تذكرة الفقهاء الجزء ٨

تذكرة الفقهاء4%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-051-X
الصفحات: 460

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 460 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 189853 / تحميل: 5447
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ٨

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٠٥١-X
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

- وكرهه ابن عمر والحسن البصري والزهري ومالك وأبو حنيفة(١) - لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يفعله ، فلا يجوز فعله ؛ لقولهعليه‌السلام : ( خُذوا عنّي مناسككم )(٢) .

ولأنّها فريضة ذات عدد ، فلا تجوز الزيادة عليه ، كالصلاة.

ولأنّ الكاظمعليه‌السلام سُئل عن الرجل يطوف يُقرن بين اُسبوعين ، فقال : « لا تقرن بين اُسبوعين ، كلّما طَفْتَ أسبوعاً فصلّ ركعتين »(٣) .

وقال عطاء وطاوُس وسعيد بن جبير وأحمد وإسحاق : لا بأس به ؛ لأنّ عائشة فَعَلته(٤) .

ولا حجّة فيه. ويحتمل أن يكون قد فَعَلَتْه في الندب.

إذا عرفت هذا ، فيجوز القران بين الطوافين في النافلة ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « إنّما يكره أن يجمع الرجل بين السبوعين والطوافين في الفريضة ، فأمّا في النافلة فلا »(٥) .

وإذا جمع بين طوافين ، استحبّ أن ينصرف على وتر ، فلا ينصرف على اُسبوعين ولا على أربعة ولا على ستّة وهكذا ، بل على خمسة أو ثلاثة(٦) وهكذا ؛ لأنّ الباقرعليه‌السلام كان يكره أن ينصرف في الطواف إلّا على‌

____________________

(١) المغني ٣ : ٤٠٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٤١٥ ، المدوّنة الكبرى ١ : ٤٠٧ ، المنتقى - للباجي - ٢ : ٢٨٩ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٤٧ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٥٠.

(٢) سنن البيهقي ٥ : ١٢٥.

(٣) الكافي ٤ : ٤١٨ - ٤١٩ / ٢ ، التهذيب ٥ : ١١٥ / ٣٧٤ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٠ - ٢٢١ / ٧٥٩.

(٤) المغني ٣ : ٤٠٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٤١٥.

(٥) الكافي ٤ : ٤١٨ / ١ ، التهذيب ٥ : ١١٥ / ٣٧٢ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٠ / ٧٥٧ ، وفيها : « فلا بأس».

(٦) كذا ، والأنسب : بل على ثلاثة أو خمسة.

١٢١

وتر من طوافه(١) .

مسألة ٤٨٤ : لو شكّ هل طاف سبعة أو ثمانية ، قطع ولا شي‌ء عليه ؛ لأنّه يتيقّن حصول السبع.

ولأنّ الحلبي سأل الصادقَعليه‌السلام - في الصحيح - عن رجل طاف بالبيت طواف الفريضة فلم يدر سبعة طاف أو ثمانية ، فقال : « أمّا السبع فقد استيقن ، وإنّما وقع وهمه على الثامن فليصلّ ركعتين »(٢) .

ولو شكّ فلم يدر ستّة طاف أو سبعة أو ثمانية ، فإن كان طواف الفريضة ، أعاد ؛ لأنّه لم يتيقّن حصول السبعة.

ولو طاف أقلّ من سبعة ناسياً ، عاد ، وتمّم طوافه إن كان قد طاف أربعة أشواط ، وإن كان قد طاف دونها ، أعاد من أوّله.

ولو لم يذكر حتى رجع إلى أهله ، أمر مَنْ يطوف عنه سبعة أشواط إن كان قد طاف أقلّ من أربعة ، وإن كان قد طاف أربعة ، تمّمه.

وكذا لو أحدث في طواف الفريضة ، فإن كان قد جاوز النصف ، تطهّر وبنى ، وإن لم يبلغه ، استأنف.

ولو طاف وعلى ثوبه نجاسة عامداً ، أعاد ، ولو كان ناسياً وذكر في أثناء الطواف ، قَطَعه وأزال النجاسة أو نزع الثوب وتمّم طوافه ، ولو لم يذكر حتى فرغ منه ، نزع الثوب أو غسله وصلّى الركعتين ؛ لأنّ يونس بن يعقوب سأل الصادقَعليه‌السلام : عن رجل يرى في ثوبه الدم وهو في الطواف ، قال : « ينظر الموضع الذي يرى فيه الدم فيعرفه ثم يخرج فيغسله ثم يعود فيتمّ طوافه »(٣) .

____________________

(١) التهذيب ٥ : ١١٦ / ٣٧٧.

(٢) التهذيب ٥ : ١١٤ / ٣٧٠ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٠ / ٧٥٦.

(٣) التهذيب ٥ : ١٢٦ / ٤١٥.

١٢٢

تذنيب : ولو تحلّل من إحرام العمرة ثم أحرم بالحجّ وطاف وسعى له‌ ثم ذكر أنّه طاف مُحدثاً أحد الطوافين ولم يعلم هل هو طواف عمرة التمتّع أو طواف الحجّ ، قيل : يطوف للحجّ ويسعى له ثم يعتمر بعد ذلك عمرةً مفردة ، ويصير حجّة مفردة ؛ لاحتمال أن يكون في طواف العمرة فيبطل وقد فات وقتها ، وأن يكون للحجّ ، فيعيد ، فلهذا أوجبنا عليه إعادة طواف الحجّ وسعيه والإتيان بعمرة مفردة بعد الحجّ ؛ لبطلان متعته ، قاله بعض العامّة.

والوجه : أنّه يعيد الطوافين ؛ لأنّ العمرة لا تبطل بفوات الطواف.

مسألة ٤٨٥ : المريض لا يسقط عنه الطواف ، فإن تمكّن من الطواف بطهارة ، طيف به إذا لم يتمكّن من المشي أو الركوب ، وإن لم يتمكّن ، انتظر به يوم أو يومان وأزيد مع السعة ، فإن برأ ، طاف بنفسه ، وإلّا طيف عنه ؛ لأنّ الصادقعليه‌السلام طيف به في محمل وهو شديد المرض(١) .

وسأل إسحاقُ بن عمّار - في الصحيح - الكاظمعليه‌السلام : عن المريض يطاف عنه بالكعبة ، قال : « لا ، ولكن يطاف به »(٢) .

وفي الصحيح عن الصادقعليه‌السلام ، قال : « المريض المغلوب والمغمى عليه يُرمى عنه ويُطاف به»(٣) .

ولقول الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - : « المبطون والكسير يطاف عنهما ويرمى عنهما»(٤) .

____________________

(١) الكافي ٤ : ٤٢٢ / ١ ، التهذيب ٥ : ١٢٢ / ٣٩٨.

(٢) التهذيب ٥ : ١٢٣ / ٣٩٩ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٥ / ٧٧٥.

(٣) التهذيب ٥ : ١٢٣ / ٤٠٠ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٥ / ٧٧٦.

(٤) الكافي ٤ : ٤٢٢ / ٢ ، التهذيب ٥ : ١٢٤ / ٤٠٤ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٦ / ٧٨٠.

١٢٣

وهذا محمول على أنّ الكسير لا يستمسك الطهارة ، ولو كان يستمسك ، طيف به ؛ لقول الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - : « الكسير يُحمل فيطاف به ، والمبطون يُرمى ويُطاف عنه ويُصلّى عنه »(١) .

ولو مرض في الأثناء ، فإن تمكّن من الإتمام ، أتمّه ، وإلّا انتظر إلى البرء ثم يُتمّه إن كان قد تجاوز النصف ، وإلّا استأنف. هذا مع سعة الوقت ، فإن ضاق ، طيف به.

مسألة ٤٨٦ : لو حمل مُحرمٌ مُحْرماً وطاف به ونوى كلّ واحد منهما الطواف ، أجزأ عنهما‌ - وبه قال أبو حنيفة(٢) - لحصول الطواف من كلّ واحد منهما.

ولأنّ حفص بن البختري سأل الصادقَعليه‌السلام : في المرأة تطوف بالصبي وتسعى به هل يجزئ ذلك عنها وعن الصبي؟ فقال : « نعم »(٣) .

وللشافعي قولان : أحدهما : أنّه يجزئ عن المحمول. والثاني : أنّه يجزئ عن الحامل دون المحمول؛ لأنّه فعل واحد ، فإذا وقع عن الحامل لم يقع عن المحمول ؛ لأنّ الفعل الواحد لا يقع عن اثنين(٤) .

ونمنع اتّحاد الفعل ؛ لأنّ اختلاف السبب وتغاير الأمكنة ثابت في حقّ كلّ واحد منهما ، لكن لأحدهما بالذات وليس شرطاً ؛ لأنّه وافقنا على جواز‌

____________________

(١) التهذيب ٥ : ١٢٥ / ٤٠٩.

(٢) المغني ٣ : ٢١١ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٠٦ ، حلية العلماء ٣ : ٣٢٨ ، المجموع ٨ : ٢٨ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٥٢.

(٣) الكافي ٤ : ٤٢٩ / ١٣ ، التهذيب ٥ : ١٢٥ / ٤١١.

(٤) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٢٩ ، المجموع ٨ : ٢٨ ، روضة الطالبين ٢ : ٣٦٤ ، فتح العزيز ٧ : ٣٤١ ، حلية العلماء ٣ : ٣٢٨ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٥٢ - ١٥٣ ، المغني ٣ : ٢١١ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٠٦.

١٢٤

الركوب(١) .

وينتقض بالواقف بعرفة إذا حمل غيره ؛ فإنّه وافقنا على تجويزه(٢) .

مسألة ٤٨٧ : يجوز الكلام بالمباح في الطواف إجماعاً ؛ لما رواه العامّة من قولهعليه‌السلام : (الطواف بالبيت صلاة إلّا أنّكم تتكلّمون فيه )(٣) .

ومن طريق الخاصّة : رواية علي بن يقطين - في الصحيح - عن الرضاعليه‌السلام ، قال : سألته عن الكلام في الطواف وإنشاد الشعر والضحك في الفريضة أو غير الفريضة أيستقيم ذلك؟ قال : « لا بأس به »(٤) .

ويستحب قراءة القرآن في الطواف ولا يكره عند علمائنا - وبه قال عطاء ومجاهد والثوري وابن المبارك والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي(٥) - لما رواه العامّة أنّ عائشة روت أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يقول في طوافه :( رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النّارِ ) (٦) (٧) وهو من القرآن.

ومن طريق الخاصّة : قول الجوادعليه‌السلام : « وطواف الفريضة لا ينبغي أن تتكلّم فيه إلّا بالدعاء وذكر الله وقراءة القرآن »(٨) .

____________________

(١) الحاوي الكبير ٤ : ١٥١ ، فتح العزيز ٧ : ٣١٥ ، المجموع ٨ : ٢٧ ، حلية العلماء ٣ : ٣٢٨ ، المغني ٣ : ٤٢٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٠٤.

(٢) لم نجده في مظانّه.

(٣) أورده ابنا قدامة في المغني ٣ : ٣٩٧ ، والشرح الكبير ٣ : ٤٠٩ نقلاً عن الترمذي والأثرم ، وفي سنن الترمذي ٣ : ٢٩٣ / ٩٦٠ بتفاوت.

(٤) التهذيب ٥ : ١٢٧ / ٤١٨ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٧ / ٧٨٤.

(٥) المغني ٣ : ٣٩٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٠١ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٤٣ ، فتح العزيز ٧ : ٣٢٤ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٢ ، المجموع ٨ : ٤٤ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٤٨ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٣١.

(٦) البقرة : ٢٠١.

(٧) المغني ٣ : ٣٩٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٠١.

(٨) التهذيب ٥ : ١٢٧ / ٤١٧ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٧ / ٧٨٥.

١٢٥

وقال مالك : إنّها مكروهة. وهو مروي عن عروة والحسن(١) .

وعن أحمد روايتان(٢) .

ويستحب الدعاء في أثناء الطواف والإكثار من ذكر الله تعالى.

ويجوز له الشرب في الطواف ؛ لما رواه العامّة : أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله شرب في الطواف(٣) .

ومن طريق الخاصّة : رواية يونس بن يعقوب عن الصادقعليه‌السلام : هل نشرب ونحن في الطواف؟ قال : « نعم »(٤) .

تذنيب : قال الشيخ في الخلاف : الأفضل أن يقال : طواف وطوافان وثلاثة أطواف ، وإن قال : شوطاً وشوطين وثلاثة أشواط ، جاز. وقال الشافعي : أكره ذكر الشوط. وبه قال مجاهد(٥) .

مسألة ٤٨٨ : لا يجوز الطواف وعلى الطائف بُرْطُلَّة(٦) في طواف العمرة ؛ لاشتماله على تغطية الرأس وهو مُحْرم ، أمّا في طواف الحجّ فإنّه مكروه ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « لا تطوفنّ بالبيت وعليك بُرْطُلَّة »(٧) .

وقال الصادقعليه‌السلام ليزيد بن خليفة : « قد رأيتك تطوف حول الكعبة‌

____________________

(١) المنتقى - للباجي - ٢ : ٢٩٨ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٢ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٤٣ ، المغني ٣ : ٣٩٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٠١.

(٢) المغني ٣ : ٣٩٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٠١.

(٣) الحاوي الكبير ٤ : ١٤٤ ، سنن البيهقي ٥ : ٨٥.

(٤) الكافي ٤ : ٤٢٩ / ١٥ ، التهذيب ٥ : ١٣٥ / ٤٤٤.

(٥) الخلاف ٢ : ٣٢٢ ، المسألة ١٢٨ ، وانظر : الاُم ٢ : ١٧٦ ، والمجموع ٨ : ٤١ و ٥٥ ، والمنتقى - للباجي - ٢ : ٢٨٥.

(٦) البُرْطُلَّة : قلنسوة. لسان العرب ١١ : ٥١. « برطل ».

(٧) الكافي ٤ : ٤٢٧ / ٤ ، التهذيب ٥ : ١٣٤ / ٤٤٢.

١٢٦

وعليك بُرْطُلَّة ، لا تلبسها حول الكعبة فإنّها من زيّ اليهود »(١) .

والشيخ -رحمه‌الله - أطلق المنع(٢) ، والتفصيل الذي ذكرناه أجود.

مسألة ٤٨٩ : مَنْ نذر أن يطوف على أربع ، قال : الشيخرحمه‌الله : يجب عليه طوافان : اُسبوع ليديه ، واُسبوع لرجليه(٣) ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « قال أمير المؤمنينعليه‌السلام في امرأة نذرت أن تطوف على أربع ، قال : تطوف اُسبوعاً ليديها واُسبوعاً لرجليها »(٤) .

وفي الطريق ضعف.

وقال ابن إدريس : يبطل النذر ؛ لأنّه غير مشروع ، فلا ينعقد(٥) . وهو حسن.

مسألة ٤٩٠ : طواف الحجّ ركن فيه ، وهو واجب بالإجماع.

قال الله تعالى :( وَلْيَطَّوَّفُوا ) (٦) .

قال ابن عبد البرّ : أجمع العلماء على أنّ هذه الآية فيه(٧) .

وما رواه العامّة : أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال عن صفيّة لمـّا حاضت : ( أحابستنا هي؟ ) قالوا : يا رسول الله إنّها قد أفاضت يوم النحر ، قال : ( اخرجوا )(٨) فدلّ على وجوب الطواف ، وأنّه حابس لمن لم يأت به.

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « على المتمتّع بالعمرة إلى‌

____________________

(١) التهذيب ٥ : ١٣٤ / ٤٤٣.

(٢) النهاية : ٢٤٢ ، المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٥٩.

(٣) النهاية : ٢٤٢ ، المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٦٠ ، التهذيب ٥ : ١٣٥ ذيل الحديث ٤٤٥.

(٤) التهذيب ٥ : ١٣٥ / ٤٤٦ ، والكافي ٤ : ٤٣٠ / ١٨.

(٥) السرائر : ١٣٥.

(٦) الحجّ : ٢٩.

(٧ و ٨ ) المغني ٣ : ٤٧٣ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٧٥.

١٢٧

الحجّ ثلاثة أطواف بالبيت وسعيان بين الصفا والمروة »(١) .

ولأنّه أحد النسكين ، فكان الطواف فيه ركناً ، كالعمرة.

إذا عرفت هذا ، فإن أخلّ به عامداً ، بطل حجّه ، وإن أخلّ به ناسياً ، وجب عليه أن يعود ويقضيه ، فإن لم يتمكّن ، استناب فيه.

وقال الشافعي : إن كان قد طاف طواف الوداع ، أجزأ عنه ، وإلّا وجب عليه الرجوع ، ولا تحلّ له النساء حتى يطوفه وإن طال زمانه وخرج وقته(٢) .

إذا ثبت هذا ، فلو نسي طواف النساء ، لم تحلّ له النساء حتى يزور البيت ويأتي به ، ويجوز له أن يستنيب فيه ؛ لما رواه معاوية بن عمّار - في الحسن - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : قلت له : رجل نسي طواف النساء حتى دخل أهله ، قال : « لا تحلّ له النساء حتى يزور البيت » وقال : « يأمر أن يقضى عنه إن لم يحجّ ، فإن توفّي قبل أن يطاف عنه فليقض عنه وليّه أو غيره »(٣) .

____________________

(١) الكافي ٤ : ٢٩٥ ( باب ما على المتمتّع من الطواف ) الحديث ١ ، التهذيب ٥ : ٣٥ / ١٠٤.

(٢) فتح العزيز ٧ : ٣٨١ - ٣٨٢ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٩٢ ، المجموع ٨ : ٢٢٠.

(٣) الكافي ٤ : ٥١٣ / ٥ ، التهذيب ٥ : ١٢٨ / ٤٢٢ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٨ / ٧٨٩.

١٢٨

١٢٩

الفصل الرابع

في السعي والتقصير‌

وفيه مباحث :

الأوّل : في مقدّماته ، وهي عشرة(١) كلّها مندوبة :

الأوّل : الطهارة ، وهي مستحبّة في السعي غير واجبة ، عند علمائنا - وهو قول عامّة العلماء(٢) - للأصل.

ولما رواه العامّة : أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعائشة حين حاضت : ( اقضي ما يقضي الحاجّ غير أن لا تطوفي بالبيت )(٣) .

وعن عائشة واُمّ سلمة قالتا : إذا طافت المرأة بالبيت وصلّت ركعتين ثم حاضت فلتطف بالصفا والمروة(٤) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - : « لا بأس أن تقضي المناسك كلّها على غير وضوء إلّا الطواف ، فإنّ فيه صلاة ، والوضوء أفضل »(٥) .

الثاني : استلام الحجر الأسود قبل السعي‌ إذا صلّى ركعتي الطواف‌

____________________

(١) عدّد المصنّف –قدس‌سره - منها هنا ستّة اُمور.

(٢) المغني ٣ : ٤١٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٢٠ - ٤٢١.

(٣) صحيح البخاري ١ : ٨١ ، صحيح مسلم ٢ : ٨٧٣ / ١١٩ ، سنن النسائي ١ : ١٨٠ ، مسند أحمد ٦ : ٣٩ ، شرح معاني الآثار ٢ : ٢٠١ ، المغني ٣ : ٤١٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٢١.

(٤) المغني ٣ : ٤١٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٢١ نقلاً عن الأثرم.

(٥) التهذيب ٥ : ١٥٤ / ٥٠٩ ، الاستبصار ٢ : ٢٤١ / ٨٤١.

١٣٠

إجماعاً ؛ لما رواه العامّة : أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فَعَل ذلك(١) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « فإذا فرغت من الركعتين فائت الحجر الأسود فقبِّلْه واستلمه أو(٢) أشر إليه فإنّه لا بدّ من ذلك »(٣) .

الثالث : الشرب من ماء زمزم وصبّ الماء على الجسد من الدلو المقابل للحجر الأسود ، والدعاء ؛ لقول الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - : « إذا فرغ الرجل من طوافه وصلّى ركعتين فليأت زمزم فيستقي منه ذَنُوباً أو ذنوبين فليشرب منه وليصبّ على رأسه وظهره وبطنه ، ويقول حين يشرب : اللهم اجعله علماً نافعاً ورزقاً واسعاً وشفاءً من كلّ داء وسقم ، ثم يعود إلى الحجر الأسود »(٤) .

وعن الصادق والكاظمعليهما‌السلام - في الصحيح - : « وليكن ذلك من الدلو الذي بحذاء الحجر »(٥) .

الرابع : الخروج إلى الصفا من الباب المقابل للحجر الأسود بالسكينة والوقار‌ ، ولا نعلم فيه خلافاً.

روى الشيخ - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام : « ثم اخرج إلى الصفا من الباب الذي خرج منه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهو الباب الذي يقابل الحجر الأسود حتى تقطع الوادي ، وعليك السكينة والوقار »(٦) .

الخامس : الصعود على الصفا إجماعاً ، إلّا مَنْ شذّ ذهب إلى وجوبه ؛

____________________

(١) سنن النسائي ٥ : ٢٢٨ - ٢٢٩.

(٢) في النسخ الخطية والحجرية : و. وما أثبتناه من المصدر.

(٣) الكافي ٤ : ٤٣٠ / ١ ، التهذيب ٥ : ١٤٤ / ٤٧٦.

(٤) الكافي ٤ : ٤٣٠ / ٢ ، التهذيب ٥ : ١٤٤ / ٤٧٧.

(٥) التهذيب ٥ : ١٤٥ / ٤٧٨.

(٦) التهذيب ٥ : ١٤٦ / ٤٨١.

١٣١

فإنّه لا يصحّ السعي حتى يصعد إلى الصفا والمروة بقدر ما يستوفي السعي بينهما ؛ لأنّه لا يمكنه استيفاء ما بينهما إلّا بذلك ، فيجب كوجوب غسل جزء من الرأس وصيام جزء من الليل(١) .

وهو خطأ ؛ لأنّه يمكنه الاستيفاء بأن يجعل عقبه ملاصقاً للصفا وأصابع رجليه ملاصقةً للمروة وبالعكس في الرجوع.

واستحبابه ؛ لقول الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - : « فاصعد الصفا حتى تنظر إلى البيت ، وتستقبل الركن الذي فيه الحجر الأسود ، فاحمد الله وأثن عليه »(٢) الحديث.

السادس : حمد الله على الصفا والثناء عليه واستقبال الكعبة ورفع يديه والدعاء وإطالة الوقوف على الصفا‌ ، لقول الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - : « واحمد الله وأثن عليه واذكر من آلائه وبلائه وحسن ما صنع إليك »(٣) الحديث.

قال الصادقعليه‌السلام : « وإنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يقف على الصفا بقدر ما يقرأ سورة البقرة مترسّلاً »(٤) .

وعن علي بن النعمان - رفعه - قال : « كان أمير المؤمنينعليه‌السلام إذا صعد الصفا استقبل الكعبة ثم يرفع يديه ثم يقول »(٥) وذكر الدعاء.

وقال الصادقعليه‌السلام : « إذا أردت أن يكثر مالك فأكثر الوقوف على الصفا »(٦) .

____________________

(١) الحاوي الكبير ٤ : ١٥٩ ، فتح العزيز ٧ : ٣٤٥ ، المجموع ٨ : ٦٤ - ٦٥ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٦.

(٢ و ٣ ) الكافي ٤ : ٤٣١ / ١ ، التهذيب ٥ : ١٤٦ / ٤٨١.

(٤) الكافي ٤ : ٤٣٢ / ١ ، التهذيب ٥ : ١٤٦ / ٤٨١.

(٥) الكافي ٤ : ٤٣٢ / ٥ ، التهذيب ٥ : ١٤٧ / ٤٨٢.

(٦) التهذيب ٥ : ١٤٧ / ٤٨٣ ، الاستبصار ٢ : ٢٣٨ / ٨٢٧.

١٣٢

ولو لم يتمكّن من إطالة الوقوف والدعاء بالمنقول ، دعا بما تيسّر.

قال بعض أصحابنا : كنت في قفاء الكاظمعليه‌السلام على الصفا أو على المروة وهو لا يزيد على حرفين : « اللّهم إنّي أسألك حسن الظنّ بك على كلّ حال ، وصدق النيّة في التوكّل عليك »(١) .

البحث الثاني : في الكيفية.

مسألة ٤٩١ : يجب في السعي النيّة ؛ لأنّه عبادة‌ وقد قال الله تعالى :( وَما أُمِرُوا إِلّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ) (٢) .

ولقولهعليه‌السلام : ( لا عمل إلّا بنيّة )(٣) .

وهي شرط فيه يبطل السعي بالإخلال بها عمداً وسهواً.

ويجب فيها تعيين الفعل وأنّه سعي عمرة متمتّع بها أو مفردة أو سعي الحجّ الواجب أو الندب ، حجّة الإسلام أو غيرها ، والتقرّب إلى الله تعالى.

مسألة ٤٩٢ : يجب فيه الترتيب بأن يبدأ بالصفا ويختم بالمروة‌ إجماعاً - إلّا من أبي حنيفة(٤) - لما رواه العامّة عن جعفر الصادقعليه‌السلام عن جابر في صفة حجّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : وبدأ بالصفا ، وقال : ( ابدؤوا بما بدأ الله تعالى به )(٥) .

____________________

(١) الكافي ٤ : ٤٣٣ / ٩ ، التهذيب ٥ : ١٤٨ / ٤٨٦ ، الاستبصار ٢ : ٢٣٨ / ٨٢٨.

(٢) البيّنة : ٥.

(٣) أمالي الطوسي ٢ : ٢٠٣.

(٤) بدائع الصنائع ٢ : ١٣٤ ، فتح العزيز ٧ : ٣٤٧ ، المجموع ٨ : ٧٨ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٦.

(٥) الحاوي الكبير ٤ : ١٥٨ ، وبتفاوت يسير في صحيح مسلم ٢ : ٨٨٨ / ١٢١٨ ، وسنن الترمذي ٣ : ٢١٦ / ٨٦٢ ، وسنن أبي داود ٢ : ١٨٤ / ١٩٠٥ ، وسنن الدار قطني ٣ : ٢٥٤ / ٨١ ، وسنن ابن ماجة ٢ : ١٠٢٣ / ٣٠٧٤ ، وسنن البيهقي ٥ : ٩٣.

١٣٣

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حين فرغ من طوافه وركعتيه قال : ابدؤوا بما بدأ الله به ، إنّ الله عزّ وجلّ يقول :( إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ ) (١) »(٢) .

وقال الصادقعليه‌السلام : « تبدأ بالصفا وتختم بالمروة »(٣) .

مسألة ٤٩٣ : يجب أن يسعى بين الصفا والمروة سبعة أشواط‌ يحتسب ذهابه من الصفا إلى المروة شوطاً وعوده من المروة إلى الصفا آخر ، هكذا سبع مرّات ، عند علمائنا أجمع - وهو قول عامّة العلماء(٤) - لما رواه العامّة عن الصادق عن الباقرعليهما‌السلام عن جابر في صفة حجّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ثم نزل إلى المروة حتى إذا انصبّت(٥) قدماه رمل في بان الوادي حتى إذا صعدتا مشى حتى أتى المروة ، ففعل على المروة كما فعل على الصفا ، فلمـّا كان آخر طوافه على المروة ، ففعل على المروة كما فعل على الصفا ، فلمـّا كان آخر طوافه على المروة قال : ( لو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي وجعلتها عمرة )(٦) وهذا يقتضي أنّه آخر طوافه.

ومن طريق الخاصّة : ما رواه الشيخ : « طُفْ بينهما سبعة أشواط تبدأ بالصفا وتختم بالمروة»(٧) .

وقال أبو بكر الصيرفي من الشافعية : يحتسب سعيه من الصفا إلى‌

____________________

(١) البقرة : ١٥٨.

(٢) التهذيب ٥ : ١٤٥ / ٤٨١.

(٣) الكافي ٤ : ٤٣٤ - ٤٣٥ / ٦ ، التهذيب ٥ : ١٤٨ / ٤٨٧.

(٤) الحاوي الكبير ٤ : ١٥٩ ، المجموع ٨ : ٧١ ، الشرح الكبير ٣ : ٤١٩ ، فتح العزيز ٧ : ٣٤٧.

(٥) أي : انحدرت. النهاية - لابن الأثير - ٣ : ٣ « نصب ».

(٦) صحيح مسلم ٢ : ٨٨٨ / ١٢١٨ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٢٣ / ٣٠٧٤ ، سنن أبي داود ٢ : ١٨٤ / ١٩٠٥ ، سنن الدارمي ٢ : ٤٦.

(٧) التهذيب ٥ : ١٤٨ / ٤٨٧.

١٣٤

المروة ومنها إلى الصفا شوطاً واحداً(١) .

مسألة ٤٩٤ : يجب السعي بين الصفا والمروة في المسافة التي بينهما ، فلا يجوز الإخلال بشي‌ء منها ، بل يلصق عقبه بالصفا في الابتداء وأصابع رجليه به في العود وبالعكس في المروة. ولا تحلّ له النساء حتى يكمله.

ولا يجب الصعود على الصفا ولا المروة - خلافاً لبعض الشافعية ، وقد تقدّم(٢) - لقوله تعالى :( فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما ) (٣) .

قال المفسّرون : أراد بينهما. وهو يصدق وإن لم يصعد عليهما.

ويستحب له أن يسعى ماشياً ، ويجوز الركوب إجماعاً.

ولما رواه العامّة : أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله طاف راكباً بالبيت وبالصفا والمروة(٤) .

ومن طريق الخاصّة : رواية الحلبي - الحسنة - أنّه سأل الصادقَعليه‌السلام : عن السعي بين الصفا والمروة على الدابّة ، قال : « نعم وعلى المحمل »(٥) .

وقال معاوية بن عمّار : سألت الصادقَعليه‌السلام : عن الرجل يسعى بين الصفا والمروة راكباً ، قال : « لا بأس والمشي أفضل »(٦) .

مسألة ٤٩٥ : يستحب أن يمشي من الصفا إلى المنارة ، وأن يُهرول ما بين المنارة وزقاق العطّارين ثم يمشي من زقاق العطّارين إلى المروة ، ولو‌

____________________

(١) الحاوي الكبير ٤ : ١٥٩ ، فتح العزيز ٧ : ٣٤٧ ، المجموع ٨ : ٧١ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٦.

(٢) تقدّم في الأمر الخامس من مندوبات السعي في ص ١٣٠.

(٣) البقرة : ١٥٨.

(٤) سنن أبي داود ٢ : ١٧٦ - ١٧٧ / ١٨٧٩ و ١٨٨٠ ، سنن البيهقي ٥ : ١٠٠.

(٥) الكافي ٤ : ٤٣٧ / ١ ، التهذيب ٥ : ١٥٥ / ٥١١.

(٦) الكافي ٤ : ٤٣٧ / ٢ ، التهذيب ٥ : ١٥٥ / ٥١٢.

١٣٥

كان راكباً ، حرّك دابّته في موضع الهرولة إجماعاً.

روى العامّة أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله سعى بين الصفا والمروة(١) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « ثم انحدر ماشياً وعليك السكينة والوقار حتى تأتي المنارة ، وهي طرف المسعى ، واسع ملأ فروجك وقُلْ : بسم الله الله أكبر وصلّى الله على محمد وآله ، وقُلْ : اللّهم اغفر وارحم واعْفُ عمّا تعلم وأنت الأعزّ الأكرم ، حتى تبلغ المنارة الاُخرى ، وكان المسعى أوسع ممّا هو اليوم ، ولكنّ الناس ضيّقوه ، ثم امش وعليك السكينة والوقار حتى تأتي المروة »(٢) الحديث.

ولأنّ موضع الرمل من وادي محسّر ، فاستحبّ قطعه بالهرولة ، كما يستحب قطع وادي محسّر. ويستحب الدعاء حالة السعي.

ولو ترك الرمل ، لم يكن عليه شي‌ء إجماعاً.

روى العامّة عن ابن عمر ، قال : إن أسْعَ بين الصفا والمروة فقد رأيتُ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يسعى ، وإن أمْشِ فقد رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يمشي وأنا شيخ كبير(٣) .

ومن طريق الخاصّة : قول سعيد الأعرج : سألتُ الصادقَعليه‌السلام : عن رجل ترك شيئاً من الرمل في سعيه بين الصفا والمروة ، قال : « لا شي‌ء عليه »(٤) .

____________________

(١) صحيح البخاري ٢ : ١٩٥ ، سنن الترمذي ٣ : ٢١٧ / ٨٦٣ ، سنن الدار قطني ٢ : ٢٥٥ / ٨٦ ، سنن البيهقي ٥ : ٩٨.

(٢) التهذيب ٥ : ١٤٨ / ٤٨٧.

(٣) سنن ابن ماجة ٢ : ٩٩٥ / ٢٩٨٨ ، سنن البيهقي ٥ : ٩٩ ، وفي سنن أبي داود ٢ : ١٨٢ / ١٩٠٤ بتقديم وتأخير.

(٤) الكافي ٤ : ٤٣٦ / ٩ ، التهذيب ٥ : ١٥٠ - ١٥١ / ٤٩٤.

١٣٦

وليس على النساء رمل ولا صعود على الصفا والمروة ؛ لأنّ ترك ذلك أستر.

ولو نسي الرجل الرمل حتى يجوز موضعه ثم ذكر ، فليرجع القهقرى إلى المكان الذي يرمل فيه.

البحث الثالث : في الأحكام.

مسألة ٤٩٦ : السعي واجب وركن من أركان الحجّ والعمرة‌ يبطلان بالإخلال به عمداً ، عند علمائنا أجمع - وبه قال عروة ومالك والشافعي وأحمد في إحدى الروايتين(١) - لما رواه العامّة عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : ( اسعوا فإنّ الله كتب عليكم السعي )(٢) .

ومن طريق الخاصّة : رواية الحسن(٣) بن علي الصيرفي عن بعض أصحابنا قال : سُئل أبو عبد اللهعليه‌السلام : عن السعي بين الصفا والمروة فريضة أو سنّة؟ فقال : « فريضة »(٤) .

وفي الصحيح عن معاوية بن عمّار عن الصادقعليه‌السلام : في رجل ترك السعي متعمّداً ، قال : « لا حجّ له »(٥) .

____________________

(١) المغني ٣ : ٤١٠ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٥٥ ، فتح العزيز ٧ : ٣٤٨ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٥ ، أحكام القرآن - لابن العربي - ١ : ٤٨ ، تفسير القرطبي ٢ : ١٨٣ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٥٠.

(٢) سنن الدار قطني ٢ : ٢٥٥ / ٨٦.

(٣) في التهذيب : الحسين.

(٤) الكافي ٤ : ٤٣٥ / ٨ ، التهذيب ٥ : ١٤٩ / ٤٩٠.

(٥) الكافي ٤ : ٤٣٦ / ١٠ ، التهذيب ٥ : ١٥٠ / ٤٩١ ، وفيهما : « عليه الحجّ من قابل » بدل « لا حجّ له ».

١٣٧

وقال أحمد في الرواية الاُخرى : إنّه مستحب لا يجب بتركه دم. وهو مروي عن ابن الزبير وابن سيرين(١) .

وقال أبو حنيفة : هو واجب وليس بركن إذا تركه وجب عليه دم - وهو مذهب الحسن البصري والثوري - لقوله تعالى :( فَلا جُناحَ ) (٢) ورفع الجناح دليل عدم وجوبه(٣) .

وهو غلط ؛ فإنّ رفع الجناح لا يستلزم عدم الوجوب.

ولو ترك السعي ناسياً ، أعاده لا غير ، ولا شي‌ء عليه ، فإن كان قد خرج من مكّة ، عاد للسعي ، فإن لم يتمكّن ، أمر مَنْ يسعى عنه ؛ لأنّ معاوية بن عمّار سأل الصادقَعليه‌السلام : رجل نسي السعي بين الصفا والمروة ، قال : « يعيد السعي » قلت : فإنّه خرج ، قال : « يرجع فيعيد السعي إنّ هذا ليس كرمي الجمار ، الرمي سنّة والسعي بين الصفا والمروة فريضة »(٤) .

وسأل زيد الشحّام الصادقعليه‌السلام : عن رجل نسي أن يطوف بين الصفا والمروة حتى يرجع إلى أهله ، فقال : « يطاف عنه »(٥) .

مسألة ٤٩٧ : قد سبق(٦) وجوب ترتيب السعي بأن يبدأ بالصفا ويختم بالمروة‌ ، فلو عكس فبدأ بالمروة وختم بالصفا ، أعاد السعي ؛ لأنّه لم يأت بالمأمور به على وجهه ، فيبقى في عهدة التكليف.

____________________

(١) المغني ٣ : ٤١٠ ، المجموع ٨ : ٧٧ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٥.

(٢) البقرة : ١٥٨.

(٣) المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٥٠ ، المغني ٣ : ٤١٠ و ٤١١ ، المجموع ٨ : ٧٧ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٥٥ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٥ ، تفسير القرطبي ٢ : ١٨٣.

(٤) التهذيب ٥ : ١٥٠ / ٤٩٢ ، الاستبصار ٢ : ٢٣٨ / ٨٢٩.

(٥) التهذيب ٥ : ١٥٠ / ٤٩٣.

(٦) سبق في المسألة : ٤٩٢.

١٣٨

وما رواه معاوية بن عمّار - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : « من بدأ بالمروة قبل الصفا فليطرح ما سعى ويبدأ بالصفا قبل المروة »(١) .

إذا عرفت هذا ، فلو طاف سبعة أشواط وشكّ فيما بدأ به ، فإن كان في آخر السابع على الصفا ، أعاد السعي من أوّله ؛ لأنّه يكون قد بدأ من المروة.

وقالت العامّة : يسقط الشوط الأوّل ، ويبني على أنّه بدأ من الصفا ، فيضيف إليه آخر(٢) .

وهو غلط ؛ لما بيّنّا من الأخبار الدالّة على وجوب البدأة بالصفا ، والإعادة على مَنْ بدأ بالمروة.

وكذا لو تيقّن عدد الأشواط فيما دون السبعة وشكّ في المبدأ ، فإن كان في المزدوج على الصفا ، صحّ سعيه ؛ لأنّه يكون قد بدأ به ، وإن كان على المروة ، أعاد ، وينعكس الحكم مع انعكاس الفرض.

مسألة ٤٩٨ : لو سعى أقلّ من سبعة أشواط ولو خطوةً ، وجب عليه الإتيان بها ، ولا يحلّ له ما يحرم على المـُحْرم قبل الإتيان به ، فإن رجع إلى بلده ، وجب عليه العود مع المكنة وإتمام السعي ؛ لأنّ الموالاة لا تجب فيه إجماعاً.

ولو لم يذكر حتى واقع أهله أو قصّر أو قلّم ، كان عليه دم بقرة وإتمام السعي ؛ لما رواه سعيد بن يسار ، قال : سألت الصادقَعليه‌السلام : رجل متمتّع سعى بين الصفا والمروة ستّة أشواط ثم رجع إلى منزله وهو يرى أنّه‌

____________________

(١) التهذيب ٥ : ١٥١ / ٤٩٥.

(٢) المغني ٣ : ٤٠٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٢٠ ، المجموع ٨ : ٧٠ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٦٠.

١٣٩

قد فرغ منه وقلّم أظافيره وأحلّ ثم ذكر أنّه سعى ستّة أشواط ، فقال لي : « يحفظ أنّه قد سعى ستّة أشواط؟ فإن كان يحفظ أنّه قد سعى ستّة أشواط فليعد وليُتمّ شوطاً وليُرق دماً » فقلت : دم ما ذا؟ قال : « بقرة » قال : « وإن لم يكن حفظ أنّه سعى ستّة أشواط فليبتدئ السعي حتى يُكمله سبعة أشواط ثم ليُرق [ دم ](١) بقرة »(٢) .

ولو لم يُحصّل عدد الأشواط ، استأنف السعي.

مسألة ٤٩٩ : لا يجوز الزيادة على سبعة أشواط ، فإن زاد عمداً ، استأنف السعي ، وإن كان سهواً ، طرح الزيادة واعتدّ بالسبعة ، وإن شاء أكمل أربعة عشر شوطاً ؛ لأنّها عبادة ذات عدد ، فأبطلتها الزيادة عمداً ، كالصلاة والطواف.

ولقول الكاظمعليه‌السلام : « الطواف المفروض إذا زدت عليه مثل الصلاة ، فإذا زدت عليها فعليك الإعادة وكذلك السعي »(٣) .

ويدلّ على طرح الزيادة مع السهو : قول الكاظمعليه‌السلام - في الصحيح - عن رجل سعى بين الصفا والمروة ثمانية أشواط ما عليه؟ فقال : « إن كان خطأً طرح واحداً واعتدّ بسبعة »(٤) .

وعلى جواز إتمام أربعة عشر شوطاً : قول أحدهماعليهما‌السلام - في الصحيح - : « وكذلك إذا استيقن أنّه سعى ثمانية أضاف إليها ستّة »(٥) .

مسألة ٥٠٠ : يجوز أن يجلس الإنسان في أثناء السعي للاستراحة‌

____________________

(١) أضفناها من المصدر.

(٢) التهذيب ٥ : ١٥٣ / ٥٠٤.

(٣) التهذيب ٥ : ١٥١ / ٤٩٨ ، الإستبصار ٢ : ٢٣٩ / ٨٣١.

(٤) الكافي ٤ : ٤٣٦ / ٢ ، التهذيب ٥ : ١٥٢ / ٤٩٩ ، الاستبصار ٢ : ٢٣٩ / ٨٣٢.

(٥) التهذيب ٥ : ١٥٢ - ١٥٣ / ٥٠٢ ، الاستبصار ٢ : ٢٤٠ / ٨٣٥.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460