تذكرة الفقهاء الجزء ٨

تذكرة الفقهاء17%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-051-X
الصفحات: 460

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 460 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 191258 / تحميل: 5460
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ٨

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٠٥١-X
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

كتاب الإِجارة

١ - باب جملة مما تجوز الإِجارة فيه وما لا تجوز

[ ٢٤٢٤٢ ] ١ - الحسن بن علي بن شعبة في( تحف العقول) عن الصادق( عليه‌السلام ) في وجوه معايش العباد - إلى أن قال: - وأمّا تفسير الإِجارة فإجارة الإِنسان نفسه أو ما يملكه أو يلي أمره من قرابته أو دابّته أو ثوبه بوجه الحلال من جهات الإجارات، أو يؤجر نفسه أو داره أو أرضه أو شيئاً يملكه فيما ينتفع به من وجوه المنافع، أو العمل بنفسه وولده ومملوكه أو أجيره من غير أن يكون وكيلاً للوالي، أو والياً للوالي، فلا بأس أن يكون أجيراً يؤجر نفسه أو ولده أو قرابته أو ملكه أو وكيله في إجارته، لأَنّهم وكلاء الأَجير ومن عنده ليس هم بولاة الوالي، نظير الحمّال الذي يحمل شيئاً بشيء معلوم(١) فيجعل ذلك الشيء الذي يجوز له حمله بنفسه أو بملكه ودابّته، أو يؤجر نفسه في عمل يعمل ذلك العمل بنفسه(٢) حلال لمن كان من الناس ملكاً أو

__________________________

كتاب الإِجارة

الباب ١

فيه حديثان

١ - تحف العقول: ٣٣٣.

(١) في المصدر زيادة: الى موضع معلوم.

(٢) في المصدر زيادة: أو بمملوكه أو قرابته أو تأجير من قبله فهذه وجوه من وجوه الإِجارات.

١٠١

سوقة أو كافرا أو مؤمناً، فحلال إجارته، وحلال كسبه من هذه الوجوه، وأمّا وجوه الحرام من وجوه الإِجارة نظير أن يؤاجر نفسه على حمل ما يحرم عليه أكله أو شربه، أو يؤاجر نفسه في صنعة ذلك الشيء أو حفظه أو لبسه أو يؤاجر نفسه في هدم المساجد ضراراً، وقتل النفس بغير حلّ، أو عمل التصاوير والأَصنام والمزامير والبرابط والخمر والخنازير والميتة والدم، أو شيء من وجوه الفساد الذي كان محرّماً عليه من غير جهة الإِجارة فيه، وكلّ أمر ينهى عنه من جهة من الجهات فمحرم على الإِنسان إجارة نفسه فيه أو له أو شيء منه أو له إلاّ لمنفعة من استأجرته كالذي يستأجر له الأجير يحمل له الميتة ينحيها عن أذاه أو أذى غيره وما أشبه ذلك - إلى أن قال: - وكلّ من آجر نفسه أو آجر ما يملك أو يلي أمره من كافر أو مؤمن أو ملك أو سوقة على ما فسّرنا مما تجوز الإِجارة فيه فحلال محلّل فعله وكسبه.

[ ٢٤٢٤٣ ] ٢ - محمّد بن إدريس في آخر( السرائر) نقلاً من جامع البزنطي صاحب الرضا( عليه‌السلام ) قال: سألته عن الرجل يكتب المصحف بالأَجر ؟ قال: لا بأس به.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على جملة مما تجوز الإِجارة فيه فيما يكتسب به(١) .

__________________________

٢ - مستطرفات السرائر: ٥٥ / ٩، واورده عن قرب الإِسناد في الحديث ١٢ من الباب ٣١ من أبواب ما يكتسب به.

(١) تقدم في الأبواب ٩، ١٠، ١٢، ١٥، ١٧، ١٨، ١٩، ٢٩ من أبواب ما يكتسب به، وفي الباب ١ من أبواب النيابة في الحج.

١٠٢

٢ - باب كراهة إجارة الإِنسان نفسه مدّة، وعدم تحريمها، فإن فعل فما أصاب فهو للمستأجر

[ ٢٤٢٤٤ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن منصور بن يونس، عن المفضل بن عمر قال: سمعت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) يقول: من آجر نفسه فقد حظر على نفسه الرزق.

[ ٢٤٢٤٥ ] ٢ - قال: وفي رواية اُخرى: كيف لا يحظره وما أصاب فهو لربّه الذي آجره.

[ ٢٤٢٤٦ ] ٣ - علي بن الحسين المرتضى في رسالة( المحكم والمتشابه) نقلاً من تفسير النعماني بإسناده الآتي (١) عن علي( عليه‌السلام ) في بيان معايش الخلق قال: وأمّا وجه الإِجارة فقوله عزّ وجّل:( نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ ) (٢) فأخبرنا سبحانه أنّ الإِجارة أحد معايش الخلق، إذ خالف بحكمته بين هممهم وإرادتهم وسائر حالاتهم، وجعل ذلك قواماً لمعايش الخلق، وهو الرجل يستأجر الرجل في ضيعته وأعماله وأحكامه وتصرفاته وأملاكه، ولو كان الرجل منّا يضطرّ إلى أن

__________________________

الباب ٢

فيه ٣ أحاديث

١ - الكافي ٥: ٩٠ / ١، وأورده في الحديث ١ من الباب ٦٦ من أبواب ما يكتسب به.

٢ - الكافي ٥: ٩٠ / ذيل حديث ١.

٣ - المحكم والمتشابه: ٥٩.

(١) يأتي في الفائدة الثانية من الخاتمة برقم (٥٢).

(٢) الزخرف ٤٣: ٣٢.

١٠٣

يكون بناءً لنفسه أو نجاراً أو صانعاً في شيء من جميع أنواع الصنائع لنفسه، ويتولّى جميع ما يحتاج إليه من إصلاح الثياب وما يحتاج إليه من الملك فمن دونه ما استقامت أحوال العالم بذلك، ولا اتّسعوا له، ولعجزوا عنه، ولكنّه أتقن تدبيره لمخالفته بين هممهم، وكلّ ما يطلب ما تنصرف إليه همته مما يقوم به بعضهم لبعض، وليستغني بعضهم ببعض في أبواب المعايش التي بها صلاح أحوالهم.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك، وعلى نفي التحريم في التجارة وفيما يكتسب به(١) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٢) .

٣ - باب كراهة استعمال الأجير قبل تعيين اُجرته، وعدم جواز منعه من الجمعة، واستحباب إحكام الأعمال وإتقانها

[ ٢٤٢٤٧ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن سليمان بن جعفر الجعفري قال: كنت مع الرضا( عليه‌السلام ) في بعض الحاجة فأردت أن أنصرف إلى منزلي فقال لي: انصرف معي فبت عندي الليلة، فانطلقت معه فدخل إلى داره مع المغيب فنظر إلى غلمانه يعملون في الطين أواري(٣) الدواب وغير ذلك، وإذا معهم أسود ليس منهم، فقال: ما هذا الرجل معكم ؟ قالوا: يعاوننا ونعطيه شيئاً، قال:

__________________________

(١) تقدم في الأحاديث ١، ٣، ٤، وعلى نفي التحريم في الحديثين ٢، ٥ من الباب ٦٦ من أبواب ما يكتسب به.

(٢) يأتي في الأبواب ٣، ٤، ٥، ٦، ٩ وغيرها من هذه الأبواب.

الباب ٣

فيه ٣ أحاديث

١ - الكافي ٥: ٢٨٨ / ١.

(٣) الإِرية: الاخية وهي عروة تربط الى وتد مدقوق وتشد فيها الدابة وربما قيل للمعلف ( المصباح المنير ١: ٨ ).

١٠٤

قاطعتموه على اُجرته ؟ قالوا: لا، هو يرضى منا بما نعطيه، فأقبل عليهم يضربهم بالسوط، وغضب لذلك غضباً شديداً، فقلت: جعلت فداك لم تدخل على نفسك ؟ فقال: إنّي قد نهيتهم عن مثل هذا غير مرّة أن يعمل معهم أحد(١) حتّى يقاطعوه على اُجرته، واعلم أنّه ما من أحد يعمل لك شيئاً بغير مقاطعة ثمّ زدته لذلك الشيء ثلاثة أضعاف على اُجرته إلاّ ظنّ أنّك قد نقصته اُجرته، وإذا قاطعته ثمّ أعطيته اُجرته حمدك على الوفاء، فإن زدته حبّة عرف ذلك لك، ورأى أنّك قد زدته.

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمّد مثله(٢) .

[ ٢٤٢٤٨ ] ٢ - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يستعملنّ أجيراً حتّى يعلم ما أجره، ومن استأجر أجيراً ثمّ حبسه عن الجمعة يبوء باثمه، وإن هو لم يحبسه اشتركا في الأَجر.

ورواه الشيخ بإسناده عن علي بن إبراهيم مثله(٣) .

[ ٢٤٢٤٩ ] ٣ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن شعيب بن واقد، عن الحسين بن زيد، عن جعفر بن محمّد، عن آبائه( عليهم‌السلام ) - في حديث المناهي - قال: نهى رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) أن يستعمل أجير حتّى يعلم ما اُجرته.

__________________________

(١) في التهذيب: أجير ( هامش المخطوط ).

(٢) التهذيب ٧: ٢١٢ / ٩٣٢.

٢ - الكافي ٥: ٢٨٩ / ٤.

(٣) التهذيب ٧: ٢١١ / ٩٣١.

٣ - الفقيه ٤: ٥ / ١.

١٠٥

أقول: وتقدّم ما يدلّ على الحكم الثاني في الجمعة(١) ، وعلى الثالث في الدفن(٢) .

٤ - باب استحباب دفع الاُجرة إلى الأجير بعد الفراغ من العمل من غير تأخير قبل أن يجف عرقه، وجواز اشتراط التقديم والتأخير، وكذا كلّ ما يشترط في الإِجارة

[ ٢٤٢٥٠ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) في الجمال(٣) والأَجير، قال: لا يجفّ عرقه حتّى تعطيه اُجرته.

ورواه الشيخ بإسناده عن علي بن إبراهيم مثله(٤) .

[ ٢٤٢٥١ ] ٢ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن حنان، عن شعيب(٥) قال: تكارينا لأَبي عبد الله( عليه‌السلام ) قوماً يعملون في بستان له وكان أجلهم إلى العصر، فلمّا فرغوا قال لمعتّب: أعطهم اُجورهم قبل أن يجفّ عرقهم.

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمّد مثله(٦) .

__________________________

(١) تقدم في البابين ١، ٢١ من أبواب صلاة الجمعة.

(٢) تقدم في الباب ٦٠ من أبواب الدفن.

الباب ٤

فيه ٤ أحاديث

١ - الكافي ٥: ٢٨٩ / ٢.

(٣) في المصدر: الحمّال.

(٤) التهذيب ٧: ٢١١ / ٩٢٩.

٢ - الكافي: ٥: ٢٨٩ / ٣.

(٥) في نسخة من التهذيب: سعيد ( هامش المخطوط ).

(٦) التهذيب ٧: ٢١١ / ٩٣٠.

١٠٦

[ ٢٤٢٥٢ ] ٣ - عبد الله بن جعفر في( قرب الإِسناد) عن عبد الله بن الحسن، عن علي بن جعفر، عن أخيه( عليه‌السلام ) قال: سألته عن رجل استأجر داراً سنتين مسمّاتين على أنّ عليه بعد ذلك تطيينها وإصلاح أبوابها ؟ قال: لا بأس.

ورواه علي بن جعفر في كتابه وترك قوله: سنتين مسمّاتين، وقال: بشيء مسمى(١) .

أقول: وتقدّم ما يدلّ على لزوم الشرط عموماً في خيار الشرط(٢) .

٥ - باب تحريم منع الأجير اُجرته

[ ٢٤٢٥٣ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن شعيب بن واقد، عن الحسين بن زيد، عن جعفر بن محمّد، عن آبائه( عليهم‌السلام ) - في حديث المناهي - قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : من ظلم أجيراً اُجرته أحبط الله عمله وحرّم الله عليه ريح الجنّة، وإنّ ريحها ليوجد من مسيرة خمسمأة عام.

[ ٢٤٢٥٤ ] ٢ - وبإسناده عن حمّاد بن عمرو وأنس بن محمّد، عن أبيه، عن جعفر بن محمّد، عن آبائه( عليهم‌السلام ) - في وصيّة النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) لعلي( عليه‌السلام ) - قال: يا علي من انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله.

__________________________

٣ - قرب الإِسناد: ١١٤.

(١) مسائل علي بن جعفر: ١٢٦ / ٩٤.

(٢) تقدم في الباب ٦ من أبواب الخيار.

الباب ٥

فيه ٥ أحاديث

١ - الفقيه ٤: ٦ / ١.

٢ - الفقيه ٤: ٢٦٢ / ٨٢٤.

١٠٧

ومن منع أجيراً أجره فعليه لعنة الله.

[ ٢٤٢٥٥ ] ٣ - وفي( عقاب الأعمال) بإسناد تقدّم في عيادة المريض (١) عن رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) قال: ومن ظلم أجيراً أجره أحبط الله عمله وحرّم عليه ريح الجنّة، وريحها يوجد من مسيرة خمسمائة عام.

ومن خان جاره شبراً من الأرض طوّقه الله يوم القيامة إلى سبع أرضين ناراً حتّى يدخله نار جهنم.

[ ٢٤٢٥٦ ] ٤ - وفي( عيون الأخبار) بأسانيد تقدّمت في إسباغ الوضوء (٢) عن الرضا، عن آبائه( عليهم‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : إنّ الله غافر كلّ ذنب إلاّ من أحدث ديناً، أو اغتصب أجيراً أجره، أو رجل باع حرّاً.

[ ٢٤٢٥٧ ] ٥ - الحسن بن الفضل الطبرسي في( مكارم الأخلاق) نقلاً من كتاب( المحاسن) عن الصادق( عليه‌السلام ) قال: أقذر الذنوب ثلاثة: قتل البهيمة، وحبس مهر المرأة، ومنع الأجير أجره.

أقول: وتقدم ما يدلّ على ذلك عموماً(٣) ، وخصوصاً(٤) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٥) .

__________________________

٣ - عقاب الأعمال: ٣٣١ / ١.

(١) تقدم في الحديث ٩ من الباب ١٠ من أبواب الاحتضار.

٤ - عيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) ٢: ٣٣ / ٦٠، وأورده في الحديث ٢ من الباب ٧٩ من أبواب جهاد النفس، ونحوه عن الكافي في الحديث ٤ من الباب ١١ من أبواب المهور.

(٢) تقدمت في الحديث ٤ من الباب ٥٤ من أبواب الوضوء.

٥ - مكارم الأخلاق: ٢٣٧، وأورده في الحديث ٢ من الباب ٥٣ من أبواب أحكام الدواب.

(٣) تقدم في الباب ٧ من أبواب الدين.

(٤) تقدم في البابين ٣، ٤ من هذه الأبواب، وفي الحديث ٣ من الباب ٢٢ من أبواب الدين.

(٥) يأتي في البابين ١٣، ١٧ من هذه الأبواب، وفي الحديث ٤ من الباب ١١ من أبواب المهور.

١٠٨

٦ - باب أن المستأجر ضامن للاُجرة حتى يؤديها إلاّ أن يرضى الأجير بوضعها على يد أحد ويضعها المستأجر فلا ضمان

[ ٢٤٢٥٨ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن هارون بن حمزة الغنوي، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: سألته عن رجل استأجر أجيراً فلم يأمن أحدهما صاحبه، فوضع الأجر على يدي رجل فهلك ذلك الرجل ولم يدع وفاء واستهلك الأجر ؟ فقال: المستأجر ضامن لأجر الأجير حتّى يقضي، إلاّ أن يكون الأجير دعاه إلى ذلك فرضي به، فإن فعل فحقّه حيث وضعه ورضي به.

ورواه الكليني، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن يزيد بن إسحاق، عن هارون بن حمزة(١) .

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يحيى(٢) .

أقول: وتقدّم ما يدلّ على بعض المقصود(٣) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٤) .

__________________________

الباب ٦

فيه حديث واحد

١ - الفقيه ٣: ١٠٧ / ٤٤٥.

(١) الكافي ٧: ٤٣١ / ١٧.

(٢) التهذيب ٦: ٢٨٩ / ٨٠١.

(٣) تقدم في الباب ٥ من هذه الأبواب.

(٤) يأتي في الأبواب ٧، ١٢، ١٣، ١٤، ١٧ من هذه الأبواب.

١٠٩

٧ - باب أن الإِجارة عقد لازم لا ينفسخ إلّا بالتقايل أو التعذر

[ ٢٤٢٥٩ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن صفوان، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن علي بن يقطين قال: سألت أبا الحسن( عليه‌السلام ) عن الرجل يتكارى من الرجل البيت أو السفينة سنة أو أكثر من ذلك أو أقل ؟ قال: الكراء لازم له إلى الوقت الذي تكاري إليه، والخيار في أخذ الكراء إلى ربّها إن شاء أخذ وإن شاء ترك.

ورواه الصدوق بإسناده عن عليّ بن يقطين مثله(١) .

وبإسناده عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي عمير، عن ابن مسكان، عن أبي بصير - يعني المرادي - قال: سألت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) وذكر مثله(٢) .

وعنه، عن محمّد بن سهل، عن أبيه قال: سألت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) وذكر مثله(٣) .

ورواه الكليني عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد(٤) .

وروى الحديث الأوّل عنهم عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن علي ابن يقطين، عن أخيه الحسين، عن علي بن يقطين(٥) .

__________________________

الباب ٧

فيه حديث واحد

١ - التهذيب ٧: ٢٠٩ / ٩٢٠.

(١) الفقيه ٣: ١٥٩ / ٦٩٧.

(٢) التهذيب ٧: ٢١٠ / ٩٢٢.

(٣) التهذيب ٧: ٢١٠ / ٩٢١.

(٤) الكافي: ٥: ٢٩٢ / ٢.

(٥) الكافي ٥: ٢٩٢ / ١.

١١٠

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك(١) ، وتقدّم ما يدلّ على بقية المقصود عموماً(٢) .

٨ - باب الإيجاب والقبول في الإِجارة وتعيين العين والمدّة والمسافة والاُجرة وكون المؤجر مالكاً جائز التصرف

[ ٢٤٢٦٠ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن علي بن الحكم، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: سألته عن الرجل يكتري الدابة فيقول: اكتريتها منك إلى كان كذا وكذا فإن جاوزته فلك كذا وكذا زيادة، ويسمي ذلك ؟ قال: لا بأس به كلّه.

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمّد(٣) .

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك(٤) .

وتقدّم ما يدلّ على الحكم الأخير(٥) .

__________________________

(١) يأتي في البابين ١٥، ٢٤ من هذه الأبواب.

(٢) تقدم في الباب ٣ من أبواب آداب التجارة.

الباب ٨

فيه حديث واحد

١ - الكافي ٥: ٢٨٩ / ٢.

(٣) التهذيب ٧: ٢١٤ / ٩٣٨.

(٤) يأتي ما يدل علىٰ بعض المقصود في الأبواب ١٢، ١٤، ١٥، ١٧، ٣٥ من هذه الأبواب.

(٥) تقدم في الباب ١ من هذه الأبواب.

١١١

٩ - باب أنّه يجوز للأجير أن يعمل في مال شخص آخر مضاربة مع إذن المستأجر

[ ٢٤٢٦١ ] ١ - محمد بن يعقوب، عن أبي علي الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن إسحاق بن عمار قال: سألت أبا إبراهيم( عليه‌السلام ) عن الرجل يستأجر الرجل بأجر معلوم فيبعثه في ضيعته، فيعطيه رجل آخر دراهم ويقول: اشتر بهذا كذا وكذا، وما ربحت بيني وبينك ؟ فقال: إذا أذن له الذي استأجره فليس به بأس.

ورواه الشيخ بإسناده عن أبي علي الأشعري(١) .

١٠ - باب أن من استأجر أجيراً وعيّن الاُجرة والنفقة فأنفق على الأجير شخص آخر فكافأه الأجير بقدر النفقة كانت من مال المستأجر إن كان في مصلحته، وإلاّ فمن مال الأجير، وإذا شرط النفقة مجملاً دخل غسل الثياب والحمام

[ ٢٤٢٦٢ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن العبّاس بن موسى، عن يونس، عن سليمان بن سالم قال: سألت أبا الحسن( عليه‌السلام ) عن رجل استأجر رجلا بنفقة ودراهم مسماة

__________________________

الباب ٩

فيه حديث واحد

١ - الكافي ٥: ٢٨٧ / ١، وأورده عن التهذيب في الحديث ٥ من الباب ٦٦ من أبواب ما يكتسب به.

(١) التهذيب ٧: ٢١٣ / ٩٣٥.

الباب ١٠

فيه حديث واحد

١ - الكافي ٥: ٢٨٧ / ٢.

١١٢

على أن يبعثه إلى أرض، فلمّا أن قدم أقبل رجل من أصحابه يدعوه إلى منزله الشهر والشهرين فيصيب عنده ما يغنيه عن نفقة المستأجر، فنظر الأجير إلى ما كان ينفق عليه في الشهر إذا هو لم يدعه فكافأه به الذي يدعوه، فمن مال من تلك المكافأة ؟ أمن مال الأجير أو من مال المستأجر ؟ قال: إن كان في مصلحة المستأجر فهو من ماله، وإلاّ فهو على الأجير.

وعن رجل استأجر رجلاً بنفقة مسماة ولم يفسر(١) شيئاً على أن يبعثه إلى أرض اُخرى، فما كان من مؤونة الأجير من غسل الثياب والحمام فعلى من ؟ قال: على المستأجر.

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمّد(٢) .

١١ - باب أن من استأجر مملوكاً من مولاه وشرط المملوك لنفسه شيئاً على المستأجر لم يلزمه ولم يحل للمملوك، فإن ضيّع شيئاً فمولاه ضامن

[ ٢٤٢٦٣ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي عمير، عن علي بن إسماعيل بن عمار، عن عبيد بن زرارة قال: قلت لأبي عبد الله( عليه‌السلام ) : الرجل يأتي الرجل فيقول: اكتب لي بدراهم، فيقول: آخذ منك وأكتب(٣) لك بين يديك(٤) ، قال: فقال: لا بأس.

__________________________

(١) في نسخة من التهذيب: يعين ( هامش المخطوط ).

(٢) التهذيب ٧: ٢١٢ / ٩٣٣.

الباب ١١

فيه ٣ أحاديث

١ - الكافي ٥: ٢٨٨ / ٣.

(٣) في نسخة: وأكتبتك ( هامش المخطوط ).

(٤) في نسخة: يديه ( هامش المخطوط ).

١١٣

قال: وسألته عن رجل استأجر مملوكاً فقال المملوك: أرض مولاي بما شئت ولي عليك كذا وكذا دراهم مسماة، فهل يلزم المستأجر ؟ وهل يحلّ للمملوك ؟ قال: لا يلزم المستأجر ولا يحلّ للمملوك.

محمّد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمّد مثله(١) .

[ ٢٤٢٦٤ ] ٢ - وبإسناده عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن مسكان، عن زرارة وأبي بصير، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) في رجل كان له غلام فاستأجره منه صانع(٢) أو غيره، قال: إن كان ضيّع شيئاً أو أبق منه فمواليه ضامنون.

[ ٢٤٢٦٥ ] ٣ - وبإسناده عن محمّد بن علي بن محبوب، عن العبّاس، عن النضر، عن عاصم، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) في رجل استأجر مملوكاً فيستهلك مالاً كثيراً، فقال: ليس على مولاه شيء، وليس لهم أن يبيعوه، ولكنّه يستسعى وإن عجز عنه فليس على مولاه شيء، ولا على العبد شيء.

أقول: يحتمل الحمل على ما لو استأجره بغير إذن سيّده.

__________________________

(١) التهذيب ٧: ٢١٣ / ٩٣٤.

٢ - التهذيب ٧: ٩٣٦، وأورده عن الكافي في الحديث ١ من الباب ١٢ من أبواب موجبات الضمان.

(٢) في المصدر: صائغ.

٣ - التهذيب ٦: ٣٨٥ / ١١٤٤.

١١٤

١٢ - باب أنّ من اكترى دابّة إلى مسافة فقطع بعضها وأعيت فلصاحبها من الاُجرة بالنسبة

[ ٢٤٢٦٦ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر( عليه‌السلام ) يقول: إنّي كنت عند قاض من قضاة المدينة وأتاه رجلان فقال أحدهما: إنّي اكتريت من هذا دابّة ليبلغني عليها من كذا وكذا إلى كذا وكذا بكذا وكذا، فلم يبلغني الموضع، فقال القاضي لصاحب الدابّة: بلغته إلى الموضع ؟ فقال: لا، قد أعيت دابّتي فلم تبلغ، فقال له القاضي: ليس لك كراء إذا لم تبلغه إلى الموضع الذي اكترى دابّتك إليه، قال: فدعوتهما إليّ فقلت للذي اكترى: ليس لك يا عبد الله أن تذهب بكراء دابة الرجل كلّه، وقلت للآخر: يا عبد الله ليس لك أن تأخذ كراء دابّتك كلّه، ولكن انظر قدر ما بقي من الموضع وقدر ما أركبته فاصطلحا عليه، ففعلا.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك(١) .

__________________________

الباب ١٢

فيه حديث واحد

١ - الفقيه ٣: ٢١ / ٥٧.

(١) يأتي في الباب ١٣ من هذه الأبواب.

١١٥

١٣ - باب أن من استأجر أجيراً ليحمل له متاعاً إلى موضع معين باُجرة ويوصله في وقت معين فإن قصر عنه نقص من اُجرته شيئاً جاز ولو شرط سقوط الاُجرة إن لم يوصله فيه لم يجز وكان له اًجرة المثل

[ ٢٤٢٦٧ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: سمعته يقول: كنت جالساً عند قاض من قضاة المدينة فأتاه رجلان فقال أحدهما: إنّي تكاريت هذا يوافي بي السوق يوم كذا وكذا، وإنّه لم يفعل، قال: فقال: ليس له كراء، قال فدعوته وقلت: يا عبد الله ليس لك أن تذهب بحقّه، وقلت للآخر: ليس لك أن تأخذ كلّ الذي عليه اصطلحا فترادا بينكما.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يحيى مثله(١) .

[ ٢٤٢٦٨ ] ٢ - وعنه، عن محمّد بن أحمد، عن محمّد بن إسماعيل، عن منصور بن يونس، عن محمّد الحلبي قال: كنت قاعداً إلى قاض وعنده أبو جعفر( عليه‌السلام ) جالس فجاءه رجلان فقال أحدهما: إنّي تكاريت إبل هذا الرجل ليحمل لي متاعاً إلى بعض المعادن فاشترطت عليه أن يدخلني المعدن يوم كذا وكذا لأنّها سوق أخاف أن يفوتني، فإن احتبست عن ذلك

__________________________

الباب ١٣

فيه حديثان

١ - الكافي ٥: ٢٩٠ / ٤.

(١) التهذيب ٧: ٢١٤ / ٩٤١.

٢ - الكافي ٥: ٢٩٠ / ٥.

١١٦

حططت من الكراء لكلّ يوم احتبسته كذا وكذا، وأنّه حبسني عن ذلك اليوم كذا وكذا يوماً، فقال القاضي: هذا شرط فاسد وفّهِ كراه، فلمّا قام الرجل أقبل إلي أبو جعفر( عليه‌السلام ) فقال: شرطه هذا جائز ما لم يحط بجميع كراه.

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل(١) .

ورواه الصدوق بإسناده عن منصور بن يونس(٢) .

١٤ - باب حكم من آجر نفسه ليبذرق القوافل

[ ٢٤٢٦٩ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن محمّد بن الحسن الصفّار، أنّه كتب إلى أبي محمّد الحسن بن علي( عليهما‌السلام ) يقول: رجل يبذرق(٣) القوافل من غير أمر السلطان في موضع مخيف يشارطونه على شيء مسمّى أله أن يأخذه منهم أم لا ؟ فوقع( عليه‌السلام ) : إذا واجر(٤) نفسه بشيء معروف أخذ حقّه إن شاء الله.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن الحسن الصفار(٥) .

__________________________

(١) التهذيب ٧: ٢١٤ / ٩٤٠.

(٢) الفقيه ٣: ٢٢ / ٥٨.

وتقدم ما يدل عليه في الباب ١٢ من هذه الأبواب.

الباب ١٤

فيه حديث واحد

١ - الفقيه ٣: ١٠٦ / ٤٤٠.

(٣) البذرقة: الخفارة، والمبذرق: الخفير ( القاموس المحيط - بذرق - ٣: ٢١١ ).

(٤) في التهذيب: إذا آجر.

(٥) التهذيب ٦: ٣٨٥ / ١١٤١.

وتقدم ما يدل عليه عموما في الحديث ١ من الباب ١ من هذه الأبواب.

١١٧

١٥ - باب حكم من آجر ولده مدّة

[ ٢٤٢٧٠ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن محمّد بن عيسى اليقطيني أنّه كتب إلى أبي الحسن علي بن محمّد العسكري( عليهما‌السلام ) في رجل دفع ابنه إلى رجل وسلّمه منه سنة باُجرة معلومة ليخيط له، ثمّ جاء رجل فقال: سلّم ابنك منّي سنة بزيادة، هل له الخيار في ذلك ؟ وهل يجوز له أن يفسخ ما وافق عليه الأوّل أم لا ؟ فكتب( عليه‌السلام ) : يجب عليه الوفاء للأوّل ما لم يعرض لابنه مرض أو ضعف.

أقول: تقدّم ما يدلّ على ذلك(١) .

١٦ - باب أن من استأجر دابّة فشرط أن لا يركبها غيره ثم خالف الشرط كان ضامناً، وإن لم يشرط لم يضمن

[ ٢٤٢٧١ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن العمركي، عن علي بن جعفر، عن أخيه أبي الحسن( عليه‌السلام ) قال: سألته عن رجل استأجر دابّة فأعطاها غيره فنفقت، ما عليه ؟ قال: إن كان شرط أن لا يركبها غيره فهو ضامن لها، وإن لم يسمّ فليس عليه شيء.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يحيى(٢) .

__________________________

الباب ١٥

فيه حديث واحد

١ - الفقيه ٣: ١٠٦ / ٤٤١.

(١) تقدم في الحديث ١ من الباب ١ من هذه الأبواب.

الباب ١٦

فيه حديث واحد

١ - الكافي ٥: ٢٩١ / ٧.

(٢) التهذيب ٧: ٢١٥ / ٩٤٢.

١١٨

ورواه علي بن جعفر في( كتابه) (١) .

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك(٢) .

١٧ - باب أن من استأجر دابّة إلى مسافة فتجاوزها أو ركبها إلى غيرها ضمن اُجرة المثل في الزيادة، وضمن العين إن تلفت، والأَرش إن نقصت ولم يرجع بنفقتها إن أنفق عليها، فإن اختلفا في القيمة فالقول قول المالك مع يمينه أو بيّنة، وله رد اليمين على المستأجر .

[ ٢٤٢٧٢ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن أبي ولاد الحنّاط قال: اكتريت بغلاً إلى قصر ابن هبيرة ذاهباً وجائياً بكذا وكذا وخرجت في طلب غريم لي، فلمّا صرت قرب قنطرة الكوفة خبّرت أن صاحبي توجه إلى النيل، فتوجهت نحو النيل، فلمّا أتيت النيل خبّرت أنّ صاحبي توجّه إلى بغداد، فاتبعته وظفرت به، وفرغت ممّا بيني وبينه، ورجعنا إلى الكوفة وكان ذهابي ومجيئي خمسة عشر يوماً، فأخبرت صاحب البغل بعذري وأردت أن أتحلّل منه ممّا صنعت وأرضيه، فبذلت له خمسة عشر درهماً فأبى أن يقبل، فتراضينا بأبي حنيفة فأخبرته بالقصّة، وأخبره الرجل، فقال لي: ما صنعت بالبغل ؟ فقلت: قد دفعته إليه سليماً، قال: نعم بعد خمسة عشر يوماً، قال: فما تريد من الرجل ؟ فقال: اُريد كراء بغلي، فقد حبسه عليّ خمسة عشر يوما، فقال:

__________________________

(١) مسائل علي بن جعفر: ١٩٦ / ٤١٤.

(٢) يأتي في الباب ١٧ من هذه الأبواب ما يدل على الضمان عند التخلف.

الباب ١٧

فيه ٦ أحاديث

١ - الكافي ٥: ٢٩٠ / ٦، وأورد صدره وقطعة منه عن التهذيب في الحديث ١ من الباب ٧ من أبواب الغصب.

١١٩

ما أرى لك حقّاً، لأنّه اكتراه إلى قصر ابن هبيرة، فخالف وركبه إلى النيل وإلى بغداد فضمن قيمة البغل، وسقط الكراء، فلمّا ردّ البغل سليماً وقبضته لم يلزمه الكراء.

قال: فخرجنا من عنده وجعل صاحب البغل يسترجع فرحمته ممّا أفتى به أبو حنيفة، فأعطيته شيئاً وتحلّلت منه، وحججت تلك السنة فأخبرت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) بما أفتى به أبو حنيفة(١) فقال: في مثل هذا القضاء وشبهه تحبس السماء ماءها، وتمنع الأرض بركتها.

قال: فقلت لأبي عبد الله( عليه‌السلام ) : فما ترى أنت ؟ فقال: أرى له عليك مثل كراء بغل ذاهباً من الكوفة إلى النيل، ومثل كراء بغل راكباً من النيل إلى بغداد، ومثل كراء بغل من بغداد إلى الكوفة توفّيه إياه، قال: فقلت: جعلت فداك قد علفته بدراهم فلي عليه علفه ؟ فقال: لا، لأنّك غاصب، قال: فقلت له: أرأيت لو عطب البغل ونفق أليس كان يلزمني ؟ قال: نعم قيمة بغل يوم خالفته(٢) ، قلت: فإن أصاب البغل كسر أو دبر أو غمز، فقال: عليك قيمة ما بين الصحّة والعيب يوم تردّه عليه، فقلت: من يعرف ذلك ؟ قال: أنت وهو، إمّا أن يحلف هو على القيمة فيلزمك، فإن ردّ اليمين عليك فحلفت على القيمة لزمه ذلك، أو يأتي صاحب البغل بشهود اليمين عليك فحلفت على القيمة لزمه ذلك، أو يأتي صاحب البغل بشهود يشهدون أنّ قيمه البغل حين اكترى كذا وكذا فيلزمك، فقلت: إنّي كنت أعطيته دراهم ورضي بها وحلّلني، فقال: إنّما رضي بها وحلّلك حين قضى عليه أبو حنيفة بالجور والظلم ولكن ارجع إليه فأخبره بما أفتيتك به فإن جعلك في حلّ بعد معرفته فلا شيء عليك بعد ذلك الحديث.

__________________________

(١) لا يخفىٰ أن أبا حنيفة استدل هنا بأصالة البراءة والاستصحاب ونحوهما، « منه قده ».

(٢) قوله: يوم خالفته اي الضمان قد ثبت ذلك اليوم لا قبله فالنقصان السابق عيناً وقيمة غير مضمون « منه قده ».

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

الوداع ؛ لأنّهما عبادتان ، فلا يتداخلان. ومَنْ أوجب الدم بترك طواف الوداع من العامّة اختلفوا ، فالأكثر أنّ القريب - وهو ما نقص عن مسافة التقصير - يرجع ويطوف للوداع ، والبعيد يبعث بالدم.

ولو رجع البعيد وطاف للوداع ، قال بعضهم : لا يسقط الدم ؛ لاستقراره ببلوغ مسافة القصر. وقال بعضهم : يسقط ؛ لأنّه واجب أُتي به ، فلا يجب بدله(١) .

ولو خرج من مكّة ولم يودّع ، يكون قد ترك الأفضل عندنا ، فلو رجع لطواف الوداع ، كان له ذلك إجماعاً ، فإن رجع وهو قريب لم يخرج من الحرم ، فلا بحث ، وإن خرج وقد بَعُد عن الحرم ، لم يجز له أن يتجاوز الميقات إلّا مُحْرماً ؛ لأنّه ليس من أهل الأعذار ، فحينئذٍ يطوف للعمرة لإحرامه ويسعى ، ولا يجب عليه طواف الوداع عندنا. ولو رجع من دون الميقات ، أحرم من موضعه.

مسألة ٦٩٥ : وطواف الوداع سبعة أشواط كغيره ، ويستلم الحجر الأسود واليماني في كلّ شوط ، فإن تعذّر ، افتتح به وختم به ، ويأتي المستجار ، ويصنع عنده كما صنع يوم قدوم مكّة ، ويدعو ويلصق بطنه بالبيت ، ويحمد الله ويثني عليه ، ويدعو بالمنقول ، ثم يصلّي ركعتي الطواف.

وقال الصادقعليه‌السلام : « ليكن آخر عهدك بالبيت أن تضع يدك على الباب وتقول : المسكين على بابك فتصدّق عليه بالجنّة »(٢) .

____________________

(١) المغني ٣ : ٤٩١ - ٤٩٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٠٤ - ٥٠٥.

(٢) الكافي ٤ : ٥٣٣ / ٥ ، التهذيب ٥ : ٢٨٢ / ٩٦٢.

٣٨١

ويستحب له أن يشرب من زمزم إجماعاً ؛ لما رواه العامّة : أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لـمّا أفاض نزع(١) هو لنفسه بدلو من بئر زمزم ولم ينزع معه أحد ، فشرب ثم أفرغ باقي الدلو في البئر(٢) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « ثم ائت زمزم فاشرب منها ثم اخرج »(٣) .

مسألة ٦٩٦ : الحائض لا طواف عليها للوداع ولا فدية عليها‌ بإجماع فقهاء الأمصار. ويستحب لها أن تودّع من أدنى باب من أبواب المسجد ، ولا تدخله إجماعاً.

وروي عن عمر وابنه أنّهما قالا : تقيم الحائض لطواف الوداع(٤) .

وليس بمعتمد ؛ لما رواه العامّة : أنّ اُم سليم بنت ملحان استفتت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقد حاضت أو ولدت بعد ما أفاضت يوم النحر ، فأذن لها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فخرجت(٥) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « إذا أرادت الحائض أن تودّع البيت فلتقف على أدنى باب من أبواب المسجد فلتودّع البيت »(٦) .

____________________

(١) نزعت الدلو : إذا أخرجتها. النهاية - لابن الأثير - ٥ : ٤١ « نزع ».

(٢) لم نعثر عليه في مظانّه ، والموجود في المصادر التالية في صفة حجّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله هكذا : ثم

أفاض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى البيت فصلّى بمكّة الظهر ، ثم أتى بني عبد المطلب وهم يسقون على زمزم فقال : ( انزعوا بني عبد المطلب ، فلو لا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم ) فناولوه دلواً فشرب منه. صحيح مسلم ٢ : ٨٩٢ ذيل الحديث ١٢١٨ ، سنن أبي داود ٢ : ١٨٦ / ١٩٠٥ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٢٧ / ٤٠٧٤ ، سنن البيهقي ٥ : ١٤٦ - ١٤٧.

(٣) الكافي ٤ : ٥٣٠ - ٥٣١ / ١ ، التهذيب ٥ : ٢٨٠ - ٢٨١ / ٩٥٧.

(٤) المغني ٣ : ٤٩٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٠٥.

(٥) الموطّأ ١ : ٤١٣ / ٢٢٩.

(٦) الكافي ٤ : ٤٥٠ / ٢ ، التهذيب ٥ : ٣٩٨ / ١٣٨٣.

٣٨٢

ولأنّ إلزامها بالمقام مشقّة عظيمة.

والمستحاضة تودّع بطواف ، ولو فقدت الماء تيمّمت وطافت.

ولو طهرت الحائض قبل مفارقة بنيان مكّة ، استحبّ لها العود والاغتسال والطواف. وأوجبه الموجبون ، وإن كان بعد مفارقة البنيان ، لم تعد إجماعاً ؛ للمشقّة ، بخلاف مَنْ خرج متعمّداً ، فإنّه يعود ما لم يبلغ مسافة القصر ؛ لأنه ترك واجباً ، فلا يسقط بمفارقة البنيان ، وها هنا لم يجب ، فلا يجب بعد الانفصال إذا أمكن ، كما يجب على المسافر إتمام الصلاة في البنيان ، ولا يجب بعد الانفصال.

مسألة ٦٩٧ : يستحبّ لمن أراد الخروج من مكّة أن يشتري بدرهم تمراً يتصدّق به‌ ليكون كفّارة لما دخل عليه حال الإحرام من فعل حرام أو مكروه.

قال الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - : « يستحبّ للرجل والمرأة أن لا يخرجا من مكّة حتى يشتريا بدرهم تمراً يتصدّقان به لما كان منهما في إحرامهما ، ولما كان في حرم الله عزّ وجلّ »(١) .

____________________

(١) الفقيه ٢ : ٢٩٠ / ١٤٣٠.

٣٨٣

المقصد الرابع

في اللواحق‌

وفيه فصول:‌

٣٨٤

٣٨٥

الأول

في الحصر والصدّ‌

وفيه مباحث :

الأوّل : في الصدّ.

مسألة ٦٩٨ : الحصر عندنا هو المنع من تتمّة أفعال الحجّ بالمرض خاصّة ، والصدّ بالعدوّ ، وعند العامّة هما واحد من جهة العدوّ(١) . والأصل عدم الترادف.

قال الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - : « المحصور غير المصدود ، فإنّ المحصور هو المريض ، والمصدود هو الذي يردّه المشركون كما ردّوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ليس من مرض ، والمصدود تحلّ له النساء ، والمحصور لا تحلّ له »(٢) .

والقارن إذا اُحصر ، فليس له أن يتمتّع في القابل ، بل يفعل مثل ما دخل فيه.

مسألة ٦٩٩ : إذا أحرم الحاجّ ، وجب عليه إكمال ما أحرم له من حجّ أو عمرة‌ ، فإذا صدّه المشركون أو غيرهم عن الوصول إلى مكّة بعد إحرامه ، ولا طريق له سوى موضع الصدّ ، أو كان له طريق لا تفي نفقته بسلوكه ، تحلّل بالإجماع.

____________________

(١) المغني ٣ : ٣٧٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٣٠ ، تفسير القرطبي ٢ : ٣٧١.

(٢) التهذيب ٥ : ٤٢٣ / ١٤٦٧.

٣٨٦

قال الله تعالى :( فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ) (١) أي : إذا اُحصرتم فتحلّلتم أو أردتم التحلّل فما استيسر من الهدي ؛ لأنّ نفس الإحصار لا يوجب هدياً.

وروى العامّة : أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر أصحابه يوم حُصروا في الحديبية - وهي اسم بئر خارج الحرم - أن ينحروا ويحلقوا ويحلّوا(٢) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « المصدود تحلّ له النساء »(٣) .

وسواء كان الإحرام للحجّ أو العمرة وبأيّ أنواع الحجّ أحرم جاز له التحلّل مع الصدّ ، عند علمائنا - وبه قال أبو حنيفة والشافعي وأحمد(٤) - لعموم الآية(٥) .

ولأنّها نزلت في صدّ الحديبيّة ، وكان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وأصحابه مُحْرمين بعمرة فتحلّلوا جميعاً.

وقال مالك : المعتمر لا يتحلّل ؛ لأنّه لا يخاف الفوات(٦) .

ولو كان له طريق غير موضع الصدّ ، فإن كان معه نفقة تكفيه ، لم يكن له التحلّل ، واستمرّ على إحرامه ، ووجب عليه سلوكها وإن بعدت ، سواء خاف الفوات أو لا.

____________________

(١) البقرة : ١٩٦.

(٢) صحيح البخاري ٣ : ١٢ ، المغني ٣ : ٣٧٤.

(٣) الكافي ٤ : ٣٦٩ / ٣ ، الفقيه ٢ : ٣٠٤ - ٣٠٥ / ١٥١٢ ، التهذيب ٥ : ٤٢٣ / ١٤٦٧.

(٤) المغني ٣ : ٣٧٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٣٠ ، الاُمّ ٢ : ١٦٢ ، مختصر المزني : ٧٢ ، الحاوي الكبير ٤ : ٣٤٥ - ٣٤٦ ، المجموع ٨ : ٢٩٤ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٧٧.

(٥) البقرة : ١٩٦.

(٦) المغني ٣ : ٣٧٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٣٠ ، فتح العزيز ٨ : ٤ ، المجموع ٨ : ٣٥٥.

٣٨٧

فإن كان مُحرماً بعمرة لم تفت ، فلا يجوز له التحلّل ، وإن كان بحجٍّ ، صبر حتى يتحقّق الفوات ثم يتحلّل بعمرة ، وليس له قبله التحلّل والإتيان بالعمرة بمجرّد خوف الفوات ، لأنّ التحلّل إنّما يجوز بالحصر لا بخوف الفوات ، وهذا غير مقصود هنا ، فإنّه يجب أن يمضي على إحرامه في ذلك الطريق ، فإذا أدرك الحجّ ، أتمّه ، وإن فاته ، تحلّل بعمرة وقضاه.

ولو قصرت نفقته ، جاز له التحلّل ؛ لأنّه ممنوع مصدود ولا طريق له سوى موضع المنع لعجزه عن الباقي ، فيتحلّل ويرجع إلى بلده.

قال الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - : « إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حيث صدّه المشركون يوم الحديبيّة نحر بدنة ورجع إلى المدينة »(١) .

مسألة ٧٠٠ : المصدود يتحلّل بالهدي ونيّة التحلّل خاصّةً.

أمّا الهدي : فعليه فتوى أكثر العلماء(٢) ، للآية(٣) .

قال الشافعي : لا خلاف بين المفسّرين في أنّ قوله تعالى :( فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ ) (٤) نزلت في حصر الحديبيّة(٥) .

ولأنّهعليه‌السلام حيث صدّه المشركون يوم الحديبيّة نحر بدنة ، ورجع إلى المدينة(٦) ، وفِعْلُه بيان للواجب.

ولأنّه اُبيح له التحلّل قبل أداء نسكه ، فكان عليه الهدي ، كالفوات.

وقال ابن إدريس من علمائنا : الهدي مختصّ بالمحصور لا بالصدّ(٧) ؛

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٤٢٤ / ١٤٧٢.

(٢) المغني ٣ : ٣٧٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٣٠.

(٣و٤) البقرة : ١٩٦.

(٥) المغني ٣ : ٣٧٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٣٠.

(٦) التهذيب ٥ : ٤٢٤ / ١٤٧٢.

(٧) كذا ، والظاهر : المصدود.

٣٨٨

لأصالة البراءة ، ولقوله تعالى :( فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ ) (١) أراد : بالمرض ؛ لأنّه يقال : أحصره المرض وحصره العدوّ(٢) . وبه قال مالك ؛ لأنّه تحلّل اُبيح له من غير تفريط فأشبه مَنْ أتمّ حجّه(٣) .

والفرق : أنّ مَنْ أتمّ حجّه لم يبق عليه شي‌ء من النسك ، فتحلّله لأداء مناسكه ، بخلاف المصدود الذي لم يتم نسكه.

وأمّا النيّة : فلأنّه خروج من إحرام ، فيفتقر إليها ، كالداخل فيه. ولأنّ الذبح إنّما يختصّ بالتحلّل بالنيّة. ولأنّه عمل فيفتقر إلى النيّة ، وبه قال الشافعي(٤) .

ولو نوى التحلّل قبل الهدي ، لم يتحلّل ، وكان على إحرامه حتى ينحر الهدي ؛ لأنّه اُقيم مقام أفعال الحجّ ، فلا يحلّ له ، كما لا يتحلّل القادر على أفعال الحجّ قبل فعلها ، ولا فدية عليه في نيّة التحلّل ؛ لعدم تأثيرها في العبادة ، فإن فَعَل شيئاً من محظورات الإحرام قبل الهدي ، فعليه الفداء ؛ لأنّه مُحْرم فَعَل محظوراً في إحرام صحيح ، فكان عليه فديته ، كالقادر.

مسألة ٧٠١ : لا بدل لهدي التحلّل‌ ، فلو عجز عنه وعن ثمنه ، لم ينتقل إلى غيره ، ويبقى على إحرامه ، ولو تحلّل لم يحلّ - وبه قال مالك وأبو حنيفة والشافعي في أحد القولين(٥) - لقوله تعالى :( فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا

____________________

(١) البقرة : ١٩٦.

(٢) السرائر : ١٥١.

(٣) بداية المجتهد ١ : ٣٥٥ و ٣٥٧ ، تفسير القرطبي ٢ : ٣٧٣ ، المغني ٣ : ٣٧٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٣٠ ، الحاوي الكبير ٤ : ٣٥٠.

(٤) فتح العزيز ٨ : ١٦ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٤١ ، المجموع ٨ : ٣٠٤.

(٥) تفسير القرطبي ٢ : ٣٧٣ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٨٠ ، المغني ٣ : ٣٧٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٣٤ ، فتح العزيز ٨ : ٨٠ ، الحاوي الكبير ٤ : ٣٥٤ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٤١ ، المجموع ٨ : ٣٠٣ ، روضة الطالبين ٢ : ٤٥٦ ، حلية العلماء ٣ : ٣٥٦ - ٣٥٧.

٣٨٩

اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ) (١) ولو كان الصوم أو الإطعام بدلاً ، لجاز الحلق قبل الهدي.

ولأنّ الهدي اُقيم مقام الأعمال ولو قدر على الأعمال لم يتحلّل إلّا بها ، فإذا عجز لا يتحلّل إلّا ببدلها.

والقول الثاني للشافعي - وهو الصحيح عندهم - : إنّه يتحلّل في الحال ، فينتقل إلى صوم التعديل في قول ، وفي آخر : إلى الإطعام ، وفي ثالث : إلى الصوم ، ويحلّ به ، وهو أن يقوّم شاة وسط بالطعام ، فيصوم بإزاء كلّ مُدٌّ يوماً ، وفي رابع : يتخيّر بين الإطعام والصيام(٢) .

وعلى قوله الأوّل بعدم الانتقال يكون في ذمّته ، ففي جواز التحلّل حينئذٍ له قولان : أحدهما : أنّه يبقى مُحْرماً إلى أن يهدي ، والثاني - وهو الأشبه - أنّه يحلّ ثم يهدي إذا وجد(٣) .

وقال أحمد : إنّه ينتقل إلى صيام عشرة أيّام(٤) .

إذا عرفت هذا ، فإذا ذبح هل يجب عليه الحلق أو التقصير أم لا؟ قال أحمد في إحدى الروايتين : لا بدّ من أحدهما ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حلق يوم الحديبيّة(٥) (٦) .

____________________

(١) البقرة : ١٩٦.

(٢) فتح العزيز ٨ : ٨٠ ، الحاوي الكبير ٤ : ٣٥٤ - ٣٥٥ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٤١ ، المجموع ٨ : ٣٠٣ ، روضة الطالبين ٢ : ٤٥٦ ، حلية العلماء ٣ : ٣٥٧.

(٣) الحاوي الكبير ٤ : ٣٥٤ - ٣٥٥ ، حلية العلماء ٣ : ٣٥٧ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٤١ ، المجموع ٨ : ٣٠٤.

(٤) المغني ٣ : ٣٧٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٣٤ ، فتح العزيز ٨ : ٨٠.

(٥) صحيح البخاري ٣ : ١٢ ، سنن البيهقي ٥ : ٢١٤.

(٦) المغني ٣ : ٣٨٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٣٥.

٣٩٠

ويحتمل العدم ؛ لأنّه تعالى ذكر الهدي وحده ، ولم يشرط سواه.

إذا ثبت هذا ، فلو كان المصدود قد ساق هدياً في إحرامه قبل الصدّ ثم صُدّ ، ففي الاكتفاء بهدي السياق عن هدي التحلّل قولان : أحدهما : الاكتفاء ؛ لقوله تعالى :( فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ ) (١) .

وقيل : لا بدّ من هدي آخر للسياق كما لو لم يسق.

مسألة ٧٠٢ : لا يختصّ مكان ولا زمان لنحر هدي التحلّل‌ وذبحه في المصدود ، بل يجوز نحره في موضع الصدّ ، سواء الحلّ والحرم ، ومتى صدّ جاز له الذبح في الحال ، والإحلال ؛ لقوله تعالى :( فَمَا اسْتَيْسَرَ ) (٢) ولم يعيّن زماناً خصوصاً مع الإتيان بالفاء - وبه قال مالك والشافعي(٣) - لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله نحر بالحديبيّة(٤) ، وهي خارج الحرم.

ولأنّه يؤدّي إلى تعذّر الحلّ ؛ لتعذّر وصول الهدي محلّه مع مقاومة العدوّ.

وقال الصادقعليه‌السلام : « المحصور والمضطرّ ينحران بدنتهما في المكان الذي يضطرّان فيه »(٥) .

وقال الحسن وابن مسعود والشعبي والنخعي وعطاء وأبو حنيفة : لا ينحر إلّا بالحرم يبعث به ويواطئ مَنْ بعثه معه على نحره في وقت يتحلّل فيه ؛ لقوله تعالى :( وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ) (٦) ثمّ‌

____________________

(١ و ٢ ) البقرة : ١٩٦.

(٣) بداية المجتهد ١ : ٣٥٥ ، التمهيد ١٢ : ١٥٠ و ١٥ : ٢١٤ ، فتح العزيز ٨ : ١٧ ، المجموع ٨ : ٣٥٥ ، الحاوي الكبير ٤ : ٣٥٠.

(٤) صحيح البخاري ٣ : ١٢ ، سنن البيهقي ٥ : ٢١٤ و ٢١٧.

(٥) الفقيه ٢ : ٣٠٥ / ١٥١٣.

(٦) البقرة : ١٩٦.

٣٩١

قال :( ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ ) (١) (٢) .

والآية في حقّ غير المصدود ، ولا يمكن قياس المصدود عليه ؛ لأنّ تحلّله في الحِلّ ، وتحلّل غيره في الحرم.

مسألة ٧٠٣ : لو صُدّ عن مكّة قبل الموقفين ، فهو مصدود‌ إجماعاً ، يجوز له التحلّل. ولو صُدّ عن الموقفين ، فكذلك عندنا - وبه قال الشافعي(٣) - لعموم الآية(٤) .

وقال أبو حنيفة ومالك : ليس له أن يتحلّل ، وليس بمصدود ، بل إن قدر على الأداء ، أدّى، وإن دام العجز حتى مضى الوقت ، فحكمه حكم مَنْ فاته الحجّ يتحلّل بأفعال العمرة ؛ لأنّ العجز في الحرم ليس مثل العجز خارج الحرم(٥) .

ويبطل بقوله [ تعالى ] :( فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ ) (٦) وهو عامّ.

ولو مُنع عن أحد الموقفين ، قال الشيخرحمه‌الله : إنّه مصدود(٧) أيضاً.

ولو مُنع بعد الوقوف بالموقفين عن العود إلى منى لرمي الجمار والمبيت بها فلا صدّ ، وقد تمّ حجّه فيتحلّل ويستنيب مَنْ يرمي عنه.

____________________

(١) الحج : ٣٣.

(٢) المغني ٣ : ٣٧٦ - ٣٧٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٣٣ ، بداية المجتهد ١ : ٣٥٥ ، التمهيد ١٢ : ١٥٠ و ١٥ : ٢١٤ ، حلية العلماء ٣ : ٣٥٦ ، الحاوي الكبير ٤ : ٣٥٠ - ٣٥١ ، المجموع ٨ : ٣٥٥ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٧٩ ، أحكام القرآن - للجصّاص - ١ : ٢٧٢.

(٣) فتح العزيز ٨ : ٦٠ ، المجموع ٨ : ٣٠١ ، الحاوي الكبير ٤ : ٣٤٩.

(٤) البقرة : ١٩٦.

(٥) فتح العزيز ٨ : ٦٠ ، حلية العلماء ٣ : ٣٥٦ ، الحاوي الكبير ٤ : ٣٤٩.

(٦) البقرة : ١٩٦.

(٧) المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٣٣.

٣٩٢

ولو صُدّ بعد الوقوف بالموقفين قبل طواف الزيارة والسعي ، تحلّل أيضاً ؛ لأنّ الصدّ يفيد التحلّل من جميعه فمن بعضه أولى. وله أن يبقى على إحرامه ، فإن لحق أيّام منى ، رمى وحلق وذبح ، وإن لم يلحق ، أمر مَنْ ينوب عنه في ذلك ، فإذا تمكّن ، أتى مكة فطاف طواف الحجّ وسعى وتمّ حجّه أيضاً ، ولا قضاء عليه ، وإن لم يُقم على إحرامه حتى يطوف ويسعى وتحلّل ، كان عليه الحجّ من قابل ليأتي بأركان الحجّ من الطواف والسعي ، أمّا لو طاف وسعى ومُنع من المبيت بمنى والرمي ، فإنّ حجّه تامّ ؛ لما تقدّم.

ولو تمكّن من المبيت(١) وصُدّ عن الموقفين أو عن أحدهما ، جاز له التحلّل ؛ للعموم(٢) ، فإن لم يتحلّل وأقام على إحرامه حتى فاته الوقوف ، فقد فاته الحجّ ، وعليه التحلّل(٣) بعمرة ، ولا دم عليه لفوات الحجّ.

وهل يجوز له فسخ نيّة الحجّ إلى العمرة قبل الفوات؟ إشكال ، قال به بعض الجمهور(٤) ؛ لأنّا أبحنا له ذلك من غير صدّ ، فمعه أولى. ولا دم عليه.

ولو طاف وسعى للقدوم ثم صُدّ حتى فاته الحجّ ، طاف وسعى ثانياً لعمرة اُخرى ، ولا يجتزئ بالأوّل ؛ لأنّه لم يقصد به طواف العمرة ولا سعيها بل يجتزئ بالإحرام الأوّل ، ولا يجدّد إحراماً آخر ، وبه قال أحمد والشافعي وأبو ثور(٥) .

____________________

(١) أي : المبيت بمنى. والظاهر أنّها تصحيف البيت.

(٢) البقرة : ١٩٦.

(٣) في الطبعة الحجرية : وعليه أن يتحلّل.

(٤) المغني ٣ : ٣٧٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٣٦.

(٥) المغني ٣ : ٣٧٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٣٦.

٣٩٣

وقال مالك : يخرج إلى الحِلّ ، فيفعل ما يفعله المعتمر(١) .

وقال الزهري : لا بدّ أن يقف بعرفة(٢) .

وقال محمد بن الحسن : لا يكون محصراً بمكّة(٣) .

مسألة ٧٠٤ : إذا تحلّل وفاته الحجّ ، وجب عليه القضاء في القابل‌ إن كان الحجّ الفائت واجباً ، كحجّة الإسلام والنذر وغيره ، ولا يجب قضاء النفل عند علمائنا. وكذا العمرة يجب قضاء الواجب منها ، كعمرة الإسلام والنذر وغيره ، ولو كانت نفلاً ، لم يجب القضاء ؛ لأصالة براءة الذمّة.

وقال الشافعي : لا قضاء عليه بالتحلّل ، فإن كانت حجّة تطوّع أو عمرة تطوّع ، لم يلزمه قضاؤها بالتحلّل ، وإن كانت حجّة الإسلام أو عمرته وكانت قد استقرّت في ذمّته قبل هذه السنة ، فإذا خرج منها بالتحلّل ، فكأنّه لم يفعلها ، وكان باقياً في ذمّته على ما كان عليه ، وإن وجبت في هذه السنة ، سقط وجوبها ولم يستقرّ ؛ لفقدان بعض شرائط الحجّ ، فحينئذٍ التحلّل بالصدّ لا يوجب القضاء بحال(٤) . وبه قال مالك وأحمد في إحدى الروايتين(٥) .

وقال أبو حنيفة : إذا تحلّل ، لزمه القضاء ، ثم إن كان إحرامه بعمرة مندوبة ، قضاها واجباً ، وإن كان بحجّة مندوبة فاُحصر ، تحلّل ، وعليه أن يأتي بحجّة وعمرة ، وإن كان قرن بينهما فاُحصر وتحلّل ، لزمه حجّة‌

____________________

(١) المغني ٣ : ٣٧٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٣٧.

(٢ و ٣ ) المغني ٣ : ٣٧٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٣٦.

(٤) فتح العزيز ٨ : ٥٦ - ٥٧ ، المجموع ٨ : ٣٠٦ ، روضة الطالبين ٢ : ٤٥٠ ، حلية العلماء ٣ : ٣٥٨ ، المغني ٣ : ٣٧٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٣٦ ، وحكاه عنه الشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ٤٢٦ ، المسألة ٣١٩.

(٥) المغني ٣ : ٣٧٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٣٦ ، فتح العزيز ٨ : ٥٦ ، المجموع ٨ : ٣٥٥.

٣٩٤

وعمرتان : عمرة لأجل العمرة ، وحجّة وعمرة لأجل الحجّ(١) .

ويجي‌ء على مذهبه : إذا أحرم بحجّتين ، فإنّه ينعقد بهما ، وإنّما ينتقص عن أحدهما إذا أخذ في السير ، فإن اُحصر قبل أن يسير ، تحلّل منهما ، ولزمه حجّتان وعمرتان(٢) .

مسألة ٧٠٥ : لا فرق بين الصدّ العامّ - وهو الذي يصدّه المشركون وأصحابَه - وبين الصدّ الخاصّ ، كالمحبوس بغير حقّ ومأخوذ اللصوص وحده ؛ لعموم النّص(٣) ، ووجود المقتضي لجواز التحلّل ، وكذا يجب القضاء في كلّ موضع يجب فيه الصدّ العامّ ، وما لا يجب هناك لا يجب هنا - وهو أحد قولي الشافعي(٤) - لأصالة البراءة ، والعمومات. وفي الثاني : يجب القضاء(٥) .

والمحبوس بدَيْنٍ إن كان قادراً على أدائه ، فليس بمصدود ، وليس له التحلّل ، وإن كان عاجزاً ، تحلّل. وكذا يتحلّل لو حُبس ظلماً.

ولو كان عليه دَيْنٌ مؤجّل يحلّ قبل قدوم الحاجّ فمنعه صاحبه من الحجّ ، كان له التحلّل ؛ لأنّه معذور ؛ لعجزه.

ولو أحرم العبد مطلقاً أو الزوجة تطوّعاً بغير إذن السيّد والزوج ، كان لهما منعهما من الإتمام ، وتحلّلا من غير دم.

____________________

(١) بدائع الصنائع ٢ : ١٨٢ - ١٨٣ ، فتح العزيز ٨ : ٥٦ ، المجموع ٨ : ٣٥٥ ، حلية العلماء ٣ : ٣٥٨ ، الحاوي الكبير ٤ : ٣٥٢ ، المغني ٣ : ٣٧٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٣٦ ، وحكاه عنه الشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ٤٢٦ ، المسألة ٣١٩.

(٢) كما في الخلاف ٢ : ٤٢٦ ، المسألة ٣١٩.

(٣) البقرة : ١٩٦.

(٤ و ٥ ) الوجيز ١ : ١٣٠ ، فتح العزيز ٨ : ٥٩ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٤١ ، المجموع ٨ : ٣٠٦ ، حلية العلماء ٣ : ٣٥٨.

٣٩٥

وكلّ موضع جوّزنا فيه التحلّل من إحرام الحجّ يجوز التحلّل من إحرام العمرة ، وهو قول أكثر العلماء(١) ، خلافاً لمالك ؛ فإنّه قال : لا يحلّ من إحرام العمرة ؛ لأنّها لا تفوت(٢) .

مسألة ٧٠٦ : يستحب له تأخير الإحلال ؛ لجواز زوال العذر ، فإذا أخّر وزال العذر قبل تحلّله ، وجب عليه إتمام نسكه‌ إجماعاً ؛ لقوله تعالى :( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ ) (٣) .

ولو خشي الفوات ، لم يتحلّل ، وصبر حتى يتحقّق ثم يتحلّل بعمرة.

فلو صابر ففات الحجّ ، لم يكن له التحلّل بالهدي بل بعمرة ، ويقضي واجباً إن كان واجباً ، وإلّا فلا.

ولو فات الحجّ ثم زال الصدّ بعده ، قال بعض العامّة : يتحلّل بالهدي ، وعليه هدي آخر للفوات(٤) .

وقال الشيخرحمه‌الله : يتحلّل بعمرة ، ولا يلزمه دم لفوات الحجّ(٥) .

ولو غلب على ظنّه انكشاف العدوّ قبل الفوات ، جاز له أن يتحلّل ؛ للعموم(٦) ، لكنّ الأفضل البقاء على إحرامه ، فإن فات الوقوف ، أحلّ بعمرة.

ولو أفسد حجّه فصُدّ ، كان عليه بدنة ، ودم التحلّل ، والحجّ من قابل.

ولو انكشف العدوّ في وقت يتّسع لاستئناف القضاء ، وجب ، وهو‌

____________________

(١) المبسوط - للسرخسي - ٤ : ١٠٩ ، فتح العزيز ٨ : ٤ ، المجموع ٨ : ٣٥٥ ، حلية العلماء ٣ : ٣٥٦ ، الحاوي الكبير ٤ : ٣٤٥ ، المغني ٣ : ٣٧٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٣٠.

(٢) المبسوط - للسرخسي - ٤ : ١٠٩ ، فتح العزيز ٨ : ٤ ، المجموع ٨ : ٣٥٥ ، حلية العلماء ٣ : ٣٥٦ ، المغني ٣ : ٣٧٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٣٠.

(٣) البقرة : ١٩٦.

(٤) المغني ٣ : ٣٧٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٣٤.

(٥) المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٣٣.

(٦) البقرة : ١٩٦.

٣٩٦

حجّ يقضي لسنته ، ولو ضاق الوقت ، قضى من قابل.

وإن لم يتحلّل من الفاسد ، فإن زال الصدّ والحجّ لم يفت ، مضى في الفاسد ، وتحلّل ، كالصحيح ، وإن فاته ، تحلّل بعمرة ، وتلزمه بدنة للإفساد ، ولا شي‌ء عليه للفوات. والقضاء من قابل واجب ، سواء كان الحجّ واجباً أو ندباً.

ولو كان العدوّ باقياً ، فله التحلّل ، فإذا تحلّل ، لزمه دم التحلّل وبدنة الإفساد ، والقضاء من قابل ، وليس عليه أكثر من قضاء واحد.

ولو صُدّ فأفسد حجّه ، جاز له التحلّل ؛ للعموم(١) ، وعليه دم التحلّل ، وبدنة للإفساد ، والحجّ ، ويكفيه قضاء واحد.

مسألة ٧٠٧ : ينبغي للمُحْرم أن يشترط على ربّه حالة الإحرام‌ - خلافاً لمالك(٢) - فإذا شرط في ابتداء إحرامه أن يحلّ متى مرض ، أو ضاعت نفقته أو نفدت ، أو منعه ظالم ، أو غير ذلك من الموانع ، فإنّه يحلّ متى وجد ذلك المانع.

وفي سقوط هدي التحلّل قولان.

والشرط لا يؤثّر في سقوط القضاء إن كان الحجّ واجباً ، خلافاً لبعض العامّة(٣) .

وينبغي أن يشترط ما لَه فائدة. ولو قال : أن تحلّني حيث شئت ، فليس له ذلك.

ولو قال : أنا أرفض إحرامي واُحلّ ، فلبس وذبح الصيد [ وعمل‌

____________________

(١) البقرة : ١٩٦.

(٢) تفسير القرطبي ٢ : ٣٧٥ ، المغني ٣ : ٢٤٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٣٨.

(٣) المغني ٣ : ٣٨٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٣٩.

٣٩٧

غيرهما ](١) من تروك الإحرام من غير صدّ أو حصر ، لم يحلّ ، ووجبت الكفّارة ؛ لأنّ الإحرام لا يفسد برفضه ؛ لأنّه عبادة لا يخرج منها بالفساد ، فلا يخرج منها برفضها ، بخلاف سائر العبادات التي يخرج منها بإفسادها ، كالصلاة.

وإن وطئ قبل الموقفين ، أفسد حجّه ، ووجب إتمامه ، وبدنة ، والحجّ من قابل ، سواء كان الوطء قبل ما فَعَله من الجنايات أو بعده ، فإنّ الجناية على الإحرام الفاسد توجب الجزاء ، كالجناية على الإحرام الصحيح ، وليس عليه لرفضه شي‌ء ، لأنّه مجرّد نيّة لم تؤثّر شيئاً.

مسألة ٧٠٨ : العدوّ الصادّ إن كان مسلماً ، فالأولى الانصراف عنه‌ ؛ لأنّ في قتاله مخاطرةً بالنفس والمال ، إلّا أن يدعوهم الإمام أو نائبه إلى قتالهم ، ويجوز قتالهم ؛ لأنّهم تعدّوا على المسلمين بمنعهم الطريق. وإن كانوا مشركين ، لم يجب على الحاجّ قتالهم.

قال الشيخرحمه‌الله : وإذا لم يجب قتالهم ، لم يجز ، سواء كانوا قليلين أو كثيرين(٢) .

وللشافعي قول بوجوب القتال(٣) إذا لم يزد عدد الكفّار على الضّعف(٤) .

والوجه : أنّه إذا(٥) غلب ظنّ المسلمين بالغلبة ، جاز قتالهم ، ويجوز‌

____________________

(١) بدل ما بين المعقوفين في « ق ، ك » والطبعة الحجرية : وغيره. وما أثبتناه يقتضيه السياق.

(٢) المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٣٤.

(٣) في الطبعة الحجرية : قتالهم.

(٤) فتح العزيز ٨ : ٥ ، المجموع ٨ : ٢٩٥.

(٥) في « ق ، ك » : إن.

٣٩٨

تركه ، فيتحلّل الحاجّ.

ولو ظنّ المسلمون الانقهار ، لم يجز قتالهم ؛ لئلّا يغزوا بالمسلمين ، فلو احتاج الحاجّ إلى لُبْس السلاح وما تجب فيه الفدية لأجل الحرب ، جاز ، وعليهم الفدية ، كما لو لبسوا(١) لدفع الحرّ والبرد. ولو قتلوا أنفساً(٢) وأتلفوا مالاً ، لم يضمنوا.

ولو قتل المسلمون صيد الكفّار ، كان عليهم الجزاء لله ، ولا قيمة للكفّار ؛ إذ لا حرمة لهم.

ولو بذل العدوّ الطريق وكانوا معروفين بالغدر ، جاز التحلّل والرجوع ، وإلّا فلا. ولو طلب العدوّ مالاً لتخلية الطريق ، فإن لم يوثق بهم ، لم يجب بذله إجماعاً ، لبقاء الخوف ، وإن كانوا مأمونين ، فإن كثر ، لم يجب ، بل يكره إن كان العدوّ كافراً ؛ لما فيه من الصغار وتقوية الكفّار ، وإن قلّ ، قال الشيخ : لا يجب بذله(٣) ، كما لا يجب في ابتداء الحجّ بذل مال ، بل يتحلّل.

مسألة ٧٠٩ : إذا تحلّل المصدود بالهدي ، فإن كان الحجّ واجباً ، قضى ما تحلّل منه ، إن كان حجّاً ، وجب عليه حجّ لا غير - وبه قال الشافعي(٤) - لأنّه اُحصر عن الحجّ ، فلا يلزمه غيره ، كمن اُحصر عن العمرة لا يلزمه غيرها.

وقال أبو حنيفة : يجب عليه حجّ وعمرة معاً ؛ لأنّ المصدود فائت‌

____________________

(١) في الطبعة الحجرية : لبس.

(٢) كذا ، والظاهر : نفساً.

(٣) المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٣٤.

(٤) مختصر المزني : ٧٢ ، الحاوي الكبير ٤ : ٣٥٢ ، فتح العزيز ٨ : ٥٧ ، المجموع ٨ : ٣٠٦.

٣٩٩

الحجّ ، وفائت الحجّ يتحلّل بأفعال العمرة ، فإذا لم يأت بأفعال العمرة في الحال ، يجب عليه قضاؤها(١) .

ونمنع مساواة الصدّ لفائت الحجّ.

والصدّ قد يتحقّق في العمرة - وبه قال أبو حنيفة(٢) - لقوله تعالى :( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ ) (٣) ذكر ذلك عقيبهما ، فينصرف إلى كلّ منهما.

وسُئل ابن مسعود عن معتمر لُدغ ، فقال : ابعثوا عنه هدياً ، فإذا ذُبح عنه فقد حلّ(٤) .

ولأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لمـّا صُدّ كان معتمراً(٥) .

وقال مالك : لا يتحقّق ؛ لأنّه ليس للعمرة وقت معلوم ، فيمكنه اللبث إلى أن يزول الإحصار ثم يؤدّي(٦) .

وهو يستلزم الحرج ؛ لعدم العلم بالغاية.

مسألة ٧١٠ : إذا صُدّ عن المضيّ إلى مكّة أو الموقفين ، كان له التحلّل بالهدي‌ على ما تقدّم(٧) .

هذا إذا منع من المضيّ ، دون الرجوع والسير في صوب آخر ، وأمّا إذا أحاط العدوّ بهم من جميع الجهات كلّها ، فكذلك عندنا - وهو أصحّ‌

____________________

(١) المبسوط - للسرخسي - ٤ : ١٠٧ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٨٢ ، الاختيار لتعليل المختار ١ : ٢٢٤ ، بداية المجتهد ١ : ٣٥٥ ، تفسير القرطبي ٢ : ٣٧٦.

(٢) المبسوط - للسرخسي - ٤ : ١٠٩ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٧٧.

(٣) البقرة : ١٩٦.

(٤) شرح معاني الآثار ٢ : ٢٥١ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٢١.

(٥) فتح العزيز ٨ : ٤ ، وسنن البيهقي ٥ : ٢١٦.

(٦) اُنظر : فتح العزيز ٨ : ٤ ، والمغني ٣ : ٣٧٤ ، والشرح الكبير ٣ : ٥٣٠.

(٧) تقدّم في المسألة ٧٠٣.

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460