب فقال: أنشد بالله، أسمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه فقال: نعم. فقال الشاب: أنا منك برئ، اُشهد أنك قد عاديت من والاه وواليت

٥٣

من عاداه. قال فحصبه الناس بالحصا » ١٢ / ٦٧ - ٦٨.

« حدثنا عفّان قال ثنا حماد بن سلمة قال: أخبرنا علي بن زيد عن عدي بن ثابت عن البراء قال: كنّا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في سفر قال: فنزلنا بغدير خم قال: فنودي: الصلاة جامعة، وكسح لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تحت شجرة فصلّى الظهر، فأخذ بيد علي، فقال: ألستم تعلمون أني أولى المؤمنين من أنفسهم، قالوا: بلى، قال: ألستم تعلمون أني أولى بكلّ مؤمنٍ من نفسه، قالوا: بلى، قال: فأخذ بيد علي فقال: اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. قال: فلقيه عمر بعد ذلك فقال: هنيئاً لك يا ابن أبي طالب، أصبحت وأمسيت مولى كلّ مؤمن ومؤمنة » ١٢ / ٧٨.

« حدثنا الفضل بن دكين عن ابن أبي غنية عن الحكم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن بريدة قال: مررت مع علي إلى اليمن فرأيت منه جفوة فلما قدمت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذكرت علياً فنقّصته، فجعل وجه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يتغّير فقال: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قلت: بلى يا رسول الله. قال: من كنت مولاه فعلي مولاه » ١٢ / ٨٤.

قال علي المتقي الهندي: « مسند البراء بن عازب [ قال ]: كنّا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في سفر، فنزلنا بغدير خم، فنودي الصلاة جامعة، وكسح لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تحت شجرة فصلّى الظهر، فأخذ بيد علي، فقال: ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى، فقال: ألستم تعلمون أني أولى بكل مؤمنٍ من نفسه؟ قالوا: بلى. فأخذ بيد علي فقال: أللهم من كنت موالاة فعلي مولاه، أللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، فلقيه عمر بعد ذلك فقال: هنيئاً لك يا ابن أبي طالب، أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة. ش »(١) .

____________________

(١). كنز العمال ١٣ / ١٣٤. و « ش » رمز لابن أبي شيبة.

٥٤

وقال: « من كنت مولاه فعلي مولاه، أللهم وال من والاه وعاد من عاداه طب عن ابن عمر. ش عن أبي هريرة واثني عشر من الصحابة. حم طب ص عن أبي أيوب وجمع من الصحابة، ك‍ عن علي وطلحة، حم طب ص عن علي وزيد بن أرقم وثلاثين رجلاً من الصحابة. أبو نعيم في فضائل الصحابة عن سعد. الخطيب عن أنس »(١) .

وقال: « عن بريدة بن الحصيب قال: مررت مع علي إلى اليمن، فرأيت منه جفوة، فلما قدمت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذكرت علياً فتنقصته، فجعل وجه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يتغيّر، فقال: يا بريدة ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قلت: بلى يا رسول الله. قال: من كنت مولاه فعلي مولاه. ش وابن جرير وابو نعيم »(٢) .

ترجمته

وتوجد ترجمته في بعض مجلدات الكتاب، لكن نذكر هنا:

١ - الذهبي: « وفيها أبوبكر بن أبي شيبة، وهو الإِمام، أحد الأعلام عبدالله قال أبو زرعة: ما رأيت أحفظ منه، وقال أبو عبيدة: انتهى علم الحديث إلى أربعة: أبي بكر بن أبي شيبة وهو أفقههم فيه. وقال صالح جزرة: أحفظ من رأيت عند المذاكرة أبوبكر بن أبي شيبة. وقال نفطويه: لمـّا قدم أبوبكر ابن أبي شيبة بغداد في أيام المتوكل حرزوا مجلسه بثلاثين ألفا »(٣) .

١ - اليافعي: « وفيها: الإِمام أحد الأعلام، أبوبكر بن أبي شيبة، صاحب التصانيف الكبار »(٤) .

____________________

(١). المصدر ١١ / ٦٠٩ - ٦١٠.

(٢). المصدر ١٣ / ١٣٤.

(٣). العبر حوادث ٢٣٥.

(٤). مرآة الجنان حوادث سنة ٢٣٥ وله ترجمة في: تذكرة الحفاظ ٢ / ٤٣٢ وتاريخ بغداد ١٠ / ٦٦ =

٥٥

(٢٢)

رواية عبيدالله بن عمر القواريري

قال الحافظ ابن كثير: « وقال أبو يعلى وعبدالله بن أحمد في مسند أبيه: ثنا القواريري، ثنا يونس بن أرقم، ثنا يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: شهدت علياً في الرحبة يناشد الناس: أنشد بالله من سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه لمـّا قدم فشهد، قال عبد الرحمن: فقام اثنا عشر بدرياً كأني أنظر إلى أحدهم عليه سراويل، قالوا: نشهد أنا سمعنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول يوم غدير خم: ألست أولى بكم بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجي أمهاتهم؟ قلنا: بلى يا رسول الله. قال: فمن كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه »(١) .

و في مسند أحمد: « حدثنا عبدالله، قال حدثني عبيدالله بن عمر القواريري قال: حدثنا يونس بن أرقم قال: ثنا يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: شهدت علياً في الرحبة ينشد الناس: أنشد الله من سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه لمـّا قام. قال عبد الرحمن: فقام اثنا عشر بدريّاً كأني أنظر إلى أحدهم فقالوا: نشهد أنا سمعنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول يوم غدير خم. ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجي أمهاتهم؟ فقلنا: بلى يا رسول الله قال: فمن كنت مولاه فعلي

____________________

= وخلاصة تذهيب الكمال: ١٧٩ وتاريخ ابن كثير ١٠ / ٣١٥ وطبقات المفسرين ١ / ٢٤٦ والنجوم الزاهرة ٢ / ٢٨٢.

(١). تاريخ ابن كثير ٧ / ٣٤٧.

٥٦

مولاه. اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه »(١) .

ترجمته

١ - السمعاني: « أبو سعيد عبيدالله بن عمر بن ميسرة الجشمي، مولاهم المعروف بالقواريري، من أهل البصرة، سكن بغداد، وكان ثقة صدوقاً، مكثراً من الحديث روى عنه: أبو قدامة السرخسي، ومحمد بن إسحاق الصغاني، وأبو داود السجستاني، وأبو زرعة وأبو حاتم الرازيان، وأحمد بن أبي خيثمة، وأبو القاسم البغوي، وابو يعلى الموصلي وغيرهم وثّقه يحيى بن معين وغيره، وقال أبو علي جزرة الحافظ: القواريري أثبت من الزهراني وأشهر، وأعلم بحديث البصرة، وما رأيت أحداً أعلم بحديث البصرة منه. وتوفي في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين ومأتين »(٢) .

٢ - الذهبي: « وفي ذي الحجة مات محدّث البصرة: عبيدالله بن عمر القواريري الحافظ، قال صالح بن محمد: هو أعلم من رأيت بحديث بلده »(٣) .

٣ - ابن حجر: « قال ابن معين والعجلي والنسائي: ثقة، وقال صالح جزرة: ثقة صدوق، قال: وهو اثبت من الزهراني وأشهر وأعلم بحديث البصرة.

قال ابن سعد: ثقة كثير الحديث. وقال أبو حاتم: صدوق وذكره ابن حبان في الثقات وقال مسلمة بن قاسم: ثقة. وفي الزهرة: روى عنه البخاري خمسة، ومسلم أربعين »(٤) .

____________________

(١). مسند أحمد ١ / ١٩٩.

(٢). الأنساب - القواريري.

(٣). دول الاسلام - حوادث سنة ٢٣٥.

(٤). تهذيب التهذيب ٧ / ٤٠.

٥٧

(٢٣)

رواية اسحاق بن راهويه

قال علي المتقي الهندي: « عن علي: إنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أخذ بيده يوم غدير خم فقال: أللهم من كنت مولاه فعليّ مولاه. قال: فزاد الناس بعده: اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. ابن راهويه وابن جرير »(١) .

ترجمته

١ - ابن حبان: « إسحاق بن ابراهيم بن مخلّد بن إبراهيم الحنظلي، أبو يعقوب المروزي، الذي يقال له ابن راهويه. يروي عن ابن عيينة. مات بنيسابور ليلة السّبت لأربع عشرة خلت من شهر شعبان، سنة ثمان وثلاثين ومائتين، وهو ابن سبع وسبعين، وقبره مشهور يزار، وكان إسحاق من سادات أهل زمانه فقهاً وعلماً وحفظاً ونظراً، ممن صنّف الكتب، وفرّع الفروع على السنن، وذبّ عنها، وقمع من خالفها »(٢) .

٢ - الذهبي: « وهو الإِمام، عالم المشرق الحافظ، صاحب التصانيف وقال أحمد بن حنبل: لا أعلم بالعراق له نظيراً، وما عبر الجسر مثل إسحاق. قال محمد بن أسلم: ما أعلم أحداً أخشى لله من إسحاق، ولو كان سفيان حياً لاحتاج إلى إسحاق، وقال أحمد بن سلمة: أملى عليّ إسحاق التفسير عن ظهر قلبه، وجاء من غير وجه: أن اسحاق كان يحفظ سبعين ألف

____________________

(١). كنز العمال ١٣ / ١٦٨ - ١٦٩.

(٢). الثقات ٨ / ١١٥.

٥٨

حديث. قال أبو زرعة: ما رؤي أحد أحفظ من إسحاق. توفي ليلة نصف شعبان بنيسابور »(١) .

٣ - الذهبي أيضاً : « عنه: خ م د ت س، وبقية شيخه، وأبو العباس، والسّراج »(٢) .

٤ - اليافعي: « جمع بين الحديث والفقه والورع وقال الامام أحمد: إسحاق عندنا من أئمة المسلمين ومنه سمع البخاري ومسلم والترمذي »(٣) .

٥ - السيوطي: « أحد أئمة المسلمين وعلماء الدين، اجتمع له الحديث والفقه، والحفظ والصدق، والورع والزهد، وعنه الجماعة سوى ابن ماجة وقال الذهلي: إجتمع في الرصافة أعلام أصحاب الحديث منهم أحمد وابن معين وغيرهما، فكان صدر المجلس لإسحاق وهو الخطيب. وقال أحمد: إسحاق إمام من أئمة المسلمين. وقال ابن خزيمة: لو كان إسحاق في التابعين لأقرّوا له بحفظه وعلمه وفقهه، وقال أحمد: إذا حدّثك أبو يعقوب أمير المؤمنين فتمسّك به، وقال إسحاق: ما سمعت شيئاً إلّا حفظته، ولا حفظته فنسيته »(٤) .

____________________

(١). العبر - حوادث ٢٣٨.

(٢). الكاشف ١ / ١٠٦.

(٣). مرآة الجنان - حوادث ٢٣٨.

(٤). طبقات الحفاظ: ١٨٨.

٥٩

(٢٤)

رواية عثمان بن أبي شيبة

قال إبراهيم بن عبدالله الوصابي اليمني: « وعن ابن عمررضي‌الله‌عنه قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه فعليّ مولاه. أخرجه أبو زيد عثمان بن ابي شيبة في سننه، وأخرجه ابن أبي عاصم، وسعيد بن منصور في سننهما عن سعد بن أبي وقاص »(١) .

ترجمته

١ - الذهبي: « خ م د ق - عثمان بن أبي شيبة، أبو الحسن العبسي، مولاهم الكوفي، الحافظ، عن شريك وجرير وأبي الأحوص. وعنه: خ م د ق وابنه محمد وأبو يعلى والبغوي، مات في محرم ٢٣٩ »(٢) .

٢ - الذهبي: وفيها: عثمان بن محمد بن أبي شيبة، العبسي الكوفي الحافظ وكان أكبر من أخيه أبي بكر، رحل وطوّف وصنّف التفسير والمسند، وحضر مجلسه ثلاثون ألفاً، روى عن شريك وأبي الأحوص وخلق »(٣) .

٣ - اليافعي: « وفيها: الحافظ عثمان بن أبي شيبة »(٤) .

____________________

(١). الاكتفاء في فضل الأربعة الخلفاء - مخطوط.

(٢). العبر حوادث ٢٣٨.

(٣). العبر حوادث ٢٣٩.

(٤). مرآة الجنان - حوادث ٢٣٩.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

رواة حديث الغدير من الأئمّة الثقات، وفيهم أحمد والنسائي والترمذي وابن ماجة ونظراؤهم

ولقد زاد الهروي هذا في الطنبور نغمة أخرى، فزاد على من زعم قدحه في حديث الغدير الواقدي وابن خزيمة، والحال أن أسلافه الذين أخذ منهم هذه المزاعم لم يذكروهما فيمن نسب إليهم القدح في هذا الحديث الشريف

هذا ويكفي في الردّ على هذه المكابرات تصريح جدّه صاحب النواقض بتواتر حديث الغدير.

عبد الحق الدهلوي

وقال الشيخ عبد الحق الدّهلوي في ( شرح المشكاة ): « وهذا الحديث صحيح بلا ريب، رواه جماعة كالترمذي والنسائي وأحمد، وله طرق كثيرة، رووه عن ستة عشر نفس من الصحابة، وفي رواية لأحمد: أنه سمعه من النبي -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - ثلاثون صحابياً وشهدوا به لعلي لما نوزع أيام خلافته، وكثير من أسانيده صحاح أو حسان، ولا التفات بقول من تكلّم في صحته ولا بقول بعضهم القائل بأن: اللهم وال من والاه، موضوع. لوروده من طرق متعدّدة صحح أكثرها الذهبي، كذا قال الشيخ ابن حجر في الصواعق المحرقة.

ولكنا نقول للشيعة على طريق الإلزام - حيث اتفقوا على لزوم أن يكون دليل الامامة متواتراً، وأنه متى لم يكن الحديث متواتراً لم يجز الاستدلال به على الامامة - بأن هذا الحديث غير متواتر يقيناً، على أنه مختلف فيه - وإنْ كان هذا الاختلاف في بعض الخصوصيات - وقد طعن في صحته بعض أئمّة الحديث وعدولهم المرجوع إليهم في هذا الشأن، كأبي داود السجستاني وأبي حاتم الرازي وغيرهم، وقد تركه أهل الحفظ والإتقان الذين طافوا البلاد وساروا إلى الأمصار في طلب الحديث، كالبخاري ومسلم والواقدي وغيرهم من أكابر أهل الحديث، وهذا وإنْ كان غير مخل بصحة الحديث إلّا أن دعوى التواتر في مثله من

٣٨١

العجائب ».

فهو وإنْ بالغ في الردّ على من أنكر صحة الحديث وخدش في ثبوته، إلّا أنه حاول إنكار تواتره، فسلك طرقاً ملتوية وأتى بكلمات متهافتة سعياً وراء ذلك، ولكن لا تخفى حقيقة الأمر على الناظر في كلامه، لأنه ينكر تواتر هذا الحديث في حين أنه يذعن بكثرة طرقه، وأنه رواه ستة عشر شخص من الصحابة وأن أكثر طرقه صحاح أو حسان. فأيّ كلام في ثبوت تواتر حديث هذا شأنه!؟ مع أنهم يعتقدون بحصول التواتر بالأقل من هذا العدد، ويرون تحققه لما رواه ثمانية من الصحابة كما في ( الصواعق ).

بل ذكر هذا الشيخ أن في روايةٍ لأحمد أنه سمعه من النبي -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - ثلاثون من الصحابة، وشهدوا به لأمير المؤمنينعليه‌السلام .

وهذا بناءاً على ما ذكره هذا الرجل، وإلّا فقد علمت أن رواته من الصحابة يزيدون على المائة

وقد نص أبو محمد علي بن أحمد بن حزم على تواتر حديث رواه أربعة من الصحابة، حيث قال في ( المحلى ) في مسألة عدم جواز بيع الماء بعد أن نقل رواية المنع عن أربعة من الصحابة: « فهؤلاء أربعة من الصحابة - رضي الله عنهم -، فهو نقل تواتر لا تحل مخالفته »، فمن العجيب أن يكون ما رواه الأربعة متواتراً ولا يكون ما رواه الستة عشر أو الثلاثون أو الأكثر بمتواتر، وهل هذا إلّا تحكّم قبيح وتعصب فضيح؟!

هذا بالاضافة إلى ما تقدم من تصريح الأئمّة المحققين من أهل السنة ومنهم الذهبي الذي استند اليه ابن حجر، كما ذكره عبد الحق في هذه العبارة، بتواتر حديث الغدير

ومن العجائب أيضاً نفيه تواتر حديث الغدير تمسكاً بوجود الاختلاف فيه، وهذا واضح البطلان جداً، لاعترافه هو في هذا الكلام ببطلان هذا الخلاف، وإذا كان الخلاف في الحديث مردوداً كان التمسك بهذا الخلاف مردوداً كذلك.

٣٨٢

والحاصل إنّ هذا الكلام مختل الأركان ضعيف البنيان واضح البطلان، فهو من جهة يتمسك بقدح القادحين في هذا الحديث للقدح في تواتره، ومن جهة أخرى ينص على أن الخلاف في هذا الحديث مردود، ومن جهة ثالثة يعود ليمدح القادحين فيه ويصفهم بالامامة في هذا الشأن ليشيد بالتالي بقدحهم في الحديث ويسقطه بذلك عن الاعتبار.

وإذا كانت هذه التناقضات والتعصبات - التي يأباها أتباع القادحين ومقلديهم - قادحة في الأحاديث المتواترة، كان مكابرة المخالفين للإسلام وقدحهم في تواتر معاجز النبي -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - جديرة بالإذعان ومؤثرة في الطعن في الدين الحنيف. وذلك لأن هذه المكابرات وتلك التعصبات من باب واحد.

والفرق بأن القادحين هنا أئمة عدول بخلافهم هناك فإنهم ملحدون لا يسمن ولا يغني من جوع. أما أولاً: فلأنّهم لدى الشيعة في مرتبة واحدة، وأما ثانياً: فمع التسليم بالفرق فإنّ كلام الطرفين في البابين في البطلان على حد سواء. على أن الملاك في التواتر حصول شروطه، فمتى تحققت في مورد حكم بتواتره، وليس من شروطه عدم وجود قادح فيه أبداً، بل إذا توفرت شروط التواتر، كان قدح القادحين موجباً للطعن فيهم لا في الحديث وإنْ كانوا من كبار الأئمّة، فلو قدح أبو حاتم وأمثاله في وجوب الصوم مثلاً كان ذلك موجباً للقدح في أنفسهم لا في وجوب الصوم كما لا يخفى.

ثم إنّ نسبة القدح في حديث الغدير إلى أبي داود أكذوبة أخرى، لما عرفت سابقاً من أنه قد روى هذا الحديث. فهذه النسبة باطلة لا أصل لها البتّة. ومن التعصب الفاحش أن ينسب إلى أبي داود هذا البهتان ويتّهم بهذا الأمر الفظيع، ثم يتمسك بهذا القدح المزعوم - مع الاعتراف بكونه مردوداً - في نفي تواتر الحديث خلافاً للمحققين من الأئمّة، وبالرغم من الإذعان بكثرة طرقه!!

٣٨٣

النقض بموقف ابن مسعود من الفاتحة والمعوذتين

ثم إن التمسك بقدح أبي حاتم وجماعته لإِنكار تواتر حديث الغدير، منقوض بإنكار ابن مسعود كون الفاتحة والمعوّذتين من القرآن، وإسقاطه إيّاهما من مصحفه، مع قيام الإجماع من المسلمين على تواترهما وأنّهما من القرآن، وإنّ من جحد ذلك كافر، قال السيوطي: « قال النووي في شرح المهذّب: أجمع المسلمون على أن المعوذتين والفاتحة من القرآن، وأن من جحد منها شيئاً كفر ».

وأمّا موقف ابن مسعود من هذه السور، فهو مما اشتهر اشتهار الشمس في رابعة النهار. قال الراغب: « وأسقط ابن مسعود من مصحفه أمّ القرآن والمعوّذتين »(١) .

وقال السيوطي: « أخرج عبد بن حميد ومحمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة، وابن الأنباري في المصاحف، عن محمد بن سيرين أن أبيّ بن كعب كان يكتب فاتحة الكتاب والمعوّذتين، وأللهم إياك نعبد، وأللهم إنا نستعينك، ولم يكتب ابن مسعود شيئاً من هذا، وكتب عثمان بن عفّان فاتحة الكتاب والمعوّذتين »(٢) .

وقال السّيوطي: « أخرج عبد بن حميد، عن إبراهيم، قال: كان عبد الله لا يكتب فاتحة الكتاب في المصحف، وقال: لو كتبتها، لكتبت في أوّل كل شيء »(٣) .

وقال أيضاً: « أخرج أحمد والبزار والطبراني وابن مردويه من طرق صحيحة عن ابن مسعود أنه كان يحكّ المعوّذتين، وكان ابن مسعود لا يقرأ بهما. قال البزار: لم يتابع ابن مسعود أحد من الصحابة، وقد صحّ عن النبي -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم -

___________________

(١). المحاضرات ٢ / ١٨٩.

(٢). الدر المنثور ١ / ٢.

(٣). نفس المصدر ١ / ٢.

٣٨٤

قراءتهما في الصلاة وأثبتهما في المصحف »(١) .

و قال: « أخرج أحمد والبخاري والنسائي وابن الضريس وابن الأنباري وابن حبّان وابن مردويه عن زرّ بن حبيش، قال: أتيت المدينة، فلقيت أبيّ بن كعب، فقلت له: يا أبا المنذر، إني رأيت ابن مسعود لا يكتب المعوّذتين في مصحفه، فقال: أما والذي بعث محمداً بالحق، لقد سألت رسول الله -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - عنهما، وما سألني عنهما أحد منذ سألت غيرك، قال: قيل لي: قل: فقلت: فقولوا فنحن نقول كما قال رسول الله -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم »(٢) .

وقال السيوطي: « أخرج أبو عبيدة عن ابن سيرين، قال: كتب أبيّ بن كعب في مصحفه فاتحة الكتاب والمعوّذتين، وأللهمّ إنّا نستعينك، واللهمّ إياك نعبد، وتركهنّ ابن مسعود، وكتب عثمان منهنّ فاتحة الكتاب والمعوّذتين »(٣) .

وقال محب الدين الطبري الشافعي في ذكر مطاعن عثمان: « و [ أما ] الخامسة عشرة وهي إحراق مصحف ابن مسعود، فليس ذلك مما يعتذر عنه، بل هو من أكبر المصالح، فانه لو بقي في أيدي الناس لكان أدّى ذلك إلى الفتنة الكبيرة في الدين، لكثرة ما فيه من الشذوذ المنكرة عند أهل العلم بالقرآن، ولحذفه المعوّذتين، من مصحفه مع الشهرة عند الصحابة إنهما من القرآن، وقال عثمان لما عوتب في ذلك: خشيت الفتنة في القرآن »(٤) .

وقال حسين الديار بكري المؤرّخ: « أما إحراق مصحف ابن مسعود، فليس ذلك مما يعتذر عنه، بل هو من أكبر المصالح، فإنه لو بقي في أيدي الناس لأدى ذلك إلى فتنة كبيرة في الدين، لكثرة ما فيه من الشذوذ المنكر عند أهل العلم بالقرآن، ولحذفه المعوّذتين من مصحفه مع الشهرة عند الصحابة أنهما من

___________________

(١). الدر المنثور ٦ / ٤١٦.

(٢). نفس المصدر ٦ / ٤١٦.

(٣). الاتقان في علوم القرآن ١ / ٦٧.

(٤). الرياض النضرة ٢ / ١٩٨، مع اختلاف.

٣٨٥

القرآن »(١) .

وقال المولوي محسن الكشميري: « وأسقط، أي ابن مسعود، عنه، أي عن المصحف، المعوذتين وبالغ في أنهما ليست من القرآن مع أن الفاتحة أمّه »(٢) .

وروى أحمد بن حنبل، عن عبد الرحمن بن يزيد، قال: « كان عبد الله يحك المعوّذتين من مصاحفه ويقول: إنهما ليستا من كتاب الله تبارك وتعالى »(٣) .

وأخرج رواية زرّ بن حبيش المتقدمة: « قلت لأبيّ: إنّ أخاك يحكّهما من المصحف فلم ينكر. قيل لسفيان: ابن مسعود؟ قال: نعم، وليسا في مصحف ابن مسعود، كان يرى رسول الله -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - يعوّذ بهما الحسن والحسين ولم يسمعه يقرأ بهما [ يقرأهما ] في شيء من صلاته، فظنّ أنهما عوذتان وأصرّ على ظنّه »(٤) .

و قال البخاري: « حدثنا علي بن عبد الله، قال: حدثنا سفيان، قال:

حدثنا عبدة بن أبي لبابة، عن زر، قال: سألت أبيّ بن كعب، قلت: يا أبا المنذر، إن أخاك ابن مسعود يقول كذا وكذا، فقال أبي: سألت رسول الله -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - فقال لي: قل، فقلت: فنحن نقول كما قال رسول الله -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم »(٥) .

وقال ابن حجر العسقلاني بشرح هذا الحديث:

« قوله: يقول كذا وكذا، هكذا وقع هذا اللفظ مبهماً، وكأن بعض الرواة أبهمه استعظاماً له، وأظن ذلك من سفيان، فإنّ الاسماعيلي أخرجه من طريق عبد الجبار بن العلاء عن سفيان كذلك على الإِبهام، وكنت أظن أولاً أن الذي

___________________

(١). الخميس ٢ / ٢٧٣.

(٢). نجاة المؤمنين - مخطوط.

(٣). المسند ٥ / ١٢٩ - ١٣٠.

(٤). مسند أحمد ٥ / ١٣٠.

(٥). صحيح البخاري بشرح ابن حجر ٨ / ٦٠٣ - ٦٠٤.

٣٨٦

أبهمه البخاري، لأنّني رأيت التصريح به في رواية أحمد عن سفيان، ولفظه: قلت لأبيّ: إنّ أخاك يحكهما [ يحكها ] من المصحف. وكذا أخرجه الحميدي، عن سفيان، ومن طريقه أبو نعيم في المستخرج، وكان سفيان تارة يصرّح بذلك وتارة يبهمه، وقد أخرجه أحمد أيضاً وابن حبّان من رواية حمّاد بن سلمة عن عاصم بلفظ: ان [ عبد الله ] ابن مسعود كان لا يثبت [ يكتب ] المعوّذتين في مصحفه، وأخرج أحمد عن أبي بكر بن عيّاش، عن عاصم، بلفظ: ان عبد الله يقول في المعوذتين، وهذا أيضاً فيه إبهام.

وقد أخرجه عبد الله بن أحمد في زيادات المسند والطبراني وابن مردويه من طريق الأعمش، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن يزيد [ زيد ] النخعي، قال: كان ابن مسعود يحك المعوّذتين من مصاحفه ويقول: إنهما ليستا من كتاب الله، قال الأعمش: و [ قد ] حدثنا عاصم عن زرّ عن أبي بن كعب، فذكر نحو حديث قتيبة الذي في الباب الماضي، و قد أخرجه البزاز وفي آخره [ و ] يقول: إنما أمر النبي -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - أن نتعوّذ بهما.

قال البزار: لم يتابع ابن مسعود على ذلك أحد من الصحابة، وقد صح عن النبي -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - أنه قرأها في الصلاة. قلت: هو في صحيح مسلم عن عقبة بن عامر، وزاد فيه ابن حبّان من وجه آخر عن عقبة بن عامر، فإنْ استطعت أن لا تفوتك قراءتهما [ في صلاة ] فافعل.

و أخرج أحمد من طريق أبي العلاء بن الشخير، عن رجل من الصحابة أن النبي -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - أقرأه المعوّذتين وقال له: إذا أنت صلّيت فاقرأ بهما. وإسناده صحيح. ولسعيد بن منصور من حديث معاذ بن جبل: إنّ النبي -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - صلّى الصبح فقرأ فيها بالمعوذتين.

وقد تأوّل القاضي أبو بكر الباقلاني في كتاب الانتصار، وتبعه عياض وغيره، ما حكى عن ابن مسعود فقال: لم ينكر ابن مسعود كونهما من القرآن، وإنما أنكر إثباتهما في المصحف، فإنّه كان يرى أن لا يكتب في المصحف شيئا إلّا أن

٣٨٧

كان النبي -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - اذن في كتابته فيه وكأنّه لم يبلغه الاذن في ذلك قال: فهذا تأويل منه وليس جحداً لكونهما قرآناً، وهو تأويل حسن، إلّا أن الرواية [ الصحيحة ] الصريحة التي ذكرتها تدفع ذلك حيث جاء فيها: ويقول: إنّهما ليستا من كتاب الله، نعم يمكن حمل لفظ كتاب الله على المصحف فيتمشى التأويل المذكور.

وقال غير القاضي: لم يكن اختلاف ابن مسعود مع غيره في قرآنيّتهما، وإنما كان في صفة من صفاتهما [ صفتهما ] انتهى. وغاية ما في هذا أنه أبهم ما بيّنه القاضي. ومن تأمل سياق الطرق التي أوردتها للحديث استبعد هذا الجمع.

وأمّا قول النووي في شرح المهذب: أجمع المسلمون على أن المعوذتين والفاتحة من القرآن، وإنّ من جحد شيئاً منها كفر، وما نقل عن ابن مسعود باطل ليس بصحيح، ففيه نظر، وقد سبقه لذلك أبو محمد بن حزم، قال في أوائل المحلّى: ما نقل عن ابن مسعود من انكار قرآنيّة المعوّذتين، فهو كذب باطل، وكذا قال الفخر الرازي في أوائل تفسيره: الأغلب على الظنّ أن هذا النقل عن ابن مسعود كذب باطل، والطعن في الروايات الصحيحة بغير سند لا يقبل، بل الرواية صحيحة والتأويل محتمل، والإجماع الذي نقله إن أراد شموله لكل عصر فهو مخدوش، وإنْ أراد استقراره فهو مقبول.

وقد قال ابن الصباغ في الكلام على مانعي الزكاة: وإنّما قاتلهم أبو بكر على منع الزكاة، ولم يقل أنهم كفروا بذلك، وإنما لم يكفر لأن الاجماع لم يكن استقر، قال: ونحن الآن نكفّر من جحدها، قال: وكذلك ما نقل عن ابن مسعود في المعوّذتين يعني انه لم يثبت عنده القطع بذلك، ثم حصل الاتفاق بعد ذلك.

وقد استشكل هذا الموضع الفخر الرازي، فقال: إنْ قلنا أن كونهما من القرآن كان متواتراً في عصر ابن مسعود لزم تكفير من أنكرهما، وإنْ قلنا أنه لم يكن متواتراً لزم أن بعض القرآن لم يتواتر. قال: وهذه عقدة صعبة، وأجيب باحتمال أنه كان متواترا في عصر ابن مسعود، ولكن لم يتواتر عند ابن مسعود، فانحلت العقدة

٣٨٨

بعون الله تعالى »(١) .

وقال السيوطي بعد أن ذكر أحاديث في مسألة جزئية البسملة من كل سورة: « فهذه الأحاديث تعطي التواتر المعنوي بكونها قرآناً منزلاً في أوائل السور، ومن المشكل على هذا الأصل ما ذكره الامام فخر الدين، قال: نقل في بعض الكتب القديمة أن ابن مسعود كان ينكر كون سورة الفاتحة والمعوّذتين من القرآن، وهو في غاية الصعوبة، لأنا إنْ قلنا أن النقل المتواتر كان حاصلاً في عصر الصحابة بكون ذلك من القرآن، فإنكاره يوجب الكفر، وإنْ قلنا لم يكن حاصلاً في ذلك الزمان، فيلزم أن القرآن ليس بمتواتر في الأصل. قال: والأغلب على الظن أن نقل هذا المذهب عن ابن مسعود نقل باطل وبه يحصل الخلاص عن هذه العقدة، وكذا قال القاضي أبو بكر لم يصح عنه أنها ليست بقرآن ولا حفظ عنه، إنّما حكّها وأسقطها من مصحفه إنكاراً لكتابتها لا جحداً لكونها قرآناً، لأنّه كانت السنّة عنده أن لا يكتب في المصحف إلّا ما أمره النبي -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - بإثباته فيه ولم يجده كتب ذلك ولا سمعه أمر به.

وقال النووي في شرح المهذّب: أجمع المسلمون على أن المعوذتين والفاتحة من القرآن، وأن من جحد منها شيئاً كفر، وما نقل عن ابن مسعود باطل ليس بصحيح.

وقال ابن حزم في المحلى: هذا كذب على ابن مسعود، موضوع، وإنما صح عنه قراءة عاصم عن زرّ عنه، وفيه المعوّذتان والفاتحة.

وقال ابن حجر في شرح البخاري: قد صح عن ابن مسعود إنكار ذلك، فأخرج أحمد وابن حبان عنه أنه كان لا يكتب المعوذتين في مصحفه، وأخرج عبد الله بن أحمد في زيادات المسند والطبراني وابن مردويه من طريق الأعمش عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد النخعي، قال: كان عبد الله بن مسعود يحك

___________________

(١). فتح الباري في شرح صحيح البخاري ٨ / ٦٠٣ - ٦٠٤.

٣٨٩

المعوّذتين من مصاحفه ويقول: إنهما ليستا من كتاب الله، وأخرج الطبراني والبزار من وجه آخر عنه أنه كان يحكّ المعوّذتين من المصحف ويقول إنما أمر النبي -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - أن نتعوذ بهما، وكان عبد الله لا يقرأ بهما أسانيدها صحيحة، قال البزار: لم يتابع ابن مسعود على ذلك أحد من الصحابة وقد صح أنه -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - قرأهما في الصلاة.

قال ابن حجر: فقول من قال إنه كذب مردود والطعن في الروايات الصحيحة بغير مستند لا يقبل، بل الرواية صحيحة والتأويل محتمل، قال: وقد أوّله القاضي وغيره على إنكار الكتابة كما سبق، قال: وهو تأويل حسن إلّا أن الرواية الصريحة التي ذكرتها تدفع ذلك حيث جاء فيها: ويقول: إنهما ليستا من كتاب الله. قال: ويمكن حمل لفظ كتاب الله على المصحف، فيتم التأويل المذكور، قال: لكن من تأمل سياق الطرق المذكورة استبعد هذا الجمع، قال: وقد أجاب ابن الصباغ بأنه لم يستقر عنده القطع بذلك، ثم حصل الاتفاق بعد ذلك، وحاصله أنهما كانتا متواترتين في عصره، لكن لم يتواترا عنده، انتهى

وقال ابن قتيبة في مشكل القرآن: ظن ابن مسعود - رضي الله تعالى عنه - أن المعوذتين ليستا من القرآن، لأنّه رأى النبي -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - يعوّذ بهما الحسن والحسين فأقام على ظنه، ولا نقول أنه أصاب في ذلك وأخطأ المهاجرون والأنصار. قال: وأما إسقاطه الفاتحة من مصحفه فليس لظنه أنها ليست من القرآن، معاذ الله، ولكنه ذهب إلى أن القرآن إنما كتب وجمع بين اللّوحين مخافة الشك والنسيان والزيادة والنقصان، ورأى أن ذلك مأمون في سورة الحمد لقصرها ووجوب تعلّمها على كل أحد.

قلت: وإسقاطه الفاتحة من مصحفه أخرجه أبو عبيد بسندٍ صحيح كما تقدم في أوائل النوع التاسع عشر »(١) .

___________________

(١). الاتقان في علوم القرآن ١ / ٨١ - ٨٢.

٣٩٠

أقول:

فإذا لم يكن إنكار ابن مسعود المعوّذتين قادحاً في تواترهما وقرآنيّتهما، فإنّ قدح مثل أبي حاتم وغيره في حديث الغدير، لا يكون قادحاً في تواتره قطعاً، كيف والحال أن أبا حاتم وأمثاله لا يبلغون في الشرف والكرامة مرتبة تراب أقدام ابن مسعود!! بل إنّ غبار أنف فرس ابن مسعود مع رسول الله -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - أفضل من أبي حاتم وأمثاله، حسب ما نقله ابن حجر المكي في تفضيل معاوية على عمر بن عبد العزيز.

النقض بموقف بعضهم من حديث انشقاق القمر

وأيضاً: فإنّ كان إنكار أبي حاتم ومن حذا حذوه حديث الغدير يضرّ في تواتره، كان إنكار بعضهم حديث انشقاق القمر موجباً للقدح في تواتر هذه المعجزة العظيمة والكرامة الباهرة الثابتة - لرسول الله -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقد جاء في ( نهاية العقول ) للرازي أنّ « الحليمي » قد منع وقوع انشقاق القمر. و « الحليمي » من أكابر علماء أهل السنّة ومن فطاحل أئمّتهم، كما لا يخفى على من راجع تراجمه في معاجم التراجم المعتبرة(١) .

لكن حديث انشقاق القمر متواتر قطعاً:

قال الشهاب القسطلاني: « وقال ابن عبد البرّ: قد روي هذا الحديث - يعني حديث انشقاق القمر - عن جماعة كثيرة من الصحابة، وروى ذلك عنهم أمثالهم من التابعين، ثم نقله الجمّ الغفير إلى أن انتهى إلينا وتأيّد بالآية الكريمة. إنتهى.

___________________

(١). الأنساب الحليمي، وفيات الأعيان ٢ / ١٣٧، مرآة الجنان - حوادث سنة ٤٠٣ طبقات الأسنوي ١ / ٤٠٤.

٣٩١

وقال العلّامة ابن السبكي في شرحه لمختصر ابن الحاجب: الصحيح عندي أنّ انشقاق القمر متواتر منصوص عليه في القرآن، مروي في الصحيحين وغيرهما، من طرق من حديث شعبة، عن سليمان عن إبراهيم، عن أبي معمر، عن أبن مسعود. ثمّ قال: وله طرق أخر شتّى بحيث لا يمترى في تواتره انتهى »(١) .

وقال السيوطي في كلام له في معنى التواتر: « فقد وصف جماعة من المتقدّمين والمتأخّرين أحاديث كثيرة بالتواتر، منها: حديث نزل القرآن على سبعة أحرف، وحديث الحوض، وانشقاق القمر، وأحاديث الهرج والفتن في آخر الزمان »(٢) .

فإذا لم يؤثّر إنكار « الحليمي » ومنعه وقوع إنشقاق القمر في تواتر هذا الحديث، كان إنكار بعض المتعصّبين حديث الغدير غير مؤثّر في تواتره كذلك.

ومن الغرائب إنكار الشاه وليّ الله الدهلوي هذا الحديث كذلك، وقد قال ما نصّه: « أمّا شقّ القمر، فعندنا ليس من المعجزات، إنّما هو من آيات القيامة، كما قال الله تعالى:( اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ) ، ولكنه أخبر عنه قبل وجوده، فكان معجزة من هذا السبيل »(٣) .

عود إلى النظر في كلام عبد الحق الدهلوي

وأمّا استناد الشيخ عبد الحقّ بترك البخاري ومسلم والواقدي رواية حديث الغدير، فقد تقدّم الجواب عنه بالتفصيل في الردّ على كلام الفخر الرازي.

على أنّ ترك هؤلاء روايته، غير قادح في صحة الحديث، كما اعترف هو بذلك، وإذْ ليس قادحاً في صحته، فكيف يكون قادحاً في تواتره؟

وبالجملة، فإنّ دعوى عدم تواتر حديث الغدير، بالاستناد الى هذه

___________________

(١). المواهب اللدنية ١٥ / ٣٥٦.

(٢). إتمام الدراية / ٥٥، هامش مفتاح العلوم.

(٣). راجع: التفهيمات الالهية ٣ / ٦٥.

٣٩٢

الهفوات والأباطيل، من أعجب العجائب. ولنعم ما قال ابن حجر العسقلاني في شرح حديث إنشقاق القمر: « فأمّا من سأل عن السبب في كون أهل التنجيم لم يذكروه، فجوابه: أنه لم ينقل عن أحد منهم أنّه نفاه وهذا كاف، فإنّ الحجة فيمن أثبت لا فيمن لم يوجد منه صريح النفي، حتى أنّ من وجد منه صريح النفي يقدّم عليه من وجد منه صريح الإثبات »(١) .

محمد البرزنجي

وممن وقع في هذه الورطة، محمد بن عبد الرسول البرزنجي، فإنّه مع دعوى انسابه إلى الدّوحة العلوية، وبالرغم من تصريحه بصحة حديث الغدير سلك سبيل مشايخه المتعصّبين، فتطرّق إلى الخلاف في صحّته وأثنى على من نسب إليهم القدح فيه، وعدّ فيهم أبا داود السجستاني - كذباً وبهتاناً - فقال:

« والخلاف في صحته ينفي تواتره، بل يخرجه عن كونه صحيحاً متّفقاً عليه، والطاعنون جمع من أئمّة الحديث أجلّاء، كأبي داود السجستاني وأبي حاتم وغيرهما »(٢) .

حسام الدين السهارنبوري

وقال حسام الدين ابن الشيخ محمد بايزيد السهارنبوري:

ولا نسلّم أنّ الأمة تلقّت هذا الحديث بالقبول، لأن جماعة من الأئمة العدول وثقات المحدّثين المرجوع اليهم في هذا الشأن كأبي داود السجستاني وأبي حاتم الرازي وغيرهما، طعنوا فيه، وتكلّموا في صحّته، على ما صرّح بذلك الشيخ ابن حجر -رحمه‌الله - في الصواعق، وعليّ القوشجي -رحمه‌الله - في شرح التجريد، وإنّ جماعة من أهل الحق والإيقان وأكابر المحدثين كالإمام البخاري

___________________

(١). فتح الباري ٧ / ١٤٧.

(٢). نواقض الروافض - مخطوط.

٣٩٣

ومسلم والواقدي وغيرهم لم يرووه، كما ذكر الشيخ عبد الحق، وهؤلاء من أعاظم علماء السنّة والجماعة وأكابر أصحاب الحديث وأخبار خير البريّة - عليه الصلاة والتحيّة - وقد طافوا البلاد وساروا في الأمصار في طلب الأحاديث والآثار، وبلغوا في هذا العلم الشريف أقصى الغاية وارتقوا فيه على أعلى الدرجات.

فدعوى تلقي جميع الأمة حديثاً طعن فيه رؤساء المحدّثين وتركه ثقاتهم بالقبول باطلة وإثبات تواتره مع طعن أئمّة المحدثين وعدولهم فيه مشكل جداً »(١) .

أقول: لقد تبع هذا الرجل ابن حجر المكي وعبد الحق الدهلوي وأخذ عنهما هذه الخرافات، لكن لا يخفى من كلامه أنّه أكثر منهما تعصباً وأشد انحرافاً عن الحق، لأن ابن حجر وعبد الحق قد شهدا قبل القدح في حديث الغدير بصحته وكثرة طرقه، وأنه قد رواه ستة عشر من الصحابة وشهد به ثلاثون منهم على ما أخرجه أحمد، وأن كثيراً من طرقه صحيح أو حسن، وقد أضاف عبد الحق أن القدح فيه مردود غير مسموع.

لكن صاحب المرافض لم يتعرض لهذه الكلمات الحقة، واقتصر على أخذ الخرافات وآيات التعصب والعناد منهما، فذكر كلماتهما الباطلة ونسج على منوالهما في تلك الدعاوي الكاذبة

وعلى كل حال، فلا يخفى بطلان هذه المناقشات وسقوطها عن درجة الاعتبار، ولا سيما دعوى قدح جماعة من الأئمّة العدول المرجوع إليهم في حديث الغدير، فإنّها دعوى كاذبة باطلة، كما ذكرنا مراراً، ويشهد بذلك نسبة القدح إلى أبي داود - تبعاً لغيره - وقد علمت أن أبا داود من رواة هذا الحديث الشريف.

ومن الجدير بالذكر أن صاحب المرافض قد نقل حديث الغدير عن أحمد ابن حنبل في فضائل أمير المؤمنين -عليه‌السلام - من ذي قبل.

___________________

(١). مرافض الروافض - مخطوط.

٣٩٤

ابن تيمية

وقال ابن تيمية: « أما قوله: من كنت مولاه فعلي مولاه، فليس [ هو ] في الصحاح، لكن هو مما رواه العلماء، وتنازع الناس في صحته. ونقل عن البخاري وابراهيم الحربي وطائفة من أهل العلم بالحديث، أنهم طعنوا فيه وضعّفوه، ونقل عن أحمد بن حنبل أنه حسّنه كما حسّنه الترمذي. وقد صنف أبو العباس ابن عقدة مصنفاً في جمع طرقه »(١) .

أقول:

أما قوله: « فليس في الصحاح » فيكفي في رده كلام القاضي سناء الله في ( السيف المسلول ) حيث صرح فيه برواية الجمهور هذا الحديث في الصحاح السنن والمسانيد، وقد سبق نص كلامه فيما مضى.

وأيضاً يتضح بطلانه من مراجعه: صحيح الترمذي وصحيح ابن ماجة وصحيح ابن حبان والمستدرك والمختارة للضياء المقدسي - وهي كلّها من الكتب الصحاح لدى أهل السنة - فإنها قد أخرجت حديث الغدير.

ولقد اعترف ابن روزبهان - مع تعصبه - بكون هذا الحديث مخرجاً في الصحاح كما سيجيء ان شاء الله.

وأمّا: أن « البخاري » طعن فيه، فنقول: لقد كان أهل الحق في حيرة وعجب من ترك البخاري حديث الغدير، مع توفر شروط التواتر فيه بأضعاف مضاعفة، فهو مؤاخذ على تركه رواية هذا الحديث، حتى جاء ابن تيميّة فادّعى طعن البخاري فيه، وهذا أعجب من ذلك بكثير! وهل من الجائز الاعتماد على هكذا أناس في نقل السنة النبويّة؟

___________________

(١). منهاج السنة ٤ / ٨٦.

٣٩٥

ولقد وقفت على طرف من قوادح البخاري وكتابه فيما سبق نقلاً عن أكابر القوم وستقف على طرف آخر منها فيما سيأتي إنْ شاء الله تعالى. وإنّ من أفحش قوادحه وأقبح مساويه استرابته في بعض أحاديث الامام الصادق -عليه‌السلام - تبعاً ليحيى القطان جعله الله قاطناً في دركات النيران، على ما ذكر ابن تيمية حيث قال:

« وبالجملة، فهؤلاء الأئمّة الأربعة ليس منهم من أخذ عن جعفر من قواعد الفقه، لكن رووا عنه الأحاديث كما رووا عن غيره، وأحاديث غيره أضعاف أحاديثه، وليس بين حديث الزهري وحديثه نسبة لا في القوة ولا في الكثرة، وقد استراب البخاري في بعض أحاديثه لمـّا بلغه عن يحيى بن سعيد القطان فيه كلام، فلم يخرج له، ويمتنع أن يكون حفظه للحديث كحفظ من يحتج بهم البخاري »(١) .

وأما: أن « ابراهيم الحربي » طعن فيه، فإنّ طعنه مردود بالوجوه التي ذكرناها في رد قدح ابن أبي داود

على أن هذا الرجل مقدوح لما ذكروا في ترجمته من أنه كان يستحسن الابتلاء بعشق الصبي المليح قال صلاح الدين الكتبي:

« وقال ياقوت: حدثني صديقنا الحافظ أبو عبد الله محمد بن محمود ابن النجار، قال: حدثني أحمد بن سعيد الصباغ، يرفعه إلى أبي نعيم، قال: كان يحضر مجلس إبراهيم الحربي جماعة من الشبّان للقراءة عليه، ففقد أحدهم، فسأل عنه من حضر، فقالوا: هو مشغول، ثم سأل يوماً آخر فقالوا: هو مشغول وكان قد ابتلي بمحبة شخص شغله عن الحضور، وعظّموا إبراهيم الحربي أن يخبروه بجلية الحال. فلما تكرّر السؤال عنه - وهم لا يزيدونه على أنه مشغول - قال: يا قوم، إن كان مريضاً قوموا بنا لنعوده، وإنْ كان مديوناً اجتهدنا في مساعدته

___________________

(١). منهاج السنة ٢ / ٨٦.

٣٩٦

أو محبوساً سعينا في خلاصه، فخبّروني عن جلية حاله. فقالوا: نجلك عن ذلك فقال: لا بدّ أن تخبروني، فقالوا: إنه ابتلي بعشق صبي. فاحتشم إبراهيم ثم قال: هذا الصبي الذي ابلي بعشقه هو مليح أو قبيح؟ فعجب القوم من سؤاله عن مثل ذلك مع جلالته في أنفسهم، وقالوا: أيها الشيخ مثلك يسأل عن مثل هذا؟ فقال: إنه بلغني أن الانسان إذا ابتلي بمحبة صورة قبيحة، كان بلاء يجب الاستعاذة من مثله، وإنْ كان مليحاً كان ابتلاء يجب الصبر عليه واحتمال المشقة فيه. قال: فعجبنا مما أتى به »(١) .

أقول: وكيف لا يتعجبون مما أتى به؟ وعشق الصبي في غاية القبح والشناعة والفظاعة، وقد كتب الشيخ محمد حياة السندي - وهو من أكابر العلماء المتبحّرين - رسالة في النهي عن عشق صور المرد والنسوان قال فيها على ما نقل عنها معاصره القنوجي في ( اتحاف النبلاء ) بترجمته: « تلك لعمر الله الفتنة الكبرى والبلية العظمى استعبدت النفوس لغير خلّاقها، وملكت القلوب لمن يسومها الهوان من عشّاقها، وألقت الحرب بين العشق والتوحيد ودعت إلى موالاة كل شيطان مريد - إلى قوله -: إنما حكى الله العشق عن الكفرة قوم لوط وامرأة العزيز، وكانت إذ ذاك مشركة، والفتنة بعشق الصور تنافي أن يكون دين العبد كله لله، بل ينقص من دينه بحسب ما حصل له من فتنة العشق، وربما أخرجت صاحبه من أن يبقى معه شيء من الدين، والمفتون بالصور مخالف لقوله:( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ ) والمبتلى بها ليس بغاض بصره بل يلتذ بالنظر الحرام وربما يقع به في الزنا - إلى قوله: - فإنّ تعبّد القلب للمعشوق شرك وقد أثبت النبي -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - اسم التعبد على المحبة لغير الله تعالى في قوله في الصحيح: تعس عبد الدينار وعبد الدراهم الخ ».

وقال الذهبي بترجمة إبراهيم الحربي: « قال المسعودي: كانت وفاة الحربي

___________________

(١). فوات الوفيات ١ / ١٦.

٣٩٧

المحدث الفقيه في الجانب الغربي وله نيف وثمانون سنة، وكان صدوقاً عالماً فصيحاً جواداً عفيفاً زاهداً عابداً ناسكا، وكان مع ذلك ضاحك السنّ ظريف الطّبع ولم يكن معه تكبّر ولا تجبّر، يمازح مع أصدقائه بما يستحيى منه ويستقبح من غيره »(١) .

قال: « ويروى أن ابراهيم لما صنّف غريب الحديث وهو كتاب نفيس كامل في معناه، قال ثعلب: ما لإِبراهيم وغرائب الحديث، رجل محدث، ثم حضر مجلسه فلما حضر المجلس سجد ثعلب وقال: ما ظننت أن على وجه الأرض مثل هذا الرجل »(٢) .

هذا، ولم ينقل الذهبي عن الحربي أنه أنكر على ثعلب سجوده له، فهو اذاً يجوّز السجود لغير الله تعالى، وهذا أيضاً من مساويه وقبائحه.

ومن مساويه طعنه في علي بن المديني - شيخ البخاري - إذ قال الذهبي: « قال أبو بكر الشافعي: سمعت إبراهيم الحربي يقول: عندي عن علي بن المديني قمطر ولا أحدّث عنه بشيء، لأنّه رأيته في المغرب وبيده نعله مبادراً، فقلت: إلى أين؟ قال: ألحق الصلاة مع أبي عبد الله، فظننته يعني أحمد بن حنبل، ثم قلت: من أبو عبد الله؟ قال: ابن أبي داود »(٣) .

وهذا لا يكون إلّا من التعنت

ولا بأس بنقل كلمات أساطين أهل السنة في الثناء على بن المديني ليتضح سقوط كلام الحربي ومدى انهماكه في التعصب المقيت:

قال النووي: « علي بن المديني الامام أحد أئمّة الاسلام المبرزين في الحديث. صنف فيه مائتي مصنف لم يسبق الى معظمها ولم يلحق في كثير منها، سمع أباه وحماد بن زيد وسفيان بن عيينة ويحيى القطان وخلائق. روى عنه معاذ ابن معاذ وأحمد بن حنبل والبخاري وخلائق من الأئمّة، وأجمعوا على جلالته وإمامته

___________________

(١). سير أعلام النبلاء ١٣ / ٣٦٤.

(٢). سير أعلام النبلاء ١٣ / ٣٦١.

(٣). سير أعلام النبلاء ١٣ / ٣٦٩.

٣٩٨

وبراعته في هذا الشأن وتقدمه على غيره.

قال عبد الغني بن سعيد المصري: أحسن الناس كلاماً على حديث رسول الله -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - ثلاثة: علي بن المديني في وقته، وموسى بن مروان في وقته، والدر قطني في وقته.

وقال سفيان بن عيينة - وهو أحد شيوخ علي بن المديني -: حدثني علي بن المديني - وتلومونني على حب علي، والله لقد كنت أتعلّم منه أكثر ممّا يتعلّم منّي -.

وكان سفيان يسميه حيّة الوادي، وكان اذا سئل عن شيء يقول: لو كان حية الوادي.

وقال حفص بن محبوب: كنت عند ابن عيينة، ومعنا علي بن المديني وابن الشاذكوني، فلما قام ابن المديني، قال السفيان: إذا قامت الخيل لم نجلس مع رجّالة.

وقال محمد بن يحيى: رأيت لعلي بن المديني كتاباً على ظهره مكتوب المائة والنيف والستون من علل الحديث.

وقال عباس العنبري: كانوا يكتبون قيام ابن المديني وقعوده ولباسه وكل شيء يقول ويفعل أو نحو هذا، وكان ابن المديني إذا قدم بغداد تصدّر بالحلقة وجاء أحمد ويحيى والمعيطي والناس يتناظرون، فإذا اختلفوا في شيء تكلّم فيه.

وقال الأعين: رأيت ابن المديني مستلقياً، وأحمد بن حنبل عن يمينه ويحيى ابن معين عن يساره، وهو يملي عليهما.

وقال البخاري: ما استصغرت نفسي عند أحد قط إلّا عند علي بن المديني.

وقال يحيى القطان: نحن نستفيد من ابن المديني أكثر مما يستفيد منا.

وقال عبد الرحمن بن المهدي: علي بن المديني أعلم الناس بحديث رسول الله -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - وخاصة بحديث ابن عيينة.

وقال أبو حاتم: كان ابن المديني علماً في الناس في معرفة الحديث والعلل وكان أحمد بن حنبل لا يسميّه بل يكنّيه ابا الحسن تبجيلاً، وما سمعت أحمد سمّاه

٣٩٩

قط.

قال البخاري: توفي ابن المديني ليومين بقيا من ذي القعدة سنة أربع وثلاثين ومائتين بالعسكر»(١) .

ابن حزم

وقال ابن حزم الاندلسي - فيما نقل عنه ابن تيمية -: « وأما من كنت مولاه فعلي مولاه، فلا يصح من طريق الثقات أصلاً »(٢) .

أقول: أعوذ بالله من الكذب والبهتان والتفوه بمثل هذا الهذر والهذيان ولكن ابن حزم مشهور بالتعصب لبني أمية ماضيهم وباقيهم، وباعتقاده بصحة إمامتهم، حتى نسب إلى النصب لأمير المؤمنين وأهل البيت الطاهرين - عليهم الصلاة والسلام - إلى غير ذلك من مساويه وصفاته حتى أجمع فقهاء عصره على تضليله

ولا بدّ من نقل نصوص عبارات مشاهير علمائهم المحققين في ترجمته في هذا المقام:

قال الحافظ ابن حجر العسقلاني: « ولد بقرطبة سنة ٣٨٤، ونشأ في نعمة ورئاسة، وكان أبوه من الوزراء وولي هو وزارة بعض الخلفاء من بني أمية بالأندلس، ثم ترك واشتغل في صباه بالأدب والمنطق والعربية وقال الشعر وترسّل ثم أقبل على العلم فقرأ الموطأ وغيره. ثم تحوّل شافعيّاً فمضى على ذلك وقت ثم انتقل إلى مذهب الظاهر وصنف فيه وردَّ على مخالفيه.

وكان واسع الحفظ إلّا أنه لثقته بحافظته، كان يهجم على القول في التعديل والتجريح وتبيين أسماء الرواة فيقع له من ذلك أوهام شنيعة، وقد تتبع كثيراً منها الحافظ قطب الدين الحلبي ثم المصري م المحلى خاصة، وسأذكر منها أشياء.

___________________

(١). تهذيب الأسماء واللغات ١ / ٣٥٠ - ٣٥١.

(٢). منهاج السنة ٤ / ٨٦.

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424