نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٠

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار13%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 428

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 428 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 367743 / تحميل: 7884
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٠

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

الكلمات في مناقبه ومآثره التي يذكرونها له:

١ - ابن حبان: « سعيد بن المسيب بن حزن بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عبدالله بن عمر بن مخزوم بن يقظة المخزومي القرشي، كنيته أبو محمّد.

ولد لسنتين مضتا من خلافة عمر. وأم سعيد بن المسيب بنت عثمان بن حكيم

وكان من سادات التابعين فقهاً وديناً وورعاً وعلماً وعبادةً وفضلاً. وكان أبوه يتّجر في الزيت. وكان سعيد سيّد التابعين وأفقه أهل الحجاز وأعبر الناس للرؤيا، ما نودي للصّلاة أربعين سنة إلّاوسعيد في المسجد ينتظرها، ويقال: إنّه ممّن أصلح بين عثمان وعلي. فلمـّا بويع عبدالملك وبايع للوليد وسليمان من بعده، وأخذ البيعة من الناس، أبي سعيد ذلك فلم يبايع. فقال عبدالرحمن ابن عبدالقاري: إنّك تصلي بحيث يراك هشام بن إسماعيل، فلو غيّرت مقامك حتّى لا يراك - وكان هشام والياً على المدينة لعبد الملك - فقال سعيد: إنّي لم اُغير مقاماً قمته منذ أربعين سنة. قال: فخرج معتمراً فقال: لم أكن لأجهد بدني وأنفق مالي في شيء ليس فيه نية. قال: فبايع إذاً. قال: أرأيت إن كان الله أعمى قلبك كما أعمى بصرك فما عليّ! وأبى أن يبايع. فكتب هشام بن إسماعيل إلى عبدالملك، فكتب عبدالملك إليه ما دعاك إلى سعيد!! ما كان علينا منه شيء نكرهه، فأما إذا فعلت فادعه، فإن بايع وإلّا فاضربه ثلاثين سوطاً، وأوقفه للناس، فدعاه هشام فأبى، وقال: لست أبايع لاثنين، فضربه ثلاثين سوطاً، ثمّ ألبسه ثياباً من شعر، وأمر به فطيف به حتّى بلغوا الخيّاطين، ثمّ ردّه وأمر به إلى السجن. فقال سعيد: لولا أنّي ظننت أنه القتل ما لبسته، قلت: أستر عورتي عند الموت.

٤١

مات سنة ثلاث أو أربع وتسعين، وقد قيل إنّه مات سنة خمس ومائة »(١) .

٢ - الذهبي: « سعيد بن المسيب. الإمام شيخ الإسلام، فقيه المدينة، أبو محمّد، المخزومي، أجلّ التابعين، ولد لسنتين مضتا من خلافة عمر، وسمع من عمر شيئاً وهو يخطب، وسمع من عثمان وزيد بن ثابت وعائشة وسعد وأبي هريرة وخلق.

وكان واسع العلم، وافر الحرمة، متين الديانة، قوّالاً بالحق، فقيه النفس.

روى أسامة بن زيد عن نافع عن ابن عمر قال: سعيد بن المسيّب أحد المفتين.

وقال أحمد بن حنبل وغيره: مرسلات سعيد صحاح.

وقال قتادة: ما رأيت أحداً أعلم من سعيد بن المسيّب.

وكذا قال الزهري ومكحول وغير واحد.

قال قال علي بن المديني: لا أعلم في التابعين أوسع علماً من سعيد، هو عندي أجلّ التابعين.

وقال العجلي وغيره: كان لا يقبل جوائز السلطان، وله أربعمائة دينار يتّجر بها بالزيت وغيره.

وقال سعد بن إبراهيم: سمعت سعيد بن المسيب يقول: ما أحد أعلم بقضاءٍ قضاه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ولا أبو بكر وعمر منّي.

قال الواقدي: حدّثني هشام بن سعد سمعت الزهري - وسئل عمّن أخذ سعيد بن المسيب علمه - قال: عن زيد بن ثابت، وسعد بن أبي وقاص، وابن عباس، وابن عمر، وقد سمع من عثمان وعلي وصهيب، وجلّ روايته المسندة.

____________________

(١). كتاب الثقات ٤ / ٢٧٣.

٤٢

عن أبي هريرة، وكان زوج بنته، وكان يقال: ليس أحد أعلم بقضاء عمر وعثمان منه.

وروى معمر عن الزهري: كان سعيد أعلم الناس بقضاء عمر وعثمان.

وعن قتادة قال: كان الحسن إذا أشكل عليه شيء كتب إلى سعيد بن المسيب يسأله.

حماد بن زيد عن يزيد بن حازم: إن المسيب كان يسرد الصوم.

وقال عبدالرحمن بن حرملة: سمعت سعيداً يقول: حججت أربعين حجة.

يوسف بن يعقوب الماجشون، عن المطلب بن السائب قال: كنت جالساً مع سعيد بن المسيب في السوق، فمرّ بريد لبني مروان، فقال له سعيد: من رسل بني مروان أنت؟ قال: نعم. قال: كيف تركت بني مروان؟ قال: بخير. قال: تركتهم يجيعون الناس ويشبعون الكلاب! فأراد شرّأ الرسول، فقمت إليه، فلم أزل أرجيّه حتّى انطلق. فقلت لسعيد: يغفر الله لك، تشيط بدمك! فقال: أسكت يا أحيمق، فوالله لا يسلمني الله ما أخذت بحقوقه.

عن مكحول من وجه ضعيف أنّه قال لمـّا بلغه موت ابن المسيب: استوى الناس.

قال مالك: بلغني أنّ سعيد بن المسيب قال إنّي كنت لأسير الأيام والليالي في طلب الحديث الواحد.

قال مصعب عن عبدالله حدّثني مصعب بن عثمان: إنّ الذي شهد لسعيد ابن المسيب حين أراد مسلم بن عقبة قتله عمرو بن عثمان ومروان الحكم، شهدا أنّه مجنون، فخلّى سبيله.

قال أبو يونس القوي: دخلت المسجد فإذا سعيد بن المسيب جالس

٤٣

وحده. قلت: ما شأنه؟ قالوا: نهى أن يجالسه أحد

قلت: قد أفردت سيرة سعيد في مؤلف »(١) .

٣ - الذهبي: « سعيد بن المسيب بن حزن. الإمام أبو محمّد المخزومي، أحد الأعلام وسيّد التابعين. عن: عمر وعثمان وسعد. وعنه: الزهري وقتادة ويحيى بن سعيد. ثقة، حجة، رفيع الذكر، رأس في العلم والعمل، مات سنة ٩٤ »(٢) .

٤ - الخطيب التبريزي: « كان سيّد التابعين من الطراز الأول، جمع بين الفقه والحديث والزهد والعبادة والورع، وهو المشار إليه المنصوص عليه، وكان أعلم الناس بحديث أبي هريرة وبقضايا عمر.

لقي جماعة كثيرة من الصحابة وروى عنهم.

وعنه: الزهري وكثير من التابعين وغيرهم.

قال مكحول: طفت الأرض كلّها في طلب العلم، فما لقيت أعلم من ابن المسيب.

وقال ابن المسيب: حججت أربعين حجة.

مات سنة ثلاث وتسعين رحمه الله تعالى »(٣) .

٥ - ابن حجر: « قال نافع عن ابن عمر: هو والله أحد المفتين [ المتقنين ] وعن عمرو بن ميمون بن مهران عن أبيه قال: قد جئت [ قدمت ] المدينة فسألت عن أعلم أهل المدينة، فدفعت إلى سعيد بن المسيب. وقال ابن شهاب: قال لي عبدالله بن ثعلبة بن أبي صغير: إن كنت تريد هذا - يعني الفقه -

____________________

(١). تذكرة الحفاظ ١ / ٥٤ - ٥٦.

(٢). الكاشف ١ / ٣٧٢.

(٣). الإكمال في أسماء رجال المشكاة ٣ / ٦٦٦.

٤٤

فعليك بهذا الشيخ: سعيد بن المسيب. وقال قتادة: ما رأيت أحداً أعلم بالحلال والحرام منه.

وقال محمّد بن إسحاق عن مكحول: طفت الأرض كلّها في طلب العلم فما لقيت أعلم منه.

وقال سليمان بن موسى: كان أفقه التابعين.

وقال البخاري: قال لي علي عن أبي داود عن شعبة عن أياس بن معاوية قال لي سعيد بن المسيب: ممّن أنت؟ قلت: من مزينة. قال: إنّي لأذكر يوم نعي عمر بن الخطاب النعمان بن مقرن على المنبر، قال: وقال لنا سليمان بن حرب ثنا سلام بن مسكين عن عمران بن عبدالله الخزاعي عن ابن المسيب قال: أنا أصلحت بين علي وعثمان.

وقال الدوري عن ابن معين: ههنا قوم يقولون إنّه أصلح بين علي وعثمان، وهذا باطل.

وقال أيضاً: قد رآني عمر وكنت صغيراً. قلت يقول: ولدت لسنتين مضتا من خلافة عمر. فقال يحيى: ابن ثمان سنين يحفظ شيئاً!!

قال: وسمعته يقول: مرسلات ابن المسيّب أحبّ إليَّ من مرسلات الحسن

وقال أبو طالب قلت لأحمد: سعيد بن المسيب. فقال: ومن مثل سعيد؟! ثقة من أهل الخير. فقلت له: سعيد عن عمر حجة؟ قال: هو عندنا حجة قد رأى عمر وسمع منه، وإذا لم يقبل سعيد عن عمر فمن يقبل؟

وقال الميموني وأحمد بن حنبل: مرسلات سعيد صحاح، لا يرى أصح من مرسلاته.

وقال عثمان الحارثي عن أحمد: أفضل التابعين سعيد بن المسيب.

٤٥

وقال ابن المديني: لا أعلم في التابعين أوسع علماً من سعيد بن المسيّب، قال: وإذا قال سعيد مضت السنّة فحسبك. قال: وهو عندي أجلّ التابعين.

وقال الربيع عن الشافعي: إرسال ابن المسيب عندنا حسن.

وقال الليث عن يحيى بن سعيد: كان ابن المسيب يسمّى راوية عمر، كان أحفظ الناس لأحكامه وأقضيته.

وقال إبراهيم بن سعد عن أبيه عن سعيد: ما بقي أحد أعلم بكلّ قضاءٍ قضاه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وكلّ قضاءٍ قضاه أبو بكر وكلّ قضاءٍ قضاه عمر منّي، قال إبراهيم عن أبيه: وأحسبه قال: وعثمان.

وقال مالك: بلغني أنّ عبدالله بن عمر كان يرسل إلى ابن المسيّب يسأله عن بعض شأن عمر وأمره. وقال مالك: لم يدرك عمر، ولكن لما كبر أكبّ على المسألة عن شأنه وأمره. وقال قتادة: كان الحسن إذا أشكل عليه شيء كتب إلى سعيد بن المسيّب. وقال العجلي: كان رجلاً صالحاً فقيهاً

وقال أبو زرعة: مدني قرشيء ثقة إمام. وقال أبو حاتم: ليس في التابعين أنبل منه، وهو أثبتهم في أبي هريرة.

قال الواقدي: مات سنة ٩٤ في خلافة الوليد وهو ابن خمس وسبعين سنة. قال أبو نعيم: مات سنة ٩٣.

قلت: على تقدير ما ذكروا عنه أنّ مولده لسنتين مضتا من خلافة عمر - والإسناد إليه صحيح - يكون مبلغ عمره ثمانين سنة إلّاسنة، كما قال الواقدي »(١) .

٦ - ابن حجر: « سعيد بن المسيب أحد العلماء الثمانية، إتّفقوا على أنّ

____________________

(١). تهذيب التهذيب ٤ / ٨٤.

٤٦

مرسلاته أصح المراسيل، وقال ابن المديني: لا أعلم في التابعين أوسع علماً منه. مات بعد التسعين وقد ناهز الثمانين »(١) .

٧ - السّيوطي: « سعيد بن المسيّب قال قتادة: ما رأيت أحداً قط أعلم بالحلال والحرام منه، وقال مكحول: ما لقيت أعلم منه، وقال سليمان بن موسى: إنّه أفقه الناس، وقال أحمد: إنّه أفضل التابعين »(٢) .

٨ - عبدالحق الدهلوي: « سعيد بن المسيب بن حزن القرشي الإمام أبو محمّد المخزومي المدني، من فقهاء السبعة الذين كانوا بالمدينة أحد الأعلام، سيّد التابعين، جمع بين الفقه والحديث والزهد والعبادة والورع، ثقة حجة فقيه رفيع الذكر، رأس في العلم والعمل.

ويروى عن الإمام زين العابدين أنّه قال: سعيد بن المسيب أعلم الناس، ويقال: إنّه لم يكن في التابعين أكثر منه علماً »(٣) .

ترجمة أبي هريرة

وأمّا « أبو هريرة » فهو من الصحابة الكبار والأئمّة الأعلام عند أهل السنّة، فلا حاجة إلى تعديله وتوثيقه بعد أن مدح الله سبحانه تعالى الصّحابة وأثنى عليهم في القرآن الكريم كما يزعمون، وبعد أن وردت عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الأحاديث العامة والخاصّة في فضله ومقامه كما يروون.

ولا بأس بذكر مقتطفاتٍ من تراجمه في معاجم الصّحابة والحفّاظ:

____________________

(١). تقر يب التهذيب ١ / ٣٠٥.

(١). إسعاف المبطأ برجال الموطّأ: ١٧، طبع مع تنوير الحوالك.

(٢). رجال المشكاة للشيخ عبدالحق الدهلوي.

٤٧

١ - ابن عبدالبر: « أبو هريرة الدوسي صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أسلم أبو هريرة عام خيبر، وشهدها مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ثمّ لزمه وواظب عليه رغبةً في العلم راضياً بشبع بطنه، وكانت يده مع يد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وكان يدور معه حيثما دار، وكان من أحفظ أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وكان يحضر ما لا يحضره سائر المهاجرين والأنصار، لاشتغال المهاجرين بالتجارة والأنصار بحوائجهم.

وقد شهد له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بأنّه حريص على العلم والحديث، وقال له: يا رسول الله، إنّي قد سمعت منك حديثاً كثيراً، فإنّي أخشى أن أنسى، فقال: أبسط رداءك، قال: فبسطته فغرف بيده ثمّ قال: ضمّه، فضممته، فما نسيت شيئاً بعده.

وقال البخاري: روى عنه أكثر من ثمانمائة رجل من بين صاحب وتابع. وممّن روى عنه من الصّحابة: إبن عباس وابن عمر وجابر بن عبدالله وأنس وواثلة بن الأسقع وعائشة، إستعمله عمر بن الخطاب على البحرين ثمّ عزله، ثمّ أراده على العمل فأبى عليه، فلم يزل يسكن المدينة، وبها كانت وفاته »(١) .

٢ - إبن الأثير: « ب د ع أبو هريرة الدوسي صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأكثرهم حديثاً عنه وقد اختلف في اسمه اختلافاً كثيراً، لم يختلف في اسم آخر مثله ولا ما يقاربه وإنّما هو مشهور بكنيته، وأسلم أبو هريرة عام خيبر، وشهدها مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ثمّ لزمه وواظب عليه رغبة في العلم، فدعا له رسول الله:

أخبرنا إبراهيم وغيره عن أبي عيسى، أخبرنا أبو موسى، أخبرنا عثمان ابن عمر، أخبرنا ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، قال قلت:

____________________

(١). الإستيعاب في معرفة الأصحاب ٤ / ١٧٥٨.

٤٨

يا رسول الله، أسمع منك أشياء فلا أحفظها. قال: ابسط رداءك، فبسطته، فحدّث حديثاً كثيراً، فما نسيت شيئاً حدّثني به.

... عن ابن عمر أنّه قال لأبي هريرة: أنت كنت ألزمنا لرسول الله وأحفظنا لحديثه.

... عن الزهري عن الأعرج قال: سمعت أبا هريرة قال: إنّكم تقولون إنّ أبا هريرة يكثر الحديث عن رسول الله ( ص )، والله الموعد! كنت رجلاً مسكيناً أخذم رسول الله على ملء بطني، وكان المهاجرون يشغلهم الصفق بالأسواق، وكانت الأنصار يشغلهم القيام على أموالهم. وقال رسول الله: من يسبط ثوبه فلن ينسى شيئاً سمعه منّي، فبسط ثوبي حتّى قضى حديثه ثمّ ضممته إليَّ فما نسيت شيئاً سمعته بعد.

... قال البخاري: روى عن أبي هريرة أكثر من ثمانمائة رجل من صاحب وتابع

قال خليفة: توفي أبو هريرة سنة ٥٧. وقال الهيثم بن عدي: توفي سنة ٥٨ »(١) .

٣ - الذهبي: « أبو هريرة الدوسي اليماني، الحافظ الفقيه، صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان من أوعية العلم ومن كبار أئمّة الفتوى، مع الجلالة والعبادة والتواضع.

قال البخاري: روى عنه ثمانمائة نفس أو أكثر

وكان من أصحاب الصّفة فقيراً، ذاق جوعاً وفاقة، ثمّ بعد النبيّ صلح حاله وكثر ماله، وكان كثير التعبد والذّكر، ولي إمرة المدينة، وناب أيضاً عن مروان في إمرتها، وكان يمرّ في السّوق يحمل الحزمة وهو يقول: أوسعوا

____________________

(١). أسد الغابة في أسماء الصحابة ٥ / ٣١٥.

٤٩

الطريق للأمير، وكان فيه دعابة

روى أحمد في مسنده عن أبي كثير التميمي عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: اللّهمّ حبّب عبيدك هذا - يعني أبا هريرة - وأُمّه إلى عبادك المؤمنين، وحبّبهم إليهما

قال الأعمش عن أبي صالح السمّان: كان أبو هريرة من أحفظ أصحاب محمّد رسول الله.

وقال الشافعي: أبو هريرة أحفظ من روى الحديث في دهره.

وروى كهمس عن عبدالله بن شفيق قال قال أبو هريرة: لا أعرف أحداً من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أحفظ لحديثه منّي.

أبو داود الطيالسي، نا عمران القطّان، عن بكر بن عبدالله، عن أبي رافع، عن أبي هريرة إنّه لقي كعباً، فجعل يحدّثه ويسأله، فقال كعب: ما رأيت أحداً لم يقرأ التوراة أعلم بما فيها من أبي هريرة.

هشيم، عن يعلى بن عطا، عن الوليد بن عبدالرحمن، عن ابن عمر إنّه قال: يا أبا هريرة أنت كنت ألزمنا لرسول الله، وأعلمنا بحديثه »(١) .

أقول:

وبعد هذا كلّه لا يرتاب المنصف في صحّة حديث التشبيه، وإنّه ليعلم - بعد هذا - كذب ( الدّهلوي ) في دعواه، وأنّ غرضه ستر الحقيقة وكتمان الواقع ظلماً وزوراً.

____________________

(١). تذكرة الحفاظ ١ / ٣٢.

٥٠

ترجمة ياقوت الحموي

وبقي ترجمة ياقوت الحموي صاحب ( معجم الأدباء ) الذي ذكر الحديث بترجمة المفجّع وياقوت من أعاظم مصنّفي أهل السنّة، ومن مشاهير أدبائهم ومحقّقيهم هذا من جهة.

ومن جهةٍ أخرى: قد اشتهر ياقوت بتعصّبه على سيّدنا أمير المؤمنينعليه‌السلام ، حتّى نصّ مترجموه على ذلك كابن خلّكان

وحينئذٍ، لا يرتاب أحد في صحّة الحديث الذي ذكره واعتباره، إذ لا يبقى بعد هذا مجالٍ لإنكاره أو القدح في سنده

ومن كلمات أهل السنّة في ترجمة ياقوت ما يلي:

١ - السمعاني: « أبو الدر ياقوت بن عبد الله الرومي التاجر، عتيق عبدالله ابن أحمد البخاري سمع أبا محمّد عبدالله بن محمّد بن هزار مرد الصريفيني، قرأت عليه ببغداد أمالي أبي طاهر المخلّص بروايته عن ابن هزامرد عنه. وكان شيخاً مليح الشيبة لطيفاً [ نظيفاً ] ظاهره الخير والصلاح، وتوفي سنة ٥٤٣ بمصر »(١) .

٢ - إبن خلّكان: « وكان متعصّباً على علي بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه ، وكان قد طالع شيئاً من كتب الخوارج، فاشتبك في ذهنه منه طرف قوي، وتوجّه إلى دمشق في سنة ثلاث عشرة وستمائة، وقعد في بعض أسواقها، وناظر بعض من يتعصّب لعليرضي‌الله‌عنه ، وجرى بينهما كلام أدّى إلى ذكره عليّاًرضي‌الله‌عنه بما لا يسوغ، فثار الناس عليه ثورة كادوا يقتلونه، فسلم منهم، وخرج من دمشق منهزماً بعد أن بلغت القضية إلى والي البلد، فطلبه ولم يقدر

____________________

(١). الأنساب - الرّومي.

٥١

عليه، ووصل إلى حلب خائفاً يترقّب

وكان قد تتبّع التواريخ، وصنّف كتاباً سمّاه إرشاد الألبّاء إلى معرفة الأدباء، يدخل في أربع مجلّدات »(١) .

٣ - الذهبي: « ياقوت الرومي الحموي ثمّ البغدادي التاجر شهاب الدين، الأديب الأخباري، صاحب التصانيف الأدبيّة في التاريخ والأنساب والبلدان وغير ذلك. توفي في رمضان »(٢) .

٤ - اليافعي: « ياقوت الرومي الحموي ثمّ البغدادي التاجر، شهاب الدين، الأديب الأخباري، صاحب التصانيف الأدبيّة في التاريخ والأنساب والبلدان وغير ذلك.

أُسير من بلاده صغيراً، فابتاعه ببغداد رجل تاجر، ولمـّا كبر ياقوت المذكور قرأ شيئاً من النحو واللغة، وشغله مولاه بالأسفار في متاجره، ثمّ جرت بينه وبين مولاه قضيّة أوجبت عتقه، فأبعده عنه، فاشتغل بالنسخ، وحصلت له بالمطالعة فوائد، وصنّف كتاباً سمّاه إرشاد الألبّاء إلى معرفة الأدباء، في أربع مجلّدات، وكتاباً في أخبار الشعراء المتأخّرين والقدماء، وكتباً أخرى عديدة، وكانت له همّة عالية في تحصيل المعارف »(٣) .

٥ - ابن حجر: « ياقوت الرومي الكاتب الحموي.

قال ابن النجّار: كان ذكيّاً، حسن الفهم، ورحل في طلب النسب إلى بلاد الشام ومصر والبحرين وخراسان، وسمع الحديث، وصنّف معجم البلدان، ومعجم الأدباء، وأسماء الجبال والأنهار والأماكن.

____________________

(١). وفيات الأعيان ٦ / ١٢٧.

(٢). العبر ٢ / ٤٥٦.

(٣). مرآة الجنان حوادث سنة ٥٤٣.

٥٢

قال ابن النجّار(*) : كان غزير الفضل، وكان حسن الصحبة، طيّب الأخلاق حريصاً على الطلب. ومات بحلب سنة ٦٢٦ ولم يبلغ الستين »(١) .

اعتماد العلماء على ياقوت

وكثيراً ما يعتمد كبار علماء أهل السنّة وحفّاظهم على أقوال ياقوت وتحقيقاته في تراجم العلماء، ونكتفي هنا بإيراد موارد من اعتماد الحافظ جلال الدين السّيوطي على ياقوت الحموي:

قال السيوطي: « محمّد بن محمّد بن عمران البصري الرقّام، أبو الحسن، قال ياقوت: أحد أصحاب ابن دريد القيّمين بالعلم والفهم »(٢) .

وقال: « محمّد بن بركات بن هلال بن عبدالواحد السعيدي النحوي أبو عبدالله. قال ياقوت: عالي المحلّ في النحو واللغة والأدب، أحد فضلاء المصريين وأعيانهم المبرّزين، أخذ النحو والأدب عن ابن باشا »(٣) .

____________________

(*) ولا بأس بذكر ترجمة ابن النجار الذي نقل ابن حجر كلامه في الثناء على ياقوت، قال ابن شاكر الكتبي: « صنّف التاريخ الذي ذيّل به على تاريخ الخطيب، استدرك فيه على الخطيب، فجاء في ثلاثين مجلّداً، دلَّ على تبحّره في هذا الشأن وسعة حفظه. وكان إماماً ثقة حجة مقرءاً مجوّداً حسن المحاضرة كيساً متواضعاً، اشتملت مشيخته على ثلاثة آلاف شيخ، ورحل سبعاً وعشرين سنة وله كتاب: القمر المنير في المسند الكبير، ذكر كلّ صحابي وما له من الحديث، وله كتاب كنز الإمام في معرفة السنن والأحكام، والمختلف والمؤتلف، ذيّل به على ابن ماكولا، والمتفق والمفترق، ونسبة المحدّثين إلى الآباء والبلدان، كتاب عواليه، كتاب معجمه، جنّة الناظرين في معرفة التابعين، الكمال في معرفة الرجال، القصر الفائق في عيون أخبار الدنيا ومحاسن تواريخ الخلائق، الدرة الثمينة في أخبار المدينة، نزهة الورى في أخبار أمّ القرى ». [ فوات الوفيات ٤ / ٣٦ ].

(١). لسان الميزان لابن حجر العسقلاني ٦ / ٢٣٩.

(٢). بغية الوعاة: ٩٩.

(٣). نفس المصدر: ٢٤.

٥٣

وقال: « محمّد بن أحمد أبو الندى الغندجاني. قال ياقوت: واسع العلم، راجح المعرفة باللغة وأخبار العرب وأشعارها »(١) .

وقال: « محمّد بن أحمد أبو الريحان الخوارزمي قال ياقوت:

وأمّا تصانيفه في النجوم والهيئة والحكمة فإنّها تفوت الحصر »(٢) .

(٢)

رواية أحمد بن حنبل

ورواه أحمد بن حنبل بطريق صحيح:

قال أبو جعفر محمّد بن علي بن شهرآشوب السروي المازندراني رحمة الله عليه:

« أحمد بن حنبل، عن عبدالرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن ابن المسيّب، عن أبي هريرة. وابن بطّة في الإبانة [ بإسناده ] عن ابن عباس، كلاهما عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال:

« من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في فهمه، وإلى موسى في مناجاته، وإلى عيسى في سمته، وإلى محمّد في تمامه وكماله وجماله، فلينظر إلى هذا الرجل المقبل. قال: فتطاول الناس أعناقهم فإذا هم بعلي، كأنما ينقلب في صبب وينحل عن جبل.

تابعهما أنس، إلّا أنّه قال: وإلى إبراهيم في خلّته، وإلى يحيى في زهده،

____________________

(١). بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة: ٢١.

(٢). نفس المصدر: ٢٠.

٥٤

وإلى موسى في بطشه. فلينظر إلى علي بن أبي طالب »(١) .

ترجمة ابن شهرآشوب

وقد ذكر كبار علماء السير والتواريخ من أهل السنّة أبا جعفر محمّد بن علي بن شهرآشوب السروي، ووصفوه بالأوصاف الحميدة، وأثنوا عليه الثناء البالغ:

١ - قال الصفدي: « محمّد بن علي بن شهرآشوب - الثانية سين مهملة - أبو جعفر السروي المازندراني، رشيد الدين الشيعي، أحد شيوخ الشيعة، حفظ أكثر القرآن وله ثمان سنين، وبلغ النهاية في أصول الشيعة، كان يرحل إليه من البلاد، ثمّ تقدّم في علم القرآن والغريب والنحو، ووعظ على المنبر أيّام المقتفي ببغداد، فأعجبه وأخلع عليه، وكان بهيّ المنظر، حسن الوجه والشيبة، صدوق اللهجة، مليح المحاورة، واسع العلم، كثير الخشوع والعبادة والتهجّد، لا يكون إلّاعلى وضوء.

أثنى عليه ابن أبي طي في تاريخه ثناء كثيراً، توفي سنة ٥٨٨ »(٢) .

٢ - الفيروزآبادي: « محمّد بن علي بن شهرآشوب، أبو جعفر المازندراني، رشيد الدين الشيعي، بلغ النهاية في أصول الشيعة، تقدّم في علم القرآن واللغة والنحو، ووعظ أيّام المقتفي فأعجبه وخلع عليه، وكان واسع العلم، كثير العبادة، دائم الوضوء.

له كتاب الفصول في النحو، وكتاب المكنون والمخزون في عيون الفنون، وكتاب أسباب نزول القرآن، وكتاب متشابه القرآن، وكتاب الأعلام

____________________

(١). مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب ٣ / ٢٦٤ ط ايران.

(٢). الوافي بالوفيات ٤ / ١٦٤.

٥٥

والطرائق في الحدود والحقائق، وكتاب الجديدة. جمع فيه فوائد وفرائد جمّة. عاش مائة سنة إلّا عشرة أشهر، مات سنة ٥٨٨ »(١) .

٣ - السيوطي: « محمّد بن علي بن شهرآشوب، أبو جعفر السروي المازندراني، رشيد الدين، شيعي، قال الصفدي: كان مقدّماً في علم القرآن والغريب والنحو، واسع العلم، كثير العبادة والخشوع، ألّف: الفصول في النحو، أسباب نزول القرآن، متشابه القرآن، مناقب علي بن أبي طالب، المكنون، »(٢) .

٤ - شمس الدين الداودي: « محمّد بن علي بن شهرآشوب بن أبي نصر، أبو جعفر السروي المازندراني، رشيد الدين، أحد شيوخ الشيعة، إشتغل بالحديث ولقي الرجال، ثمّ تفقّه وبلغ النهاية في فقه أهل مذهبه، ونبغ في الأصول حتّى صار رحله، ثمّ تقدّم في علم القرآن والقراءات والتفسير والنحو. كان إمام عصره وواحد دهره، أحسن الجمع والتأليف ، و غلب عليه علم القرآن والحديث، وهو عند الشيعة كالخطيب البغدادي لأهل السنّة، في تصانيفه وتعليقات الحديث ورجاله ومراسيله ومتّفقه ومفترقه، إلى غير ذلك من أنواعه، واسع العلم، كثير الفنون.

مات في شعبان سنة ٥٨٨.

قال ابن أبي طي: ما زال الناس بحلب لا يعرفون الفرق بين ابن بطة الحنبلي وابن بطّة الشّيعي، حتّى قدم الرّشيد فقال: إن بطة الحنبلي بالفتح والشيعي بالضمّ »(٣) .

وإذا عرفت جلالة قدر ابن شهرآشوب السّروي، وعلوّ مقامه في الفقه

____________________

(١). البلغة في تراجم أئمّة النحو واللغة: ٢٤٠.

(٢). بغية الوعاة: ٧٧.

(٣). طبقات المفسرين ٢ / ١٩٩.

٥٦

والحديث والتفسير والرجال والقراءات والنحو مع صدق اللّهجة والأمانة في النقل، لم يبق عندك أي شك وريب في رواية أحمد بن حنبل لحديث التشبيه بالسند المتقدّم الذي ذكره إبن شهرآشوب.

رواية صاحب الصحائف حديث التشبيه عن أحمد

هذا، بالإضافة إلى أنّ رواية أحمد بن حنبل لحديث التشبيه مذكورة في كتب أهل السنّة أيضاً، ففي كتاب ( هداية السعداء ) لملك العلماء شهاب الدين الدولت آبادي الهندي، عن كتاب ( الصّحائف )، أنّه عزا رواية الحديث الشريف إلى أحمد والبيهقي، حيث قال:

« روى أحمد والبيهقي في فضائل الصحابة عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى يوشع في تقواه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في هيبته، وإلى عيسى في عبادته، فلينظر إلى وجه علي ».

ثمّ إنّ صاحب ( الصحائف ) لم ينكر - في مقام الجواب عن دلالة هذا الحديث على إمامة أمير المؤمنينعليه‌السلام - رواية أحمد بن حنبل للحديث، بل لم يشك في صحته، بل قال: « والحق أنّ كلّ واحدٍ من الخلفاء الأربعة، بل كل واحدٍ من الصحابة مكرم عند الله، موصوف بالفضائل الحميدة، ولا يجوز الطعن في أحد منهم، لأنّ الطعن في واحدٍ منهم يوجب الكفر »(١) .

ومؤلّف كتاب ( الصحائف ) هو الشيخ شمس الدين محمّد بن أشرف الحسيني السمرقندي، قال الجلبي: « آداب الفاضل شمس الدين محمّد بن أشرف الحسيني السمرقندي، الحكيم المحقّق، صاحب الصحائف

____________________

(١). هداية السعداء - الهداية الأولى، الجلوة السابعة - مخطوط.

٥٧

والقسطاس، المتوفى في حدود سنة ٦٠٠، وهي أشهر كتب الفن، وعليها شروح »(١) .

وذكر ( الصحائف ) بقوله: « الصحائف في الكلام أوله. الحمد لله الذي استحقّ الوجود والوحدة الخ. وهو على مقدمة وستة صحائف وخاتمة »(٢) .

وذكر ( القسطاس ) بقوله: « قسطاس الميزان أي المنطق، وهو على مقدمة ومقالتين، الأولى في التصوّرات، والثانية في التصديقات، لشمس الدين محمّد السمرقندي، وهو صاحب الصحائف»(٣) .

ووصف كتاب ( الصحائف ) شارحه صاحب ( المعارف في شرح الصحائف ) فقال: « وكتاب الصحائف جامع لما ثبت بالحجج القطعيّة والدلائل اليقينيّة، على ما شهد به صريح العقل من حجج المخالفين على الفلاسفة وغيرهم، والمطالب إنّما تبتني على أصولهم وقواعدهم، ليلغي حسبان المريبين، ويقوّي إيمان المصيبين، إذ الحق لا يتميّز ولا يقرّب إلّا بإبانة الحجّة وإزالة الشبهة. فالتمس جماعة من العلماء وطائفة من الفضلاء أن أكتب له شرحاً وافياً لبيانه، كافياً لتبيانه، مع زيادة ما يتوقّف عليه الإتقان، وإفادة ما يفتقر إليه الإيقان، فالتزمته وسمّيته كتاب المعارف في شرح الصحائف ».

وقد ذكر الكاتب الجلبي هذا الشرح أيضاً في ( كشف الظنون ) ويظهر من كلامه وجود شروح عديدة له. وكتاب الصحائف وشرحه المذكور يعدّان من الكتب الكلاميّة المعتمدة عند أهل السنّة، في عداد المقاصد والمواقف والطوالع وشروحها.

____________________

(١). كشف الظنون ١ / ٣٩.

(٢). كشف الظنون ٢ / ١٠٧٥.

(٣). المصدر ٢ / ١٣٢٦.

٥٨

هذا، ولأجل أن يطمئنّ القارىء بما ذكرناه من رواية صاحب ( الصحائف ) هذا الحديث الشريف عن أحمد بن حنبل، ونقله صاحب كتاب ( هداية السعداء ) في كتابه، فإنّا ننقل عين ما جاء في الكتابين:

نصّ كلام صاحب الصحائف

قال في ( هداية السعداء )، في الهداية الأولى، الجلوة السابعة، فيما يصير به الرجل رافضيّاً.

في التمهيد: من قال إنّ عليّاً كان نبيّاً أو أفضل من النّبيّ وأعلم منه، وأنكر خلافة الشيخين، أو سبّهما، أو لعنهما، أو قال إنّ أبابكر ليس من الصّحابة، فهو رافضي كافر.

وفي تفسير الطيّبي عند قوله تعالى( إِذْ هُما فِي الْغارِ ) قالوا من أنكر صحبة أبي بكر مع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقد كفر.

عن التّرمذي، عن ابن عمررضي‌الله‌عنه : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال لأبي بكر: أنت صاحبي في الغار وصاحبي في الحوض.

وفي التشريح: من قال حبّ عليّ كفر ورفض فهو خارجي كافر لأنّ الله أحبّه وأحبّه النبيّ والصّحابة والمؤمنون أجمعون، فإنّه يسب هؤلاء الكلّ.

في كتاب الشّفاء: من قال لأحد من الخلفاء الأربعة إنّه كان على الضلال أو كان كافراً يقتل، لأنّه كفر، وإن سبّهم بغير هذا من مشاتمة الناس نُكِّلَ نكالا شديداً، ومن قال لغيرهم من الصحابة كان فلانٌ من أهل الضلالة نُكِّلَ نكالاً شديداً ».

« وفي الصحائف في الفصل الثالث، في أفضل الناس بعد النبيّ، المراد بالأفضل ههنا أن يكون أكثر ثواباً عند الله واختلفوا فيه.

٥٩

فقال أهل السنّة وقدماء المعتزلة إنّه أبو بكر، وقال الشيعة وأكثر المتأخرين من المعتزلة هو علي.

إستدل أهل السنّة بوجهين، الأوّل: قوله تعالى( وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ ) السورة، والمراد هو أبو بكررضي‌الله‌عنه عند أكثر المفسّرين، والأتقى أكرم عند الله تعالى لقوله تعالى( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ ) والأكرم عند الله أفضل.

الثاني: قوله صلّى الله عليه وسلّم: والله ما طلعت شمس ولا غربت على أحد بعد النبيّين والمرسلين أفضل من أبي بكر.

وأجاب الشيعة: بأن هذا لا يدل على أنّه أفضل، بل بأنّ غيره ليس أفضل منه.

واحتجّت الشيعة بأنّ الفضيلة إمّا عقليّة أو نقليّة، والعقليّة إمّا بالنّسب أو بالحسب، وكان عليّ أكمل الصّحابة في جميع ذلك، فهو أفضل.

أمّا بالنّسب، فلأنّه أقرب إلى رسول الله، والعبّاس وإن كان عمّ رسول الله لكنّه كان أخا عبدالله من الأب وكانَ أبو طالب أخاً منهما، وكان علي هاشميّاً من الأب والأمّ، لأنّه عليّ بن أبي طالب بن عبدالمطّلب بن هاشم، وعليّ بن فاطمة بنت أسد بن هاشم، والهاشمي أفضل لقوله صلّى الله عليه وسلّم اصطفى من ولد إسماعيل قريشاً واصطفى من قريش هاشماً.

وأمّا الحسب، فلأنّ أشرف الصّفات الحميدة الزهد والعلم والشجاعة، وهو فيها أتمّ وأكمل من الصّحابة.

أمّا العلم، فلأنّه ذكر في خُطبه من أسرار التوحيد والعدل والنبوّة والقضاء والقدر وأحوال المعاد ما لم يوجد في الكلام لأحدٍ من الصحابة، وجميع الفرق ينتهي نسبتهم في علم الأصول إليه، فإنّ المعتزلة ينسبون أنفسهم إليه،

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

الذين آمنوا إلّا وعلي رأسها وأميرها، و أخرج عن ابن مسعود قال: كنت عند النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فسئل عن علي كرّم الله وجهه، فقال: قسمت الحكمة عشرة أجزاء فأعطي علي تسعة أجزاء والناس جزءاً واحداً، و عنه أيضاً: أنزل القرآن على سبعة أحرف ما منها حرف إلّا له ظهر وبطن، وأما علي فعنده منه علم الظاهر والباطن، و أخرج أيضاً: علي سيد المرسلين [ المسلمين ] وإمام المتقين، وأخرج أيضاً: أنا سيد ولد آدم وعلي سيد العرب، و أخرج أيضاً: علي راية الهدى، وأخرج أيضاً: إنّ الله أمرني أن أدنيك وأعلمك لتعي وأنزلت عليَّ هذه الآية:( وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ ) وأخرج أيضاً عن ابن عباس: كنا نتحدث أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عهد إلى علي كرّم الله وجه سبعين عهداً لم يعهد إلى غيره. والأخبار في هذا الباب لا تكاد تحصى.

« ت » عن اسماعيل بن موسى الفزاري عن محمد بن عمر الرومي عن شريك عن سلمة بن كهيل عن سويد بن غفلة عن أبي عبد الله الصنابحي عن علي أمير المؤمنين « وقال غريب » وزعم القزويني كابن الجوزي وضعه، وأطال العلائي ردّه وقال: لم يأت أبو الفرج ولا غيره بعلة قادحة في هذا الخبر سوى دعوى الوضع دفعاً بالصدر.

وسئل عنه الحافظ ابن حجر في فتاويه فقال: هذا حديث صحّحه الحاكم وذكره ابن الجوزي في الموضوعات وقال إنه كذب، والصواب خلاف قوليهما معاً وأنه من قسم الحسن لا يرتقي إلى الصحة ولا ينحط إلى الكذب، قال: وبيانه يستدعى طولاً، لكن هذا هو المعتمد »(١) .

____________________

(١). فيض القدير في شرح الجامع الصغير ٣ / ٤٦.

٣٤١

(٣٦)

رواية الشعراني

ورواه محمد حجازي الشعراني في ( فتح المولى النصير بشرح الجامع الصغير ) وحكم بكونه حسناً كما في شرح العزيزي، فإنه المراد من « قال الشيخ » وسيأتي.

(٣٧)

إثبات يعقوب اللّاهوري

وأثبته الملّا يعقوب البنباني اللاهوري. وسيأتي كلامه فيما بعد.

(٣٨)

رواية ابن باكثير المكي

ورواه أحمد بن الفضل المكي حيث قال: « وعنه أيضاً كرّم الله وجهه قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا دار الحكمة وعلي بابها. أخرجه الترمذي »(١) .

____________________

(١). وسيلة المآل - مخطوط.

٣٤٢

(٣٩)

إثبات عبد الحق الدهلوي

وأثبته الشيخ عبد الحق الدهلوي في ( اللمعات شرح المشكاة ) وكذا في ( أشعة اللمعات ). كما ذكر « دار الحكمة » في أسماء النبي في ( مدارج النبوة ).

(٤٠)

رواية الجفري

وأرسله شيخ بن علي الجفري إرسال المسلَّم حيث قال في ( كنز البراهين الكسبية ): « قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا دار الحكمة وعلي بابها ».

(٤١)

رواية العزيزي

ورواه الشيخ علي العزيزي بشرح الجامع الصغير وقال: « قال العلقمي: وزعم القزويني وابن الجوزي أنه موضوع. وردّ عليهما الحافظ العلائي وابن حجر والمؤلف بما يبطل قولهما وقال الشيخ: حديث حسن »(١) .

____________________

(١). السراج المنير - شرح الجامع الصغير ٢ / ٦٢.

٣٤٣

(٤٢)

رواية الشبراملسي

ورواه علي الشبراملسي في حاشيته على المواهب اللدنية بشرح « دار الحكمة » من أسماء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: « قوله: دار الحكمة. أخذه الشيخ من حديث علي: إنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: أنا دار الحكمة وعلي بابها. رواه الحاكم في المستدرك وصححه ».

(٤٣)

رواية الزرقاني

وأثبته الزرقاني المالكي شارح المواهب اللدنية وحققه بشرح « دار الحكمة » قال: « لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا دار الحكمة وعلي بابها. رواه الحاكم في المستدرك وصححه، وزعم ابن الجوزي والذهبي أنه موضوع. وردّ بما يطول. قال الحافظان العلائي وابن حجر: الصواب إنه حسن لا صحيح ولا موضوع »(١) .

____________________

(١). شرح المواهب اللدنية ٣ / ١٢٩.

٣٤٤

(٤٤)

رواية البدخشاني

ورواه الميرزا محمد البدخشاني في كتابه ( نزل الأبرار ) حيث قال بعد ذكر حديث مدينة العلم: « وهو عند الترمذي وأبي نعيم في الحلية عن علي كرم الله وجهه بلفظ: أنا دار الحكمة وعلي بابها».

وفي كتابه ( مفتاح النجا ): « وأخرجه الترمذي وأبو نعيم في الحلية عن علي كرم الله وجهه مرفوعاً بلفظ: أنا دار الحكمة وعلي بابها ».

وفي كتابه ( تحفة المحبين ) عن الترمذي وحكم بحسنه بالنظر إلى شواهده.

(٤٥)

رواية محمد صدر العالم

ورواه محمد صدر العالم في ( معارج العلى ) نقلا عن ( جمع الجوامع ) وقد مرّت عبارته فيما سبق.

(٤٦)

إثبات النظام السهالوي

وأثبته نظام الدين السهالوي في ( الصبح الصادق ) كما ستعرف.

٣٤٥

(٤٧)

رواية ولي الله الدهلوي

ورواه شاه ولي الله الدهلوي في ( قرة العينين ) واختار أنه حسن.

(٤٨)

رواية الأمير الصنعاني

ورواه محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني عن الترمذي، ونقل تصحيح الطبري في ( الروضة الندية ).

(٤٩)

رواية محمد مبين اللكهنوي

ورواه المولوي محمد مبين اللكهنوي في ( وسيلة النجا ) عن الترمذي وأبي نعيم.

٣٤٦

(٥٠)

رواية ( الدهلوي )

وقال عبد العزيز ( الدهلوي ) في كتابه ( عزيز الاقتباس ): « حديث أنا دار الحكمة وعلي بابها. رواه الترمذي ».

وذكره ( الدهلوي ) في جواب سؤال بعض السائلين واحتج به، وقد مضت عبارته.

(٥١)

إثبات محمد إسماعيل الدهلوي

وهو ابن أخ ( الدهلوي ) فإنه أثبت حديث أنا دار الحكمة في رسالته ( منصب امامت ) قال: « ومن ذلك الحكمة. قال الله تبارك وتعالى( وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ ) وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا دار الحكمة وعلي بابها. ودعاصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لابن عباس: اللهم علمه الحكمة ».

(٥٢)

رواية المحدِّث الدهلوي

ورواه حسن علي المحدث الدهلوي تلميذ ( الدهلوي ) قائلاً: « عن علي

٣٤٧

رضي‌الله‌عنه قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا دار الحكمة وعلي بابها.

رواه الترمذي وقال: هذا حديث غريب، وقال روى بعضهم هذا الحديث عن شريك ولم يذكر فيه عن الصنابحي، ولا نعرف هذا الحديث عن أحد من الثقات غير شريك، ورواه أحمد عن الصنابحي ».

وكذا أثبته في كتابه ( شرح عزيز الاقتباس ).

(٥٣)

رواية السليماني

ورواه نور الدين السليماني في ( الدر اليتيم ) نقلاً عن كتاب ( الاكتفاء ): « وعنه - أي عن عليعليه‌السلام - إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: أنا دار الحكمة وعلي بابها. أخرجه الترمذي في جامعه وقال غريب. وأبو نعيم في المعرفة ».

(٥٤)

رواية ولي الله اللكهنوي

ورواه ولي الله اللكهنوي حيث قال بعد حديث مدينة العلم: « وأورد الترمذي لفظ الدار مكان المدينة ».

٣٤٨

(٥٥)

رواية البلخي القندوزي

ورواه الشيخ سليمان القندوزي حيث قال: « الترمذي والحمويني بسنديهما عن سويد بن غفلة عن الصنابحي عن عليرضي‌الله‌عنه قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا دار الحكمة وعلي بابها وفي الباب عن ابن عباس.

الحمويني عن سلمة بن كهيل عن الصنابحي قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا دار الحكمة وعلي بابها.

ابن المغازلي بسنده عن مجاهد عن ابن عباس. و أيضاً عن سلمة بن كهيل عن الصنابحي عن علي كرّم الله وجهه قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا دار الحكمة وعلي بابها ».

وروى عن ( كنوز الحقائق ): « أنا دار الحكمة وعلي بابها. للترمذي » وكذا عن ( الجامع الصغير ) وعن ( الصواعق المحرقة ).

(٥٦)

رواية الشاذلي

ورواه الشاذلي الدمنتي في ( شرح الترمذي ) حيث أخرجه.

٣٤٩

(٢)

أنا مدينة الحكمة وعلي بابها

وممن رواه أو أرسله إرسال المسلَّم:

١ - إسماعيل المدني الأنماطي.

٢ - أبو الحسن شاذان الفضلي.

٣ - أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني.

٤ - أبو نعيم أحمد بن عبد الله الاصفهاني.

٥ - أبوبكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي.

٦ - أبو المجامع ابراهيم بن محمد الحموئي.

٧ - السيد شهاب الدين أحمد.

٨ - جلال الدين عبد الرحمن السيوطي.

٩ - عبد الرؤف بن تاج العارفين المناوي.

١٠ - شاه ولي الله الدهلوي.

١١ - المولوي ولي الله اللكهنوي.

١٢ - الشيخ سليمان البلخي القندوزي.

٣٥٠

(١)

رواية الأنماطي

لقد روى هذا الحديث بترجمة مولانا أمير المؤمنينعليه‌السلام من كتابه في ( تاريخ الصحابة ) قائلاً: « حدثنا أبوبكر ابن خلاد وفاروق الخطابي قالا: أخبرنا أبو مسلم الكجي، عن محمد بن عمر بن الرومي، عن شريك عن سلمة بن كهيل، عن الصنابحي عن علي قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة الحكمة وعلي بابها ».

(٢)

رواية شاذان الفضلي

ورواه أبو الحسن شاذان الفضلي في كتابه في ( خصائص علي )عليه‌السلام على ما نقل عنه جلال الدين السيوطي، كما ستعلم.

(٣)

رواية الدارقطني

ورواه أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني أيضاً كما ستعلم من عبارة الحافظ الخطيب البغدادي.

٣٥١

(٤)

إثبات أبي نعيم

وأثبت الحافظ أبو نعيم هذا الحديث بوصفه سيدنا أمير المؤمنينعليه‌السلام بـ « مدينة الحكمة »، إذ في مدحه بقوله: « سيد القوم، محب الشهود ومحبوب العبود، باب مدينة الحكمة والعلوم ...»(١) .

(٥)

رواية الخطيب البغدادي

ورواه الحافظ أبوبكر الخطيب البغدادي في ( تاريخ بغداد ) حيث قال:

« أخبرنا علي بن أبي علي المعدّل وعبيد الله بن محمد بن عبيد الله بن سابور، حدثنا عثمان بن إسماعيل بن مجالد، حدثنا أبو معاوية الضرير عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة الحكمة وعلي بابها فمن أراد الحكمة فليأت الباب »(٢) .

وفي كتاب ( تلخيص المتشابه في الرسم ) بقوله: « أخبرني الحسن بن أبي طالب نا علي بن عمر الحافظ، ثنا محمد بن إبراهيم الأنماطي، نا الحسين بن عبيد الله التميمي، نا حبيب بن النعمان قال: أتيت المدينة لأجاور بها، فسألت

____________________

(١). حلية الأولياء ١ / ٦١.

(٢). تاريخ بغداد ١١ / ٢٠٤.

٣٥٢

من خير أهلها فأشاروا إلى جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، فأتيته فسلّمت عليه، فقال لي: أنت الأعرابي الذي سمعت من أنس بن مالك خمسة عشر حديثاً؟ قال قلت: نعم. قال: فأملها علي، قال: فأمليتها على ابنه وهو يسمع فقلت له: الا تحدثني بحديثٍ عن جدّك أخبرك به أبوك؟ قال: يا أعرابي تريد أن يبغضك الناس وينسبوك إلى الرفض؟ قال قلت: لا. قال: حدثني أبي عن جدّي قال حدثني جابر بن عبد الله قال رسول الله: أبوبكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة.

قال: فعجّلت. فعرف الذي أردت. قال:

وحدثني أبي عن أبيه عن جابر قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة الحكم - أو الحكمة - وعلي بابها، فمن أراد المدينة فليأت الباب »(١) .

كما وستعلم ذلك من عبارة السيوطي الآتية.

(٦)

رواية الحموئي

ورواه صدر الدين أبو المجامع الحمويني، كما ستعلم من عبارة القندوزي.

(٧)

رواية شهاب الدين أحمد

وقال شهاب الدين أحمد: « قال الامام الهمام المتفق على علو شأنه في العلوم

____________________

(١). تلخيص المتشابه ١ / ١٦١.

٣٥٣

والأعمال، المتّسق له دراري الفضل في سلك النظم بألسنة أهل الكمال، الحافظ الورع البارع العالم العامل العارف الكامل بلا شك ومرية: أبو نعيم أحمد بن عبد الله الاصفهاني، في كتابه الفائق اللائق المسمى بالحلية: « وسيد القوم محب الشهود ومحبوب المعبود، باب مدينة الحكم والعلوم ...»(١) .

(٨)

رواية السيوطي

وقال جلال الدين السيوطي: « قال أبو الحسن شاذان الفضلي في خصائص علي: ثنا أبوبكر محمد بن ابراهيم بن فيروز الأنماطي، ثنا الحسين بن عبد الله التميمي، ثنا حبيب بن النعمان، حدثني جعفر بن محمد، حدثني أبي عن جدي عن جابر بن عبد الله قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة الحكمة وعلي بابها فمن أراد المدينة فليأت إلى بابها.

أخرجه الخطيب في تلخيص المتشابه من طريق الدارقطني، ثنا محمد بن ابراهيم الأنماطي به »(٢) .

(٩)

رواية المناوي

ورواه عبد الرؤف المناوي حيث قال: « أنا دار الحكمة. وفي رواية: أنا

____________________

(١). توضيح الدلائل - مخطوط.

(٢). اللالي المصنوعة ١ / ٣٣٥.

٣٥٤

مدينة الحكمة - وعلي بابها. أي: علي بن أبي طالب هو الباب الذي يدخل منه إلى الحكمة»(١) .

(١٠)

رواية ولي الله الدهلوي

ورواه شاه ولي الله الدهلوي في ( إزالة الخفا ) مستشهداً به مرسلاً إيّاه إرسال المسلَّم حيث قال في ذكر مآثر أمير المؤمنينعليه‌السلام : « وحكمته أكثر من أن تحصر وتحصى وكيف يتيسر ذلك وقد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة الحكمة وعلي بابها »؟

(١١)

رواية ولي الله اللكهنوي

وكذا قال المولوي ولي الله اللكهنوي في ذكر مناقب الامامعليه‌السلام من كتابه ( مرآة المؤمنين ).

(١٢)

رواية القندوزي

وقال القندوزي البلخي الحنفي: « أخرج الحمويني عن سعيد بن جبير عن

____________________

(١). فيض القدير ٣ / ٤٦.

٣٥٥

ابن عباسرضي‌الله‌عنه قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا علي أنا مدينة الحكمة وأنت بابها ولن تؤتى المدينة إلّا من قبل الباب، وكذب من زعم أنه يحبّني ويبغضك، لأنك مني وأنا منك، لحمك من لحمي ودمك من دمي وروحك من روحي وسريرتك من سريرتي وعلانيتك من علانيتي. وأنت إمام أمّتي ووصيي. سعد من أطاعك وشقي من عصاك وربح من تولاك وخسر من عاداك. فاز من لزمك وهلك من فارقك ومثلك ومثل الأئمة من ولدك مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق. ومثلكم مثل النجوم كلما غاب نجم طلع نجم إلى يوم القيامة »(١) .

تنبيه

يظهر من الحافظ الدارقطني أن له كلاماً في ثبوت حديث: ( أنا مدينة الحكمة وعلي بابها ) عن سيدنا عليعليه‌السلام . وهذا نص كلامه في ( العلل ): « وسئل عن حديث الصنابحي عن علي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة الحكمة وعلي بابها فمن أراد المدينة فليأتها من بابها.

فقال: هو حديث يرويه سلمة بن كهيل. واختلف عنه. فرواه شريك عن سلمة عن الصنابحي عن علي. واختلف عن شريك، فقيل عنه عن سلمة عن رجل عن الصنابحي. ورواه يحيى بن سلمة بن كهيل عن أبيه عن سويد بن غفلة عن الصنابحي ولم يسنده.

والحديث مضطرب غير ثابت. وسلمة لم يسمع من الصنابحي »(٢) .

أقول: هذا من الدارقطني غير مقبول. إذ لا تنافي بين طرق الحديث، بل إن بعضها يقوّي البعض الآخر، ولا اضطراب وتوضيح ذلك:

____________________

(١). ينابيع المودة: ١٣٠ ٦ / ٢٣٠.

(٢). تهذيب التهذيب ٤ / ١٥٦.

٣٥٦

إن الطريق الذي فيه « شريك عن سلمة عن الصنابحي عن علي » لا كلام في ثبوت الحديث به، ودعوى الدارقطني أن « سلمة لم يسمع من الصنابحي » غير مسموعة، لأنها شهادة على النفي، بل لا وجه لاستبعاد سماعه منه، لأن سلمة ولد سنة ٧٤ كما ذكر ابن حجر(١) . وقد مات الصنابحي - وهو عبد الرحمن بن عسيلة - زمن عبد الملك، وذكره البخاري فيمن مات بين السبعين إلى الثمانين كما قال ابن حجر. فلو كانت وفاته سنة ٧٠ كان سلمة من أبناء الثالثة والعشرين. فلا شكال في سماعه منه.

والطريق الذي فيه: « شريك عن سلمة عن رجل عن الصنابحي » يثبت به الحديث كذلك، لأن « الرجل » فيه هو « سويد بن غفلة » بقرينة الطريق الآخر وهو من ثقات التابعين قال الذهبي: « سويد بن غفلة الجعفي أبو أمية ولد عام الفيل قدم المدينة حين دفنوا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وسمع أبابكر وعدّة. وعنه سلمة بن كهيل وعبدة بن أبي لبابة. ثقة إمام زاهد قوّام »(٢) .

وأما قول الدارقطني: « ورواه يحيى بن سلمة بن كهيل عن أبيه عن سويد ابن غفلة عن الصنابحي ولم يسنده » أي: لم يسنده إلى الصنابحي، بل رواه عن أمير المؤمنينعليه‌السلام من دون ذكر له.

ففيه: إن « سويد بن غفلة » تابعي مخضرم، روى عن الخلفاء الأربعة كما لا يخفى على من لاحظ كتب الرجال، وقد نص على ذلك الحافظ العلائي في ( أجوبته ) والفيروزآبادي في ( نقد الصحيح ). على أنه والصنابحي في طبقة واحدة ولم يكن بين قدومهما المدينة المنورة إلّا أيّام معدودة. قال ابن حجر: « سويد بن غفلة - بفتح المعجمة والفاء - أبو أمية الجعفي، مخضرم من كبار التابعين، قدم المدينة يوم دفن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكان مسلما في حياته، ثم نزل الكوفة

____________________

(١). تهذيب التهذيب ٦ / ٢٣٠.

(٢). الكاشف ١ / ٤١٢.

٣٥٧

ومات سنة ٨٠ وله مائة وثلاثون سنة »(١) .

وقال: « عبد الرحمن بن عسيلة - بمهملة مصغراً - المرادي أبو عبد الله الصنابحي ثقة من كبار التابعين. قدم المدينة بعد موت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بخمسة أيام، مات في خلافة عبد الملك »(٢) .

فلا مانع من سماع كلا الرجلين الحديث من أمير المؤمنينعليه‌السلام مباشرة، فعدم إسناد « سويد بن غفلة » الحديث إلى « الصنابحي » لا يوجب الطعن في هذا الطريق.

فظهر أن تعلّل الدارقطني بهذا في ( العلل ) ليس إلّا عن جهل وغفلة إنْ لم يكن من علة في قلبه

ولا يخفى أن ما ذكره يدور حول الحديث عن أمير المؤمنين خاصة وقد علمت من عبارة الخطيب والسيوطي أن الدارقطني من رواته عن جابر. كما عرفت من رواية الحمويني ورود هذا الحديث عن ابن عباس أيضاً.

____________________

(١). تقريب التهذيب ١ / ٣٤١.

(٢). تقريب التهذيب ١ / ٤٩١.

٣٥٨

(٣)

أنا دار العلم وعلي بابها

وممن رواه أو أثبته:

١ - أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي.

٢ - محب الدين أحمد بن عبد الله الطبري.

٣ - علي بن سلطان القاري.

٤ - أحمد بن الفضل بن باكثير المكي.

٥ - شيخ بن علي الجفري.

٦ - سليمان بن إبراهيم القندوزي.

(١)

رواية البغوي

أما البغوي فقد روى هذا الحديث الشريف في كتابه ( مصابيح السنة ) كما

٣٥٩

ستعلم من عبارة المحب الطبري الآتية.

(٢)

رواية المحب الطبري

فقد قال محب الدين الطبري في ( ذخائر العقبى ) إذْ قال: « ذكر أنهرضي‌الله‌عنه باب دار العلم وباب مدينة العلم. عن عليرضي‌الله‌عنه قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا دار العلم وعلي بابها.

أخرجه البغوي في المصابيح في الحسان.

وأخرجه أبو عمروقال: أنا مدينة العلم وعلي بابها. وزاد: فمن أراد العلم فليأته من بابه »(١) .

وفي ( الرياض النضرة ): « ذكر اختصاصه بأنه دار العلم وباب مدينة العلم. عن عليرضي‌الله‌عنه قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا دار العلم وعلي بابها. أخرجه في المصابيح في الحسان ».

وفيه: « ذكر علمه وفقهه. وقد تقدم - في ذكر أعلميته مطلقاً وأعلميته بالسنة، وأنه باب دار العلم، وأن أحداً من الصحابة لم يكن يقول: « سلوني » غيره، وإحالة جمع من الصحابة عليه - معظم أحاديث هذا الذكر ».

(٣)

رواية القاري

وقال علي القاري: « وعنه. أي عن علي. قال قال رسول الله صلّى الله

____________________

(١). ذخائر العقبى ٧٧.

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428