نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٧

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار13%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 424

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 424 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 279224 / تحميل: 7360
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٧

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

الأعرابي: كان من حفّاظ الحديث والفقه، ظاهريّ المذهب. مات في ربيع الآخر سنة ٢٨٧ »(١) .

(٤٠)

رواية زكريا بن يحيى السجزي

قال النسائي: « أخبرني زكريا بن يحيى قال: حدثنا نصر بن علي قال: حدثنا عبدالله بن داود عن عبد الواحد بن أيمن، عن أبيه أن سعداً قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه فعلي مولاه »(٢) .

ترجمته

١ - الذهبي: « س - زكريا بن يحيى السجزي الحافظ، أبو عبد الرحمن خيّاط السنّة، عن شيبان وقتيبة، وعنه رفيقه س والطبراني، ثقة. ولد ١٩٥، ومات ٢٨٩ »(٣) .

٢ - ابن حجر: « قال النسائي: ثقة. وقال عبد الغني بن سعيد: حافظ ثقة »(٤) .

____________________

(١). طبقات الحفاظ ٢٨٠.

(٢). الخصائص: ٩٥.

(٣). الكاشف ١ / ٣٢٤.

(٤). تهذيب التهذيب ٣ / ٣٣٤.

٨١

(٤١)

رواية عبدالله بن أحمد

قال عبدالله: « حدثنا العباس بن الفضل الأسقاطي، ثنا الحسين بن علي، ثنا عمران بن أبان، حدثني مالك بن الحسين بن مالك بن الحويرث، حدثني أبي عن جدي قال: رقى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المنبر فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه »(١) .

وقال المتقي: « عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: شهدت عليّاً في الرحبة ينشدالناس: أنشد الله من سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه. لمـّا قام. فشهد اثنا عشر بدريّا فقالوا: نشهد أنّا سمعنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول يوم غدير خم: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجي أمهاتهم؟ فقلنا بلى. قال: فمن كنت مولاه فعلي مولاه، أللهم وال من والاه وعاد من عاداه. عم ع وابن جرير خط ص »(٢) .

وقال ابن كثير: « وقال أبو يعلى وعبدالله بن أحمد في مسند أبيه: ثنا القواريري، ثنا يونس بن أرقم، ثنا يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: شهدت »(٣) .

وقال عبدالله بن أحمد في فضائل علي لأبيه: « حدثنا حجاج، قال: حدثنا حمّاد، عن علي بن زيد، عن عدي بن ثابت، عن البراء - وهو ابن عازب - قال: أقبلنا مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حجة الوداع، حتى كنا بغدير خم فنودي

____________________

(١). زوائد مسند أحمد بن حنبل ( هذا الحديث من زوائد عبدالله غير الموجودة في المسند ).

(٢). كنز العمال ١٣ / ١٧١.

(٣). تاريخ ابن كثير ٧ / ٣٤٧.

٨٢

فينا الصلاة جامعة، وكسح لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بين شجرتين، وأخذ بيد علي فقال: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: ألست أولى بكل مؤمن من نفسه؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: هذا مولى من أنا مولاه، أللهم وال من والاه وعاد من عاداه، فلقيه عمر فقال: هنيئاً لك يا ابن أبي طالب، أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة ».

وعنه أيضاً: « حدثنا علي بن الحسن قال حدثنا ابراهيم بن اسماعيل عن أبيه، عن سلمة بن كهيل، عن أبي ليلى الكندي أنه حدّثه قال: سمعت زيد بن أرقم يقول ونحن ننتظر جنازة، فسأله رجل من القوم فقال: يا أبا عامر أسمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم غدير خم يقول لعلي: من كنت مولاه فعلي مولاه؟ قال: نعم. قال أبو ليلى: فقلت لزيد بن أرقم: قالها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ قال: نعم قالها أربع مرات ».

و عنه أيضاً: « حدثنا عبدالله بن الصقر سنة تسع وتسعين [ سبعين ] ومائتين قال: حدّثنا يعقوب بن حمدان بن كاسب قال: حدثنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن أبيه وربيعة الجرشي أنه ذكر علياً [ علي ] عند رجل وعنده سعد بن أبي وقاص فقال له سعد: أتذكر علياً!! إن له مناقب أربعاً، لئن تكون لي واحدة منهن أحبّ إلي من كذا وكذا وذكر حمر النعم، قوله: لأعطينّ الرّاية. وقوله أنت منّي بمنزلة هارون من موسى. وقوله: من كنت مولاه فعلي مولاه. ونسي سفيان واحدة»(١) .

ترجمته

١ - عبد الغني المقدسي: « قال أبوبكر الخطيب: كان ثقة ثبتاً فهماً وقال أبو الحسين بن المنادي ما زلنا نرى أكابر شيوخنا يشهدون له بمعرفة الرّجال. وعلل الحديث والأسماء والكنى، والمواظبة على طلب الحديث في العراق وغيرها، ويذكرون عن أسلافهم الإقرار له بذلك، حتى أنّ بعضهم يسرف في تقريظه إيّاه

____________________

(١). فضائل علي - مخطوط.

٨٣

بالمعرفة وزيادة السّماع للحديث على أبيه »(١) .

٢ - ابن حجر: « وقال ابن عدي: نبل بأبيه، وله في نفسه محل في العلم، ولم يكتب عن أحد إلّا من أمره أبوه أن يكتب عنه وقال النسائي ثقة. وقال السلمي: سألت الدار قطني عن عبدالله بن أحمد وحنبل بن إسحاق، فقال: ثقتان نبيلان. وقال أبوبكر الخلال: كان عبدالله رجلاً صالحاً صادق اللهجة كثير الحياء »(٢) .

٣ - الذهبي: « وفيها توفي الحافظ: أبو عبد الرحمن عبدالله بن أحمد وكان إماماً خبيراً بالحديث وعلله، مقدّماً فيه، وكان من أروى الناس عن أبيه، وقد سمع من صغار شيوخ أبيه، وهو الذي رتّب مسند والده »(٣) .

(٤٢)

رواية علي بن محمد المصيصي

قال النسائي: « أخبرنا علي بن محمد [ بن علي ] قاضي المصيصة، قال:

حدثنا خلف قال: حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق قال: حدثني سعيد بن وهب أنه قام مما يليه ستة. وقال زيد بن يثيع: وقام مما يليني ستة، فشهدوا أنهم سمعوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه »(٤) .

____________________

(١). الكمال في معرفة الرجال - مخطوط. باختصار.

(٢). تهذيب التهذيب ٥ / ١٤٣.

(٣). العبر في خبر من غبر - حوادث ٢٩٠.

(٤). الخصائص ٩٦. مع اختلاف يسير في بعض الألفاظ. وفيه بدل « اسرائيل » « شعبة ».

٨٤

ترجمته

قالابن حجر: « س - علي بن محمد بن علي بن أبي المضا المصيصي، قاضيها قال النسائي: ثقة وذكره ابن حبان في الثقات. قلت: ذكره مسلمة ابن قاسم وقال: ثقة، وقال النسائي في مشيخته: نعم الشيخ كان »(١) .

(٤٣)

رواية إبراهيم بن يونس

الملقب بـ « حرمي »

قال النسائي: « أخبرنا حرمي بن يونس بن محمد الطرسوسي، قال: أخبرنا أبو غسّان قال: أخبرنا عبد السّلام، عن موسى الصغير، عن عبد الرحمن بن سابط عن سعد قال: كنت جالساً فتنقّصوا علي بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه فقلت: لقد سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: إن له خصالاً ثلاثاً، لئن يكون لي واحدة منهن أحبّ إليّ من حمر النعم، سمعته يقول: إنه منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبي بعدي. وسمعته يقول: لأعطين الرّاية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله. وسمعته يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه »(٢) .

ترجمته

١ - الذهبي: « س - إبراهيم بن يونس بن محمد المؤدب، عن. أبيه وعثمان

____________________

(١). تهذيب التهذيب ٧ / ٣٨٠ ووثقه ابن حجر في تقريب التهذيب ٢ / ٤٤.

(٢). الخصائص ٤٩ - ٥٠ مع اختلاف بسيط.

٨٥

ابن عمر. وعنه: س وجماعة، ثقة »(١) .

٢ - ابن حجر: « صدوق، من الحادية عشرة »(٢) .

(٤٤)

رواية أبي بكر البزّار

« حدثنا يوسف بن موسى القطّان ومحمد بن عثمان بن كرامة - واللفظ ليوسف - قالا: نا عبيدالله بن موسى قال: نا فطر عن أبي الطفيل قال: سمعت علياً - وهو ينشد الناس في الرحبة -: أنشد لله كلّ امرئ مسلم سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول يوم غدير خم ما قال إلاّ قام، فقام ناس من الناس، فشهدوا أنا رأينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أخذ بيد علي وهو يقول: ألست أولى بالمسلمين من أنفسهم؟ قالوا: بلى يا رسول الله قال: من كنت مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.

و هذا الحديث قد روي عن علي من غير وجه. ورواه عن أبي الطفيل عن علي فطر. ورواه معروف بن خرّبوذ » ٢ / ١٣٣.

« حدثنا يوسف بن موسى قال: نا مالك بن إسماعيل قال: حدّثني جعفر الأحمر عن يزيد بن أبي زياد. وعن مسلم بن سالم قالا: نا عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: سمعت علياً ينشد الناس يقول: أُنشد امرءاً مسلماً سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم غدير خم إلّا قام، فقام اثنا عشر رجلاً فقالوا: أخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيد علي ثم قال: أيها الناس ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه. اللهم

____________________

(١). الكاشف ١ / ٩٧.

(٢). تقريب التهذيب ١ / ٤٧.

٨٦

وال من والاه وعاد من عاداه » ٢ / ٢٣٥.

« حدثنا يوسف بن موسى قال: نا عبيدالله بن موسى عن فطر بن خليفة عن أبي إسحاق عن عمرو ذي مر، وعن سعيد بن وهب وعن زيد بن يثيع قالوا: سمعنا علياً يقول: نشدت الله رجلاً سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول يوم غدير خم لما قام، فقام إليه ثلاثة عشر رجلاً فشهدوا أن رسول الله قال: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى يا رسول الله فأخذ بيد علي فقال: من كنت مولاه فهذا مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وأحبّ من أحبّه وأبغض من أبغضه، وانصر من نصره واخذل من خذله » ٣ / ٣٥.

قال المتقي الهندي: « عن أبي إسحاق، عن عمرو ذي مر وسعيد بن وهب وزيد بن يثيع قالوا: سمعنا عليّاً يقول: نشدت الله رجلاً سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول يوم غدير خم ما قال لمـّا قام. فقام ثلاثة عشر رجلا، فشهدوا أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال فأخذ بيد علي قال: من كنت مولاه فعلي مولاه أللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وأحب من أحبه وأبغض من أبغضه، وانصر من نصره واخذل من خذله. البزار وابن جرير والخلعي في الخلعيات. قال الهيثمي: رجال إسناده ثقاة. قال ابن حجر: ولكنّهم شيعة»(١) .

ترجمته

قال السيوطي: « البزار - الحافظ العلامة الشهير: أبوبكر أحمد بن عمرو ابن عبد الخالق البصري، صاحب المسند الكبير المعلل، رحل في آخر عمره إلى أصفهان والشام ينشر علمه. مات بالرملة سنة ٢٩٢ »(٢) .

____________________

(١). كنز العمال ١٣ / ١٥٨.

(٢). طبقات الحفاظ ٢٨٥، وله ترجمة في: تذكرة الحفاظ ٢ / ٦٥٣ والعبر ٢ / ٩٢ وتاريخ بغداد ٤ / ٣٣٤ وشذرات الذهب ٢ / ٢٠٩ والنجوم الزاهرة ٣ / ١٥٧.

٨٧

(٤٥)

رواية النسائي

علم روايته من موارد متعددة من الكتاب، حيث رواه بطرق مختلفة.

ورواه عنه جماعة من الحفاظ في كتبهم، كابن كثير في ( تاريخه ) والسيوطي في ( الجامع الصغير) كما تقدم، وفي ( الدر المنثور ) بتفسير قوله تعالى:( النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ) .

ترجمته

الذهبي: « وفيها توفي الإِمام، أحد الأعلام، صاحب التّصانيف، أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي النسائي وكان رئيساً نبيلاً، حسن البزّة، كبير القدر قال ابن المظفر الحافظ: سمعتهم بمصر يصفون اجتهاد النسائي في العبادة بالليل والنهار، وقال الدار قطني: خرج حاجّاً فامتحن بدمشق وأدرك الشّهادة، فقال: احملوني إلى مكة فحمل، وتوفي بها في شعبان قال: وكان أفقه مشايخ مصر في عصره، وأعلمهم بالحديث »(١) .

وسيأتي تفصيل ترجمته فيما بعد إن شاء الله.

____________________

(١). العبر - حوادث سنة ٣٠٣.

٨٨

(٤٦)

رواية أبي العباس حسن بن سفيان

قال الحافظ ابن كثير: « وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي والحسن بن سفيان: ثنا هدبة، ثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد وأبي هارون، عن عدي بن ثابت عن البراء قال: كنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حجة الوداع، فلما أتينا على غدير خم كسح لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تحت شجرتين، ونودي في الناس الصلاة جامعة، ودعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليّاً وأخذ بيده فأقامه عن يمينه فقال: ألست أولى بكلّ امرئ من نفسه؟ قالوا: بلى. قال: فإنّ هذا مولى من أنا مولاه. أللهم وال من والاه وعاد من عاداه، فلقيه عمر بن الخطاب فقال: هنيئاً لك أصبحت وأمسيت مولى كلّ مؤمن ومؤمنة »(١) .

ترجمته

١ - السمعاني: « كان محدّث خراسان في عصره، وكان مقدّماً في الفقه والعلم والأدب، وله الرحلة إلى العراق والشام ومصر، تفقّه على أبي ثور إبراهيم بن خالد الكلبي، وكان يفتي على مذهبه وكان إليه الرحلة بخراسان من أقطار الأرض

ومات في سنة ٣٠٣، وقبره بقرية بالوز مشهور يزار، زرته »(٢) .

٢ - الذهبي: « وفيها الحافظ الكبير أبو العباس الحسن بن سفيان

____________________

(١). تاريخ ابن كثير ٥ / ٢٠٩.

(٢). الأنساب - البالوزي. وانظر: النسوي.

٨٩

وكان ثقة حجة، واسع الرحلة قال الحاكم: كان محدّث خراسان في عصره مقدماً في التثّبت والكثرة والفهم والأدب والفقه، توفي في رمضان »(١) .

٣ - السيوطي: « الحسن بن سفيان بن عامر، الحافظ الإِمام شيخ خراسان »(٢) .

(٤٧)

رواية أبي يعلى الموصلي

علم روايته من عبارة الحافظ ابن كثير السابقة، وهو المراد من « ع » في ( كنز العمال ) في ما تقدم.

وإليك نص روايته في ( المسند ):

« حدثنا القواريري، حدثنا يونس بن أرقم، حدثنا يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلي قال: شهدت علياً في الرحبة يناشد الناس: أنشد الله عن سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول في يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه. لما قام فشهد. قال عبد الرحمن: فقام اثنا عشر بدرّيا - كأنّي أنظر إلى أحدهم عليه سراويل - فقالوا: نشهد أنّا سمعنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول يوم غدير خم: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجي أمهّاتهم؟ قلنا: بلى يا رسول الله. قال: فمن كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ». ١ / ٤٢٨.

« حدثنا أبوبكر، حدثنا شريك، عن أبي يزيد الأودي، عن أبيه، قال:

____________________

(١). العبر حوادث سنة ٣٠٣.

(٢). طبقات الحفاظ: ٣٠٥.

٩٠

دخل أبو هريرة المسجد فاجتمع إليه الناس، فقام إليه شاب فقال: أنشدك بالله أسمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه. اللهم وال من والاه وعاد من عاداه؟ قال فقال: أشهد أني سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه » ١١ / ٣٠٧.

ترجمته

قالالذهبي: « وفيها: أبو يعلى الموصلي، أحمد بن علي بن المثنى بن يحيى التميمي الحافظ، صاحب المسند، روى عن علي بن الجعد، وغسّان بن الربيع، والكبار، وصنف التصانيف، وكان ثقة صالحاً متقناً، يحفظ حديثه، توفي وله سبع وتسعون سنة »(١) .

(٤٨)

رواية محمد بن جرير الطبري

علم روايته من عبارة المتقي في ( كنز العمال ) المتقدمة، ومن روايات أخرى مذكورة فيه، وقد عرفت سابقاً من كلمات جماعة من أعلام القوم، كياقوت الحموي، وابن كثير الدمشقي، تصنيفه مجلّداً في طرق حديث الغدير.

ترجمته

وستأتي مصادر ترجمته، وكلمات الثناء عليه فيما بعد، إنْ شاء الله، ونذكر

____________________

(١). العبر - حوادث ٣٠٧ وترجم له الذهبي في تذكرة الحفاظ ٢ / ٧٠٧ والسيوطي في طبقات الحفاظ: ٣٠٦ ووصفه بالحافظ الثقة محدث الجزيرة.

٩١

هنا كلمةاليافعي في حوادث سنة ٣١٠: « فيها - توفي ببغداد: الحبر النحرير الإِمام، أحد العلماء الأعلام، صاحب التفسير الكبير، والتاريخ الشهير، والمصنّفات العديدة، والأوصاف الحميدة، أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، كان مجتهداً لا يقلّد أحداً.

قال إمام الأئمّة المعروف بابن خزيمة: ما أعلم على الأرض أعلم من محمد ابن جرير. ولقد ظلمته الحنابلة. وقال الفقيه الإِمام مفتي الأنام أبو حامد الإِسفرايني: لو سافر رجل إلى الصين حتى يحصّل تفسير محمد بن جرير لم يكن كبيراً.

قلت: وناهيك بهذا الثناء العظيم، والمدح الكريم، من هذين الإِمامين النبيلين، ومولده بطبرستان سنة ٢٢٤. وكان ذا زهد وقناعة. توفي في أواخر شوال من السنة المذكورة. وكان إماماً في فنون كثيرة وكان ثقة »(١) .

(٤٩)

رواية أبي القاسم البغوي

قال الحافظ محبّ الدين الطبري: « عن رياح بن الحارث قال: جاء رهط الى علي بالرحبة، فقالوا: السلام عليك يا مولانا، قال: كيف أكون مولاكم وأنتم عرب؟ قالوا: سمعنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه. قال رياح: فلمـّا مضوا تبعتهم فسألت من هؤلاء؟ قالوا: نفر من الأنصار منهم [ فيهم ] أبو أيوب. خرّجه أحمد.

و عنه قال: بينما علي جالس، إذ جاء رجل فدخل وعليه أثر السّفر، فقال

____________________

(١). مرآة الجنان حوادث سنة ٣١٠.

٩٢

السّلام عليك يا مولاي قال: من هذا؟ فقال: أبو أيوب الأنصاري. قال علي: أفرجوا له. ففرجوا. فقال أبو أيوب: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه. خرّجه البغوي في معجمه »(١) .

ترجمته

قالالذهبي: « وفيها البغوي: أبو القاسم عبدالله بن محمد وكان محدثاً، حافظاً مجدّداً مصنفاً، إنتهى إليه علوّ الإِسناد في الدنيا »(٢) .

(٥٠)

رواية الحكيم الترمذي

قال العلامة ميرزا محمد بن معتمد خان البدخشاني: « أخرج الحكيم في نوادر الأصول، والطبراني بسند صحيح في الكبير، عن أبي الطفيل عن حذيفة بن أسيد رضي الله عنهما: أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خطب بغدير خم، تحت شجرة، فقال: يا أيها الناس إني قد نبّأني اللّطيف الخبير أنه لم يعمّر نبي إلّا نصف عمر الذي يليه من قبله، وإني قد يوشك أن أدعى فأجيب، وإنّي مسئول وإنكم مسئولون، فما ذا أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلّغت وجهدت ونصحت، فجزاك الله خيراً، فقال: أليس تشهدون أن لا إله إلّا الله وأنّ محمداً عبده ورسوله، وأن جنّته حق وناره حق، وأن الموت حق، وأن البعث حق بعد الموت، وأن السّاعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور؟ قالوا: بلى نشهد

____________________

(١). الرياض النضرة ٢ / ٢٢٢ - ٢٢٣.

(٢). العبر حوادث ٣١٧ وتوجد ترجمته في: تاريخ بغداد ١٠ / ١١١ وتذكرة الحفاظ ٢ / ٧٣٧ وشذرات الذهب ٢ / ٢٧٥ وطبقات الحفاظ: ٣١٢.

٩٣

بذلك. قال: أللهم اشهد. ثم قال: يا أيها الناس إنّ الله مولاي وأنا مولى المؤمنين، وأنا أولى بهم من أنفسهم، فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.

ثم قال: يا أيها الناس إني فرطكم وإنكم واردون عليّ الحوض، حوض أعرض مما بين بصرى إلى صنعاء، فيه عدد النجوم قدحان من فضة، وإني سائلكم حين تردون عليّ عن الثقلين، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، الثقل الأكبر كتاب الله عز وجل، سبب طرفه بيد الله، وطرفه بأيديكم، فاستمسكوا به، لا تضلوا ولا تبدّلوا، وعترتي أهل بيتي، وإنه قد نبّأني اللّطيف الخبير أنهما لن ينقضيا حتى يردا علي الحوض »(١) .

ترجمته

المنّاوي: « الحكيم محمد بن علي الترمذي، المؤذّن الصوفي الشّافعي، صاحب التصانيف، سمع الكثير من الحديث بالعراق ونحوه، وحدّث عن قتيبة بن سعيد وغيره، وهو من القرن الثالث من طبقة البخاري، قال السلمي: نفوه من ترمذ وشهدوا عليه بالكفر بسبب تفضيله الولاية على النّبوة، وإنما مراده ولاية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

« وقال ابن عطاء الله: كان العارفان الشاذلي والمرسي يعظّمانه جدّاً جدّاً، ولكلامه عندهما الحظوة التامة، ويقولان: هو أحد الأوتاد الأربعة. وقول ابن أبي جمرة في كتاب المختارة وابن القيم في كتاب اللمحة في الردّ على ابن طلحة: إنه لم يكن من أهل الحديث وروايته كيف وقد قال الحافظ ابن النجار في تاريخه: كان إماماً من أئمة المسلمين، له المصنّفات الكبار في أصول الدين ومعاني الحديث، لقي الأئمة الكبار وأخذ عنهم، وفي شيوخه كثرة. ثم أطال في بيانه.

____________________

(١). مفتاح النجا في مناقب آل العبا - مخطوط وهو في ( نوادر الأصول: ٦٨ - ٦٩ ): « حدثنا نصر بن علي قال: حدثنا زيد بن الحسن قال: حدثنا معروف بن خرّبوذ المكي، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة عن حذيفة بن أسيد الغفاري

٩٤

وقال السلمي في الطبقات: له اللّسان العالي والكتب المشهورة، وقال القشيري في الرسالة: هو من كبار الشيوخ، وأطال في الثناء عليه. وقال الحافظ أبو نعيم في الحلية: له التّصانيف الكثيرة في الحديث، وهو مستقيم الطريقة تابع للأثر وقال الكلابادي في التعرّف: هو من أئمّة الصوفية. الى غير ذلك من الكلام في شأن هذا الامام، وإنما أطلت فيه دفعاً لذلك الإِفتراء، فلا تكن من أهل المراء »(١) .

(٥١)

رواية الطحاوي

قال الطّحاوي: « باب بيان مشكل ما روي عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، من قوله يوم غدير خم لعلي: من كنت مولاه فعلي مولاه.

حدثنا ابراهيم بن مرزوق، ثنا أبو عامر العقدي، ثنا يزيد بن كثير، عن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه عن علي: إنّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حضر الشجرة بخم، فخرج آخذاً بيد علي فقال: يا أيّها الناس ألستم تشهدون أن الله ربكم؟ قالوا: بلى. قال: ألستم تشهدون أن الله ورسوله أولى بكم من أنفسكم، وأنّ الله ورسوله مولاكم؟ قالوا: بلى. قال: من كنت مولاه فعلي مولاه. إني قد تركت فيكم ما إن أخذتم لن تضلّوا بعدي، كتاب الله بأيديكم وأهل بيتي.

حدثنا أبو أمية، ثنا سهيل بن عامر البجلي، ثنا عيسى بن عبد الرحمن، أخبرني أبو إسحاق السبيعي ( بياض في النسخة ): سمعت عليّاً ينشد الناس في الرحبة: من سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول يوم غدير خم إلّا قام، فقام بضعة عشر رجلا فشهدوا أنّهم سمعوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم غدير خم يقول: أللهم من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه

____________________

(١). فيض القدير في شرح الجامع الصغير ١ / ١١٦.

٩٥

وعاد من عاداه، وأحب من أحبه وأبغض من أبغضه، وأعن ما أعانه وانصر من نصره، واخذل من خذله.

وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: سمعت عليّاً ينشد يقول: أشهد الله كل امرئ سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول يوم غدير خم إلّا قام. فقام اثنا عشر بدريّاً. فقالوا: أخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بيد علي فرفعها، فقال: يا أيها الناس ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: أللهم من كنت مولاه فهذا علي مولاه، وذكر الحديث.

قال أبو جعفر: فدفع دافع هذا الحديث، وزعم أنه مستحيل، وذكر أن عليّاً لم يكن مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في خروجه إلى الحج من المدينة، الذي مرّ في طريقه بغدير خم، لأنّ غدير خم إنّما هو بالجحفة، وذكر في ذلك ما قد حدثنا أحمد بإسناده، قال: ثنا جعفر بن محمد عن أبيه قال دخلنا على جابر بن عبدالله، فذكر حديثه في حجّة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال: فقدم علي من اليمن ببدن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ثم ذكر بقية الحديث.

قال أبو جعفر: فهذا الحديث صحيح الإِسناد، لا طعن لأحد في رواته، فيه أن ذلك القول كان من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي بغدير خم في رجوعه من حجّه إلى المدينة لا في خروجه لحجّه من المدينة »(١) .

ترجمته

١ - اليافعي: « وفيها أبو جعفر أحمد بن محمد الأزدي الطّحاوي، الفقيه الحنفي المصري، برع في الفقه والحديث، وصنّف التصانيف المفيدة، قال الشيخ أبو إسحاق: انتهت إليه رئاسة الحنفية بمصر »(٢) .

٢ - السيوطي: « الطحاوي - الإِمام العلّامة الحافظ، صاحب التصانيف البديعة، أبو جعفر وكان ثقة ثبتاً فقيهاً، لم يخلّف مثله، إنتهت إليه رياسة

____________________

(١). مشكل الآثار ٢ / ٣٠٨ - ٣٠٩.

(٢). مرآة الجنان حوادث ٣٢١.

٩٦

أصحاب أبي حنيفة. ولد سنة ٢٣٧، وله معاني الآثار »(١) .

(٥٢)

رواية ابن عبد ربّه

قال أبوعمر أحمد بن محمد بن عبد ربه: « أسلم علي وهو ابن عشر سنين، وهو أوّل من شهد أن لا إله إلّا الله وأن محمّداً رسول الله، وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه فعلي مولاه، أللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وأنصر من نصره واخذل من خذله، وأدر الحق معه حيث دار. وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي »(٢) .

وروى ابن عبد ربه احتجاج المأمون على الفقهاء، المشتمل على حديث الغدير، ضمن جملةٍ من فضائل عليعليه‌السلام ، وهو خبر طويل(٣) .

ترجمته

قالابن خلكان: « أبو عمر أحمد بن محمد بن عبد ربه كان من العلماء المكثرين من المحفوظات، والاطلاع على اخبار الناس، وصنّف كتابه ( العقد )، وهو من الكتب الممتعة، وتوفي يوم الأحد ثامن عشر جمادى الأولى سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة »(٤) .

____________________

(١). طبقات الحفاظ: ٣٣٧. وله ترجمة في: تذكرة الحفاظ ٣ / ٧٠٨، وفيات الأعيان ١ / ١٩، تاريخ ابن كثير ١١ / ١٧٤ الجواهر المضية في طبقات الحنفية ١ / ١٠٢ طبقات المفسرين للداودي ١ / ٧٣.

(٢). العقد الفريد ٤ / ٣١١.

(٣). المصدر نفسه ٥ / ٩٢ - ١٠٢.

(٤). وفيات الأعيان ١ / ٩٢.

٩٧

(٥٣)

رواية المحاملي

أخرج الحديث في كتاب ( الأمالي ) حيث قال:

« حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن سلمة بن كهيل قال: سمعت أبا الطفيل يحدّث عن أبي سريحة أو زيد بن أرقم - شعبة الشاك - قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه فعلي مولاه. قال سعيد بن جبير: وأنا سمعت مثل هذا عن ابن عباس » ٨٥.

« ثنا الحسين، حدثنا عبد الأعلى بن واصل قال: ثنا مالك بن إسماعيل عن جعفر بن زياد الأحمر، عن يزيد بن أبي زياد ومسلم بن سالم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: سمعت علياًعليه‌السلام ينشد الناس يقول: أنشد الله أمرأً مسلماً سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول يوم غدير خم ما يقول إلّا خبّر. فقام أثنا عشر بدريّاً فقالوا: أخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيد علي فرفعها وقال: أيّها الناس ألست - وانقطع على القاضي الحديث - وفي آخره قال: وال من والاه وعاد من عاداه » ١٦٢.

قال الحافظ السيوطي: « علي بن أبي طالب مولى من كنت مولاه. المحاملي في أماليه عن ابن عباس »(١) .

وقال المتقي: « علي بن أبي طالب مولى من كنت مولاه، المحاملي في أماليه عن ابن عباس»(٢) .

____________________

(١). الجامع الصغير ٢ / ٦٦.

(٢). كنز العمال ١١ / ٦٠٣.

٩٨

وقال القاري: « وفي الجامع: رواه أحمد وابن ماجة عن البراء، وأحمد عن بريدة، والترمذي والنسائي والضّياء عن زيد بن أرقم، ففي إسناد المصنّف الحديث عن زيد بن أرقم إلى أحمد والترمذي مسامحة لا تخفى، و في رواية لأحمد والنسائي والحاكم عن بريدة بلفظ: من كنت ولّيه فعليّ وليّه، و روى المحاملي في أماليه عن ابن عباس، ولفظه: علي بن أبي طالب مولى من كنت مولاه »(١) .

ترجمته

١ - السمعاني: « أبو عبدالله الحسين بن إسماعيل بن سعيد بن أبان الضبّي المحاملي، كان فاضلاً صادقاً ديّناً ثقة صدوقاً وكان يحضر مجلس إملائه عشرة آلاف رجل، وكان ولادته في خمس أو ست وثلاثين ومائتين، ومات في شهر ربيع الآخر سنة ٣٣٠ »(٢) .

٢ - اليافعي: « وفيها: الإِمام الكبير القاضي أبو عبدالله المحاملي الشهير »(٣) .

٣ - السيوطي: « المحاملي القاضي الإِمام العلّامة الحافظ، شيخ بغداد ومحدّثها، أبو عبدالله الحسين بن إسماعيل صنّف وجمع، روى عنه: دعلج والدارقطني، وكان فاضلاً ديّناً صدوقاً، و ولّي قضاء الكوفة سنتين ثم استعفى، وكان يحضر بمجلسه عشرة آلاف رجل، مات في ربيع الآخر سنة ٣٣٠ »(٤) .

(٥٤)

رواية أبي العباس ابن عقدة

لقد علم سابقاً أن لأبي العباس أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي المعروف بابن عقدة، كتاباً مفرداً في طرق حديث الغدير، وقد صرّح بذلك كلّ من ابن تيمية، وابن حجر العسقلاني، والشيخاني القادري، ونور الدين السمهودي،

____________________

(١). مرقاة المفاتيح في شرح مشكاة المصابيح ٥ / ٥٦٨.

(٢). الأنساب - المحاملي.

(٣). مرآة الجنان حوادث ٣٣٠.

(٤). طبقات الحفاظ: ٣٤٣. وفيه بدل « سنتين »: ستين سنة ».

٩٩

والمناوي، ومحمد البدخشاني.

ولنذكر أحد ألفاظ روايته:

قال السمهودي: « عن أبي الطفيل: إنّ عليّاًرضي‌الله‌عنه قام فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أنشد الله من شهد يوم غدير خم إلّا قام، ولا يقوم رجل يقول إني نبئت أو بلغني، إلّا رجل سمعت أذناه ووعاه قلبه، فقام سبعة عشر رجلاً منهم: خزيمة بن ثابت، وسهل بن سعد، وعدي بن حاتم، وعقبة بن عامر، وابو أيوب الأنصاري، وأبو سعيد الخدري، وأبو شريح الخزاعي، وأبو قدامة الأنصاري، وأبو ليلى، وابو الهيثم بن التّيهان، ورجال من قريش، فقال عليرضي‌الله‌عنه وعنهم: هاتوا ما سمعتم، فقالوا: نشهد أنّا أقبلنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حجة الوداع، حتى إذا كان الظهر خرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأمر بشجرات فشذبن، وألقي عليهنّ ثوب، ثم نادى بالصلاة، فخرجنا فصلّينا، ثم قام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيّها الناس ما أنتم قائلون؟ قالوا: قد بلّغت قال: أللهم اشهد، ثلاث مرات، قال: إني أوشك أن أدعى فأجيب، وإني مسئول وأنتم مسئولون، ثم قال: ألا إنّ دمائكم وأموالكم حرام، كحرمة يومكم هذا وحرمة شهركم هذا. أوصيكم بالنساء، أوصيكم بالجار، أوصيكم بالمماليك أوصيكم بالعدل والإحسان. ثم قال: أيّها الناس إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض، نبّأني بذلك العليم الخبير. وذكر الحديث في قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من كنت مولاه فعلي مولاه.

فقال علي: صدقتم، وأنا علي ذلك من الشاهدين.

أخرجه ابن عقدة من طريق محمد بن كثير عن فطر وأبي الجارود، كلاهما عن أبي الطفيل »(١) .

ترجمته

تقدمت ترجمته سابقاً فلا حاجة إلى الاعادة.

____________________

(١). جواهر العقدين - مخطوط.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

لكن يبعد أن يفوز بها وهي [ حادثة ](١) في ملك غيره ، ثمّ لا يحتسبها من المبيع ، فإذا فاز بها فليقدّر كأنّها وُجدت يوم البيع(٢) .

ولنذكر مثالاً في اختلاف قيمة الأشجار والثمار.

فنقول : كانت قيمة الشجرة يوم البيع عشرةً ، وقيمة الثمرة خمسةً ، فلو لم تختلف القيمة ، لأخذ الشجرة بثلثي الثمن(٣) .

ولو زادت قيمة الثمرة فكانت عشرةً يوم البيع ، فكما لو كانت القيمة بحالها على أشهر الوجهين. وعلى الآخَر : يُضارب بنصف الثمن. ولو نقصت فكانت يوم القبض درهمين ونصفاً ، يُضارب بخُمْس الثمن.

ولو زادت قيمة الشجرة أو نقصت ، فالحكم على الوجه الثاني كما لو بقيت بحالها. وعلى الأوّل كذلك إن نقصت. وإن زادت وكانت خمسة عشر ، ضارَب بربع الثمن.

تذنيبان :

أ : إذا اعتبرنا في الثمار أقلّ القيمتين ، فلو كانتا متساويتين لكن وقع بينهما نقصان‌ ، نُظر إن كان بمجرّد انخفاض السوق ، فلا عبرة به. وإن كان لعيبٍ طرأ وزال ، فكذلك على الظاهر ، كما أنّه يسقط بزواله حقّ الردّ. وإن لم يزل العيب لكن عادت قيمته إلى ما كان بارتفاع السوق ، اعتبرت قيمته يوم العيب ، دون البيع والقبض ؛ لأنّ النقصان الحاصل من ضمان البائع‌

____________________

(١) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « جارية ». والمثبت من المصدر.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٣.

(٣) في العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٣ ، وروضة الطالبين ٣ : ٣٩٩ زيادة : « وضارب للثمرة بالثلث ».

١٤١

والارتفاع بعده في ملك المشتري لا يصلح جابراً له.

ب : إن اعتبرنا في الأشجار أكثر القيمتين ، فلو كانت قيمة الشجرة يوم العقد مائةً وخمسين‌ ، ويوم الرجوع إلى البائع مائتين ، فالوجه القطع باعتبار المائتين. ولو كانت قيمتها مائتين يوم العقد ويوم القبض ، ويوم الرجوع مائةً ، اعتبر يوم الرجوع ، فإنّ ما طرأ من زيادة وزال ليس ثابتاً يوم العقد حتى نقول : إنّه وقت المقابلة ، ولا يوم أخذ البائع [ حتى ](١) يحسب [ عليه ](٢) .

ولقائلٍ أن يقول : هذا إن استقام في طرف الزيادة ، تخريجاً على ما سبق أنّ ما فاز به البائع من الزيادة الحادثة(٣) عند المشتري يُقدَّر كالموجود عند البيع ، فلا يستقيم في طرف النقصان ؛ لأنّ النقصان الحاصل في يد المشتري كعيبٍ حدث في المبيع.

وإذا رجع البائع على العين المبيعة ، لزمه القناعة بها ، ولا يطالب المشتري للعيب بشي‌ء.

مسألة ٣٦٨ : قد ذكرنا أوّلاً أنّ الزيادة إمّا أن تكون حاصلةً لا من خارجٍ‌ ، وقد ذكرنا أقسامه وأحكام تلك الأقسام ، وإمّا أن تكون من خارجٍ. وأقسامها ثلاثة :

أ : أن تكون عيناً محضة.

ب : أن تكون صفةً محضة.

ج : ما يتركّب منهما.

____________________

(١) ما بين المعقوفين يقتضيه السياق.

(٢) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « عليك ». والظاهر ما أثبتناه.

(٣) في « ج » : « الحاصلة » بدل « الحادثة ».

١٤٢

أمّا الأوّل فله ضربان :

أ : أن تكون قابلةً للتميّز عن المبيع.

ب : أن لا تكون قابلةً للتميّز.

فالأوّل كما إذا اشترى أرضاً فغرس فيها أو بنى ثمّ أفلس قبل إيفاء الثمن وأراد البائع الرجوعَ في أرضه ، فإن اتّفق الغرماء والمفلس على القلع وتفريغ الأرض وتسليمها بيضاء ، رجع فيها ؛ لأنّ ذلك الحقّ لهم لا يخرج من بينهم ، فإذا فعلوا ، فللبائع الرجوع في أرضه ؛ لأنّه وجد متاعه بعينه.

وهل يرجع قبل القلع أو بعده؟

قال بعض الحنابلة : لا يستحقّه حتى يوجد القلع ؛ لأنّ قبل القلع لم يدرك متاعه إلّا مشغولاً بملك المشتري(١) .

وقال الشافعي : يرجع قبله وهُمْ يشتغلون بالقلع ، وهو قول أكثر الحنابلة(٢) .

وليس له أن يلزمهم أخذ قيمة الغراس والبناء ليتملّكها مع الأرض.

وإذا قلعوا الغراس والبناء ، وجب تسوية الحُفَر من مال المفلس.

وإن حدث في الأرض نقصٌ بالقلع ، وجب أرش النقص في ماله.

ويضارب به أو يقدَّم؟ قال بعض الشافعيّة : يقدَّم على سائر الديون ؛ لأنّه لتخليص ماله وإصلاحه ، فكان عليه ، كما لو دخل فصيلٌ دارَ إنسانٍ فكبر فلم يمكنه إخراجه إلّا بهدم بابها ، فإنّ الباب يُهدم ليخرج ، ويضمن صاحبه ما نقص ، بخلاف ما لو وجد البائع عين ماله ناقصةً فرجع فيها ، فإنّه‌

____________________

(١) المغني ٤ : ٥١٣ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٢٩.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٣٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٠٠ ، المغني ٤ : ٥١٣ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٢٩.

١٤٣

لا يرجع في النقص ؛ لأنّ النقص كان في ملك المفلس ، وهنا النقص حدث بعد رجوعه في العين ، فلهذا ضمنوه ، ويضرب بالنقص مع الغرماء(١) .

وإن قلنا : ليس له الرجوع قبل القلع ، لم يلزمهم تسوية الحُفَر ولا أرش النقص ؛ لأنّهم فعلوا ذلك في أرض المفلس قبل رجوع البائع فيها ، فلم يضمنوا النقص ، كما لو [ قلعه ](٢) المفلس قبل فلسه.

ولو اختلفوا ، فقال المفلس : يقلع ، وقال الغرماء : نأخذ القيمة من البائع ليتملّكه ، أو بالعكس ، أو وقع هذا الاختلاف بين الغرماء ، أُجيب مَن المصلحةُ في قوله.

ولو امتنع الغرماء والمفلس معاً من القلع ، لم يُجبروا عليه ؛ لأنّه حين البناء والغرس لم يكن متعدّياً بهما ، بل فَعَل ذلك بحقٍّ ، ومفهوم قولهعليه‌السلام : « ليس لعِرْق ظالمٍ حقٌّ »(٣) أنّه إذا لم يكن ظالماً ، فله حقٌّ.

وحينئذٍ يُنظر إن رجع على أن يتملّك البناء والغراس مع الأرض بقيمتها ، أو يقلع ويغرم أرش النقص ، فله ذلك ؛ لأنّ الضرر يندفع من الجانبين بكلّ واحدٍ من الطريقين ، والاختيار فيهما إليه.

وليس للمفلس ولا للغرماء الامتناع من القبول ؛ لأنّ مال المفلس معرَّض(٤) للبيع ، فلا يختلف غرضهم بين أن يتملّكه البائع أو يشتريه‌

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٣٢ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٩٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٠٠ ، ولاحِظ : المغني ٤ : ٥١٣ - ٥١٤ ، والشرح الكبير ٤ : ٥٢٩.

(٢) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « قطعه ». والظاهر ما أثبتناه.

(٣) صحيح البخاري ٣ : ١٤٠ ، سنن أبي داوُد ٣ : ١٧٨ / ٣٠٧٣ ، سنن الترمذي ٣ : ٦٦٢ / ١٣٧٨ ، سنن الدار قطني ٣ : ٣٦ / ١٤٤ ، الموطّأ ٢ : ٧٤٣ / ٢٦ ، مسند أحمد ٦ : ٤٤٦ - ٤٤٧ / ٢٢٢٧٢.

(٤) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « متعرض ». والظاهر ما أثبتناه.

١٤٤

أجنبيّ ، ويخالف هذا ما إذا زرع المشتري الأرض وأفلس(١) ورجع البائع في الأرض حيث لا يتمكّن من تملّك الزرع بالقيمة ولا من القلع وغرامة الأرش ؛ لأنّ للزرع أمداً منتظَراً يسهل احتماله ، والغراس والبناء للتأبيد ، قال كلَّ ذلك الشافعي(٢) .

وقال أحمد : إذا بذل البائع قيمة الغرس والبناء ليكون له ذلك ، أو قال : أنا أقلع وأغرم الأرش ، فإن قلنا : له الرجوع قبل القلع ، فله ذلك ؛ لأنّ البناء و(٣) الغراس حصل في ملكه لغيره بحقٍّ ، فكان له أخذه بقيمته ، أو قلعه وضمان نقصه ، كالشفيعِ إذا أخذ الأرض وفيها غراس وبناء للمشتري ، والمعيرِ إذا رجع في أرضه بعد غرس المستعير. وإن قلنا : ليس له الرجوعُ قبل القلع ، لم يكن له ذلك ؛ لأنّ المفلس بنى وغرس في ملكه ، فلم يُجبر على بيعه لهذا البائع ولا على قلعه ، كما لو لم يرجع في الأرض(٤) .

وليس عندي بعيداً من الصواب أن يقال : ليس للبائع إجبار المفلس والغرماء على القلع ودفع الأرش ، ولا على دفع قيمة البناء والغرس ، بل إمّا أن يختار العين أو يمضي البيع ، فإن اختار العين وفسخ البيع ، لم يكن له القلع ولا دفع القيمة ، بل يرجع والأرض مشغولة بهذا البناء والغراس ، فتكون قد تعيّبت بالشغل بهما مؤبّداً ، فإن انهدم البناء أو قلع الغرس أو مات ، سقط حقّ المفلس ، وليس لصاحب الأرض الرجوعُ بالأُجرة مدّة مقامها(٥) فيها ؛ لأنّه إنّما يرجع في المعيب ثمّ يباع البناء أو الغراس على‌

____________________

(١) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « فلس ». والظاهر ما أثبتناه.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٤ - ٥٥.

(٣) الظاهر : « أو » بدل « و».

(٤) المغني ٤ : ٥١٤ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٣٠.

(٥) في « ث » : « بقائها ». والظاهر : « مقامهما » أو « بقائهما ».

١٤٥

صاحب الأرض أو غيره(١) مستحقَّين للبقاء.

ولأحمد قولٌ آخَر : إنّه يسقط حقّ بائع الأرض من الرجوع فيها ؛ لأنّه لم يُدرك البائع متاعَه على وجهٍ يمكنه أخذه منفرداً عن غيره فلم يكن له أخذه ، كالحجر والبناء والمسامير في الباب ، وكما لو كانت العين مشغولةً بالرهن - وهو قول بعض الشافعيّة - ولأنّ في ذلك ضرراً على المشتري والغرماء ، فإنّه لا يكون له طريق يسلكون منه إلى البناء والغراس ، ولا يزال الضرر بمثله. ولأنّه لا يحصل بالرجوع هنا انقطاع النزاع والخصومة ، بخلاف ما إذا وجدها مفرّغةً(٢) .

مسألة ٣٦٩ : لو أراد البائع الرجوعَ في الأرض وحدها وإبقاءَ الغراس والبناء للمفلس والغرماء ، أُجيب إلى ذلك‌ ، بل هو الوجه عندنا لو أراد الرجوع في العين على ما تقدّم.

وللشافعي قولان :

أحدهما : أنّه يجاب إلى ذلك ، كقولنا.

والثاني : أنّه ليس له الرجوعُ في الأرض خاصّةً ، وإبقاء البناء والغراس للمفلس.

ولأصحابه طريقان :

أحدهما : أنّ في المسألة قولين :

أحدهما - وهو اختيار المزني - : له [ أن ](٣) يرجع كذلك ، كما لو صبغ الثوبَ المشتري ثمّ [ أفلس ](٤) ، رجع(٥) البائع في الثوب ، ويكون المفلس‌

____________________

(١) في « ج ، ر » : « أو على غيره ».

(٢) المغني ٤ : ٥١٤ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٣٠ - ٥٣١.

(٣) ما بين المعقوفين يقتضيه السياق ، وكما في « العزيز شرح الوجيز ».

(٤) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « فلس ». والظاهر ما أثبتناه.

(٥) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « ورجع ». والمثبت هو الصحيح.

١٤٦

شريكاً معه بالصبغ.

وأصحّهما عنده : المنع ؛ لما فيه من الضرر ، فإنّ الغراس بلا أرض والبناء بلا مقرّ ولا ممرّ ناقص القيمة ، والرجوع إنّما يثبت لدفع الضرر ، فلا يدفع بضرر ، بخلاف الصبغ ، فإنّ الصبغ كالصفة التابعة للثوب.

والثاني : تنزيل النصّين على حالين ، وله طريقان :

أحدهما : قال بعض الشافعيّة : إنّه حيث قال : « يرجع » أراد ما إذا كانت الأرض كثيرة القيمة ، والبناء والغراس مستحقرين بالإضافة إليها ، وحيث قال : « لا يرجع » أراد ما إذا كانت الأرض مستحقرةً بالإضافة إليهما. والمعنى في الطريقين اتّباع الأقلّ للأكثر.

ومنهم مَنْ قال : حيث قال : « يرجع » أراد ما إذا رجع في البياض المتخلّل بين الأبنية والأشجار ، وضارَب للباقي بقسطه من الثمن ، [ يُمكّن ](١) منه ؛ لأنّه ترك بعض حقّه في العين.

فإذا فرّعنا على طريقة القولين ، فإن قلنا : ليس له الرجوعُ في الأرض وإبقاء البناء(٢) والغراس للمفلس ، فللبائع ترك الرجوع ، ويُضارب مع الغرماء بالثمن ، أو يعود إلى بذل قيمتهما أو قلعهما وغرامة أرش النقصان ، فإن مكّنّاه منه فوافق البائع الغرماء وباع الأرض معهم حين باعوا البناء والغراس ، فذلك.

وإن أبى فهل يُجبر؟ فيه للشافعيّة قولان :

____________________

(١) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « يتمكّن ». والظاهر ما أثبتناه كما في « العزيز شرح الوجيز ».

(٢) فيما عدا « ث » من النسخ الخطّيّة والحجريّة : « العين » بدل « البناء ».

١٤٧

أحدهما : يُجبر ، كما في مسألة الصبغ.

وأصحّهما عندهم : لا يُجبر ؛ لأنّ إفراد البناء والغراس بالبيع ممكن ، بخلاف الصبغ.

فإذا لم يوافقهم فباعوا البناء والغراس ، بقي للبائع ولاية التملّك بالقيمة والقلع مع غرامة الأرش ، وللمشتري الخيار في المبيع إن كان جاهلاً بحال ما اشتراه(١) .

واعلم أنّ الجويني نقل أربعة أقوال في هذه المسألة.

أ : أن يقال : إنّ البائع فاقد عين ماله ، ولا رجوع بحال ؛ لأنّ الرجوع في الأرض ينقص قيمة البناء والغراس.

ب : أنّ الأرض والبناء أو الغراس يُباعان معاً ، دفعاً للخُسْران عن المفلس ، كما في الثوب المصبوغ.

ج : أنّه يرجع في الأرض ، ويتخيّر بين أُمور ثلاثة : إمّا تملّك البناء والغراس بالقيمة ، وإمّا قلعهما مع غرامة أرش النقصان ، وإمّا إبقاؤهما بأُجرة المثل تؤخذ من مالكهما(٢) .

فإذا عيّن واحدةً من هذه الخصال الثلاث فاختار المفلس والغرماء غيرها أو امتنعوا من الكلّ ، فللشافعيّة وجهان في أنّه يرجع إلى الأرض ويقلع مجّاناً ، أو يُجبرون على ما عيّنه(٣) .

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٠٠ - ٤٠١.

(٢) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « مالكها ». والصحيح ما أثبتناه ، كما في المصدر أيضاً.

(٣) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « عيّنوا » بدل « عيّنه ». والصحيح ما أثبتناه كما في المصدر أيضاً.

١٤٨

د : أنّه إن كانت قيمة البناء أكثر ، فالبائع فاقد عينٍ. وإن كانت قيمة الأرض أكثر ، فواجدٌ(١) .

مسألة ٣٧٠ : لو اشترى من رجل أرضاً فارغة واشترى من آخَر غرساً وغرسه في تلك الأرض ثمّ أفلس ، كان لصاحب الأرض الرجوعُ فيها ، ولصاحب الغراس الرجوعُ فيه.

ثمّ يُنظر فإن أراد صاحب الغراس قلعه ، كان له ذلك ، وعليه تسويةُ الحُفَر ؛ لأنّه لتخليص ماله ، وأرشُ نقص الأرض إن حصل نقصٌ.

فإن أراد صاحب الأرض أن يعطيه قيمته إن لم يختر صاحبه قلعه ، قال الشافعي : يكون له مطلقاً(٢) .

والأقوى عندي : أنّه يكون له ذلك إن رضي صاحب الغرس ، وإلّا فلا.

وإن أراد صاحب الأرض قلعه ويضمن ما نقص ، كان له.

وإن أراد قلعه بغير ضمانٍ ، فالأقرب : أنّه ليس له ذلك ؛ لأنّ غرسه ثابت في الأرض بحقٍّ ، فلا يكون له قلعه مجّاناً.

ولو كان الغراس من المفلس ، لم يُجبر على قلعه من غير ضمانٍ ، وهو أحد وجهي الشافعي.

والثاني : أنّه يجاب إلى ذلك ؛ لأنّه إنّما اشترى منه الغراس مقلوعاً ، فكان عليه أن يأخذه كذلك ، وليس له تبقيته في ملك غيره ، ويفارق المفلس ؛ لأنّه غرسه في ملكه فيثبت حقّه في ذلك(٣) .

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٥ - ٥٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٠١.

(٢) راجع : الحاوي الكبير ٦ : ٢٩٣.

(٣) راجع : الحاوي الكبير ٦ : ٢٩٣ ، والعزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٦ ، وروضة الطالبين ٣ : ٤٠١.

١٤٩

ويُحتمل عندي وجهٌ آخَر ، وهو : أن يقال : صاحب الغراس(١) لا يستحقّ الإبقاء في الأرض ، وصاحب الأرض لا يستحقّ القلع مجّاناً ؛ لأنّه أثبت بحقٍّ ، فيُقوَّم الغراس مقلوعاً وثابتاً ، ويأخذ المفلس التفاوت بينهما ؛ لأنّه مستحقّ له.

مسألة ٣٧١ : قد ذكرنا حكم الزيادة من خارجٍ ، القابلة للتميّز ، وبقي ما لا يقبله‌ ، كمزج ذوات الأمثال بعضها ببعضٍ ، مثل أن يشتري صاعاً من حنطةٍ أو شعير أو دخن أو غير ذلك من الحبوب ويمزجه بصاعٍ له ، أو يشتري مكيلةً من زيتٍ أو سمن أو شيرج أو غير ذلك من الأدهان ثمّ يمزجه بمكيلة ، وكذا جميع ذوات الأمثال إذا امتزجت بحيث لا يمكن تخليص بعضها من بعضٍ ، فأقسامه ثلاثة :

أ : أن يكون الممتزجان متماثلين ليس أحدهما أجود من الآخَر ، لم يسقط حقّه من العين - وبه قال الشافعي ومالك(٢) - ويكون له المطالبة بالقسمة ؛ لأنّ عين ماله موجودة فيه ، ويمكنه التوصّل إلى حقّه بالقسمة ؛ لأنّ الزيت كلّه سواء ، فيأخذ حقّه بالكيل أو الوزن.

وقال أحمد : يسقط حقّه من العين ؛ لأنّه لم يجد عين ماله ، فلم يكن له الرجوعُ ، كما لو تلفت. ولأنّ ما يأخذه من غير ماله ممتزجاً بعين ماله(٣)

____________________

(١) في الطبعة الحجريّة : « الغرس ».

(٢) الأُم ٣ : ٢٠٣ ، مختصر المزني : ١٠٣ ، الحاوي الكبير ٦ : ٣٠٠ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٣٣ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٩٧ ، حلية العلماء ٤ : ٥١٣ ، الوجيز ١ : ١٧٥ ، الوسيط ٤ : ٣١ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٠٢ ، المغني ٤ : ٥٠١ ، الشرح الكبير ٤ : ٥١٩ ، التفريع ٢ : ٢٥١.

(٣) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « ما يأخذه من عين ماله ممتزجاً بغير ماله ». والمثبت هو الصحيح.

١٥٠

إنّما يأخذه عوضاً عن ماله ، فلم يختصّ به دون(١) الغرماء ، كما لو تلف ماله(٢) .

ويُمنع عدم وجدانه لعين ماله ، بل وجدها ممتزجةً بغيرها.

والفرق بينه وبين التلف ظاهرٌ ؛ لأنّه نقيضه.

وما يأخذه من غير(٣) ماله وإن كان عوضاً عن ماله إلّا أنّه يُدخل بواسطته في حقّ المفلس مالاً ، فكان مقدَّماً به على باقي الغرماء.

وإن لم تجز القسمة وطالب(٤) بالبيع ، فالأقرب أنّه يجاب إلى ذلك ؛ لأنّ بالقسمة لا يصل إلى عين ماله ، وربما كان له غرض في أن لا يأخذ من زيت المشتري شيئاً ، وهو أحد قولي الشافعي.

والثاني : أنّه لا يجاب إليه ؛ لأنّه يصل إلى جميع حقّه بالقسمة ، فهو كجماعةٍ ورثوا زيتاً لا يكون لبعضهم أن يطالب بعضاً بالبيع(٥) .

والفرق أنّ الورّاث ملكوا الزيت ممزوجاً ، والمفلس كان قد ملك متميّزاً عن ملك البائع ، وكذا البائع ملك متميّزاً عن ملك المفلس ، فافترقا.

ب : أن يمزجه المشتري بأردأ منه‌. وللبائع هنا أيضاً الخيار بين الفسخ(٦) فيرجع في عينه بالكيل أو الوزن - وبه قال الشافعي ومالك(٧) - لما‌

____________________

(١) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « إذن » بدل « دون ». والصحيح ما أثبتناه من المصدر.

(٢) المغني ٤ : ٥٠١ ، الشرح الكبير ٤ : ٥١٩ - ٥٢٠.

(٣) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « عين » بدل « غير ». والظاهر ما أثبتناه.

(٤) في الطبعة الحجريّة : « فطالب ».

(٥) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٣٣ ، الحاوي الكبير ٦ : ٣٠٠ ، حلية العلماء ٤ : ٥١٣ - ٥١٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٦ - ٥٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٠٢.

(٦) كذا قوله : « بين الفسخ ». ولعلّها : « في الفسخ ».

(٧) الأُم ٣ : ٢٠٣ ، مختصر المزني : ١٠٣ ، الحاوي الكبير ٦ : ٣٠٠ ، المهذّب =

١٥١

تقدّم في المساوي ، فإذا رضي بالأردأ ، كان أولى.

وقال أحمد : يسقط حقّه من العين بمجرّد المزج ، سواء بالأجود أو الأردأ أو المساوي(١) .

وقد تقدّم بطلانه ؛ لأنّ عين ماله موجودة من طريق الحكم ، فكان له الرجوعُ ، كما لو وجد عين ماله منفردة [ و ] لأنّه ليس فيها أكثر من اختلاطها ، وهو لا يُخرج الحقيقة عن حقيقتها ، فأشبهت صبغ الثوب وبلّ السويق بالزيت.

وفي كيفيّة أخذ حقّه للشافعي طريقان :

أحدهما - وهو الأصحّ عنده وعندي - : أنّه يقسّم بالمكيال أو الوزن ، فإن تساويا قدراً ، أخذ النصف. وإن تفاوتا ، أخذ المقدار(٢) الذي له ، وإن شاء ضارَب مع الغرماء.

والثاني : أنّ المكيلين يباعان معاً ويُقسّم الثمن بينهما على قدر القيمتين ؛ لأنّه إن أخذ مكيله من الممتزج ، نقص حقّه ، ولا يجب عليه المسامحة ، وإن أخذ أكثر من مكيله ، لزم الربا ، فعلى هذا لو كان المبيع يساوي درهمين ، والممتزج به يساوي درهماً ، قسّم الثمن بينهما أثلاثاً(٣) .

وهو خطأ ؛ لأنّ هذا نقصان حصل في المبيع ، فأشبه تعيّب العبد‌

____________________

= - للشيرازي - ١ : ٣٣٣ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٩٧ ، حلية العلماء ٤ : ٥١٤ ، الوجيز ١ : ١٧٥ ، الوسيط ٤ : ٣١ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٠٢ ، المغني ٤ : ٥٠١ ، الشرح الكبير ٤ : ٥١٩.

(١) المغني ٤ : ٥٠١ ، الشرح الكبير ٤ : ٥١٩.

(٢) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « مقدار » بدل « المقدار ». والصحيح ما أثبتناه.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٣٣ ، الحاوي الكبير ٦ : ٣٠١ ، حلية العلماء ٤ : ٥١٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٠٢.

١٥٢

والثوب.

ج : أن يمتزج(١) بالأجود‌ ، فالأصحّ أنّه يسقط حقّه من العين ، وليس له إلّا المضاربة بالثمن - قال الشافعي : بهذا أقول ، وهو أصحّ الوجهين(٢) - لأنّ عين زيته تالفة من طريق المشاهدة والحكم.

أمّا من طريق المشاهدة والحقيقة : فللاختلاط.

وأمّا من طريق الحكم : فلأنّه لا يمكنه الرجوع إلى عينه بالقسمة وأخذ المكيل من الممتزج ؛ لما فيه من الإضرار بصاحب الأجود ، ولا المطالبة بقيمته ، بخلاف المساوي ، فإنّه يمكنه المطالبة بقسمته فيه ، وبخلاف الثوب المصبوغ ، فإن عينه موجودة محسوسة ، وكذا السويق ، فإنّ عينه لم تفقد وهي مشاهدة.

وقال المزني : له الفسخ ، والرجوع إلى حقّه من المخلوط ، كالخلط بالمثل والأردأ ، وكما لو صبغ الثوب ولتَّ السويق(٣) ، لا ينقطع(٤) حقّ الرجوع ، فكذا هنا(٥) .

والفرق أنّ الزيت إذا اختلط ، لم يمكن الإشارة إلى شي‌ء من‌

____________________

(١) فيما عدا « ث » من النسخ الخطّيّة والحجريّة : « يمزج ».

(٢) الأُم ٣ : ٢٠٣ ، مختصر المزني : ١٠٣ ، الحاوي الكبير ٦ : ٣٠١ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٣٣ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٩٨ ، حلية العلماء ٤ : ٥١٥ ، الوجيز ١ : ١٧٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٠٢ ، المغني ٤ : ٥٠١ ، الشرح الكبير ٤ : ٥١٩.

(٣) لتّ السويق : أي بلّه بالماء أو بغيره. لسان العرب ٢ : ٨٢ و ٨٣ « لتت ».

(٤) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « لا يقطع ». والظاهر ما أثبتناه كما في « العزيز شرح الوجيز ».

(٥) مختصر المزني : ١٠٣ ، الحاوي الكبير ٦ : ٣٠١ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٣٣ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٩٨ ، حلية العلماء ٤ : ٥١٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٧.

١٥٣

المخلوط بأنّه المبيع ، فكأنّه هلك ، بخلاف الثوب والسويق.

ومن هذا الفرق خرّج بعضهم في المزج بالمثل والأردأ قولاً آخَر : إنّه ينقطع به حقّ الرجوع ، وأيّد ذلك بأنّ الحنطة المبيعة لو انثالت عليها أُخرى قبل القبض ، ينفسخ المبيع على قولٍ ؛ تنزيلاً له منزلة التلف(١) .

والمعتمد عندنا وعندهم(٢) أنّ الخلط بالمثل والأردأ لا يمنع الرجوع ، على ما سبق. ويفارق اختلاط المبيع قبل القبض ؛ لأنّ الملك غير مستقرّ ، فلا يبعد تأثّره بما لا يتأثّر الملك المستقرّ.

وعلى قول المزني بالرجوع في صورة المزج بالأجود ، فيه قولان للشافعي في كيفيّة الرجوع :

أصحّهما عندهم : أنّه يكون شريكاً مع المفلس بقدر قيمة مكيله ، فيباع المكيلتان ، ويقسّم بينهما على قدر القيمتين ، كما في صبغ الثوب.

والثاني : أنّ نفس المكيلتين يقسّم بينهما باعتبار القيمة ، فإذا كانت المكيلة المبيعة تساوي درهماً والمخلوطة درهمين ، أخذ من المكيلتين ثلثي مكيلة(٣) .

وقد خرّج بعضهم هذا الخلافَ على أنّ القسمة بيع أو إفراز حقٍّ؟ إن قلنا : إنّها بيع ، لم يقسّم عين الزيت ؛ لما في القسمة من مقابلة مكيلة بثلثي مكيلة. وإن قلنا بالثاني ، فيجوز ، وكأنّه أخذ بعض حقّه وترك البعض(٤) .

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٩٨ ، الوسيط ٤ : ٣١ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٠٢.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٧.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٣٣ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٩٨ ، حلية العلماء ٤ : ٥١٥ ، الوسيط ٤ : ٣٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٧ - ٥٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٠٢.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٨.

١٥٤

وقال بعضهم : إنّ هذا ليس بصحيح ؛ لأنّ ذلك إن كان بيعاً ، كان رباً ، وإن أخذ ثلثه وأبرأه عمّا بقي من مكيلة زيته ، لم تكن البراءة واجبةً عليه ، فيكون له أن لا يفعل ، ويطالب بالباقي ، ولا يجوز ذلك ؛ لأنّه يأخذ حينئذٍ أكثر ممّا لَه ، فلم يبق إلّا البيع لهما(١) .

تذنيبان :

أ : إذا قلنا : الخلط يُلحق المبيعَ بالمفقود‌ - كما هو قول بعض الشافعيّة ، وقول أحمد(٢) - لو كان أحد الخليطين كثيراً والآخَر قليلاً ولا تظهر به زيادة في الحسّ ، ويقع مثله بين المثلين ، فإن كان الكثير للبائع ، فهو واجد عين ماله. وإن كان الكثير للمشتري ، فهو فاقد.

وقال بعض الشافعيّة : الحكم الأوّل قطعيّ ، والثاني ظاهر(٣) .

ب : لو كان المخلوط من غير جنس المبيع كالزيت والشيرج ، فهو فاقد عين ماله‌ ، وليس له الفسخ حينئذٍ ، ويكون بمثابة ما لو تلف المبيع ، فيُضارب بالثمن.

قال الجويني : وفيه احتمال ، سيّما على قوله ببيع المخلوط وقسمة الثمن(٤) .

مسألة ٣٧٢ : قد ذكرنا من أقسام النوع الثاني من الزيادات قسماً واحداً‌ ، وهو أن تكون الزيادة عيناً محضة ، وبقي قسمان : ما يكون صفةً محضة ، وما يتركّب منهما ، فنبدأ بالصفة المحضة.

____________________

(١) راجع المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٣٣.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٠٢ ، المغني ٤ : ٥٠١ ، الشرح الكبير ٤ : ٥١٩.

(٣ و ٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٠٢.

١٥٥

فنقول : إذا اشترى عيناً وعمل فيها ما يزيد في صفتها - مثل أن يشتري حنطة فيطحنها أو يزرعها ، أو دقيقاً فيخبزه ، أو ثوباً فيقصره ، أو يخيطه قميصاً بخيوط من الثوب ، أو غزلاً فينسجه ، أو خشباً فينشره ألواحاً ، أو ألواحاً فينجرها باباً ، وبالجملة أن يعمل شيئاً يزيل اسمه - فإنّه لا يسقط حقّ الرجوع بذلك عندنا إذا أفلس - وبه قال الشافعي(١) - لأنّ العين لم تخرج عن حقيقتها بتوارد هذه الصفات عليها ، فكان واجداً عين ماله ، فله الرجوع فيها.

وقال أحمد : يسقط حقّ البائع من الرجوع ؛ لأنّه لم يجد عين ماله بعينه ، فلم يكن له الرجوعُ ، كما لو أتلفه. ولأنّه غيّر اسمه وصفته ، فلم يكن له الرجوع ، كما لو كان نوىً فنبت شجراً(٢) .

وليس بصحيح ؛ لأنّا قد بيّنّا أنّ العين لم تخرج عن حقيقتها ، وإلّا لكان الغاصب يملك المغصوب إذا فَعَل به هذه الصفات ، وكان ينتقل حقّ المغصوب منه إلى المثل أو القيمة ، وليس كذلك. وتغيير الوصف لا ينافي بقاء العين ، ويخالف النوى ؛ لأنّ الحقيقة قد زالت ووُجدت أُخرى.

إذا عرفت هذا ، فنقول : إن لم تزد قيمة المبيع بهذه الصفات ، لم يكن للمفلس شركة فيه ، بل يأخذه البائع موصوفاً بهذه الصفة ، سواء غرم عليها المفلس شيئاً أو لا.

وإن نقصت قيمته ، فلا شي‌ء للبائع معه.

____________________

(١) الأُم ٣ : ٣٠٣ ، مختصر المزني : ١٠٣ ، الحاوي الكبير ٦ : ٣٠٣ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٣٢ ، التنبيه : ١٠٢ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٩٦ ، حلية العلماء ٤ : ٥٠٩ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٠٢ ، المغني ٤ : ٥٠٢ ، الشرح الكبير ٤ : ٥١٢.

(٢) المغني ٤ : ٥٠٢ ، الشرح الكبير ٤ : ٥١٢ - ٥١٣.

١٥٦

وإن زادت ، صار المفلس شريكاً فيها ، كما في زيادات الأعيان.

قال الشافعي : وبه أقول - وهو أصحّ القولين - لأنّها زيادة حصلت بفعلٍ متقوّم محترم ، فوجب أن لا تضيع عليه ، كما لو صبغ الثوب. ولأنّ الطحن والقصارة أُجريت مجرى الأعيان ، ولهذا كان للطحّان أن يمسك الدقيق على الأُجرة ، وكذا القصّار(١) .

والقول الثاني للشافعي - وبه قال المزني - : إنّ الزيادة في هذه الأعمال تجري مجرى الآثار ، ولا شركة للمفلس فيها ؛ لأنّها صفات تابعة ، وليس للمفلس فيها عين مال ، بل أثر صنعة ، فهي كسمن الدابّة بالعلف وكِبَر الوَديّ بالسقي والتعهّد ، وكتعلّم الغلام صنعةً ، وكما لو اشترى لوزاً فقشره أو غنماً فرعاها. ولأنّ القصارة تزيل الوسخ وتكشف عمّا فيه من البياض ، فلا تقتضي الشركة ، كما لو كان المبيع لوزاً فكسره وكشف اللُّبّ وزادت به القيمة. ويدلّ عليه أنّ الغاصب لو قصر الثوب أو طحن الحنطة لم يستحق شيئاً(٢) .

والفرق ظاهرٌ بين المتنازع وسمن الدابّة بالعلف وكِبَر الوَديّ بالسقي ؛ لأنّ القصّار إذا قصر الثوب ، صار الثوب مقصوراً بالضرورة ، وأمّا السقي والعلف فقد يوجدان كثيراً من غير سمن ولا كِبَر ؛ لأنّ الأثر فيه غير منسوبٍ إلى فعله ، بل هو محض صنع الله تعالى ، ولهذا لا يجوز الاستئجار على‌

____________________

(١) الحاوي الكبير ٦ : ٣٠٣ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٣٢ ، الوجيز ١ : ١٧٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٩ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٩٧ ، حلية العلماء ٤ : ٥٠٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٠٣ ، المغني ٤ : ٥٠٢ ، الشرح الكبير ٤ : ٥١٢.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٣٢ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٩٦ ، الحاوي الكبير ٦ : ٣٠٣ ، حلية العلماء ٤ : ٥٠٩ ، الوجيز ١ : ١٧٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٠٢ ، المغني ٤ : ٥٠٢ ، الشرح الكبير ٤ : ٥١٢.

١٥٧

تسمين الدابّة و [ تكبير ](١) الوَديّ ، ويجوز الاستئجار على القصارة.

ويخالف المشتري الغاصب ؛ فإنّ الغاصب مُعْتدٍ بفعله ، فلم يثبت له فيها حقّ ، بخلاف مسألتنا.

لا يقال : أليس لو صبغ الغاصب الثوبَ ، كان شريكاً فيه مع تعدّيه؟

لأنّا نقول : الصبغ عين ماله ، وله قلعه ، فإذا تعذّر ذلك ، كان شريكاً ، بخلاف المتنازع ، إلّا أنّ هذا الفرق يمنع اعتبار مسألتنا أيضاً بالصبغ.

مسألة ٣٧٣ : لو اشترى دقيقاً فخبزه ، أو لحماً فشواه ، أو شاةً فذبحها ، أو أرضاً فضرب من ترابها لِبْناً ، أو عرصةً وآلات البناء فبناها فيها(٢) داراً ثمّ أفلس ، كان شريكاً بهذه الأفعال.

وللشافعي قولان(٣) .

أمّا لو علّم العبدَ القرآنَ أو الصنعةَ أو الكتابةَ أو الشعرَ المباح ، أو راضَ الدابّةَ ، فكذلك عندنا ؛ لأنّ هذه الأفعال تصحّ المعاوضة عليها ، فكانت زيادةً.

وقد اختلفت الشافعيّة :

فقال أبو إسحاق : إنّ هذه لا تلحق بما تقدّم ، ولا تجري مجرى الأعيان قطعاً ؛ لأنّه ليس بيد المعلّم والرائض إلّا التعليم ، وقد يجتهد فيه فلا يحصل الغرض ، فكان كالسمن ونحوه(٤) .

والأصحّ عندهم - وبه قال ابن سريج - : أنّها من صور القولين ؛ لأنّها‌

____________________

(١) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « كبر ». وما أثبتناه يقتضيه السياق.

(٢) كذا ، والظاهر : « فبنى فيها ».

(٣) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٩٦ و ٩٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٠٣.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٠٣.

١٥٨

أعمال يجوز الاستئجار عليها ، ومقابلتها بالعوض(١) .

وضبط صور القولين أن يصنع المفلس بالمبيع ما يجوز الاستئجار عليه ، فيظهر به أثر فيه.

وإنّما اعتبرنا ظهور الأثر فيه ؛ لأنّ حفظ الدابّة وسياستها عمل يجوز الاستئجار عليه ، ولا تثبت به الشركة ؛ لأنّه لا يظهر بسببه أثر على الدابّة.

ثمّ الأثر قد يكون صفةً محسوسة كالطحن والقصارة ، وقد يكون من قبيل الأخلاق كالتعليم والرياضة.

فعلى أحد قولي الشافعي يأخذ البائع العينَ زائدةً بهذا الوصف ، ويفوز بالزيادة مجّاناً.

وعلى ما أختاره - وهو القول الثاني له - تُباع العين ، ويكون للمفلس من الثمن بنسبة ما زاد في قيمته.

فلو كانت قيمة الثوب خاماً خمسةً ، ومقصوراً ستّةً ، كان للمفلس سدس الثمن ، فلو ارتفعت القيمة بالسوق أو انخفضت ، فالزيادة أو النقصان بينهما على النسبة.

ولو ارتفعت قيمة الثوب خاصّةً بأن صار مثل ذلك الثوب خاماً يساوي ستّةً ، ويسوي مقصوراً سبعةً ، فليس للمفلس إلّا سُبْع الثمن ؛ لأنّه قيمة صنعته ، والزيادة حصلت في الثوب للبائع ليس للمفلس فيها شي‌ء ؛ لأنّها زيادة سوقيّة.

ولو انعكس الفرض ، فزادت قيمة الصنع خاصّةً بأن كان مثل هذا الثوب يسوي مقصوراً سبعةً ، ويساوي خاماً خمسةً ، فالزيادة للمفلس خاصّةً ، فيكون له سُبْعا الثمن. وعلى هذا القياس.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٦٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٠٣.

١٥٩

وهل للبائع إمساك المبيع ببذل قيمة ما فَعَله المفلس ومنعه من بيعه؟ الأقرب : ذلك ؛ لوجوب البيع على كلّ تقدير ، واعتبار الأصل بالبقاء أولى ؛ إذ لا يجب بذل عينه للبيع ، وبه قال بعض الشافعيّة ؛ قياساً على أنّه يبذل قيمة الغراس والبناء(١) .

ومَنَع بعضُهم منه ؛ لأنّ الصنعة لا تُقابل بعوض(٢) .

ونحن لـمّا منعنا - فيما تقدّم - وجوبَ بذل البناء والغراس بدفع القيمة ، وأوجبنا هنا دفع الصنعة ، قلنا ذلك ؛ للفرق بين الأعيان التي تُعدّ أُصولاً ، وبين الصفات التابعة.

تذنيبان :

أ : إذا استأجره للقصارة أو الطحن فعمل الأجير عمله ، كان له حبس الثوب والدقيق لاستيفاء الأُجرة‌ إن جعلنا القصارة والطحن كالأعيان ، كما يحبس البائع المبيع لقبض الثمن. وإن جعلنا القصارة وشبهها من الآثار ، فلا.

ب : إذا تمّم القصّار والطحّان العملَ وتلف الثوب والطحين في يده‌ ، إن قلنا : إنّ فعله آثار لا تجري مجرى الأعيان ، استحقّ الأُجرة كأنّه وقع مسلّماً بالفراغ. وإن قلنا : إنّه أعيان ، لم يستحق ؛ حيث تلف قبل التسليم ، كما يسقط الثمن بتلف المبيع قبل تسليمه.

مسألة ٣٧٤ : قد ذكرنا حكم الزيادة إذا كانت صفةً محضة ، وبقي ما إذا كانت الزيادة عيناً من وجهٍ وصفةً من وجهٍ.

فنقول : إذا اشترى ثوباً فصبغه ، أو سويقاً ولتَّه بزيتٍ وأشباه ذلك ثمّ‌

____________________

(١ و ٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٦٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٠٣.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424