تذكرة الفقهاء الجزء ٨

تذكرة الفقهاء13%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-051-X
الصفحات: 460

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 460 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 191374 / تحميل: 5463
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ٨

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٠٥١-X
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

وقال عطاء : يأكل بقية يومه ؛ وهو رواية عن أحمد(١) ، ولم يقل به غيرهما.

ولو أصبح بنيّة صوم شعبان ، فبان أنّه من رمضان ، نقل النيّة اليه ولو قبل الغروب ، وأجزأه.

ج - لو أخبره عدل واحد برؤية الهلال ، وأوجبنا الشاهدين ، فنوى أنّه من رمضان ، لم يجزئه لو بان منه. ولو كان عارفاً بحساب التسيير ، أو أخبره العارف بالهلال ، لم يصح بنيّة رمضان ؛ لأنّ ذلك ليس طريقاً الى ثبوت الأهلّة في نظر الشرع وإن أفاد الظنّ.

د - لو نوى ليلة الثلاثين من رمضان أنّه إن كان غداً من رمضان فإنّه صائم ، وإن كان من شوّال فهو مفطر ، قال بعض الشافعية : يصحّ ؛ لأصالة بقاء الشهر(٢) .

ويبطل ؛ لعدم الجزم.

ولو نوى أنّه يصومه عن رمضان أو نافلة ، لم يصحّ إجماعاً.

ه - لو نوى يوم الشك عن فرض عليه ، أجزأه من غير كراهة ، خلافاً لبعض الشافعية(٣) .

و - صوم الصبي شرعي ، وينعقد بنيّته(٤) ، فإن بلغ قبل الزوال بغير المبطل ، وجب عليه تجديد نيّة الفرض ، وإلّا فلا‌.

____________________

(١) المغني ٣ : ٧٤ ، الشرح الكبير ٣ : ١٥.

(٢) المجموع ٦ : ٢٩٦ ، فتح العزيز ٦ : ٣٢٦ - ٣٢٧.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٩٥ ، المجموع ٦ : ٣٩٩ ، فتح العزيز ٦ : ٤١٤ ، حلية العلماء ٣ : ٢١٣.

(٤) في النسخ الخطية : وتنعقد نيّته. وما أثبتناه من الطبعة الحجرية.

٢١

الفصل الثاني

فيما يمسك عنه الصائم‌

وهو اُمور :

الأول : يجب الإِمساك عن الأكل والشرب نهاراً من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس‌ بالنصّ والإِجماع.

قال الله تعالى( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ) (١) .

ولا فرق بين المعتاد وغيره عند علمائنا ، سواء يغذّى به أو لا - وهو قول عامة أهل العلم(٢) - للعموم ، ولأنّ حقيقة الصوم الإِمساك ، وهو غير متحقّق مع تناول غير المعتاد.

وقال الحسن بن صالح بن حي : لا يفطر بما ليس بطعام ولا بشراب(٣) .

وكان أبو طلحة الأنصاري يأكل البرد في الصوم ، ويقول : ليس بطعام ولا شراب(٤) .

____________________

(١) البقرة : ١٨٧.

(٢) المغني ٣ : ٣٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٨.

(٣) المغني ٣ : ٣٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٨ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٥ ، المجموع ٦ : ٣١٧.

(٤) المغني ٣ : ٣٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٨ ، المجموع ٦ : ٣١٧ ، ومسند أحمد ٣ : ٢٧٩.

٢٢

وقال أبو حنيفة : لو ابتلع حصاةً أو فستقةً بقشرها ، لم تجب الكفّارة(١) ؛ فاعتبر في إيجاب الكفّارة ما يتغذّى به أو يتداوى به ، وهو مذهب السيد المرتضى(٢) .

والكلّ باطل بما تقدّم.

فروع :

أ - بقايا الغذاء المتخلّفة بين أسنانه إن ابتلعها عامداً نهاراً ، فسد صومه ، سواء أخرجها من فمه أو لا ؛ لأنّه ابتلع طعاماً عامداً فأفطر ، كما لو أكل.

وقال احمد : إن كان يسيراً لا يمكنه التحرّز منه فابتلعه ، لم يفطر ، وإن كان كثيراً أفطر(٣) .

وقال الشافعي : إن كان ممّا يجري به الريق ، ولا يتميّز عنه ، فبلعه مع ريقه ، لم يفطره ، وإن كان بين أسنانه شي‌ء من لحم أو خبز حصل في فيه ، متميّزاً عن الريق ، فابتلعه مع ذكره للصوم ، فسد صومه(٤) .

وقال أبو حنيفة : لا يفطر به ؛ لأنّه لا يمكنه التحرّز منه ، فأشبه ما يجري به الريق(٥) .

وهو خلاف الفرض ، فإنّه مع عدم إمكان التحرّز عنه عفو.

ب - الريق إذا جرى على حلقه على ما جرت العادة به ، لا يفطر ؛ لعدم إمكان التحرّز منه.

وكذا لو جمعه في فيه ثم ابتلعه ، وهو أحد قولي الشافعي ، وفي الآخر :

____________________

(١) المبسوط للسرخسي ٣ : ١٠٠ و ١٣٨ ، المغني ٣ : ٥٢ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٨.

(٢) جمل العلم والعمل ( ضمن رسائل الشريف المرتضى ) ٣ : ٥٤.

(٣) المغني ٣ : ٤٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٩ - ٥٠.

(٤) المجموع ٦ : ٣١٧ ، فتح العزيز ٦ : ٣٩٤ - ٣٩٥ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٤.

(٥) المبسوط للسرخسي ٣ : ٩٣ ، المغني ٣ : ٤٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٠ ، المجموع ٦ : ٣١٧.

٢٣

يفطر(١) .

أمّا لو خرج من فيه بين أصابعه أو ثوبه ، ثم ابتلعه ، فإنّه يفطر.

ولو أخرج حصاةً وشبهها من فيه وعليها بلّة من الريق ، ثم أعاده وعليه الريق ، وابتلع الريق ، أفطر ، خلافاً لبعض الجمهور(٢) .

ولو ابتلع ريق غيره ، أفطر.

ولو أبرز لسانه وعليه ريق ، ثم ابتلعه ، لم يفطر ؛ لعدم انفصاله عن محلّه.

ج - لو ابتلع النخامة المجتلبة من صدره أو رأسه ، لم يفطر ؛ لأنّه معتاد في الفم ، غير واصل من خارج ، فأشبه الريق ، ولعموم البلوى به.

وقول الصادقعليه‌السلام : « لا بأس أن يزدرد الصائم نخامته »(٣) .

وقال الشافعي : يفطر - وعن أحمد روايتان(٤) - لأنّه يمكن الاحتراز منه ، فأشبه القي‌ء(٥) .

ونمنع الصغرى.

د - حكم الازدراد حكم الأكل ، فلو ابتلع المعتاد وغيره ، أبطل صومه.

الثاني : الجماع ، وقد أجمع العلماء كافة على إفساد الصوم بالجماع الموجب للغسل في قبل المرأة ؛ للآية(٦) ، سواء أنزل أو لم ينزل.

ولو وطأ في الدُّبُر فأنزل ، فسد صومه إجماعاً ، ولو لم ينزل ، فالمعتمد‌

____________________

(١) المجموع ٦ : ٣١٨ ، فتح العزيز ٦ : ٣٩١ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٤.

(٢) المغني ٣ : ٤١ ، الشرح الكبير ٣ : ٧٤.

(٣) الكافي ٤ : ١١٥ ( باب في الصائم يزدرد نخامته ) الحديث ١ ، التهذيب ٤ : ٣٢٣ / ٩٩٥.

(٤) المغني ٣ : ٤١ ، الشرح الكبير ٣ : ٧٤ - ٧٥.

(٥) المهذب للشيرازي ١ : ١٨٩ ، المجموع ٦ : ٣١٥ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٤ ، المغني ١ : ٤١ ، الشرح الكبير ١ : ٧٤ - ٧٥.

(٦) البقرة : ١٨٧.

٢٤

عليه الإِفساد ؛ لأنّه جماع في محلّ الشهوة ، فأشبه القُبُل.

ولو جامعها في غير الفرجين ، أفسد مع الإِنزال ، وإلّا فلا.

ولا فرق بين وطء الحيّة والميتة ، ولا بين الغلام والمرأة ، والموطوء كالواطئ.

ولو وطأ الدابة فأنزل ، أفسد ، وإلّا فلا.

الثالث : الإِنزال نهاراً عمداً مُفسدٌ ، سواء كان باستمناء أو ملامسة أو ملاعبة أو قُبلة إجماعاً ؛ لأنّ الصادقعليه‌السلام ، سئل عن الرجل يضع يده على شي‌ء من جسد امرأة فأدفق ، فقال : « كفّارته أن يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستين مسكيناً أو يعتق رقبة »(١) .

ولو نظر إلى ما لا يحلّ النظر اليه عامداً بشهوة فأمنى ، قال الشيخ : عليه القضاء(٢) .

ولو كان نظره الى ما يحلّ له النظر إليه فأمنى ، لم يكن عليه شي‌ء.

ولو أصغى أو تسمّع الى حديث فأمنى ، لم يكن عليه شي‌ء ؛ عملاً بأصالة البراءة.

وقال الشافعي وأبو حنيفة والثوري : لا يفسد الصوم بالإِنزال عقيب النظر مطلقاً ؛ لأنّه إنزال من غير مباشرة ، فأشبه الإِنزال بالفكر(٣) .

وقال أحمد ومالك والحسن البصري وعطاء : يفسد به الصوم مطلقاً ؛ لأنّه إنزال بفعل يتلذّذ به ، ويمكن التحرّز عنه ، فأشبه الإِنزال باللمس(٤) .

ولو أنزل من غير شهوة - كالمريض - عمداً ، أفسد صومه.

____________________

(١) التهذيب ٤ : ٣٢٠ / ٩٨١.

(٢) المبسوط للطوسي ١ : ٢٧٢.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٩٠ ، المجموع ٦ : ٣٢٢ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٦ ، المغني ٣ : ٤٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٣ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ٧٠.

(٤) المغني ٣ : ٤٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٣ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٦ ، المدونة الكبرى ١ : ١٩٩.

٢٥

ولو قلنا بالإِفساد بالنظر ، فلا فرق بين التكرار وعدمه ، وبه قال مالك(١) .

وقال أحمد : لا يفسد إلّا بالتكرار(٢) .

ولو فكّر فأمنى لم يفطر ، وبه قال الشافعي(٣) .

وقال أصحاب مالك : يفطر(٤) .

وتكره القُبلة للشاب الذي تُحرّك القُبلة شهوته ، ولا تكره لمن يملك إربه(٥) ؛ لأنّ النبيعليه‌السلام ، كان يُقبِّل وهو صائم ، وكان أملك الناس لإِربه(٦) .

ولو أمذى بالتقبيل ، لم يفطر عند علمائنا ، وبه قال أبو حنيفة والشافعي ، وهو مروي عن الحسن والشعبي والأوزاعي(٧) .

وقال مالك وأحمد : يفطر(٨) .

الرابع : إيصال الغبار الغليظ إلى الحلق اختياراً ، كغبار الدقيق والنفض ، مفسدٌ للصوم - خلافاً للجمهور(٩) - لأنّه أوصل إلى الجوف ما ينافي الصوم.

____________________

(١) المدونة الكبرى ١ : ١٩٩ ، المغني ٣ : ٤٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٤ ، المجموع ٦ : ٣٢٢ ، فتح العزيز ٦ : ٣٩٦ ، حلية العلماء ٣ : ٢٠٤.

(٢) المغني ٣ : ٤٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٣ و ٤٤.

(٣) المجموع ٦ : ٣٢٢ ، فتح العزيز ٦ : ٣٩٦.

(٤) التفريع ١ : ٣٠٥ ، فتح العزيز ٦ : ٣٩٦ ، وفيه : وعن أصحابه ( مالك ) في الفكر اختلاف.

(٥) الإِرب والإِربة : الحاجة. لسان العرب ١ : ٢٠٨ ، الصحاح ١ : ٨٧.

(٦) صحيح البخاري ٣ : ٣٩ ، صحيح مسلم ٢ : ٧٧٧ / ٦٦ ، سنن أبي داود ٢ : ٣١١ / ٢٣٨٢ ، سنن البيهقي ٤ : ٢٣٣.

(٧) المجموع ٦ : ٣٢٣ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٦ ، المغني ٣ : ٤٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٤.

(٨) المدونة الكبرى ١ : ١٩٦ ، المجموع ٦ : ٣٢٣ ، المغني ٣ : ٤٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٤ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٦.

(٩) المغني ٣ : ٤٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٨ - ٤٩ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٩٠ ، المجموع ٦ : ٣٢٧ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ٩٨.

٢٦

ولأنّ سليمان بن جعفر(١) سمعه يقول : « إذا شمّ رائحة غليظة ، أو كنس بيتاً ، فدخل في أنفه وحلقه غبار ؛ فإنّ ذلك له فطر ، مثل الأكل والشرب والنكاح »(٢) .

ولو كان مضطرّاً أو لم يشعر به ، لم يفطر إجماعاً.

الخامس : مَن أجنب ليلاً وتعمّد البقاء على الجنابة حتى يطلع الفجر من غير ضرورة ولا عذر ، فسد صومه عند علمائنا ، وبه قال أبو هريرة وسالم ابن عبد الله والحسن البصري وطاوس وعروة ، وبه قال الحسن بن صالح بن حي والنخعي في الفرض خاصّة(٣) ؛ لقولهعليه‌السلام : ( مَن أصبح جُنُباً فلا صوم له )(٤) .

ومن طريق الخاصة : قول الصادقعليه‌السلام ، في رجل أجنب في شهر رمضان بالليل ، ثم ترك الغسل متعمّداً حتى أصبح ، قال : « يعتق رقبةً أو يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستين مسكيناً»(٥) .

وقال الجمهور : لا يفسد الصوم(٦) ؛ للآية(٧) .

ولقول عائشة : أشهد على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أن كان‌

____________________

(١) في المصدر : سليمان بن حفص المروزي.

(٢) التهذيب : ٤ : ٢١٤ / ٦٢١ ، الاستبصار ٢ : ٩٤ / ٣٠٥ بتفاوت يسير في الأخير.

(٣) المغني ٣ : ٧٨ - ٧٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٤ ، المجموع ٦ : ٣٠٧ - ٣٠٨ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٢ - ١٩٣.

(٤) أورده الشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ١٧٤ ، المسألة ١٣ ، والرافعي في فتح العزيز ٦ : ٤٢٤ ، وفي مسند احمد ٢ : ٢٤٨ بتفاوت يسير.

(٥) التهذيب ٤ : ٢١٢ / ٦١٦ ، الاستبصار ٢ : ٨٧ / ٢٧٢.

(٦) المغني ٣ : ٧٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٤ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٨٨ ، المجموع ٦ : ٣٠٧ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٢ ، المدونة الكبرى ١ : ٢٠٦ ، بدائع الصنائع ٢ : ٩٢.

(٧) وهي قوله تعالى :( فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا ما كَتَبَ اللهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ) البقرة : ١٨٧.

٢٧

ليُصبح جُنُباً من جماع غير احتلام ، ثم يصومه(١) .

ولا دلالة في الآية ؛ لعود الغاية إلى الجملة القريبة.

والحديث ممنوع ، ومحمول على القرب من الصباح ؛ لمواظبتهعليه‌السلام ، على أداء الفرائض في أول وقتها.

فروع :

أ - لو طلع عليه الفجر وهو مجامع ، نزع من غير تلوّم ، ووجب القضاء إن لم يُراع الفجر ، ولو نزعه بنيّة الجماع فكالمجامع.

ولو راعى الفجر ، ولم يظنّ قُربه ، ثم نزع مع أول طلوعه ، لم يفسد صومه ؛ لأنّ النزع ترك الجماع ، وبه قال الشافعي وأبو حنيفة(٢) .

وقال مالك وأحمد والمزني وزفر : يبطل صومه(٣) .

وأوجب أحمد الكفّارة(٤) .

ب - لو طلع الفجر وفي فمه طعام ، لَفَظَه ، فإن ابتلعه ، فسد صومه.

ج - قال ابن أبي عقيل : إنّ الحائض والنفساء لو طهرتا ليلا ، وتركتا الغسل حتى يطلع الفجر عمداً ، وجب القضاء خاصة.

السادس : لو أجنب ليلاً ، ثم نام ناوياً للغسل حتّى أصبح ، صحّ صومه. ولو لم يَنو ، فسد صومه ، وعليه القضاء - خلافاً للجمهور(٥) - لما تقدّم من اشتراط الطهارة في ابتدائه ، وبنومه قد فرّط في تحصيل الشرط.

ولو أجنب فنام على عزم ترك الغسل حتى طلع الفجر ، فهو كالتارك‌

____________________

(١) صحيح البخاري ٣ : ٤٠ ، وسنن البيهقي ٤ : ٢١٤.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٨٩ ، المجموع ٦ : ٣٠٩ و ٣١١ ، فتح العزيز ٦ : ٤٠٣ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٣ ، المغني ٣ : ٦٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٦٧.

(٣) المغني ٣ : ٦٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٦٧ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٨٩ ، المجموع ٦ : ٣٠٩ و ٣١١ ، فتح العزيز ٦ : ٤٠٣ - ٤٠٤ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٣.

(٤) المغني ٣ : ٦٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٦٧ ، المجموع ٦ : ٣١١.

(٥) المغني ٣ : ٧٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٤ ، المجموع ٦ : ٣٠٧.

٢٨

للغسل عمداً.

ولو أجنب ثم نام ناوياً للغسل حتى طلع الفجر ، فلا شي‌ء عليه ، فإن استيقظ ثم نام حتى يطلع الفجر ، وجب القضاء خاصة ؛ لأنّ معاوية بن عمّار سأل الصادقعليه‌السلام : الرجل يجنب في أول الليل ثم ينام حتى يصبح في شهر رمضان ، قال : « ليس عليه شي‌ء » قلت : فإنّه استيقظ ثم نام حتى أصبح ، قال : « فليقض ذلك اليوم عقوبة »(١) .

ولو احتلم نهاراً في رمضان من غير قصد ، لم يفطر ، وجاز له تأخير الغسل إجماعاً.

السابع : القي‌ء عمداً مبطل للصوم‌ عند أكثر علمائنا(٢) ، وهو قول عامة العلماء(٣) ؛ لقولهعليه‌السلام : ( مَن ذرعه القي‌ء وهو صائم فليس عليه قضاء ، ومن استقاء فليقض )(٤) .

ومن طريق الخاصة : قول الصادقعليه‌السلام : « إذا تقيّأ الصائم فقد أفطر ، وإن ذرعه من غير أن يتقيّأ فليتم صومه »(٥) .

وقال السيد المرتضى وابن إدريس : لا يفسد صومه(٦) - وبه قال عبد الله ابن عباس وابن مسعود(٧) - لقولهعليه‌السلام : ( لا يفطر مَن قاء )(٨) .

____________________

(١) التهذيب ٤ : ٢١٢ / ٦١٥ ، الاستبصار ٢ : ٨٧ / ٢٧١.

(٢) منهم : الشيخ الطوسي في النهاية : ١٥٤ - ١٥٥ ، والمبسوط ١ : ٢٧١ - ٢٧٢ ، وأبو الصلاح الحلبي في الكافي في الفقه : ١٨٣ ، والقاضي ابن البراج في المهذب ١ : ١٩٢ ، والمحقق في المعتبر : ٣٠٣ ، وشرائع الإِسلام ١ : ١٩٢.

(٣) المغني ٣ : ٥٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٤١ ، المجموع ٦ : ٣١٩ - ٣٢٠.

(٤) سنن أبي داود ٢ : ٣١٠ / ٢٣٨٠ ، سنن البيهقي ٤ : ٢١٩.

(٥) الكافي ٤ : ١٠٨ / ٢ ، التهذيب ٤ : ٢٦٤ / ٧٩١.

(٦) جمل العلم والعمل ( ضمن رسائل الشريف المرتضى ) ٣ : ٥٤ ، السرائر : ٨٨.

(٧) المغني ٣ : ٥٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٤١ ، المجموع ٦ : ٣٢٠ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٥.

(٨) سنن أبي داود ٢ : ٣١٠ / ٢٣٧٦ ، سنن البيهقي ٤ : ٢٢٠.

٢٩

ونقول بموجبه فيما إذا ذرعه.

أمّا لو ذرعه القي‌ء فإنّه لا يفطر بإجماع العلماء.

وحكي عن الحسن البصري في إحدى الروايتين عنه : أنّه يفطر(١) . وهو غلط.

الثامن : اختلف علماؤنا في الاحتقان بالمائعات هل هو مفسد أم لا؟ للشيخ قولان :

أحدهما : الإِفساد(٢) - وبه قال الشافعي وأبو حنيفة وأحمد(٣) - لقول الرضاعليه‌السلام : «الصائم لا يجوز له أن يحتقن »(٤) .

ولأنّه أوصل إلى جوفه ما يصلح بدنه وهو ذاكر للصوم ، فأشبه الأكل.

والثاني : لا يفسد(٥) - وبه قال الحسن بن صالح بن حي وداود(٦) - لأنّ الحقنة لا تصل إلى المعدة ، ولا الى موضع الاغتذاء ، فلا يؤثّر فساداً ، كالاكتحال ، ولا يجري في مجرى الاغتذاء ، فلا يفسد الصوم ، كالاكتحال.

وقال مالك : يفطر بالكثير منها دون القليل(٧) .

____________________

(١) المجموع ٦ : ٣٢٠ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٦.

(٢) الخلاف ٢ : ٢١٣ ، المسألة ٧٣ ، الجمل والعقود ( ضمن الرسائل العشر ) : ٢١٣ ، المبسوط للطوسي ١ : ٢٧١ - ٢٧٢.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٨٩ ، المجموع ٦ : ٣١٣ و ٣٢٠ ، فتح العزيز ٦ : ٣٦٣ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٤ ، بدائع الصنائع ٢ : ٩٣ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ٦٧ ، المغني والشرح الكبير ٣ : ٣٩.

(٤) الفقيه ٢ : ٦٩ / ٢٩٢ ، التهذيب ٤ : ٢٠٤ / ٥٨٩ ، الاستبصار ٢ : ٨٣ / ٢٥٦ ، والكافي ٤ : ١١٠ / ٣ وفيه مضمراً.

(٥) اُنظر : النهاية : ١٥٦ ، والاستبصار ٢ : ٨٣ - ٨٤.

(٦) المجموع ٦ : ٣٢٠ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٤.

(٧) حكاه الشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ٢١٣ ، المسألة ٧٣ ، والمحقّق في المعتبر : ٣٠٢ - ٣٠٣ ، وانظر : الكافي في فقه أهل المدينة : ١٢٦ ، وفتح العزيز ٦ : ٣٦٣ ، وحلية العلماء ٣ : ١٩٥.

٣٠

أمّا الاحتقان بالجامد : فإنّه مكروه لا يفسد به الصوم ، خلافاً للجمهور ؛ فإنّهم لم يفرّقوا بين المائع والجامد(١) ، وبه قال أبو الصلاح وابن البراج(٢) .

فروع :

أ - لو داوى جرحه فوصل الدواء إلى جوفه ، أفسد صومه عند الشيخ(٣) ، وبه قال الشافعي وأبو حنيفة وأحمد(٤) .

وقال مالك : لا يفطر(٥) ، وبه قال أبو يوسف ومحمد(٦) ، وهو الوجه.

ب - لو جرح نفسه برمح فوصل إلى جوفه ، أو أمر غيره بذلك ، قال الشيخ : يفسد صومه(٧) ، وبه قال الشافعي(٨) .

والوجه : أنّه لا يفسد ، وبه قال أبو يوسف ومحمد(٩) .

ج - لو قطّر في اُذنه دهناً أو غيره ، لم يفطر ؛ للأصل.

ولأنّ ابن أبي يعفور سأل الصادقعليه‌السلام ، عن الصائم يصب الدواء‌

____________________

(١) اُنظر المصادر في الهامش (٣) من الصفحة ٢٩.

(٢) الكافي في الفقه : ١٨٣ ، المهذّب - للقاضي ابن البراج - ١ : ١٩٢.

(٣) حكاه عن مبسوط الشيخ ، المحقق في المعتبر : ٣٠٣ ولم نجده فيه.

(٤) المهذب للشيرازي ١ : ١٨٩ ، المجموع ٦ : ٣٢٠ ، فتح العزيز ٦ : ٣٦٢ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٥ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ٦٨ ، بدائع الصنائع ٢ : ٩٣ ، المغني والشرح الكبير ٣ : ٣٩.

(٥) حكاه عنه النووي في المجموع ٦ : ٣٢٠ ، والقفّال الشاشي في حلية العلماء ٣ : ١٩٥ ، وانظر : المدوّنة الكبرى ١ : ١٩٨.

(٦) المبسوط للسرخسي ٣ : ٦٨ ، بدائع الصنائع ٢ : ٩٣ ، المجموع ٦ : ٣٢٠ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٥.

(٧) المبسوط للطوسي ١ : ٢٧٣.

(٨) المهذب للشيرازي ١ : ١٨٩ ، المجموع ٦ : ٣٢٠ ، فتح العزيز ٦ : ٣٨٠ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٥.

(٩) المجموع ٦ : ٣٢٠ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٥.

٣١

في اُذنه ، قال : « نعم »(١) .

وقال بعض علمائنا : يفطر(٢) ؛ وبه قال الشافعي وأبو حنيفة ومالك وأحمد إذا وصل إلى الدماغ ؛ لأنّه جوف فالواصل اليه يغذّيه ، فيفطر به ، كجوف البدن(٣) .

وهو منقوض : بالاكتحال.

د - لو قطَّر في إحليله دواءً أو غيره ، لم يفطر ، سواء وصل الى المثانة أو لا - وبه قال أبو حنيفة وأحمد(٤) - لأنّ المثانة ليست محلاً للاغتذاء ، فلا يفطر بما يصل إليها ؛ ولأنّه ليس بين باطن الذكر والجوف منفذ ، وإنّما يخرج البول رشحا.

وقال الشافعي : يفطر ؛ وبه قال أبو يوسف - واضطرب قول محمد فيه(٥) - لأنّ المثانة كالدماغ في أنّها من باطن البدن(٦) .

ونمنع المساواة.

التاسع : قال الشيخان : الكذب على الله تعالى ، وعلى رسوله والأئمّة‌

____________________

(١) التهذيب ٤ : ٣١١ / ٩٤١ ، الاستبصار ٢ : ٩٥ / ٣٠٧.

(٢) أبو الصلاح الحلبي في الكافي في الفقه : ١٨٣.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٨٩ ، المجموع ٦ : ٣١٤ و ٣٢٠ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٤ ، فتح العزيز ٦ : ٣٦٧ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ٦٧ ، بدائع الصنائع ٢ : ٩٣ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٢٥ ، المغني والشرح الكبير ٣ : ٣٩ ، المدونة الكبرى ١ : ١٩٨.

(٤) بدائع الصنائع ٢ : ٩٣ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ٦٧ ، الاختيار لتعليل المختار ١ : ١٧٥ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٢٥ ، المجموع ٦ : ٣٢٠ ، فتح العزيز ٦ : ٣٧٠ - ٣٧١ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٤ ، المغني ٣ : ٤٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٩.

(٥) الهداية للمرغيناني ١ : ١٢٥ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ٦٧ - ٦٠.

(٦) المجموع ٦ : ٣٢٠ ، فتح العزيز ٦ : ٣٧٠ ، المغني ٣ : ٤٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٩ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٢٥ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ٦٧ ، بدائع الصنائع ٢ : ٩٣ ، الاختيار لتعليل المختار ١ : ١٧٥.

٣٢

عليهم‌السلام ، مفسد للصوم(١) - وبه قال الأوزاعي(٢) - لقول الصادقعليه‌السلام : « الكذبة تنقض الوضوء وتفطر الصائم » قال أبو بصير : هلكنا ، فقالعليه‌السلام : « ليس حيث تذهب ، إنّما ذلك الكذب على الله وعلى رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعلى الأئمّةعليهم‌السلام »(٣) .

وهو محمول على المبالغة.

وقال السيد المرتضى : لا يفسده(٤) ؛ وهو قول الجمهور(٥) ، وهو المعتمد ؛ لأصالة البراءة ، ولا خلاف في أنّ الكذب على غير الله تعالى وغير رسوله والأئمّةعليهم‌السلام ، غير مفسد.

وأمّا المشاتمة والتلفّظ بالقبيح فكذلك ، إلّا الأوزاعي ، فإنّه أوجب بهما الإِفطار(٦) ؛ لقولهعليه‌السلام : ( مَن لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه )(٧) .

ولا دلالة فيه ، والإِجماع على خلاف قوله.

العاشر : الارتماس في الماء ، قال الشيخان : إنّه يفسد الصوم(٨) ؛ لقول الباقرعليه‌السلام : « لا يضرّ الصائم ما صنع إذا اجتنب أربع خصال :

____________________

(١) المبسوط للطوسي ١ : ٢٧٠ ، المقنعة : ٥٤.

(٢) حكاه عنه السيد المرتضى في الانتصار : ٦٣ ، والمحقّق في المعتبر : ٣٠٢.

(٣) الكافي ٤ : ٨٩ / ١٠ ، التهذيب ٤ : ٢٠٣ / ٥٨٥.

(٤) جمل العلم والعمل ( ضمن رسائل الشريف المرتضى ) ٣ : ٥٤ ، وحكاه عنه المحقّق في المعتبر : ٣٠٢.

(٥) كما في المعتبر : ٣٠٢.

(٦) اُنظر : حلية العلماء ٣ : ٢٠٧.

(٧) صحيح البخاري ٣ : ٣٣ ، سنن أبي داود ٢ : ٣٠٧ / ٢٣٦٢ ، سنن الترمذي ٣ : ٨٧ / ٧٠٧ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٣٩ / ١٦٨٩ ، سنن البيهقي ٤ : ٢٧٠ ، مسند أحمد ٢ : ٤٥٢ - ٤٥٣.

(٨) النهاية : ١٤٨ ، المبسوط للطوسي ١ : ٢٧٠ ، المقنعة : ٥٤.

٣٣

الأكل والشرب والنساء والارتماس في الماء »(١) .

ولا حجّة فيه ؛ لجواز التضرّر بالتحريم دون الإِفساد ، كما هو القول الآخر للشيخ(٢) ؛ لأنّ إسحاق بن عمار قال للصادقعليه‌السلام : رجل صائم ارتمس في الماء متعمّداً أعليه قضاء ذلك اليوم؟ قال : « ليس عليه قضاء ولا يعودنّ »(٣) .

قال الشيخ : لست أعرف حديثاً في إيجاب القضاء والكفّارة ، أو إيجاب أحدهما على من ارتمس في الماء(٤) .

وقال السيد المرتضى : لا يفسد الصوم ، وهو مكروه(٥) ؛ وبه قال مالك وأحمد(٦) والحسن والشعبي(٧) .

وقال باقي الجمهور : إنّه غير مكروه أيضاً(٨) .

ولا بأس بصبّ الماء على الرأس للتبرّد والاغتسال من غير كراهة.

ولو ارتمس(٩) فدخل الماء إلى حلقه ، أفسد صومه ، سواء كان دخول الماء اختياراً أو اضطراراً ، إذا كان الارتماس اختياراً.

____________________

(١) التهذيب ٤ : ١٨٩ / ٥٣٥ ، و ٢٠٢ / ٥٨٤ و ٣١٨ - ٣١٩ / ٩٧١ ، والاستبصار ٢ : ٨٠ / ٢٤٤ وفيه وفي الموضعين الأوّلين من التهذيب : ثلاث خصال.

(٢) الاستبصار ٢ : ٨٥ ذيل الحديث ٢٦٣.

(٣) التهذيب ٤ : ٢٠٩ - ٢١٠ / ٦٠٧ و ٣٢٤ / ١٠٠٠ ، الاستبصار ٢ : ٨٤ - ٨٥ / ٢٦٣.

(٤) الاستبصار ٢ : ٨٥ ذيل الحديث ٢٦٣.

(٥) حكاه عنه المحقّق في المعتبر : ٣٠٢ ، وانظر : جُمل العلم والعمل ( ضمن رسائل الشريف المرتضى ) ٣ : ٥٤.

(٦) حكاه عنهما ، المحقق في المعتبر : ٣٠٢ ، وانظر : المغني ٣ : ٤٤ ، والشرح الكبير ٣ : ٥٢.

(٧) المغني ٣ : ٤٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٢.

(٨) حكاه المحقق في المعتبر : ٣٠٢ ، وانظر : المهذب للشيرازي ١ : ١٩٣ ، والمجموع ٦ : ٣٤٨.

(٩) في « ف » زيادة : في الماء.

٣٤

ولو صبّ الماء على رأسه ، فدخل حلقه متعمّداً ، أفسد صومه. وكذا لو كان الصبّ يؤدّي إليه قطعاً مع الاختيار لا الاضطرار ، ولو لم يؤدّ ، لم يفسد.

الحادي عشر : قال المفيد وأبو الصلاح : السعوط(١) الذي يصل إلى الدماغ‌ من الأنف مفسد للصوم مطلقاً(٢) - وبه قال الشافعي وأبو حنيفة وأحمد(٣) - لأنّ النبيعليه‌السلام ، قال للقيط بن صبرة : ( وبالغ في الاستنشاق إلّا أن تكون صائماً )(٤) .

ولأنّ الدماغ جوف ، فالواصل اليه يُغذّيه ، فيفطر به ، كجوف البدن.

والمنع إنّما كان للخوف من النزول الى الحلق ؛ لعروضه في الاستنشاق غالباً ، والتغذية لا تحصل من ذلك. واشتراك الدماغ والمعدة في اسم الجوف لا يقتضي اشتراكهما في الحكم.

وقال الشيخ : إنّه مكروه لا يفسد الصوم ، سواء بلغ الى الدماغ أو لا ، إلّا ما نزل إلى الحلق ؛ فإنّه يفطر ، ويوجب القضاء(٥) ؛ وبه قال مالك والأوزاعي وداود(٦) ، وهو المعتمد ؛ عملاً بالأصل.

مسألة ٩ : يكره مضغ العِلك ، وليس محرَّماً - وبه قال الشعبي والنخعي‌

____________________

(١) السعوط : الدواء يصبّ في الأنف. الصحاح ٣ : ١١٣١.

(٢) المقنعة : ٥٤ ، الكافي في الفقه ١٨٣.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٨٩ ، المجموع ٦ : ٣١٣ ، فتح العزيز ٦ : ٣٦٤ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ٦٧ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٢٥ ، المغني والشرح الكبير ٣ : ٣٩.

(٤) سنن أبي داود ١ : ٣٥ - ٣٦ / ١٤٢ و ٢ : ٣٠٨ / ٢٣٦٦ ، سنن الترمذي ٣ : ١٥٥ / ٧٨٨ ، سنن النسائي ١ : ٦٦ ، سنن ابن ماجة ١ : ١٤٢ / ٤٠٧ ، المستدرك - للحاكم - ١ : ١٤٨.

(٥) المبسوط للطوسي ١ : ٢٧٢.

(٦) المغني والشرح الكبير ٣ : ٣٩ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٥ ، المجموع ٦ : ٣٢٠ ، فتح العزيز ٦ : ٣٦٤ ، المدونة الكبرى ١ : ١٩٧.

٣٥

وقتادة والشافعي وأحمد وإسحاق وأصحاب الرأي(١) - للأصل.

ولأنّ أبا بصير سأل الصادقعليه‌السلام ، عن الصائم يمضغ العِلك ، فقال : « نعم »(٢) .

ولا فرق بين ذي الطعم وغيره ، ولا بين القوي الذي لا يتحلّل أجزاؤه والضعيف الذي يتحلّل إذا تحفّظ من ابتلاع المتحلّل من أجزائه وإن وجد طعمه في حلقه.

مسألة ١٠ : لا بأس بما يُدخله الصائم في فمه إذا لم يتعدّ الحلق‌ ، كمصّ الخاتم ومضغ الطعام وزقّ(٣) الطائر وذوق المرق ؛ لقولهعليه‌السلام : ( أرأيت لو تمضمضت بماء ثم مججته(٤) )(٥) .

وسئل الصادقعليه‌السلام ، عن صبّ الدواء في اُذن الصائم ، فقال : « نعم ويذوق المرق ويزقّ الفرخ »(٦) .

فإن أدخل شيئاً في فمه وابتلعه سهواً ، فإن كان لغرض صحيح ، فلا قضاء عليه ، وإلّا لزمه.

ولو تمضمض فابتلع الماء سهواً ، فإن كان للتبرّد ، فعليه القضاء ، وإن كان للصلاة ، فلا شي‌ء عليه.

وكذا لو ابتلع ما لا يقصده كالذباب وقَطر المطر ، فإن فَعَله عمداً أفطر.

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٩٣ ، المجموع ٦ : ٣٥٣ ، المغني ٣ : ٤٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٧٦ - ٧٧ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٢٥ - ١٢٦ ، الجامع الصغير للشيباني : ١٤١.

(٢) التهذيب ٤ : ٣٢٤ - ١٠٠٢.

(٣) زقّ الطائر فَرَخه : أطعمه بفيه. الصحاح ٤ : ١٤٩١.

(٤) مجّ الرجل الشراب من فيه : إذا رمى به. الصحاح ١ : ٤٠.

(٥) سنن أبي داود ٢ : ٣١١ / ٢٣٨٥ ، سنن الدارمي ٢ : ١٣ ، سنن البيهقي ٤ : ٢٦١ ، المصنّف - لابن أبي شيبة - ٣ : ٦١ ، المستدرك - للحاكم - ١ : ٤٣١ ، وليس فيها ( ثم مججته ).

(٦) التهذيب ٤ : ٣١١ / ٩٤١ ، الاستبصار ٢ : ٩٥ / ٣٠٧.

٣٦

مسألة ١١ : ولا بأس بالسواك للصائم‌ ، سواء الرطب واليابس ، في أول النهار أو آخره عند علمائنا - وبه قال مالك وأبو حنيفة(١) - لأنّ عامر بن ربيعة قال : رأيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ما لا اُحصي يتسوّك وهو صائم(٢) .

ومن طريق الخاصة : قول الحلبي : سألت الصادقعليه‌السلام : أيستاك الصائم بالماء والعود الرطب يجد طعمه؟ فقال : « لا بأس به »(٣) .

وقال أحمد : يكره بالرطب مطلقاً ، ويكره باليابس بعد الزوال - وبه قال ابن عمر وعطاء ومجاهد والأوزاعي وإسحاق وقتادة والشعبي والحكم(٤) - لقولهعليه‌السلام : ( إذا صمتم فاستاكوا بالغداة ، ولا تستاكوا بالعشي فإنّه ليس من صائم تيبس شفتاه إلّا كانتا نوراً بين عينيه يوم القيامة)(٥) .

ويحمل على التسوّك لاستجلاب الريق ؛ لدلالة آخر الحديث عليه.

تذنيب :

يجوز أن يتسوّك بالماء وبالمبلول به‌ ، ويتحفّظ من ابتلاع الرطوبة.

مسألة ١٢ : إنّما يبطل الصوم بالمفطرات لو وقع عمداً‌ ، أمّا لو وقع نسياناً فلا ، على ما يأتي الخلاف فيه.

وكذا ما يحصل من غير قصد ، كالغبار الداخل من غير قصد ، وماء المضمضة ، وكما لو صُبّ في حلقه شي‌ء كرهاً ، فإنّه لا يفسد صومه إجماعاً.

أمّا لو اُكره على الإِفطار بأن توعَّده وخوَّفه حتى أكل ، قال الشيخ : إنّه‌

____________________

(١) المدونة الكبرى ١ : ٢٠٠ - ٢٠١ ، التفريع ١ : ٣٠٨ ، المغني ٣ : ٤٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٧٦ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ٩٩.

(٢) سنن أبي داود ٢ : ٣٠٧ / ٢٣٦٤ ، سنن الترمذي ٣ : ١٠٤ / ٧٢٥ ، سنن الدارقطني ٢ : ٢٠٢ / ٣.

(٣) التهذيب ٤ : ٢٦٢ / ٧٨٢ ، الاستبصار ٢ : ٩١ / ٢٩١.

(٤) المغني ٣ : ٤٥ - ٤٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٧٦ ، معالم السنن - للخطّابي - ٣ : ٢٤٠ - ٢٤١.

(٥) المعجم الكبير - للطبراني - ٤ : ٧٨ / ٣٦٩٦ ، سنن الدار قطني ٢ : ٢٠٤ / ٧ و ٨.

٣٧

يفطر(١) ؛ وبه قال أبو حنيفة ومالك(٢) - وللشافعي قولان(٣) - لأنّ الصوم الإِمساك ، ولم يتحقّق.

ولأنّه فَعَل ضدّ الصوم ذاكراً له ، غايته أنّه فعله لدفع الضرر عن نفسه ، لكنه لا أثر له في دفع الفطر ، كما لو أكل أو شرب لدفع الجوع أو العطش.

ويحتمل : عدم الإِفطار - وبه قال أحمد والشافعي في الثاني من قوليه(٤) - لقولهعليه‌السلام : ( رفع عن اُمّتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه )(٥) .

ولأنّه غير متمكّن ، فلا يصحّ تكليفه.

ولو فَعَل المـُفطِرَ جاهلاً بالتحريم ، أفسد صومه ؛ لأنّ له طريقاً الى العلم ، فالتفريط من جهته ، فلا يسقط الحكم عنه.

ويحتمل : العدم كالناسي.

ولأنّ زرارة وأبا بصير سألا الباقرعليه‌السلام ، عن رجل أتى أهله في شهر رمضان ، وأتى أهله وهو مُحرِم ، وهو لا يرى إلّا أنّ ذلك حلال له ، قال : « ليس عليه شي‌ء »(٦) .

ويمكن حمله على الكفّارة والإِثم.

ولو أكل ناسياً ، فظنّ إفساد صومه ، فتعمّد الأكل ، قال الشيخ : يفطر ،

____________________

(١) المبسوط للطوسي ١ : ٢٧٣.

(٢) المبسوط للسرخسي ٣ : ٩٨ ، بدائع الصنائع ٢ : ٩١ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٧ ، المجموع ٦ : ٣٢٦ ، فتح العزيز ٦ : ٣٩٨.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٩٠ ، المجموع ٦ : ٣٢٥ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٧ ، فتح العزيز ٦ : ٣٩٨.

(٤) المغني ٣ : ٥١ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٨ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٩٠ ، المجموع ٦ : ٣٢٥ و ٣٢٦ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٧ ، فتح العزيز ٦ : ٣٩٨.

(٥) كنز العمّال ٤ : ٢٣٣ / ١٠٣٠٧ نقلاً عن الطبراني في المعجم الكبير.

(٦) التهذيب ٤ : ٢٠٨ / ٦٠٣.

٣٨

وعليه القضاء والكفّارة. قال : وقد ذهب بعض أصحابنا إلى أنّه يقضي ولا يكفّر(١) .

والمعتمد : ما اختاره الشيخ.

مسألة ١٣ : قد سبق(٢) أنّه لو نوى الإِفطار بعد انعقاد الصوم ، لم يفطر‌ ؛ لانعقاده شرعاً ، فلا يبطل إلّا بوجه شرعي.

هذا إذا عاد إلى نيّة الصوم ، ولو لم يَعُد ، فالوجه القضاء - وبه قال أصحاب الرأي والشافعية في أحد الوجهين(٣) - لأنّه لم يصم لفوات شرطه ، وهو : النية المستمرة فعلاً أو حكماً ، فلا يعتدّ بإمساكه.

وقال أحمد وأبو ثور والشافعية في الوجه الثاني : يفطر مطلقاً(٤) .

وعلى كلّ تقدير ، فلا كفّارة ؛ لأصالة البراءة ، السالم عن الهتك.

ولو نوى القطع في النفل ، لم يصح صومه. وإن عاد فنواه ، صحّ ، كما لو أصبح غير ناوٍ للصوم.

ولو نوى أنّه سيفطر بعد ساعة اُخرى ، لم يفطر ؛ لأنّه لو نوى الإِفطار في الحال ، لم يفطره ، فالأولى في المستقبل عدمه.

ولو نوى أنّه إن وجد طعاماً أفطر ، وإن لم يجد لم يفطر ، لم يبطل صومه ؛ لأنّ نيّة الجزم بالإِفطار غير مؤثّرة فيه ، فمع التردّد أولى.

وقد نازع بعض المشترطين لاستمرار حكم النيّة في الموضعين.

وقال الشيخ : لو نوى الإِفطار في يوم يعلمه من رمضان ، ثم جدّد نيّة الصوم قبل الزوال ، لم ينعقد(٥) .

وهو جيّد وإن كان فيه كلام.

____________________

(١) المبسوط للطوسي ١ : ٢٧٣.

(٢) سبق في الفرع « د » من المسألة ٣.

(٣و٤) المغني ٣ : ٥٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٣١ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٨٨ ، المجموع ٦ : ٢٩٧ ، حلية العلماء ٣ : ١٨٧.

(٥) المبسوط للطوسي ١ : ٢٧٧.

٣٩

الفصل الثالث

فيما يوجب القضاء والكفّارة أو القضاء خاصة‌

مسألة ١٤ : الجماع عمداً في فرج المرأة يوجب القضاء والكفّارة‌ عند علمائنا أجمع - وهو قول عامة العلماء(١) - لأنّ رجلاً جاء إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : هلكت ، فقال : ( وما أهلكك؟ ) قال : وقعت على امرأتي في رمضان ، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( هل تجد رقبة تعتقها؟ ) قال : لا ، قال : ( فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ ) قال : لا ، قال : فهل تستطيع إطعام ستين مسكيناً؟ ) قال : لا أجد ، فقال له النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( اجلس ) فجلس ، فبينا هو جالس كذلك ، اُتي بعَرَقٍ(٢) فيه تمر ، فقال له النبيعليه‌السلام : ( اذهب فتصدّق به ) فقال : يا رسول الله ، والذي بعثك بالحق ، ما بين لابتيها(٣) أهل بيت أحوج منّا ، فضحك‌

____________________

(١) المغني ٣ : ٥٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٧.

(٢) العَرَق : السفيفة المنسوجة من الخوص أو غيره قبل أن يجعل منه الزبيل. ومنه قيل للزبيل : عَرَق. الصحاح ٤ : ١٥٢٢. وجاء في هامش « ن » : وبخط المصنّف : العرق : المكتل.

(٣) أي : لابتا المدينة المنورة. واللّابة : الحرّة. وهي : الأرض ذات الحجارة السود التي قد ألبستها لكثرتها. والمدينة تقع ما بين حرّتين عظيمتين. النهاية لابن الأثير ٤ : ٢٧٤ « لوب ».

٤٠

مسألة ٤١٠ : لو وطئ قبل التلبية أو الإشعار أو التقليد ، لم يكن عليه شي‌ء‌ وإن تلبّس بالإحرام ؛ لأنّ انعقاد الإحرام بأحد الثلاثة ، فإذا وطئ قبلها ، لم يصادف إحراما منعقدا ، لأنّ حريزا روى - في الحسن - عن الصادقعليه‌السلام : « في الرجل إذا تهيّأ للإحرام فله أن يأتي النساء ما لم يعقد التلبية أو يلبّي »(١) .

مسألة ٤١١ : لو جامع بعد الوقوف بالموقفين ، لم يفسد حجّه ، وعليه بدنة لا غير ، عند علمائنا - وبه قال أبو حنيفة(٢) - لما رواه العامّة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال : ( مَنْ أدرك عرفة فقد تمّ حجّه )(٣) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - : « إذا واقع الرجل دون المزدلفة أو قبل أن يأتي مزدلفة ، فعليه الحجّ من قابل »(٤) دلّ بمفهومه على عدم وجوب الحجّ لو جامع بعد الوقوف بالمزدلفة.

وقال الشافعي : لا فرق بين الجماع قبل الوقوف وبعده في الإفساد إذا كان قبل التحلّل الأوّل ، ولو كان بعد التحلّل الأوّل بالرمي والحلق ، لم يفسد إحرامه الماضي ، ويأتي بالطواف ، وعليه الكفّارة ؛ لأنّه وطء عمد صادف إحراماً تامّاً ، فأفسده ، كما لو كان قبل الوقوف(٥) .

____________________

(١) الكافي ٤ : ٣٣٠ / ٧ ، التهذيب ٥ : ٣١٦ - ٣١٧ / ١٠٩٠ ، الاستبصار ٢ : ١٩٠ / ٦٣٧.

(٢) النتف ١ : ٢١٣ ، الاختيار لتعليل المختار ١ : ٢١٨ ، المغني ٣ : ٣٢٤ و ٣٢٥ و ٥١٦ و ٥١٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢١ ، المجموع ٧ : ٤١٤.

(٣) المغني ٣ : ٥١٦.

(٤) التهذيب ٥ : ٣١٩ / ١٠٩٩.

(٥) الحاوي الكبير ٤ : ٢١٧ ، فتح العزيز ٧ : ٤٧١ ، المجموع ٧ : ٣٨٧ - ٣٨٨ و ٤١٤ ، المغني ٣ : ٥١٦.

٤١

والفرق : أنّ الوطء قبل الوقوف يكون أكثر أفعال الحجّ لم يقع بعد ، بخلاف ما بعده.

وقال مالك وأحمد : يفسد حجّه إن كان قبل التحلّل الأوّل ، وإن كان بعد التحلّل الأوّل بالرمي والحلق ، لم يفسد إحرامه الماضي ، ويفسد ما بقي من إحرامه ، ويجب عليه أن يُحرم بعمرة ويأتي بالطواف في إحرام صحيح ، وتلزمه شاة(١) .

مسألة ٤١٢ : لو كان الوطء بعد الوقوف بعرفة قبل الوقوف بمزدلفة ، فسد حجّه‌ أيضاً ، قاله أكثر العلماء(٢) ؛ لما رواه العامّة عن ابن عباس أنّه قال : مَنْ وطئ بعد التحلّل فقد تمّ حجّه ، وعليه بدنه(٣) .

والظاهر أنّه قاله نقلاً عن الرسولعليه‌السلام ، وهو يدلّ بمفهومه على عدم التمام لو وطئ قبل التحلّل.

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « إذا وقع الرجل بامرأته دون المزدلفة ، أو قبل أن يأتي مزدلفة ، فعليه الحجّ من قابل »(٤) .

وقال أبو حنيفة : لا يفسد ، ويجب عليه بدنة ؛ لما روي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال : ( الحجّ عرفة مَنْ وقف بعرفة فقد تمّ حجّه )(٥) .

____________________

(١) المغني ٣ : ٥١٦ و ٥١٩ - ٥٢٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢١ و ٣٢٦ - ٣٢٨ ، المجموع ٧ : ٤٠٧ - ٤٠٨ ، و ٤١٤ ، فتح العزيز ٧ : ٤٧١ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢١٩.

(٢) المغني ٣ : ٥١٦ و ٣٢٣ - ٣٢٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢١ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢١٧ ، الاستذكار ١٢ : ٢٩٤ ، فتح العزيز ٧ : ٤٧١ ، المجموع ٧ : ٤١٤.

(٣) الحاوي الكبير ٤ : ٢١٩.

(٤) التهذيب ٥ : ٣١٩ / ١٠٩٩.

(٥) المبسوط - للسرخسي - ٤ : ١١٩ ، بدائع الصنائع ٢ : ٢١٧ ، النتف ١ : ٢١٣ ، الاختيار لتعليل المختار ١ : ٢١٨ ، المغني ٣ : ٣٢٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢١ ، =

٤٢

وهو لا يدلّ على المطلوب إلّا بالمفهوم ، وهو لا يقول به.

مسألة ٤١٣ : لو كرّر الوطء وهو مُحْرم ، وجب(١) عليه بكلّ وطء كفّارة ، وهي بدنة ، سواء كفّر عن الأوّل أو لا - وهو إحدى الروايتين عن أحمد(٢) - لأنّه وطء صادف إحراماً لم يتحلّل منه ، فوجب به البدنة ، كما لو كان الإحرام صحيحاً.

ولأنّ الإحرام الفاسد كالصحيح في سائر الكفّارات.

وقال الشافعي : إن وطئ بعد أن كفّر عن الأوّل ، وجب عليه الكفّارة.

وهل الكفّارة الثانية شاة أو بدنة؟ قولان.

وإن وطئ قبل أن يكفّر ، فأقوال ثلاثة : أحدها : لا شي‌ء عليه. والثاني : شاة. والثالث : بدنة(٣) .

وقال أبو حنيفة : تجب عليه شاة ، سواء كفّر عن الأوّل أو لا ، إلّا أن يتكرّر الوطء في مجلس واحد على وجه الرفض للإحرام ، بأن ينوي به رفض الإحرام ؛ لأنّه وطء صادف إحراماً نقضت حرمته ، فلم تجب به الفدية ، كما لو وطئ بعد التحلّل(٤) .

والفرق : أنّ الوطء بعد التحلّل لم يصادف الإحرام ، أو قد تحلّل من‌

____________________

= الحاوي الكبير ٤ : ٢١٧ ، فتح العزيز ٧ : ٤٧١ ، المجموع ٧ : ٤١٤ ، الاستذكار ١٢ : ٢٩٤ ، والرواية في الاختيار والبدائع.

(١) في « ن » والطبعة الحجرية : كان.

(٢) المغني ٣ : ٣٢٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٥٠.

(٣) الحاوي الكبير ٤ : ٢٢٠ ، فتح العزيز ٧ : ٤٧٢ - ٤٧٣ ، المجموع ٧ : ٤٠٧ ، وحكاه عنه الشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ٣٦٦ ، المسألة ٢٠٤.

(٤) المغني ٣ : ٣٢٨ - ٣٢٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٥١ ، وانظر : فتح العزيز ٧ : ٤٧٣ ، والمجموع ٧ : ٤٢٠ ، وبداية المجتهد ١ : ٣٧١.

٤٣

معظم محظوراته ، بخلاف الوطء في الإِحرام الكامل.

وقال مالك : لا يجب عليه بالوطء الثاني شي‌ء ؛ لأنّه وطء لا يتعلّق به إفساد الحج ، فلا تجب به الكفّارة ، كما لو كان في مجلس واحد(١) .

والجواب : أنّ عدم تعلّق الإفساد به لا يمنع وجوب الكفّارة ، كقتل الصيد ولُبس الثوب وغيرهما من أنواع المحظورات.

وقال أحمد في الرواية الثانية : إن كفّر عن الأوّل ، وجب عليه عن الثاني بدنة ؛ لأنّه وطئ في إحرام لم يتحلّل منه ، ولا أمكن تداخل كفّارته في غيره ، فأشبه الوطء الأوّل(٢) .

والشيخ -رحمه‌الله - تردّد في الخلاف في تكرّر الكفّارة مع عدم التكفير في الأوّل(٣) ، وجزم في المبسوط بالتكرّر مطلقاً(٤) .

مسألة ٤١٤ : لو جامع بعد الموقفين قبل طواف الزيارة ، وجب عليه جزور‌ إن كان موسراً ، فإن عجز ، وجب عليه بقرة ، فإن عجز ، فشاة ؛ لما تقدّم من أنّ من جامع بعد التحلّل الأوّل وجب عليه بدنة ، وقد سبق(٥) الخلاف فيه.

ولما رواه معاوية بن عمّار - في الحسن - عن الصادقعليه‌السلام ، أنّه سأله : عن متمتّع وقع على أهله ولم يزر ، قال : « ينحر جزورا »(٦) .

____________________

(١) بداية المجتهد ١ : ٣٧١ ، المغني ٣ : ٣٢٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٥١ ، فتح العزيز ٧ : ٤٧٣.

(٢) المغني ٣ : ٣٢٨ - ٣٢٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٥٠.

(٣) الخلاف ٢ : ٣٦٦ - ٣٦٧ ، المسألة ٢٠٤.

(٤) المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٣٧.

(٥) سبق في المسألة ٤١١.

(٦) الكافي ٤ : ٣٧٨ / ٣ ، التهذيب ٥ : ٣٢١ / ١١٠٤.

٤٤

وسأله عيص بن القاسم : عن رجل واقع أهله حين ضحّى قبل أن يزور البيت ، قال : «يُهريق دماً »(١) .

ولو جامع بعد أن طاف من طواف الزيارة شيئاً ، وجب عليه الكفّارة : بدنة. وكذا لو أتمّ طوافه ثم جامع بعد أن سعى شيئاً من سعيه ، وجبت البدنة. وكذا لو كان بعد تمام السعي قبل طواف النساء ، وجب عليه البدنة ، وحجّه صحيح ، لأنّه وطئ في إحرام ، فكان عليه بدنة ، كما لو جامع بعد الموقفين قبل طواف الزيارة.

ولما رواه معاوية بن عمّار - في الصحيح - أنّه سأل الصادقَعليه‌السلام : عن رجل وقع [ على ](٢) امرأته قبل أن يطوف طواف النساء ، قال : « عليه جزور سمينة ، وإن كان جاهلاً ، فليس عليه شي‌ء »(٣) .

إذا عرفت هذا ، فلو جامع قبل طواف الزيارة أو بعده قبل طواف النساء جاهلاً بالتحريم أو ناسياً ، لم تجب عليه كفّارة ؛ لأنّهما عذران يسقطان الكفّارة في الوطء قبل الموقفين ، فهنا أولى.

مسألة ٤١٥ : لو جامع بعد أن طاف شيئاً من طواف النساء ، قال الشيخرحمه‌الله : إن كان قد طاف أكثر من النصف ، بنى عليه بعد الغسل ، ولا شي‌ء عليه ، وإن كان أقلّ من النصف ، وجب عليه الكفّارة وإعادة الطواف(٤) ؛ لموافقته الأصل ، وهو : براءة الذمّة.

ولأنّ معظم الشي‌ء يعطي حكم ذلك الشي‌ء غالباً.

____________________

(١) الكافي ٤ : ٣٧٩ / ٤ ، التهذيب ٥ : ٣٢١ / ١١٠٥.

(٢) أضفناها من المصدر.

(٣) الكافي ٤ : ٣٧٨ ذيل الحديث ٣ ، التهذيب ٥ : ٣٢٣ / ١١٠٩.

(٤) النهاية : ٢٣١ ، المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٣٧.

٤٥

ولأنّ حمران بن أعين سأل الباقرَعليه‌السلام : عن رجل كان عليه طواف النساء وحده ، فطاف منه خمسة أشواط ثم غمزه بطنه فخاف أن يبدره فخرج إلى منزله فنقض ثم غشي جاريته ، قال : « يغتسل ثم يرجع فيطوف بالبيت طوافين تمام ما كان بقي عليه من طوافه ، ويستغفر ربّه ولا يعود ، وإن كان طاف طواف النساء فطاف منه ثلاثة أشواط ثم خرج فغشي فقد أفسد حجّه ، وعليه بدنة ، ويغتسل ثم يعود فيطوف اُسبوعاً »(١) .

مسألة ٤١٦ : ولا فرق في الوطء بين أن يطأ في إحرام حجّ واجب أو مندوب‌؛ لأنّه بعد التلبّس بالإحرام يصير المندوب واجبا ، ويجب عليه إتمامه ، كما يجب عليه إتمام الحجّ الواجب.

ولأنّ الحجّ الفاسد يجب عليه إتمامه ، فالمندوب أولى.

إذا عرفت هذا ، فكلّ موضع قلنا : إنّه يفسد الحجّ الواجب فيه ، كالوطء قبل الموقفين ، فإنّه يفسد الحجّ المندوب فيه أيضاً ، فلو وطئ قبل الوقوف بالموقفين في الحجّ المندوب ، فسد حجّه ، ووجب عليه إتمامه وبدنة والحجّ من قابل ، ولو كان بعد الموقفين ، وجب عليه بدنة لا غير.

وكذا لا فرق بين أن يطأ امرأته الحُرّة أو جاريته المـُحْرمة أو المـُحِلّة إذا كان مُحْرماً ، فإنّ الحكم في الجميع واحد.

فإن كانت أمته مُحْرمةً بغير إذنه ، أو مُحِلّةً ، فإنّه لا تتعلّق بها كفّارة ولا به عنها.

ولو كانت مُحْرمةً بإذنه ، فطاوعته ، فالأقرب : وجوب الكفّارة ، كما في العبد المأذون إذا أفسد.

____________________

(١) الكافي ٤ : ٣٧٩ / ٦ ، التهذيب ٥ : ٣٢٣ / ١١١٠.

٤٦

ولو أكرهها ، فإن قلنا في المطاوعة بوجوب الكفّارة عنها ، تحمّلها السيّد ، وإلّا فلا.

مسألة ٤١٧ : لو وطئ أمته وهو مُحِلٌّ وهي مُحْرمة ، فإن كان إحرامها بغير إذنه ، فلا عبرة به ، ولا كفّارة عليه ، وإن كان بإذنه ، وجب عليه بدنة أو بقرة أو شاة ، فإن لم يجد ، فشاة أو صيام ثلاثة أيّام ؛ لأنّه هتك إحراماً صحيحاً.

ولرواية إسحاق بن عمّار عن الكاظمعليه‌السلام ، قال : سألته عن رجل مُحِلّ وقع على أمة مُحْرمة ، قال : « موسراً أو معسراً؟ » قلت : أجبني عنهما ، قال : « هو أمرها بالإحرام أو لم يأمرها أو أحرمت من قِبَل نفسها؟ » قلت : أجبني عنها ، قال : « إن كان موسراً وكان عالماً أنّه لا ينبغي له وكان هو الذي أمرها بالإِحرام ، فعليه بدنة ، وإن شاء بقرة ، وإن شاء شاة ، وإن لم يكن أمرها بالإحرام ، فلا شي‌ء عليه موسراً كان أو معسراً ، وإن كان أمرها وهو معسر ، فعليه دم شاة أو صيام »(١) .

إذا ثبت هذا ، فلو كانا مُحْرمين أو كان هو مُحْرماً ، وجبت عليه الكفّارة.

ولو كان هو مُحِلّاً وهي مُحْرمة بإذنه ، وجبت عليه البدنة لا غير ، سواء كان قبل الوقوف بالموقفين أو بعده ، وسواء طاوعته أو أكرهها ، لكن لو طاوعته ، فسد حجّها ، ووجب عليه أن يأذن لها في القضاء ؛ لأنّه أذن لها في الابتداء وأحرمت إحراماً صحيحاً ، وكان الفساد منه ، فوجب عليه الإذن في القضاء ، كالصيام.

____________________

(١) الكافي ٤ : ٣٧٤ - ٣٧٥ / ٦ ، التهذيب ٥ : ٣٢٠ / ١١٠٢ ، الاستبصار ٢ : ١٩٠ / ٦٣٩.

٤٧

ولو زنى بامرأة ، تعلّق به من الأحكام ما يتعلّق بالوطء الصحيح ؛ لأنّه أبلغ في هتك الإحرام ، فكانت العقوبة واجبةً عليه.

مسألة ٤١٨ : مَنْ وجب عليه بدنة في إفساد الحجّ فلم يجد ، كان عليه بقرة ، فإن لم يجد ، فسبع شياه على الترتيب ، فإن لم يجد ، فقيمة البدنة دراهم أو ثمنها طعاماً يتصدّق به ، فإن لم يجد ، صام عن كلّ مدّ يوماً ، وبه قال الشافعي(١) .

وفي [ أصحابه ] من قال : هو مخيّر(٢) .

واستدلّ عليه الشيخ -رحمه‌الله - بإجماع الفرقة وأخبارهم وطريقة الاحتياط(٣) .

وابن بابويه قال : مَنْ وجبت عليه بدنة في كفّارة فلم يجد ، فعليه سبع شياه ، فإن لم يقدر ، صام ثمانية عشر يوماً بمكّة أو في منزله(٤) .

وعن أحمد روايتان ، إحداهما : أنّها على التخيير إن شاء أخرج أيّ هذه الخمسة(٥) ، التي ذكرناها ، أعني : البدنة والبقرة وسبع شياه وقيمة البدنة والصيام.

لنا : أنّ الصحابة والأئمّةعليهم‌السلام : أوجبوا البدنة في الإفساد ، وذلك‌

____________________

(١) الاُم ٢ : ٢١٨ ، فتح العزيز ٨ : ٧٥ - ٧٦ ، المجموع ٧ : ٤٠١ و ٤١٦ ، حلية العلماء ٣ : ٣١١ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢٢٤.

(٢) الكلام من بداية المسألة إلى هنا من كلام الشيخ الطوسي في الخلاف ، ونقله المصنّف في المنتهى ٢ : ٨٤١ مصدّراً بقوله : قال الشيخ. وما بين المعقوفين أثبتناه من الخلاف ، وفي « ف » والطبعة الحجرية : ( وفي أصحابنا ) أمّا في « ط ، ن » فلم يتبيّن لنا اللفظ ، لسقوطه.

(٣) الخلاف ٢ : ٣٧٢ ، المسألة ٢١٣.

(٤) المقنع : ٧٨.

(٥) حلية العلماء ٣ : ٣١٢ ، المجموع ٧ : ٤١٦.

٤٨

يقتضي تعيّنها ، والبقرة دونها جنساً وقيمةً.

ولقولهعليه‌السلام : ( مَنْ راح في الساعة الاُولى فكأنّما قرّب بدنةً ، ومَنْ راح في الثانية فكأنّما قرّب بقرةً )(١) يعني إلى الجمعة.

ولأنّ ذلك سبب يجب به القضاء ، فكانت كفّارته على الترتيب ، كالفوات.

وأحمد قاس على قتل النعامة.

والفرق : أنّ الانتقال في قتل النعامة إلى القيمة ، فكان مخيّراً فيها ، وهنا ينتقل إلى ما هو دونها.

مسألة ٤١٩ : لو وطئ في العمرة قبل السعي ، فسدت عمرته ، ووجب عليه بدنة وقضاؤها - وبه قال الشافعي(٢) - لأنّها عبادة تشتمل على طواف وسعي ، فوجب بالوطء فيها بدنة ، كالحجّ.

ولرواية مسمع عن الصادقعليه‌السلام : في الرجل يعتمر عمرة مفردة فيطوف بالبيت طواف الفريضة ثم يغشى أهله قبل أن يسعى بين الصفا والمروة ، قال : « قد أفسد عمرته ، وعليه بدنة ، ويقيم بمكّة مُحلّاً حتى يخرج الشهر الذي اعتمر فيه ثم يخرج إلى الوقت الذي وقّته رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لأهل بلاده ، فيُحْرم منه ويعتمر »(٣) .

وقال أبو حنيفة : إذا وطئ قبل أن يطوف أربعة أشواط ، فسدت‌

____________________

(١) صحيح البخاري ٢ : ٣ ، صحيح مسلم ٢ : ٥٨٢ / ٨٥٠ ، الموطّأ ١ : ١٠١ / ١ ، سنن أبي داود ١ : ٩٦ / ٣٥١ ، سنن النسائي ٣ : ٩٩ ، سنن الترمذي ٢ : ٣٧٢ / ٤٩٩.

(٢) الحاوي الكبير ٤ : ٢٣٢ - ٢٣٣ ، فتح العزيز ٧ : ٤٧١ ، المجموع ٧ : ٤٢٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٥.

(٣) الكافي ٤ : ٥٣٨ - ٥٣٩ / ٢ ، الفقيه ٢ : ٢٧٥ / ١٣٤٤ ، التهذيب ٥ : ٣٢٣ - ٣٢٤ / ١١١١.

٤٩

عمرته ، ووجب عليه القضاء وشاة ؛ لأنّها عبادة لا تتضمّن الوقوف ، ولا يجب عليه بالوطء فيها بدنة ، كما لو قرنها بحجّه(١) .

ونمنع حكم الأصل.

وقال أحمد : يجب بالوطء القضاء وشاة إذا وجد في الإحرام(٢) .

إذا عرفت هذا ، فالبدنة والإفساد يتعلّقان بالوطء في إحرام العمرة قبل السعي ولو كان بعد الطواف - وبه قال الشافعي(٣) - لرواية مسمع عن الصادقعليه‌السلام (٤) .

وقال أبو حنيفة : إذا وطئ بعد أربعة أشواط ، لم تفسد عمرته ، ووجبت الشاة ؛ لأنّه وطئ بعد ما أتى بركن العبادة ، فأشبه ما إذا وطئ بعد الوقوف في الحج ، وإنّما وجبت الشاة ؛ لأنّ الشاة تقوم مقام الطواف والسعي في حقّ المحصر ، فقامت مقام بعض ذلك هنا(٥) .

والجواب : أنّ محظورات الإحرام سواء مثل الطيب واللباس والصيد تستوي قبل الإتيان بأكثر الطواف وبعده ، كذلك الوطء.

مسألة ٤٢٠ : القارن عندنا هو الذي يسوق إلى إحرامه هدياً ، وعندهم هو مَنْ يقرن الإحرامين على ما مضى(٦) الخلاف فيه ، فلو أفسد القارن‌

____________________

(١) الهداية - للمرغيناني - ١ : ١٦٥ ، المغني ٣ : ٥١٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٥ ، حلية العلماء ٣ : ٣١٥.

(٢) المغني ٣ : ٥١٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٥ ، حلية العلماء ٣ : ٣١٥.

(٣) الحاوي الكبير ٤ : ٢٣٢ - ٢٣٣ ، المجموع ٧ : ٤٢٢.

(٤) تقدّمت الرواية في صدر المسألة.

(٥) بدائع الصنائع ٢ : ٢١٩ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٥٨ ، المغني ٣ : ٥١٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٥ ، حلية العلماء ٣ : ٣١٥ ، المجموع ٧ : ٤٢٢.

(٦) مضى في ج ٧ ص ١٢٥ ، المسألة ٩٥.

٥٠

حجّه ، وجب عليه بدنة ، وليس عليه دم القرآن ، ويجب عليه القضاء ؛ لأنّه أفسد حجّاً ، فكان عليه بدنة ، كالمتمتّع والمفرد.

وقال الشافعي : إذا وطئ القارن - على تفسيرهم - لزمه بدنة بالوطء ودم القران ، ويقضي قارنا ، ويلزمه دم القران في القضاء أيضا ، فإن قضى مفردا ، جاز ، ولا يسقط عنه دم القران الذي يلزمه في القضاء(١) . وبه قال أحمد إلّا أنّه قال : إذا قضى مفرداً ، لم يجب دم القران(٢) .

وقال أبو حنيفة : يفسد إحرامه ، وتجب عليه شاة لإفساد الحجّ ، وشاة لإفساد العمرة ، وشاة القران ، إلّا أن يكون قد وطئ بعد ما طاف في العمرة أربعة أشواط(٣) .

مسألة ٤٢١ : إذا قضى الحاجّ والمعتمر ، فعليه في قضاء الحجّ الإحرامُ من الميقات ، وعليه في إحرام العمرة الإحرامُ من أدنى الحِلّ - وبه قال أبو حنيفة ومالك(٤) - لأنّه لا يجوز الإحرام قبل الميقات على ما تقدّم(٥) ، فلا يجوز في القضاء ؛ لأنّه تابع.

وأمّا في العمرة : فلأنّ الإحرام من أدنى الحلّ هو الواجب في الأداء ، فكذا في القضاء.

____________________

(١) فتح العزيز ٧ : ٤٧٦ - ٤٧٧ ، المجموع ٧ : ٤١٦ ، المغني ٣ : ٥١٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٦.

(٢) المغني ٣ : ٥١٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٦.

(٣) انظر : بدائع الصنائع ٢ : ٢١٩ ، والمبسوط - للسرخسي - ٤ : ١١٩ ، وفتح العزيز ٧ : ٤٧٧ ، والمجموع ٧ : ٤١٦ ، والمغني ٣ : ٤٩٩ و ٥١٨ ، والشرح الكبير ٣ : ٣٢٥ و ٣٢٦.

(٤) المجموع ٧ : ٤١٥ - ٤١٦ ، فتح العزيز ٧ : ٤٧٥ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢٣٣.

(٥) تقدّم في ج ٧ ص ١٩٥ ، المسألة ١٤٩.

٥١

ولأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر عائشة أن تقضي عمرتها من التنعيم(١) .

وقال الشافعي : إذا أفسد الحجّ والعمرة ، لزمه القضاء من حيث أحرم بالأداء - وبه قال أحمد - لأنّ كلّ مسافة وجب عليه قطعها مُحْرِماً في الأداء وجب عليه في القضاء ، كما لو أحرم قبل الميقات(٢) .

ونحن نقول بموجبه ؛ لأنّه لا يجب عليه قطع المسافة مُحْرماً إلّا من الميقات.

وينتقض : بأنّه لا يجب عليه في القضاء سلوك طريق الأداء إجماعا ، لكنّ الشافعي أوجب الإحرام من المحاذي للأوّل(٣) .

مسألة ٤٢٢ : إذا أفسد في القضاء ، وجب عليه بدنة اُخرى ، وإتمام القضاء ، والقضاء من قابل‌ ؛ للعمومات ، ويلزمه أن يأتي بالقضاء ، ولا يتكرّر عليه ، بل إذا أتى بحجّة واحدة ، كفاه.

وكذلك إن تكرّر إفساد القضاء ، كفاه قضاء واحد ، لأنّ الحجّ الواجب واحد ؛ فإذا لم يأت به على وجهه ، وجب عليه الإتيان به على وجهه.

ولا يجب عليه أن يأتي بقضاء آخر عوضاً عن إفساد القضاء بمفرده ، بل إذا أتى في السنة الثالثة بحجّة صحيحة ، كفاه عن الفاسد ابتداءً وقضاءً.

ولو أفسد الثالث ، كفاه في الرابعة إتيان حجّة صحيحة عن جميع ما تقدّمه ؛ لأنّ الفاسد إذا انضمّ إليه القضاء ، أجزأ عمّا كان يجزئ عنه الأداء لو لم يفسده ، فهذا القضاء الذي أفسده إذا أتى بعده بالقضاء ، أجزأ عمّا كان‌

____________________

(١) صحيح البخاري ٣ : ٤ ، صحيح مسلم ٢ : ٨٨٠ / ١٣٥ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٩٩٧ /٩٩٩ ، سنن الترمذي ٣ : ٢٧٣ / ٩٢٤.

(٢) الحاوي الكبير ٤ : ٢٣٣ ، فتح العزيز ٧ : ٤٧٤ ، المجموع ٧ : ٣٨٩ - ٣٩٠ و ٤١٥ ، حلية العلماء ٣ : ٣١٠ ، المغني ٣ : ٣٨٤ - ٣٨٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٤.

(٣) المجموع ٧ : ٣٩٠.

٥٢

يجزئ عنه الفاسد لو كان صحيحاً ، ولو كان صحيحاً ، سقط به قضاء الأوّل ، كذلك إذا قضاه ، وهذا يقتضي أن يكون هذا القضاء عن القضاء الفاسد.

مسألة ٤٢٣ : لو عقد المـُحْرم لمـُحْرمٍ على امرأة ودخل المـُحْرم ، وجبت على العاقد الكفّارة‌ ، كما تجب على الواطئ. وكذا لو كان العاقد مُحِلّاً ، لرواية سماعة عن الصادقعليه‌السلام ، قال : « لا ينبغي للرجل الحلال أن يُزوّج مُحْرماً يعلم أنّه لا يحلّ له » قلت : فإن فعل فدخل بها الـمُحْرم ، قال : « إن كانا عالمين فإنّ على كلّ واحد منهما بدنة ، وعلى المرأة إن كانت محرمة ، وإن لم تكن مُحْرمةً ، فلا شي‌ء عليها إلّا أن تكون قد علمت أنّ الذي تزوّجها مُحْرم ، فإن كانت علمت ثم تزوّجته فعليها بدنة »(١) .

مسألة ٤٢٤ : لو نظر إلى غير أهله فأمنى ، لم يفسد حجّه‌ ، ووجب عليه بدنة ، فإن عجز ، فبقرة ، فإن عجز ، فشاة ، عند علمائنا - وبعدم الإفساد قال ابن عباس وأبو حنيفة والشافعي وأحمد(٢) - لأنّه إنزال عن غير مباشرة ، فأشبه الإنزال عن الفكر والاحتلام.

وقال مالك : إن ردّد النظر حتى أمنى ، وجب عليه الحجّ من قابل - وبه قال الحسن البصري وعطاء - لأنّه إنزال بفعل محظور ، فأشبه الإنزال بالمباشرة(٣) .

والفرق : أنّ المباشرة أبلغ في اللذّة ، وآكد في استدعاء الشهوة ، والفاحشة فيها أعظم.

ولو نظر إلى غير أهله ولم يكرّر النظر أو كرّره حتى أمنى ، وجب عليه البدنة عندنا ؛ لأنّه إنزال بفعل محظور ، فأوجب البدنة ، كالجماع فيما‌

____________________

(١) الكافي ٤ : ٣٧٢ / ٥ ، التهذيب ٥ : ٣٣٠ - ٣٣١ / ١١٣٨.

(٢و٣) المغني ٣ : ٣٣٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٩ ، المجموع ٧ : ٤١٣.

٥٣

دون الفرج.

ولقول الباقرعليه‌السلام في رجل مُحْرم نظر إلى غير أهله فأنزل : « عليه جزور أو بقرة ، فإن لم يجد فشاة »(١) .

وقال ابن عباس وأحمد في إحدى الروايتين : إن كرّر النظر ، وجبت بدنة ، وإن لم يكرّر ، فشاة(٢) .

وقال في الاُخرى : تجب شاة مطلقاً. وهو قول سعيد بن جبير وإسحاق(٣) .

وقال أبو ثور : لا شي‌ء عليه مطلقاً(٤) . وبه قال أبو حنيفة - حكايةً(٥) عنه - [ و ](٦) الشافعي(٧) .

ولو كرّر النظر حتى أمذى ، لم يجب عليه شي‌ء ، لأصالة براءة الذمّة.

وقال أحمد : يجب به دم ، لأنّه جزء من المني(٨) . وليس بشي‌ء.

ولو كرّر النظر ولم يقترن به مني ولا مذي ، لم يكن عليه شي‌ء ، ولا نعلم فيه خلافا ، إلاّ رواية عن أحمد أنّه من جرّد امرأته ولم يكن منه غير التجريد : أنّ عليه شاة(٩) . وليس بشي‌ء.

ولو فكّر فأنزل ، لم يكن عليه شي‌ء ؛ لأنّ الفكر يعرض الإنسان من‌

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٣٢٥ / ١١١٦.

(٤-٢) المغني ٣ : ٣٣٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٤٩ ، المجموع ٧ : ٤١٣.

(٥) « حكاية » : صحّفت في « ف ، ط » والطبعة الحجرية إلى « حكاه » وسقطت في « ن » والصحيح ما أثبتناه اعتماداً على منتهى المطلب - للمصنّف - ٢ : ٨٤٢ والمغني ٣ : ٣٣٦ ، والشرح الكبير ٣ : ٣٤٩.

(٦) أضفناها لأجل السياق.

(٧) المغني ٣ : ٣٣٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٤٩ ، المجموع ٧ : ٤١٣.

(٨) المغني ٣ : ٣٣٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٤٩.

(٩) المغني ٣ : ٣٣٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٤٩ - ٣٥٠.

٥٤

غير اختيار ، فلا تتعلّق به عقوبة.

مسألة ٤٢٥ : لو نظر إلى أهله من غير شهوة ، لم يكن عليه شي‌ء ، سواء أمنى أو لا ، لأنّ النظر إلى الزوجة سائغ ، بخلاف الأجنبية.

ولأنّ معاوية بن عمّار سأل الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - عن محرم نظر إلى امرأته فأمنى أو أمذى وهو محرم ، قال : « لا شي‌ء عليه »(١) .

وإن نظر إليها بشهوة فأمنى ، كان عليه بدنة ، عند علمائنا - ولم يفرّق العامّة بين الزوجة والأجنبية ، بل حكموا بما قلناه عنهم أوّلا(٢) مطلقا - لقول الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - : « ومن نظر إلى امرأته نظرة بشهوة فأمنى فعليه جزور »(٣) .

مسألة ٤٢٦ : لو مسّ امرأته بشهوة ، فعليه شاة ، سواء أمنى أو لم يُمْن ، وإن كان بغير شهوة ، لم يكن عليه شي‌ء ، سواء أمنى أو لم يُمْن ، ويكون حجّه صحيحاً على كلّ تقدير ، سواء كان ذلك قبل الوقوف بالموقفين أو بعده ، عند علمائنا - وبه قال الشافعي وأبو حنيفة(٤) - لأنّه استمتاع لا يجب بنوعه الحدّ ، فلا يفسد الحجّ ، كما لو أنزل. وإنّما وجبت الشاة ؛ لأنّه فَعَل مُحرَّماً في إحرامه ، فوجبت الفدية.

ولأنّ محمّد بن مسلم سأل الصادقَعليه‌السلام - في الصحيح - عن رجل حمل امرأته وهو محرم فأمنى أو أمذى ، فقال : « إن حملها أو مسّها بشهوة فأمنى أو لم يُمْن ، أمذى أو لم يُمْذ ، فعليه دم يهريقه ، فإن حملها أو مسّها‌

____________________

(١) الكافي ٤ : ٣٧٥ / ١ ، التهذيب ٥ : ٣٢٥ / ١١١٧ ، الإستبصار ٢ : ١٩١ / ٦٤٢.

(٢) في المسألة السابقة.

(٣) الكافي ٤ : ٣٧٦ / ٤ ، التهذيب ٥ : ٣٢٦ / ١١٢١ ، الاستبصار ٢ : ١٩١ / ٦٤١.

(٤) المجموع ٧ : ٤١١ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٩٥ ، المغني ٣ : ٣٣١ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٨.

٥٥

بغير شهوة فأمنى أو لم يُمْن ، فليس عليه شي‌ء »(١) .

وقال مالك : إذا أنزل مع المسّ ، فسد حجّه - وهو إحدى الروايتين عن أحمد - لأنّها عبادة يفسدها الوطء ، فأفسدها الإنزال عن المباشرة ، كالصوم(٢) .

والفرق : أنّ الصوم يفسد بفعل جميع ما وجب الإمساك عنه لأجله ، بخلاف الحجّ.

مسألة ٤٢٧ : لو قبَّل امرأته ، فإن كان بشهوة ، كان عليه جزور ، وإن كان بغير شهوة ، كان عليه شاة ، ولا يفسد حجّه على كلّ تقدير ، وسواء كان قبل الوقوف بالموقفين أو بعده - ووافقنا على عدم الإفساد سعيد بن المسيّب وعطاء وابن سيرين والزهري وقتادة والثوري والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي(٣) - لأنّه إنزال بغير وطء ، فلم يفسد به الحجّ ، كالإنزال عن نظر.

وقال مالك : إن أنزل ، فسد حجّه - وهو إحدى الروايتين عن أحمد ، ورواية عن سعيد بن جبير - لأنّه إنزال عن سبب محرّم ، فأفسد الحجّ ، كالإنزال عن الجماع(٤) .

والفرق ظاهر ؛ فإنّ الجماع أبلغ أنواع الاستمتاع ، ولهذا أفسد الحجّ مع الإنزال وعدمه.

إذا عرفت هذا ، فالشيخرحمه‌الله أوجب الشاة في التقبيل بغير شهوة‌

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٣٢٦ / ١١٢٠.

(٢) المغني ٣ : ٣٣١ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٨ ، فتح العزيز ٧ : ٤٨٠.

(٣) المغني ٣ : ٣٣٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٨ ، حلية العلماء ٣ : ٣١٥ ، المجموع ٧ : ٤٢١ ، بدائع الصنائع ٢ : ٢١٦.

(٤) المغني ٣ : ٣٣٢ و ٣٣٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٨ ، فتح العزيز ٧ : ٤٨٠ ، حلية العلماء ٣ : ٣١٥.

٥٦

مطلقاً ، والبدنة فيه مع الشهوة مطلقاً(١) ، ولم يعتبر الإنزال ؛ لأنّ علي بن أبي حمزة سأل الكاظمَعليه‌السلام : عن رجل قبَّل امرأته وهو مُحْرم ، قال : « عليه بدنة وإن لم ينزل ، وليس له أن يأكل منه»(٢) .

وقال ابن إدريس : إن قبَّل بشهوة وأنزل ، وجبت البدنة ، وإن لم ينزل ، وجبت الشاة(٣) ؛ للأصل.

ولما رواه مسمع - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام : « إنّ حال الـمُحْرم ضيّقة ، إن قبَّل امرأته على غير شهوة وهو مُحْرم ، فعليه دم شاة ، ومَنْ قبَّل امرأته على شهوة ، فعليه جزور ، ويستغفر الله »(٤) .

وهو الأقرب.

ويجوز للمُحْرم أن يُقبِّل اُمّه حال الإحرام ؛ لأنّ الحسين بن حمّاد سأل الصادقَعليه‌السلام : عن المحرم يُقبِّل اُمّه ، قال : « لا بأس به ، هذه قُبْلة رحمة ، إنّما تكره قُبْلة الشهوة »(٥) .

ولو لاعب امرأته وهو مُحْرمٌ فأمنى ، كان عليه بدنة ؛ لأنّه إنزال عن سبب مُحرَّم ، فوجبت البدنة ، كما لو أنزل عن نظر.

وهل يجب عليها الكفّارة؟ نصّ الشيخ في التهذيب والمبسوط عليه(٦) ؛ لأنّه أنزل بملاعبة منها لَه ، فوجب عليها بدنة ، كالجماع.

ولأنّ عبد الرحمن بن الحجّاج سأل الصادقَعليه‌السلام : عن الرجل يعبث‌

____________________

(١) المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٣٨.

(٢) الكافي ٤ : ٣٧٦ / ٣ ، التهذيب ٥ : ٣٢٧ / ١١٢٣.

(٣) السرائر : ١٣٠.

(٤) الكافي ٤ : ٣٧٦ / ٤ ، التهذيب ٥ : ٣٢٦ / ١١٢١ ، الاستبصار ٢ : ١٩١ / ٦٤١.

(٥) الكافي ٤ : ٣٧٧ / ٩ ، التهذيب ٥ : ٣٢٨ / ١١٢٧.

(٦) التهذيب ٥ : ٣٢٧ ذيل الحديث ١١٢٣ ، المبسوط ١ : ٣٣٨.

٥٧

بامرأته حتى يمني وهو مُحْرم من غير جماع ، أو يفعل ذلك في شهر رمضان ، ما ذا عليهما؟ فقال : « عليهما جميعاً الكفّارة مثل ما على الذي يجامع »(١) .

ولو سمع كلام امرأة أو استمع على مَنْ يجامع من غير رؤية لهما فتشاهى فأمنى ، لم يكن عليه شي‌ء ؛ لتعذّر التحرّز عن مثل ذلك ، فلو وجبت العقوبة لزمه الحرج.

أمّا لو كان برؤية ، فإنّه تجب عليه الكفّارة على ما تقدّم ؛ لأنّ أبا بصير سأل الصادقَعليه‌السلام - في الحسن - عن رجل سمع كلام امرأة من خلف حائط وهو مُحْرم فتشاهى حتى أنزل ، قال : « ليس عليه شي‌ء »(٢) .

وسأله سماعة بن مهران في مُحْرم استمع على رجل يجامع أهله فأمنى ، قال : « ليس عليه شي‌ء»(٣) .

قال المفيدرحمه‌الله : لو قبَّل امرأته وهو مُحْرم ، فعليه بدنة ، أنزل أو لم ينزل ، فإن هوت المرأة ذلك ، كان عليها مثل ما عليه(٤) .

مسألة ٤٢٨ : قد بيّنّا أنّه إذا أفسد حجّه ، وجب عليه إتمامه ، خلافاً لجماعة الظاهرية(٥) .

وقال مالك : يجعل الحجّة عمرة ، ولا يقيم على الحجّ الفاسد(٦) .

____________________

(١) الكافي ٤ : ٣٧٦ / ٥ ، التهذيب ٥ : ٣٢٧ / ١١٢٤.

(٢) الكافي ٤ : ٣٧٧ - ١٠ ، التهذيب ٥ : ٣٢٧ - ٣٢٨ / ١١٢٥.

(٣) التهذيب ٥ : ٣٢٨ / ١١٢٦.

(٤) المقنعة : ٦٨.

(٥) المحلّى ٧ : ١٨٩ - ١٩٠ ، المجموع ٧ : ٤١٤ ، حلية العلماء ٣ : ٣١٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٣.

(٦) الشرح الكبير ٣ : ٣٢٣.

٥٨

وليس بجيّد ؛ لما تقدّم.

ولا يحلّ من الفاسد ، بل يجب عليه أن يفعل بعد الفساد كلّ ما يفعله لو كان صحيحاً ، ولا يسقط عنه توابع الوقوف من المبيت بالمزدلفة والرمي وغيرهما.

ويحرم عليه بعد الفساد كلّ ما كان مُحرَّماً عليه قبله من الوطء ثانياً وغيره من المـُحرّمات.

ولو جنى في الإحرام الفاسد ، وجب عليه ما يجب في الإحرام الصحيح.

ويجب عليه القضاء من قابل ، سواء كانت الفاسدة واجبةً بأصل الشرع أو النذر ، أو كانت تطوّعاً ، ولا نعلم فيه خلافاً. ويجب على الفور.

ولو أفسد القضاء ، لم يجب قضاؤه ، وإنّما يقضي عن الحجّ الأوّل.

ولو اُحصر في حجّ فاسد ، فله التحلّل إجماعاً ؛ لأنّه يباح له في الصحيح ففي الفاسد أولى.

فلو أحلّ فزال الحصر وفي الوقت سعة ، فله أن يقضي في ذلك العام ، ولا يتصوّر القضاء في عام الإفساد في غير هذه الصورة.

ولو حجّ تطوّعاً فأفسده ثم اُحصر ، كان عليه بدنة للإفساد ودم للإحصار ، ويكفيه قضاء واحد في القابل ؛ لأنّ المقضي واحد.

ويجب القضاء على الفور - وهو أحد قولي الشافعي(١) - لأنّه لزم وتضيّق بالشروع.

ولقول الصحابة والأئمّةعليهم‌السلام : : إنّه يقضي من قابل.

وللشافعي قول آخر : إنّه على التراخي ، كالأصل.

____________________

(١) فتح العزيز ٧ : ٤٧٣ - ٤٧٤.

٥٩

ولأنّ الوقت قد فات ، واستوت بعده الأوقات(١) .

وقد بيّنّا فساده.

وله ثالث : إنّه إن وجبت الكفّارة بعُدْوان فعل ، فعلى الفور ؛ لأنّ التراخي نوع [ ترفيه ](٢) وإن لم يكن بعُدوان ، فعلى التراخي(٣) .

وأجرى الجويني الخلاف في التعدّي بترك الصوم هل هو على الفور أو على التراخي؟ وكذا الصلاة.

أمّا ما يجب فيه القتل ، كترك الصلاة عمداً مع تخلّل التعزير ثلاث مرّات ، فإنّه يجب فيه الفور(٤) و أمّا ما لا عدوان فيه ، فللشافعي وجهان تقدّما :

أحدهما : الفور ، لقولهعليه‌السلام : ( فليصلّها إذا ذكرها ).

والثاني : جواز التأخير ؛ لما رووه عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه فاتته صلاة الصبح ، فلم يصلّها حتى خرج من الوادي(٥) .

وقد عرفت أنّه يحرم في القضاء من الميقات.

وقال الشافعي : إن أحرم قبل الميقات ، أحرم في القضاء من ذلك المكان. وقد سبق(٦) .

ولو جاوزه ، أراق دماً ، كما لو جاوز الميقات الشرعي.

وإن كان قد أحرم من الميقات ، فعليه في القضاء مثله.

وإن كان قد أحرم بعد مجاوزة الميقات ، فإن كان مُسيئاً بتجاوزه ،

____________________

(١) فتح العزيز ٧ : ٤٧٣.

(٢) « ترفيه » : صحّفت في « ف » والطبعة الحجرية بـ « تفرقة » ولم يتبيّن لنا اللفظ في « ط ، ن » لسقوطه فيهما ، وما أثبتناه من المصدر.

(٣ و ٤ ) فتح العزيز ٧ : ٤٧٤.

(٦) سبق في المسألة ٤٢١.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460