تذكرة الفقهاء الجزء ٨

تذكرة الفقهاء17%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-051-X
الصفحات: 460

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 460 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 191575 / تحميل: 5468
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ٨

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٠٥١-X
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها، فيأتيهم الله عز وجل فيقول أنا ربكم.

فيقولون: هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا فإذا جاء ربنا عرفناه، فيأتيهم الله فيقول: أنا ربكم.

فيقولون: أنت ربنا؟!

فيدعوهم فيضرب الصراط بين ظهراني جهنم فأكون أول من يجوز من الرسل بأمته، ولا يتكلم يومئذ أحد إلا الرسل و كلام الرسل يومئذ اللهم سلم سلم. وفي جهنم كلاليب مثل شوك السعدان، هل رأيتم شوك السعدان؟

قالوا: نعم.

قال فإنها مثل شوك السعدان غير أنه لا يعلم قدر عظمها إلا الله، تخطف الناس بأعمالهم فمنهم من يوبق بعمله ومنهم من يخردل ثم ينجو، حتى إذا أراد الله رحمة من أراد من أهل النار أمر الله الملائكة أن يخرجوا من كان يعبد الله فيخرجونهم ويعرفونهم بآثار السجود، وحرم الله على النار أن تأكل أثر السجود، فيخرجون من النار، فكل ابن آدم تأكله النار إلا أثر السجود، فيخرجون من النار قد امتحشوا فيصب عليهم ماء الحياة، فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل!

ثم يفرغ الله من القضاء بين العباد، ويبقى رجل بين الجنة والنار وهو آخر أهل النار دخولاً الجنة مقبلاً بوجهه قبل النار، فيقول: يا رب إصرف وجهي عن النار قد قشبني ريحها وأحرقني ذكاؤها.

فيقول: هل عسيت إن فعل ذلك بك أن تسأل غير ذلك؟

فيقول: لا وعزتك، فيعطي الله ما يشاء من عهد و ميثاق فيصرف الله وجهه عن النار، فإذا أقبل به على الجنة رأى بهجتها سكت ما شاء الله أن يسكت ثم قال: يا رب قدمني عند باب الجنة.

فيقول الله له: أليس قد أعطيت العهود والميثاق أن لا تسأل غير الذي كنت سألت:

فيقول: يا رب لا أكون أشقى خلقك.

١٠١

فيقول: فما عسيت أن أعطيت ذلك أن لا تسأل غيره.

فيقول: لا وعزتك لا أسأل غير ذلك، فيعطي ربه ما شاء من عهد و ميثاق فيقدمه إلى باب الجنة، فإذا بلغ بابها فرأى زهرتها وما فيها من النضرة والسرور فيسكت ما شاء الله أن يسكت فيقول:

يا رب أدخلني الجنة.

فيقول الله تعالى: ويحك يا ابن آدم ما أغدرك، أليس قد أعطيت العهد والميثاق أن لا تسأل غير الذي أعطيت؟

فيقول: يا رب لا تجعلني أشقى خلقك، فيضحك الله عز وجل منه ثم يأذن له في دخول الجنة فيقول له: تمنَّ، فيتمنى، حتى إذا انقطع أمنيته قال الله عز وجل: زد من كذا وكذا، وأقبل يذكره ربه عز وجل، حتى إذا انتهت به الأماني، قال الله تعالى: لك ذلك ومثله معه.

قال أبو سعيد الخدري لأبي هريرةرضي‌الله‌عنهما : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال الله عز وجل لك ذلك و عشرة أمثاله.

قال أبو هريرة: لم أحفظ من رسول الله صلى الله عليه و سلم إلا قوله لك ذلك ومثله معه.

قال أبو سعيد الخدري: إني سمعته يقول ذلك لك وعشرة أمثاله.

وروى نحوه في ج ٧ ص ٢٠٥ وفيه (فلا يزال يدعو حتى يضحك، فإذا ضحك منه أذن له بالدخول فيها فإذا دخل فيها، قيل تمن من كذا فيتمنى، ثم يقال له تمن من كذا فيتمنى، حتى تنقطع به الأماني فيقول: هذا لك ومثله معه.

قال أبو هريرة: وذلك الرجل آخر أهل الجنة دخولاً. قال عطاء وأبو سعيد الخدري جالس مع أبي هريرة لا يغير عليه شيئاً من حديثه حتى انتهى إلى قوله هذا لك ومثله معه، قال أبو سعيد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: هذا لك وعشرة أمثاله، قال أبو هريرة: حفظت مثله معه.

١٠٢

وروى البخاري نحوه أيضاً في عدة مواضع من صحيحه كما في ج ١ جزء ١ ص ١٣٨ و ١٤٣ و ١٩٥ وجزء ٢ ص ١١٣ - ١١٤ وج ٣ جزء ٦ ص ٤٨، ٥٦ و ٧٢ وج ٤ جزء ٧ ص ١٩٨، ٢٠٣، ٢٠٤، ٢٠٥ و ٢٠٦ وج ٤ جزء ٨ ص ١٧٩، ١٨١، ١٨٤، ٢٠٣ وج ٥ ص ١٧٩ وج ٦ ص٤٨ وج ٨، ص ١٦٧، ١٧٩ و ١٨٦!!

وقالوا يكشف عن ساقه بل عن ساقيه ويعفو عن المنافقين

زاد مسلم على البخاري إضافات وتفصيلات عن تجسد الله تعالى وعن شمول شفاعة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله للمنافقين والمشركين حتى لا يكاد يبقى في النار أحد! فقال في ج١ ص ١١٢:

عن أبي سعيد الخدري أن ناساً في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم.

قال هل تضارون في رؤية الشمس بالظهيرة صحواً ليس معها سحاب؟ وهل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر صحواً ليس فيها سحاب؟

قالوا: لا يا رسول الله.

قال: ما تضارون في رؤية الله تبارك وتعالى يوم القيامة إلا كما تضارون في رؤية أحدهما.

إذا كان يوم القيامة أذن مؤذن ليتبع كل أمة ما كانت تعبد، فلا يبقى أحد كان يعبد غير الله سبحانه من الأصنام والأنصاب إلا يتساقطون في النار، حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله من بر وفاجر، وغير أهل الكتاب فيدعى اليهود فيقال لهم ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنا نعبد عزيراً بن الله، فيقال كذبتم ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد، فماذا تبغون؟ قالوا عطشنا يا ربنا فاسقنا، فيشار إليهم ألا تردون، فيحشرون إلى النار كأنها سراب يحطم بعضها بعضاً فيتساقطون في النار.

١٠٣

ثم يدعى النصارى فيقال لهم ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنا نعبد المسيح ابن الله، فيقال لهم كذبتم ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد، فيقال لهم ماذا تبغون؟ فيقولون عطشنا يا ربنا فاسقنا، قال فيشار إليهم ألا تردون، فيحشرون إلى جهنم كأنها سراب يحطم بعضها بعضاً فيتساقطون في النار.

حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله تعالى من بر وفاجر أتاهم رب العالمين سبحانه وتعالى في أدنى صورة من التي رأوه فيها.

قال فما تنتظرون، تتبع كل أمة ما كانت تعبد!

قالوا يا ربنا فارقنا الناس في الدنيا أفقر ما كنا إليهم ولم نصاحبهم.

فيقول أنا ربكم.

فيقولون نعوذ بالله منك لا نشرك بالله شيئاً، مرتين أو ثلاثاً!

حتى أن بعضهم ليكاد أن ينقلب فيقول هل بينكم وبينه آية فتعرفونه بها؟

فيقولون نعم، فيكشف عن ساق، فلا يبقى من كان يسجد لله من تلقاء نفسه إلا أذن الله له بالسجود، ولا يبقى من كان يسجد اتقاء ورياء، إلا جعل الله ظهره طبقة واحدة كلما أراد أن يسجد خر على قفاه، ثم يرفعون رؤسهم وقد تحول في صورته التي رأوه فيها أول مرة فقال: أنا ربكم.

فيقولون أنت ربنا.

ثم يضرب الجسر على جهنم، وتحل الشفاعة، ويقولون اللهم سلم سلم.

قيل يا رسول الله وما الجسر؟ قال دحض مزلة فيه خطاطيف وكلاليب وحسك تكون بنجد فيها شويكة يقال لها السعدان، فيمر المؤمنون كطرف العين وكالبرق وكالريح وكالطير وكأجاويد الخيل والركاب، فناج مسلم ومخدوش مرسل، ومكدوس في نار جهنم، حتى إذا خلص المؤمنون من النار فوالذي نفسي بيده ما منكم من أحد بأشد منا شدة لله في استقصاء الحق من المؤمنين لله يوم القيامة لإخوانهم الذين في النار، يقولون ربنا كانوا يصومون معنا ويصلون ويحجون، فيقال

١٠٤

لهم أخرجوا من عرفتم، فتحرم صورهم على النار فيخرجون خلقاً كثيراً قد أخذت النار إلى نصف ساقيه وإلى ركبتيه، ثم يقولون ربنا ما بقي فيها أحد ممن أمرتنا به، فيقول إرجعوا، فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من خير فأخرجوه، فيخرجون خلقاً كثيراً، ثم يقولون ربنا لم نذر فيها أحداً ممن أمرتنا، ثم يقول إرجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف دينار من خير فأخرجوه فيخرجون خلقاً كثيراً، ثم يقولون ربنا لم نذر فيها ممن أمرتنا أحداً، ثم يقول إرجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من خير فأخرجوه، فيخرجون خلقاً كثيراً، ثم يقولون ربنا لم نذر فيها خيراً.

وكان أبو سعيد الخدري يقول: إن لم تصدقوني بهذا الحديث فاقرؤوا إن شئتم: إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجراً عظيماً، فيقول الله عز وجل: شفعت الملائكة وشفع النبيون وشفع المؤمنون ولم يبق إلا أرحم الراحمين، فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قوماً لن يعملوا خيراً قط، قد عادوا حمماً فيلقيهم في نهر في أفواه الجنة يقال له نهر الحياة، فيخرجون كما تخرج الحبة في حميل السيل، ألا ترونها تكون إلى الحجر أو إلى الشجر ما يكون إلى الشمس أصيفر وأخيضر وما يكون منها إلى الظل يكون أبيض، فقالوا يا رسول الله كأنك كنت ترعى بالبادية، قال فيخرجون كاللؤلؤ في رقابهم الخواتم يعرفهم أهل الجنة هؤلاء عتقاء الله الذين أدخلهم الله الجنة بغير عمل عملوه ولا خير قدموه، ثم يقول أدخلوا الجنة فما رأيتموه فهو لكم، فيقولون ربنا أعطيتنا مالم تعط أحداً من العالمين، فيقول لكم عندي أفضل من هذا فيقولون يا ربنا أي شيء أفضل من هذا؟ فيقول رضاي فلا أسخط عليكم بعده أبداً.

- وروى مسلم عدداً من أحاديث الرؤية أيضاً في ج ٢ ص ١١٣

- وروى أبو داود في سننه نحو حديث البخاري المتقدم في ج ٢ ص ٤١٩

- وروى أحمد في مسنده ج ٣ ص ٣٨٣:

... أخبرني أبوالزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يسأل عن الورود قال: نحن يوم

١٠٥

القيامة على كذا وكذا أنظر أي ذلك فوق البأس، قال فتدعي الأمم بأوثانها وما كانت تعبد الأول فالأول، ثم يأتينا ربنا بعد ذلك فيقول من تنظرون؟ فيقولون ننتظر ربنا عز وجل، فيقول أنا ربكم، يقولون حتى ننظر إليك، فيتجلى لهم يضحك، قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قال: فينطلق بهم ويتبعونه ويعطي كل إنسان منافق أو مؤمن نوراً، ثم يتبعونه وعلى جسر جهنم كلاليب وحسك تأخذ من شاء الله، ثم يطفأ نور المنافق ثم ينجو المؤمنون فتنجو أول زمرة وجوههم كالقمر ليلة البدر سبعون ألفاً لا يحاسبون، ثم الذين يلونهم كأضوأ أنجم في السماء، ثم كذلك، ثم تحل الشفاعة حتى يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة، فيجعلون بفناء أهل الجنة، ويجعل أهل الجنة يرشون عليهم الماء حتى ينبتون نبات الشيء في السيل، ثم يسأل حتى يجعل له الدنيا وعشرة أمثالها معها.

- ورواه ابن ماجه في سننه ج ١ ص ٦٣، ٦٦، ٥٩٠ وج ٢ ص ٧٣١ و ١٤٥٠ وفيه (ويتبدي لهم في روضة من رياض الجنة... ويجلس أدناهم).

- وأبو داود في سننه ج ٢ ص ٤٢٠ وج ٤ ص ٢٣٣ - والترمذي ج ٤ ص ٩٠ وج ٤ ص ٩٢، ٩٣، ٩٥ - والبغوي في المصابيح ج ٣ ص ٥٣٣ وص ٥٤٢ وص ٥٦٩ - وروى من أحاديث الرؤية في الآخرة ابن أبي شيبة في المصنف ج ٢ ص ٥٨ - والهيثمي في مجمع الزوائد ج ١٠ ص ٣٤٣ - وابن الأثير في أُسد الغابة ج ١ ص ٣٣٤ - والهندي في كنز العمّال ج ١٤ ص ٤٣٦ و٤٤٦ و٤٩٣ - والبيهقي في سننه ج ١٠ ص ٤١ وفي البعث والنشور ص ٢٦٢ وفي شعب الإيمان ج ٣ ص ٢٠٢ ، - وقال في شعب الإيمان ج ٣ ص ٩٩:

عن ابن مسعود قال: سمعت رسول الله أن الناس يجلسون يوم القيامة من الله على قدر رواحهم إلى الجمعة، الأول ثم الثاني ثم الثالث. انتهى. ورواه الحاكم في المستدرك ج ٤ ص ٥٦٠ و ص ٥٨٢ مع تفاوت في التفاصيل. ورواه الطبري في تفسيره ج ٢٥ ص ٩٤ وفي ج ٢٩ ص ٢٦ وج ٣٠ ص ١١٩، - وقال في ج ٢٩ ص ٢٤

- قال أبو الزهراء عن عبد الله يتمثل الله للخلق يوم القيامة..

١٠٦

-وأورد السيوطي في الدر المنثور ج ٦ ص ٢٩٠ عدداً وفيراً من أحاديث الرؤية قال:

وأخرج عبدالرزاق وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والنسائي والدارقطني في الرؤية والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال قال الناس يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة قال هل تضارون الشمس... الخ.

وأخرج الدار قطني في الرؤية عن أبي هريرة قال: سأل الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة قال هل تضارون... الخ. وفيه تفصيلات لا توجد في غيره.

وأخرج الدارقطني في الرؤية عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة جاء الرب عز وجل إلى المؤمنين فوقف عليهم والمؤمنون على كوم فيقول هل تعرفون ربكم عز وجل فيقولون إن عرفنا نفسه عرفناه فيقول لهم الثانية هل تعرفون ربكم فيقولون إن عرفنا نفسه عرفناه فيتجلى لهم عز وجل فيضحك في وجوههم فيخرون له سجداً.

وأخرج النسائي والدار قطني وصححه عن أبي هريرة قال قلنا يا رسول الله هل نرى ربنا... الخ.

وأخرج الدار قطني عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ترون الله عز وجل يوم القيامة كما ترون القمر ليلة البدر... الخ.

وأخرج أحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والدار قطني والحاكم والبيهقي عن أبي سعيد الخدري قال قلنا يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة... الخ.

- وقال البخاري في ج ٦ ص ٧٢

عن أبي سعيدرضي‌الله‌عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: يكشف ربنا عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة ويبقى من كان يسجد في الدنيا رياء وسمعة فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقاً واحداً. انتهى. ورواه في ج ٨ ص ١٨١ وهو يشبه ما تقدم عن رؤية الله تعالى وفيه:

١٠٧

(فيقال لهم ما يحبسكم وقد ذهب الناس... وإنما ننتظر ربنا قال فيأتيهم الجبار في صورة غير صورته التي رأوه فيها أول مرة فيقول أنا ربكم فيقولون أنت ربنا فلا يكلمه إلا الأنبياء فيقول هل بينكم وبينه آية تعرفونه فيقولون الساق فيكشف عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ويبقى من كان يسجد لله رياء وسمعة فيذهب كيما يسجد فيعود ظهره طبقاً واحداً). وروى نحوه في ج ٣ جزء ٦ ص ٧٢ وروى نحوه الدارمي في سننه ج ٢ ص ٣٢٦ والحاكم في المستدرك ج ٤ ص ٥٩٠ وج ٤ ص ٥٩٩ وأحمد في ج ٣ ص١٧ والهيثمي في مجمع الزوائد ج ١٠ ص ٣٢٩ وج ١٠ ص ٣٤٠ والهندي في كنز العمّال ج١٤ ص ٢٩٨ وص ٤٤١ والسيوطي في الدر المنثور ج ٦ ص ٢٩٢ - وقال الصنعاني في تفسيره ج ٢ ص ٢٤٨ - عن ابن مسعود في قوله تعالى: يوم يكشف عن ساق قال: يعني ساقيه تبارك وتعالى! وقال المنذري في الترغيب والترهيب ج ٤ ص ٣٩١:عن عبد الله ابن مسعود قال النبي (ص)... أن أمة محمد تبقى يوم القيامة تنتظر خروج ربها فلا يعرفونه إلا بكشف ساقه. انتهى. وقال في ج ٥ ص ٣٦٩: ابن مسعود: يكشف ربنا عز وجل عن ساقه يوم القيامة.

- وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ج ١٠ ص ٣٤٠

وعن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يجمع الله الأولين الآخرين لميقات يوم معلوم قياماً أربعين سنة شاخصة أبصارهم ينتظرون فصل القضاء، قال وينزل الله عز وجل في ظلل من الغمام من العرش إلى الكرسي، ثم ينادي مناد أيها الناس ألم ترضوا من ربكم الذي خلقكم ورزقكم وأمركم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً أن يولي كل أناس منكم ما كانوا يعبدون في الدنيا، أليس ذلك عدلاً من ربكم؟ قالوا بلى، قال فينطلق كل قوم إلى ما كانوا يعبدون ويقولون في الدنيا قال فينطلقون ويمثل لهم أشباه ما كانوا يعبدون فمنهم من ينطلق إلى الشمس ومنهم من ينطلق إلى القمر والأوثان من الحجارة وأشباه ما كانوا يعبدون، قال ويمثل لمن كان يعبد عيسى شيطان عيسى ويمثل لمن كان يعبد عزيراً شيطان عزير.

١٠٨

ويبقى محمد صلى الله عليه وسلم وأمته، قال فيتمثل الرب تبارك وتعالى فيأتيهم فيقول: ما لكم لا تنطلقون كانطلاق الناس؟ فيقولون إن لنا لإلهاً ما رأيناه، فيقول هل تعرفونه إن رأيتموه؟ فيقولون إن بيننا وبينه علامة إذا رأيناها عرفناها، قال فيقول ما هي؟ فنقول يكشف عن ساقه، قال فعند ذلك يكشف عن ساقه فيخر كل من كان نظره، ويبقى قوم ظهورهم كصياصي البقر يريدون السجود فلا يستطيعون، وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون، ثم يقول ارفعوا رؤوسكم فيرفعون رؤسهم فيعطيهم نورهم على قدر أعمالهم فمنهم من يعطى نوره مثل الجبل العظيم يسعى بين يديه، ومنهم من يعطى نوره أصغر من ذلك، ومنهم من يعطى مثل النخلة بيده، ومنهم من يعطى أصغر من ذلك، حتى يكون آخرهم رجلاً يعطى نوره على إبهام قدميه يضىء مرة ويطفأ مرة، فإذا أضاء قدم قدمه وإذا طفىء قام، قال والرب تبارك وتعالى أمامهم حتى يمر في النار فيبقى أثره كحد السيف، قال فيقول مروا فيمرون على قدر نورهم، منهم من يمر كطرفة العين، ومنهم من يمر كالبرق، ومنهم من يمر كالسحاب، ومنهم من يمر كانقضاض الكوكب، ومنهم من يمر كالريح، ومنهم من يمر كشد الفرس، ومنهم من يمر كشد الرحل، حتى يمر الذي يعطى نوره على ظهر قدميه يجثو على وجهه ويديه ورجليه تخرُّ يدٌ وتعلق يد، وتخر رجل وتعلق رجل، وتصيب جوانبه النار، فلا يزال كذلك حتى يخلص فإذا خلص وقف عليها فقال الحمد لله فقد أعطاني الله ما لم يعط أحداً إذ نجاني منها بعد إذ رأيتها، قال فينطلق به إلى غدير عند باب الجنة فيغتسل فيعود إليه ريح أهل الجنة وألوانهم، فيرى ما في الجنة من خلل الباب فيقول رب أدخلني الجنة فيقول الله أتسأل الجنة وقد نجيتك من النار، فيقول رب اجعل بيني وبينها حجاباً لا أسمع حسيسها، قال فيدخل الجنة ويرى أو يرفع له منزل أمام ذلك كأن ما هو فيه إليه حلم، فيقول رب أعطني ذلك المنزل فيقول له لعلك إن أعطيتكه تسأل غيره فيقول لا وعزتك لا أسألك غيره، وأنى منزل أحسن منه، فيعطي فينزله ويرى أمام ذلك منزلاً كأن ما هو فيه إليه حلم، قال رب أعطني ذلك المنزل، فيقول الله تبارك وتعالى له فلعلك إن

١٠٩

أعطيتكه تسأل غيره، فيقول وعزتك يا رب وأنى منزل يكون أحسن منه فيعطاه وينزله ثم يسكت، فيقول الله جل ذكره مالك لا تسأل، فيقول رب قد سألتك حتى قد استحييتك وأقسمت حتى استحييتك، فيقول الله جل ذكره ألم ترض أن أعطيك مثل الدنيا منذ خلقتها إلى يوم أفنيتها وعشرة أضعافه، فيقول أتهزأ بي وأنت رب العزة؟ فيضحك الرب تبارك وتعالى من قوله!

قال فرأيت عبد الله بن مسعود إذا بلغ هذا المكان من هذا الحديث ضحك، فقال له رجل يا أبا عبد الرحمن قد سمعتك تحدث هذا الحديث مراراً كلما بلغت هذا المكان ضحكت، قال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث هذا الحديث مراراً كلما بلغ هذا المكان من هذا الحديث ضحك حتى تبدو أضراسه، قال فيقول الرب جل ذكره لا ولكني على ذلك قادر، سل فيقول ألحقني بالناس، فيقول الحق بالناس، قال فينطلق يرمل في الجنة حتى إذا دنا من الناس رفع له قصر من درة فيخر ساجداً، فيقال له إرفع رأسك مالك، فيقول رأيت ربي أو تراءى لي ربي، فيقال له إنما هو منزل من منازلك، قال ثم يلقى رجلاً فيتهيأ للسجود له فيقال له مه، فيقول رأيت أنك ملك من الملائكة، فيقول إنما أنا خازن من خزانك وعبد من عبيدك تحت يدي ألف قهرمان على مثل ما أنا عليه، قال فينطلق أمامه حتى يفتح له القصر قال وهو من درة مجوفة سقائفها وأبوابها وأغلاقها ومفاتيحها منها تستقبله جوهرة خضراء مبطنة بحمراء فيها سبعون باباً كل باب يفضى إلى جوهرة خضراء مبطنة كل جوهرة تفضى إلى جوهرة على غير لون الأخرى في كل جوهرة سرر وأزواج ووصائف، أدناهن حوراء عيناء عليها سبعون حلة يرى مخ ساقها من وراء حللها، كبدها مرآته وكبده مرآتها، إذا أعرض عنها إعراضة ازدادت في عينه سبعين ضعفاً عما كانت قبل ذلك، فيقول لها والله لقد أزددت في عيني سبعين ضعفاً، وتقول له وأنت ازددت في عيني سبعين ضعفاً، يقال له أشرف فيشرف فيقال له ملكك مسيرة مائة عام ينفذه بصرك.

١١٠

قال فقال عمر ألا تسمع ما يحدثنا ابن أم عبد يا كعب عن أدنى أهل الجنة منزلاً فكيف أعلاهم؟ قال يا أمير المؤمنين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، إن الله جل ذكره خلق داراً جعل فيها ما شاء من الأزواج والثمرات والأشربة ثم أطبقها فلم يرها أحد من خلقه لا جبريل ولا غيره من الملائكة، ثم قال كعب: فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاءاً بما كانوا يعملون، قال وخلق دون ذلك جنتين وزينهما بما شاء وأراهما من شاء من خلقه، ثم قال من كان كتابه في عليين نزل في تلك الدار التي لم يرها أحد، حتى أن الرجل من أهل عليين ليخرج فيسير في ملكه فلا تبقى خيمة من خيم الجنة إلا دخلها من ضوء وجهه، فيستبشرون لريحه فيقولون واهاً لهذا الريح هذا ريح رجل من أهل عليين قد خرج يسير في ملكه.

قال ويحك يا كعب إن هذه القلوب قد استرسلت فاقبضها، فقال كعب إن لجهنم يوم القيامة لزفرة ما من ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا خرَّ لركبتيه، حتى أن إبراهيم خليل الله ليقول: رب نفسي نفسي حتى لو كان لك عمل سبعين نبياً إلى عملك لظننت أن لا تنجو... رواه كله الطبراني من طرق ورجال أحدها رجال الصحيح غير أبي خالد الدالاني وهو ثقة). انتهى.

ويدل هذا الحديث الذي وثقه الطبراني على أن دار الخلافة بحضور الخليفة عمر كانت عامرة بمثل هذه الأحاديث، وأن كعب الأحبار كان المرجع الذي يؤخذ برأيه! وتفصيل ذلك في الفصل الخامس.

- وقال البغوي في مصابيحه ج ٣ ص ٥٢٩

وقال (ص): يكشف ربنا عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ومؤمنه. انتهى. ورواه الديلمي في فردوس الأخبار ج ٥ ص ٣٦٩ ورواه السهمي في تاريخ جرجان ص ٣٩١

- وقال السيوطي في الدر المنثور ج ٦ ص ٢٥٤

قوله تعالى(يوم يكشف عن ساق) الآية.. أخرج البخاري وابن المنذر وابن مردويه عن أبي سعيد....

١١١

وأخرج ابن مندة في الرد على الجهمية عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:يوم يكشف عن ساق ، قال يكشف الله عز وجل عن ساقه.

وأخرج عبدالرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن مندة عن ابن مسعود في قوله:يوم يكشف عن ساق ، قال عن ساقيه تبارك وتعالى، قال ابن مندة: لعله في قراءة ابن مسعودي كشف بفتح الياء وكسر الشين.

وأخرج ابن مردويه عن كعب الحبر قال: والذي أنزل التوراة على موسى والإنجيل على عيسى والزبور على داود والفرقان على محمد أنزلت هذه الآيات في الصلوات المكتوبات حيث ينادى بهن يوم يكشف عن ساق إلى قوله وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون الصلوات الخمس إذا نودي بها.

وأخرج إسحق بن راهويه في مسنده وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا والطبراني والآجري في الشريعة والدارقطني في الرؤية والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في البعث عن عبد الله بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال... الخ. ونحوه في الدر المنثور ج ٥ ص ٣٤١

وحاول الصنعاني والنووي تخليص الله تعالى من كشف ساقه

- تفسير الصنعاني ج ٢ ص ٢٤٧

عن إبراهيم في قوله تعالى:يوم يكشف عن ساق قال: عن أمر عظيم وقال: قد قامت الحرب على ساق. وقال إبراهيم... قال ابن عباس: يكشف عن ساق فيسجد كل مؤمن ويقسو ظهر الكافر فيكون عظماً واحداً.

- وقال النووي في شرح مسلم ج ٢ جزء ٣ ص ٢٧:

قوله (ص) فيكشف عن ساق... أي يكشف عن شدة وأمر مهول... وكشف عن ساقه للإهتمام به. قال القاضي: وقيل المراد بالساق هنا نور عظيم.. وقيل قد يكون الساق علامة بينه وبين المؤمنين. انتهى.

١١٢

وسوف نورد في تفسير آية: يوم يكشف عن ساق، أن كشفت الحرب عن ساقها، أو كشف الأمر عن ساقه، في اللغة العربية تعبير عن حلول الأمر الشديد، وسنورد عدداً من الأحاديث التي فسرت الآية بذلك.

وقالوا إنّه يجلس على الجسر ويضع رجله على الأخرى

- روى ابن أبي شيبة في المصنف ج ٦ ص ١١٢

عن الحكم قال: سألت أبا مجلز عن الرجل يجلس ويضع إحدى رجليه على الأخرى فقال: لا بأس به إنما هو شيء كرهته اليهود، قالوا إنه خلق السموات والأرض في ستة أيام، ثم استوى يوم السبت فجلس تلك الجلسة.

- روى الديلمي في فردوس الأخبار ج ٥ ص ٣٦٩

عن ثوبان مولى النبي (ص): يقبل الجبار عز وجل يوم القيامة فيثني رجله على الجسر!

- وروى الذهبي في تاريخ الإسلام ج ٩ ص ٥٢٠

عثمان بن أبي عاتكة... روى عن أبي أمامة عن رسول الله (ص): إن الله يجلس يوم القيامة على القنطرة الوسطى بين الجنة والنار.

الإمام الصادق يقول إنّها رواية يهودية

- تفسير العياشي ج ١ ص ١٣٧

... عن حماد عنه (الإمام جعفر الصادقعليه‌السلام ) قال: رأيته جالساً متوركاً برجله على فخذه فقال له رجل عنده: جعلت فداك هذه جلسة مكروهة، فقال: لا، إن اليهود قالت: إن الرب لما فرغ من خلق السموات والأرض جلس على الكرسي هذه الجلسة ليستريح، فأنزل الله:الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم .

١١٣

وقالوا لا تمتليء النار حتى يضع رجله فيها

- صحيح البخاري ج ٣ جزء ٦ ص ٤٧

... عن أنسرضي‌الله‌عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يلقى في النار وتقول هل من مزيد حتى يضع قدمه فتقول قط قط.

... عن أبي هريرة... يقال لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد، فيضع الرب تبارك وتعالى قدمه عليها فتقول قط قط.. إلى آخر الرواية وفيها من مناظرة بين الجنة والنار.

... عن أبي هريرةرضي‌الله‌عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم تحاجت الجنة والنار فقالت النار أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين، وقالت الجنة مالي لا يدخلني إلا ضعفاء الناس وسقطهم، قال الله تبارك وتعالى للجنة أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي، وقال للنار إنما أنت عذاب أعذب بك من أشاء من عبادي، ولكل واحدة منهما ملؤها، فأما النار فلا تمتليء حتى يضع رجله فتقول قط قط، فهنالك تمتليء ويزوى بعضها إلى بعض.

- صحيح البخاري ج ٤ جزء ٧ ص ٢٢٤

عن أنس بن مالك: قال النبي (ص) لا تزال جهنم تقول هل من مزيد حتى يضع رب العزة فيها قدمه فتقول قط قط.

- صحيح البخاري ج ٤ جزء ٨ ص ١٦٦

وقال أنس قال النبي صلى الله عليه وسلم تقول جهنم قط قط وعزتك.

- صحيح البخاري ج ٤ جزء ٨ ص ١٦٧

عن أنس عن النبي (ص) قال: لا يزال يلقى فيها وتقول هل من مزيد حتى يضع فيها رب العزة قدمه فينزوي بعضها إلى بعض ثم تقول قد قد بعزتك.

١١٤

صحيح البخاري ج ٤ جزء ٨ ص ١٨٦

عن أبي هريرة عن النبي (ص) قال.. وإنه ينشأ للنار من يشاء فيلقون فيها، فتقول هل من مزيد ثلاثاً، حتى يضع قومه فتمتليء ويرد بعضها إلى بعض وتقول قط قط قط.

- صحيح مسلم ج ٨ ص ١٥١

فأما النار فلا تمتليء فيضع قدمه عليها فتقول قط قط فهنالك تمتليء ويزوى بعضها إلى بعض... فأما النار فلا تمتليء حتى يضع الله تبارك وتعالى رجله تقول قط قط قط، فهنالك تمتلئ ويزوى بعضها إلى بعض، ولا يظلم الله من خلقه أحداً. وأما الجنة فإن الله ينشىء لها خلقاً.

- صحيح مسلم ج ٨ ص ١٥٢

... جهنم تقول هل من مزيد حتى يضع فيها رب العزة تبارك وتعالى قدمه فتقول قط قط وعزتك، ويزوى بعضها إلى بعض...

... عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لا تزال جهنم يلقى فيها وتقول هل من مزيد حتى يضع رب العزة فيها قدمه فينزوى بعضها إلى بعض وتقول قط قط بعزتك وكرمك. ولا يزال في الجنة فضل حتى ينشىء الله لها خلقاً فيسكنهم فضل الجنة.

- سنن الترمذي ج ٤ ص ٩٥

عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يجمع الله الناس يوم القيامة في صعيد واحد ثم يطلع عليهم رب العالمين فيقول: ألا يتبع كل إنسان ما كانوا يعبدون فيمثل لصاحب الصليب صليبه ولصاحب التصاوير تصاويره ولصاحب النار ناره، فيتبعون ما كانوا يعبدون، ويبقى المسلمون فيطلع عليهم رب العالمين فيقول: ألا تتبعون الناس؟ فيقولون: نعوذ بالله منك نعوذ بالله منك، الله ربنا وهذا مكاننا حتى نرى ربنا، وهو يأمرهم ويثبتهم! قالوا: وهل نراه يا رسول الله قال: وهل

١١٥

تضارون في رؤية القمر ليلة البدر قالوا: لا يا رسول الله قال: فإنكم لا تضارون في رؤيته تلك الساعة ثم يتوارى، ثم يطلع فيعرفهم نفسه ثم يقول: أنا ربكم فاتبعوني، فيقوم المسلمون ويوضع الصراط فيمر عليه مثل جياد الخيل والركاب وقولهم عليه سلم سلم، ويبقى أهل النار فيطرح منهم فيها فوج فيقال هل امتلأت، فتقول هل من مزيد، ثم يطرح فيها فوج فيقال هل امتلأت، فتقول هل من مزيد، حتى إذا أوعبوا فيها وضع الرحمن قدمه فيها وأزوى بعضها إلى بعض، ثم قال: قط. قالت: قط قط... هذا حديث حسن صحيح.

- الطبري في تفسيره ج ٢٦ ص ١٠٥

إن الله الملك قد سبقت منه كلمة لأملأن جهنم، لا يلقى فيها شيء إلا ذهب فيها لا يملؤها شيء حتى إذا لم يبق من أهلها أحد إلا دخلها، وهي لا يملؤها شيء، أتاها الرب فوضع قدمه عليها ثم قال لها: هل امتلأت يا جهنم؟ فتقول قط قط قد امتلأت، ملأتني من الجن والإنس، فليس فيَّ مزيد! قال ابن عباس ولم يكن يملؤها شيء حتى وجدت مس قدم الله تعالى ذكره. فتضايقت فما فيها موضع إبرة!!. انتهى. وروى نحوه الدارمي في سننه ج ٢ ص ٣٤١ والبيهقي في سننه ج ص ٤٢ وروى نحوه أحمد في ج ٢ ص ٢٧٦ بأربع قطات وفي ص ٣١٤ وص ٣٦٩ بثلاث قطات.

وفي ص ٥٠٧ وفي ج ٣ ص ١٣٤ وص ١٤١ وص ٢٣٠ وص ٢٣٤ وص ٢٧٩ بقطين ورواه الصنعاني في المصنف ج ١١ ص ٤٢٢ بثلاث قطات، والديلمي في فردوس الأخبار ج ٥ ص٢٣٧ بقطين، والبغوي في معالم التنزيل ج ٤ ص ٢٢٤ بقطين، وفي مصابيح السنة ج ٤ ص ١٤ و ص ١٥ بدون قط، والبيهقي في البعث والنشور ص ١٣٦ بقطين، وأبو الشيخ في طبقات المحدثين بإصبهان ج ١ ص ٢٣٨ بقطين، وابن القيم في زاد المعاد ج ١ ص ٣٣٧، ورواه الهندي في كنز العمّال ج ١ ص ٢٣٤ وج ١٤ ص ٤٢٨ وص ٥٢١ وص ٤٣٦ وص ٥٤٤ وج ١٦ ص ٢٠٨ بروايات كثيرة عن مصادر متعددة.

١١٦

وادّعوا أنّ رؤيته بالعين من أكبر اللذّات

- قال القسطلاني في إرشاد الساري ج ١٠ ص ٤١٠

... الأشعري في كتابه الإبانة فقال أفضل لذات الجنة رؤية الله تعالى ثم رؤية نبيه (ص) فلذلك لم يحرم الله أنبياءه المرسلين وملائكته المقربين وجماعة المؤمنين (...) النظر إلى وجهه الكريم ووافقه البيهقي وابن القيم والجلال البلقيني.

- فتاوى الألباني ص ١٤٢

... المعتزلة وغيرهم ينكرون هذه النعمة ويضللون من يؤمن بها وينسبونهم إلى التشبيه والتجسيم... ونحن أهل السنة نؤمن بأن من نعم الله على عباده أن يتجلى لهم يوم القيامة ويرونه كما نرى القمر ليلة البدر. انتهى.

وستأتي بقية الروايات المشابهة لعقائد اليهود في تفسير الآيات المتشابهة.

لكن اختلفوا هل تراه النساء في الجنّة!

- إرشاد الساري ج ١٠ ص ٤٠٩

(قوله (ص) قال جنتان من فضة... وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم رداء الكبر) والحاصل أن رؤية الله تعالى واقعة يوم القيامة في الموقف لكل أحد من الرجال والنساء وقال قوم من أهل السنة تقع أيضاً للمنافقين... وأما الرؤية في الجنة فأجمع أهل السنة على أنها حاصلة للأنبياء والرسل والصديقين من كل أمة ورجال المؤمنين من البشر، واختلف في نساء هذه الأمة.

- السيوطي في الدر المنثور ج ٦ ص ٢٩٣

وأخرج الدار قطني عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا كان يوم القيامة رأى المؤمنون ربهم عز وجل فأحدثهم عهداً بالنظر إليه في كل جمعة، ويراه المؤمنات يوم الفطر ويوم النحر. انتهى. وكأن فى الجنة صوم وحج!

١١٧

- زاد المعاد ج ١ ص ٣١١

عن أنس ابن مالك: قال: رسول الله (ص): إذا كان يوم القيامة رأى المؤمنون ربهم فأحدثهم عهداً بالنظر إليه... من بكر في كل جمعة، وتراه المؤمنات يوم الفطر ويوم النحر...

- إرشاد الساري ج ١٠ ص ٤١٠:

.. الأشعري في كتابه الإبانة فقال: أفضل لذات الجنة رؤية الله تعالى ثم رؤية نبيه (ص) فلذلك لم يحرم الله أنبياءه المرسلين وملائكته المقربين وجماعة المؤمنين (...) النظر إلى وجهه الكريم، ووافقه البيهقي وابن القيم والجلال البلقيني.

بازار أحاديث النزولات

قالوا: إنّ الله تعالى جسم ينزل إلى الأرض كل ليلة

- روى البخاري في صحيحه ج ١ جزء ٢ ص ٤٧

... عن أبي هريرةرضي‌الله‌عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، يقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له. انتهى. ونحوه في ج٤ جزء ٧ ص ١٤٩ - ١٥٠ وج ٤ جزء ٨ ص ١٩٧ ورواه في الأدب المفرد ص ٢٠٧ ورواه مسلم في صحيحه ج ٢ ص ١٧٥ وأبو داود في سننه ج ٢ جزء ٣ ص ٣٤ وج ٤ ص ٢٣٤ وابن ماجة في سننه ج ١ ص ٤٣٥ ومالك في كليات الموطأ ج ١ ص ١٤٢ وأحمد في مسنده ج ١ ص ١٢٠ و ٤٠٣ و ٤٤٦ والصنعاني في تفسيره ج ١ ص ٢٥٩ وفي مصنفه ج ٢ ص ١٦٠ وج ١٠ ص٤٤٤ ورواه في عارضةالأحوذي ج١ جزء١ ص٢ وص٢٣٢ والبغوي في معالم التنزيل ج١ ص٤٣١ ج٣ ص٢٢ ومصابيح السنة ج ١ ص ٤٣١ وابن الأثير في أسد الغابة ج٢ ص٢٣١ وج ٦ ص ٩١ والديلمي في فردوس الأخبار ج ١ ص ٣٢١ وج ٥ ص ٣٥٨ - ٣٦٥ والأبشيهي في المستطرف ج ٢ ص ٢٥٠ والمنذري في الترغيب والترهيب ج ٢ ص ٤٨٩ والشوكاني في نيل الأوطار ج٣

١١٨

ص ٥٧ والنويري في نهاية الإرب ج ٣ جزء ٥ ص ٢٩٠ وابو الشيخ في طبقات المحدثين ج ٢ ص ٥٤٠ وجامع الأحاديث القدسية من الصحاح ج ١ ص ٧٢ و ٧٥ والثعالبي في الجواهر الحسان ج ١ ص ٢٨٦ والنويري في نهاية الإرب ج ٣ جزء ٥ ص٢٩٠ والخطيب في تاريخ بغداد ١٧ ص ٢٤٢ والمزي في تهذيب الكمال ج ٩ ص ٢٠٧ والهيثمي في مجمع الزوائد ج ٨ ص ١٢٥ وج ١٠ ص ٢٣٦ وص ٦٢١ وص ٧٦٠ وص ٩.. وروته مصادر كثيرة أخرى.

- وروى الطبري في تفسيره ج ١٣ ص ١١٤:

عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله (ص) إن الله ينزل في ثلاث ساعات يبقين من الليل.. وروى في ج ١٥ ص ٩٤

عن أبي الدرداء قال قال رسول الله (ص): إن الله يفتح الذكر في ثلاث ساعات يبقين من الليل، في الساعة الأولى منهن ينظر في الكتاب الذي لا ينظر فيه أحد غيره فيمحو ما يشاء ويثبت، ثم ينزل في الساعة الثانية إلى جنة عدن وهو داره التي لم ترها عين.. وهي مسكنه ولا يسكن معه من بني آدم غير ثلاثة النبيين والصديقين والشهداء.. ثم ينزل في الساعة الثالثة إلى السماء الدنيا بروحه وملائكته..

- وقال ابن خزيمة في كتاب التوحيد ص ١٢٥

باب ذكر أخبار ثابتة السند صحيحة القوام رواها علماء الحجاز والعراق عن النبي صلى الله عليه وسلم في نزول الرب جل وعلا إلى سماء الدنيا كل ليلة. نشهد شهادة مقر بلسانه مصدق بقلبه مستيقن بما في هذه الأخبار من ذكر نزول الرب من غير أن نصف الكيفية، لأن نبينا المصطفى لم يصف لنا كيفية نزول خالقنا إلى سماء الدنيا وأعلمنا أنه ينزل والله جل وعلا لم يترك ولا نبيهعليه‌السلام بيان ما بالمسلمين إليه الحاجة من أمر دينهم، فنحن قائلون مصدقون بما في هذه الأخبار من ذاك النزول غير متكلفين القول بصفته أو بصفة الكيفية، إذ النبي صلى الله عليه وسلم لم يصف لنا كيفية النزول، وفي هذه الأخبار مابان وثبت وصح أن الله جل وعلا فوق سماء الدنيا

١١٩

الذي أخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم أنه ينزل إليه، إذ محال في لغة العرب أن يقول ينزل من أسفل إلى أعلا ومفهوم في الخطاب أن النزول من أعلا إلى أسفل...

- وقال الذهبي في سيره ج ١٧ ص ٦٥٦

قال أبونصر السجزي في كتاب الإبانة: وأئمتنا كسفيان ومالك والحمادين وابن عيينة والفضيل وابن المبارك وأحمد بن حنبل وإسحاق، متفقون على أن الله سبحانه فوق العرش، وعلمه بكل مكان، وأنه ينزل إلى السماء الدنيا وأنه يغضب ويرضى ويتكلم بما شاء.

- وقال الديلمي في فردوس الأخبار ج ٥ ص ٣٦١

ينزل ربنا عز وجل في ظلل من الغمام والملائكة ويضع عرشه حيث يشاء من الأرض.!

- نقل ابن بطوطة في رحلته ص ٩٠ تمثيل ابن تيمية لنزول اللّه تعالى، فقال:

وكان بدمشق من كبار الفقهاء الحنابلة تقي الدين بن تيميه كبير الشام يتكلم في الفنون إلا أن في عقله شيئاً.. وكنت إذ ذاك بدمشق فحضرته يوم الجمعة وهو يعظ الناس على منبر الجامع ويذكرهم، فكان من جملة كلامه أن قال: إن الله ينزل إلى سماء الدنيا كنزولي هذا ونزل ربعة من ربع المنبر، فعارضه فقيه مالكي يعرف بابن الزهراء وأنكر ما تكلم به، فقامت العامة إلى هذا الفقيه وضربوه بالأيدي والنعال ضرباً كثيراً حتى سقطت عمامته!

وقالوا لو دلّى رجل حبلاً لهبط على الله

- تفسير الصنعاني ج ٢ ص ١٣٩

- عن قتادة قال: بينما النبي (ص) جالس مع أصحابه إذ مر سحاب فقال النبي (ص) أتدرون ما هذه العنان؟ هذه روايا أهل الأرض، يسوقها الله إلى قوم لا يعبدونه. ثم قال: أتدرون ما هذه السماء؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: فوق ذلك سماء أخرى... ثم

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

- وهو قول أحمد في إحدى الروايتين(١) - لما رواه العامّة : أنّ سودة بنت عبد الله بن عمر امرأة عروة بن الزبير(٢) سعت بين الصفا والمروة فقضت طوافها في ثلاثة أيّام وكانت ضخمةً(٣) (٤) .

ومن طريق الخاصّة : رواية الحلبي - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن الرجل يطوف بين الصفا والمروة ، يستريح؟ قال : « نعم إن شاء جلس على الصفا والمروة وبينهما فيجلس »(٥) .

وقال أحمد في الرواية الاُخرى : لا يجوز. ويجعل الموالاة شرطاً في السعي ؛ قياساً على الطواف(٦) .

والفرق : أنّ الطواف يتعلّق بالبيت وهو صلاة ، ويشترط له الطهارة والستر ، فيشترط له الموالاة ، كالصلاة ، بخلاف السعي.

وكذا يجوز أن يقطع السعي لقضاء حاجة له أو لبعض إخوانه ثم يعود فيتمّ ما قطع عليه ؛ لأنّ أبا الحسنعليه‌السلام سُئل عن الرجل يدخل في السعي بين الصفا والمروة فيسعى ثلاثة أشواط أو أربعة ثم يلقاه الصديق فيدعوه إلى الحاجة أو إلى الطعام ، قال : « إن أجابه فلا بأس »(٧) .

وعن أحمد روايتان(٨) .

____________________

(١) المغني ٣ : ٤١٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٢١.

(٢) في النسخ الخطية والحجرية : عبد الله بن الزبير. وما أثبتناه من المغني والشرح الكبير وطبقات ابن سعد ٥ : ١٧٨ ، وسير أعلام النبلاء ٤ : ٤٣٢.

(٣) في النسخ الخطّية والحجرية : صحيحةً. وما أثبتناه من المغني والشرح الكبير.

(٤) أورده ابنا قدامة عن الأثرم في المغني ٣ : ٤١٨ والشرح الكبير ٣ : ٤٢١ - ٤٢٢.

(٥) الكافي ٤ : ٤٣٧ / ٣ ، التهذيب ٥ : ١٥٦ / ٥١٦.

(٦) المغني ٣ : ٤١٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٢١.

(٧) التهذيب ٥ : ١٥٧ / ٥٢٠.

(٨) لم نعثر عليه فيما بين أيدينا من المصادر.

١٤١

ولو دخل وقت فريضة وهو في أثناء السعي ، قَطَعه ، وابتدأ بالصلاة ، فإذا فرغ منها تمّم سعيه ، ولا نعلم فيه خلافاً ؛ لأنّ معاوية بن عمّار سأل الصادقَعليه‌السلام - في الصحيح - الرجل يدخل في السعي بين الصفا والمروة فيدخل وقت الصلاة ، أيخفّف أو يقطع ويصلّي ثم يعود أو يثبت كما هو على حاله حتى يفرغ؟ قال : « لا ، بل يصلّي ثم يعود أو ليس عليهما مسجد؟ »(١) .

مسألة ٥٠١ : إذا طاف ، جاز له أن يؤخّر السعي إلى بعد ساعة ، ولا يجوز إلى غد يومه - وبه قال أحمد وعطاء والحسن وسعيد بن جبير(٢) - لأنّ الموالاة إذا لم تجب في نفس السعي ففيما بينه وبين الطواف أولى.

ولأنّ عبد الله بن سنان سأل - في الصحيح - الصادقَعليه‌السلام : عن الرجل يقدم مكّة وقد اشتدّ عليه الحَرّ ، فيطوف بالكعبة فيؤخّر السعي إلى أن يبرد ، فقال : « لا بأس به ، وربما فَعَلْتُه » قال : وربما رأيته يؤخّر السعي إلى الليل(٣) .

وسأل محمد بن مسلم - في الصحيح - أحدَهماعليهما‌السلام : عن رجل طاف بالبيت فأعى ، أيؤخّر الطواف بين الصفا والمروة إلى غد؟ قال : « لا »(٤) .

مسألة ٥٠٢ : السعي تبع للطواف لا يصحّ تقديمه عليه‌ - وبه قال مالك والشافعي وأصحاب الرأي وأحمد في إحدى الروايتين(٥) - لما رواه العامّة :

____________________

(١) التهذيب ٥ : ١٥٦ / ٥١٩.

(٢) المغني ٣ : ٤١١ - ٤١٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٢٢.

(٣) التهذيب ٥ : ١٢٨ - ١٢٩ / ٤٢٣ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٩ / ٧٩٠.

(٤) الفقيه ٢ : ٢٥٣ / ١٢٢٠.

(٥) بداية المجتهد ١ : ٣٤٦ ، فتح العزيز ٧ : ٣٤٦ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٥٧ ، المجموع ٨ : ٧٨ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٥١ ، المغني ٣ : ٤١١ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٢٢.

١٤٢

أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله سعى بعد طوافه(١) ، وقال : ( خُذوا عنّي مناسككم )(٢) .

ومن طريق الخاصّة : رواية منصور بن حازم - في الصحيح - أنّه سأل الصادقَعليه‌السلام : عن رجل طاف بين الصفا والمروة قبل أن يطوف بالبيت ، فقال : « يطوف بالبيت ثم يعود إلى الصفا والمروة فيطوف بينهما »(٣) .

ولو طاف بعض الطواف ثم مضى إلى السعي ناسياً ، فذكر في أثناء السعي نقص الطواف ، رجع فأتمّ طوافه ثم عاد إلى السعي فأتمّ سعيه ؛ لأنّ إسحاق بن عمّار سأل الصادقعليه‌السلام : عن رجل طاف بالبيت ثم خرج إلى الصفا فطاف به ثم ذكر أنّه قد بقي عليه من طوافه شي‌ء ، فأمره أن يرجع إلى البيت فيتمّ ما بقي من طوافه ثم يرجع إلى الصفا فيتمّ ما بقي فقلت له : فإنّه طاف بالصفا وترك البيت ، قال : « يرجع إلى البيت ، قال : « يرجع إلى البيت فيطوف به ثم يستقبل طواف الصفا » فقلت : ما فرق بين هذين؟ قال : « لأنّه قد دخل في شي‌ء من الطواف ، وهذا لم يدخل في شي‌ء منه »(٤) .

تذنيب : لو سعى بعد طوافه ثم ذكر أنّه طاف بغير طهارة ، لم يعتد بطوافه ولا بسعيه‌ ؛ لأنّه تبع له.

مسألة ٥٠٣ : السعي واجب في الحجّ والعمرة ، ولا يجزئ السعي في أحدهما عن الآخر ، عند علمائنا ؛ لأنّ كلّ واحد منهما نسك يشترط فيه الطواف ، فيشترط فيه السعي ، كالآخر.

____________________

(١) صحيح مسلم ٢ : ٨٨٧ - ٨٨٨ - ١٢١٨ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٢٣ / ٣٠٧٤ ، سنن أبي داود ٢ : ١٨٣ - ١٨٤ / ١٩٠٥ ، سنن الدارمي ٢ : ٤٦ ، المغني ٣ : ٤١١ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٢٢.

(٢) سنن البيهقي ٥ : ١٢٥.

(٣) الكافي ٤ : ٤٢١ / ٢ ، التهذيب ٥ : ١٢٩ / ٤٢٦.

(٤) التهذيب ٥ : ١٣٠ / ٤٢٨.

١٤٣

ولقول الصادقعليه‌السلام : « على المتمتّع بالعمرة إلى الحجّ ثلاثة أطواف بالبيت ، ويصلّي لكلّ طواف ركعتين ، وسعيان بين الصفا والمروة »(١) .

وقال بعض العامّة : لو سعى القارن والمفرد بعد طواف القدوم ، لم يلزمهما بعد ذلك سعي ، وإن لم يسعيا معه ، لزمهما السعي مع طواف الزيارة(٢) .

مسألة ٥٠٤ : لا يجوز تقديم طواف النساء على السعي ، فإن فَعَله متعمّداً ، أعاد طواف النساء‌ ، وإن كان ناسياً ، فلا شي‌ء عليه ؛ لأنّ أحمد بن محمد روى عمّن ذكره ، قال : قلت لأبي الحسنعليه‌السلام : جُعلت فداك متمتّع زار البيت فطاف طواف الحجّ ثم طاف طواف النساء ثم سعى ، فقال : « لا يكون السعي إلّا قبل طواف النساء » فقلت : عليه شي‌ء؟ فقال : « لا يكون سعي إلاّ قبل طواف النساء »(٣) .

ولا يجوز للمتمتّع أن يقدّم طواف الحجّ وسعيه على المضيّ إلى عرفات اختياراً ، قاله العلماء كافّة.

روى أبو بصير ، قال : قلت : رجل كان متمتّعاً فأهلّ بالحجّ ، قال : « لا يطوف بالبيت حتى يأتي عرفات ، فإن هو طاف قبل أن يأتي منى من غير علّة فلا يعتدّ بذلك الطواف »(٤) .

إذا عرفت هذا ، فإنّ التقديم للضرورة - كالشيخ الكبير والمريض وخائفة الحيض - جائز ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « لا بأس أن يعجّل الشيخ‌

____________________

(١) الكافي ٤ : ٢٩٥ / ٣ ، التهذيب ٥ : ٣٦ / ١٠٦.

(٢) المغني ٣ : ٤١١ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٢٢.

(٣) الكافي ٤ : ٥١٢ / ٥ ، التهذيب ٥ : ١٣٣ / ٤٣٨ ، الاستبصار ٢ : ٢٣١ / ٧٩٩.

(٤) الاستبصار ٢ : ٢٢٩ / ٧٩٣.

١٤٤

الكبير والمريض والمرأة والمعلول طواف الحجّ قبل أن يخرج(١) إلى منى »(٢) .

وكذا يجوز تقديم طواف النساء على الموقفين مع العذر لا مع الاختيار ؛ لأنّ الحسن بن علي روى عن أبيه عن الكاظمعليه‌السلام ، قال : « لا بأس بتعجيل طواف الحجّ وطواف النساء قبل الحجّ يوم التروية قبل خروجه إلى منى ، وكذلك لمن خاف أن لا يتهيّأ(٣) له الانصراف إلى مكّة أن يطوف ويودّع البيت ثم يمرّ كما هو(٤) من منى إذا كان خائفاً »(٥) .

وسيأتي تمام ذلك إن شاء الله تعالى.

قال الشيخرحمه‌الله : يجوز للقارن والمفرد تقديم طوافهما وسعيهما على المضيّ إلى عرفات لضرورة وغيرها(٦) ، لأنّ حماد بن عثمان روى - في الصحيح - قال : سألت الصادقعليه‌السلام عن مفرد الحجّ أيعجّل طوافه أو يؤخّره؟ قال : « هو والله سواء عجّله أو أخّره »(٧) .

وسأل إسحاقُ بن عمّار الكاظمَعليه‌السلام : عن رجل يُحْرم بالحجّ من مكّة ثم يرى البيت خالياً فيطوف قبل أن يخرج ، عليه شي‌ء؟ قال : « لا »(٨) .

قال الشيخ(٩) : ويجدّدان التلبية لو قدّما الطواف ؛ ليبقيا على إحرامهما ، ولو لم يجدّداها ، انقلبت الحجّة عمرة.

____________________

(١) في التهذيبين : يخرجوا.

(٢) الكافي ٤ : ٤٥٨ / ٥ ، التهذيب ٥ : ١٣١ / ٤٣١ ، الاستبصار ٢ : ٢٣٠ / ٧٩٥.

(٣) في المصدر : « لمن خاف أمراً لا يتهيّأ ».

(٤) في النسخ الخطية والحجرية : « كما مرّ » وما أثبتناه من المصدر.

(٥) التهذيب ٥ : ١٣٣ / ٤٣٧ ، الاستبصار ٢ : ٢٣٠ - ٢٣١ / ٧٩٨.

(٦) النهاية : ٢٤١ ، المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٥٩.

(٧) الكافي ٤ : ٤٥٩ / ٢ ، التهذيب ٥ : ٤٥ / ١٣٥ ، و ١٣٢ / ٤٣٤.

(٨) الفقيه ٢ : ٢٤٤ / ١١٦٩.

(٩) اُنظر : التهذيب ٥ : ٤٤ ذيل الحديث ١٣١.

١٤٥

وأنكر ابن إدريس(١) وكافّة العامّة ذلك.

البحث الرابع : في التقصير.

مسألة ٥٠٥ : إذا فرغ المتمتّع من السعي ، قصّر من شعره‌ وقد أحلّ من كلّ شي‌ء أحرم منه إلّا الصيد ؛ لكونه في الحرم ، فلو خرج منه ، كان مباحاً له ، ويحلّ له أكل ما ذبح في الحلّ في الحرم إجماعاً.

روى العامّة عن ابن عمر قال : تمتّع الناس مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالعمرة إلى الحجّ ، فلمـّا قدم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مكة قال للناس : ( مَنْ كان معه هدي فإنّه لا يحلّ من شي‌ء أحرم منه حتى يقضي حجّته ، ومَنْ لم يكن معه هدي فليطف بالبيت وبالصفا والمروة وليقصّر وليحلل )(٢) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - : « إذا فرغت من سعيك وأنت متمتّع فقصّر من شعرك من جوانبه ولحيتك وخُذْ من شاربك وقلّم من أظفارك وأبق منها لحجّك ، فإذا فعلت ذلك فقد أحللت من كلّ شي‌ء يحلّ منه الـمُحْرم وأحرمت منه ، وطُفْ بالبيت تطوّعاً ما شئت »(٣) .

مسألة ٥٠٦ : التقصير نسك في العمرة ، فلا يقع الإحلال إلّا به أو بالحلق ، عند علمائنا أجمع - وبه قال مالك وأبو حنيفة وأحمد والشافعي في أحد القولين(٤) - لما رواه العامّة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( رحم الله‌

____________________

(١) السرائر : ١٣٥.

(٢) المغني ٣ : ٤١٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٢٣ ، صحيح مسلم ٢ : ٩٠١ / ١٢٢٧ ، سنن أبي داود ٢ : ١٦٠ / ١٨٠٥ ، سنن النسائي ٥ : ١٥١ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٣.

(٣) الكافي ٤ : ٤٣٨ - ٤٣٩ / ١ ، التهذيب ٥ : ١٥٧ / ٥٢١.

(٤) فتح العزيز ٧ : ٣٧٤ - ٣٧٥ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٦١ ، المجموع ٨ : ٢٣٢ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٤٠ ، المغني ٣ : ٤١٤ و ٤٦٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٦٧.

١٤٦

المحلّقين ) قيل : يا رسول الله والمقصّرين ، فقال : ( رحم الله المحلّقين ) إلى أن قال في الثالثة أو الرابعة : ( رحم الله المقصّرين )(١) وهو يدلّ على أنّه نسك.

ومن طريق الخاصّة : الأحاديث الدالّة على الأمر بالتقصير(٢) ، فيكون واجباً.

وقال الشافعي في الآخر : إنّه إطلاق محظور ، بأنّ كلّ ما كان محرّماً في الإحرام فإذا جاز له ، كان إطلاقَ محظور(٣) .

ونمنع الكلّيّة.

ولا يستحب له تأخير التقصير ، فإن أخّره ، لم تتعلّق به كفّارة.

مسألة ٥٠٧ : لو أخلّ بالتقصير عامداً حتى أهلّ بالحجّ ، بطلت عمرته ، وكانت حجّته مفردةً.

ولا تدخل أفعال الحجّ في أفعال العمرة - وبه قال عليعليه‌السلام وابن مسعود والشعبي والنخعي وأبو حنيفة وأصحابه(٤) - لقوله تعالى :( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ ) (٥) .

وقال الشافعي : إذا قرن ، تدخل أفعال العمرة في أفعال الحجّ ، واقتصر على أفعال الحجّ فقط ، يجزئه طواف واحد وسعي واحد عنهما.

____________________

(١) صحيح مسلم ٢ : ٩٤٦ / ٣١٨ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠١٢ / ٣٠٤٤ ، سنن الترمذي ٣ : ٢٥٦ / ٩١٣ ، سنن البيهقي ٥ : ١٠٣ ، سنن الدارمي ٢ : ٦٤.

(٢) منها ما تقدّم عن الإمام الصادقعليه‌السلام في المسألة السابقة.

(٣) الحاوي الكبير ٤ : ١٦١ ، فتح العزيز ٧ : ٣٧٤ - ٣٧٥.

(٤) المجموع ٨ : ٦١ ، صحيح مسلم بشرح النووي ٨ : ١٤١ ، المغني ٣ : ٤٩٧ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٦٤.

(٥) البقرة : ١٩٦.

١٤٧

وبه قال جابر وابن عمر وعطاء وطاوُس والحسن البصري ومجاهد وربيعة ومالك وأحمد وإسحاق(١) .

ويبطل بما رواه العامّة عن عمران بن الحصين : أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( مَنْ جمع الحجّ إلى العمرة فعليه طوافان )(٢) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « إذا طاف وسعى ثم لبّى قبل أن يقصّر فليس له أن يقصّر ، وليس له متعة »(٣) .

ولو أخلّ بالتقصير ناسياً ، صحّت متعته ، ووجب عليه دم - قاله الشيخ(٤) رحمه‌الله - لأنّ إسحاق بن عمّار روى - في الصحيح - عن الكاظمعليه‌السلام : الرجل يتمتّع وينسى أن يقصّر حتى يهلّ بالحجّ ، فقال : « عليه دم يهريقه »(٥) .

وحمله الصدوق على الاستحباب(٦) ؛ لأنّ معاوية بن عمّار سأل الصادقَعليه‌السلام : عن رجل أهلّ بالعمرة ونسي أن يقصّر حتى دخل الحجّ ، قال : « يستغفر الله ولا شي‌ء عليه وتمّت عمرته»(٧) .

مسألة ٥٠٨ : لو جامع امرأته قبل التقصير ، وجب عليه جزور‌ إن كان‌

____________________

(١) المجموع ٨ : ٦١ ، صحيح مسلم بشرح النووي ٨ : ١٤١ ، المغني ٣ : ٤٩٧ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٦٤.

(٢) أورده الشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ٣٣٣ ذيل المسألة ١٤٨ ، ونقله الماوردي في الحاوي الكبير ٤ : ١٦٤ بلفظ : ( مَنْ جمع بين الحجّ والعمرة ).

(٣) التهذيب ٥ : ١٥٩ / ٥٢٩ ، الاستبصار ٢ : ٢٤٣ / ٨٤٦.

(٤) التهذيب ٥ : ١٥٨ ذيل الحديث ٥٢٦.

(٥) التهذيب ٥ : ١٥٨ - ١٥٩ / ٥٢٧ ، الاستبصار ٢ : ٢٤٢ / ٨٤٤ ، والفقيه ٢ : ٢٣٧ / ١١٢٨.

(٦) الفقيه ٢ : ٢٣٧ ذيل الحديث ١١٢٩.

(٧) التهذيب ٥ : ١٥٩ / ٥٢٨ ، الاستبصار ٢ : ٢٤٢ - ٢٤٣ / ٨٤٥.

١٤٨

موسراً ، وإن كان متوسّطاً ، فبقرة ، وإن كان فقيراً ، فشاة إن كان عامداً عالماً ، وإن كان جاهلاً أو ناسياً ، لم يكن عليه شي‌ء ؛ لأنّ الحلبي سأل الصادقًعليه‌السلام - في الصحيح - : عن متمتّع وقع على امرأته قبل أن يقصّر ، قال : « ينحر جزوراً وقد خشيت أن يكون قد ثلم حجّه »(١) .

وفي الحسن عن معاوية بن عمّار أنّه سأل الصادقَعليه‌السلام : عن متمتّع وقع على امرأته ولم يقصّر ، فقال : « ينحر جزوراً وقد خفت أن يكون قد ثلم حجّه إن كان عالماً ، وإن كان جاهلاً فلا شي‌ء عليه »(٢) .

أمّا لو واقعها بعد التقصير ، فلا شي‌ء عليه إجماعاً.

ولو قبّل امرأته قبل التقصير ، وجب عليه دم شاة - قاله الشيخ(٣) - لرواية الحلبي - في الصحيح - أنّه سأل الصادقَعليه‌السلام : عن متمتّع طاف بالبيت وبين الصفا والمروة فقبّل امرأته قبل أن يقصّر من رأسه ، قال : « عليه دم يهريقه ، وإن كان الجماع فعليه جزور أو بقرة »(٤) .

إذا عرفت هذا ، فإنّ عمرته لا تبطل - وبه قال مالك وأحمد وأصحاب الرأي(٥) - لما رواه العامّة عن ابن عباس أنّه سُئل عن امرأة معتمرة وقع بها زوجها قبل أن تقصّر ، قال : مَنْ ترك من مناسكه شيئاً أو نسيه فليرق دماً ،

____________________

(١) التهذيب ٥ : ١٦١ / ٥٣٦ ، وفيه إلى قوله : « جزوراً ». وقوله : « وقد خشيت حجّه » من تتمّة رواية معاوية بن عمّار عن الإمام الصادق ٧ ، التي وردت بعد رواية الحلبي ، وفيها : « وقد خفت ».

(٢) الكافي ٤ : ٤٤٠ - ٤٤١ / ٥ ، التهذيب ٥ : ١٦١ / ٥٣٩.

(٣) التهذيب ٥ : ١٦٠ ذيل الحديث ٥٣٤.

(٤) التهذيب ٥ : ١٦٠ - ١٦١ / ٥٣٥.

(٥) الكافي في فقه أهل المدينة : ١٦٠ ، المغني ٣ : ٤١٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٢٥ ، الهداية - للمرغيناني - ١ : ١٦٥ ، بدائع الصنائع ٢ : ٢٢٨.

١٤٩

قيل : إنّها موسرة ، قال : فلتنحر ناقة(١) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « وقد خفت أن يكون قد ثلم حجّه »(٢) وهو يدلّ على الصحّة.

وقال الشافعي : تفسد عمرته(٣) .

إذا عرفت هذا ، فإن طاوعته ، كفّرت أيضاً ، وإن أكرهها ، تحمّل عنها.

مسألة ٥٠٩ : التقصير في إحرام العمرة أولى من الحلق ، قاله الشيخ في الخلاف(٤) .

ومنع في غيره من الحلق ، وأوجب به دم شاة مع العمد(٥) .

وقال أحمد : التقصير أفضل(٦) ؛ لما رواه العامّة عن جعفر بن محمد عن أبيهعليهما‌السلام عن جابر لـمّا وصف حجّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقال لأصحابه : ( حلّوا من إحرامكم بطواف بين الصفا والمروة وقصّروا )(٧) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : عن المتمتّع أراد أن يقصّر فحلق رأسه ، قال : « عليه دم يهريقه »(٨) .

وسأل جميلُ بن درّاج الصادقَعليه‌السلام : عن متمتّع حلق رأسه بمكة ،

____________________

(١) المغني ٣ : ٤١٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٢٥.

(٢) تقدّمت الإشارة إلى مصدره في ص ١٤٨ ، الهامش (٢).

(٣) فتح العزيز ٧ : ٣٧٦ ، المجموع ٧ : ٣٨٨ ، حلية العلماء ٣ : ٣١٠ ، المغني ٣ : ٤١٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٢٥.

(٤) الخلاف ٢ : ٣٣٠ ، المسألة ١٤٤.

(٥) النهاية : ٢٤٦ ، المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٦٣ ، الجُمل والعقود ( ضمن الرسائل العشر ) : ٢٣٢.

(٦) المغني ٣ : ٤١٣ - ٤١٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٢٤.

(٧) أورده ابنا قدامة عن جابر فقط في المغني ٣ : ٤١٤ ، والشرح الكبير ٣ : ٤٢٤.

(٨) التهذيب ٥ : ١٥٨ / ٥٢٥ ، الاستبصار ٢ : ٢٤٢ / ٨٤٢.

١٥٠

قال : « إن كان جاهلاً فليس عليه شي‌ء »(١) .

وقال الشافعي : الحلق أفضل(٢) ؛ لقوله تعالى :( مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ ) (٣) . بدأ بالأهمّ.

وهو لا يعارض ما تقدّم.

مسألة ٥١٠ : أدنى التقصير أن يقصّر شيئاً من شعر رأسه‌ ولو كان يسيراً ، وأقلّه ثلاث شعرات ؛ لحصول الامتثال به ، هذا قول علمائنا ، وبه قال الشافعي(٤) .

وقال أبو حنيفة : الربع(٥) .

وقال مالك : يقصّر من جميع رأسه أو يحلقه أجمع. وبه قال أحمد في إحدى الروايتين - وفي الاُخرى كقولنا(٦) - لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حلق جميع رأسه(٧) . ولأنّه نسك يتعلّق بالرأس ، فيجب استيعابه ، كالمسح(٨) .

وفعل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بيان للحلق في الحجّ ، ونمنع حكم أصل قياسهم.

إذا عرفت هذا ، فلو قصّر الشعر بأيّ شي‌ء كان ، أجزأه ، وكذا لو نتفه‌

____________________

(١) الكافي ٤ : ٤٤١ / ٧ ، التهذيب ٥ : ١٥٨ / ٥٢٦ ، الاستبصار ٢ : ٢٤٢ / ٨٤٣.

(٢) الحاوي الكبير ٤ : ١٦٢ ، فتح العزيز ٧ : ٣٧٥ و ٣٧٧ ، المجموع ٨ : ٢٠٩ ، حلية العلماء ٣ : ٣٤٤.

(٣) الفتح : ٢٧.

(٤) الحاوي الكبير ٤ : ١٦٣ ، فتح العزيز ٧ : ٣٧٨ ، المجموع ٨ : ٢١٤ ، المغني ٣ : ٤١٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٦٣.

(٥) بدائع الصنائع ٢ : ١٤١ ، فتح العزيز ٧ : ٣٧٨ ، المجموع ٨ : ٢١٥ ، حلية العلماء ٣ : ٣٤٤.

(٦) المغني ٣ : ٤١٤ - ٤١٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٦٣.

(٧) سنن أبي داود ٢ : ٢٠٣ / ١٩٨١ ، سنن البيهقي ٥ : ١٣٤.

(٨) المدوّنة الكبرى ١ : ٤٢٥ ، المنتقى - للباجي - ٣ : ٢٩ ، المغني ٣ : ٤١٤ - ٤١٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٦٣.

١٥١

أو أزاله بالنورة.

ولو قصّر من الشعر النازل عن حدّ الرأس أو ما يحاذيه ، أجزأه.

ولو قصّر من أظفاره ، أجزأه ، وكذا لو أخذ من شاربه أو حاجبيه أو لحيته ؛ لأنّ الصادقعليه‌السلام سأله حفص وجميل وغيرهما : عن مُحْرم يُقصّر من بعض ولا يقصّر من بعض ، قال : « يجزئه»(١) .

مسألة ٥١١ : ليس في إحرام عمرة التمتّع طواف النساء ، بل في إحرام العمرة المبتولة ؛ لأنّ أبا القاسم مخلد بن موسى الرازي كتب [ إلى الرجل ](٢) يسأله عن العمرة المبتولة هل على صاحبها طواف النساء؟ وعن العمرة التي يتمتّع بها إلى الحجّ ، فكتب « أمّا العمرة المبتولة فعلى صاحبها طواف النساء ، وأمّا التي يتمتّع بها إلى الحجّ فليس على صاحبها طواف النساء »(٣) .

إذا عرفت هذا ، فينبغي للمتمتّع بعد التقصير أن يتشبّه بالـمُحْرمين في ترك لُبْس المخيط ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « ينبغي للمتمتّع بالعمرة إلى الحجّ إذا أحلّ أن لا يلبس قميصاً وليتشبّه بالـمُحْرمين »(٤) .

مسألة ٥١٢ : يكره له أن يخرج من مكة قبل قضاء مناسكه كلّها‌ ، إلّا لضرورة ، فإن اضطرّ إلى الخروج ، خرج إلى حيث لا يفوته الحجّ ، ويخرج مُحْرماً بالحجّ ، فإن أمكنه الرجوع إلى مكة ، وإلّا مضى على إحرامه إلى عرفات.

ولو خرج بغير إحرام ثم عاد ، فإن كان في الشهر الذي خرج فيه ،

____________________

(١) الكافي ٤ : ٤٣٩ / ٤ ، الفقيه ٢ : ٢٣٨ / ١١٣٦.

(٢) أضفناها من المصادر.

(٣) الكافي ٤ : ٥٣٨ / ٩ ، التهذيب ٥ : ٢٥٤ / ٨٦١ ، الاستبصار ٢ : ٢٣٢ / ٨٠٤.

(٤) الكافي ٤ : ٤٤١ / ٨ ، التهذيب ٥ : ١٦٠ / ٥٣٢.

١٥٢

لم يضرّه أن يدخل مكة بغير إحرام ، وإن دخل في غير الشهر الذي خرج فيه ، دخلها مُحْرماً بالعمرة إلى الحجّ ، وتكون عمرته الأخيرة هي التي يتمتّع بها إلى الحجّ ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « مَنْ دخل مكة متمتّعاً في أشهر الحجّ لم يكن له أن يخرج حتى يقضي الحجّ ، فإن عرضت له الحاجة إلى عسفان أو إلى الطائف أو إلى ذات عرق ، خرج مُحْرماً ، ودخل ملبّياً بالحجّ ، فلا يزال على إحرامه ، فإن رجع إلى مكة رجع مُحْرماً ، ولم يقرب البيت حتى يخرج مع الناس إلى منى » قلت : فإن جهل فخرج إلى المدينة وإلى نحوها بغير إحرام ثم رجع في إبّان الحجّ في أشهر الحجّ يريد الحجّ أيدخلها مُحْرماً أو بغير إحرام؟ فقال : « إن رجع في شهره دخل بغير إحرام ، وإن دخل في غير الشهر دخل مُحْرماً » قلت : فأيّ الإحرامين والمتعتين متعته؟ الأولى أو الأخيرة؟ قال : « الأخيرة هي عمرته ، وهي المحتبس بها التي وصلت بحجّه »(١) .

إذا عرفت هذا ، فلو خرج من مكة بغير إحرام وعاد في الشهر الذي خرج فيه ، استحبّ له أن يدخلها مُحْرماً بالحجّ ، ويجوز له أن يدخلها بغير إحرام على ما تقدّم.

مسألة ٥١٣ : لو دخل المـُحْرم مكة وقدر على إنشاء الإحرام للحجّ بعد طوافه وسعيه وتقصيره ، وإدراك عرفات والمشعر ، جاز له ذلك‌ وإن كان بعد زوال الشمس من يوم التروية أو ليلة عرفة أو يومها قبل الزوال أو بعده إذا علم إدراك الموقفين - اختاره الشيخ(٢) رحمه‌الله - لأنّ هشام بن سالم [ روى ](٣) - في الصحيح - [ عن ](٤) الصادقعليه‌السلام : في الرجل المتمتّع يدخل‌

____________________

(١) الكافي ٤ : ٤٤١ - ٤٤٢ / ١ ، التهذيب ٥ : ١٦٣ - ١٦٤ / ٥٤٦.

(٢) المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٦٤.

(٣ و ٤ ) ما بين المعقوفين لأجل السياق.

١٥٣

ليلة عرفة فيطوف ويسعى ثم يحرم فيأتي منى ، فقال : « لا بأس »(١) .

وقال المفيدرحمه‌الله : إذا زالت الشمس من يوم التروية ولم يكن أحلّ من عمرته ، فقد فاتته المتعة ، ولا يجوز له التحلّل منها ، بل يبقى على إحرامه ، وتكون حجّته مفردة(٢) .

وليس بجيّد.

قال موسى بن القاسم : روى لنا الثقة من أهل البيت عن أبي الحسن موسىعليه‌السلام ، أنّه قال : « أهلّ بالمتعة بالحجّ » يريد يوم التروية زوال الشمس وبعد العصر وبعد المغرب وبعد العشاء ، ما بين ذلك كلّه واسع(٣) .

احتجّ المفيد -رحمه‌الله - بقول الصادقعليه‌السلام : « إذا قدمت مكة يوم التروية وقد غربت الشمس فليس لك متعة ، وامض كما أنت بحجّك »(٤) .

وهو محمول على خائف فوات الموقف ؛ لأنّ الحلبي سأل - في الصحيح - الصادقَعليه‌السلام : عن رجل أهلّ بالحجّ والعمرة جميعاً ثم قدم مكة والناس بعرفات ، فخشي إن هو طاف وسعى بين الصفا والمروة أن يفوته الموقف ، فقال : « يدع العمرة ، فإذا أتمّ حجّه صنع كما صنعت عائشة ، ولا هدي عليه »(٥) .

____________________

(١) الكافي ٤ : ٤٤٣ / ١ ، الفقيه ٢ : ٢٤٢ / ١١٥٦ ، التهذيب ٥ : ١٧١ - ١٧٢ / ٥٧١ ، الاستبصار ٢ : ٢٤٧ / ٨٦٦.

(٢) حكاه عنه ابن إدريس في السرائر : ١٣٧. والذي في مقنعته ٦٧ : من دخل مكة يوم التروية فطاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة فأدرك ذلك قبل مغيب الشمس أدرك المتعة ، فإن غربت الشمس قبل أن يفعل ذلك ، فلا متعة له ، فليقم على إحرامه ويجعلها حجّة مفردة.

ولا يخفى أنّ الاحتجاج الآتي يناسب ما قاله في المقنعة.

(٣) التهذيب ٥ : ١٧٢ - ١٧٣ / ٥٧٨ ، الاستبصار ٢ : ٢٤٨ / ٨٧٣.

(٤) التهذيب ٥ : ١٧٣ / ٥٨٣ ، الاستبصار ٢ : ٢٤٩ / ٨٧٨.

(٥) التهذيب ٥ : ١٧٤ / ٥٨٤ ، الاستبصار ٢ : ٢٥٠ / ٨٧٩.

١٥٤

والتقييد بخوف الفوات هنا يقتضي تقييده في الأحاديث المطلقة ؛ حملاً للمطلق على المقيّد.

تمّ الجزء الخامس(١) من كتاب تذكرة الفقهاء في سادس شهر رمضان المبارك من سنة ثمان عشرة وسبعمائة بالحلّة على يد مصنّف الكتاب حسن ابن يوسف بن المطهّر الحلّي أعانه الله تعالى على طاعته.

ويتلوه في الجزء السادس بعون الله تعالى : المقصد الثالث في أفعال الحجّ ، وفيه فصول : الأوّل : في إحرام الحجّ.

والحمد لله وحده ، وصلّى الله على سيّدنا محمد النبي وآله الطاهرين(٢) .

____________________

(١) حسب تجزئة المصنّف قدّس الله نفسه الزكية.

(٢) جاء في آخر نسخة « ن » : إلى هنا صورة ما كتبه المصنّف قدّس الله سرّه وأفاض على تربته الرحمة والرضوان في نسخة أصله.

وكان الفراغ منه على يد كاتبه لنفسه الفقير إلى الله تعالى بن شمروخ يوم الخميس سادس عشري شهر الله الأعظم ذي الحجّة الحرام خاتمة سنة أربع وستّين وسبعمائة (٧٦٤) والحمد لله ربّ العالمين ، وصلاته على خير خلقه أجمعين محمد ابن عبد الله الصادق الأمين ، وعلى عترته الطاهرين وذرّيّته الأكرمين صلاة متتابعة مترادفة إلى يوم الدين.

١٥٥

بسم الله الرحمن الرحيم

وفّق اللّهم لإكماله بمحمد وكرام آله‌

١٥٦

١٥٧

المقصد الثالث

في أفعال الحجّ‌

وفيه فصول‌ :

١٥٨

١٥٩

الأوّل

في إحرام الحجّ‌

مسألة ٥١٤ : إذا فرغ المتمتّع من عمرته وأحلّ من إحرامها ، وجب عليه الإتيان بالحجّ مبتدئاً بالإحرام للحجّ من مكة‌. ويستحب أن يكون يوم التروية ، وهو ثامن ذي الحجّة ، إجماعاً.

روى العامّة عن جابر في صفة حجّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : فلمـّا كان يوم التروية توجّهوا إلى منى فأهلّوا بالحجّ(١) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « إذا كان يوم التروية إن شاء الله فاغتسل ثم البس ثوبيك وادخل المسجد حافياً وعليك السكينة والوقار ، ثم صلّ ركعتين عند مقام إبراهيمعليه‌السلام أو في الحجر ، ثم اقعد حتى تزول الشمس فصلّ المكتوبة ، ثم قُلْ في دبر صلاتك كما قلت حين أحرمت من الشجرة ، فأحرم بالحجّ ثم امض وعليك السكينة والوقار ، فإذا انتهيت إلى الرقطاء دون الرَّدْم فلبِّ ، فإذا انتهيت إلى الرَّدْم وأشرفت على الأبطح فارفع صوتك بالتلبية حتى تأتي منى»(٢) .

أمّا المكّي : فذهب مالك إلى أنّه يستحب أن يهلّ بالحجّ من المسجد لهلال ذي الحجّة(٣) .

____________________

(١) صحيح مسلم ٢ : ٨٨٩ / ١٢١٨ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٢٤ / ٣٠٧٤ ، سنن أبي داود ٢ : ١٨٤ / ١٩٠٥.

(٢) التهذيب ٥ : ١٦٧ / ٥٥٧.

(٣) المدوّنة الكبرى ١ : ٤٠١ ، المغني والشرح الكبير ٣ : ٤٣٠.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460