تذكرة الفقهاء الجزء ٨

تذكرة الفقهاء0%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-051-X
الصفحات: 460

تذكرة الفقهاء

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الحلي
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: ISBN: 964-319-051-X
الصفحات: 460
المشاهدات: 164642
تحميل: 4778


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 460 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 164642 / تحميل: 4778
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء 8

مؤلف:
ISBN: 964-319-051-X
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

وروي عن ابن عمر وابن عباس وطاوُس وسعيد بن جبير استحباب إحرامه يوم التروية أيضاً ، وهو قول أحمد ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر بالإهلال يوم التروية(١) .

ولأنّه ميقات للإحرام ، فاستوى فيه أهل مكة وغيرهم ، كميقات المكان ، ولأنّه لو أحرم المتمتّع بحجّة أو المكّي قبل ذلك في أيّام الحجّ فإنّه يجزئه(٢) .

مسألة ٥١٥ : ويُحرم من مكة ، والأفضل أن يكون من تحت الميزاب‌ أو من مقام إبراهيمعليه‌السلام ، ويجوز أن يُحْرم من أيّ موضع شاء من مكة إجماعاً.

روى العامّة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( حتى أهل مكة يُهلّون منها )(٣) .

ومن طريق الخاصّة : ما رواه عمرو بن حريث الصيرفي أنّه سأل الصادقَعليه‌السلام : من أين اُهلّ بالحجّ؟ فقال : « إن شئت من رحلك وإن شئت من الكعبة وإن شئت من الطريق »(٤) .

ويستحب أن يفعل هنا كما فَعَل في إحرام العمرة من الإطلاء والاغتسال والتنظيف بإزالة الشعر والدعاء والاشتراط ؛ لما تقدّم(٥) من الأخبار.

ويستحب أن يكون إحرامه عند الزوال يوم التروية بعد أن يصلّي‌

____________________

(١) تقدّمت الإشارة إلى مصادره في ص ١٥٩ ، الهامش (١).

(٢) المغني والشرح الكبير ٣ : ٤٣٠.

(٣) صحيح مسلم ٢ : ٨٣٩ / ١١٨١ ، صحيح البخاري ٢ : ١٦٥ ، سنن أبي داود ٢ : ١٤٣ / ١٧٣٨ ، سنن النسائي ٥ : ١٢٦.

(٤) الكافي ٤ : ٤٥٥ / ٤ ، التهذيب ٥ : ١٦٦ / ٥٥٥.

(٥) تقدّم في ج ٧ ص ٢٢٢ و ٢٢٣ و ٢٥٩ ، المسائل ١٦٦ و ١٦٧ و ١٩٧.

١٦١

الفرضين ؛ لما تقدّم في المسألة الاُولى(١) من كلام الصادقعليه‌السلام .

ويجوز أن يُحرم أيّ وقت شاء من أيّام الحجّ بعد فراغ عمرته بعد أن يعلم أنّه يلحق عرفات ، ثم يفعل ما فَعَل عند الإحرام الأوّل من الغسل والتنظيف وأخذ الشارب وتقليم الأظفار وغير ذلك ، ثم يلبس ثوبي إحرامه ويدخل المسجد حافياً ، عليه السكينة والوقار ، ويصلّي ركعتين عند المقام أو في الحجر ، وإن صلّى ست ركعات ، كان أفضل. وإن صلّى فريضة الظهر وأحرم عقيبها ، كان أفضل ، فإذا صلّى ركعتي الإحرام ، أحرم بالحجّ مفرداً ؛ ويدعو بما دعا به عند الإحرام الأوّل ، غير أنّه يذكر الحجّ مفرداً ؛ لأنّ عمرته قد مضت.

ويلبّي إن كان ماشياً من موضعه الذي صلّى فيه ، وإن كان راكباً ، فإذا نهض به بعيره ، فإذا انتهى إلى الردْم وأشرف على الأبطح ، رفع صوته بالتلبية ، لما تقدّم(٢) .

مسألة ٥١٦ : ولا يسنّ له الطواف بعد إحرامه ، وبه قال ابن عباس وعطاء ومالك وإسحاق وأحمد(٣) . ولو فعل ذلك لغير عذر ، لم يجزئه عن طواف الحجّ وكذا السعي ، أمّا لو حصل عذر ، مثل مرض أو خوف حيض ، فإنّه يجوز الطواف قبل المضيّ إلى عرفات ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر أصحابه أن يهلّوا بالحجّ إذا خرجوا إلى منى(٤) .

____________________

(١) أي : المسألة ٥١٤.

(٢) تقدّم في المسألة السابقة من كلام الإمام الصادقعليه‌السلام .

(٣) المغني والشرح الكبير ٣ : ٤٣١.

(٤) كما في المغني والشرح الكبير ٣ : ٤٣١ ، وراجع : صحيح مسلم ٢ : ٨٨٩ / ١٢١٨ ، وسنن أبي داود ٢ : ١٨٤ / ١٩٠٥ ، وسنن ابن ماجة ٢ : ١٠٢٤ / ٣٠٧٤ ، وسنن البيهقي ٥ : ١١٢.

١٦٢

وقال الشافعي : يجوز مطلقاً(١) .

مسألة ٥١٧ : قد بيّنّا أنّه يجب أن يحرم بالحجّ ، فإن أحرم بالعمرة سهواً وهو يُريد الحجّ ، أجزأه ؛ لأنّ علي بن جعفر سأل أخاه الكاظمعليه‌السلام - في الصحيح - عن رجل دخل قبل التروية بيوم فأراد الإحرام بالحجّ فأخطأ ، فقال : العمرة ، قال : « ليس عليه شي‌ء ، فليعد الإحرام بالحجّ»(٢) .

ولو نسي الإحرام يوم التروية بالحجّ حتى حصل بعرفات ، فليحرم من هناك ، فإن لم يذكر حتى يرجع إلى بلده فقد تمّ حجّه ، ولا شي‌ء عليه ، قاله الشيخ(٣) رحمه‌الله ؛ لما رواه علي بن جعفر - في الصحيح - عن أخيه الكاظمعليه‌السلام ، قال : سألته عن رجل نسي الإحرام بالحجّ فذكره وهو بعرفات ما حاله؟ قال : « يقول : اللهم على كتابك وسنّة نبيّك ، فقد تمّ إحرامه ، فإن جهل أن يحرم يوم التروية بالحجّ حتى رجع إلى بلده إن كان قضى مناسكه كلّها فقد تمّ حجّه »(٤) .

____________________

(١) المجموع ٨ : ٨٤ ، المغني والشرح الكبير ٣ : ٤٣١.

(٢) التهذيب ٥ : ١٦٩ / ٥٦٢.

(٣) التهذيب ٥ : ١٧٤ ذيل الحديث ٥٨٥.

(٤) التهذيب ٥ : ١٧٥ / ٥٨٦.

١٦٣

الفصل الثاني

في الوقوف بعرفات‌

وفيه مباحث :

الأوّل : في الخروج إلى منى.

يستحب لمن أراد الخروج إلى منى أن لا يخرج من مكة حتى يصلّي الظهرين يوم التروية بها ثم يخرج إلى منى إلّا الإمام خاصّة ، فإنّه يستحب له أن يصلّي الظهر والعصر بمنى يوم التروية ، ويُقيم بها إلى طلوع الشمس.

وأطلق العامّة على استحباب الخروج للإمام وغيره من مكة قبل الظهر وأن يصلّوا بمنى يوم التروية(١) .

لنا : ما رواه العامّة عن ابن الزبير أنّه صلّى بمكة(٢) .

وعن عائشة أنّها تخلّفت ليلة التروية حتى ذهب ثلثا الليل(٣) .

ومن طريق الخاصّة : رواية معاوية بن عمّار - الصحيحة - عن الصادقعليه‌السلام ، أنّه يصلّي الظهر بمكة(٤) .

وأمّا الإمام : فإنّه يستحب له الخروج قبل الزوال ليصلّي الظهرين يوم التروية بمنى ؛ لما رواه جميل بن درّاج - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : « لا ينبغي للإمام أن يصلّي الظهر إلّا بمنى يوم التروية ويبيت بها‌

____________________

(١) المغني والشرح الكبير ٣ : ٤٣١ - ٤٣٢ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٦٧ ، المجموع ٨ : ٨٣ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٦ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٥٢.

(٢ و ٣ ) المغني والشرح الكبير ٣ : ٤٣٢ ، المجموع ٨ : ٩٢.

(٤) الكافي ٤ : ٤٥٤ / ١ ، التهذيب ٥ : ١٦٧ / ٥٥٧ نقلاً بالمعنى.

١٦٤

ويصبح حتى تطلع الشمس ويخرج »(١) .

مسألة ٥١٨ : يجوز للشيخ الكبير والمريض والمرأة وخائف الزحام المبادرة إلى الخروج قبل الظهر بيوم أو يومين أو ثلاثة‌ ، للضرورة.

ولرواية إسحاق بن عمّار - الصحيحة - قال : سألت الكاظمعليه‌السلام : عن الرجل يكون شيخاً كبيراً أو مريضاً يخاف ضغاط الناس وزحامهم يُحرم بالحجّ ويخرج إلى منى قبل يوم التروية؟ قال : « نعم » قلت : فيخرج الرجل الصحيح يلتمس مكاناً أو يتروّح بذلك؟ قال : « لا » قلت : يتعجّل بيوم؟ قال : « نعم » قلت : يتعجّل بيومين؟ قال : « نعم » قلت : ثلاثةً؟ قال : « نعم» قلت : أكثر من ذلك ، قال : « لا »(٢) .

مسألة ٥١٩ : يستحب له عند التوجّه إلى منى الدعاء بالمنقول ، وإذا نزل منى ، دعا بالمأثور.

قال الصادقعليه‌السلام له(٣) - في الصحيح - : « إذا انتهيت إلى منى فقُلْ : اللهم هذه منى ، وهي ممّا مننت به علينا من المناسك ، فأسألك أن تمنّ عليَّ بما مننت به على أنبيائك ، فإنّما أنا عبدك وفي قبضتك ، ثم تصلّي بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة والفجر والإمام يصلّي بها الظهر الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة والفجر والإمام يصلّي بها الظهر لا يسعه إلّا ذلك وموسّع أن تصلّي بغيرها إن لم تقدر ثم تدركهم بعرفات » قال : « وحدّ منى من العقبة إلى وادي محسّر »(٤) .

____________________

(١) الاستبصار ٢ : ٢٥٤ / ٨٩٢ ، التهذيب ٥ : ١٧٧ / ٥٩٢ بتفاوت يسير في اللفظ في الأخير.

(٢) التهذيب ٥ : ١٧٦ / ٥٨٩ ، الاستبصار ٢ : ٢٥٣ / ٨٨٩.

(٣) أي : للسائل.

(٤) الكافي ٤ : ٤٦١ ( باب نزول منى وحدودها ) الحديث ١ ، التهذيب ٥ : ١٧٧ - ١٧٨ / ٥٩٦.

١٦٥

ولو صادف يومُ التروية يومَ الجمعة ، فمن أقام بمكة حتى تزول الشمس ممّن تجب عليه الجمعة ، لم يجز له الخروج حتى يصلّي الجمعة ، لأنّها فرض ، والخروج في هذا الوقت ندب.

أمّا قبل الزوال فإنّه يجوز له الخروج - وهو أحد قولي الشافعي(١) - لأنّ الجمعة الآن غير واجبة. والثاني للشافعي : لا يجوز(٢) .

إذا عرفت هذا ، فإنّ الشيخ -رحمه‌الله - قال : يستحب للإمام أن يخطب أربعة أيّام من ذي الحجّة : يوم السابع منه ويوم عرفة ويوم النحر بمنى ويوم النفر الأوّل ، يعلم الناس ما يجب عليهم فعله من مناسكهم(٣) ؛ لما روى جابر أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله صلّى الظهر بمكة يوم السابع وخطب(٤) .

ويأمر الناس في خطبته بالغدوّ إلى منى ويُعلمهم ما بين أيديهم من المناسك ، وبه قال الشافعي(٥) .

وقال أحمد : لا يخطب يوم السابع(٦) .

ولو وافق يومَ الجمعة ، خطب للجمعة وصلّاها ثم خطب هذه الخطبة ثم يخرج بهم يوم الثامن - وهو يوم التروية - إلى منى.

مسألة ٥٢٠ : يستحب المبيت ليلة عرفة بمنى للاستراحة ، وليس بنسك ، فلا يجب بتركه شي‌ء ، ويبيت إلى طلوع الفجر من يوم عرفة ،

____________________

(١ و ٢ ) فتح العزيز ٧ : ٣٥٣ ، المجموع ٨ : ٨٤.

(٣) المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٦٥.

(٤) الذي عثرنا عليه من رواية ابن عمر في سنن البيهقي ٥ : ١١١ هكذا : قال : كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا كان قبل التروية خطب الناس فأخبرهم بمناسكهم. ولم نجده عن جابر.

(٥) فتح العزيز ٧ : ٣٥١ - ٣٥٢ ، المجموع ٨ : ٨١ - ٨٢ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٦٧.

(٦) فتح العزيز ٧ : ٣٥٢ ، المجموع ٨ : ٨٩.

١٦٦

ويكره الخروج قبل الفجر إلّا لضرورة ، كالمريض والخائف ، لما رواه الشيخ - في الصحيح - عن معاوية بن عمّار عن الصادقعليه‌السلام من قوله : « ثم تصلّي بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة »(١) .

إذا ثبت هذا ، فالأفضل له أن يصبر حتى تطلع الشمس ، فلو خرج قبل طلوعها بعد طلوع الفجر ، جاز ذلك ، لكن ينبغي له أن لا يجوز وادي محسّر إلّا بعد طلوع الشمس ، لقول الصادقعليه‌السلام : « لا تجوز وادي محسّر حتى تطلع الشمس »(٢) .

أمّا الإمام فلا يخرج من منى إلّا بعد طلوع الشمس ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « من السنّة أن لا يخرج الإمام من منى إلى عرفة حتى تطلع الشمس »(٣) .

ويجوز للمعذور - كالمريض وخائف الزحام والماشي - الخروج قبل أن يطلع الفجر ويصلّي الفجر في الطريق للضرورة ، رواه الشيخ عن عبد الحميد الطائي أنّه قال للصادقعليه‌السلام : إنّا مشاة فكيف نصنع؟ قال : « أمّا أصحاب الرحال فكانوا يصلّون الغداة بمنى ، وأمّا أنتم فامضوا حيث تصلّوا في الطريق »(٤) .

وللشافعي قولان : أحدهما : أنّهم يخرجون إلى عرفات بعد الفجر ، والثاني : بعد الظهر في غير الجمعة.

وأمّا إذا كان يومُ التروية يومَ الجمعة ، فالمستحب عنده الخروج قبل طلوع الفجر ؛ لأنّ الخروج إلى السفر يوم الجمعة إلى حيث لا تُصلّى‌

____________________

(١) التهذيب ٥ : ١٧٧ - ١٧٨ / ٥٩٦.

(٢) التهذيب ٥ : ١٧٨ / ٥٩٧.

(٣) الكافي ٤ : ١٦١ ( باب الغدوّ إلى عرفات ) الحديث ١ ، التهذيب ٥ : ١٧٨ / ٥٩٨.

(٤) التهذيب ٥ : ١٧٩ / ٥٩٩.

١٦٧

الجمعة حرام أو مكروه ، وهُمْ لا يصلّون الجمعة بمنى ، وكذا لا يصلّونها بعرفة لو كان يومُ عرفة يومَ الجمعة ؛ لأنّ الجمعة إنّما تقام في دار الإقامة(١) .

إذا عرفت هذا ، فيستحب الدعاء عند الخروج إلى عرفة بالمنقول ، ويضرب خباءه بنمرة وهي بطن عُرنة دون الموقف ودون عرفة ؛ لما رواه العامّة أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مكث حتى طلعت الشمس ثم ركب وأمر بقبّة من شعر أن تُضرب له بنمرة فنزل بها(٢) .

ومن طريق الخاصّة : ما رواه معاوية بن عمّار - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : «إذا غدوت إلى عرفة فقُلْ وأنت متوجّه إليها : اللّهم إليك صمدت وإيّاك اعتمدت ووجهك أردت ، أسألك أن تبارك لي في رحلتي وأن تقضي لي حاجتي وأن تجعلني ممّن تباهي به اليوم من هو أفضل منّي ، ثم تلبّي وأنت غاد إلى عرفات ، فإذا انتهيت إلى عرفات فاضرب خباءك بنمرة وهي بطن عرنة دون الموقف ودون عرفة ، فإذا زالت الشمس يوم عرفة فاغتسل وصلّ الظهر والعصر بأذان واحد وإقامتين وإنّما تعجّل العصر وتجمع بينهما لتفرغ نفسك للدعاء فإنّه يوم دعاء ومسألة » قال : « وحدّ عرفة من بطن عُرنة وثويّة ونمرة إلى ذي المجاز ، وخلف الجبل موقف »(٣) .

إذا عرفت هذا ، فإنّه يستحب أن يجمع الإمام بين الظهر والعصر بأذان واحد وإقامتين ، عند علمائنا ؛ لهذه الرواية ، وبه قال الشافعي ؛ لأنّ‌

____________________

(١) فتح العزيز ٧ : ٣٥٢ - ٣٥٣.

(٢) صحيح مسلم ٢ : ٨٨٩ / ١٢١٨ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٢٤ / ٣٠٧٤ ، سنن أبي داود ٢ : ١٨٥ / ١٩٠٥.

(٣) التهذيب ٥ : ١٧٩ / ٦٠٠.

١٦٨

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله هكذا فعل في حجّة الوداع(١) (٢) .

وعند أبي حنيفة لا إقامة للعصر(٣) .

مسألة ٥٢١ : إذا زالت الشمس يوم عرفة ، خطب الإمام بالناس‌ ، وبيَّن لهم ما بين أيديهم من المناسك ، ويُحرّضهم على إكثار الدعاء والتهليل بالموقف ، ثم يصلّي بالناس الظهر بأذان وإقامة ، ثم يقيمون فيصلّي بهم العصر.

وإذا كان الإمام مسافراً ، وجب عليه التقصير.

وقال الشافعي : السنّة له التقصير(٤) .

وأمّا أهل مكة ومَنْ حولها فلا يقصّرون ، وبه قال الشافعي(٥) ، خلافاً لمالك(٦) .

وليقل الإمام إذا سلّم : أتمّوا يا أهل مكة فإنّا قوم سفر ، كما قاله رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (٧) .

إذا عرفت هذا ، فإنّ نمرة ليست من عرفة ، بل هي حدّ لها.

____________________

(١) صحيح مسلم ٢ : ٨٩٠ / ١٢١٨ ، سنن أبي داود ٢ : ١٨٥ / ١٩٠٥ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٢٥ / ٣٠٧٤ ، سنن الدارمي ٢ : ٤٨ ، سنن البيهقي ٥ : ١١٤.

(٢) الحاوي الكبير ٤ : ١٦٩ ، فتح العزيز ٧ : ٣٥٤ ، المجموع ٨ : ٨٧ و ٩٢ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٧ ، المغني والشرح الكبير ٣ : ٤٣٣.

(٣) فتح العزيز ٧ : ٣٥٤.

(٤) فتح العزيز ٧ : ٣٥٤ ، المجموع ٨ : ٨٧.

(٥) فتح العزيز ٧ : ٣٥٤ - ٣٥٥ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٦٩ ، المجموع ٨ : ٩١ ، المغني والشرح الكبير ٣ : ٤٣٥ ، بداية المجتهد ١ : ٣٤٨.

(٦) بداية المجتهد ١ : ٣٤٧ - ٣٤٨ ، فتح العزيز ٧ : ٣٥٥ ، المغني والشرح الكبير ٣ : ٤٣٥ ، المجموع ٨ : ٩١ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٦٩.

(٧) سنن البيهقي ٣ : ١٣٥ - ١٣٦.

١٦٩

وللشافعية قولان : هذا أحدهما ، والثاني : أنّها منها(١) .

البحث الثاني : في الكيفية.

مسألة ٥٢٢ : يستحب الاغتسال للوقوف بعرفة ؛ لأنّها عبادة ، فشُرّع لها الاغتسال ، كالإحرام - ورواه العامّة عن عليعليه‌السلام ، وبه قال الشافعي وإسحاق وأبو ثور وأحمد وابن المنذر(٢) - لأنّها مجمع الناس ، فاستحبّ الاغتسال لها ، كالجمعة والعيدين.

ومن طريق الحاصّة : ما تقدّم(٣) في حديث معاوية بن عمّار عن الصادقعليه‌السلام .

ثم يقف مستقبل القبلة ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وقف واستقبل القبلة(٤) .

وهل الوقوف راكباً أفضل أو ماشياً؟ للشافعي قولان : أحدهما : أنّهما سواء [ قاله ](٥) في الاُم ، وأظهرهما - وبه قال أحمد(٦) - أنّ الوقوف راكباً أفضل ؛ اقتداءً برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وليكون أقوى على الدعاء(٧) .

وعندنا أنّ الركوب والقعود مكروهان ، بل يستحب قائماً داعياً‌

____________________

(١) فتح العزيز ٧ : ٣٥٥.

(٢) المغني ٣ : ٤٣٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٣٥ ، فتح العزيز ٧ : ٢٤٣ ، المجموع ٨ : ١١٠.

(٣) تقدّم في المسألة ٥٢٠.

(٤) صحيح مسلم ٢ : ٨٩٠ / ١٢١٨ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٢٥ / ٣٠٧٤ ، سنن أبي داود ٢ : ١٨٥ / ١٩٠٥ ، سنن البيهقي ٥ : ١١٤ - ١١٥.

(٥) أضفناها من المصادر.

(٦) المغني ٣ : ٤٣٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٣٦ - ٤٣٧ ، فتح العزيز ٧ : ٣٥٨ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٩.

(٧) فتح العزيز ٧ : ٣٥٨ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٧٣ ، المجموع ٨ : ١١١ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٩.

١٧٠

بالمأثور.

مسألة ٥٢٣ : يجب في الوقوف النيّة ، عند علمائنا - خلافاً للعامّة(١) - لأنّ الوقوف عبادة ، وكلّ عبادة بنيّة ؛ لقوله تعالى :( وَما أُمِرُوا إِلّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ) (٢) .

ولأنّه عمل ، فيفتقر إلى النيّة ، لقولهعليه‌السلام : ( الأعمال بالنيّات وإنّما لكل امرئ ما نوى )(٣) .

وقالعليه‌السلام : ( لا عمل إلّا بنيّة )(٤) .

ولأنّ الواجب إيقاعها على جهة الطاعة ، وهو إنّما يتحقّق بالنيّة.

ويجب في النيّة اشتمالها على نيّة الوجوب والوقوف لحجّ التمتّع حجّة الإسلام أو غيرها ، والتقرّب إلى الله تعالى.

مسألة ٥٢٤ : يجب الكون بعرفة إلى غروب الشمس من يوم عرفة‌ إجماعاً.

روى العامّة عن جابر أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وقف بعرفة حتى غابت الشمس(٥) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - : « إنّ المشركين كانوا يفيضون قبل أن تغيب الشمس ، فخالفهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ،

____________________

(١) المغني ٣ : ٤٤٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٤٢ ، المجموع ٨ : ١٠٣.

(٢) البيّنة : ٥.

(٣) صحيح البخاري ١ : ٢ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٤١٣ / ٤٢٢٧ ، سنن أبي داود ٢ : ٢٦٢ / ٢٢٠١ ، سنن البيهقي ٧ : ٣٤١ ، مسند أحمد ١ : ٢٥.

(٤) أمالي الطوسي ٢ : ٢٠٣ ، بصائر الدرجات : ٣١ / ٤.

(٥) صحيح مسلم ٢ : ٨٩٠ / ١٢١٨ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٢٥ - ١٠٢٦ / ٣٠٧٤ ، سنن أبي داود ٢ : ١٨٥ / ١٩٠٥.

١٧١

فأفاض بعد غروب الشمس »(١) .

وسأل يونس بن يعقوب ، الصادقَعليه‌السلام : متى نفيض من عرفات؟ فقال : « إذا ذهبت الحمرة من هاهنا » وأشار بيده إلى المشرق وإلى مطلع الشمس(٢) .

إذا عرفت هذا ، فكيفما حصل بعرفة أجزأه ، قائماً وجالساً وراكباً ومجتازاً.

وبالجملة لا فرق في الإجزاء بين أن يحضرها ويقف ، وبين أن يمرّ بها ؛ لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( الحجّ عرفة فمن أدرك عرفة فقد أدرك الحجّ )(٣) إلّا أنّ الأفضل القيام ؛ لأنّه أشقّ ، فيكون أفضل ؛ لقولهعليه‌السلام : ( أفضل الأعمال أحمزها )(٤) .

ولأنّه أخفّ على الراحلة.

مسألة ٥٢٥ : لا بدّ من قصد الوقوف بعرفة ، وهو يستلزم معرفة أنّها عرفة ، فلو مرّ بها مجتازاً وهو لا يعلم أنّها عرفة ، لم يجزئه - وبه قال أبو ثور(٥) - لأنّ الوقوف إنّما يتحقّق استناده إليه بالقصد والإرادة ، وهي غير متحقّقة هنا. ولأنّا شرطنا النيّة ، وهي متوقّفة على الشعور.

وقال الفقهاء الأربعة بالإجزاء(٦) ؛ لقولهعليه‌السلام : ( مَنْ أدرك صلاتنا هذه‌

____________________

(١) الكافي ٤ : ٤٦٧ / ٢ ، التهذيب ٥ : ١٨٦ / ٦١٩.

(٢) التهذيب ٥ : ١٨٦ / ٦١٨.

(٣) أورده الرافعي في فتح العزيز ٧ : ٣٦١ ، وبتفاوت في سنن الدار قطني ٢ : ٢٤٠ - ٢٤١ / ١٩ ، وسنن النسائي ٥ : ٢٥٦.

(٤) النهاية - لابن الأثير - ١ : ٤٤٠.

(٥) المغني ٣ : ٤٤٣ - ٤٤٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٤١.

(٦) فتح العزيز ٧ : ٣٦١ ، المجموع ٨ : ١٠٣ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٥٥ ، المغني ٣ : ٤٤٣ - ٤٤٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٤١.

١٧٢

- يعني صلاة الصبح يوم النحر - وأتى عرفات قبل ذلك ليلاً أو نهاراً فقد تمّ حجّه وقضى تفثه)(١) ولم يفصّل بين الشاعر وغيره.

ولا حجّة فيه ؛ لأنّ قولهعليه‌السلام : ( وأتى عرفات ) إنّما يتحقّق مع القصد.

مسألة ٥٢٦ : النائم يصحّ وقوفه - إذا سبقت منه النيّة للوقوف - بعد الزوال‌ وإن استمرّ نومه إلى الليل ، أمّا لو لم تسبق منه النيّة واتّفق نومه قبل الدخول إلى عرفة واستمرّ إلى خروجه منها ، فإنّه لا يجزئه ، خلافاً للعامّة ؛ فإنّهم قالوا بإجزائه(٢) . إلاّ عند بعض الشافعية(٣) .

والأصل في الخلاف بينهم البناء على أنّ كلّ ركن من أركان الحجّ هل يجب إفراده بنيّة ، لانفصال بعضها عن بعض ، أو تكفيها النيّة السابقة(٤) ؟ والصحيح ما قلناه من أنّ النيّة معتبرة ولا تصحّ من النائم.

واحتجّوا بالقياس على النائم طول النهار ؛ فإنّه يجزئه الصوم(٥) .

وهو ممنوع إن لم تسبق منه النيّة في ابتدائه.

ولو حصل بعرفات وهو مغمى عليه ولم تسبق منه النيّة في وقتها وخرج بعد الغروب وهو مغمى عليه ، لم يصح وقوفه ؛ لفوات أهليّته للعبادة ، ولهذا لا يجزئه الصوم لو كان مغمى عليه طول نهاره ، وهو قول‌

____________________

(١) سنن أبي داود ٢ : ١٩٦ - ١٩٧ / ١٩٥٠ ، سنن الدار قطني ٢ : ٢٣٩ - ٢٤٠ / ١٧ ، سنن البيهقي ٥ : ١١٦ بتفاوت يسير.

(٢) المغني ٣ : ٤٤٣ - ٤٤٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٤١ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٨ ، فتح العزيز ٧ : ٣٦١ ، المجموع ٨ : ١٠٣.

(٣) فتح العزيز ٧ : ٣٦١ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٩ ، المجموع ٨ : ١٠٣.

(٤) فتح العزيز ٧ : ٣٦١ ، المجموع ٨ : ١٠٣ - ١٠٤.

(٥) فتح العزيز ٧ : ٣٦١.

١٧٣

الشافعي(١) .

ولأصحابه وجه : أنّه يجزئه اكتفاءً منه بالحضور(٢) .

والسكران الذي لا يحصّل شيئاً كالمغمى عليه.

ولو حضر وهو مجنون قبل النيّة واستوعب الوقت ، لم يجزئه.

قال بعض الشافعية : إنّه يقع نفلاً كحجّ الصبي غير المميّز(٣) .

ولهم وجه بالإجزاء ، كما في المغمى عليه(٤) ، وقد سبق.

وبما اخترناه في المغمى عليه والمجنون قال الحسن البصري والشافعي وأبو ثور وإسحاق وابن المنذر(٥) .

وقال عطاء : المغمى عليه يجزئه - وبه قال مالك وأصحاب الرأي(٦) ، وتوقّف أحمد(٧) - لأنّه لا يشترط فيه الطهارة ، فلا يشترط فيه النيّة ، فصحّ من المغمى عليه كالمبيت بمزدلفة(٨) .

ونمنع حكم الأصل.

وحكم من غلب على عقله بمرض أو غيره حكم المغمى عليه.

ولو كان السكران يُحصّل ما يقع منه ، صحّ طوافه.

____________________

(١) فتح العزيز ٧ : ٣٦٢ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٨ ، المجموع ٨ : ١٠٤ ، المغني ٣ : ٤٤٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٤٢ ، الاستذكار ١٣ : ٣٩ - ٤٠.

(٢) فتح العزيز ٧ : ٣٦٢ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٩ ، المجموع ٨ : ١٠٤.

(٣) فتح العزيز ٧ : ٣٦٢.

(٤) فتح العزيز ٧ : ٣٦٢ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٩ ، المجموع ٨ : ١٠٤.

(٥) المغني ٣ : ٤٤٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٤٢ ، فتح العزيز ٧ : ٣٦٢ ، المجموع ٨ : ١١٨ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٨.

(٦) المدوّنة الكبرى ١ : ٤١٣ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٥٦ ، المجموع ٨ : ١١٨ ، المغني ٣ : ٤٤٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٤٢.

(٧ و ٨ ) المغني ٣ : ٤٤٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٤٢.

١٧٤

ولا يشترط الطهارة ولا الستر ولا الستر ولا الاستقبال إجماعاً ؛ لقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لعائشة : ( إفعلي ما يفعل الحاج غير الطواف بالبيت )(١) وكانت حائضاً.

نعم تستحب الطهارة إجماعاً.

ولو حضر بعرفة في طلب غريم له أو دابّة ، فإن نوى النسك في الأثناء ، صحّ وقوفه ، وإلّا فلا، وللشافعيّة مع عدم النيّة وجهان(٢) ، بخلاف ما لو صرف الطواف إلى غير النسك ، فإنّه لا يجزئه إجماعاً. والفرق عندهم أنّ الطواف قربة برأسها ، بخلاف الوقوف ، على أنّ بعضهم طرّد الخلاف هنا(٣) .

مسألة ٥٢٧ : عرفة كلّها موقف‌ في أيّ موضع منها وقف أجزأه ، وهو قول علماء الإسلام.

روى العامّة عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وقف بعرفة وقد أردف اُسامة بن زيد ، فقال : ( هذا الموقف ، وكلّ عرفة موقف )(٤) .

وقالعليه‌السلام : ( عرفة كلّها موقف ، وارتفعوا عن وادي عُرنة ، والمزدلفة كلّها موقف ، وارتفعوا عن بطن محسّر )(٥) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقف بعرفات ، فجعل النّاس يبتدرون أخفاف ناقته يقفون إلى جانبها ، فنحّاها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ففعلوا مثل ذلك فقال : أيّها الناس إنّه ليس موضع أخفاف‌

____________________

(١) أورده ابنا قدامة في المغني ٣ : ٤٤٥ ، والشرح الكبير ٣ : ٤٤٢ ، وبتفاوت يسير في صحيح مسلم ٢ : ٨٧٤ / ١٢٠ وصحيح البخاري ١ : ٨٤ و ٢ : ١٩٥ ، وسنن البيهقي ٥ : ٣ ، وسنن الدارمي ٢ : ٤٤ ، ومشكل الآثار ٣ : ١٥٧.

(٢ و ٣ ) فتح العزيز ٧ : ٣٦٢.

(٣) فتح العزيز ٧ : ٣٦٢.

(٤) سنن الترمذي ٣ : ٢٣٢ / ٨٨٥.

(٥) الموطّأ ١ : ٣٨٨ / ١٦٦ ، سنن البيهقي ٥ : ١١٥.

١٧٥

ناقتي بالموقف ، ولكن هذا كلّه موقف ، وأشار بيده إلى الموقف ، فتفرّق الناس ، وفَعَل ذلك بالمزدلفة »(١) .

وقالعليه‌السلام : ( عرفة كلّها موقف ، ولو لم يكن إلّا ما تحت خفّ ناقتي لم يسع الناس ذلك)(٢) .

مسألة ٥٢٨ : وحدّ عرفة من بطن عُرنة وثويّة ونمرة إلى ذي المجاز ، فلا يجوز الوقوف في هذه الحدود ولا تحت الأراك ، فإنّ هذه المواضع ليست من عرفات ، فلو وقف بها ، بطل حجّه ، وبه قال الجمهور كافّة(٣) ، إلّا ما حُكي عن مالك أنّه لو وقف ببطن عرنة أجزأه ، ولزمه الدم(٤) .

وقال ابن عبد البر : أجمع الفقهاء على أنّه لو وقف ببطن عرنة ، لم يجزئه(٥) .

وحدّ الشافعي عرفة ، فقال : هي ما جاوز وادي عرنة إلى الجبال المقابلة ممّا يلي بساتين بني عامر ، وليس وادي عُرنة من عرفة ، وهو على منقطع عرفة ممّا يلي منى وصوب مكة(٦) .

وقول مالك باطل ؛ لما رواه العامّة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( عرفة كلّها‌

____________________

(١) التهذيب ٥ : ١٨٠ / ٦٠٤.

(٢) الفقيه ٢ : ٢٨١ / ١٣٧٧.

(٣) المغني والشرح الكبير ٣ : ٤٣٦ ، المجموع ٨ : ١٠٩ و ١٢٠ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٧٢.

(٤) الاستذكار ١٣ : ١٢ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٧٢ ، المجموع ٨ : ١٠٩ و ١٢٠ ، المغني والشرح الكبير ٣ : ٤٣٦ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٧ ، شرح السنّة - للبغوي - ٤ : ٣٢١.

(٥) المغني والشرح الكبير ٣ : ٤٣٦.

(٦) فتح العزيز ٧ : ٣٦٢ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٧١ ، المجموع ٨ : ١٠٥ - ١٠٦ ، الاستذكار ١٣ : ١١ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٧.

١٧٦

موقف ، وارتفعوا عن بطن عُرنة )(١) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - : « وحدّ عرفة من بطن عُرنة وثويّة ونمرة إلى ذي المجاز ، وخلف الجبل موقف »(٢) .

وعن الصادقعليه‌السلام قال : « واتّق الأراك ونمرة ، وهي بطن عُرنة ، وثويّة وذا المجاز ، فإنّه ليس من عرفة فلا تقف فيه »(٣) .

مسألة ٥٢٩ : يستحب أن يضرب خباءه بنمرة‌ - وهي بطن عرنة - اقتداء برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (٤) .

وقال الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - : « فاضرب خباءك بنمرة ، وهي بطن عرنة دون الموقف ودون عرفة »(٥) .

ويجوز النزول تحت الأراك إلى أن تزول الشمس ثم يمضي إلى الموقف فيقف فيه ، لقول الصادقعليه‌السلام : « لا ينبغي الوقوف تحت الأراك ، فأمّا النزول تحته حتى تزول الشمس وتنهض إلى الموقف فلا بأس »(٦) .

وينبغي أن يقف على السهل.

ويستحب أن يقف على ميسرة الجبل ولا يرتفع إلى الجبل ، إلّا عند الضرورة إلى ذلك ؛ لأنّ إسحاق بن عمّار سأل الكاظمَعليه‌السلام : عن الوقوف بعرفات فوق الجبل أحبّ إليك أم على الأرض؟ فقال : « على الأرض »(٧) .

____________________

(١) الموطّأ ١ : ٣٨٨ / ١٦٦ ، سنن البيهقي ٥ : ١١٥.

(٢) الكافي ٤ : ٤٦١ - ٤٦٢ / ٣ ، التهذيب ٥ : ١٧٩ / ٦٠٠.

(٣) التهذيب ٥ : ١٨٠ - ١٨١ / ٦٠٤.

(٤) صحيح مسلم ٢ : ٨٨٩ / ١٢١٨ ، سنن أبي داود ٢ : ١٨٥ / ١٩٠٥ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٢٤ / ٣٠٧٤ ، سنن الدارمي ٢ : ٤٧.

(٥) الكافي ٤ : ٤٦١ - ٤٦٢ / ٣ ، التهذيب ٥ : ١٧٩ / ٦٠٠.

(٦) التهذيب ٥ : ١٨١ / ٦٠٥.

(٧) التهذيب ٥ : ١٨٠ / ٦٠٣.

١٧٧

ولأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وقف بعرفة في ميسرة الجبل(١) .

وروى سماعة بن مهران ، قال : سألت الصادقَعليه‌السلام : إذا أكثر الناس بمنى وضاقت عليهم كيف يصنعون؟ قال : « يرتفعون إلى وادي محسّر » قلت : فإذا كثروا بجمع وضاقت عليهم كيف يصنعون؟ قال : « يرتفعون إلى المأزمين » قلت : فإذا كانوا بالموقف وكثروا كيف يصنعون؟ فقال : « يرتفعون إلى الجبل »(٢) .

ويستحب له إن وجد خللاً أن يسدّه بنفسه ورحله.

قال الله تعالى :( كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ ) (٣) فوصفهم بالاجتماع.

وقال الصادقعليه‌السلام : « وإذا رأيت خللاً فتقدّم فسدّه بنفسك وراحلتك ، فإنّ الله يحبّ أن تُسدَّ تلك الخلال »(٤) .

ويستحب أن يقرب إلى الجبل ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « وما قرب من الجبل فهو أفضل »(٥) .

مسألة ٥٣٠ : يستحب للإمام أن يخطب بعرفة قبل الأذان‌ على ما تقدّم(٦) ، فإذا أذّن المؤذّن وأقام ، صلّى بالناس الظهر والعصر بأذان واحد وإقامتين يجمع بينهما على هذه الصفة.

وباستحباب الأذان في الاُولى قال الشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي ومالك وأحمد في إحدى الروايتين(٧) ؛ لأنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خطب إلى أن‌

____________________

(١) الفقيه ٢ : ٢٨١ / ١٣٧٧.

(٢) التهذيب ٥ : ١٨٠ / ٦٠٤.

(٣) الصف : ٤.

(٤) التهذيب ٥ : ١٨٠ - ١٨١ / ٦٠٤.

(٥) التهذيب ٥ : ١٨٤ / ٦١٣.

(٦) تقدّم في المسألة ٥٢١.

(٧) الحاوي الكبير ٤ : ١٦٩ ، فتح العزيز ٧ : ٣٥٤ ، المجموع ٨ : ٨٧ و ٩٢ ، حلية =

١٧٨

أذّن المؤذّن ، فنزل وصلّى بالناس(١) .

وفي الرواية الثانية لأحمد : يتخيّر بين الأذان لها وعدمه(٢) .

وقال مالك : أذان العصر مستحب كغيرها من الصلوات(٣) .

ويبطل بما رواه العامّة في حديث جابر : ثم أذّن بلال ثم أقام فصلّى الظهر ثم أقام فصلّى العصر(٤) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - : « فإذا زالت الشمس يوم عرفة فاغتسل وصلّ الظهر والعصر بأذان واحد وإقامتين »(٥) .

والفرق : أنّ التعجيل هنا لأجل الدعاء.

مسألة ٥٣١ : إذا صلّى مع الإمام ، جمع معه كما يجمع الإمام‌ إجماعاً.

ولو كان منفرداً ، جمع أيضاً بأذان واحد وإقامتين ، عند علمائنا - وبه قال الشافعي وعطاء ومالك وأحمد وإسحاق وأبو ثور وأبو يوسف ومحمّد(٦) - لما رواه العامّة عن ابن عمر أنّه كان إذا فاته الجمع بين الظهر والعصر مع الإمام بعرفة جمع بينهما منفرداً(٧) .

____________________

= العلماء ٣ : ٣٣٧ ، الاستذكار ١٣ : ١٣٨ ، بداية المجتهد ١ : ٣٤٧ ، المغني والشرح الكبير ٣ : ٤٣٣.

(١) سنن أبي داود ٢ : ١٨٥ / ١٩٠٥ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٢٥ / ٣٠٧٤ ، سنن الدارمي ٢ : ٤٨ ، سنن البيهقي ٥ : ١١٤.

(٢) المغني والشرح الكبير ٣ : ٤٣٣.

(٣) المدوّنة الكبرى ١ : ٤١٢ ، الاستذكار ١٣ : ١٣٨ ، بداية المجتهد ١ : ٣٤٧ ، المغني والشرح الكبير ٣ : ٤٣٣ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٦٩ ، المجموع ٨ : ٩٢.

(٤) المصادر في الهامش (١).

(٥) الكافي ٤ : ٤٦١ - ٤٦٢ / ٣ ، التهذيب ٥ : ١٧٩ / ٦٠٠.

(٦) الحاوي الكبير ٤ : ١٧٠ ، المجموع ٨ : ٨٨ و ٩٢ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٧ ، المغني ٣ : ٤٣٣ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ١٥ ، الاستذكار ١٣ : ١٣٧ و ١٣٨.

(٧) سنن البيهقي ٥ : ١١٤ ، المغني ٣ : ٤٣٣.

١٧٩

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « وصلّ الظهر والعصر بأذان واحد وإقامتين »(١) .

ولأنّ الغرض التفرّغ للدعاء ، وهو مشترك بين المنفرد وغيره.

وقال النخعي والثوري وأبو حنيفة : لا يجوز له أن يجمع إلّا مع الإمام ؛ لأنّ لكلّ صلاة وقتاً محدوداً ، وإنّما ترك في الجمع مع الإمام ، فإذا لم يكن إمام ، رجعنا إلى الأصل(٢) .

وقد بيّنّا أنّ الوقت مشترك ، والعلّة مع الإمام موجودة مع المنفرد.

ويجوز الجمع لكلّ مَنْ بعرفة من مكّيّ وغيره ، وقد أجمع علماء الإسلام على أنّ الإمام يجمع بين الظهر والعصر بعرفة ، وكذا من صلّى معه.

وقال أحمد : لا يجوز الجمع إلّا لمن بينه وبين وطنه ستّة عشر فرسخاً إلحاقاً له بالقصر(٣) .

ويبطل بأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله جمع فجمع معه مَنْ حضر من أهل مكة وغيرها ، ولم يأمرهم بترك الجمع كما أمرهم بترك القصر حين قال : ( أتمّوا فإنّا سفر )(٤) ولو كان حراماً لبيّنه.

ولو كان الإمام مقيماً ، أتمّ وقصّر مَنْ خلفه من المسافرين وأتمّ المقيمون ، عند علمائنا أجمع.

وقال الشافعي : يتمّ المسافرون(٥) .

____________________

(١) الكافي ٤ : ٤٦١ - ٤٦٢ / ٣ ، التهذيب ٥ : ١٧٩ / ٦٠٠.

(٢) المغني ٣ : ٤٣٣ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٧٠ ، المجموع ٨ : ٩٢ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٧ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ١٥ ، الاستذكار ١٣ : ١٣٧ - ١٣٨.

(٣) المغني ٣ : ٤٣٤ - ٤٣٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٣٤.

(٤) سنن البيهقي ٥ : ١٣٥ - ١٣٦.

(٥) الحاوي الكبير ٤ : ١٦٩.

١٨٠