تذكرة الفقهاء الجزء ٨

تذكرة الفقهاء13%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-051-X
الصفحات: 460

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 460 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 191603 / تحميل: 5472
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ٨

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٠٥١-X
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

الفصل الثالث: مظاهر من شخصية الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام

لقد كان الإمام أبو محمد الحسن العسكريعليه‌السلام في معالي أخلاقه نفحة من نفحات الرسالة الإسلامية فقد كان على جانب عظيم من سموّ الأخلاق، يقابل الصديق والعدو بمكارم أخلاقه ومعالي صفاته، وكانت هذه الظاهرة من أبرز مكوناته النفسية، ورثها عن آبائه وجده رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذي وسع الناس جميعاً بمكارم أخلاقه، وقد أثّرت مكارم أخلاقه على أعدائه والحاقدين عليه، فانقلبوا من بغضه إلى حبه والإخلاص له.(١)

ونقل المؤرخون أنّ المتوكل الذي عرف بشدّة عدائه لأهل البيتعليهم‌السلام ، وحقده على الإمام عليعليه‌السلام ، أمر بسجن الإمام العسكريعليه‌السلام والتشديد عليه إلاّ أنّه لمّا حلّ في الحبس ورأى صاحب الحبس سمو أخلاق الإمامعليه‌السلام وعظيم هديه وصلاحه انقلب رأساً على عقب، فكان لا يرفع بصره إلى الإمامعليه‌السلام إجلالاً وتعظيماً له، ولمّا خرج الإمام من عنده كان أحسن الناس بصيرة، وأحسنهم قولاً فيه.(٢)

ــــــــــــ

(١) حياة الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام : ٤٢.

(٢) أصول الكافي: ١/٥٠٨ ح ٨ وعنه في الإرشاد: ٢/٣٢٩، ٣٣٠ وفي أعلام الورى: ٢/١٥٠ وعن الإرشاد في كشف الغمة: ٣/٢٠٢.

٢١

سماحته وكرمه

نقل المؤرخون نماذج من السيرة الكريمة للإمام العسكري عليه‌السلام نذكر بعضاً منها:

١ ـ روى الشيخ المفيد عن محمد بن علي بن إبراهيم بن موسى بن جعفر عليه‌السلام : قال: ضاق بنا الأمر فقال لي أبي: امض بنا حتى نصير إلى هذا الرجل ـ يعني أبا محمد ـ فإنه قد وصف عنه سماحة.

فقلت: تعرفه ؟

قال: ما أعرفه، ولا رأيته قط.

قال: فقصدناه.

فقال لي أبي وهو في طريقه: ما أحوجنا إلى أن يأمر لنا بخمس مئة درهم مئتا درهم للكسوة ومئتا درهم للدقيق، ومئة درهم للنفقة.

وقلت في نفسي ليته أمر لي بثلاث مائة درهم، مائة اشتري بها حماراً ومائة للنفقة ومائة للكسوة، فأخرج إلى الجبل.

قال ـ أي محمد بن علي ـ فلما وافينا الباب خرج غلامه، فقال:يدخل علي بن إبراهيم ومحمد ابنه ، فلما دخلنا عليه وسلمنا، قال لأبي: ياعلي ما أخلفك عنا إلى هذا الوقت ، فقال: ياسيدي: استحييت أن ألقاك على هذا الحال، فلما خرجنا من عنده جاءنا غلامه فناول أبي صرة، وقال: هذه خمسمئة درهم، مئتان لِلكسوة، ومئتان للدقيق، ومئة للنفقة . وأعطاني صرة وقال: هذه ثلاثمئة درهم اجعل مئة في ثمن حمار، ومئة للكسوة، ومئة للنفقة، ولا تخرج إلى الجبل، وصر إلى

٢٢

قال: فصار إلى سوار وتزوج بامرأة منها فدخله اليوم ألف دينار ومع هذا يقول بالوقف.(١)

٢ ـ وروى إسحاق بن محمد النخعي قال: حدثني أبو هاشم الجعفري قال: شكوت إلى أبي محمدعليه‌السلام ضيق الحبس وكلب القيد(٢) ، فكتب إلي:(أنت تصلي اليوم الظهر في منزلك) ، فأخرجت وقت الظهر فصليت في منزلي كما قال، وكنت مضيقاً فأردت أن أطلب منه معونة في الكتاب الذي كتبته إليه فاستحييت، فلما صرت إلى منزلي وجّه إليّ بمئة دينار، وكتب إليّ:إذا كانت لك حاجة، فلا تستحِ ولا تحتشم واطلبها فإنك على ما تحب إن شاء الله .(٣)

٣ ـ وعن إسماعيل بن محمد بن علي بن إسماعيل بن علي بن عبد الله بن العباس قال: قعدت لأبي محمدعليه‌السلام على ظهر الطريق، فلما مرَّ بي شكوت إليه الحاجة وحلفت له أن ليس عندي درهم واحد، فما فوقه، ولا غذاء ولا عشاء قال: فقالعليه‌السلام :تحلف بالله كاذباً وقد دفنت مئتي دينار ؟! وليس قولي هذا دفعاً لك عن العطية، أعطه ياغلام ما معك ، فأعطاني غلامه مئة دينار ثم أقبل عليّ فقال:إنك تحرم الدنانير التي دفنتها أحوج ما تكون إليها ، وصدقعليه‌السلام ، وذلك أني أنفقت ما وصلني به، واضطررت ضرورة شديدة إلى شيء أنفقه، وانغلقت عليّ أبواب الرزق، فنبشت الدنانير التي كنت دفنتها فلم أجدها فإذا ابن لي قد عرف موضعها فأخذها وهرب، فما قدرت منها على شيء.(٤)

ــــــــــــ

(١) أصول الكافي: ١/٥٠٦ ح ٣ ب ١٢٤ وعنه في الإرشاد: ٢ / ٣٢٦، ٣٢٧ وعنه في كشف الغمة: ٣ / ٢٠٠.

(٢) كلب القيد: شدته وضيقه.

(٣) أصول الكافي: ١/٥٠٨ ح ١٠ وعنه في الإرشاد: ٢/٣٣٠ وفي إعلام الورى: ٢/١٤٠ وعن الإرشاد في كشف الغمة: ٣/٢٠٢.

(٤) أصول الكافي: ١/٥٠٩ ح ١٤ وعنه في الإرشاد: ٢/٣٢٢ وإعلام الورى: ٢/١٣٧ وعن الإرشاد في كشف الغمة: ٣/٢٠٣، ولعلّه كان من المغضوب عليهم لدى بني العباس ولذلك لم يكفوه.

٢٣

زهده وعبادته

عُرف الإمام العسكريعليه‌السلام في عصره بكثرة عبادته وتبتّله وانقطاعه إلى الله سبحانه واشتهر ذلك بين الخاصة والعامة، حتى أنّه حينما حبس الإمامعليه‌السلام في سجن علي بن نارمش ـ وهو من أشد الناس نصباً لآل أبي طالب ـ ما كان من علي هذا إلاّ أن وضع خديه له وكان لا يرفع بصره إليه إجلالاً وإعظاماً فخرج من عنده وهو أحسن الناس بصيرة وأحسن الناس قولاً فيه.(١)

ولما حبسه المعتمد كان يسأل السجّان ـ علي بن جرين ـ عن أحوال الإمامعليه‌السلام وأخباره في كل وقت فيخبره علي بن جرين أنّ الإمامعليه‌السلام يصوم النهار ويصلي الليل.(٢)

عن علي بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل بن إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمّد عن عليّ بن عبدالغفّار قال: دخل العبّاسيّون على صالح بن وصيف ودخل صالح بن عليّ وغيره من المنحرفين عن هذه الناحية على صالح بن وصيف عندما حبس أبا محمّدعليهما‌السلام .

فقال لهم صالح: وما أصنع قد وكّلت به رجلين من أشرّ من قدرت عليه، فقد صارا من العبادة والصلاة والصيام إلى أمر عظيم، فقلت لهما: ما فيه؟ فقالا: ما تقول في رجل يصوم النهار ويقوم اللّيل كلّه، لا يتكلّم ولا يتشاغل وإذا نظرنا إليه ارتعدت فرائصنا ويداخلنا ما لا نملكه من أنفسنا، فلمّا سمعوا ذلك

ــــــــــــ

(١) الكافي: ١ / ٥٠٨ ح ٨.

(٢) مهج الدعوات: ٢٧٥.

٢٤

انصرفوا خائبين(١) .

عن محمّد بن إسماعيل العلوي قال: دخل العبّاسيّون على صالح بن وصيف عندما حُبس أبو محمّد فقالوا له: ضيّق عليه، قال: وكّلت به رجلين من شرّ من قدرت عليه عليّ بن بارمش واقتامش، فقد صارا من العبادة والصّلاح إلى أمر عظيم يضعان خدّيهما له، ثم أمر بإحضارهما فقال: ويحكما ما شأنكما في شأن هذا الرجل؟ فقالا: ما تقول في رجل يقوم اللّيل كلّه ويصوم النّهار ولا يتكلّم ولا يتشاغل بغير العبادة، فإذا نظرنا إليه ارتعدت فرائصنا وداخلنا ما لا نملكه من أنفسنا(٢) .

وكان يتسوّر عليه الدار جلاوزة السلطان في جوف الليل فيجدونه في وسط بيته يناجي ربّه سبحانه.

إنّ سلامة الصلة بالله سبحانه وما ظهر على يدي الإمام من معاجز وكرامات تشير إلى المنزلة العالية والشأن العظيم للإمامعليه‌السلام عند الله الذي اصطفاه لعهده والذي تجلّى في إمامته عليه‌السلام . (٣)

علمه ودلائل إمامته

وإليك شذرات من علوم الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام ودلائل إمامته:

١ ـ عن أبي حمزة نصر الخادم قال: سمعت أبا محمدعليه‌السلام غير مرة يكلّم غلمانه بلغاتهم، وفيهم ترك، وروم وصقالبة، فتعجّبت من ذلك وقلت: هذا ولد بالمدينة ولم يظهر لأحد حتى مضى أبو الحسن ـ أي الإمام

ــــــــــــ

(١) الكافي: ١/٥١٣.

(٢) المناقب: ٢/٤٦٢.

(٣) إشارة إلى قوله تعالى( إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) . البقرة(٢): ١٢٤.

٢٥

الهاديعليه‌السلام ـ ولا رآه أحد فكيف هذا ؟! أُحدّث نفسي بذلك فأقبل عليَّ وقال:إنّ الله جلّ اسمه بيّنَ حجته من ساير خلقه وأعطاه معرفة بكل شيء ويعطيه اللغات ومعرفة الأسباب والآجال والحوادث: ولولا ذلك لم يكن بين الحجة والمحجوج فرق (١) .

٢ ـ وقال الحسن بن ظريف: اختلج في صدري مسألتان أردت الكتاب بهما إلى أبي محمدعليه‌السلام ، فكتبت إليه أسأله عن القائم إذا قام بم يقضي ؟ وأين مجلسه الذي يقضي فيه بين الناس ؟ وأردت أن أسأله عن شيء لحُمّى الربع، فأغفلت ذكر الحُمّى، فجاء بالجواب:

سألتَ عن القائم إذا قام قضى بين الناس بعلمه كقضاء داود عليه‌السلام ولا يسأل البينة، وكنت أردت أن تسأل عن حمّى الرُّبع، فأنسيت فاكتب ورقة وعلّقها على المحموم فإنّه يبرأ بإذن الله إن شاء الله: ( يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ ) . فكتبت ذلك وعلّقته على المحموم فبرئ وأفاق.(٢)

٣ ـ وروى الشيخ المفيد عن أبي القاسم جعفر بن محمد عن محمد بن يعقوب عن إسماعيل بن إبراهيم بن موسى بن جعفر، قال: كتب أبو محمدعليه‌السلام إلى أبي القاسم إسحاق بن جعفر الزبيري قبل موت المعتز بنحو عشرين يوماً:إلزم بيتك حتى يحدث الحادث ، فلما قُتل بريحة كتب إليه قد حدث الحادث، فما تأمرني ؟ فكتب إليه:ليس هذا الحادث، الحادث الآخر . فكان من المعتز ما كان.(٣)

ــــــــــــ

(١) أصول الكافي: ١/٥٠٩ ح ١١ وعنه في الإرشاد: ٢/٣٣٠ وإعلام الورى: ٢/١٤٥ وعن الإرشاد في كشف الغمة: ٣/٢٠٢.

(٢) أصول الكافي: ١/٥٠٩ ح ١٣ وعنه في الإرشاد: ٢/٣٣١ وإعلام الورى: ٢/١٤٥ وعن الإرشاد في كشف الغمة: ٣/٢٠٣ وحُمّى الرّبع: هو أن يأخذ يوماً ويترك يومين ويعود في اليوم الرابع، والآية من سورة الأنبياء: ٦٩.

(٣) أصول الكافي: ١/٥٠٦ ح ٢ وعنه في الإرشاد: ٢/٣٢٥ وعنه في كشف الغمة: ٣/٢٠٠ وابن «تريخة».كذا في النسخ وفي المصدر «بريحة» وقال الطريحي في المجمع «بريمة» هو: عبدالله بن محمد بن داود الهاشمي العباسي الناصبي من ندماء المتوكل وقتله اثنان من الحسنيين بالكوفة قبل المعتز بأيام كما في الطبري: ٩/٣٨٨ وعنه في الكامل: ٧/٥٦، وجاء في هامش الإرشاد: ٢/٣٢٥ بهامش بريحة وابن اُترجة

٢٦

أي أن الإمامعليه‌السلام ، أشار إلى موت المعتز، فطلب من مواليه أن يلتزموا بالبقاء في بيوتهم حتى ذلك الوقت لظروف خاصة كانت تحيط بالإمامعليه‌السلام وبهم من الشدة وطلب السلطان وجلاوزته لهم.

ومن الطبيعي أن موت الخليفة يعقبه غالباً اضطراب في الوضع يمكّن معارضيه من التحرك والتنقل بسهولة.

٤ ـ وروى الشيخ الكلينيرضي‌الله‌عنه عن علي بن محمد عن الحسن بن الحسين قال: حدثني محمد بن الحسن المكفوف قال: حدثني بعض أصحابنا عن بعض فصّادي العسكر ـ أي سامراء ـ من النصارى: أن أبا محمدعليه‌السلام بعث إلي يوماً في وقت صلاة الظهر فقال لي:

إفصد (١) هذا العرق ، قال: وناولني عرقاً لم أفهمه من العروق التي تفصد فقلت في نفسي، ما رأيت أمراً أعجب من هذا يأمرني أن أفصد في وقت وليس بوقت فصد، والثانية عرق لا أفهمه، ثم قال لي:انتظر وكن في الدار ، فلما أمسى دعاني فقال لي:سرّح الدم فسرّحت، ثم قال لي:أمسك فأمسكت، ثم قال لي:كن في الدار ، فلما كان نصف الليل أرسل إلي وقال لي:سرّح الدم ، قال: فتعجبت أكثر من عجبي الأول وكرهت أن أسأله: قال: فسرحت فخرج دم أبيض كأنه الملح: قال: ثم قال لي:احبس ، فحبست. ثم قال:كن في الدار (٢) ، فلما أصبحت قدم إلي تخت ثياب وخمسين ديناراً وقال:خذها واعذر وانصرف فصرت إلى بختيشوع وقلت له القصة ففكر ساعة ثم مكثنا ثلاثة أيام بلياليها

ــــــــــــ

(١) الفصد: شق العرق، يستخرج دمه ; لسان العرب، ابن منظور: ١٠ / ٢٧٠، طبع بيروت، إحياء التراث.

(٢) الكافي: ١ / ٥١٢.

٢٧

نقرأ الكتب على أن نجد لهذه القصة ذكراً في العالم فلم نجد.

ثم قال بختيشوع: لم يبق اليوم في النصرانية أعلم بالطب من راهب بدير العاقول، فكتب إليه كتاباً يذكر فيه ما جرى، فخرجت وناديته فأشرف عليّ فقال من أنت ؟ قلت صاحب بختيشوع. قال: أمعك كتابه ؟ قلت: نعم فأرخى لي زنبيلاً، فجعلت الكتاب فيه فرفعه فقرأ الكتاب ونزل من ساعته وقال: أنت الذي فصدت الرجل ؟ قلت: نعم، قال: طوبى لأمك، وركب بغلاً، وسرنا، فوافينا(سرّ من رأى) وقد بقي من الليل ثلثه، قلت: أين تحب ؟ دار أستاذنا أم دار الرجل ـ أي دار الإمام الحسن العسكري ـ ؟ قال: دار الرجل، فصرنا إلى بابه قبل الأذان الأول ففتح الباب وخرج إلينا خادم أسود وقال: أيكما راهب دير العاقول ؟ فقال: أنا جعلت فداك، فقال انزل، وقال لي الخادم: احتفظ بالبغلين، وأخذ بيده ودخلا فأقمت إلى أن أصبحنا وارتفع النهار ثم خرج الراهب، وقد رمى بثياب الرهبانية ولبس ثياباً بيضاً وأسلم فقال: خذني الآن إلى دار أستاذك، فصرنا إلى باب بختيشوع، فلما رآه بادر يعدو إليه ثم قال، ما الذي أزالك عن دينك ؟

قال: وجدت المسيح وأسلمت على يده، قال: وجدت المسيح ؟! قال: أو نظيره، فإن هذه الفصدة لم يفعلها في العالم إلاّ المسيح وهذا نظيره في آياته وبراهينه، ثم انصرف إليه ولزم خدمته إلى أن مات.(١)

٥ ـ وعن أبي علي المطهري أنه كتب إليه من القادسية يعلمه بانصراف الناس عن المضي إلى الحج وأنه يخاف العطش إن مضى، فكتبعليه‌السلام :امضوا فلا خوف عليكم إن شاء الله ، فمضوا سالمين(ولم يجدوا عطشاً)(٢) والحمد لله رب العالمين.

ــــــــــــ

(١) الخرائج والجرايح: ١ / ٤٢٢. وبحار الأنوار: ٥ / ٢٦٢.

(٢) الكافي: ١/٥٠٧، والمناقب: ٢/٤٦٤.

٢٨

الباب الثاني

فيه فصول:

الفصل الأول: نشأة الإمام الحسن بن علي العسكريعليه‌السلام .

الفصل الثاني: مراحل حياة الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام .

الفصل الثالث: الإمام الحسن العسكري في ظلّ أبيهعليهما‌السلام .

الفصل الأول: نشأة الإمام الحسن بن علي العسكريعليه‌السلام

نسبه الشريف

هو الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام .

وهو الإمام الحادي عشر من أئمة أهل البيتعليهم‌السلام (١) الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً.

وأمه أم ولد يقال لها: حديث. أو سليل، وكانت من العارفات الصالحات.(٢) وذكر سبط بن الجوزي: أن اسمها سوسن. (٣)

محل الولادة وتأريخها

ولد الإمام أبو محمد الحسن العسكريعليه‌السلام ـ كما عليه أكثر المؤرخين ـ في شهر ربيع الآخر سنة(٢٣٢هـ) من الهجرة النبوية المشرفة في المدينة المنورة.

ــــــــــــ

(١) أصول الكافي: ١ / ٥٠٣.

(٢) الإرشاد: ١ / ٣١٣.

(٣) تذكرة الخواص: ٣٢٤.

٢٩

ويلاحظ هنا اختلاف المؤرخين والرواة في تاريخ ميلاده الشريف من حيث اليوم والشهر والسنة التي ولد فيها.

فمنهم من قال أنّ ولادته كانت سنة(٢٣٠هـ)(١) وقال آخرون إنها كانت سنة(٢٣١ هـ )(٢) أو سنة(٢٣٢هـ)(٣) أو سنة(٢٣٣هـ)(٤) .

وروي أنها كانت في السادس من ربيع الأوّل أو السادس أو الثامن أو العاشر من ربيع الآخر أو في رمضان(٥) .

ولا نرى غرابة في هذا الاختلاف، فربما يعزى إلى إجراءات كان الإمام الهاديعليه‌السلام يقوم بها من أجل المحافظة على حياة الإمام العسكري عليه‌السلام أو يكون لغير هذا من أسباب تعزى إلى ملابسات تأريخية خاصة.

ألقابهعليه‌السلام وكناه

أطلق على الإمامين علي بن محمد والحسن بن عليعليهما‌السلام (العسكريّان) لأنّ المحلة التي كان يسكنها هذان الإمامان ـ في سامراء ـ كانت تسمى عسكر(٦) .

و(العسكري) هو اللقب الذي اشتهر به الإمام الحسن بن عليعليه‌السلام . وله ألقاب أخرى، نقلها لنا المحدّثون، والرواة، وأهل السير وهي: الرفيق، الزكي، الفاضل، الخالص، الأمين، والأمين على سرّ الله، النقي، المرشد إلى

ــــــــــــ

(١) المنتظم في تاريخ الأمم والملوك: ٧ / ١٢٦.

(٢) تذكرة الخواص: ٣٢٤، وكشف الغمة: ٣/ ١٩٢ عن ابن طلحة الشافعي في مطالب السؤول.

(٣) وفيات الأعيان: ٢ / ٩٤.

(٤) دلائل الإمامة: ٢٢٣.

(٥) راجع حياة الإمام العسكري(دراسة تحليلية تاريخية علمية): ٥٨ ـ ٥٩.

(٦) بحار الأنوار: ٥٠ / ٢٣٥.

٣٠

الله، الناطق عن الله، الصادق، الصامت، الميمون، الطاهر، المؤمن بالله، وليّ الله، خزانة الوصيين، الفقيه، الرجل، العالم(١) .

وكل منها له دلالته الخاصّة على مظهر من مظاهر شخصيته وكمال من كمالاته.

وكان يكنّى بابن الرضا. كأبيه وجدّه، وكنيته التي اختص بها هي:(أبو محمد).

ملامحه

وصف أحمد بن عبيد الله بن خاقان ملامح الإمام الحسن العسكري بقوله: إنه أسمر، أعين(٢) ، حسن القامة، جميل الوجه، جيد البدن، له جلالة وهيبة(٣) . وقيل: إنّه كان بين السمرة والبياض(٤) .

النشأة وظروفها

نشأ الإمام أبو محمدعليه‌السلام في بيت الهداية ومركز الإمامة الكُبرى، ذلك البيت الرفيع الذي أذهب الله عن أهله الرجس وطهّرهم تطهيراً. وقد وصف الشبراوي هذا البيت الذي ترعرع فيه هذا الإمام العظيم قائلاً:

ــــــــــــ

(١) كمال الدين: ١ / ٣٠٧، إثبات الهداة: ١ / ٦٥١، ٥٤٤، ٤٦٩، الشيعة والرجعة: ١ / ٨٨.

وحياة الإمام العسكري: ٢٣ ـ ٢٨(للشيخ محمد جواد الطبسي. والألقاب الثلاثة الأخيرة هي الألقاب التي وردت في الكتب الرجالية باعتبار ورودها في أسانيد الروايات والتي كانت تلاحظ فيها ظروف النقل والرواية.

(٢) الأعين: الواسع العين.

(٣) أصول الكافي: ١/٥٠٣ ح ١ وعنه في الإرشاد: ٢/٣٢١، وفي كمال الدين: ١/٤٠ بطريق آخر، وعن الكليني أو المفيد في إعلام الورى: ٢/١٤٧، وعن الإرشاد في كشف الغمة: ٣/١٩٧، وعن كمال الدين والإرشاد والإعلام في بحار الأنوار: ٣٢٦ ـ ٣٣٠.

(٤) بحار الأنوار: ٥٠ / ٣٢٨ وأخبار الدول: ١١٧.

٣١

فللّه درّ هذا البيت الشريف، والنسب الخضم المنيف، وناهيك به من فخار، وحسبُك فيه من علوّ مقدار، فهم جميعاً في كرم الأرومة وطِيب الجرثومة كأسنان المشط; متعادلون، ولسهام المجد مقتسمون، فياله من بيت عالي الرتبة سامي المحلة، فلقد طاول السماء عُلاً ونُبلاً، وسما على الفرقدين منزلةً ومحلاًّ، واستغرق صفات الكمال فلا يستثنى فيه بـ «غير» ولا بـ «إلاّ»، انتظم في المجد هؤلاء الأئمة انتظام اللآلي، وتناسقوا في الشرف فاستوى الأوّل والتالي، وكم اجتهد قوم في خفض منارهم، والله يرفعه، وركبوا الصعب والذلول في تشتيت شملهم والله يجمعه، وكم ضيّعوا من حقوقهم ما لا يهمله الله ولا يضيّعه»(١) .

لقد ظفر الإمام أبو محمد بأسمى صور التربية الرفيعة وهو يترعرع في بيت زكّاه الله وأعلى ذكره ورفع شأنه حيث ( يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ... ) (٢) ، ذلك البيت الذي رفع كلمة الله لتكون هي العليا في الأرض وقدّم القرابين الغالية في سبيل رسالة الله.

وقطع الإمام الزكي شوطاً من حياته مع أبيه الإمام الهاديعليه‌السلام لم يفارقه في حلّه وترحاله، وكان يرى فيه صورة صادقة لمُثل جدّه الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، كما كان يرى فيه أبوه أنّه امتداد الرسالة والإمامة فكان يوليه أكبر اهتمامه، ولقد أشاد الإمام الهاديعليه‌السلام بفضل ابنه الحسن العسكري قائلاً:«أبو محمد ابني أصحّ آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم غريزةً وأوثقهم حجة. وهو الأكبر من ولدي وهو الخلف وإليه تنتهي عرى الإمامة وأحكامها» (٣) ، والإمام الهادي بعيد عن

ــــــــــــ

(١) حياة الإمام الحسن العسكري(دراسة وتحليل): ١٠٣ عن الإتحاف بحبّ الأشراف: ٦٨.

(٢) النور(٢٤): ٣٧.

(٣) أصول الكافي: ١/٣٢٧ ح ١١ وعنه في الإرشاد: ٢/٣١٩ وإعلام الورى: ٢/١٣٥ وعن الإرشاد في كشف الغمة: ٣/١٩٦، وعن بعضها في أعيان الشيعة ٤ ق ٣: ٢٩٥ وعنه في حياة الإمام الحسن العسكري: ٢٣.

٣٢

المحاباة والاندفاع العاطفي مثله في ذلك آبائه المعصومين.

وقد لازم الإمام أبو محمدعليه‌السلام أباه طيلة عقدين من الزمن وهو يشاهد كل ما يجري عليه وعلى شيعته من صنوف الظلم والاعتداء. وانتقل الإمام العسكريعليه‌السلام مع والده إلى سرَّ من رأى(سامراء) حينما وُشي بالإمام الهاديعليه‌السلام عند المتوكل حيث كتب إليه عبد الله بن محمد بن داود الهاشمي: «يذكر أن قوماً يقولون إنه الإمام ـ أي علي الهاديعليه‌السلام ـ فأشخصه عن المدينة مع يحيى بن هرثمة حتى صار إلى بغداد، فلما كان بموضع يقال له الياسرية نزل هناك، وركب إسحاق بن إبراهيم لتلقّيه، فرأى تشوّق الناس إليه واجتماعهم لرؤيته، فأقام إلى الليل، ودخل به في الليل، فأقام ببغداد بعض تلك الليلة ثم نفذ إلى سرَّ من رأى»(١) .

ولقد أسرف المتوكّل العباسي في الجور والاعتداء على الإمام علي بن محمد الهاديعليه‌السلام ففرض عليه الإقامة الجبرية في سامرّاء وأحاط داره بالشرطة تحصي عليه أنفاسه وتمنع العلماء والفقهاء وشيعته من الاتصال به، وقد ضيّق المتوكّل على الإمام في شؤونه الاقتصادية أيضاً، وكان يأمر بتفتيش داره بين حين وآخر، وحمله إليه بالكيفية التي هو فيها.

وكان من شدّة عداء المتوكّل لأهل البيتعليهم‌السلام أن منع رسميًّا من زيارة قبر الإمام الحسين بن عليعليهما‌السلام بكربلاء، وأمر بهدم القبر الشريف الذي كان مركزاً من مراكز الإشعاع الثوري في أرض الإسلام.

وكانت كل هذه الظروف المريرة هي الظروف التي عاشها الإمام الزكي أبو محمد العسكريعليه‌السلام وهو في نضارة العمر وغضارة الشباب فكَوَتْ

ــــــــــــ

(١) تاريخ اليعقوبي: ٢ / ٤٨٤.

٣٣

نفسه آلاماً وأحزاناً وقد عاش تلك الفترة في ظل أبيه وهو مروّع فذابت نفسه أسىً وتقطّعت ألماً وحسرة(١) .

وكان استشهاد والده(سنة ٢٥٤هـ) وتقلّد الإمامة بعده وكانت فترة إمامته أقصر فترة قضاها إمام من أئمة أهل البيت الأطهار وهم أصح الناس أبداناً وسلامة نفسيّة وجسديّة. قد استشهد وهو بعد لمّا يكمل العقد الثالث من عمره الشريف، إذ كان استشهاده في سنة(٢٦٠هـ)(٢) فتكون مدة إمامتهعليه‌السلام ست سنين. وهذه المدة القصيرة تعكس لنا مدى رعب حكّام الدولة العباسية منه ومن دوره الفاعل في الأمة لذا عاجلوه بعد السجن والتضييق بدس السم له وهو لم يزل شاباً في الثامنة أو التاسعة والعشرين من عمره الميمون.(٣)

ولا بد من الإشارة إلى أنّ المنقول التاريخي عن الإمام العسكريعليه‌السلام في ظل حياة والده الإمام علي الهاديعليه‌السلام ومواقفهما لا يتعدى الولادة والوفاة والنسب الشريف وحوادث ومواقف يسيرة لا تتناسب ودور الإمامعليه‌السلام الذي كان يتمثل في حفظ الشريعة والعمل على إبعاد الأمة عن الانحراف ومواجهة التحديات التي كانت تواجهها من قبل أعداء الإسلام.

غير أن مجموعة من الروايات التي نقلها لنا بعض المحدثين تشير إلى أمور مهمّة من حياة الإمام العسكريعليه‌السلام ، وقد أشار الإمام العسكري نفسه إلى صعوبة ظرفه بقولهعليه‌السلام :«ما مُنيَ أحد من آبائي بمثل ما مُنيتُ به من شك هذه العصابة فيّ» .(٤)

ــــــــــــ

(١) حياة الإمام الحسن العسكري: ٢٤.

(٢) الإرشاد: ٢ / ٣١٥، وعنه في بحار الأنوار: ٥٠ / ٢٣٦.

(٣) مناقب آل أبي طالب: ٤ / ٤٢٢.

(٤) تحف العقول: ٥١٧.

٣٤

وهذا شاهد آخر على حراجة الظروف السياسية والاجتماعية التي كانت تحيط بالإمامين العسكريين علي بن محمد والحسن بن عليعليهما‌السلام والتي كانت تحتم إبعاد الإمام العسكري من الأضواء والاتصال بالعامة إلاّ في حدود يسمح الظرف بها أو تفرضها ضرورة بيان منزلته وإمامته وعلو مكانته وإتمام الحجة به على الخواص والثقاة من أصحابه، كل ذلك من أجل الحفاظ على حياته من طواغيت بني العباس.

وإن ما ورد منه في وفاة أخيه محمد يعدّ مؤشراً آخر يضاف إلى قول الإمامعليه‌السلام ويدل على صعوبة الظرف الذي كان يعيشه الإمامان وحالة الاستعداء التي كانت تفرضها السلطة عليهما، فعند وفاة محمد بن علي الهاديعليه‌السلام ـ كما يروي الكليني عن سعد بن عبد الله عن جماعة من بني هاشم منهم الحسن بن الحسين الأفطس ـ حيث قال: «إنهم حضروا يوم توفي محمد بن علي بن محمد دار أبي الحسنعليه‌السلام وقد بسط في صحن داره والناس جلوس حوله فقالوا: قدّرنا أن يكون حوله من آل أبي طالب ومن بني العباس وقريش مئة وخمسون رجلاً سوى مواليه وسائر الناس إذ نظرنا إلى الحسن بن عليعليه‌السلام قد جاء مشقوق الجيب حتى قام عن يمينه ونحن لا نعرفه فنظر إليه أبو الحسنعليه‌السلام بعد ساعة من قيامه ثم قال له:«يابني أحدث لله شكراً فقد أحدث فيك أمراً» .

فبكى الحسنعليه‌السلام واسترجع وقال:«الحمد لله رب العالمين، وإيّاه أسأل تمام نعمه لنا فيك وإنا لله وإنا إليه راجعون» .

فسألنا عنه فقيل لنا: هذا الحسن إبنه وقدّرنا له في ذلك الوقت عشرين

٣٥

سنة أو أرجح فيومئذ عرفناه وعلمنا أنه قد أشار إليه بالإمامة وأقامه مقامه»(١) .

ونلاحظ أن سؤال جماعة عن الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام وفي هذه المناسبة الأليمة التي حضرها أعيان الناس دليل قوي على مدى تكتّم الإمام الهادي على ولده العسكريعليهما‌السلام ، خصوصاً وهو قد بلغ العشرين من مراحل حياة الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام عمره الشريف.

الفصل الثاني: مراحل حياة الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام

تنقسم حياة الإمام العسكريعليه‌السلام إلى مرحلتين متميزتين:

المرحلة الأولى: هي الأيام التي قضاها الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام في ظلال إمامة أبيه الإمام الهاديعليه‌السلام والتي تقرب من(٢٢ سنة) حيث تنتهي باستشهاد أبيه سنة(٢٥٤هـ ).

ولا نملك صورة تفصيلية عن هذين العقدين من الزمن فيما يخص حياة الإمام الحسن العسكري سوى بضعة حوادث تتلخص في صور من خشيته لله منذ صباه وعلاقته الحميمة بأخويه محمد والحسين ثم رزؤه بأخيه محمد، ثم زواجه ونصّ الإمام الهادي على إمامته، ثم تجهيزه لأبيه حين وفاته صلوات الله عليه.

ولا بد لنا أن نلمّ بأحداث عصر الإمام الهاديعليه‌السلام ومواقفه منها كي نستطيع أن نخرج بصورة واضحة عن الظروف التي أحاطت بالإمام العسكريعليه‌السلام في المرحلة الثانية من حياته كي يتسنى لنا تقويمها ودراسة نشاطاتهعليه‌السلام في عصر إمامته الذي لا نجد عصراً أقصر منه ولا أشد حراجة بالنسبة للإمام نفسه ولشيعته ولأهدافه.

ــــــــــــ

(١) الكافي: كتاب الحجة، باب الإشارة والنص على أبي محمد عليه‌السلام ، الحديث رقم ٨.

٣٦

المرحلة الثانية: هي أيام إمامته حتى استشهاده والتي تبدأ من سنة(٢٥٤هـ) وحتى سنة استشهاده(٢٦٠هـ) وهي مرحلة حافلة بأحداث مهمة على الرغم من قصرها.

وقد عاصر فيها كُلاًّ من المعتزّ(٢٥٥ هـ ) والمهتدي(٢٥٦ هـ ) والمعتمد(٢٧٩ هـ )

وتبرز مدى أهميتها حينما نتصوّر أهمية مرحلة الغيبة التي كان لا بد للإمام الحسن العسكريعليه‌السلام أن يقوم بالتمهيدات اللازمة فيها لنقل شيعة أهل البيتعليهم‌السلام من مرحلة الحضور إلى مرحلة الغيبة التي يُراد من خلالها حفظ الإمام المعصوم وحفظ شيعته وحفظ خطّهم الرسالي من الضياع والانهيار والاضمحلال، حتّى تتهيّأ الظروف الملائمة لثورة أهل البيت الربّانية على كل صروح الظلم والطغيان وتحقيق جميع أغراض الرسالة الإلهية الخالدة على وجه الأرض من خلال دولة العدالة العالمية لأهل البيتعليهم‌السلام .

الفصل الثالث: الإمام الحسن العسكري في ظلّ أبيهعليهما‌السلام

كان شخوص الإمام الهادي مع ابنه الحسن العسكريعليه‌السلام من المدينة سنة(٢٣٤هـ)(١) ، ورافقه خلال مدة تواجده في سامرّاء البالغة عشرين سنة فيكون قد عاش الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام في ظل أبيه اثنين وعشرين سنة حيث استشهد أبوه الإمام الهاديعليه‌السلام سنة(٢٥٤هـ).

وقد عاش الظروف المأساوية القاسية التي كان يعيشها الإمام الهاديعليه‌السلام وشيعته والتي كانت تفرضها السلطة الغاشمة على الإمامعليه‌السلام وأتباعه من أجل إيقاف نشاط الإمام ونشاط أتباعه أو تحديده وتطويقه لئلاّ يتسع نشاط مدرسة أهل البيتعليهم‌السلام وتنتشر آثارهم بين جميع أبناء الأمة الإسلامية ذلك النشاط الذي قد يؤدي إلى المواجهة معها ; لذا فهي كانت تعمد إلى الاضطهاد والسجن والنفي والمتابعة وهي وسائل السلطات الجائرة على امتداد تاريخ الإنسان.

١ ـ طفولة متميّزة

روي أن شخصاً مرّ بالحسن بن علي العسكريعليهما‌السلام وهو واقف مع

ــــــــــــ

(١) تاريخ الطبري: ٧ / ٥١٩.

٣٧

أترابه من الصبيان، يبكي، فظنّ ذلك الشخص أن هذا الصبيّ يبكي متحسّراً على ما في أيدي أترابه، ولذا فهو لا يشاركهم في لعبهم، فقال له: أشتري لك ما تلعب به ؟، فردّ عليه الحسنعليه‌السلام :«لا، ما للّعب خُلِقنا» .

وبهر الرجل فقال له: لماذا خلقنا ؟ فأجابهعليه‌السلام :«للعلم والعبادة» .

فسأله الرجل: من أين لك هذا ؟، فأجابهعليه‌السلام : من قوله تعالى( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً ) .

وبهت الرجل ووقف حائراً، وانطلق يقول له: ما نزل بك، وأنت صغير لا ذنب لك ؟!!

فأجابهعليه‌السلام :«إليك عنّي، إني رأيت والدتي توقد النار بالحطب الكبار، فلا تتقد إلاّ بالصغار، وإني أخشى أن أكون من صغار حطب جهنّم» (١) .

وروي عن محمّد بن عبد الله أنه قال: وقع أبو محمدعليه‌السلام وهو صغير في بئر الماء وأبو الحسنعليه‌السلام في الصلاة، والنسوان يصرخن، فلمّا سلّم قال:لا بأس . فرأوه وقد ارتفع الماء إلى رأس البئر وأبو محمد على رأس الماء يلعب بالماء (٢) .

٢ ـ عصر الإمام الهاديعليه‌السلام

عاصر الإمام الهاديعليه‌السلام مدة إمامته ستّة من خلفاء بني العباس، المعتصم منذ سنة(٢٢٠ ـ ٢٣٢ هـ ) والمتوكل(٢٣٢ ـ ٢٤٧ هـ) حيث قتل على يد الأتراك، ثم جاءت أيام المنتصر ـ وكانت مدّة خلافته ستة أشهر ويومين، ثم المستعين(٢٤٨ ـ ٢٥٢هـ) كما عاصر الشطر الأكبر من خلافة

ــــــــــــ

(١) حياة الإمام الحسن العسكري: ٢٢ ـ ٢٣ عن جوهرة الكلام في مدح السادة الأعلام: ١٥٥.

(٢) الخرائج والجرائح: ١/٤٥١ ح ٣٦ وعنه في بحار الأنوار: ٥٠ / ٢٧٤.

٣٨

المعتز(٢٥٢ ـ ٢٥٥هـ) حيث كان استشهاد الإمام الهاديعليه‌السلام سنة(٢٥٤هـ)(١) ، وفي هذا العام تولى مهام الإمامة ابنه الحسن بن علي العسكريعليهما‌السلام .

وكانت الظروف التي تمر بها الدولة العباسية بعد تولي المتوكل ظروفاً صعبة جداً، إذ إنها كانت تعد مؤشراً على ضعفها، وتشكل بدايةً لانحلالها، فالحروب الداخلية والخارجية من جهة، والقتال بين أبناء الخلفاء على كرسي الحكم من جهة أخرى كالذي حصل بين المستعين والمعتز والذي أدّى إلى تولي المعتز وخلع الأول عام(٢٥٢هـ)(٢) . كل واحد من هذه الصراعات كان له تأثيره المباشر في إيجاد الضعف والانحلال.

وتمثّلت الأحداث الداخلية أيضاً بنشاط الخوارج والذي كان نشاطاً قوياً فعالاً مدعماً بالمال والسلاح بقيادة مادر الشاري، وهناك أيضاً الثورات والانتفاضات العلوية إلى جانب نزاعات الطامعين في السلطة.

كما ان الدولة كانت تعاني من سوء الحالة الاقتصادية نتيجة للبذخ والإسراف الذي كانت تعيشه رجالات البلاط والوزراء وحاشيتهم، وفي أيام المتوكل قام المتوكّل بهدم قبر الإمام الحسينعليه‌السلام (٣) ، ومَنَعَ القاصدين لزيارته عن زيارته; لأن المتوكل كان يتجاهر بعدائه لآل أبي طالب ومطاردتهم، ولم يرد تجاه تلك الأحداث أي تعليق من قبل الإمام الهاديعليه‌السلام ، ويمكن أن يقال: «إنه لم يرد إلينا عن موقف الإمامعليه‌السلام مع الخلفاء شيء سوى ما جاء عن موقفه من المتوكل وهو أقل القليل».(٤)

ــــــــــــ

(١) تاريخ الطبري: ٧ أحداث سنة ٢٣٤ وسنة ٢٥٤ هـ.

(٢) تاريخ اليعقوبي: ٢ / ٤٧٦.

(٣) تاريخ ابن الوردي: ١ / ٢١٦.

(٤) تاريخ الغيبة الصغرى: ١١٧.

٣٩

وكانت للإمام الهاديعليه‌السلام منزلة سامية ومكانة رفيعة القدر لدى أهل المدينة لإحسانه إليهم وعلاقته القوية معهم، فلمّا أشخصه المتوكل وأرسل يحيى ابن هرثمة لجلب الإمام من المدينة إلى سامراء عام(٢٣٤هـ) اضطرب الناس وضجّوا كما يروي يحيى بن هرثمة نفسه حيث قال: «فذهبت إلى المدينة فلمّا دخلتها ضجَّ أهلها ضجيجاً عظيماً، ما سمع الناس بمثله خوفاً على علي ـ أي الإمام الهاديعليه‌السلام ـ وقامت الدنيا على ساق، لأنه كان محسناً إليهم ملازماً للمسجد، لم يكن عنده ميل إلى الدنيا، فجعلت أسكّنهم، وأحلف لهم أني لم أؤمر فيه بمكروه، وأنه لا بأس عليه، ثم فتّشتُ منزله فلم أجد إلاّ مصاحف وأدعية، وكتب علم، فعظم في عيني»(١) .

وتعكس هذه الرواية لنا حجم ما كان يؤديه الإمام الهاديعليه‌السلام من دور في المدينة والذي نتج عنه حصول روابط ووشائج قوية تصل الأمة به كما كانت توصله بالأمة، وربما كان المتوكل قد وقف على هذا التأثير البالغ للإمامعليه‌السلام فكان سبباً لإبعاده عن المدينة المنوّرة إلى سامراء التي أسسها العباسيون أنفسهم والتي عُرفت بميول أهلها والذين كان أغلبهم من الأتراك إلى العباسيين أوّلاً، بالإضافة إلى ما عرفوا به من تطرّف في التوجه إلى السيطرة والسلطة ثانياً.

٣ ـ مواقف الإمام الهاديعليه‌السلام تجاه الأحداث

يتضح لنا من خلال الإجراءات التي قام بها المتوكل العباسي تجاه الإمام الهاديعليه‌السلام أنّ حركة الإمام وقيامه بمهامّه إزاء الأمة وخاصّته ـ وهي القواعد

ــــــــــــ

(١) تذكرة الخواص: ٣٦٠ عن علماء السير.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

قولي الشافعي(١) - لأنّهم يستفيدون به الأمن من العدوّ الذي بين أيديهم.

والثاني : ليس لهم التحلّل ؛ لأنّهم لا يستفيدون به أمناً ، فأشبه المريض ليس له التحلّل(٢) .

والأصل ممنوع.

ولا بدل لهدي التحلّل على ما تقدّم(٣) ، خلافاً للشافعي في أحد قوليه(٤) ، وعلى القولين لا بدّ من نيّة التحلّل(٥) .

وهل يجب الحلق؟ للشافعي قولان : إن قلنا : إنّه نسك ، فنعم ، وإلّا فلا ، فخرج من هذا أنّا إذا اعتبرنا الذبح والحلق مع النيّة ، فالتحلّل يحصل بثلاثتها ، وإن أخرجنا الذبح عن الاعتبار ، فالتحلّل يحصل بالحلق مع النيّة أو بمجرّد النيّة؟ فيه وجهان(٦) .

مسألة ٧١١ : إحرام العبد منعقد ، سواء كان بإذن السيّد أو بدونه.

ثمّ إن أحرم بإذنه ، لم يكن له تحليله ، سواء بقي نسكه صحيحاً أو أفسده. ولو باعه والحال هذه ، لم يكن للمشتري تحليله ، لكن له الخيار مع جهله بإحرامه.

وإن أحرم بغير إذنه ، يستحب له الإذن في الإتمام ، وله تحليله ، لأنّ‌

____________________

(١ و ٢ ) فتح العزيز ٨ : ٧ - ٨ ، المجموع ٨ : ٢٩٦ ، الحاوي الكبير ٤ : ٣٥٨.

(٣) تقدّم في المسألة ٧٠١.

(٤) فتح العزيز ٨ : ٨٠ ، الحاوي الكبير ٤ : ٣٥٤ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٤١ ، المجموع ٨ : ٣٠٣ ، روضة الطالبين ٢ : ٤٥٦ ، حلية العلماء ٣ : ٣٥٧.

(٥ و ٦ ) فتح العزيز ٨ : ١٦ ، المجموع ٨ : ٣٠٤.

٤٠١

تقريره على الحجّ إبطال لمنافعه عليه ، وبه قال الشافعي(١) .

وقال أبو حنيفة : له تحليله ، سواء أحرم بإذنه أو بغير إذنه(٢) .

ولو أذن له في الإحرام ، فله الرجوع قبل أن يُحْرم ، فإن رجع ولم يعلم به العبد فأحرم ، فله تحليله.

وللشافعي وجهان(٣) .

ولو أذن له في العمرة فأحرم بالحجّ ، فله تحليله ، ولو كان بالعكس ، لم يكن له تحليله ؛ لأنّ العمرة دون الحجّ ، قاله الشافعي(٤) . وفيه نظر.

ولو أذن له في التمتّع ، فله منعه من الحجّ بعد ما تحلّل عن العمرة ، قاله الشافعي(٥) . وفيه إشكال. وليس له تحليله من العمرة ولا من الحجّ بعد تلبّسه به.

ولو أذن له في الحجّ أو في التمتّع ، فقرن ، قال الشافعي : ليس له تحليله(٦) .

ولو أذن له أن يُحْرم في ذي القعدة فأحرم في شوّال ، فله تحليله قبل ذي القعدة لا بعده.

البحث الثاني : في المحصور‌

مسألة ٧١٢ : إذا تلبّس الحاجّ بالإحرام ثم مرض بحيث لا يتمكّن معه‌

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٤٢ ، المجموع ٧ : ٤٣ - ٤٤ ، فتح العزيز ٨ : ٢٢ - ٢٣ ، حلية العلماء ٣ : ٣٥٨ ، الحاوي الكبير ٤ : ٣٦٢.

(٢) المبسوط - للسرخسي - ٤ : ١٦٥ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٨١ ، فتح العزيز ٨ : ٢٣.

(٣) فتح العزيز ٨ : ٢٣ ، المجموع ٧ : ٤٤.

(٤) فتح العزيز ٨ : ٢٣ - ٢٤ ، المجموع ٧ : ٤٥.

(٥ و ٦ ) فتح العزيز ٨ : ٢٤ ، المجموع ٧ : ٤٦.

٤٠٢

من المضي إلى مكّة أو إلى الموقفين ، بعث بهديه مع أصحابه ليذبحوه عنه في موضع الذبح ، فإن كان قد ساق هدياً ، بعث ما ساقه ، وإن لم يكن ساق ، بعث هدياً أو ثمنه.

ولا يحلّ حتى يبلغ الهدي محلّه ، وهو منى إن كان حاجّاً ، ومكّة إن كان معتمراً. فإذا بلغ الهدي محلّه ، أحلّ من كلّ شي‌ء إلّا من النساء إلى أن يطوف في القابل أو يأمر مَنْ يطوف عنه ، فتحلّ له النساء حينئذٍ - هذا مذهب علمائنا ، وبه قال ابن مسعود وعطاء والثوري والنخعي وأصحاب الرأي وأحمد في إحدى الروايتين ، إلّا أنّ أصحاب الرأي لم يعتبروا طواف النساء ، بل قالوا : يحلّ بالبلوغ إلى المحلّ(١) - لقوله تعالى :( فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ) (٢) .

وما رواه العامّة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : ( مَنْ كُسِر أو عرج فقد حلّ وعليه حجّة اُخرى )(٣) .

وفي رواية ( وعليه الحجّ من قابل )(٤) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام في رجل اُحصر [ فبعث بالهدي ](٥) قال : « يواعد أصحابه ميعاداً ، فإن كان في حجّ فمحلّ الهدي [ يوم ](٦)

____________________

(١) المغني ٣ : ٣٨٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٣٨ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ١٠٧ ، فتح العزيز ٨ : ٨ - ٩ ، المجموع ٨ : ٣٥٥ ، تفسير القرطبي ٢ : ٣٧٥ ، وانظر أيضاً : الخلاف - للطوسي - ٢ : ٤٢٨ ، المسألة ٣٢٢.

(٢) البقرة : ١٩٦.

(٣) سنن النسائي ٥ : ١٩٩ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٢٨ / ٣٠٧٧ ، سنن الترمذي ٣ : ٢٧٧ / ٩٤٠.

(٤) سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٢٨ / ٣٠٧٨ ، سنن النسائي ٥ : ١٩٩ ، سنن أبي داود ٢ : ١٧٣ / ١٨٦٢ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٢٠.

(٥ و ٦ ) أضفناها من المصدر.

٤٠٣

النحر »(١) الحديث.

وقال الشافعي : لا يجوز له التحلّل أبداً إلى أن يأتي به ، فإن فاته الحجّ ، تحلّل بعمرة - وبه قال ابن عمر وابن عباس ومالك وأحمد في الرواية الاُخرى - لأنّه لا يستفيد بالإحلال الانتقال من حاله ولا التخلّص من الأذى الذي به ، بخلاف حصر العدوّ(٢) .

ونمنع عدم الانتقال ، وعدم المخلص من الأذى لا يمنع من التحلّل.

مسألة ٧١٣ : إذا بعث الهدي ، انتظر وصوله إلى المحلّ ، فإذا كان يوم المواعدة ، قصّر من شعر رأسه ، وأحلّ من كلّ شي‌ء أحرم منه إلّا النساء ، فإنّهنّ لا يحللن له حتى يحجّ من قابل ، ويطوف طواف النساء إن كان الحجّ واجباً ، أو يطاف عنه في القابل إن كان تطوّعاً ، قاله علماؤنا ، ولم يعتبر الجمهور ذلك ، بل حكم بعضهم بجواز الإحلال مطلقاً ، وآخرون بالمنع مطلقاً(٣) ، وقد قال الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - : « المحصور لا تحلّ له النساء »(٤) .

ولو وجد من نفسه خفّةً بعد بعث هديه وأمكنه اللحوق بأصحابه ، لحق ؛ لأنّه مُحْرم بأحد النسكين ، فيجب عليه إتمامه ؛ للآية(٥) ، فإن أدرك أحد الموقفين ، أدرك الحجّ ، وإن فأتاه معاً ، فاته الحجّ ، وكان عليه الحجّ من قابل ؛ للرواية الصحيحة عن الباقرعليه‌السلام ، قال : « إذا اُحصر الرجل بعث‌

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٤٢١ - ٤٢٢ / ١٤٦٥.

(٢) فتح العزيز ٨ : ٨ ، المجموع ٨ : ٣١٠ ، المنتقى - للباجي - ٢ : ٢٧٦ ، المغني ٣ : ٣٨٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٣٨.

(٣) اُنظر : ما تقدّم في المسألة السابقة (٧١٢).

(٤) الكافي ٤ : ٣٦٩ / ٣ ، الفقيه ٢ : ٣٠٤ - ٣٠٥ / ١٥١٢ ، التهذيب ٥ : ٤٢٣ / ١٤٦٧.

(٥) البقرة : ١٩٦.

٤٠٤

هديه ، فإن أفاق ووجد من نفسه خفّةً فليمض إن ظنّ أن يدرك هديه قبل أن ينحر ، فإن قدم مكّة قبل أن ينحر هديه فليقم على إحرامه حتى يقضي المناسك وينحر هديه ولا شي‌ء عليه ، وإن قدم مكّة وقد نحر هديه ، فإنّ عليه الحجّ من قابل والعمرة » قلت : فإن مات قبل أن ينتهي إلى مكّة؟ قال : « إن كانت حجّة الإسلام يحجّ عنه ويعتمر فإنّما هو شي‌ء عليه »(١) .

مسألة ٧١٤ : لو تحلّل يوم الميعاد ثم ظهر أنّ أصحابه لم يذبحوا عنه ، لم يبطل تحلّله‌ ، ووجب عليه أن يبعث به في القابل ليذبح عنه في موضع الذبح ؛ لأنّ تحلّله وقع مشروعاً.

وقال الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - : « فإن ردّوا عليه الدراهم ولم يجدوا هدياً ينحرونه وقد أحلّ لم يكن عليه شي‌ء ولكن يبعث من قابل ويمسك أيضاً »(٢) .

قال الشيخرحمه‌الله : إذا بعث في العام المقبل ، وجب عليه أن يمسك ممّا يمسك عنه المـُحْرم إلى أن يذبح عنه(٣) ؛ لهذه الرواية.

ومنعه ابن إدريس(٤) ؛ للأصل ، ولأنّه ليس بمُحْرم فكيف يحرم عليه شي‌ء وهو غير مُحْرم ولا في الحرم!؟

وكذا مَنْ بعث هدياً تطوّعاً من اُفق من الآفاق ، قال الشيخرحمه‌الله : يواعد أصحابه يوماً بعينه ، ثم يجتنب ما يجتنبه المـُحْرم من الثياب والنساء والطيب وغير ذلك ، إلّا أنّه لا يلبّي ، فإن فَعَل ما يحرم على المـُحْرم ، كان عليه‌

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٤٢٢ - ٤٢٣ / ١٤٦٦.

(٢) التهذيب ٥ : ٤٢١ - ٤٢٢ / ١٤٦٥.

(٣) النهاية : ٢٨٢.

(٤) السرائر : ١٥١.

٤٠٥

الكفّارة ، كما تجب على المـُحْرم سواء ، فإذا كان اليوم الذي واعدهم ، أحلّ ، وإن بعث بالهدي من اُفق من الآفاق يواعدهم يوماً بعينه بإشعاره وتقليده ، فإذا كان ذلك اليوم ، اجتنب ما يجتنبه المـُحْرم إلى أن يبلغ الهدي محلّه ، ثم إنّه أحلّ من كلّ شي‌ء أحرم منه(١) .

لقول الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - في الرجل يرسل بالهدي تطوّعاً ، قال : « يواعد أصحابه يوماً يقلّدون فيه ، فإذا كان تلك الساعة من ذلك اليوم اجتنب ما يجتنبه المحرم ، فإذا كان يوم النحر أجزأ عنه ، فإنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حيث صدّه المشركون يوم الحديبيّة نحر بدنته ورجع إلى المدينة »(٢) وغيرها من الروايات.

ومنع ابن إدريس(٣) من ذلك.

مسألة ٧١٥ : الحاجّ والمعتمر في ذلك سواء ، إذا أحصر المعتمر ، فَعَل ما ذكرناه ، وكانت عليه العمرة في الشهر الداخل واجبةً إن كانت العمرة واجبةً ، وإلّا نفلاً.

ولو احتاج المحصر إلى حلق رأسه لأذى ، ساغ له ذلك ويفدي ؛ لقول الباقرعليه‌السلام : « إذا اُحصر الرجل فبعث بهديه وأذاه رأسه قبل أن ينحر فحلق رأسه فإنّه يذبح في المكان الذي أحصر فيه أو يصوم أو يطعم ستّة مساكين »(٤) .

ولو كان المحصر قد أحرم بالحجّ قارناً ، قال الشيخ : لم يجز له أن‌

____________________

(١) النهاية : ٢٨٣.

(٢) التهذيب ٥ : ٤٢٤ / ١٤٧٣.

(٣) السرائر : ١٥٢.

(٤) التهذيب ٥ : ٤٢٣ / ١٤٦٩.

٤٠٦

يحجّ في القابل إلّا قارناً ، وليس له التمتّع بل يدخل في مثل ما خرج منه(١) ؛ لقول الباقر والصادقعليهما‌السلام : « القارن يحصر وقد قال واشترط فحلّني حيث حبستني يبعث بهديه » قلنا : هل يستمتع(٢) من قابل؟ قال : « لا ، ولكن يدخل بمثل ما خرج منه »(٣) .

والوجه : أنّه إن كان القران واجباً ، وجب عليه القران ، وإلّا فلا.

مسألة ٧١٦ : قال ابن بابويه وأبوه : إذا قرن الرجل الحجَّ والعمرةَ واُحصر ، بعث هدياً مع هديه‌ ، ولا يحلّ حتى يبلغ الهدي محلّه(٤) . فأوجبا هدياً مع هدي السياق. وقوّاه ابن إدريس(٥) ؛ لقوله تعالى :( فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ) (٦) فأوجب هدياً للإحصار.

وأصحابنا قالوا : يبعث بهديه الذي ساقه(٧) ، ولم يوجبوا بعث هدي آخر.

وقال ابن إدريس : معنى قولهما : إذا قرن الحجّ والعمرة أن يقرن مع كلّ واحد منهما على الانفراد هدياً يشعره أو يقلّده ، فيخرج من ملكه بذلك وإن لم يكن ذلك واجباً عليه بنذر ، ولم يقصد أن يحرم بهما جميعاً ويقرن بينهما في الإحرام ؛ لأنّ ذلك مذهب مَنْ خالفنا في حدّ القران(٨) .

مسألة ٧١٧ : إذا اشترط في إحرامه ، فله التحلّل من دون إنفاذ هدي‌ إلّا

____________________

(١) المبسوط - للطوسي - ١ : ٢٣٥.

(٢) كذا ، وفي المصدر : يتمتّع.

(٣) التهذيب ٥ : ٤٢٣ / ١٤٦٨.

(٤) الفقيه ٢ : ٣٠٥ ذيل الحديث ١٥١٢ ، وحكاه عن علي بن بابويه ابن إدريس في السرائر : ١٥١.

(٥) السرائر : ١٥١.

(٦) البقرة : ١٩٦.

(٧) كما في السرائر : ١٥١.

(٨) السرائر : ١٥١.

٤٠٧

أن يكون ساقه وأشعره أو قلّده ، فإن كان فلينفذه ، وإن لم يكن ساق بل اشترط ، فله التحلّل إذا بلغ الهدي محلّه ، وهو يوم النحر ، فإذا كان يوم النحر فليتحلّل من جميع ما أحرم منه إلّا النساء.

وروى المفيد عن الصادقعليه‌السلام : « المحصور بالمرض إن كان ساق هدياً أقام على إحرامه حتى يبلغ الهدي محلّه ثم يحلّ ، ولا يقرب النساء حتى يقضي المناسك من قابل ، هذا إذا كان في حجّة السلام ، فأمّا حجّة التطوّع فإنّه ينحر هديه وقد حلّ ممّا كان أحرم منه ، فإن شاء حجَّ من قابل ، وإن لم يشأ لم يجب عليه الحجّ »(١) .

قال ابن إدريس : المحصور يفتقر إلى نيّة التحلّل كما دخل في الإحرام بنيّة(٢) . وهو حسن.

البحث الثالث : في حكم الفوات.

مسألة ٧١٨ : مَنْ لم يقف بالموقفين في وقتهما فاته الحجّ إجماعاً ، فيتحلّل بطواف وسعي وحلاق ، ويسقط عنه بقية أفعال الحجّ من الرمي والمبيت ، عند علمائنا - وبه قال عمر وابنه وزيد بن ثابت وابن عباس وابن الزبير ومالك والثوري والشافعي وأحمد في إحدى الروايتين وأصحاب الرأي(٣) - لأنّ باقي أفعال الحجّ تترتّب على الوقوف وقد فاته(٤) ، فتفوت‌

____________________

(١) المقنعة : ٧٠.

(٢) السرائر : ١٥٢.

(٣) المغني ٣ : ٥٦٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٢٣ ، فتح العزيز ٨ : ٤٨ - ٤٩ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٤٠ ، المجموع ٨ : ٢٨٦ و ٢٩٠ ، روضة الطالبين ٢ : ٤٥٢ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢٣٦.

(٤) في « ق ، ك » : فات.

٤٠٨

هي بفواته.

وما رواه العامّة عن عمر ، أنّه قال لأبي أيّوب حين فاته الحجّ : اصنع ما يصنع المعتمر ثم قد حللت ، فإن أدركت الحجّ قابلاً فحجّ وأهد ما استيسر من الهدي(١) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام في رجل جاء حاجّاً ففاته الحجّ ولم يكن طاف ، قال : « يقيم مع الناس حراماً أيّام التشريق ولا عمرة فيها ، فإذا انقضت طاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة وأحلّ ، وعليه الحجّ من قابل يحرم من حيث أحرم »(٢) .

وقال أحمد في الرواية الاُخرى : يمضي في حجّ فاسد. وبه قال المزني ، قال : يلزمه جميع أفعال الحجّ إلّا الوقوف(٣) .

وقال مالك في رواية اُخرى عنه : لا يحلّ ، بل يقيم على إحرامه حتى إذا كان من قابل أتى بالحجّ ، فوقف وأكمل الحجّ(٤) .

وفي رواية ثالثة عنه : أنّه يحلّ بعمرة مفردة ، ولا يجب عليه القضاء(٥) .

وقول المزني باطل ؛ لأنّ الإتيان بالأفعال الباقية لا يخرجه عن‌

____________________

(١) ترتيب مسند الشافعي ١ : ٣٨٤ / ٩٩٠ ، سنن البيهقي ٥ : ١٧٤.

(٢) التهذيب ٥ : ٢٩٥ / ٩٩٩.

(٣) المغني ٣ : ٥٦٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٢٥ ، مختصر المزني : ٦٩ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢٣٦ ، الخلاف - للشيخ الطوسي - ٢ : ٣٧٥ ذيل المسألة ٢١٩.

(٤) حلية العلماء ٣ : ٣٥٥ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢٣٦ ، الخلاف - للشيخ الطوسي - ٢ : ٣٧٥ ، ذيل المسألة ٢١٩.

(٥) حكاه عنه الشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ٣٧٥ ذيل المسألة ٢١٩ ، وانظر : المغني ٣ : ٥٦٨ ، والشرح الكبير ٣ : ٥٢٥ ، والحاوي الكبير ٤ : ٢٣٨.

٤٠٩

العهدة ، فلا فائدة فيها. وقياسه على المفسد باطل ؛ لأنّ الجناية وقعت هناك من المفسد ، فكان التفريط من قِبَله ، بخلاف الفوات.

وقول مالك يشتمل على ضرر عظيم ، فيكون منفيّاً.

مسألة ٧١٩ : إذا فاته الحجّ جعل حجّه عمرةً مفردة‌ ، فيطوف ويسعى ويحلق ، عند علمائنا أجمع - وبه قال ابن عباس وابن الزبير وعطاء وأحمد وأصحاب الرأي(١) - لما رواه العامّة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : ( مَنْ فاته الحجّ فعليه دم ، وليجعلها عمرة ، وليحجّ من قابل )(٢) .

ومن طريق الخاصّة : قول الرضاعليه‌السلام في الذي إذا ( أدركه الإنسان فقد أدرك الحجّ )(٣) فقال: « إذا أتى جَمْعاً والناس بالمشعر الحرام قبل طلوع الشمس فقد أدرك الحجّ ولا عمرة له ، وإن أدرك جَمْعاً بعد طلوع الشمس فهي عمرة مفردة ولا حجّ له ، وإن شاء أن يقيم بمكّة أقام ، وإن شاء أن يرجع إلى أهله رجع ، وعليه الحجّ من قابل »(٤) .

وقال الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - : « أيّما حاجّ سائق للهدي أو مفرد للحجّ أو متمتّع بالعمرة إلى الحجّ قدم وقد فاته الحجّ فليجعلها عمرة وعليه الحجّ من قابل »(٥) .

وقال مالك والشافعي : لا يصير إحرامه بعمرة ، بل يتحلّل بطواف‌

____________________

(١) المغني ٣ : ٥٦٦ - ٥٦٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٢٣ - ٥٢٤ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ١٧٤ ، فتح العزيز ٨ : ٥٢ ، المجموع ٨ : ٢٩٠.

(٢) أورده ابنا قدامة في المغني ٣ : ٥٦٧ ، والشرح الكبير ٣ : ٥٢٤.

(٣) بدل ما بين القوسين في الطبعة الحجرية و « ق ، ك » : أدرك الناس ، وما أثبتناه هو الموافق للمصدر.

(٤) التهذيب ٥ : ٢٩٤ / ٩٩٧ ، الاستبصار ٢ : ٣٠٦ - ٣٠٧ / ١٠٩٤.

(٥) التهذيب ٥ : ٢٩٤ / ٩٩٨ ، الاستبصار ٢ : ٣٠٧ / ١٠٩٥.

٤١٠

وسعي وحلاق ؛ لأنّه أحرم بأحد النسكين لا ينقلب إلى الآخر ، كما لو أحرم بالعمرة(١) .

والفرق : فوات الحجّ ، وإمكان الإتيان بالعمرة من غير فوات فيها ، فلا حاجة إلى انقلاب إحرامها.

ولا بدّ من نيّة الاعتمار ، خلافاً لبعض العامّة ، وأوجبوا الإتيان بأفعالها(٢) .

مسألة ٧٢٠ : إذا فاته الحجّ ، استحبّ له المقام بمنى إلى انقضاء أيّام التشريق ، وليس عليه شي‌ء من أفعال الحجّ ولا حلق ولا تقصير ، بل يقصّر إذا تحلّل بعمرة بعد طوافها وسعيها.

وهل يجب على مَنْ فاته الحجّ الهدي؟ الأقرب : المنع - وهو قول أصحاب الرأي(٣) - لأصالة براءة الذمّة ، ولأنّه لو كان الفوات سبباً لوجوب الهدي ، لوجب على المحصر هديان : واحد للفوات ، وآخر للإحصار.

ونقل الشيخ -رحمه‌الله - عن بعض علمائنا وجوبَ الهدي(٤) - وبه قال الشافعي وأكثر الفقهاء(٥) . وعن أحمد روايتان(٦) - لقول الصادقعليه‌السلام في‌

____________________

(١) المغني ٣ : ٥٦٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٢٤ ، فتح العزيز ٨ : ٥٢ ، المجموع ٨ : ٢٨٧ و ٢٩٠ ، روضة الطالبين ٢ : ٤٥٢ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢٣٦.

(٢) المغني ٣ : ٥٦٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٢٤.

(٣) الكتاب بشرح اللباب ١ : ٢٢١ ، المغني ٣ : ٥٦٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٢٦ ، حلية العلماء ٣ : ٣٥٤ ، فتح العزيز ٨ : ٥٤ ، المجموع ٨ : ٢٩٠ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢٣٩.

(٤) الخلاف ٢ : ٣٧٤ ، المسألة ٢١٩.

(٥) الوجيز ١ : ١٣١ ، فتح العزيز ٨ : ٥٤ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢٣٩ ، المجموع ٨ : ٢٨٧ و ٢٩٠ ، روضة الطالبين ٢ : ٤٥٢ ، حلية العلماء ٣ : ٣٥٤ ، المغني ٣ : ٥٦٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٢٦.

(٦) المغني ٣ : ٥٦٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٢٦.

٤١١

نفر فاتهم الحجُّ : « عليهم أن يهريق كلّ واحد(١) منهم دم شاة »(٢) .

ولأنّه حلّ من إحرامه قبل إتمامه ، فلزمه الهدي ، كالمحصر.

والخبر محمول على الاستحباب. ونمنع الحلّ قبل إتمامه ، وإنّما نقله إلى العمرة ، والنقل جائز.

ولو كان قد ساق هدياً ، نحره بمكّة ؛ لأنّه تعيّن للإهداء ، فلا يسقط بالفوات ، فإن قلنا بوجوب الهدي ، ذبحه في ذلك العام ، ولا يجوز له تأخيره إلى القابل - [ وهو أحد قولي الشافعي](٣) (٤) - كالمدرك لأفعال الحجّ ، ولأنّ الهدي واجب على الفور ؛ لأنّه جزء من الحجّ.

والثاني للشافعي : يجوز(٥) .

وعلى الأوّل لو أخّره ، عصى ، ووجب عليه ذبحه ، ولا يجزئه عن هدي القضاء ؛ لأنّ القضاء إحرام ، فيجب فيه الهدي ؛ للآية(٦) .

مسألة ٧٢١ : إذا كان الفائت واجباً ، كحجّة الإسلام والمنذورة وغيرهما ، وجب القضاء ، ولا تجزئه العمرة التي فَعَلها للتحلّل ، وإن لم يكن الحجّ واجباً ، لم يجب عليه القضاء - وبه قال عطاء وأحمد في‌

____________________

(١) في « ق ، ك » والفقيه : رجل ، بدل واحد.

(٢) الكافي ٤ : ٤٧٥ / ١ ، الفقيه ٢ : ٢٨٤ / ١٣٩٥ ، التهذيب ٥ : ٢٩٥ / ١٠٠٠ ، الاستبصار ٢ : ٣٠٧ / ١٠٩٧.

(٣) أضفناها لأجل السياق.

(٤ و ٥ ) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٤٠ ، المجموع ٨ : ٢٨٧ ، حلية العلماء ٣ : ٣٥٥ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢٣٩.

(٦) البقرة : ١٩٦.

٤١٢

إحدى الروايتين ، ومالك في أحد القولين(١) - لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لمـّا سُئل عن الحجّ أكثر من مرّة ، قال : ( بل مرّة واحدة )(٢) ولو أوجبنا القضاء ، كان أكثر من مرّة.

وعن الصادقعليه‌السلام في القوم الذين فاتهم الحجّ قال : « ليس عليهم من قابل »(٣) ولا يمكن ذلك في الواجب فيحمل على النفل.

ولأنّه معذور في ترك إتمام حجّه ، فلا يلزمه القضاء ، كالمحصر.

ولأنّها عبادة غير واجبة ، فلا يجب قضاؤها بالفوات ، كسائر العبادات.

وقال الشافعي : يجب القضاء وإن كان الحجّ تطوّعاً - وبه قال ابن عباس وابن الزبير وأصحاب الرأي ومالك في القول الثاني وأحمد في الرواية الثانية - لقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( مَنْ فاته عرفات فقد فاته الحجّ فليتحلّل(٤) بعمرة وعليه الحجّ من قابل )(٥) .

ولأنّه يجب بالشروع فيه(٦) .

وتُحمل الرواية على الحجّ الواجب ، وإنّما يجب بالشروع مع إمكانه.

وإن كان الفائتُ حجّة الإسلام ، وجب قضاؤها إجماعاً على الفور‌

____________________

(١) المغني ٣ : ٥٦٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٢٥ ، فتح العزيز ٨ : ٥٣ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢٣٨.

(٢) المستدرك - للحاكم - ٢ : ٢٩٣ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٩٦٣ / ٢٨٨٦ ، مصنّف ابن أبي شيبة ٤ : ٨٥ ، المغني ٣ : ٥٦٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٢٥.

(٣) الكافي ٤ : ٤٧٥ - ٤٧٦ / ١ ، الفقيه ٢ : ٢٨٤ / ١٣٩٥ ، التهذيب ٥ : ٢٩٥ - ١٠٠٠ ، الإستبصار ٢ : ٣٠٧ / ١٠٩٧.

(٤) في المصادر : فليحلّ.

(٥) سنن الدار قطني ٢ : ٢٤١ / ٢٢ ، المغني ٣ : ٥٦٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٢٥.

(٦) فتح العزيز ٨ : ٥٣ ، المجموع ٨ : ٢٨٧ ، روضة الطالبين ٢ : ٤٥٢ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢٣٨ ، المغني ٣ : ٥٦٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٢٥.

٤١٣

عندنا - وهو ظاهر مذهب الشافعي(١) - لأنّ القضاء كالأداء ، وقد بيّنّا وجوب الأداء على الفور وكذا قضاؤه.

ومن الشافعية مَنْ قال : إنّها على التراخي(٢) .

وإذا قضاه في العام المقبل ، أجزأه عن الحجّة الواجبة إجماعاً.

وإذا فاته الحجّ ، نقل إحرامه إلى العمرة ، ولا يحتاج إلى تجديد إحرام آخر للعمرة ، وهذه العمرة المأتي بها للتحلّل لا تُسقط وجوب العمرة التي للإسلام إن كانت الفائتةُ حجّةَ الإسلام ؛ لوجوب الإتيان بالحجّ والعمرة في سنة واحدة.

وهل يجب على فائت الحجّ التحلّل؟ الأقرب ذلك ، فلو أراد البقاء على إحرامه إلى القابل ليحجّ من قابل ، فالظاهر من الروايات المنع ؛ لأنّهمعليهم‌السلام : أوجبوا عليه الإتيان بطواف وسعي(٣) ، وحكموا بانقلاب الحجّ إلى العمرة(٤) ، وبه قال الشافعي وأصحاب الرأي وابن المنذر(٥) ؛ لقولهعليه‌السلام : ( مَنْ فاته الحجّ فعليه دم وليجعلها عمرة )(٦) .

وقال مالك : يجوز ؛ لأنّ تطاول المدّة بين الإحرام وفعل النسك لا يمنع عن إتمامه ، كالعمرة(٧) .

____________________

(١ و ٢ ) فتح العزيز ٧ : ٤٧٣ و ٨ : ٥٣ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٢٢ و ٢٤٠ ، المجموع ٧ : ٣٨٩ و ٨ : ٢٨٧ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢٢١.

(٣) التهذيب ٥ : ٢٩٥ / ٩٩٩.

(٤) الكافي ٤ : ٤٧٦ / ٢ ، التهذيب ٥ : ٢٩٤ / ٩٩٨ ، الاستبصار ٢ : ٣٠٧ / ١٠٩٥.

(٥) المغني ٣ : ٥٦٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٢٧.

(٦) أورده ابنا قدامة في المغني ٣ : ٥٦٧ ، والشرح الكبير ٣ : ٥٢٤.

(٧) المنتقى - للباجي - ٢ : ٢٧٨ ، التفريع ١ : ٣٥١ ، حلية العلماء ٣ : ٣٥٥ ، المغني ٣ : ٥٦٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٢٧.

٤١٤

ولا فرق بين المكّي وغيره في وجوب الهدي بالفوات.

وأمّا العمرة المفردة : فلا يفوت وقتها ؛ لأنّ وقتها جميع السنة ، أمّا المتمتّع بها فيفوت بفوات الحجّ ؛ لتعيّن وقتها.

* * *

٤١٥

الفصل الثاني

في بقايا مسائل تتعلّق بالنساء والعبيد والصبيان والنائب في الحجّ‌

مسألة ٧٢٢ : قد بيّنّا وجوب الحجّ على النساء كوجوبه على الرجال ، وليس للزوج منعها عن حجّة الإسلام ولا ما وجب عليها ، فإن أحرمت في الواجب ، مضت فيه وإن كره الزوج ، وليس له منعها من إتمامه.

وله منعها عن حجّ التطوّع إجماعاً ؛ لما فيه من منع الزوج عن حقّه.

ولو أذن لها في التطوّع ، جاز له الرجوع فيه ما لم تتلبّس بالإحرام إجماعاً ، فإن أحرمت بعد رجوعه ، كان له أن يحلّلها.

والأقرب أنّه لا دم عليها ، خلافاً لبعض العامة(١) .

ولو أحرمت قبل رجوعه ، لم يكن له تحليلها ؛ لوجوب الإتمام عليها.

ولو كان إحرامها بغير إذنه في التطوّع ، كان له تحليلها ، خلافاً لبعض العامّة(٢) .

ولو خرجت لحجّة الإسلام ولم تكمل شرائطها ، كان له منعها. ولو أحرمت من غير إذنه ، كان له تحليلها.

ولو نذرت الحجّ بغير إذن زوجها ، لم ينعقد ، ولو أذن ، وجب النذر.

____________________

(١) المغني ٣ : ٥٧٣ - ٥٧٤.

(٢) فتح العزيز ٨ : ٣٩ ، المجموع ٨ : ٣٣٢ - ٣٣٣ ، المغني ٣ : ٥٧٢ ، الشرح الكبير ٣ : ١٧٥.

٤١٦

وكذا لو نذرت قبل التزويج. والمطلّقة رجعيّاً في العدّة كالزوجة.

مسألة ٧٢٣ : جميع ما يجب على الرجل من أفعال الحجّ وتروكه فهو واجب على المرأة ، إلّا تحريم لُبْس المخيط ، والحائض تُحْرم كالرجل إلّا أنّها تحتشي وتستثفر وتتوضّأ وضوء الصلاة ولا تصلّي ؛ للحيض ؛ لأنّ الإحرام عبادة لا يشترط فيها الطهارة ، فجاز وقوعه من الحائض.

قال الصادقعليه‌السلام عن الحائض تريد الإحرام : « تغتسل وتستثفر وتحتشي بالكرسف وتلبس ثوباً دون ثيابها لإحرامها وتستقبل القبلة ولا تدخل المسجد ثم تهلّ بالحجّ بغير صلاة »(١) .

والمستحاضة تفعل ما يلزمها من الأغسال إن وجبت ثم تُحْرم عند الميقات ، وكذا النفساء.

ولو تركت الإحرام ظنّاً منها أنّه لا يجوز فعله للحائض أو المستحاضة أو النفساء ، أو نسياناً ، وجب عليها الرجوع إلى الميقات والإحرام منه إن تمكّنت ، وان لم تتمكّن أو ضاق الوقت عليها ، خرجت إلى خارج الحرم وأحرمت منه ، فإن لم تتمكّن ، أحرمت من موضعها ؛ لرواية معاوية بن عمّار - الصحيحة - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن المرأة كانت مع قوم فطمثت فأرسلت إليهم فسألتهم ، فقالوا : ما ندري هل عليك إحرام أم لا وأنت حائض ، فتركوها حتى دخلت [ الحرم ](٢) قال : « إن كان عليها مهلة فلترجع إلى الوقت فلتحرم منه ، وإن لم يكن عليها مهلة فلترجع ما قدرت عليه بعد ما تخرج من الحرم بقدر ما لا يفوتها الحجّ فتحرم »(٣) .

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٣٨٨ / ١٣٥٥.

(٢) ما بين المعقوفين من المصدر.

(٣) التهذيب ٥ : ٣٨٩ - ٣٩٠ / ١٣٦٢.

٤١٧

مسألة ٧٢٤ : نفقة الحجّ الواجب إن زادت عن نفقة الحضر ، كان الزائد على المرأة‌ لا على الزوج ؛ لأنّ أداء الحجّ واجب عليها ، وأمّا قدر نفقة الحضر فيجب على الزوج ، كالحضر ، سواء حجّت بإذن الزوج أو بغير إذنه ، لأنّها غير ناشز بالحجّ الواجب ، فلا تسقط نفقتها في الحضر. ولو كان الحجّ تطوّعا بإذنه فكذلك ، أمّا لو كان بغير إذنه ، فهي ناشز ، فلا نفقة لها ، لنشوزها.

ولو أفسدت الحجّ الواجب بأن مكّنت زوجها من وطئها مختارةً قبل الموقفين ، لزمها القضاء ، وكانت قدر نفقتها في الحضر واجبةً على الزوج في القضاء ، والزائد عليها في مالها. وكذا ما يلزمها من الكفّارة يجب عليها في مالها خاصّة.

مسألة ٧٢٥ : إذا حاضت المرأة بعد الإحرام قبل الطواف ، لم يكن لها أن تطوف إجماعاً‌ ؛ لأنّها ممنوعة من الدخول في المسجد ، بل تنتظر إلى وقت الوقوف ، فإن طهرت وتمكّنت من الطواف والسعي والتقصير وإنشاء إحرام الحجّ وإدراك عرفة ، صحّ لها التمتّع ، وإن لم تدرك ذلك وضاق الوقت ، بطلت متعتها ، وصارت حجّتها مفردة ، عند علمائنا - وبه قال أبو حنيفة(١) - لما رواه العامّة عن عائشة ، قالت : أهللنا بعمرة ، فقدمت مكّة وأنا حائض لم أطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة ، فشكوت ذلك إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : ( انقضي رأسك وامتشطي وأهلّي بالحجّ ودعي العمرة ) قالت : ففعلت ذلك ، فلمـّا قضينا الحجّ أرسلني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مع عبد الرحمن ابن أبي بكر إلى التنعيم ، فاعتمرت معه ، فقال : ( هذه عمرة مكان عمرتك )(٢) .

____________________

(١) المغني ٣ : ٥١٣ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٥٨.

(٢) صحيح مسلم ٢ : ٨٧٠ / ١١١ ، سنن النسائي ٥ : ١٦٦ ، المغني ٣ : ٥١٣ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٥٨.

٤١٨

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - عن المرأة الحائض إذا قدمت مكّة يوم التروية ، قال : « تمضي كما هي إلى عرفات فتجعلها حجّة ثم تقيم حتى تطهر فتخرج إلى التنعيم فتحرم فتجعلها عمرة »(١) .

وقال باقي العامّة : تحرم بالحجّ مع عمرتها ، وتصير قارنةً تجمع بين الحجّ والعمرة(٢) . وقد سلف بطلانه.

واعلم أنّ كلّ متمتّع خشي فوات الحجّ باشتغاله بالعمرة يرفض عمرته ويبطلها ، وتصير حجّةً مفردة.

ولا يجب عليها تجديد إحرام ، بل تخرج بإحرامها ذلك إلى عرفات ، ولا يجب عليها الدم.

ولو حاضت في أثناء طواف المتعة ، فإن كان الحيض بعد طواف أربعة أشواط ، قطعَتْه ، وسعَتْ وقصَّرتْ ثم أحرمتْ بالحجّ ، وقد تمّت متعتها ، فإذا فرغت من المناسك وطهرت ، تمّمت طوافها ، وصلّت ركعتيه.

وإن كانت قد طافت أقلّ من أربعة أشواط ، كان حكمها حكم مَنْ لم يطف ؛ لأنّها مع طواف أربعة أشواط تكون قد طافت أكثر الأشواط ، وحكم معظم الشي‌ء حكم الشي‌ء غالباً.

ولقول الصادقعليه‌السلام : « المتمتّعة إذا طافت بالبيت أربعة أشواط ثم حاضت فمتعتها تامّة ، وتقضي ما فاتها من الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة ، وتخرج إلى منى قبل أن تطوف الطواف الآخر »(٣) .

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٣٩٠ / ١٣٦٣.

(٢) المغني ٣ : ٥١٣ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٥٧ - ٢٥٨.

(٣) التهذيب ٥ : ٣٩٣ / ١٣٧٠ ، الاستبصار ٢ : ٣١٣ / ١١١١.

٤١٩

وإذا طافت أقلّ من أربعة ، تركت السعي ؛ لأنّه تبع الطواف.

ولقول الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - في الطامث ، قال : « تقضي المناسك كلّها غير أنّها لا تطوف بين الصفا والمروة »(١) .

ولو حاضت بعد الطواف قبل الركعتين ، تركتهما وسعت وقضتهما بعد الطهارة.

ولو حاضت في إحرام الحجّ ، فإن كان قبل طواف الزيارة ، وجب عليها المقام حتى تطهر ثم تطوف وتسعى ، وإن كان بعده قبل طواف النساء ، فكذلك.

وإن كانت قد طافت من طواف النساء أربعة أشواط ، جاز لها الخروج من مكّة ، فإنّ في تخلّفها عن الحاجّ ضررا عظيما ، وقد طافت معظمه ، فجاز لها الخروج قبل الإكمال.

ولو فرغت المتمتّعة من عمرتها وخافت الحيض ، جاز لها تقديم طواف الحجّ ، عند علمائنا أجمع - وبه قال الشافعي(٢) - لما روى العامّة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه سأله رجل ، فقال : أفضت قبل أن أرمي ، قال : ( ارم ولا حرج )(٣) .

ومن طريق الخاصّة : رواية يحيى الأزرق(٤) عن أبي الحسنعليه‌السلام ، قال : سألته عن امرأة تمتّعت بالعمرة إلى الحجّ ففرغت من طواف العمرة وخافت الطمث قبل يوم النحر ، يصلح لها أن تعجّل طوافها طواف الحجّ قبل أن تأتي منى؟ قال : « إذا خافت أن تضطرّ إلى ذلك‌

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٣٩٣ / ١٣٧٢ ، الاستبصار ٢ : ٣١٣ / ١١١٣.

(٢) لم نجده في مظانّه من المصادر المتوفّرة لدينا.

(٣) صحيح مسلم ٢ : ٩٤٩ - ٩٥٠ / ٣٣٣ ، سنن الدار قطني ٢ : ٢٥٢ / ٧٢.

(٤) في المصدر : صفوان بن يحيى الأزرق.

٤٢٠

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460