نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٠

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار9%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 428

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 428 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 360687 / تحميل: 7690
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٠

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

الألباب، بل مريت له أخلاف رواية الخلف عن السلف، حتى اكتنفت بزبد الأوطاب، ونظمت فيه جواهر درر صرحت ألسن السنن ونطقت بها آيات الكتاب، وقررته بأدلة نظر محكمة الأسباب بالصواب، هامية السحاب بالمحاب، مفتحة الأبواب للطلاب مثمرة إن شاء الله تعالى لجامعها جميل الثناء وجزيل الثواب ».

ومما قال في الفصل المذكور: « فقد صدّرت هذا الفصل المعقود لبيان فضله الموفور وعلمه المشهور، من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية بما فيه شفاء الصدور ووفاء بالمستطاع والمقدور، واهتداء يخرج القلوب الضالة من الظلمات إلى النور، واقتصرت عليها لكونها واضحة جدداً، راجحة صحة ومعتقداً، وقد جعلت المعقبات الإِلهية من بين يديها ومن خلفها لحفظها رصداً، ولم أتجاوزها إلى إيراد أخبار كثيرة عدداً واهية سنداً ومستنداً ».

(٥٥)

رواية سبط ابن الجوزي

ونقله شمس الدين أبو المظفر يوسف بن قزعلي المعروف بـ « سبط ابن الجوزي » عن أحمد بن حنبل وصححه حيث قال: « حديث أنا مدينة العلم: قال أحمد في الفضائل: حدثنا إبراهيم بن عبد الله ثنا محمد بن عبد الله(١) الرومي ثنا شريك عن سلمة بن كهيل عن الصنابحي عن علي قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها، وفي رواية: أنا دار الحكمة وعلي بابها، وفي رواية: أنا مدينة الفقه وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأت الباب. ورواه عبد الرزاق فقال: فمن أراد الحكم فليأت الباب.

____________________

(١). كذا.

١٦١

فإنْ قيل: قد ضعّفوه. فالجواب: إن الدارقطني قال: قد رواه سويد بن غفلة عن الصنابحي ولم يذكر سويد بن غفلة، وقول الدارقطني إنْ ثبت فهو صفة الإرسال، والمرسل حجة في باب الأحكام فكيف بباب الفضائل؟

فإنْ قيل: في هذه الروايات مقال. قلنا: نحن لم نتعرض لها، بل نحتج بما خرّجه أحمد وهو الرواية الأولى عن علي، وإذا ثبتت الرواية الأولى ثبتت الروايات كلّها، لأن رواية الحديث بالمعنى جائزة في أحكام الشريعة فههنا أولى.

فإن قيل: محمد بن علي(١) الرومي شيخ شيخ أحمد بن حنبل ضعّفه ابن حبان فقال: يأتي على الثقات بما ليس من أحاديث الأثبات. قلنا: قد روى عنه إبراهيم بن محمد شيخ أحمد، ولو كان ضعيفاً لبيّن ذلك، وكذا أحمد فإنه أسند إليه ولم يضعّفه ومن عادته الجرح والتعديل، فلمـّا أسند عنه علم أنه عدل في روايته »(٢) .

هذا، والجديد بالذكر أنه قال في كتابه في الباب الثاني المعقود لبيان فضائل أمير المؤمنينعليه‌السلام : « فضائله أشهر من الشمس والقمر، وأكثر من الحصى والمدر، وقد اخترت منها ما ثبت واشتهر، وهي قسمان: قسم مستنبط من الكتاب والثاني من السنّة الطاهرة التي لا شكّ فيها ولا ارتياب»(٣) .

فثبت أن حديث مدينة العلم من فضائلهعليه‌السلام الثابتة المشتهرة التي لا ريب فيها ولا ارتياب.

ويدل على التزامه بنقل ما ثبت فحسب قوله في الفصل الذي عقد في ذكر أم أمير المؤمنينعليهما‌السلام : « قلت: وقد أخرج لها أبو نعيم الحافظ حديثاً طويلاً في فضلها، إلّا أنّهم قالوا: في إسناده روح بن صلاح، ضعّفه ابن عدي، فلذلك لم نذكره »(٤) .

____________________

(١). كذا.

(٢). تذكرة خواص الامة: ٤٧ - ٤٨.

(٣). تذكرة خواص الامة: ١٣.

(٤). المصدر نفسه: ١٠.

١٦٢

على أن مجرد رواية أحمد الحديث في فضائله كاف لصحته لدى سبط ابن الجوزي وغيره، لأنّهم يرون أن كل حديث يرويه أحمد حجة، وأنه يجب المصير إليه، كما تقدم في رواية احمد للحديث.

ترجمته:

وتوجد ترجمة سبط ابن الجوزي مع التجليل والإكبار في كتب التاريخ وطبقات الفقهاء، كما نقل عنه كبار العلماء الأعلام في كتب الحديث والفقه والسيرة ومن ذلك:

١ - وفيات الأعيان لابن خلكان.

٢ - ذيل مرآة الزمان لليونيني.

٣ - المختصر في أخبار البشر لأبي الفداء.

٤ - تتمة المختصر لابن الوردي.

٥ - العبر في خبر من غبر للذهبي.

٦ - الوافي بالوفيات للصفدي.

٧ - مرآة الجنان لليافعي.

٨ - الجواهر المضية في طبقات الحنفية للقرشي.

٩ - الأثمار الجنيّة في طبقات الحنفيّة للقاري.

١٠ - طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة.

١١ - مختصر الجواهر المضية للفيروزآبادي.

١٢ - غاية المرام بأخبار البلد الحرام لابن فهد.

١٣ - إتحاف الورى بأخبار أم القرى لابن فهد.

١٤ - طبقات المفسرين للداودي.

١٥ - كتائب أعلام الأخيار للكفوي.

١٦ - القول المنبي للسخاوي.

١٧ - حسن المقصد للسيوطي.

١٦٣

١٨ - الدر المختار للحصكفي.

١٩ - جواهر العقدين للسمهودي.

٢٠ - الصواعق المحرقة لابن حجر.

٢١ - إنسان العيون للحلبي.

٢٢ - كفاية الطالب للكنجي.

٢٣ - مفتاح النجا للبدخشاني.

٢٤ - التحفة ( للدهلوي ).

واليك بعض مصادر ترجمته: المختصر ٣ / ٢٦، العبر ٥ / ٢٢٠، مرآة الجنان ٤ / ١٣٦، الجواهر المضية ٢ / ٢٣١، طبقات المفسرين ٢ / ٣٨٣.

(٥٦)

رواية الكنجي الشافعي

وقد عقد أبو عبد الله محمد بن يوسف الكنجي الشافعي باباً من كتابه ( كفاية الطالب ) لحديث مدينة العلم، فأثبته فيه بطرق عديدة ووجوه سديدة حيث قال:

« الباب الثامن والخمسون في تخصيص علي بقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها.

أخبرنا العلامة قاضي القضاة صدر الشام أبو الفضل محمد بن قاضي القضاة شيخ المذاهب أبي المعالي محمد بن علي القرشي، أخبرنا حجة العرب زيد ابن الحسن الكندي، أخبرنا أبو منصور القزاز، أخبرنا زين الحفاظ وشيخ أهل الحديث على الإطلاق أحمد بن علي بن ثابت البغدادي، أخبرنا أبو عبد الله بن محمد بن عبد الله، حدثنا محمد بن المظفر، حدثنا أبو جعفر الحسين بن حفص الخثعمي، حدثنا عباد بن يعقوب، حدثنا يحيى بن بشير [ بشر ] الكندي عن

١٦٤

إسماعيل بن إبراهيم الهمداني عن أبي إسحاق عن الحرث عن علي، وعن عاصم ابن ضمرة عن علي قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن الله خلقني وعلياً من شجرة أنا أصلها وعلي فرعها والحسن والحسين ثمرتها والشيعة ورقها، فهل يخرج من الطيب إلّا الطيب؟ أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد المدينة فليأتها [ فليأت الباب ].

قلت: هكذا رواه الخطيب في تاريخه وطرقه.

وأخبرنا العلامة قاضي القضاة أبو نصر محمد بن هبة الله وقاضي القضاة محمد بن هبة الله بن محمد الشيرازي: أخبرنا الحافظ أبو القاسم أخبرنا أبو القاسم ابن السمرقندي، أخبرنا أبو القاسم بن مسعدة، أخبرنا حمزة بن يوسف، أخبرنا أبو أحمد ابن عدي، حدثنا النعمان بن هارون البلدي ومحمد بن أحمد بن المؤمل الصيرفي وعبد الملك بن محمد قالوا: حدثنا أحمد بن عبد الله بن يزيد المؤدّب، حدثنا عبد الرزاق عن سفيان عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن عبد الرحمن بن بهمان قال سمعت جابراً يقول: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول يوم الحديبية - وهو آخذ بضبع علي بن أبي طالب وهو يقول - هذا أمير البررة وقاتل الفجرة منصور من نصره، مخذول من خذله، ثمّ مدّ بها صوته وقال: أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد المدينة فليأت الباب [ فليأتها من بابها ].

[ قلت ] هكذا رواه ابن عساكر في تاريخه وذكر طرقه عن مشايخه.

أخبرنا علي بن عبد الله بن أبي الحسن الأزجي بدمشق عن المبارك بن الحسن أخبرنا أبو القاسم بن البسري، أخبرنا أبو عبد الله [ بن ] محمد أخبرنا محمد بن الحسين حدثنا أبو الحسن علي بن إسحاق بن زاطيا، حدثنا عثمان بن عبد الله العثماني حدثنا عيسى بن يونس، عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها.

قلت: هذا حديث حسن عال.

وقد تكلّم العلماء في معنى هذا الحديث إن علياً باب العلم، فأكثروا حتى قالت طائفة: إنما أراد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « أنا مدينة العلم » أي: أنا

١٦٥

معدن العلم وموضعه، وما كان عند غيري فغير معدود من العلم، و قوله: « وعلي بابها » يريد: إن باب هذه المدينة رفيع من حيث أن شريعة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أثبت الشرائع وأقومها وأهداها، لا يدخل عليها النسخ ولا التحريف ولا التبديل، بل هي محفوظة بحفظ الله عز وجل، مصونة من النقص لا ينسخها شيء، فلهذا نسبها إلى العلو، وكتابه آخر الكتب التي أنزلها الله عز وجل فلا يدخل عليه النسخ قال الله تعالى:( وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ ) أي: إن القرآن يحكم على سائر الكتب المنزلة قبله، وما ورد فيه من الحرام والحلال لا يتغير ولا ينسخ ولا يبطل، فكان القرآن أجل الكتب التي أنزلها الله تعالى، وشريعة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أجل الشرائع وأعلاها وأبهاها وأسناها وأسماها، حيث لا يدخل عليها النسخ ولا التبديل، فهي عالية سامية عال بابها.

قلت - والله أعلم - إن وجه الحديث عندي أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: « أنا مدينة العلم وعلي بابها » أرادصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن الله تعالى علّمني العلم وأمرني بدعاء الخلق إلى الإقرار بوحدانيّته في أول النبوة، حتى مضى شطر زمان الرسالة على ذلك، ثم أمرني الله بمحاربة من أبى الإقرار لله عزّ وجلّ بالوحدانية بعد منعه من ذلك « فأنا مدينة العلم » في الأوامر والنواهي، وفي السلم والحرب حتى جاهدت المشركين « وعلي بن أبي طالب بابها » أي هو أن من يقاتل أهل البغي بعدي من أهل بيتي وسائر أمتي، ولو لا أن علياً بين [ سن ] للناس قتال أهل البغي وشرع الحكم في قتلهم واطلاق الأسارى منهم وتحريم سلب أموالهم وذراريهم لما عرف ذلك، فالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سنّ في قتال المشركين نهب أموالهم وسبي ذراريهم، وسنّ علي في قتال أهل البغي أن لا يجهز على جريح، ولا يقتل الأسير، ولا تسبى النساء والذرية، ولا تؤخذ أموالهم. وهذا وجه حسن صحيح.

ومع هذا، فقد قال العلماء من الصحابة والتابعين وأهل بيته بتفصيل علي، وزيادة علمه وغزارته وحدة فهمه ووفور حكمته وحسن قضاياه وصحة فتواه، وقد كان أبوبكر وعمر وعثمان وغيرهم من علماء الصحابة يشاورونه في الأحكام،

١٦٦

ويأخذون بقوله في النقض والإِبرام، إعترافاً منهم بعلمه ووفور فضله ورجاحة عقله وصحة حكمه.

وليس هذا الحديث في حقه بكثير، لأن رتبته عند الله وعند رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعند المؤمنين من عباده أجل وأعلى من ذلك »(١) .

كفاية الطالب

هذا، وقد صرّح الحافظ الكنجي في مقدمة كتابه بأنّه « كتاب يشتمل على بعض ما رويناه عن مشايخنا في البلدان، من أحاديث صحيحة من كتب الأئمة والحفاظ في مناقب أمير المؤمنين علي، الذي لم ينل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فضيلة في آبائه وطهارة مولده إلّا وهو قسيمه فيها ».

ترجمته:

وترجم له كبار العلماء وأعيان المؤرخين في كتب التاريخ والرجال، وقد ترجمنا له في بعض مجلّدات الكتاب، ومن مصادر ترجمته: ذيل مرآة الزمان ١ / ٣٩٢، الوافي بالوفيات ٥ / ٢٥٤، تلخيص مجمع الآداب ٣ / ٣٨٩.

(٥٧)

إثبات العزّ ابن عبد السلام

ولقد ذكره الشيخ عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام السلمي الدمشقي الشافعي، في كلام له أنشأه عن لسان مولانا أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أورده بنصه شهاب الدين أحمد في كتابه ( توضيح الدلائل على ترجيح الفضائل ) حيث

____________________

(١). كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب: ٢٢٠ - ٢٢٣.

١٦٧

قال:

« قال سلطان العلماء في عصره، وبرهان العرفاء في دهره، الشيخ القدوة الامام في الأجلة الأعلام، مفتي الأنام، عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام عن لسان حال أول الأصحاب بلا مقال، وأفضل الأتراب لدى عدّ الخصال: علي ولي الله في الأرض والسماء، رضي الله تعالى عنه ونفعنا به في كلّ حال:

يا قوم نحن أهل البيت، عجنت طينتنا بيد العناية في معجن الحماية، بعد أن رش علينا [ عليها ] فيض الهداية، ثم خمرت بخميرة النبوة وسقيت بالوحي، ونفخ فيها روح الأمر، فلا أقدامنا تزل، ولا أبصارنا تضل، ولا أنوارنا تقل، وإذا نحن ضللنا فمن بالقوم يدل الناس؟! من أشجار شتى وشجرة النبوة واحدة، ومحمد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبارك وسلّم أصلها وأنا فرعها، وفاطمة الزهراء ثمرها، والحسن والحسين أغصانها، فأصلها نور، وفرعها نور، وثمرها نور، وغصنها نور، يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار، نور على نور، يا قومي: لما كانت الفروع تبنى على الأصول، بنيت فصل فضلي على طيب أصلي، فورثت علمي عن ابن عمي، وكشف به غمي، تابعت رسولاً أميناً، وما رضيت غير الاسلام ديناً، فلو كشف الغطاء ما ازددت يقيناً، ولقد توجني بتاج من كنت مولاه ومنطقني بمنطقة أنا مدينة العلم وعلي بابها، وقلّدني بتقليد أقضاكم علي، وكساني بحلة أنا من علي وعلي مني، شعر:

عجبت منك أشغلتني بك عيني

أدنيتني منك حتى ظننت أنك أني

إلى آخر ما ذكر »(١) .

ترجمته:

١ - الذهبي: « وعز الدين شيخ الإسلام أبو محمد عبد العزيز بن

____________________

(١). توضيح الدلائل على ترجيح الفضائل - مخطوط.

١٦٨

عبدالسلام بن أبي القاسم السلمى الدمشقي الشافعي برع في الفقه والأصول والعربية، ودرّس وأفتى وصنّف، وبلغ رتبة الإِجتهاد، وانتهت إليه معرفة المذهب، مع الزهد والورع والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصّلابة في الدين »(١) .

٢ - اليافعي: « الشيخ الفقيه العلامة الامام المفتي المدرّس القاضي الخطيب سلطان العلماء ومحل النجباء، المقدّم في عصره على سائر الأقران، بحر العلوم والمعارف والمعظم في سائر البلدان، ذو التحقيق والاتقان، والعرفان والايقان المشهود له بمصاحبة العلم والصّلاح والجلالة والوجاهة والاحترام، الذي أرسل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع الشاذلي إليه السلام، مفتي الأنام وشيخ الاسلام: عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام أبي القاسم السلمي الدمشقي الشافعي

برع في الفقه والأصول والعربية، ودرّس وأفتى، وصنّف المصنفات المفيدة، وأفتى الفتاوى السديدة، وجمع من فنون العلوم العجب العجاب من التفسير والحديث والفقه والعربية والأصول واختلاف المذهب والعلماء وأقوال الناس ومآخذهم، حتى قيل بلغ رتبة الاجتهاد، ورحل إليه الطلبة من سائر البلاد، وانتهت إليه معرفة المذهب مع الزهد والورع، وقمعه للضلالات والبدع، وقيامه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وغير ذلك مما عنه اشتهر، كان يصدع بالحق ويعمل به، متشدداً في الدين، لا تأخذه في الله لومة لائم، ولا يخاف سطوة ملك ولا سلطان، بل يعمل بما أمر الله ورسوله وما يقتضيه الشرع المطهر، توفيرحمه‌الله بمصر سنة ستين وستمائة »(٢) .

٣ - الأسنوي: « كانرحمه‌الله شيخ الاسلام علماً وعملا وورعاً وزهداً وتصانيف وتلاميذ، آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر »(٣) .

____________________

(١). العبر في خبر من غبر حوادث: ٦٦٠.

(٢). مرآة الجنان - حوادث: ٦٦٠.

(٣). طبقات الشافعية للاسنوي ٢ / ١٩٧.

١٦٩

٤ - ابن قاضي شهبة: « الشيخ الامام العلامة وحيد عصره، سلطان العلماء عز الدين أبو محمد السلمي روى عنه الدمياطي وخرّج له أربعين حديثاً، وابن دقيق العيد - وهو الذي لقّبه بسلطان العلماء - وخلق، وكان أمّاراً بالمعروف نهاءً عن المنكر، وقد ولي الخطابة بدمشق فأزال كثيراً من بدع الخطباء وأبطل صلاة الرغائب والنصف فوقع بينه وبين ابن الصلاح بسبب ذلك منازعة »(١) .

٥ - السيوطي: « أبو محمد شيخ الإسلام، سلطان العلماء، قال الذهبي في العبر: إنتهت إليه معرفة المذهب مع الزهد والورع وبلغ رتبة الاجتهاد،. وقال الشيخ أبو الحسن الشاذلي: قيل لي ما على وجه الأرض مجلس في الفقه أبهى من مجلس الشيخ عز الدين بن عبد السلام. وقال ابن كثير في تاريخه: إنتهت إليه رياسة المذهب وقصد بالفتوى من سائر الآفاق، ثم كان في آخر عمره لا يتعبد بالمذهب، بل اتسع نطاقه وأفتى بما أدى إليه اجتهاده. وقال تلميذه ابن دقيق العيد: كان ابن عبد السلام أحد سلاطين الإسلام. وقال الشيخ جمال الدين ابن الحاجب: ابن عبد السلام أفقه من الغزالي »(٢) .

(٥٨)

إثبات جلال الدين محمد المعروف بمولوي

وقد ضمّن جلال الدين محمد بن محمد البلخي المعروف بمولوي حديث مدينة العلم قصيدة له أنشأها بمدح مولانا أمير المؤمنينعليه‌السلام في ديوانه ( المثنوي ) هذا أولها:

« از على آموز اخلاص عمل

شير حق را دان منزه از دغل »

____________________

(١). طبقات الشافعية ١ / ٤٤٠.

(٢). حسن المحاضرة ١ / ٣١٤.

١٧٠

الى أن قال:

چون تو بابى آن مدينه علم را

چون شعاعى آفتاب حلم را

باز باش اى باب بر جوياى باب

تا رسند از تو قشور اندر لباب

باز باش اى باب رحمت تا ابد

بارگاه ما له كفواً احد »

ترجمته:

١ - عبد القادر القرشي: « محمد بن محمد بن محمد بن حسين بن أحمد بن قاسم بن مسيب بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق ابن أبي قحافة التيمي، المعروف بمولانا جلال الدين الغزنوي. [ القونوي ] كان عالماً بالمذهب، واسع الفقه، عالماً بالخلاف وأنواع من العلوم، ثم إن الشيخ جلال الدين انقطع وتجرّد وهام، وترك التصنيف والاشتغال »(١) .

٢ - الفاضل الازنيقي « ومن علماء الحنفية الشيخ جلال الدين وتلقب أيضاً بسلطان العلماء، أو لقب [ لقبه ] بهذا اللقب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، هكذا سمعه كثير من الصلحاء عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المنام »(٢) .

٣ - عبد الرحمنالجامي ترجمة مفصلة(٣) .

٤ - مجد الدينالبدخشاني كذلك(٤) .

هذا، وقد أثنى المولوي عبد العلي بن نظام الدين الأنصاري الملقّب عندهم بـ « بحر العلوم » على « المولوي » و « المثنوي » في مقدمة كتابه « شرح المثنوي ».

____________________

(١). الجواهر المضية في طبقات الحنفية ٢ / ١٢٣ - ١٢٤.

(٢). مدينة العلوم للازنيقي.

(٣). نفحات الانس: ٤٥٩.

(٤). جامع السلاسل - مخطوط.

١٧١

(٥٩)

إثبات محيي الدين النووي

لقد أثبت حديث مدينة العلم، حيث ضمّنه في بيت شعر له في مدح أمير المؤمنينعليه‌السلام كما في ( توضيح الدلائل ) في ذكر من مدح الامامعليه‌السلام : « وكالامام في الاسلام والمشار اليه في الأعلام، مرجع العلوم والفتاوى أبي زكريا محيي الدين يحيى النووي، فإنه قد قال وأجاد المقال:

إمام المسلمين بلا ارتياب

أمير المؤمنين أبو تراب

نبي الله خازن كل علم

علي للخزانة مثل باب »

ترجمته:

ترجم له أعلام الحفاظ والمؤرخين وأثنوا عليه بما لا مزيد عليه راجع:

١ - تذكرة الحفاظ ٤ / ١٤٧٠.

٢ - العبر ٥ / ٣١٢.

٣ - مرآة الجنان - حوادث سنة ٦٧٦.

٤ - تتمة المختصر - حوادث ٦٧٦.

٥ - طبقات الشافعية للاسنوي ٢ / ٤٧٦.

٦ - طبقات الشافعية للسبكي ٨ / ٣٩٥.

٧ - النجوم الزاهرة ٧ / ٣٧٨.

٨ - طبقات الحفاظ ٥١٠.

٩ - الخميس - حوادث ٦٧٦.

١٧٢

(٦٠)

إثبات السعدي الشيرازي

لقد أثبت الشيخ شرف الدين مصلح بن عبد الله السعدي الشيرازي هذا الحديث، حيث ضمّنه في قصيدةٍ له في مدح مولانا أمير المؤمنينعليه‌السلام ، ذكرها نور الدين جعفر الشهير بمير ملا البدخشي، وهذا نصها:

« منم كز جان شدم مولاي حيدر

امير المؤمنين آن شاه صفدر

على كورا خدا بى شك ولى خواند

بامر حق على كردش بيمبر

بحق بادشاه هر دو عالم

خداى بى نياز فرد اكبر

بحق آسمانها وملائك

كز آن جا هيج جاى نيست برتر

به بنج اركان شرع وهفت اقليم

به نه جرخ وده ودو برج ديگر

به كرسي وبه عرش ولوح محفوظ

بحق جبرئيل آن خوب منظر

به ميكائيل واسرافيل وصورش

به عزرائيل وهول كور ومنكر

به تورات وزبور وصحف وانجيل

بحق حرمت هر جار دفتر

بحق آية الكرسي ويس

بحق سوره طه سراسر

بحق آدم ونوح ستوده

بحق هود وشيث دادكستر

بدرد يحيى ودرمان لقمان

به ذو القرنين ولوط نيك محضر

به ابراهيم وقربان كردن او

به اسحاق واسماعيل وهاجر

بختم انبيا احمد كه باشد

شفيع عاصيان در روز محشر

بحق مكه وبطحا وزمزم

بحق مروه وركني زمشعر

بتعظيم رجب با قدر شعبان

بحق روزه وتصديق داور

به رنج اهل بيت وآه زهرا

به خون ناحق شبير وشبر

به آب ديده طفلان محروم

به سوز سينه بيران محروم

١٧٣

كه بعد از مصطفى در جمله عالم

نه بد فاضل تر وبهتر زحيدر

مسلم بد سلوني گفتن او را

كه علم مصطفى را بود او در

يقين اندر سخا وعلم وعصمت

زپيغمبر نبود او هيج كمتر

اكر دانى بكوئى جز على كيست

كه دلدل زير رانش بود ورخور

چه گويم وصف آن شاهى كه جبريل

گهي بد مدح گويش گاه چاكر

بدان گفتم كه تا خلقان بدانند

كه سعدى زين سعادت نيست بى بر

يا سعدى تو نيكو اعتقادى

زدين واعتقاد خويش برخورد »(١)

ترجمته

١ - عبد الرحمن الجامي في ( نفحات الانس ٦٠٠ ).

٢ - السمرقندي في ( تذكرة الشعراء: ٢٢٣ ).

(٦١)

رواية المحب الطبري

رواه في ( الرياض النضرة ) حيث قال: « ذكر اختصاصه بأنه باب دار العلم وباب مدينة العلم: عن عليرضي‌الله‌عنه قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا دار العلم وعلي بابها.

أخرجه في المصابيح في الحسان، و أخرجه أبو عمروقال: أنا مدينة العلم وزاد: « فمن أراد العلم فليأته من بابه »(٢) .

وفي ( ذخائر العقبى ): « ذكر أنهرضي‌الله‌عنه باب دار العلم وباب مدينة العلم عن عليرضي‌الله‌عنه قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا دار العلم وعلي بابها. أخرجه البغوي في المصابيح في الحسان.

____________________

(١). خلاصة المناقب - مخطوط.

(٢). الرياض النضرة في مناقب العشرة ٢ / ٢٥٥.

١٧٤

وخرجه أبو عمروقال: أنا مدينة العلم وعلي بابها، وزاد: « فمن أراد العلم فليأته من بابه(١) .

ترجمة

ترجم له كبار الأئمة الحفاظ بكل تبجيل وإكبار. راجع:

١ - تذكرة الحفاظ ٤ / ١٤٧٤.

٢ - طبقات السبكي ٨ / ١٨.

٣ - مرآة الجنان ٤ / ٢٢٤.

٤ - النجوم الزاهرة ٨ / ٧٤.

٥ - طبقات الحفاظ ٥١١.

(٦٢)

إثبات الفرغاني

وقد أثبته سعيد الدين محمد بن أحمد الفرغاني، وأرسله إرسال المسلَّم حيث قال في ( شرح التائية ) بشرح قول ابن الفارض:

« كراماتهم من بعض ما خصهم به

بما خصهم من إرث كل فضيلة »

قال: « وأما حصة علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: العلم [ فالعلم ] والكشف وكشف معضلات الكلام العظيم والكتاب الكريم، الذي هو من أخص معجزاتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، بأوضح بيان بما ناله بقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها، و بقوله: أنا مدينة العلم وعلي بابها، مع فضائل أخر لا تعدّ ولا تحصى ».

وقال في الشرح الفارسي بشرح:

« وأوضح بالتأويل ما كان مشكلا

علي بعلم ناله بالوصية »

____________________

(١). ذخائر العقبى في مناقب ذوى القربى: ٧٧.

١٧٥

قال: « أوضح علي بالتأويل ما كان مشكلاً فهمه من معاني الكتاب والسنة على غيره من الأصحاب، لا سيّما عمر القائل في هذا الشأن: لو لا علي لهلك عمر، ولقد أوضح تلك المشكلات بما ناله من العلوم وانتقل اليه بالوصية من المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولهذا قال: إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي، أذكركم الله في أهل بيتي - قاله ثلاثا -.

وقال أيضاً: أنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي.

وقال أيضاً: أنا مدينة العلم وعلي بابها ».

الفرغاني وشرح التائية

وليعلم أن شرح الفرغاني على التائية من الكتب المعروفة، وهو من أكابر علماء أهل السنة، قال في ( كشف الظنون ):

« تائية في التصوف للشيخ أبي حفص عمر بن علي من الفارض الحموي المتوفى سنة ٥٧٦ ولها شروح، منها: شرح السعيد محمد بن أحمد الفرغاني المتوفى في حدود سنة ٧٠٠، وهو الشارح الأول لها، وأقدم الشارحين له، حكى أن الشيخ صدر الدين القونوي عرض لشيخه محيي الدين ابن العربي في شرحها، فقال للصدر: لهذه العروس لعل من أولادك، فشرحها الفرغاني والتلمساني، وكلاهما من تلاميذه، وحكى أن ابن عربي وضع عليها قدر خمسة كراريس وكانت بيد صدر الدين، قالوا: وكان في آخر درسه يختم ببيت منها ويذكر عليه كلام ابن عربي، ثم يتلوه بما هو رده بالفارسية، وانتدب لجمع ذلك سعيد الدين. وحكى أن الفرغاني قرأها أولاً على جلال الدين الرومي المولوي، ثم شرحها فارسياً ثم عربياً، وسماه منتهى المدارك، وهو كبير أورد في أوله مقدمة في أحوال السلوك أوله: الحمد لله الرب القديم الذي تعزز »(١) .

وقد ذكره الجامي وقال: « هو من أكمل أرباب العرفان، وأكابر أصحاب

____________________

(١). كشف الظنون ١ / ٢٦٥.

١٧٦

الذوق والوجدان، ولم يبين أحد مسائل علم الحقيقة مع الضبط والتحقيق كما بين في ديباجة شرح تائية ابن الفارض، وقد كان قد كتبه أولاً بالفارسية، وعرضه على شيخه الشيخ صدر الدين القونويقدس‌سره وقد استحسنه الشيخ كثيراً وقرضه، وقد أورد الشيخ السعيد تقريضه في ديباجة الشرح على سبيل التيمن والتبرك، ثم إنه كتبه لتعميم وتتميم فائدته باللسان العربي، وأضاف إليه فوائد أخرى، جزاه الله تعالى عن الطالبين خير الجزاء.

وله تصنيف آخر سمّاه بمناهج العباد إلى المعاد، بيّن فيه مذاهب الأئمة الأربعة رضوان الله عليهم أجمعين في مسائل العبادات وبع المعاملات »(١) .

وترجم له محمود بن سليمان الكفوي بقوله: « الشيخ الفاضل الرباني، الكامل الصمداني، سعيد الدين الفرغاني. هو من أعزة أصحاب الشيخ صدر الدين القونوي، مريد الشيخ محيي الدين العربي.

كان من أكمل أرباب العرفان، وأفضل أصحاب الذوق والوجدان، وكان جامعاً للعلوم الشرعية والحقيقة. وقد شرح أحسن الشروح أصول الطريقة، وكان لسان عصره وبرهان دهره ودليل طريق الحق، وسر الله بين الخلق، بسط مسائل علم الحقيقة وضبط فنون أصول الطريقة في ديباج شرح القصيدة التائية الفارضية »(٢) .

وقال الذهبي: « والشيخ سعيد الكاشاني الفرغاني، شيخ خانقاه الطاجون وتلميذ الصدر القونوي، كان أحد من يقول بالوحدة، شرح تائية ابن الفارض في مجلدتين، ومات في ذي الحجة عن نحو سبعين سنة »(٣) .

____________________

(١). نفحات الانس: ٥٥٩.

(٢). كتائب اعلام الأخيار - مخطوط.

(٣). العبر في خبر من غبر - حوادث: ٦٩٩.

١٧٧

(٦٣)

إثبات الكازروني

لقد أثبت أحمد بن منصور الكازروني حديث مدينة العلم، اذ وصف أمير المؤمنينعليه‌السلام بـ « باب العلم » بترجمتهعليه‌السلام في كتابه ( مفتاح الفتوح ) حيث قال ما نصه:

« أبو الحسن علي بن أبي طالب، أوّل من سمّاه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمير المؤمنين، خاتم الخلفاء الراشدين، أقدمهم إجابة وإيماناً، وأوّلهم تصديقاً وإيقاناً، وأقومهم قضية وإتقاناً، باب العلم، ومعدن الفضل، وحائز السبق، ويعسوب الدين، وقاتل المشركين والمتمردين، ذو القرنين، وأب [ أبو ] الريحانتين، ابن عم النبي لحاً وقسمة، وأخوه حقاً ونسباً، وصاحبه دنياً وديناً، ختم الله به الخلافة كما ختم بمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الرسالة، ولمـّا كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يضم الشكل إلى الشكل، والجنس إلى الجنس، والمثل إلى المثل، ادّخر علياً لنفسه واختصه بأخوته، وناهيه بهذا شرفاً وفخراً.

ومن تأمل في كلامه وكتبه وخطبه ورسالاته علم أن علمه لا يوازي علم أحد، وفضائله لا يشاكل فضائل أحد بعد محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ومن جملتها كتاب نهج البلاغة، وأيم الله لقد وقف دونه فصاحة الفصحاء وبلاغة البلغاء وحكمة الحكماء.

نزلت في شأنه آيات كثيرة، ووردت في فضائله أحاديث غير قليلة، كتب التفاسير مشحونة بذلك، وبطون الأسانيد مطوية عليها، لا يحصيها عاد، ولا يحويها تعداد، فما من مشكل إلّا وله فيه اليد البيضاء، ولا من معضل إلّا وجلاه حق الجلاء، لقد صدق الفاروق حيث قال: أعوذ بالله من معضلة ليس فيها أبو

١٧٨

الحسن.

لعلي أسماء أوردها الأئمة في كتبهم منها في السماء « اعلى »، وفي الأرض: « علي »، وفي التوراة: « ولي » وفي الانجيل: « وفي »، وفي الزبور: « تقي » وعند حملة العرش: « سخي » وفي الجنة: « الساقي »، وعند المؤمنين: « المرتضى » و « حيدر »، وفي القرآن:( رُكَّعاً سُجَّداً ) ويسمى « قصماً »، سمّاه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « علياً » وكنّاه بأبي الحسن، وأبي التراب، نسبه نسب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وحسبه حسبه، ودينه دينه، قريب القربة، قديم الهجرة.

وامه فاطمة رضي الله عنها بنت أسد، وهي أول هاشمية ولدت لهاشمي، قيل: ولدت فاطمة علياً في الكعبة، ونقل عنها: أنها كانت إذا أرادت أن تسجد لصنم وعلي في بطنها لم يمكّنها، يضع رجله على بطنها ويلصق ظهره بظهرها، ويمنعها عن ذلك، ولذلك يقال عند ذكر اسمه: كرّم الله وجهه، أي: كرّم الله وجهه من أن يسجد لصنم »(١) .

كتاب مفتاح الفتوح

وكتاب ( مفتاح الفتوح ) من شروح كتاب ( المصابيح ) المعروفة، قال في ( كشف الظنون ): « ومن شروح المصابيح: مفتاح الفتوح، أوله: الحمد لله الذي قصرت الافهام عما يليق بكبريائه الخ. ذكر فيه: انه جمعه من شرح السنة والغريبين والفائق والنهاية، ووضع حروف الرموز لتلك الكتب، وفرغ منه في إحدى وعشرين [ من ] رمضان سنة سبع وسبعمائة »(٢) .

____________________

(١). مفتاح الفتوح في شرح المصابيح - مخطوط.

(٢). كشف الظنون ٢ / ١٧٠١.

١٧٩

(٦٤)

إثبات أمير حسيني الفوزي

لقد أثبت حسين بن محمد المعروف بأمير حسيني الفوزي حديث مدينة العلم، إذ وصف أمير المؤمنينعليه‌السلام بهذا الوصف في جملة أوصافه التي ذكرها في ترجمتهعليه‌السلام في كتاب ( نزهة الأرواح ).

ترجمته:

ويوجد الثناء عليه وعلى ( نزهة الارواح ) وسائر مصنفاته في الكتب المؤلفة في تراجم العرفاء ومشايخ الصوفية، مثل:

١ - نفحات الأُنس: ٦٠٥.

٢ - جامع السلاسل - مخطوط.

وفي ( كشف الظنون ): « نزهة الأرواح فارسي لفخر السادات حسين بن محمد المعروف بأمير حسيني الفوزي، ألفه سنة ٧١١، مختصر منثور ومنظوم »(١) .

(٦٥)

رواية صدر الدين الحموئي

لقد روى صدر الدين أبو المجامع إبراهيم بن محمد الحموئي الجويني

____________________

(١). كشف الظنون ٢ / ١٩٣٩.

١٨٠

حديث مدينة العلم حيث قال:

« أخبرني الشيخ الصالح أحمد بن محمد بن محمد القزويني مشافهة بها، بروايته عن الامام أبي القاسم محمد بن عبد الكريم إجازة « ح » وأنبأني الشيخ العدل بهاء الدين محمد بن يوسف بن محمد بن يوسف بسماعي عليه بمسجد الربوة ظاهر مدينة دمشق، قال أنبأنا شيخ الشيوخ تاج الدين أبو محمد عبد الله بن عمر بن علي بن محمد بن حمويه الجويني إجازة، قالا أنبأنا شيخ الشيوخ سعد الدين أبو سعد عبد الواحد بن أبي الحسن علي بن محمد بن حمويه إجازة « ح » وأخبرنا الشيخ علي بن محمد بن أحمد بن محمد بن حمزة الثعلبي إجازة بروايتهما عن أبي بكر وجيه بن طاهر بن محمد الشحامي، قال أنبأنا شيخ الشيوخ أبو سعد قراءة عليه بنيسابور في سلخ شهر رمضان سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة أنبأنا أبو محمد الحسن بن أحمد الحافظ قال أنبأنا السيد أبو طالب حمزة بن محمد الجعفري قال أنبأنا محمد بن أحمد الحافظ قال أنبأنا أبو صالح الكرسي [ الكرابيسي ] أنبأنا صالح ابن أحمد قال أنبأنا أبو الصلت الهروي قال أنبأنا أبو معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس.

عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد بابها فليأت علياً »(١) .

وفي ( ينابيع المودة ) بعد أن أورده عن ابن المغازلي: « أيضاً: أخرج هذا الحديث موفق بن أحمد، والحمويني، والديلمي في الفردوس، وصاحب كتاب المناقب عن مجاهد عن ابن عباس »(٢) .

ترجمته:

١ - الذهبي: « وفيها قدم شيخ الشيوخ صدر الدين ابراهيم ابن الشيخ

____________________

(١). فرائد السمطين ١ / ٩٨.

(٢). ينابيع المودة: ٧٢.

١٨١

سعد الدين بن حمويه الجويني طالب حديث، فسمع الكثير، وروى لنا عن أصحاب المؤيد الطوسي، وأخبر ان ملك التتار غازان ابن ارغون أسلم على يده بواسطة نائبه نوروز، وكان يوماً مشهوداً »(١) .

٢ - الذهبي أيضاً حيث قال في ذكر شيوخه: « وسمعت من الامام المحدّث الأوحد الأكمل فخر الاسلام صدر الدين ابراهيم بن محمد بن المؤيد بن حمويه الخراساني الجويني شيخ الصوفية، قدم علينا طالب حديث، وروى لنا عن رجلين من أصحاب المؤيد الطوسي، وكان شديد الاعتناء بالرواية وتحصيل الأجزاء، على يده أسلم غازان الملك، مات سنة ٧٢٢، وله ثمان وسبعون سنة»(٢) .

٣ - اليافعي بمثل عبارة العبر(٣) .

٤ - الأسنوي: « كان إماماً في علوم الحديث والفقه، كثير الأسفار في طلب العلم، طويل المراجعة، مشهوراً بالولاية »(٤) .

وقد أوردنا هذه الكلمات وغيرها في مجلد ( حديث الطير ).

(٦٦)

إثبات نظام الأولياء البخاري

لقد أثبت - نظام الدين محمد بن أحمد بن علي البخاري المشهور على ألسنتهم بنظام الأولياء - حديث مدينة العلم، وصرّح بأنه من فضائل أمير المؤمنينعليه‌السلام وخصائصه، على ما نقل عنه عبد الرحمن الجشتي في ( مرآة الأسرار ) ذكر أحواله عليه الصلاة والسلام.

____________________

(١). العبر - حوادث: ٧٩٥.

(٢). تذكرة الحفاظ ٤ / ١٥٠٥.

(٣). مرآة الجنان - حوادث: ٧٢٢.

(٤). طبقات الشافعية ١ / ٢١٧.

١٨٢

ترجمته:

ترجم له كبار العرفاء في كتبهم المؤلفة في تراجم مشايخهم أمثال:

١ - عبد الرحمنالجامي في ( نفحات الأنس ٥٠٤ ).

٢ - مجد الدينالبدخشاني في ( جامع السلاسل - مخطوط ).

٣ - عبد الحق الدهلوي في ( أخبار الأخيار: ٥٦ ).

٤ - والد ( الدهلوي ) في ( الانتباه في سلاسل أولياء الله ).

(٦٧)

رواية أبي الحجّاج المزّي

لقد روى جمال الدين أبو الحجاج يوسف بن عبد الرحمن المزّي حديث مدينة العلم بترجمة الامامعليه‌السلام قائلاً:

« وروي أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأت من بابه »(١) .

وقد رواه أيضاً في الكتاب المذكور بترجمة أبي الصلت الهروي كما تقدم ويأتي.

ترجمته:

١ - الذهبي في ( تذكرة الحفاظ ٤ / ١٤٩٨ ) وغيره.

٢ - ابن الوردي في ( تتمة المختصر حوادث: ٧٤٢ ).

٣ - الأسنوي في ( طبقات الشافعية ٢ / ٤٦٤ ).

____________________

(١). تهذيب الكمال ٢٠ / ٤٨٥.

١٨٣

٤ - ابن شحنة في ( روضة المناظر حوادث ٧٤٢ ).

٥ - ابن حجر في ( الدرر الكامنة ٥ / ٢٣٣ ).

٦ - ابن تغري بردي في ( النجوم الزاهرة ١٠ / ٧٦ ).

٧ - السيوطي في ( طبقات الحفاظ ٥١٧ ).

٨ - الشوكاني في ( البدر الطالع ٢ / ٣٥٣ ).

٩ - صديق حسن خان في ( التاج المكلل ٤٧٥ ).

قالالسيوطي: « المزّي الامام العالم الحبر الحافظ الأوحد محدّث الشام تفقه قليلاً ثم أقبل على هذا الشأن، ورحل وسمع الكثير ونظر في اللغة ومهر فيها وفي التصريف وقرأ العربية، وأمّا معرفة الرجال فهو حامل لوائها، لم تر العيون مثله، صنف تهذيب الكمال والأطراف، وأملى مجالسه وأوضح مشكلات ومعضلات ما سبق إليها من علم الحديث ورجاله، وولى مشيخة دار الحديث الأشرفية، مات يوم السبت ثاني عشر صفر سنة ٧٤٢ ».

وقال الأسنوي ما ملخصه: « كان أحفظ أهل زمانه، لا سيّما الرجال المتقدمين وانتهت إليه الرحلة من أقطار الأرض لروايته ودرايته، وكان إماماً في اللغة والتصريف، ديّناً خيّراً منقبضاً عن الناس، طارحاً للتكلّف، فقيراً، صنف تهذيب الكمال في أسماء الرجال، وكتاب الأطراف ».

(٦٨)

رواية جمال الدين الزرندي

قال جمال الدين محمد بن يوسف الزرندي الأنصاري في ذكر ترتيب كتابه:

« فالسمط الأول مشتمل على فضائل جناب سيد المرسلين وخاتم النبيين ورسول رب العالمين محمد - عليه أفضل صلوات المصلّين - وشمائله وصفاته وما

١٨٤

خصه الله تعالى به من آياته ومعجزاته، وعلى مناقب ابن عمه وباب مدينة علمه أمير المؤمنين علي بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه »(١) .

ثم قال في القسم الثاني من السمط الأول: « القسم الثاني من السمط الأول في مناقب أمير المؤمنين وإمام المتقين، عين مناهج الحق واليقين ورأس الأولياء والصديقين، زوج فاطمة البتول قرة عين الرسول، ابن عمه وباب مدينة علمه، مؤازره وأخيه، وقرة عين صنو أبيه، المرتضى المجتبى الذي في الدنيا والآخرة إمام سيد. وفي ذات الله سبحانه وتعالى وإقامة دينه قوي أيد، ذي القلب العقول والاذن الواعية والهمة التي هي بالعهود والذمام وافية، يعسوب الدين وأخي رسول رب العالمين الليث القاهر والعقاب الكاسر والسيف البتور والبطل المنصور والضيغم الهصور والسيد الوقور والبحر المسجور والعلم المنشور، والعباب الزاخر الخضم والطود الشاهق الأشم، وساقي المؤمنين من الحوض بالاوفى والأتم، أسد الله الكرار، أبي الأئمة الأطهار. المشرّف بمزية من كنت مولاه فعلي مولاه، المؤيَّد بدعوة اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، كاسر الأنصاب وهازم الأحزاب، المتصدّق بخاتمه في المحراب، فارس ميدان الطعان والضراب، هزبر كلّ عرين وضرغام كلّ غاب، الذي كلّ لسان كلّ معتاب ومغتاب وبيان كل ذام ومرتاب عن قدح في قدح معاليه لنقاء جنابه عن كلّ ذم وعاب، المخصوص من الحضرة النبوية بكرامة الأخوة والانتخاب المنصوص عليه بأنه لدار الحكمة ومدينة العلم باب، وبفضله واصطفائه نزل الوحي ونزل [ نطق ] الكتاب، المكنى بأبي الريحانتين وأبي الحسن وأبي التراب »(٢) .

وقال: « فضيلة أخرى اعترف بها الأصحاب وابتهجوا، وسلكوا طريق الوفاق وانتهجوا: عن ابن عباس رضي الله عنهما: إن رسول الله صلّى الله عليه

____________________

(١). نظم درر السمطين: ٢٠.

(٢). نظم درر السمطين: ٧٧.

١٨٥

وسلّم قال: أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد بابها فليأت علياً »(١) .

وقال الزرندي في كتابه ( معارج الوصول ): « روى ابن عباس رضي الله عنهما: ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد بابها فليأت علياً »(٢) .

وقال الزرندي في كتابه ( الأعلام ) ما نصّه: « باب في خلافة أمير المؤمنين أبي الحسن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب الهاشميرضي‌الله‌عنه ، يجتمع مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في عبد المطلب، فهو ابن عمه وباب مدينة علمه ومؤازره ومؤاخيه وقرة عين صنو أبيه المخصوص من الحضرة النبوية بكرامة الاخوة والانتخاب والمنصوص عليه بأنه لدار الحكمة ومدينة العلم باب »(٣) .

الزرندي حجة

والزرندي من أكابر حفاظ أهل السنة، وقد أوردنا نصوص عباراتهم في الثناء عليه في مجلد ( حديث النور ).

وجاء في ( ذخيرة المآل ):

« هذا الذي قرّره الأجلة

والمقتضى ولازم الأدلة

وذلك أن أجلة العلماء لمـّا صرحت لهم الأدلة بهذه الخصوصيات لأهل البيت الشريف قرروا ذلك وحرروه، مثل: السيد علي السمهودي إمام أهل السنة في جواهره والحافظ الطبري الشافعي في ذخائره، والحجة الزرندي الشافعي في معارجه وشيخ الاسلام ابن حجر الشافعي في صواعقه، وجلال الدين السيوطي الشافعي في الثغور الباسمة في مناقب السيدة فاطمة، وإحياء الميت في ذكر أهل البيت، والسمطين في السبطين، وأسنى المطالب في فضائل علي بن أبي طالب ».

____________________

(١). المصدر: ١١٣.

(٢). معارج الوصول الى معرفة فضل آل الرسول - مخطوط.

(٣). الاعلام - مخطوط.

١٨٦

« الحجة » في الاصطلاح

قال الذهبي: « فأعلى العبارات في الرواة المقبولين: ثبت حجة، حافظ ثقة متقن ثقة، ثقة ثم ثقة، ثم صدوق، ولا بأس به، وليس به بأس، ثم محله الصدق وجيد الحديث، وصالح الحديث، وشيخ وسط، وشيخ، وحسن الحديث، وصدوق إن شاء الله، وصويلح، ونحو ذلك »(١) .

وقال: « والحافظ أعلى من المفيد في العرف، كما أن الحجة فوق الثقة »(٢) .

وقال العراقي: « قال ابن أبي حاتم وجدت الألفاظ في الجرح والتعديل على مراتب شتى، فاذا قيل للواحد: انه ثقة أو متقن فهو ممن يحتج بحديثه. قال ابن الصلاح: وكذا إذا قيل: ثبت أو حجة، وكذا إذا قيل في العدل: إنه حافظ أو ضابط. قال الخطيب: أرفع العبارات أن يقال: حجة أو ثقة »(٣) .

وقال السخاوي: « فكلام أبي داود يقتضي أن الحجة أقوى من الثقة، وذلك أن الآجري سأله عن سليمان بن بنت شرحبيل فقال: ثقة يخطئ كما يخطئ الناس. قال الآجري: فقلت: هو حجة؟ قال: الحجة أحمد بن حنبل. وكذا قال عثمان بن أبي شيبة في أحمد بن عبد الله بن يونس: ثقة وليس بحجة، وقال ابن معين في محمد بن إسحاق: ثقة وليس بحجة، وفي أبي أويس: صدوق وليس بحجة. وكأن لهذه النكتة قدمها الخطيب حيث قال: أرفع العبارات أن يقال: حجة أو ثقة»(٤) .

وقال القاري: « ثم الحافظ في اصطلاح المحدّثين من أحاط علمه بمائة ألف حديث متناً واسناداً، والطالب هو المبتدي الراغب فيه، والمحدّث والشيخ والامام هو الاستاذ الكامل، والحجة من أحاط علمه بثلاثمائة ألف حديث متناً وإسناداً،

____________________

(١). ميزان الاعتدال ١ / ٤.

(٢). تذكرة الحفاظ ٣ / ٩٧٩.

(٣). شرح ألفية الحديث للزين العراقي ٢ / ٤.

(٤). شرح ألفية الحديث للسخاوي ٣ / ٢١.

١٨٧

وأحوال رواته جرحاً وتعديلاً وتاريخاً، والحاكم هو الذي أحاط علمه بجميع الأحاديث المروية كذلك»(١) .

(٦٩)

تحسين صلاح الدين العلائي

لقد أثبت صلاح الدين أبو سعيد خليل بن كيكلدي العلائي الدمشقي الشافعي حديث مدينة العلم وذكر ما يشهد بصحته، فقد جاء في ( المقاصد الحسنة ) في الكلام على هذا الحديث ما نصه: « بل صرح العلائي بالتوقف في الحكم عليه بذلك، فقال: وعندي فيه نظر، ثمّ بيّن ما يشهد بصحّته، لكون أبي معاوية راوي حديث ابن عباس حدث به، فزال المحذور ممن هو دونه، قال: وأبو معاوية ثقة حافظ يحتج بافراده كابن عيينة وغيره، فمن حكم على الحديث مع ذلك بالكذب فقد أخطأ، قال: وليس هو من الألفاظ المنكرة التي تأباها العقول، بل هو كحديث أرحم أمتي بأمتي - يعني الماضي - وهو صنيع معتمد »(٢) .

وقال السيوطي: « قال الحافظ صلاح الدين العلائي - ومن خطّه نقلت - في أجوبته عن الأحاديث التي تعقبها السّراج القزويني على مصابيح البغوي وادعى انها موضوعة -: حديث أنا مدينة العلم وعلي بابها، قد ذكره أبو الفرج في الموضوعات من طرق عدة وجزم ببطلان الكل، وكذلك قال من بعده جماعة منهم الذهبي في الميزان وغيره، والمشهور بروايته أبو الصلت عبد السلام بن صالح الهروي عن أبي معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس مرفوعاً. وعبد السلام هذا تكلّموا فيه كثيراً: قال النسائي: ليس بثقة، وقال الدارقطني وابن عدي: متهم زاد الدارقطني: رافضي، وقال أبو حاتم: لم يكن عندي

____________________

(١). جمع الوسائل في شرح الشمائل ١ / ٧.

(٢). المقاصد الحسنة: ٩٧.

١٨٨

بصدوق، وضرب أبو زرعة على حديثه.

ومع ذلك فقد قال الحاكم: ثنا الأصم ثنا عباس - يعني الدوري - قال: سألت يحيى بن معين عن أبي الصلت، فقال: ثقة، فقلت: أليس قد حدّث عن أبي معاوية حديث أنا مدينة العلم؟ فقال: قد حدّث به محمد بن جعفر الفيدي وهو ثقة عن أبي معاوية. وكذلك روى صالح جزرة عن ابن معين، ثم ساقه الحاكم من طرق محمد بن يحيى بن الضريس وهو ثقة حافظ عن محمد بن جعفر الفيدي عن أبي معاوية قال العلائي: فقد برئ أبو الصلت عبد السلام من عهدته وأبو معاوية ثقة مأمون من كبار الشيوخ وحفّاظهم المتفق عليهم، وقد تفرّد به عن الأعمش فكان ما ذا. وأي استحالة في أن يقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مثل هذا في حق عليرضي‌الله‌عنه ؟

ولم يأت كلّ من تكلّم في هذا الحديث وجزم بوضعه بجواب عن هذه الروايات الصحيحة عن ابن معين.

ومع ذلك، فله شاهد رواه الترمذي في جامعه عن إسماعيل بن موسى الفزاري عن محمد بن عمر بن الرومي عن شريك بن عبد الله عن سلمة بن كهيل عن سويد بن غفلة عن أبي عبد الله الصنابحي عن علي مرفوعاً: أنا دار الحكمة وعلي بابها. ورواه أبو مسلم الكجي وغيره عن محمد بن عمر بن الرومي وهو ممن روى عنه البخاري في غير الصحيح وقد وثّقه ابن حبان وضعفه أبو داود، قال أبو زرعة فيه لين، وقال الترمذي بعد إخراج الحديث: هذا حديث غريب، وقد روى بعضهم هذا عن شريك ولم يذكر فيه الصنابحي ولا يعرف هذا عن أحد من الثقات غير شريك.

قال العلائي: فقد برئ محمد بن عمر بن الرومي من التفرد به، وشريك هو: ابن عبد الله النخعي القاضي، احتج به مسلم وعلّق له البخاري ووثقه يحيى ابن معين، وقال العجلي: ثقة حسن الحديث، وقال عيسى بن يونس: ما رأيت أحداً قط أورع في علمه من شريك، فعلى هذا يكون تفرده [ مفردة ] حسناً فكيف

١٨٩

إذا انضم إلى حديث أبي معاوية؟ ولا يرد عليه رواية من أسقط منه الصنابحي، لأن سويد بن غفلة تابعي مخضرم أدرك الخلفاء الأربعة، وسمع منهم، فذكر الصنابحي فيه من المزيد في متصل الأسانيد، ولم يأت أبو الفرج ولا غيره بعلة قادحة في حديث شريك، سوى دعوى الوضع دفعاً بالصدر. انتهى كلام الحافظ صلاح الدين العلائي »(١) .

وقد أورد السيوطي هذا الكلام في ( قوت المغتدى في شرح الترمذي ) أيضاً(٢) .

وقال في ( النكت البديعات ): « وتعقب الحافظ أبو سعيد العلائي على ابن الجوزي في هذا الحديث بفصل طويل سقته في الأصل وملخّصه، أن قال: هذا الحديث حكم ابن الجوزي وغيره بوضعه، وعندي في ذلك نظر، إلى أن قال: والحاصل إنه ينتهي بطرقه إلى درجة الحسن المحتج به، فلا يكون ضعيفاً فضلاً عن أن يكون موضوعاً ».

وتجد كلام العلائي المذكور في الكتب التالية أيضاً: ( الأحاديث المشتهرة للزركشي ) و ( الدرر المنتثرة للسيوطي ) و ( جواهر العقدين للسمهودي ) و ( السيرة الشامية ) و ( تنزيه الشريعة لابن عراق ) و ( تذكرة الفتني ) و ( المرقاة للقاري ) و ( فيض القدير للمناوي ) و ( حاشية المواهب اللدنية للشبرامِلسي ) و ( القول المستحسن ).

ترجمته:

١ - الذهبي في ( المعجم المختص: ٩٢ ).

٢ - الأسنوي في ( طبقات الشافعية ٢ / ٢٣٩ ).

٣ - ابن حجر في ( الدرر الكامنة ٢ / ١٧٩ ).

٤ - السيوطي في ( طبقات الحفاظ ٥٢٨ ).

٥ - العليمي في ( الانس الجليل ٢ / ١٠٦ ).

____________________

(١). اللآلي المصنوعة في الأحاديث الموضوعة ١ / ٣٣٢.

(٢). قوت المغتدى في شرح صحيح الترمذي.

١٩٠

٦ - الشوكاني في ( البدر الطالع ١ / ٢٤٥ ).

وهذه ترجمة الشوكاني له ملخصةً: « ولد في ربيع الأول سنة ٦٩٤، سمع على شرف الدين الفزاري وبرهان الدين الذهبي وابن عبد الدائم والقاسم بن عساكر، وجماعة كثيرة بلغوا إلى سبعمائة، ورحل إلى الأقطار، واشتغل قبل ذلك بالفقه والعربية، ومهر وصنّف التصانيف في الفقه والأصول والحديث.

قال ابن حجر في الدرر: إنه صنف كتباً كثيرة جدّاً سائرة مشهورة نافعة.

ووصفه الذهبي بالحفظ وقال: استحضر الرجال والعلل وتقدّم في هذا الشأن، مع صحة الذهن وسرعة الفهم.

وقال غيره: وكان إماماً في الفقه والنحو والأصول والحديث وفنونه حتى صار بقية الحفاظ، عارفاً بالرجال علّامة في المتون والأسانيد، ومصنفاته تنبئ عن إمامته في كلّ فن.

وقال الأسنوي: كان حافظ زمانه

مات سنة ٧٦١. ».

(٧٠)

رواية السيد علي الهمداني

لقد روى حديث مدينة العلم حيث قال: « عن جابررضي‌الله‌عنه قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها.

وعن ابن مسعود، وعن أنس مثل ذلك »(١) .

وقال في ( السبعين في فضائل أمير المؤمنين علي ): « الحديث الثاني والعشرون: قال جابر: أخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عضد علي وقال: هذا إمام البررة وقاتل الفجرة، مخذول من خذله، منصور من نصره، ثم مدّ صوته

____________________

(١). أنظر: ينابيع المودة: ٢٥٤.

١٩١

وقال: أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت الباب. رواه ابن المغازلي »(١) .

وقال في ( روضة الفردوس ): « الباب الأول يفتتح بما يروي باب مدينة العلم ومنبع الكرم والحلم صاحب المناقب علي بن أبي طالب كرم الله وجهه »(٢) .

وقال في الباب الحادي عشر الحاوي لما روي عن جابر: « وعنه قال قالعليه‌السلام : أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت الباب »(٣) .

وأرسله إرسال المسلّم في كتابه الآخر: ( مشارب الأذواق ).

ترجمته:

ترجم له كبار العلماء الاعيان والعرفاء الاعلام ذاكرين مدائحه العظيمة ومناقبه الكريمة، كما تقدّم في ( حديث الغدير ) وسيأتي في مجلَّد ( حديث التشبيه ) إنْ شاء الله تعالى.

(٧١)

إثبات نور الدين البدخشاني

وقد أثبته نور الدين جعفر بن سالار البدخشاني المعروف بأمير ملّا، خليفة السيد الهمداني المذكور، حيث نقل حديثاً عن الامامعليه‌السلام واصفاً إياه بـ « باب مدينة العلم ومنبع الكرم والحلم »(٤) .

____________________

(١). أنظر: ينابيع المودة: ٢٣٤.

(٢). روضة الفردوس - مخطوط.

(٣). المصدر نفسه.

(٤). خلاصة المناقب - مخطوط.

١٩٢

ترجمته:

١ - شاه ولي الله في ( الانتباه في سلاسل أولياء الله ).

٢ - مجد الدين البدخشاني في ( جامع السلاسل - مخطوط ).

(٧٢)

تحسين البدر الزركشي

لقد حكم بدر الدين محمد بن بهادر الزركشي الشافعي بأن حديث مدينة العلم « ينتهي إلى درجة الحسن المحتج به، ولا يكون ضعيفاً فضلاً عن كونه موضوعاً ».

وممن نقل عنه ذلك: المناوي(١) .

ترجمته:

١ - ابن قاضي شهبة: « محمد بن بهادر بن عبد الله، العالم العلامة المصنّف المحرّر بدر الدين أبو عبد الله المصري الزركشي، مولده سنة خمس وأربعين، وأخذ عن الشيخين جمال الدين الأسنوي وسراج الدين البلقيني، ورحل إلى حلب إلى الشيخ شهاب الدين الأذرعي وتخرج في الحديث بمغلطائي، وسمع الحديث بدمشق وغيرها.

قال بعض المؤرخين: كان فقيهاً، أصولياً، فاضلاً في جميع ذلك، ودرّس وأفتى، توفي في رجب سنة أربع وتسعين وسبعمائة »(٢) .

____________________

(١). فيض القدير شرح الجامع الصغير ٣ / ٤٧.

(٢). طبقات الشافعية ٢ / ٣١٩.

١٩٣

٢ - ابن حجر فذكر مشايخه ومصنفاته(١) .

٣ - السيوطي وقال: « أخذ عن الأسنوي ومغلطاي وابن كثير والاذرعي وغيرهم، وألّف تصانيف كثيرة في عدة فنون »(٢) .

٤ - الداودي: « الامام العالم العلامة المصنف المحرر وكان فقيهاً أصولياً مفسّراً، أديباً فاضلاً في جميع ذلك، ودرّس وأفتى »(٣) .

٥ - ( الدهلوي ) نفسه في ( بستان المحدثين ) حيث ذكر كتابه ( التنقيح لألفاظ الجامع الصحيح ). وقد ذكر مشايخه ومصنفاته وأثنى عليه.

(٧٣)

إثبات فخر الدين ابن مكانس

وقد أثبته فخر الدين عبد الرحمن بن عبد الرزاق بن ابراهيم بن مكانس القبطي المصري، حيث أورده في أبيات له امتدح بها أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فقد قال ابن حجة:

« وقد نقلت منه ما امتدح به أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه:

يا ابن عم النبي إن أناساً

قد توالوك بالسعادة فازوا

أنت للعلم في الحقيقة باب

يا إماماً وما سواك مجاز »(٤)

____________________

(١). الدرر الكامنة لابن حجر ٤ / ١٧.

(٢). حسن المحاضرة ١ / ٤٣٧.

(٣). طبقات المفسرين ٢ / ١٥٧.

(٤). خزانة الأدب لابن حجة الحموي: ٧٥، ٣٣٩.

١٩٤

ترجمته:

ترجم له ابن حجر العسقلاني بقوله:

« عبد الرحمن بن عبد الرزاق بن إبراهيم بن مكانس القبطي المصري فخر الدين، ولد في سلخ ذي الحجة سنة ٦٤٥، وكان أبوه من الكتاب في الدواوين فنشأ في ذلك، وكان له ذكاء، فتولع بالأدب فأخذ عن القيراطي وغيره، وصحب الشيخ بدر الدين البشتكي، ونظم الطريقة النباتية فأجاد مع قصور بين في العربية لكنه كان قوي الذهن، حسن الذوق، حاد النادرة، يتوقد ذكاء، وولي نظر الدولة وغيرها من المناصب بالقاهرة، وصودر مرة مع الصاحب كريم الدين أخيه، ثم ولي وزارة الشام فأقام بها مدة، ودخل إلى حلب صحبة الظاهر برقواق، وطارح فضلاء الشام في البلدين، ثم طلب من دمشق ليلي الوزارة بالديار المصرية فيقال إنه اغتيل بالسم وهو راجع، فوصل إلى بيته ميتاً، وذلك في ثاني عشر ذي الحجة سنة ٧٩٤ ولم يكمل خمسين سنة، اجتمعت به غير مرة، وسمعت منه شيئاً من الشعر »(١) .

(٧٤)

إثبات كمال الدين الدميري

وقال كمال الدين محمد بن موسى الدميري ما نصه: « ومناقبه رضي الله تعالى عنه كثيرة جدّاً، ويكفي منها قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها »(٢) .

____________________

(١). الدرر الكامنة ٢ / ٣٣٠.

(٢). حياة الحيوان للدميري ١ / ٥٥.

١٩٥

ترجمته:

١ - ابن قاضي شهبة قائلاً: « محمد بن موسى بن عيسى الدميري المصري كمال الدين، ولد في حدود الخمسين وتكسب بالخياطة، ثم خدم الشيخ بهاء الدين السبكي وأخذ عنه، وعن الشيخ جمال الدين الأسنوي وأثنى عليه ثناء كثيراً، وتخرج ومهر في الفنون وقال الشعر، وولي تدريس الحديث بالقبة الزكية بالقرب من باب النصر، وحج مراراً وجاور وتكلّم على الناس في جامع الظاهر بالحسينية، وكان ذا حظ من العبادة والتلاوة لا يفتر لسانه غالباً عنهما، وله شرح المنهاج في أربع مجلدات ضمّنه فوائد كثيرة خارجة عن الفقه، والديباجة في شرح سنن ابن ماجة في أربع مجلدات، وجمع كتاباً سماه حياة الحيوان أجاد فيه ذكر فيه جملاً من الفوائد الطبيّة والخواص والأدبية والحديثية وغير ذلك، وله خطب مدونة جمعيّة ووعظية.

وقال الحافظ شهاب الدين ابن حجر في المعجم: وكان له حظ من العبادة تلاوة وصياماً ومجاورة بمكة والمدينة، واشتهرت عنه كرامات واخبار بأمور مغيبات يسندها إلى المنامات تارة وإلى بعض الشيوخ أخرى، وغالب الناس يعتقد انه يقصد بذلك الستر. توفي في جمادى الآخرة سنة ثمان وثمانمائة »(١) .

٢ - تقي الدين الفاسي فذكر شيوخه ومصنفاته، وذكر كتاب ( حياة الحيوان ) وقال « وهو كتاب نفيس وقد اختصرته » وذكر أنه « لما رآه الشيخ بهاء الدين السبكي أهلاً للتدريس والفتوى تكلم له مع جدي القاضي كمال الدين أبي الفضل النويري في أن يجيز له ذلك ففعل » قال: « وبرع في التفسير والحديث والفقه وأصوله والعربية والأدب »(٢) .

٣ - شمس الدين السخاوي ترجمة مطولة نلخصها في ما يلي بلفظه: « وصفه

____________________

(١). طبقات الشافعية ٢ / ٣٩٠.

(٢). العقد الثمين في تاريخ بلد الله الامين ٢ / ٣٧٢.

١٩٦

الزيلعي في الطبقة بالفاضل كمال الدين كمال، وبرع في التفسير والحديث والفقه وأصوله والعربية والأدب وغيرها. وأذن له بالافتاء والتدريس وتصدى للاقراء، انتفع به جماعة، وكتب على ابن ماجة شرحاً عظم الانتفاع به، وحياة الحيوان وهو نفيس أجاده وأكثر فوائده.

وقد ترجمه التقي الفاسي في تاريخ مكة، وذكره شيخنا في أنبائه فقال: مهر في الفقه والأدب والحديث وشارك في الفنون، ودرس للمحدثين بقبة بيبرس وفي عدة أماكن، ووعظ فأفاد وخطب فأجاد، وكان ذا حظ من العبادة تلاوة وصياماً ومجاورة بالحرمين، ويذكر عنه كرامات كان يخفيها وربما أظهرها وأحالها على غيره »(١) .

٤ - جلال الدين السيوطي وقال: « مهر في الأدب ودرس الحديث بقبة بيبرس، وله تصانيف منها شرح المنهاج والمنظومة الكبرى وحياة الحيوان، واشتهرت عنه كرامات وأخبار بأمور مغيبات »(٢) .

(٧٥)

إثبات مجد الدين الفيروزآبادي

وقال مجد الدين محمد بن يعقوب الشيرازي الفيروزآبادي ما نصه: - « حديث أنا مدينة العلم وعلي بابها ذكره أبو الفرج ابن الجوزي في الموضوعات من عدة طرق، وجزم ببطلان الكل، وقال مثل ذلك جماعة. وعندي في ذلك نظر كما سنبينه.

والمشهور بروايته أبو الصلت عبد السلام بن صالح الهروي عن أبي معاوية

____________________

(١). الضوء اللامع بأعيان القرن التاسع ١٠ / ٥٩ - ٦٢.

(٢). حسن المحاضرة ١ / ٣٣٠.

١٩٧

محمد بن خازم الضرير عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباسرضي‌الله‌عنه ، وعبد السلام هذا ضعّفوه جدّاً واتّهم بالرفض وهو مع ذلك صدوق، و قد روى عباس بن محمد الدوري في سؤالاته عن يحيى بن معين أنه سأله عن أبي الصلت هذا فوثّقه، فقال: أليس قد حدّث عن أبي معاوية حديث أنا مدينة العلم وعلي بابها؟ فقال: قد حدث به عن أبي معاوية محمد بن جعفر الفيدي، وكذلك روى صالح بن محمد الحافظ وأحمد بن محمد بن محرز عن يحيى بن معين أيضاً، وفي رواية ابن محرز قال يحيى: هذا الحديث هو من حديث أبي معاوية، أخبرني ابن نمير قال: حدّث به أبو معاوية قديماً ثم كفّ عنه، وأبو الصلت الهروي كان رجلا موسرا يطلب هذه الأحاديث ويكرم المشايخ، يعني: فخصّه أبو معاوية بهذا الحديث.

فقد برئ عبد السلام عن عهدة هذا الحديث من الألفاظ المنكرة التي تأباها العقول، بل هو مثل قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : في حديث أرأف أمتي بأمتي أبوبكر الحديث.

وقد حسّنه الترمذي وصحّحه غيره، ولم يأت من تكلم على حديث أنا مدينة العلم بجواب عن هذه الروايات الثابتة عن يحيى بن معين، والحكم بالوضع عليه باطل قطعاً، وإنما سكت أبو معاوية عن روايته شائعاً لغرابته لا لبطلانه، إذ لو كان كذلك لم يحدث به أصلاً مع حفظه واتقانه.

وللحديث طريق آخر رواه الترمذي في جامعه عن اسماعيل بن موسى الفزاري، عن محمد بن عمر الرومي عن شريك بن عبد الله عن سلمة بن كهيل عن سويد بن غفلة عن أبي عبد الله الصنابحي عن عليرضي‌الله‌عنه : إن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: أنا دار الحكمة وعلي بابها، وتابعه أبو مسلم الكجي وغيره على روايته عن محمد بن عمر الرومي، ومحمد هذا روى عنه البخاري في غيره الصحيح، ووثقه ابن حبان وضعّفه أبو داود، وقال الترمذي بعد سياق الحديث: هذا حديث غريب وقد روى بعضهم هذا عن شريك ولم يذكروا فيه

١٩٨

الصنابحي، قال: ولا نعرف هذا عن أحد من الثقات غير شريك.

قلت: فلم يبق الحديث من أفراد محمد الرومي، وشريك هذا احتج به مسلم وعلق له البخاري، ووثّقه ابن معين والعجلي وزاد حسن الحديث، وقال عيسى بن يونس: ما رأيت أحداً قط أورع في علمه من شريك، فعلى هذا يكون مفردة حسناً ولا يرد عليه رواية من أسقط الصنابحي منه، لأن سويد بن غفلة تابعي مخضرم، روى عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم، وسمع منهم فيكون ذكر الصنابحي من باب المزيد في متصل الأسانيد.

والحاصل: إن هذا الحديث ينتهي بمجموع طريقي أبي معاوية وشريك إلى درجة الحسن المحتج به، ولا يكون ضعيفاً فضلاً عن أن يكون موضوعاً، ولم أجد لمن ذكره في الموضوعات طعناً مؤثراً في هذين السندين، وبالله التوفيق »(١) .

وقد أورد الشيخ عبد الحق الدهلوي هذه العبارة في ( اللمعات في شرح المشكاة ) كما ستعرف فيما بعد ان شاء الله تعالى.

ترجمته:

١ - ابن قاضي شهبة في ( طبقات الشافعية ٢ / ٣٩١ ).

٢ - تقي الدين الفاسي في ( العقد الثمين ٢ / ٣٩٢ ).

٣ - السخاوي في ( الضوء اللامع ١٠ / ٧٩ ).

٤ - السيوطي في ( بغية الوعاة ١ / ٢٧٣ ).

٥ - الشوكاني في ( البدر الطالع ٢ / ٢٨٠ ).

٦ - طاش كبرى زاده في ( الشقائق النعمانية: ٢١ ).

وغيرهم ولنذكر طرفاً من عبارات بعضهم، قال طاش كبرى زاده في ذكر علماء الطبقة الرابعة ما ملخصه: « ومنهم المولى الفاضل صاحب القاموس، برع في العلوم كلها، سيما الحديث والتفسير واللغة، وله تصانيف كثيرة تنيف على

____________________

(١). نقد الصحيح.

١٩٩

أربعين مصنفاً، وكان سريع الحفظ، وكان يقول: لا أنام إلّا وأحفظ مائتي سطر، وكان كثير العلم والاطلاع على المعارف العجيبة، وبالجملة: كان آية في الحفظ والتصنيف ».

وقال الشوكاني ما ملخصه: « الامام الكبير، الماهر في اللغة وغيرها من الفنون ولد سنة ٧٢٩ بكازرون، وارتحل إلى العراق ودخل واسط، ثم دخل بغداد، ثم ارتحل الى دمشق، ودخل بعلبك وحماة وحلب والقدس، واستقر بالقدس نحو عشر سنين، ودرّس وتصدّر وظهرت فضائله وكثر الأخذ عنه، وتلمّذ له جماعة من الأكابر كالصلاح الصفدي وغيره، وجال في البلاد الشمالية والمشرقية، ودخل الروم والهند، ثم دخل اليمن، وكان زائد الحظ مقبولاً عند السّلاطين، فلم يدخل بلداً إلّا وأكرمه صاحبها، مع كثرة دخوله إلى الممالك، وله مصنفات كثيرة نافعة، وقد أخذ عند الأكابر في كلّ بلاد وصل اليه، ومن جملة تلامذته: الحافظ ابن حجر والمقريزي والبرهان الحلبي، ومات ممتعاً بسمعه وحواسه في ليلة عشرين من شوال سنة ٨١٢ ».

(٧٦)

إثبات إمام الدين الهجروي

وأثبت إمام الدين محمد الهجروي الإِيجي حديث مدينة العلم في كتاب ( أسماء النبي وخلفائه الأربعة ) على ما نقل عنه شهاب الدين أحمد في ( توضيح الدلائل ) حيث قال بعد ذلك بعض أسماء أمير المؤمنينعليه‌السلام وإيراد الهجروي المذكور لها: « ومنها باب مدينة العلم - عن عليرضي‌الله‌عنه قال قال رسول الله صلّى الله عليه وبارك وسلّم: أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأت من بابه، رواه الطبري من تخريج أبي عمرو، وأورده الامام الفقيه المذكور وقال كما في الحديث ».

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428