تذكرة الفقهاء الجزء ٨

تذكرة الفقهاء4%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-051-X
الصفحات: 460

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 460 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 164756 / تحميل: 4779
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ٨

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٠٥١-X
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

قولي الشافعي(١) - لأنّهم يستفيدون به الأمن من العدوّ الذي بين أيديهم.

والثاني : ليس لهم التحلّل ؛ لأنّهم لا يستفيدون به أمناً ، فأشبه المريض ليس له التحلّل(٢) .

والأصل ممنوع.

ولا بدل لهدي التحلّل على ما تقدّم(٣) ، خلافاً للشافعي في أحد قوليه(٤) ، وعلى القولين لا بدّ من نيّة التحلّل(٥) .

وهل يجب الحلق؟ للشافعي قولان : إن قلنا : إنّه نسك ، فنعم ، وإلّا فلا ، فخرج من هذا أنّا إذا اعتبرنا الذبح والحلق مع النيّة ، فالتحلّل يحصل بثلاثتها ، وإن أخرجنا الذبح عن الاعتبار ، فالتحلّل يحصل بالحلق مع النيّة أو بمجرّد النيّة؟ فيه وجهان(٦) .

مسألة ٧١١ : إحرام العبد منعقد ، سواء كان بإذن السيّد أو بدونه.

ثمّ إن أحرم بإذنه ، لم يكن له تحليله ، سواء بقي نسكه صحيحاً أو أفسده. ولو باعه والحال هذه ، لم يكن للمشتري تحليله ، لكن له الخيار مع جهله بإحرامه.

وإن أحرم بغير إذنه ، يستحب له الإذن في الإتمام ، وله تحليله ، لأنّ‌

____________________

(١ و ٢ ) فتح العزيز ٨ : ٧ - ٨ ، المجموع ٨ : ٢٩٦ ، الحاوي الكبير ٤ : ٣٥٨.

(٣) تقدّم في المسألة ٧٠١.

(٤) فتح العزيز ٨ : ٨٠ ، الحاوي الكبير ٤ : ٣٥٤ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٤١ ، المجموع ٨ : ٣٠٣ ، روضة الطالبين ٢ : ٤٥٦ ، حلية العلماء ٣ : ٣٥٧.

(٥ و ٦ ) فتح العزيز ٨ : ١٦ ، المجموع ٨ : ٣٠٤.

٤٠١

تقريره على الحجّ إبطال لمنافعه عليه ، وبه قال الشافعي(١) .

وقال أبو حنيفة : له تحليله ، سواء أحرم بإذنه أو بغير إذنه(٢) .

ولو أذن له في الإحرام ، فله الرجوع قبل أن يُحْرم ، فإن رجع ولم يعلم به العبد فأحرم ، فله تحليله.

وللشافعي وجهان(٣) .

ولو أذن له في العمرة فأحرم بالحجّ ، فله تحليله ، ولو كان بالعكس ، لم يكن له تحليله ؛ لأنّ العمرة دون الحجّ ، قاله الشافعي(٤) . وفيه نظر.

ولو أذن له في التمتّع ، فله منعه من الحجّ بعد ما تحلّل عن العمرة ، قاله الشافعي(٥) . وفيه إشكال. وليس له تحليله من العمرة ولا من الحجّ بعد تلبّسه به.

ولو أذن له في الحجّ أو في التمتّع ، فقرن ، قال الشافعي : ليس له تحليله(٦) .

ولو أذن له أن يُحْرم في ذي القعدة فأحرم في شوّال ، فله تحليله قبل ذي القعدة لا بعده.

البحث الثاني : في المحصور‌

مسألة ٧١٢ : إذا تلبّس الحاجّ بالإحرام ثم مرض بحيث لا يتمكّن معه‌

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٤٢ ، المجموع ٧ : ٤٣ - ٤٤ ، فتح العزيز ٨ : ٢٢ - ٢٣ ، حلية العلماء ٣ : ٣٥٨ ، الحاوي الكبير ٤ : ٣٦٢.

(٢) المبسوط - للسرخسي - ٤ : ١٦٥ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٨١ ، فتح العزيز ٨ : ٢٣.

(٣) فتح العزيز ٨ : ٢٣ ، المجموع ٧ : ٤٤.

(٤) فتح العزيز ٨ : ٢٣ - ٢٤ ، المجموع ٧ : ٤٥.

(٥ و ٦ ) فتح العزيز ٨ : ٢٤ ، المجموع ٧ : ٤٦.

٤٠٢

من المضي إلى مكّة أو إلى الموقفين ، بعث بهديه مع أصحابه ليذبحوه عنه في موضع الذبح ، فإن كان قد ساق هدياً ، بعث ما ساقه ، وإن لم يكن ساق ، بعث هدياً أو ثمنه.

ولا يحلّ حتى يبلغ الهدي محلّه ، وهو منى إن كان حاجّاً ، ومكّة إن كان معتمراً. فإذا بلغ الهدي محلّه ، أحلّ من كلّ شي‌ء إلّا من النساء إلى أن يطوف في القابل أو يأمر مَنْ يطوف عنه ، فتحلّ له النساء حينئذٍ - هذا مذهب علمائنا ، وبه قال ابن مسعود وعطاء والثوري والنخعي وأصحاب الرأي وأحمد في إحدى الروايتين ، إلّا أنّ أصحاب الرأي لم يعتبروا طواف النساء ، بل قالوا : يحلّ بالبلوغ إلى المحلّ(١) - لقوله تعالى :( فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ) (٢) .

وما رواه العامّة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : ( مَنْ كُسِر أو عرج فقد حلّ وعليه حجّة اُخرى )(٣) .

وفي رواية ( وعليه الحجّ من قابل )(٤) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام في رجل اُحصر [ فبعث بالهدي ](٥) قال : « يواعد أصحابه ميعاداً ، فإن كان في حجّ فمحلّ الهدي [ يوم ](٦)

____________________

(١) المغني ٣ : ٣٨٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٣٨ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ١٠٧ ، فتح العزيز ٨ : ٨ - ٩ ، المجموع ٨ : ٣٥٥ ، تفسير القرطبي ٢ : ٣٧٥ ، وانظر أيضاً : الخلاف - للطوسي - ٢ : ٤٢٨ ، المسألة ٣٢٢.

(٢) البقرة : ١٩٦.

(٣) سنن النسائي ٥ : ١٩٩ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٢٨ / ٣٠٧٧ ، سنن الترمذي ٣ : ٢٧٧ / ٩٤٠.

(٤) سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٢٨ / ٣٠٧٨ ، سنن النسائي ٥ : ١٩٩ ، سنن أبي داود ٢ : ١٧٣ / ١٨٦٢ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٢٠.

(٥ و ٦ ) أضفناها من المصدر.

٤٠٣

النحر »(١) الحديث.

وقال الشافعي : لا يجوز له التحلّل أبداً إلى أن يأتي به ، فإن فاته الحجّ ، تحلّل بعمرة - وبه قال ابن عمر وابن عباس ومالك وأحمد في الرواية الاُخرى - لأنّه لا يستفيد بالإحلال الانتقال من حاله ولا التخلّص من الأذى الذي به ، بخلاف حصر العدوّ(٢) .

ونمنع عدم الانتقال ، وعدم المخلص من الأذى لا يمنع من التحلّل.

مسألة ٧١٣ : إذا بعث الهدي ، انتظر وصوله إلى المحلّ ، فإذا كان يوم المواعدة ، قصّر من شعر رأسه ، وأحلّ من كلّ شي‌ء أحرم منه إلّا النساء ، فإنّهنّ لا يحللن له حتى يحجّ من قابل ، ويطوف طواف النساء إن كان الحجّ واجباً ، أو يطاف عنه في القابل إن كان تطوّعاً ، قاله علماؤنا ، ولم يعتبر الجمهور ذلك ، بل حكم بعضهم بجواز الإحلال مطلقاً ، وآخرون بالمنع مطلقاً(٣) ، وقد قال الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - : « المحصور لا تحلّ له النساء »(٤) .

ولو وجد من نفسه خفّةً بعد بعث هديه وأمكنه اللحوق بأصحابه ، لحق ؛ لأنّه مُحْرم بأحد النسكين ، فيجب عليه إتمامه ؛ للآية(٥) ، فإن أدرك أحد الموقفين ، أدرك الحجّ ، وإن فأتاه معاً ، فاته الحجّ ، وكان عليه الحجّ من قابل ؛ للرواية الصحيحة عن الباقرعليه‌السلام ، قال : « إذا اُحصر الرجل بعث‌

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٤٢١ - ٤٢٢ / ١٤٦٥.

(٢) فتح العزيز ٨ : ٨ ، المجموع ٨ : ٣١٠ ، المنتقى - للباجي - ٢ : ٢٧٦ ، المغني ٣ : ٣٨٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٣٨.

(٣) اُنظر : ما تقدّم في المسألة السابقة (٧١٢).

(٤) الكافي ٤ : ٣٦٩ / ٣ ، الفقيه ٢ : ٣٠٤ - ٣٠٥ / ١٥١٢ ، التهذيب ٥ : ٤٢٣ / ١٤٦٧.

(٥) البقرة : ١٩٦.

٤٠٤

هديه ، فإن أفاق ووجد من نفسه خفّةً فليمض إن ظنّ أن يدرك هديه قبل أن ينحر ، فإن قدم مكّة قبل أن ينحر هديه فليقم على إحرامه حتى يقضي المناسك وينحر هديه ولا شي‌ء عليه ، وإن قدم مكّة وقد نحر هديه ، فإنّ عليه الحجّ من قابل والعمرة » قلت : فإن مات قبل أن ينتهي إلى مكّة؟ قال : « إن كانت حجّة الإسلام يحجّ عنه ويعتمر فإنّما هو شي‌ء عليه »(١) .

مسألة ٧١٤ : لو تحلّل يوم الميعاد ثم ظهر أنّ أصحابه لم يذبحوا عنه ، لم يبطل تحلّله‌ ، ووجب عليه أن يبعث به في القابل ليذبح عنه في موضع الذبح ؛ لأنّ تحلّله وقع مشروعاً.

وقال الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - : « فإن ردّوا عليه الدراهم ولم يجدوا هدياً ينحرونه وقد أحلّ لم يكن عليه شي‌ء ولكن يبعث من قابل ويمسك أيضاً »(٢) .

قال الشيخرحمه‌الله : إذا بعث في العام المقبل ، وجب عليه أن يمسك ممّا يمسك عنه المـُحْرم إلى أن يذبح عنه(٣) ؛ لهذه الرواية.

ومنعه ابن إدريس(٤) ؛ للأصل ، ولأنّه ليس بمُحْرم فكيف يحرم عليه شي‌ء وهو غير مُحْرم ولا في الحرم!؟

وكذا مَنْ بعث هدياً تطوّعاً من اُفق من الآفاق ، قال الشيخرحمه‌الله : يواعد أصحابه يوماً بعينه ، ثم يجتنب ما يجتنبه المـُحْرم من الثياب والنساء والطيب وغير ذلك ، إلّا أنّه لا يلبّي ، فإن فَعَل ما يحرم على المـُحْرم ، كان عليه‌

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٤٢٢ - ٤٢٣ / ١٤٦٦.

(٢) التهذيب ٥ : ٤٢١ - ٤٢٢ / ١٤٦٥.

(٣) النهاية : ٢٨٢.

(٤) السرائر : ١٥١.

٤٠٥

الكفّارة ، كما تجب على المـُحْرم سواء ، فإذا كان اليوم الذي واعدهم ، أحلّ ، وإن بعث بالهدي من اُفق من الآفاق يواعدهم يوماً بعينه بإشعاره وتقليده ، فإذا كان ذلك اليوم ، اجتنب ما يجتنبه المـُحْرم إلى أن يبلغ الهدي محلّه ، ثم إنّه أحلّ من كلّ شي‌ء أحرم منه(١) .

لقول الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - في الرجل يرسل بالهدي تطوّعاً ، قال : « يواعد أصحابه يوماً يقلّدون فيه ، فإذا كان تلك الساعة من ذلك اليوم اجتنب ما يجتنبه المحرم ، فإذا كان يوم النحر أجزأ عنه ، فإنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حيث صدّه المشركون يوم الحديبيّة نحر بدنته ورجع إلى المدينة »(٢) وغيرها من الروايات.

ومنع ابن إدريس(٣) من ذلك.

مسألة ٧١٥ : الحاجّ والمعتمر في ذلك سواء ، إذا أحصر المعتمر ، فَعَل ما ذكرناه ، وكانت عليه العمرة في الشهر الداخل واجبةً إن كانت العمرة واجبةً ، وإلّا نفلاً.

ولو احتاج المحصر إلى حلق رأسه لأذى ، ساغ له ذلك ويفدي ؛ لقول الباقرعليه‌السلام : « إذا اُحصر الرجل فبعث بهديه وأذاه رأسه قبل أن ينحر فحلق رأسه فإنّه يذبح في المكان الذي أحصر فيه أو يصوم أو يطعم ستّة مساكين »(٤) .

ولو كان المحصر قد أحرم بالحجّ قارناً ، قال الشيخ : لم يجز له أن‌

____________________

(١) النهاية : ٢٨٣.

(٢) التهذيب ٥ : ٤٢٤ / ١٤٧٣.

(٣) السرائر : ١٥٢.

(٤) التهذيب ٥ : ٤٢٣ / ١٤٦٩.

٤٠٦

يحجّ في القابل إلّا قارناً ، وليس له التمتّع بل يدخل في مثل ما خرج منه(١) ؛ لقول الباقر والصادقعليهما‌السلام : « القارن يحصر وقد قال واشترط فحلّني حيث حبستني يبعث بهديه » قلنا : هل يستمتع(٢) من قابل؟ قال : « لا ، ولكن يدخل بمثل ما خرج منه »(٣) .

والوجه : أنّه إن كان القران واجباً ، وجب عليه القران ، وإلّا فلا.

مسألة ٧١٦ : قال ابن بابويه وأبوه : إذا قرن الرجل الحجَّ والعمرةَ واُحصر ، بعث هدياً مع هديه‌ ، ولا يحلّ حتى يبلغ الهدي محلّه(٤) . فأوجبا هدياً مع هدي السياق. وقوّاه ابن إدريس(٥) ؛ لقوله تعالى :( فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ) (٦) فأوجب هدياً للإحصار.

وأصحابنا قالوا : يبعث بهديه الذي ساقه(٧) ، ولم يوجبوا بعث هدي آخر.

وقال ابن إدريس : معنى قولهما : إذا قرن الحجّ والعمرة أن يقرن مع كلّ واحد منهما على الانفراد هدياً يشعره أو يقلّده ، فيخرج من ملكه بذلك وإن لم يكن ذلك واجباً عليه بنذر ، ولم يقصد أن يحرم بهما جميعاً ويقرن بينهما في الإحرام ؛ لأنّ ذلك مذهب مَنْ خالفنا في حدّ القران(٨) .

مسألة ٧١٧ : إذا اشترط في إحرامه ، فله التحلّل من دون إنفاذ هدي‌ إلّا

____________________

(١) المبسوط - للطوسي - ١ : ٢٣٥.

(٢) كذا ، وفي المصدر : يتمتّع.

(٣) التهذيب ٥ : ٤٢٣ / ١٤٦٨.

(٤) الفقيه ٢ : ٣٠٥ ذيل الحديث ١٥١٢ ، وحكاه عن علي بن بابويه ابن إدريس في السرائر : ١٥١.

(٥) السرائر : ١٥١.

(٦) البقرة : ١٩٦.

(٧) كما في السرائر : ١٥١.

(٨) السرائر : ١٥١.

٤٠٧

أن يكون ساقه وأشعره أو قلّده ، فإن كان فلينفذه ، وإن لم يكن ساق بل اشترط ، فله التحلّل إذا بلغ الهدي محلّه ، وهو يوم النحر ، فإذا كان يوم النحر فليتحلّل من جميع ما أحرم منه إلّا النساء.

وروى المفيد عن الصادقعليه‌السلام : « المحصور بالمرض إن كان ساق هدياً أقام على إحرامه حتى يبلغ الهدي محلّه ثم يحلّ ، ولا يقرب النساء حتى يقضي المناسك من قابل ، هذا إذا كان في حجّة السلام ، فأمّا حجّة التطوّع فإنّه ينحر هديه وقد حلّ ممّا كان أحرم منه ، فإن شاء حجَّ من قابل ، وإن لم يشأ لم يجب عليه الحجّ »(١) .

قال ابن إدريس : المحصور يفتقر إلى نيّة التحلّل كما دخل في الإحرام بنيّة(٢) . وهو حسن.

البحث الثالث : في حكم الفوات.

مسألة ٧١٨ : مَنْ لم يقف بالموقفين في وقتهما فاته الحجّ إجماعاً ، فيتحلّل بطواف وسعي وحلاق ، ويسقط عنه بقية أفعال الحجّ من الرمي والمبيت ، عند علمائنا - وبه قال عمر وابنه وزيد بن ثابت وابن عباس وابن الزبير ومالك والثوري والشافعي وأحمد في إحدى الروايتين وأصحاب الرأي(٣) - لأنّ باقي أفعال الحجّ تترتّب على الوقوف وقد فاته(٤) ، فتفوت‌

____________________

(١) المقنعة : ٧٠.

(٢) السرائر : ١٥٢.

(٣) المغني ٣ : ٥٦٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٢٣ ، فتح العزيز ٨ : ٤٨ - ٤٩ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٤٠ ، المجموع ٨ : ٢٨٦ و ٢٩٠ ، روضة الطالبين ٢ : ٤٥٢ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢٣٦.

(٤) في « ق ، ك » : فات.

٤٠٨

هي بفواته.

وما رواه العامّة عن عمر ، أنّه قال لأبي أيّوب حين فاته الحجّ : اصنع ما يصنع المعتمر ثم قد حللت ، فإن أدركت الحجّ قابلاً فحجّ وأهد ما استيسر من الهدي(١) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام في رجل جاء حاجّاً ففاته الحجّ ولم يكن طاف ، قال : « يقيم مع الناس حراماً أيّام التشريق ولا عمرة فيها ، فإذا انقضت طاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة وأحلّ ، وعليه الحجّ من قابل يحرم من حيث أحرم »(٢) .

وقال أحمد في الرواية الاُخرى : يمضي في حجّ فاسد. وبه قال المزني ، قال : يلزمه جميع أفعال الحجّ إلّا الوقوف(٣) .

وقال مالك في رواية اُخرى عنه : لا يحلّ ، بل يقيم على إحرامه حتى إذا كان من قابل أتى بالحجّ ، فوقف وأكمل الحجّ(٤) .

وفي رواية ثالثة عنه : أنّه يحلّ بعمرة مفردة ، ولا يجب عليه القضاء(٥) .

وقول المزني باطل ؛ لأنّ الإتيان بالأفعال الباقية لا يخرجه عن‌

____________________

(١) ترتيب مسند الشافعي ١ : ٣٨٤ / ٩٩٠ ، سنن البيهقي ٥ : ١٧٤.

(٢) التهذيب ٥ : ٢٩٥ / ٩٩٩.

(٣) المغني ٣ : ٥٦٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٢٥ ، مختصر المزني : ٦٩ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢٣٦ ، الخلاف - للشيخ الطوسي - ٢ : ٣٧٥ ذيل المسألة ٢١٩.

(٤) حلية العلماء ٣ : ٣٥٥ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢٣٦ ، الخلاف - للشيخ الطوسي - ٢ : ٣٧٥ ، ذيل المسألة ٢١٩.

(٥) حكاه عنه الشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ٣٧٥ ذيل المسألة ٢١٩ ، وانظر : المغني ٣ : ٥٦٨ ، والشرح الكبير ٣ : ٥٢٥ ، والحاوي الكبير ٤ : ٢٣٨.

٤٠٩

العهدة ، فلا فائدة فيها. وقياسه على المفسد باطل ؛ لأنّ الجناية وقعت هناك من المفسد ، فكان التفريط من قِبَله ، بخلاف الفوات.

وقول مالك يشتمل على ضرر عظيم ، فيكون منفيّاً.

مسألة ٧١٩ : إذا فاته الحجّ جعل حجّه عمرةً مفردة‌ ، فيطوف ويسعى ويحلق ، عند علمائنا أجمع - وبه قال ابن عباس وابن الزبير وعطاء وأحمد وأصحاب الرأي(١) - لما رواه العامّة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : ( مَنْ فاته الحجّ فعليه دم ، وليجعلها عمرة ، وليحجّ من قابل )(٢) .

ومن طريق الخاصّة : قول الرضاعليه‌السلام في الذي إذا ( أدركه الإنسان فقد أدرك الحجّ )(٣) فقال: « إذا أتى جَمْعاً والناس بالمشعر الحرام قبل طلوع الشمس فقد أدرك الحجّ ولا عمرة له ، وإن أدرك جَمْعاً بعد طلوع الشمس فهي عمرة مفردة ولا حجّ له ، وإن شاء أن يقيم بمكّة أقام ، وإن شاء أن يرجع إلى أهله رجع ، وعليه الحجّ من قابل »(٤) .

وقال الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - : « أيّما حاجّ سائق للهدي أو مفرد للحجّ أو متمتّع بالعمرة إلى الحجّ قدم وقد فاته الحجّ فليجعلها عمرة وعليه الحجّ من قابل »(٥) .

وقال مالك والشافعي : لا يصير إحرامه بعمرة ، بل يتحلّل بطواف‌

____________________

(١) المغني ٣ : ٥٦٦ - ٥٦٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٢٣ - ٥٢٤ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ١٧٤ ، فتح العزيز ٨ : ٥٢ ، المجموع ٨ : ٢٩٠.

(٢) أورده ابنا قدامة في المغني ٣ : ٥٦٧ ، والشرح الكبير ٣ : ٥٢٤.

(٣) بدل ما بين القوسين في الطبعة الحجرية و « ق ، ك » : أدرك الناس ، وما أثبتناه هو الموافق للمصدر.

(٤) التهذيب ٥ : ٢٩٤ / ٩٩٧ ، الاستبصار ٢ : ٣٠٦ - ٣٠٧ / ١٠٩٤.

(٥) التهذيب ٥ : ٢٩٤ / ٩٩٨ ، الاستبصار ٢ : ٣٠٧ / ١٠٩٥.

٤١٠

وسعي وحلاق ؛ لأنّه أحرم بأحد النسكين لا ينقلب إلى الآخر ، كما لو أحرم بالعمرة(١) .

والفرق : فوات الحجّ ، وإمكان الإتيان بالعمرة من غير فوات فيها ، فلا حاجة إلى انقلاب إحرامها.

ولا بدّ من نيّة الاعتمار ، خلافاً لبعض العامّة ، وأوجبوا الإتيان بأفعالها(٢) .

مسألة ٧٢٠ : إذا فاته الحجّ ، استحبّ له المقام بمنى إلى انقضاء أيّام التشريق ، وليس عليه شي‌ء من أفعال الحجّ ولا حلق ولا تقصير ، بل يقصّر إذا تحلّل بعمرة بعد طوافها وسعيها.

وهل يجب على مَنْ فاته الحجّ الهدي؟ الأقرب : المنع - وهو قول أصحاب الرأي(٣) - لأصالة براءة الذمّة ، ولأنّه لو كان الفوات سبباً لوجوب الهدي ، لوجب على المحصر هديان : واحد للفوات ، وآخر للإحصار.

ونقل الشيخ -رحمه‌الله - عن بعض علمائنا وجوبَ الهدي(٤) - وبه قال الشافعي وأكثر الفقهاء(٥) . وعن أحمد روايتان(٦) - لقول الصادقعليه‌السلام في‌

____________________

(١) المغني ٣ : ٥٦٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٢٤ ، فتح العزيز ٨ : ٥٢ ، المجموع ٨ : ٢٨٧ و ٢٩٠ ، روضة الطالبين ٢ : ٤٥٢ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢٣٦.

(٢) المغني ٣ : ٥٦٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٢٤.

(٣) الكتاب بشرح اللباب ١ : ٢٢١ ، المغني ٣ : ٥٦٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٢٦ ، حلية العلماء ٣ : ٣٥٤ ، فتح العزيز ٨ : ٥٤ ، المجموع ٨ : ٢٩٠ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢٣٩.

(٤) الخلاف ٢ : ٣٧٤ ، المسألة ٢١٩.

(٥) الوجيز ١ : ١٣١ ، فتح العزيز ٨ : ٥٤ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢٣٩ ، المجموع ٨ : ٢٨٧ و ٢٩٠ ، روضة الطالبين ٢ : ٤٥٢ ، حلية العلماء ٣ : ٣٥٤ ، المغني ٣ : ٥٦٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٢٦.

(٦) المغني ٣ : ٥٦٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٢٦.

٤١١

نفر فاتهم الحجُّ : « عليهم أن يهريق كلّ واحد(١) منهم دم شاة »(٢) .

ولأنّه حلّ من إحرامه قبل إتمامه ، فلزمه الهدي ، كالمحصر.

والخبر محمول على الاستحباب. ونمنع الحلّ قبل إتمامه ، وإنّما نقله إلى العمرة ، والنقل جائز.

ولو كان قد ساق هدياً ، نحره بمكّة ؛ لأنّه تعيّن للإهداء ، فلا يسقط بالفوات ، فإن قلنا بوجوب الهدي ، ذبحه في ذلك العام ، ولا يجوز له تأخيره إلى القابل - [ وهو أحد قولي الشافعي](٣) (٤) - كالمدرك لأفعال الحجّ ، ولأنّ الهدي واجب على الفور ؛ لأنّه جزء من الحجّ.

والثاني للشافعي : يجوز(٥) .

وعلى الأوّل لو أخّره ، عصى ، ووجب عليه ذبحه ، ولا يجزئه عن هدي القضاء ؛ لأنّ القضاء إحرام ، فيجب فيه الهدي ؛ للآية(٦) .

مسألة ٧٢١ : إذا كان الفائت واجباً ، كحجّة الإسلام والمنذورة وغيرهما ، وجب القضاء ، ولا تجزئه العمرة التي فَعَلها للتحلّل ، وإن لم يكن الحجّ واجباً ، لم يجب عليه القضاء - وبه قال عطاء وأحمد في‌

____________________

(١) في « ق ، ك » والفقيه : رجل ، بدل واحد.

(٢) الكافي ٤ : ٤٧٥ / ١ ، الفقيه ٢ : ٢٨٤ / ١٣٩٥ ، التهذيب ٥ : ٢٩٥ / ١٠٠٠ ، الاستبصار ٢ : ٣٠٧ / ١٠٩٧.

(٣) أضفناها لأجل السياق.

(٤ و ٥ ) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٤٠ ، المجموع ٨ : ٢٨٧ ، حلية العلماء ٣ : ٣٥٥ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢٣٩.

(٦) البقرة : ١٩٦.

٤١٢

إحدى الروايتين ، ومالك في أحد القولين(١) - لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لمـّا سُئل عن الحجّ أكثر من مرّة ، قال : ( بل مرّة واحدة )(٢) ولو أوجبنا القضاء ، كان أكثر من مرّة.

وعن الصادقعليه‌السلام في القوم الذين فاتهم الحجّ قال : « ليس عليهم من قابل »(٣) ولا يمكن ذلك في الواجب فيحمل على النفل.

ولأنّه معذور في ترك إتمام حجّه ، فلا يلزمه القضاء ، كالمحصر.

ولأنّها عبادة غير واجبة ، فلا يجب قضاؤها بالفوات ، كسائر العبادات.

وقال الشافعي : يجب القضاء وإن كان الحجّ تطوّعاً - وبه قال ابن عباس وابن الزبير وأصحاب الرأي ومالك في القول الثاني وأحمد في الرواية الثانية - لقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( مَنْ فاته عرفات فقد فاته الحجّ فليتحلّل(٤) بعمرة وعليه الحجّ من قابل )(٥) .

ولأنّه يجب بالشروع فيه(٦) .

وتُحمل الرواية على الحجّ الواجب ، وإنّما يجب بالشروع مع إمكانه.

وإن كان الفائتُ حجّة الإسلام ، وجب قضاؤها إجماعاً على الفور‌

____________________

(١) المغني ٣ : ٥٦٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٢٥ ، فتح العزيز ٨ : ٥٣ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢٣٨.

(٢) المستدرك - للحاكم - ٢ : ٢٩٣ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٩٦٣ / ٢٨٨٦ ، مصنّف ابن أبي شيبة ٤ : ٨٥ ، المغني ٣ : ٥٦٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٢٥.

(٣) الكافي ٤ : ٤٧٥ - ٤٧٦ / ١ ، الفقيه ٢ : ٢٨٤ / ١٣٩٥ ، التهذيب ٥ : ٢٩٥ - ١٠٠٠ ، الإستبصار ٢ : ٣٠٧ / ١٠٩٧.

(٤) في المصادر : فليحلّ.

(٥) سنن الدار قطني ٢ : ٢٤١ / ٢٢ ، المغني ٣ : ٥٦٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٢٥.

(٦) فتح العزيز ٨ : ٥٣ ، المجموع ٨ : ٢٨٧ ، روضة الطالبين ٢ : ٤٥٢ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢٣٨ ، المغني ٣ : ٥٦٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٢٥.

٤١٣

عندنا - وهو ظاهر مذهب الشافعي(١) - لأنّ القضاء كالأداء ، وقد بيّنّا وجوب الأداء على الفور وكذا قضاؤه.

ومن الشافعية مَنْ قال : إنّها على التراخي(٢) .

وإذا قضاه في العام المقبل ، أجزأه عن الحجّة الواجبة إجماعاً.

وإذا فاته الحجّ ، نقل إحرامه إلى العمرة ، ولا يحتاج إلى تجديد إحرام آخر للعمرة ، وهذه العمرة المأتي بها للتحلّل لا تُسقط وجوب العمرة التي للإسلام إن كانت الفائتةُ حجّةَ الإسلام ؛ لوجوب الإتيان بالحجّ والعمرة في سنة واحدة.

وهل يجب على فائت الحجّ التحلّل؟ الأقرب ذلك ، فلو أراد البقاء على إحرامه إلى القابل ليحجّ من قابل ، فالظاهر من الروايات المنع ؛ لأنّهمعليهم‌السلام : أوجبوا عليه الإتيان بطواف وسعي(٣) ، وحكموا بانقلاب الحجّ إلى العمرة(٤) ، وبه قال الشافعي وأصحاب الرأي وابن المنذر(٥) ؛ لقولهعليه‌السلام : ( مَنْ فاته الحجّ فعليه دم وليجعلها عمرة )(٦) .

وقال مالك : يجوز ؛ لأنّ تطاول المدّة بين الإحرام وفعل النسك لا يمنع عن إتمامه ، كالعمرة(٧) .

____________________

(١ و ٢ ) فتح العزيز ٧ : ٤٧٣ و ٨ : ٥٣ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٢٢ و ٢٤٠ ، المجموع ٧ : ٣٨٩ و ٨ : ٢٨٧ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢٢١.

(٣) التهذيب ٥ : ٢٩٥ / ٩٩٩.

(٤) الكافي ٤ : ٤٧٦ / ٢ ، التهذيب ٥ : ٢٩٤ / ٩٩٨ ، الاستبصار ٢ : ٣٠٧ / ١٠٩٥.

(٥) المغني ٣ : ٥٦٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٢٧.

(٦) أورده ابنا قدامة في المغني ٣ : ٥٦٧ ، والشرح الكبير ٣ : ٥٢٤.

(٧) المنتقى - للباجي - ٢ : ٢٧٨ ، التفريع ١ : ٣٥١ ، حلية العلماء ٣ : ٣٥٥ ، المغني ٣ : ٥٦٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٢٧.

٤١٤

ولا فرق بين المكّي وغيره في وجوب الهدي بالفوات.

وأمّا العمرة المفردة : فلا يفوت وقتها ؛ لأنّ وقتها جميع السنة ، أمّا المتمتّع بها فيفوت بفوات الحجّ ؛ لتعيّن وقتها.

* * *

٤١٥

الفصل الثاني

في بقايا مسائل تتعلّق بالنساء والعبيد والصبيان والنائب في الحجّ‌

مسألة ٧٢٢ : قد بيّنّا وجوب الحجّ على النساء كوجوبه على الرجال ، وليس للزوج منعها عن حجّة الإسلام ولا ما وجب عليها ، فإن أحرمت في الواجب ، مضت فيه وإن كره الزوج ، وليس له منعها من إتمامه.

وله منعها عن حجّ التطوّع إجماعاً ؛ لما فيه من منع الزوج عن حقّه.

ولو أذن لها في التطوّع ، جاز له الرجوع فيه ما لم تتلبّس بالإحرام إجماعاً ، فإن أحرمت بعد رجوعه ، كان له أن يحلّلها.

والأقرب أنّه لا دم عليها ، خلافاً لبعض العامة(١) .

ولو أحرمت قبل رجوعه ، لم يكن له تحليلها ؛ لوجوب الإتمام عليها.

ولو كان إحرامها بغير إذنه في التطوّع ، كان له تحليلها ، خلافاً لبعض العامّة(٢) .

ولو خرجت لحجّة الإسلام ولم تكمل شرائطها ، كان له منعها. ولو أحرمت من غير إذنه ، كان له تحليلها.

ولو نذرت الحجّ بغير إذن زوجها ، لم ينعقد ، ولو أذن ، وجب النذر.

____________________

(١) المغني ٣ : ٥٧٣ - ٥٧٤.

(٢) فتح العزيز ٨ : ٣٩ ، المجموع ٨ : ٣٣٢ - ٣٣٣ ، المغني ٣ : ٥٧٢ ، الشرح الكبير ٣ : ١٧٥.

٤١٦

وكذا لو نذرت قبل التزويج. والمطلّقة رجعيّاً في العدّة كالزوجة.

مسألة ٧٢٣ : جميع ما يجب على الرجل من أفعال الحجّ وتروكه فهو واجب على المرأة ، إلّا تحريم لُبْس المخيط ، والحائض تُحْرم كالرجل إلّا أنّها تحتشي وتستثفر وتتوضّأ وضوء الصلاة ولا تصلّي ؛ للحيض ؛ لأنّ الإحرام عبادة لا يشترط فيها الطهارة ، فجاز وقوعه من الحائض.

قال الصادقعليه‌السلام عن الحائض تريد الإحرام : « تغتسل وتستثفر وتحتشي بالكرسف وتلبس ثوباً دون ثيابها لإحرامها وتستقبل القبلة ولا تدخل المسجد ثم تهلّ بالحجّ بغير صلاة »(١) .

والمستحاضة تفعل ما يلزمها من الأغسال إن وجبت ثم تُحْرم عند الميقات ، وكذا النفساء.

ولو تركت الإحرام ظنّاً منها أنّه لا يجوز فعله للحائض أو المستحاضة أو النفساء ، أو نسياناً ، وجب عليها الرجوع إلى الميقات والإحرام منه إن تمكّنت ، وان لم تتمكّن أو ضاق الوقت عليها ، خرجت إلى خارج الحرم وأحرمت منه ، فإن لم تتمكّن ، أحرمت من موضعها ؛ لرواية معاوية بن عمّار - الصحيحة - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن المرأة كانت مع قوم فطمثت فأرسلت إليهم فسألتهم ، فقالوا : ما ندري هل عليك إحرام أم لا وأنت حائض ، فتركوها حتى دخلت [ الحرم ](٢) قال : « إن كان عليها مهلة فلترجع إلى الوقت فلتحرم منه ، وإن لم يكن عليها مهلة فلترجع ما قدرت عليه بعد ما تخرج من الحرم بقدر ما لا يفوتها الحجّ فتحرم »(٣) .

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٣٨٨ / ١٣٥٥.

(٢) ما بين المعقوفين من المصدر.

(٣) التهذيب ٥ : ٣٨٩ - ٣٩٠ / ١٣٦٢.

٤١٧

مسألة ٧٢٤ : نفقة الحجّ الواجب إن زادت عن نفقة الحضر ، كان الزائد على المرأة‌ لا على الزوج ؛ لأنّ أداء الحجّ واجب عليها ، وأمّا قدر نفقة الحضر فيجب على الزوج ، كالحضر ، سواء حجّت بإذن الزوج أو بغير إذنه ، لأنّها غير ناشز بالحجّ الواجب ، فلا تسقط نفقتها في الحضر. ولو كان الحجّ تطوّعا بإذنه فكذلك ، أمّا لو كان بغير إذنه ، فهي ناشز ، فلا نفقة لها ، لنشوزها.

ولو أفسدت الحجّ الواجب بأن مكّنت زوجها من وطئها مختارةً قبل الموقفين ، لزمها القضاء ، وكانت قدر نفقتها في الحضر واجبةً على الزوج في القضاء ، والزائد عليها في مالها. وكذا ما يلزمها من الكفّارة يجب عليها في مالها خاصّة.

مسألة ٧٢٥ : إذا حاضت المرأة بعد الإحرام قبل الطواف ، لم يكن لها أن تطوف إجماعاً‌ ؛ لأنّها ممنوعة من الدخول في المسجد ، بل تنتظر إلى وقت الوقوف ، فإن طهرت وتمكّنت من الطواف والسعي والتقصير وإنشاء إحرام الحجّ وإدراك عرفة ، صحّ لها التمتّع ، وإن لم تدرك ذلك وضاق الوقت ، بطلت متعتها ، وصارت حجّتها مفردة ، عند علمائنا - وبه قال أبو حنيفة(١) - لما رواه العامّة عن عائشة ، قالت : أهللنا بعمرة ، فقدمت مكّة وأنا حائض لم أطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة ، فشكوت ذلك إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : ( انقضي رأسك وامتشطي وأهلّي بالحجّ ودعي العمرة ) قالت : ففعلت ذلك ، فلمـّا قضينا الحجّ أرسلني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مع عبد الرحمن ابن أبي بكر إلى التنعيم ، فاعتمرت معه ، فقال : ( هذه عمرة مكان عمرتك )(٢) .

____________________

(١) المغني ٣ : ٥١٣ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٥٨.

(٢) صحيح مسلم ٢ : ٨٧٠ / ١١١ ، سنن النسائي ٥ : ١٦٦ ، المغني ٣ : ٥١٣ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٥٨.

٤١٨

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - عن المرأة الحائض إذا قدمت مكّة يوم التروية ، قال : « تمضي كما هي إلى عرفات فتجعلها حجّة ثم تقيم حتى تطهر فتخرج إلى التنعيم فتحرم فتجعلها عمرة »(١) .

وقال باقي العامّة : تحرم بالحجّ مع عمرتها ، وتصير قارنةً تجمع بين الحجّ والعمرة(٢) . وقد سلف بطلانه.

واعلم أنّ كلّ متمتّع خشي فوات الحجّ باشتغاله بالعمرة يرفض عمرته ويبطلها ، وتصير حجّةً مفردة.

ولا يجب عليها تجديد إحرام ، بل تخرج بإحرامها ذلك إلى عرفات ، ولا يجب عليها الدم.

ولو حاضت في أثناء طواف المتعة ، فإن كان الحيض بعد طواف أربعة أشواط ، قطعَتْه ، وسعَتْ وقصَّرتْ ثم أحرمتْ بالحجّ ، وقد تمّت متعتها ، فإذا فرغت من المناسك وطهرت ، تمّمت طوافها ، وصلّت ركعتيه.

وإن كانت قد طافت أقلّ من أربعة أشواط ، كان حكمها حكم مَنْ لم يطف ؛ لأنّها مع طواف أربعة أشواط تكون قد طافت أكثر الأشواط ، وحكم معظم الشي‌ء حكم الشي‌ء غالباً.

ولقول الصادقعليه‌السلام : « المتمتّعة إذا طافت بالبيت أربعة أشواط ثم حاضت فمتعتها تامّة ، وتقضي ما فاتها من الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة ، وتخرج إلى منى قبل أن تطوف الطواف الآخر »(٣) .

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٣٩٠ / ١٣٦٣.

(٢) المغني ٣ : ٥١٣ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٥٧ - ٢٥٨.

(٣) التهذيب ٥ : ٣٩٣ / ١٣٧٠ ، الاستبصار ٢ : ٣١٣ / ١١١١.

٤١٩

وإذا طافت أقلّ من أربعة ، تركت السعي ؛ لأنّه تبع الطواف.

ولقول الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - في الطامث ، قال : « تقضي المناسك كلّها غير أنّها لا تطوف بين الصفا والمروة »(١) .

ولو حاضت بعد الطواف قبل الركعتين ، تركتهما وسعت وقضتهما بعد الطهارة.

ولو حاضت في إحرام الحجّ ، فإن كان قبل طواف الزيارة ، وجب عليها المقام حتى تطهر ثم تطوف وتسعى ، وإن كان بعده قبل طواف النساء ، فكذلك.

وإن كانت قد طافت من طواف النساء أربعة أشواط ، جاز لها الخروج من مكّة ، فإنّ في تخلّفها عن الحاجّ ضررا عظيما ، وقد طافت معظمه ، فجاز لها الخروج قبل الإكمال.

ولو فرغت المتمتّعة من عمرتها وخافت الحيض ، جاز لها تقديم طواف الحجّ ، عند علمائنا أجمع - وبه قال الشافعي(٢) - لما روى العامّة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه سأله رجل ، فقال : أفضت قبل أن أرمي ، قال : ( ارم ولا حرج )(٣) .

ومن طريق الخاصّة : رواية يحيى الأزرق(٤) عن أبي الحسنعليه‌السلام ، قال : سألته عن امرأة تمتّعت بالعمرة إلى الحجّ ففرغت من طواف العمرة وخافت الطمث قبل يوم النحر ، يصلح لها أن تعجّل طوافها طواف الحجّ قبل أن تأتي منى؟ قال : « إذا خافت أن تضطرّ إلى ذلك‌

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٣٩٣ / ١٣٧٢ ، الاستبصار ٢ : ٣١٣ / ١١١٣.

(٢) لم نجده في مظانّه من المصادر المتوفّرة لدينا.

(٣) صحيح مسلم ٢ : ٩٤٩ - ٩٥٠ / ٣٣٣ ، سنن الدار قطني ٢ : ٢٥٢ / ٧٢.

(٤) في المصدر : صفوان بن يحيى الأزرق.

٤٢٠

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460