نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٨

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار10%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 391

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 391 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 299624 / تحميل: 7042
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٨

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

ليس لغيره من أهل عصره، أخذ العلوم من أفواه الرجال حتى صار مضرب الأمثال وله تصانيف معتبرة مشهورة مفيدة »(١).

تفسيره

وقد ذكر تفسيره في ( كشف الظنون ) بقوله: « مدارك التنزيل وحقائق التأويل للإمام حافظ الدين عبد الله بن أحمد النسفي المتوفى سنة ٧٠١ وقيل ٧١٠. أوّله: الحمد لله المتفرد بذاته عن إشارة الأوهام الخ. وهو كتاب وسط في التأويلات جامع لوجوه الإِعراب والقراءات، متضمن لدقائق علم البديع والإشارات، موشح بأقاويل أهل السنة والجماعة، خال عن أباطيل أهل البدع والضلالة، ليس بالطويل الممل ولا بالقصير المخل »(٢) .

(٣٠)

عمر الفارسي القزويني

وأما تفسير عمر بن عبد الرحمن الفارسي القزويني ( المولى ) بـ ( الأولى ) فهو حيث قال: « قوله:

فغدت كلا الفرجين تحسب أنه

مولى المخافة خلفها وأمامها

يصف بقرة وحشية نفرت من توجس ركز الصائد فزعة لا تدري أقدّامها الصائد أم خلفها. يقول فغدت البقرة كلا جانبيها الخلف والأمام، تحسب أنه أولى وأحرى بأنْ يكون فيه الخوف »(٣) .

____________________

(١). كتائب أعلام الأخيار - مخطوط.

(٢). كشف الظنون ٢ / ١٦٤٠.

(٣). كشف الكشاف - مخطوط.

٦١

ترجمة عمر القزويني وكتابه

وقد ذكر في ( كشف الظنون ) كتاب ( كشف الكشاف لعمر الفارسي القزويني ) حيث قال في ذكر حواشي الكشاف: « وممن كتب أيضاً غير ما ذكره السيوطي: الامام العلّامة عمر بن عبد الرحمن الفارسي القزويني حاشية في مجلّد سماها الكشف. وتوفي سنة ٧٤٥. أولها: الحمد لله الذي أنار الأعيان بنور الوجود إلخ. وذكر أنه أشار إلى تأليفها من أمره مطاع، فشرع وكتب فيها ما تلقّفه من الأئمة الماضين أو استنبطه بميامين أنوارهم، وليس فيه التسمية وانما قال: أشار إليّ أنْ أحرّر في الكشف عن مشكلات الكشاف »(١) .

(٣١)

ابن الصبّاغ المالكي

وأمّا ذكر نور الدين علي المعروف بابن الصباغ المالكي مجيء ( المولى ) بمعنى ( الأولى ) فهذا نص كلامه: « قال العلماء: لفظة المولى مستعملة بأزاء معان متعددة، وقد ورد القرآن العظيم بها، فتارة تكون بمعنى أولى قال الله تعالى في حق المنافقين:( مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ ) معناه أولى بكم »(٢) .

وسيأتي ذكر ترجمة ابن الصباغ فيما بعد إنْ شاء الله تعالى.

____________________

(١). كشف الظنون ٢ / ١٤٨٠ وله ترجمة في طبقات المفسرين للداودي ٢ / ٥، الدرر الكامنة ٣ / ٢٥٦، شذرات الذهب ٦ / ١٤٣، طبقات القراء ١ / ٥٩٤.

(٢). الفصول المهمة في معرفة الأئمة: ٤٣.

٦٢

(٣٢)

جلال الدين المحلّي

وفسّر جلال الدين محمد بن أحمد المحلي ( المولى ) بـ ( الأولى ) حيث قال:( مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ ) أولى بكم »(١) .

تفسير الجلالين

و « تفسير الجلالين » الذي اشترك في تأليفه جلال الدين السيوطي وجلال الدين المحلي من التفاسير المشهورة المعتبرة، قال تاج الدين الدهان في ( كفاية المتطلع في مرويات الشيخ حسن العجيمي ): « التفسير المعروف بالجلالين العلامتين الامام المحقق جلال الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن محمد المحلّي الأخباري، والحافظ العمدة جلال الدين أبي الفضل عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي، والدر المنثور في التفسير بالمأثور للحافظ السيوطي. وقد شرع الجلال المحلي من سورة مريم إلى آخر الكتاب العزيز، ثم شرع في تفسير النصف الأول فمات بعد تفسير الفاتحة، فأتمّه الحافظ السيوطي من أول سورة البقرة إلى آخر سورة الكهف. أخبر بها »(٢) .

ترجمة الجلال المحلّي

وقد ترجم للجلال المحلي شمس الدين السخاوي بما هذا ملخّصه:

____________________

(١). تفسير الجلالين: ٧١٦.

(٢). كفاية المتطلع لتاج الدين الذهان - مخطوط.

٦٣

« محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أحمد بن هاشم، الجلال أبو عبد الله ابن الشهاب أبي العباس بن الكمال الأنصاري، المحلّي الأصل - نسبة للمحلة الكبرى من الغربيّة - القاهري الشافعي ولد كما رأيته بخطه في مستهل شوال سنة ٧٩١ بالقاهرة ونشأ بها. فقرأ القرآن وكتباً واشتغل في فنون ومهر وتقدّم على غالب أقرانه، وتفنّن في العلوم العقلية والنقلية، وتصدى للتصنيف والتدريس والاقراء، ورغب الأئمة في تحصيل تصانيفه وقراءتها وإقرائها، وارتحل الفضلاء للأخذ عنه، وتخرّج به جماعة درسوا في حياته.

وكان إماماً، علّامة، محققاً، نظّاراً، مفرط الذكاء، صحيح الذهن، معظّماً بين الخاصة والعامة، مهاباً، وقوراً، عليه سيما الخير، اشتهر ذكره وبعد صيته، وقصد بالفتاوى من الأماكن النائية، وهرع إليه غير واحد من الأعيان بقصد الزيارة والتبرك. هذا، ولم أكن أقصر به عن درجة الولاية. وترجمته يحتمل كراريس، مع أني قد أطلتها في معجمي. وقد حجّ مراراً. ومات سنة أربع وستّين »(١) .

(٣٣)

الحسين الواعظ الكاشفي

وفسّر حسين بن علي الواعظ الكاشفي ( المولى ) بـ ( الأولى ) في تفسيره المشهور بـ ( تفسير حسيني ) بتفسير قوله تعالى:( مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ ) (٢) .

____________________

(١). الضوء اللامع لأهل القرن التاسع ٧ / ٣٩ - ٤١.

(٢). تفسير حسيني - المواهب العلية. سورة الحديد.

٦٤

تفسير حسيني

و ( تفسير حسيني ) للواعظ الكاشفي يعدّ في التفاسير المعتبرة، وقد اعتمد عليه العلماء، كالشيخ أحمد بن أبي سعيد بن عبد الله بن عبد الرزاق الحنفي الصالحي المعروف بـ ( ملاجيون ) المترجم له بكل تعظيم في ( سبحة المرجان )، في تفسيره المعروف بـ ( تفسير أحمدي )، ضمن التفاسير التي اعتمد عليها ونقل عنها كالتفاسير البيضاوي والبغوي والسيوطي والزمخشري. وقد وصفه بـ « الشيخ الكبير العلي الحسيني الواعظ الكاشفي ».

وكالمولوي تراب علي في آخر كتابه ( التدقيقات الراسخات في شرح التحقيقات الشامخات. الملقب بسبيل النجاح إلى تحصيل الفلاح ) وعدّه « من الصحف الموثوقة والزبر الأنيقة » كتفاسير الرازي والنسفي والنيسابوري والبغوي. وكالشيخ محبوب عالم في تفسيره المسمى ( تفسير شاهي ).

وقد ذكر تفسيره المذكور في ( كشف الظنون ) بقوله: « تفسير حسين بن علي الكاشفي الواعظ المتوفى في حدود سنة ٩٠٠. وهو تفسير فارسي متداول. في مجلد. سماه بالمواهب العلية، كما ذكره ولده في بعض كتبه، وترجمته بالتركية لأبي الفضل محمد بن إدريس البدليسي المتوفى سنة ٩٨٢. وله جواهر التفسير للزهراوين. يأتي في الجيم »(١) .

(٣٤)

أبو السعود العمادي

وفسّر أبو السعود بن محمد العمادي ( المولى ) بـ ( الأولى ) بتفسير الآية

____________________

(١). كشف الظنون ١ / ٤٤٦.

٦٥

المذكورة، وهذا نص كلامه: « قوله تعالى:( مَأْواكُمُ النَّارُ ) لا تبرحون أبداً( هِيَ مَوْلاكُمْ ) أي أولى بكم. وحقيقته مكانكم الذي يقال فيه: هو أولى بكم. كما يقال هو مئنة الكرم. أي مكان لقول القائل: إنه لكريم. أو مكانكم عن قريب، من الولي وهو القرب. أو ناصركم عن قريب من المولى وهو القرب. أو ناصركم على طريقة قوله: تحية بينهم، ضرب وجيع. أو متولّيكم تتولاكم كما توليتم موجباتها »(١).

ترجمة أبي السعود

وترجم له محمود بن سليمان الكفوي بما هذا ملخّصه « المولى الفاضل العلّامة، والحبر الكامل الفهّامة، لسان الزمان، إمام أهل اللسان، بدائعه الحسان تجلّ عن البيان، واسع التقرير كامل التحرير، سحبان النثر حسّان الشعر، كشّاف مشكلات التنزيل الجليل، وحلّال معضلات الكتاب بالتفسير والتأويل، حافظ قوانين الفروع والأصول، وضابط مسائل كلّ الفنون من المعقول والمنقول، زبدة أرباب التقوى وعمدة أصحاب الفتوى، إمام المفسرين ختام المجتهدين، شيخ الإسلام وعماد الدين، أبو السعود ابن الشيخ محيي الدين المنتسب بالعماد عامله الله بلطفه يوم المعاد.

وهو الأُستاذ على الإطلاق، والمشار إليه بالاتفاق، قرعت به أسماع سكّان الآفاق، وصكّت به آذان أهل فارس والعراق، شيخ كبير، إمام خبير، عالم نحرير، لا في العجم له مثيل ولا في العرب له نظير، مشهور الاسم، عالي الرتبة، عظيم الجاه، زائد الحشمة، تضرب به الأمثال وتشدّ إليه الرّحال، ترد الفتاوى عليه من أقطار الأرض وترد إليه بعضها على بعض، ولقد كان على أحسن طريقة سلكها الأشراف، وقلّدها أشراف الأخلاف، من دين مكين وعقل رزين، وكان

____________________

(١). تفسير أبي السعود - إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم - هامش تفسير الرازي: ٨ / ٧٢

٦٦

من محاسن الزمان، لم تر العيون مثله في العلم والعرفان، وكان يجتهد في بعض المسائل ويخرج ويرجّح بعض الدلائل، وكان إذا لم يجد واقعة الفتوى وجوابها في الكتب المتداولة المعمولة يكتب الجواب على رأيه الوجيز.

ولدرحمه‌الله في رأس المائة العاشرة، ومكث في منصب الفتوى أكثر من ثلاثين سنة، وصنّف فيها كتاب التفسير المسمى بإرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم في مجلدين ضخمين »(١) .

(٣٥)

سعيد الجلبي

وذكر سعيد الجلبي مفتي الروم تفسير ( المولى ) بـ ( الأولى ) في حاشية البيضاوي حيث قال: « قوله: فغدت كلا الفرجين. البيت. يصف بقرة وحشية نفرت من صوت الصائد. فغدت فزعة لا تدري أقدّامها الصائد أم خلفها. أي: فغدت البقرة كلا جانبيها الأمام والخلف، تحسب أنه أولى وأحرى بأن يكون فيه الخوف، والفرج بمعنى المخافة أي كلا موضعيها الذي يخاف منهما في الجملة. أو بمعنى: ما بين قوائم الدابّة، فما بين اليدين فرج وما بين الرجلين فرج، وهو بمعنى السعة والانفراج. وفسّره بالقدّام والخلف توسّعاً، أو بمعنى الجانب والطريق، فعل بمعنى مفعول لأنه مفروج مكشوف، وضمير أنه لكلا لأنه مفرد اللفظ. وخلفها وأمامها إمّا بدل من كلام، وإمّا خبر مبتدأ محذوف، أي هما خلفها وأمامها. كذا في الكشف.

قوله: حقيقته محراكم، من الحرى، فالمولى مشتق من الأولى بحذف

____________________

(١). كتائب أعلام الأخيار للكفوي. وتوجد ترجمة أبي السعود المتوفى سنة ٩٨٢ في: البدر الطّالع ١ / ٢٦١، شذرات الذهب ٨ / ٣٩٨ وغيرهما.

٦٧

الزوائد »(١) .

(٣٦)

شهاب الدين الخفاجي

وأما تفسير شهاب الدين أحمد بن محمد بن عمر الخفاجي ( المولى ) بـ ( الأولى )، فتجده في حاشيته على تفسير البيضاوي، فقد قال: « قوله:( هي أولى بكم ) أي: أحق من النجاة. وهو بيان لحاصل المعنى. قوله: كقول لبيد. العامري الشاعر المشهور وهو من قصيدته المشهورة التي هي إحدى المعلقات السبع والشاهد في قوله: مولى المخافة، فإنه بمعنى مكان أولى وأحرى بالخوف.

قوله: وحقيقته. أي: حقيقة مولاكم هنا محراكم بالحاء والراء المهملتين، أي المحلّ الذي يقال فيه إنه أحرى وأحق بكم، من قولهم هو حرى بكذا أي خليق وحقيق وجدير به، كلّها بمعنى واحد، وليس المراد إنه اسم مكان من الأولى على حذف الزوائد كما توهم، وسترى معناه عن قريب.

قوله: كقولك هو مئنة الكرم إلخ. يعني: إن مولاكم اسم مكان لا كغيره من أسماء الأمكنة فإنها مكان للحدث بقطع النظر عمّن صدر عنه، وهذا محل للمفضل على غيره الذي هو صفته، فهو ملاحظ فيه معنى أولى لا أنه مشتق منه، كما أن المئنة مأخوذة من أن التحقيقية وليست مشتقة منه، إذ لم يذهب أحد من النحاة إلى الاشتقاق من اسم التفضيل، كما لم يقل أحد بالاشتقاق من الحرف، ومئنة الكرم وصف له على طريق الكناية الرمزية في قولهم: الكرم بين برديه كما في

____________________

(١). لاحظ سورة الحديد من حاشية تفسير البيضاوي للجلبي مفتي الروم. وتوجد ترجمته في: الشقائق النعمانيّة ٢ / ٤٣، الفوائد البهيّة: ٧٨. توفي سنة ٩٤٥.

٦٨

شروح الكشاف »(١) .

ترجمة الخفاجي

وشهاب الدين الخفاجي من شيوخ مشايخ شاه ولي الله الدهلوي والد عبد العزيز ( الدهلوي ) كما لا يخفى على من راجع رسالته في أسانيده المسماة بـ ( الارشاد ).

وقد ترجم للخفاجي محمد أمين المحبي ترجمة حافلة نختصر منها ما يلي:

« الشيخ أحمد بن محمد بن عمر قاضي القضاة الملقّب بشهاب الدين الخفاجي المصري الحنفي، صاحب التصانيف السائرة، وأحد أفراد الدنيا المجمع على تفوّقه وبراعته، وكان في عصره بدر سماء العلم ونير أفق النثر والنظم، رأس المؤلفين ورئيس المصنفين، سار ذكره سير المثل، وطلعت أخباره طلوع الشهب في الفلك، وكلّ من رأيناه أو سمعناه به ممن أدرك وقته معترفون له بالتفرّد في التقرير والتحرير وحسن الإنشاء، وليس فيهم من يلحق شأوه ولا يدعي ذلك، مع أن في الخلق من يدعي ما ليس فيه.

وتآليفه كثيرة ممتعة مقبولة وانتشرت في البلاد، ورزق فيها سعادة عظيمة فإنّ الناس اشتغلوا بها. وأشعاره ومنشآته مسلّمة لا مجال للخدش فيها. والحاصل إنه فاق كلّ من تقدّمه في كلّ فضيلة، وأتعب من يجيء بعده، مع ما خوّله الله تعالى من السعة وكثرة الكتب ولطف الطبع والنكتة النادرة.

وقد ترجم نفسه في آخر ريحانته من حين مبدئه، ثم ذكر أن من تآليفه: حواشي تفسير القاضي وهي التي سمّاها عناية القاضي، وشرح الشفا، وشرح درة الغواص، والريحانة

وأخذ عنه جماعة اشتهروا بالفضل الباهر »(٢) .

____________________

(١). عناية القاضي - حاشية تفسير البيضاوي. سورة الحديد.

(٢). خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر ١ / ٣٣١.

٦٩

(٣٧)

سليمان الجمل

وذكر الشيخ سليمان الجمل تفسير ( المولى ) بـ ( الأولى ) في حاشيته على تفسير الجلالين حيث قال: « قوله:( هِيَ مَوْلاكُمْ ) يجوز أنْ يكون مصدراً أي ولايتكم أي ذات ولايتكم، وأن يكون مكاناً أي مكان ولايتكم، وأن يكون بمعنى أولى كقولك: هو مولاه أي أولى به إلخ. سمين.

وفي أبي السعود: هي مولاكم أي أولى بكم، وحقيقته مكانكم الذي يقال فيه هو أولى بكم، كما يقال هو مئنة الكرم، أي مكان لقول القائل إنه لكريم أو مكانكم عن قريب، من الولي وهو القرب، أو ناصركم على طريقة قوله: تحية بينهم ضرب وجيع. إلخ.

وفي الشهاب: قوله هو مئنة الكرم يعني: إن مولاكم اسم مكان لا كغيره من أسماء الأمكنة، فإنها مكان للحدث بقطع النظر عمّن صدر عنه. وهذا محل للمفضل على غيره الذي هو صفته، فهو ملاحظ فيه معنى أولى لا أنه مشتقة منه، كما أن المئنة مأخوذة من أن وليست مشتقة منها. الخ.

وقوله: أو ناصركم. فالمعنى لا ناصر لكم إلّا النار، كما أن معنى البيت لا تحية لهم إلا الضرب على التهكّم. والمراد نفي الناصر ونفي التحية. الخ شهاب »(١) .

____________________

(١). حاشية تفسير الجلالين سورة الحديد. وتوجد ترجمته في الأعلام ٣ / ١٣١.

٧٠

(٣٨)

جار الله الاله آبادي

وأمّا ذكر الملّا جار الله الإِله آبادي مجيء ( المولى ) بمعنى ( الأولى ) فقد جاء في حاشيته على تفسير البيضاوي بتفسير الآية من سورة الحديد حيث قال: « قوله: وحقيقته محراكم من الحرى، فالمولى الحري، مشتق من الأولى بحذف الزائد »(١) .

(٣٩)

محبّ الدين الأفندي

وقد فسّر محبّ الدين الأفندي ( المولى ) بـ ( الأولى ) في شرح بيت لبيد الذي استشهد به الزمخشري في الكشاف(٢) .

(٤٠)

محمد الأمير اليماني

وذكر محمد بن إسماعيل بن صلاح الأمير اليماني مجيء ( المولى ) بمعنى

____________________

(١). حاشية البيضاوي. سورة الحديد. توجد ترجمته في نزهة الخواطر ٦ / ٥٤.

(٢). تنزيل الآيات في شرح شواهد الكشاف: ١٤٠. وتوجد ترجمته في: ريحانة الألباء: ٩٩. توفي سنة ١٠١٤.

٧١

( الأولى ) نقلاً عن الفقيه حميد ضمن معانيه حيث قال: « ومنها بمعنى الأولى. قال تعالى:( هُوَ مَوْلاكُمْ ) أي أولى بكم وبعذابكم »(١) .

وسيأتي طرف من ترجمة محمد بن اسماعيل الأمير فيما بعد إنْ شاء الله تعالى.

(٤١)

عبد الرحيم بن عبد الكريم

وفسّر عبد الرحيم بن عبد الكريم ( المولى ) بـ ( الأولى ) في شرح بيت لبيد العامري حيث قال: « وأراد بالمولى الأولى يقول: فغدت البقرة في كلا الفرجين تحسب أنّ كلّ واحد من الفرجين - وهما خلفها وأمامها - أولى بالمخافة »(٢) .

(٤٢)

رشيد النبي

وكذا فسّره رشيد النبي في شرح بيت لبيد المذكور(٣) .

____________________

(١). الروضة الندية - شرح التحفة العلوية.

(٢). شرح المعلّقات السبع.

(٣). شرح المعلّقات السبع. وتوجد ترجمته في نزهة الخواطر ٧ / ١٧٨.

٧٢

(٤٣)

السيّد الشبلنجي

وذكر السيّد مؤمن بن حسن الشبلنجي ( الأولى ) من معاني ( المولى ) نقلاً عن العلماء(١) .

أقول:

فهل يمكن أن يقال أن ( الدهلوي ) لم يطّلع على هذه الكلمات التي ذكرناها عن كبار الأئمة ومشاهير اللغة والتفسير والحديث والأدب؟

وهل يمكن أن يقال إنه لم يراجع شيئاً من التفاسير ولم يقف على كلمات المفسّرين حتى التفاسير المتداولة كالكشاف ومعالم التنزيل وتفسير الجلالين وأنوار التنزيل؟

أللهم كلّا إنه ليس إلّا التعصب والعناد، إنه يحاول خديعة العوام وتضليلهم بالأكاذيب وإنكار الحقائق الراهنة، ونحن نكشف النقاب عن ذلك كله بكلمات علماء طائفته ومشاهير أئمتهم في كل مورد، والله وليّ التوفيق.

____________________

(١). نور الأبصار في مناقب آل بيت النبي المختار: ٧٨.

٧٣

اعتراف علماء الكلام

بمجيء ( المولى ) بمعنى ( الأولى )

بل إن بعض مشاهير متكلّمي أهل السنّة - في الوقت الذي ينكرون تواتر حديث الغدير ودلالته تبعاً للفخر الرازي - يعترفون بشيوع استعمال ( المولى ) بمعنى ( الأولى بالتصرف ) وهذا دليل آخر على شدة تعصب ( الدهلوي ) الذي ينكر هذه الجهة أيضاً، ولا بأس بإيراد نصوص عباراتهم في هذا المقام:

التفتازاني

قال سعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني: « ولفظ ( المولى ) قد يراد به المعتق والحليف والجار وابن العم والناصر والأولى بالتصرف. قال الله تعالى:( مَأْواكُمُ النَّارُ ) أي أولى بكم. ذكره أبو عبيدة. و قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أيّما امرأة نكحت بغير إذن مولاها. أي الأولى بها والمالك لتدبير أمرها. ومثله في الشعر كثير.

وبالجملة استعمال ( المولى ) بمعنى: المتولى والمالك للأمر والأولى بالتصرّف شائع في كلام العرب منقول عن كثير من أئمة اللغة. والمراد إنه اسم لهذا المعنى، لا أنّه صفة بمنزلة الأولى ليعترض بأنه ليس من صيغة أفعل التفضيل وأنه لا

٧٤

يستعمل استعماله »(١) .

القوشجي

وقال علاء الدين علي بن محمد القوشجي: « ولفظ ( المولى ) قد يراد به المعتق والمعتق والحليف والجار وابن العم والناصر والأولى بالتصرف. قال الله تعالى:( مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ ) أي أولى بكم ذكره أبو عبيدة. و قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أيّما امرأة نكحت بغير إذن مولاها أي الأولى بها في التصرف والمالك لتدبير أمرها. ومثله في الشعر كثير »(٢) .

ولا يتوهم: أن هذا الكلام من التفتازاني والقوشجي هو تقرير لدلالة حديث الغدير على الامامة من جانب الامامية ولا يدلّ على قبولهما ذلك.

لأنّ سكوتهما في مقام الجواب عن الاستدلال بحديث الغدير عن الجواب عن هذه الناحية وتعرّضهما لسند حديث الغدير، وجعل ذيل الحديث وهو: « اللهم وال من والاه وعاد من عاداه » مشعراً بأنّ المراد من ( المولى ) هو الناصر والمحب دليل على قبولهما شيوع استعمال ( المولى ) بمعنى ( الأولى بالتصرف )، وأن هذا الكلام لهما وليس من جانب الشيعة. وإنْ كنت في ريب مما ذكرناه فراجع نص عبارتيهما.

ويدل على ما ذكرناه بوضوح تصريح المولوي عبد الوهاب القنوجي بذلك حيث أنه بعد أن نقل عن ( المواقف وشرحها ) إنكار مجيء ( المولى ) بمعنى ( الأولى ) ردّ عليه باعتراف القوشجي شارح التجريد بمجيئه بهذا المعنى ولننقل نص عبارته الواردة ضمن ما ذكره في الجواب عن حديث الغدير:

« وعن الثالث - بمنع صحة الحديث ولأن عليّاًرضي‌الله‌عنه لم يكن

____________________

(١). شرح المقاصد ٢ / ٢٩٠.

(٢). شرح التجريد: ٣٦٣.

٧٥

يوم الغدير مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإنه كان باليمن. وردّ هذا بأنّ غيبته لا تنافي صحة الحديث، إلّا أن يروى هكذا: أخذ بيده واستحضره وقال كذا وكذا

ولأن مفعلاً بمعنى أفعل لم يذكره أحد، ويقال أولى من كذا دون مولى من كذا، وأولى الرجلين والرجال دون مولى الرجلين أو الرجال. هكذا في المواقف وشرحه.

وفيه بحث أورده شارح التجريد حيث قال: قد يراد بالمولى الأولى بالتصرف قال الله تعالى:( مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ ) أي أولى بكم. ذكره أبو عبيدة، و قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أيما امرأة نكحت بغير إذن مولاها. أي الأولى بها في التصرف والمالك لتدبير أمرها. ومثله في الشعر كثير، وبالجملة، استعمال المولى بمعنى المتولي والمالك للأمر والأولى بالتصرف شائع في كلام العرب، منقول عن أئمة اللغة، والمراد إنه اسم لهذا المعنى لا صفة بمنزلة الأولى ليعترض بأنه ليس من صيغة اسم التفضيل، وأنه لا يستعمل استعماله.

ولو سلّم أن المراد بالمولى هو الأولى فأين الدليل على أنّ المراد هو الأولى بالتصرف والتدبير، بل يجوز أنْ يراد الأولى في الاختصاص به والقرب منه ».

ترجمة التفتازاني

وإذ علمت باعتراف التفتازاني بمجيء ( المولى ) بمعنى ( الأولى ) وشيوع ذلك في كلام العرب فلنذكر خلاصة ترجمته:

قالالسيوطي: « مسعود بن عمر بن عبد الله الشيخ سعد الدين التفتازاني، الامام العلّامة، عالم بالنحو والتصريف والمعاني والبيان والأصلين والمنطق وغيرها، شافعي. قال ابن حجر: ولد سنة ٧١٢، وأخذ عن القطب والعضد، وتقدّم في الفنون، واشتهر بذلك، وطار صيته وانتفع الناس بتصانيفه. وكان في لسانه لكنة

٧٦

وانتهت إليه معرفة العلوم بالمشرق، مات بسمرقند سنة ٧٩١ »(١) .

وقالالكفوي: « وكان من كبار العلماء الشافعية، ومع ذلك له آثار جليلة في أصول الحنفية»(٢) .

ترجمة القوشجي

والقوشجي أيضاً من كبار علماء أهل السنة المحققين، فقد ذكر في ( كشف الظنون ) في شروح التجريد: « ثم شرح المولى المحقق علاء الدين علي بن محمد الشهير بالقوشجي المتوفى سنة ٨٧٩ شرحاً لطيفاً ممزوجاً أوّله: خير الكلام حمد الملك العلاّم إلخ. لخّص فيه فوائد الأقدمين أحسن تلخيص، وأضاف إليها نتائج فكره، مع تحرير سوّده بكرمان وأهداه إلى السلطان أبي سعيد خان. قد اشتهر هذا الشرح بالشرح الجديد. قال في ديباجته بعد مدح الفن والمصنف:

إن كتاب التجريد الذي صنّفه المولى العظم قدوة العلماء الرّاسخين، أسوة الحكماء المتألهين نصير الحق والملة والدين، تصنيف مخزون بالعجائب وتأليف مشحون بالغرائب. فهو وإنْ كان صغير الحجم وجيز النظم، فهو كثير العلم جليل الشأن، حسن الانتظام مقبول الأئمة العظام، لم يظفر بمثله علماء الأمصار، مشتمل على إشارات إلى مطالب هي الأمهات، مملو بجواهر كلّها كالفصوص متضمن لبيانات معجزة في عبارات موجزة، يفجر ينبوع السلاسة من لفظه ولكن معانيه لها السحر، وهو في الاشتهار كالشمس في رابعة النهار تداولته أيدي النظار.

ثم إنّ كثيراً من الفضلاء وجّهوا نظرهم إلى شرح هذا الكتاب ونشر معانيه وإني بعد أن صرفت في الكشف عن حقائق هذا العلم شطراً من عمري

____________________

(١). بغية الوعاة ٢ / ٢٨٥.

(٢). كتائب الأعلام - مخطوط.

٧٧

ووقفت على الفحص عن دقائقه قدراً من دهري فرأيت أن أشرحه شرحاً يذلّل صعابه ويكشف نقابه وأضيف إليها فوائد »(١) .

* * *

____________________

(١). كشف الظنون ١ / ٣٤٨ وللقوشجي ترجمة في: البدر الطالع ١ / ٤٩٥ وغيره.

٧٨

فهم الشيخين ( الأولى )

من ( المولى )

هذا كلّه، بالإِضافة إلى فهم الشيخين أبي بكر وعمر بالخصوص معنى ( الأولى ) من لفظ ( المولى ) يوم الغدير، فقد ذكر ابن حجر المكي في وجوه الجواب عن الاستدلال بحديث الغدير:

« ثالثها - سلّمنا أنه ( أولى )، لكن لا نسلّم أنّ المراد أنه الأولى بالامامة، بل بالاتباع والقرب منه، فهو كقوله تعالى:( إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ ) ولا قاطع بل ولا ظاهر على نفي هذا الاحتمال، بل هو الواقع إذ هو الذي فهمه أبو بكر وعمر، وناهيك بهما في الحديث، فإنهما لمـّا سمعاه قالا له: أمسيت يا ابن أبي طالب مولى كل مؤمن ومؤمنة. أخرجه الدارقطني. وأخرج أيضاً أنه قيل لعمر: إنك تصنع بعلي شيئاً لا تصنعه بأحد من أصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: إنه مولاي »(١) .

وذكر الشيخ عبد الحق الدهلوي في ( اللمعات في شرح المشكاة ) هذا الكلام عن ابن حجر المكي وارتضاه.

وقال شهاب الدين أحمد العجيلي: « وقد تولّيت الامام المرتضى لقباً وفعلاً

____________________

(١). الصواعق المحرقة: ٢٦.

٧٩

وقولاً علي بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه ، والمراد بالتولي الولاية، وهو الصديق الناصر، أو الأولى بالاتباع والقرب كقوله تعالى:( إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ ) وهذا هو الذي فهمه عمررضي‌الله‌عنه من الحديث، فإنّه لمـّا سمعه قال: ليهنئك يا ابن أبي طالب أمسيت وليّ كلّ مؤمن ومؤمنة»(١) .

تناقض من ابن حجر

لكنّ العجب من ابن حجر المكي إذْ ناقض نفسه فأنكر مجيء ( المولى ) بمعنى ( الأولى ) مطلقاً، فإنه مع تنصيصه في الوجه الثالث على أن كون ( المولى ) بمعنى ( الأولى بالاتباع والقرب من النبي ) « هو الواقع إذْ هو الذي فهمه أبو بكر وعمر » قال في الوجه الثاني من وجوه الرد على تمسك الشيعة بحديث الغدير:

« وثانيها: لا نسلّم أنّ معنى المولى ما ذكروه، بل معناه الناصر، لأنه مشترك بين معان كالمعتق والعتيق والمتصرف في الأمر والناصر والمحبوب، وهو حقيقة في كلّ منها، وتعيين بعض معنى المشترك من غير دليل يقتضيه تحكّم لا يعتد به، وتعميمه في مفاهيمه كلها لا يسوغ، لأنه إنْ كان مشتركاً لفظياً بأن تعدّد وضعه بحسب تعدّد معانيه كان فيه خلاف، والذي عليه جمهور الأصوليين وعلماء البيان واقتضاء الاستعمالات العصماء للمشترك أنه لا يعمّ جميع معانيه، على أنّا لو قلنا بتعميمه على القول الآخر أو بناء على أنه مشترك معنوي بأن وضع وضعاً واحداً للقدر المشترك وهو القرب المعنوي من الولي بالفتح فيصلح لصدقه على كلّ مما مر، فلا يتأتى تعميمه هنا، لامتناع إرادة كل من العتق والعتيق.

فتعيّن إرادة البعض، ونحن وهم متفقون على صحة إرادة الحب بالكسر. وعليرضي‌الله‌عنه سيدنا وحبيبنا.

على أنّ كون المولى بمعنى الامام لم يعهد لغة ولا شرعاً. أمّا الثاني فواضح،

____________________

(١). ذخيرة المآل - مخطوط.

٨٠

وأمّا الأول فلأن أحداً من أئمة العربية لم يذكر أن مفعلاً يأتي بمعنى أفعل. وقوله تعالى:( مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ ) أي مقرّكم أو ناصرتكم، مبالغة في نفي النصرة، كقولهم: الجوع زاد من لا زاد له.

وأيضاً، فالاستعمال يمنع من أن مفعلاً بمعنى أفعل، إذ يقال هو أولى من كذا دون مولى من كذا، وأولى الرجلين دون مولاهما، وحينئذٍ فإنما جعلنا من معانيه المتصرف في الأمور نظراً للرواية الآتية من كنت وليّه. فالغرض من التنصيص على موالاته اجتناب بغضه لأن التنصيص عليه أوفى بمزيد شرفه. وصدّره بأ لست أولى بكم من أنفسكم ثلاثاً ليكون أبعث على قبولهم. وكذا بالدعاء له لأجل ذلك أيضاً »(١) .

فالعجب منه كيف يصرّ هنا - في الوجه الثاني - على نفي احتمال إرادة ( الأولى ) من ( المولى ) مطلقاً، ثمّ في الوجه الثالث يدعي بأن المعنى الواقعي من ( المولى ) في الحديث هو ( الأولى بالاتباع والقرب ) استناداً إلى فهم الشيخين هذا المعنى منه، فيبطل تطويلاته وخزعبلاته في الوجه الثاني بنفسه؟!

أليس تلك التطويلات رداً على الشيخين وإبطالاً لفهمهما؟!

نعم لا بدّ من الردّ على الشيعة وإن استلزم الردّ على أبي بكر وعمر!!

تحريف من عبد الحق الدهلوي

والعجب أيضاً من الشيخ عبد الحق الدهلوي إذ اقتفى أثر ابن حجر المكي في هذا التهافت والتناقض، ونقله في ( اللمعات ) من غير تنبيه على ذلك، وأمّا في ترجمته المشكاة إلى الفارسية فأورد كلام ابن حجر في الوجه الثالث مع إسقاط جملة: « بل هو الواقع » فحيّا الله الأمانة!!

____________________

(١). الصواعق المحرقة: ٢٥.

٨١

حديث الغدير بلفظ:

« من كنت أولى به »

ومن الأدلة القاطعة على مجيء ( المولى ) بمعنى ( الأولى ) وأنه المراد من حديث الغدير هو: ورود حديث الغدير في بعض طرقه بلفظ: « من كنت أولى به من نفسه » و في بعضها بلفظ: « من كنت وليّه وأولى بنفسه »:

أخرج الطبراني في مسند زيد بن أرقم خطبة الغدير وفيها حديث الثقلين وجاء في آخرها: « ثم أخذ بيد عليرضي‌الله‌عنه فقال: من كنت أولى به من نفسه فعليّ وليّه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه »(١) .

وقال الميرزا محمد بن معتمد خان البدخشاني: « وللطبراني في رواية أخرى عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم رضي الله عنهما بلفظ: من كنت أولى به من نفسه فعليّ وليّه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه »(٢) .

وقال أيضاً: « وعند الطبراني في رواية أخرى عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم رضي الله عنهما بلفظ: من كنت أولى به من نفسه فعليّ وليّه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه »(٣) .

____________________

(١). المعجم الكبير ٥ / ١٨٦.

(٢). مفتاح النجا في مناقب آل العبا - مخطوط.

(٣). نزل الأبرار بما صحّ من مناقب آل البيت الأطهار ص: ٢١.

٨٢

وقال القاضي ثناء الله الهندي - وهو من تلامذة الشاه ولي الله، والموصوف عند مخاطبنا ( الدهلوي ) بـ « بيهقي الزّمان » كما في ( إتحاف النبلاء ): « وفي بعض طرقه: من كنت أولى به من نفسه فعليّ وليّه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه »(١) .

وقال سبط ابن الجوزي: « فتعيّن العاشر، ومعناه: من كنت أولى به من نفسه فعلي أولى به. و قد صرّح بهذا المعنى الحافظ أبو الفرج يحيى بن سعيد الثقفي الاصفهاني في كتابه المسمّى بمرج البحرين، فإنه روى هذا الحديث بإسناده إلى مشايخه وقال فيه: فأخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيد عليّ وقال: من كنت وليّه وأولى به من نفسه فعلي وليّه »(٢) .

الحديث يفسّر بعضه بعضا ً

ثم إنّ من القضايا المسلّمة لدى علماء الحديث « إنّ الحديث يفسّر بعضه بعضاً »، وهي قضية يستند إليها المحقّقون في توضيح مشكلات الأخبار ورفع إشكالاتها، ومن ذلك قول ابن حجر العسقلاني في شرح حديث عائشة الآتي:

« إستأذنت هالة بنت خويلد أخت خديجة على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فعرف استيذان خديجة فارتاع لذلك، فقال: اللهم هالة، قالت: فغرت فقلت: ما تذكر من عجوزٍ من عجائز قريش، حمراء الشدقين، هلكت في الدهر قد أبدلك الله خيراً منها » فقال:

« قوله: قد أبدلك الله خيراً منها. قال ابن التين: في سكوت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على هذه المقالة دليل على أفضلية عائشة على خديجة، إلّا أنْ يكون المراد بالخيرية هنا حسن الصورة وصغر السن انتهى.

____________________

(١). سيف مسلول - مخطوط.

(٢). تذكرة خواص الأمة: ٣٢.

٨٣

ولا يلزم من كونه لم ينقل في هذه الطريق أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ردّ عليها عدم ذلك، بل الواقع أنه صدر منه ردّ لهذه المقالة.

ففي رواية أبي نجيح عن عائشة عند أحمد والطبراني في هذه القصّة قالت عائشة فقلت: قد أبدلك الله بكبيرة السنّ حديثة السّن، فغضب حتى قلت: والذي بعثك بالحق لا أذكرها بعد هذا إلّا بخير. وهذا يؤيد ما تأوّله ابن التين في الخيرية المذكورة. والحديث يفسّر بعضه بعضاً »(١) .

ونحن نقول بمقتضى « الحديث يفسّر بعضه بعضاً » إنّ رواية الطبراني والاصبهاني تفسّر حديث الغدير، ويتّضح أنّ المراد من ( المولى ) فيه هو ( الأولى ).

* * *

____________________

(١). فتح الباري في شرح صحيح البخاري ٧ / ١١١.

٨٤

مجيء ( المولى ) بمعنى:

( المتصرّف في الْأَمر ) و ( ولي الْأَمر )

و ( المليك ) ونحوها

٨٥

٨٦

١ - مجيء ( المولى ) بمعنى ( المتصرف في الأمر )

ثم إنّه قد صرّح جماعة من أعلام أهل السنّة بأنّ من المعاني الحقيقية للفظ ( المولى ) هو « المتصرف في الأمر ». وهذا أيضاً واف بمطلوب الشيعة، وكاف لاستدلالهم بحديث الغدير، إذ الحاصل من ( الأولى بالتصرف ) و ( المتصرف في الأمر ) واحد وممن صرّح بمجيء ( المولى ) بهذا المعنى:

ذكر من نص على ذلك

١ - ابن حجر المكي، وقد تقدم نص عبارته قريباً.

٢ - عبد الحق الدهلوي، حيث نقل مقالة ابن حجر في ( اللمعات ).

٣ - كمال الدين بن فخر الدين الجهرمي في ( البراهين القاطعة في ترجمة الصواعق المحرقة ).

٤ - محمد بن عبد الرسول البرزنجي، إذ قال في الجواب عن حديث الغدير: « الثاني - إنه لو سلّمنا تواتره ففيه دلالة وليس نصّاً في المدعى، لأن القدر المصرح بذكر الخلافة فيه موضوع كما مر التنبيه عليه، والقدر الصحيح غير صريح فيه، لأنا لا نسلّم أن ( المولى ) هو ( الامام )، بل له معان كثيرة، فإنه مشترك بين الناصر والمعتق والعتيق والمتصرف في الأمر والمحبوب وابن العم والقريب وغيرها.

٨٧

وهو حقيقة في الكل، وتعيين بعض معاني المشترك من غير دليل يقتضيه تحكّم لا يعبأ به ...»(١) .

٥ - الفاضل رشيد الدين خان الدهلوي حيث أورد كلام ابن حجر المذكور في ( إيضاح لطافة المقال ) وارتضاه.

ومتى ثبت مجيء ( المولى ) بمعنى « المتصرف في الأمر » باعتراف علماء أهل السنة، لم يجدهم إنكار مجيئه بمعنى ( الأولى )، لأن غرض الشيعة من الاستدلال بحديث الغدير إثبات دلالته على الامامة، وهذه الدلالة تامة على كل تقدير، فمن العجيب انكار ابن حجر والجهرمي والبرزنجي مجيء ( المولى ) بمعنى ( الأولى ) واثباتهم في نفس الوقت مجيئه بمعنى ( المتصرف في الأمر )!! ويزيد كون ( المتصرف في الأمر ) معنى حقيقياً للفظ ( المولى ) وضوحاً أنهم لا ينكرون على الشيعة قولهم بمجيئه بهذا المعنى، وإن أجابوا عن استدلالهم بذلك على الامامة، فقد قال الحسين بن محمد الطيبي: « قالت الشيعة: المولى هو المتصرف في الأمور، وقالوا: معنى الحديث إن علياًرضي‌الله‌عنه يستحق التصرف في كل ما يستحق الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم التصرف فيه، ومن ذلك أمور المؤمنين فيكون إمامهم. أقول: لا يستقيم أن يحمل الولاية على الامامة التي هي التصرف في أمور المؤمنين، لأن المتصرف المستقل في حياتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو لا غير، فيجب أن يحمل على المحبة وولاء الإسلام ونحوهما»(٢) .

فترى أن الطيبي لا ينكر مجيء ( المولى ) بمعنى ( المتصرف في الأمر ). كما أن كلامه ظاهر في أن التصرف في أمور المؤمنين هي الامامة بعينها.

وذكر علي بن سلطان القاري كلام الطيبي هذا بنصه في شرحه على المشكاة حيث قال: « وفي شرح المصابيح للقاضي قالت الشيعة: المولى هو المتصرف

____________________

(١). نواقض الروافض - مخطوط.

(٢). شرح المشكاة - مخطوط.

٨٨

وقالوا: معنى الحديث إن عليّاًرضي‌الله‌عنه يستحق التصرف في كلّ ما يستحق الرسول صلّى الله عليه التصرّف فيه، ومن ذلك أمور المؤمنين فيكون إمامهم. قال الطيبي: لا يستقيم أن يحمل الولاية على الامامة التي هي التصرف في أمور المؤمنين، لأن المتصرف المستقل في حياتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو لا غير، فيجب أن يحمل على المحبة وولاء الإسلام ونحوهما »(١) .

وقال الفخر الرازي بتفسير قوله تعالى:( ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ ) « البحث الثالث - إنه تعالى سمّى نفسه في هذه الآية باسمين، أحدهما: المولى وقد عرفت أن لفظ المولى ولفظ الولي مشتقان من الولي أي القرب، وهو سبحانه القريب البعيد الظاهر الباطن

وأيضاً قال: مولاهم الحق. والمعنى إنهم كانوا في الدنيا تحت تصرفات الموالي الباطلة، وهي النفس والشهوة والغضب، كما قال:( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ ) فلمـّا مات الانسان تخلّص من تصرفات الموالي الباطلة، وانتقل إلى تصرّفات المولى الحق »(٢) .

وقال بتفسير قوله تعالى:( وَاعْتَصِمُوا بِاللهِ هُوَ مَوْلاكُمْ ) : « وقال القفال: اجعلوا الله عصمة لكم مما تحذرون، هو مولاكم: سيدكم والمتصرف فيكم. فنعم المولى: فنعم السيد. ونعم النصير. فكأنه سبحانه قال: أنا مولاك، بل أنا ناصرك وحسبك »(٣) .

وقال النيسابوري بتفسير الآية الأُولى: « والمعنى: إنهم كانوا في الدنيا تحت تصرفات الموالي الباطلة، وهي النفس والشهوة والغضب، فلمـّا ماتوا تخلّصوا إلى تصرف المولى الحقّ »(٤) .

____________________

(١). المرقاة في شرح المشكاة ٥ / ٥٦٨.

(٢). تفسير الرازي ١٣ / ١٧ - ١٨.

(٣). تفسير الرازي ٢٣ / ٧٤.

(٤). تفسير النيسابوري ٧ / ١٢٨.

٨٩

وقال ابن كثير بتفسيرها: « أي ورجعت الأمور كلّها إلى الله الحكم العدل ففصلها، وأدخل أهل الجنة وأهل النار النار »(١) .

ففسّر ابن كثير ( المولى ) بـ ( الحكم )، ولو أنا فسرنا ( المولى ) في حديث الغدير بهذا المعنى لثبتت الامامة كذلك.

٢ - مجيء ( المولى ) بمعنى ( متولي الأمر )

وقد ثبت مجيء ( المولى ) بمعنى ( متولي الأمر ) من كلمات علماء العربية والمفسرين، وهذا المعنى أيضاً يفيد الامامة والخلافة كسابقه، لأنّ ( المتولي ) هو ( المتصرف ) كما هو ظاهر جدّاً، وبه صرح سعيد الجلبي، والشهاب الخفاجي في حاشيتيهما على البيضاوي كما سيجيء.

ذكر من قال بذلك

ومجيء ( المولى ) بمعنى ( متولي الأمر ) قد ثبت من كلمات جماعة من أعلام المحققين في العلوم المختلفة، وممن صرّح بذلك:

١ - أبو العباس محمد بن يزيد المبرّد.

٢ - أبو القاسم الحسين بن محمد بن المفضل المعروف بالرّاغب الاصفهاني.

٣ - أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي.

٤ - أحمد بن الحسن بن أحمد الزاهد.

٥ - جار الله محمود بن عمر الزمخشري.

٦ - أبو السعادات مبارك بن محمد الجزري.

٧ - أحمد بن يوسف بن حسن الكواشي.

٨ - ناصر الدين عبد الله بن عمر البيضاوي.

____________________

(١). تفسير ابن كثير ٢ / ١٣٨.

٩٠

٩ - عبد الله بن أحمد النسفي.

١٠ - أبو حيّان محمد بن يوسف الأندلسي.

١١ - نظام الدين حسن بن محمد بن حسين النيسابوري.

١٢ - جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي.

١٣ - محمد طاهر الكجراتي.

١٤ - أبو السعود بن محمد العمادي.

١٥ - سعيد الجلبي.

١٦ - شهاب الدين أحمد بن محمد بن عمر الخفاجي.

(١)

محمد بن يزيد المبرّد

قال المبرد - على ما نقل عنه السيد المرتضى - بعد تأويل قوله تعالى:( ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا ) : « والولي والمولى معناهما سواء، وهو الحقيق بخلقه المتولي لأمورهم »(١) .

(٢)

الراغب الاصفهاني

وقال الراغب الاصبهاني في كتابه ( غريب القرآن ) الذي قال عنه السيوطي

____________________

(١). الشافي في الامامة: ١٢٣ عن كتاب العبارة عن صفات الله للمبرد.

٩١

في ذكر كتب غريب القرآن: « ومن أحسنها المفردات للراغب » - قال ما هذا نصه: « الولاء والتوالي أن يحصل شيئان فصاعداً حصولاً ليس بينهما ما ليس منهما، ويستعار ذلك للقرب من حيث المكان، ومن حيث النسبة، ومن حيث الدين، ومن حيث الصداقة والنصرة والاعتقاد، والولاية النصرة، والولاية تولّي الأمر، والولي والمولى يستعملان في كل ذلك، وكلّ واحد منهما يقال في معنى الفاعل أي الموالي، وفي معنى المفعول اي الموالي، يقال للمؤمن هو ولي الله، ولم يرد مولاه »(١) .

(٣)

أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي

وقال أبو الحسن الواحدي:( ثُمَّ رُدُّوا ) يعنى العباد يردون بالموت( إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِ ) الذي يتولى أمورهم »(٢) .

(٤)

أحمد بن الحسن الزاهد الدرواجكي

وقال الزاهد الدرواجكي: « قوله( مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ ) والمولى في اللغة: من يتولى مصالحك فهو مولاك، يلي القيام بأمورك وينصرك على أعدائك، ولهذا سمي ابن العم والمعتق مولى، ثم صار اسماً لمن لزم الشيء، كما يقال أخ الفقراء وأخ المال »(٣) .

____________________

(١). المفردات: ٥٣٣.

(٢). التفسير الوسيط - مخطوط.

(٣). تفسير الزاهدي - مخطوط.

٩٢

(٥)

جار الله الزمخشري

وقال الزمخشري: «( مَوْلانا ) سيدنا ونحن عبيدك، أو ناصرنا، أو متولي أمورنا( فَانْصُرْنا ) فمن حق المولى أن ينصر عبيده، فان ذلك عادتك، أو فان ذلك من أمورنا التي عليك توليها »(١) .

(٦)

أبو السعادات ابن الأثير

وقال المبارك بن محمد بن الأثير الجزري: « وقد تكرر ذكر المولى في الحديث، وهو اسم يقع على جماعة كثيرة وكلّ من ولي أمراً أو قام به فهو مولاه ووليّه ومنه الحديث: أيما امرأة نكحت بغير إذن مولاها فنكاحها باطل، وفي رواية وليّها. أي متولي أمرها »(٢) .

____________________

(١). الكشاف ١ / ٣٣٣.

(٢). النهاية: ولي.

٩٣

(٧)

أحمد بن يوسف الكواشي

وقال أحمد بن يوسف الكواشي: « ولا يوقف على( أَنْتَ مَوْلانا ) سيدنا ومتولي أمورنا، لوجود الفاء في قوله( فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ ) لأنك سيدنا، والسيد ينصر عبيده »(١) .

(٨)

ناصر الدين البيضاوي

وقال ناصر الدين البيضاوي: «( مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ ) هي أولى بكم كقول لبيد:

فغدت كلا الفرجين تحسب أنه

مولى المخافة خلفها وأمامها

أو متوليكم. تتولاكم كما توليتم موجباتها في الدنيا وبئس المصير النار »(٢) .

____________________

(١). التلخيص في التفسير. توجد منه في المكتبة الناصرية نسخة مكتوبة في حياة المؤلف تاريخها ٦٧٧.

(٢). تفسير البيضاوي: ٧١٦.

٩٤

(٩)

عبد الله بن أحمد النسفي

وقال النسفي:( أَنْتَ مَوْلانا ) سيدنا ونحن عبيدك، أو ناصرنا أو متولي أمورنا »(١) .

(١٠)

أبو حيان الأندلسي

وقال أبو حيان: «( هُوَ مَوْلانا ) أي ناصرنا وحافظنا قاله الجمهور. وقال الكلبي: أولى بنا من أنفسنا في الموت والحياة. وقيل: مالكنا وسيّدنا فلهذا يتصرف كيف شاء، فيجب الرضى بما يصدر من جهته. وقال:( ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ ) فهو مولانا الذي يتولانا ويتولاهم »(٢) .

وقال أبو حيان أيضاً: « ومعنى( إِلَى اللهِ ) إلى عقابه. وقيل: إلى موضع جزائه( مَوْلاهُمُ الْحَقِ ) لا ما زعموه من أصنامهم، إذْ هو المتولي حسابهم، فهو مولاهم في الملك والإحاطة لا في النصر والرحمة »(٣) .

____________________

(١). تفسير النسفي ١ / ١٤٤.

(٢). البحر المحيط ٥ / ٥٢.

(٣). نفس المصدر ٤ / ١٤٩.

٩٥

(١١)

نظام الدين النيسابوري

وقال نظام الدين النيسابوري: « وهو قوله:( أَنْتَ مَوْلانا ) ففيه الاعتراف بأنه سبحانه هو المتولي لكلّ نعمة ينالونها، وهو المعطي لكل مكرمة يفوزون بها، وأنهم بمنزلة الطفل الذي لا تتم مصلحته إلّا بتدبير قيّمه، والعبد الذي لا ينتظم شمل مهماته إلا بإصلاح مولاه. وبهذا الاعتراف يحق الوصول إلى الحق، من عرف نفسه أي بالإِمكان والنقصان عرف ربه أي بالوجوب والتمام»(١) .

وقال النيسابوري أيضاً: «( فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَوْلاكُمْ ) ناصركم ومتولي أموركم، يحفظكم ويدفع شر الكفار عنكم، فإنّه( نِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ ) فثقوا بولايته ونصرته »(٢) .

وقال أيضاً: «( هُوَ مَوْلانا ) لا يتولى أمورنا إلّا هو، يفعل بنا ما يريد من أسباب التهاني والتعازي، لا اعتراض لأحدٍ عليه »(٣) .

وقال: «( وَاللهُ مَوْلاكُمْ ) متولي أموركم. وقيل: أولى بكم من أنفسكم ونصيحته أنفع لكم من نصائحكم لأنفسكم »(٤) .

وقال: «( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ ) حتى تصلوا إليه، هو متولي إفنائكم عنكم،( نِعْمَ الْمَوْلى ) في افناء وجودكم( وَنِعْمَ النَّصِيرُ ) في إبقائكم بربكم »(٥) .

____________________

(١). تفسير النيسابوري ٣ / ١١٣.

(٢). نفس المصدر ٩ / ١٥٣.

(٣). نفس المصدر ١٠ / ١٠٤.

(٤). نفس المصدر ٢٨ / ٨٠.

(٥). تفسير النيسابوري ١٧ / ١٢٦.

٩٦

(١٢)

جلال الدين السيوطي

وقال جلال الدين السيوطي: «( أَنْتَ مَوْلانا ) سيدنا ومتولي أمورنا »(١) .

وقال: «( فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَوْلاكُمْ ) ناصركم ومتولي أموركم »(٢) .

وقال: «( لَنْ يُصِيبَنا إِلَّا ما كَتَبَ اللهُ لَنا ) إصابته( هُوَ مَوْلانا ) ناصرنا ومتولي أمورنا»(٣) .

(١٣)

محمد بن طاهر الكجراتي

وقال محمد طاهر الفتني الكجراتي نقلاً عن النهاية: « وكلّ من ولي أمراً أو قام به فهو مولاه ووليّه ومنه: أيّما امرأة نكحت بغير إذن مولاها. وروى وليها. أي متولي أمرها »(٤) .

____________________

(١). تفسير الجلالين: ٦٦.

(٢). تفسير الجلالين: ٢٤٠.

(٣). المصدر نفسه: ٢٥٦.

(٤). مجمع البحار: ولي.

٩٧

(١٤)

أبو السعود العمادي

وقال أبو السعود:( هِيَ مَوْلاكُمْ ) أو متوليكم تتولاكم كما توليتم موجباتها »(١) .

(١٥)

سعيد الجلبي

وقال سعيد الجلبي بتفسير( هِيَ مَوْلاكُمْ ) : أو متوليكم. أي المتصرف فيه »(٢) .

(١٦)

الشهاب الخفاجي

وقال شهاب الدين الخفاجي: « وقوله: متوليكم. أي المتصرف فيكم كتصرفكم فيما أوجبها واقتضاها من أمور الدنيا »(٣) .

____________________

(١). تفسير أبي السعود هامش الرازي ٨ / ٧٣.

(٢). حاشية البيضاوي للجلبي.

(٣). حاشية البيضاوي للخفاجي.

٩٨

إعتراف الرازي

وإنّ مجيء ( المولى ) بمعنى ( متولي الأمر ) في غاية الثبوت والوضوح، حتى فسّر به الفخر الرّازي - الذي سعى في إنكار مجيئه بمعنى ( الأولى ) - فقال في تفسير قوله تعالى( أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ ) : « وفي قوله: أنت مولانا فائدة أخرى، وذلك: أن هذه الكلمة تدل على نهاية الخضوع والتذلل، والاعتراف بأنه سبحانه هو المتولي لكلّ نعمة يصلون إليها، وهو المعطي لكلّ مكرمة يفوزون بها، فلا جرم أظهروا عند الدعاء أنهم في كونهم متكّلين على فضله وإحسانه بمنزلة الطفل الذي لا تتم مصلحته إلّا ببرّ [ بتدبير ] قيّمه، والعبد الذي لا ينتظم شمل مهمّاته إلّا باصلاح مولاه، فهو سبحانه قيّوم السماوات والأرض، والقائم بإصلاح مهمّات الكلّ، وهو المتولي في الحقيقة للكلّ على ما قال:( نِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ ) (١) ».

٣ - مجيء ( المولى ) بمعنى ( الوارث الأولى )

على أنّ الرازي الذي أطال الكلام في إنكار مجيء ( المولى ) بمعنى ( الأولى ) بإبداء التشكيكات الواهية والاعتراضات السخيفة التي أضلت بعض الهمج الرعاع الذين ينعقون مع كل ناعق - قد ألجأته الحقيقة الراهنة إلى نقل تفسير ( المولى ) بـ ( الوارث الأولى ) عن أبي علي الجبائي، واستحسانه هذا المعنى كالوجوه الأخرى المذكورة بتفسير قوله تعالى:( وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ ) وهذا نصّ كلامه:

« المسألة الثالثة - من الناس من قال: هذه الآية منسوخة، ومنهم من قال: إنها غير منسوخة. أمّا القائلون بالنسخ فهم الذين فسّروا الآية بأحد هذه الوجوه

____________________

(١). تفسير الرازي ٧ / ١٦١.

٩٩

التي نذكرها

القول الثاني - قول من يقول: الآية غير منسوخة، والقائلون بذلك ذكروا في تأويل الآية وجوها: الأول - تقدير الآية: ولكل شيء ممّا ترك الوالدان والأقربون والذين عاقدت أيمانكم موالي وورثة فآتوهم نصيبهم. أي: فآتوا الموالي والورثة نصيبهم. فقوله: والذين عاقدت أيمانكم معطوف على قوله: الوالدان والأقربون، والمعنى: إن ما ترك الذين عاقدت أيمانكم فله وارث هو أولى به، وسمّي الله تعالى الوارث المولى، والمعنى: لا تدفعوا المال إلى الحليف بل إلى المولى والوارث، وعلى هذا التقدير فلا نسخ في الآية. وهذا تأويل أبي علي الجبائي ».

ثم قال الرازي بعد ذكر ثلاثة وجوه أخرى: « وكل هذه الوجوه حسنة محتملة. والله أعلم بمراده »(١) .

وأيضاً، فقد اعترف الرازي في ( نهاية العقول ) بحكم أبي عبيدة وابن الأنباري بأنّ لفظة ( المولى ) تأتي لـ ( الأولى ) وهذا نصّ كلامه: « لا نسلّم أن كلّ من قال بأن لفظه المولى محتملة للأولى قال بدلالة الحديث على إمامة عليرضي‌الله‌عنه . أليس أن أبا عبيدة وابن الأنباري حكما بأن لفظ المولى للأولى مع كونهما قائلين بامامة أبي بكررضي‌الله‌عنه »(٢) .

فالحمد لله الذي وفّقنا لإِظهار بطلان كلامه في إنكار مجيء ( المولى ) بمعنى ( الأولى ) من كلام نفسه في ( التفسير ) و ( نهاية العقول ). كما أثبتنا بطلان ردّه لحديث الغدير من كلامه في هذين الكتابين والتفسير. والله ولي التوفيق.

٤ - مجيء ( المولى ) بمعنى ( ولي الأمر )

وقد فسّر جماعة من كبار المفسرين لفظة ( المولى ) بـ ( ولي الأمر ) فقد قال

____________________

(١). تفسير الرازي ١٠ / ٨٨.

(٢). نهاية العقول - مخطوط.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391