نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٠

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار0%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 428

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

مؤلف: السيد علي الحسيني الميلاني
تصنيف:

الصفحات: 428
المشاهدات: 331820
تحميل: 6369


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 428 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 331820 / تحميل: 6369
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء 10

مؤلف:
العربية

حديث مدينة العلم حيث قال:

« أخبرني الشيخ الصالح أحمد بن محمد بن محمد القزويني مشافهة بها، بروايته عن الامام أبي القاسم محمد بن عبد الكريم إجازة « ح » وأنبأني الشيخ العدل بهاء الدين محمد بن يوسف بن محمد بن يوسف بسماعي عليه بمسجد الربوة ظاهر مدينة دمشق، قال أنبأنا شيخ الشيوخ تاج الدين أبو محمد عبد الله بن عمر بن علي بن محمد بن حمويه الجويني إجازة، قالا أنبأنا شيخ الشيوخ سعد الدين أبو سعد عبد الواحد بن أبي الحسن علي بن محمد بن حمويه إجازة « ح » وأخبرنا الشيخ علي بن محمد بن أحمد بن محمد بن حمزة الثعلبي إجازة بروايتهما عن أبي بكر وجيه بن طاهر بن محمد الشحامي، قال أنبأنا شيخ الشيوخ أبو سعد قراءة عليه بنيسابور في سلخ شهر رمضان سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة أنبأنا أبو محمد الحسن بن أحمد الحافظ قال أنبأنا السيد أبو طالب حمزة بن محمد الجعفري قال أنبأنا محمد بن أحمد الحافظ قال أنبأنا أبو صالح الكرسي [ الكرابيسي ] أنبأنا صالح ابن أحمد قال أنبأنا أبو الصلت الهروي قال أنبأنا أبو معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس.

عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد بابها فليأت علياً »(١) .

وفي ( ينابيع المودة ) بعد أن أورده عن ابن المغازلي: « أيضاً: أخرج هذا الحديث موفق بن أحمد، والحمويني، والديلمي في الفردوس، وصاحب كتاب المناقب عن مجاهد عن ابن عباس »(٢) .

ترجمته:

١ - الذهبي: « وفيها قدم شيخ الشيوخ صدر الدين ابراهيم ابن الشيخ

____________________

(١). فرائد السمطين ١ / ٩٨.

(٢). ينابيع المودة: ٧٢.

١٨١

سعد الدين بن حمويه الجويني طالب حديث، فسمع الكثير، وروى لنا عن أصحاب المؤيد الطوسي، وأخبر ان ملك التتار غازان ابن ارغون أسلم على يده بواسطة نائبه نوروز، وكان يوماً مشهوداً »(١) .

٢ - الذهبي أيضاً حيث قال في ذكر شيوخه: « وسمعت من الامام المحدّث الأوحد الأكمل فخر الاسلام صدر الدين ابراهيم بن محمد بن المؤيد بن حمويه الخراساني الجويني شيخ الصوفية، قدم علينا طالب حديث، وروى لنا عن رجلين من أصحاب المؤيد الطوسي، وكان شديد الاعتناء بالرواية وتحصيل الأجزاء، على يده أسلم غازان الملك، مات سنة ٧٢٢، وله ثمان وسبعون سنة»(٢) .

٣ - اليافعي بمثل عبارة العبر(٣) .

٤ - الأسنوي: « كان إماماً في علوم الحديث والفقه، كثير الأسفار في طلب العلم، طويل المراجعة، مشهوراً بالولاية »(٤) .

وقد أوردنا هذه الكلمات وغيرها في مجلد ( حديث الطير ).

(٦٦)

إثبات نظام الأولياء البخاري

لقد أثبت - نظام الدين محمد بن أحمد بن علي البخاري المشهور على ألسنتهم بنظام الأولياء - حديث مدينة العلم، وصرّح بأنه من فضائل أمير المؤمنينعليه‌السلام وخصائصه، على ما نقل عنه عبد الرحمن الجشتي في ( مرآة الأسرار ) ذكر أحواله عليه الصلاة والسلام.

____________________

(١). العبر - حوادث: ٧٩٥.

(٢). تذكرة الحفاظ ٤ / ١٥٠٥.

(٣). مرآة الجنان - حوادث: ٧٢٢.

(٤). طبقات الشافعية ١ / ٢١٧.

١٨٢

ترجمته:

ترجم له كبار العرفاء في كتبهم المؤلفة في تراجم مشايخهم أمثال:

١ - عبد الرحمنالجامي في ( نفحات الأنس ٥٠٤ ).

٢ - مجد الدينالبدخشاني في ( جامع السلاسل - مخطوط ).

٣ - عبد الحق الدهلوي في ( أخبار الأخيار: ٥٦ ).

٤ - والد ( الدهلوي ) في ( الانتباه في سلاسل أولياء الله ).

(٦٧)

رواية أبي الحجّاج المزّي

لقد روى جمال الدين أبو الحجاج يوسف بن عبد الرحمن المزّي حديث مدينة العلم بترجمة الامامعليه‌السلام قائلاً:

« وروي أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأت من بابه »(١) .

وقد رواه أيضاً في الكتاب المذكور بترجمة أبي الصلت الهروي كما تقدم ويأتي.

ترجمته:

١ - الذهبي في ( تذكرة الحفاظ ٤ / ١٤٩٨ ) وغيره.

٢ - ابن الوردي في ( تتمة المختصر حوادث: ٧٤٢ ).

٣ - الأسنوي في ( طبقات الشافعية ٢ / ٤٦٤ ).

____________________

(١). تهذيب الكمال ٢٠ / ٤٨٥.

١٨٣

٤ - ابن شحنة في ( روضة المناظر حوادث ٧٤٢ ).

٥ - ابن حجر في ( الدرر الكامنة ٥ / ٢٣٣ ).

٦ - ابن تغري بردي في ( النجوم الزاهرة ١٠ / ٧٦ ).

٧ - السيوطي في ( طبقات الحفاظ ٥١٧ ).

٨ - الشوكاني في ( البدر الطالع ٢ / ٣٥٣ ).

٩ - صديق حسن خان في ( التاج المكلل ٤٧٥ ).

قالالسيوطي: « المزّي الامام العالم الحبر الحافظ الأوحد محدّث الشام تفقه قليلاً ثم أقبل على هذا الشأن، ورحل وسمع الكثير ونظر في اللغة ومهر فيها وفي التصريف وقرأ العربية، وأمّا معرفة الرجال فهو حامل لوائها، لم تر العيون مثله، صنف تهذيب الكمال والأطراف، وأملى مجالسه وأوضح مشكلات ومعضلات ما سبق إليها من علم الحديث ورجاله، وولى مشيخة دار الحديث الأشرفية، مات يوم السبت ثاني عشر صفر سنة ٧٤٢ ».

وقال الأسنوي ما ملخصه: « كان أحفظ أهل زمانه، لا سيّما الرجال المتقدمين وانتهت إليه الرحلة من أقطار الأرض لروايته ودرايته، وكان إماماً في اللغة والتصريف، ديّناً خيّراً منقبضاً عن الناس، طارحاً للتكلّف، فقيراً، صنف تهذيب الكمال في أسماء الرجال، وكتاب الأطراف ».

(٦٨)

رواية جمال الدين الزرندي

قال جمال الدين محمد بن يوسف الزرندي الأنصاري في ذكر ترتيب كتابه:

« فالسمط الأول مشتمل على فضائل جناب سيد المرسلين وخاتم النبيين ورسول رب العالمين محمد - عليه أفضل صلوات المصلّين - وشمائله وصفاته وما

١٨٤

خصه الله تعالى به من آياته ومعجزاته، وعلى مناقب ابن عمه وباب مدينة علمه أمير المؤمنين علي بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه »(١) .

ثم قال في القسم الثاني من السمط الأول: « القسم الثاني من السمط الأول في مناقب أمير المؤمنين وإمام المتقين، عين مناهج الحق واليقين ورأس الأولياء والصديقين، زوج فاطمة البتول قرة عين الرسول، ابن عمه وباب مدينة علمه، مؤازره وأخيه، وقرة عين صنو أبيه، المرتضى المجتبى الذي في الدنيا والآخرة إمام سيد. وفي ذات الله سبحانه وتعالى وإقامة دينه قوي أيد، ذي القلب العقول والاذن الواعية والهمة التي هي بالعهود والذمام وافية، يعسوب الدين وأخي رسول رب العالمين الليث القاهر والعقاب الكاسر والسيف البتور والبطل المنصور والضيغم الهصور والسيد الوقور والبحر المسجور والعلم المنشور، والعباب الزاخر الخضم والطود الشاهق الأشم، وساقي المؤمنين من الحوض بالاوفى والأتم، أسد الله الكرار، أبي الأئمة الأطهار. المشرّف بمزية من كنت مولاه فعلي مولاه، المؤيَّد بدعوة اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، كاسر الأنصاب وهازم الأحزاب، المتصدّق بخاتمه في المحراب، فارس ميدان الطعان والضراب، هزبر كلّ عرين وضرغام كلّ غاب، الذي كلّ لسان كلّ معتاب ومغتاب وبيان كل ذام ومرتاب عن قدح في قدح معاليه لنقاء جنابه عن كلّ ذم وعاب، المخصوص من الحضرة النبوية بكرامة الأخوة والانتخاب المنصوص عليه بأنه لدار الحكمة ومدينة العلم باب، وبفضله واصطفائه نزل الوحي ونزل [ نطق ] الكتاب، المكنى بأبي الريحانتين وأبي الحسن وأبي التراب »(٢) .

وقال: « فضيلة أخرى اعترف بها الأصحاب وابتهجوا، وسلكوا طريق الوفاق وانتهجوا: عن ابن عباس رضي الله عنهما: إن رسول الله صلّى الله عليه

____________________

(١). نظم درر السمطين: ٢٠.

(٢). نظم درر السمطين: ٧٧.

١٨٥

وسلّم قال: أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد بابها فليأت علياً »(١) .

وقال الزرندي في كتابه ( معارج الوصول ): « روى ابن عباس رضي الله عنهما: ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد بابها فليأت علياً »(٢) .

وقال الزرندي في كتابه ( الأعلام ) ما نصّه: « باب في خلافة أمير المؤمنين أبي الحسن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب الهاشميرضي‌الله‌عنه ، يجتمع مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في عبد المطلب، فهو ابن عمه وباب مدينة علمه ومؤازره ومؤاخيه وقرة عين صنو أبيه المخصوص من الحضرة النبوية بكرامة الاخوة والانتخاب والمنصوص عليه بأنه لدار الحكمة ومدينة العلم باب »(٣) .

الزرندي حجة

والزرندي من أكابر حفاظ أهل السنة، وقد أوردنا نصوص عباراتهم في الثناء عليه في مجلد ( حديث النور ).

وجاء في ( ذخيرة المآل ):

« هذا الذي قرّره الأجلة

والمقتضى ولازم الأدلة

وذلك أن أجلة العلماء لمـّا صرحت لهم الأدلة بهذه الخصوصيات لأهل البيت الشريف قرروا ذلك وحرروه، مثل: السيد علي السمهودي إمام أهل السنة في جواهره والحافظ الطبري الشافعي في ذخائره، والحجة الزرندي الشافعي في معارجه وشيخ الاسلام ابن حجر الشافعي في صواعقه، وجلال الدين السيوطي الشافعي في الثغور الباسمة في مناقب السيدة فاطمة، وإحياء الميت في ذكر أهل البيت، والسمطين في السبطين، وأسنى المطالب في فضائل علي بن أبي طالب ».

____________________

(١). المصدر: ١١٣.

(٢). معارج الوصول الى معرفة فضل آل الرسول - مخطوط.

(٣). الاعلام - مخطوط.

١٨٦

« الحجة » في الاصطلاح

قال الذهبي: « فأعلى العبارات في الرواة المقبولين: ثبت حجة، حافظ ثقة متقن ثقة، ثقة ثم ثقة، ثم صدوق، ولا بأس به، وليس به بأس، ثم محله الصدق وجيد الحديث، وصالح الحديث، وشيخ وسط، وشيخ، وحسن الحديث، وصدوق إن شاء الله، وصويلح، ونحو ذلك »(١) .

وقال: « والحافظ أعلى من المفيد في العرف، كما أن الحجة فوق الثقة »(٢) .

وقال العراقي: « قال ابن أبي حاتم وجدت الألفاظ في الجرح والتعديل على مراتب شتى، فاذا قيل للواحد: انه ثقة أو متقن فهو ممن يحتج بحديثه. قال ابن الصلاح: وكذا إذا قيل: ثبت أو حجة، وكذا إذا قيل في العدل: إنه حافظ أو ضابط. قال الخطيب: أرفع العبارات أن يقال: حجة أو ثقة »(٣) .

وقال السخاوي: « فكلام أبي داود يقتضي أن الحجة أقوى من الثقة، وذلك أن الآجري سأله عن سليمان بن بنت شرحبيل فقال: ثقة يخطئ كما يخطئ الناس. قال الآجري: فقلت: هو حجة؟ قال: الحجة أحمد بن حنبل. وكذا قال عثمان بن أبي شيبة في أحمد بن عبد الله بن يونس: ثقة وليس بحجة، وقال ابن معين في محمد بن إسحاق: ثقة وليس بحجة، وفي أبي أويس: صدوق وليس بحجة. وكأن لهذه النكتة قدمها الخطيب حيث قال: أرفع العبارات أن يقال: حجة أو ثقة»(٤) .

وقال القاري: « ثم الحافظ في اصطلاح المحدّثين من أحاط علمه بمائة ألف حديث متناً واسناداً، والطالب هو المبتدي الراغب فيه، والمحدّث والشيخ والامام هو الاستاذ الكامل، والحجة من أحاط علمه بثلاثمائة ألف حديث متناً وإسناداً،

____________________

(١). ميزان الاعتدال ١ / ٤.

(٢). تذكرة الحفاظ ٣ / ٩٧٩.

(٣). شرح ألفية الحديث للزين العراقي ٢ / ٤.

(٤). شرح ألفية الحديث للسخاوي ٣ / ٢١.

١٨٧

وأحوال رواته جرحاً وتعديلاً وتاريخاً، والحاكم هو الذي أحاط علمه بجميع الأحاديث المروية كذلك»(١) .

(٦٩)

تحسين صلاح الدين العلائي

لقد أثبت صلاح الدين أبو سعيد خليل بن كيكلدي العلائي الدمشقي الشافعي حديث مدينة العلم وذكر ما يشهد بصحته، فقد جاء في ( المقاصد الحسنة ) في الكلام على هذا الحديث ما نصه: « بل صرح العلائي بالتوقف في الحكم عليه بذلك، فقال: وعندي فيه نظر، ثمّ بيّن ما يشهد بصحّته، لكون أبي معاوية راوي حديث ابن عباس حدث به، فزال المحذور ممن هو دونه، قال: وأبو معاوية ثقة حافظ يحتج بافراده كابن عيينة وغيره، فمن حكم على الحديث مع ذلك بالكذب فقد أخطأ، قال: وليس هو من الألفاظ المنكرة التي تأباها العقول، بل هو كحديث أرحم أمتي بأمتي - يعني الماضي - وهو صنيع معتمد »(٢) .

وقال السيوطي: « قال الحافظ صلاح الدين العلائي - ومن خطّه نقلت - في أجوبته عن الأحاديث التي تعقبها السّراج القزويني على مصابيح البغوي وادعى انها موضوعة -: حديث أنا مدينة العلم وعلي بابها، قد ذكره أبو الفرج في الموضوعات من طرق عدة وجزم ببطلان الكل، وكذلك قال من بعده جماعة منهم الذهبي في الميزان وغيره، والمشهور بروايته أبو الصلت عبد السلام بن صالح الهروي عن أبي معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس مرفوعاً. وعبد السلام هذا تكلّموا فيه كثيراً: قال النسائي: ليس بثقة، وقال الدارقطني وابن عدي: متهم زاد الدارقطني: رافضي، وقال أبو حاتم: لم يكن عندي

____________________

(١). جمع الوسائل في شرح الشمائل ١ / ٧.

(٢). المقاصد الحسنة: ٩٧.

١٨٨

بصدوق، وضرب أبو زرعة على حديثه.

ومع ذلك فقد قال الحاكم: ثنا الأصم ثنا عباس - يعني الدوري - قال: سألت يحيى بن معين عن أبي الصلت، فقال: ثقة، فقلت: أليس قد حدّث عن أبي معاوية حديث أنا مدينة العلم؟ فقال: قد حدّث به محمد بن جعفر الفيدي وهو ثقة عن أبي معاوية. وكذلك روى صالح جزرة عن ابن معين، ثم ساقه الحاكم من طرق محمد بن يحيى بن الضريس وهو ثقة حافظ عن محمد بن جعفر الفيدي عن أبي معاوية قال العلائي: فقد برئ أبو الصلت عبد السلام من عهدته وأبو معاوية ثقة مأمون من كبار الشيوخ وحفّاظهم المتفق عليهم، وقد تفرّد به عن الأعمش فكان ما ذا. وأي استحالة في أن يقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مثل هذا في حق عليرضي‌الله‌عنه ؟

ولم يأت كلّ من تكلّم في هذا الحديث وجزم بوضعه بجواب عن هذه الروايات الصحيحة عن ابن معين.

ومع ذلك، فله شاهد رواه الترمذي في جامعه عن إسماعيل بن موسى الفزاري عن محمد بن عمر بن الرومي عن شريك بن عبد الله عن سلمة بن كهيل عن سويد بن غفلة عن أبي عبد الله الصنابحي عن علي مرفوعاً: أنا دار الحكمة وعلي بابها. ورواه أبو مسلم الكجي وغيره عن محمد بن عمر بن الرومي وهو ممن روى عنه البخاري في غير الصحيح وقد وثّقه ابن حبان وضعفه أبو داود، قال أبو زرعة فيه لين، وقال الترمذي بعد إخراج الحديث: هذا حديث غريب، وقد روى بعضهم هذا عن شريك ولم يذكر فيه الصنابحي ولا يعرف هذا عن أحد من الثقات غير شريك.

قال العلائي: فقد برئ محمد بن عمر بن الرومي من التفرد به، وشريك هو: ابن عبد الله النخعي القاضي، احتج به مسلم وعلّق له البخاري ووثقه يحيى ابن معين، وقال العجلي: ثقة حسن الحديث، وقال عيسى بن يونس: ما رأيت أحداً قط أورع في علمه من شريك، فعلى هذا يكون تفرده [ مفردة ] حسناً فكيف

١٨٩

إذا انضم إلى حديث أبي معاوية؟ ولا يرد عليه رواية من أسقط منه الصنابحي، لأن سويد بن غفلة تابعي مخضرم أدرك الخلفاء الأربعة، وسمع منهم، فذكر الصنابحي فيه من المزيد في متصل الأسانيد، ولم يأت أبو الفرج ولا غيره بعلة قادحة في حديث شريك، سوى دعوى الوضع دفعاً بالصدر. انتهى كلام الحافظ صلاح الدين العلائي »(١) .

وقد أورد السيوطي هذا الكلام في ( قوت المغتدى في شرح الترمذي ) أيضاً(٢) .

وقال في ( النكت البديعات ): « وتعقب الحافظ أبو سعيد العلائي على ابن الجوزي في هذا الحديث بفصل طويل سقته في الأصل وملخّصه، أن قال: هذا الحديث حكم ابن الجوزي وغيره بوضعه، وعندي في ذلك نظر، إلى أن قال: والحاصل إنه ينتهي بطرقه إلى درجة الحسن المحتج به، فلا يكون ضعيفاً فضلاً عن أن يكون موضوعاً ».

وتجد كلام العلائي المذكور في الكتب التالية أيضاً: ( الأحاديث المشتهرة للزركشي ) و ( الدرر المنتثرة للسيوطي ) و ( جواهر العقدين للسمهودي ) و ( السيرة الشامية ) و ( تنزيه الشريعة لابن عراق ) و ( تذكرة الفتني ) و ( المرقاة للقاري ) و ( فيض القدير للمناوي ) و ( حاشية المواهب اللدنية للشبرامِلسي ) و ( القول المستحسن ).

ترجمته:

١ - الذهبي في ( المعجم المختص: ٩٢ ).

٢ - الأسنوي في ( طبقات الشافعية ٢ / ٢٣٩ ).

٣ - ابن حجر في ( الدرر الكامنة ٢ / ١٧٩ ).

٤ - السيوطي في ( طبقات الحفاظ ٥٢٨ ).

٥ - العليمي في ( الانس الجليل ٢ / ١٠٦ ).

____________________

(١). اللآلي المصنوعة في الأحاديث الموضوعة ١ / ٣٣٢.

(٢). قوت المغتدى في شرح صحيح الترمذي.

١٩٠

٦ - الشوكاني في ( البدر الطالع ١ / ٢٤٥ ).

وهذه ترجمة الشوكاني له ملخصةً: « ولد في ربيع الأول سنة ٦٩٤، سمع على شرف الدين الفزاري وبرهان الدين الذهبي وابن عبد الدائم والقاسم بن عساكر، وجماعة كثيرة بلغوا إلى سبعمائة، ورحل إلى الأقطار، واشتغل قبل ذلك بالفقه والعربية، ومهر وصنّف التصانيف في الفقه والأصول والحديث.

قال ابن حجر في الدرر: إنه صنف كتباً كثيرة جدّاً سائرة مشهورة نافعة.

ووصفه الذهبي بالحفظ وقال: استحضر الرجال والعلل وتقدّم في هذا الشأن، مع صحة الذهن وسرعة الفهم.

وقال غيره: وكان إماماً في الفقه والنحو والأصول والحديث وفنونه حتى صار بقية الحفاظ، عارفاً بالرجال علّامة في المتون والأسانيد، ومصنفاته تنبئ عن إمامته في كلّ فن.

وقال الأسنوي: كان حافظ زمانه

مات سنة ٧٦١. ».

(٧٠)

رواية السيد علي الهمداني

لقد روى حديث مدينة العلم حيث قال: « عن جابررضي‌الله‌عنه قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها.

وعن ابن مسعود، وعن أنس مثل ذلك »(١) .

وقال في ( السبعين في فضائل أمير المؤمنين علي ): « الحديث الثاني والعشرون: قال جابر: أخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عضد علي وقال: هذا إمام البررة وقاتل الفجرة، مخذول من خذله، منصور من نصره، ثم مدّ صوته

____________________

(١). أنظر: ينابيع المودة: ٢٥٤.

١٩١

وقال: أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت الباب. رواه ابن المغازلي »(١) .

وقال في ( روضة الفردوس ): « الباب الأول يفتتح بما يروي باب مدينة العلم ومنبع الكرم والحلم صاحب المناقب علي بن أبي طالب كرم الله وجهه »(٢) .

وقال في الباب الحادي عشر الحاوي لما روي عن جابر: « وعنه قال قالعليه‌السلام : أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت الباب »(٣) .

وأرسله إرسال المسلّم في كتابه الآخر: ( مشارب الأذواق ).

ترجمته:

ترجم له كبار العلماء الاعيان والعرفاء الاعلام ذاكرين مدائحه العظيمة ومناقبه الكريمة، كما تقدّم في ( حديث الغدير ) وسيأتي في مجلَّد ( حديث التشبيه ) إنْ شاء الله تعالى.

(٧١)

إثبات نور الدين البدخشاني

وقد أثبته نور الدين جعفر بن سالار البدخشاني المعروف بأمير ملّا، خليفة السيد الهمداني المذكور، حيث نقل حديثاً عن الامامعليه‌السلام واصفاً إياه بـ « باب مدينة العلم ومنبع الكرم والحلم »(٤) .

____________________

(١). أنظر: ينابيع المودة: ٢٣٤.

(٢). روضة الفردوس - مخطوط.

(٣). المصدر نفسه.

(٤). خلاصة المناقب - مخطوط.

١٩٢

ترجمته:

١ - شاه ولي الله في ( الانتباه في سلاسل أولياء الله ).

٢ - مجد الدين البدخشاني في ( جامع السلاسل - مخطوط ).

(٧٢)

تحسين البدر الزركشي

لقد حكم بدر الدين محمد بن بهادر الزركشي الشافعي بأن حديث مدينة العلم « ينتهي إلى درجة الحسن المحتج به، ولا يكون ضعيفاً فضلاً عن كونه موضوعاً ».

وممن نقل عنه ذلك: المناوي(١) .

ترجمته:

١ - ابن قاضي شهبة: « محمد بن بهادر بن عبد الله، العالم العلامة المصنّف المحرّر بدر الدين أبو عبد الله المصري الزركشي، مولده سنة خمس وأربعين، وأخذ عن الشيخين جمال الدين الأسنوي وسراج الدين البلقيني، ورحل إلى حلب إلى الشيخ شهاب الدين الأذرعي وتخرج في الحديث بمغلطائي، وسمع الحديث بدمشق وغيرها.

قال بعض المؤرخين: كان فقيهاً، أصولياً، فاضلاً في جميع ذلك، ودرّس وأفتى، توفي في رجب سنة أربع وتسعين وسبعمائة »(٢) .

____________________

(١). فيض القدير شرح الجامع الصغير ٣ / ٤٧.

(٢). طبقات الشافعية ٢ / ٣١٩.

١٩٣

٢ - ابن حجر فذكر مشايخه ومصنفاته(١) .

٣ - السيوطي وقال: « أخذ عن الأسنوي ومغلطاي وابن كثير والاذرعي وغيرهم، وألّف تصانيف كثيرة في عدة فنون »(٢) .

٤ - الداودي: « الامام العالم العلامة المصنف المحرر وكان فقيهاً أصولياً مفسّراً، أديباً فاضلاً في جميع ذلك، ودرّس وأفتى »(٣) .

٥ - ( الدهلوي ) نفسه في ( بستان المحدثين ) حيث ذكر كتابه ( التنقيح لألفاظ الجامع الصحيح ). وقد ذكر مشايخه ومصنفاته وأثنى عليه.

(٧٣)

إثبات فخر الدين ابن مكانس

وقد أثبته فخر الدين عبد الرحمن بن عبد الرزاق بن ابراهيم بن مكانس القبطي المصري، حيث أورده في أبيات له امتدح بها أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فقد قال ابن حجة:

« وقد نقلت منه ما امتدح به أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه:

يا ابن عم النبي إن أناساً

قد توالوك بالسعادة فازوا

أنت للعلم في الحقيقة باب

يا إماماً وما سواك مجاز »(٤)

____________________

(١). الدرر الكامنة لابن حجر ٤ / ١٧.

(٢). حسن المحاضرة ١ / ٤٣٧.

(٣). طبقات المفسرين ٢ / ١٥٧.

(٤). خزانة الأدب لابن حجة الحموي: ٧٥، ٣٣٩.

١٩٤

ترجمته:

ترجم له ابن حجر العسقلاني بقوله:

« عبد الرحمن بن عبد الرزاق بن إبراهيم بن مكانس القبطي المصري فخر الدين، ولد في سلخ ذي الحجة سنة ٦٤٥، وكان أبوه من الكتاب في الدواوين فنشأ في ذلك، وكان له ذكاء، فتولع بالأدب فأخذ عن القيراطي وغيره، وصحب الشيخ بدر الدين البشتكي، ونظم الطريقة النباتية فأجاد مع قصور بين في العربية لكنه كان قوي الذهن، حسن الذوق، حاد النادرة، يتوقد ذكاء، وولي نظر الدولة وغيرها من المناصب بالقاهرة، وصودر مرة مع الصاحب كريم الدين أخيه، ثم ولي وزارة الشام فأقام بها مدة، ودخل إلى حلب صحبة الظاهر برقواق، وطارح فضلاء الشام في البلدين، ثم طلب من دمشق ليلي الوزارة بالديار المصرية فيقال إنه اغتيل بالسم وهو راجع، فوصل إلى بيته ميتاً، وذلك في ثاني عشر ذي الحجة سنة ٧٩٤ ولم يكمل خمسين سنة، اجتمعت به غير مرة، وسمعت منه شيئاً من الشعر »(١) .

(٧٤)

إثبات كمال الدين الدميري

وقال كمال الدين محمد بن موسى الدميري ما نصه: « ومناقبه رضي الله تعالى عنه كثيرة جدّاً، ويكفي منها قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها »(٢) .

____________________

(١). الدرر الكامنة ٢ / ٣٣٠.

(٢). حياة الحيوان للدميري ١ / ٥٥.

١٩٥

ترجمته:

١ - ابن قاضي شهبة قائلاً: « محمد بن موسى بن عيسى الدميري المصري كمال الدين، ولد في حدود الخمسين وتكسب بالخياطة، ثم خدم الشيخ بهاء الدين السبكي وأخذ عنه، وعن الشيخ جمال الدين الأسنوي وأثنى عليه ثناء كثيراً، وتخرج ومهر في الفنون وقال الشعر، وولي تدريس الحديث بالقبة الزكية بالقرب من باب النصر، وحج مراراً وجاور وتكلّم على الناس في جامع الظاهر بالحسينية، وكان ذا حظ من العبادة والتلاوة لا يفتر لسانه غالباً عنهما، وله شرح المنهاج في أربع مجلدات ضمّنه فوائد كثيرة خارجة عن الفقه، والديباجة في شرح سنن ابن ماجة في أربع مجلدات، وجمع كتاباً سماه حياة الحيوان أجاد فيه ذكر فيه جملاً من الفوائد الطبيّة والخواص والأدبية والحديثية وغير ذلك، وله خطب مدونة جمعيّة ووعظية.

وقال الحافظ شهاب الدين ابن حجر في المعجم: وكان له حظ من العبادة تلاوة وصياماً ومجاورة بمكة والمدينة، واشتهرت عنه كرامات واخبار بأمور مغيبات يسندها إلى المنامات تارة وإلى بعض الشيوخ أخرى، وغالب الناس يعتقد انه يقصد بذلك الستر. توفي في جمادى الآخرة سنة ثمان وثمانمائة »(١) .

٢ - تقي الدين الفاسي فذكر شيوخه ومصنفاته، وذكر كتاب ( حياة الحيوان ) وقال « وهو كتاب نفيس وقد اختصرته » وذكر أنه « لما رآه الشيخ بهاء الدين السبكي أهلاً للتدريس والفتوى تكلم له مع جدي القاضي كمال الدين أبي الفضل النويري في أن يجيز له ذلك ففعل » قال: « وبرع في التفسير والحديث والفقه وأصوله والعربية والأدب »(٢) .

٣ - شمس الدين السخاوي ترجمة مطولة نلخصها في ما يلي بلفظه: « وصفه

____________________

(١). طبقات الشافعية ٢ / ٣٩٠.

(٢). العقد الثمين في تاريخ بلد الله الامين ٢ / ٣٧٢.

١٩٦

الزيلعي في الطبقة بالفاضل كمال الدين كمال، وبرع في التفسير والحديث والفقه وأصوله والعربية والأدب وغيرها. وأذن له بالافتاء والتدريس وتصدى للاقراء، انتفع به جماعة، وكتب على ابن ماجة شرحاً عظم الانتفاع به، وحياة الحيوان وهو نفيس أجاده وأكثر فوائده.

وقد ترجمه التقي الفاسي في تاريخ مكة، وذكره شيخنا في أنبائه فقال: مهر في الفقه والأدب والحديث وشارك في الفنون، ودرس للمحدثين بقبة بيبرس وفي عدة أماكن، ووعظ فأفاد وخطب فأجاد، وكان ذا حظ من العبادة تلاوة وصياماً ومجاورة بالحرمين، ويذكر عنه كرامات كان يخفيها وربما أظهرها وأحالها على غيره »(١) .

٤ - جلال الدين السيوطي وقال: « مهر في الأدب ودرس الحديث بقبة بيبرس، وله تصانيف منها شرح المنهاج والمنظومة الكبرى وحياة الحيوان، واشتهرت عنه كرامات وأخبار بأمور مغيبات »(٢) .

(٧٥)

إثبات مجد الدين الفيروزآبادي

وقال مجد الدين محمد بن يعقوب الشيرازي الفيروزآبادي ما نصه: - « حديث أنا مدينة العلم وعلي بابها ذكره أبو الفرج ابن الجوزي في الموضوعات من عدة طرق، وجزم ببطلان الكل، وقال مثل ذلك جماعة. وعندي في ذلك نظر كما سنبينه.

والمشهور بروايته أبو الصلت عبد السلام بن صالح الهروي عن أبي معاوية

____________________

(١). الضوء اللامع بأعيان القرن التاسع ١٠ / ٥٩ - ٦٢.

(٢). حسن المحاضرة ١ / ٣٣٠.

١٩٧

محمد بن خازم الضرير عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباسرضي‌الله‌عنه ، وعبد السلام هذا ضعّفوه جدّاً واتّهم بالرفض وهو مع ذلك صدوق، و قد روى عباس بن محمد الدوري في سؤالاته عن يحيى بن معين أنه سأله عن أبي الصلت هذا فوثّقه، فقال: أليس قد حدّث عن أبي معاوية حديث أنا مدينة العلم وعلي بابها؟ فقال: قد حدث به عن أبي معاوية محمد بن جعفر الفيدي، وكذلك روى صالح بن محمد الحافظ وأحمد بن محمد بن محرز عن يحيى بن معين أيضاً، وفي رواية ابن محرز قال يحيى: هذا الحديث هو من حديث أبي معاوية، أخبرني ابن نمير قال: حدّث به أبو معاوية قديماً ثم كفّ عنه، وأبو الصلت الهروي كان رجلا موسرا يطلب هذه الأحاديث ويكرم المشايخ، يعني: فخصّه أبو معاوية بهذا الحديث.

فقد برئ عبد السلام عن عهدة هذا الحديث من الألفاظ المنكرة التي تأباها العقول، بل هو مثل قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : في حديث أرأف أمتي بأمتي أبوبكر الحديث.

وقد حسّنه الترمذي وصحّحه غيره، ولم يأت من تكلم على حديث أنا مدينة العلم بجواب عن هذه الروايات الثابتة عن يحيى بن معين، والحكم بالوضع عليه باطل قطعاً، وإنما سكت أبو معاوية عن روايته شائعاً لغرابته لا لبطلانه، إذ لو كان كذلك لم يحدث به أصلاً مع حفظه واتقانه.

وللحديث طريق آخر رواه الترمذي في جامعه عن اسماعيل بن موسى الفزاري، عن محمد بن عمر الرومي عن شريك بن عبد الله عن سلمة بن كهيل عن سويد بن غفلة عن أبي عبد الله الصنابحي عن عليرضي‌الله‌عنه : إن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: أنا دار الحكمة وعلي بابها، وتابعه أبو مسلم الكجي وغيره على روايته عن محمد بن عمر الرومي، ومحمد هذا روى عنه البخاري في غيره الصحيح، ووثقه ابن حبان وضعّفه أبو داود، وقال الترمذي بعد سياق الحديث: هذا حديث غريب وقد روى بعضهم هذا عن شريك ولم يذكروا فيه

١٩٨

الصنابحي، قال: ولا نعرف هذا عن أحد من الثقات غير شريك.

قلت: فلم يبق الحديث من أفراد محمد الرومي، وشريك هذا احتج به مسلم وعلق له البخاري، ووثّقه ابن معين والعجلي وزاد حسن الحديث، وقال عيسى بن يونس: ما رأيت أحداً قط أورع في علمه من شريك، فعلى هذا يكون مفردة حسناً ولا يرد عليه رواية من أسقط الصنابحي منه، لأن سويد بن غفلة تابعي مخضرم، روى عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم، وسمع منهم فيكون ذكر الصنابحي من باب المزيد في متصل الأسانيد.

والحاصل: إن هذا الحديث ينتهي بمجموع طريقي أبي معاوية وشريك إلى درجة الحسن المحتج به، ولا يكون ضعيفاً فضلاً عن أن يكون موضوعاً، ولم أجد لمن ذكره في الموضوعات طعناً مؤثراً في هذين السندين، وبالله التوفيق »(١) .

وقد أورد الشيخ عبد الحق الدهلوي هذه العبارة في ( اللمعات في شرح المشكاة ) كما ستعرف فيما بعد ان شاء الله تعالى.

ترجمته:

١ - ابن قاضي شهبة في ( طبقات الشافعية ٢ / ٣٩١ ).

٢ - تقي الدين الفاسي في ( العقد الثمين ٢ / ٣٩٢ ).

٣ - السخاوي في ( الضوء اللامع ١٠ / ٧٩ ).

٤ - السيوطي في ( بغية الوعاة ١ / ٢٧٣ ).

٥ - الشوكاني في ( البدر الطالع ٢ / ٢٨٠ ).

٦ - طاش كبرى زاده في ( الشقائق النعمانية: ٢١ ).

وغيرهم ولنذكر طرفاً من عبارات بعضهم، قال طاش كبرى زاده في ذكر علماء الطبقة الرابعة ما ملخصه: « ومنهم المولى الفاضل صاحب القاموس، برع في العلوم كلها، سيما الحديث والتفسير واللغة، وله تصانيف كثيرة تنيف على

____________________

(١). نقد الصحيح.

١٩٩

أربعين مصنفاً، وكان سريع الحفظ، وكان يقول: لا أنام إلّا وأحفظ مائتي سطر، وكان كثير العلم والاطلاع على المعارف العجيبة، وبالجملة: كان آية في الحفظ والتصنيف ».

وقال الشوكاني ما ملخصه: « الامام الكبير، الماهر في اللغة وغيرها من الفنون ولد سنة ٧٢٩ بكازرون، وارتحل إلى العراق ودخل واسط، ثم دخل بغداد، ثم ارتحل الى دمشق، ودخل بعلبك وحماة وحلب والقدس، واستقر بالقدس نحو عشر سنين، ودرّس وتصدّر وظهرت فضائله وكثر الأخذ عنه، وتلمّذ له جماعة من الأكابر كالصلاح الصفدي وغيره، وجال في البلاد الشمالية والمشرقية، ودخل الروم والهند، ثم دخل اليمن، وكان زائد الحظ مقبولاً عند السّلاطين، فلم يدخل بلداً إلّا وأكرمه صاحبها، مع كثرة دخوله إلى الممالك، وله مصنفات كثيرة نافعة، وقد أخذ عند الأكابر في كلّ بلاد وصل اليه، ومن جملة تلامذته: الحافظ ابن حجر والمقريزي والبرهان الحلبي، ومات ممتعاً بسمعه وحواسه في ليلة عشرين من شوال سنة ٨١٢ ».

(٧٦)

إثبات إمام الدين الهجروي

وأثبت إمام الدين محمد الهجروي الإِيجي حديث مدينة العلم في كتاب ( أسماء النبي وخلفائه الأربعة ) على ما نقل عنه شهاب الدين أحمد في ( توضيح الدلائل ) حيث قال بعد ذلك بعض أسماء أمير المؤمنينعليه‌السلام وإيراد الهجروي المذكور لها: « ومنها باب مدينة العلم - عن عليرضي‌الله‌عنه قال قال رسول الله صلّى الله عليه وبارك وسلّم: أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأت من بابه، رواه الطبري من تخريج أبي عمرو، وأورده الامام الفقيه المذكور وقال كما في الحديث ».

٢٠٠