تذكرة الفقهاء الجزء ٨

تذكرة الفقهاء13%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-051-X
الصفحات: 460

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 460 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 192078 / تحميل: 5477
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ٨

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٠٥١-X
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

الصالحين، على جانب عظيم من الورع والتقوى، والاجتهاد في العبادة ورفض السّوى، له مصنّفات عديدة، وذكروا عنه أخباراً حميدة فما كان هذا الرجل إلّا من حسنات الدهر، وخاتمة أهل الورع، ومفاخر الهند، وشهرته تغني عن ترجمته، وتعظيمه في القلوب يغني عن مدحه ».

(١٣٧)

ذكر محمد طاهر الفتني

حديث الغدير في ( مجمع البحار ) نقلاً عن النهاية حيث قال:

« إسم المولى يقع على: الربّ، والمالك، والسيّد، والمنعم، والناصر، والمحب، والتابع، والجار، وابن العم، والحليف، والعقيد، والصهر، والعبد، والمعتق، والمنعم عليه، وأكثرها جاء في الحديث، وكل من ولّي أمرا أو قام به فهو مولاه ووليّه، وقد يختلف مصادرها، فالولاية بالفتح في النسب والنصرة والعتق، وبالكسر في الامارة، والولاء في المعتق، والموالاة من والى القوم، ومنه: من كنت مولاه فعلي مولاه ، يحمل على أكثر الأسماء المذكورة »(١) .

____________________

(١). مجمع البحار -: مادة ولي. وتوجد ترجمه الفتني في النور السافر ٣٦١ وأخبار الأخيار ٢٦٨ وسبحة المرجان في آثار هندوستان ٤٣ وأبجد العلوم ٨٩٥ وتفصيل الكلمات في حقه في قسم حديث ( أنا مدينة العلم ).

٢٠١

(١٣٨)

ذكر ميرزا مخدوم

ابن عبد الباقي حديث الغدير، وتصريحه بتواتره، مع ما هو عليه من التعصّب والعناد، وقد تقدم ذلك سابقاً.

(١٣٩)

رواية القاري

ورواه علي بن سلطان محمد الهروي القاري، فقد قال في شرح قول الخطيب التبريزي: « رواه أحمد والترمذي » ما نصّه: « وفي الجامع رواه أحمد وابن ماجة عن البراء، وأحمد عن بريدة، والترمذي والنسائي والضياء عن زيد بن أرقم. ففي إسناد المصنّف الحديث عن زيد بن أرقم إلى أحمد والترمذي مسامحة لا تخفى. و في رواية لأحمد والنسائي والحاكم عن بريدة بلفظ: من كنت وليّه فعلي وليّه. وروى المحاملي في أماليه عن ابن عباس ولفظه: علي بن أبي طالب مولى من كنت مولاه »(١) .

ترجمته

قالالمحبي: « أحد صدور العلم، فرد عصره، الباهر السمت في التحقيق

____________________

(١). المرقاة في شرح المشكاة ٥ / ٥٦٨.

٢٠٢

وتنقيح العبارات، وشهرته كافية عن الإِطراء في وصفه، إشتهر ذكره، وطار صيته، وألّف التآليف الكثيرة اللطيفة، المحتوية على الفوائد الجليلة »(١) .

وكذا ترجمه الشوكاني(٢) ، والقنوجي(٣) ، وسيأتي عبارتهما في قسم حديث ( أنا مدينة العلم وعلي بابها ).

(١٤٠)

رواية المناوي

ورواه شمس الدين محمد المدعوّ بعبد الرءوف المناوي في ( كنوز الحقائق ) حيث قال: « من كنت مولاه فعلي مولاه. حم »(٤) .

وقال في شرحه في ( فيض القدير ): « قال ابن حجر: حديث كثير الطّرق، قد استوعبها ابن عقدة في كتاب مفرد، منها صحاح ومنها حسان، وفي بعضها: قال ذلك يوم غدير خم. و زاد البزار في روايته: اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وأحب من أحبّه وأبغض من أبغضه، وانصر من نصره، واخذل من خذله. ولـمّا سمع عمر ذلك قال: أمسيت يا ابن أبي طالب مولى كلّ مؤمن ومؤمنة، خرّجه الدار قطني وأخرج أيضاً: قيل لعمر إنّك تصنع بعلي شيئاً لا تصنعه بأحد من الصحابة، قال: إنّه مولاي »(٥) .

____________________

(١). خلاصة الأثر ٣ / ١٨٥.

(٢). البدر الطالع ١ / ٤٤٥.

(٣). إتحاف النبلاء المتقين.

(٤). كنوز الحقائق في حديث خير الخلائق - هامش الجامع الصغير ٢ / ١١٨.

(٥). فيض القدير في شرح الجامع الصغير ٦ / ٢١٧ - ٢١٨.

٢٠٣

ترجمته

قالالمحبي: « الامام الكبير، الحجة الثبت القدوة، صاحب التصانيف السائرة، وأجل أهل عصره من غير ارتياب، وكان إماماً فاضلاً، زاهداً عابداً، قانتاً لله خاشعاً له، كثير النفع فهو أعظم علماء هذا التاريخ آثاراً، ومؤلفاته غالباً متداولة، كثيرة النفع وكانت ولادته في سنة ٩٥٢، وتوفي ١٠٣١ »(١) .

(١٤١)

رواية شيخ العيدروس

ورواه شيخ بن عبدالله العيدروس أيضاً. وسيأتي نصّ روايته إنْ شاء الله(٢) .

(١٤٢)

رواية الشيخاني القادري

ورواه محمود بن محمد بن علي الشيخاني القادري المدني حيث قال: « ومن تلك الأحاديث الواردة الصحيحة، قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعليرضي‌الله‌عنه : من كنت مولاه فعلي مولاه. أخرجه الترمذي والنسائي والامام أحمد وغيرهم، وكم حديث صحيح ما أخرجه الشيخان.

وعن سعيد بن وهب قال: قال عليرضي‌الله‌عنه في الرحبة: أنشد الله من

____________________

(١). خلاصة الأثر ٢ / ٤١٢ - ٤١٦.

(٢). وتوجد ترجمته في خلاصة الأثر ٢ / ٢٣٥، النور السافر ٣٧٢.

٢٠٤

سمع رسول الله يوم غدير خم يقول: ان الله ولي المؤمنين، ومن كنت وليه فهذا وليّه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره. قال سعيد: فقام إلى جنبي ستة. أخرجه النسائي في كتاب الخصائص، قال الحافظ الذهبي: هذا حديث صحيح.

و أخرج الإِمام أحمد في مسنده عن أبي الطّفيل، قال: جمع عليرضي‌الله‌عنه الناس في الرحبة وهذا الحديث مروي أيضاً عن زيد بن أرقم قال الحافظ الذهبي: هذا الحديث صحيح غريب.

وأخرج أبو عوانة عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقمرضي‌الله‌عنه قال: لما رجع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حجة الوداع ونزل غدير خم قال الحافظ الذهبي: هذا حديث صحيح.

وأخرج أبو يعلى والحسن بن سفيان في مسنديهما عن البراءرضي‌الله‌عنه قال: كنّا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حجّة الوداع قال الحافظ الذهبي: هذا حديث حسن.

اتفق على ما ذكرنا جمهور أهل السنّة، وأما ما انفرد به أهل البدع من الإِسماعيليّة ببلاد اليمن، وخالف فيه أهل الجمعة والجماعة والسنن أقول: وقد مرّ الأحاديث الصحاح والحسان، وليس فيها جميع ما ذكره المدعي، بل الصحيح مما ذكرنا: من كنت مولاه فعلي مولاه، والصحيح مما ذكرنا أيضاً: اللهم وال من والاه. والصحيح مما ذكرنا أيضاً: إن الله وليي وأنا وليّ المؤمنين ومن كنت وليه فهذا وليه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره والصحيح مما ذكرنا أيضاً قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للناس: أتعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: نعم يا رسول الله. قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.

والصحيح مما ذكرنا أيضاً قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كأني قد دعيت فأجبت، وإني قد تركت فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فانظروا كيف

٢٠٥

تخلفوني فيهما، لن يفترقا حتى يردا علي الحوض. ثم قال: إنّ الله مولاي فأنا [ وأنا ] ولي كل مؤمن، ثم أخذ بيد علي فقال: من كنت مولاه فهذا وليّه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. والصحيح مما ذكرنا أيضا قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ألست أولى بكل مؤمن من نفسه؟ قالوا: بلى. قال: فإن هذا مولى من أنا مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، فلقيه عمررضي‌الله‌عنه فقال: هنيئاً لك، أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة. انتهى ما هو الصحيح والحسان.

وليس في ذلك مخترعات المدعي ومفترياته، وقد استوعب طرق الأحاديث المذكورة وغيرها ابن عقدة في كتاب مفرد. وذكر بعضها أيضاً الشيخ نور الدين السيد الجليل علي بن جمال الدين عبدالله بن أحمد الحسني السمهودي الشافعي في كتابه المسمى أنجح المساعي، في ردّ شبه الدّاعي. فاكتفينا بردّه على المدعي البدعي »(١) .

(١٤٣)

رواية الحلبي

ورواه نور الدين الحلبي الشافعي بلفظ الطبراني ثم قال: « وهذا أقوى ما تمسكت به الشيعة والامامية والرافضة، على أنّ عليّاً كرم الله وجهه أولى بالامامة من كلّ أحد. وقالوا: هذا نص صريح على خلافته، سمعه ثلاثون صحابياً وشهدوا به. قالوا: فلعلي عليهم من الولاء ما كان لهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بدليل قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ألست أولى بكم؟

وهذا حديث صحيح ورد بأسانيد صحاح وحسان، ولا التفات لمن قدح في

____________________

(١). الصراط السوي في مناقب آل النبي - مخطوط.

٢٠٦

صحته كأبي داود، وأبي حاتم الرازي وقول بعضهم: إن زيادة اللهم وال من والاه - إلى آخره - موضوعة، مردود، فقد ورد ذلك من طرق صحّح الذهبي كثيراً منها.

و قد جاء أنّ عليّاً كرم الله وجهه قام خطيباً فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أنشد الله من شهد يوم غدير خم إلاّ قام، ولا يقوم رجل يقول نبّئت أو بلغني، إلّا رجل سمعت أذناه ووعى قلبه، فقام سبعة عشر صحابياً. وفي رواية ثلاثون صحابيا، وفي المعجم الكبير: ستة عشر، وفي رواية: اثنا عشر. فقال: هاتوا ما سمعتم، فذكروا الحديث، ومن جملته: من كنت مولاه فعلي مولاه، وفي رواية: فهذا مولاه.

وعن زيد بن أرقمرضي‌الله‌عنه : وكنت ممن كتم، فذهب الله ببصري، وكان علي كرم الله وجهه دعا على من كتم »(١) .

ترجمته

قالالمحبي: « الامام الكبير، أجلّ أعلام المشايخ، وعلّامة الزمان، كان جبلاً من جبال العلم، وبحراً لا ساحل له، واسع الحلم، علامة جليل المقدار، جامعاً لأشتات العلى، صارفاً نقد عمره في بث العلم النافع ونشره، وحظي فيه حظوة لم يحظها أحد مثله، فكان درسه مجمع الفضلاء، ومحط رحال النبلاء، وكان غاية في التحقيق، حاد الفهم، قوي الفكرة، متحرياً في الفتاوى، جامعاً بين العلم والعمل، صاحب جدٍ واجتهاد، عمّ نفعه الناس، فكانوا يأتونه لأخذ العلم عنه من البلاد »(٢) .

____________________

(١). إنسان العيون في سيرة الأمين والمأمون ٣ / ٣٣٦.

(٢). خلاصة الأثر ٣ / ١٢٢.

٢٠٧

(١٤٤)

رواية ابن باكثير المكي

ورواه الشيخ أحمد بن الفضل بن محمد باكثير المكي الشافعي « عن عامر ابن ليلى بن ضمرة وحذيفة بن أسيد رضي الله عنهما قالا: لـمّا صدر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حجة الوداع ولم يحج غيرها - أقبل حتى إذا كان بالجحفة أخرجه ابن عقدة في الموالاة. ومن طريق ابن عقدة أورده أبو موسى في الصحابة وقال: إنه غريب، والحافظ أبو الفتوح العجلي في فضائل الصحابة ».

ورواه من حديث حذيفة وزيد والبراء بن عازب، ثم قال: « وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: أخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في غدير خم بيد عليرضي‌الله‌عنه ، حتى رأينا بياض إبطه فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه. الحديث. وفيه ثم قال: يا أيها الناس إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي، ولن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض. وأخرجه ابن عقدة.

و أخرجه محمد بن جعفر الرازي عنها بلفظ: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مرضه الذي قبض فيه، وقد امتلأت الحجرة من أصحابه فقال: أيها الناس يوشك أن أقبض قبضاً سريعاً، فينطلق بي، وقد قدمت القول معذرة إليكم، ألا وإني مخلّف فيكم كتاب الله عز وجلّ وعترتي أهل بيتي. ثم أخذ بيد علي فقال: هذا علي مع القرآن والقرآن مع علي، لا يفترقان حتى يردا عليّ الحوض، فأسألهما ما خلّفت فيهما. أخرجه الدارقطني.

وأخرج أيضاً عن سالم بن أبي جعد، قال: قيل لعمر بن الخطابرضي‌الله‌عنه : إنك تصنع بعلي شيئاً لا تصنع بأحد من أصحاب النبي صلّى الله عليه

٢٠٨

وسلّم! فقال: إنه مولاي.

وعن سعد بن أبي وقاصرضي‌الله‌عنه : إن أبابكر وعمر رضي الله عنهما قالا: أمسيت يا ابن أبي طالب مولى كلّ مؤمن ومؤمنة.

وأخرج الدارقطني في الفضائل عن معقل بن يساررضي‌الله‌عنه قال: سمعت أبا بكررضي‌الله‌عنه يقول: علي بن أبي طالب عترة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أي: الذين حث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على التمسك بهم، والأخذ بهديهم، فإنهم نجوم الهدى من اقتدى بهم اهتدى. وخصه أبوبكر بذلكرضي‌الله‌عنه لأنه الامام في هذا الشأن، وباب مدينة العلم والعرفان، فهو إمام الأئمّة وعالم الأمة، وكأنه أخذ ذلك من تخصيصهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم له من بينهم يوم غدير خم بما سبق.

وهذا حديث صحيح، لا مرية فيه، ولا شك ينافيه، وروى عن الجم الغفير من الصحابة وشاع واشتهر، وناهيك بمجمع حجة الوداع. قال شيخ الإسلام الحافظ شهاب الدين أحمد بن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى : حديث من كنت مولاه فعلي مولاه. أخرج الترمذي والنسائي، وهو كثير الطّرق جداً، وقد استوعبها ابن عقدة في كتاب مفرد، وكثير من أسانيدها صحاح وحسان، ويدل على ذلك ما روى أبو الطفيلرضي‌الله‌عنه ان علياًرضي‌الله‌عنه وكرّم وجهه جمع الناس - وهو خليفة - في الرحبة »(١) .

ترجمته

وقد ترجم لهالمحبي ووصفه بقوله: « من أدباء الحجاز وفضلائها المتمكّنين، كان فاضلاً أديباً، له مقدار علي وفضل جلي »(٢) .

____________________

(١). وسيلة المآل في عدّ مناقب الآل - مخطوط.

(٢). خلاصة الأثر ١ / ٢٧١.

٢٠٩

(١٤٥)

رواية عبد الحق الدهلوي

ورواه عبد الحق بن سيف الدين الدهلوي البخاري في شرح المشكاة حيث قال: « وهذا حديث صحيح لا مرية فيه، وقد أخرجه جماعة كالترمذي والنسائي وأحمد، وطرقه كثيرة جدّاً، رواه ستة عشر صحابياً، وفي رواية لأحمد أنه سمعه من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثلاثون صحابياً، وشهدوا به لعليرضي‌الله‌عنه لـمّا نوزع أيام خلافته، وكثير من أسانيده صحاح وحسان، ولا التفات لمن قدح في صحته، ولا إلى قول بعضهم أن زيادة اللهم وال من والاه إلى آخره موضوع، فقد ورد ذلك من طرق صحّح الذهبي كثيراً منها. كذا قال الشيخ ابن حجر في الصواعق المحرقة »(١) .

(١٤٦)

ذكر محمد بن محمد المصري

حديث الغدير في كتاب ( الدرر العوال )، فقد قال في ذكر سيّدنا أمير

____________________

(١). اللمعات في شرح المشكاة، وقد رواه في مدارج النبوة ٢ / ٤٠١ وغيره أيضاً، وقد ترجم لعبد الحق الدهلوي الهندي علامة الهند في سبحة المرجان: ٥٢، ونص عبارته في قسم حديث ( أنا مدينة العلم ).

٢١٠

المؤمنينعليه‌السلام : « وورد في فضله أحاديث كثيرة منها: قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه »(١) .

(١٤٧)

رواية محمد محبوب

ورواه محمد محبوب عالم بن صفي الدين جعفر بدر عالم، وسيأتي نص روايته إن شاء الله.

(١٤٨)

إثبات المقبلي

وقد أثبت ضياء الدين صالح بن مهدي المقبلي حديث الغدير في ( الأبحاث المسددة ) وقد تقدم نص عبارته سابقاً.

وأورده المقبلي في كتابه في الأحاديث المتواترة أيضاً، حيث جاء فيه: « من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار، من كنت مولاه فعلي مولاه. من لم يجد نعلين فليلبس خفّين. ومن لم يجد إزاراً فليلبس سراويل ».

ترجمته

وتوجد ترجمة المقبلي في البدر الطالع ١ / ٢٨٨، والتاج المكلل ٣٨٦.

قالالشوكاني: « هو ممن برع في جميع العلوم الكتاب والسنّة، وحقّق الأصولين والعربية، والمعاني والبيان، والحديث والتفسير، وفاق في جميع ذلك، وله

____________________

(١). الدرر العوال بحل ألفاظ بدء المآل.

٢١١

مؤلّفات مقبولة كلها عند العلماء، محبوبة إليهم، يتنافسون فيها، ويحتجون بترجيحاته، وهو حقيق بذلك ».

(١٤٩)

ذكر البرزنجي

حديث الغدير مع التصريح بصحّته وكثرة طرقه، فقد قال: « إعلم أنّ الشيعة يدّعون أنّ هذا الحديث نصّ جليّ في إمامة عليّرضي‌الله‌عنه ، وهو أقوى شبههم. والقدر الذي ذكرناه وهو: من كنت مولاه فعلي مولاه - من دون تلك الزيادة من الحديث - صحيح، وروي من طرق كثيرة »(١) .

(١٥٠)

رواية السهارنبوري

ورواه حسام الدين بن محمد بايزيد السهارنبوري، عن أحمد عن البراء بن عازب، كما تقدم مراراً(٢) .

____________________

(١). نواقض الروافض - مخطوط، وترجم للبرزنجي في سلك الدرر ٤ / ٦٥، ونصها في قسم حديث ( أنا مدينة العلم).

(٢). مرافض الروافض - مخطوط.

٢١٢

(١٥١)

رواية البدخشاني

ورواه محمد بن معتمد خان البدخشاني عن الحكيم في نوادر الأصول، والطبراني بسند صحيح في الكبير عن أبي الطفيل عن حذيفة بن أسيد رضي الله عنهما

ورواه عن أحمد عن البراء بن عازب، وزيد بن أرقم، رضي الله عنهما، ثم قال: « وأخرج هو عن علي وأبي أيوب الأنصاري وعمرو ذي مر، وأبو يعلى عن أبي هريرة، وابن أبي شيبة عنه وعن اثني عشر من الصحابة، والبزار عن ابن عباس وعمارة وبريدة، والطبراني عن ابن عمر ومالك بن الحويرث وأبي أيوب وجرير وسعد بن أبي وقاص وأبي سعيد الخدري وأنس، والحاكم عن علي وطلحة، وأبو نعيم في فضائل الصحابة عن سعد. و الخطيب عن أنس رضي الله عنهم:

إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال بغدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.

و في رواية أخرى للطبراني عن عمرو ذي مر وزيد بن أرقم وحبشي بن جنادة رضي الله عنهم مرفوعاً بلفظ: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره وأعن من أعانه.

و عند ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، واخذل من خذله وانصر من نصره، وأحب من أحبّه وأبغض من أبغضه.

و في رواية أخرى لأبي نعيم في فضائل الصحابة عن زيد بن أرقم والبراء

٢١٣

ابن عازب معاً مرفوعاً: ألا إنّ الله وليي وأنا ولي كل مؤمن، من كنت مولاه فعلي مولاه.

و لأحمد في رواية أخرى، ولا بن حبان والحاكم والحافظ أبي بشر اسماعيل بن عبدالله العبدي الاصبهاني المشهور بسمّويه عن ابن عباس عن بريدة رضي الله عنهما بلفظ: يا بريدة ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ من كنت مولاه فعلي مولاه.

و للطبراني في رواية أخرى عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم رضي الله عنهما بلفظ: من كنت أولى به من نفسه فعليّ وليّه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.

وعند الترمذي والحاكم عن زيد بن أرقمرضي‌الله‌عنه : من كنت مولاه فعلي مولاه.

أقول: هذا حديث صحيح مشهور، نصّ الحافظ أبو عبدالله محمد بن أحمد ابن عثمان الذهبي التركماني الفارقي ثم الدمشقي على كثير من طرقه بالصحة، وهو كثير الطرق جدّاً، وقد استوعبها الحافظ أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي المعروف بابن عقدة في كتاب مفرد »(١) .

وقد روى البدخشاني حديث الغدير في ( نزل الأبرار بما صح من مناقب أهل البيت الأطهار ) كذلك، ثم قال: « وهذا حديث صحيح مشهور، ولم يتكلّم في صحته إلّا متعصب جاحد، لا اعتبار بقوله، فإنّ الحديث كثير الطرق جدّاً، وقد استوعبها ابن عقدة في كتاب مفرد، وقد نصّ الذهبي على كثير من طرقه بالصحة، ورواه من الصحابة عدد كثير »(٢) .

ترجمته

والبدخشاني من مشاهير علماء الهند من أهل السنة، كما ذكرنا في قسم

____________________

(١). مفتاح النجا في مناقب آل العبا - مخطوط.

(٢). نزل الأبرار بما صح في مناقب أهل البيت الأطهار: ٢١.

٢١٤

( حديث التشبيه ) من كتابنا.

(١٥٢)

رواية صدر عالم

ورواه محمد صدر عالم عن عدةٍ من الحفّاظ، عن عدد كثير من الصحابة، قائلاً في بداية ذلك: « ثم اعلم أن حديث الموالاة متواتر عند السيوطيرحمه‌الله ، كما ذكره في قطف الأزهار، فأردت أن أسوق طرقه ليتّضح التواتر، فأقول »(١) .

(١٥٣)

رواية ولي الله الدهلوي

ورواه ولي الله أحمد بن عبد الرحيم والد ( الدهلوي ) حيث قال: « عن البراء بن عازب وزيد بن أرقم: إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لـمّا نزل بغدير خم أخذ بيد علي، فقال: ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى. قال: ألستم تعلمون أني أولى بكل مؤمن من نفسه؟ قالوا: بلى. فقال: اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، فلقيه عمر بعد ذلك فقال له: هنيئاً يا ابن أبي طالب، أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة. أخرجه أحمد »(٢) .

____________________

(١). معارج العلى في مناقب المرتضى - مخطوط.

(٢). قرة العينين: ١٦٨.

٢١٥

وقال أيضاً: « وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه. أخرجه جماعة »(١) .

(١٥٤)

رواية محمد الأمير

ورواه محمد بن إسماعيل بن صلاح الأمير اليماني الصنعاني في ( الروضة الندية - شرح التحفة العلوية ) حيث قال بشرح:

و بخمّ قام فيهم خاطباً

تحت أشجار بها كان يفيّا

قائلاً من كنت مولاه فقد

صار مولاه كما كنت علياً

« والبيتان إشارة إلى الفضيلة، التي هي من أعظم الفضائل، والتكرمة من الله ورسوله لوصيّه التي نقص عنها الافاضل. وحديث الغدير متواتر عند أكثر أئمة الحديث، قال الحافظ الذهبي في تذكرة الحفاظ في ترجمة الطبري: من كنت مولاه ألّف محمد بن جرير فيه كتاباً، قال الذهبي: وقفت عليه فاندهشت لكثرة طرقه انتهى. وقال الذهبي في ترجمة الحاكم أبي عبدالله بن البيع: وأمّا حديث من كنت مولاه فله طرق جيّدة أفردتها بمصنّف.

قلت: عدّه الشيخ المجتهد نزيل حرم الله ضياء الدين صالح بن مهدي المقبلي في الأحاديث المتواترة التي جمعها في أبحاثه، أعنى لفظ: من كنت مولاه فعلي مولاه، وهو من أئمة العلم والتقوى والانصاف.

ومع إنصاف الأئمة بتواتره فلا يملّ بايراد طرقه، بل يتبرّك ببعض منها » ثم

____________________

(١). إزالة الخفا في تاريخ الخلفا، لولي الله الدهلوي، وهو والد عبد العزيز الدهلوي صاحب التحفة واستاذه، ترجمته في قسم حديث ( أنا مدينة العلم ).

٢١٦

ذكر طرفاً من طرق حديث الغدير(١) .

(١٥٥)

رواية الصبان

ورواه محمد بن علي الصبان المصري بقوله: « وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وأحب من أحبه، وأبغض من أبغضه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، وأدر الحق معه حيث دار رواه عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثلاثون صحابياً، وكثير من طرقه صحيح وحسن »(٢) .

(١٥٦)

ذكر الشبرخيتي

إبراهيم بن مرعي بن عطيّة المالكي، حديث الغدير في ( الفتوحات الوهبية ) بشرح الحديث الحادي عشر الذي جاء فيه: « عن أبي محمد الحسن بن علي بن أبي طالب سبط رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وريحانتهرضي‌الله‌عنه ، قال: حفظت من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دع ما يريبك إلى ما لا يريبك »

____________________

(١). الروضة الندية - شرح التحفة العلوية. توجد ترجمة محمد بن اسماعيل الأمير في البدر الطالع ٢ / ١٣٣، والتاج المكلل ٤١٤ وغيرهما.

(٢). إسعاف الراغبين في سيرة المصطفى وفضائل أهل بيته الطاهرين: ١٥٢.

٢١٧

فقال بشرح كلمة ( علي بن أبي طالب ) ما نصه: « القائل فيه المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. ويكنّى أبا الحسن وأبا تراب. كنّاه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمـّا وجده نائماً وقد علاه التراب »(١) .

(١٥٧)

رواية العجيلي

ورواه أحمد بن عبد القادر بن بكري العجيلي حيث قال:

« فاحذرو لا تنقّب لشد ما رب

وكن معا حزب الاله الغالب

واقرأ حديث إنّما وليّكم

واسمع حديثاً جاء في غدير خم »

فذكر الحديث وقال: « هذا صحيح لا مرية فيه، أخرجه الترمذي والنسائي وأحمد، وطرقه كثيرة، قال الامام أحمد رحمه الله تعالى : وشهد به لعلي ثلاثون صحابياً »(٢) .

ترجمته

قالالقنوجي: « الشيخ العلامة المشهور، عالم الحجاز على الحقيقة لا المجاز: أحمد بن عبد القادر بن بكري العجيليرحمه‌الله . لم يزل مجتهداً في نيل المعالي، وكم سهر في طلبها الليالي، حتى فاز من ذلك بالقدح المعلى، وصلّى في

____________________

(١). الفتوحات الوهبية في شرح الأربعين النووية، الحديث الحادي عشر، وقد ترجم له العلامة الأميني في الغدير ١ / ١٤١.

(٢). ذخيرة المآل في شرح عقد جواهر اللئال - مخطوط.

٢١٨

بها وجلى، أخذ العلوم عن آبائه الكرام، وعن غيرهم من الأعلام، وله مؤلفات »(١) .

(١٥٨)

رواية الرشيد الدهلوي

ورواه رشيد الدين خان الدهلوي تلميذ ( الدهلوي ) عن ( مفتاح النجا ) عن الطبراني عن ابن عمر وغيره(٢) .

(١٥٩)

رواية اللكهنوي

ورواه المولوي محمد مبين اللكهنوي، عن الحاكم وأحمد والطبراني وغيرهم، قال « وفي الصواعق قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه - الحديث، رواه ثلاثون صحابياً، وإن كثيراً من طرقه صحيح وحسن »(٣) .

____________________

(١). التاج المكلل ٥٠٩.

(٢). الفتح المبين في فضائل أهل بيت سيد المرسلين. ورشيد الدهلوي من مشاهير علماء أهل السنة ومؤلفيهم في الهند، ومن تلامذة المولوي عبد العزيز الدهلوي صاحب التحفة الاثنا عشرية، وقد اشتهر بالرد على الشيعة الامامية كشيخه، وله في ذلك مؤلفات. ترجمته في قسم حديث ( أنا مدينة العلم ).

(٣). وسيلة النجاة ١٠١ - ١٠٢.

٢١٩

(١٦٠)

رواية محمد سالم الدهلوي

وورواه المولوي محمد سالم الدهلوي البخاري في رسالته الموسومة ( أصول الايمان ) عن أحمد والترمذي(١) .

(١٦١)

رواية ولي الله اللكهنوي

ورواه المولوي ولي الله اللكهنوي عن جماعة من الحفاظ، وقد أورد كلام ابن حجر في ( الصواعق ) من « إنّه حديث صحيح لا مرية فيه وقد أخرجه جماعة »(٢) .

(١٦٢)

ذكر المولوي حيدر علي

الفيض آبادي حديث الغدير عن أحمد عن عائشة(٣) .

____________________

(١). أصول الايمان - مخطوط.

(٢). مرآة المؤمنين في مناقب أهل بيت سيد المرسلين - مخطوط.

(٣). منتهى الكلام: ٧٦.

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ) (١) .

وما رواه العامّة : أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله رتّب هذه المناسك(٢) ، وقال : ( خذوا عنّي مناسككم)(٣) .

ومن طريق الخاصّة : رواية موسى بن القاسم عن علي قال : « لا يحلق رأسه ولا يزور حتى يضحّي فيحلق رأسه ويزور متى شاء »(٤) .

وللشيخ –رحمه‌الله - قول آخر في الخلاف : ترتيب هذه المناسك مستحب وليس بفرض(٥) ، وبه قال أبو الصلاح(٦) ، وهو القول الثاني للشافعي(٧) ؛ لما رواه العامّة عن ابن عباس قال : جاء رجل إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بمنى يوم النحر ، فقال له : زرت قبل أن أرمي ، فقال له : ( إرم ولا حرج ) فقال : ذبحت قبل أن أرمي ، فقال : ( إرم ولا حرج ) فما سُئل يومئذٍ عن شي‌ء قدّمه رجل ولا أخّره إلّا قال له : ( افعل ولا حرج )(٨) ولم يفصّل بين العالم والجاهل ، فدلّ على عدم الوجوب.

ومن طريق الخاصّة : رواية أحمد بن محمد بن أبي نصر عن الجوادعليه‌السلام ، قال له : جُعلت فداك إنّ رجلاً من أصحابنا رمى الجمرة يوم النحر وحلق قبل أن يذبح ، فقال : « إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أتاه طوائف من المسلمين ،

____________________

(١) البقرة : ١٩٦.

(٢) سنن أبي داود ٢ : ٢٠٣ / ١٩٨١ ، المغني ٣ : ٤٧٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٧٠.

(٣) سنن البيهقي ٥ : ١٢٥.

(٤) التهذيب ٥ : ٢٣٦ / ٧٩٥ ، الاستبصار ٢ : ٢٨٤ / ١٠٠٦.

(٥) الخلاف ٢ : ٣٤٥ ، المسألة ١٦٨.

(٦) الكافي في الفقه : ٢٠٠ - ٢٠١.

(٧) الاُمّ ٢ : ٢١٥ ، مختصر المزني : ٦٨ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٨٦ ، فتح العزيز ٧ : ٣٧٩ - ٣٨٠ ، روضة الطالبين ٢ : ٣٨٣ ، المجموع ٨ : ٢٠٧ ، حلية العلماء ٣ : ٣٤٣.

(٨) صحيح البخاري ٢ : ٢١٢ ، سنن الدار قطني ٢ : ٢٥٤ / ٧٨ ، سنن البيهقي ٥ : ١٤٢ و ١٤٣ ، شرح معاني الآثار ٢ : ٢٣٨ بتفاوت ونقيصة.

٣٤١

فقالوا : يا رسول الله ذبحنا من قبل أن نرمي وحلقنا من قبل أن نذبح ، فلم يبق شي‌ء ممّا ينبغي أن يقدّموه إلّا أخّروه ، ولا شي‌ء ممّا ينبغي أن يؤخّروه إلّا قدّموه ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا حرج»(١) .

وهو محمول على الناسي.

وعلى القول بوجوب الترتيب فإنّه ليس شرطاً ولا تجب بالإخلال به كفّارة ؛ لأصالة البراءة ، ولما تقدّم في الأحاديث السابقة.

وقال الشافعي : إن قدّم الحلق على الذبح ، جاز ، وإن قدّم الحلق على الرمي ، وجب الدم إن قلنا : إنّه إطلاق محظور ؛ لأنّه حلق قبل أن يتحلّل ، وإن قلنا : إنّه نسك ، فلا شي‌ء عليه ، لأنّه أحد ما يتحلّل به(٢) .

وقال أبو حنيفة : إن قدّم الحلق على الذبح ، لزمه دم إن كان قارناً أو متمتّعاً ، ولا شي‌ء عليه إن كان مفرداً(٣) .

وقال مالك : إن قدّم الحلق على الذبح ، فلا شي‌ء عليه ، وإن قدّمه على الرمي ، وجب الدم(٤) .

مسألة ٦٦٤ : لو بلغ الهدي محلّه ولم يذبح ، قال الشيخ : يجوز له أن يحلق(٥) ‌، لقوله تعالى :( وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ) (٦)

____________________

(١) الكافي ٤ : ٥٠٤ / ٢ ، التهذيب ٥ : ٢٣٦ / ٧٩٦ ، الاستبصار ٢ : ٢٨٤ / ١٠٠٨ ، وفيها بزيادة « لا حرج» مكرّراً.

(٢) فتح العزيز ٧ : ٣٨٠ - ٣٨١ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٨٦ و ١٨٧ ، روضة الطالبين ٢ : ٣٨٣ ، حلية العلماء ٣ : ٣٤٣ ، المجموع ٨ : ٢٠٧ و ٢١٦.

(٣) حلية العلماء ٣ : ٣٤٣ ، المجموع ٨ : ٢١٦.

(٤) المدوّنة الكبرى ١ : ٤١٨ ، بداية المجتهد ١ : ٣٥٢ ، حلية العلماء ٣ : ٣٤٣ ، المجموع ٨ : ٢١٦ ، المغني ٣ : ٤٨١ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٧٢.

(٥) المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٧٤.

(٦) البقرة : ١٩٦.

٣٤٢

وقال تعالى :( ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ ) (١) .

وقال الصادقعليه‌السلام : « إذا اشتريت اُضحيتك وقمطتها(٢) وصارت في جانب رحلك فقد بلغ الهدي محلّه ، فإن أحببت أن تحلق فاحلق »(٣) .

قال أبو الصلاح : يجوز له تأخير الحلق إلى آخر أيّام التشريق(٤) - وهو حسن ، لكن لا يجوز له أن يقدّم زيارة البيت عليه - وبه قال عطاء وأبو ثور وأبو يوسف(٥) ؛ لأنّ الله تعالى بيّن أوّله بقوله :( حَتّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ) (٦) ولم يبيّن آخره ، فمتى فَعَله أجزأه ، كالطواف للزيارة والسعي.

مسألة ٦٦٥ : يوم الأكبر هو يوم النحر.

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في خطبته يوم النحر : ( هذا يوم الحجّ الأكبر )(٧) .

وسأل معاويةُ بن عمّار الصادقَعليه‌السلام - في الصحيح - عن يوم الحجّ الأكبر ) ، قال : « هو يوم النحر ، والأصغر العمرة »(٨) .

وسُمّي بالأكبر ؛ لكثرة أفعال الحجّ فيه من الوقوف بالمشعر والدفع منه إلى منى والرمي والنحر والحلق وطواف الإفاضة والرجوع إلى منى للمبيت بها ، وليس في غيره من الأيّام مثل ذلك ، وهو مع ذلك يوم عيد‌

____________________

(١) الحج : ٣٣.

(٢) قمطتها : أي شددتها بالقماط ، وهو : حبل يشدّ به قوائم الشاة للذبح. مجمع البحرين ٤ : ٢٧٠ « قمط ».

(٣) التهذيب ٥ : ٢٣٥ - ٢٣٦ / ٧٩٤ ، الاستبصار ٢ : ٢٨٤ / ١٠٠٧.

(٤) الكافي في الفقه : ٢٠١.

(٥) المغني ٣ : ٤٦٩ ، المجموع ٨ : ٢٠٩.

(٦) البقرة : ١٩٦.

(٧) صحيح البخاري ٢ : ٢١٧ ، المستدرك - للحاكم - ٢ : ٣٣١ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠١٦ / ٣٠٥٨ ، سنن أبي داود ٢ : ١٩٥ / ١٩٤٥ ، سنن البيهقي ٥ : ١٣٩.

(٨) الكافي ٤ : ٢٩٠ / ١ ، الفقيه ٢ : ٢٩٢ / ١٤٤٣ ، التهذيب ٥ : ٤٥٠ / ١٥٧١.

٣٤٣

ويوم الإحلال من إحرام الحجّ.

إذا عرفت هذا ، فإنّه يستحب للإمام أن يخطب فيه ، ويعلّم الناس ما فيه من المناسك من النحر والإفاضة والرمي - وبه قال الشافعي وابن المنذر وأحمد(١) - لما رواه العامّة عن ابن عباس : أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله خطب الناس يوم النحر بمنى(٢) .

ومن طريق الخاصّة : خطبة عليعليه‌السلام يوم الأضحى(٣) .

مسألة ٦٦٦ : قد عرفت فيما سبق محظورات الإحرام ، فإذا حلق أو قصّر ، حلّ له كلّ شي‌ء‌ إن كان الإحرام للعمرة ، وإن كان للحجّ ، حلّ له كلّ شي‌ء إلّا الطيب والنساء والصيد ، عند علمائنا - وبه قال مالك(٤) - لأنّ النساء محرّمة عليه إجماعاً ، فيحرم عليه الطيب ؛ لأنّه من دواعي الجماع ، فكان حراماً ، كالقُبْلة ، فيحرم عليه الصيد ؛ لقوله تعالى :( لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ ) (٥) والإحرام متحقّق بتحريم هذين.

وما رواه العامّة عن عمر ، قال : إذا رميتم الجمرة بسبع حصيات وذبحتم وحلقتم فقد حلّ لكم كلّ شي‌ء إلّا الطيب والنساء(٦) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « اعلم أنّك إذا حلقت رأسك‌

____________________

(١) فتح العزيز ٧ : ٣٥٦ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٣٦ ، المجموع ٨ : ٨٢ و ٢١٨ - ٢١٩ ، روضة الطالبين ٢ : ٣٥٦ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٩١ ، المغني ٣ : ٤٧٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٧٣.

(٢) صحيح البخاري ٢ : ٢١٥ ، المغني ٣ : ٤٧٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٧٣.

(٣) نهج البلاغة - بشرح محمد عبده - ١ : ٩٨ ، مصباح المتهجّد : ٦٠٧.

(٤) المنتقى - للباجي - ٣ : ٣٠ ، الاستذكار ١٣ : ٢٢٧ / ١٨٦٧١ ، المغني ٣ : ٤٧١ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٦٧ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٨٩.

(٥) المائدة : ٩٥.

(٦) سنن البيهقي ٥ : ١٣٥ ، المغني ٣ : ٤٧١ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٦٧.

٣٤٤

فقد حلّ لك كلّ شي‌ء إلاّ النساء والطيب »(١) .

وقال الشافعي وأبو حنيفة وأحمد : يحلّ له كلّ شي‌ء إلّا النساء. وبه قال ابن الزبير وعلقمة وسالم وطاوس والنخعي وأبو ثور(٢) .

وقال ابن عمر وعروة بن الزبير : يحلّ له كلّ شي‌ء إلّا النساء والطيب(٣) .

إذا عرفت هذا ، فإذا طاف طواف الزيارة ، حلّ له الطيب ، وإذا طاف طواف النساء ، حلّت له النساء ، فثبت أنّ مواطن التحلّل ثلاثة :

الأوّل : إذا حلق أو قصّر ، حلّ له كلّ شي‌ء أحرم منه ، إلّا النساء والطيب وأكل الصيد.

الثاني : إذا طاف طواف الزيارة ، حلّ له الطيب.

الثالث : إذا طاف طواف النساء ، حللن له.

مسألة ٦٦٧ : يستحب لمن حلق رأسه أن يتشبّه بالمـُحْرمين قبل طواف الزيارة‌ في ترك لُبْس المخيط إلى أن يطوف طواف الزيارة ؛ لأنّ محمد بن مسلم سأل الصادقَعليه‌السلام - في الصحيح - عن رجل تمتّع بالعمرة فوقف بعرفات ووقف بالمشعر ورمى الجمرة وذبح وحلق أيغطّي رأسه؟ قال : « لا ، حتى يطوف بالبيت وبالصفا والمروة » قيل له : فإن كان قد فعل؟ قال : « ما أرى عليه شيئاً »(٤) .

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٢٤٥ / ٨٣١ ، الاستبصار ٢ : ٢٨٧ / ١٠٢٠.

(٢) الحاوي الكبير ٤ : ١٨٩ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٣٧ ، المجموع ٨ : ٢٣٣ ، روضة الطالبين ٢ : ٣٨٤ - ٣٨٥ ، فتح العزيز ٧ : ٣٨٤ ، حلية العلماء ٣ : ٣٤٦ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٢٢ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٩٥ ، المغني ٣ : ٤٧٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٦٦ ، الاستذكار ١٣ : ٢٢٨ / ١٨٦٧٤.

(٣) المغني ٣ : ٤٧٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٦٦.

(٤) التهذيب ٥ : ٢٤٧ / ٨٣٧ ، الاستبصار ٢ : ٢٨٩ / ١٠٢٦.

٣٤٥

والنهي هنا للكراهة ؛ لأنّ العلاء سأل الصادقَعليه‌السلام - في الصحيح - إنّي حلقت رأسي وذبحت وأنا متمتّع اُطلي رأسي بالحنّاء؟ فقال : « نعم من غير أن تمسّ شيئاً من الطيب » قلت : وألبس القميص وأتقنّع؟ قال : « نعم » قلت : قبل أن أطوف بالبيت؟ قال : « نعم »(١) .

ويستحب لمن طاف طواف الزيارة أن لا يمسّ شيئاً من الطيب حتى يطوف طواف النساء ؛ لئلّا يشتغل به عن أداء المناسك. ولأنّه من دواعي شهوة النساء.

ولأنّ محمد بن إسماعيل - في الصحيح - قال : كتبت إلى الرضاعليه‌السلام : هل يجوز للمُحْرم المتمتّع أن يمسّ الطيب قبل أن يطوف طواف النساء؟ فقال : « لا »(٢) وهذا النهي للكراهة ، كما تقدّم.

تذنيب : إنّما يحصل التحلّل بالرمي والحلق.

وقال بعض الشافعية : يتحلّل بدخول وقت الرمي وإن لم يرم ، كما لو فاته الوقت فإنّه يتحلّل(٣) .

وليس بجيّد ؛ لقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( إذا رميتم وحلقتم فقد حلّ لكم كلّ شي‌ء إلّا النساء )(٤) علّق ذلك بالرمي دون وقته.

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٢٤٧ / ٨٣٦ ، الاستبصار ٢ : ٢٨٩ / ١٠٢٥.

(٢) التهذيب ٥ : ٢٤٨ / ٨٤٠ ، الاستبصار ٢ : ٢٩٠ / ١٠٢٩.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٣٧ ، المجموع ٨ : ٢٣٠ ، روضة الطالبين ٢ : ٣٨٤ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٩٠ ، حلية العلماء ٣ : ٣٤٦.

(٤) سنن الدار قطني ٢ : ٢٧٦ / ١٨٦ و ١٨٧ ، سنن البيهقي ٥ : ١٣٦ ، مسند أحمد ٦ : ١٤٣ ، الفردوس ١ : ٢٧٠ / ١٠٥٠ ، المغني ٣ : ٤٧١ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٦٦ - ٤٦٧.

٣٤٦

٣٤٧

الفصل السابع

في بقايا أفعال الحجّ‌

وفيه مباحث :

البحث الأوّل : في زيارة البيت‌

مسألة ٦٦٨ : إذا قضى الحاجّ مناسكه بمنى من رمي جمرة العقبة وذبح الهدي والحلق أو التقصير ، رجع إلى مكّة‌ لطواف الزيارة ، وسُمّي بذلك ؛ لأنّه يرجع من منى لزيارة البيت ، ولا يقيم بمكّة ، بل يرجع منها إلى منى ، وهو ركن في الحجّ ، ويسمّى طواف الحجّ ، ولا يتمّ إلّا به إجماعاً.

قال الله تعالى :( وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ) (١) .

وروى العامّة عن عائشة قالت : حججنا مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فأفضنا يوم النحر فحاضت صفيّة ، فأراد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ما يريد الرجل من أهله ، فقلت : يا رسول الله إنّها حائض ، قال : ( أحابستنا هي؟ ) قالوا : يا رسول الله إنّها قد أفاضت يوم النحر ، قال : ( اخرجوا )(٢) فدلّ على وجوب هذا الطواف وأنّه حابس لمن لم يأت به.

ويسمّى أيضاً طواف الإفاضة ؛ لقولهم : إنّها قد أفاضت يوم النحر ، يعني طافت طواف الزيارة. وسُمّي بذلك ؛ لأنّه يأتي به عند إفاضته من منى إلى مكة.

____________________

(١) الحجّ : ٢٩.

(٢) أوردها كما في المتن ابنا قدامة في المغني ٣ : ٤٧٣ ، والشرح الكبير ٣ : ٤٧٥ ، وبتفاوت في اللفظ في صحيح البخاري ٢ : ٢٢٠ ، وسنن أبي داود ٢ : ٢٠٨ / ٣٠٠٣ ، وسنن البيهقي ٥ : ١٦٢ ، والموطّأ ١ : ٤١٢ / ٢٢٥.

٣٤٨

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « وزُر البيت وطُفْ به اُسبوعاً تفعل كما صنعت يوم قدمت مكة »(١) .

ولأنّ الحجّ أحد النسكين ، فوجب فيه طواف ، كالعمرة.

مسألة ٦٦٩ : وهذا الطواف - كالأوّل - تجب فيه الطهارة ، والنيّة شرط فيه‌ ، كما هي شرط في طواف القدوم وفي كلّ عبادة - وبه قال إسحاق وابن المنذر(٢) - لأنّه عبادة وعمل وقد قال الله تعالى :( مُخْلِصِينَ ) (٣) .

وقالعليه‌السلام : ( الأعمال بالنيّات وإنّما لامرئ ما نوى )(٤) .

وقالعليه‌السلام : ( الطواف بالبيت صلاة )(٥) .

وقال الثوري والشافعي وأصحاب الرأي : يجزئه وإن لم ينو الفرض الذي عليه(٦) .

ويستحبّ الإتيان به يوم النحر بعد قضاء مناسك منى ؛ لما رواه العامّة عن جابر في صفة حجّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم النحر : فأفاض إلى البيت فصلّى بمكة الظهر(٧) .

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٢٥٠ / ٨٤٨.

(٢) المغني ٣ : ٤٧٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٧٤ - ٤٧٥.

(٣) البيّنة : ٥.

(٤) صحيح البخاري ١ : ٢ ، و ٩ : ٢٩ ، صحيح مسلم ٣ : ١٥١٥ - ١٥١٦ / ١٩٠٧ ، سنن أبي داود ٢ : ٢٦٢ / ٢٢٠١ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٤١٣ / ٤٢٢٧ ، سنن النسائي ١ : ٥٨ - ٥٩ ، و ٧ : ١٣ ، مسند أحمد ١ : ٢٥ ، بتفاوت يسير.

(٥) سنن النسائي ٥ : ٢٢٢ ، سنن البيهقي ٥ : ٨٧ ، سنن الدارمي ٢ : ٤٤ ، المعجم الكبير - للطبراني - ١١ : ٣٤ / ١٠٩٥٥.

(٦) المغني ٣ : ٤٧٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٧٥.

(٧) صحيح مسلم ٢ : ٨٩٢ / ١٢١٨ ، سنن أبي داود ٢ : ١٨٦ / ١٩٠٥ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٢٧ / ٣٠٧٤.

٣٤٩

ومن طريق الخاصّة : قول الباقرعليه‌السلام - في الصحيح - وقد سأله محمد ابن مسلم عن المتمتّع متى يزور؟ قال : « يوم النحر »(١) .

وفي الصحيح عن الصادقعليه‌السلام ، قال : « لا يبيت المتمتّع يوم النحر حتى يزور »(٢) .

ولو أخّره إلى الليل ، جاز ؛ لما رواه العامّة : أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أخّر طواف الزيارة إلى الليل(٣) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - : « ينبغي للمتمتّع أن يزور البيت يوم النحر ومن ليلته لا يؤخّر ذلك اليوم »(٤) .

مسألة ٦٧٠ : أوّل وقت هذا الطواف : طلوع الفجر من يوم النحر‌ - وبه قال أبو حنيفة(٥) - لوجوب فعله بعد أداء المناسك المتعلّقة بيوم النحر ، فلا يتحقّق له وقت قبله.

وآخر وقته : اليوم الثاني من أيّام النحر للمتمتّع ، عند علمائنا ، ولا يجوز له التأخير عن ذلك.

وقال أبو حنيفة : آخر وقته آخر أيّام النحر(٦) .

وقال باقي العامّة : لا تحديد لآخره(٧) .

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٢٤٩ / ٨٤١ ، الاستبصار ٢ : ٢٩٠ / ١٠٣٠.

(٢) التهذيب ٥ : ٢٤٩ / ٨٤٢ ، الاستبصار ٢ : ٢٩٠ - ٢٩١ / ١٠٣١.

(٣) سنن ابن ماجة ٢ : ١٠١٧ / ٣٠٥٩ ، سنن الترمذي ٣ : ٢٦٢ / ٩٢٠.

(٤) التهذيب ٥ : ٢٤٩ / ٨٤٣ ، الاستبصار ٢ : ٢٩١ / ١٠٣٢.

(٥) بدائع الصنائع ٢ : ١٣٢ ، المغني ٣ : ٤٧٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٧٦ ، حلية العلماء ٣ : ٣٤٥ ، المجموع ٨ : ٢٨٢.

(٦) بدائع الصنائع ٢ : ١٣٢ ، المغني ٣ : ٤٧٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٧٦.

(٧) المغني ٣ : ٤٧٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٧٦ ، حلية العلماء ٣ : ٣٤٥ ، المجموع ٨ : ٢٢٠ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٣٢.

٣٥٠

وقال الشافعي : أوّل وقته من نصف ليلة النحر(١) .

ولنا : أنّه نسك في الحجّ ، فكان آخره محدوداً ، كالوقوف والرمي.

وسأل معاويةُ بن عمّار - في الصحيح - الصادقَعليه‌السلام : عن المتمتّع متى يزور البيت؟ قال : « يوم النحر أو من الغد ، ولا يؤخّر ، والمفرد والقارن ليسا سواء موسّع عليهما »(٢) .

ولو أخّر المتمتّع زيارة البيت عن اليوم الثاني من يوم النحر ، أثم ولا كفّارة عليه ، وكان طوافه صحيحاً.

أمّا القارن والمفرد : فيجوز لهما تأخير طواف الزيارة والسعي إلى آخر ذي الحجّة ؛ لأنّ إسحاق بن عمّار سأل الكاظمَعليه‌السلام : عن زيارة البيت تؤخّر إلى اليوم الثالث ، قال : « تعجيلها أحبّ إليّ ، وليس به بأس إن أخّره »(٣) .

وفي رواية اُخرى : « موسّع للمفرد أن يؤخّره »(٤) .

إذا عرفت هذا ، فقد وردت رخصة في جواز تقديم الطواف والسعي على الخروج إلى منى وعرفات - وبه قال الشافعي(٥) - لما رواه العامّة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : ( مَنْ قدّم شيئاً قبل شي‌ء فلا حرج )(٦) .

ومن طريق الخاصّة : رواية يحيى الأزرق(٧) أنّه سأل أبا الحسنعليه‌السلام :

____________________

(١) الحاوي الكبير ٤ : ١٩٢ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٣٧ ، المجموع ٨ : ٢٢٠ و ٢٨٢ ، حلية العلماء ٣ : ٣٤٥ ، المغني ٣ : ٤٧٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٧٦ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٣٢.

(٢) التهذيب ٥ : ٢٤٩ - ٨٤٤ ، الاستبصار ٢ : ٢٩١ - ١٠٣٦.

(٣) التهذيب ٥ : ٢٥٠ / ٨٤٥ ، الاستبصار ٢ : ٢٩١ - ١٠٣٣.

(٤) الكافي ٤ : ٥١١ - ٤ ، التهذيب ٥ : ٢٥١ - ٢٥٢ / ٨٥٣ ، الاستبصار ٢ : ٢٩٢ / ١٠٣٧.

(٥) المغني ٣ : ٤٨١ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٧٢.

(٦) أورده ابنا قدامة في المغني ٣ : ٤٨١ ، والشرح الكبير ٣ : ٤٧٢ نقلاً عن سعيد في سننه.

(٧) في المصدر : صفوان بن يحيى الأزرق.

٣٥١

عن امرأة تمتّعت بالعمرة إلى الحجّ ففرغت من طواف العمرة وخافت الطمث قبل يوم النحر ، أيصلح لها أن تُعجّل طوافها طواف الحجّ قبل أن تأتي منى؟ قال : « إذا خافت أن تضطرّ إلى ذلك فعلت »(١) .

إذا ثبت هذا ، فالأولى التقييد للجواز بالعذر.

مسألة ٦٧١ : يستحب أن يغتسل ويُقلّم أظفاره ويأخذ من شاربه ويدعو إذا وقف على باب المسجد‌ ، كطواف القدوم ، وغير ذلك من المستحبّات ، لقول الصادقعليه‌السلام : « إذا ذبحت أضحيتك فاحلق رأسك واغتسل وقلّم أظفارك وخُذْ من شاربك وزُر البيت وطُفْ به اُسبوعاً تفعل كما صنعت يوم قدمت مكّة »(٢) .

ويجوز أن يغتسل من منى ويأتي مكّة ، فيطوف بذلك الغسل ؛ للرواية(٣) ، وأن يغتسل نهاراً ويطوف ليلاً ما لم ينقضه بحدث أو نوم ، فإن نقضه ، أعاده مستحبّاً ليطوف على غسل ، للرواية(٤) .

ويستحبّ الغسل للمرأة ، كالرجل ؛ لأنّ الحلبي سأل الصادقَعليه‌السلام - في الصحيح - أتغتسل النساء إذا أتين البيت؟ فقال : « نعم إنّ الله تعالى يقول :( طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطّائِفِينَ وَالْعاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ) (٥) فينبغي للعبد أن لا يدخل إلّا وهو طاهر قد غسل عنه العرق والأذى وتطهّر »(٦) .

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٣٩٨ / ١٣٨٤.

(٢) التهذيب ٥ : ٢٤٠ و ٢٥٠ / ٨٠٨ و ٨٤٨.

(٣) التهذيب ٥ : ٢٥٠ - ٢٥١ / ٨٤٩.

(٤) التهذيب ٥ : ٢٥١ / ٨٥٠.

(٥) إنّ الآية في سورة البقرة : ١٢٥ هكذا( أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ ) إلى آخر ما في المتن ، وفي سورة الحج : ٢٦ هكذا( وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطّائِفِينَ وَالْقائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ) .

(٦) التهذيب ٥ : ٢٥١ / ٨٥٢.

٣٥٢

ثم يقف على باب المسجد ويدعو بالمنقول ويدخل المسجد ويأتي الحجر الأسود فيستلمه ويقبّله ، فإن لم يستطع ، استلمه بيده وقبَّل يده ، فإن لم يتمكّن ، استقبله وكبّر ودعا كما تقدّم في طواف القدوم ، كلّ ذلك مستحبٌّ ، ثم يطوف واجباً سبعة أشواط طواف الزيارة يبدأ بالحجر ويختم به ، فإذا أكمله ، صلّى ركعتي الطواف واجباً في مقام إبراهيمعليه‌السلام ، ثم يرجع إلى الحجر الأسود ، فيستلمه إن استطاع ، وإلّا استقبله وكبّر مستحبّاً ، ثم يخرج إلى الصفا واجباً ، ويسعى بينه وبين المروة كما صنع في وقت قدومه في الكيفية ، فإذا فرغ من السعي ، أحلّ من كلّ شي‌ء أحرم منه إلّا النساء ، ثم يرجع إلى البيت فيطوف طواف النساء اُسبوعاً - كما تقدّم - واجباً ، ويصلّي ركعتيه في مقام إبراهيمعليه‌السلام واجباً ، فإذا أكمله ، حلّت له النساء ، ولهذا سُمّي طواف النساء.

مسألة ٦٧٢ : السعي عقيب طواف الحجّ ركن في الحجّ عندنا‌ واجباً فيه ؛ لما تقدّم.

ولقول الصادقعليه‌السلام - في الحسن - قلت : فرجل نسي السعي بين الصفا والمروة ، قال : « يعيد السعي » قلت : فاته ذلك حتى خرج(١) ، قال : « يرجع فيعيد السعي ، إنّ هذا ليس كرمي الجمار ، إنّ الرمي سنّة ، والسعي بين الصفا والمروة فريضة »(٢) .

وبين العامّة خلاف في وجوبه واستحبابه(٣) .

وهل يشترط في التحلّل الثاني السعي؟ أو يحصل عقيب طواف‌

____________________

(١) في الاستبصار والموضع الأوّل من التهذيب : قلت : فإنّه يخرج ( خرج ).

(٢) التهذيب ٥ : ١٥٠ / ٤٩٢ ، و ٢٨٦ / ٩٧٤ ، الاستبصار ٢ : ٢٣٨ / ٨٢٩.

(٣) اُنظر : المغني ٣ : ٤١٠.

٣٥٣

الزيارة قبله؟ الأقرب : عدم الاشتراط ؛ لأنّهم : علّلوا التحلّل بطواف الزيارة(١) ، وليس السعي جزءاً من مسمّاه.

وبين العامّة خلاف ، فمَنْ قال : إنه فرض ، لم يحصل التحلّل إلّا به ، ومَنْ قال : إنه سنّة ، ففي التحلّل قبله وجّهان : أحدهما : التحلّل ؛ لأنه لم يبق شي‌ء من واجّبات الحجّ عندهم ، والثاني : عدمه ؛ لأنه من أفعال الحجّ ، فيأتي به في إحرام الحجّ ، كالسعي في العمرة(٢) .

مسألة ٦٧٣ : طواف النساء واجب - عند علمائنا‌ أجمع - على الرجال والنساء والخصيان من البالغين وغيرهم - وأطبقت العامّة على عدم وجوبه(٣) - لما رواه العامّة عن عائشة قالت : فطاف الذين أهلّوا بالعمرة وبين الصفا والمروة ثم حلّوا ثم طافوا طوافا آخر(٤) .

ومن طريق الخاصّة : قول الرضاعليه‌السلام في قول الله عزّ وجلّ :( وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ) (٥) قال : « هو طواف النساء »(٦) .

وهذا الطواف واجب في الحجّ والعمرة المبتولة ، عند علمائنا أجمع ؛ لأنّ إسماعيل بن رباح سأل أبا الحسنعليه‌السلام : عن مفرد العمرة عليه طواف النساء؟ قال « نعم »(٧) .

____________________

(١) اُنظر على سبيل المثال : التهذيب ٥ : ٢٥٢ / ٨٥٣.

(٢) المغني ٣ : ٤٧٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٧٧.

(٣) كما في الخلاف ٢ : ٣٦٣ ، المسألة ١٩٩.

(٤) سنن أبي داود ٢ : ١٥٣ ، ذيل الحديث ١٧٨١ ، سنن البيهقي ٥ : ١٠٥ ، المغني ٣ : ٤٧٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٧٨.

(٥) الحجّ : ٢٩.

(٦) ورد الحديث كما في المتن عن الإمام الصادقعليه‌السلام في التهذيب ٥ : ٢٥٣ / ٨٥٥ ، وبتفاوت عن الإمام أبي الحسنعليه‌السلام في التهذيب ٥ : ٢٥٢ - ٢٥٣ / ٨٥٤.

(٧) الكافي ٤ : ٥٣٨ / ٨ ، التهذيب ٥ : ٢٥٣ / ٨٥٨ ، الاستبصار ٢ : ٢٣١ / ٨٠١.

٣٥٤

ولا فرق بين الخصيّ والمرأة والرجل في وجوب طواف النساء ؛ لأنّ الحسين بن يقطين(١) سأل الكاظمَعليه‌السلام عن الخصيان والمرأة الكبيرة أعليهم طواف النساء؟ قال : « نعم عليهم الطواف كلّهم »(٢) .

إذا عرفت هذا ، فكلّ إحرام يجب فيه طواف النساء إلّا إحرام العمرة غير المفردة ، وكلّ طواف لا بدّ له من سعي يتعقّبه إلّا طواف النساء.

مسألة ٦٧٤ : ولو ترك الحاجّ أو المعتمر مفرداً طواف النساء ، لم يحللن له ، ويجب عليه العود مع المكنة ليطوفه ، فإن لم يتمكّن ، أَمَرَ مَنْ يطوف عنه طواف النساء ، فإذا طاف النائب عنه ، حلّت له النساء.

ولو مات قبل طوافه ، طاف عنه وليّه بعد موته ؛ لأنّه أحد المناسك الواجبة ، فيأتي به.

ولأنّ معاوية بن عمّار سأل الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - عن رجل نسي طواف النساء حتى يرجع إلى أهله ، قال : « يرسل فيُطاف عنه فإن توفّي قبل أن يُطاف عنه فليطف عنه وليّه»(٣) .

وإنّما قلنا بالاستنابة مع تعذّر إمكان الرجوع ؛ لأنّ معاوية بن عمّار سأل الصادقَعليه‌السلام - في الصحيح - : عن رجل نسي طواف النساء حتى أتى الكوفة ، قال : « لا تحلّ له النساء حتى يطوف بالبيت » قلت : فإن لم يقدر؟ قال : « يأمر مَنْ يطوف عنه »(٤) .

وعلى تحريم النساء قبل فعله رواية معاوية بن عمّار - الصحيحة - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن رجل نسي طواف النساء حتى يرجع إلى‌

____________________

(١) في المصدر : الحسين بن علي بن يقطين.

(٢) الكافي ٤ : ٥١٣ - ٤ ، التهذيب ٥ : ٢٥٥ - ٨٦٤.

(٣) التهذيب ٥ : ٢٥٥ - ٢٥٦ / ٨٦٦ ، الاستبصار ٢ : ٢٣٣ / ٨٠٨.

(٤) التهذيب ٥ : ٢٥٦ / ٨٦٧ ، الإستبصار ٢ : ٢٣٣ / ٨٠٩.

٣٥٥

إهله ، قال : « لا تحلّ له النساء حتى يزور البيت ، فإن هو مات فليقض عنه وليّه أو غيره ، فأمّا ما دام حيّاً فلا يصحّ أن يقضى عنه ، وإن نسي الجمار فليسا سواءً ، لأنّ الرمي سنّة والطواف فريضة »(١) .

البحث الثاني : في الرجوع إلى منى‌

مسألة ٦٧٥ : إذا قضى الحاجّ مناسكه بمكّة من طواف الزيارة وصلاة ركعتيه والسعي وطواف النساء وصلاة ركعتيه ، وجب أن يرجع إلى منى‌ للمبيت بها ليالي التشريق ، وهي ليلة الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر ، عند علمائنا - وبه قال عطاء وعروة وإبراهيم ومجاهد ومالك والشافعي وأحمد في إحدى الروايتين(٢) - لما رواه العامّة : أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله رخّص للعباس بن عبد المطّلب أن يبيت بمكّة ليالي منى من أجل سقايته(٣) .

قال ابن عباس : لم يرخّص النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لأحد يبيت بمكّة إلاّ للعباس من أجل سقايته(٤) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - : « إذا فرغت من طوافك للحجّ وطواف النساء فلا تبيت إلّا بمنى إلّا أن يكون شغلك في‌

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٢٥٥ / ٨٦٥ ، الاستبصار ٢ : ٢٣٣ / ٨٠٧.

(٢) المغني والشرح الكبير ٣ : ٤٨٢ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢٠٥ ، روضة الطالبين ٢ : ٣٨٥ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٣٨ ، المجموع ٨ : ٢٤٧ ، الوجيز ١ : ١٢١ ، فتح العزيز ٧ : ٣٨٨ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ١٤٥.

(٣) صحيح البخاري ٢ : ٢١٧ ، صحيح مسلم ٢ : ٩٥٣ / ١٣١٥ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠١٩ / ٣٠٦٥ ، سنن أبي داود ٢ : ١٩٩ / ١٩٥٩ ، سنن الدارمي ٢ : ٧٥ ، سنن البيهقي ٥ : ١٥٣ ، المغني والشرح الكبير ٣ : ٤٨٢.

(٤) سنن ابن ماجة ٢ : ١٠١٩ / ٣٠٦٦ ، المغني ٣ : ٤٨٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٨٢ - ٤٨٣.

٣٥٦

نسكك ، وإن خرجت بعد نصف الليل فلا يضرّك أن تبيت في غير منى »(١) .

وقال أحمد في الرواية الاُخرى : إنّه مستحب لا واجب - وبه قال الحسن البصري(٢) - لقول ابن عباس : إذا رميت الجمرة فبت حيث شئت(٣) .

ولأنّه قد حلّ من حجّه ، فلم يجب عليه المبيت بموضع معيّن ، كليلة الحصبة(٤) .

ولا حجّة في قول ابن عباس خصوصاً وقد نقل عنه : لا يبيتنّ أحد من وراء العقبة من منى ليلاً(٥) .

والفرق بين ليلة الحصبة وغيرها ؛ لبقاء بعض المناسك عليه في غيرها.

مسألة ٦٧٦ : لو ترك المبيت بمنى ، وجب عليه عن كلّ ليلة شاة‌ إلّا أن يخرج من منى بعد نصف الليل أو يبيت بمكّة مشتغلاً بالعبادة ، فلو ترك المبيت ليلةً ، وجب عليه شاة ، فإن ترك ليلتين ، وجب شاتان ، فإن ترك الثالثة وكان ممّن اتّقى ، لم يكن عليه شي‌ء ؛ لأنّ له النفر في الأوّل ، إلّا أن تغرب الشمس يوم الثاني عشر وهو بمنى.

ولو لم يكن قد اتّقى أو نفر بعد الغروب ، وجب عليه شاة اُخرى ؛ لما رواه العامّة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : ( مَنْ ترك نسكاً فعليه دم )(٦) وقد بيّنّا أنّ المبيت بمنى نسك.

ومن طريق الخاصّة : رواية جعفر بن ناجية ، قال : سألت الصادقَعليه‌السلام :

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٢٥٦ / ٨٦٨.

(٢ - ٤ ) المغني والشرح الكبير ٣ : ٤٨٢.

(٥) المغني ٣ : ٤٨٢.

(٦) أورده أبو إسحاق الشيرازي في المهذّب ١ : ٢٣٣ ، وابنا قدامة في المغني ٣ : ٣٩٦ ، والشرح الكبير ٣ : ٣٩٨.

٣٥٧

عمّن بات ليالي منى بمكّة ، فقال : « عليه ثلاثة من الغنم يذبحهنّ »(١) .

وقال أبو حنيفة : لا شي‌ء عليه إذا ترك المبيت(٢) .

وقال الشافعي : إذا ترك المبيت ليلة واحدة ، وجب عليه مُدٌّ. وفيه قولان : أحدهما : يجب عليه درهم ، والآخر : ثلث دم. وهل الدم واجب أو مستحبٌّ؟ قولان(٣) .

ويجوز النفر في اليوم الثاني من أيّام التشريق لمن اتّقى ، فلا يجب المبيت الليلة الثالثة.

والاتّقاء : اجتناب النساء والصيد في إحرامه.

إذا عرفت هذا ، فلو أراد المتّقي في الأوّل ، جاز له ما لم تغرب الشمس وهو بمنى - وبه قال الشافعي(٤) - لقوله تعالى :( فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ ) (٥) .

أمّا لو غربت الشمس ، وجب عليه المبيت والرمي في الثالث ، وبه قال الشافعي ومالك وأحمد(٦) .

____________________

(١) الفقيه ٢ : ٢٨٦ / ١٤٠٦ ، التهذيب ٥ : ٢٥٧ / ٨٧٢ ، الاستبصار ٢ : ٢٩٢ / ١٠٣٩.

(٢) الحاوي الكبير ٤ : ٢٠٦ ، فتح العزيز ٧ : ٣٩١ ، المغني ٣ : ٤٨٢.

(٣) الحاوي الكبير ٤ : ٢٠٥ و ٢٠٦ ، فتح العزيز ٧ : ٣٩٠ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٣٨ ، المجموع ٨ : ٢٤٧ ، روضة الطالبين ٢ : ٣٨٥.

(٤) فتح العزيز ٧ : ٣٩٥ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٣٨ ، المجموع ٨ : ٢٤٨ و ٢٨٢ ، روضة الطالبين ٢ : ٣٨٧ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٩٩.

(٥) البقرة : ٢٠٣.

(٦) الوجيز ١ : ١٢٢ ، فتح العزيز ٧ : ٣٩٦ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٣٨ ، المجموع ٨ : ٢٤٨ و ٢٨٢ ، روضة الطالبين ٢ : ٣٨٧ ، المنتقى - للباجي - ٣ : ٤٧ ، المغني ٣ : ٤٨٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٩٧ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢٠٠.

٣٥٨

وقال أبو حنيفة : يسوغ النفر ما لم يطلع الفجر(١) .

إذا ثبت هذا ، فالواجب الكون ليالي التشريق ، ولا عبادة عليه زائدةً على غيرها من الليالي إجماعاً.

والأفضل أن لا يخرج من منى إلّا بعد طلوع الفجر. ويجوز له أن يأتي مكة أيّام منى لزيارة البيت تطوّعاً.

والأفضل المقام بمنى إلى انقضاء أيّام التشريق ؛ لأنّ ليث المرادي سأل الصادقَعليه‌السلام : عن الرجل يأتي مكّة أيّام منى بعد فراغه من زيارة البيت ، فيطوف بالبيت تطوّعاً ، فقال : « المقام بمنى أفضل وأحبّ إليَّ »(٢) .

مسألة ٦٧٧ : رُخّص للرعاة المبيت في منازلهم وترك المبيت بمنى‌ ما لم تغرب الشمس عليهم في منى ، فإنّه يلزمهم المبيت بها إجماعاً

روى العامّة : أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله رخّص للرعاة أن يتركوا المبيت بمنى ويرموا يوم النحر جمرة العقبة ثم يرموا يوم النفر(٣) .

وكذلك أهل سقاية العباس ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله رخّص لأهل سقاية العباس أن يدعوا المبيت بمنى.

وقد قيل : إنّه إذا غربت الشمس على أهل سقاية العباس بمنى أن يَدَعوا المبيت بمنى ، بخلاف الرعاة ؛ لأنّ شغل أهل السقاية ثابت ليلاً ونهاراً ، وشغل الرعاة بالنهار(٤) .

____________________

(١) المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٦٨ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢٠٠ ، فتح العزيز ٧ : ٣٩٦ ، المجموع ٨ : ٢٨٢ ، المغني ٣ : ٤٨٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٩٧.

(٢) الكافي ٤ : ٥١٥ / ١ ، التهذيب ٥ : ٢٦١ / ٨٨٧ ، الاستبصار ٢ : ٢٩٥ / ١٠٥٣.

(٣) فتح العزيز ٧ : ٣٩٣ ، وفي سنن أبي داوُد ٢ : ٢٠٢ / ١٩٧٥ ، وسنن الترمذي ٣ : ٢٨٩ - ٢٩٠ / ٩٥٥ ، وسنن ابن ماجة ٢ : ١٠١٠ / ٣٠٣٧ ، وسنن البيهقي ٥ : ١٥٠ نحوه.

(٤) فتح العزيز ٧ : ٣٩٤ ، المجموع ٨ : ٢٤٨.

٣٥٩

والأقرب : أنّ مَنْ شاركهم في العذر - كمن له مريض بمكّة يحتاج أن يعلّله ، أو مال بها يخاف ضياعه - يترخّص كترخّصهم.

وللشافعي وجهان(١) .

[ و ](٢) الأقرب : أنّه لا تختصّ رخصة أهل السقاية بالعبّاسيّة - وبه قال الشافعي(٣) - لأنّ المعنى يعمّهم وغيرهم.

وقال مالك وأبو حنيفة : إنّها تختصّ بأولاد العباس(٤) .

البحث الثالث : في الرمي.

مسألة ٦٧٨ : يجب على الحاجّ الرمي في كلّ يوم من أيّام التشريق الجمار الثلاث‌ كلّ جمرة بسبع حصيات من الجمار الملتقط من المشعر.

فأوّل وقت الرمي يوم النحر ، وهو مختصّ بجمرة العقبة خاصّة قبل الذبح ، كما تقدّم.

وأمّا الجمار الثلاث : فأوّل وقت رميها الحادي عشر من شهر ذي الحجّة ، وهو أوّل أيّام التشريق ، ثم في الثاني عشر ، ثم في الثالث عشر ، وهو ثالث أيّام التشريق ، فيرمي في كلّ يوم بإحدى وعشرين حصاة. ويبدأ بالاُولى من الجمرات ، وهي أبعد الجمرات من مكّة.

ويستحب أن يرميها عن يسارها من بطن المسيل بسبع حصيات يرميهنّ خذفاً ، ويكبّر مع كلّ حصاة ، ويدعو ، ثم يقوم عن يسار الطريق ويستقبل القبلة ويحمد الله ويثني عليه ويصلّي على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم يتقدّم‌

____________________

(١) فتح العزيز ٧ : ٣٩٤ ، المجموع ٨ : ٢٤٨ ، حلية العلماء ٣ : ٣٥٠.

(٢) أضفناها لأجل السياق.

(٣) فتح العزيز ٧ : ٣٩٤ ، المجموع ٨ : ٢٤٨ ، روضة الطالبين ٢ : ٣٨٦.

(٤) فتح العزيز ٧ : ٣٩٤.

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460