تذكرة الفقهاء الجزء ٨

تذكرة الفقهاء17%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-051-X
الصفحات: 460

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 460 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 191028 / تحميل: 5456
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ٨

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٠٥١-X
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

مسألة ٤١٠ : لو وطئ قبل التلبية أو الإشعار أو التقليد ، لم يكن عليه شي‌ء‌ وإن تلبّس بالإحرام ؛ لأنّ انعقاد الإحرام بأحد الثلاثة ، فإذا وطئ قبلها ، لم يصادف إحراما منعقدا ، لأنّ حريزا روى - في الحسن - عن الصادقعليه‌السلام : « في الرجل إذا تهيّأ للإحرام فله أن يأتي النساء ما لم يعقد التلبية أو يلبّي »(١) .

مسألة ٤١١ : لو جامع بعد الوقوف بالموقفين ، لم يفسد حجّه ، وعليه بدنة لا غير ، عند علمائنا - وبه قال أبو حنيفة(٢) - لما رواه العامّة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال : ( مَنْ أدرك عرفة فقد تمّ حجّه )(٣) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - : « إذا واقع الرجل دون المزدلفة أو قبل أن يأتي مزدلفة ، فعليه الحجّ من قابل »(٤) دلّ بمفهومه على عدم وجوب الحجّ لو جامع بعد الوقوف بالمزدلفة.

وقال الشافعي : لا فرق بين الجماع قبل الوقوف وبعده في الإفساد إذا كان قبل التحلّل الأوّل ، ولو كان بعد التحلّل الأوّل بالرمي والحلق ، لم يفسد إحرامه الماضي ، ويأتي بالطواف ، وعليه الكفّارة ؛ لأنّه وطء عمد صادف إحراماً تامّاً ، فأفسده ، كما لو كان قبل الوقوف(٥) .

____________________

(١) الكافي ٤ : ٣٣٠ / ٧ ، التهذيب ٥ : ٣١٦ - ٣١٧ / ١٠٩٠ ، الاستبصار ٢ : ١٩٠ / ٦٣٧.

(٢) النتف ١ : ٢١٣ ، الاختيار لتعليل المختار ١ : ٢١٨ ، المغني ٣ : ٣٢٤ و ٣٢٥ و ٥١٦ و ٥١٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢١ ، المجموع ٧ : ٤١٤.

(٣) المغني ٣ : ٥١٦.

(٤) التهذيب ٥ : ٣١٩ / ١٠٩٩.

(٥) الحاوي الكبير ٤ : ٢١٧ ، فتح العزيز ٧ : ٤٧١ ، المجموع ٧ : ٣٨٧ - ٣٨٨ و ٤١٤ ، المغني ٣ : ٥١٦.

٤١

والفرق : أنّ الوطء قبل الوقوف يكون أكثر أفعال الحجّ لم يقع بعد ، بخلاف ما بعده.

وقال مالك وأحمد : يفسد حجّه إن كان قبل التحلّل الأوّل ، وإن كان بعد التحلّل الأوّل بالرمي والحلق ، لم يفسد إحرامه الماضي ، ويفسد ما بقي من إحرامه ، ويجب عليه أن يُحرم بعمرة ويأتي بالطواف في إحرام صحيح ، وتلزمه شاة(١) .

مسألة ٤١٢ : لو كان الوطء بعد الوقوف بعرفة قبل الوقوف بمزدلفة ، فسد حجّه‌ أيضاً ، قاله أكثر العلماء(٢) ؛ لما رواه العامّة عن ابن عباس أنّه قال : مَنْ وطئ بعد التحلّل فقد تمّ حجّه ، وعليه بدنه(٣) .

والظاهر أنّه قاله نقلاً عن الرسولعليه‌السلام ، وهو يدلّ بمفهومه على عدم التمام لو وطئ قبل التحلّل.

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « إذا وقع الرجل بامرأته دون المزدلفة ، أو قبل أن يأتي مزدلفة ، فعليه الحجّ من قابل »(٤) .

وقال أبو حنيفة : لا يفسد ، ويجب عليه بدنة ؛ لما روي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال : ( الحجّ عرفة مَنْ وقف بعرفة فقد تمّ حجّه )(٥) .

____________________

(١) المغني ٣ : ٥١٦ و ٥١٩ - ٥٢٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢١ و ٣٢٦ - ٣٢٨ ، المجموع ٧ : ٤٠٧ - ٤٠٨ ، و ٤١٤ ، فتح العزيز ٧ : ٤٧١ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢١٩.

(٢) المغني ٣ : ٥١٦ و ٣٢٣ - ٣٢٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢١ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢١٧ ، الاستذكار ١٢ : ٢٩٤ ، فتح العزيز ٧ : ٤٧١ ، المجموع ٧ : ٤١٤.

(٣) الحاوي الكبير ٤ : ٢١٩.

(٤) التهذيب ٥ : ٣١٩ / ١٠٩٩.

(٥) المبسوط - للسرخسي - ٤ : ١١٩ ، بدائع الصنائع ٢ : ٢١٧ ، النتف ١ : ٢١٣ ، الاختيار لتعليل المختار ١ : ٢١٨ ، المغني ٣ : ٣٢٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢١ ، =

٤٢

وهو لا يدلّ على المطلوب إلّا بالمفهوم ، وهو لا يقول به.

مسألة ٤١٣ : لو كرّر الوطء وهو مُحْرم ، وجب(١) عليه بكلّ وطء كفّارة ، وهي بدنة ، سواء كفّر عن الأوّل أو لا - وهو إحدى الروايتين عن أحمد(٢) - لأنّه وطء صادف إحراماً لم يتحلّل منه ، فوجب به البدنة ، كما لو كان الإحرام صحيحاً.

ولأنّ الإحرام الفاسد كالصحيح في سائر الكفّارات.

وقال الشافعي : إن وطئ بعد أن كفّر عن الأوّل ، وجب عليه الكفّارة.

وهل الكفّارة الثانية شاة أو بدنة؟ قولان.

وإن وطئ قبل أن يكفّر ، فأقوال ثلاثة : أحدها : لا شي‌ء عليه. والثاني : شاة. والثالث : بدنة(٣) .

وقال أبو حنيفة : تجب عليه شاة ، سواء كفّر عن الأوّل أو لا ، إلّا أن يتكرّر الوطء في مجلس واحد على وجه الرفض للإحرام ، بأن ينوي به رفض الإحرام ؛ لأنّه وطء صادف إحراماً نقضت حرمته ، فلم تجب به الفدية ، كما لو وطئ بعد التحلّل(٤) .

والفرق : أنّ الوطء بعد التحلّل لم يصادف الإحرام ، أو قد تحلّل من‌

____________________

= الحاوي الكبير ٤ : ٢١٧ ، فتح العزيز ٧ : ٤٧١ ، المجموع ٧ : ٤١٤ ، الاستذكار ١٢ : ٢٩٤ ، والرواية في الاختيار والبدائع.

(١) في « ن » والطبعة الحجرية : كان.

(٢) المغني ٣ : ٣٢٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٥٠.

(٣) الحاوي الكبير ٤ : ٢٢٠ ، فتح العزيز ٧ : ٤٧٢ - ٤٧٣ ، المجموع ٧ : ٤٠٧ ، وحكاه عنه الشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ٣٦٦ ، المسألة ٢٠٤.

(٤) المغني ٣ : ٣٢٨ - ٣٢٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٥١ ، وانظر : فتح العزيز ٧ : ٤٧٣ ، والمجموع ٧ : ٤٢٠ ، وبداية المجتهد ١ : ٣٧١.

٤٣

معظم محظوراته ، بخلاف الوطء في الإِحرام الكامل.

وقال مالك : لا يجب عليه بالوطء الثاني شي‌ء ؛ لأنّه وطء لا يتعلّق به إفساد الحج ، فلا تجب به الكفّارة ، كما لو كان في مجلس واحد(١) .

والجواب : أنّ عدم تعلّق الإفساد به لا يمنع وجوب الكفّارة ، كقتل الصيد ولُبس الثوب وغيرهما من أنواع المحظورات.

وقال أحمد في الرواية الثانية : إن كفّر عن الأوّل ، وجب عليه عن الثاني بدنة ؛ لأنّه وطئ في إحرام لم يتحلّل منه ، ولا أمكن تداخل كفّارته في غيره ، فأشبه الوطء الأوّل(٢) .

والشيخ -رحمه‌الله - تردّد في الخلاف في تكرّر الكفّارة مع عدم التكفير في الأوّل(٣) ، وجزم في المبسوط بالتكرّر مطلقاً(٤) .

مسألة ٤١٤ : لو جامع بعد الموقفين قبل طواف الزيارة ، وجب عليه جزور‌ إن كان موسراً ، فإن عجز ، وجب عليه بقرة ، فإن عجز ، فشاة ؛ لما تقدّم من أنّ من جامع بعد التحلّل الأوّل وجب عليه بدنة ، وقد سبق(٥) الخلاف فيه.

ولما رواه معاوية بن عمّار - في الحسن - عن الصادقعليه‌السلام ، أنّه سأله : عن متمتّع وقع على أهله ولم يزر ، قال : « ينحر جزورا »(٦) .

____________________

(١) بداية المجتهد ١ : ٣٧١ ، المغني ٣ : ٣٢٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٥١ ، فتح العزيز ٧ : ٤٧٣.

(٢) المغني ٣ : ٣٢٨ - ٣٢٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٥٠.

(٣) الخلاف ٢ : ٣٦٦ - ٣٦٧ ، المسألة ٢٠٤.

(٤) المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٣٧.

(٥) سبق في المسألة ٤١١.

(٦) الكافي ٤ : ٣٧٨ / ٣ ، التهذيب ٥ : ٣٢١ / ١١٠٤.

٤٤

وسأله عيص بن القاسم : عن رجل واقع أهله حين ضحّى قبل أن يزور البيت ، قال : «يُهريق دماً »(١) .

ولو جامع بعد أن طاف من طواف الزيارة شيئاً ، وجب عليه الكفّارة : بدنة. وكذا لو أتمّ طوافه ثم جامع بعد أن سعى شيئاً من سعيه ، وجبت البدنة. وكذا لو كان بعد تمام السعي قبل طواف النساء ، وجب عليه البدنة ، وحجّه صحيح ، لأنّه وطئ في إحرام ، فكان عليه بدنة ، كما لو جامع بعد الموقفين قبل طواف الزيارة.

ولما رواه معاوية بن عمّار - في الصحيح - أنّه سأل الصادقَعليه‌السلام : عن رجل وقع [ على ](٢) امرأته قبل أن يطوف طواف النساء ، قال : « عليه جزور سمينة ، وإن كان جاهلاً ، فليس عليه شي‌ء »(٣) .

إذا عرفت هذا ، فلو جامع قبل طواف الزيارة أو بعده قبل طواف النساء جاهلاً بالتحريم أو ناسياً ، لم تجب عليه كفّارة ؛ لأنّهما عذران يسقطان الكفّارة في الوطء قبل الموقفين ، فهنا أولى.

مسألة ٤١٥ : لو جامع بعد أن طاف شيئاً من طواف النساء ، قال الشيخرحمه‌الله : إن كان قد طاف أكثر من النصف ، بنى عليه بعد الغسل ، ولا شي‌ء عليه ، وإن كان أقلّ من النصف ، وجب عليه الكفّارة وإعادة الطواف(٤) ؛ لموافقته الأصل ، وهو : براءة الذمّة.

ولأنّ معظم الشي‌ء يعطي حكم ذلك الشي‌ء غالباً.

____________________

(١) الكافي ٤ : ٣٧٩ / ٤ ، التهذيب ٥ : ٣٢١ / ١١٠٥.

(٢) أضفناها من المصدر.

(٣) الكافي ٤ : ٣٧٨ ذيل الحديث ٣ ، التهذيب ٥ : ٣٢٣ / ١١٠٩.

(٤) النهاية : ٢٣١ ، المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٣٧.

٤٥

ولأنّ حمران بن أعين سأل الباقرَعليه‌السلام : عن رجل كان عليه طواف النساء وحده ، فطاف منه خمسة أشواط ثم غمزه بطنه فخاف أن يبدره فخرج إلى منزله فنقض ثم غشي جاريته ، قال : « يغتسل ثم يرجع فيطوف بالبيت طوافين تمام ما كان بقي عليه من طوافه ، ويستغفر ربّه ولا يعود ، وإن كان طاف طواف النساء فطاف منه ثلاثة أشواط ثم خرج فغشي فقد أفسد حجّه ، وعليه بدنة ، ويغتسل ثم يعود فيطوف اُسبوعاً »(١) .

مسألة ٤١٦ : ولا فرق في الوطء بين أن يطأ في إحرام حجّ واجب أو مندوب‌؛ لأنّه بعد التلبّس بالإحرام يصير المندوب واجبا ، ويجب عليه إتمامه ، كما يجب عليه إتمام الحجّ الواجب.

ولأنّ الحجّ الفاسد يجب عليه إتمامه ، فالمندوب أولى.

إذا عرفت هذا ، فكلّ موضع قلنا : إنّه يفسد الحجّ الواجب فيه ، كالوطء قبل الموقفين ، فإنّه يفسد الحجّ المندوب فيه أيضاً ، فلو وطئ قبل الوقوف بالموقفين في الحجّ المندوب ، فسد حجّه ، ووجب عليه إتمامه وبدنة والحجّ من قابل ، ولو كان بعد الموقفين ، وجب عليه بدنة لا غير.

وكذا لا فرق بين أن يطأ امرأته الحُرّة أو جاريته المـُحْرمة أو المـُحِلّة إذا كان مُحْرماً ، فإنّ الحكم في الجميع واحد.

فإن كانت أمته مُحْرمةً بغير إذنه ، أو مُحِلّةً ، فإنّه لا تتعلّق بها كفّارة ولا به عنها.

ولو كانت مُحْرمةً بإذنه ، فطاوعته ، فالأقرب : وجوب الكفّارة ، كما في العبد المأذون إذا أفسد.

____________________

(١) الكافي ٤ : ٣٧٩ / ٦ ، التهذيب ٥ : ٣٢٣ / ١١١٠.

٤٦

ولو أكرهها ، فإن قلنا في المطاوعة بوجوب الكفّارة عنها ، تحمّلها السيّد ، وإلّا فلا.

مسألة ٤١٧ : لو وطئ أمته وهو مُحِلٌّ وهي مُحْرمة ، فإن كان إحرامها بغير إذنه ، فلا عبرة به ، ولا كفّارة عليه ، وإن كان بإذنه ، وجب عليه بدنة أو بقرة أو شاة ، فإن لم يجد ، فشاة أو صيام ثلاثة أيّام ؛ لأنّه هتك إحراماً صحيحاً.

ولرواية إسحاق بن عمّار عن الكاظمعليه‌السلام ، قال : سألته عن رجل مُحِلّ وقع على أمة مُحْرمة ، قال : « موسراً أو معسراً؟ » قلت : أجبني عنهما ، قال : « هو أمرها بالإحرام أو لم يأمرها أو أحرمت من قِبَل نفسها؟ » قلت : أجبني عنها ، قال : « إن كان موسراً وكان عالماً أنّه لا ينبغي له وكان هو الذي أمرها بالإِحرام ، فعليه بدنة ، وإن شاء بقرة ، وإن شاء شاة ، وإن لم يكن أمرها بالإحرام ، فلا شي‌ء عليه موسراً كان أو معسراً ، وإن كان أمرها وهو معسر ، فعليه دم شاة أو صيام »(١) .

إذا ثبت هذا ، فلو كانا مُحْرمين أو كان هو مُحْرماً ، وجبت عليه الكفّارة.

ولو كان هو مُحِلّاً وهي مُحْرمة بإذنه ، وجبت عليه البدنة لا غير ، سواء كان قبل الوقوف بالموقفين أو بعده ، وسواء طاوعته أو أكرهها ، لكن لو طاوعته ، فسد حجّها ، ووجب عليه أن يأذن لها في القضاء ؛ لأنّه أذن لها في الابتداء وأحرمت إحراماً صحيحاً ، وكان الفساد منه ، فوجب عليه الإذن في القضاء ، كالصيام.

____________________

(١) الكافي ٤ : ٣٧٤ - ٣٧٥ / ٦ ، التهذيب ٥ : ٣٢٠ / ١١٠٢ ، الاستبصار ٢ : ١٩٠ / ٦٣٩.

٤٧

ولو زنى بامرأة ، تعلّق به من الأحكام ما يتعلّق بالوطء الصحيح ؛ لأنّه أبلغ في هتك الإحرام ، فكانت العقوبة واجبةً عليه.

مسألة ٤١٨ : مَنْ وجب عليه بدنة في إفساد الحجّ فلم يجد ، كان عليه بقرة ، فإن لم يجد ، فسبع شياه على الترتيب ، فإن لم يجد ، فقيمة البدنة دراهم أو ثمنها طعاماً يتصدّق به ، فإن لم يجد ، صام عن كلّ مدّ يوماً ، وبه قال الشافعي(١) .

وفي [ أصحابه ] من قال : هو مخيّر(٢) .

واستدلّ عليه الشيخ -رحمه‌الله - بإجماع الفرقة وأخبارهم وطريقة الاحتياط(٣) .

وابن بابويه قال : مَنْ وجبت عليه بدنة في كفّارة فلم يجد ، فعليه سبع شياه ، فإن لم يقدر ، صام ثمانية عشر يوماً بمكّة أو في منزله(٤) .

وعن أحمد روايتان ، إحداهما : أنّها على التخيير إن شاء أخرج أيّ هذه الخمسة(٥) ، التي ذكرناها ، أعني : البدنة والبقرة وسبع شياه وقيمة البدنة والصيام.

لنا : أنّ الصحابة والأئمّةعليهم‌السلام : أوجبوا البدنة في الإفساد ، وذلك‌

____________________

(١) الاُم ٢ : ٢١٨ ، فتح العزيز ٨ : ٧٥ - ٧٦ ، المجموع ٧ : ٤٠١ و ٤١٦ ، حلية العلماء ٣ : ٣١١ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢٢٤.

(٢) الكلام من بداية المسألة إلى هنا من كلام الشيخ الطوسي في الخلاف ، ونقله المصنّف في المنتهى ٢ : ٨٤١ مصدّراً بقوله : قال الشيخ. وما بين المعقوفين أثبتناه من الخلاف ، وفي « ف » والطبعة الحجرية : ( وفي أصحابنا ) أمّا في « ط ، ن » فلم يتبيّن لنا اللفظ ، لسقوطه.

(٣) الخلاف ٢ : ٣٧٢ ، المسألة ٢١٣.

(٤) المقنع : ٧٨.

(٥) حلية العلماء ٣ : ٣١٢ ، المجموع ٧ : ٤١٦.

٤٨

يقتضي تعيّنها ، والبقرة دونها جنساً وقيمةً.

ولقولهعليه‌السلام : ( مَنْ راح في الساعة الاُولى فكأنّما قرّب بدنةً ، ومَنْ راح في الثانية فكأنّما قرّب بقرةً )(١) يعني إلى الجمعة.

ولأنّ ذلك سبب يجب به القضاء ، فكانت كفّارته على الترتيب ، كالفوات.

وأحمد قاس على قتل النعامة.

والفرق : أنّ الانتقال في قتل النعامة إلى القيمة ، فكان مخيّراً فيها ، وهنا ينتقل إلى ما هو دونها.

مسألة ٤١٩ : لو وطئ في العمرة قبل السعي ، فسدت عمرته ، ووجب عليه بدنة وقضاؤها - وبه قال الشافعي(٢) - لأنّها عبادة تشتمل على طواف وسعي ، فوجب بالوطء فيها بدنة ، كالحجّ.

ولرواية مسمع عن الصادقعليه‌السلام : في الرجل يعتمر عمرة مفردة فيطوف بالبيت طواف الفريضة ثم يغشى أهله قبل أن يسعى بين الصفا والمروة ، قال : « قد أفسد عمرته ، وعليه بدنة ، ويقيم بمكّة مُحلّاً حتى يخرج الشهر الذي اعتمر فيه ثم يخرج إلى الوقت الذي وقّته رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لأهل بلاده ، فيُحْرم منه ويعتمر »(٣) .

وقال أبو حنيفة : إذا وطئ قبل أن يطوف أربعة أشواط ، فسدت‌

____________________

(١) صحيح البخاري ٢ : ٣ ، صحيح مسلم ٢ : ٥٨٢ / ٨٥٠ ، الموطّأ ١ : ١٠١ / ١ ، سنن أبي داود ١ : ٩٦ / ٣٥١ ، سنن النسائي ٣ : ٩٩ ، سنن الترمذي ٢ : ٣٧٢ / ٤٩٩.

(٢) الحاوي الكبير ٤ : ٢٣٢ - ٢٣٣ ، فتح العزيز ٧ : ٤٧١ ، المجموع ٧ : ٤٢٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٥.

(٣) الكافي ٤ : ٥٣٨ - ٥٣٩ / ٢ ، الفقيه ٢ : ٢٧٥ / ١٣٤٤ ، التهذيب ٥ : ٣٢٣ - ٣٢٤ / ١١١١.

٤٩

عمرته ، ووجب عليه القضاء وشاة ؛ لأنّها عبادة لا تتضمّن الوقوف ، ولا يجب عليه بالوطء فيها بدنة ، كما لو قرنها بحجّه(١) .

ونمنع حكم الأصل.

وقال أحمد : يجب بالوطء القضاء وشاة إذا وجد في الإحرام(٢) .

إذا عرفت هذا ، فالبدنة والإفساد يتعلّقان بالوطء في إحرام العمرة قبل السعي ولو كان بعد الطواف - وبه قال الشافعي(٣) - لرواية مسمع عن الصادقعليه‌السلام (٤) .

وقال أبو حنيفة : إذا وطئ بعد أربعة أشواط ، لم تفسد عمرته ، ووجبت الشاة ؛ لأنّه وطئ بعد ما أتى بركن العبادة ، فأشبه ما إذا وطئ بعد الوقوف في الحج ، وإنّما وجبت الشاة ؛ لأنّ الشاة تقوم مقام الطواف والسعي في حقّ المحصر ، فقامت مقام بعض ذلك هنا(٥) .

والجواب : أنّ محظورات الإحرام سواء مثل الطيب واللباس والصيد تستوي قبل الإتيان بأكثر الطواف وبعده ، كذلك الوطء.

مسألة ٤٢٠ : القارن عندنا هو الذي يسوق إلى إحرامه هدياً ، وعندهم هو مَنْ يقرن الإحرامين على ما مضى(٦) الخلاف فيه ، فلو أفسد القارن‌

____________________

(١) الهداية - للمرغيناني - ١ : ١٦٥ ، المغني ٣ : ٥١٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٥ ، حلية العلماء ٣ : ٣١٥.

(٢) المغني ٣ : ٥١٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٥ ، حلية العلماء ٣ : ٣١٥.

(٣) الحاوي الكبير ٤ : ٢٣٢ - ٢٣٣ ، المجموع ٧ : ٤٢٢.

(٤) تقدّمت الرواية في صدر المسألة.

(٥) بدائع الصنائع ٢ : ٢١٩ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٥٨ ، المغني ٣ : ٥١٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٥ ، حلية العلماء ٣ : ٣١٥ ، المجموع ٧ : ٤٢٢.

(٦) مضى في ج ٧ ص ١٢٥ ، المسألة ٩٥.

٥٠

حجّه ، وجب عليه بدنة ، وليس عليه دم القرآن ، ويجب عليه القضاء ؛ لأنّه أفسد حجّاً ، فكان عليه بدنة ، كالمتمتّع والمفرد.

وقال الشافعي : إذا وطئ القارن - على تفسيرهم - لزمه بدنة بالوطء ودم القران ، ويقضي قارنا ، ويلزمه دم القران في القضاء أيضا ، فإن قضى مفردا ، جاز ، ولا يسقط عنه دم القران الذي يلزمه في القضاء(١) . وبه قال أحمد إلّا أنّه قال : إذا قضى مفرداً ، لم يجب دم القران(٢) .

وقال أبو حنيفة : يفسد إحرامه ، وتجب عليه شاة لإفساد الحجّ ، وشاة لإفساد العمرة ، وشاة القران ، إلّا أن يكون قد وطئ بعد ما طاف في العمرة أربعة أشواط(٣) .

مسألة ٤٢١ : إذا قضى الحاجّ والمعتمر ، فعليه في قضاء الحجّ الإحرامُ من الميقات ، وعليه في إحرام العمرة الإحرامُ من أدنى الحِلّ - وبه قال أبو حنيفة ومالك(٤) - لأنّه لا يجوز الإحرام قبل الميقات على ما تقدّم(٥) ، فلا يجوز في القضاء ؛ لأنّه تابع.

وأمّا في العمرة : فلأنّ الإحرام من أدنى الحلّ هو الواجب في الأداء ، فكذا في القضاء.

____________________

(١) فتح العزيز ٧ : ٤٧٦ - ٤٧٧ ، المجموع ٧ : ٤١٦ ، المغني ٣ : ٥١٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٦.

(٢) المغني ٣ : ٥١٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٦.

(٣) انظر : بدائع الصنائع ٢ : ٢١٩ ، والمبسوط - للسرخسي - ٤ : ١١٩ ، وفتح العزيز ٧ : ٤٧٧ ، والمجموع ٧ : ٤١٦ ، والمغني ٣ : ٤٩٩ و ٥١٨ ، والشرح الكبير ٣ : ٣٢٥ و ٣٢٦.

(٤) المجموع ٧ : ٤١٥ - ٤١٦ ، فتح العزيز ٧ : ٤٧٥ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢٣٣.

(٥) تقدّم في ج ٧ ص ١٩٥ ، المسألة ١٤٩.

٥١

ولأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر عائشة أن تقضي عمرتها من التنعيم(١) .

وقال الشافعي : إذا أفسد الحجّ والعمرة ، لزمه القضاء من حيث أحرم بالأداء - وبه قال أحمد - لأنّ كلّ مسافة وجب عليه قطعها مُحْرِماً في الأداء وجب عليه في القضاء ، كما لو أحرم قبل الميقات(٢) .

ونحن نقول بموجبه ؛ لأنّه لا يجب عليه قطع المسافة مُحْرماً إلّا من الميقات.

وينتقض : بأنّه لا يجب عليه في القضاء سلوك طريق الأداء إجماعا ، لكنّ الشافعي أوجب الإحرام من المحاذي للأوّل(٣) .

مسألة ٤٢٢ : إذا أفسد في القضاء ، وجب عليه بدنة اُخرى ، وإتمام القضاء ، والقضاء من قابل‌ ؛ للعمومات ، ويلزمه أن يأتي بالقضاء ، ولا يتكرّر عليه ، بل إذا أتى بحجّة واحدة ، كفاه.

وكذلك إن تكرّر إفساد القضاء ، كفاه قضاء واحد ، لأنّ الحجّ الواجب واحد ؛ فإذا لم يأت به على وجهه ، وجب عليه الإتيان به على وجهه.

ولا يجب عليه أن يأتي بقضاء آخر عوضاً عن إفساد القضاء بمفرده ، بل إذا أتى في السنة الثالثة بحجّة صحيحة ، كفاه عن الفاسد ابتداءً وقضاءً.

ولو أفسد الثالث ، كفاه في الرابعة إتيان حجّة صحيحة عن جميع ما تقدّمه ؛ لأنّ الفاسد إذا انضمّ إليه القضاء ، أجزأ عمّا كان يجزئ عنه الأداء لو لم يفسده ، فهذا القضاء الذي أفسده إذا أتى بعده بالقضاء ، أجزأ عمّا كان‌

____________________

(١) صحيح البخاري ٣ : ٤ ، صحيح مسلم ٢ : ٨٨٠ / ١٣٥ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٩٩٧ /٩٩٩ ، سنن الترمذي ٣ : ٢٧٣ / ٩٢٤.

(٢) الحاوي الكبير ٤ : ٢٣٣ ، فتح العزيز ٧ : ٤٧٤ ، المجموع ٧ : ٣٨٩ - ٣٩٠ و ٤١٥ ، حلية العلماء ٣ : ٣١٠ ، المغني ٣ : ٣٨٤ - ٣٨٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٤.

(٣) المجموع ٧ : ٣٩٠.

٥٢

يجزئ عنه الفاسد لو كان صحيحاً ، ولو كان صحيحاً ، سقط به قضاء الأوّل ، كذلك إذا قضاه ، وهذا يقتضي أن يكون هذا القضاء عن القضاء الفاسد.

مسألة ٤٢٣ : لو عقد المـُحْرم لمـُحْرمٍ على امرأة ودخل المـُحْرم ، وجبت على العاقد الكفّارة‌ ، كما تجب على الواطئ. وكذا لو كان العاقد مُحِلّاً ، لرواية سماعة عن الصادقعليه‌السلام ، قال : « لا ينبغي للرجل الحلال أن يُزوّج مُحْرماً يعلم أنّه لا يحلّ له » قلت : فإن فعل فدخل بها الـمُحْرم ، قال : « إن كانا عالمين فإنّ على كلّ واحد منهما بدنة ، وعلى المرأة إن كانت محرمة ، وإن لم تكن مُحْرمةً ، فلا شي‌ء عليها إلّا أن تكون قد علمت أنّ الذي تزوّجها مُحْرم ، فإن كانت علمت ثم تزوّجته فعليها بدنة »(١) .

مسألة ٤٢٤ : لو نظر إلى غير أهله فأمنى ، لم يفسد حجّه‌ ، ووجب عليه بدنة ، فإن عجز ، فبقرة ، فإن عجز ، فشاة ، عند علمائنا - وبعدم الإفساد قال ابن عباس وأبو حنيفة والشافعي وأحمد(٢) - لأنّه إنزال عن غير مباشرة ، فأشبه الإنزال عن الفكر والاحتلام.

وقال مالك : إن ردّد النظر حتى أمنى ، وجب عليه الحجّ من قابل - وبه قال الحسن البصري وعطاء - لأنّه إنزال بفعل محظور ، فأشبه الإنزال بالمباشرة(٣) .

والفرق : أنّ المباشرة أبلغ في اللذّة ، وآكد في استدعاء الشهوة ، والفاحشة فيها أعظم.

ولو نظر إلى غير أهله ولم يكرّر النظر أو كرّره حتى أمنى ، وجب عليه البدنة عندنا ؛ لأنّه إنزال بفعل محظور ، فأوجب البدنة ، كالجماع فيما‌

____________________

(١) الكافي ٤ : ٣٧٢ / ٥ ، التهذيب ٥ : ٣٣٠ - ٣٣١ / ١١٣٨.

(٢و٣) المغني ٣ : ٣٣٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٩ ، المجموع ٧ : ٤١٣.

٥٣

دون الفرج.

ولقول الباقرعليه‌السلام في رجل مُحْرم نظر إلى غير أهله فأنزل : « عليه جزور أو بقرة ، فإن لم يجد فشاة »(١) .

وقال ابن عباس وأحمد في إحدى الروايتين : إن كرّر النظر ، وجبت بدنة ، وإن لم يكرّر ، فشاة(٢) .

وقال في الاُخرى : تجب شاة مطلقاً. وهو قول سعيد بن جبير وإسحاق(٣) .

وقال أبو ثور : لا شي‌ء عليه مطلقاً(٤) . وبه قال أبو حنيفة - حكايةً(٥) عنه - [ و ](٦) الشافعي(٧) .

ولو كرّر النظر حتى أمذى ، لم يجب عليه شي‌ء ، لأصالة براءة الذمّة.

وقال أحمد : يجب به دم ، لأنّه جزء من المني(٨) . وليس بشي‌ء.

ولو كرّر النظر ولم يقترن به مني ولا مذي ، لم يكن عليه شي‌ء ، ولا نعلم فيه خلافا ، إلاّ رواية عن أحمد أنّه من جرّد امرأته ولم يكن منه غير التجريد : أنّ عليه شاة(٩) . وليس بشي‌ء.

ولو فكّر فأنزل ، لم يكن عليه شي‌ء ؛ لأنّ الفكر يعرض الإنسان من‌

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٣٢٥ / ١١١٦.

(٤-٢) المغني ٣ : ٣٣٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٤٩ ، المجموع ٧ : ٤١٣.

(٥) « حكاية » : صحّفت في « ف ، ط » والطبعة الحجرية إلى « حكاه » وسقطت في « ن » والصحيح ما أثبتناه اعتماداً على منتهى المطلب - للمصنّف - ٢ : ٨٤٢ والمغني ٣ : ٣٣٦ ، والشرح الكبير ٣ : ٣٤٩.

(٦) أضفناها لأجل السياق.

(٧) المغني ٣ : ٣٣٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٤٩ ، المجموع ٧ : ٤١٣.

(٨) المغني ٣ : ٣٣٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٤٩.

(٩) المغني ٣ : ٣٣٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٤٩ - ٣٥٠.

٥٤

غير اختيار ، فلا تتعلّق به عقوبة.

مسألة ٤٢٥ : لو نظر إلى أهله من غير شهوة ، لم يكن عليه شي‌ء ، سواء أمنى أو لا ، لأنّ النظر إلى الزوجة سائغ ، بخلاف الأجنبية.

ولأنّ معاوية بن عمّار سأل الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - عن محرم نظر إلى امرأته فأمنى أو أمذى وهو محرم ، قال : « لا شي‌ء عليه »(١) .

وإن نظر إليها بشهوة فأمنى ، كان عليه بدنة ، عند علمائنا - ولم يفرّق العامّة بين الزوجة والأجنبية ، بل حكموا بما قلناه عنهم أوّلا(٢) مطلقا - لقول الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - : « ومن نظر إلى امرأته نظرة بشهوة فأمنى فعليه جزور »(٣) .

مسألة ٤٢٦ : لو مسّ امرأته بشهوة ، فعليه شاة ، سواء أمنى أو لم يُمْن ، وإن كان بغير شهوة ، لم يكن عليه شي‌ء ، سواء أمنى أو لم يُمْن ، ويكون حجّه صحيحاً على كلّ تقدير ، سواء كان ذلك قبل الوقوف بالموقفين أو بعده ، عند علمائنا - وبه قال الشافعي وأبو حنيفة(٤) - لأنّه استمتاع لا يجب بنوعه الحدّ ، فلا يفسد الحجّ ، كما لو أنزل. وإنّما وجبت الشاة ؛ لأنّه فَعَل مُحرَّماً في إحرامه ، فوجبت الفدية.

ولأنّ محمّد بن مسلم سأل الصادقَعليه‌السلام - في الصحيح - عن رجل حمل امرأته وهو محرم فأمنى أو أمذى ، فقال : « إن حملها أو مسّها بشهوة فأمنى أو لم يُمْن ، أمذى أو لم يُمْذ ، فعليه دم يهريقه ، فإن حملها أو مسّها‌

____________________

(١) الكافي ٤ : ٣٧٥ / ١ ، التهذيب ٥ : ٣٢٥ / ١١١٧ ، الإستبصار ٢ : ١٩١ / ٦٤٢.

(٢) في المسألة السابقة.

(٣) الكافي ٤ : ٣٧٦ / ٤ ، التهذيب ٥ : ٣٢٦ / ١١٢١ ، الاستبصار ٢ : ١٩١ / ٦٤١.

(٤) المجموع ٧ : ٤١١ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٩٥ ، المغني ٣ : ٣٣١ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٨.

٥٥

بغير شهوة فأمنى أو لم يُمْن ، فليس عليه شي‌ء »(١) .

وقال مالك : إذا أنزل مع المسّ ، فسد حجّه - وهو إحدى الروايتين عن أحمد - لأنّها عبادة يفسدها الوطء ، فأفسدها الإنزال عن المباشرة ، كالصوم(٢) .

والفرق : أنّ الصوم يفسد بفعل جميع ما وجب الإمساك عنه لأجله ، بخلاف الحجّ.

مسألة ٤٢٧ : لو قبَّل امرأته ، فإن كان بشهوة ، كان عليه جزور ، وإن كان بغير شهوة ، كان عليه شاة ، ولا يفسد حجّه على كلّ تقدير ، وسواء كان قبل الوقوف بالموقفين أو بعده - ووافقنا على عدم الإفساد سعيد بن المسيّب وعطاء وابن سيرين والزهري وقتادة والثوري والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي(٣) - لأنّه إنزال بغير وطء ، فلم يفسد به الحجّ ، كالإنزال عن نظر.

وقال مالك : إن أنزل ، فسد حجّه - وهو إحدى الروايتين عن أحمد ، ورواية عن سعيد بن جبير - لأنّه إنزال عن سبب محرّم ، فأفسد الحجّ ، كالإنزال عن الجماع(٤) .

والفرق ظاهر ؛ فإنّ الجماع أبلغ أنواع الاستمتاع ، ولهذا أفسد الحجّ مع الإنزال وعدمه.

إذا عرفت هذا ، فالشيخرحمه‌الله أوجب الشاة في التقبيل بغير شهوة‌

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٣٢٦ / ١١٢٠.

(٢) المغني ٣ : ٣٣١ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٨ ، فتح العزيز ٧ : ٤٨٠.

(٣) المغني ٣ : ٣٣٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٨ ، حلية العلماء ٣ : ٣١٥ ، المجموع ٧ : ٤٢١ ، بدائع الصنائع ٢ : ٢١٦.

(٤) المغني ٣ : ٣٣٢ و ٣٣٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٨ ، فتح العزيز ٧ : ٤٨٠ ، حلية العلماء ٣ : ٣١٥.

٥٦

مطلقاً ، والبدنة فيه مع الشهوة مطلقاً(١) ، ولم يعتبر الإنزال ؛ لأنّ علي بن أبي حمزة سأل الكاظمَعليه‌السلام : عن رجل قبَّل امرأته وهو مُحْرم ، قال : « عليه بدنة وإن لم ينزل ، وليس له أن يأكل منه»(٢) .

وقال ابن إدريس : إن قبَّل بشهوة وأنزل ، وجبت البدنة ، وإن لم ينزل ، وجبت الشاة(٣) ؛ للأصل.

ولما رواه مسمع - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام : « إنّ حال الـمُحْرم ضيّقة ، إن قبَّل امرأته على غير شهوة وهو مُحْرم ، فعليه دم شاة ، ومَنْ قبَّل امرأته على شهوة ، فعليه جزور ، ويستغفر الله »(٤) .

وهو الأقرب.

ويجوز للمُحْرم أن يُقبِّل اُمّه حال الإحرام ؛ لأنّ الحسين بن حمّاد سأل الصادقَعليه‌السلام : عن المحرم يُقبِّل اُمّه ، قال : « لا بأس به ، هذه قُبْلة رحمة ، إنّما تكره قُبْلة الشهوة »(٥) .

ولو لاعب امرأته وهو مُحْرمٌ فأمنى ، كان عليه بدنة ؛ لأنّه إنزال عن سبب مُحرَّم ، فوجبت البدنة ، كما لو أنزل عن نظر.

وهل يجب عليها الكفّارة؟ نصّ الشيخ في التهذيب والمبسوط عليه(٦) ؛ لأنّه أنزل بملاعبة منها لَه ، فوجب عليها بدنة ، كالجماع.

ولأنّ عبد الرحمن بن الحجّاج سأل الصادقَعليه‌السلام : عن الرجل يعبث‌

____________________

(١) المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٣٨.

(٢) الكافي ٤ : ٣٧٦ / ٣ ، التهذيب ٥ : ٣٢٧ / ١١٢٣.

(٣) السرائر : ١٣٠.

(٤) الكافي ٤ : ٣٧٦ / ٤ ، التهذيب ٥ : ٣٢٦ / ١١٢١ ، الاستبصار ٢ : ١٩١ / ٦٤١.

(٥) الكافي ٤ : ٣٧٧ / ٩ ، التهذيب ٥ : ٣٢٨ / ١١٢٧.

(٦) التهذيب ٥ : ٣٢٧ ذيل الحديث ١١٢٣ ، المبسوط ١ : ٣٣٨.

٥٧

بامرأته حتى يمني وهو مُحْرم من غير جماع ، أو يفعل ذلك في شهر رمضان ، ما ذا عليهما؟ فقال : « عليهما جميعاً الكفّارة مثل ما على الذي يجامع »(١) .

ولو سمع كلام امرأة أو استمع على مَنْ يجامع من غير رؤية لهما فتشاهى فأمنى ، لم يكن عليه شي‌ء ؛ لتعذّر التحرّز عن مثل ذلك ، فلو وجبت العقوبة لزمه الحرج.

أمّا لو كان برؤية ، فإنّه تجب عليه الكفّارة على ما تقدّم ؛ لأنّ أبا بصير سأل الصادقَعليه‌السلام - في الحسن - عن رجل سمع كلام امرأة من خلف حائط وهو مُحْرم فتشاهى حتى أنزل ، قال : « ليس عليه شي‌ء »(٢) .

وسأله سماعة بن مهران في مُحْرم استمع على رجل يجامع أهله فأمنى ، قال : « ليس عليه شي‌ء»(٣) .

قال المفيدرحمه‌الله : لو قبَّل امرأته وهو مُحْرم ، فعليه بدنة ، أنزل أو لم ينزل ، فإن هوت المرأة ذلك ، كان عليها مثل ما عليه(٤) .

مسألة ٤٢٨ : قد بيّنّا أنّه إذا أفسد حجّه ، وجب عليه إتمامه ، خلافاً لجماعة الظاهرية(٥) .

وقال مالك : يجعل الحجّة عمرة ، ولا يقيم على الحجّ الفاسد(٦) .

____________________

(١) الكافي ٤ : ٣٧٦ / ٥ ، التهذيب ٥ : ٣٢٧ / ١١٢٤.

(٢) الكافي ٤ : ٣٧٧ - ١٠ ، التهذيب ٥ : ٣٢٧ - ٣٢٨ / ١١٢٥.

(٣) التهذيب ٥ : ٣٢٨ / ١١٢٦.

(٤) المقنعة : ٦٨.

(٥) المحلّى ٧ : ١٨٩ - ١٩٠ ، المجموع ٧ : ٤١٤ ، حلية العلماء ٣ : ٣١٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٣.

(٦) الشرح الكبير ٣ : ٣٢٣.

٥٨

وليس بجيّد ؛ لما تقدّم.

ولا يحلّ من الفاسد ، بل يجب عليه أن يفعل بعد الفساد كلّ ما يفعله لو كان صحيحاً ، ولا يسقط عنه توابع الوقوف من المبيت بالمزدلفة والرمي وغيرهما.

ويحرم عليه بعد الفساد كلّ ما كان مُحرَّماً عليه قبله من الوطء ثانياً وغيره من المـُحرّمات.

ولو جنى في الإحرام الفاسد ، وجب عليه ما يجب في الإحرام الصحيح.

ويجب عليه القضاء من قابل ، سواء كانت الفاسدة واجبةً بأصل الشرع أو النذر ، أو كانت تطوّعاً ، ولا نعلم فيه خلافاً. ويجب على الفور.

ولو أفسد القضاء ، لم يجب قضاؤه ، وإنّما يقضي عن الحجّ الأوّل.

ولو اُحصر في حجّ فاسد ، فله التحلّل إجماعاً ؛ لأنّه يباح له في الصحيح ففي الفاسد أولى.

فلو أحلّ فزال الحصر وفي الوقت سعة ، فله أن يقضي في ذلك العام ، ولا يتصوّر القضاء في عام الإفساد في غير هذه الصورة.

ولو حجّ تطوّعاً فأفسده ثم اُحصر ، كان عليه بدنة للإفساد ودم للإحصار ، ويكفيه قضاء واحد في القابل ؛ لأنّ المقضي واحد.

ويجب القضاء على الفور - وهو أحد قولي الشافعي(١) - لأنّه لزم وتضيّق بالشروع.

ولقول الصحابة والأئمّةعليهم‌السلام : : إنّه يقضي من قابل.

وللشافعي قول آخر : إنّه على التراخي ، كالأصل.

____________________

(١) فتح العزيز ٧ : ٤٧٣ - ٤٧٤.

٥٩

ولأنّ الوقت قد فات ، واستوت بعده الأوقات(١) .

وقد بيّنّا فساده.

وله ثالث : إنّه إن وجبت الكفّارة بعُدْوان فعل ، فعلى الفور ؛ لأنّ التراخي نوع [ ترفيه ](٢) وإن لم يكن بعُدوان ، فعلى التراخي(٣) .

وأجرى الجويني الخلاف في التعدّي بترك الصوم هل هو على الفور أو على التراخي؟ وكذا الصلاة.

أمّا ما يجب فيه القتل ، كترك الصلاة عمداً مع تخلّل التعزير ثلاث مرّات ، فإنّه يجب فيه الفور(٤) و أمّا ما لا عدوان فيه ، فللشافعي وجهان تقدّما :

أحدهما : الفور ، لقولهعليه‌السلام : ( فليصلّها إذا ذكرها ).

والثاني : جواز التأخير ؛ لما رووه عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه فاتته صلاة الصبح ، فلم يصلّها حتى خرج من الوادي(٥) .

وقد عرفت أنّه يحرم في القضاء من الميقات.

وقال الشافعي : إن أحرم قبل الميقات ، أحرم في القضاء من ذلك المكان. وقد سبق(٦) .

ولو جاوزه ، أراق دماً ، كما لو جاوز الميقات الشرعي.

وإن كان قد أحرم من الميقات ، فعليه في القضاء مثله.

وإن كان قد أحرم بعد مجاوزة الميقات ، فإن كان مُسيئاً بتجاوزه ،

____________________

(١) فتح العزيز ٧ : ٤٧٣.

(٢) « ترفيه » : صحّفت في « ف » والطبعة الحجرية بـ « تفرقة » ولم يتبيّن لنا اللفظ في « ط ، ن » لسقوطه فيهما ، وما أثبتناه من المصدر.

(٣ و ٤ ) فتح العزيز ٧ : ٤٧٤.

(٦) سبق في المسألة ٤٢١.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

أَيْمانُكُمْ مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ »(١) وقال «فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ »(٢) فأحل الله الفرج لأهل القوة على قدر قوتهم على إعطاء المهر والقدرة على الإمساك أربعة لمن قدر على ذلك ولمن دونه بثلاث واثنتين وواحدة ومن لم يقدر على واحدة تزوج ملك اليمين وإذا لم يقدر على إمساكها ولم يقدر على تزويج الحرة ولا على شراء المملوكة فقد أحل الله تزويج المتعة بأيسر ما يقدر عليه من المهر ولا لزوم نفقة وأغنى الله كل فريق منهم بما أعطاهم من القوة على إعطاء المهر والجدة في النفقة عن الإمساك وعن الإمساك عن الفجور وإلا يؤتوا من قبل الله عز وجل في حسن المعونة وإعطاء القوة والدلالة على وجه الحلال لما أعطاهم ما يستعفون به عن الحرام فيما أعطاهم وأغناهم عن الحرام وبما أعطاهم وبين لهم فعند ذلك وضع عليهم الحدود من الضرب والرجم واللعان والفرقة ولو لم يغن الله كل فرقة منهم بما جعل لهم السبيل إلى وجوه الحلال لما وضع عليهم حدا من هذه الحدود فأما وجه التزويج الدائم ووجه ملك اليمين فهو بين واضح في أيدي الناس لكثرة معاملتهم به فيما بينهم وأما أمر المتعة فأمر غمض على كثير لعلة نهي من نهى عنه وتحريمه لها وإن كانت موجودة في التنزيل ومأثورة في السنة الجامعة لمن طلب علتها وأراد ذلك فصار تزويج المتعة حلالا للغني والفقير ليستويا في تحليل الفرج كما استويا في قضاء نسك الحج متعة الحج «فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ » للغني والفقير فدخل في هذا التفسير الغني لعلة الفقير وذلك أن الفرائض إنما وضعت على أدنى القوم قوة ليسع الغني والفقير وذلك لأنه غير جائز أن يفرض الفرائض على قدر مقادير القوم فلا يعرف قوة القوي من ضعف الضعيف ولكن وضعت على قوة أضعف الضعفاء ثم رغب الأقوياء فسارعوا في الخيرات بالنوافل بفضل القوة في الأنفس والأموال والمتعة حلال للغني والفقير لأهل الجدة ممن له أربع وممن له ملك اليمين ما شاء كما هي حلال لمن يجد إلا بقدر مهر المتعة والمهر ما تراضيا عليه في حدود التزويج للغني والفقير قل أو كثر

ـــــــــــــــ

(١) النساء : ٢٥.

(٢) النساء : ٤٢.

٨١

( باب )

( وجوه النكاح )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال يحل الفرج بثلاث نكاح بميراث ونكاح بلا ميراث ونكاح ملك اليمين.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن العباس بن موسى ، عن محمد بن زياد ، عن الحسين بن زيد قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول يحل الفرج بثلاث نكاح بميراث ونكاح بلا ميراث ونكاح بملك اليمين.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن الحسين بن زيد قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول يحل الفرج بثلاث نكاح بميراث ونكاح بلا ميراث ونكاح بملك اليمين.

( باب )

( النظر لمن أراد التزويج )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن محمد

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

باب وجوه النكاح

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

قوله : « بثلاث » من جعل التحليل من قبيل العقد أدخله في الثاني ، ومن جعله من قبيل التمليك أدخله في الثالث ، ويدل على عدم ثبوت الميراث في المتعة وسيأتي الكلام فيه.

الحديث الثاني : حسن.

الحديث الثالث : حسن.

باب النظر لمن أراد التزويج

الحديث الأول : حسن.

٨٢

بن مسلم قال سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن الرجل يريد أن يتزوج المرأة أينظر إليها قال نعم إنما يشتريها بأغلى الثمن.

٢ ـ عنه ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم وحماد بن عثمان وحفص بن البختري كلهم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا بأس بأن ينظر إلى وجهها ومعاصمها إذا أراد أن يتزوجها.

٣ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن ابن مسكان ، عن الحسن بن السري قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام الرجل يريد أن يتزوج المرأة يتأملها وينظر إلى خلفها وإلى وجهها قال نعم لا بأس بأن ينظر الرجل إلى المرأة إذا أراد أن يتزوجها ينظر إلى خلفها وإلى وجهها.

٤ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن بعض أصحابنا ، عن أبان بن عثمان ، عن الحسن بن السري ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه سأله عن الرجل ينظر إلى المرأة قبل أن يتزوجها قال نعم فلم يعطي ماله.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وأجمع العلماء كافة على أن من أراد نكاح امرأة يجوز له النظر إليها في الجملة ، بل صرح كثير منهم باستحبابه ، وأطبقوا أيضا على جواز النظر إلى وجهها وكفيها من مفصل الزند ، واختلفوا فيما عدا ذلك ، فقال بعضهم : يجوز النظر إلى شعرها ومحاسنها أيضا ، واشترط الأكثر العلم بصلاحيتها للتزويج واحتمال إجابتها ، وأن لا يكون للريبة والمراد بها خوف الوقوع بها في محرم ، وأن الباعث على النظر إرادة التزويج دون العكس ، والمستفاد من النصوص الاكتفاء بقصد التزويج قبل النظر كيف كان.

الحديث الثاني : حسن.

وقال الفيروزآبادي :المعاصم جمع معصم : وهو موضع السوار من الساعد.

الحديث الثالث : كالصحيح.

الحديث الرابع : ضعيف على المشهور.

٨٣

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن عبد الله بن الفضل ، عن أبيه ، عن رجل ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قلت له أينظر الرجل إلى المرأة يريد تزويجها فينظر إلى شعرها ومحاسنها قال لا بأس بذلك إذا لم يكن متلذذا.

( باب )

( الوقت الذي يكره فيه التزويج )

١ ـ أحمد بن محمد ، عن علي بن الحسن بن علي ، عن العباس بن عامر ، عن محمد بن يحيى الخثعمي ، عن ضريس بن عبد الملك قال لما بلغ أبا جعفر صلوات الله عليه أن رجلا تزوج في ساعة حارة عند نصف النهار فقال أبو جعفرعليه‌السلام ما أراهما يتفقان فافترقا.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن ابن بكير ، عن زرارة قال حدثني أبو جعفرعليه‌السلام أنه أراد أن يتزوج امرأة فكره ذلك أبي فمضيت فتزوجتها حتى إذا كان بعد ذلك زرتها فنظرت فلم أر ما يعجبني فقمت أنصرف فبادرتني القيمة معها إلى الباب لتغلقه علي فقلت لا تغلقيه لك الذي تريدين فلما رجعت إلى أبي أخبرته بالأمر كيف كان فقال أما إنه ليس لها عليك إلا نصف المهر وقال إنك تزوجتها في ساعة حارة.

٣ ـ حميد بن زياد ، عن الحسن بن سماعة ، عن أحمد بن الحسن الميثمي ، عن أبان بن عثمان ، عن عبيد بن زرارة وأبي العباس قالا قال أبو عبد اللهعليه‌السلام ليس للرجل أن يدخل بامرأة ليلة الأربعاء.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الحديث الخامس : مرسل.

باب الوقت الذي يكره فيه التزويج

الحديث الأول : موثق.

ويدل على كراهة التزويج في الوقت الحار.

الحديث الثاني : موثق.

قوله عليه‌السلام : « فبادرتني » إنما فعلت ذلك ليستقر المهر جميعا بزعمها.

الحديث الثالث : موثق.

٨٤

( باب )

( ما يستحب من التزويج بالليل )

١ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الحسن بن علي الوشاء ، عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال سمعته يقول في التزويج قال من السنة التزويج بالليل لأن الله جعل الليل سكنا والنساء إنما هن سكن.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال زفوا عرائسكم ليلا وأطعموا ضحى.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن علي بن عقبة ، عن أبيه ، عن ميسر بن عبد العزيز ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قال يا ميسر تزوج بالليل فإن الله جعله سكنا ولا تطلب حاجة بالليل فإن الليل مظلم قال ثم قال إن للطارق لحقا عظيما وإن للصاحب لحقا عظيما.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

باب ما يستحب من التزويج بالليل

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

وقال الجوهري :السكن ما يسكن إليه من أهل ومال وغير ذلك ، والتزويج يحتمل العقد والزفاف والأعم منهما.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

الحديث الثالث : [ ضعيف على المشهور. وسقط شرحه من المصنف ].

قوله عليه‌السلام : « إن للطارق » أي من يأتي بالليل لحاجة لا ينبغي رده ، قال الفيروزآبادي : الطرق : الإتيان بالليل كالطروق.

٨٥

( باب )

( الإطعام عند التزويج )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد والحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد جميعا ، عن الحسن بن علي الوشاء ، عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال سمعته يقول إن النجاشي لما خطب لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله آمنة بنت أبي سفيان فزوجه دعا بطعام وقال إن من سنن المرسلين الإطعام عند التزويج.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حين تزوج ميمونة بنت الحارث أولم عليها وأطعم الناس الحيس.

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال رفعه إلى أبي جعفرعليه‌السلام قال الوليمة يوم ويومان مكرمة وثلاثة أيام رياء وسمعة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

باب الإطعام عند التزويج

الحديث الأول : ضعيف كالصحيح.

ويدل على استحباب الإطعام عند العقد.

الحديث الثاني : حسن.

وقال الفيروزآبادي :الوليمة طعام العرس ، أو كل طعام صنع لدعوة وغيرها وأولم : صنعها.

وقال الجزري : فيه « إنه أولم على بعض نسائه بحيس » وهو الطعام المتخذ من التمر والأقط والسمن ، وقد يجعل عوض الأقط الدقيق والفتيت.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

ويدل على تأكد الاستحباب في اليوم الأول وتخفيفه في اليوم الثاني في الجملة ، وكراهته في اليوم الثالث.

٨٦

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الوليمة أول يوم حق والثاني معروف وما زاد رياء وسمعة.

( باب )

( التزويج بغير خطبة )

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن علي بن يعقوب ، عن هارون بن مسلم ، عن عبيد بن زرارة قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن التزويج بغير خطبة فقال أوليس عامة ما يتزوج فتياننا ونحن نتعرق الطعام على الخوان نقول يا فلان زوج فلانا فلانة فيقول نعم قد فعلت.

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن جعفر بن محمد الأشعري ، عن عبد الله بن ميمون القداح ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أن علي بن الحسينعليه‌السلام كان يتزوج وهو يتعرق عرقا يأكل ما يزيد على أن يقول الحمد لله وصلى الله على محمد وآله ويستغفر الله عز وجل

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الحديث الرابع : صحيح.

باب التزويج بغير خطبة

يقال : خطب المرأة إلى القوم أي طلب أن يتزوج منهم ، والاسم الخطبة بالكسر وهي بالضم يطلق علي ما يقرأ عند طلب الزوجة ، وعند العقد من الكلام المشتمل على الحمد والثناء والصلاة ، وما يناسب المقام كما سيأتي في باب الآتي.

الحديث الأول : مجهول.

والخطبة هنا يحتمل الضم والكسر ، وقال الجوهري والجزري : يقال :

عرقت العظم وتعرقته واعترقته إذا أخذت عنه اللحم بأسنانك نشها. انتهى. والغرض أنا نوقع العقد على الخوان من غير تقديم خطبة وخطبة ، أو خطبة طويلة كما يدل عليه الخبر الآتي.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

٨٧

وقد زوجناك على شرط الله ثم قال علي بن الحسينعليه‌السلام إذا حمد الله فقد خطب.

( باب )

( خطب النكاح )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن جماعة من بني أمية في إمارة عثمان اجتمعوا في مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في يوم جمعة وهم يريدون أن يزوجوا رجلا منهم وأمير المؤمنينعليه‌السلام قريب منهم فقال بعضهم لبعض هل لكم أن نخجل عليا الساعة نسأله أن يخطب بنا ونتكلم فإنه يخجل ويعيا بالكلام فأقبلوا إليه فقالوا يا أبا الحسن إنا نريد أن نزوج فلانا فلانة ونحن نريد أن تخطب بنا فقال فهل تنتظرون أحدا فقالوا لا فو الله ما لبث حتى قال :

الحمد لله المختص بالتوحيد المتقدم بالوعيد الفعال لما يريد المحتجب بالنور دون خلقه ذي الأفق الطامح والعز الشامخ والملك الباذخ المعبود بالآلاء رب الأرض والسماء أحمده على حسن البلاء وفضل العطاء وسوابغ النعماء وعلى ما يدفع ربنا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

باب خطب النكاح

الحديث الأول : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « المختص بالتوحيد » أي بتوحيد الناس له أو بتوحيده غيره« المحتجب بالنور » أي ليس له حجاب إلا الظهور ، أو إكمال التام أو عرشه محتجب من الخلق بالأنوار الظاهرة ،« ذي الأفق الطامح » وفي بعض النسخ « ذو الأفق » بالرفع على المدح ، والطامح : المرتفع ، ولعله كناية عن أنه تعالى مرتفع عن إدراك الحواس والعقول والأوهام ، أو عن يصل إليه بسوء ، وكذا الفقرتان الآتيتان ، ويحتمل أن يكون المراد في كل منها بعد ما ذكرنا ليكون تأسيسا. والشامخ : العالي ، وكذا الباذخ ،« أحمده عن حسن البلاء » ، أي النعمة« حمدا

٨٨

من البلاء حمدا يستهل له العباد وينمو به البلاد وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له لم يكن شيء قبله ولا يكون شيء بعده.

وأشهد أن محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله عبده ورسوله اصطفاه بالتفضيل وهدى به من التضليل اختصه لنفسه وبعثه إلى خلقه برسالاته وبكلامه يدعوهم إلى عبادته وتوحيده والإقرار بربوبيته والتصديق بنبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعثه على حين فترة من الرسل وصدف عن الحق وجهالة بالرب وكفر بالبعث والوعيد فبلغ رسالاته وجاهد في سبيله ونصح لأمته وعبده حتى أتاه اليقينصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كثيرا.

أوصيكم ونفسي بتقوى الله العظيم فإن الله عز وجل قد جعل للمتقين المخرج مما يكرهون والرزق من حيث لا يحتسبون فتنجزوا من الله موعوده واطلبوا ما عنده بطاعته والعمل بمحابه فإنه لا يدرك الخير إلا به ولا ينال ما عنده إلا بطاعته ولا تكلان فيما هو كائن إلا عليه ولا حول ولا قوة إلا بالله.

أما بعد فإن الله أبرم الأمور وأمضاها على مقاديرها فهي غير متناهية عن مجاريها دون بلوغ غاياتها فيما قدر وقضى من ذلك وقد كان فيما قدر وقضى من أمره المحتوم وقضاياه المبرمة ما قد تشعبت به الأخلاف وجرت به الأسباب وقضى من تناهي القضايا بنا وبكم إلى حضور هذا المجلس الذي خصنا الله وإياكم للذي كان من تذكرنا آلاءه وحسن بلائه

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يستهل له العباد » أي يرفعون بها أصواتهم أو يستبشرون بذكره.

وقال الفيروزآبادي : استهل الصبي : رفع صوته بالبكاء ، كأهل وكذا كل متكلم رفع صوته ، أو خفض« وينمو به البلاد » بزيادة النعمة على أهاليها ، كما قال تعالى : «لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ »(١) « اصطفاه بالتفضيل » أي بأن فضله على جميع الخلق ،و « هدى به من التضليل » أي لئلا يضلهم الشيطان أو لئلا يجدهم ضالين أو لئلا يكونوا مضلينو « صدف عن الحق » أي ميل وأعرض عنه« حتى أتاه اليقين » أي الموت« قد جعل للمتقين » إشارة إلى قوله تعالى : «وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ »(٢) . وقال الفيروزآبادي :استنجز حاجته وينتجزها : طلب قضاؤها ممن وعدها إياها ، وقال : التوكل إظهار العجز والاعتماد على الغير ، والاسم التكلان.

__________________

(١) سورة إبراهيم الآية ٧. (٢) سورة الطلاق الآية ـ ٣.

٨٩

وتظاهر نعمائه فنسأل الله لنا ولكم بركة ما جمعنا وإياكم عليه وساقنا وإياكم إليه ثم إن فلان بن فلان ذكر فلانة بنت فلان وهو في الحسب من قد عرفتموه وفي النسب من لا تجهلونه وقد بذل لها من الصداق ما قد عرفتموه فردوا خيرا تحمدوا عليه وتنسبوا إليه صلى الله على محمد وآله وسلم.

٢ ـ أحمد بن محمد ، عن إسماعيل بن مهران ، عن أيمن بن محرز ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال زوج أمير المؤمنينعليه‌السلام امرأة من بني عبد المطلب وكان يلي أمرها فقال الحمد لله العزيز الجبار الحليم الغفار الواحد القهار الكبير المتعال «سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسارِبٌ بِالنَّهارِ » أحمده وأستعينه وأومن به وأتوكل عليه «وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي » ولا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ولن تجد من دونه وليا مرشدا وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له «لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ » وأشهد أن محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله عبده ورسوله بعثه بكتابه حجة على عباده من أطاعه أطاع الله ومن عصاه عصى اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كثيرا إمام الهدى والنبي المصطفى ثم إني أوصيكم بتقوى الله فإنها وصية الله في الماضين والغابرين ثم تزوج.

٣ ـ أحمد ، عن إسماعيل بن مهران قال حدثنا عبد الملك بن أبي الحارث ، عن جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال خطب أمير المؤمنينعليه‌السلام بهذه الخطبة فقال الحمد لله أحمده وأستعينه وأستغفره وأستهديه وأومن به وأتوكل عليه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله عبده ورسوله أرسله «بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وقال الجوهري :انتهى عنه وتناهى : أي كف ، وقال :شعبت الشيء : فرقته وشعبته : جمعته وهو من الأضداد.

الحديث الثاني : ضعيف.

والسارب : الذاهب على وجهه في الأرض.قوله عليه‌السلام : « الغابرين » أي الباقينالحديث الثالث : مجهول.

٩٠

الدِّينِ كُلِّهِ » دليلا عليه وداعيا إليه فهدم أركان الكفر وأنار مصابيح الإيمان من يطع الله ورسوله يكن سبيل الرشاد سبيله ونور التقوى دليله ومن يعص الله ورسوله يخطئ السداد كله ولن يضر إلا نفسه أوصيكم عباد الله بتقوى الله وصية من ناصح وموعظة من أبلغ واجتهد أما بعد فإن الله عز وجل جعل الإسلام صراطا منير الأعلام مشرق المنار فيه تأتلف القلوب وعليه تآخى الإخوان والذي بيننا وبينكم من ذلك ثابت وده وقديم عهده معرفة من كل لكل لجميع الذي نحن عليه يغفر الله لنا ولكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

٤ ـ أحمد بن محمد ، عن ابن العزرمي ، عن أبيه قال كان أمير المؤمنينعليه‌السلام إذا أراد أن يزوج قال : الحمد لله أحمده وأستعينه وأومن به وأتوكل عليه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله «بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ » وصلى الله على محمد وآله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته أوصيكم عباد الله بتقوى الله ولي النعمة والرحمة خالق الأنام ومدبر الأمور فيها بالقوة عليها و

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله عليه‌السلام : « تأخى الإخوان » إما مصدر أو مضارع بحذف أحد التائين.

قوله عليه‌السلام : « ثابت وده » أي الإسلام الحقيقي ، وهو يؤثر فالمسلمون الذين ليس بينهم مودة إنما ذلك لعدم تحقق الإسلام كما ينبغي.

قوله عليه‌السلام : « قديم عهده » لأنه ثبت ذلك في عالم الأرواح.

قوله عليه‌السلام : « معرفة من كل لكل » الحمل على المبالغة ، أي الإسلام سبب لمعرفة كل واحد منهم بجميع الذي نحن عليه ، أي نحن نعرف وأنتم تعرفون بسبب الإسلام الحقيقي جميع ما نحن عليه من الإيمان والإخلاص والمودة وسائر الكمالات ، وصار ذلك سببا للائتلاف والازدواج.

الحديث الرابع : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « ومدبر الأمور فيها » الضمير راجع إلى الأنام ، وإرجاعه إلى الأمور بأن يكون الظرف بدلا عن الأمور بعيد.

٩١

الإتقان لها فإن الله له الحمد على غابر ما يكون وماضيه وله الحمد مفردا والثناء مخلصا بما منه كانت لنا نعمة مونقة وعلينا مجللة وإلينا متزينة خالق ما أعوز ومذل ما استصعب ومسهل ما استوعر ومحصل ما استيسر مبتدئ الخلق بدءا أولا يوم ابتدع السماء وهي دخان ، «فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ » ولا يعوره شديد ولا يسبقه هارب ولا يفوته مزائل يوم «تُوَفَّى

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله عليه‌السلام : « بالقوة عليها » أي أنه كان قويا عليها متقنا ومحكما لها.

قوله عليه‌السلام : « مفردا » أي المحامد مختصة به تعالى أي إما بالفتح أي نحمده خالصا لكونه أهلا له ، لا لطمع الثواب وخوف العقاب ، أو بالكسر ليكون حالا للحامد.

قوله عليه‌السلام : « بما منه » أي أحمده بإزاء النعمة أو بسبب ما كانت لنا من النعماء الحسنة الظاهرة والباطنة.

قوله عليه‌السلام : « نعمة مؤنقة » يحتمل أن يكون كل من نعمة ومجللة ومتزينة حالا لضمير« كانت » الراجع إلى الموصول ، ويحتمل أن يكون كل منهما خبرا لكانت والظرف في لنا وعلينا وإلينا راجع إلى ما بعده ، وتعدية التزين بإلى بتضمين معنى الوصول ، أو نحوه.

قوله عليه‌السلام : « ما أعوز » أي المعدومات أو الأمور الغريبة أو ما يحتاج إليه ، وقال الفيروزآبادي : العوز بالتحريك : الحاجة ، عوزه الشيء ـ كفرح ـ لم يوجد ، والرجل : افتقر كأعوز ، والأمر اشتد ، وإذا لم تجد شيئا فقل : عازني ، وأعوزه الشيء : احتاج إليه ، والدهر : أحوجه ، وما يعوز لفلان شيء إلا ذهب به : أي ما يشرف به. وقال :الوعر : ضد السهل ، واستوعروا طريقهم : رأوه وعرا ، وتوعر الأمر : تشدد.

قوله عليه‌السلام : « ولا يعوزه » في بعض نسخ القديمة بالراء المهملة ، قال الفيروزآبادي : عاره يعوره ويعيره : أخذه وذهب به.

قوله عليه‌السلام : « مزائل » عن مكافأته فاته بالفرار.

٩٢

كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ » ثم إن فلان بن فلان.

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى قال حدثني العباس بن موسى البغدادي رفعه إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام جواب في خطبة النكاح الحمد لله مصطفي الحمد ومستخلصه لنفسه مجد به ذكره وأسنى به أمره نحمده غير شاكين فيه نرى ما نعده رجاء نجاحه ومفتاح رباحه ونتناول به الحاجات من عنده ونستهدي الله بعصم الهدى ووثائق العرى وعزائم التقوى ونعوذ بالله من العمى بعد الهدى والعمل في مضلات الهوى وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله عبد لم يعبد أحدا غيره اصطفاه بعلمه وأمينا على وحيه ورسولا إلى خلقه فصلى‌الله‌عليه‌وآله أما بعد فقد سمعنا مقالتكم وأنتم الأحياء الأقربون نرغب في مصاهرتكم ونسعفكم بحاجتكم ونضن بإخائكم فقد شفعنا شافعكم وأنكحنا خاطبكم على أن لها من الصداق ما ذكرتم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الحديث الخامس : مرفوع.

واستخلصه لنفسه : استخصه ، والتمجيد : التعظيم.

قوله عليه‌السلام : « وأسنى به أمره » أي رفع به أمره لاشتماله على معارفه.

قوله عليه‌السلام : « ما نعده » أي من الحمد والثناء.

قوله عليه‌السلام : « ومفتاح رباحه » في أكثر النسخ بالتاء المثناة والجيم.

وقال الجوهري : أرتجت الباب : أغلقته ، والرتاج : الباب العظيم ، ويقال :

الرتاج : الباب المغلق ، وعليه باب صغير. وفي بعضها بالباء الموحدة والحاء المهملة وقال الفيروزآبادي : رباح ـ كسحاب ـ : اسم ما تربحه.

قوله عليه‌السلام : « وعزائم التقوى » أي الأمور اللازمة التي بها يتقى من عذاب الله.

قوله عليه‌السلام : « بعلمه » أي عالما بأنه من أهله ، فيكون حالا عطف الحالان الآخران عليه.

قوله عليه‌السلام : « ونضن » بكسر الضاد وفتحها ، قال في النهاية : الضن ما تختصه

٩٣

نسأل الله الذي أبرم الأمور بقدرته أن يجعل عاقبة مجلسنا هذا إلى محابه إنه ولي ذلك والقادر عليه.

٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن عبد العظيم بن عبد الله قال سمعت أبا الحسنعليه‌السلام يخطب بهذه الخطبة ـ الحمد لله العالم بما هو كائن من قبل أن يدين له من خلقه دائن فاطر السماوات والأرض مؤلف الأسباب بما جرت به الأقلام ومضت به الأحتام من سابق علمه ومقدر حكمه أحمده على نعمه وأعوذ به من نقمه وأستهدي الله الهدى وأعوذ به من الضلالة والردى من يهده الله فقد اهتدى وسلك الطريقة المثلى وغنم الغنيمة العظمى ومن يضلل الله فقد حار عن الهدى وهوى إلى الردى وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله المصطفى ووليه المرتضى وبعيثه بالهدى أرسله على حين «فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ » واختلاف من الملل وانقطاع من السبل ودروس من الحكمة وطموس من أعلام الهدى والبينات فبلغ رسالة ربه وصدع بأمره وأدى الحق الذي عليه وتوفي فقيدا محموداصلى‌الله‌عليه‌وآله .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وتضن به أي تبخل لمكانة منك وموقعه عندك ، يقال : فلان ضني من بين إخواني وضنتي أي اختص به وأضن بمودته.

الحديث السادس : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « يدين » أي يخضع ويعبد ، والأحتام كأنه جمع الحتم ، وهو نادر. قال الجوهري :الحتم : إحكام الأمر. والحتم : القضاء ، والجمع : الحتوم.

قوله عليه‌السلام : « وأستهدي الله » الهدى مفعول على التجريد أو مفعول مطلق من غير الباب. والمثلي : تأنيث الأمثل ، وهو الأفضل. والردى : الهلاك والضلال.

قوله عليه‌السلام : « وبعيثه » أي مبعوثه. والدروس : الاندراس والانمحاء وكذا الطموس.

قوله عليه‌السلام : « وصدع بأمره » أي شق جماعاتهم بالتوحيد أو أجهر بالقرآن وأظهر أو حكم بالحق وفصل الأمر أو قصد بما أمر أو فرق بين الحق والباطل.

٩٤

ثم إن هذه الأمور كلها بيد الله تجري إلى أسبابها ومقاديرها فأمر الله يجري إلى قدره وقدره يجري إلى أجله وأجله يجري إلى كتابه و «لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ » أما بعدفإن الله جل وعز جعل الصهر مألفة للقلوب ونسبة المنسوب أوشج به الأرحام وجعله رأفة ورحمة «إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ » وقال في محكم كتابه «وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً » وقال «وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ » وإن فلان بن فلان ممن قد عرفتم منصبه في الحسب ومذهبه في الأدب وقد رغب في مشاركتكم وأحب مصاهرتكم وأتاكم خاطبا فتاتكم فلانة بنت فلان وقد بذل لها من الصداق كذا وكذا العاجل منه كذا والآجل منه كذا فشفعوا شافعنا وأنكحوا خاطبنا وردوا ردا جميلا وقولوا قولا حسنا وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين.

٧ ـ أحمد بن محمد ، عن معاوية بن حكيم قال خطب الرضاعليه‌السلام هذه الخطبة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله عليه‌السلام : « تجري » أي هذه الأمور منتهية إلى أسبابها ومقاديرها مما قدره الله تعالى بالميل من كل منهما إلى صاحبه ، وكان ذلك في علمه تعالى وتقديره بأنه جعل فيهم الشهوة والميل وقدر يجري إلى أجله ، فإنه تعالى أعلم أن الزوج إلى متى يكون عزبا ، ومتى يتزوج ، وقدر ذلك عليهما ولكل أجل ومدة كتاب مكتوب في لوح المحو والإثبات. والمبالغة إما مصدر حمل مبالغة أو اسم مكان.

وقال الفيروزآبادي :الواشجة : القرابة المشتبكة ، وقد وشجت بك قرابة فلان ، والاسم : الوشيج ، ووشجها الله توشيجا. وقال الفيروزآبادي : الواشجة : الرحم المشتبكة.

قوله تعالى : « من الماء » أي المني أو الذي خلط مع التراب في خلق آدمعليه‌السلام . والمنصب هو الأصل والمرجع. والحسب ما تعده من مفاخر آبائك ، والمراد بالأدب العلم والكمالات.

الحديث السابع : موثق وسنده الثاني أيضا موثق.

٩٥

الحمد لله الذي حمد في الكتاب نفسه وافتتح بالحمد كتابه وجعل الحمد أول جزاء محل نعمته وآخر دعوى أهل جنته وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة أخلصها له وأدخرها عنده وصلى الله على محمد خاتم النبوة وخير البرية وعلى آله آل الرحمة وشجرة النعمة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة والحمد لله الذي كان في علمه السابق وكتابه الناطق وبيانه الصادق أن أحق الأسباب بالصلة والأثرة وأولى الأمور بالرغبة فيه سبب أوجب سببا وأمر أعقب غنى فقال جل وعز : «وَهُوَ الَّذِي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله عليه‌السلام : « محل نعمته » الظاهر أن يكون مصدرا ميميا بمعنى النزول ، أي جعله أول جزاء من العباد لنعمه ، ثم بعد ذلك ما أمرهم به من الطاعات ويحتمل أن يكون المراد به إن ما حمد به تعالى نفسه جعله جزاء لنعم العباد ، لعلمه بعجزهم عما يستحقه تعالى من ذلك ، كما ورد في بعض الأخبار ، وقال الطبرسي (ره) في مجمع البيان :(١) «دَعْواهُمْ فِيها » أي دعاء المؤمنين وذكرهم في الجنة أن يقولوا «سُبْحانَكَ اللهُمَ » يقولون ذلك لا على وجه العبادة ، بل يلتذون بالتسبيح ، وقيل : إنهم إذا مر بهم الطير في الهواء يشتهونه « قالوا سبحانك اللهم » فيأتيهم الطير ويقع مشويا بين أيديهم ، وإذا قضوا منه الشهوة « قالوا الحمد لله رب العالمين » فيطير الطير حيا كما كان ، «وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ » ليس المراد أن ذلك يكون آخر كلامهم حتى لا يتكلمون بعده بشيء ، بل المراد أنهم يجعلون هذا آخر كلامهم في كل ما ذكروه.

قوله عليه‌السلام : « آل الرحمة » أي أهل رحمة الله الكاملة الجامعة ومستحقها ، أو هم رحمة الله والشفقة عليهم.

وقال الفيروزآبادي :رجل يستأثر على أصحابه أي يختار لنفسه أشياء حسنة ، والاسم : الأثرة محركة ، والأثرة بالضم والكسر.

قوله عليه‌السلام : « أوجب سببا » أي من الألفة والأنساب والمعونات ، وفي بعض النسخ نسبا ، وهو الأظهر فيكون إشارة إلى الآية الأولى كما أن ما بعدها إشارة

__________________

(١) المجمع ج ٥ ص ٩٣.

٩٦

خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكانَ رَبُّكَ قَدِيراً » وقال «وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ » ولو لم يكن في المناكحة والمصاهرة آية محكمة ولا سنة متبعة ولا أثر مستفيض لكان فيما جعل الله من بر القريب وتقريب البعيد وتأليف القلوب وتشبيك الحقوق وتكثير العدد وتوفير الولد لنوائب الدهر وحوادث الأمور ما يرغب في دونه العاقل اللبيب ويسارع إليه الموفق المصيب ويحرص عليه الأديب الأريب فأولى الناس بالله من اتبع أمره وأنفذ حكمه وأمضى قضاءه ورجا جزاءه وفلان بن فلان من قد عرفتم حاله وجلاله دعاه رضا نفسه وأتاكم إيثارا لكم واختيارا لخطبة فلانة بنت فلان كريمتكم وبذل لها من الصداق كذا وكذا فتلقوه بالإجابة وأجيبوه بالرغبة واستخيروا الله في أموركم يعزم لكم على رشدكم إن شاء الله نسأل الله أن يلحم ما بينكم بالبر والتقوى ويؤلفه بالمحبة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إلى الآية الثانية.

قوله عليه‌السلام : « من بر القريب » أي إذا كانت المواصلة مع الأقرباء.

قوله عليه‌السلام : « وتشبيك الحقوق » أي تحصل به أنواع الحقوق من الطرفين من حق الزوجية والوالدية والمولودية وغير ذلك ، ورعاية كل منها موجبة لتحصيل المثوبات ، وفي كل منها منافع دنيوية والأخروية.

قوله عليه‌السلام : « في دونه » أي الأقل منه ، والأريب : العاقل ، ذكره الجوهري.

قوله عليه‌السلام : « فأولى الناس بالله » أي برحمته وفضله.

قوله عليه‌السلام : « واختيارا لخطبة » قال في القاموس : خطب المرأة خطبا وخطبة وخطيبي بكسرهما واختطبها وهي خطبه وخطبته وخطيباه وخطيبته وهو خطبها بكسرهن وبضم الثاني.

قوله عليه‌السلام : « كريمتكم » أي من يكرم عليكم.

قوله عليه‌السلام : « يعزم لكم » أي يقدر لكم ما هو خيره لكم.

قوله عليه‌السلام : « أن يلحم » قال الفيروزآبادي : لحم الصائغ الفضة كنصر : لأمها

٩٧

والهوى ويختمه بالموافقة والرضا إنه سميع الدعاء لطيف لما يشاء.

بعض أصحابنا ، عن علي بن الحسن بن فضال ، عن إسماعيل بن مهران ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال سمعت أبا الحسن الرضاعليه‌السلام يقول ثم ذكر الخطبة كما ذكر معاوية بن حكيم مثلها.

٨ ـ محمد بن أحمد ، عن بعض أصحابنا قال كان الرضاعليه‌السلام يخطب في النكاح الحمد لله إجلالا لقدرته ولا إله إلا الله خضوعا لعزته وصلى الله على محمد وآله عند ذكره إن الله «خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً » إلى آخر الآية.

٩ ـ بعض أصحابنا ، عن علي بن الحسين ، عن علي بن حسان ، عن عبد الرحمن بن كثير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لما أراد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يتزوج خديجة بنت خويلد أقبل أبو طالب في أهل بيته ومعه نفر من قريش حتى دخل على ورقة بن نوفل عم خديجة فابتدأ أبو طالب بالكلام فقال الحمد لرب هذا البيت الذي جعلنا من زرع إبراهيم وذرية إسماعيل وأنزلنا حرما آمنا وجعلنا الحكام على الناس وبارك لنا في بلدنا الذي نحن فيه ثم إن ابن أخي هذا يعني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ممن لا يوزن برجل من قريش إلا رجح به ولا يقاس به رجل إلا عظم عنه ولا عدل له في الخلق وإن كان مقلا في المال فإن المال رفد جار وظل زائل وله في خديجة رغبة ولها فيه رغبة وقد جئناك لنخطبها

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

والتحم الجرح للبرء : التأم ، ويقال : وألحم ما أسديت أي تمم ما بدأت.

الحديث الثامن : مرسل.

الحديث التاسع : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « عم خديجة » المشهور أنه ابن عمها ، قال الفيروزآبادي :ورقة بن نوفل أسد بن عبد العزى وهو ابن عم خديجة اختلف في إسلامها. وقال :الزرع : الولد.

قوله عليه‌السلام : « رفد جار » أي يجريه الله تعالى على عباده بقدر الضرورة والمصلحة ، وفي الفقيه وغيره« رزق حائل » أي متغير وهو أظهر.

٩٨

إليك برضاها وأمرها والمهر علي في مالي الذي سألتموه عاجله وآجله وله ورب هذا البيت حظ عظيم ودين شائع ورأي كامل ثم سكت أبو طالب وتكلم عمها وتلجلج وقصر عن جواب أبي طالب وأدركه القطع والبهر وكان رجلا من القسيسين فقالت خديجة مبتدئة يا عماه إنك وإن كنت أولى بنفسي مني في الشهود فلست أولى بي من نفسي قد زوجتك يا محمد نفسي والمهر علي في مالي فأمر عمك فلينحر ناقة فليولم بها وادخل على أهلك قال أبو طالب اشهدوا عليها بقبولها محمدا وضمانها المهر في مالها فقال بعض قريش يا عجباه المهر على النساء للرجال فغضب أبو طالب غضبا شديدا وقام على قدميه وكان ممن يهابه الرجال ويكره غضبه فقال إذا كانوا مثل ابن أخي هذا طلبت الرجال بأغلى الأثمان وأعظم المهر وإذا كانوا أمثالكم لم يزوجوا إلا بالمهر الغالي ونحر أبو طالب ناقة ودخل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بأهله وقال رجل من قريش يقال له عبد الله بن غنم :

هنيئا مريئا يا خديجة قد جرت

لك الطير فيما كان منك بأسعد

تزوجته خير البرية كلها

ومن ذا الذي في الناس مثل محمد

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله عليه‌السلام : « حظ » أي من الخير والكمال ، وفي الفقيه « خطر ». وفي القاموس :البهر بالضم : انقطاع النفس من الإعياء ، وقال :القس بالفتح : رئيس النصارى في العلم كالقسيس.

قولها رضي الله عنها : « وإن كنت أولى » أي إن كنت أولى بنفسي مني في الشهود أي محضر الناس عرفا فلست أولى بي واقعا ، أو إن كنت أولى في الحضور والتظلم بمحضر الناس ، فلست أولى في أصل الرضا والاختيار ، أو إن كنت قادرا على إهلاكي لكني أولى بما اختار لنفسي ، والحاصل أني أمكنك في إهلاكي ، ولا أمكنك في ترك هذا الأمر ، والأوسط أظهر.

قوله : « لك الطير » أي انتشر أسعد الأخبار منك في الآفاق سريعا بسبب ما كان منك في حسن الاختيار ، فإن الطير أسرع في إيصال الأخبار من غيرها ، ويحتمل أن يكون الطير من الطيرة ، والمراد هنا الفال الحسن ، وهو أظهر.

٩٩

وبشر به البران عيسى ابن مريم

وموسى بن عمران فيا قرب موعد

أقرت به الكتاب قدما بأنه

رسول من البطحاء هاد ومهتد

( باب )

( السنة في المهور )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن حماد بن عثمان وجميل بن دراج ، عن حذيفة بن منصور ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان صداق النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله اثنتي عشرة أوقية ونشا والأوقية أربعون درهما والنش عشرون درهما وهو نصف الأوقية.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن معاوية بن وهب قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول ساق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى أزواجه اثنتي عشرة أوقية ونشا والأوقية أربعون درهما والنش نصف الأوقية عشرون درهما فكان ذلك خمسمائة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وقال في القاموس :البر بالفتح : الصادق ، والكثير البر. وقال في الصحاح :القدم : خلاف الحدوث ، ويقال : قدما كان كذا وكذا وهو اسم من القدم جعل اسما من أسماء الزمان.

باب السنة في المهور

الحديث الأول : السندان ضعيفان.

ويدل على أن مهر السنة خمسمائة درهم وعليه الأصحاب ، وقال الجوهري :النش : عشرون درهما وهو نصف أوقية ، لأنهم يسمون الأربعين درهما أوقية ، ويسمون العشرين نشأ ، ويسمون الخمسة نواه.

الحديث الثاني : صحيح ولم يذكر المصنف.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460