نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٨

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار15%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 391

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 391 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 308409 / تحميل: 7465
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٨

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

أحد الأربعة فقال:

يا رسول الله: ألم تر أن عليّاً صنع كذا وكذا؟

فأعرض عنه.

ثم قام آخر فقال: يا رسول الله، ألم تر أن عليّاً صنع كذا وكذا؟

فأعرض عنه.

ثم قام آخر منهم، فقال: يا رسول الله، ألم تر أن عليّاً صنع كذا وكذا؟

فأعرض عنه.

ثم قام الرابع فقال: يا رسول الله، ألم تر أن عليّاً صنع كذا وكذا؟

فأقبل عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم - يعرف الغضب في وجهه - فقال:

ماذا تريدون من علي؟ - ثلاث مرات - إنّ علياً مني وأنا منه، وهو وليُّ كلّ مؤمن بعدي»(١) .

أقول:

ورجال هذه الأسانيد مذكورون في الكتاب، إلّا رجال الطريق الثالث:

فأمّا ( بشر بن موسى ) فقد قال:

الخطيب: « كان ثقة أميناً عاقلاً ركيناً »(٢) .

الدارقطني: « ثقة ».

وكان أحمد بن حنبل: يكرمه.

__________________

(١). المعجم الكبير ١٨ / ١٢٨.

(٢). تاريخ بغداد ٧ / ٨٦.

١٤١

ووصفه الذهبي بـ « الإمام الحافظ الثقة المعمّر »(١) .

وأمّا ( الحسن بن المتوكّل ) فهو: الحسن بن علي بن المتوكّل البغدادي.

ترجم له الخطيب وقال: « كان ثقة »(٢) .

وأمّا (خالد ) فهو: خالد بن أبي يزيد القرني.

ذكره الخطيب حيث قال: « خالد بن أبي يزيد - وقيل: خالد بن يزيد.

والصواب: ابن أبي يزيد - وهو خالد المزرقي، والقطربلي، والقرني روى عنه: محمّد بن الحسين البرجلاني وبشر بن موسى، والحسن بن علي بن المتوكل، وغيرهم

ولم يكن به بأس »(٣) .

* * *

__________________

(١). سير أعلام النبلاء ١٣ / ٣٥٢.

(٢). تاريخ بغداد ٧ / ٣٦٩.

(٣). تاريخ بغداد ٨ / ٣٠٤.

١٤٢

* وقال الحافظ الطبراني:

« حدثنا عبدالوهاب بن رواحة الرامهرمزي، قال: حدثنا أبو كريب، قال: حد ثنا حسن بن عطيّة، قال حدّثنا سعّاد بن سليمان، عن عبدالله بن عطاء، عن عبدالله بن بريدة عن علي قال:

بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم علي بن أبي طالب وخالد بن الوليد، كلّ واحدٍ منهما وحده، وجمعهما فقال: إذا اجتمعتما فعليكم علي. قال: فأخذا يميناً ويساراً، فدخل علي فأبعد، فأصاب سبياً، فأخذ جاريةً من السبي.

قال بريدة: وكنت من أشدّ الناس بغضاً لعلي.

فأتى رجل خالد بن الوليد، فذكر أنه قد أخذ جاريةً من الخمس، فقال: ما هذا؟ ثم جاء آخر، ثم جاء آخر ثم تتابعت الأخبار على ذلك.

فدعاني خالد فقال: يا بريدة، قد عرفت الذي صنع، فانطلق بكتابي هذا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فكتب إليه.

فانطلقت بكتابه. حتى دخلت على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأخذ الكتاب بشماله - وكان كما قال الله عزّ وجلّ لا يقرأ ولا يكتب - فقال: وكنت إذا تكلّمت طأطأت رأسي حتى أفرغ من حاجتي، فطأطأت رأسي فتكلّمت.

فوقعت في علي حتى فرغت، ثم رفعت رأسي.

فرأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم غضب غضباً لم أره غضب مثله إلّا

١٤٣

يوم قريظة والنضير. فنظر إليَّ فقال:

يا بريدة، أحبَّ عليّاً، فإنما يفعل ما يؤمر به.

قال: فقمت وما من الناس أحد أحبَّ إليَّ منه »(١) .

أقول:

أمّا ( عبدالوهاب بن رواحة ) فهو:

من مشايخ الطبراني. قال السمعاني: « وعبدالوهاب بن رواحة الرامهرمزي، يروي عن أبي كريب محمّد بن العلاء الهمداني الكوفي. روى عنه سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني »(٢) .

وأمّا ( أبو كريب ) فهو: محمّد بن العلاء الهمداني الكوفي.

من رجال الصحاح الستّة.

ومن مشايخ: الذهلي، وأبي زرعة، وأبي حاتم، وعبدالله، وأبي يعلى، ومطيّن، والفريابي، وابن خزيمة، وآخرين.

وأمّا (الحسن بن عطيّة ) وسائر رجال السّند، فتراجمهم موجودة في الكتاب فيما تقدم ويأتي.

* * *

__________________

(١). المعجم الأوسط ٥ / ٤٢٥.

(٢). الأنساب - الرامهرمزي.

١٤٤

* وقال الحافظ أبو نعيم الإصبهاني:

« حدثنا عبدالله بن جعفر، ثنا إسماعيل بن عبدالله، ثنا الفضل بن دكين، ثنا ابن أبي غنيّة، عن الحكم، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس، عن بريدة، قال:

غزوت مع علي إلى اليمن، فرأيت منه جفوةً، فقدمت على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فذكرت عليّاً، فتنقّصته، فرأيت وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يتغيّر وقال:

يا بريدة، ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟

قلت: بلى يا رسول الله.

قال: من كنت مولاه فعلي مولاه.

رواه أبو بكر بن أبي شيبة، عن الفضل، مثله.

حدثنا أحمد بن جعفر بن مالك، ثنا عبدالله بن أحمد، حدّثني أبي، ثنا روح، ثنا علي بن سويد بن منجوف، عن عبدالله بن بريدة، عن أبيه قال:

بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عليّاً إلى خالد بن الوليد ليقسّم الخمس - وقال روح مرّةً: ليقبض الخمس - قال: فأصبح علي ورأسه يقطر. قال فقال خالد لبريدة:

ألا ترى ما يصنع هذا؟

١٤٥

قال: فلما رجعت إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم أخبرته بما صنع علي. قال: فكنت أبغض علياً.

قال: فقال: يا بريدة، أتبغض عليّاً؟

قال: قلت: نعم.

قال: فلا تبغضه.

وقال: روح مرةً: فأحبّه فإنّ له في الخمس أكثر من ذلك »(١) .

أقول:

ورجال هذا السند إلى « سعيد بن جبير » كلّهم أئمة مشاهير، ترجمنا لهم في الكتاب، و« سعيد » غنيّ عن التعريف.

* * *

__________________

(١). معرفة الصحابة ٣ / ١٦٣.

١٤٦

* وقال الحافظ أبو نعيم الإصبهاني:

« حدّثناه القاضي أبو أحمد العسّال، ثنا القاسم بن يحيى بن نصر(١) ، ثنا لوين، ثنا أبو معشر البراء، عن علي بن سويد بن منجوف، عن ابن بريدة عن أبيه:

إنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم بعث عليّاً

فذكر نحوه ».

أقول:

أمّا ( أبو أحمد العسّال ) فقد ترجمنا له.

وأمّا ( أحمد بن القاسم بن نصر ) فقد

قال الذهبي: « أحمد بن القاسم. أخو أبي الليث.

سمع محمّد بن سليمان لويناً و

حدّث عنه: أبو حفص بن شاهين، وأبو حفص الكتاني.

وثّقه الخطيب »(٢) .

وأمّا ( لوين ) فقد ترجمنا له.

__________________

(١). كذا، والصحيح: أحمد بن القاسم بن نصر.

(٢). سير أعلام النبلاء ١٤ / ٤٦٦، وانظر تاريخ الخطيب: ٤ / ٣٥٢.

١٤٧

وأمّا (أبو معشر البراء ) فهو: يوسف بن يزيد.

من رجال مسلم والبخاري.

وروى عنه جماعة من الأكابر.

قال الحافظ ابن حجر: صدوق ربما أخطأ(١) .

وأمّا (علي بن سويد بن منجوف ) فهو:

من رجال البخاري

وروى عنه: شعبة، والقطّان، وحمّاد بن زيد، والنضر بن شميل، وغيرهم قال عبدالله عن أبيه: ما أرى به بأساً.

وقال ابن معين: ثقة.

وقال أبو داود: ثقة.

وقال الدارقطني: ثقة.

وقال النسائي: لا بأس به.

وذكره ابن حبان في الثقات(٢) .

وأما ترجمة (ابن بريدة ) فمذكورة في الكتاب.

* * *

__________________

(١). تهذيب التهذيب ١١ / ٣٧٨ - ٤٥١، تقريب التهذيب ٢ / ٣٨٣.

(٢). تهذيب التهذيب ٧ / ٢٩١.

١٤٨

* وقال الحافظ أبو نعيم:

« حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا معاذ بن المثنى، ثنا مسدد.

ح وحدثنا أبو عمرو ابن حمدان، ثنا الحسن بن سفيان، ثنا بشر بن هلال وعبدالسلام بن عمرو.

قالوا: ثنا جعفر بن سليمان، عن يزيد الرشك، عن مطرف، عن عمران بن حصين، قال:

بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سرية، واستعمل عليهم علياً - كرّم الله وجهه - فأصاب علي جاريةً، فأنكروا ذلك عليه، فتعاقد أربعة من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قالوا: إذا لقينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أخبرناه بما صنع علي.

قال عمران: وكان المسلمون إذا قدموا من سفرٍ، بدؤا برسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فسلَّموا عليه ثم انصرفوا.

فلمـّا قدمت السرية، سلّموا على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فقام أحد الأربعة فقال: يا رسول الله، ألم تر أنّ عليّاً صنع كذا وكذا؟ فأعرض عنه.

ثم قام آخر منهم فقال: يا رسول الله. ألم تر أن عليّاً صنع كذا وكذا. فأعرض عنه.

حتى قام الرابع، فقال: يا رسول الله، ألم تر أن عليّاً صنع وكذا وكذا؟

١٤٩

فأقبل عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم - يعرف الغضب في وجهه - فقال: ما تريدون من علي؟ - ثلاث مرات.

ثم قال: إنّ علياً منّي وأنا منه، وهو ولي كلّ مؤمن بعدي »(١) .

أقول:

أما (أبو نعيم الاصبهاني ) فغني عن التعريف.

أمّا (سليمان بن أحمد ) فهو: أبو القاسم الطبراني.

وهو غني عن التعريف كذلك.

وأمّا (معاذ بن المثنى ):

قال الخطيب: « سكن بغداد، وحدّث بها عن: محمّد بن كثير العبدي، ومسّدد روى عنه: أحمد بن علي الأبار، ويحيى بن صاعد، ومحمّد بن مخلد، وإسماعيل بن علي الخطبي، وعبدالباقي بن قانع، وأبو بكر الشافعي، وعمر بن مسلم، وجعفر بن الحكم المؤدب، وغيرهم. وكان ثقة.

مات سنة ٢٨٨ »(٢) .

وقال الذهبي: « معاذ بن المثنى، أبو المثنّى: ثقة متقن، عنه: أبو بكر الشافعي، وجعفر المؤدب، والطبراني، وآخرون، عاش ثمانين سنة. توفي سنة ٢٨٨ »(٣) .

__________________

(١). حلية الأولياء ٦ / ٢٩٤.

(٢). تاريخ بغداد ١٣ / ١٣٦.

(٣). سير أعلام النبلاء ١٣ / ٥٢٧.

١٥٠

وأمّا (مسدد ) فهو: مسدّد بن مسرهد البصري:

وهو من رجال: البخاري، وأبي داود، والترمذي، والنسائي:

قال الحافظ: « ثقة حافظ »(١) .

وأمّا (أبو عمرو ابن حمدان ) فهو: مسند خراسان، محمّد بن أحمد الحيري، المتوفى سنة ٣٧٦.

قال الذهبي: « الإمام المحدّث الثقة، النحوي البارع، الزاهد العابد، مسند خراسان، أبو عمرو مناقبه جمّة وتفرّد بالرواية عن طائفة

قال الحاكم: وكان من القرّاء والنحويين، وسماعاته صحيحة، رحل به أبوه، وصحب الزهاد، وأدرك أبا عثمان والمشايخ

وقال الحافظ محمّد بن طاهر المقدسي: كان يتشيّع.

قال الذهبي: تشيّعه خفيف كالحاكم »(٢) .

وأمّا ( الحسن بن سفيان ) فقد:

قال الحاكم: « كان محدّث خراسان في عصره، مقدّماً في الثبت والكثرة والفهم والفقه والأدب.

وقال أبو حاتم ابن حبان: كان ممن رحل وصنف وحدّث، على تيقّظ مع صحة الديانة والصّلابة في السنّة.

وقال ابن أبي حاتم: كتب إليَّ وهو صدوق.

وقال الذهبي: « الإمام الحافظ الثبت »(٣) .

__________________

(١). تقريب التهذيب ٢ / ٢٤٢.

(٢). سير أعلام النبلاء ١٦ / ٣٥٦.

(٣). سير أعلام النبلاء ١٤ / ١٥٧.

١٥١

وأمّا (بشر بن هلال ) فهو:

من رجال: مسلم، والترمذي، والنسائي، وأبي داود، وابن ماجة.

وثّقه ابن حبان، والنسائي، وأبو علي الجياني.

وقال أبو حاتم: صدوق.

ووثّقه الحافظ ابن حجر(١) .

وأمّا (عبدالسلام بن عمرو ).

فلم أعرفه الآن.

وأمّا (جعفر بن سليمان ).

و (يزيد الرشك ).

و (مطرف ).

فقد تقدمت تراجمهم في الكتاب.

وأمّا (عمران بن حصين ).

فهو الصحابي الجليل.

فظهر: صحّة الطريق الأوّل.

وكذا الطريق الثاني، وإنْ كان فيه: « عبدالسلام بن عمرو » ولم أعرفه، - ولعلّ هناك سهواً - لوثاقة « بشر بن هلال » كما هو واضح

هذا، وقد روى الذهبي هذا الخبر بإسناده عن أبي نعيم بالطريق الأوّل، كما سيأتي، ثم قال: « تابعه: قتيبة، وبشر بن هلال، وعفان » فأسقط « عبدالسلام ابن عمرو ».

* * *

__________________

(١). تهذيب التهذيب ١ / ٤٠٤. تقريب التهذيب ١ / ١٠٢.

١٥٢

* وقال الحافظ ابن عساكر:

« أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمّد بن الحصين، أنا أبو علي بن المذهب، أنا أحمد بن جعفر، نا عبدالله بن أحمد، حدّثني أبي، نا ابن نمير، نا أجلح الكندي، عن عبدالله بن بريدة، عن أبيه بريدة قال:

بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعثين إلى اليمن، على أحدهما علي ابن أبي طالب، وعلى الآخر خالد بن الوليد، فقال: إذا التقيتم فعلي على الناس، وإنْ افترقتما فكلّ واحدٍ منكما على جنده. قال: فلقينا نبي زبيد من أهل اليمن، فاقتتلنا، فظهر المسلمون على المشركين، فقتلنا المقاتلة وسبينا الذراري، فاصطفى علي امرأةً من السبي لنفسه.

قال بريدة: فكتب معي خالد بن الوليد إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يخبره بذلك.

فلمـّا أتيت النبي صلّى الله عليه وسلّم دفعت الكتاب، فقرئ عليه.

فرأيت الغضب في وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

فقلت: يا رسول الله، هذا مكان العائذ. بعثتني مع رجلٍ وأمرتني أنْ أطيعه، فبلّغت ما اُرسلت به.

فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: لا تقع في علي، فإنّه منّي وأنا منه،

١٥٣

وهو وليّكم بعدي »(١) .

أقول:

أمّا (أبو القاسم هبة الله بن الحصين )

و (أبو علي ابن المذهب )

فقد ترجمنا لهم.

وكذا (أحمد بن جعفر ) وهو القطيعي.

وترجمة (عبدالله بن أحمد ) فما فوقه، موجودة في الكتاب.

فالسند صحيح بلا كلام.

* * *

__________________

(١). تاريخ دمشق ٤٢ / ١٩٠.

١٥٤

* وقال الحافظ ابن عساكر:

« وأخبرتنا به اُم المجتبى العلويّة قالت: قرىء على إبراهيم بن منصور، أنا أبو بكر بن المقرئ، أنا أبو يعلى، أنا الحسن بن عمر بن شقيق الجرمي، نا جعفر بن سليمان، عن يزيد الرشك، عن مطرف بن عبدالله بن الشخير، عن عمران بن حصين قال:

بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سرية، فاستعمل عليهم عليّاً، قال: فمضى علي في السرية، فأصاب علي جاريةً، فأنكر ذلك عليه أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قالوا: إذا لقينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أخبرناه بما صنع علي.

قال عمران: وكان المسلمون إذا قدموا من سفرٍ، بدأوا برسول الله صلّى الله عليه وسلّم فسلّموا عليه، ونظروا إليه، ثم ينصرفون إلى رحالهم.

قال: فلما قدمت السرية سلّموا على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

قال: فقام أحد الأربعة فقال:

يا رسول الله، ألم تر أن عليّاً صنع كذا وكذا؟

فأعرض عنه.

ثم قام آخر منهم فقال:

يا رسول الله، ألم تر أن عليّاً صنع كذا وكذا؟

١٥٥

فأعرض عنه.

ثم قام آخر منهم فقال:

يا رسول الله، ألم تر أن عليّاً صنع كذا وكذا؟

فأقبل إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم - والغضب يعرف في وجهه - فقال: ما تريدون من علي؟ ما تريدون من عليّ؟ إنّ علياً مني وأنا منه وهو ولي كلّ مؤمن بعدي »(١) .

أقول:

أمّا (اُم المجتبى ) فهي: فاطمة العلوية بنت ناصر الإصبهانية. توفيت سنة ٥٣٣.

وهي شيخة إبن عساكر والسمعاني. قال السمعاني في مشيخته: « امرأة علويّة معمرة، كتبت عنها باصبهان، وماتت في سنة ٥٣٣ ».

وأمّا (إبراهيم بن منصور ) فهو سبط بحرويه، المترجم له في الكتاب.

و (أبو بكر بن المقرىء ) ترجمنا له كذلك.

وسائر الرواة عرفتهم في رواية ( أبي يعلى الموصلي )

* * *

__________________

(١). تاريخ ابن عساكر ٤٢ / ١٩٨ - ١٩٩.

١٥٦

* وقال الحافظ ابن عساكر:

« أخبرنا أبو عبدالله الحسين بن عبدالملك، أنا أبو القاسم إبراهيم بن منصور، أنا أبو بكر بن المقرىء، نا أبو يعلى، نا أبو خيثمة زهير بن حرب، نا أبو الجواب، نا عمّار بن زريق، عن الأجلح، عن عبدالله بن بريدة، عن أبيه قال:

بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعثين إلى اليمن، على أحدهما علي ابن أبي طالب، وعلى الآخر خالد بن الوليد، فقال: إذا اجتمعتما فعلي على الناس، وإذا افترقتما فكلّ واحدٍ منكما على حدة. قال: فلقينا بني زبيد من اليمن، فقاتلناهم، فظهر المسلمون على الكافرين، فقتلوا المقاتلة وسبوا الذرية، واصطفى علي جاريةً من الفيء، فكتب معي خالد يقع في علي، وأمرني أنْ أنال منه.

قال: فلما أتيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رأيت الكراهية في وجهه. فقلت: هذا مكان العائذ يا رسول الله، بعثتني مع رجلٍ وأمرتني بطاعته، فبلَّغت ما أرسلني، قال:

يا بريدة، لا تقع في علي، علي مني وأنا منه، وهو وليّكم بعدي ».

أقول:

هذا من الأسانيد الصحيحة لحديث الولاية:

(أبو عبدالله الحسين بن عبدالملك )

و (أبو القاسم إبراهيم بن منصور )

١٥٧

و (أبو بكر المقرىء )

ترجمنا لهم.

وأما (أبو يعلى ) فغني عن التعريف.

وأمّا (زهير بن حرب ) فقد ذكرنا ترجمته.

وأمّا (أبو الجواب ) فهو: الأحوص بن الجواب:

من رجال: مسلم، وأبي داود، والنسائي، والترمذي.

قال أبو حاتم: صدوق.

وقال يحيى بن معين: ثقة.

وكذا قال غيرهما(١) .

وأمّا (عمار بن زريق ) فهو:

من رجال: مسلم، وأبي داود، والنسائي، وابن ماجة.

قال ابن معين وأبو زرعة وابن المديني: ثقة.

وقال أبو حاتم والنسائي والبزار: لا بأس به.

وقال أحمد: كان من الأثبات(٢) .

وأمّا ( الأجلح ) فقد أثبتنا وثاقته بالتفصيل.

وأمّا ( عبدالله بن بريدة ) فهو:

من رجال الصحاح الستة(٣) .

وأما ( بريدة ) فهو: ابن الحصيب الصّحابي.

* * *

__________________

(١). تهذيب الكمال ٢ / ٢٨٩.

(٢). تهذيب التهذيب: ٧ / ٣٥٠.

(٣). تقريب التهذيب: ١ / ٤٠٣.

١٥٨

* وقال الحافظ ابن عساكر:

« أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنا عاصم بن الحسن، أنا عبدالواحد ابن محمّد، أنا أبو العباس بن عقدة، أنا أحمد بن يحيى، نا عبدالرحمن - هو ابن شريك - نا أبي، عن الأجلح، عن عبدالله بن بريدة قال:

بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مع علي جيشاً، ومع خالد بن الوليد جيشاً، إلى اليمن، وقال: إن اجتمعتم فعلي على الناس، وإن تفرّقتم فكلّ واحدٍ منكما على حدة. فلقينا القوم، فظهر المسلمون على المشركين، فقتلنا المقاتلة وسبينا الذريّة، وأخذ علي امرأةً من ذلك السبي. قال: فكتب معي خالد بن الوليد - وكنت معه - إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ينال من علي، ويخبره بالذي فعل، وأمرني أنْ أنال منه. فقرأت عليه الكتاب ونلت من علي. فرأيت وجه نبي الله متغيّراً، فقلت: هذا مقام العائذ، بعثتني مع رجلٍ وأمرتني بطاعته، فبلَّغت ما اُرسلت به. فقال:

يا بريدة، لا تقعنَّ في علي، فإنه مني وأنا منه، وهو وليّكم بعدي »(١) .

أقول:

أمّا ( أبو القاسم ابن السمرقندي ) فقد عرفته في الكتاب.

__________________

(١). تاريخ دمشق ٤٢ / ١٩٣.

١٥٩

وأمّا (عاصم بن الحسن ) فكذلك.

وأمّا (عبدالواحد بن محمّد ) فهو « أبو عمر بن مهدي » وقد ترجمنا له أيضاً.

وأمّا (أبو العباس ابن عقدة ) فكذلك.

وأمّا (أحمد بن يحيى ) فهو: أحمد بن يحيى بن زكريا الأودي، أبو جعفر الكوفي الصوفي العابد.

روى عنه: النسائي، والبزّار، وابن عقدة، وابن أبي داود، وابن أبي حاتم، والبخاري في التاريخ، ومطيّن، والحكيم الترمذي، وجماعة.

قال أبو حاتم: ثقة.

ووثقه ابن حبان.

وقال النسائي: لا بأس به.

وقال الحافظ: « ثقة »(١) .

وأمّا ( عبدالرحمن بن شريك ) فقد

قال الحافظ: « صدوق يخطىء »(٢) .

وأمّا ( أبوه ) فهو: شريك بن عبدالله:

من رجال البخاري - في التعاليق - ومسلم والأربعة.

وثّقه يحيى بن معين قائلاً: هو ثقة ثقة.

وقال العجلي: كوفي ثقة وكان حسن الحديث.

__________________

(١). تهذيب الكمال ١ / ٥١٧، تقريب التهذيب ١ / ٢٨.

(٢). تقريب التهذيب ١ / ٤٨٤.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

متفق عليه. وأخرجه ابن ماجة عن أبي مصعب الزهري، فوافقناه بعلو »(١) .

الحمويني شيخ الكازروني

والحمويني من مشايخ محمّد بن مسعود الكازروني، فقد جاء في سيرته: « أخبرنا شيخنا صدر الدين أبو المجامع إبراهيم بن محمّد بن المؤيد الحمويني، أنا شيخنا أصيل الدين أبو بكر عبد الله بن عبد الأعلى بن محمّد بن عبد الأعلى ابن محمّد بن عبد الأعلى بن محمّد أبي القاسم القطّان الاصفهاني عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري قال:

بعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أبا بكر على الموسم، وبعث معه سورة براءة وأربع كلمات إلى الناس، فلحقه علي ابن أبي طالب في الطريق، فأخذ علي السورة والكلمات، وكان يبلغ وأبو بكر على الموسم، فإذا قرأ السورة نادى: ألا لا يدخل الجنة إلّا نفس مسلمة، ولا يقرب المسجد الحرام مشرك بعد عامه هذا، ولا يطوفنّ بالبيت عريان، ومن كان بينه وبين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عهد فأجله إلى مدّته. فلمـّا رجعا قال أبو بكر: مالي هل نزل فيَّ شيء؟ قال: لا إلّا خيراً، وما ذاك؟ قال: إن علياً لحق بي وأخذ مني السورة والكلمات. فقال: أجل لكن لم يبلغها إلّا أنا أو رجل منّي »(٢) .

ترجمة الكازروني

وقد أثنى ابن حجر العسقلاني على الكازروني بقوله: « محمّد بن مسعود ابن محمّد بن خواجه الامام ذكره ابن الجزري في مشيخة الجنيد البلباني

____________________

(١). المعجم المختص: ٦٥.

(٢). المنتقى في سيرة المصطفى - مخطوط.

٣٠١

... ثم قال: كان سعيد الدين محدثاً فاضلاً، سمع الكثير، وأجاز له المزي صاحب تهذيب الكمال وجماعة، وخرّج المسلسل، وألف المولد النبوي فأجاد ومات في أواخر جمادى الآخرة سنة ٧٥٨»(١) .

(٧)

رواية الكنجي

وقال أبو عبد الله الكنجي الشافعي في ذكر حديث الغدير: « قال حسان ابن ثابت في المعنى:

يناديهم يوم الغدير نبيهم

بخم فأسمع بالرسول مناديا

وقال فمن مولاكم ووليكم

وقالوا ولم يبدوا هناك التعاميا

إلهك مولانا وأنت وليّنا

ولم تلف منا في الولاية عاصيا

فقال له قم يا علي فإنني

رضيتك من بعدي إماما وهاديا

فمن كنت مولاه فهذا وليه

فكونوا له أنصار صدق مواليا

هناك دعا اللهم وال وليه

وكن للذي عادى عليا معاديا

فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا حسان لا تزال مؤيداً بروح القدس ما نافحت عنك بلسانك »(٢) .

____________________

(١). الدرر الكامنة ٤ / ٢٥٥.

(٢). كفاية الطالب: ٦٤.

٣٠٢

(٨)

رواية جلال الدين السيوطي

وقال جلال الدين السيوطي في رسالة له وصفها في أولها بقوله: « هذا جزء جمعت فيه الأشعار التي عقد فيها شيء من الأحاديث والآثار، سميته بالأزهار، وله فوائد منها الاستدلال به على شهرة الحديث في الصدر الأول وصحّته، وقد وقع ذلك لجماعة من المحدّثين، ومنها إيراده في مجالس الاملاء، ومنها الاستشهاد به في فن البديع في أنواع العقد والاقتباس والانسجام » قال:

« في تذكرة الشيخ تاج الدين ابن مكتوم: لحسّان بن ثابت الأنصاريرضي‌الله‌عنه :

يناديهم يوم الغدير نبيهم

بخم فأسمع بالرسول منادياً

وقال فمن مولاكم ووليكم

وقالوا ولم يبدوا هناك التعاميا

إلهك مولانا وأنت وليّنا

ولم تلف منا في الولاية عاصيا

فقال له قم يا علي فإنني

رضيتك من بعدي إماماً وهاديا

فمن كنت مولاه فهذا وليه

فكونوا له أنصار صدق مواليا

هناك دعا اللهم وال وليه

وكن للذي عادى علياً معاديا

وايضاً للسيد الحميري:

يا بايع الدين بدنياه

ليس بهذا أمر الله

من أين أبغضت إمام الهدى

وأحمد قد كان يهواه

من الذي أحمد من بينهم

بيوم خم ثم ناداه

أقامه من بين أصحابه

وهم حواليه وسماه

هذا علي بن أبي طالب

مولى لمن قد كنت مولاه

٣٠٣

فوال من والاه يا ذا العلى

وعاد من قد كان عاداه

وقال بعضهم:

إذا أنا لم أحفظ وصاة محمد

ولا عهده يوم الغدير مؤكّدا

فإني كمن يشري الضلالة بالهدى

تنصّر من بعد التقى أو تهوّدا(١)

ترجمة ابن مكتوم

والجلال السيوطي من أكابر حفاظ أهل السنة حتى لقّبه بعضهم بمجدّد القرن التاسع، وتوجد ترجمته مفصّلة في مجلد حديث ( أنا مدينة العلم وعلي بابها ).

وأما ابن مكتوم الذي نقل السيوطي شهر حسّان عن « تذكرته » فمن أكابر علماء أهل السنة كذلك، وإليك بعض كلماتهم في الثناء عليه: -

١ - الصفدي: « أحمد بن عبد القادر بن أحمد بن مكتوم هو الامام تاج الدين، إشتغل بالحديث وفنونه، وأخذ الحديث عن أصحاب البخت وابن علاف وهذه الطبقة، وهو مقيم بالديار المصرية، بلغني أنه يعمل تاريخاً للنحاة، ووقفت له على الدر اللقيط من المحيط من تفسير القرآن، وهو كتاب ملكته بخطّه في مجلدين، التقط فيه إعراب البحر المحيط تصنيف شيخنا العلامة أثير الدين، فجاء في غاية الحسن، وقد اشتهر هذا الكتاب وورد إلى الشام ونقلت به النسخ، رأيته بالقاهرة مرّات، ثم إنني اجتمعت به في سنة خمس وأربعين وسبعمائة بالقاهرة وسألته الاجازة بكل ما يرويه، فأجاز لي متلفظاً بذلك »(٢) .

٢ - ابن الجزري: « إمام عالم نحوي اُستاذ، ولد في أوائل ذي الحجة سنة ٦٨٣، قرأ على التقي الصائغ وأبي حيان وببعض الروايات على ابن يوسف

____________________

(١). الأزهار فيما عقده الشعراء من الأشعار - للسيوطي.

(٢). الوافي بالوفيات ٧ / ٧٤.

٣٠٤

الشطنوفي، وسمع الكثير وكتب وجمع، وتصدّر للإِقراء بالجامع الظاهري بالحسينية بعد موسى بن علي القطني، توفي في السابع والعشرين من رمضان سنة ٧٤٩ »(١) .

٣ - السيوطي: « جمع الفقه والنحو واللغة، وصنّف تاريخ النحاة، والدر اللقيط من البحر المحيط، ولد في ذي الحجة سنة اثنتين وثمانين وستمائة. ومات سنة تسع وأربعين وسبعمائة »(٢) .

٤ - السيوطي: « تقدّم في الفقه والنحو واللغة، ودرّس وناب في الحكم »(٣) .

وجوه صحة الاستدلال بهذا الشعر

وشعر حسان بن ثابت في يوم الغدير صريح في دلالة حديث الغدير على إمامة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، و أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لأمير المؤمنينعليه‌السلام : قم يا علي فإنني رضيتك من بعدي إماماً وهادياً.

فهذا معنى حديث الغدير وما قالهصلى‌الله‌عليه‌وآله في ذلك اليوم العظيم، وفي ذلك الحشد المنقطع النظير من المسلمين، لا ما ذكره المتأوّلون المتأخّرون عن الصدر الأول، لغرض صرفه عن الدلالة على الامامة لعليعليه‌السلام بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بلا فصل.

ثم إنه لا ريب في صحة استدلالنا بهذا الشعر لتوضيح دلالة حديث الغدير على معناه لوجوه منها:

____________________

(١). طبقات القراء ١ / ٧٠.

(٢). حسن المحاضرة ١ / ٤٧٠.

(٣). بغية الوعاة ١ / ٣٢٦.

٣٠٥

١ - قائله من الصحابة

إن قائل هذا الشعر - وهو حسّان بن ثابت - من الصحابة المعروفين والموصوفين بالمناقب الجليلة، ففي ( الاستيعاب ) بترجمته: « وروينا من وجوه كثيرة عن أبي هريرة: إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لحسّان: أهج - يعني المشركين - وروح القدس معك.

وإنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لحسان: اللهم أيّده بروح القدس لمناضلته عن المسلمين.

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : قوله فيهم أشدّ من وقع النبل.

ومر عمر بن الخطاب بحسان بن ثابت وهو ينشد الشعر في مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: تنشد الشعر؟ أو قال: هذا الشعر في مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال له حسان بن ثابت: قد كنت أنشد فيه من هو خير منك يعني النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فسكت عمر ».

« وروى ابن دريد عن أبي حاتم عن أبي عبيدة قال: فضل حسان الشعراء بثلاث، كان شاعر الأنصار في الجاهلية، وشاعر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في النبوة، وشاعر اليمن كلّها في الإسلام. قال أبو عبيدة: واجتمعت العرب على أن أشعر المدر أهل يثرب ثم عبد القيس ثم ثقيف، وعلى أن أشعر المدر حسان بن ثابت. وقال أبو عبيدة: حسان بن ثابت شاعر الأنصار في الجاهلية، وشاعر أهل اليمن في الإسلام، وهو شاعر أهل القرى ».

« ذكر الزبير بن بكار: قال إبراهيم بن المنذر عن هشام بن سليمان عن ابن جريج عن محمّد بن السائب بن بركة عن أمّه: أنها كانت مع عائشة في الطوائف - ومعها أم حكيم بنت خالد بن العاص، وأم حكيم بنت عبد الله بن أبي ربيعة - فتذاكرنا حسان بن ثابت فابتدرتاه بالسبّ، فقالت عائشة: ابن الفريعة تسبّان! إني لأرجو أن يدخله الله الجنة بذبّه عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بلسانه. أليس

٣٠٦

القائل شعر:

هجوت محمداً فأجبت عنه

وعند الله في ذاك الجزاء

فإن أبى ووالدتي وعرضي

لعرض محمّد منكم وقاء

فبرّأته من أن يكون افترى عليها »(١) .

وقال ابن الأثير بترجمته: « يقال له: شاعر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، و وصفت عائشة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقالت: كان والله كما قال فيه حسان وقد كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ينصب له منبراً في المسجد يقوم عليه قائماً يفاخر عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ورسول الله يقول: إن الله يؤيد حسّان بروح القدس ما نافح عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٢) .

وقال ابن حجر العسقلاني: « وفي الصحيحين عن البراء: إنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لحسان: أهجم أو هاجم وجبرئيل معك.

وقال أبو داود ثنا لوين [ لؤي ] عن ابن أبي الزناد عن أبيه عن هشام بن عروة عن عائشة: إنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يضع لحسان المنبر في المسجد يقوم عليه قائماً يهجو الذين كانوا يهجون النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله . فقال رسول الله: إنّ روح القدس مع حسان ما دام ينافح عن رسول الله »(٣) .

وأخرج الحاكم بترجمته أحاديث ذكر بعضها، ومن ذلك قوله: « حدّثنا أبو العباس محمّد بن يعقوب، ثنا الحسن بن علي بن عفان، ثنا أبو أسامة عن الوليد بن كثير، عن يزيد بن عبد الله بن قسيط، عن أبي الحسن مولى بني نوفل: إنّ عبد الله بن رواحة وحسان بن ثابت أتيا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين نزلت طسم الشعراء يبكيان وهو يقرأ عليهم( وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ ) حتى بلغ:

____________________

(١). الاستيعاب ١ / ٣٤٥.

(٢). أسد الغابة ٢ / ٤.

(٣). الاصابة ١ / ٣٢٥.

٣٠٧

( وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ) قال: أنتم( وَذَكَرُوا اللهَ كَثِيراً ) قال: أنتم( وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا ) قال: أنتم »(١) .

٢ - إنه قيل بإذن النبي

لقد قال حسان هذا الشعر بعد ما استأذن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في انشاده، فإذن لهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قائلاً: قل على بركة الله. وذلك أكبر شاهد وأصدق برهان على حجية هذا الشعر.

٣ - تقرير النبي له

وقد علمت من أحاديث القوم استماع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لهذا الشعر وتقريره إياه. وقد ثبت باتفاق المسلمين أن تقريره دليل قاطع على الحجية والصواب.

٤ - استحسانه صلى‌الله‌عليه‌وآله

ولقد استحسنصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هذا الشعر بصراحة، حيث قال لحسّان بعد ما فرغ منه: يا حسان لا تزال مؤيداً بروح القدس ما نافحت عنا بلسانك. كما روى محمّد بن يوسف الكنجي وسبط ابن الجوزي.

٥ - إنه قيل في حضور الصحابة

وإن هذه الأبيات أنشدها حسان بن ثابت في نفس يوم غدير خم، وبعد خطبة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بلا فصل، أي قبل أن تتفرق تلك الحشود الغفيرة من صحابة النبي العدول وجماهير المسلمين، ولم يسمع من أحد منهم إنكار

____________________

(١). المستدرك ٣ / ٤٨٦.

٣٠٨

أو أيّ اعتراض على ما قاله واستفاده من حديث الغدير، فثبت باجماع جميع الصحابة أن المراد من ( المولى ) في هذا الحديث هو ( الامام ) و ( الهادي )، وبذلك يسقط اعتراض المعترضين وتأويل المتأولين.

٦ - تقرير المشايخ الثلاثة له

ولا ريب في وجود المشايخ الثلاثة وحضورهم يوم غدير خم وعند إنشاد حسان تلك الأبيات، ولم ينقل إلينا اعتراض من أحدهم، مع أن المعروف عن ثانيهم كثرة الاعتراض، ومن هنا نقول بثبوت هنا المعنى عند الثلاثة أيضاً كسائر المسلمين الحاضرين في ذلك اليوم.

* * *

٣٠٩

٣١٠

(٤)

شعر قيس بن سعد

٣١١

٣١٢

ومن الدلائل الباهرة على أن المراد من ( حديث الغدير ) هو إمامة أمير المؤمنينعليه‌السلام وخلافته بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : شعر قيس بن سعد بن عبادة - وهو من أكابر الصحابة وأعاظمهم - الذي أنشده في معنى حديث غدير خم، وقد صرّح فيه بأن علياً « إمامنا وإمام لسوانا » وأن هذا الحكم « أتى به التنزيل » وذلك « يوم قال النبي من كنت مولاه فهذا مولاه ».

روى ذلك أبو المظفر سبط ابن الجوزي بقوله: « قال قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري - وأنشدها بين يدي علي بصفّين:

قلت لمـّا بغى العدو علينا

حسبنا ربنا ونعم الوكيل

وعلي إمامنا وإمام

لسوانا أتى به التنزيل

يوم قال النبي من كنت مولاه

فهذا مولاه خطب جليل

إن ما قاله النبي على الأمة

حتم ما فيه قال وقيل »(١)

____________________

(١). تذكرة خواص الامة: ٣٣.

٣١٣

مدح قيس والثناء عليه

ومن المناسب أن نذكر هنا طرفاً من مدائح القوم لقيس بن سعد بن عبادة وثنائهم عليه، فقد قال ابن عبد البر: « قيس بن سعد بن عبادة بن دليم بن حارثة الأنصاري الخزرجي قال الواقدي: كان قيس بن سعد بن عبادة من كرام أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأسخيائهم ودهاتهم. قال أبو عمر: كان أحد الفضلاء الجلّة، وأحد دهاة العرب وأهل الرأي والمكيدة في الحروب، مع النجدة والبسالة والكرم، وكان شريف قومه غير مدافع هو وأبوه وجدّه.

صحت قيس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو وأبوه وأخوه سعيد بن سعد بن عبادة. قال أنس بن مالك: كان قيس بن سعد بن عبادة من النبي بمكان صاحب الشرطة من الأمير، وأعطاه رسول الله الرّاية يوم فتح مكة، إذ نزعها من أبيه لشكوى قريش لسعدٍ يومئذ. وقد قيل: إنه أعطاه الزبير.

ثم صحب قيس بن سعد علي بن أبي طالب، وشهد معه الجمل وصفين والنهروان وقومه ولم يفارقه حتى قتل، وكان ولّاه علي على مصر، فضاق به معاوية وأعجزته فيه الحلية، فكايد فيه علياً ففطن علي لمكيدته، فلم يزل به الأشعث وأهل الكوفة حتى عزل قيساً وولّى محمّد بن أبي بكر، ففسدت عليه مصر »(١) .

وقال عز الدين ابن الأثير ما ملخصّه: « وكان من فضلاء الصحابة وأحد دهاة العرب وكرمائهم، وكان من ذوي الرأي الصائب والمكيدة في الحرب مع النجدة والشجاعة، وكان شريف قومه غير مدافع ومن بيت سيادتهم.

عن أنس قال: كان قيس بن سعد بن عبادة من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمنزلة صاحب الشرطة من الأمير.

عن قيس بن سعد بن عبادة: إن أباه دفعه إلى النبي يخدمه. قال: فمر بي

____________________

(١). الاستيعاب ٣ / ١٢٨٩.

٣١٤

النبي وقد صلّيت فضربني برجله وقال: ألا أدلّك على بابٍ من أبواب الجنّة؟ قلت: بلى. قال: لا حول ولا قوة إلّا بالله.

قيل: إنه كان في سرية فيها أبو بكر وعمر، فكان يستدين ويطعم الناس. فقال أبو بكر وعمر: إن تركنا هذا الفتى أهلك مال أبيه. فمشيا في الناس، فلمـّا سمع سعد قام خلف النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: من يعذرني من ابن أبي قحافة وابن الخطاب! يبخلّان عليّ ابني.

وقال ابن شهاب: كانوا يعدّون دهاة العرب حين ثارت الفتنة خمسة رهط، يقال لهم ذوو رأي العرب ومكيدتهم: معاوية، وعمرو بن العاص، وقيس بن سعد، والمغيرة بن شعبة، وعبد الله بن بديل بن ورقاء. فكان قيس وابن بديل مع علي وكان المغيرة معتزلاً في الطائف، وكان عمرو مع معاوية.

وقال قيس: لو لا أني سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: المكر والخديعة في النار، لكنت من أمكر هذه الأمة.

وأمّا جوده فله فيه أخبار كثيرة لا نطوّل بذكرها.

ثم إنّه صحب عليّاً لمـّا بويع له بالخلافة، وشهد معه حروبه، واستعمله علي على مصر، فكايده معاوية فلم يظفر منه بشيء، فكايد علياً وأظهر أنّ قيساً قد صار معه يطلب بدم عثمان، فبلغ الخبر علياً، فلم يزل به محمّد بن أبي بكر وغيره حتى عزله، واستعمل بعده الأشتر فمات في الطريق، فاستعمل محمّد بن أبي بكر فأخذت مصر منه وقتل.

ولما عزل قيس أتى المدينة فأخافه مروان بن الحكم، فسار إلى علي بالكوفة، ولم يزل معه حتى قتل، فصار مع الحسن وسار في مقدّمته إلى معاوية، فلمـّا بايع الحسن معاوية دخل قيس في بيعة معاوية وعاد إلى المدينة »(١) .

وقال ابن حجر العسقلاني ما حاصله: « كان قيس ضخماً حسناً طويلاً إذا

____________________

(١). أسد الغابة ٤ / ٢١٥.

٣١٥

ركب الحمار خطّت رجلاه الأرض. وقال الواقدي: كان سخياً كريماً داهية، وقال أبو عمر: كان أحد الفضلاء الجلّة، من دهاة العرب من أهل الرأي والمكيدة في الحرب، مع النجدة والسخاء والشجاعة، وكان شريف قومه غير مدافع، وكان أبوه وجدّه كذلك. وأخرج ابن المبارك عن ابن عيينة عن موسى بن أبي عيسى أنّ رجلاً استقرض من قيس بن سعد ثلاثين ألفاً فلمـّا ردّها عليه أبى أن يقبلها.

وشهد مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المشاهد كلها، وصحب علياً وشهد معه مشاهده »(١) .

* * *

____________________

(١). الاصابة ٣ / ٢٣٩.

٣١٦

(٥)

شعر أمير المؤمنين عليه‌السلام

٣١٧

٣١٨

ومن الأدلة والبراهين القويمة الواضحة على دلالة حديث الغدير على إمامة أمير المؤمنينعليه‌السلام : قول سيدنا أمير المؤمنين في أشعار له:

« لذاك أقامني لهم إماماً

وأخبرهم به بغدير خم »

فلقد ذكرعليه‌السلام حديث الغدير ودلالته على إمامتهعليه‌السلام في تلك الأشعار، التي ضمّنها طرفاً من فضائله، وجملة من مناقبه الخاصّة به، متباهياً ومفتخراً بها على سائر الأنام، وهذه هي تلك الأشعار كما في ديوانه:

لقد علم الأناس بأنّ سهمي

من الاسلام يفضل كلّ سهم

وأحمد النبي أخي وصهري

عليه الله صلّى وابن عمّي

وإني قائد للناس طرّاً

إلى الإسلام من عربٍ وعجم

وقاتل كل صنديد رئيس

وجبّار من الكفار ضخم

وفي القرآن ألزمهم ولائي

وأوجب طاعتي فرضاً بعزم

كما هارون من موسى أخوه

كذاك أنا أخوه وذاك اسمي

لذاك أقامني لهم إماماً

وأخبرهم به بغدير خم

فمن منكم يعادلني بسهمي

وإسلامي وسابقتي ورحمي؟

٣١٩

وويل ثم ويل ثم ويل

لمن يلقى الآله غداً بظلمي

وويل ثم ويل ثم ويل

لجاحد طاعتي ومريد هضمي

وويل للذي يشقى سفاهاً

يريد عداوتي من غير جرم »

ولقد شرح الحسين بن معين الدين الميبدي هذه الأشعار، في شرحه لديوان أمير المؤمنينعليه‌السلام المسمّى بـ ( الفواتح ) وأوضح معناها، ثم ذكر في شرح البيت الذي أشار فيه الامامعليه‌السلام إلى حديث الغدير رواية أحمد بن حنبل لحديث الغدير، وذكر عن الثعلبي رواية نزول آية التبليغ وهي قوله تعالى:( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ ) في ذلك اليوم، كما نصّ على اتفاق المفسرين على نزول الآية:( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) في شأن أمير المؤمنينعليه‌السلام .

ثم ذكر في نهاية شرحه للأشعار المذكورة عن الامام علي بن أحمد الواحدي عن أبي هريرة: إن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنشأ هذه الأبيات في حضور: أبي بكر، وعثمان، وطلحة، والزبير، والفضل بن العباس، وعمّار، وعبد الرحمن وأبي ذر، والمقداد، وسلمان، وعبد الله بن مسعود »(١) .

دلالة الأبيات من وجوه أخرى

ثم إن هذه الأبيات تدلّ على إمامة الامام أمير المؤمنينعليه‌السلام من وجوه أخرى:

( الأول ) قولهعليه‌السلام : « لقد علم الأناس بأنّ سهمي من الإسلام يفضل كلّ سهم » فإنّ هذا القول نصّ صريح في أفضليتهعليه‌السلام من غيره

____________________

(١). الفواتح في شرح ديوان أمير المؤمنين ٤٠٥ - ٤٠٦.

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391