تذكرة الفقهاء الجزء ٨

تذكرة الفقهاء13%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-051-X
الصفحات: 460

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 460 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 190604 / تحميل: 5453
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ٨

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٠٥١-X
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

الشيخ محمد بن عبد الرحمن الخطاب شارح مختصر خليل قال:

مشينا مع شيخنا العارف بالله الشيخ عبد المعطي التنوسي لزيارة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فلما قربنا من الروضة الشريفة ترجّلنا، فجعل الشيخ عبد المعطي يمشي خطوات ويقف، حتى وقف تجاه القبر الشريف، فتكلّم بكلامٍ لم نفهمه، فلمـّا انصرفنا سألناه عن وقفاته فقال: كنت أطلب الإذن من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في القدوم عليه، فإذا قال لي: أقدم، قدمت ساعةً ثم وقفت، وهكذا حتى وصلت إليه. فقلت:

يا رسول الله، كلّما رواه البخاري عنك صحيح؟

فقال: صحيح.

فقلت له: أرويه عنك يا رسول الله؟

قال: إروه عنّي.

وقد أجاز الشيخ عبد المعطي - نفعنا الله تعالى به - الشيخ محمد الخطّاب أنْ يرويه عنه. وهكذا كلّ واحد أجاز من بعده، حتى وصلت إلينا من فضل الله تعالى وكرمه.

وأجازني السيد أحمد بن عبد القادر النخلي أن نرويه عنه بهذا السند.

وأجاز النخلي لأبي طاهر، وأجاز أبو طاهر لنا.

ووجدت هذا الحديث بخط الشيخ عبد الحق الدهلوي بإسناد له عن الشيخ عبد المعطي بمعناه، وفيه: فلما فرغ من الزيارة وما يتعلّق بها، سأل أن يروي عنه صلّى الله عليه وسلّم صحيح البخاري وصحيح مسلم، فسمع الإجازة من النبي صلّى الله عليه وسلّم، فذكر صحيح مسلم أيضاً ».

١٨١

١٨٢

وضع حديث

المنزلة للشيخين

١٨٣

١٨٤

وجاء بعض المتعصّبين للشيخين وضحّى بدينه وآخرته في سبيل الحماية عنهما بوضع حديث المنزلة في حقّهما

ذاك حديثٌ رواه الخطيب البغدادي، وذكره المنّاوي عنه بقوله:

« أبو بكر وعمر مني بمنزلة هارون من موسى. خط »(١) .

ذكره ابن الجوزي في الواهيات

لكن لمـّا كان « الحق يعلو ولا يعلى عليه » نرى أنّ ابن الجوزي - الذي طالما تمسّك بكلماته ابن تيمية وابن روزبهان والكابلي وحتى ( الدهلوي ) نفسه - يورده في كتابه في الأحاديث الواهية قال السّيوطي: « أبو بكر وعمر منّي بمنزلة هارون من موسى. الخطيب. وابن الجوزي في الواهيات »(٢) .

ثم إذا راجعنا كتاب ابن الجوزي المذكور وجدنا فيه ما يلي:

« أنا أبو منصور القزاز قال: أنا أبو بكر بن ثابت قال: أخبرنا علي بن عبد العزيز الطاهري قال: أنا أبو القاسم علي بن الحسن بن علي بن زكريا الشاعر قال: نا أبو جعفر محمد بن جرير الطبري قال: نا بشر بن دحية قال: نا قزعة بن سويد، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس: إنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: أبو بكر وعمر مني بمنزلة هارون من موسى.

قال المؤلف: هذا حديث لا يصح، والمتهم به الشاعر، وقد قال أبو حاتم:

____________________

(١). كنوز الحقائق - حرف الألف، ط على هامش الجامع الصغير.

(٢). جمع الجوامع ٢ / ١٨٢.

١٨٥

لا يحتجّ بقزعة بن سويد، وقال أحمد: هو مضطرب الحديث »(١) .

قال الذهبي: كذب، منكر

وقد أورد الذهبي هذه الفرية بترجمة ( قزعة بن سويد ) الذي نقل ابن الجوزي القدح فيه عن أبي حاتم وأحمد، فأضاف إليه الذهبي قدح البخاري والنسائي وغيرهما، وهذه عبارته:

« قزعة بن سويد بن حجير الباهلي البصري، عن أبيه وابن المنكدر وابن أبي مليكة، وعنه: قتيبة ومسدّد وجماعة. قال البخاري: ليس بذاك القوي، ولابن معين في قزعة قولان فوثّقه مرة وضعّفه أخرى، وقال أحمد مضطرب الحديث، وقال أبو حاتم: لا يحتج به، وقال س: ضعيف، ومشّاه ابن عدي.

وله حديث منكر عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس مرفوعاً: لو كنت متّخذاً خليلاً لاتّخذت أبا بكر خليلاً ولكنّ الله اتّخذ صاحبكم خليلاً. أبو بكر وعمر منّي بمنزلة هارون من موسى. رواه غير واحد عن قزعة »(٢) .

ولا يخفى أنّ ما ذكره الذهبي من القدح في « قزعة » إنّما هو كلمات بعض أساطينهم، فقد نقل ابن حجر العسقلاني القدح فيه عن أبي داود وعباس العنبري والعجلي، فهؤلاء كلّهم ضعّفوه بصراحة، وعن ابن حبّان: كان كثير الخطأ، فاحش الوهم، والبزار: لم يكن بالقوي(٣) .

أمّا ابن حجر نفسه فحكم بضعفه بلا تردّد(٤) .

وذكر الذهبي هذا الحديث في موضع آخر وحكم بكذبه حيث قال:

____________________

(١). العلل المتناهية في الأحاديث الواهية ١ / ١٩٩ رقم ٣١٢.

(٢). ميزان الإعتدال ٣ / ٣٨٩ رقم ٦٨٩٤.

(٣). تهذيب التهذيب ٨ / ٣٣٧ رقم ٦٦٨.

(٤). تقريب التهذيب ٢ / ١٢٦ رقم ١١٠.

١٨٦

« عمار بن هارون أبو ياسر المستملي، عن سلام بن مسكين وأبي المقدام هشام وجماعة، وعنه أبو يعلى والحسن بن سفيان. قال موسى بن هارون: متروك الحديث، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه غير محفوظ كان يسرق الحديث، وقال محمد بن الضريس: سألت علي بن المديني عن هذا الشيخ فلم يرضه. ثم قال محمد: ثنا عمار حدثنا غندر بن الفضل ومحمد بن عنبسة، عن عبيد الله ابن أبي بكر، عن أنس مرفوعاً: بورك لُامّتي في بكورها.

إبن عدي: ثنا محمد بن نوح الجنديسابوري، ثنا جعفر بن محمد الناقد، ثنا عمار بن هارون المستملي، ثنا قزعة بن سويد، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس حديث: ما ينفعني مال ما ينفعني مال أبي بكر، وزاد فيه: وأبو بكر وعمر منّي بمنزلة هارون من موسى.

قلت: هذا كذب.

قال ابن عدي: ثناه ابن جرير الطبري، ثناه بشر بن دحية، ثنا قزعة نحوه.

قلت: ومن بشر؟

قال ابن عدي: قد حدّث به أيضاً مسلم بن إبراهيم عن قزعة.

قلت: وقزعة ليس بشيء»(١) .

وكذا في موضعٍ ثالث:

« علي بن الحسن بن علي الشاعر، عن محمد بن جرير الطبري بخبر كذب هو المتّهم به، متنه: أبو بكر مني بمنزلة هارون من موسى »(٢) .

____________________

(١). ميزان الإعتدال ٣ / ١٧١ رقم ٦٠٠٩.

(٢). ميزان الإعتدال ٣ / ١٢٢ رقم ٥٨١٦.

١٨٧

قال ابن حجر: كذب، فرية

وتبع العسقلاني الذّهبي في الحكم بكذب هذا الحديث في أكثر من موضعٍ كذلك فقد قال:

« علي بن الحسن بن علي الشاعر، عن محمد بن جرير الطبري بخبرٍ كذب هو المتّهم به، متنه: أبو بكر مني بمنزلة هارون من موسى، إنتهى.

ولا ذنب لهذا الرجل فيه كما ساُبيّنه. قال الخطيب في تاريخه: أنا علي بن عبد العزيز الظاهري، أنا أبو القاسم علي بن الحسن بن علي بن زكريا الشاعر، ثنا أبو جعفر الطبري، ثنا بشر بن دحية، ثنا قزعة بن سويد، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس بهذا الحديث.

فشيخ الطبري ما عرفته، فيجوز أن يكون هو المفتري.

وقد قدّمت كلام المؤلف فيه في ترجمته، وأن ابن عدي أخرج الحديث المذكور بأتمّ من سياقه عن ابن جرير الطبري بسنده، فبرىء ابن الحسن من عهدته »(١) .

وقال أيضاً: « بشر بن دحية عن قزعة بن سويد، وعنه محمد بن جرير الطبري، ضعّفه المؤلف في ترجمة عمار بن هارون المستملي في أصل الميزان، فذكر عن ابن عدي أنه قال: حدّثنا محمد بن نوح، حدثنا جعفر بن محمد الناقد، حدثنا ابن هارون المستملي، أنا قزعة بن سويد، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس رفعه: ما نفعني مال ما نفعي مال أبي بكر، الحديث وفيه: وأبو بكر وعمر مني بمنزلة هارون من موسى.

قال ابن عدي: وحدّثنا ابن جرير الطبري، حدثنا بشر بن دحية، حدّثنا قزعة، بنحوه.

____________________

(١). لسان الميزان ٤ / ٢١٩ رقم ٥٧٥.

١٨٨

قال الذهبي: هذا كذب. وهو من بشر؟

قال: ثم قال ابن عدي: ورواه مسلم بن إبراهيم عن قزعة.

قال الذهبي: وقزعة ليس بشيء.

قلت: فبرىء بشر من عهدته(١) .

وسيأتي في ترجمة علي بن الحسن بن علي بن زكريا الشاعر أن المؤلف اتّهمه بروايته، وبرء من عهدته أيضاً ».

____________________

(١). لسان الميزان ٢ / ٢٣ رقم ٧٧.

١٨٩

١٩٠

نقض كلمات

الدهلوي حول الحديث

١٩١

١٩٢

قوله:

ما رواه البخاري ومسلم عن البراء بن عازب.

أقول:

الحديث في الصحيحين عن سعد لا البراء

لا ينقضي العجب من هذا الرجل كيف يدعي التبحّر في علم الحديث وهو يعجز عن الرجوع إلى الصحيحين، لينقل الحديث عنهما مباشرة، وليفهم أن الحديث فيهما هو عن سعد بن أبي وقاص، لا عن البراء بن عازب

إن حديث المنزلة في الصحيحين من حديث سعد، وليس هو فيهما من حديث البراء، كما هو غير خاف على من رجع إليهما وألقى نظرةً فيهما

لكن ( الدهلوي ) تبع في هذا المقام - كما هو ديدنه - الكابليّ صاحب ( الصواقع ) وانتحل كلامه حيث تعرّض لحديث المنزلة وهذا نصّه:

« الثاني: ما رواه البخاري ومسلم عن البراء بن عازب: إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خلّف علي بن أبي طالب في غزوة تبوك، فقال: يا رسول الله أتخلّفني في النساء والصبيان؟ فقال: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبي بعدي ».

ولو كان ( الدّهلوي ) محدّثاً محقّقاً حقاً لرجع إلى الصحيحين، أو إلى أحد كتب الشّيعة الناقلة عنهما، للوقوف على سند الحديث ومتنه في الكتابين!!

١٩٣

هذا، ولا وجه ظاهر ولا سبب واضح لعزو الحديث إلى البراء بن عازب والإباء عن نسبته إلى سعد بن أبي وقاص، إلّا اشتمال بعض ألفاظه على ما يبيّن حقيقة حال معاوية، وعدائه الشّديد، وحقده الوطيد على سيدنا أمير المؤمنين عليه الصّلاة والسلام.

فقد جاء في تلك الألفاظ « أنّ معاوية أمر سعداً بسبّ أمير المؤمنينعليه‌السلام » فامتنع سعد عن ذلك، واعتذر بذكر فضائل للأميرعليه‌السلام منها حديث المنزلة.

فلا عجب لو أعرضوا عن نسبة رواية الحديث إلى سعدٍ، لأنّ نسبتها إليه تفضي إلى تذكّر حال إمامهم معاوية، فلا بدّ من تغيير اسم الرّاوي ووضع ( البراء ) مكان ( سعد ).

ثم العجب من أولئك الذين يشاهدون هذه التصرّفات الفاضحة والأخطاء الفاحشة من ( الدهلوي )، ويصفونه مع ذلك بإمام المحدثين!!

تحريف لفظ الحديث في الصحيحين

ومن الطّرائف أن ( الدهلوي ) لم يقنع بتقليد الكابلي في صنيعه في نقل الحديث ونسبته إلى البراء دون راويه، بل حرَّف من عنده متن الحديث، فزاد عليه: إنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم خلّف علياً في غزوة تبوك على أهل بيته من النساء والبنات

إنّ من الواضح عدم وجود قيد « على أهل بيته من النساء والبنات » في لفظٍ من ألفاظ الحديث في الصحيحين، وأنّ الكابلي أيضاً لم يذكره في كتابه الذي انتحله ( الدهلوي ) فهذه زيادة من ( الدهلوي ) في الحديث وفرية على البخاري ومسلم صاحبي الصحيحين

١٩٤

فظهر - إلى الآن - تصرّفان من ( الدهلوي ) في أصل نقل الحديث عن الصّحيحين فما يقول أولياؤه في مقام الدفاع عنه وتوجيه ما فعله؟!

إنه لا وجه لهذا إلّا مساعدة الّنواصب وتأييدهم، ليكون الحديث - بحسب رواية الصحيحين - دليلاً على ما يزعمونه من أن النبي إنّما استخلف الإمامعليه‌السلام على النساء، ولم يكن استخلافه في خلافةٍ مطلقة فهذا مدّعى الّنواصب - كما ينقل عنهم ( الدهلوي ) كلامهم - فهو إذاً - مؤيّد لهم!!

وهل يصدر تأييد النّواصب الأقشاب إلّا من إخوانهم الأوشاب؟

( فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يُرَدُّونَ إِلى أَشَدِّ الْعَذابِ ) (١) .

وأيضاً فإنّ لأولياء ( الدهلوي ) أن يعتذروا له بعذرٍ آخر وهو:

إنّ هذه الخيانة التي صدرت منه، قد صدرت من بعض السابقين عليه، فليس هو البادي في ذلك، بل إنه مسبوق به وهو تبع

وهذا حق ألا ترى إلى حسام الدين السهارنفوري يزيد كلمة « في أهله » في لفظ الحديث لدى نقله عن الصحيحين لكن لم يصدر منه التصرّف الآخر، وهو وضع البراء موضع سعد

نعم، وقع ذلك التحريف من السهارنفوري في كتابه ( المرافض ) حيث قال: « روى مسلم والبخاري عن سعد بن أبي وقاص: أنّه لما أراد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الخروج من المدينة خلَّف علي بن أبي طالب في أهله. فقال علي: يا رسول الله ».

وظاهر أنّ لفظة « في أهله » غير موجودة في روايات البخاري ومسلم بل الذي فيها هو الإستخلاف المطلق، ففي البخاري « إنّ رسول الله صلّى الله

____________________

(١). سورة البقرة: ٢، الآية ٧٩.

١٩٥

عليه وسلّم خرج إلى تبوك واستخلف عليّاً »(١) وفي مسلم: « خلّف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم علي بن أبي طالب في غزوة تبوك »(٢) وفيه أيضاً: « وخلّفه في بعض مغازيه »(٣) .

فظهر أنّ ( الدّهلوي ) تبع الكابلي في أحد التحريفين، وتبع السهارنفوري في التحريف الآخر فكان جامعاً بين الخيانتين!!

وقد صدر التّحريف الثاني وهو زيادة لفظ « الأهل » من الشيخ عبد الحق الدهلوي أيضاً في كتابه ( مدارج النبوة )(٤) .

كما صدر التحريف الأول - وهو نسبة الحديث إلى البراء - من الشيخ القاضي سناء الله پاني پتي حيث قال في كتابه ( السيف المسلول ): « الثاني - ما رواه البخاري ومسلم عن البراء بن عازب: إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خلّف علي بن أبي طالب على المدينة في غزوة تبوك، فقال علي: يا رسول الله أتخلّفني في النساء والصبيان فقال: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي ».

فوا عجباه من هؤلاء المتحذلقين، كيف يزيدون ما يشاؤون في رواياتهم ويفترون ويكذبون ويحرّفون( فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ ) .

وإذا عرفت أن القيد المذكور زيادة في الحديث وليس في الصحيحين عين منه ولا أثر فاعلم أنّه لو سُلّم وجوده في الحديث فلا يضرّ بالإستدلال به

____________________

(١). صحيح البخاري ٦ / ٣.

(٢). صحيح مسلم: ٤ / ٣٢ رقم ١٨٧٠.

(٣). صحيح مسلم ٤ / ٣٢ رقم ١٨٧١.

(٤). مدارج النبوة: ١٨٤.

١٩٦

أبداً لأنّ ذكر الإستخلاف على الأهل والعيال لا يؤيّد مزعوم أهل الضّلال، ولا ينافي ثبوت استخلافهعليه‌السلام على المدينة وعموم الإستخلاف، لأنّ إثبات شيء لا يدلّ على نفي ما عداه ولو كان مجرد إثبات شيٍء دالاً على نفيٍ ما عداه لزم أن يكون قول القائل: « الله ربّي ومحمّد رسول الله نبيّي » نافياً لألوهيّة الله تعالى لسائر العباد، ونافياً لنبوّة النبيّ لسائر الأنام

وأيضاً: يلزم من قول القائل: « محمد رسول الله » نفي رسالة غيره من الأنبياءعليهم‌السلام

وأمثال ذلك ممّا لا يحصى

جملة: أتخلفني ليست في جميع روايات الصحيحين

وأيضاً: فإنّه ليس جملة « أتخلّفني في النساء والصّبيان » في جميع روايات الصحيحين المذكورة سابقاً بل هي في بعضها فقط فهي غير موجودة في رواية البخاري في كتاب المناقب، وهي غير موجودة في روايتين من صحيح مسلم

فاقتصار ( الدهلوي ) على الرواية المشتملة على هذه الجملة - التي ظنّ في باب المطاعن من كتابه كونها اعتراضاً من أمير المؤمنينعليه‌السلام على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وظنّ هنا دلالتها على قصر خلافتهعليه‌السلام على الخلافة الخاصّة - لا وجه له وذلك:

أوّلاً: لأنّ استدلال الشيعة واحتجاجهم إنّما هو بالروايات الخالية عن هذه الجملة، وهو استدلال تام بلا كلام.

وثانياً: لأنّ وجود هذه الجملة - على تقدير التسليم بها - لا يضرّ باستدلالهم، ولا يثبت مزعوم النواصب ومقلّديهم كما سيجىء بيانه إن شاء الله تعالى.

١٩٧

تكذيب الدهلوي نفسه

قوله:

« قالت الشيعة: إنّ « المنزلة » اسم جنس مضاف إلى العلم.

أقول:

إنّ هذا الكلام نص واضح وبرهان قاطع واعتراف صريح وتصريح صحيح بأن التقرير الذي يذكره للإستدلال بحديث المنزلة هو للشيعة، فإن مراده من « قالوا » هم « الشيعة ».

لكن العجب أنّه يكذّب نفسه بعد ذلك، حيث يدّعي أنّ هذا الذي يقوله هو تهذيب وتنقيح لطريق تمسّك الشيعة بهذا الحديث، وإلّا فمن نظر في كتبهم يرى أن كلماتهم في هذا المورد مشوّشة جدّاً، ويعلم أنهم غير فاهمين للمطلب.

فهذه دعواه حول الشيعة في هذا المقام، وقد رأيت أنّ صدر كلامه يكذّب هذه الدعوى.

إعترافه بدلالة الحديث على الإمامة

قوله:

أصل هذا الحديث دليل لأهل السنّة أيضاً في إثبات فضيلة الإمام وصحة إمامته في وقتها.

أقول:

إذا كان الحديث دليلاً لأهل السنّة، ومرويّاً في صحاحهم، فكيف

١٩٨

يقدحون فيه؟ ولماذا يبطلونه؟ وهل مجرّد احتجاج الشيعة بحديث مخرّج في كتبهم الصحيحة يجوّز الطّعن فيه؟

إذا كان ( الدهلوي ) صادقاً في كلامه هذا فليعترف بدخول الآمدي ومقلّديه في زمرة النواصب، لأنّه وأتباعه قد قدحوا في حديثٍ أجمع أهل الإسلام على صحّته، وبلغ من القوّة حدّاً لا يتمكّن النواصب من القدح فيه معه، وإلّا لم يتمّ احتجاج أهل السنّة به على النواصب؟

أقول:

لأنّه يستفاد من هذا الحديث استحقاقه الإمامة.

أقول:

الحمد لله الذي ألجأ ( الدهلوي ) إلى الإعتراف والإقرار بمطلوب الشّيعة، فصرّح بأنّ هذا الحديث يدلّ على استحقاق أمير المؤمنينعليه‌السلام الإمامة وأبطل بهذه الكلمة كلّما نسجته أيدي المكابرين من التّرهات الشنيعة والتأويلات السقيمة، في مقام الجواب عن الإستدلال بهذا الحديث الشريف

نعم، إنّ هذه الكلمة تبطل جميع ما قالوه، لأن استحقاق أمير المؤمنينعليه‌السلام الإمامة على ضوء هذا الحديث لا يتم إلّا بدلالته على أنّه من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمنزلة هارون من موسى في الإمامة، فلو لم يدل على كونه منهعليه‌السلام بمنزلة هارون من موسى في الإمامة لم يدل على استحقاقه الإمامة أبداً، لأنّه غير مستلزمٍ حتى للأفضليّة، فإنّ ذاك الأمر لا يفيد استحقاقه للإمامة أصلاً

وإذا دلّ هذا الحديث على أنّ أمير المؤمنين من رسول الله صلّى الله عليه

١٩٩

وآله وسلّم بمنزلة هارون من موسى في الإمامة، ثبت مطلوب الشيعة بلا كلفة، وسقطت شبهات المنكرين وهفوات الجاحدين بالبداهة فيكون الحديث نصّاً صريحاً في إمامة أمير المؤمنينعليه‌السلام وخلافته ولانصّ على غيره باعتراف ( الدهلوي ) نفسه وأسلافه، وتقدم غير المنصوص عليه على المنصوص عليه قبيح في الغاية عند جميع العقلاء.

وأيضاً، فإنّ مرتبة إمامة هارون من موسى لم تكن مع وجود فاصلٍ أو فواصل بينهما، فلاوجه لفصل الفواصل وتقييد إمامة أمير المؤمنينعليه‌السلام بالمرتبة الرابعة، وهو تقييد لا يرتضيه أحد من العقلاء.

إعتراف الرّشيد الدّهلوي بدلالة الحديث على الإمامة

ولا يخفى أنّ ما اعترف به ( الدهلوي ) من دلالة هذا الحديث على صحّة إمامة أمير المؤمنينعليه‌السلام مقبول لدى تلميذه الرشيد الدهلوي، من غير مكابرةٍ أو تأويل، بل اعترف بذلك تبعاً له واستشهد بكلامه أيضاً حيث قال في ( إيضاح لطافة المقال ):

« قوله: الحديث الثاني: حديث المنزلة الذي يقولون أيضاً بصحّته.

أقول: إن هذا الحديث عند أهل السنة من أحاديث فضائل أمير المؤمنين الباهرة، بل هو دليل على صحة خلافة هذا الإمام، لكنْ من غير أنْ يدل على نفي خلافة غيره، كما صرّح به صاحب التحفة حيث قال: أصل هذا الحديث أيضاً دليل لأهل السنّة على إثبات فضيلة الأمير وصحة إمامته في حينها

ومتى كان هذا الحديث دالاًّ على فضل حيدر الكرّار، بل كان دليلاً على صحة خلافة ذاك الإمام، فدعوى أن أهل السنّة غير عاملين بمقتضى هذا الخبر بل معتقدون على خلافه عجيبة.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

يجزئ من أسنان الغنم في الهدي ، فقال : « الجذع من الضأن » قلت : فالمعز؟ قال : « لا يجوز الجذع من المعز » قلت : ولِمَ؟ قال : « لأنّ الجذع من الضأن يلقح ، والجذع من المعز لا يلقح»(١) .

مسألة ٥٩٨ : ويجب أن يكون تامّاً‌ ، فلا تجزئ العوراء ، ولا العرجاء البيّن عرجها ، ولا المريضة البيّن مرضها ، ولا الكسيرة(٢) التي لا تُنقي(٣) ، وقد وقع الاتّفاق بين العلماء على اعتبار هذه الصفات الأربع في المنع.

روى العامّة عن البراء بن عازب ، قال : قام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : ( أربع لا تجوز في الأضاحي : العوراء البيّن عورها ، والمريضة البيّن مرضها ، والعرجاء البيّن عرجها ، والكسيرة التي لا تنقي )(٤) أي التي لا مخّ لها لهزالها.

وأمّا المريضة فقيل : هي الجرباء ؛ لأنّ الجرب يفسد اللحم(٥) .

والوجه : اعتبار كلّ مرض يؤثّر في هزالها وفساد لحمها ، ومعنى البيّن عورها : أي التي انخسفت عينها وذهبت ، فإنّ ذلك ينقصها ؛ لأنّ شحمة العين عضو يستطاب أكله(٦) . والبيّن عرجها : لا تتمكّن من السير مع الغنم ولا تشاركها في العلف والرعي فتهزل.

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٢٠٦ / ٦٩٠.

(٢) في « ق ، ك » والطبعة الحجرية : الكبيرة ، وكذا في نظيرها الآتي في رواية البراء ابن عازب. وما أثبتناه من المصدر.

(٣) أي : التي لا مخّ لها لضعفها وهزالها ، كما سيأتي ، والنقي : المخّ. النهاية - لابن الأثير - ٥ : ١١٠ « نقا ».

(٤) سنن أبي داود ٣ : ٩٧ / ٢٨٠٢.

(٥) القائل هو الخرقي من الحنابلة. اُنظر الشرح الكبير ٣ : ٥٤٨.

(٦) في الطبعة الحجريّة : أكلها.

٢٦١

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام عن أبيه عن آبائهعليهم‌السلام : ، قال : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا يضحّى بالعرجاء البيّن عرجها ، ولا بالعوراء البيّن عورها ، ولا بالعجفاء ، ولا بالجرباء(١) ، ولا بالجذّاء ، وهي المقطوعة الاُذن ، ولا بالعضباء ، وهي المكسورة القرن »(٢) .

ولو كانت العوراء غير مخسوفة العين ، احتمل المنع ، لعموم الخبر ، وكما وقع الاتّفاق على منع ما اتّصف بواحدة من الأربع فكذا ينبغي على ما فيه نقص أكثر ، كالعمياء.

ولا يعتبر مع العمى انخساف العين إجماعاً ، لأنّه يخلّ بالمشي مع الغنم(٣) والمشاركة في العلف أكثر من إخلال العور.

مسألة ٥٩٩ : العضباء - وهي مكسورة القرن - لا تجزئ‌ إلّا إذا كان القرن الداخل صحيحاً ، فإنّه يجوز التضحية به - وبه قال عليعليه‌السلام ، وعمّار وسعيد بن المسيّب والحسن(٤) - لما رواه العامّة عن عليعليه‌السلام وعمّار(٥) ، ولم يظهر لهما مخالف من الصحابة.

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام في المقطوعة القرن أو المكسورة القرن : « إذا كان القرن الداخل صحيحاً فلا بأس وإن كان القرن الظاهر الخارج مقطوعاً »(٦) .

ولأنّ ذلك لا يؤثّر في اللحم ، فأجزأت ، كالجمّاء.

وقال باقي العامّة : لا تجزئ - وقال مالك : إن كان يدمي ، لم يجز ،

____________________

(١) في المصدر : ولا بالخرماء.

(٢) التهذيب ٥ : ٢١٣ / ٧١٦.

(٣) في « ق ، ك » : النعم.

(٤ و ٥ ) المغني ٣ : ٥٩٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٤٨.

(٦) التهذيب ٥ : ٢١٣ / ٧١٧.

٢٦٢

وإلّا جاز(١) - لما رووه عن عليعليه‌السلام ، قال : « نهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يضحّى بأعضب الاُذن والقرن »(٢) (٣) .

وهو محمول على ما كسر داخله.

وأمّا العضباء - وهي التي ذهب نصف اُذنها أو قرنها - فلا تجزئ ، وبه قال أبو يوسف ومحمد وأحمد في إحدى الروايتين(٤) .

وكذا لا تجزئ عندنا ما قُطع ثلث اُذنها - وبه قال أبو حنيفة وأحمد في الرواية الاُخرى(٥) - لأنّ ما قطع بعض اُذنها يصدق عليها أنّها مقطوعة الاُذن ، فتدخل تحت النهي.

مسألة ٦٠٠ : لا بأس بمشقوقة الاُذن أو مثقوبتها‌ إذا لم يكن قد قطع من الاُذن شي‌ء ؛ لما رواه العامّة عن عليعليه‌السلام ، قال : « اُمرنا أن نستشرف العين والاُذن(٦) ولا نضحّي بمقابلة ولا مدابرة ولا خرقاء ولا شرقاء ».

قال زهير : قلت لأبي إسحاق : ما المقابلة؟ قال : يقطع طرف الاُذن ، قلت : فما المدابرة؟ قال : يقطع من مؤخّر الاُذن ، قلت : فما الخرقاء؟ قال : تشقّ الاُذن ، قلت : فما الشرقاء؟ قال : تشقّ اُذنها للسمة(٧) .

____________________

(١) المغني ٣ : ٥٩٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٤٨.

(٢) سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٥١ / ٣١٤٥ ، سنن الترمذي ٤ : ٩٠ / ١٥٠٤ ، سنن أبي داود ٣ : ٩٨ / ٢٨٠٥ ، المستدرك - للحاكم - ٤ : ٢٢٤ ، مسند أحمد ١ : ٨٣.

(٣) المغني ٣ : ٥٩٦ و ٥٩٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٤٨.

(٤) تحفة الفقهاء ٣ : ٨٥ ، المغني ٣ : ٥٩٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٤٨.

(٥) النتف ١ : ٢٤٠ ، تحفة الفقهاء ٣ : ٨٥ ، المغني ٣ : ٥٩٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٤٨.

(٦) أي : نتأمّل سلامتهما من آفةٍ تكون بهما. النهاية - لابن الأثير - ٢ : ٤٦٢ « شرف ».

(٧) المغني ٣ : ٥٩٧ - ٥٩٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٤٩ ، سنن أبي داود ٣ : ٩٧ - ٩٨ / ٢٨٠٤ ، وفي سنن النسائي ٧ : ٢١٦ و ٢١٧ بدون الذيل.

٢٦٣

ومن طريق الخاصّة : قول عليعليه‌السلام : « أَمَرنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في الأضاحي أن نستشرف العين والاُذن ، ونهانا عن الخرقاء والشرقاء والمقابلة والمدابرة »(١) .

يقال : استشرفت الشي‌ء : إذا رَفَعْتَ بصرَك تنظر إليه ، وبَسَطْتَ كفَّك فُويق حاجبك كأنّك تستظلّ من الشمس.

وسُئل أحدهماعليهما‌السلام عن الأضاحي إذا كانت الاُذن مشقوقةً أو مثقوبةً بسمة ، فقال : « ما لم يكن مقطوعاً فلا بأس »(٢) .

مسألة ٦٠١ : لا يجزئ الخصيّ عند علمائنا‌ ؛ لما رواه العامّة عن أبي بردة أنّه قال : يا رسول الله عندي جذعة من المعز ، فقال : ( تجزئك ولا تجزئ أحداً بعدك )(٣) .

قال أبو عبيد : قال إبراهيم الحربي : إنّما يجزئ الجذع من الضأن في الأضاحي دون الجذع من المعز ؛ لأنّ جذع الضأن يلقح ، بخلاف جذع المعز(٤) وهذا المقتضي موجود في الخصي.

ومن طريق الخاصّة : رواية محمد بن مسلم - الصحيحة - عن أحدهماعليهما‌السلام ، قال : سألته عن الاُضحية بالخصي ، قال : « لا »(٥) .

ولأنّه ناقص ، فلا يكون مجزئاً.

وقال بعض العامّة : إنّه يجزئه(٦) .

____________________

(١) الفقيه ٢ : ٢٩٣ / ١٤٤٩ ، والتهذيب ٥ : ٢١٢ / ٧١٥.

(٢) التهذيب ٥ : ٢١٣ / ٧١٨.

(٣) سنن أبي داود ٣ : ٩٦ - ٩٧ / ٢٨٠٠ و ٢٨٠١ ، المغني ٣ : ٥٩٥ نقلاً بالمعنى.

(٤) المغني ٣ : ٥٩٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٤٣.

(٥) التهذيب ٥ : ٢١٠ - ٢١١ / ٧٠٧.

(٦) المغني ٣ : ٥٩٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٥٠ ، المبسوط - للسرخسي - ١٢ : ١١ ، المجموع ٨ : ٤٠١.

٢٦٤

قال الشيخ : لو ضحّى بالخصيّ ، وجب عليه الإعادة إذا قدر عليه(١) ؛ لأنّه غير المأمور به ، فلا يخرج به عن العهدة.

ولأنّ عبد الرحمن بن الحجّاج سأل - في الصحيح - الكاظمعليه‌السلام عن الرجل يشتري الهدي ، فلمـّا ذبحه إذا هو خصيّ مجبوب ولم يكن يعلم أنّ الخصيّ لا يجوز في الهدي هل يجزئه أم يعيد؟ قال : « لا يجزئه إلّا أن يكون لا قوّة به عليه »(٢) .

ويكره الموجوء - وهو مرضوض الخصيتين - لما روي أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ضحّى بكبشين أملحين موجوءين ، رواه العامّة(٣) .

وأمّا مسلول البيضتين : فالأقوى أنّه كالخصيّ.

وأمّا الجمّاء - وهي التي لم يخلق لها قرن - تجزئ.

قال بعض العامّة : لا تجزئ ؛ لأنّ عدم القرن أكثر من ذهاب بعضه(٤) .

ونمنع الحكم في الأصل.

والأقرب : إجزاء البتراء ، وهي مقطوعة الذنب ، وكذا الصمعاء ، وهي التي لم يخلق لها اُذن ، أو كان لها اُذن صغيرة ؛ لأنّ فقد هذه الأعضاء لا يوجب نقصاً في قيمة الشاة ولا في لحمها.

مسألة ٦٠٢ : المهزولة - وهي التي ليس على كليتها شي‌ء من الشحم - لا تجزئ‌ ، لأنّه قد منع من العرجاء لأجل الهزال فالمهزولة أولى بالمنع.

ولقول الصادقعليه‌السلام : « وإن اشتراه وهو يعلم أنّه مهزول لم يجزئ‌

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٢١١ ، النهاية : ٢٥٨ ، المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٧٣.

(٢) التهذيب ٥ : ٢١١ / ٧٠٨.

(٣) المغني ٣ : ٥٩٧ ، سنن أبي داود ٣ : ٩٥ / ٢٧٩٥ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٤٣ - ١٠٤٤ / ٣١٢٢.

(٤) المغني ٣ : ٥٩٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٥٠.

٢٦٥

عنه »(١) .

وروى الفضيل ، قال : حججت بأهلي سنة ، فعزّت الأضاحي ، فانطلقت فاشتريت شاتين بالغلاء ، فلمـّا ألقيت إهابهما ندمت ندامة شديدة لما رأيت بهما من الهزال ، فأتيته فأخبرته ذلك ، فقال : « إن كان على كليتيها شي‌ء من الشحم أجزأت »(٢) .

ويستحب أن تكون سمينةً تنظر في سواد وتمشي في سواد وتبرك في سواد - قيل : أن تكون هذه المواضع منها سوداً ، وقيل : يكون سميناً له ظلّ يمشي فيه ويأكل فيه وينظر فيه - لأنّ محمد بن مسلم روى - في الصحيح - عن أحدهماعليهما‌السلام ، قال : « إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يضحّي بكبش أقرن عظيم سمين فحل يأكل في سواد وينظر في سواد »(٣) .

إذا عرفت هذا ، فلو اشترى هدياً على أنّه سمين فوجده مهزولاً ، أجزأ عنه ، وكذا لو اشتراه على أنّه مهزول فخرج سميناً ، أجزأه أيضاً ؛ للامتثال.

ولقول الصادقعليه‌السلام : « وإن اشترى الرجل هدياً وهو يرى أنّه سمين ، أجزأ عنه وإن لم يجده سميناً ، وإن اشترى وهو يرى أنّه مهزول فوجده سميناً ، أجزأ عنه ، وإن اشتراه وهو يعلم أنّه مهزول ، لم يجزئ عنه »(٤) .

ولو اشترى هدياً ثم أراد(٥) أن يشتري أسمن منه ، فليشتره وليبع الأوّل إن أراد ؛ لأنّه لم يتعيّن للذبح.

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٢١١ - ٢١٢ / ٧١٢.

(٢) التهذيب ٥ : ٢١٢ / ٧١٤ بتفاوت يسير.

(٣) التهذيب ٥ : ٢٠٥ / ٦٨٦.

(٤) التهذيب ٥ : ٢١١ - ٢١٢ / ٧١٢.

(٥) في الطبعة الحجرية : ثم عنّ له ، بدل ثم أراد.

٢٦٦

ولقول الصادقعليه‌السلام - في الحسن - في رجل اشترى شاةً ثم أراد أن يشتري أسمن منها ، قال : « يشتريها ، فإذا اشترى باع الاُولى » ولا أدري شاةً قال أو بقرة(١) .

ولو اشترى هدياً ثم وجد به عيباً ، لم يجزئ عنه(٢) ، قاله الشيخ في التهذيب(٣) ؛ لأنّ علي بن جعفر سأل أخاه الكاظمَعليه‌السلام - في الصحيح - عن الرجل يشتري الاُضحية عوراء فلا يعلم إلّا بعد شرائها هل يجزئ عنه؟ قال : « نعم إلّا أن يكون هدياً واجباً فإنّه لا يجوز ناقصاً »(٤) .

إذا عرفت هذا ، فلو اشتراه على أنّه تامٌّ فوجده ناقصاً ، لم يجزئ عنه.

مسألة ٦٠٣ : الإناث من الإبل والبقر أفضل من الذكران ، والذكران من الضأن والمعز أولى ، ولا خلاف في جواز العكس في البابين ، إلّا ما روي عن ابن عمر أنّه قال : ما رأيت أحداً فاعلاً ذلك ، وإن أنحر اُنثى أحبّ إليَّ(٥) .

ولا تصريح فيه بالمنع ، والآية عامّة في قوله تعالى :( وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللهِ ) (٦) .

وروى العامّة أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أهدى جملاً لأبي جهل في أنفه بُرَة(٧) من فضّة(٨) .

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٢١٢ / ٧١٣.

(٢) في « ق ، ك » : لم يجزئه.

(٣) التهذيب ٥ : ٢١٣ ذيل الحديث ٧١٨.

(٤) التهذيب ٥ : ٢١٣ - ٢١٤ / ٧١٩.

(٥) المغني ٣ : ٥٩٣ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٤١.

(٦) الحجّ : ٣٦.

(٧) البُرَة : حلقة تجعل في لحم الأنف. النهاية - لابن الأثير - ١ : ١٢٢ « بره ».

(٨) سنن أبي داود ٢ : ١٤٥ / ١٧٤٩ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٣٠.

٢٦٧

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - : « أفضل البُدْن ذوات الأرحام من الإبل والبقر »(١) .

وقد تجزئ الذكورة من البُدْن والضحايا من الغنم الفحولة.

ويكره التضحية بالجاموس وبالثور ؛ لقول لأبي بصير : سألته عن الأضاحي ، فقال : « أفضل الأضاحي في الحجّ الإبل والبقر ذوو الأرحام ، ولا يضحّى بثور ولا جمل »(٢) .

ويستحب أن يكون الهدي ممّا عُرّف به - وهو الذي اُحضر عرفة عشيّة عرفة - إجماعاً ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « لا يضحّى إلّا بما قد عرّف به »(٣) .

ومنع ابن عمر وسعيد بن جبير من التضحية بما لم يعرَّف به(٤) .

والأصل عدم الوجوب ، وسأل سعيدُ بن يسار الصادقَعليه‌السلام : عمّن اشترى شاة لم يعرَّف بها ، قال : « لا بأس عُرّف بها أو لم يُعرّف »(٥) .

ولو أخبر البائع بالتعريف ، قُبل منه ؛ لأنّ سعيد بن يسار سأل الصادقَعليه‌السلام : إنّا نشتري الغنم بمنى ولسنا ندري هل عُرّف بها أم لا؟ فقال : « إنّهم لا يكذبون ، لا عليك ضحّ بها »(٦) .

تذنيب : قال مالك في هدي المجامع : إن لم يكن ساقه ، فليشتره من مكّة ثم ليخرجه إلى الحِلّ ، وليسقه إلى مكّة(٧) .

فاشترط فيه الجمع بين‌

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٢٠٤ / ٦٨٠.

(٢) التهذيب ٥ : ٢٠٤ / ٦٨٢.

(٣) التهذيب ٥ : ٢٠٦ - ٢٠٧ / ٦٩١ ، الاستبصار ٢ : ٢٦٥ / ٩٣٦.

(٤) اُنظر : الشرح الكبير ٣ : ٥٧٩.

(٥) التهذيب ٥ : ٢٠٧ / ٦٩٣ ، الاستبصار ٢ : ٢٦٥ / ٩٣٦.

(٦) التهذيب ٥ : ٢٠٧ / ٦٩٤ ، الاستبصار ٢ : ٢٦٥ / ٩٣٩.

(٧) الشرح الكبير ٣ : ٥٧٩.

٢٦٨

الحِلّ والحرم ، ولم يوافقه أحد.

لنا : الأصل براءة الذمّة ، ولأنّ القصد اللحم ونفع المساكين به ، وهو لا يقف على ما ذكره ، ولا دليل على قوله.

البحث الرابع : في البدل.

مسألة ٦٠٤ : إذا لم يجد الهدي ولا ثمنه ، انتقل إلى البدل عنه ، وهو صوم عشرة أيّام : ثلاثة أيّام في الحجّ متتابعات ، وسبعة إذا رجع إلى أهله ، بالنصّ والإجماع.

قال الله تعالى :( فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ ) (١) .

وتعتبر القدرة على الهدي في مكانه ، فمتى عدمه في موضعه ، انتقل إلى الصوم وإن كان قادراً عليه في بلده ؛ لأنّ وجوبه موقّت ، وما كان ذلك اعتبرت القدرة عليه في موضعه ، كالماء في الطهارة إذا عدمه في موضعه ، ولا نعلم فيه خلافاً.

مسألة ٦٠٥ : ولو لم يجد الهدي ووجد ثمنه ، فأكثر علمائنا(٢) على أنّه يضع الثمن عند مَنْ يثق به‌ من أهل مكّة ليشتري له به هدياً ويذبحه عنه في بقية ذي الحجّة ، فإن خرج ذو الحجّة ولم يجد ، اشترى له في ذي الحجّة في العام المقبل ؛ لأنّ وجدان الثمن بمنزلة وجدان العين ، كواجد ثمن الماء ، مع أنّ النصّ ورد :فإن لم تجدوا ماء (٣)

____________________

(١) البقرة : ١٩٦.

(٢) منهم ابنا بابويه كما في الفقيه ٢ : ٣٠٤ ، والشيخ المفيد في المقنعة : ٦١ ، والسيّد المرتضى في الانتصار : ٩٣ ، والشيخ الطوسي في النهاية : ٢٥٤ ، والمبسوط ١ : ٣٧٠.

(٣) الآية في سورتي النساء : ٤٣ والمائدة : ٦:( فَلَمْ تَجِدُوا ماءً ) .

٢٦٩

وكذا وجدان ثمن الرقبة في العتق ؛ لأنّ التمكّن يحصل باعتبار الثمن هناك ، ويصدق عليه أنّه واجد للثمن ، فكذا هنا.

ولقول الصادقعليه‌السلام في متمتّع يجد الثمن ولا يجد الغنم ، قال : « يخلّف الثمن عند بعض أهل مكّة ويأمر مَنْ يشتري له ويذبح عنه وهو يجزئ عنه ، فإن مضى ذو الحجّة أخّر ذلك إلى قابل [ من ] ذي الحجّة »(١) .

مسألة ٦٠٦ : لو فقد الهدي والثمن ، انتقل إلى الصوم ، ويستحب أن تكون الثلاثة في الحجّ يوماً قبل التروية ويوم التروية ويوم عرفة ، عند علمائنا - وبه قال عطاء وطاوُس والشعبي ومجاهد والحسن والنخعي وسعيد بن جبير وعلقمة وعمرو بن دينار وأصحاب الرأي(٢) - لأنّ هذه الأيّام أشرف من غيرها ، ويوم عرفة أفضل من غيره من أيّام ذي الحجّة ، فكان صومه أولى.

ولقول الصادقعليه‌السلام في متمتّع لا يجد الهدي : « فليصم قبل التروية ويوم التروية ويوم عرفة»(٣) ولرواية محمد بن مسلم - الصحيحة - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : « صوم الثلاثة الأيّام إن صامها فآخرها يوم عرفة »(٤) .

وقال الشافعي : آخرها يوم التروية - وهو محكي عن ابن عمر‌

____________________

(١) الكافي ٤ : ٥٠٨ / ٦ ، التهذيب ٥ : ٣٧ / ١٠٩ ، الاستبصار ٢ : ٢٦٠ / ٩١٦ ، وما بين المعقوفين من المصدر.

(٢) المغني ٣ : ٥٠٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٤١ - ٣٤٢ ، تفسير القرطبي ٢ : ٣٩٩.

(٣) التهذيب ٥ : ٣٨ - ٣٩ / ١١٤.

(٤) التهذيب ٥ : ٢٣٤ / ٧٩١ ، الاستبصار ٢ : ٢٨٣ / ١٠٠٣ ، وفيهما عن محمد بن مسلم عن أحدهماعليهما‌السلام .

٢٧٠

وعائشة ، ومرويّ عن أحمد - لأنّ صوم يوم عرفة بعرفة غير مستحب(١) .

وجوابه : أنّ ذلك لموضع الحاجة.

مسألة ٦٠٧ : لو فاته هذه الثلاثة ، صامها بعد أيّام منى‌ ، ولا يسقط عنه الصوم لفواته في العشر - وبه قال عليعليه‌السلام ، وابن عمر وعائشة وعروة بن الزبير والحسن وعطاء والزهري ومالك والشافعي وأحمد وأصحاب الرأي(٢) - لأنّه صوم واجب ، فلا يسقط بفوات وقته ، كرمضان.

ولرواية رفاعة ، قال : سألت الصادقعليه‌السلام : فإنّه قدم يوم التروية ، قال : « يصوم ثلاثة أيّام بعد أيّام التشريق » قلت : لم يقم عليه جمّالُه ، قال : « يصوم يوم الحصبة وبعده يومين » قال : قلت : وما الحصبة؟ قال : « يوم نفره » قلت : يصوم وهو مسافر!؟ قال : « نعم أفليس هو يوم عرفة مسافراً؟ إنّا أهل البيت نقول ذلك ، لقول الله عزّ وجلّ :( فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ ) (٣) يقول : في ذي الحجّة »(٤) .

وقال ابن عباس وسعيد بن جبير وطاوُس ومجاهد : إذا فاته الصوم في العشر ، لم يصمه بعده ، واستقرّ الهدي في ذمّته ، لقوله تعالى :( فِي الْحَجِّ ) (٥) .

ولأنّه بدل موقّت ، فيسقط بخروج وقته ، كالجمعة(٦) .

____________________

(١) الحاوي الكبير ٤ : ٥٣ ، المجموع ٧ : ١٨٦ ، المغني ٣ : ٥٠٧ - ٥٠٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٤٢ ، أحكام القرآن - للجصّاص - ١ : ٢٩٣ ، تفسير القرطبي ٢ : ٣٩٩.

(٢) المغني ٣ : ٥٠٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٤٣ ، المجموع ٧ : ١٨٦ و ١٩٣ ، تفسير القرطبي ٢ : ٤٠٠ ، أحكام القرآن - للجصّاص - ١ : ٢٩٥.

(٣) البقرة : ١٩٦.

(٤) الكافي ٤ : ٥٠٦ - ٥٠٧ / ١ ، التهذيب ٥ : ٣٨ - ٣٩ / ١١٤.

(٥) البقرة : ١٩٦.

(٦) المغني ٣ : ٥٠٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٤٣ ، أحكام القرآن - للجصّاص - ١ : ٢٩٥ ، تفسير القرطبي ٢ : ٤٠١.

٢٧١

والآية تدلّ على وجوبه في الحجّ ، أي في أشهر الحجّ ، وذو الحجّة كلّه من أشهر الحجّ.

وقياسهم باطل ؛ لأنّ الجمعة ليست بدلاً ، وسقطت ؛ لأنّ الوقت جعل شرطاً لها كالجماعة.

مسألة ٦٠٨ : ويجوز صوم الثلاثة قبل الإحرام بالحجّ ، وقد وردت رخصة في جواز صومها من أوّل العشر إذا تلبّس بالمتعة - وبه قال الثوري والأوزاعي(١) - لأنّ إحرام العمرة أحد إحرامي التمتّع ، فجاز الصوم بعده وبعد الإحلال منه ، كإحرام الحجّ.

وقد روى زرارة عن الصادقعليه‌السلام أنّه قال : « مَنْ لم يجد الهدي وأحبَّ أن يصوم الثلاثة الأيّام في أوّل العشر فلا بأس بذلك »(٢) .

وقال أبو حنيفة : يجوز صومها إذا أحرم بالعمرة. وهو رواية عن أحمد(٣) .

وعنه رواية اُخرى : إذا أحلّ من العمرة(٤) .

وقال مالك والشافعي : لا يجوز إلّا بعد الإحرام بالحجّ - وبه قال إسحاق وابن المنذر ، وهو مروي عن ابن عمر - لقوله تعالى :( ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ ) (٥) .

ولأنّه صوم واجب ، فلا يجوز تقديمه على وقت وجوبه ،

____________________

(١) المغني ٣ : ٥٠٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٤٢ ، تفسير القرطبي ٢ : ٣٩٩.

(٢) التهذيب ٥ : ٢٣٥ / ٧٩٣ ، الاستبصار ٢ : ٢٨٣ / ١٠٠٥.

(٣) المغني ٣ : ٥٠٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٤٢ ، المجموع ٧ : ١٩٣ ، أحكام القرآن - للجصّاص - ١ : ٢٩٥ ، التفسير الكبير ٥ : ١٦٩ ، تفسير القرطبي ٢ : ٣٩٩.

(٤) المغني ٣ : ٥٠٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٤٢.

(٥) البقرة : ١٩٦.

٢٧٢

كرمضان(١) .

والآية لا بدّ فيها من تقدير ؛ فإنّ الحجّ أفعال لا يصام فيها ، إنّما يصام في وقتها أو في أشهرها ؛ لقوله تعالى :( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ ) (٢) .

والتقديم جائز إذا وجد السبب ، كتقديم التكفير على الحنث عنده.

إذا عرفت هذا ، فلا يجوز تقديم صومها على إحرام العمرة إجماعاً ، إلّا ما روي عن أحمد أنّه يجوز تقديم صومها على إحرام العمرة(٣) .

وهو خطأ ؛ لأنّه تقديم للواجب على وقته وسببه ، ومع ذلك فهو خلاف الإجماع.

مسألة ٦٠٩ : ولا يجوز أن يصوم أيّام التشريق بمنى في بدل الهدي وغيره ، عند علمائنا‌ - وبه قال عليعليه‌السلام ، والحسن وعطاء وابن المنذر وأحمد في إحدى الروايتين ، والشافعي في الجديد(٤) - لما رواه العامّة عن أبي هريرة أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن صيام ستّة أيّام : يوم الفطر والأضحى وأيّام التشريق واليوم الذي يشكّ فيه من رمضان(٥) .

ومن طريق الخاصّة : ما رواه الصدوق عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه بعث بديل ابن ورقاء الخزاعي على جمل أورق ، وأمره أن يتخلّل الفساطيط وينادي‌

____________________

(١) المغني ٣ : ٥٠٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٤٢ ، المجموع ٧ : ١٩٣ ، تفسير القرطبي ٢ : ٣٩٩ ، التفسير الكبير ٥ : ١٦٩.

(٢) البقرة : ١٩٧.

(٣) المغني ٣ : ٥٠٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٤٢.

(٤) المغني ٣ : ٥١٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٤٣ ، الوجيز ١ : ١٠٣ ، فتح العزيز ٦ : ٤١٠ - ٤١١ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ١٩٦ ، المجموع ٦ : ٤٤٣ و ٤٤٥ ، الحاوي الكبير ٤ : ٥٤ ، تفسير القرطبي ٢ : ٤٠٠.

(٥) سنن الدار قطني ٢ : ١٥٧ / ٦.

٢٧٣

في الناس أيّام منى : « ألا لا تصوموا ، إنّها أيّام أكل وشرب وبعال »(١) .

وسأل معاويةُ بن عمّار الصادقَعليه‌السلام عن الصيام أيّام التشريق ، فقال : « أمّا بالأمصار فلا بأس به ، وأمّا بمنى فلا »(٢) .

وقال الشافعي في القديم : يجوز صيامها. وهو رواية عن أحمد ، وبه قال ابن عمر وعائشة ومالك وإسحاق(٣) ؛ لما رواه ابن عمر أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله رخّص للمتمتّع إذا لم يجد الهدي أن يصوم أيّام التشريق(٤) .

وهو ضعيف السند.

مسألة ٦١٠ : لو لم يصمها بعد أيّام التشريق ، جاز صيامها طول ذي الحجّة أداءً لا قضاءً‌ - وبه قال الشافعي ومالك(٥) - لأنّه صوم واجب ، فلا يسقط بفوات وقته كرمضان.

ولرواية زرارة - الصحيحة - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : « مَنْ لم يجد ثمن الهدي فأحبّ أن يصوم الثلاثة الأيّام في العشر الأواخر فلا بأس بذلك »(٦) .

وقال أبو حنيفة : إذا فاته الصوم بخروج يوم عرفة ، سقط الصوم واستقرّ الهدي في ذمّته ؛ لقوله تعالى :( فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ ) (٧) (٨) .

____________________

(١) الفقيه ٢ : ٣٠٢ - ٣٠٣ / ١٥٠٤.

(٢) التهذيب ٤ : ٢٩٧ / ٨٩٧ ، الاستبصار ٢ : ١٣٢ / ٤٢٩.

(٣) الحاوي الكبير ٤ : ٥٣ ، فتح العزيز ٦ : ٤١٠ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ١٩٦ ، المجموع ٦ : ٤٤٣ و ٤٤٥ ، المغني ٣ : ٥١٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٤٣.

(٤) سنن الدار قطني ٢ : ١٨٦ / ٢٩.

(٥) فتح العزيز ٧ : ١٧٣ - ١٧٤ ، المجموع ٧ : ١٩٣ ، تفسير القرطبي ٢ : ٤٠٠.

(٦) الفقيه ٢ : ٣٠٣ / ١٥٠٨.

(٧) البقرة : ١٩٦.

(٨) أحكام القرآن - للجصّاص - ١ : ٢٩٥ ، فتح العزيز ٧ : ١٧٤.

٢٧٤

وليس حجّةً ؛ لدلالتها على الوجوب في أشهر الحجّ ، لا على السقوط بعد انقضاء عرفة.

ولا يجوز صوم هذه الأيّام الثلاثة إلّا في ذي الحجّة بعد التلبّس بالمتعة.

ولو خرج ذو الحجّة وأهلّ الـمُحرَّم ، سقط فرض الصوم ، واستقرّ الهدي في ذمّته - وبه قال أبو حنيفة(١) - لأنّه صوم فات وقته ، فيسقط إلى مُبْدله ، كالجمعة.

ولما رواه منصور - في الحسن - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : « مَنْ لم يصم في ذي الحجّة حتّى يهلّ هلال الـمُحرَّم فعليه دم شاة ، وليس له صوم ، ويذبح بمنى »(٢) .

وقال الشافعي : لا يسقط الصوم ، ولا تجب الشاة ، لأنّه صوم يجب بفواته القضاء ، فلم تجب به كفّارة ، كصوم رمضان(٣) .

ونمنع وجوب القضاء.

وقال أحمد : يجوز الصوم ، ولا يسقط بفوات وقته ، لكن يجب عليه دم شاة(٤) .

مسألة ٦١١ : يجب صوم الثلاثة متتابعاً إلّا في صورة واحدة ، وهي أنّه إذا فاته قبل يوم التروية ، فإنّه يصوم يوم التروية وعرفة ويفطر يوم العيد ثم‌

____________________

(١) اُنظر أحكام القرآن - للجصّاص - ١ : ٢٩٥ ، وفتح العزيز ٧ : ١٧٤.

(٢) التهذيب ٥ : ٣٩ / ١١٦ ، الاستبصار ٢ : ٢٧٨ / ٩٨٩.

(٣) فتح العزيز ٧ : ١٧٣ - ١٧٤ ، المجموع ٧ : ١٩٣ ، المغني ٣ : ٥١٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٤٤.

(٤) المغني ٣ : ٥١٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٤٣ - ٣٤٤ ، فتح العزيز ٧ : ١٧٤ ، المجموع ٧ : ١٩٣.

٢٧٥

يصوم يوماً آخر بعد انقضاء أيّام التشريق.

ولو صام غير هذه الأيّام ، وجب فيها تتابع الثلاثة ، ولا يجوز تخلّل الإفطار بين اليومين والثالث إلّا في الصورة التي ذكرناها.

ولم يوجب العامّة(١) التتابع.

والاحتياط ينافيه ؛ لأنّ الأمر ينبغي المسارعة إليه بقدر الإمكان ، وهو إنّما يتحقّق بالتتابع.

ولقول الصادقعليه‌السلام : « لا يصوم الثلاثة الأيّام متفرّقة »(٢) .

وقالعليه‌السلام فيمن صام يوم التروية ويوم عرفة : « يجزئه أن يصوم يوماً آخر »(٣) .

وأمّا السبعة : فلا خلاف في جواز تفريقها ؛ لأنّ إسحاق بن عمّار سأل الكاظمَعليه‌السلام : عن صوم السبعة اُفرّقها؟ قال : « نعم »(٤) .

مسألة ٦١٢ : أوجب علماؤنا التفريق بين الثلاثة والسبعة ؛ لأنّهم أوجبوا صوم ثلاثة أيّام في الحجّ وسبعة في بلده - وبه قال الشافعي في حرملة ، ونقله المزني عنه(٥) - لقوله تعالى :( فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ ) (٦) .

____________________

(١) المغني ٣ : ٥٠٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٤٤ ، فتح العزيز ٧ : ١٩٠ ، المجموع ٧ : ١٩٨ ، بدائع الصنائع ٢ : ٧٦.

(٢) التهذيب ٥ : ٢٣٢ / ٧٨٤ ، الاستبصار ٢ : ٢٨٠ / ٩٩٤.

(٣) التهذيب ٥ : ٢٣١ / ٧٨٠ ، الاستبصار ٢ : ٢٧٩ / ٩٩١.

(٤) التهذيب ٥ : ٢٣٣ / ٧٨٧ ، الاستبصار ٢ : ٢٨١ / ٩٩٨.

(٥) فتح العزيز ٧ : ١٧٤ - ١٧٥ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٠٩ ، المجموع ٧ : ١٨٧ ، حلية العلماء ٣ : ٢٦٥ ، تحفة الفقهاء ١ : ٤١٢ ، مختصر المزني : ٦٤.

(٦) البقرة : ١٩٦.

٢٧٦

وما رواه العامّة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في حديث طويل : ( فمن لم يجد هدياً فليصم ثلاثة أيّام في الحجّ وسبعة إذا رجع إلى أهله )(١) .

ومن طريق الخاصّة : رواية علي بن جعفر - في الصحيح - عن الكاظمعليه‌السلام ، قال : « ولا يجمع الثلاثة والسبعة جميعاً »(٢) .

والقول الثاني للشافعي : يصوم إذا فرغ من أيّام الحجّ. وبه قال أبو حنيفة وأحمد - وحكي عن الشافعي أنّه يصوم إذا خرج من مكّة سائراً في الطريق ، وبه قال مالك - لأنّ كلّ مَنْ لزمه صوم وجاز له أن يؤدّيه إذا رجع إلى وطنه جاز قبل ذلك ، كقضاء رمضان(٣) .

والقياس لا يعارض الكتاب والحديث.

مسألة ٦١٣ : هذه السبعة تصام إذا رجع إلى أهله ، وإن أقام بمكّة ، انتظر وصول الناس إلى بلده ، أو مضيّ شهر ثم يصومها ؛ لما رواه معاوية بن عمّار - في الصحيح - قال : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : مَنْ كان متمتّعاً فلم يجد هدياً فليصم ثلاثة أيّام في الحجّ وسبعة إذا رجع إلى أهله ، فإن فاته ذلك وكان له مقام بمكّة وأراد أن يصوم السبعة ترك الصيام بقدر مسيره إلى أهله أو شهراً ثم صام »(٤) .

وقال مالك وأبو حنيفة : يصوم بعد مضيّ أيّام التشريق(٥) .

____________________

(١) صحيح البخاري ٢ : ٢٠٥ - ٢٠٦ ، صحيح مسلم ٢ : ٩٠١ / ١٢٢٧ ، سنن النسائي ٥ : ١٥١ ، سنن البيهقي ٥ : ١٧ و ٢٣.

(٢) التهذيب ٤ : ٣١٥ / ٩٥٧ ، الاستبصار ٢ : ٢٨١ / ٩٩٩.

(٣) فتح العزيز ٧ : ١٧٦ - ١٧٧ ، المجموع ٧ : ١٨٧ ، حلية العلماء ٣ : ٢٦٥ ، المغني ٣ : ٥٠٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٤٢ - ٣٤٣.

(٤) التهذيب ٥ : ٢٣٤ / ٧٩٠ ، الاستبصار ٢ : ٢٨٢ - ٢٨٣ / ١٠٠٢.

(٥) المغني ٣ : ٥٠٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٤٢ ، أحكام القرآن - لابن العربي - ١ : ١٣١ ، أحكام القرآن - للجصّاص - ١ : ٢٩٨ - ٢٩٩ ، تفسير القرطبي ٢ : ٤٠١.

٢٧٧

وقال عطاء ومجاهد : يصومها في الطريق. وهو قول إسحاق(١) .

وقال ابن المنذر : يصومها إذا رجع إلى أهله(٢) . وللشافعي ثلاثة أقوال تقدّمت في المسألة السابقة.

إذا عرفت هذا ، فإنّ التفريق بين صوم الثلاثة والسبعة واجب ، لما تقدّم.

ولو لم يصم الثلاثة وأقام بمكة حتى مضى شهر ، أو وصل أصحابه إلى بلده ، لم يجب عليه التفريق ، وهو أحد قولي الشافعي ، وفي الثاني : يجب عليه التفريق.

وفي كيفيّته أربعة أقوال : أحدها : يفصل بقدر المسافة وأربعة أيّام ، وثانيها : بأربعة أيّام ، وثالثها : قدر المسافة ، ورابعها : يفصل بيوم(٣) .

مسألة ٦١٤ : لو مات مَنْ وجب عليه الصوم ولم يصم ، فإن لم يكن قد تمكّن من صيام شي‌ء من العشرة ، سقط الصوم‌ ، ولا يجب على وليّه القضاء عنه ، ولا الصدقة عنه - وهو قول أكثر العامّة والشافعي في أحد القولين(٤) - لأنّه غير واجد للهدي ، فلا يجب عليه ، ولا قادر على الصوم ، فلا يجب أيضاً عليه. نعم يستحب للوليّ القضاء عنه.

ولو تمكّن من صيام العشرة وأهمل ، قال الشيخ : يقضي الوليّ عنه ثلاثة أيّام وجوباً ، ولا يجب قضاء السبعة(٥) .

____________________

(١) المغني ٣ : ٥٠٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٤٢ - ٣٤٣.

(٢) المغني ٣ : ٥٠٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٤٣ ، أحكام القرآن - للجصّاص - ١ : ٢٩٨ ، تفسير القرطبي ٢ : ٤٠١.

(٣) فتح العزيز ٧ : ١٨٣ - ١٨٥ ، المجموع ٧ : ١٨٨ - ١٨٩.

(٤) فتح العزيز ٧ : ١٩٣ ، المجموع ٧ : ١٩٢ ، المغني ٣ : ٥١٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٤٥.

(٥) المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٧٠.

٢٧٨

وقال ابن إدريس : يجب قضاء السبعة أيضاً(١) . وهو المعتمد - وهو أحد قولي الشافعي(٢) - لأنّه صوم واجب لم يفعله ، فوجب على وليّه القضاء عنه ، كرمضان.

ولرواية معاوية بن عمّار ، قال : « مَنْ مات ولم يكن له هدي لمتعته فليصم عنه وليّه »(٣) .

ولو لم يتمكّن من صيام السبعة ، لم يجب على الوليّ قضاؤها.

وفي القول الثاني للشافعي : يتصدّق الوليّ عنه(٤) ، وهو قول العامّة.

إذا عرفت هذا ، فلو تمكّن الحاجّ من صوم السبعة بعد رجوعه إلى أهله ، وجب عليه صيامها ، ولا تجزئ الصدقة عنها ؛ لأنّ الصدقة بدل ، فلا تجزئ مع التمكّن من فعل الـمُبْدل عنه ، كالتيمّم.

مسألة ٦١٥ : لو تلبّس بالصوم ثم أيسر أو وجد الهدي ، لم يجب عليه الهدي ، بل استحبّ له - وبه قال الحسن وقتادة ومالك والشافعي وأحمد في إحدى الروايتين(٥) - لقوله تعالى( فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ ) (٦) مقتضاه وجوب الصوم على غير الواجد ، وهذا غير واجد ، والانتقال إلى الهدي يحتاج إلى دليل.

____________________

(١) السرائر : ١٣٩.

(٢) فتح العزيز ٧ : ١٩٣ - ١٩٤ ، المجموع ٧ : ١٩٢.

(٣) الكافي ٤ : ٥٠٩ / ١٢ ، التهذيب ٥ : ٤٠ / ١١٧ ، الاستبصار ٢ : ٢٦١ / ٩٢١.

(٤) فتح العزيز ٧ : ١٩٣ - ١٩٤ ، المجموع ٧ : ١٩٢.

(٥) المغني ٣ : ٥١١ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٤٥ ، بداية المجتهد ١ : ٣٦٩ ، تفسير القرطبي ٢ : ٤٠١ ، الحاوي الكبير ٤ : ٥٥ ، حلية العلماء ٣ : ٢٦٥ ، الوجيز ١ : ١١٦ ، فتح العزيز ٧ : ١٩١ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٠٩ ، المجموع ٧ : ١٩٠ ، أحكام القرآن - للجصّاص - ١ : ٢٩٧ ، المحلّى ٧ : ١٤٥.

(٦) البقرة : ١٩٦.

٢٧٩

وظاهر كلام الشيخ : اشتراط صيام ثلاثة أيّام(١) ، وبه قال حمّاد والثوري(٢) .

وقال أبو حنيفة : يجب عليه الانتقال إلى الهدي ، وكذا إذا وجد الهدي بعد أن صام ثلاثة أيّام قبل يوم النحر [ و ](٣) إن وجده بعد أن مضت أيّام النحر ، أجزأه الصوم وإن لم يتحلّل ؛ لأنّه قد مضى زمان التحلّل ، لأنّه وجد الـمُبْدل قبل فراغه من البدل ، فأشبه المتيمّم إذا وجد الماء في أثناء تيمّمه ، وإذا وجد الهدي قبل يوم النحر فقد وجد الـمُبْدل قبل حصول المقصود بالبدل ، وهو التحلّل(٤) .

والفرق : أنّ المقصود من التيمّم الصلاة ، وليس مقصوداً في نفسه ، والصوم عبادة مقصودة يجب ابتداءً بالشرع لا كغيرها.

مسألة ٦١٦ : لو أحرم بالحجّ ولم يصم ثم وجد الهدي ، تعيّن عليه الذبح ، ولا يجزئه الصوم - وبه قال أحمد في إحدى الروايتين ، والشافعي في بعض أقواله(٥) - لأنّه قدر على الـمُبْدل قبل شروعه في البدل ، فلزمه الانتقال إليه ، كالمتيمّم إذا وجد الماء ، ولحصول يقين البراءة مع الذبح ، بخلاف الصوم.

وقال الشافعي في بعض أقواله : فرضه الصوم ، وإن أهدى كان‌

____________________

(١) النهاية : ٢٥٦ ، المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٧١.

(٢) المغني ٣ : ٥١١ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٤٥ ، تفسير القرطبي ٢ : ٤٠١.

(٣) أضفناها لأجل السياق.

(٤) أحكام القرآن - للجصّاص - ١ : ٢٩٧ ، حلية العلماء ٣ : ٢٦٥ ، المحلّى ٧ : ١٤٥ ، فتح العزيز ٧ : ١٩١ ، تفسير القرطبي ٢ : ٤٠١ ، بداية المجتهد ١ : ٣٦٩.

(٥) المغني ٣ : ٥١٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٤٥ ، فتح العزيز ٧ : ١٩١ - ١٩٢ ، المجموع ٧ : ١٩٠ ، المحلّى ٧ : ١٤٥.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460