نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٩

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار23%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 324

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 324 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 131058 / تحميل: 6387
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٩

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

١

٢

٣

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على سيّدنا محمّد وآله الطيّبين الطّاهرين، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين من الأولين والآخرين.

٤

(٧)

مناشدة أمير المؤمنينعليه‌السلام

الصحابة عن حديث الغدير

٥

٦

ومن الأدلة على دلالة حديث الغدير على الامامة والخلافة: مناشدة أمير المؤمنينعليه‌السلام صحابة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن حديث الغدير و قوله: « من كنت مولاه فعلي مولاه ».

ذكر من روى ذلك

وقد روى حديث المناشدة جمع كبير من كبار أعلام أهل السنة:

١ - إسرائيل بن يونس السبيعي.

٢ - محمد بن جعفر الهذلي.

٣ - عبد الله بن نمير أبو هشام الخارفي الكوفي.

٤ - محمد بن عبد الله أبو أحمد الزبيري الكوفي الحبال.

٥ - يحيى بن آدم بن سليمان القرشي الأموي.

٦ - أسود بن عامر شاذان أبو عبد الرحمن الشامي.

٧ - عبد الرزاق بن همام الصنعاني.

٨ - حسين بن محمد بن بهرام التميمي أبو أحمد.

٧

٩ - عبيد الله بن عمر القواريري.

١٠ - أحمد بن حنبل الشيباني.

١١ - محمد بن المثنى العنزي.

١٢ - حسن بن علي بن عفان العامري.

١٣ - أحمد بن عمرو بن أبي عاصم الشيباني.

١٤ - عبد الله بن أحمد بن حنبل.

١٥ - علي بن محمد بن أبي المضا المصيصي.

١٦ - أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار.

١٧ - أبو عبد الرحمن النسائي.

١٨ - أبو يعلى أحمد بن علي الموصلي.

١٩ - أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد المعروف بابن عقدة.

٢٠ - أبو بكر محمد بن عبد الله البزاز الشافعي.

٢١ - أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني.

٢٢ - عمر بن أحمد بن عثمان المعروف بابن شاهين.

٢٣ - أبو بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي.

٢٤ - أبو الحسن علي بن محمد الجلّابي المعروف بابن المغازلي.

٢٥ - علي بن حسن بن حسين الخلعي.

٢٦ - أحمد بن محمد العاصمي.

٢٧ - الموفق بن أحمد المعروف بأخطب خوارزم.

٢٨ - علي بن محمد الجزري المعروف بابن الأثير.

٢٩ - محمد بن طلحة القرشي الشافعي.

٣٠ - يوسف بن قزغلي سبط ابن الجوزي.

٣١ - محب الدين أحمد بن عبد الله الطبري.

٣٢ - إبراهيم بن عبد الله الوصابي اليمني.

٨

٣٣ - إسماعيل بن عمر المعروف بابن كثير الدمشقي.

٣٤ - أبو حفص عمر بن حسن المراغي.

٣٥ - شمس الدين محمد بن محمد الجزري.

٣٦ - نور الدين علي بن عبد الله السمهودي.

٣٧ - جلال الدين عبد الرحمن السيوطي.

٣٨ - محمود بن محمد الشيخاني القادري.

٣٩ - نور الدين علي بن إبراهيم الحلبي.

٤٠ - أحمد بن الفضل بن محمد با كثير المكّي.

٤١ - محمد بن معتمد خان البدخشاني.

٤٢ - محمد صدر العالم.

٤٣ - محمد بن إسماعيل بن صلاح الأمير.

٤٤ - المولوي ولي الله اللكهنوي.

ولقد تقدم ذكر نصوص روايات أكثر هؤلاء، وإليك نصوص بعض رواياتهم:

رواية أبي بكر الشّافعي

لقد روى أبو بكر محمد بن عبد الله البزاز الشافعي مناشدة أمير المؤمنينعليه‌السلام بسنده في ( فوائده )(١) حيث قال: « حدثنا محمد بن سليمان بن الحارث ثنا عبيد الله بن موسى، ثنا أبو اسرائيل الملّائي عن الحكم عن أبي سليمان المؤذن عن زيد بن أرقم: أن علياً أنشد الناس من سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول

____________________

(١). نقل هذا عن نسخة ( الفوائد ) الموجودة في مكتبة الحرم بمكة المكرمة، وهي منقولة عن نسخة للخطيب البغدادي وعليها صورة إجازة يوسف بن محمد بن مقلّد الشافعي لأبي المظفر يحيى بن محمد بن هبيرة.

٩

من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. فقام ستة عشر رجلاً فشهدوا بذلك وكنت فيهم ».

ترجمة أبي بكر الشافعي

١ - السمعاني: « أبو بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن عبدويه بن موسى ابن بنان الجبلي الشافعي، من أهل بغداد، شيخ ثقة صدوق ثبت كثير الحديث حسن التصنيف في عصره، أملى وحدّث عن عامة شيوخ بغداد كتب عنه أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد الدار قطني، وأبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ ولمـّا منعت الديلم ببغداد الناس أن يذكروا فضائل الصحابة وكتبت سبّ السّلف على المساجد كان أبو بكر الشافعي يتعمّد في ذلك الوقت إملاء الفضائل في جامع المدينة وفي مسجده بباب الشام، ويفعل ذلك حسبة ويعدّه قربة.

وكان الدار قطني يقول: أبو بكر الشافعي ثقة مأمون ما كان في ذلك الزمان أوثق منه، ما رأيت له إلّا أصولاً صحيحة متقنة، وقد ضبط سماعه فيها أحسن الضبط. ولد في جمادى سنة ٢٦٠ بجبل ومات في ذي الحجة سنة ٣٥٤ ببغداد »(١) .

٢ - الذهبي: « أبو بكر الشافعي الامام الحجة المفيد محدّث العراق قال الخطيب: كان ثقة ثبتاً حسن التصانيف جمع أبواباً وشيوخاً. حدثني ابن نحلة أنه رأى مجلساً قد كتب عن الشافعي في حياة ابن صاعد. وقال حمزة السهمي: سئل الدارقطني عن أبي بكر الشافعي فقال: ثقة مأمون جبل ما كان في ذلك الوقت أحد أوثق منه. وقال الدارقطني: هو الثقة المأمون الذي لم يغمز. قلت: مات في ذي الحجة سنة ٣٥٤ »(٢)

____________________

(١). الانساب - الشافعي.

(٢). تذكرة الحفاظ ٣ / ٨٨٠.

١٠

٣ - الذهبي: أيضاً : « وفيها أبو بكر الشافعي قال الخطيب: كان ثقة ثبتاً حسن التصنيف جمع أبواباً وشيوخاً. قال: ولمـّا منعت الديلم الناس من ذكر فضائل الصحابة وكتبوا السبّ على أبواب المساجد كان يتعمّد إملاء أحاديث الفضائل في الجامع »(١) .

رواية ابن المغازلي

وروى أبو الحسن الجلّابي المعروف بابن المغازلي حديث المناشدة حيث قال: « حدثني أبو القاسم الفضل بن محمد بن عبد الله الاصفهاني - قدم علينا بواسط إملاءاً من كتابه لعشر بقين من شهر رمضان سنة ٤٣٤ - قال حدثني محمد ابن علي بن عمر بن مهدي قال: حدثني سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني، قال حدثني أحمد بن ابراهيم بن كيسان الثقفي الاصفهاني، قال: حدثني إسماعيل بن عمر البجلي قال حدثني مسعر بن كدام عن طلحة بن مصرف عن عمير بن سعد قال:

سمعت علياً على المنبر ناشد أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من سمع رسول الله يوم غدير خم يقول ما قال فليشهد. فقام اثنا عشر رجلاً - منهم: أبو سعيد الخدري وأبو هريرة وأنس بن مالك - فشهدوا أنهم سمعوا رسول الله يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.

قال أبو الحسن ابن المغازلي قال أبو القاسم الفضل بن محمد: هذا حديث صحيح عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وقد روى حديث غدير خم عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وقد روى حديث غدير خم عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نحو مائة نفس منهم العشرة. وهو حديث ثابت لا أعرف له علة.

____________________

(١). العبر حوادث سنة ٣٥٤.

١١

تفرّد علي بهذه الفضيلة لم يشركه فيها أحد »(١) .

رواية الخطيب الخوارزمي

ورواه أخطب خطباء خوارزم حيث قال: « وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا قال أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار السكري ببغداد، قال أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار، قال حدثنا أحمد بن منصور الرمادي قال حدثنا عبد الرزاق قال حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق قال: حدثني سعيد بن وهب وعبد خير: انهما سمعا عليا برحبة الكوفة يقول: أنشد بالله من سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فإنّ عليا مولاه. فقام عدة من أصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فشهدوا أنهم سمعوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول ذلك.

يقال: نشدتك الله وناشدتك الله وأنشدتك الله، أي سألتك بالله وطلبت إليك، وهو مجاز قولهم: نشد الضالّة ينشدها إذا طلبها، وأنشدها إذا عرّفها قال:

يصيخ للنبّاء أسماعه

إصاخة الناشد للمنشد(٢)

رواية أبي الحسن ابن الأثير

ورواه أبو الحسن علي بن محمد ابن الأثير الجزري حيث قال: « زيد بن شراحيل، وقيل يزيد بن شراحيل الأنصاري، أخبرنا أبو موسى كتابة أخبرنا حمزة ابن العباس العلوي أبو محمد أخبرنا أبو بكر أحمد بن الفضل الباطرقاني أخبرنا أبو مسلم عبد الرحمن بن محمد بن إبراهيم بن شهدل المديني، أخبرنا أبو العباس أحمد

____________________

(١). مناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي: ٢٧.

(٢). مناقب علي بن أبي طالب للخوارزمي: ٩٥.

١٢

ابن محمد بن سعيد بن عقدة، حدثنا عبد الله بن إبراهيم بن قتيبة، أخبرنا الحسن ابن زياد بن عمر، أخبرنا عمر بن سعيد البصري عن عمر بن عبد الله بن يعلى بن مرة عن أبيه عن جده يعلى بن مرة قال سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.

قال: فلمـّا قدم عليرضي‌الله‌عنه الكوفة نشد الناس من سمع ذلك من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فانتشد له بضعة عشر رجلاً منهم يزيد أو زيد بن شراحيل الأنصاري. أخرجه أبو موسى »(١) .

و قال ابن الأثير بترجمة أمير المؤمنينعليه‌السلام : « أنبأنا أبو الفضل بن أبي عبيد الله الفقيه بإسناده إلى أبي يعلى أحمد بن علي، أنبأنا القواريري، حدثنا يونس ابن أرقم، حدثنا يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: شهدت عليا في الرحبة يناشد الناس انشد الناس من سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه لما قام. قال عبد الرحمن فقام اثنا عشر بدرياً كأني أنظر إلى أحدهم عليه سراويل فقالوا: نشهد أنّا سمعنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول يوم غدير خم: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجي أمّهاتهم؟ قلنا: بلى يا رسول الله. فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.

وقد روى مثل هذا عن البراء بن عازب. وزاد: فقال عمر بن الخطاب يا ابن أبي طالب أصبحت اليوم ولي كلّ مؤمن »(٢) .

وقال بترجمة ناجية بن عمرو: « أخبرنا أبو موسى أيضاً إجازة أخبرنا الشريف أبو محمد بن حمزة بن العباس العلوي، أخبرنا أحمد بن الفضل المقري حدثنا أبو مسلم ابن شهدل، حدثنا أبو العباس ابن عقدة، حدثنا عبد الله بن ابراهيم بن قتيبة، حدثنا حسن بن زياد عن عمرو بن سعد البصري عن عمر

____________________

(١). أسد الغابة ٢ / ٢٣٣.

(٢). أسد الغابة ٤ / ٢٨.

١٣

ابن عبد الله بن يعلى بن مرة عن أبيه عن جده يعلى قال: سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، فلمـّا قدم علي الكوفة نشد الناس، فانتشد له بضعة عشر رجلاً فيهم أبو أيوب صاحب منزل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وناجية بن عمرو الخزاعي.أخرجه أبو نعيم وأبو موسى » (١) .

وقال ابن الأثير: « أبو زينب بن عوف الأنصاري. روى الأصبغ بن نباتة قال: نشد علي الناس من سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول يوم غدير خم ما قال إلّا قام؟ فقام بضعة عشر فيهم أبو أيوب الانصاري وأبو زينب فقالوا: نشهد أنّا سمعنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأخذ بيدك يوم غدير خم فرفعها فقال: ألستم تشهدون أني قد بلّغت ونصحت؟ قال: ألا إنّ الله عز وجل وليي وأنا وليّ المؤمنين فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وأحبّ من أحبّه وأعن من أعانه وابغض من أبغضه. أخرجه أبو موسى »(٢) .

وقال: « أبو قدامة الأنصاري. أورده ابن عقدة. أخبرنا أبو موسى إذناً أخبرنا الشريف أبو محمد حمزة بن العباس العلوي، أخبرنا أحمد بن الفضل الباطرقاني، أخبرنا أبو مسلم بن شهدل، أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، حدثنا محمد بن مفضل بن ابراهيم الأشعري، أخبرنا رجا بن عبد الله أخبرنا محمد بن كثير عن فطر وابن الجارود عن أبي الطفيل قال: كنّا عند عليرضي‌الله‌عنه فقال:

أنشد الله تعالى من شهد يوم غدير خم إلّا قام. فقام سبعة عشر رجلاً منهم أبو قدامة الأنصاري فقالوا: نشهد أنا أقبلنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حجة الوداع، حتى إذا كان الظهر خرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأمر

____________________

(١). أسد الغابة ٥ / ٥ - ٦.

(٢). أسد الغابة ٥ / ٢٠٥.

١٤

بشجرات فشددن وألقي عليهن ثوب ثم نادى الصلاة، فخرجنا فصلّينا ثم قام فحمد الله تعالى وأثنى عليه ثم قال: يا أيها الناس أتعلمون أنّ الله عز وجل مولاي وأنا مولى المؤمنين وأني أولى بكم من أنفسكم يقول ذلك مراراً؟ قلنا: نعم وهو آخذ بيدك يقول من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. ثلاث مرّات.

قال العدوي: أبو قدامة بن الحارث شهد أحداً وله فيها أثر حسن وبقي حتى قتل بصفين مع علي أخرجه أبو موسى »(١) .

رواية ابن حجر العسقلاني

ورواه ابن حجر العسقلاني حيث قال: « عبد الرحمن بن مدلج. ذكره أبو العباس ابن عقدة في كتاب الموالاة وأخرج من طريق موسى بن النصر الربيع الحمصي حدثني سعد بن طالب أبو غيلان، حدثني أبو إسحاق حدثني من لا أحصي: إن علياً أنشد الناس في الرحبة من سمع قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من كنت مولاه فعلي مولاه؟ فقال نفر - منهم عبد الرحمن بن مدلج - فشهدوا أنهم سمعوا إذ ذاك من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وأخرجه ابن شاهين عن ابن عقدة واستدركه »(٢) .

وقال ابن حجر ايضاً: « أبو قدامة الأنصاري ذكره أبو العباس ابن عقدة في كتاب الموالاة، الذي جمع فيه طرق حديث من كنت مولاه فعلي مولاه، فأخرج فيه من طريق محمد بن كثير عن فطر عن أبي الطفيل قال: كنا عند علي فقال: أنشد الله من شهد يوم غدير خم؟ فقام سبعة عشر رجلاً منهم أبو قدامة الأنصاري فشهدوا أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال ذلك. واستدركه أبو موسى.

____________________

(١). أسد الغابة ٥ / ٢٧٥.

(٢). الاصابة ٢ / ٤٢١.

١٥

وسيأتي في الذي بعد ما يؤخذ منه اسم أبيه وتمام نسبه »(١) .

رواية الوصابي اليمني

وروى إبراهيم بن عبد الله اليمني الوصّابي الشافعي حديث المناشدة: « عن عبد الرحمن بن أبي ليلىرضي‌الله‌عنه قال: سمعت علياً في الرحبة ينشد الناس: أنشد الله من سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه لما قام فشهد: فقام اثنا عشر بدرياً فقالوا: نشهد أنّا سمعنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول يوم غدير خم ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجي أمهاتهم؟ فقلنا: بلى. فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. أخرجه عبد الله بن الامام أحمد في زوائد المسند، وأبو يعلى في المسند، وابن جرير في تهذيب الآثار، والخطيب في تاريخه، والضياء في المختارة »(٢) .

وفيه: « وعن زيد بن أرقمرضي‌الله‌عنه قال: نشد علي الناس من سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول يوم غدير خم: ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى. قال: فمن كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. فقام اثنا عشر رجلاً فشهدوا بذلك. أخرجه الطبراني في الكبير.

وعن عمير بن سعد قال: شهدت علياً على المنبر ناشد أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول يوم غدير خم ما قال. فقام اثنا عشر رجلاً - منهم أبو هريرة وأبو سعيد وأنس بن مالك - فشهدوا أنهم سمعوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه

____________________

(١). الاصابة ٤ / ١٥٩.

(٢). الاكتفاء في فضل الاربعة الخلفاء - مخطوط.

١٦

اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.أخرجه الطبراني في الأوسط.

وعنهرضي‌الله‌عنه قال: جمع علي الناس في الرحبة وأنا شاهد فقال: انشد الله رجلاً سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه. فقام ثمانية عشر رجلاً شهدوا أنهم سمعوا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول ذلك. أخرجه الطبراني في الأوسط »(١) .

رواية نور الدين السمهودي

وروى نور الدين علي بن عبد الله السمهودي: « عن أبي الطفيل رضي الله تعالى عنه إنّ علياًرضي‌الله‌عنه قام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: انشد الله من شهد يوم غدير خم إلّا قام ولا يقوم رجل يقول: إني نبئت أو بلغني إلّا رجلاً سمعت أذناه ووعاه قلبه، فقام سبعة عشر رجلاً - منهم: خزيمة بن ثابت وسهل ابن سعد وعدي بن حاتم وعقبة بن عامر وأبو أيوب الأنصاري وأبو سعيد الخدري وأبو شريح الخزاعي وأبو قدامة الأنصاري وأبو ليلى وابو الهيثم بن التيهان ورجال من قريش - فقال عليرضي‌الله‌عنه وعنهم: هاتوا ما سمعتم. فقالوا:

نشهد أنا أقبلنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حجة الوداع، حتى إذا كان الظهر خرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأمر بشجرات فشذبن وألقي عليهن ثوب ثم نادى بالصلاة، فخرجنا فصلّينا ثم قام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس ما أنتم قائلون؟ قالوا: قد بلّغت قال: اللهم اشهد - ثلاث مرّات - قال: إني أوشك أن ادعى فأجيب وإني مسئول وأنتم مسئولون. ثم قال: ألا إنّ دمائكم وأموالكم حرام كحرمة يومكم وحرمة شهركم هذا. أوصيكم بالنساء أوصيكم بالجار، أوصيكم بالمماليك، أوصيكم بالعدل والإِحسان. ثم قال:

أيها الناس إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي فإنهما لن يفترقا

____________________

(١). الاكتفاء في فضل الأربعة الخلفاء - مخطوط.

١٧

حتى يردا علي الحوض. نباني بذلك اللطيف الخبير. وذكر الحديث في قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من كنت مولاه فعلي مولاه. فقال علي: صدقتم وأنا على ذلكم من الشاهدين.أخرجه ابن عقدة من طريق محمد بن كثير عن فطر وأبي الجارود وكلاهما عن أبي الطفيل » (١) .

دعاء الامام على كتم الشهادة بالغدير

هذا، ومن الواضح جدّاً دلالة واقعة المناشدة على أن حديث الغدير يدل على إمامة أمير المؤمنينعليه‌السلام وخلافته دلالة تامة، إذ لو كان المراد من حديث الغدير كون عليعليه‌السلام ناصراً أو محباً أو محبوباً أو نحو ذلك فإنّ هذه الأوصاف حاصلة لغيرهعليه‌السلام من الصحابة أيضاً، ولا حاجة إلى المناشدة لأجل إثباتها، بل لم يكن أحد من الناس ينكر حصول هذه الصفات له حتى يحتاج إلى المناشدة والاستشهاد على ثبوتها بخلاف مسألة الامامة والخلافة، ولذا نجد في أحاديث وأخبار أهل السنة أن جماعة من الصحابة كتموا تلك الحقيقة الراهنة ولم يدلوا بشهادتهم لها، فلذا دعا الامامعليه‌السلام عليهم وقد أجيبت دعوته في حقهم، ولو كان المراد من حديث الغدير غير الامامة والخلاف لما كتموها قطعا ...؟

فقد جاء في ( أسد الغابة ) ما نصه: « عبد الرحمن بن مدلج. أورده ابن عقدة وروى باسناده عن أبي غيلان سعد بن طالب عن أبي اسحاق عن عمرو ذي مرة ويزيد بن بثيع وسعيد بن وهب وهاني بن هاني. قال أبو إسحاق: وحدثني من لا أُحصي أن علياً نشد الناس في الرحبة من سمع قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. فقام نفر فشهدوا أنهم سمعوا ذلك من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

____________________

(١). جواهر العقدين - مخطوط.

١٨

وكتم قوم فما خرجوا من الدنيا حتى عموا وأصابتهم آفة، منهم يزيد بن وديعة وعبد الرحمن بن مدلج. أخرجه أبو موسى »(١) .

وجاء في ( مسند أحمد ): « حدثنا أحمد بن عمر الوكيعي قال حدثنا زيد ابن الحباب قال حدثنا الوليد بن عقبة بن نزار العنسي قال حدثني سماك بن عبيد ابن الوليد العبسي، قال دخلت على عبد الرحمن بن أبي ليلى فحدثني أنه شهد عليا في الرحبة قال أنشد الله رجلا سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وشهد يوم غدير خم إلاّ قام ولا يقوم إلاّ من رآه. فقام اثنا عشر رجلا فقالوا: قد رأيناه وسمعناه حيث أخذ بيده يقول: اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله. فقام إلّا ثلاثة لم يقوموا فدعا عليهم فأصابتهم دعوته »(٢) .

وقد روى ابن كثير الدمشقي هذا الحديث عن المسند(٣) .

وفي ( كنز العمال ): « عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: خطب علي فقال أنشد الله امرءاً نشدة الاسلام سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم غدير خم أخذ بيدي يقول: ألست أولى بكم يا معشر المسلمين من أنفسكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله إلّا قام فشهد. فقام بضعة عشر رجلاً فشهدوا، وكتم قوم فما فنوا من الدنيا حتى عموا وبرصوا. قط في الافراد »(٤) .

من أسماء الذين كتموا

لقد عرفت من الروايات المتقدمة أنّ جماعة كتموا تلك الشهادة، وقد جاء فيها اسم ( عبد الرحمن بن مدلج ) و ( يزيد بن وديعة ).

____________________

(١). أسد الغابة ٤ / ٣٢١.

(٢). مسند أحمد ١ / ١١٩.

(٣). تاريخ ابن كثير ٥ / ٢١١.

(٤). كنز العمال ١٥ / ١١٥.

١٩

ثم إن من جملة هؤلاء: ( زيد بن أرقم ) و ( أنس بن مالك ) و ( البراء بن عازب ) وهم من أجلّاء الصّحابة:

قال الحلبي: « وقول بعضهم: إن زيادة اللهم وال من والاه إلى آخره موضوعة مردود فقد ورد ذلك من طرق صحح الذهبي كثيراً منها، و قد جاء أن علياًرضي‌الله‌عنه قام خطيباً فحمد الله تعالى وأثنى عليه ثم قال: أنشد الله من شهد غدير خم إلّا قام ولا يقوم رجل يقول نبئت أو بلغني إلّا رجل سمعت أذناه ووعى قلبه. فقام سبعة عشر صحابيا وفي رواية ثلاثون صحابيا، وفي المعجم الكبير ستة عشر صحابيا وفي رواية اثنا عشر صحابياً. فقال هاتوا ما سمعتم، فذكروا الحديث ومن جملته: من كنت مولاه فعلي مولاه، وفي رواية: فهذا مولاه، وعن زيد بن أرقمرضي‌الله‌عنه : وكنت ممن كتم فذهب الله ببصري وكان علي كرم الله وجهه دعى على من كتم »(١) .

وقال ابن المغازلي: « أخبرنا ابو الحسن علي بن عمر بن عبد الله بن شوذب قال: حدثني أحمد بن يحيى بن عبد الحميد، حدثني إسرائيل الملائي عن الحكم ابن أبي سليمان المؤذن عن زيد بن أرقم قال: نشد علي الناس في المسجد أنشد رجلا سمع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. فكنت أنا فيمن كتم فذهب بصرى »(٢) .

وقال جمال الدين عطاء الله الشيرازي: « ورواه زر بن حبيش فقال: خرج علي من القصر فاستقبله ركبان متقلّدي السّيوف، عليهم العمائم حديثي عهد بسفر. فقالوا: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته. السلام عليك يا مولانا. فقال علي - بعد ما ردّ السلام - من هاهنا من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ فقام اثنا عشر رجلا - منهم: خالد بن زيد أبو أيوب الأنصاري، وخزيمة بن ثابت ذو الشهادتين وثابت بن قيس بن شماس، وعمار بن ياسر، وأبو

____________________

(١). السيرة الحلبية ٣ / ٣٣٦ - ٣٣٧.

(٢). المناقب لابن المغازلي: ٢٣.

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

الشيخ محمد بن عبد الرحمن الخطاب شارح مختصر خليل قال:

مشينا مع شيخنا العارف بالله الشيخ عبد المعطي التنوسي لزيارة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فلما قربنا من الروضة الشريفة ترجّلنا، فجعل الشيخ عبد المعطي يمشي خطوات ويقف، حتى وقف تجاه القبر الشريف، فتكلّم بكلامٍ لم نفهمه، فلمـّا انصرفنا سألناه عن وقفاته فقال: كنت أطلب الإذن من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في القدوم عليه، فإذا قال لي: أقدم، قدمت ساعةً ثم وقفت، وهكذا حتى وصلت إليه. فقلت:

يا رسول الله، كلّما رواه البخاري عنك صحيح؟

فقال: صحيح.

فقلت له: أرويه عنك يا رسول الله؟

قال: إروه عنّي.

وقد أجاز الشيخ عبد المعطي - نفعنا الله تعالى به - الشيخ محمد الخطّاب أنْ يرويه عنه. وهكذا كلّ واحد أجاز من بعده، حتى وصلت إلينا من فضل الله تعالى وكرمه.

وأجازني السيد أحمد بن عبد القادر النخلي أن نرويه عنه بهذا السند.

وأجاز النخلي لأبي طاهر، وأجاز أبو طاهر لنا.

ووجدت هذا الحديث بخط الشيخ عبد الحق الدهلوي بإسناد له عن الشيخ عبد المعطي بمعناه، وفيه: فلما فرغ من الزيارة وما يتعلّق بها، سأل أن يروي عنه صلّى الله عليه وسلّم صحيح البخاري وصحيح مسلم، فسمع الإجازة من النبي صلّى الله عليه وسلّم، فذكر صحيح مسلم أيضاً ».

١٨١

١٨٢

وضع حديث

المنزلة للشيخين

١٨٣

١٨٤

وجاء بعض المتعصّبين للشيخين وضحّى بدينه وآخرته في سبيل الحماية عنهما بوضع حديث المنزلة في حقّهما

ذاك حديثٌ رواه الخطيب البغدادي، وذكره المنّاوي عنه بقوله:

« أبو بكر وعمر مني بمنزلة هارون من موسى. خط »(١) .

ذكره ابن الجوزي في الواهيات

لكن لمـّا كان « الحق يعلو ولا يعلى عليه » نرى أنّ ابن الجوزي - الذي طالما تمسّك بكلماته ابن تيمية وابن روزبهان والكابلي وحتى ( الدهلوي ) نفسه - يورده في كتابه في الأحاديث الواهية قال السّيوطي: « أبو بكر وعمر منّي بمنزلة هارون من موسى. الخطيب. وابن الجوزي في الواهيات »(٢) .

ثم إذا راجعنا كتاب ابن الجوزي المذكور وجدنا فيه ما يلي:

« أنا أبو منصور القزاز قال: أنا أبو بكر بن ثابت قال: أخبرنا علي بن عبد العزيز الطاهري قال: أنا أبو القاسم علي بن الحسن بن علي بن زكريا الشاعر قال: نا أبو جعفر محمد بن جرير الطبري قال: نا بشر بن دحية قال: نا قزعة بن سويد، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس: إنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: أبو بكر وعمر مني بمنزلة هارون من موسى.

قال المؤلف: هذا حديث لا يصح، والمتهم به الشاعر، وقد قال أبو حاتم:

____________________

(١). كنوز الحقائق - حرف الألف، ط على هامش الجامع الصغير.

(٢). جمع الجوامع ٢ / ١٨٢.

١٨٥

لا يحتجّ بقزعة بن سويد، وقال أحمد: هو مضطرب الحديث »(١) .

قال الذهبي: كذب، منكر

وقد أورد الذهبي هذه الفرية بترجمة ( قزعة بن سويد ) الذي نقل ابن الجوزي القدح فيه عن أبي حاتم وأحمد، فأضاف إليه الذهبي قدح البخاري والنسائي وغيرهما، وهذه عبارته:

« قزعة بن سويد بن حجير الباهلي البصري، عن أبيه وابن المنكدر وابن أبي مليكة، وعنه: قتيبة ومسدّد وجماعة. قال البخاري: ليس بذاك القوي، ولابن معين في قزعة قولان فوثّقه مرة وضعّفه أخرى، وقال أحمد مضطرب الحديث، وقال أبو حاتم: لا يحتج به، وقال س: ضعيف، ومشّاه ابن عدي.

وله حديث منكر عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس مرفوعاً: لو كنت متّخذاً خليلاً لاتّخذت أبا بكر خليلاً ولكنّ الله اتّخذ صاحبكم خليلاً. أبو بكر وعمر منّي بمنزلة هارون من موسى. رواه غير واحد عن قزعة »(٢) .

ولا يخفى أنّ ما ذكره الذهبي من القدح في « قزعة » إنّما هو كلمات بعض أساطينهم، فقد نقل ابن حجر العسقلاني القدح فيه عن أبي داود وعباس العنبري والعجلي، فهؤلاء كلّهم ضعّفوه بصراحة، وعن ابن حبّان: كان كثير الخطأ، فاحش الوهم، والبزار: لم يكن بالقوي(٣) .

أمّا ابن حجر نفسه فحكم بضعفه بلا تردّد(٤) .

وذكر الذهبي هذا الحديث في موضع آخر وحكم بكذبه حيث قال:

____________________

(١). العلل المتناهية في الأحاديث الواهية ١ / ١٩٩ رقم ٣١٢.

(٢). ميزان الإعتدال ٣ / ٣٨٩ رقم ٦٨٩٤.

(٣). تهذيب التهذيب ٨ / ٣٣٧ رقم ٦٦٨.

(٤). تقريب التهذيب ٢ / ١٢٦ رقم ١١٠.

١٨٦

« عمار بن هارون أبو ياسر المستملي، عن سلام بن مسكين وأبي المقدام هشام وجماعة، وعنه أبو يعلى والحسن بن سفيان. قال موسى بن هارون: متروك الحديث، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه غير محفوظ كان يسرق الحديث، وقال محمد بن الضريس: سألت علي بن المديني عن هذا الشيخ فلم يرضه. ثم قال محمد: ثنا عمار حدثنا غندر بن الفضل ومحمد بن عنبسة، عن عبيد الله ابن أبي بكر، عن أنس مرفوعاً: بورك لُامّتي في بكورها.

إبن عدي: ثنا محمد بن نوح الجنديسابوري، ثنا جعفر بن محمد الناقد، ثنا عمار بن هارون المستملي، ثنا قزعة بن سويد، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس حديث: ما ينفعني مال ما ينفعني مال أبي بكر، وزاد فيه: وأبو بكر وعمر منّي بمنزلة هارون من موسى.

قلت: هذا كذب.

قال ابن عدي: ثناه ابن جرير الطبري، ثناه بشر بن دحية، ثنا قزعة نحوه.

قلت: ومن بشر؟

قال ابن عدي: قد حدّث به أيضاً مسلم بن إبراهيم عن قزعة.

قلت: وقزعة ليس بشيء»(١) .

وكذا في موضعٍ ثالث:

« علي بن الحسن بن علي الشاعر، عن محمد بن جرير الطبري بخبر كذب هو المتّهم به، متنه: أبو بكر مني بمنزلة هارون من موسى »(٢) .

____________________

(١). ميزان الإعتدال ٣ / ١٧١ رقم ٦٠٠٩.

(٢). ميزان الإعتدال ٣ / ١٢٢ رقم ٥٨١٦.

١٨٧

قال ابن حجر: كذب، فرية

وتبع العسقلاني الذّهبي في الحكم بكذب هذا الحديث في أكثر من موضعٍ كذلك فقد قال:

« علي بن الحسن بن علي الشاعر، عن محمد بن جرير الطبري بخبرٍ كذب هو المتّهم به، متنه: أبو بكر مني بمنزلة هارون من موسى، إنتهى.

ولا ذنب لهذا الرجل فيه كما ساُبيّنه. قال الخطيب في تاريخه: أنا علي بن عبد العزيز الظاهري، أنا أبو القاسم علي بن الحسن بن علي بن زكريا الشاعر، ثنا أبو جعفر الطبري، ثنا بشر بن دحية، ثنا قزعة بن سويد، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس بهذا الحديث.

فشيخ الطبري ما عرفته، فيجوز أن يكون هو المفتري.

وقد قدّمت كلام المؤلف فيه في ترجمته، وأن ابن عدي أخرج الحديث المذكور بأتمّ من سياقه عن ابن جرير الطبري بسنده، فبرىء ابن الحسن من عهدته »(١) .

وقال أيضاً: « بشر بن دحية عن قزعة بن سويد، وعنه محمد بن جرير الطبري، ضعّفه المؤلف في ترجمة عمار بن هارون المستملي في أصل الميزان، فذكر عن ابن عدي أنه قال: حدّثنا محمد بن نوح، حدثنا جعفر بن محمد الناقد، حدثنا ابن هارون المستملي، أنا قزعة بن سويد، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس رفعه: ما نفعني مال ما نفعي مال أبي بكر، الحديث وفيه: وأبو بكر وعمر مني بمنزلة هارون من موسى.

قال ابن عدي: وحدّثنا ابن جرير الطبري، حدثنا بشر بن دحية، حدّثنا قزعة، بنحوه.

____________________

(١). لسان الميزان ٤ / ٢١٩ رقم ٥٧٥.

١٨٨

قال الذهبي: هذا كذب. وهو من بشر؟

قال: ثم قال ابن عدي: ورواه مسلم بن إبراهيم عن قزعة.

قال الذهبي: وقزعة ليس بشيء.

قلت: فبرىء بشر من عهدته(١) .

وسيأتي في ترجمة علي بن الحسن بن علي بن زكريا الشاعر أن المؤلف اتّهمه بروايته، وبرء من عهدته أيضاً ».

____________________

(١). لسان الميزان ٢ / ٢٣ رقم ٧٧.

١٨٩

١٩٠

نقض كلمات

الدهلوي حول الحديث

١٩١

١٩٢

قوله:

ما رواه البخاري ومسلم عن البراء بن عازب.

أقول:

الحديث في الصحيحين عن سعد لا البراء

لا ينقضي العجب من هذا الرجل كيف يدعي التبحّر في علم الحديث وهو يعجز عن الرجوع إلى الصحيحين، لينقل الحديث عنهما مباشرة، وليفهم أن الحديث فيهما هو عن سعد بن أبي وقاص، لا عن البراء بن عازب

إن حديث المنزلة في الصحيحين من حديث سعد، وليس هو فيهما من حديث البراء، كما هو غير خاف على من رجع إليهما وألقى نظرةً فيهما

لكن ( الدهلوي ) تبع في هذا المقام - كما هو ديدنه - الكابليّ صاحب ( الصواقع ) وانتحل كلامه حيث تعرّض لحديث المنزلة وهذا نصّه:

« الثاني: ما رواه البخاري ومسلم عن البراء بن عازب: إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خلّف علي بن أبي طالب في غزوة تبوك، فقال: يا رسول الله أتخلّفني في النساء والصبيان؟ فقال: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبي بعدي ».

ولو كان ( الدّهلوي ) محدّثاً محقّقاً حقاً لرجع إلى الصحيحين، أو إلى أحد كتب الشّيعة الناقلة عنهما، للوقوف على سند الحديث ومتنه في الكتابين!!

١٩٣

هذا، ولا وجه ظاهر ولا سبب واضح لعزو الحديث إلى البراء بن عازب والإباء عن نسبته إلى سعد بن أبي وقاص، إلّا اشتمال بعض ألفاظه على ما يبيّن حقيقة حال معاوية، وعدائه الشّديد، وحقده الوطيد على سيدنا أمير المؤمنين عليه الصّلاة والسلام.

فقد جاء في تلك الألفاظ « أنّ معاوية أمر سعداً بسبّ أمير المؤمنينعليه‌السلام » فامتنع سعد عن ذلك، واعتذر بذكر فضائل للأميرعليه‌السلام منها حديث المنزلة.

فلا عجب لو أعرضوا عن نسبة رواية الحديث إلى سعدٍ، لأنّ نسبتها إليه تفضي إلى تذكّر حال إمامهم معاوية، فلا بدّ من تغيير اسم الرّاوي ووضع ( البراء ) مكان ( سعد ).

ثم العجب من أولئك الذين يشاهدون هذه التصرّفات الفاضحة والأخطاء الفاحشة من ( الدهلوي )، ويصفونه مع ذلك بإمام المحدثين!!

تحريف لفظ الحديث في الصحيحين

ومن الطّرائف أن ( الدهلوي ) لم يقنع بتقليد الكابلي في صنيعه في نقل الحديث ونسبته إلى البراء دون راويه، بل حرَّف من عنده متن الحديث، فزاد عليه: إنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم خلّف علياً في غزوة تبوك على أهل بيته من النساء والبنات

إنّ من الواضح عدم وجود قيد « على أهل بيته من النساء والبنات » في لفظٍ من ألفاظ الحديث في الصحيحين، وأنّ الكابلي أيضاً لم يذكره في كتابه الذي انتحله ( الدهلوي ) فهذه زيادة من ( الدهلوي ) في الحديث وفرية على البخاري ومسلم صاحبي الصحيحين

١٩٤

فظهر - إلى الآن - تصرّفان من ( الدهلوي ) في أصل نقل الحديث عن الصّحيحين فما يقول أولياؤه في مقام الدفاع عنه وتوجيه ما فعله؟!

إنه لا وجه لهذا إلّا مساعدة الّنواصب وتأييدهم، ليكون الحديث - بحسب رواية الصحيحين - دليلاً على ما يزعمونه من أن النبي إنّما استخلف الإمامعليه‌السلام على النساء، ولم يكن استخلافه في خلافةٍ مطلقة فهذا مدّعى الّنواصب - كما ينقل عنهم ( الدهلوي ) كلامهم - فهو إذاً - مؤيّد لهم!!

وهل يصدر تأييد النّواصب الأقشاب إلّا من إخوانهم الأوشاب؟

( فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يُرَدُّونَ إِلى أَشَدِّ الْعَذابِ ) (١) .

وأيضاً فإنّ لأولياء ( الدهلوي ) أن يعتذروا له بعذرٍ آخر وهو:

إنّ هذه الخيانة التي صدرت منه، قد صدرت من بعض السابقين عليه، فليس هو البادي في ذلك، بل إنه مسبوق به وهو تبع

وهذا حق ألا ترى إلى حسام الدين السهارنفوري يزيد كلمة « في أهله » في لفظ الحديث لدى نقله عن الصحيحين لكن لم يصدر منه التصرّف الآخر، وهو وضع البراء موضع سعد

نعم، وقع ذلك التحريف من السهارنفوري في كتابه ( المرافض ) حيث قال: « روى مسلم والبخاري عن سعد بن أبي وقاص: أنّه لما أراد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الخروج من المدينة خلَّف علي بن أبي طالب في أهله. فقال علي: يا رسول الله ».

وظاهر أنّ لفظة « في أهله » غير موجودة في روايات البخاري ومسلم بل الذي فيها هو الإستخلاف المطلق، ففي البخاري « إنّ رسول الله صلّى الله

____________________

(١). سورة البقرة: ٢، الآية ٧٩.

١٩٥

عليه وسلّم خرج إلى تبوك واستخلف عليّاً »(١) وفي مسلم: « خلّف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم علي بن أبي طالب في غزوة تبوك »(٢) وفيه أيضاً: « وخلّفه في بعض مغازيه »(٣) .

فظهر أنّ ( الدّهلوي ) تبع الكابلي في أحد التحريفين، وتبع السهارنفوري في التحريف الآخر فكان جامعاً بين الخيانتين!!

وقد صدر التّحريف الثاني وهو زيادة لفظ « الأهل » من الشيخ عبد الحق الدهلوي أيضاً في كتابه ( مدارج النبوة )(٤) .

كما صدر التحريف الأول - وهو نسبة الحديث إلى البراء - من الشيخ القاضي سناء الله پاني پتي حيث قال في كتابه ( السيف المسلول ): « الثاني - ما رواه البخاري ومسلم عن البراء بن عازب: إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خلّف علي بن أبي طالب على المدينة في غزوة تبوك، فقال علي: يا رسول الله أتخلّفني في النساء والصبيان فقال: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي ».

فوا عجباه من هؤلاء المتحذلقين، كيف يزيدون ما يشاؤون في رواياتهم ويفترون ويكذبون ويحرّفون( فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ ) .

وإذا عرفت أن القيد المذكور زيادة في الحديث وليس في الصحيحين عين منه ولا أثر فاعلم أنّه لو سُلّم وجوده في الحديث فلا يضرّ بالإستدلال به

____________________

(١). صحيح البخاري ٦ / ٣.

(٢). صحيح مسلم: ٤ / ٣٢ رقم ١٨٧٠.

(٣). صحيح مسلم ٤ / ٣٢ رقم ١٨٧١.

(٤). مدارج النبوة: ١٨٤.

١٩٦

أبداً لأنّ ذكر الإستخلاف على الأهل والعيال لا يؤيّد مزعوم أهل الضّلال، ولا ينافي ثبوت استخلافهعليه‌السلام على المدينة وعموم الإستخلاف، لأنّ إثبات شيء لا يدلّ على نفي ما عداه ولو كان مجرد إثبات شيٍء دالاً على نفيٍ ما عداه لزم أن يكون قول القائل: « الله ربّي ومحمّد رسول الله نبيّي » نافياً لألوهيّة الله تعالى لسائر العباد، ونافياً لنبوّة النبيّ لسائر الأنام

وأيضاً: يلزم من قول القائل: « محمد رسول الله » نفي رسالة غيره من الأنبياءعليهم‌السلام

وأمثال ذلك ممّا لا يحصى

جملة: أتخلفني ليست في جميع روايات الصحيحين

وأيضاً: فإنّه ليس جملة « أتخلّفني في النساء والصّبيان » في جميع روايات الصحيحين المذكورة سابقاً بل هي في بعضها فقط فهي غير موجودة في رواية البخاري في كتاب المناقب، وهي غير موجودة في روايتين من صحيح مسلم

فاقتصار ( الدهلوي ) على الرواية المشتملة على هذه الجملة - التي ظنّ في باب المطاعن من كتابه كونها اعتراضاً من أمير المؤمنينعليه‌السلام على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وظنّ هنا دلالتها على قصر خلافتهعليه‌السلام على الخلافة الخاصّة - لا وجه له وذلك:

أوّلاً: لأنّ استدلال الشيعة واحتجاجهم إنّما هو بالروايات الخالية عن هذه الجملة، وهو استدلال تام بلا كلام.

وثانياً: لأنّ وجود هذه الجملة - على تقدير التسليم بها - لا يضرّ باستدلالهم، ولا يثبت مزعوم النواصب ومقلّديهم كما سيجىء بيانه إن شاء الله تعالى.

١٩٧

تكذيب الدهلوي نفسه

قوله:

« قالت الشيعة: إنّ « المنزلة » اسم جنس مضاف إلى العلم.

أقول:

إنّ هذا الكلام نص واضح وبرهان قاطع واعتراف صريح وتصريح صحيح بأن التقرير الذي يذكره للإستدلال بحديث المنزلة هو للشيعة، فإن مراده من « قالوا » هم « الشيعة ».

لكن العجب أنّه يكذّب نفسه بعد ذلك، حيث يدّعي أنّ هذا الذي يقوله هو تهذيب وتنقيح لطريق تمسّك الشيعة بهذا الحديث، وإلّا فمن نظر في كتبهم يرى أن كلماتهم في هذا المورد مشوّشة جدّاً، ويعلم أنهم غير فاهمين للمطلب.

فهذه دعواه حول الشيعة في هذا المقام، وقد رأيت أنّ صدر كلامه يكذّب هذه الدعوى.

إعترافه بدلالة الحديث على الإمامة

قوله:

أصل هذا الحديث دليل لأهل السنّة أيضاً في إثبات فضيلة الإمام وصحة إمامته في وقتها.

أقول:

إذا كان الحديث دليلاً لأهل السنّة، ومرويّاً في صحاحهم، فكيف

١٩٨

يقدحون فيه؟ ولماذا يبطلونه؟ وهل مجرّد احتجاج الشيعة بحديث مخرّج في كتبهم الصحيحة يجوّز الطّعن فيه؟

إذا كان ( الدهلوي ) صادقاً في كلامه هذا فليعترف بدخول الآمدي ومقلّديه في زمرة النواصب، لأنّه وأتباعه قد قدحوا في حديثٍ أجمع أهل الإسلام على صحّته، وبلغ من القوّة حدّاً لا يتمكّن النواصب من القدح فيه معه، وإلّا لم يتمّ احتجاج أهل السنّة به على النواصب؟

أقول:

لأنّه يستفاد من هذا الحديث استحقاقه الإمامة.

أقول:

الحمد لله الذي ألجأ ( الدهلوي ) إلى الإعتراف والإقرار بمطلوب الشّيعة، فصرّح بأنّ هذا الحديث يدلّ على استحقاق أمير المؤمنينعليه‌السلام الإمامة وأبطل بهذه الكلمة كلّما نسجته أيدي المكابرين من التّرهات الشنيعة والتأويلات السقيمة، في مقام الجواب عن الإستدلال بهذا الحديث الشريف

نعم، إنّ هذه الكلمة تبطل جميع ما قالوه، لأن استحقاق أمير المؤمنينعليه‌السلام الإمامة على ضوء هذا الحديث لا يتم إلّا بدلالته على أنّه من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمنزلة هارون من موسى في الإمامة، فلو لم يدل على كونه منهعليه‌السلام بمنزلة هارون من موسى في الإمامة لم يدل على استحقاقه الإمامة أبداً، لأنّه غير مستلزمٍ حتى للأفضليّة، فإنّ ذاك الأمر لا يفيد استحقاقه للإمامة أصلاً

وإذا دلّ هذا الحديث على أنّ أمير المؤمنين من رسول الله صلّى الله عليه

١٩٩

وآله وسلّم بمنزلة هارون من موسى في الإمامة، ثبت مطلوب الشيعة بلا كلفة، وسقطت شبهات المنكرين وهفوات الجاحدين بالبداهة فيكون الحديث نصّاً صريحاً في إمامة أمير المؤمنينعليه‌السلام وخلافته ولانصّ على غيره باعتراف ( الدهلوي ) نفسه وأسلافه، وتقدم غير المنصوص عليه على المنصوص عليه قبيح في الغاية عند جميع العقلاء.

وأيضاً، فإنّ مرتبة إمامة هارون من موسى لم تكن مع وجود فاصلٍ أو فواصل بينهما، فلاوجه لفصل الفواصل وتقييد إمامة أمير المؤمنينعليه‌السلام بالمرتبة الرابعة، وهو تقييد لا يرتضيه أحد من العقلاء.

إعتراف الرّشيد الدّهلوي بدلالة الحديث على الإمامة

ولا يخفى أنّ ما اعترف به ( الدهلوي ) من دلالة هذا الحديث على صحّة إمامة أمير المؤمنينعليه‌السلام مقبول لدى تلميذه الرشيد الدهلوي، من غير مكابرةٍ أو تأويل، بل اعترف بذلك تبعاً له واستشهد بكلامه أيضاً حيث قال في ( إيضاح لطافة المقال ):

« قوله: الحديث الثاني: حديث المنزلة الذي يقولون أيضاً بصحّته.

أقول: إن هذا الحديث عند أهل السنة من أحاديث فضائل أمير المؤمنين الباهرة، بل هو دليل على صحة خلافة هذا الإمام، لكنْ من غير أنْ يدل على نفي خلافة غيره، كما صرّح به صاحب التحفة حيث قال: أصل هذا الحديث أيضاً دليل لأهل السنّة على إثبات فضيلة الأمير وصحة إمامته في حينها

ومتى كان هذا الحديث دالاًّ على فضل حيدر الكرّار، بل كان دليلاً على صحة خلافة ذاك الإمام، فدعوى أن أهل السنّة غير عاملين بمقتضى هذا الخبر بل معتقدون على خلافه عجيبة.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324