نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٠

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار13%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 428

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 428 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 362558 / تحميل: 7746
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٠

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

القرآن في أعلى درجة من الادميين ما خلا النبيين من المرسلين ، و لا تستضعفوا أهل القرآن حقوقهم فان لهم من اللّه العزيز الجبار لمكانا عليا .

« و لا تسألوا به خلقه انّه ما توجّه العباد إلى اللّه بمثله » في ( الكافي ) عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ان أحق الناس بالتخشع في السرّ و العلانية لحامل القرآن و ان أحقّ الناس في السر و العلانية بالصلاة و الصوم لحامل القرآن ثم نادى بأعلى صوته : يا حامل القرآن ، تواضع به يرفعك اللّه ، و لا تعزز به فيذلّك اللّه ، يا حامل القرآن تزيّن به للّه يزينك اللّه به ، و لا تزين به للناس فيشينك اللّه به إلى أن قال : و من أوتي القرآن فظن أن أحداً من الناس أوتي أفضل ممّا أوتي فقد عظم ما حقّر اللّه و حقّر ما عظّم اللّه .

« و اعلموا انّه شافع و مشفع و قائل و مصدق » هكذا في ( المصرية ) ،

و الصواب : ( شافع مشفع و قائل مصدق ) بدون و او في الموضعين كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية ) .

قال ابن أبي الحديد قال ابن ميثم استعارعليه‌السلام لفظي ( الشافع ) و ( المشفع ) و وجه الاستعارة كون تدبره و العمل بما فيه ماحيا لمّا يعرض للنفس من الهيئات الردية من المعاصي و ذلك مستلزم لمحو غضبه كما يمحو الشفيع المشفع أثر الذنب عن قلب المشفوع إليه ، و كذلك لفظ ( القائل المصدق ) و وجه الاستعارة كونه ذا ألفاظ إذا نطق بها لا يمكن تكذيبها .

ثم قال الخوئي لا يجوز حمل الكلام على المجاز ما دام إمكان الحمل على الحقيقة و يدلّ على كونه على الحقيقة ما في ( الكافي ) عن سعد الخفاف عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : تعلّموا القرآن فان القرآن يأتي يوم القيامة في أحسن صورة نظر إليها الخلق و الناس عشرون و مائة ألف صف ، ثمانون ألف من أمة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله و أربعون ألف من ساير الأمم ، فيأتي على صف المسلمين في

٤١

صورة رجل مسلم فينظرون إليه ثم يقولون لا إله إلاّ اللّه الحليم الكريم ، ان هذا الرجل من المسلمين نعرفه بنعته و صفته غير انّه كان أشدّ اجتهادا منّا في القرآن الخبر .

و عن يونس بن عمّار عن الصادقعليه‌السلام قال ان الدواوين يوم القيامة ثلاثة : ديوان فيه النعم ، و ديوان فيه الحسنات ، و ديوان فيه السيئات ، فيقابل بين ديوان النعم و ديوان الحسنات فيستغرق النعم عامة الحسنات ، و يبقى ديوان السيئات فيدعى بابن آدم المؤمن للحساب فيتقدّم القرآن أمامه في أحسن صورة فيقول : يا ربّ أنا القرآن و هذا عبدك المؤمن قد كان يتعب نفسه بتلاوتي و يطيل ليله بترتيلي و تفيض عيناه إذا تهجد ، فارضه كما أرضاني فيقول تعالى : ابسط يمينك فيملأها من رضوان اللّه و يملأ شماله من رحمة اللّه ،

ثم يقال : هذه الجنّة مباحة لك فاقرأ و اصعد درجة .

و عن إسحاق بن غالب عنهعليه‌السلام قال إذا جمع اللّه تعالى الأولين و الآخرين هم بشخص لم يرقط أحسن صورة منه ، فإذا نظر إليه المؤمنون و هو القرآن قالوا : هذا منّا هذا أحسن شي‏ء رأيناه ، حتى إذا انتهى إليهم جازهم ثم ينظر إليه الشهداء حتى إذا انتهى إلى آخرهم جازهم فيجوزهم كلّهم حتى إذا انتهى إلى المرسلين فيقولون : هذا القرآن فيجوزهم حتى ينتهي إلى الملائكة فيقولون هذا القرآن فيجوزهم ثم ينتهي حتى يقف عن يمين العرش فيقول الجبار و عزتي و جلالي ، و ارتفاع مكاني لأكرمنّ اليوم من أكرمك و لأهينن من أهانك .

و عن الفضيل بن يسار عنهعليه‌السلام قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : تعلموا القرآن فانّه يأتي صاحبه يوم القيامة في صورة شاب جميل شاحب اللون ، فيقول له : أنا القرآن الذي كنت أسهرت ليلك ، و أظمأت هو اجرك ، و أجففت ريقك ، و أسلت

٤٢

دمعتك الخبر قلت حمل الأخبار الأربعة على الاستعارة أيضا جائزة و ان كان خلاف الظاهر ، و يشهد له ما في آخر الأول قال سعد : قلت يا أبا جعفر ، و هل يتكلّم القرآن ؟ فتبسّمعليه‌السلام ثم قال : رحم اللّه الضعفاء من شيعتنا انّهم أهل تسليم ، ثم قال نعم و الصلاة تتكلّم ، و لها صورة و خلق تأمر و تنهى .

قال سعد : فتغيّر لذلك لوني ، و قلت هذا شي‏ء لا أستطيع التكلّم به في الناس فقالعليه‌السلام : و هل الناس إلاّ شيعتنا فمن لم يعرف الصلاة فقد أنكر حقّنا ثم قال : يا سعد اسمعك كلام القرآن ؟ فقلت بلى فقال : .ان الصلاة تنهى عن الفحشاء و المنكر و لذكر اللّه أكبر . . ١ فالنهي كلام و الفحشاء رجال و نحن ذكر اللّه و نحن أكبر .

و كذلك ما مر في آخر الثاني ( يقول تعالى : ابسط يمينك فيملأها من رضوان اللّه ) فانّه معلوم كون هذا استعارة و الحمل على لسان الحال كما في قوله تعالى :. . فقال لها و للأرض إئتيا طوعاً أو كرهاً قالتا أتينا طائعين ٢ غير بعيد .

« فانّه من شفع له القرآن يوم القيامة شفع فيه و من محل به القرآن » من ( محل به إلى السلطان ) إذا سعى به إليه .

« يوم القيامة صدق عليه » و شفاعة القرآن شفاعة صاحبه و محله محله .

و قال الرسول يا رب ان قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا ٣ .

و في ( تاريخ بغداد ) ، كتب منصور السلمي إلى بشر المريسي الكلام في

____________________

( ١ ) العنكبوت : ٤٥ .

( ٢ ) فصلت : ١١ .

( ٣ ) الفرقان : ٣٠ .

٤٣

القرآن خالق أو مخلوق بدعة اشترك فيها السائل و المجيب ، فتعاطى السائل ما ليس له و تكلّف المجيب ما ليس عليه و ما أعلم خالقا إلاّ اللّه ، و ما دونه مخلوق و لو كان القرآن خالقا لم يكن للذين دعوه إلى اللّه شافعا و لا بالذين ضيّعوه ما حلا فانته في القرآن إلى أسمائه التي سمّاه اللّه بها و لا تسّم القرآن باسم من عندك .

« فانه ينادي مناد يوم القيامة الا ان كلّ حارث مبتلى في حرثه و عاقبة عمله غير حرثة القرآن فكونوا من حرثته و اتباعه » اما ابتلاء غير حرثة القرآن فواضح حتى بالنسبة إلى نكاح النساء للأولاد فقال تعالىنساؤكم حرث لكم فاتوا حرثكم أنّى شئتم . . ١ و قال :. ان من أزواجكم و أولادكم عدوّاً لكم . . ٢ و قال :انما أموالكم و أولادكم فتنة . . ٣ و اما حرثة القرآن فهم حرثة الآخرة و في سورة الشورى الآية من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه و من كان يريد حرث الدنيا نؤته منها و ماله في الآخرة من نصيب ٤ .

و من حرث الدنيا الحرث و باقي مستمتعاتها ، قال تعالى :زيّن للناس حبّ الشهوات من النساء و البنين و القناطير المقنطرة من الذهب و الفضة و الخيل المسوّمة و الأنعام و الحرث ذلك متاع الحياة الدنيا و اللّه عنده حسن المآب ٥ و من حرث القرآن ، ما قال تعالى بعده :قل ءأنبئكم بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها و أزواج

____________________

( ١ ) البقرة : ٢٢٣ .

( ٢ ) التغابن : ١٤ .

( ٣ ) التغابن : ١٥ .

( ٤ ) الشورى : ٢٠ .

( ٥ ) آل عمران : ١٤ .

٤٤

مطهّرة و رضوان من اللّه و اللّه بصير بالعباد ١ .

هذا و في ( الأغاني ) ، قال ابن عياش كان الشعبي زوج اخت أعشى همدان و كان أعشى زوج اخت الشعبي فأتاه أعشى يوما و كان أحد القرّاء للقرآن فقال له : اني رأيت كأني أدخلت بيتا فيه حنطة و شعير ، و قيل لي : خذ أيّهما شئت فأخذت الشعير ، فقال : ان صدقت رؤياك تركت القرآن و قراءته ، و قلت الشعر فكان كما قال .

« و استدلوه » أي : اجعلوه دليلا .

« على ربكم و استنصحوه » أي : اجعلوه ناصحا .

« على أنفسكم و اتهموا عليه اراءكم » في قباله .

روى العياشي عن أبي جعفرعليه‌السلام : ليس شي‏ء أبعد من عقول الرجال من تفسير القرآن ان الآية ينزل أوّلها في شي‏ء و آخرها في شي‏ء و زاد في خبر آخر و هو كلام متصل ينصرف على وجوه .

« و استغشوا فيه أهواءكم » أي : احكموا على أهوائكم المخالفة لها بالغش .

روى الصدوق عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : لعن اللّه المجاهدين في دين اللّه على لسان سبعين نبيا و من جادل في آيات اللّه فقد كفر ، قال عز و جل :ما يجادل في آيات اللّه إلاّ الذين كفروا فلا يغررك تقلبهم في البلاد ٢ و من فسر القرآن برأيه فقد افترى على اللّه الكذب إلى أن قال الراوي عبد الرحمان بن سمرة فقلت : يا رسول اللّه ارشدني إلى النجاة فقال : يا ابن سمرة إذا اختلفت الأهواء و تفرّقت الآراء فعليك بعلي بن أبي طالب٣ الخبر .

____________________

( ١ ) آل عمران : ١٥ .

( ٢ ) المؤمن : ٤ .

( ٣ ) ذكره المجلسي في بحار الأنوار ٣٦ : ٢٢٧ رواية ٣ .

٤٥

٦ الخطبة ( ١٧١ ) قال في تلك الخطبة :

وَ إِنَّ اَللَّهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَعِظْ أَحَداً بِمِثْلِ هَذَا ؟ اَلْقُرْآنِ ؟ فَإِنَّهُ حَبْلُ اَللَّهِ اَلْمَتِينُ وَ سَبَبُهُ اَلْأَمِينُ وَ فِيهِ رَبِيعُ اَلْقَلْبِ وَ يَنَابِيعُ اَلْعِلْمِ وَ مَا لِلْقَلْبِ جِلاَءٌ غَيْرُهُ مَعَ أَنَّهُ قَدْ ذَهَبَ اَلْمُتَذَكِّرُونَ وَ بَقِيَ اَلنَّاسُونَ أَوِ اَلْمُتَنَاسُونَ « و ان اللّه سبحانه لم يعظ أحدا بمثل هذا القرآن »لو أنزلنا هذا القرآن على جبلٍ لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية اللّه . . ١ .

« فانّه حبل اللّه المتين » روى أحمد بن حنبل في مسنده ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : اني تارك فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدي ، أحدهما أكبر من الآخر كتاب اللّه حبل ممدود من السماء إلى الأرض و عترتي أهل بيتي ، و انهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض »٢ .

و روى الثعلبي في تفسير قوله تعالى :و اعتصموا بحبل اللّه جميعاً . . ٣ عن أبي سعيد عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : أيها الناس قد تركت فيكم الثقلين خليفتين ان أخذتم بهما لن تضلوا بعدي ، أحدهما أكبر من الآخر كتاب اللّه حبل ممدود من السماء إلى الأرض٤ الخبر .

« و سببه » أي : واسطته .

« الأمين و فيه ربيع القلب »اللّه نزل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً مثانى تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم و قلوبهم

____________________

( ١ ) الحشر : ٢١ .

( ٢ ) مسند الامام أحمد بن حنبل ٣ : ١٤ ، دار صادر بيروت .

( ٣ ) آل عمران : ١٠٣ .

( ٤ ) تكرر الكلام في الصفحة ( ٢١ ) .

٤٦

إلى ذكر اللّه . . ١ .

« و ينابيع العلم » .ما فرطنا في الكتاب من شي‏ء . . ٢ .تبياناً لِكلِّ شي‏ء قل لئن اجتمعت الانس و الجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله و لو كان بعضهم لبعض ظهيرا . . ٣ .

« و ما للقلب جلاء غيره » و ما ورد عنهمعليهم‌السلام من أن أحاديثنا جلاء لقلوبكم لا ينافي كلامهعليه‌السلام إذ جميع أحاديثهم مأخوذة من القرآن قال الباقرعليه‌السلام لأبي الجارود : إذا حدثتكم بشي‏ء فاسألوني أين هو من كتاب اللّه ثم قال في بعض حديثه : ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن القيل و القال ، و فساد المال و كثرة السؤال فقيل له أين هذا من كتاب اللّه ؟ قال : قال عز و جل :لا خير في كثير من نجواهم إلاّ من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس . . ٤ و لا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل اللّه لكم قياما . . ٥ . . لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم . . ٦ .

« مع انّه قد ذهب المتذكرون »و لقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدّكر ٧ .

« و بقى الناسون أو المتناسون »و لا تكونوا كالذين نسوا اللّه فأنساهم أنفسهم . . ٨ .

____________________

( ١ ) الزمر : ٢٣ .

( ٢ ) الانعام : ٣٨ .

( ٣ ) الاسراء : ٨٨ .

( ٤ ) النساء : ١١٤ .

( ٥ ) النساء : ٥ .

( ٦ ) المائدة : ١٠١ .

( ٧ ) القمر : ١٧ .

( ٨ ) الحشر : ١٩ .

٤٧

٧ في الخطبة ( ١٧٨ ) منها في ذكر القرآن :

فَالْقُرْآنُ ؟ آمِرٌ زَاجِرٌ وَ صَامِتٌ نَاطِقٌ حُجَّةُ اَللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ أَخَذَ عَلَيْهِ مِيثَاقَهُ وَ اِرْتَهَنَ عَلَيْهِمْ أَنْفُسَهُمْ أَتَمَّ نُورَهُ وَ أَكْمَلَ بِهِ دِينَهُ وَ قَبَضَ نَبِيَّهُ ص وَ قَدْ فَرَغَ إِلَى اَلْخَلْقِ مِنْ أَحْكَامِ اَلْهُدَى بِهِ « فالقرآن آمر » بالمعروف .

« زاجر » عن المنكر .

كتاب فصلت آياته قرآناً عربياً لقوم يعلمون بشيراً و نذيراً . . ١ الحمد للّه الذي أنزل على عبده الكتاب و لم يجعل له عوجاً قيّماً لينذر بأساً شديداً من لدنه و يبشّر المؤمنين الذين يعملون الصالحات ان لهم أجراً حسناً ماكثين فيه أبداً و ينذر الذين قالوا اتخذ اللّه ولدا . . ٢ .

« صامت ناطق »ان هذا القرآن يقصّ على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون ٣ .

قال ابن أبي الحديد جعلهعليه‌السلام صامتا ناطقا لأنّه من حيث هو حروف و أصوات صامت إذ كان الغرض يستحيل أن يكون ناطقا لأن النطق حركة الأداة بالكلام ، و الكلام يستحيل أن يكون ذا أداة ينطق بالكلام و هو من حيث انه يتضمن الأخبار و الأمر و النهي و النداء و غير ذلك من أقسام الكلام كالناطق لأن الفهم يقع عنده ، و هذا من باب المجاز كما تقول هذه الربوع

____________________

( ١ ) فصلت : ٣ ٤ .

( ٢ ) الكهف : ١ ٤ .

( ٣ ) النمل : ٧٦ .

٤٨

الناطقة و اخبرتني الديار بعد رحيلهم بكذا و تبعه الخوئي .

قلت ما ذكره خبط ، فانما مرادهعليه‌السلام بالقرآن المصحف و المصحف خط و الخط صامت و من قرأه ينطق عنه فكانه هو الناطق و يشهد له قولهعليه‌السلام في الاحتجاج على الخوارج .

في ١٢١ ١ « انّا لم نحكم الرجال و انما حكّمنا القرآن ، و هذا القرآن انما هو خط مسطور بين الدفتين ، لا ينطق بلسان و لا بد له من ترجمان و انما ينطق عنه الرجال » .

كما ان تمثيله بقولهم ( الربوع الناطقة ) و مثله أيضا بلا ربط ، لأن ذلك لسان الحال و القرآن لسان القائل .

« حجّة اللّه على خلقه »و هذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه و اتقوا لعلّكم ترحمون ان تقولوا انما انزل الكتاب على طائفتين من قبلنا و ان كنّا عن دراستهم لغافلين أو تقولوا لو انا أنزل علينا لكنّا أهدى منهم فقد جاءكم بيّنة من ربكم و هدىً و رحمة . . ١ « أخذ عليهم ميثاقه ». . فخلف من بعدهم خلف و رثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى و يقولون سيغفر لنا و ان يأتهم عرض مثله يأخذوه ألم يأخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على اللّه إلاّ الحق و درسوا ما فيه . . ٢ .

و إذ أخذ اللّه ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننّه للناس و لا تكتمونه فنبذوه و راء ظهورهم و اشتروا به ثمناً قليلاً فبئس ما يشترون ٣ .

« و ارتهن عليه أنفسهم » حيث ألزمهم العمل به .

____________________

( ١ ) الانعام : ١٥٥ ١٥٦ .

( ٢ ) الاعراف : ١٦٩ .

( ٣ ) آل عمران : ١٨٧ .

٤٩

« أتمّ نوره » هكذا في النسخ ، و عليه فالمعنى ( أتمّ اللّه نور القرآن ) و لكن الظاهر ان الأصل ( أتمّ به نوره ) أي أتمّ اللّه به نور نفسه بقرينة ما بعده قال تعالى :يريدون أن يطفؤا نور اللّه بأفواههم و يأبى اللّه الا أن يتمّ نوره و لو كره الكافرون ١ .

« و أكمل » هكذا في ( المصرية ) ، و لكن في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم ) ( و أكرم ) .

« به دينه » .فانه نزّله على قلبك باذن اللّه مصدقاً لما بين يديه و هدىً و بشرى للمؤمنين ٢ .

« و قبض نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله و قد فرغ إلى الخلق من أحكام » بالكسر .

« الهدى به » أي : جعل الهدى محكماً بالقرآن .

روى ابن سعد في ( طبقاته ) عن عايشة قالت : كنت جالسة عند النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فجاءت فاطمة تمشي كأن مشيتها مشية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال مرحبا بابنتي فأجلسها عن يمينه أو عن شماله ثم أسرّ إليها شيئا فبكت ، ثم أسرّ إليها فضحكت ، قالت قلت ما رأيت ضحكا أقرب من بكاء استخصك النبي بحديثه ثم تبكين ، قلت : أي شي‏ء أسر إليك ؟ فقالت ما كنت لأفشي سرّه فلمّا قبضصلى‌الله‌عليه‌وآله سألتها ، فقالت قال : ان جبرئيل كان يأتيني كلّ عام فيعارضني بالقرآن مرّة و انّه أتاني اليوم فعارضني مرتين ، و لا أظنّ إلاّ أجلي قد حضر و نعم السلف أنا لك .

قال ابن أبي الحديد ذكرعليه‌السلام ان اللّه قبض رسوله و قد فرغ إلى الخلق

____________________

( ١ ) التوبة : ٣٢ .

( ٢ ) البقرة : ٩٧ .

٥٠

بالقرآن من الاكمال و الاتمام لقوله تعالى : .اليوم أكملت لكم دينكم . . ١ قلت انما يتمّ هذا الكلام على مذهب الامامية القائلين بكون الامام قيم القرآن ،

و إلاّ فكيف فرغ بالقرآن مع الاكمال مع هذه الاختلافات و تفسير كلّ فرقة للقرآن على مشربها .

٨ في الخطبة ( ١٥١ ) وَ عَلَيْكُمْ بِكِتَابِ اَللَّهِ

فَإِنَّهُ اَلْحَبْلُ اَلْمَتِينُ وَ اَلنُّورُ اَلْمُبِينُ وَ اَلشِّفَاءُ اَلنَّافِعُ وَ اَلرِّيُّ اَلنَّاقِعُ وَ اَلْعِصْمَةُ لِلْمُتَمَسِّكِ وَ اَلنَّجَاةُ لِلْمُتَعَلِّقِ لاَ يَعْوَجُّ فَيُقَامَ وَ لاَ يَزِيغُ فَيُسْتَعْتَبَ وَ لاَ يُخْلِقُهُ كَثْرَةُ اَلرَّدِّ وَ وُلُوجُ اَلسَّمْعِ مَنْ قَالَ بِهِ صَدَقَ وَ مَنْ عَمِلَ بِهِ سَبَقَ « و عليكم بكتاب اللّه فانّه الحبل المتين » روى الثعلبي في تفسير :

و اعتصموا بحبل اللّه جميعاً و لا تفرّقوا . . ٢ بأسانيد عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال :

أيها الناس قد تركت فيكم الثقلين خليفتين ، ان أخذتم بهما لن تضلوا بعدي أحدهما أكبر من الآخر ، كتاب اللّه حبل ممدود ما بين السماء إلى الأرض ،

و عترتي أهل بيتي ألا و انهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض ٣ .

« و النور المبين » .كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور باذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد ٤ .

و روى الحميدي في الجمع بين الصحيحين عن زيد بن أرقم ، قال قام النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فينا خطيبا بماء يدعى خمأ بين مكة و المدينة ثم قال : أيها الناس

____________________

( ١ ) المائدة : ٣ .

( ٢ ) آل عمران : ١٠٣ .

( ٣ ) مرّ الكلام في الصفحة ( ٢١ ) .

( ٤ ) ابراهيم : ١ .

٥١

انما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب و اني تارك فيكم الثقلين أولهما كتاب اللّه فيه الهدى و النور فخذوا بكتاب اللّه و استمسكوا به فحث على كتاب اللّه و رغب ثم قال : و أهل بيتي أذكركم اللّه في أهل بيتي١ .

« و الشفاء النافع » لمريض عالج به ، فقال تعالى : .قل هو للذين آمنوا هدىً و شفاء . . ٢ « و الري » و هو ضد العطش .

« الناقع » من ( نقع الماء العطش ) إذا سكنه .

« و العصمة » عن الضلال .

« للمتمسك » به فقد قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فيه و في عترته ( ان تمسكتم بهما لن تضلوا أبدا ) .

« و النجاة » من المهالك .

« للمتعلق » به قال تعالى : .و كذلك ننجي المؤمنين ٣ .

« لا يعوج » ككثير من الخلق .

« فيقام » أي : يجعل مستقيما قال تعالى :الحمد للّه الذي أنزل على عبده الكتاب و لم يجعل له عوجاً قيماً لينذر بأساً شديداً من لدنه و يبشّر المؤمنين الذين يعملون الصالحات ان لهم أجراً حسناً ماكثين فيه أبداً و ينذر الذين قالوا اتخذ اللّه ولدا ٤ .

« و لا يزيغ » أي : يميل إلى الباطل .

____________________

( ١ ) ذكره المجلسي في « بحار الأنوار » ٢٢ : ١١٧ رواية ٣٤ باب ٧ نقلا عن « الطرائف » لابن طاووس : ١٢٢ حديث ١٨٦ مطبعة الخيام قم .

( ٢ ) فصلت : ٤٤ .

( ٣ ) الانبياء : ٨٨ .

( ٤ ) الكهف : ١ ٤ .

٥٢

« فيستعتب » أي : يطلب منه الرجوع إلى الحق .

« و لا يخلقه » افعال من ( خلق الثوب ) بالضم إذا بلي .

« كثرة الرد »لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ١ .

و لقد ردوا عليه من يوم نزل إلاّ انّه لا أثر لردودهم لوضوح بطلانها ،

و لصدورها من أهل الزيع و الأهواء ، و لأنّ كلّ رد أورده أحد من أهل الباطل أجاب عنه أهل الحق بأجوبة متعددة و أوّل من أجاب عن شبهات أهل الشبهة في القرآن هوعليه‌السلام من أراد الوقوف عليها راجع ( توحيد ) ابن بابويه .

« و ولوج » بالجر .

« السمع » أي : لا يخلقه كثرة دخوله السمع بتلاوة الانسان له ليلا و نهارا و استماعه من غيره بخلاف غيره من الكتب فتخلق بسماعها مرتين .

« من قال به صدق » لأنه الحق .

« و من عمل به سبق » غير العامل به إلى الدرجات .

هذا ، و روى ( سنن أبي داود ) عن أنس عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الاترجة ريحها طيب ، و طعمها طيب ، و مثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة طعمها طيب و لا ريح لها ، مثل الفاجر الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب و طعمها مر ، و مثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة طعمها مر و لا ريح لها٢ .

____________________

( ١ ) فصلت : ٤٢ .

( ٢ ) سنن أبي داود ٤ : ٢٥٩ حديث ٤٨٢٩ طبع مصر .

٥٣

٩ في الخطبة ( ١٩٣ )

ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْهِ اَلْكِتَابَ نُوراً لاَ تُطْفَأُ مَصَابِيحُهُ وَ سِرَاجاً لاَ يَخْبُو تَوَقُّدُهُ وَ بَحْراً لاَ يُدْرَكُ قَعْرُهُ وَ مِنْهَاجاً لاَ يُضِلُّ نَهْجُهُ وَ شُعَاعاً لاَ يُظْلِمُ ضَوْءُهُ وَ فُرْقَاناً لاَ يُخْمَدُ بُرْهَانُهُ وَ تِبْيَاناً لاَ تُهْدَمُ أَرْكَانُهُ وَ شِفَاءً لاَ تُخْشَى أَسْقَامُهُ وَ عِزّاً لاَ تُهْزَمُ أَنْصَارُهُ وَ حَقّاً لاَ تُخْذَلُ أَعْوَانُهُ فَهُوَ مَعْدِنُ اَلْإِيمَانِ وَ بُحْبُوحَتُهُ وَ يَنَابِيعُ اَلْعِلْمِ وَ بُحُورُهُ وَ رِيَاضُ اَلْعَدْلِ وَ غُدْرَانُهُ وَ أَثَافِيُّ اَلْإِسْلاَمِ وَ بُنْيَانُهُ وَ أَوْدِيَةُ اَلْحَقِّ وَ غِيطَانُهُ وَ بَحْرٌ لاَ يَنْزِفُهُ اَلْمُتَنَزِّفُونَ وَ عُيُونٌ لاَ يُنْضِبُهَا اَلْمَاتِحُونَ وَ مَنَاهِلُ لاَ يَغِيضُهَا اَلْوَارِدُونَ وَ مَنَازِلُ لاَ يَضِلُّ نَهْجَهَا اَلْمُسَافِرُونَ وَ أَعْلاَمٌ لاَ يَعْمَى عَنْهَا اَلسَّائِرُونَ وَ آكَامٌ لاَ يَجُوزُ عَنْهَا اَلْقَاصِدُونَ جَعَلَهُ اَللَّهُ رِيّاً لِعَطَشِ اَلْعُلَمَاءِ وَ رَبِيعاً لِقُلُوبِ اَلْفُقَهَاءِ وَ مَحَاجَّ لِطُرُقِ اَلصُّلَحَاءِ وَ دَوَاءً لَيْسَ بَعْدَهُ دَاءٌ وَ نُوراً لَيْسَ مَعَهُ ظُلْمَةٌ وَ حَبْلاً وَثِيقاً عُرْوَتُهُ وَ مَعْقِلاً مَنِيعاً ذِرْوَتُهُ وَ عِزّاً لِمَنْ تَوَلاَّهُ وَ سِلْماً لِمَنْ دَخَلَهُ وَ هُدًى لِمَنِ اِئْتَمَّ بِهِ وَ عُذْراً لِمَنِ اِنْتَحَلَهُ وَ بُرْهَاناً لِمَنْ تَكَلَّمَ بِهِ وَ شَاهِداً لِمَنْ خَاصَمَ بِهِ وَ فَلْجاً لِمَنْ حَاجَّ بِهِ وَ حَامِلاً لِمَنْ حَمَلَهُ وَ مَطِيَّةً لِمَنْ أَعْمَلَهُ وَ آيَةً لِمَنْ تَوَسَّمَ وَ جُنَّةً لِمَنِ اِسْتَلْأَمَ وَ عِلْماً لِمَنْ وَعَى وَ حَدِيثاً لِمَنْ رَوَى وَ حُكْماً لِمَنْ قَضَى « ثم أنزل عليه الكتاب نورا لا تطفا مصابيحه »يريدون أن يطفئوا نور اللّه بأفواههم و يأبى اللّه إلاّ أن يتم نوره و لو كره الكافرون ١ .

« و سراجا لا يخبو » أي : لا يطفا .

____________________

( ١ ) التوبة : ٣٢ .

٥٤

« توقده و بحرا لا يدرك قعره » .و ما يعلم تأويله إلاّ اللّه . . ١ قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي و لو جئنا بمثله مددا ٢ .

« و منهاجا » أي : طريقا واضحا .

« لا يضلّ نهجه »و أنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين )٣ و ما تنزّلت به الشياطين ٤ .

« و شعاعا لا يظلم ضوؤه »و لقد أنزلنا إليكم آيات مبينات . . ٥ و كذلك أنزلناه آيات بينات . . ٦ .

« و فرقانا » قال الجوهري : كلّ ما فرق به بين الحق و الباطل فهو فرقان .

« لا يخمد » من ( خمدت النار ) إذا سكن لهبها و لم يطفأ جمرها .

« برهانه » في الأساس ( البرهان بيان الحجّة و ايضاحها مشتق من البرهرهه و هي البيضاء من الجواري كما اشتق السلطان من السليط ) و هو كما ترى .

« و تبيانا » هكذا في ( المصرية ) ، و لا معنى له و الصواب : ( و بنيانا ) كما في ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية .

« لا تهدم أركانه »انا نحن نزّلنا الذكر و انّا له لحافظون ٧ .

____________________

( ١ ) آل عمران : ٧ .

( ٢ ) الكهف : ١٠٩ .

( ٣ ) الشعراء : ١٩٢ ١٩٤ .

( ٤ ) الشعراء : ٢١٠ .

( ٥ ) النور : ٣٤ .

( ٦ ) الحج : ١٦ .

( ٧ ) الحجر : ٩ .

٥٥

« و شفاء لا تخشى أسقامه » .و يشف صدور قوم مؤمنين ١ .و شفاء لمّا في الصدور . . ٢ .

« و عزّا لا تهزم أنصاره » .أئتوني بكتاب من قبل هذا أو اثارة من علم ان كنتم صادقين ٣ .

« و حقّا لا تخذل أعوانه »و إذ صرفنا إليك نفراً من الجن يستمعون القرآن فلمّا حضروه قالوا انصتوا فلمّا قضى و لّوا إلى قومهم منذرين قالوا يا قومنا انّا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقاً لمّا بين يديه يهدي إلى الحق و إلى طريق مستقيم يا قومنا أجيبوا داعي اللّه و آمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم و يجركم من عذاب أليم ٤ .

« فهو معدن الايمان و بحبوحته » أي : وسطه ، لأن الايمان يحصل بعد شهود المعجز ، و القرآن أكبر معجز و ذكر الكراجكي في اعجازه طرقا منها عجز بلغاء العرب عن الاتيان بمثله في فصاحته و نظمه ، مع علمهم بأن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قد جعله علما على صدقه و سماعهم للتحدّي فيه على ان يأتوا بسورة من مثله هذا مع اجتهادهم في دفع ما أتى به .

و توفر دواعيهم على إبطال أمره ، و استفراغ مقدورهم في أذيته ،

و تعذيب أصحابه ، و طرد المؤمنين به ، ثم ما فعلوه بعد ذلك من بذل النفوس و الأموال في حربه و الحرص على اهلاكه مع علمهم بأن ذلك لا يشهد بكذبه ،

و لا فيه إبطال الحجّة و لا يقوم مقام معارضة في ما جعله دلالة على صدقه ،

و تحداهم على الاتيان بمثله ، و قد كانوا قوما فصحاء حكماء عقلاء لا يصبرون

____________________

( ١ ) التوبة : ١٤ .

( ٢ ) يونس : ٥٧ .

( ٣ ) الاحقاف : ٤ .

( ٤ ) الاحقاف : ٢٩ ٣١ .

٥٦

على التقريع ، و لا يتغاضون عن التعجيز ، و عاداتهم معروفة إلى الافتخار ،

و تحدّى بعضهم لبعض بالخطب و الأشعار ، و في انصرافهم عن المعارضة دلالة على انّها كانت متعذرة عليهم ، و في التجائهم إلى الحروب الشاقة دونها بيان انّها الأيسر عندهم و أي عاقل يطلب أمرا بما فيه هلاك ماله و التغرير بنفسه ، و هو يقدر على كلام يغنيه بذلك ، و ينال به أمله و مراده فلا يفعله ، هذا ما لا يتصور في العقل و لا يتثبت في الوهم ، و في عجزهم الذي ذكرناه حجّة في معجز القرآن في صحّة نبّوة نبينا .

« و ينابيع العلم و بحوره » .ما فرطنا في الكتاب من شي‏ء .١ .و لا رطبٍ و لا يابس إلاّ في كتاب مبين ٢ .

قال الكراجكى : و من اعجاز القرآن ، ما تضمنه من أخبار الدهور الماضية ، و أحوال القرون الخالية ، و أنباء الأُمم الغابرة ، و وصف الديار الداثرة ، و قصص الأنبياء المتقدمين ، و شرح أحكام أهل الكتابين ممّا لا يقدر عليه إلاّ من اختص بهم ، و انقطع إلى الاطّلاع في كتبهم ، و سافر في لقاء علمائهم و صحب رؤساءهم ، و لمّا كان نبيناصلى‌الله‌عليه‌وآله معلوم المولد و الدار و المنشأ و القرار لا تخفى أحواله ، و لا تستتر أفعاله ، لم يلف قط قبل بعثته مدارسا لكتاب ، و لا رؤى مخالطا لأهل الكتاب ، و لم يزل معروفا بالانفراد عنهم ، غير مختص بأحد منهم ، و لا سافر لاتباع عالم سرّا و لا جهرا ، و لا احتمال في نيل ذلك أوّلا و لا آخرا ، علم انّه لم يأخذ ذلك إلاّ عن ربّ العالمين ، و ثبت اعجاز القرآن الوارد على يده و كان قوله تعالى :و ما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر

____________________

( ١ ) الانعام : ٣٨ .

( ٢ ) الانعام : ٥٩ .

٥٧

و ما كنت من الشاهدين ١ و ما كنت بجانب الطور إذ نادينا و لكن رحمة من ربك لتنذر قوماً ما اتاهم من نذير من قبلك لعلّهم يتذكرون ٢ يعضد ما ذكرناه .

قال : و من ذلك أيضا ما ثبت في القرآن من الاخبار بالكائنات قبل كونها و اعلام ما في القلوب و ضمائرها كقوله تعالى في يهود خيبر :لن يضروكم إلاّ أذىً و ان يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون ٣ و كان الأمر في هزيمتهم و خذلانهم كما قال سبحانه و قال في قصة بدر تشجيعا للمسلمين و اخبارا لهم عن عاقبة أمرهم و أمر المشركين :سيهزم الجمع و يولون الدبر ٤ فكان ذلك يقيناً كما قال سبحانه و قال فيهم : .الذين ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل اللّه فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون . . ٥ فكان الظفر قريبا كما قال سبحانه و قال تعالى :و أورثكم أرضهم و ديارهم و أموالهم و أرضاً لم تطأوها . . ٦ يعني العراق و فارس ،

و كان الأمر كما قال سبحانه و قال تعالى :ألم غلبت الروم في أدنى الأرض و هم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين للّه الأمر من قبل و من بعد و يومئذٍ يفرح المؤمنون بنصر اللّه ينصر من يشاء و هو العزيز الرحيم ٧ فأخبر تعالى عن ظفرهم بعد غلبهم ، و حدّد زمانه و حصره فكان

____________________

( ١ ) القصص : ٤٤ .

( ٢ ) القصص : ٤٦ .

( ٣ ) آل عمران : ١١١ .

( ٤ ) القمر : ٤٥ .

( ٥ ) الانفال : ٣٦ .

( ٦ ) الاحزاب : ٢٧ .

( ٧ ) الروم : ١ ٥ .

٥٨

الأمر فيه حسب ما قال و قال عز و جل :يا أيها الذين هادوا ان زعمتم انّكم أولياء اللّه من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين و لا يتمنونه أبداً بما قدّمت أيديهم و اللّه عليم بالظالمين ١ فقطع على بغيهم و اعلم انّهم لا يتمنون الموت ، فلم يقدر أحد منهم على دفعه و كان الأمر في ذلك موافقا لمّا قال سبحانه و قال تعالى :. و يقولون في أنفسهم لو لا يعذبنا اللّه بما نقول . . ٢ فأخبر عن ضمائرهم بما في سرائرهم و كان الأمر كما قال سبحانه و قال تعالى في أبي لهب و هو حي متوقع منه الايمان و البصيرة و الاسلامتبت يدا أبي لهب و تب ٣ فمات على كفره و لم يصر إلى الاسلام و قال لنبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله إنّا كفيناك المستهزئين ٤ و كلّهم يومئذ حي عزيز في قومه ، فأهلكهم اللّه أجمعين و كفاه أمرهم على ما أخبر به سبحانه و أمثال ذلك كثيرة يطول بها الكتاب و قد ذكرها أهل العلم ، و هذا طرف منها يدل على معجزة القرآن و صدق من أتى به .

« و رياض » جمع الروضة .

« العدل و غدرانه » جمع الغدير ، القطعة من الماء غادرها السيل انّه لقول رسول كريم و ما هو بقول شاعر قليلاً ما تؤمنون و لا بقول كاهن قليلاً ما تذكرونتنزيل من ربّ العالمين ٥ .

« و اثافي الاسلام » استعارة من اثافي القدر الأحجار التي يوضع عليها .

« و بنيانه » و الأصل فيه بنيان البيت .

____________________

( ١ ) الجمعة : ٦ ٧ .

( ٢ ) المجادلة : ٨ .

( ٣ ) تبت : ١ .

( ٤ ) الحجز : ٩٥ .

( ٥ ) الحاقة : ٤٠ ٤٢ .

٥٩

قال هشام بن الحكم : اجتمع ابن أبي العوجاء و أبو شاكر الديصاني و عبد الملك البصري ، و ابن المقفع عند بيت اللّه الحرام يستهزؤون بالحاج ،

و يطعنون على القرآن فقال ابن أبي العوجاء لهم : تعالوا ينقض كلّ واحد منّا ربع القرآن ، و ميعادنا من قابل في هذا الموضع نجتمع فيه ، و قد نقضنا القرآن كلّه ، و ان في نقض القرآن إبطال نبوّة محمّد ، و في إبطال نبوّته إبطال الاسلام و اثبات ما نحن فيه ، فاتفقوا على ذلك و افترقوا على ذلك ، فلمّا كان من قابل اجتمعوا ثمة ، فقال لهم ابن أبي العوجاء : أما أنا فمتفكر منذ افترقنا في هذه الآية :فلمّا استيأسوا منه خلصوا نجيا . . ١ فما أقدر أن أضم إليها في فصاحتها ، و جمع معانيها ، فشغلتني هذه الآية عن التفكّر في ما سواها فقال عبد الملك : أنا متفكّر في هذه الآيةيا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له ان الذين تدعون من دون اللّه لن يخلقوا ذباباً و لو اجتمعوا له و ان يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب و المطلوب ٢ فلم أقدر على الاتيان بمثلها .

فقال أبو شاكر و أنا منذ فارقتكم متفكّر في هذه الآية :لو كان فيهما آلهة إلاّ اللّه لفسدتا . . ٣ فلم أقدر على الاتيان بمثلها فقال ابن المقفع : يا قوم ان هذا القرآن ليس من جنس كلام البشر و أنا منذ فارقتكم مفكّر في هذه الآية :

و قيل يا أرض ابلغي ماءك و يا سماء اقلعي . . ٤ فلم أبلغ غاية معرفتها و لم أقدر على الاتيان بمثلها فبيناهم في ذلك إذ مر بهم جعفر بن محمد الصادقعليه‌السلام فقال :قل لئن اجتمعت الانس و الجن على أن يأتوا بمثل هذا

____________________

( ١ ) يوسف : ٨٠ .

( ٢ ) الحج : ٧٣ .

( ٣ ) الانبياء : ٢٢ .

( ٤ ) هود : ٤٤ .

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

اقتفيت اثره غير أني أوردت الآيات والأحاديث في خلال الحكايات »(١) .

(٨٨)

رواية جلال الدين السيوطي

لقد روى جلال الدين السيوطي حديث مدينة العلم وأثبته وحققه في جملة من مصنفاته:

قال في ( القول الجلى ) « الحديث السادس عشر - وعنه - أي علي كرم الله وجهه - إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: أنا مدينة العلم وعلي بابها. أخرجه أبو نعيم في المعرفة.

الحديث السابع عشر عن جابر: إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت الباب. أخرجه الحاكم وتعقب.

الحديث الثامن عشر - عن ابن عباس: إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأته من بابه. أخرجه الطبراني ».

القول الجلي

وقد قال السيوطي في أول كتابه ( القول الجلي ): « وبعد، فهذه نبذة من قطرة من قطرات بحار زاخرة، أوردت فيها يسيراً من المناقب الباهرة، لسيدنا علي كرم الله وجهه، ملقبة بالقول الجلي في فضائل علي، وضمنتها أربعين حديثاً مختصرة متبعة بالعزو لمخرجيها وبعض غريب ألفاظها ومشكل معانيها، والله أسأل أن يتحفني بالقبول، وأن يرزقني ببركة الاستمساك بحب آل البيت أشرف مأمول ».

وقد عدّه ( الدهلوي ) في ( رسالة أصول الحديث ) والمولوي صديق حسن

____________________

(١). كشف الظنون ١ / ٩٢٦.

٢٢١

خان القنوجي في ( الحطة في ذكر الصحاح الستة ) في كتب أحاديث المناقب التي صنّفها كبار المحدثين، حيث قالا - واللفظ للثاني -: « وأحاديث المناقب والمثالب تسمى علم المناقب، وفيها أيضاً تصانيف عديدة متنوعة، وقد أفرز بعض المحدثين مناقب بعضهم عن بعض سيما مناقب الآل والأصحاب لغرض تعلق به، كمناقب قريش، ومناقب الأنصار، ومناقب العشرة المبشرة المسماة بالرياض النضرة في مناقب العشرة المبشرة للمحب الطبري، وذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى، وحلبة الكميت في مناقب أهل البيت، والديباج في مناقب الأزواج. وصنفت كتب كثيرة في مناقب الخلفاء الراشدين كالقول الصواب في مناقب عمر ابن الخطاب، والقول الجلي في مناقب علي، وللنسائي رسالة طويلة الذيل في مناقبه كرم الله وجهه، وعليها نال الشهادة في دمشق من أيدي نواصب الشام، لفرط تعصبهم وعداوتهم معهرضي‌الله‌عنه ».

وقال السيوطي في ( جمع الجوامع ): « أنا مدينة العلم وعلي بابها ومن أراد العلم فليأت الباب: ك وتعقب عن جابر، ك‍ وتعقب، والخطيب عن ابن عباس.

أنا مدينة العلم وعلي بابها. أبو نعيم في المعرفة عن علي.

أنا مدينة العلم وعلي بابها ومن أراد العلم فليأته من بابه. طب عن ابن عباس »(١)

ورواه في ( الجامع الصغير ) بقوله: « أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت الباب. عق عد طب ك »(٢)

وقال في ( الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة ): « حديث أنا مدينة العلم وعلي بابها. الترمذي من حديث علي وقال منكر، وأنكره البخاري أيضاً، والحاكم في مستدركه من حديث ابن عباس وقال: صحيح، قال الذهبي: بل هو موضوع

____________________

(١). جمع الجوامع ١ / ٣٨٨.

(٢). الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير بشرح المناوي ٣ / ٤٧.

٢٢٢

وقال أبو زرعة: كم خلق افتضحوا فيه، وقال يحيى بن معين: لا أصل له، وكذا قال أبو حاتم ويحيى بن سعيد، قال الدارقطني: غير ثابت، وقال ابن دقيق العيد:لم يثبتوه، وذكره ابن الجوزي في الموضوعات.

وقال الحافظ أبو سعيد العلائي: الصواب أنه حسن باعتبار طرقه لا صحيح ولا ضعيف، فضلاً عن أن يكون موضوعاً.

قلت: وكذا قال شيخ الاسلام ابن حجر في فتوى له، وقد بسطت كلام العلائي وابن حجر في التعقبات التي لي على الموضوعات »(١) .

وقال في ( تاريخ الخلفاء ): « وأخرج البزار والطبراني في الأوسط عن جابر بن عبد الله، وأخرج الترمذي والحاكم عن علي قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها هذا حديث حسن على الصواب لا صحيح كما قال الحاكم ولا موضوع كما قاله جماعة منهم ابن الجوزي والنووي، وقد بيّنت حاله في التعقبات على الموضوعات »(٢) .

وتعقّب في ( النكت البديعات على الموضوعات ) على ابن الجوزي في حكمه بوضعه قائلاً: « حديث ت ك: أنا مدينة العلم وعلي بابها، أورده من حديث علي وابن عباس. قلت: حديث علي أخرجه الترمذي والحاكم، وحديث ابن عباس أخرجه الحاكم والطبراني، وحديث جابر أخرجه الحاكم. وتعقّب الحافظ أبو سعيد العلائي على ابن الجوزي في هذا الحديث بفصل طويل سقته في الأصل وملخّصه أن قال:

هذا الحديث حكم ابن الجوزي وغيره بوضعه، وعندي في ذلك نظر، إلى أن قال: والحاصل أنه ينتهي بطرقه إلى درجة الحسن المحتج به، ولا يكون ضعيفاً فضلاً عن أن يكون موضوعاً. ورأيت فيه فتوى قدّمت للحافظ ابن حجر فكتب عليها: هذا الحديث أخرجه الحاكم في المستدرك وقال إنه صحيح، وخالفه ابن

____________________

(١). الدرر المنتثرة في الاحاديث المشتهرة: ٢٣.

(٢). تاريخ الخلفاء: ١٧٠.

٢٢٣

الجوزي فذكره في الموضوعات وقال: إنه كذب، والصواب خلاف قوليهما معاً، وأن الحديث من قسم الحسن لا يرتقى إلى الصحة ولا ينحط إلى الكذب، وبيان ذلك يستدعي طولاً. ولكنّ هذا هو المعتمد، هذا لفظه بحروفه ».

وكذا فعل في ( اللئالي المصنوعة ) وانتقد حكم ابن الجوزي مستشهداً بكلمات الحاكم والخطيب والعلائي وابن حجر العسقلاني(١) .

وهكذا في ( قوت المغتذي على جامع الترمذي ) حيث شيّد أركانه وأثبته بكلام العلائي وابن حجر المتقدمين في محلّهما.

بل حكم بصحّته في كتاب ( جمع الجوامع ) حيث قال ما نصه: « قال الترمذي وابن جرير معاً: ثنا إسماعيل بن موسى السري أنا محمد بن عمر الرومي عن شريك عن سلمة بن كهيل عن سويد بن غفلة عن الصنابحي عن علي قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا دار الحكمة وعلي بابها. حل. قال الترمذي: هذا حديث غريب، وفي نسخة: منكر، وروى بعضهم هذا الحديث عن شريك ولم يذكروا فيه عن الصنابحي ولا نعرف هذا الحديث عن أحد من الثقات غير شريك، وفي الباب عن ابن عباس.

وقال ابن جرير: هذا خبر عندنا صحيح، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيماً غير صحيح لعلّتين: إحداهما أنه خبر لا يعرف له مخرج عن علي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلّا من هذا الوجه. والأخرى: إن سلمة بن كهيل عندهم ممن لا يثبت بنقله حجة، وقد وافق علياً في رواية هذا الخبر عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم غيره: حدثني محمد بن إسماعيل الفزاري ثنا عبد السلام بن صالح الهروي ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد المدينة فليأتها من بابها. حدثني إبراهيم بن موسى الرازي - وليس بالفراء - ثنا أبو معاوية بإسناده مثله، هذا الشيخ لا أعرفه ولا سمعت منه غير هذا الحديث انتهى كلام ابن جرير.

____________________

(١). اللئالي المصنوعة ١ / ٣٣٢.

٢٢٤

وقد أورد ابن الجوزي في الموضوعات حديث علي وابن عباس وأخرج ك حديث ابن عباس وقال: صحيح الاسناد. وروى خط في تاريخه عن يحيى بن معين أنه سئل عن حديث ابن عباس فقال: هو صحيح. وقال عد في حديث ابن عباس: انه موضوع.

وقال الحافظ صلاح الدين العلائي: قد قال ببطلانه أيضاً الذهبي في الميزان وغيره، ولم يأتوا في ذلك بعلة قادحة سوى دعوى الوضع دفعاً بالصدر. وقال الحافظ ابن حجر في لسانه: هذا الحديث له طرق كثيرة في مستدرك الحاكم أقل أحوالها أن يكون للحديث أصل، فلا ينبغي أن يطلق القول عليه بالوضع، وقال في فتوى له: هذا الحديث أخرجه ك‍ في المستدرك وقال: انه صحيح، وخالفه ابن الجوزي فذكره في الموضوعات وقال انه كذب، والصواب خلاف قوليهما معاً وإن الحديث من قسم الحسن، لا يرتقي إلى الصحة ولا ينحط إلى الكذب، وبيان ذلك يستدعي طولا ولكن هذا هو المعتمد في ذلك انتهى.

وقد كنت أجيب بهذا الجواب دهراً إلى أن وقفت على تصحيح ابن جرير لحديث علي في تهذيب الآثار، مع تصحيح ك لحديث ابن عباس، فاستخرت الله تعالى وجزمت بارتقاء الحديث عن رتبة الحسن إلى مرتبة الصحة. والله أعلم »(١)

وصنّف السيوطي جزء في طرق حديث أنا مدينة العلم وعلي بابها، كما نص على ذلك في فهرست مصنفاته في الكتب التي صنّفها في فن الحديث وتعلقاته، وقد أورد الفهرست في ترجمته لنفسه في ( حسن المحاضرة ).

ترجمته:

١ - الشعراني ترجمة مطولة في ( لواقح الأنوار ) نلخصها فيما يلي: « ومنهم شيخنا وقدوتنا إلى الله الشيخ جلال الدين السيوطيرحمه‌الله تعالى، وقد ذكر الشيخ عبد القادر الشاذلي بعض مناقبه في جزء، وها أنا ملخص لك عيونه فأقول

____________________

(١). جمع الجوامع ١ / ٣٨٨.

٢٢٥

وبالله التوفيق: كان الشيخ جلال الدينرحمه ‌الله تعالى مجبولاً على الخصال الحميدة الجميلة من صفاء الباطن وسلامة السريرة وحسن الاعتقاد، زاهداً ورعاً مجتهداً في العلم والعمل، وله من المؤلفات أربعمائة وستون مؤلفاً مذكورة في فهرست كتبه من عشر مجلَّدات إلى ما دونها، وانتشرت مؤلفاته في البلاد، وكانرضي‌الله‌عنه يقول: قد رزقني الله تعالى التبحّر في سبعة علوم: التفسير والحديث والفقه والنحو والمعاني والبيان والبديع، وكانرضي‌الله‌عنه يقول: قد بلغت مقام الكمال في جميع آلات الاجتهاد المطلق المنتسب، وصرّحت بذلك تحدّثا بنعمة الله تعالى، قال: وأما أنا فأحفظ مائتي ألف حديث، ولو وجدت أكثر لحفظته، ولعلّه لا يوجد على وجه الأرض الآن أكثر من ذلك، وأما الاجتهاد في الفقه فقد ألّفنا فيه كتبا، وكان يقول: ما أجبت قط عن مسألة إلّا وأعددت لها جواباً بين يدي الله عز وجلّ إنْ سئلت عنه.

وكانرضي‌الله‌عنه أعلم أهل زمانه بالفقه والحديث وفنونه، حافظاً متفنناً، يعرف غريب ألفاظه واستنباط الأحكام، وكانرضي‌الله‌عنه يجتمع بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقظة، ومناقب الشيخ كثيرة مشهورة ».

٢ - العيدروس اليمني « وفي يوم الجمعة وقت العصر تاسع عشر جمادى الأولى، سنة إحدى عشرة توفي الشيخ العلّامة الحافظ أبو الفضل جلال الدين السيوطي المصري الشافعي ووصلت مصنفاته نحو ستمائة مصنف، سوى ما رجع عنه وغسله، وولي المشيخة في مواضع متعددة من القاهرة، ثم إنه زهد في جميع ذلك وانقطع إلى الله بالروضة، وكانت له كرامات وعلم غالبها بعد وفاته »(١) .

٣ - أبو مهدي الثعالبي في ( مقاليد الأسانيد ) بقوله: « هو الامام الحافظ أبو الفضل له التصانيف التي عمّ نفعها وعظم في نفوس ذوي الكمال وقعها، واغتبط بها الشادي والبادي، وانتجع إلى خصيب مرعاها الحاضر والبادي، وقد

____________________

(١). النور السافر عن أخبار القرن العاشر ٥٤ - ٥٨.

٢٢٦

أفرد أسماءها في جزء ».

٤ - ووصفه محمد بن يوسفالشامي في أوّل ( سبل الهدى والرشاد ) بـ « شيخنا حافظ الاسلام بقية المجتهدين الأعلام ».

٥ - والمناوي بـ « الحافظ الكبير الامام الجلال »(١) .

٦ - والمقرّي المالكي في ( فتح المتعال في مدح النعال ) بـ « مجدّد المائة التاسعة ومقرب الفوائد الشاسعة الجلال السيوطي ».

٧ - والقشاشي بـ « شيخ الاسلام الحافظ الزاهد الجامع بين العلم والدين السالك سبيل السادة الأقدمين »(٢) .

والجدير بالذّكر: إن السيوطي شيخ مشايخ والد ( الدهلوي ) كما في ( الإرشاد إلى مهمّات الاسناد ) حيث قال: « فصل: قد اتصل سندي والحمد لله بسبعة من المشايخ الجلة الكرام الأئمة القادة الأعلام من المشهورين بالحرمين المحترمين المجمع على فضلهم من بين الخافقين

فصل: سند هؤلاء المشايخ السبعة ينتهي إلى الامامين الحافظين القدوتين الشهيرين بشيخ الاسلام زين الدين زكريا والشيخ جلال الدين السيوطي ».

كما أنه من مشايخه في سلسلة التصوف والخرقة كما في ( الانتباه في سلاسل أولياء الله ) وقد ذكر ذلك ولده ( الدهلوي ) في ( رسالة أصول الحديث ) أيضاً.

(٨٩)

رواية نور الدين السمهودي

وقد رواه نور الدين علي بن عبد الله السمهودي وأثبته إذ قال: « وقد أخرج

____________________

(١). فيض القدير في شرح الجامع الصغير - مقدمة الكتاب.

(٢). السمط المجيد: ٨٦.

٢٢٧

ابن السمان عن أبي سعيد الخدريرضي‌الله‌عنه أنه سمع عمر يقول لعلي رضي الله عنهما - وقد سأله عن شيء فأجابه ففرّج عنه -: لا أبقاني الله بعدك يا علي. قال الزين العراقي في شرح التقريب في ترجمة عليرضي‌الله‌عنه قال عمررضي‌الله‌عنه : أقضانا علي، وكان يتعوّذ من معضلة ليس لها أبو حسن. انتهى، وهذا التعوّذ رواه الدارقطني وغيره ولفظه: أعوذ بالله من معضلةٍ ليس لها أبو حسن، وفي رواية له عن أبي سعيد الخدري قال: قدمنا مع عمر مكة ومعه علي بن أبي طالب فذكر له علي شيئاً فقال عمر: أعوذ بالله أن أعيش في قومٍ لست فيهم يا أبا الحسن قالوا: وإنما لم يولّه شيئاً من البعوث لأنه كان يمسكه عنده لأخذ رأيه ومشاورته. وأخرج الحافظ الذهبي عن عبد الملك بن أبي سليمان قال: ذكر لعطاء أكان أحد من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أفقه من علي؟ قال: لا والله ما علمته.

قلت: وهذا وأشباهه مما جاء في فضيلة علي في هذا الباب شاهد لحديث أنا مدينة العلم وعلي بابها، رواه الامام أحمد في الفضائل عن عليرضي‌الله‌عنه والحاكم في المناقب من مستدركه، والطبراني في معجمه الكبير، وأبو الشيخ ابن حيان في السنة له، وغيرهم، كلّهم عن ابن عباس مرفوعاً بزيادة: فمن أراد العلم فليأت الباب.

ورواه الترمذي من حديث علي مرفوعاً: أنا مدينة العلم وعلي بابها، وقال الترمذي عقب هذا: إنه منكر، وكذا قال شيخه البخاري، وقال الحاكم عقب الأول: إنه صحيح الاسناد، وأورده ابن الجوزي مع الثاني في الموضوعات.

وقال الحافظ أبو سعيد العلائي: الصّواب أنه حسن باعتبار طرقه لا صحيح ولا ضعيف، فضلاً عن أن يكون موضوعاً، وكذا قال الحافظ ابن حجر في فتوىً له »(١) .

____________________

(١). جواهر العقدين - مخطوط.

٢٢٨

ترجمته:

ترجم له وأثنى عليه واعتمد على كلماته في الكتاب المذكور وغيره جل من تأخر عنه من العلماء الاعلام راجع:

١ - السخاوي في ( الضوء اللامع ).

٢ - جار الله بن فهد المكي في ( ذيل الضوء اللّامع ).

٣ - قطب الدين المكي في ( الإِعلام بأعلام بيت الله الحرام ).

٤ - العيدروس اليمني في ( النور السافر ).

٥ - العدثاني في ( عجالة الراكب وبلغة الطالب ).

٦ - محمد بن يوسف الشامي في ( سبل الهدى والرشاد ).

٧ - ابن باكثير المكي في ( وسيلة المآل ).

٨ - الشيخاني في ( الصراط السوى ).

٩ - عبد الحق الدهلوي في ( جذب القلوب ).

١٠ - الكردي الكوراني في ( بلغة المسير ).

١١ - تاج الدين الدهان في ( كفاية المتطلع ).

١٢ - رضي الدين الشامي في ( تنضيد العقود السنية ).

١٣ - البزرنجي في ( الإِشاعة ) و ( النواقض ).

١٤ - البدخشي في ( مفتاح النجا ).

١٥ - العجيلي في ( ذخيرة المآل ).

١٦ - الشوكاني في ( البدر الطالع ).

١٧ - رشيد الدين الدهلوي في ( إيضاح لطافة المقال ).

١٨ - حيدر علي في ( إزالة الغين ).

وقد أوردنا شطراً من عبارات هؤلاء القوم في مجلد ( حديث الغدير ). وانظر: الضوء اللامع ٥ / ٢٤٥، البدر الطالع ١ / ٤٧٠، النور السافر ٨٥ - ٦٠.

٢٢٩

جواهر العقدين:

قال في ( كشف الظنون ): « جواهر العقدين في فضل الشرفين شرف العلم الجلي والنسب العلي، للسيد نور الدين أبي الحسن علي بن عبد الله السمهودي المدني الشافعي المتوفى سنة إحدى عشرة وتسعمائة، وهو مجلد أوله: الحمد لله الذي أعز أوليائه الخ، رتب على قسمين الأول في فضل العلم والعلماء وفيه ثلاثة أبواب، والثاني في فضل أهل البيت النبوي وشرفهم وفيه خمسة عشر بابا، ذكر أنه فرغ من تأليفه سنة ٨٩٨ »(١) .

وقد ذكر رشيد الدين خان كتاب ( جواهر العقدين ) في الكتب التي ألّفها علماء أهل السنة في مناقب أهل البيت النبوي عليهم الصلاة والسلام.

كما يظهر اعتباره من كلام السمهودي نفسه في خطبة الكتاب.

(٩٠)

تصحيح ابن روزبهان

وقد اعترف فضل الله بن روزبهان الخنجي الشيرازي - مع ما هو عليه من التعصب والتعنت - بصحة حديث مدينة العلم، إذ قال في ( ابطال الباطل ) في جواب كلام العلامة الحليرحمه‌الله واستدلاله بأعلمية أمير المؤمنينعليه‌السلام لإِثبات الإِمامة، ثم استشهاده بحديث الترمذي في صحيحه: أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: أنا مدينة العلم وعلي بابها.

قال ابن روزبهان: « ما ذكره المصنف من علم أمير المؤمنين فلا شك في أنه من علماء الأمة، والناس محتاجون إليه فيه وكيف لا؟ وهو وصي النبي صلّى الله

____________________

(١). كشف الظنون ١ / ٦١٤.

٢٣٠

عليه وسلّم في إبلاغ العلم وبدائع حقائق المعارف، فلا نزاع لأحد فيهٍ. وأمّا ما ذكره من صحيح الترمذي فصحيح ».

وقال بجواب قوله « التاسع عشر: في مسند أحمد بن حنبل وصحيح مسلم قال: لم يكن أحد من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول سلوني إلّا علي بن أبي طالب. و قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها » قال:

« هذا يدل على وفور علمه واستحضاره أجوبة الوقائع واطلاعه على العلوم والمعارف، وكلّ هذه الأمور مسلّمة، ولا دليل على النص ».

فهذا منه اعتراف بصحة حديث مدينة العلم مع ما هو عليه من العناد واللجاج مع الحق وأهله، فالعجب من ( الدهلوي ) كيف تفوّه بالطعن في سند هذا الحديث؟

ترجمته:

ترجم له شمس الدين السخاوي(١) . وأثنى عليه رشيد الدين خان الدهلوي، واعتمد على أقواله في مختلف كتبه، كما نسج على منواله وتبعه في خرافاته حيدر علي صاحب ( منتهى الكلام ) في مواضع من كتابه.

وبالجملة، فهو من أكابر محدثي أهل السنة، ومن مشاهير متكلّميهم، وقد ذكرنا ترجمته في مجلد ( حديث الطير ).

(٩١)

إثبات العز ابن فهد المكي

وقال عز الدين عبد العزيز عمر المعروف بابن فهد الهاشمي المكّي، بترجمة

____________________

(١). الضوء اللّامع ٦ / ١٧١.

٢٣١

مولانا عليعليه‌السلام :

« مفرق الكتائب ومفرج النوائب، عضنفر الهيجاء بلا مرية وهزبر المعامع من غير ما فرية، معدن الفضائل وطيب الشمائل، ذي العدل العميم والفضل الجسيم المجمع على كمال سيادته، المتفق على شدة إبائه وفرط شجاعته، ذي السبق والأخوة والمنعة والفتوة، زوج البتول وابن عم الرسول، ليث بني غالب ذي الفضائل والمناقب، أمير المؤمنين علي الذي فضله بين الأنام جلى، عليه من ربّه الرحمة والرضوان ما اختلف الملوان:

ليث الحروب المدره الضرغام من

بحسامه جاب الدياجي والظلم

صهر الرسول أخوه باب علومه

أقضى الصحابة ذو الشمائل والشيم

الزهد والورع الشديد شعاره

ودثاره العدل العميم مع الكرم

في جوده ما البحر ما التيار ما

كل السيول وما الغوادي والديم

وله الشجاعة والشهامة والحيا

وكذا الفصاحة والبلاغة والحكم

ما عنتر ما غيره في البأس ما

أسد الشرى معه إذا الحرب اصطلم

ما نجل ساعدة البليغ لديه ما

سحبان إن نثر الكلام وإن نظم

حاز الفضائل كلها سبحان من

من فضله أعطاه ذاك من القدم

نصر الرسول وكم فداه فيا له

من نجل عم فضله للخلق عم

كل أقر بفضله حقا وذا

أمر جلي في علي ما انبهم

فعليه منّي ألف ألف تحية

وعلى الصحابة كلهم أهل الذمم »(١)

ترجمته:

١ - السخاوي بقوله: « عبد العزيز بن عمر بن محمد بن محمد بن أبي الخير محمد العز أبو فارس وأبو الخير، ابن صاحبنا النجم أبي القاسم الهاشمي المكي الشافعي ويعرف كسلفه « ابن فهد ». برع في الحديث طلباً وضبطاً وأذنت

____________________

(١) غاية المرام بأخبار سلطنة البلد الحرام - ترجمة أمير المؤمنينعليه‌السلام .

٢٣٢

له في التدريس والافادة والتحديث، وكذا أذن له الجوجري في تدريس الفقه والنحو والافادة، والمحيوي ضمن جماعة في إقراء الألفية، وليس بعد أبيه ببلاد الحجاز من يدانيه في الحديث، مع المشاركة في الفضائل، وجودة الخط والفهم، وجميل الهيئة وعلي الهمة، والمروة والتخلق بالأوصاف الجميلة، والتقنّع باليسير وإظهار التجمل وعدم التشكي، وهو حسنة من حسنات بلده »(١) .

٢ - ابنهجار الله ابن فهد وقال: « وبعد المؤلف انفرد بها وصار شيخ المحدثين فيها، وأخذ عنه غالب مروياته خلق من أهلها والقادمين عليها »(٢) .

٣ - وقالتاج الدين المكي في كتابه ( كفاية المتطلع ) الذي جمع فيه مرويّات شيخه حسن العجيمي ما نصّه: « الموطأ رواية أبي عبد الرحمن عبد الله بن سلمة القعنبيرحمه‌الله تعالى - أخبر به عن الامام صفي الدين أحمد بن محمد القشاشي عن الشيخ عبد الرحمن بن عبد القادر بن فهد الهاشمي عن عمه الرحلة محمد جار الله ابن الرحلة عز الدين عبد العزيز ابن الحافظ عمر ابن الحافظ تقي الدين بن فهد قال أخبرني والدي عمر بن فهد مع ابن عمه شيخنا الخطيب محب الدين النويري ».

ويستفاد من هذه العبارة أيضاً كون « عبد العزيز بن فهد » من مشايخ « الشيخ حسن العجيمي » المعلوم كونه أحد السبعة من مشايخ « شاه ولي الله الدهلوي »، فهو إذن من شيوخ مشايخ والد ( الدهلوي ).

____________________

(١). الضوء اللامع ٤ / ٢٢٤.

(٢). ذيل الضوء اللامع. وتوجد ترجمته في شذرات الذهب ٨ / ١٠٠.

٢٣٣

(٩٢)

إثبات القسطلاني

ولقد أثبته شهاب الدين أحمد بن محمد القسطلاني الشافعي حيث قال في ذكر أسماء الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « والذي رأيته في كلام شيخنا في القول البديع، والقاضي عياض في الشفاء، وابن العربي في القبس والاحكام له، وابن سيد الناس، وغيرهم، يزيد على الأربعمائة، وقد سردتها مرتبة على حروف المعجم ».

ثم ذكر في حرف الميم أسماء لهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منها « مدينة العلم »(١) .

ترجمته:

١ - السخاوي في ( الضوء اللامع ٢ / ١٠٣ ).

٢ - ابن فهد المكي في ( ذيل الضوء اللامع ).

٣ - الشعراني في ( لواقح الأنوار ).

٤ - العيدروس في ( النور السافر: ١١٣ ).

٥ - الثعالبي في ( مقاليد الأسانيد ).

٦ - القشاشي في ( السمط المجيد: ٩٧ ).

٧ - الدهان المكي في ( كفاية المتطلع ).

٨ - الشوكاني في ( البدر الطالع ١ / ١٠٢ ).

____________________

(١). المواهب اللدنية ١ / ١٨٣.

٢٣٤

٩ - ( الدهلوي ) في ( بستان المحدّثين ).

١٠ - صدّيق حسن خان في ( اتحاف النبلاء المتقين ).

قال ابن فهد: « كثرت مؤلفاته واشتهرت، منها المواهب اللدنية بالمنح المحمدية عظيم في بابه، وإرشاد الساري على صحيح البخاري مزجاً في أربع مجلّدات، وشرح صحيح مسلم مثله لم يكمله، واشتهر بالصلاح والتقشّف على طريق أهل الفلاح مات في ليلة الجمعة سابع المحرم سنة ٣٩٣ ولم يخلف بعده مثله. نفعنا الله ببركاته ».

(٩٣)

إثبات جلال الدين الدواني

ولقد أثبت جلال الدين محمد بن أسعد الدواني الصديقي حديث مدينة العلم إذ قال في ( شرح الزوراء ) ما نصه: « فأوّل ما أقول: إن لهذه الرسالة شأناً وهو: إني رأيت في منامي - في خارج بغداد ظاهر دار السلام على قرب من شاطئ الزوراء - أمير المؤمنين يعسوب الموحدين علياً كرّم الله وجهه في مبشرة طويلة محصلها: إنه كرم الله وجهه كان ملتفتاً إليّ بنظر العناية، ومعتنياً بشأني بطريق الكلائه، فصار ذلك باعثاً على أن أعلق رسالة معنوية باسمه العالي متبرّكاً به، وأتلوها على روضته المقدسة وقت التشرف بزيارته والاكتحال بنور تراب عتبته، وكنت متردداً في تعيين المقصد في تلك الرسالة، فتارة كنت أعزم أن اكتبها في تحقيق ماهية العلم لمناسبة قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها، وأخرى يخطر ببالي غير ذلك، ولم يتعين شيء من الخواطر، إلى أن وفّقني الله تعالى للاستسعاد بلثم العتبة القدسية الغروية والمقدسة الحائرية على النبي وعلى ساكنيهما الصلاة والسلام، ثم بعد المراجعة سألني واحد من أصحابي المستعدين

٢٣٥

لدرك الحقائق ممن كان له درك رائق وذهن فائق، كريم الشيم والسجايا، حسن الاسم والمسمى، وقد قرأ علي كتاب حكمة الاشراق للشيخ الأجل والحكيم الأكمل شهاب الدين السهروردي، وكنت أقرّر له أثناء مباحثة هذا الكتاب طرفاً من السوانح، وأملي عليه بعضا من اللوائح، أن أجمعها له في رسالة، فصار سؤاله سبباً للإِقدام على هذه الرسالة، فاجتمع مقاصدها في خاطري في أقرب من ساعة وكنت ذاهلاً عن المقصد الأول إلى أن أتممته، فلمـّا نظرت فيها بعد التمام، وجدتها بعينها هي التي كانت ترام، فتيقنت أن نفحات الامداد فيها كانت تهب من باب مدينة العلم، وسفينة الجود المستوي على جودي الحكم والحلم على النّبي وعليه الصلاة والسلام والتحية والإكرام، وسميتها بالزوراء، وهي اسم الدجلة، والمناسبة ظاهرة، مع ما فيه من التلويح إلى أن هذا الفيض من زيارة المشاهد المقدسة والمواقف المونسة، والله تعالى مناح الغيوب فتاح القلوب ».

وقال: « فاجعل ذلك هنا لك تكسر به صولة ما فر طبعك عنه في بدو النظر حتى يأتيك اليقين، وتتصعد إلى الأفق المبين، وترى بعين العيان ما يعجز عنه البيان، وتشرف على حقيقة قول سيدنا النبي المبعوثعليه‌السلام لتتميم سائر ما أتت به الأنبياء: النوم أخ الموت، و قول صاحب سرّه وباب مدينة علمهعليه‌السلام : الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا ».

ترجمته:

١ - السخاوي قائلاً: « محمد بن أسعد مولانا جلال الدين الصديقي الدّواني - بفتح المهملة وتخفيف النون نسبة لقرية من كازرون - الكازروني الشافعي القاضي بإقليم فارس، والمذكور بالعلم الكثير، ممن أخذ عن المحيوي اللاري وحسن ابن البقال، وتقدَّم في العلوم سيما العقليات، وأخذ عنه أهل تلك النواحي، وارتحلوا إليه من الروم وخراسان وما وراء النهر، وسمعت الثناء عليه من جماعة ممن أخذ عني، واستقر به السلطان يعقوب في القضاء، وصنّف الكثير، من

٢٣٦

ذلك شرح على شرح التجريد للطوسي عمّ الانتفاع به، وكذا كتب على العضد، مع فصاحة وبلاغة وصلاح وتواضع، هو الآن في سنة سبع وتسعين حي ابن بضع وسبعين »(١) .

٢ - العيدروس قال: « وفي سنة ثمان وعشرين: توفى العلّامة محمد بن أسعد جلال الدين الصديق الدواني »(٢) .

٣ - محمد بن يعقوب الاماسي في ( حاشية روض الأخيار ) وقال: « قد تفوّق في رأس المائة التاسعة في الفنون الحكمية، وتبحّر في العلوم الشرعية من الفقه والحديث والقراءة، وصنّف في التصوف وعلم الأخلاق، ومؤلفاته قريبة إلى مائة. روى العلوم الأدبية والعقلية والحديث والتفسير والفقه، عن والده مولانا أسعد الصديقي المحدّث بالجامع المرشدي بكازرون ».

٤ - الشوكاني وقال: « عالم العجم بأرض فارس، وإمام المعقولات وصاحب المصنفات، أخذ العلم عن المحيوي والبقال، وفاق في جميع العلوم لا سيما العقلية، وأخذ عنه أهل تلك النواحي، وارتحل إليه أهل الروم وخراسان وما وراء النهر، وله شهرة كبيرة وصيت عظيم، وتكاثر تلامذته ...»(٣) .

روايتهم لتصانيفه

وقد روى علماء أهل السنة تصانيف جلال الدين الدواني بأسانيدهم المتصلة، كما هو واضح لمن راجع كتب هذا الشأن مثل ( الأمم لإِيقاظ الهمم ) و ( كفاية المتطلع ) و ( الإِمداد بمعرفة الاسناد ) و ( الدرر السنية فيما علا من الأسانيد الشنوانية ) و ( إتحاف الأكابر بإسناد الدفاتر ) و ( حصر الشارد ).

____________________

(١). الضوء اللامع ٧ / ١٣٣.

(٢). النور السافر ١٣٣ - ١٣٤.

(٣). البدر الطالع ٢ / ١٣٠.

٢٣٧

(٩٤)

إثبات الميبدي

وقد أثبت القاضي كمال الدين حسين بن معين الدين اليزدي الميبدي وحقّق حديث مدينة العلم، حيث أورده عن صحيح الترمذي ولفظه: « أنا مدينة العلم وعلي بابها » ونقل بعده قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « أنا ميزان الحكمة وعلي لسانه » عن الغزالي، إلى غيرهما من فضائلهعليه‌السلام الباهرة ومناقبه المشتهرة »(١) .

ترجمته:

ترجم له كبار العلماء الاعلام ووصفوه بالأوصاف الجميلة الحميدة، وقد ترجمنا له بالتفصيل في مجلد ( حديث التشبيه ).

(٩٥)

إثبات عبد الوهاب البخاري

وقد أثبته عبد الوهاب بن محمد بن رفيع الدين أحمد البخاري في تفسيره ( الأنوري ) بتفسير قوله تعالى( قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) إذ قال: « إعلم يا هذا أن الآية لبيان فرضية حبّ أهل البيت على جميع المسلمين إلى

____________________

(١). الفواتح - شرح ديوان امير المؤمنين: ٣.

٢٣٨

يوم القيامة صلّى الله على محمد وأهل بيته، فقد روي: أنّها لـمّا نزلت قيل يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم؟ قال: علي وفاطمة وابناهما » ثم قال بعد ذكر نبذة من فضائلهم « عن جابررضي‌الله‌عنه قال: أخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعضد علي وقال: هذا أمير البررة وقاتل الفجرة، مخذول من خذله منصور من نصره، ثمّ مدَّ صوته وقال: أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت الباب. رواه ابن المغازلي » ثم قال بعد أحاديث رواها ما نصه: « إعلم يا هذا أن هذه الأحاديث وردت عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في عليرضي‌الله‌عنه ».

ترجمته:

١ - الشيخ عبد الحق الدهلوي في ( أخبار الأخيار ٢٠٦ ).

٢ - السيد محمد ماه عالم في ( تذكرة الابرار - مخطوط ).

(٩٦)

إثبات خواند أمير

وقال غياث الدين بن همام الدين المدعو بخواند أمير في خطبة كتابه ( حبيب السير في أخبار أفراد البشر ): « صلوات الله عليه وسلامه وعلى عترته، سيما وصيه ووارث علمه وخليفته المكرم بتكريم: أنا مدينة العلم وعلي بابها ، المتشرف بتشريف: أنت مني بمنزلة هارون من موسى، مظهر العجائب ومظهر الغرائب، أمير المؤمنين وإمام المسلمين علي بن أبي طالب ».

٢٣٩

حبيب السير

جاء في ( كشف الظنون ): « حبيب السير في أخبار أفراد البشر - فارسي، لغياث الدين بن همام الدين المدعو بخواند أمير، وهو تاريخ كبير من الكتب الممتعة المعتبرة ».

وقد اعتمد عليه العلماء كحسام الدين السهارنفوري في ( المرافض ) و ( الدهلوي ) نفسه في مواضع من ( التحفة )

(٩٧)

إثبات محمد بن يوسف الصالحي الشامي

وقد حكم بحسنه وأثبته محمد بن يوسف الصالحي الشامي في ( سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد ) حيث قال في ذكر أسماء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « مدينة العلم. روى الترمذي وغيره مرفوعاً: أنا مدينة العلم وعلي بابها. والصواب أنه حديث حسن كما قال الحافظان العلائي وابن حجر، وقد بسط الشيخ الكلام عليه في كتابه تهذيب الموضوعات، وفي النكت ».

ترجمته:

١ - الشعراني في ( لواقح الأنوار ): « ومنهم: الأخ الصالح العالم الزاهد المتمسك بالسنّة المحمّدية: الشيخ محمد الشامي نزيل التربة البرقوتيةرضي‌الله‌عنه ، كان عالماً صالحاً متفنناً في العلوم، وألّف السيرة المشهورة التي جمعها من ألف كتاب، وأقبل الناس على كتابتها، ومشى فيها على أنموذج لم يسبق إليه ».

٢ - ووصفهابن حجر المكي في ( الخيرات الحسان ) بـ « الامام العلامة

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428