نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٩

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار11%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 324

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 324 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 132156 / تحميل: 6472
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ٩

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

النيسابوري من أعلام أهل السنة:

١ - ابن خلكان: « أبو عبد الله محمد بن عبد الله المعروف بالحاكم النيسابوري، الحافظ المعروف بابن البيع، إمام أهل الحديث في عصره، والمؤلف فيه الكتب التي لم يسبق إلى مثلها، كان عالماً عارفاً واسع العلم، تفقّه على أبي سهل محمد بن سليمان الصعلوكي الفقيه الشافعي، ثم طلب الحديث وغلب عليه، فاشتهر به وسمعه من جماعة لا يحصون كثرة، فان معجم شيوخه يقرب من ألفي رجل، حتى روى عمّن عاش بعده، لسعة روايته وكثرة شيوخه، وصنف في علومه ما يبلغ ألفاً وخمسمائة جزء، منها الصحيحان، وأما ما تفرّد بإخراجه فمعرفة الحديث، وتاريخ علماء نيسابور، والمدخل إلى علم الصحيح، والمستدرك على الصحيحين وما تفرّد به كل واحد من الإمامين.

وكانت ولادته في شهر ربيع الأول سنة ٣٢١ بنيسابور. وتوفي بها يوم الثلاثاء ثالث صفر سنة ٤٠٥ »(١) .

٢ - الشيخ عبد الحق الدهلوي في ( رجال المشكاة ): « كان فريد عصره ووحيد وقته، خاصة في علوم الحديث، وروي عنه الدارقطني ومحمد بن أبي الفوارس، وكان ثقة ».

٣ - الرازي في ( فضائل الشافعي ): « وأما المتأخرون من المحدثين فأكثرهم علماً وأقواهم قوة وأشدّهم تحقيقاً في علم الحديث هؤلاء وهم: أبو الحسن الدارقطني والحاكم وأبوه عبد الله الحافظ فهؤلاء العلماء صدور هذا العلم بعد الشيخين، وهم بأسرهم متفقون على تعظيم الشافعي ».

٤ - الأسنوي: « وبعد، فإن الشافعيرضي‌الله‌عنه وأرضاه ونفعنا به وبسائر أئمة المسلمين أجمعين قد حصل في أصحابه من السعادة أمور لم تتفق في أصحاب غيره ومنها: إن كبار أئمة الحديث من جملة أصحابه الآخذين عنه

____________________

(١). وفيات الاعيان ٣ / ٤٠٨ باختصار.

٨١

أو عن أتباعه، كالامام أحمد، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة، وابن المنذر، وابن حبان، وابن خزيمة، والبيهقي، والحاكم، والخطابي، والخطيب، وأبي نعيم وغيرهم. إلى زماننا »(١) .

٥ - ابن الأثير بعد ذكر شرط الصحيحين: « وهذا الشرط الذي ذكرناه قد ذكره الحاكم أبو عبد الله النيسابوري، وقد قال غيره: إن هذا الشرط غير مطرد في كتابي البخاري ومسلم، فإنهما قد أخرجا فيهما أحاديث على غير هذا الشرط. والظن بالحاكم غير هذا، فإنه كان عالماً بهذا الفن خبيراً بغوامضه عارفاً بأسراره، وما قال هذا القول وحكم على الكتابين بهذا الحكم إلّا بعد التفتيش والاختبار والتيقن لما حكم به عليهما »(٢) .

أقول: ونحن نقول في مورد حكم الحاكم بصحة هذا الحديث الذي ذكرناه بأنه كان عالماً بهذا الفن خبيراً بغوامضه عارفصا بأسراره، وما قال هذا القول وما حكم على هذا الحديث بهذا الحكم إلّا بعد التفتيش والاختبار والتيقن لما حكم به عليه. ولله الحمد على ذلك.

* * *

____________________

(١). طبقات الشافعية ١ / ٣.

(٢). جامع الاصول ١ / ٩٢.

٨٢

(١٢)

وحدة السّياق

بين حديث الغدير وحديثٍ أخرجه البخاري

٨٣

٨٤

أخرج البخاري في ( صحيحه ) الحديث التالي: « حدثني إبراهيم بن المنذر، قال نا محمد بن فليح، قال حدثنا أبي عن هلال بن علي عن عبد الرحمن ابن أبي عمرة عن أبي هريرة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: ما من مؤمن إلّا وأنا أولى الناس به في الدنيا والآخرة. إقرأوا ان شئتم:( النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ) فأيّما مسلم ترك مالاً فليرثه عصبته من كانوا، فإنْ ترك ديناً أو ضياعاً فليأتني وأنا مولاه »(١) .

وقد علمت سابقاً أن هذا الحديث قد أخرجه مسلم أيضاً، كما علمت من ( الدر المنثور ) أنه قد أخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه.

وهذا الحديث يماثل سياق حديث الغدير، فيلزم أن يكون المراد من ( المولى ) في حديث الغدير نفس المعنى المراد منه في هذا الحديث.

وأما تماثل السياق فواضح جدّاً، فإن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذكر أولاً أولويته بالمؤمنين من أنفسهم في الدنيا والآخرة ثم قال: « وأنا مولاه ». وكذلك الأمر في حديث الغدير حيث بيّن فيه كونه أولى من المؤمنين من أنفسهم ثم قال: « من كنت مولاه فعلي مولاه ».

____________________

(١). صحيح البخاري تفسير سورة الاحزاب.

٨٥

فبنفس الدليل الذي حملوا به ( المولى ) في حديث الصحيحين على معنى ( ولي الأمر ) نحمل ( المولى ) في حديث الغدير عليه.

أمّا حملهم ( المولى ) على ذلك فقد عرفت من عبارة القسطلاني ذلك، فإنه فسّر « وأنا مولاه » بقوله: « أي ولي الميت أتولى عنه أموره ».

ونحوه عبارة الكرماني والنووي. فراجع.

* * *

٨٦

(١٣)

حديث الغدير بلفظ:

« فإنَّ عليّاً بعدي مولاه »

٨٧

٨٨

وجاء في ( تاريخ ابن كثير ) عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال: « من كنت مولاه فإنّ علياً بعدي مولاه » وإليك النص الكامل للحديث بسنده:

« قال عبد الرزاق: أنا معمر عن علي بن زيد بن جدعان عن عدي بن ثابت عن البراء بن عازب قال: نزلنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عند غدير خم، فبعث منادياً ينادي، فلما اجتمعنا قال: ألست أولى بكم من آبائكم؟ قلنا: بلى يا رسول الله. قال ألست ألست؟ قلنا: بلي يا رسول الله. قال: من كنت مولاه فإنّ علياً بعدي مولاه. اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.

فقال عمر بن الخطاب: « هنيئاً لك يا ابن أبي طالب أصبحت اليوم ولي كلّ مؤمن »(١) .

ولو أراد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من ( الولي ) الموالاة والمحبة لما كان للتقييد بقوله « بعدي » وجه.

وبما ذكرنا صرح ابن تيمية حيث قال: « فقول القائل: علي ولي كلّ مؤمن بعدي كلام يمتنع نسبته إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فانه إنْ أراد الموالاة لم يحتج أن يقول بعدي، وإنْ أراد الامارة كان ينبغي أن يقال: وال على كل

____________________

(١). تاريخ ابن كثير ٧ / ٣٤٩.

٨٩

مؤمن »(١) .

ومن الواضح أن لفظ ( الولي ) يرادف ( المولى ). فظهر أن ليس المراد هو ( الموالاة ) وإلّا لكان الاتيان بلفظ ( بعدي ) لغواً يمتنع نسبته إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

* * *

____________________

(١). منهاج السنة ٤ / ١٠٤.

٩٠

(١٤)

كلام ابن حجر المكّي

إستناداً إلى فهم أبي بكر وعمر

٩١

٩٢

وقال ابن حجر المكي في الجواب عن حديث الغدير: « سلمنا أنه أولى، لكنْ لا نسلّم أن المراد أنه أولى بالامامة، بل بالإِتّباع والقرب منه، فهو كقوله تعالى:( إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ ) . ولا قاطع بل ولا ظاهر على نفي هذا الاحتمال، بل هو الواقع، إذ هو الذي فهمه أبوبكر وعمر، وناهيك بهما من الحديث، فإنهما لما سمعاه قالا له: أمسيت يا ابن أبي طالب مولى كل مؤمن ومؤمنة. أخرجه الدارقطني.

وأخرج أيضاً أنه قيل لعمر: إنك تصنع بعلي شيئاً لا تصنعه بأحد من اصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : فقال: إنه مولاي »(١) .

أقول: وهل ( الأولى بالاتباع ) إلّا الامام؟

____________________

(١). الصواعق المحرقة: ٢٦.

٩٣

٩٤

(١٥)

حديث مسلم بن الحجّاج:

لا يقل العبد لسيّده « مولاي » فإنّ مولاكم الله

٩٥

٩٦

ومن الأدلة ما أخرجه مسلم في ( صحيحه ) بعد حديث:

« وحدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة وأبو كريب قالا: نا أبو معاوية. ح وقال: ثنا أبو سعيد الأشج قال: نا وكيع، كلاهما عن الأعمش بهذا الاسناد، وفي حديثهما: ولا يقل العبد لسيده مولاي. وزاد في حديث أبي معاوية: فإن مولاكم الله »(١) .

وروى المولوي محمد إسماعيل: « وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا يقولنَّ أحدكم عبدي وأمتي، كلّكم عبيد الله وكلّ نسائكم إماء الله، ولكن ليقل سيّدي. وفي رواية: لا يقل العبد لسيده مولاي فإنّ مولاكم الله »(٢) .

فمن منع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من أنْ يقول العبد لسيده « مولاي » يظهر أن المتبادر من ( المولى ) معنى وراء معنى المحب والناصر والمحبوب، إذ لو كان المراد شيء من هذه المعاني لم يكن للمنع عن ذلك وجه.

ومن إطلاقهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ( المولى ) على نفسه وعلى أمير المؤمنينعليه‌السلام يعلم أنه ليس مراده من ذلك المحب والناصر والمحبوب، وإنما المراد معنى لا يجوز إثباته لسائر الناس، وهو الأولوية بالتصرف، فإن هذا المعنى ثابت

____________________

(١). صحيح مسلم ٢ / ١٩٧ باب ألفاظ من الأدب.

(٢). منصب امامت - مخطوط.

٩٧

لله عز وجل، ثم للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثم لأمير المؤمنينعليه‌السلام القائم مقامه.

* * *

٩٨

(١٦)

قول سيّدتنا الزهراءعليها‌السلام

أنسيتم قول رسول الله يوم غدير خم ...؟

٩٩

١٠٠

وروى شمس الدين ابن الجزري في ( أسنى المطالب ) ما نصه: « وألطف طريق وقع لهذا الحديث وأغربه ما حدّثنا به شيخنا خاتمة الحفاظ أبو بكر محمد بن عبد الله ابن المحب المقدسي مشافهة، أخبرتنا الشيخة أم محمد زينب ابنة أحمد بن عبد الرحيم المقدسية، عن أبي المظفر محمد بن فتيان بن المثنى، أخبرنا أبو موسى محمد بن أبي بكر الحافظ، أخبرنا ابن عمة والدي القاضي أبو القاسم عبد الواحد ابن محمد بن عبد الواحد المدني بقراءتي عليه، أخبرنا ظفر بن داعي العلوي باستراباد، أخبرنا والدي وأبو أحمد بن مطرف المطرفي قالا: حدثنا أبو سعيد الادريسي إجازة فيما أخرجه في تاريخ إستراباد، حدثني محمد بن محمد بن الحسن أبو العباس الرشيدي من ولد هارون الرشيد بسمرقند - وما كتبنا إلّا عنه - حدثنا أبو الحسن محمد بن جعفر الحلواني، حدثنا علي بن محمد بن جعفر الأهوازي مولى الرشيد، حدثنا بكر بن أحمد القصري.

حدثتنا فاطمة بنت علي بن موسى الرضا، حدثتني فاطمة وزينب وأم كلثوم بنات موسى بن جعفر، قلن: حدثتنا فاطمة بنت جعفر بن محمد الصادق، حدثتني فاطمة بنت محمد بن علي، حدثتني فاطمة بنت علي بن الحسين، حدثتني فاطمة وسكينة ابنتا الحسين بن علي، عن أم كلثوم بنت فاطمة بنت النبي عليه

١٠١

السلام، عن فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه ورضي عنها قالت:

أنسيتم قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه؟! وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنت مني بمنزلة هارون من موسى؟!

هكذا أخرجه الحافظ الكبير أبو موسى المديني في كتابه المسلسل بالأسماء وقال: هذا الحديث مسلسل من وجه، وهو أن كل واحدة من الفواطم تروي عن عمة لها، فهو رواية خمس بنات أخ كل واحدة منهن عن عمتها ».

وإن هذا الحديث يدل بوضوح على أن الصحابة لم يعملوا حسب مفاد حديثي الغدير والمنزلة، فإنْ كان الحديثان يدلّان على الامامة والخلافة لأمير المؤمنينعليه‌السلام فذاك المطلوب، وإنْ كانا بمعزل عن الدلالة على الامامة - لو فرض - بل يدلان على مجرد وجوب الموالاة فإن قولها عليها الصلاة والسلام « أنسيتم » يدل على تركهم لمحبة أمير المؤمنين وموالاته بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

لكنّ تركهم لمحبة عليعليه‌السلام بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وفي حياة الزهراءعليها‌السلام لا يتصور إلّا على تقدير كون عليعليه‌السلام هو الامام والخليفة لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأن الصحابة قد تركوا موالاته بسبب صرفهم الخلافة عنه إلى غيره، إذ لو كان عملهم ذاك صحيحاً وكانت خلافة أبي بكر بحق لما تحقق من الصحابة ترك لموالاة عليعليه‌السلام في ذاك الظرف - أي بعد وفاة النبي وفي حياة فاطمة -.

فهذا الحديث يدل على إمامة أمير المؤمنينعليه‌السلام على كل تقدير كما أوضحنا.

* * *

١٠٢

(١٧)

حديث الغدير بلفظ:

« منْ وليّكم؟ من كان الله وليّه فهذا وليّه »

١٠٣

١٠٤

وروى أبو عبد الرحمن النسائي حديث الغدير باللفظ الآتي مع سنده:

« أنبأنا زكريا بن يحيى، ثنا يعقوب بن جعفر بن كثير عن مهاجر بن مسمار قال: أخبرتني عائشة بنت سعد عن سعد قالت قال: كنّا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بطريق مكة وهو متوجّه إليها، فلمّا بلغ غدير خم وقّف الناس، ثم ردّ من مضى ولحقه من تخلّف، فلما اجتمع الناس إليه قال: أيها الناس هل بلّغت؟ قالوا: نعم، قال: اللهم ثلاث مرات يقولها. ثم قال: يا أيها الناس من وليّكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم ثلاثاً. ثم أخذ بيد علي فقال: من كان الله وليّه فهذا وليّه. اللهم وال من والاه وعاد من عاداه »(١) .

أقول: إنْ كان معنى ( الولي ) هو المحب أو الناصر أو المحبوب لأجاب القوم بذلك ولم يقولوا: « الله ورسوله أعلم » لكن المراد من ( الولي ) هو ( ولي الأمر والمتصرف فيه ). ولمـّا كان عامة الناس يجهلون ( المتصرف في الأمر ) بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلذا قالوا في جواب سؤالهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المكرّر ثلاث مرّات « الله ورسوله أعلم ».

____________________

(١). الخصائص للنسائي: ١٠١.

١٠٥

حتى إذا أظهروا جهلهم وعجزهم عن الجواب عن هذا السؤال بيّن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الأمر قائلاً - مع الأخذ بيد علي - « من كان الله وليه فهذا وليه » أي: فمن كان الله ولي أمره. فعلي وليّ أمره.

فهذه الرواية مثل الرواية السابقة المنقولة عن مستدرك الحاكم.

* * *

١٠٦

(١٨)

حديث الغدير بلفظٍ يدلّ ُ

على المطلوب منْ وجوه

١٠٧

١٠٨

وأخرج الطبراني في المعجم الكبير حديث الغدير بلفظ يدل على المطلوب من وجوه، وإليك نصه كما في ( كنز العمال ): « عن جرير البجلي: قال: شهدنا الموسم في حجة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهي حجة الوداع، فبلغنا مكاناً يقال له غدير خم.

فنادى الصلاة جامعة. فاجتمع المهاجرون والأنصار، فقام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسطنا، قال: يا أيها الناس بم تشهدون؟ قالوا: نشهد أن لا إله إلّا الله. قال: ثم مه؟ قالوا: وأن محمداً عبده ورسوله. قال: فمن وليّكم؟ قالوا: الله ورسوله مولانا. ثم ضرب بيده إلى عضد علي فأقامه فنزع عضده فأخذ بذراعيه فقال: من يكن الله ورسوله مولاه فإن هذا مولاه. اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. أللهم من أحبه من الناس فكن له حبيباً ومن أبغضه فكن له مبغضاً، أللهم إني لا أجد أحداً أستودعه في الأرض بعد العبدين الصالحين، فاقض فيه بالحسنى. طب »(١) .

____________________

(١). كنز العمال ١٥ / ١٢.

١٠٩

وجوه دلالة هذا الحديث:

وهذا حديث يدل على المطلوب من وجوه:

« الأول »: إن المتبادر من « الولي » كما يظهر من جواب القوم لسؤال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إيّاهم « فمن وليكم؟ » بقولهم « الله ورسوله مولانا » هو « ولي الأمر »، وإلّا لما خصّوا ذلك وحصروه في « الله ورسوله ».

وعليه فيجب حمل ( الولي ) على « ولي الأمر » في الأحاديث التي وردت هذه اللفظة بحق أمير المؤمنين، بعين ما حمل الصحابة هذه اللفظة في قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « فمن وليّكم » على المتصرف في الأمور.

« الثاني »: إن هذا الحديث ظاهر في أن ( المولى ) في قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « فإن هذا مولاه » و في قوله: « من يكن الله ورسوله مولاه » بمعنى واحد، وقد علم من جواب الأصحاب - حيث حصروا هذا المعنى في الله ورسوله - أنه ليس المراد المحب أو الناصر أو المحبوب - لعدم كون هذه المعاني منحصرة لله ورسوله - بل المراد هو الولاية في التصرف، فإنها الثابتة لله ولرسوله، ولا يستحقه إلّا الله ورسوله.

وأيضاً: فإن جواب الأصحاب ظاهر في اتحاد ( المولى ) و ( الولي ) في المعنى، لأن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سألهم: « فمن وليّكم؟ » فأجابوا قائلين: « الله ورسوله مولانا ».

وهذا يبطل دعوى شاه ولي الله عدم مجيء ( الولي ) بمعنى ( المولى ).

« الثالث » : إن قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « اللهم إني لا أجد أحداً أستودعه في الأرض بعد العبدين الصالحين فاقض فيه بالحسنى » يدل على أن الشيخين لا يكونان خليفتين لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وإلّا لاستودع علياًعليه‌السلام إيّاهما.

١١٠

ولا يتوهم أنهما المراد من قوله « بعد العبدين الصالحين »، فإنه توهم باطل جداً، إذ لو كان كذلك لما امتنععليه‌السلام من البيعة لأبي بكر حتى أجبروه عليها، وهدّدوه بالقتل إنْ لم يفعل، كما سنشرح ذلك فيما بعد إنْ شاء الله تعالى.

* * *

١١١

١١٢

(١٩)

الاستدلال بكلام ابن حجر

على ضوءِ حديث الغدير

١١٣

١١٤

ومن وجوه دلالة حديث الغدير: ما ذكره صاحب الصواعق بقوله: « على أنّ كون المولى بمعنى الامام لم يعهد لغةً ولا شرعاً. أمّا الثاني فواضح. وأمّا الأول فلأن أحداً من أئمة العربية لم يذكر أن مفعلاً يأتي بمعنى أفعل. وقوله تعالى:( مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ ) أي مقرّكم أو ناصرتكم مبالغة في نفي النصرة، كقولهم: الجوع زاد من لا زاد له. وأيضاً: فالاستعمال يمنع من أن مفعلاً بمعنى أفعل، إذ يقال هو أولى من كذا، دون مولى من كذا، وأولى الرجلين، دون مولاهما.

وحينئذ فإنما جعلنا من معانيه المتصرف في الأمور نظراً للرواية الآتية: من كنت وليّه »(١) .

أقول: فإذا كان ( الولي ) بمعنىْ ( المتصرف في الأمور ) في قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « من كنت وليه » فإنّ ( المولى ) في قوله: « من كنت مولاه » يكون كذلك، لأن الحديث يفسّر بعضه بعضاً.

وإنّ مجرد ثبوت إرادة معنى ( المتصرف في الأمور ) يكفي لإِثبات الحق ومرام

____________________

(١). الصواعق المحرقة: ٢٥.

١١٥

أهله، ولله الحجة البالغة.

ولقد علمت سابقاً أن هذا الحديث - الذي جعل ابن حجر ( المتصرف في الأمر ) معنى ( الولي ) بالنظر إليه - من روايات أكابر أهل السنة ومشاهير أئمتهم.

* * *

١١٦

(٢٠)

تصدير النبيّ الكلام بقوله:

« إنّ الله مولاي وأنا مولى المؤمنين وأولى بهم من

أنفسهم »

١١٧

١١٨

لقد تقدم على حديث الغدير في بعض ألفاظه المروي بسند صحيح قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « إنّ الله مولاي وأنا مولى المؤمنين وأنا أولى بهم من أنفسهم » ثم قال مباشرة: « فمن كنت مولاه فهذا مولاه » يعني علياً عليه الصلاة والسلام، وإليك نص الحديث ضمن كلام لابن حجر:

« فالغرض من التنصيص على موالاته اجتناب بغضه، لأن التنصيص عليه أوفى بمزيد شرفه. وصدّره بألست أولى بكم من أنفسكم ثلاثاً ليكون أبعث على قبولهم. وكذا بالدعاء له لأجل ذلك أيضاً، ويرشد لما ذكرناه. حثّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في هذه الخطبة على أهل بيته عموماً وعلى علي خصوصاً.

ويرشد إليه أيضاً ما ابتدأ به هذا الحديث، ولفظه عند الطبراني وغيره بسند صحيح أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خطب بغدير خم تحت شجرات فقال: إنه قد نبأني اللّطيف الخبير أنه لم يعمّر نبي إلّا نصف عمر الذي يليه من قبله، وإني لأظن أن يوشك أن أدعى فأجيب، وإني مسئول وإنكم مسؤلون فما ذا أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلّغت وجهدتٍ ونصحت، فجزاك الله خيراً. فقال: أليس تشهدون أن لا إله إلّا الله وأن محمداً عبده ورسوله وأن جنته حق وناره حق وان الموت حق وأن البعث حق بعد الموت وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث

١١٩

من في القبور؟ قالوا: بلى نشهد بذلك. قال: اللهم اشهد. ثم قال:

أيّها الناس إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين وأنا أولى بهم من أنفسهم، فمن كنت مولاه فهذا مولاه - يعني علياً - اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. ثم قال: يا أيها الناس إني فرطكم وإنكم واردون عليَّ الحوض، حوض أعرض مما بين بصرى إلى صنعاء، فيه عدد النجوم قدحان من فضة، وإني سائلكم حين تردون عليَّ عن الثقلين، فانظروا كيف تخلفوني فيهما: الثقل الأكبر كتاب الله عز وجل، سبب طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم، فاستمسكوا به لا تضلّوا ولا تبدّلوا. وعترتي أهل بيتي فإنّه قد نبأني اللطيف الخبير أنهما لن ينفضّا حتى يردا عليَّ الحوض »(١) .

وفي ( مفتاح النجا في مناقب آل العبا ): « أخرج الحكيم في نوادر الأصول والطبراني بسند صحيح في الكبير، عن أبي الطفيل عن حذيفة بن أسيدرضي‌الله‌عنه : إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خطب بغدير خم تحت شجرة فقال: أيها الناس إني قد نبأني اللطيف الخبير أنه لم يعمر نبي إلّا نصف عمر الذي يليه من قبله، وإني قد يوشك أن أدعى فأجيب وإني مسئول وإنكم مسؤلون فما ذا أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلّغت وجهدت ونصحت فجزاك الله خيراً. فقال: أليس تشهدون أن لا إله إلّا الله وأن محمداً عبده ورسوله وأن جنته حق وناره حق، وأن الموت حق وأن البعث حق بعد الموت وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور؟ قالوا: بلى نشهد بذلك. قال: اللهم أشهد.

ثم قال: يا أيها الناس إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين وأنا أولى بهم من أنفسهم، فمن كنت مولاه فهذا مولاه يعني علياً، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. ثم قال: يا أيها الناس إني فرطكم وإنكم واردون عليَّ الحوض، حوض أعرض مما بين بصرى إلى صنعاء، فيه عدد النجوم قدحان من فضة، وإني سائلكم حين تردون عليَّ عن الثقلين، فانظروا كيف تخلفوني فيهما: الثقل الأكبر

____________________

(١). الصواعق المحرقة: ٢٥.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324