نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٨

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار10%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 391

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 391 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 308561 / تحميل: 7475
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٨

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

مطلقاً.

( الثاني ) قوله: « وإني قائد الناس طرّاً إلى الاسلام من عرب وعجم » فيه دلالة واضحة على أنهعليه‌السلام هو السبب في إسلام جميع الناس من عرب وعجم، فهو إذن أفضلهم مطلقاً.

( الثالث ) قوله: « وقاتل كل صنديد رئيس وجبار من الكفار ضخم » فيه دلالة على أفضليته، لأن من عمدة أسباب قوة الدين قتل الكفار والمعاندين، وهوعليه‌السلام قاتلهم باعتراف جميع المخالفين.

( الرابع ) قوله: « وفي القرآن ألزمهم ولائي وأوجب طاعتي فرضاً بعزم » فيه دلالة صريحة على وجوب اتّباعه وأطاعته والانقياد له، فهوعليه‌السلام إمام الأمة بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بأمرٍ من الله تعالى من القرآن الكريم، لأن من وجبت طاعته فهو الامام كما اعترف بذلك ( الدهلوي ).

( الخامس ) قوله: « فمن منكم يعادلني بسهمي وإسلامي وسابقتي ورحمي؟ » فيه دلالة صريحة على أفضليتهعليه‌السلام .

ثم إن استماع كبار الصحابة لهذه الأشعار - كما في رواية الواحدي - وتقريرهم لما قالهعليه‌السلام من أقوى الشواهد على ما نذهب إليه من دلالة حديث الغدير على الإِمامة، وبذلك تذهب تأويلات أتباع أولئك الأصحاب أدراج الرياح.

ترجمة الميبدي شارح ديوان الامام

والحسين الميبدي من مشاهير علماء أهل السنة، قد أطروه وأثنوا عليه الثناء البالغ في كتبهم، كما لا يخفى على من راجعها. وممن أثنى عليه: غياث الدين المدعو بخواند أمير في تاريخه ( حبيب السير ). كما نقل عن شرحه للديوان: محمود ابن سليمان الكفوي في طبقاته للحنفية المسمى بـ ( كتائب أعلام الأخيار من فقهاء مذهب النعمان المختار ).

٣٢١

وفي ( كشف الظنون ): « ديوان علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، وقد شرحه حسين بن معين الدين الميبدي اليزدي المتوفى سنة ٨٧٠ بالفارسية ».

* * *

٣٢٢

(٦)

نزول قوله تعالى:

سأل سائل بعذابٍ واقع

٣٢٣

٣٢٤

ونزل قوله تعالى:( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ ) بحق ( الحارث بن نعمان ) الذي قال ما قال بعد ما سمع كلام النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في غدير خم.

وهذا دليل قطعي آخر على دلالة حديث الغدير على إمامة أمير المؤمنينعليه‌السلام .

ذكر من روى ذلك

وقد روى حديث نزول الآية المباركة في هذا الشأن جماعة كبيرة من أكابر أعلام أهل السنة وهم:

١ - أحمد بن محمّد بن إبراهيم الثعلبي النيسابوري.

٢ - شمس الدين سبط ابن الجوزي.

٣ - إبراهيم بن عبد الله اليمني الوصابي. ؛

٤ - محمّد بن يوسف الزرندي المدني.

٥ - شهاب الدين بن شمس الدين الدولت آبادي.

٦ - نور الدين علي بن عبد الله السمهودي.

٣٢٥

٧ - نور الدين علي بن محمّد بن الصبّاغ.

٨ - عطاء الله بن فضل الله المحدّث الشيرازي.

٩ - شمس الدين عبد الرءوف المنّاوي.

١٠ - شيخ بن عبد الله العيدروس.

١١ - محمود بن محمّد الشيخاني القادري المدني.

١٢ - نور الدين علي بن إبراهيم الحلبي.

١٣ - أحمد بن الفضل باكثير المكي.

١٤ - محمّد محبوب عالم.

١٥ - محمّد صدر عالم.

١٦ - محمّد بن إسماعيل بن صلاح الأمير.

١٧ - أحمد بن عبد القادر العجيلي.

١٨ - السيد مؤمن بن حسن الشبلنجي.

(١)

رواية الثعلبي

قال أبو إسحاق الثعلبي: « سئل سفيان بن عيينة عن قول الله عز وجل:( سَأَلَ سائِلٌ ) فيمن نزلت؟ فقال: لقد سألتني عن مسألة ما سألني عنها أحد قبلك.

حدثني أبي عن جعفر بن محمّد عن آبائه: لمـّا كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بغدير خم، نادى الناس فاجتمعوا، فأخذ بيد علي بن أبي طالب فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، فشاع ذلك وطار في البلاد، فبلغ ذلك الحارث بن النعمان الفهري، فأتى رسول الله على ناقة حتى أتى الأبطح، فنزل عن ناقته فأناخها

٣٢٦

وعقلها، ثم أتى النبي وهو في ملأ من أصحابه فقال:

يا محمد! أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلّا الله وأنك رسول الله، فقبلناه منك. وأمرتنا أن نصلّي خمساً، فقبلناه منك، وأمرتنا بالزكاة فقبلناه، وأمرتنا أن نصوم شهر رمضان فقبلناه منك، وأمرتنا بالحج فقبلناه. ثم لم ترض بهذا حتى رفعت بضبعي ابن عمك ففضّلته علينا وقلت: من كنت مولاه فعلي مولاه!! فهذا شيء منك أم من الله عزّ وجلّ؟!

فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : والذي لا إله إلّا هو إنّ هذا من الله.

فولّى الحارث بن النعمان يريد راحلته وهو يقول: اللهم إنْ كان ما يقوله محمّد حقاً فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم.

فما وصل إليها حتى رماه الله بحجر فسقط على هامته وخرج من دبره فقتله. وأنزل الله عز وجل:( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ ) »(١) .

ترجمة أبي إسحاق الثعلبي

١ - ياقوت الحموي: بترجمة الواحدي: « وقال أبو الحسن الواحدي في مقدمة البسيط: وأظنني لم آل جهداً في إحكام أصول هذا العلم [ على ] حسب ما يليق بزماننا [ بزمننا ] هذا وتسعه سنو عمري على قلة أعدادها، فقد وفق الله [ تعالى ] وله الحمد حتى اقتبست كلّما احتجت إليه فيه هذا الباب في مظانه وأخذته من معادنه.

أما اللغة فقد درستها على الشيخ أبي الفضل أحمد بن محمّد بن عبد الله بن يوسف العروضيرحمه‌الله حتى عاتبني شيخيرحمه‌الله يوماً وقال: إنك لم تبق ديواناً من الشعر إلّا قضيت حقه، أما آن لك أن تتفرّغ لتفسير كتاب الله

____________________

(١). تفسير الثعلبي - مخطوط.

٣٢٧

العزيز، تقرأه على هذا الرجل الذي يأتيه البعداء من أقاصي البلاد وتتركه أنت على قرب ما بيننا من الجوار - يعني الأستاذ الامام أحمد بن محمّد بن ابراهيم الثعلبي -؟!

فقلت: يا أبت إنما أتدرّج بهذا إلى ذلك الذي تريد، وإذا المرء أحكم الأدب بجدٍ وتعبٍ رمى في غرض التفسير من كثب. ثم لم أغبّ زيارته يوماً من الأيام حتى حال بيننا قدر الحمام

ثم فرغت للاستاذ أبي اسحاق أحمد بن محمّد بن إبراهيم الثعلبيرحمه‌الله ، وكان خير العلماء بل بحرهم، ونجم الفضلاء بل بدرهم، وزين الأئمة بل فخرهم، وأوحد الأئمة بل صدرهم. وله التفسير الملقّب بالكشف والبيان عن تفسير القرآن، الذي رفعت به المطايا في السهل والأوعار، وسارت به الفلك في البحار، وهبّ هبوب الريح في الأقطار، وسار مسير الشمس في كلّ بلدة، وهب هبوب الريح في البر والبحر، وأصفقت عليه كافة الأمة على اختلاف نحلهم، وأقروا بالفضيلة في تصنيفه ما لم يسبق إلى مثله، فمن أدركه وصحبه علم أنه كان منقطع القرين، ومن لم يدركه فلينظر في مصنفاته ليستدل لها أنه كان بحراً لا ينزف وغمراً لا يسبر، وقرأت عليه من مصنفاته أكثر من خمسمائة جزء، منها تفسيره الكبير، وكتابه المعنون بالكامل في علم القرآن وغيرهما »(١) .

ترجمة العروضي مادح الثعلبي

وأبو الفضل العروضي الذي نقل عنه الواحدي مدحه للثعلبي من كبار مشايخ علماء أهل السنة في اللغة والأدب، وقد ترجموا له في معاجم الرجال:

قالجلال الدين السيوطي: « أحمد بن محمّد بن عبد الله بن يوسف بن محمد النهشلي، الأديب، أبو الفضل العروضي الصفار الشافعي. قال عبد الغافر: هو

____________________

(١). معجم الأدباء ١٢ / ٢٦٢.

٣٢٨

شيخ أهل الأدب في عصره، حدّث عن الأصم وأبي منصور الأزهري والطبقة. وتخرّج به جماعة من الأئمة منهم الواحدي. وقال الثعالبي: إمام في الأدب، خنّق التسعين في خدمة الكتب، وأنفق عمره على مطالعة العلوم وتدريس مؤدبي نيسابوري. ولد سنة ٣٣٤ ومات بعد سنة ٤١٦ »(١) .

٢ - ابن خلكان: « أبو إسحاق أحمد بن محمّد بن إبراهيم الثعلبي. النيسابوري، المفسر المشهور، كان أوحد أهل زمانه في علم التفسير. وصنف التفسير الكبير الذي فاق غيره من التفاسير، وله كتاب العرائس في قصص الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وغير ذلك. ذكره السمعاني وقال: يقال له الثعلبي والثعالبي، وهو لقب له وليس بنسب قاله بعض العلماء.

وقال أبو القاسم القشيري: رأيت رب العزة عز وجل في المنام وهو يخاطبني وأخاطبه، فكان في أثناء ذلك أن قال الرب تعالى اسمه: أقبل الرجل الصالح. فالتفتّ فإذا أحمد الثعلبي مقبل.

وذكره عبد الغافر بن إسماعيل الفارسي في كتاب سياق تاريخ نيسابور وأثنى عليه وقال: هو صحيح النقل موثوق به، حدّث عن أبي طاهر بن خزيمة، والامام أبي بكر بن مهران المقري، وكان كثير الحديث كثير الشيوخ، توفي سنة ٤٢٧، وقال غيره: توفي في محرم سنة ٤٢٧. وقال غيره: توفي يوم الأربعاء لسبع بقين من المحرم سنة ٤٣٧ رحمه الله تعالى »(٢) .

٣ - الذهبي: « وفيها توفي أبو إسحاق الثعلبي وكان حافظاً واعظاً، رأساً في التفسير والعربية، متين الديانة، توفي في المحرم »(٣) .

٤ - ابن الوردي: « صحيح النقل، روى عن جماعة »(٤) .

____________________

(١). بغية الوعاة ١ / ٣٦٩.

(٢). وفيات الأعيان ١ / ٦١ - ٦٢.

(٣). العبر - حوادث ٤٢٧.

(٤). تتمة المختصر حوادث ٤٢٧.

٣٢٩

٥ - الصفدي: « روى عن جماعة، وكان حافظاً عالماً بارعاً في العربية موثقاً » ثم ذكر منام القشيري وكلام عبد الغافر المذكورين(١) .

٦ - اليافعي: « المفسّر المشهور، وكان حافظاً واعظاً رأساً في التفسير والعربية والدين والديانة، فاق تفسيره الكبير سائر التفاسير »(٢) .

٧ - ابن الشحنة: « كان واحد زمانه في علم التفسير، وله كتاب العرائس في قصص الأنبياء وهو صحيح النقل »(٣) .

٨ - ابن قاضي شهبة: « أخذ عنه أبو الحسن الواحدي، روى عن أبي القاسم القشيري قال الذهبي: وكان حافظاً رأساً في التفسير والعربية متين الديانة »(٤) .

٩ - السيوطي: « كان كبيراً إماماً حافظاً للغة بارعاً في العربية »(٥)

١٠ - وذكره ولي الله الدهلوي - الذي عدّه ولده ( الدهلوي ) آية من آيات الله ومعجزة من المعاجز النبوية، وطالما استند إلى أقواله، ووصفه الفاضل رشيد الدين خان الدهلوي بـ « عمدة المحدثين وقدوة العارفين » ووصفه المولوي حيدر علي الفيض آبادي بـ « خاتم العارفين وقاصم المخالفين، سيد المحدّثين سند المتكلّمين، حجة الله على العالمين » في كلام له في ( إزالة الخفاء ) في بيان كون الخلفاء الراشدين وسائط بين النبي والأمة - ذكر أبا إسحاق الثعلبي من جملة علماء التفسير الذين كانوا وسائط في حفظ الدين المبين، وإيصال الشريعة المطهّرة، إلى الأمة، وإن القرون المتأخرة أخذت علم التفسير منهم.

وذكر أن الثعلبي إمام المفسرين ومقتداهم، كما أن أبا حنيفة إمام الحنفية،

____________________

(١). الوافي بالوفيات ٨ / ٣٣ وفيه السهلي.

(٢). مرآة الجنان حوادث سنة ٤٢٧.

(٣). روض المناظر حوادث ٤٢٧.

(٤). طبقات الشافعية ١ / ٢٠٧.

(٥). بغية الوعاة ١ / ٣٥٦.

٣٣٠

والشافعي إمام الشافعية وأن ما ذكره الثعلبي في تفسيره مأخوذ من السلف الصالح لأهل السنة، وأنه بمنزلة اللوح، وكأنه اللوح المحفوظ من المحو والإثبات والمصون من تطرّق الأغلاط والشبهات إليه، إلى غير ذلك من الأوصاف الحميدة التي ذكرها للثعلبي وتفسيره.

رواية القوم لتفسير الثعلبي

وتفسير الثعلبي من الكتب المعروفة المعتمدة لدى القوم، وهم يروونه بأسانيدهم عن مؤلفه، وينقلون عنه رواياته ويعتمدون اليها، فقد ذكره عز الدين ابن الأثير في الفصل الذي ذكر فيه أسانيد الكتب التي خرّج منها الأحاديث في صدر تلك الكتب حيث قال: « فصل نذكر فيه أسانيد الكتب التي خرجت منها الأحاديث وغيرها، وتركت ذكرها في الكتاب لئلّا يطول الاسناد، ولا أذكر في أثناء الكتاب إلّا اسم المصنف وما بعده فليعلم ذلك:

تفسير القرآن المجيد لأبي إسحاق الثعلبي. أخبرنا به أبو العباس أحمد بن عثمان بن أبي علي بن مهدي الزرزاري الشيخ الصالح رحمه الله تعالى قال: أخبرنا الرئيس مسعود بن الحسن بن القاسم الاصبهاني وأبو عبد الله الحسن بن العباس الرستمي قالا: أخبرنا أحمد بن خلف الشيرازي قال: أنبأنا أبو إسحاق أحمد بن محمّد بن إبراهيم الثعلبي بجميع كتاب الكشف والبيان في تفسير القرآن، سمعت عليه من أول الكتاب الى آخر سورة النساء. وأما من أول سورة المائدة الى آخر الكتاب فانه حصل لي بعضه سماعاً وبعضه اجازة واختلط السماع بالاجازة، فأنا أقول فيه أخبرنا به إجازة ان لم يكن سماعاً، فاذا قلت أخبرنا أحمد باسناده إلى الثعلبي فهو بهذا الاسناد »(١) .

ثم إنه ذكر أسانيد الكتب الأخرى ومنها الصحاح والمسانيد.

____________________

(١). أسد الغابة ١ / ٨.

٣٣١

وقال أبو محمّد بن محمّد الأمير في ( رسالة أسانيده ): « تفسير الثعلبي وسائر مؤلفاته بسند صاحب المنح من طريق ابن البخاري عن منصور بن عبد المنعم وعبد الله بن عمر الصفار والمؤيد بن محمّد الطريثيثي كلهم عن أبي محمّد العباس بن محمّد بن أبي منصور الطوسي عن أبي سعيد بن محمّد عن أبي اسحاق أحمد بن محمد النيسابوري الثعلبي وهو لقب وليس بنسب توفي سنة ٤٢٧».

اعتماد القوم على تفسير الثعلبي

ولقد كثر نقل علماء القوم عن تفسير الثعلبي وغيره من مؤلفاته واستشهادهم برواياته واعتمادهم عليها، ونحن نذكر موارد من ذلك من باب التمثيل:

قال القرطبي بتفسير قوله تعالى:( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَ ) : « ذكر الثعلبي وغيره: أن عائشة رضي الله عنها كانت إذا قرأت هذه الآية تبكي حتى تبلّ خمارها. وذكر أن سودة قيل لها: لم لا تحجّين ولا تعتمرين كما تفعل أخواتك؟ فقالت: قد حججت واعتمرت، وأمرني الله أن أقرّ في بيتي. قال الراوي: فو الله ما خرجت من باب حجرتها حتى أخرجت جنازتها، رضوان الله عليها»(١) .

وفيه بتفسير( وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى ) : « وقال الثعلبي: واسم أم موسى: لوخا بنت هاند بن لاوي بن يعقوب »(٢) .

وقال النووي بترجمة آدمعليه‌السلام : « قال الامام أبو إسحاق الثعلبي في قول الله عزّ وجلّ إخباراً عن إبليس( خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ) قال الحكماء: أخطأ عدو الله في تفضيله النار على الطين، لأن الطين أفضل منه من أوجه »(٣) .

____________________

(١). تفسير القرطبي ١٤ / ١٨٠ - ١٨١.

(٢). المصدر نفسه ١٣ / ٢٥٠.

(٣). تهذيب الأسماء واللغات ١ / ٩٦.

٣٣٢

وقد نقل عنه النووي في مواضع أخر مع وصفه بـ « الامام ».

وقال كمال الدين الدميري: « وقال محمّد الباقررضي‌الله‌عنه : كان أصحاب الكهف صياقلة، واسم الكهف حيوم، والقصة طويلة في كتب التفاسير والقصص، وقد وقفت على جمل من ذلك في كتب التفاسير والقصص مطوّلاً ومختصراً، فمن ذلك ما ساقه الامام أبو إسحاق أحمد بن محمّد بن أحمد بن إبراهيم النيسابوري الثعلبي، في كتابه الكشف والبيان في تفسير القرآن »(١) .

وقال نور الدين الحلبي في ( السيرة ): « وفي العرائس: إن فرعون لمـّا أمر بذبح أبناء بني إسرائيل جعلت المرأة، أي بعض النساء كما لا يخفى، إذا ولدت الغلام انطلقت به سرّاً إلى واد أو غار فأخفته ».

وقال الحسين الديار بكري في مقدّمة تاريخه: « هذه مجموعة من سير سيد المرسلين انتخبتها من الكتب المعتمدة تحفةً للاخوان البررة وهي: التفسير الكبير، والكشاف، وحاشيته للجرجاني الشريف، والكشف، والوسيط، ومعالم التنزيل والعرائس للثعلبي، وسحّ السحابة، وأصول الصفار، والبحر العميق وسرّ الأدب، والانسان الكامل، وسمّيتها بالخميس في أحوال النفس النفيس ».

وقال محمّد بن معتمد خان البدخشي: « وأخرج العلّامة أبو إسحاق أحمد ابن محمّد بن إبراهيم الثعلبي المفسّر النيسابوري في تفسيره، عن جعفر بن محمد الصادق رضي الله عنهما أنه قال: نحن حبل الله الذي قال الله تعالى:( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا ) (٢) .

وقال أحمد بن باكثير المكي: « وروى الثعلبي في تفسير قوله تعالى:( وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ ) عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: الأعراف موضع عال من الصراط، عليه العباس وحمزة وعلي بن أبي طالب وجعفر

____________________

(١). حياة الحيوان « الكلب ».

(٢). مفتاح النجا - مخطوط.

٣٣٣

ذو الجناحين، يعرفون محبّهم ببياض الوجه ومبغضهم بسواد الوجه »(١) .

(٢)

رواية سبط ابن الجوزي

وقال سبط ابن الجوزي: « اتفق علماء السير أن قصة الغدير بعد رجوع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حجة الوداع، في الثامن عشر من ذي الحجة، جمع الصحابة وكانوا مائة وعشرين ألفاً و قال: من كنت مولاه فعلي مولاه. الحديث. نصّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على ذلك بصريح العبارة دون التلويح والإِشارة. وذكر أبو إسحاق الثعلبي في تفسير بإسناده: أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمـّا قال ذلك طار في الأقطار وشاع في البلاد والأمصار، وبلغ ذلك الحارث بن نعمان الفهري »(٢) .

ترجمة السبط والثناء عليه

١ - الذهبي: « وابن الجوزي العلّامة الواعظ المؤرّخ، شمس الدين أبو المظفر، يوسف بن قزعلي التركي ثم البغدادي العوني الهبيري، الحنفي، سبط الشيخ جمال الدين أبي الفرج ابن الجوزي، أسمعه جدّه منه ومن ابن كلبي وجماعة، وقدم دمشق سنة بضع وستمائة فوعظ بها، وحصل له القبول العظيم، للطف شمائله وعذوبة وعظه، وله تفسير في تسعة وعشرين مجلّدا، وشرح الجامع الكبير، وجمع مجلّداً في مناقب أبي حنيفة، ودرّس وأفتى، وكان في شبيبته حنبليّاً.

____________________

(١). وسيلة المآل - مخطوط.

(٢). تذكرة خواص الأمة: ٣٠.

٣٣٤

توفي في الحادي والعشرين من ذي الحجّة، وكان وافر الحرمة عند الملوك »(١) .

٢ - ابن الوردي: « وفيها توفي الشيخ شمس الدين يوسف، سبط جمال الدين ابن الجوزي: واعظ فاضل، له مرآة الزمان تاريخ جامع. قلت: وله تذكرة الخواص من الأمة في ذكر مناقب الأئمة. والله أعلم »(٢) .

(٣)

رواية الوصابي

ورواه إبراهيم بن عبد الله اليمني الوصابي عن « الامام الثعلبي في تفسيره » كذلك.

اعتماد العلماء على كتاب الاكتفاء

وكتاب ( الإِكتفاء في فضل الأربعة الخلفاء ) لليمني الوصابي من الكتب المشهورة لدى القوم، فقد نقل عنه محمّد محبوب في مواضع من تفسيره ( تفسير شاهي ) منها قوله: « و في الاكتفاء عن علي بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه قال: وقع بيني وبين العباس مفاخرة، ففخر عليّ العباس بسقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام أنهما له، قال علي فقلت: ألآن أخبرك بمن هو خير من هذا كله!، الذي قرع خراطيمكم بالسيف وقادكم إلى الإِسلام. فعزّ ذلك على العباسرضي‌الله‌عنه ، فأنزل عزّ وجلّ:( أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ ) يعني علياًرضي‌الله‌عنه »(٣) .

____________________

(١). العبر في خبر من غبر حوادث ٦٥٦.

(٢). تتمة المختصر حوادث ٦٥٦.

(٣). تفسير شاهي. بتفسير الآية.

٣٣٥

ومنها: « في الإِكتفاء عن علي بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه قال: لمـّا أراد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يغزو تبوك، دعا جعفر بن أبي طالب، فأمره أن يتخلّف على المدينة فقال: لا أتخلّف بعدك يا رسول الله. فعزم عليَّ لمـّا تخلّفت قبل أن أتكلّم فبكيت، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما يبكيك يا علي؟ قال: يا رسول الله يبكيني خصال غير واحد، تقول قريش غداً ما أسرع ما تخلّف عن ابن عمه وخذله، وتبكيني خصلة أخرى، كنت أريد أن أتعرّض للجهاد في سبيل الله »(١) .

ونقل شهاب الدين أحمد بن عبد القادر العجيلي عن ( أسنى المطالب في فضائل علي بن أبي طالب ) وهو الكتاب الرابع من ( الاكتفاء في فضل الأربعة الخلفاء )(٢) .

(٤)

رواية الزرندي

وروى محمّد بن يوسف الزرندي حديث نزول الآية المباركة المذكورة في شأن الحارث بن النعمان الفهري، عن الثعلبي واصفاً إياه بـ « الامام » عن سفيان ابن عيينة كما تقدّم(٣) .

ترجمة الزرندي والاعتماد على كتبه

وقال ابن حجر العسقلاني بترجمة الزرندي: « محمّد بن يوسف بن الحسن

____________________

(١). المصدر.

(٢). ذخيرة المآل - مخطوط.

(٣). معارج الوصول - مخطوط - نظم درر السمطين ٩٣.

٣٣٦

ابن محمّد بن محمود بن الحسن، الزرندي المدني الحنفي، شمس الدين، أخو نور الدين علي. قرأت في مشيخة الجنيد البلياني تخريج الحافظ شمس الدين الجزري الدمشقي نزيل شيراز أنه كان عالماً، وأرّخ مولده سنة ٦٩٣ ووفاته بشيراز سنة بضع وخمسين وسبعمائة. وذكر أنه صنف درر السمطين في مناقب السبطين. وبغية المرتاح جمع فيها أربعين حديثاً بأسانيدها وشرحها »(١) .

وفي ( الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ): « حكى شيخ الاسلام العلّامة المحدّث بالحرم الشريف النبوي، جمال الدين محمّد بن يوسف الزرندي، في كتابه المسمى بدرر السمطين في فضل المصطفى والمرتضى والسبطين: أن الامام المعظم والحبر المكرم، أحد الأئمة المتّبعين المقتدى بهم في أمور الدين، محمّد بن إدريس الشافعي المطّلبي -رضي‌الله‌عنه وأرضاه وجعل الجنة منقلبه ومثواه - لما صرّح بمحبّة أهل البيت وأنه من شيعتهم، قيل فيه هذا وهو السيد الجليل، فقال مجيبا عن ذلك بأبيات:

إذا نحن فضّلنا علياً فإننا

روافض بالتفضيل عند ذوي الجهل

إلى آخر الأشعار »(٢) .

ووصفه شهاب الدين أحمد عند النقل عنه بـ: « الامام المحدّث بالحرم الشريف النبوي المحمدي»(٣) .

وقد ذكر الكاتب الجلبي كتابيه ( نظم درر السمطين ) و ( بغية المرتاح ) في ( كشف الظنون)(٤) .

____________________

(١). الدرر الكامنة ٤ / ٢٩٥.

(٢). الفصول المهمة: ٢١.

(٣). توضيح الدلائل - مخطوط.

(٤). كشف الظنون ١ / ٧٤٧ باسم: درر السمطين و ٢٥٠١.

٣٣٧

كما عدَّ الديار بكري كتابه ( الإِعلام ) ضمن مصادر كتابه ( الخميس ).

وقال السمهودي: « وقال الحافظ جمال الدين المذكور: وقال أبو الليث عبد السلام بن صالح الهروي: كنت مع علي بن موسى الرضا - وقد دخل نيسابور وهو على بغله شهباء - فغدا في طلبه العلماء من أهل البلد وقالوا: بحق آبائك الطاهرين حدّثنا بحديث سمعته من أبيك. فقال: حدثني أبي العبد الصالح موسى بن جعفر وقال: حدثني أبي جعفر الصادق ابن محمّد قال: حدثني أبي باقر علم الأنبياء محمّد بن علي قال: حدثني أبي سيّد العابدين علي بن الحسين قال: حدثني أبي سيد شباب أهل الجنة الحسين بن علي قال: سمعت أبي سيد العرب علي بن أبي طالب يقول: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: الإِيمان معرفة بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالأركان.

قال الامام أحمد بن حنبلرحمه‌الله : لو قرأت هذا الاسناد على مجنون لبرئ من حينه.

وروى بعضهم أن المستملي لهذا الحديث أبو زرعة الرازي ومحمّد بن أسلم الطوسي »(١) .

وهكذا نقل عنه في مواضع عديدة واصفاً إياه بـ « الحافظ ».

(٥)

رواية الدولت آبادي

وروى ملك العلماء شهاب الدين بن شمس الدين الدولت آبادي حديث نزول قوله تعالى:( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ ) في واقعة حديث الغدير قوله: « وفي

____________________

(١). جواهر العقدين - مخطوط.

٣٣٨

الزاهدية عند قوله تعالى:( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ ) :في تفسير الثعلبي نزولا: أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال يوماً . من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله. فسمع ذلك واحد من الكفرة من جملة الخوارج، فجاء إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: يا محمد هذا من عندك أو من عند الله؟ فقال: هذا من عند الله. فخرج الكافر من المسجد وقام على عتبة الباب وقال: إنْ كان ما يقوله حقاً فأنزل عليّ حجراً من السماء قال: فنزل حجر ورضخ رأسه. فنزلت السورة »(١) .

ترجمة الدولت آبادي

وشهاب الدين الدولت آبادي من أعلام علماء أهل السنة، فقد ذكره غلام علي آزاد قائلاً: « مولانا القاضي شهاب الدين بن شمس الدين ابن عمر الزاولي الدولت آبادي نوّر الله ضريحه. ولد بدولت آباد دهلي، وتلمّذ على القاضي عبد المقتدر الدهلوي، ومولانا خواجكي الدهلوي وهو من تلامذة مولانا معين الدين العمراني رحمهم ‌الله تعالى. وفاق أقرانه وسبق إخوانه. وكان القاضي عبد المقتدر يقول في حقه: يأتيني من الطلبة من جلده علم ولحمه علم وعظمه علم.

... وألّف كتباً سارت بها ركبان العرب والعجم، وأذكى سرجاً أهدى من النار الموقدة على العلم.

توفي لخمس بقين من رجب المرجب، سنة تسع وأربعين وثمانمائة، ودفن بجو نفور في الجانب الجنوبي من مسجد السلطان إبراهيم الشرقي »(٢) .

كما ترجم له الشيخ عبد الحق الدهلوي وأثنى عليه الثناء البالغ(٣) .

____________________

(١). هداية السعداء. الجلوة الثانية من الهداية الثامنة.

(٢). سبحة المرجان في آثار هندوستان: ٣٩.

(٣). أخبار الأخيار: ١٧٣.

٣٣٩

وذكر كاشف الظنون أحد كتب شهاب الدين الدولت آبادي وهو ( الارشاد في النحو ) ووصف مؤلفه بـ « الشيخ الفاضل » والكتاب بقوله: « وهو متن لطيف، تعمّق في تهذيبه كل التعمق، وتأنق في ترتيبه حق التأنق ».

وكذا مدح ولي الله الدهلوي مؤلفات الدولت آبادي في كتابه ( المقدمة السنية في الانتصار للفرقة السنية ).

وقد عدّ رشيد الدين الدهلوي ملك العلماء في عداد عظماء العلماء من أهل السنة، الذين ألّفوا كتباً ورسائل في مناقب الأئمة الطاهرين من أهل البيتعليهم‌السلام .

وهذا المقدار يكفي لبيان كون الدولت آبادي من علماء أهل السنة، المعتمدين الموثوقين لديهم.

(٦)

رواية السمهودي

وروى نور الدين لي بن عبد الله السمهودي الشافعي، حديث نزول الآية الشريفة في حق الحارث في الواقعة المذكورة، عن الثعلبي أيضاً، حيث قال:

« وروى الامام الثعلبي في تفسيره: إنّ سفيان بن عيينةرحمه‌الله سئل عن قول الله عز وجل:( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ ) فيمن نزلت؟ فقال للسائل: سألتني عن مسألة ما سألني عنها أحد قبلك، حدثني أبي عن جعفر بن محمّد عن آبائه: إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمـّا كان بغدير خم نادى الناس فاجتمعوا، فأخذ بيد عليرضي‌الله‌عنه وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، فشاع ذلك وطار في البلاد، فبلغ ذلك الحارث ابن النعمان الفهري، فأتى رسول الله على ناقة، فنزل بالأبطح عن ناقته وأناخها وقال:

٣٤٠

يا محمّد أمرتنا أن نشهد أن لا إله إلّا الله وأنك رسول الله فقبلناه، وأمرتنا أن نصلي خمساً فقبلناه، وأمرتنا بالزكاة فقبلناه، وأردتنا أن نصوم شهراً فقبلنا، وأمرتنا بالحج فقبلنا. ثم لم ترض بهذا حتى رفعت بضبعي ابن عمك تفضّله علينا وقلت: من كنت مولاه فعلي مولاه، فهذا شيء منك أم من الله عزّ وجلّ؟ فقال النبي: والله الذي لا إله إلّا هو إنّ هذا من الله عزّ وجلّ. فولى الحارث وهو يريد راحلته وهو يقول: اللهم إن كان ما يقوله محمّد حقاً فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب اليم. فما وصل إلى راحلته حتى رماه الله بحجر فسقط على هامته، وخرج من دبره، فقتله فأنزل الله تعالى:( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ ) (١) .

ترجمة السمهودي

١ - السخاوي ملخصاً بلفظه: « علي بن عبد الله السمهودي: ولد في صفر سنة ٨٤٤ بسمهود، ونشأ بها فحفظ القرآن والمنهاج ولازم والده، وقدم القاهرة معه وبمفرده غير مرة، وقرأ عمدة الأحكام بحثاً على السعد بن الديري، وأذن له في التدريس هو والبامي والجوهري، وفيه وفي الافتاء الشهاب السارمساجي بعد امتحانه له في مسائل ومذاكرته معه، وفيها أيضاً زكريا وكذا المحلي والمناوي، وعظم اختصاصه بهما وتزايد مع ثانيهما بحيث خطبه لتزويج سبطته، وقرّره معيدا في الحديث بجامع طولون، وفي الفقه بالصالحية، وأسكنه قاعة القضاء بها، وعرض عليه النيابة فأبى، ثم فوّض إليه عند رجوعه مرة إلى بلده مع القضاء، حيث حل النظر في أمر ثواب الصعيد وصرف غير المتأهل منهم، فما عمل بجميعه.

ثم إنه استوطن القاهرة وكنت هناك، فكثر اجتماعنا وكان على خير كبير،

____________________

(١). جواهر العقدين - مخطوط.

٣٤١

وفارقته بمكة بعد أن حججنا، ثم توجه منها إلى طيبة فقطنها من سنة ثلاث وسبعين، ولقيته في كلا الحرمين غير مرة، وغبطته على استيطانه المدينة، وصار شيخها، قل أن يكون أحد من أهلها لم يقرأ عليه.

وبالجملة، فهو انسان فاضل مفنن متميز في الفقه والأصلين، فهو فريد هناك في مجموعه، ولأهل المدينة به جمال، والكمال لله »(١) .

٢ - عبد القادر العيدروس: « وفيها في يوم الخميس ثامن عشر ذي القعدة، توفي عالم المدينة الامام القدوة والمفتي الحجة الشريف، ذو التصانيف الشهيرة، نزيل المدينة الشريفة وعالمها وفقيهها ومدرّسها ومؤرّخها، ترجمه الحافظان العز ابن فهد والشمس السخاوي وألف عدة تآليف منها: جواهر العقدين في فضل الشرفين وجمع فتاواه في مجلد وهي مفيدة جداً »(٢) .

٣ - عبد الغفار بن ابراهيم العكي العدثاني: « الامام العلامة نور الدين علي بن عبد الله وله مصنفات مفيدة وكلّها في غاية الإتقان والتحقيق والتحرير والتدقيق. توفي بطيبة المشرفة »(٣) .

٤ - محمّد بن يوسف الشامي في ذكر رموز سيرته: « أو ( السيد ) فالامام العلامة شيخ الشافعية بطيبة نور الدين السمهودي »(٤) .

٥ - ووصفه الشيخ عبد الحق الدهلوي: بـ « السيد العالم الكامل، أوحد العلماء الأعلام، عالم مدينة خير الأنام، نور الدين مات ضحى يوم ليلة بقيت من ذي القعدة عام إحدى عشر وتسعمائة، ودفن في البقيع عند قبر الامام مالك »(٥) .

____________________

(١). الضوء اللامع لأهل القرن التاسع ٥ / ٢٤٥.

(٢). النور السافر عن أحوال القرن العاشر. حوادث سنة: ٩١١.

(٣). عجالة الراكب وبلغة الطالب - مخطوط.

(٤). سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد - مقدمة الكتاب.

(٥). جذب القلوب - مقدمة الكتاب.

٣٤٢

٦ - واحتج محمّد بن عبد الرسول البرزنجي بكتب السمهودي في كتابه ( الإِشاعة لأشراط الساعة ) وذكر في ديباجته في ضمن مصادره « كتب الامام الشريف نور الدين علي السمهودي، كتاريخ المدينة وجواهر العقدين »(١) .

٧ - ووصفه محمود بن علي الشيخاني القادري بـ « السيد الجليل » مع الاعتماد على رواياته(٢) .

٨ - وذكر الشيخ إبراهيم الكردي أحاديث في الردّ على الفلاسفة ثم قال:

« أورد هذه الأحاديث عالم المدينة ومفتيها العلامة السيد نور الدين في كتاب جواهر العقدين، وقد أخبرنا بالكتاب كلّه شيخنا أيده الله تعالى، قراءة للبعض وإجازة للكل »(٣) .

٩ - وقال أحمد بن الفضل بن محمّد باكثير المكي في ( وسيلة المآل في عد مناقب الآل ): « وقد أكثرت العلماء في هذا الشأن، وجمعت في جواهر مناقبهم الشريفة ما يجمل به جيد الزمان، ومن أحسن ما جمعت في تلك التآليف وأنفع ما نقلت منه في هذا التصانيف: كتاب جواهر العقدين في فضل الشرفين لعلّامة الحرمين السيد السمهودي تغمّده الله برحمته »(٤) .

١٠ - ووصفه محمّد بن محمّد خان البدخشي بـ « السيد السند نور الملة والدين »(٥) .

١١ - وقال تاج الدين الدهان المكي: « تواريخ المدينة الشريفة لعالمها الامام الحجة السيد الشريف نور الدين »(٦) .

____________________

(١). الإِشاعة لأشراط الساعة. مقدمة الكتاب.

(٢). الصراط السوي في مناقب آل النبي - مخطوط.

(٣). بلغة المسير إلى توحيد الله العلي الكبير.

(٤). وسيلة المآل في عدّ مناقب الآل - مخطوط.

(٥). مفتاح النجا - مخطوط.

(٦). كفاية المتطلع في مرويات الشيخ حسن العجيمي - مخطوط.

٣٤٣

١٢ - ووصفهأحمد بن عبد القادر العجيلي بـ « إمام السادة والعلماء »(١) .

١٣ - وذكرهرشيد الدين خان الدهلوي فيمن ألّف وصنف في فضائل الأئمة من العترة الطاهرة، من عظماء علماء أهل السنة، حيث ذكر كتابه ( جواهر العقدين ) ووصف مؤلفه بـ « الإِمام»(٢) .

(٧)

رواية ابن الصباغ

ورواه أيضاً الشيخ نور الدين علي بن محمّد المعروف بابن الصباغ المالكي، عن تفسير الثعلبي، كما مر مراراً، وعبّر عن الثعلبي بـ « الإِمام »(٣) .

ترجمة ابن الصباغ والتعريف بكتابه

وابن الصباغ من مشاهير علماء المالكية، ومن أكابر مشايخهم المعتمدين، وقد وصفه العجيلي لدى النقل عنه بـ « الشيخ الامام علي بن محمّد الشهير بابن الصباغ من علماء المالكية ».

وذكر محمّد بن عبد الله المطيري المدني الشافعي - لدى النقل عنه - أن ابن الصباغ من العلماء العاملين الأعيان.

كما أكثر من النقل عن كتابه ( الفصول المهمة ) جماعة من أعيان علماء أهل السنة كالحلبي في ( سيرته ) والصفوري في ( نزهة المجالس ) والشيخاني القادري في

____________________

(١). ذخيرة المآل - مخطوط.

(٢). إيضاح لطافة المقال لمحمّد رشيد الدهلوي.

(٣). الفصول المهمة: ٤٢.

٣٤٤

( الصراط السوي ) والعجيلي في ( ذخيرة المآل ) والسمهودي في ( جواهر العقدين ).

(٨)

رواية المحدّث الشيرازي

ورواه السيد جمال الدين عطاء الله بن فضل الله المحدّث الشيرازي في ( الأربعين في مناقب أمير المؤمنين ) حيث قال: « الحديث الثالث عشر: عن جعفر ابن محمد عن آبائه الكرامعليهم‌السلام : إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمـّا كان بغدير خم نادى الناس، فاجتمعوا، فأخذ بيد علي وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، وأدر الحق معه حيث كان وفي رواية: اللهم أعنه وأعن به، وارحمه وارحم به، وانصره وانصر به، فشاع ذلك وطار في البلاد، فبلغ ذلك الحارث بن النعمان الفهري، فأتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على ناقة له، ونزل بالأبطح عن ناقته وأناخها، فقال:

يا محمد: أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلّا الله وأنك رسول الله فقبلناه منك، وأمرتنا أن نصلّي خمساً فقبلناه منك، وأمرتنا بالزكاة فقبلناه منك، وأمرتنا أن نصوم فقبلناه منك، وأمرتنا بالحج فقبلناه منك، ثم لم ترض بهذا حتى رفعت بضبعي ابن عمك تفضّله علينا وقلت: من كنت مولاه فعلي مولاه، فهذا شيء منك أم من الله عز وجل؟

فقال النبي: والذي لا إله إلّا هو إن هذا من الله عز وجل، فولّى الحارث ابن النعمان وهو يريد راحلته وهو يقول: اللهم إنْ كان ما يقوله محمّد حقاً فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. فما وصل إلى راحلته حتى رماه الله

٣٤٥

عزّ وجلّ بحجر، فسقط على هامته وخرج من دبره فقتله. وأنزل الله عز وجل:( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ ) (١) .

الثناء على المحدّث الشيرازي

والسيد جمال الدين المحدّث الشيرازي من كبار علماء أهل السنّة الأثبات، ومن مشايخ ( الدهلوي ) في الإِجازة كما لا يخفى على ناظر رسالته في ( أصول الحديث ). وجعله الملّا علي القاري من المشايخ الكبار. كما وصفه بالأوصاف العظيمة في مقدمة كتابه ( المرقاة في شرح المشكاة ).

واعتمد على رواياته جماعة من أساطين علمائهم، كالشيخ عبد الحق الدهلوي في ( مدارج النبوة ) والديار بكري في ( الخميس ) وولي الله الدهلوي في ( إزالة الخفاء ) كما لا يخفى على من راجع الكتب المذكورة.

(٩)

رواية المنّاوي

وروى الشيخ شمس الدين عبد الرؤف بن تاج العارفين المنّاوي الحديث المذكور حيث قال بشرح حديث الغدير: « وفي تفسير الثعلبي عن ابن عيينة قال: إن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمـّا قال ذلك، طار في الآفاق، فبلغ ذلك الحارث ابن النعمان الفهري، فأتى رسول الله فقال: يا محمد »(٢) .

____________________

(١). الأربعين - مخطوط.

(٢). فيض القدير في شرح الجامع الصغير ٦ / ٢٨١.

٣٤٦

ترجمة المناوي

وترجم محمّد أمين بن فضل الله المحبي الدمشقي للمنّاوي ترجمة حافلة نلخصها فيما يلي بلفظه: « عبد الرؤف بن تاج العارفين، الامام الكبير الحجة الثبت القدوة، صاحب التصانيف السائرة، وأجلّ أهل عصره من غير ارتياب، وكان إماماً فاضلاً زاهداً عابداً، قانتاً لله خاشعاً له، كثير النفع، وكان متقرباً بحسن العمل، مثابراً على التسبيح والأذكار، صابراً صادقاً، وكان يقتصر يومه وليلته على أكلة واحدة من الطعام، قد جمع من العلوم والمعارف على اختلاف أنواعها وتباين أقسامها ما لم يجتمع في أحد ممن عاصره.

انقطع عن مخالطة الناس وانعزل في منزله، وأقبل على التأليف، فصنّف في غالب العلوم، ثم ولى تدريس المدرسة الصالحية، فحسده أهل عصره وكانوا لا يعرفون مزية علمه لانزوائه عنهم، ولمـّا حضر الدرس فيها ورد عليه من كل مذهب فضلاؤه منتقدين عليه، فأذعنوا لفضله وصار أجلاء العلماء يبادرون لحضوره، وأخذ عنه منهم خلق كثير منهم: الشيخ سليمان البابلي، والسيد إبراهيم الطاشكندي، والشيخ علي الأجهوري الولي المعتقد، وأحمد الكلبي وولده الشيخ محمّد وغيرهم. وكان مع ذلك لم يخل من طاعن وحاسد حتى دسّ عليه السم، فتوالى عليه بسبب ذاك نقص في أطرافه وبدنه من كثرة التداوي.

بالجملة، فهو أعلم علماء هذا التاريخ آثاراً، ومؤلفاته غالبا متداولة كثيرة النفع، وللناس عليها تهافت زائد ويتغالون في أثمانها، وأشهرها شرحاه على الجامع الصغير وشرح السيرة المنظومة للعراقي.

وكانت ولادته في سنة ٩٥٢ وتوفي سنة ١٠٣١ »(١) .

____________________

(١). خلاصة الأثر ٢ / ٤١٢.

٣٤٧

ترجمة المحبي مادح المناوي

وترجم محمّد أفندي بن علي أفندي المرادي البخاري الدمشقي مفتي الحنفية لمحمّد أمين المحبي بقوله: « محمّد الأمين بن فضل الله فريد العصر ويتيمة الدهر، المؤرخ الذي بهر العقول بانشائه البديع، الشاعر الماهر الذي هو ببيانه لها روت ساحر. ولد بدمشق سنة ١٠٦١

وكان يكتب الخط الحسن العجيب، وألف مؤلفات حسنة بعد أن جاوز العشرين وكانت وفاته في ثاني عشر جمادى الأولى سنة ١١١١ »(١) .

(١٠)

رواية العيدروس

وكذلك رواه شيخ بن عبد الله بن شيخ عبد الله العيدروس باعلوي، عن الثعلبي في تفسيره(٢) .

ترجمة العيدروس والثناء عليه

وترجم المحبي للعيدروس المذكور بما هذا ملخصه: « شيخ بن عبد الله ابن شيخ بن عبد الله بن شيخ بن عبد الله العيدروس اليمني، الأستاذ الكبير المحدث الصوفي الفقيه، اشتغل على والده، أخذ عنه علوما كثيرة ولبس منه الخرقة وتفقه، ورحل إلى الشحر واليمن والحرمين في سنة ١٠١٦، ثم رحل إلى الهند فدخلها في

____________________

(١). سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر ٤ / ٨٦.

(٢). العقد النبوي والسرّ المصطفوي - مخطوط.

٣٤٨

سنة ١٠٢٥، وأخذ عن عمه الشيخ عبد القادر بن شيخ، وكان يحبّه ويثني عليه وبشّره ببشارات، وألبسه الخرقة وحكمه، وكتب له إجازة مطلقة في أحكام التحكيم.

ثم قصد إقليم الدكن واجتمع بالوزير الأعظم عنبر وبسلطانه برهان نظام شاه، وحصل له عندهما جاه عظيم، وأخذ عنه جماعة، ثم سعى بعض المردة بالنميمة، فأفسدوا أمر تلك الدائرة ففارقهم صاحب الترجمة، وقصد السلطان ابراهيم عادلشاه فأجلّه وعظّمه، وتبجح السلطان بمجيئه إليه وعظّم أمره في بلاده، وكان لا يصدر إلّا عن رأيه، وسبب إقباله الزائد على أنه وقع له حال اجتماعه به كرامة وهي: إن السلطان كانت أصابته في مقعدته جراحة منعته الراحة والجلوس، وعجزت عن علاجه حذّاق الأطباء، وكان سببها أن السيد الجليل علي ابن علوي دعا عليه بجرح لا يبرأ، فلمـّا أقبل صاحب الترجمة ورآه على حالته أمره أن يجلس مستوياً، فجلس من حينئذٍ وبرأ منها. وكان السلطان إبراهيم رافضياً، فلم يزل به حتى أدخله في عداد أهل السنّة.

فلمـّا رأى أهل تلك المملكة إنقياد السلطان إليه، أقبلوا عليه وهابوه، وحصّل كتباً نفيسة، واجتمع له من الأموال ما لا يحصى كثرةً ولم يزل مقيماً عند السلطان إبراهيم عادلشاه حتى مات السلطان، فرحل صاحب الترجمة إلى دولت آباد إلى أن مات سنة ١٠٤١. وكانت ولادته في سنة ٩٩٣ »(١) .

ووصفه الشيخاني القادري لدى النقل عنه بأوصاف حميدة جليلة قال: « وفي العقد النبوي والسر المصطفوي للشيخ الامام والغوث الهمام، بحر الحقائق والمعارف، السيد السند والفرد الأمجد، الشريف الحسيني، المسمّى بالشيخ بن عبد الله »(٢) .

____________________

(١). خلاصة الأثر ٢ / ٢٣٥.

(٢). الصراط السوي في مناقب آل النبي - مخطوط.

٣٤٩

وإنّ محمّد محبوب عالم ينقل في مواضع من تفسيره ( تفسير شاهي ) عن كتاب ( العقد النبوي ) المذكور للعيدروس اليمني.

(١١)

رواية الشيخاني

وروى محمود بن محمّد الشيخاني القادري حديث نزول الآية الكريمة حيث قال: « وقد مرّ مراراً قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه فعلي مولاه. الحديث.

قالوا: وكان الحارث بن النعمان مسلماً، فلما سمع حديث من كنت مولاه فعلي مولاه، شك في نبوة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثم قال: اللهم إنْ كان ما يقوله محمّد حقاً فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. ثم ذهب ليركب راحلته فما مشى نحو ثلاث خطوات، حتى رماه الله عز وجلّ بحجر، فسقط على هامته وخرج من دبره فقتله. فأنزل الله تعالى:( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ ) (١) .

وهذا الرجل من علماء أهل السنة المعتمدين، وقد نقل عنه واعتمد عليه رشيد الدين خان الدهلوي في كتابه ( غرة الراشدين ).

____________________

(١). المصدر نفسه - مخطوط.

٣٥٠

(١٢)

رواية الحلبي

وروى نور الدين علي بن إبراهيم الحلبي بقوله: « قال بعضهم: ولمـّا شاع قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه فعلي مولاه في سائر الأمصار، وطار في جميع الأقطار، فبلغ الحارث بن النعمان الفهري، فقدم المدينة وأناخ راحلته عند باب المسجد، فدخل والنبي جالس وحوله أصحابه، فجاء حتى جثى بين يديه ثم قال:

يا محمد! إنك أمرتنا أن نشهد أن لا إله إلّا الله وأنك رسول الله فقبلنا ذلك منك، وأمرتنا أن نصلي في اليوم والليلة خمس صلوات، ونصوم شهر رمضان، ونزكي أموالنا، ونحج البيت فقبلنا ذلك منك، ثم لم ترض بهذا حتى رفعت بضبعي ابن عمك ففضّلته وقلت: من كنت مولاه فعلي مولاه، فهذا شيء من الله أو منك؟

فاحمرّت عينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال: والله الذي لا إله إلّا هو إنه من الله وليس مني. قالها ثلاثاً. فقام الحارث وهو يقول: اللهم إنْ كان هذا هو الحق من عندك - وفي رواية: اللهم إنْ كان ما يقول محمّد حقاً - فأرسل علينا حجارةً من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. فو الله ما بلغ باب المسجد حتى رماه الله بحجر من السماء، فوقع على رأسه وخرج من دبره، فمات. وأنزل الله تعالى:( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ ) الآية »(١) .

____________________

(١). السيرة الحلبية ٣ / ٣٣٧.

٣٥١

ترجمة نور الدين الحلبي

١ - عبد الله بن حجازي الشرقاوي: « العلامة الفاضل، واللوذعي الكامل، شيخ الاسلام وبركة الأنام، الشيخ علي الحلبي، صاحب السيرة الحلبية المشهورة »(١) .

٢ - المحبي: « الامام الكبير، أجل أعلام المشايخ وعلامة الزمان، كان جبلاً من جبال العلم وبحراً لا ساحل له، واسع الحكم، علّامة جليل المقدار، جامعاً لأشتات العلى، صارفاً نقد عمره في بث العلم النافع ونشره، وحظي فيه حظوة لم يحظها أحد مثله، فكان درسه مجمع الفضلاء ومحط رحال النبلاء، وكان غاية في التحقيق، حاد الفهم، قوي الفكرة، متحرياً في الفتاوى، جامعاً بين العلم والعمل، صاحب جد واجتهاد، عمّ نفعه الناس، فكانوا يأتونه لأخذ العلم عنه من البلاد، مهاباً عند خاصة الناس وعامّتهم، حسن الخلق والخلق، ذا دعابة لطيفة في درسه مع جلالة، وكان الشيوخ يثنون عليه بما هو أهله، من الفضل التام ومزيد الجلالة والاحترام.

ولد بمصر في سنة ٩٧٥، وألّف المؤلفات البديعة منها: السيرة النبوية التي سماها إنسان العيون في سيرة النبي المأمون، في ثلاث مجلدات، اختصرها من سيرة الشيخ محمّد الشامي وزاد أشياء لطيفة الموقع، وقد اشتهرت اشتهاراً كثيراً، وتلّقتها أفاضل العصر بالقبول، حرّرها تحريراً مع الشيخ سلطان. وكانت وفاته يوم السبت آخر يوم من شعبان سنة ١٠٤٤ »(٢) .

____________________

(١). التحفة البهية في طبقات الشافعيّة - مخطوط.

(٢). خلاصة الأثر ٣ / ١٢٢ ملخصاً.

٣٥٢

(١٣)

رواية أحمد بن باكثير

وروى أحمد بن الفضل بن محمّد باكثير نزول الآية( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ ) في واقعة غدير خم عن الثعلبي حيث قال: « روى الثعلبي في تفسيره: إن سفيان بن عيينةرحمه‌الله سئل عن قوله عز وجل:( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ ) فيمن نزلت؟ فقال للسائل: سألتني عن مسألة ما سألني عنها أحد قبلك، حدثني أبي عن جعفر بن محمّد عن آبائه رضي الله عنهما، أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمـّا كان بغدير خم، نادى الناس فاجتمعوا، فأخذ بيد عليرضي‌الله‌عنه فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، فشاع ذلك وطار في البلاد، فبلغ ذلك الحارث ابن النعمان الفهري، فأتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على ناقة، فنزل بالأبطح عن ناقته وأناخها وقال:

يا محمّد أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلّا الله وأنك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقبلناه منك، وأمرتنا أن نصلّي خمساً فقبلناه منك، وأمرتنا بالحج فقبلنا، ثم لم ترض بهذا حتى رفعت بضبعي ابن عمك تفضّله علينا. فقلت: من كنت مولاه فعلي مولاه، فهذا شيء منك أو من الله عزّ وجلّ؟ فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : والذي لا إله إلّا هو إن هذا من الله عز وجلّ.

قال: فولّى الحارث بن النعمان - وهو يريد راحلته - وهو يقول: اللهم إن كان ما يقول حقاً فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم، فما وصل إلى راحلته حتى رماه الله بحجر، فسقط على هامته حتى خرج من دبره فقتله. فأنزل الله تعالى:( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ ) (١) .

____________________

(١). وسيلة المآل في عدّ مناقب الآل - مخطوط.

٣٥٣

ترجمة ابن باكثير المكّي

وقد ترجم محمّد أمين المحبّي لابن باكثير المكي بقوله: « الشيخ أحمد بن الفضل بن محمّد باكثير المكي الشافعي، من أدباء الحجاز وفضلائها المتمكّنين، كان فاضلاً أديباً له مقدار علي وفضل جلي، وكان له في العلوم الفلكية وعلم الأوفاق والزابرجا يد عالية. وكان له عند أشراف مكة منزلة وشهرة، وكان في الموسم يجلس في المكان الذي يقسّم فيه الصرّ السلطاني بالحرم الشريف، بدلاً عن شريف مكة.

ومن مؤلفاته: حسن المآل في مناقب الآل وكانت وفاته سنة ١٠٤٧ بمكة، ودفن بالمعلاة»(١) .

ووصفه رضي الدين محمّد بن علي بن حيدر لدى النقل عنه في كتابه ( تنضيد العقود السنية بتمهيد الدولة الحسينية ) بقوله: « قال أحمد صاحب الوسيلة، وهو الثقة الأمين في كلّ فضيلة ...».

(١٤)

رواية محبوب عالم

ورواه محبوب عالم - وهو من أكابر علماء أهل السنة وعرفائهم - في تفسير المعروف ( تفسير شاهي ) الذي أثنى عليه ( الدهلوي ) وغيره من علمائهم رواه عن ( العقد النبوي ) عن ( تفسير الثعلبي ).

____________________

(١). خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر ١ / ٢٧١ - ٢٧٣.

٣٥٤

(١٥)

رواية محمّد صدر العالم

ورواه محمّد صدر العالم، عن تفسير الثعلبي كذلك، حيث قال: « أخرج الثعلبي في تفسيره: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال يوماً: اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. فسمع ذلك واحد من الكفرة من جملة الخوارج، فجاء إلى النبي فقال: يا محمّد هذا من عندك أو من عند الله؟ فقال النبي: هذا من عند الله. فخرج الكافر من المسجد وقام على عتبة الباب وقال: إنْ كان ما يقوله حقاً فأنزل عليَّ حجراً من السماء، قال: فنزل حجر ورضخ رأسه فنزل قوله:( سَأَلَ سائِلٌ ) الآية »(١) .

(١٦)

رواية محمّد بن إسماعيل الأمير

ورواه محمّد بن إسماعيل بن صلاح الأمير الصنعاني، عن تفسير الثعلبي، ثم قال: « قلت: وذكره الحافظ العلّامة أبو سعود الرومي، في تفسيره الشهير »(٢) .

____________________

(١). معارج العلى في مناقب المرتضى - مخطوط.

(٢). الروضة الندية - شرح التحفة العلوية: ٨٤.

٣٥٥

الثناء على محمّد بن اسماعيل الأمير

قال أحمد بن عبد القادر العجيلي الشافعي: « وأولاد الامام المتوكل علماء جهابذة وأبرار، أعظمهم ولده الامام المؤيد بالله محمّد بن إسماعيل، قرأ كتب الحديث وبرع فيها. كان إماماً في الزهد والورع، يعتقده العامة والخاصة، ويأتونه بالنذور فيردّها ويقول: إن قبولها تقرير لهم على اعتقادهم أنه من الصالحين، وهو يخاف أنه من الهالكين

ومن أعيان آل الامام: السيد المجتهد الشهير، المحدّث الكبير السراج المنير، محمّد بن إسماعيل الأمير، مسند الديار ومجدد الدين في الأقطار، صنف أكثر من مائة مؤلف، وهو لا ينسب إلى مذهب بل مذهبه الحديث ».

وقال: « وسيدنا الامام محمّد بن إسماعيل الأميررضي‌الله‌عنه ، أخذ عن علماء الحرمين واستجاز منهم وارتبط بأسانيدهم، وقرأ على الشيخ عبد الخالق ابن الزين المزجاجي، والشيخ عليه، واستجاز منه وأسند عنه، مع تمكّنه من علوم الآل وتأصله »(١) .

وقال صدّيق حسن القنوجي: « إرشاد النقاد إلى تيسير الاجتهاد، للإمام بدر الملة المنير محمّد بن اسماعيل اليمني الأمير، المتوفى سنة ١١٨٢ »(٢) .

كما ذكر كتباً أخرى له معم الثناء عليها وعلى مؤلّفها، ووصفه بالأوصاف الجليلة.

____________________

(١). ذخيرة المآل - مخطوط.

(٢). إتحاف النبلاء المتقين بإحياء مآثر الفقهاء والمحدثين - مخطوط.

٣٥٦

(١٧)

رواية أحمد بن عبد القادر

ورواه أحمد بن عبد القادر الشافعي في كتابه ( ذخيرة المآل في شرح عقد جواهر اللئال ) عن الثعلبي معبراً عنه بـ « الامام ».

الثناء عليه وعلى كتابه

وقد وصفه الشيخ أحمد بن محمّد الأنصاري اليمني الشرواني لدى النقل عنه، بأوصاف جليلة، حيث قال: « وما أحسن قول محبّ الآل العارف المفضال، شهاب الدين أحمد بن عبد القادر الحفظي الشافعي، رحمه الكبير المتعال، في منظومته المسمّاة بعقد جواهر اللآل:

وآية التطهير فيهم نزلت

وأذهبت رجسهم وطهّرت

لمـّا تلاها قام يدعو أهله

في بيت سكناه وخص آله

أدخلهم تحت الكسا وجلّلا

جميعهم ثم دعا وابتهلا

وقال اللهمَّ هؤلاء

هم أهل بيتي وهم عصائي

إني لمن حاربهم حرب ومن

سالمهم سلم على مرّ الزمن

وإنني منهم وهم مني فصل

عليهم أزكى صلاة وأجل

وارحم وبارك وارض عنهم واغفر

والرجس أذهب عنهم وطهّر

فهذه الآية أصل القاعدة

ومنبع الفضل لكل عائدة

وإنما حرف يفيد الحصرا

ويقصر المراد فيهم قصرا

فلا يريد الله فيهم غير أنْ

يذهب عنهم كل رجس ودرن

٣٥٧

مؤكدا تطهيرهم بالمصدر

منكّراً إشارة للعبقري

ومنها:

« وكل أعدائهم والجافي

فلا نواليهم ولا نصافي

قد قطعوا ما أمروا بوصله

وما رعوا ذمة خير رسله

عقّوه في أولاده وهجروا

ونقضوا عهودهم وغدروا

ما عذرهم يوم اللّقا والحجة

وكيف ينجو غارق في اللجة؟

ما ذا يولون إذا ما سئلوا

وشهد الله على ما فعلوا؟

وهم بذاك اليوم في هوان

تطأهم الأقدام كالجعلان

ويحكم الله بحكم الحق

بينهم وبين أهل العق

والمصطفى والمرتضى وفاطمة

قد حضروا في مجلس المخاصمة

يا حسرة عليهم لا تنقضي

وخجلة لمن جفا ومن رضي

وما جرى فقد مضى وإنما

يا ويل من والى لمن قد ظلما

وكلّ من يسكت أو يلبّس

ومن لعذرٍ فاسدٍ يلتمس

فذاك مغبون بكلّ حال

قد ضيّع الربح ورأس المال

واستبدل الأدنى بكلّ خير

وباع دينه بدنيا الغير

وفي غدٍ كل فريق يجمع

تحت لواء من له يتبع

وكل أناس بإمام يدعى

فاختر لمن شئت وألق السمعا

قال محبّر هذا الكتاب - أذاقه الله حلاوة عفوه يوم الحساب - وللشهاب العارف الحفظي شرح على منظومته، دال على حسن عقيدته ووفور محبته، لأهل البيت الرفيع وسلامته من التعصب الشنيع، سماه: ذخيرة المآل في شرح عقد جواهر اللآل. ولمـّا كنت مقيما في الوطن كان الشهاب موجوداً في برج شرفه بين الحجاز واليمن، ولا أدري اليوم أباق لمعان ذلك النور أم غاب عن الأبصار بعد

٣٥٨

الظهور، لبعدي عن تلك الأقطار وانقطاع ما لم أزل مترقباً لوصوله من أخبار الأخيار الساكنين في أنفس الديار »(١) .

الثناء على مادح الحفظي

وأحمد الشرواني اليمني وصفه مشاهير علمائهم بأوصاف كريمة، في تقاريظهم لكتابه المذكور ( المناقب الحيدرية )، فممن كتب له تقريظاً هو: رشيد الدين خان الدهلوي تلميذ ( الدهلوي ). ومنهم: المولوي حسن علي المحدث تلميذ ( الدهلوي )، ومنهم: المولوي أوحد الدين البلجرامي.

وقد طبعت هذه التقاريظ في آخر كتاب ( المناقب الحيدرية ) فليلاحظ.

(١٨)

رواية الشبلنجي

ورواه أيضاً سيد مؤمن بن حسن مؤمن الشبلنجي عن الثعلبي - مع التعبير عنه بـ « الامام » - كذلك(٢) .

* * *

____________________

(١). المناقب الحيدرية ٧٥ - ٧٧.

(٢). نور الأبصار: ٧٨.

٣٥٩

دلالة هذا الحديث على أفضلية علي عليه‌السلام

وحديث نزول قوله عز وجل:( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ ) في شأن الحارث بن النعمان الفهري، بعد نزول العذاب عليه بسبب اعتراضه على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ما قاله يوم غدير خم، في حق أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وهو قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « من كنت مولاه فعلي مولاه .. صريح في دلالة هذا الكلام على أفضلية عليعليه‌السلام ، لأنه قال للنبي في اعتراضه: « ولم ترض بهذا حتى أخذت بضبعي ابن عمك ففضّلته علينا وقلت: من كنت مولاه فعلي مولاه ».

وهذا وجه آخر لسقوط تأويلات القوم لحديث الغدير، ومناقشاتهم في دلالتهم على الأفضلية والامامة، تلك الدلالة التي أذعن بها جميع المتأخرين والغائبين الذين بلغهم ما قاله رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، في ذلك يوم العظيم وفي ذلك الجمع الحاشد.

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391