نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٨

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار15%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 391

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 391 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 299891 / تحميل: 7070
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٨

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

وجوه إبطال النقض بلزوم

استعمال ( مولى منك ) في موضع ( أولى منك )

١٤١

١٤٢

قوله:

« قائلين بأنه لو صح هذا القول لزم جواز أن يقال « مولى منك » في موضع « أولى منك »، وهو باطل منكر بالاجماع ».

أقول:

هذا الكلام باطل من وجوه:

١ - نسبته إلى الجمهور كذب

فأوّل ما فيه: إن نسبة هذا النقض إلى جمهور أهل العربية كاذبة، فالله حسيب ( الدهلوي ) على هذه الأكاذيب الفاضحة والدعاوي الباطلة.

٢ - الأصل فيه هو الرازي

بل الأصل في هذا الكلام الباطل هو الرازي وأتباعه، الذين لا يد لهم في علم العربية ولا نصيب، ولو كان لهم أدنى مناسبة بذلك لما تفوّهوا به، ولذا أعرض عنه الكابلي، فلم يذكره ولم يورّط نفسه.

١٤٣

ثمّ إنّ هذه الشبهة مذكورة مع جوابها في أوائل الكتب التي يدرسها المبتدئون مثل ( سلّم الثبوت ) و ( شروحه )، ولكن ( الدهلوي ) قد غفل عن ذلك لشدة إنهماكه في الخرافات، وسعيه وراء إنكار الحقائق بالشبهات.

٣ - نص كلام الرازي

ولمـّا كان كلام ( الدهلوي ) هذا ملخصّاً لكلام الفخر الرازي فإنّا نورد نص عبارة الرازي في ( نهاية العقول ) في هذا المقام، ثم نشرع في استيصال شبهاته بالتفصيل، فيكون كلام ( الدهلوي ) هباء منثوراً، وهذه عبارة الرازي بعينها:

« ثانيهما: إن ( المولى ) لو كان يجيء بمعنى ( الأولى ) لصح أن يقرن بأحدهما كل ما يصح قرنه بالآخر، لكنه ليس كذلك، فامتنع كون المولى بمعنى الأولى.

بيان الشرطية: إن تصرف الواضع ليس إلّا في وضع الألفاظ المفردة للمعاني المفردة، فأما ضمّ بعض تلك الألفاظ إلى البعض - بعد صيرورة كلّ واحد منها موضوعاً لمعناه المفرد - فذلك عقلي. مثلاً إذا قلنا « الانسان حيوان » فإفادة لفظة « الإنسان » للحقيقة المخصوصة بالوضع، وإفادة لفظ « الحيوان » للحقيقة المخصوصة أيضاً بالوضع. فأمّا نسبة الحيوان إلى الإنسان بعد المساعدة على كون كل واحد من هاتين اللفظتين موضوعة للمعنى المخصوص، فذلك بالعقل لا بالوضع.

وإذا ثبت ذلك فلفظة « الأولى » إذا كانت موضوعة لمعنى، ولفظة « من » موضوعة لمعنى آخر، فصحة دخول أحدهما على الآخر لا يكون بالوضع بل بالعقل.

وإذا ثبت ذلك فلو كان المفهوم من لفظة « الأولى » بتمامه من غير زيادة ولا نقصان هو المفهوم من لفظة « المولى »، والعقل حكم بصحة اقتران المفهوم من لفظة « من » بالمفهوم من لفظة « الأولى »، وجب صحة اقترانه أيضاً بالمفهوم من لفظة « المولى »، لأن صحة ذلك الاقتران ليست بين اللفظتين بل بين مفهوميهما.

١٤٤

بيان أنّه ليس كلّما يصح دخوله على أحدهما صح دخوله على الآخر أنه لا يقال: « هو مولى من فلان » كما يقال: « هو أولى من فلان »، ويصح أن يقال: « هو مولى » و « هما موليان » ولا يصح أن يقال: « هو أولى » بدون « من » و « هما أوليان ». وتقول: « هو مولى الرجل » و « مولى زيد » ولا تقول: « هو أولى الرجل » ولا « أولى زيد »، ولا تقول: « هما أولى رجلين » و « هم أولى رجال »، ولا تقول: « هما مولى رجلين » ولا « هم مولى رجال »، ويقال: « هو مولاه ومولاك » ولا يقال: « هو أولاه وأولاك ».

لا يقال: أليس يقال « ما أولاه »؟ لأنا نقول: ذاك أفعل التعجب، لا أفعل التفضيل. على أن ذاك فعل وهذا اسم، الضّمير هناك منصوب وهنا مجرور.

فثبت بهذين الوجهين أنه لا يجوز حمل المولى على ( الأولى ).

وهذا الوجه فيه نظر مذكور في الأصول ».

٤ - الرد على كلام الرازي بالتفصيل

وكلام الرازي هذا يشتمل على مكابرات وأباطيل كثيرة، نوضّحها فيما يلي بالتفصيل:

(١) قوله: « إن تصرف الواضع ليس إلّا في وضع الألفاظ المفردة للمعاني المفردة، فأما ضمّ بعض تلك الألفاظ إلى البعض - بعد صيرورة كل واحد منهما موضوعاً لمعناه المفرد - فذلك أمر عقلي » إدّعاء محض ولم يذكر له دليلاً.

(٢) قوله: « مثلاً - إذا قلنا الإنسان حيوان » فرار من ذكر الدليل على الدعوى، ومن الواضح أن ذكر المثال يكون بعد الدليل، ولا يغني التمثيل عن الدليل بحال من الأحوال.

(٣) قوله: « فأما نسبة الحيوان إلى الإنسان بعد المساعدة على كون كل واحد من هاتين اللفظتين موضوعة للمعنى المخصوص فذلك بالعقل لا بالوضع » خبط وذهول، إذ الكلام في ضمّ بعض الألفاظ المفردة إلى البعض الآخر، كما هو

١٤٥

صريح كلامه سابقاً حيث قال: « فأمّا ضمّ بعض تلك الألفاظ إلى البعض بعد صيرورة كل واحد منهما موضوعاً لمعناه المفرد فذلك أمر عقلي ». ومن المعلوم أن ضمّ بعض الألفاظ إلى البعض عبارة عن التركيب بين الألفاظ بحسب القواعد في ذلك اللسان، كضم الفعل إلى الفاعل، والمضاف إلى المضاف اليه، والمبتدأ إلى الخبر وهكذا وضمّ بعض الألفاظ إلى البعض هو بحسب الاستعمال والنطق، وأنا نسبة الحيوان إلى الإنسان فهو بحسب التصور والتعقل، فالتمثيل بهذا المثال لذاك المعنى تهافت وذهول، لأن كلامنا في صحة اقتران لفظ بلفظ في الاستعمال، وليس الكلام في نسبة المفاهيم والمصاديق، وكون الأول من الأمور المنقولة والثاني من الأمور المعقولة غير مخفي على أحد، كما لا يخفى بطلان قياس أحدهما على الآخر.

(٤) قوله: « وإذا ثبت ذلك فلفظة ».

ما الذي ثبت؟! الذي ذكره أمران، أحدهما إدعاء، والآخر تمثيل، فأما الدعوى المحضة فلا تثبت أمراً، وأما التمثيل فكذلك إنْ كان مطابقاً للممثل له، فكيف بهذا المثال الذي ذكره، البعيد عن الممثل له غاية البعد؟!

(٥) إن قياس معنى « من » على معنى « الإنسان » و « الحيوان » من البطلان بمكان، لأن كلاً من اللفظتين مستقلّة بالمفهومية، بخلاف « من » فإنّ معناها غير مستقل، ولا مناسبة بين المستقل وغير المستقل.

(٦) « فصحة دخول أحدهما على الآخر لا يكون بالوضع بل بالعقل » من غرائب المجازفات وعجائب التقوّلات، لا تجده في أبسط كتاب من كتب النحو، ولا يتفوّه به أحد من أصاغر الطلبة، ولو صح ما ذكره لبطل الكثير من القواعد النحوية، ووقع الاختلال العظيم في المحاورات العرفية

إنه يجب حذف الخبر في مواضع ذكرها النحويون قال الشيخ ابن الحاجب في ( الكافية ): « وقد يحذف المبتدأ لقيام قرينة جوازاً كقول المستهل:

١٤٦

الهلال والله. والخبر جوازاً مثل: خرجت فإذا السبع. ووجوباً فيما التزم في موضعه غيره مثل: لو لا زيد لهلك عمر، ومثل: ضربي زيداً قائماً، ومثل: كل رجل وضيعته، ومثل: لعمرك لأفعلنّ كذا ».

ولو كان ضم بعض الألفاظ إلى بعض بالعقل لا بالوضع، لم يكن وجه لوجوب حذف الخبر في هذه المواضع الأربعة، لعدم لزوم أي استحالة عقلية من ذكره فيها.

ويجب حذف فعل المفعول المطلق سماعاً وقياساً، قال ابن الحاجب: « وقد يحذف الفعل لقيام قرينة جوازاً، كقولك لمن قدم: خير مقدم. ووجوباً سماعاً نحو: سقياً ورعياً، وخيبة وجدعاً، وحمداً وشكراً، وعجباً. وقياساً في مواضع، منها: ما وقع مثبتاً بعد نفي أو معنى نفي داخل على اسم لا يكون خبراً عنه، أو وقع مكرراً نحو: ما أنت إلّا سيراً، وما أنت إلّا سير البريد، وإنما أنت سيراً، وزيد سيراً سيراً. ومنها: ما وقع تفصيلاً لأثر مضمون جملة متقدمة مثل( فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً ) ومنها: ما وقع للتشبيه علاجاً بعد جملة مشتملة على اسم بمعناه وصاحبه مثل: مررت به فإذا له صوت صوت حمار وصراخ صراخ الثكلى. ومنها: ما وقع مضمون جملة لا محتمل لها غيره نحو: له عليَّ ألف درهم اعترافاً، ويسمى تأكيداً لنفسه. ومنها: ما وقع مضمون جملة لها محتمل غيره مثل: زيد قائم حقاً ويسمى تأكيداً لغيره. ومنها: ما وقع مثنى مثل لبيك وسعديك ».

ولو كان ضمّ بعض الألفاظ إلى بعض والتركيب بينها بالعقل لا بالوضع، لم يمتنع ذكر الفعل في هذه المواضع، لعدم لزوم أي استحالة عقلية من ذلك.

وقد يجب حذف الفعل العامل في المفعول به، قال ابن الحاجب: « وقد يحذف الفعل لقيام قرينة جوازاً نحو: زيداً لمن قال: من أضرب؟ ووجوباً في أربعة مواضع: الأول سماعي نحو: أمراً ونفسه. و( انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ ) وأهلْاً وسهلْاً ». ولو كان التركيب بين الألفاظ دائراً مدار حكم العقل لجاز ذكر الفعل في هذه المواضع.

١٤٧

وقال السيوطي: « الأصول المرفوضة، منها: جملة الاستقرار الذي يتعلق به الظرف الواقع خبراً. قال ابن يعيش: حذف الخبر الذي هو استقر ومستقر، وأقيم الظرف مقامه وصار الظرف هو الخبر، والمعاملة معه، ونقل الضمير الذي كان في الاستقرار إلى الظرف، وصار مرتفعاً بالظرف، كما كان مرتفعاً بالاستقرار، ثم حذف الاستقرار وصار أصلاً مرفوضاً، لا يجوز إظهاره للاستغناء عنه بالظرف.

ومنها: خبر المبتدأ الواقع بعد لو لا، نحو: لو لا زيد لخرج عمر، وتقديره لو لا زيد حاضراً. قال ابن يعيش: ارتبطت الجملتان، وصارتا كالجملة الواحدة، وحذف خبر المبتدأ من الجملة الأولى، لكثرة الاستعمال، حتى رفض ظهوره ولم يجز استعماله.

ومنها: قولهم إفعل هذا أمّا لا. قال ابن يعيش: ومعناه: إنّ رجلاً أمر بأشياء يفعلها فتوقف في فعلها فقيل له: إفعل هذا إنْ كنت لا تفعل الجميع، وزادوا على إنْ ما وحذف الفعل وما يتصل به، وكثر حتى صار الأصل مهجوراً.

ومنها: قال ابن يعيش: بنو تميم لا يجيزون ظهور خبر لا المثبتة ويقولون هو من الأصول المرفوضة. وقال الاستاذ أبو الحسن بن أبي الربيع في شرح الإيضاح: الإِخبار عن سبحان الله يصح كما يصح الإِخبار عن البراءة من السوء، لكن العرب رفضت ذلك، كما أن « مذاكير » جمع لمفرد لم ينطق به، وكذلك « لييلية » تصغير لشيء لم ينطق به، و « أصيلان » تصغير لشيء لم ينطق به، وإنْ كان أصله أن ينطق به، وكذلك « سبحان » إذا نظرت إلى معناه وجدت الإِخبار عنه صحيحاً، لكنّ العرب رفضت ذلك، وكذلك « لكاع ولكع » وجميع الأسماء التي لا تستعمل إلّا في النداء، إذا رجعت إلى معانيها وجدت الإِخبار ممكناً فيها، بدليل الإِخبار عمّا هي في معناه، لكن العرب رفضت ذلك.

وقال أيضاً في قولك زيداً أضربه: ضعف فيه الرفع على الابتداء، والمختار النصب، وفيه إشكال من جهة الإِسناد، لأن حقيقة المسند والمسند إليه ما لا يستقل الكلام بأحدهما دون صاحبه، واضرب ونحوه يستقل به الكلام وحده،

١٤٨

ولا تقدر هنا أن تقدر مفرداً تكون هذه الجملة في موضعه، كما قدرت في زيد ضربته. فان قلت: فكيف جاء هذا مرفوعاً وأنت لا تقدر على مفرد يعطي هذا المعنى؟ قلت: جاء على تقدير شيء رفض ولم ينطق به، واستغنى عنه بهذا الذي وضع مكانه، وهذا وإنْ كان الأصل فيه بعد إذا أنت تدبّرته وجدت له نظائر، ألا ترى أن « قام » أجمع النحويون على أن أصله قوم، وهذا ما سمع قط فيه ولا في نظيره فكذلك زيد أضربه كأن أضربه وضع موضع مفرد مسند إلى زيد على معنى الأمر، ولم ينطق قط به ويكون كقام.

وقال أيضاً: مصدر عسى لا يستعمل وإنْ كان الأصل لأنه أصل مرفوض »(١) .

أقول: وهذا القدر كاف للرد على ما ادعاه الرازي وارتضاه أتباعه.

(٧) قوله: « وإذا ثبت فلفظة « الأولى » إذا كانت موضوعة لمعنى ولفظة « من » موضوعة لمعنى آخر، فصحة دخول أحدهما على الآخر لا يكون بالوضع بل بالعقل ». واضح البطلان، لأن اقتران « من » بـ « الأولى » مأخوذ من النقل والسماع، وإلّا لجاز اقتران غيره من الحروف مثل « عن » و « على » و « إلى » و « في ». فأيّ مانع عقلاً من أن يقال: « زيد أولى من عمرو » أو يقال: « زيد أولى على عمرو »؟

وممّا يؤيّد ما ذكرنا من كون اقتران « من » بـ « أولى » مأخوذاً من الاستعمال والوضع كلام الشيخ خالد الأزهري في أحكام أفعل التفضيل وهذا نصه:

« والحكم الثاني فيما بعد أفعل: أن تؤتي « من » الجارة للمفضول كما تقدّم من الأمثلة، وهي عند المبرد وسيبويه لابتداء الارتفاع في نحو أفضل منه وابتداء الانحطاط في نحو شرّ منه. واعترضه ابن مالك بأنها لا تقع بعدها « إلى » واختار أنها للمجاوزة، فإنّ معنى زيد أفضل من عمرو: جاوز زيد عمراً في الفضل. واعترضه في المغني: بأنها لو كانت للمجاوزة لصح في موضعها « عن ». ودفع بأن

____________________

(١). الأشباه والنظائر ١ / ٧٠ - ٧١.

١٤٩

صحة وقوع المرادف موقع مرادفه إنما يكون إذا لم يمنع من ذلك مانع، وهاهنا منع مانع وهو الاستعمال، فإن اسم التفضيل لا يصاحب من حروف الجر إلّا « من » خاصة »(١).

(٨) لقد نصّ المحقّقون من أهل اللغة والنحو على عدم جواز تركيب مّا في لغة، من غير أن يسمع لذلك التركيب نظائر، قال السيوطي: « قال أبو حيان في شرح التسهيل: العجب ممن يجيز تركيباً مّا في لغة من اللغات من غير أن يسمع من ذلك التركيب نظائر. وهل التراكيب العربية إلّا كالمفردات العربية؟ فكما لا يجوز إحداث لفظ مفرد كذلك لا يجوز في التراكيب، لأن جميع ذلك أمور وضعيّة، والأمور الوضعيّة تحتاج إلى سماع من أهل ذلك اللسان، والفرق بين علم النحو وبين علم اللغة: أن علم النحو موضوعه أمور كليّة، وموضوع علم اللغة أشياء جزئية، وقد اشتركا معاً في الوضع »(٢) .

وقد نقل السيوطي هذا عن القرافي ونقل عن غيره أنه عزاه إلى الجمهور.

قلت : وعلى هذا فكيف يجوز القول بأن اقتران لفظ بلفظ آخر يكون بالعقل فقط؟

(٩) قوله: « وإذا ثبت ذلك ».

قلت: أي شيء ثبت؟ إنه لم يسبق هذا إلّا قوله: « فصحة دخول أحدهما على الآخر لا يكون بالوضع بل بالعقل » وقد عرفت أنه ادعاء محض، بل عرفت بطلانه.

(١٠)قوله : « وجب صحة اقترانه أيضاً بالمفهوم من لفظة « المولى »، لأن صحة ذلك الاقتران ليس بين اللفظتين بل بين مفهوميهما ».

أقول : هذا الكلام يناقض ما تقدّم منه، لأنه قد ادعى أنه لو كان ( المولى )

____________________

(١). التصريح في شرح التوضيح. مبحث أفعل التفضيل.

(٢). المزهر ١ / ٢٨.

١٥٠

بمعنى ( الأولى ) لزم صحة أن يقال « فلان مولى من فلان »، لكنه بهذا الكلام ينفي ذاك اللزوم، لأنه يقول بأن الاقتران ليس بين اللفظتين، بل إن مفهوم قوله: « بل بين مفهوميهما » هو أن الاقتران ليس إلّا بين المفهومين، مع أن مورد الإلزام في كلامه السابق وأصل الدعوى هو الاقتران بين اللفظين، فقد قال سابقاً: « وثانيهما: إنّ « المولى » لو كان يجيء بمعنى « الأولى » لصحّ أن يقترن بأحدهما كلّ ما يصح قرنه بالآخر » بل ذلك هو صريح الجملة الأخرى من كلامه وهي قوله: « فأمّا ضمّ بعض تلك الألفاظ إلى البعض » وهكذا قوله: فلفظة « الأولى » إذا كانت موضوعة لمعنى ولفظة من »، وهو أيضاً صريح الجملة اللاحقة من كلامه: « لا يقال: هو مولى من فلان، كما يقال هو أولى من فلان ».

فظهر بطلان قوله: « لأن صحة ذلك الاقتران ليس بين اللفظتين بل بين مفهوميهما » من كلامه نفسه سابقاً ولا حقاً.

ثم إنّه لم يوضّح مراده من أن الاقتران بين المفهومين لا بين اللفظتين، وأيّ نفع له في هذا الكلام الفارغ؟ أو أيّ ضرر على خصمه فيه؟!

وصول الكلام إلى النقض الذي أخذه ( الدهلوي )

وأما قوله: « بيان أنّه ليس كلما يصح دخوله على أحدهما يصح دخوله على الآخر » ففيه: أنّه أوّل دليل ذكره على هذه الدعوى قوله: « إنه لا يقال هو مولى من فلان كما يقال هو أولى من فلان » ولم يدخل في هذا المثال « من » على « الأولى »، كما لا يدلُّ على عدم جواز دخولها على « المولى »، بل إنّ « من » فيه متأخرة عن « الأولى ».

وأما قوله: « لا يقال: هو مولى من فلان، كما يقال هو أولى من فلان » فهذا ما ذكره ( الدهلوي ) هنا، ونحن وإنْ بينّا فساد مقدمات هذا الاستدلال - المستلزم لفساده - نذكر وجوهاً على بطلانه استناداً إلى كلمات الرازي وكبار محققي علماء اللغة والنحو من مشاهير أهل السنة:

١٥١

١ - إنْ كان الاقتران بالعقل فلا مانع

لقد ذكر الفخر الرازي أنّ صحة اقتران لفظ بلفظ هو بالعقل لا بالوضع، وعلى هذا الأساس فلا مانع من أن يقال: « هو مولى من فلان » كما يقال « هو أولى من فلان ».

٢ - جواب شارحي المقاصد والتجريد عن النقض

لقد أجاب شارح المقاصد وشارح التجريد عن هذه الشبهة بأنّ ( المولى ) اسم بمعنى ( الأولى )، لا أنه وصف بمنزلته حتى يعترض بعدم كون ( المولى ) من صيغ اسم التفضيل، وأنه لا يستعمل استعماله.

وقد تقدّم نصّ عبارتهما سابقاً، كما أورد صاحب ( بحر المذاهب ) عبارة شارح التجريد للردّ على توهّم صاحب المواقف وشارحها.

٣ - بقاء ( المولى ) على معناه الأصلي عند جماعة

وقال الزمخشري والبيضاوي والخفاجي وغيرهم ببقاء ( المولى ) الوارد بمعنى ( الأولى ) على أصله وهو الظرفيّة، وعليه، فلا يلزم أن يكون استعمال ( المولى ) مثل استعمال ( الأولى ) وان كان بمعناه، حتى لو ثبت جواز إقامة المرادف مقام مرادفه، لأن جواز ذلك مشروط بعدم إرادة معنى الظرفية من ( المولى )، مثلاً: « مئنة » ظرف مأخوذ من « أنّ » يقال: « فلان مئنة للكرم » والجار والمجرور يتعلّق به، كما يقال « البلد الفلاني مجمع للعلماء » لكن لا يجوز استعماله مثل استعمال « إنه لكريم »، فلا يقال: « زيد مئنة لكريم » مع أنه و « إن زيداً لكريم » بمعنى واحد.

٤ - بطلان النقض من كلام ( الدهلوي ).

لقد أبطل ( الدهلوي ) كلمات الرازي هذه بنفسه من حيث لا يشعر، فقد

١٥٢

ذكر بجواب الاستدلال بجملة « ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم » بأنّ « الأولى » هنا مشتقة من « الولاية » بمعنى المحبة، يعني: ألست أحب إلى المؤمنين من أنفسهم فنقول: إن معنى هذا الكلام كون « الأولى » مرادفاً « للأحب »، مع أن استعمال اللفظتين ليس واحداً، لأن صلة « أولى » هي « الباء » كما في هذا الكلام النبوي في هذا الحديث الشريف، وصلة « أحب » هي « إلى » كما قال ( الدهلوي ) نفسه.

فلو كان من اللازم اتحاد المترادفين في الاستعمال للزم جواز أن يقوم « أولى إليه » مقام « أحبّ إليه » في كل كلام، وهو غير مسموع إذن كما أن عدم اقتران « إلى » مع « أولى » ليس بقادح في مجيئه بمعنى « الأحبّ » كما يدعي ( الدهلوي )، فكذلك لا يقدح عدم اقتران « من » بـ « المولى » في كون « المولى » بمعنى « الأولى ».

٥ - بطلان النقض من كلام الرازي

لقد عدل الفخر الرازي عن لجاجه ورجع إلى صوابه في كتاب ( المحصول ) وقبل الحق الحقيق بالقبول، فقد قال جلال الدين المحلّي « والحق وقوع كلّ من الرديفين أي اللفظين المتّحدي المعنى مكان الآخر، إنْ لم يكن تعبّد بلفظه، أي يصح ذلك في كلّ رديفين بأن يؤتى بكلٍ منهما مكان الآخر في الكلام، إذْ لا مانع من ذلك، خلافاً للامام الرازي في نفيه ذلك مطلقاً، أي من لغتين أو لغة، قال: لأنك لو أتيت مكان من في قولك مثلاً: خرجت من الدار بمرادفها بالفارسية أي « أز » بفتح الهمزة وسكون الزاي، لم يستقم الكلام، لأن ضم لغة إلى أخرى بمثابة ضم مهمل إلى مستعمل. قال: وإذا عقل ذلك في لغتين فلم لا يجوز مثله في لغة. أي لا مانع من ذلك. وقال: إن القول الأول أي الجواز الأظهر في أول النظر والثاني الحق ».

وإن هذا الرأي من الرازي مذكور في كتاب سلّم العلوم وشروحه.

١٥٣

لكن من دأب المتعصب العنيد أن يخالف الحق مكابرة، وينكره لغرض إبطال استدلال خصمه!!

٦ - اعتراف الرازي بأنّ هذا الوجه فيه نظر

لقد ذكر الرازي في آخر كلامه الذي شحنه بالأباطيل بأنّ « هذا الوجه فيه نظر مذكور في الأصول » يعني أن الحق ما ذهب إليه في المحصول من منع القول بلزوم وقوع أحد المترادفين مقام الآخر.

أقول: فإذا كان هذا الوجه مردوداً، فأيّ وجه لذكره مع هذا التطويل؟

والأغرب من ذلك استحسان الاصفهاني والإِيجي والشريف الجرجاني وابن حجر المكي والبرزنجي والسهارنفوري الوجه المردود مع عدم تعرضهم لكونه مردوداً منظوراً فيه كما اعترف الرازي نفسه!! ثم جاء ( الدهلوي ) فرحاً مستبشراً فقلّد الرازي في ذكره، وغضّ النظر عن وجه النظر فيه، مخالفاً للكابلي الذي أعرض عن ذكر النقض من أصله لعلمه بوهنه وبطلانه.

٧ - قول المحققين بعدم وجوب قيام أحد المترادفين مقام الآخر

وكما أن القول بوجوب قيام أحد المترادفين مقام الآخر ممنوع عند الرازي في ( المحصول ) ومنظور فيه عنده في ( نهاية العقول )، فإنّ سائر المحققين من أهل السنة يذهبون إلى هذا المذهب، ويصرّحون بعدم وجوب ذلك. فقد قال القاضي محب الله البهاري في ( سلّم العلوم ): « ولا يجب قيام كلّ مقام الآخر وإنْ كانا من لغة، فإن صحة الضم من العوارض، يقال: صلّى عليه، ولا يقال دعا عليه ».

وقد تبعه على ذلك شرّاح كتابه ( مسلّم الثبوت ) وأقاموا الادلة على هذا القول فليرجع إليها.

١٥٤

وقد تقدّم نص كلام الشيخ خالد الأزهري من محققي النحاة(١) .

وقال رضي الدين الاسترآبادي - وهو من محققي النحاة أيضاً - في مبحث أفعال القلوب: « ولا يتوهّم أن بين علمت وعرفت فرقاً من حيث المعنى كما قال بعضهم. فإنّ معنى علمت أن زيداً قائم وعرفت أن زيداً قائم واحد، إلّا أن عرف لا ينصب جزئي الاسمية كما ينصبهما علم، لا لفرق معنوي بينهما، بل هو موكول إلى اختيار العرب، فإنهم قد يخصّون أحد المتساويين في المعنى بحكم لفظي دون الآخر ».

وقال أيضاً - بعد أن ذكر إلحاق أفعال عديدة بصار: « وليس إلحاق مثل هذه الأفعال بصار قياساً بل سماعاً، ألا ترى أن انتقل لا يلحق به مع أنه بمعنى تحوّل ».

٨ - من أمثلة عدم قيام أحد المترادفين مقام الآخر

لقد مثّل البهاري لعدم الجواز بأن « دعا » لا يقوم مقام « صلّى »، وعرفت أنّ « عرف » لا يقوم مقام « علم » وأن « انتقل » لا يقوم مقام « تحوّل ».

لكن أمثلة امتناع قيام أحد المترادفين مقام الآخر كثيرة جدّاً، إلّا أن الوقوف على طرف منها يستلزم التتبع لكلمات علماء الفن ومعرفة اللغات والألفاظ، والرازي وأتباعه بعيدون عن ذلك، ونحن نشير هنا إلى بعض تلك الأمثلة والموارد:

فمنها: الفروق الموجودة بين « حتى » و « إلى » مع أنهما متساويان في الدلالة على الغاية، كدخول « إلى » على المضمر بخلاف « حتى »، ووقوع الأول في موضع الخبر مثل: والأمر إليك، بخلاف الثاني

ومنها: الفروق بين « الواو » و « حتى العاطفة » وهي ثلاثة فروق كما في ( مغني

____________________

(١). توجد ترجمته في الضوء اللامع ٣ / ١٧١ وغيره.

١٥٥

اللبيب ) و ( الأشباه والنظائر ) نقلاً عنه.

ومنها: الفروق بين « إلّا » و « غير » وهما بمعنى واحد. قال السيوطي « ذكر ما افترق فيه إلّا وغير. قال أبو الحسن الآبدي في شرح الجزولية: إفترقت إلّا وغير في ثلاثة أشياء أحدها: إنّ غيراً يوصف بها حيث لا يتصور الاستثناء و إلّا ليست كذلك، تقول: عندي درهم غير جيّد. ولو قلت عندي درهم إلّا جيد لم يجز. الثاني: إنّ إلّا إذا كانت مع ما بعدها صفه لم يجز حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه، فتقول: قام القوم إلّا زيدا. ولو قلت: قام إلّا زيد لم يجز، بخلاف غير، إذْ تقول: قام القوم غير زيد وقام غير زيد. وسبب ذلك إنّ إلّا حرف لم يتمكن في الوصفية فلا يكون صفة إلّا تابعاً، كما أن « أجمعين » لا يستعمل في التأكيد إلّا تابعاً. الثالث: إنك إذا عطفت على الاسم الواقع بعد إلّا كان إعراب المعطوف على حسب المعطوف عليه، وإذا عطفت على الاسم الواقع بعد غير جاز الجر والحمل على المعنى »(١) .

ومنها: الفروق بين « عند » و « لدن » و « لدى »، وهي في ستة أشياء كما في ( الاشباه والنظائر ).

ومنها: الفروق بين « المصدر » و « أن مع صلتها » وهي في اثني عشر شيء، كما يظهر بالرجوع إلى ( الأشباه والنظائر ).

ومنها: الفروق بين « أم » و « أو » وكلاهما يستعمل للترديد، وهي في أربعة أشياء، كما في ( الأشباه والنظائر ) عن ابن العطار.

ومنها: الفروق العديدة بين ألفاظ الإِ غراء وألفاظ الأمر، ذكرها السيوطي في ( الأشباه والنظائر ) نقلا عن الأندلسي.

ومنها: الفروق بين « هل » و « همزة الاستفهام » وهي كما في ( الأشباه والنظائر ) عن ابن هشام - في عشرة أشياء.

____________________

(١). الأشباه والنظائر ٢ / ١٧٩.

١٥٦

ومنها: الفروق بين « أيان » و « حتى » يظهر من ( الأشباه والنظائر ) أنها في ثلاثة أشياء.

ومنها: الفروق بين « كم » و « كأيّن » وهي كما يفهم من ( مغني اللبيب ) في خمسة أشياء.

هذا، ولا يتوهّم أن الموارد المذكورة غير مشتركة في المادة بخلاف « المولى » و « الأولى » فإنهما من مادة واحدة، لأن كلام الرازي ليس من جهة الاشتراك في المادة، لأن صريح كلامه لزوم اتحاد المترادفين في الاستعمال بسبب إتحادهما في المعنى من غير دخل للاتحاد في المادة في هذا الباب.

على أنّا وجدنا مترادفين مشتركين في المادة مع تنصيص المحققين وأئمة اللغة بعدم جواز استعمال أحدهما في مقام الآخر، ففي ( الصحاح ): « ويقال: يا نومان للكثير النوم ولا تقل: رجل نومان. لأنه يختص بالنداء »(١) .

وفي ( الصحاح ) أيضاً: « وقولهم في النداء: يأفل مخففاً إنما هو محذوف من يا فلان لا على سبيل الترخيم، ولو كان ترخيماً لقالوا: يا فلا. وربما قيل ذلك في غير النداء للضرورة. قال أبو النجم: في لجّة أمسك فلاناً عن فل »(٢) .

هذا وقد أجاب الشهيد التستريرحمه‌الله عن هذه الشبهة في وجوه ردّ كلام صاحب المواقف بقوله: « ومنها: ان مجيء مفعل بمعنى أفعل مما نقله الشارح الجديد للتجريد عن أبي عبيدة من أئمة اللغة، وأنه فسّر قوله تعالى:( هِيَ مَوْلاكُمْ ) بأولاكم. وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أيّما امرأة نكحت بغير إذن مولاها أي الأولى بها والمالك لتدبيرها. ومثله في الشعر كثير، وبالجملة استعمال المولى بمعنى المتولي والمالك للأمر والأولى بالتصرف شائع في كلام العرب منقول عن أئمة اللغة، والمراد إنه اسم لهذا المعنى لا صفة بمنزلة الأولى ليعترض بأنه

____________________

(١). الصحاح: نوم.

(٢). المصدر نفسه: فلن.

١٥٧

ليس من صيغة اسم التفضيل، وانه لا يستعمل استعماله.

وأيضاً كون اللفظين بمعنى واحد لا يقتضي صحة اقتران كلٍ منهما في الاستعمال بما يقترن به الآخر، لأنّ صحة اقتران اللفظ باللفظ من عوارض الألفاظ لا من عوارض المعاني، ولأنّ الصلاة مثلاً بمعنى الدعاء والصلاة إنما تقترن بعلى والدعاء باللام يقال: صلّى عليه ودعا له، ولو قيل: دعا عليه لم يكن بمعناه. وقد صرّح الشيخ الرضي بمرادفة العلم والمعرفة مع أن العلم يتعدى إلى مفعولين دون المعرفة، وكذا يقال إنك عالم ولا يقال إن أنت عالم، مع أن المتّصل والمنفصل هاهنا مترادفان كما صرّحوا به، وأمثال ذلك كثير ».

وفي كتاب ( عماد الاسلام ) ما نصه: « قد صرّح الشيخ الرضي بمرادفة العلم والمعرفة، مع أن العلم يتعدى إلى مفعولين دون المعرفة، وكذا يقال: إنك عالم ولا يقال إن أنت عالم، مع أن المتصل والمنفصل هاهنا مترادفان كما صرّحوا به وأمثال ذلك كثير.

وبوجهٍ آخر: قد مرّ في مبحث الرؤية من كتاب التوحيد ما يندفع به كلام الرازي هذا، وحاصله: إن اقتران اللّفظ باللفظ من عوارض الألفاظ لا من عوارض المعنى، فيجوز أن يكون من عوارض لفظ « الانتظار » ما لم يكن من عوارض « النظر » الذي هو بمعناه، وهكذا بالعكس، لتحقق التغاير اللفظي بينهما.

وأيضاً: جاء « بصر بي » ولم يجيء « نظر بي » و « رأى بي ». وهكذا على قول الأشاعرة جاء: « نظر إليه » ولم يجيء « بصر إليه ».

وأيضاً: لو تم دليلك لزم أن يصح « نظرته » كما صح « رأيته »، والحال أن الرازي حكم ببطلانه في مبحث الرؤية، وصح « ان أنت عالم » كما صح « إنّك عالم »، وصح « جاءني إلّا زيد » كما صح « غير زيد » وجاز « عندي درهم إلّا جيّد » كما صح « عندي غير درهم جيد ». مع أن إلّا بمعنى غير في الأمثلة، وصرّح بعدم صحتها صاحب المغني.

١٥٨

وبالجملة، لا يليق بمن يكون ملقباً بإمام الأشاعرة أن يدّعي أمراً خلافاً للواقع ترويجاً لمذهبه ».

٩ - عدم جريان القياس في اللغة

لقد تسالم المحققون من العلماء على أنه لا يجري القياس في اللغة، وذلك غير خاف على من نظر في كتبهم ووقف على كلماتهم، وقال السيوطي: « قال الكيا الهراسي في تعليقه: الذي استقر عليه آراء المحققين من الأصوليين أن اللغة لا تثبت قياساً ولا يجري القياس فيها »(١) .

١٠ - لا يعارض الظن القطع

ولو فرضنا جريان القياس في اللغة، فإنّ غاية ما يفيده القياس هو الظن، لكن مفاد نصوص الأساطين المثبتين لمجيء « المولى » بمعنى « الأولى » هو القطع، ولا يعارض الظن القطع قطعاً.

١١ - الشهادة على النفي غير مسموعة

إن حاصل هذا النقض المردود والشبهة المدحوضة هو نفي مجيء « المولى » بمعنى « الأولى »، وهذه شهادة على النفي، وقد نصّ الرازي نفسه أيضاً في مثل هذا المقام على أن الشهادة على النفي غير مقبولة. قال الرازي: « عابوا عليه - أي على الشافعي - قوله الباء في قوله تعالى:( وَامْسَحُوا بِرُؤوُسِكُمْ ) تفيد التبعيض، ونقلوا عن أئمة اللغة أنهم قالوا لا فرق بين: وامسحوا برؤسكم، وبين قوله: وامسحوا رؤسكم. والجواب: قول من قال أنه ليس في اللغة أن الباء للتبعيض شهادة على النفي فلا تقبل »(٢) .

____________________

(١). المزهر ١ / ٣٧.

(٢). مناقب الشافعي.

١٥٩

١٢ - عدم جواز « هو أولى » و « هما أوليان » غير مسلّم

وذكر الرازي أنه لا يجوز قول « هو أولى » و « هما أوليان ». ولكنّا لا نسلّم هذا القول لوجهين:

الأول: إن رأي الرازي هو أن اقتران لفظ بلفظ ليس بالوضع بل العقل، فإذا كان كذلك فإن العقل لا يأبى من قول « هو أولى » و « هما أوليان »، ولا استحالة عقلية في هذا الإطلاق إطلاقاً.

والثاني: إنّ هذه الدعوى تردّها قواعد العربية وتصريحات أئمة اللغة والتفسير، لأن اسم التفضيل قد استعمل في آيات عديدة في القرآن الكريم مجرداً من « من » والاضافة وحرف التعريف، ففي سورة البقرة:( وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلهِ ) وأيضاً في سورة البقرة:( ذلِكُمْ أَزْكى لَكُمْ وَأَطْهَرُ ) وفي سورة الأنعام:( قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ) وفي سورة التوبة:( وَعَدَ اللهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْكُفَّارَ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللهُ وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوالاً وَأَوْلاداً ) وأيضاً في سورة التوبة( وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ ) وأيضاً في سورة التوبة:( قُلْ نارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً ) وفي سورة بني إسرائيل:( وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً ) وفي سورة الكهف( أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مالاً وَأَعَزُّ نَفَراً ) وفي سورة طه:( وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا أَشَدُّ عَذاباً وَأَبْقى ) وأيضاً في سورة طه:( وَاللهُ خَيْرٌ وَأَبْقى ) وفي سورة القصص:( وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقى ) وفي سورة الأعلى:( وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى ) .

إذن، يجوز إستعمال اسم التفضيل من دون « من » فدعوى عدم جواز « هو أولى » و « هما أوليان » باطلة.

بل إن خصوص « أولى » ورد استعماله في القرآن بلا « من » قال الله تعالى:( وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ ) .

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

والشجر على إصبع والماء والثرى على إصبع وسائر الخلائق على إصبع، فيقول أنا الملك، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه تصديقاً لقول الحبر، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما قدروا الله حق قدره.

وروى في ج ٨ ص ١٧٣

عن عبد الله أن يهودياً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد إن الله يمسك السماوات على إصبع والأرضين على إصبع والجبال على إصبع والشجر على إصبع والخلائق على إصبع، ثم يقول أنا الملك، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه، ثم قرأ:وما قدروا الله حقّ قدره . قال يحيى بن سعيد وزاد فيه فضيل بن عياض عن منصور عن إبراهيم عن عبيدة عن عبد الله فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم تعجباً وتصديقاً له.

... قال عبد الله جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب فقال: يا أبا القاسم إن الله يمسك السماوات على إصبع والأرضين على إصبع والشجر والثرى على إصبع والخلائق على إصبع، ثم يقول أنا الملك، أنا الملك فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذه، ثم قرأ:وما قدروا الله حقّ قدره .

- صحيح البخاري ج ٨ ص ١٨٧

... عن عبد الله قال جاء حبر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد إن الله يضع السماء على إصبع والأرض على إصبع والجبال على إصبع والشجر والأنهار على إصبع وسائر الخلق على إصبع ثم يقول بيده أنا الملك، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال:وما قدروا الله حقّ قدره .

- صحيح البخاري ج ٨ ص ٢٠٢

... عن عبد اللهرضي‌الله‌عنه قال جاء حبر من اليهود فقال: إنه إذا كان يوم القيامة جعل الله السماوات على إصبع والأرضين على إصبع والماء والثرى على إصبع والخلائق على إصبع ثم يهزهن، ثم يقول أنا الملك أنا الملك، فلقد رأيت النبي صلى الله عليه

٢٢١

وسلم يضحك حتى بدت نواجذه تعجباً وتصديقاً لقوله، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم:وما قدروا الله حق قدره ، إلى قولهيشركون .

- ورواه مسلم في ج ٨ ص ١٢٥ بعدة روايات منها بلفظ البخاري وفيها عبارة (وقال فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذه تعجباً لما قال تصديقاً له).

- ورواه أحمد في مسنده ج ١ ص ٣٧٨ وص ٤٢٩ وص ٤٥٧ وذكر في جميع رواياته أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ضحك حتى بدت نواجذه تصديقاً لليهودي! انتهى. ورواه البغوي في معالم التنزيل ج ٤ ص ٨٧ وفي مصابيحه ج ٣ ص ٥٢٣ والمراغي في تفسيره جزء ٢١ ص ٣١

والصنعاني في تفسيره ج ٢ ص ٢٥٠ والأحاديث القدسية ج ٢ ص ٣٩ وأبو الشيخ في طبقات المحدثين ج ١ ص ٢٨٧.. وغيرهم.

- ورواه الطبري في تفسيره ج ٢٤ ص ١٨، بصيغة كأنها ابتداء من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بدون ذكر لليهودي! قال: عن ابن عمر قال سمعت رسول الله (ص) يقول: يأخذ الجبار سمواته وأرضيه بيمينه وقبض يده فجعل يقبضها ويبسطها ثم يقول أنا الجبار أنا الملك، أين الجبارون أين المتكبرون! قال ويميل رسول الله (ص) عن يمينه وعن شماله حتى نظرت إلى المنبر يتحرك من أسفل شيء منه، حتى أني لأقول أساقط هو برسول الله (ص )!

* *

نكتفي بهذا القدر من النصوص عن الخليفة عمر وابنه وأبي موسى الأشعري وابنه، وهي أقدم من جميع نصوص الرؤية والتشبيه والتجسيم!

ومنها يتضح أن الخليفة عمر أول رائد في هذا المجال، وأن كعب الأحبار هو أول مصدر يهودي بعد يهود المدينة تلقى منه الخليفة ومن أطاع الخليفة من المسلمين بشكل رسمي! وكان من أبرز المتأثرين بالخليفة ولده عبد الله وأبا موسى الأشعري

٢٢٢

وولده أبا بكر.ثم جاء الذين من بعدهم فوجدوا طريقاً ممهداً فسلكوه، لأن فتح الخليفة عمر لهذا الباب لم يكن حدثاً عادياً، بل كان وضع أساس من صدر الإسلام لكل من جاء بعده، وفتح (قناة شرعية) بين نهر ثقافة أحبار اليهود ومكتوباتهم لتصب في نهر الإسلام الصافي!

وقد نشطت قناة الخليفة عمر، وصارت مصدراً أساسياً لثقافة المسلمين في عهد معاوية، وشرب الرواة وعلماء السلطة من أفكار كعب وجماعته، وشيدوا أبنيتهم بأحجارها! وهذه آثارها شاخصة في مصادر المسلمين وصحاحهم!

ومن جهة سياسية فقد سببت هذه الأفكار اختلافات في الأمة وانقسامات وصراعات مريرة.. وحاول المؤرخون كعادتهم أن يبرئوا منها السلطة والخليفة ويتهموا بها المعارضة من أهل البيت وشيعتهم، لمجرد أنهم معارضة مكروهون!

و طول البحث لو أردنا تعداد الذين رووا عن اليهود من رواة القرن الأول والثاني.. ومن باب المثال نذكر ما قاله السبكي في طبقات الشافعية ج ٩ ص ٧٣ في رده على ابن تيمية: (.... ثم أفاد المدعي (ابن تيمية) وأسند أن هذه المقالة مأخوذة من تلامذة اليهود والمشركين وضلال الصابئين. قال: فإن أول من حفظ عنه هذه المقالة: الجعد بن درهم، وأخذها عنه جهم بن صفوان، وأظهرها فنسبت مقالة الجهمية إليه، قال والجعد أخذها عن أبان بن سمعان، وأخذها أبان من طالوت بن أخت لبيد بن الأعصم، وأخذها طالوت من لبيد اليهودي الذي سحر النبي صلى الله عليه وسلم. قال: وكان الجعد هذا فيما يقال من أهل حران.

فيقال له: أيها المدعي إن هذه المقالة مأخوذة من تلامذة اليهود، قد خالفت الضرورة في ذلك، فإنه ما يخفى على جميع الخواص وكثير من العوام أن اليهود مجسمة مشبهات، فكيف يكون ضد التجسيم والتشبيه مأخوذاً عنهم!) انتهى.

ويسهل على الباحث أن يلاحظ أن بعض الأحاديث التي استدل بها ابن تيمية وغيره من القائلين بالرؤية بالعين والتشبيه، هي نصوص يهودية أو نصرانية موجودة في مصادرهم، وبعضها الآخر يشم منها رائحة يهودية قوية!

٢٢٣

ومن ذلك الحديثان اللذان أوردهما السبكي في مناقشته لابن تيمية، قال في طبقات الشافعية ج ٩ ص ٥٣: (حديث الرقية: ربنا الله الذي في السماء تقدس اسمك. حديث الأوعال: والعرش فوق ذلك كله والله فوق ذلك كله. فقد فهمه هذا المدعي (يقصد ابن تيمية) أن الله فوق العرش حقيقة. انتهى.

وحديث الأوعال هو الحديث الذي يدعي أن الله تعالى يجلس على عرشه وأن الحيوانات تحمل عرشه، تعالى الله عما يصفون، وستأتي رواياته في تفسير قوله تعالى: الرحمن على العرش استوى.

هذا وقد حاول بعض شراح البخاري ومسلم الدفاع عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وإثبات أنه لم يصدق الحاخام بل رد عقيدة اليهود في الله تعالى، ولكنهم ثاروا في وجههم!

- قال في الأحاديث القدسية من الصحاح ج ٢ ص ٤٢

قال القسطلاني: هذا من شديد الإشتباه وقد حمله بعضهم على أن اليهود مشبهة، وروي الحديث من غير واحد فلم يذكروا قوله (ص) إنه تعجب من قول الحبر تصديقاً لقوله بل ذكروا أنه (ص) تعجب من كذب اليهودي. انتهى. وذكرنحوه في إرشاد الساري ج ١٠ ص ٣٨٨ وقال:.... وهذه الأوصاف في حق الله تعالى محال.انتهى.

- وقال النووي في شرح مسلم ٩ جزء ١٧ ص ١٣٠

قوله (فضحك رسول الله (ص) تعجباً مما قال الحبر تصديقاً له، ثم قرأ:وما قدروا الله حق قدره ..) ظاهر الحديث أن النبي (ص) صدق الحبر في قوله إن الله تعالى يقبض السماوات والأرضين والمخلوقات بالأصابع. قال القاضي: وقال بعض المتكلمين ليس ضحكه (ص) وتعجبه تصديقاً للحبر، بل هو رد لقوله وإنكار تعجب من سوء اعتقاده، فإن مذهب اليهود التجسيم.... انتهى. ونحوه في ج ٩ جزء ١٧ ص ١٣١ وفي ج ٢ ص ٤٦

٢٢٤

ولكن جمهور علماء إخواننا السنة لم يقبلوا هذه النقود العلمية لأنها رد لما صرح به البخاري ومسلم، فعصمة هذين الكتابين واجبة عندهم حتى من اشتباهات الرواة والنساخ، وحتى لو استلزم ذلك تهمة النبي بتصديق اليهود في التجسيم! قال في الأحاديث القدسية من الصحاح ج ٢ ص ٤٣: قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح: ما اتفق عليه الشيخان بمنزلة التواتر، وإن ضحك الرسول ليس إنكاراً.... إن ما اتفق عليه الشيخان بمنزلة المتواتر فلا ينبغي التجاسر على الطعن في ثقاة الرواة، ورد الأخبار الثابتة! انتهى.

وأمام ذلك التشدد تراجع القسطلاني في كتاب التوحيد ج ١٠ ص ٣٨٨ ونقل قول أبي عمر الصلاح وأيده! وقال جامع الأحاديث القدسية من الصحاح ج ٢ ص ٤٥: قال ابن فورك:.... وقد اشتد إنكار ابن خزيمة على من ادعى أن الضحك المذكور على سبيل الإنكار منه صلى الله عليه وسلم!

* *

وهكذا أخذ أكثر علماء إخواننا السنة بحديث البخاري عن الحاخام، وشهدوا أن النبي أيده وصدقه، وضحك له ضحكاً كثيراً شديداً من فرحه بهذا العلم العظيم على حد تعبير إمام الوهابية. ولكن عدداً منهم بقي يراوده الشك والتحير كيف يمكن أن يؤيد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قول يهودي في التجسيم، مع أن الآية التي قرأها النبي تدل على رده قول اليهودي.

الكوثري يصعد درجات ولا يصل إلى لبّ الحقيقة

اقترب الشيخ محمد زاهد الكوثري من الحقيقة، فاعترف بأن التشبيه والتجسيم انتقل الى المسلمين من اليهود عن طريق رواة إخواننا السنة من التابعين ومن بعدهم، ولكنه لم ينفذ الى لب الحقيقة، ولم يجرأ على نسبة ذلك إلى الصحابة الذين أخذوا هذه العقائد من اليهود وأدخلوها في عقائد المسلمين.

٢٢٥

- قال في مقدّمته لكتاب الأسماء والصفات للبيهقي:

للمحدثين ورواة الاخبار منزلة عليا عند جمهرة أهل العلم، لكن بينهم من تعدى طوره وألف فيما لايحسنه، فأصبح مجلبة العار لطائفته بالغ الضرر لمن يسايره ويتقلد رأيه! من هوَلاء غالب من ألف منهم في صفات الله سبحانه، فدونك مرويات حماد بن سلمة في الصفات تجدها تحتوي على كثير من الأخبار التالفة يتناقلها الرواة طبقة عن طبقة، مع أنه قد تزوج نحو مائة امرأة من غير أن يولد له ولد منهن، وقد فعل هذا التزواج والتنكاح في الرجل فعله بحيث أصبح في غير حديث ثابت البناني لايميز بين مروياته الأصلية وبين مادسه في كتبه أمثال ربيبه ابن أبي العوجاء وربيبه الآخر زيد المدعو بابن حماد، بعد أن كان جليل القدر بين الرواة قوياً في اللغة، فضلّ بمروياته الباطلة كثير من بسطاء الرواة.

ويجد المطالع الكريم نماذج شتى من أخباره الواهية في باب التوحيد من كتب الموضوعات المبسوطة، وفي كتب الرجال، وإن حاول أناس الدفاع عنه بدون جدوى، وشرع الله أحق بالدفاع من الدفاع عن شخص، ولاسيما عند تراكب التهم القاطعة لكل عذر.

فعلت مرويات نعيم بن حماد أيضاً مثل ذلك بل تحمسه البالغ أدى به إلى التجسيم كما وقع مثل ذلك لشيخ شيخه مقاتل بن سليمان تجد آثار الضرر الوبيل في مروياتهما في كتب الرواة الذين كانوا يتقلدونها من غير معرفة منهم لما هنالك، فدونك كتاب الاستقامة لخشيش بن أصرم، والكتب التي تسمى السنة لعبد الله وللخلال، ولأبي الشيخ، وللعسال، ولأبي بكر بن عاصم، وللطبراني، والجامع، والسنة والجماعة لحرب بن إسماعيل السيرجاني، والتوحيد لابن خزيمة، ولابن منده، والصفات للحكم بن معبد الخزاعي، والنقض لعثمان بن سعيد الدارمي، والشريعة للآجري، والابانة لأبي نصر السجزي، ولابن بطة، ونقض التأويلات لأبي يعلي القاضي، وذم الكلام، والفاروق لصاحب منازل السائرين.. تجد فيها ما ينبذه

٢٢٦

الشرع والعقل في آن واحد ولا سيما النقض لعثمان بن سعيد الدارمي السجزي المجسم فإنه أول من اجترأ من المجسمة بالقول إن الله لو شاء لاستقر على ظهر بعوضة فاستقلت به بقدرته، فكيف على عرش عظيم!! وتابعه الشيخ الحراني (ابن تيمية) في ذلك كما تجد نص كلامه في غوث العباد المطبوع سنة ١٣٥١ بمطبعة الحلبي. وكم لهذاالسجزي من طامات مثل إثبات الحركة له تعالى وغير ذلك! كم من كتب من هذا القبيل فيها من الأخبار الباطلة والآراء السافلة ما الله به عليم، فاتسع الخرق بذلك على الراقع وعظم الخطب إلى أن قام علماء أمناء برأب الصدع نظراً ورواية وكان من هوَلاء العلماء الخطابي، وأبو الحسن الطبري، وابن فورك، والحليمي، وأبو إسحاق الاسفرايني، والأستاذ عبد القاهر البغدادي، وغيرهم من السادة القادة الذين لايحصون عدداً... انتهى.

نقول: مع شكرنا لمن تصدى لهذه التحريفات في عقائد الاسلام.. فإن المشكلة مازالت قائمة في مصادر إخواننا لكثرة أحاديث الرؤية والتشبيه والتجسيم فيها، وجلها إن لم يكن كلها يرجع مصدره الى كعب الأحبار وزملائه وتلاميذهم ومن تأثر بهم مثل أبي هريرة وعكرمة ووهب ومقاتل والسفيانين والحمادين ونعيم بن حماد.. الخ.! فلا بد من فتح باب الاجتهاد في الجرح والتعديل وقيام الدراسات النقدية الجادة لرواة أخبار الصفات.

وفيما يلي نقدم خلاصة أقوال علماء الجرح والتعديل في اثنين من قدماء الرواة ذكرهما الكوثري في كلامه، وهما: حماد بن سلمة، ونعيم بن حماد.

السّفيانان والحمّادان

السفيانان والحمادان من كبار أئمة الحديث عند إخواننا السنيين، بل هم شيوخ أئمة المذاهب سوى مالك، وكلهم من الفرس ماعدا سفيان الثوري الذي نسب الى تميم طابخة! وقد ولد الثوري سنة ٩٧ ومات سنة ١٦١ ثم سفيان بن عيينة الرازي أي

٢٢٧

الطهراني ولد سنة ١٠٧ وتوفي سنة ١٧٨، ثم حماد بن سلمة الفارسي أيضا الذي توفي سنة ١٦٧ ثم حماد بن زيد الفارسي أيضا الذي توفي سنة ١٧٩ كما في سير أعلام النبلاء للذهبي.

فالحمادان متعاصران ومتقاربان في السن، بل ذكر الكوثري أن حماد بن زيد هو ربيب حماد بن سلمة.. وقد حكم أهل الجرح بأن عقل ابن زيد أكبر من دينه، وأن دين ابن سلمة أكبر من عقله.

حمّاد بن سلمة

حماد بن سلمة الربعي فارسي مولى ربيعة الجوع، أو ربيعة كلب، قال في إكمال الكمال ج ٤ ص ١٤٧:

وفي اللباب (ربيعة الجوع وهو ربيعة بن مالك بن زيد مناة، منهم حماد بن سلمة الربعى مولاهم إمام مشهور) وذكر أيضاً ربيعة كلب (ربيعة بن حصن بن ضمضم بن عدي بن جناب بن هبل....)

- قال الذهبي في سير أعلام النبلاء ج٧ ص ٤٥٦

حماد بن زيد بن درهم، العلامة، الحافظ الثبت، محدث الوقت، قال إبراهيم بن سعيد الجوهري: سمعت أبا أسامة يقول: كنت إذا رأيت حماد بن زيد قلت: أدبه كسرى، وفقهه عمررضي‌الله‌عنه .

قال الخليلي: سمعت عبد الله بن محمد الحافظ، سمعت أبا عبيد محمد بن محمد بن أخي هلال الرأي، سمعت هشام بن علي يقول: كانوا يقولون كان علم حماد بن سلمة أربعة دوانيق، وعقله دانقين، وعلم حماد بن زيد دانقين، وعقله أربعة دوانيق.

- وقال المزي في تهذيب الكمال ج ٧ ص ٢٥١ عن حماد بن زيد:

وقال أبو حاتم بن حبان: كان ضريراً يحفظ حديثه كله، وكان درهم جده من سبي

٢٢٨

سجستان، وما كان يحدث إلا من حفظه، وقد وهم من زعم أن بينهما كما بين الدينار والدرهم، إلا أن يكون القائل أراد فضل ما بينهما مثل الدينار والدرهم في الفضل والدين، لان حماد بن سلمة كان أفضل وأدين وأورع من حماد بن زيد، ولسنا ممن يطلق الكلام على أحد بالجزاف بل نعطي كل شيخ قسطه، وكل راوٍ حظه، والله الموفق.

- تهذيب التهذيب ج ٣ ص ١٠

وقال أحمد بن حنبل: حماد بن زيد أحب إلينا من عبد الوارث. حماد من أئمة المسلمين من أهل الدين والاسلام، وهو أحب إلي من حماد بن سلمة.

- ميزان الاعتدال ج ٣ ص ١٣٦

وقال الذهلي: قلت لأحمد في علي بن عاصم فقال: كان حماد بن سلمة يخطيء، وأومأ أحمد بيده كثيراً، ولم نر بالرواية عنه بأساً.

ونحوه في سير أعلام النبلاء ج ٩ ص ٢٥٣ وفي تهذيب الكمال ج ٢٠ ص ٥١٠

- سير أعلام النبلاء ج ٥ ص ٢٣٦

قال أبوداود: سمعت أبا عبد الله أحمد يقول: حماد (بن أبي سليمان) مقارب الحديث، ما روى عنه سفيان وشعبة، ولكن حماد بن سلمة عنده عنه تخليط.

- الأنساب ج ١ ص ١٢١

الإمام أ بو إسماعيل حماد بن زيد بن درهم الأزدي البصري المعروف بالأزرق...

- وروى الذهبي في سير أعلام النبلاء ج ٩ ص ١١٤ أن حماد بن سلمة كان لا يحترم علم حماد بن زيد.. قال الذهبي: وروى عفان قال: كنا عند حماد بن سلمة، فأخطأ في حديث، وكان لا يرجع إلى قول أحد، فقيل له: قد خولفت فيه فقال: من؟ قالوا: حماد بن زيد فلم يلتفت، فقيل إن إسماعيل ابن علية يخالفك، فقام ودخل ثم خرج، فقال: القول ما قال إسماعيل.

٢٢٩

بعض روايات ابن سلمة في التشبيه والتجسيم

- لسان الميزان ج ١ ص ٤٨٥

أيوب بن عبدالسلام، أبو عبد السلام، قال ابن حبان: كانه كان زنديقا! يروي عن أبي بكرة عن ابن مسعودرضي‌الله‌عنهما : إن الله إذا غضب انتفخ على العرش حتى يثقل على حملته. رواه حماد بن سلمة وكان كذاباً.

قلت، بئس ما فعل حماد بن سلمة برواية مثل هذا الضلال، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثما إن يحدث بكل ما سمع، بل ولا أعرف له إسنادا عن حماد فيتأمل هذا، فإن ابن حبان صاحب تشنيع وتشغب. انتهى.

- وكذا في ميزان الإعتدال ج ١ ص ٢٩٠ وفيه: ص ٥٩٠:

حماد بن سلمة، عن ثابت، عن ابن أبى ليلى، عن صهيب - مرفوعاً: للذين أحسنوا الحسنى وزيادة، قال: هي النظر إلى وجه الله.

حماد، عن ثابت، عن أنس أن النبى صلى الله عليه وسلم قرأ: فلما تجلى ربه للجبل، قال: أخرج طرف خنصره، وضرب على إبهامه، فساخ الجبل! فقال حميد الطويل لثابت: تحدث بمثل هذا! قال فضرب في صدر حميد وقال: يقوله أنس، ويقوله رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكتمه أنا! رواه جماعة عن حماد (وصححه الترمذي).

إبراهيم بن أبى سويد، وأسود بن عامر، حدثنا حماد، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس - مرفوعاً: رأيت ربي جَعْداً أمرد عليه حلة خضراء.

وقال ابن عدي: حدثنا عبد الله بن عبد الحميد الواسطي، حدثنا النضر بن سلمة شاذان، حدثنا الاسود بن عامر، عن حماد، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس أن محمداً رأى ربه في صورة شاب أمرد دونه ستر من لؤلؤ قدميه أو رجليه في خضرة. وحدثنا ابن أبى سفيان الموصلي وابن شهريار قالا: حدثنا محمد بن رزق

٢٣٠

الله بن موسى، حدثنا الاسود بنحوه. وقال عفان: حدثنا عبدالصمد بن كيسان، حدثنا حماد، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: رأيت ربي. (ومثله في تذكرة الحفّاظ ج ٢ ص ٥٩٦)

وقال أبو بكر بن أبي داود: حدثنا الحسن بن يحيى بن كثير، حدثنا أبي، حدثنا حماد بنحوه. فهذا من أنكر ما أتى به حماد بن سلمة، وهذه الرؤية رؤية منام إن صحت... قال المرودي: قلت لأحمد: يقولون لم يسمع قتادة عن عكرمة فغضب وأخرج كتابه بسماع قتادة، عن عكرمة، في ستة أحاديث. ورواه الحكم بن أبان عن زيرك عن عكرمة. وهو غريب جداً....

- وقال... في الموضوعات ج ١ ص ١٢٢ عن حديث (أخرج خنصره أو طرف خنصره): وهذا حديث لا يثبت. قال ابن عدي الحافظ: كان ابن أبي العوجاء ربيب حماد بن سلمة فكان يدس في كتبه هذه الأحاديث. ومثله في ص ١٠٠

- سير أعلام النبلاء ج ٧ ص ٤٤٤

وروى عبد العزيز بن المغيرة، عن حماد بن سلمة: أنه حدثهم بحديث نزول الرب عز وجل فقال: من رأيتموه ينكر هذا، فاتهموه....

- وقال في ميزان الإعتدال ج ١ ص ٥٩٠

الدولابي، حدثنا محمد بن شجاع الثلجي، حدثني إبراهيم بن عبد الرحمن بن مهدي، قال: كان حماد بن سلمة لا يعرف بهذه الأحاديث يعني التي في الصفات حتى خرج مرة إلى عبادان فجاء وهو يرويها، فلا أحسب إلا شيطاناً خرج إليه من البحر، فألقاها إليه!

قال ابن الثلجي: فسمعت عباد بن صهيب يقول: إن حماداً كان لا يحفظ، وكانوا يقولون إنها دُسَّت في كتبه.

وقد قيل: إن ابن أبي العوجاء كان ربيبه فكان يدس في كتبه. قلت: ابن الثلجي ليس بمصدق على حماد وأمثاله، وقد اتهم. نسأل الله السلامة.

٢٣١

- وفي تهذيب التهذيب ج ٣ ص ١١

وقال الدولابي ثنا محمد بن شجاع البلخي حدثني إبراهيم بن عبد الرحمن بن مهدي قال كان حماد بن سلمة لا يعرف بهذه الأحاديث التي في الصفات حتى خرج مرة إلى عبادان فجاء وهو يرويها! فسمعت عباد ابن صهيب يقول: إن حماداً كان لا يحفظ وكانوا يقولون إنها دست في كتبه. وقد قيل إن ابن أبي العوجاء كان ربيبه فكان يدس في كتبه...

وحكى أبو الوليد الباجي في رجال البخاري أن النسائي سئل عنه فقال ثقة. قال الحكم بن مسعدة فكلمته فيه فقال: ومن يجترئ يتكلم فيه لم يكن عند القطان هناك. ثم جعل النسائي يذكر الأحاديث التي انفرد بها في الصفات كأنه خاف أن يقول الناس تكلم في حماد من طريقها انتهى.

وهو يدل على ما ذكرناه من أن العوام يحبون التجسيم لأن المعبود المادي أسهل على أذهانهم، وقد كان ذلك عاملاً في رواج سوق روايات التجسيم اليهودية، حتى أن أئمة المحدثين مثل النسائي يخاف أن يقولوا عنه إنه ضعف حماداً لروايات التجسيم!!

- سير أعلام النبلاء ج ٥ ص ٣١

وروى جعفر بن أبي عثمان الطيالسي، عن يحيى بن معين قال: إذا رأيت إنساناً يقع

في عكرمة، وفي حماد بن سلمة، فاتهمه على الاسلام!.

قلت: هذا محمول على الوقوع فيهما بهوى وحيف في وزنهما، أما من نقل ما قيل في جرحهما وتعديلهما على الانصاف فقد أصاب، نعم إنما قال يحيى هذا في معرض رواية حديث خاص في رؤية الله تعالى في المنام، وهو حديث يستنكر. وقد جمع ابن مندة فيه جزءاً سماه: صحة حديث عكرمة.

حمّاد يروي أنّ النبي لا يحفظ القرآن!

- تهذيب الكمال ج ٢ ص ٢٦٧

وقال حماد بن سلمة، عن ثابت، عن الجارود بن أُبي سبرة، عن أبي بن كعب:

٢٣٢

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بالناس فترك آية! فقال: أيكم أخذ عليّ شيئاً من قراءتي؟ فقال أبي: أنا يارسول الله، تركت آية كذا وكذا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قد علمت إن كان أحد أخذها عليّ فإنك أنت هو!

- وقال في تهذيب الكمال ج ٢ ص ٢٦٨: رواه البخاري في كتاب القراءة خلف الإمام عن أبي سلمة موسى بن إسماعيل، عن حماد. فوقع لنا بدلاً عالياً!

أخذ حمّاد القول بالجبر من شيخ شيخه وهب

- ميزان الإعتدال ج ٤ ص ٣٥٣

وروى حماد بن سلمة عن أبي سنان: سمعت وهب بن منبه يقول: كنت أقول بالقدر حتى قرأت بضعة وسبعين كتاباً من كتب الأنبياء في كلها: من جعل لنفسه شيئاً على المشيئة فقد كفر، فتركت قولي انتهى. ومثله في تهذيب الكمال ج ٣١ ص ١٤٧

ويقصد وهب بكتب الأنبياء: كتب بني إسرائيل المنسوبة الى الأنبياء.

ويقصد بعبارته التي نقلها من كتب اليهود: أن من يجعل للانسان شيئا من الإرادة في أفعاله فقد كفر! بل أفعاله كلها بما فيها المعاصي والجرائم من الله تعالى!! وبذلك رفع اليهود مسؤولية مخالفتهم لأنبيائهم وقتلهم إياهم عن عواتقهم، ونسبوها الى الله تعالى..!! وتبعهم في ذلك بعض المسلمين حذو القذة بالقذة!!

ربيبه عبد الكريم بن أبي العوجاء

نذكر فيما يلي شيئا عن ابن العوجاء ابن زوجة حماد الذي اتهموه بالدس في أحاديثه، لكي تعرف خطورته..قال في لسان الميزان ج ٤ ص ٥١:

عبد الكريم بن أبي العوجاء خال معن بن زائدة زنديق مغتر، قال أحمد بن عدي: لما أخذ ليضرب عنقه قال: لقد وضعت فيكم أربعة آلاف حديث أحرم فيه الحلال وأحلل الحرام!! قتله محمد بن سليمان العباسي الأمير بالبصرة. انتهى.

وذكر أبو الفرج الأصبهاني في كتاب الأغاني عن جرير بن حازم: كان بالبصرة ستة

٢٣٣

من أصحاب الكلام: واصل بن عطاء وعمرو بن عبيد وبشار بن برد وصالح بن عبد القدوس وعبد الكريم بن أبي العوجاء ورجل من الأزد، فكانوا يجتمعون في منزل الأزد...

- وفي تهذيب المقال ج ٣ ص ١٠١ ابن أبي العوجاء: هو عبد الكريم بن أبي العوجاء، أحد زنادقة عصر الامام الصادقعليه‌السلام . كان من تلامذة الحسن البصري فانحرف عن التوحيد، فقيل له تركت مذهب صاحبك ودخلت فيما لا أصل له ولا حقيقة! قال: إن صاحبي كان مخلطاً يقول طوراً بالقدر وطوراً بالجبر، فما أعلمه اعتقد مذهباً دام عليه.

قتله أبو جعفر محمد بن سليمان عامل البصرة من جهة المنصور. وكان خال معن بن زائدة. وقد جرى بينه وبين مولاناالصادقعليه‌السلام احتجاجات كثيرة....انتهى.

وتجد مناظرات الإمام الصادقعليه‌السلام وتلاميذه مع ابن أبي العوجاء وصاحبيه أبي شاكر الديصاني وعبد الله بن المقفع، وبقية أخباره ونشاطه في نشر الالحاد، في: الكنى والألقاب للقمي ج ١ ص ٢٠١، وفي إختيار معرفة الرجال للطوسي ج ٢ ص ٤٣٠، جامع الرواة للأردبيلي ج ٢ ص ١٦٠ و٢٩٦ و ٤٣٨، والإحتجاج للطبرسي.. وغيرها.

عشرات الألوف من الأحاديث ومئات التلاميذ

- تهذيب الكمال ج ١٩ ص ١٤٧

وقال أبوحاتم: صدوق ثقة، روى عنه أحمد بن حنبل وكان عنده عن حماد بن سلمة تسعة آلاف حديث...!!.

- تهذيب الكمال ج ٢٢ ص ٨٩

قال إسحاق بن سيار النصيبي: سمعت عمرو بن عاصم يقول: كتبت عن حماد بن سلمة بضعة عشر ألفاً! وكذا ج ٧ ص ٢٦٣ وفي سير أعلام النبلاء ج ١٠ ص ٢٥٧ وتهذيب التهذيب ج ٨ ص ٥٢

٢٣٤

- وفي سير أعلام النبلاء ج ٧ ص ٤٤٦

قال عمرو بن عاصم: كتبت عن حماد بن سلمة بضعة عشر ألفاً.

جعفر الطيالسي: سمعت عفان يقول: كتبت عن حماد بن سلمة بضعة عشر ألفاً.

- وفي تهذيب الكمال ج ٢٠ ص ١٧٢

وقال جعفر بن أبي عثمان الطيالسي: سمعت عفان يقول: يكون عند أحدهم حديث فيخرجه بالمقرعة، كتبت عن حماد بن سلمة عشرة آلاف حديث ما حدثت منها بألفي حديث.

وقال علي بن سهل بن المغيرة: سمعت يحيى بن معين يقول: لي حانوت بباب الطاق وددت أن عفان قرأ عليَّ كتب حماد بن سلمة فأبيعه وأدفع ثمنه إليه.

- سير أعلام النبلاء ج ٩ ص ٥٠٠

قال علي بن المديني: كان عند يحيى بن ضريس عن حماد بن سلمة عشرة آلاف حديث!

- تذكرة الحفّاظ ج ١ ص ٢٠٢

قال ابن المديني: كان عند يحيى بن ضريس عن حماد عشرة آلاف حديث.

- وقال في الجرح والتعديل ج ٣ ص ١٤٠

قال أحمد بن وكان عند يحيى بن ضريس عن حماد بن سلمة عشرة آلاف حديث، وعن الثوري عشرة آلاف أو نحوه....

- الجرح والتعديل ج ١ ص ٣٣٥

حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول: كتبت عن أبي سملة التبوذكي عشرة آلاف حديث، أما حديث حماد بن سلمة فعشرة آلاف حديث، وكنا نظن أنه يقرأ كما يقرأ قديماً فاستكتبنا الكثير ومات فبقي علينا شيء نحو قوصرة فوهبت لقوم بالبصرة. انتهى. أي بقي من أحاديث التبوذكي تلميذ ابن حماد كيس كبير (خيشة) وسيأتي أن أحمد بن حنبل روى عنه تسعة آلاف حديث!

٢٣٥

- تهذيب التهذيب ج ٣ ص ١١

البخاري في التعاليق ومسلم والأربعة: حماد بن سلمة بن دينار البصري أبو سلمة مولى تميم. ويقال مولى قريش وقيل غير ذلك. روى عن: ثابت البناني وقتادة وخاله حميد الطويل وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة وانس بن سيرين وثمامة بن عبد الله بن أنس ومحمد بن زياد القرشي وأبي الزبير المكي وعبد الملك بن عمير وعبد العزيز بن صهيب وأبي عمران الجوني وعمرو بن دينار وهشام بن زيد بن انس وهشام بن عروة ويحيى ابن سعيد الأنصاري وأيوب السختياني وخالد الحذاء وداود بن أبي هند وسليمان التيمي وسماك بن حرب وخلق كثير من التابعين فمن بعدهم.

وعنه: ابن جريج والثوري وشعبة وهم أكبر منه وابن المبارك وابن مهدي والقطان وأبوداود و أبوالوليد الطيالسيان وأبوسلمة التبوذكي وآدم بن أبي اياس والاشيب وأسود بن عامر شاذان وبشر بن السري وبهز بن أسد وسليمان بن حرب وأبونصر الثمار وهدبة بن خالد وشيبان بن فروخ وعبيد الله العيشي وآخرون...انتهى. وقد أورد الذهبي في سير أعلام النبلاء ج ٧ ص ٤٤٤ عدداً أكبر من شيوخه وتلاميذه.

- تهذيب التهذيب ج ١٠ ص ٢٩٤

دعس (أبي داود والنسائي في مسند علي) مهنأ بن عبد الحميد أبوشبل ويقال أبو سهل البصري. روى عن حماد بن سلمة، وعنه أحمد بن حنبل.

كان مفتي البصرة وله مسجد ويلزم تلاميذه بالكتابة عنه

- تهذيب التهذيب ج ٣ ص ١١

وحماد من أجلة المسلمين وهو مفتي البصرة، وقد حدث عنه من هو أكبر منه سناً. ونحوه في ميزان الاعتدال ج ١ ص ٥٩٠

- ميزان الاعتدال ج ١ ص ٦٠٨

حمزة بن واصل البصري.... قلت: هو صاحب حديث المرأة البيضاء بطوله،

٢٣٦

رواه الدارقطني في كتاب الرؤية من طريق محمد بن سعيد القرشى، حدثنا حمزة بن واصل المنقري، وكان يلزم مسجد حماد بن سلمة، وحماد أمرنا أن نكتب عنه..

- تذكرة الحفّاظ ج ١ ص ٢٠٢

قال أبو داود لم يكن لحماد بن سلمة كتاب إلا كتاب قيس بن سعد...! ومثله في سير أعلام النبلاء ج ٧ ص ٤٤٤

- الأنساب ج ٢ ص ٣٥٦

قلت: وعباد أيضا ليس بشيء وقد قال أبو داود لم يكن لحماد بن سلمة كتاب غير كتاب قيس بن سعد يعني كان يحفظ علمه.

وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه: ضاع كتاب حماد عن قيس بن سعد وكان يحدثهم من حفظه.

- سير أعلام النبلاء ج ١١ ص ٩٩

وقال ابن عدي: سمعت أبا يعلى وسئل عن هدبة وشيبان أيهما أفضل فقال: هدبة أفضلهما وأوثقهما وأكثرهما حديثاً، كان حديث حماد بن سلمة عنده نسختين: واحدة على الشيوخ، وأخرى على التصنيف.

ومع هذا وثّقه إخواننا وغالوا فيه

- إكمال الكمال ج ٢ ص ١٨٥

وفي المشتبه: فقيه العصر أبو حنيفة الخزاز، وإمام المحدثين حماد بن سلمة...

- ميزان الإعتدال ج ١ ص ٥٩٠

حماد بن سلمة بن دينار الامام العلم، أبوسلمة البصري.... وقال ابن المديني: من سمعتموه يتكلم في حماد فاتهموه.

وقال رجل لعفان: أحدثك عن حماد قال: من حماد ويلك! قال: ابن سلمة. قال: ألا تقول أمير المؤمنين....

٢٣٧

- تهذيب الكمال ج ١٩ ص ١٤٧

قال أبوطالب، عن أحمد بن حنبل: صدوق في الحديث..... روى عنه أحمد بن حنبل وكان عنده عن حماد بن سلمة تسعة آلاف حديث...!

- تهذيب الكمال ج ٧ ص ٢٦١

وقال شهاب بن المعمر البلخي: كان حماد بن سلمة يعد من الابدال، وعلامة الأبدال أن لا يولد لهم! تزوج سبعين امرأة فلم يولد له.انتهى. وكذا في أنساب السمعاني ج ٢ ص ٣٥٦.

ولم أجد فيما راجعت من كتب الجرح والتعديل أنه تزوج نحو مئة امرأة كما ذكر العلامة الكوثري، وإن كانت السبعين أكثر من ثلثي المئة!

- تذكرة الحفّاظ ج ١ ص ٢٠٢

شهاب بن معمر كان حماد بن سلمة يعد من الأبدال.

- وقال في الجرح والتعديل ج ٣ ص ١٤٠

نا سعيد بن أبي سعيد الأراطي الرازي قال سئل أحمد بن حنبل عن حماد بن سلمة فقال: صالح... المديني: لم يكن في أصحاب ثابت أثبت من حماد بن سلمة عن يحيى بن معين قال: حماد بن سلمة ثقة.

- سير أعلام النبلاء ج ٧ ص ٤٤٤

حماد بن سلمة ابن دينار، الامام القدوة، شيخ الاسلام، أبوسلمة البصري، النحوي، البزاز، الخرقي، البطائني، مولى آل ربيعة بن مالك....

وقال حجاج بن منهال: حدثنا حماد بن سلمة، وكان من أئمة الدين.

قال أبو عبد الله الحاكم: قد قيل في سوء حفظ حماد بن سلمة، وجمعه بين جمعة في الاسناد بلفظ واحد، ولم يخرج له مسلم في الأصول إلا من حديثه عن ثابت، وله في كتابه أحاديث في الشواهد عن غير ثابت....

٢٣٨

قال أحمد بن حنبل: إذا رأيت من يغمزه، فاتهمه فإنه كان شديداً على أهل البدع، إلا أنه لما طعن في السن ساء حفظه، فلذلك لم يحتج به البخاري، وأما مسلم فاجتهد فيه وأخرج من حديثه عن ثابت، مما سمع منه قبل تغيره، وما عن غير ثابت فأخرج نحو اثني عشر حديثاً في الشواهد دون الاحتجاج، فالاحتياط أن لا يحتج به فيما يخالف الثقات....

قال أبو القاسم البغوي: حدثني محمد بن مطهر قال: سألت أحمد ابن حنبل فقال: حماد بن سلمة عندنا من الثقات، ما نزداد فيه كل يوم إلا بصيرة.

قال أبوسلمة التبوذكي: مات حماد بن سلمة وقد أتى عليه ست وسبعون سنة.

وقال ابن سعد: أخبرني أ بوعبد الله التميمي قال: أخبرني أبوخالد الرازي، عن حماد بن سلمة قال: أخذ إياس بن معاوية بيدي وأنا غلام فقال: لا تموت حتى تقص، أما إني قد قلت هذا لخالك يعني حميد الطويل، فما مات حماد حتى قص. قال أبو خالد قلت لحماد: أنت قصصت قال: نعم.

قلت: القاص هو الواعظ.

قال علي بن عبد الله: قلت ليحيى: حملت عن حماد بن سلمة إملاء. قال: نعم، إملاء كلها، إلا شيئا كنت أسأله عنه في السوق، فأتحفظ. قلت ليحيى: كان يقول: حدثني وحدثنا قال: نعم، كان يجيء بها عفواً، حدثني وحدثنا... انتهى.

أقول: ينبغي للباحث أن يتوقف عند فراسة إياس بن معاوية بأن حماداً قصاص، وأن فراسته قد تحققت في حماد! فالقصاص في القرون الأولى له مواصفات محددة، ومن أولها أن يعرف الاسرائيليات ويقصها على الناس.. ولابد أن حمادا كان صاحب بضاعة كبيرة من الاسرائيليات، وأين هي... إلا في مروياته!

- تذكرة الحفّاظ ج ١ ص ٢٠٢

حماد بن سلمة بن دينار الامام الحافظ شيخ الاسلام أبو سلمة الربعي مولاهم البصري.... وقال وهيب: حماد بن سلمة سيدنا وأعلمنا.

٢٣٩

وقال أحمد بن حنبل: حماد بن سلمة أعلم الناس بثابت البناني وأثبتهم في حميد... قلت: هو أول من صنف التصانيف... وقيل إن حماد بن سلمة تزوج سبعين امرأة ولم يولد له ولد. وعن حمد بن حنبل قال: إذا رأيت الرجل ينال من حماد بن سلمة فاتهمه على الإسلام. مناقب حماد يطول شرحها....

واحترمه البخاري وروى عنه ولم يكتفوا بذلك

مع أن البخاري ترجم لحماد في تاريخه الكبير ج ٣ ص ٢٢ بكل احترام، وروى عنه في صحيحه، ولكن المتعصبين لحماد هاجموا البخاري لماذا لم يحتج بحماد فيما خالف فيه الثقات! وقد دافع بعضهم عن البخاري!

قال في الموضوعات ج ١ ص ٣٤: وإنما اشترط البخاري ومسلم الثقة والاشتهار وقد تركا أشياء كثيرة تركها قريب وأشياء لاوجه لتركها، فمما ترك البخارى الرواية عن حماد بن سلمة مع علمه بثقته لأنه قيل له إنه كان له ربيب يدخل في حديثه ما ليس منه.

- تهذيب الكمال ج ٧ ص ٢٦٦

يعرض ابن حبان هنا بمحمد بن إسماعيل البخاري صاحب الصحيح، وقد رد ابن حبان على البخاري رداً قوياً في مقدمة صحيحه ١١٤ - ١١٧ بسبب عدم تخريجه له.

- الأنساب للسمعاني ج ٢ ص ٣٥٦

ولم ينصف من جانب حديثه واحتج بأبي بكر بن عياش في كتابه وبابن أخي الزهري وبعبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، فإن كان تركه إياه لما كان يخطيء فغيره من أقرانه مثل الثوري وشعبة ودونهما كانوا يخطئون، فإن زعم أن خطأه قد كثر من تغير حفظه فقد كان ذلك في أبي بكر بن عياش موجوداً، وأنى يبلغ أبو بكر حماد بن سلمة، ولم يكن من أقران حماد بالبصرة مثله في الفضل والدين والعلم والنسك والجمع والكتبة والصلابة في السنة والقمع لأهل البدعة، ولم يكن مثله في أيامه

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391