تذكرة الفقهاء الجزء ٩

تذكرة الفقهاء4%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-008-0
الصفحات: 466

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 466 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 318986 / تحميل: 5222
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ٩

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٠٠٨-٠
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

مسألة ٩٥ : الأقرب جواز استرقاق بعض الشخص ، والفداء والمنّ في الباقي.

وللشافعيّة وجهان بناءً على القولين في أنّ أحد الشريكين إذا أولد الجارية المشتركة وهو معسر ، يكون الولد كلّه حُرّاً ، أو يكون بقدر نصيب الشريك رقيقاً؟ فعلى تقدير عدم الجواز قالوا : إذا ضُرب الرقّ على بعضه ، رُقّ الكلّ. وقال بعضهم : يجوز أن يقال : لا يُرقّ شي‌ء(١) .

وإن اختار الفداء ، جاز الفداء بالمال سلاحاً كان أو غيره. ويجوز أن يفدي باُسارى المسلمين. ويجوز أن يفديهم بأسلحتنا في أيديهم ، ولا يجوز ردّ أسلحتهم في أيدينا بمالٍ يبذلونه ، كما لا يجوز بيع السلاح منهم. وفي جواز ردّها باُسارى المسلمين وجهان ، والأقرب عندي : الجواز.

وأمّا العبيد إذا وقعوا في الأسر ، كانوا كسائر الأموال المغنومة لا يتخيّر الإمام فيهم ؛ لأنّ عبد الحربيّ ماله ، لأنّه لو أسلم في دار الحرب ولم يخرج ولا قهر سيّده ، لم يزل ملك الحربيّ عنه ، وإذا سباه المسلمون ، كان عبداً مسلماً لا يجوز المنّ عليه ، ويجوز استرقاقه ، ولو لا أنّه مال ، لجاز تخلية سبيله كالحُرّ ، ولما جاز استرقاقه ؛ لأنّه مسلم. وهذا قول أكثر الشافعيّة(٢) .

وقال بعضهم : لو رأى الإمام قَتْلَه ؛ لشرّه وقوّته ، قَتَله وضمن قيمته للغانمين(٣) .

والأولى عندي جواز قتله من غير ضمان ؛ دفعاً لشرّه.

مسألة ٩٦ : لو أسلم الأسير بعد الأسر ، سقط عنه القتل إجماعاً ؛ لما‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤١١ ، روضة الطالبين ٧ : ٤٥١.

(٢) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤١٠ ، روضة الطالبين ٧ : ٤٥٠.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٢٣٨ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤١٠ ، روضة الطالبين ٧ : ٤٥٠.

١٦١

رواه العامّة من قولهعليه‌السلام : « اُمرت أن اُقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلّا الله ، فإذا قالوها عصموا منّي دماءهم »(١) الحديث.

ومن طريق الخاصّة : قول زين العابدينعليه‌السلام : « الأسير إذا أسلم فقد حقن دمه وصار قنّاً(٢) »(٣) .

وهل بسقوط القتل يصير رقّاً أو يتخيّر الإمام في باقي الجهات؟ للشافعيّة قولان :

أحدهما : يسترقّ بنفس الإسلام - وبه قال أحمد(٤) - لأنّه أسير يحرم قتله ، فيجب استرقاقه ، كالمرأة.

والثاني : التخيير بين المنّ والفداء والاسترقاق - وهو قول الشيخ(٥) رحمه‌الله - لأنّ أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أسروا رجلاً من بني عُقَيْل فأوثقوه وطرحوه في الحرّة ، فمرّ به النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : يا محمّد على مَ اُخِذْتُ واُخِذَتْ سابقة(٦) الحاج؟ فقال : « اُخِذْتَ بجريرة حلفائك من ثقيف » وكانت ثقيف قد أسرت رجلين من المسلمين ، ومضى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فناداه يا محمّد يا محمّد ، فقال له : « ما شأنك؟ » فقال : إنّي مسلم ، فقال : « لو قلتها وأنت تملك أمرك لأفلحت كلّ الفلاح » وفادى به النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله الرجلين(٧) ، ولو صار رقيقاً ، لم يفاد به(٨) .

____________________

(١) صحيح البخاري ٩ : ١٣٨ ، صحيح مسلم ١ : ٥٣ / ٣٥ ، المستدرك - للحاكم - ٢ : ٥٢٢ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٢٩٥ / ٣٩٢٧ و ٣٩٢٨ ، سنن سعيد بن منصور ٢ : ٣٣٢ - ٣٣٣ / ٢٩٣٣.

(٢) في المصدر : « فيئاً » بدل « قنّاً ».

(٣) الكافي ٥ : ٣٥ / ١ ، التهذيب ٦ : ١٥٣ / ٢٦٧.

(٤) المغني ١٠ : ٣٩٦ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٠٣.

(٥) المبسوط - للطوسي - ٢ : ٢٠.

(٦) أراد بها العضباء - وهي ناقة كانت لرجل من بني عقيل - فإنّها كانت لا تُسبق.

(٧) صحيح مسلم ٣ : ١٢٦٢ / ١٦٤١ ، سنن البيهقي ٦ : ٣٢٠ و ٩ : ٦٧.

(٨) المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٢٣٧ ، الحاوي الكبير ١٤ : ١٧٩ ، حلية العلماء ٧ : =

١٦٢

وعند الشافعي يسترقّ بنفس الإسلام ، ولا يمنّ عليه ولا يفادي به إلّا بإذن الغانمين ؛ لأنّه صار مالاً لهم(١) .

وإذا فادى به مالاً أو رجالاً ، جاز ليخلص من الرقّ ، فإن فاداه بالرجال ، جاز بشرط أن تكون له عشيرة تحميه من المشركين حيث صار مسلماً ، وإلّا لم يجز له(٢) ردّه. والمال الذي يفادي به يكون غنيمة للغانمين.

مسألة ٩٧ : لو أسلم الأسير قبل الظفر به ووقوعه في الأسر ، لم يجز قتله إجماعاً ، ولا استرقاقه ولا المفاداة به(٣) ؛ لأنّه أسلم قبل أن يقهر بالسبي ، فلا يثبت فيه التخيير.

ولا فرق بين أن يسلم وهو محصور في حصن أو مصبور أو رمى نفسه في بئر وقد قرب الفتح ، وبين أن يسلم في حال أمنه - وبه قال الشافعي(٤) - لأنّه لم يحصل في أيدي المسلمين بعدُ ، ويكون دمه محقوناً لا سبيل لأحد عليه ، ويحقن ماله من الاستغنام وذرّيّته من الأسر ، ويحكم بإسلامهم تبعاً له.

وقال أبو حنيفة : إسلامه بعد المحاصرة ودُنوّ الفتح لا يعصم نفسه‌

____________________

= ٦٥٦ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤٨٤ ، روضة الطالبين ٧ : ٤٥١ - ٤٥٢ ، المغني ١٠ : ٣٩٦ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٠٣.

(١) المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٢٣٧ ، الحاوي الكبير ١٤ : ١٧٩ ، حلية العلماء ٧ : ٦٥٦ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤٨٤ ، روضة الطالبين ٧ : ٤٥٢ ، المغني ١٠ : ٣٩٦ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٠٣.

(٢) كلمة « له » لم ترد في « ق ، ك».

(٣) في الطبعة الحجريّة : « ولا مفاداته ».

(٤) الحاوي الكبير ١٤ : ١٧٨ - ١٧٩ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤١٢ ، روضة الطالبين ٧ : ٤٥٢.

١٦٣

عن الاسترقاق ولا ماله عن الاغتنام(١) .

ولا فرق بين مالٍ ومالٍ.

وقال أبو حنيفة : إسلامه يُحرز ما في يده من الأموال دون العقارات. وهو الذي(٢) يذهب إليه؛ لأنّها بقعة من دار الحرب ، فجاز اغتنامها ، كما لو كانت لحربيُّ(٣) .

ولا فرق بين أن يكون في دار الإسلام أو دار الحرب ، وبه قال الشافعي(٤) .

وقال مالك : إذا أسلم في دار الإسلام ، عصم ماله الذي معه في دار الإسلام دون ما معه في دار الحرب(٥) .

وليس بجيّد ؛ لعموم الخبر(٦) .

وقال أبو حنيفة : الحربيّ إذا دخل دار الإسلام وله أولاد صغار في دار الحرب ، يجوز سبيهم(٧) .

والحمل كالمنفصل ، وبه قال الشافعي(٨) .

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤١٢.

(٢) أي : أنّ أبا حنيفة هو الذي يذهب إلى اغتنام العقارات.

(٣) المبسوط - للسرخسي - ١٠ : ٦٦. الهداية - للمرغيناني - ٢ : ١٤٤ - ١٤٥ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤١٢ ، المغني ١٠ : ٤٦٩ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤١٤.

(٤) الحاوي الكبير ١٤ : ٢٢٠ ، حلية العلماء ٧ : ٦٦١ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤١٢ ، روضة الطالبين ٧ : ٤٥٢.

(٥) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤١٢.

(٦) تقدّم الخبر وكذا الإشارة إلى مصادره في ص ١٦١ ، الهامش (١)

(٧) بدائع الصنائع ٧ : ١٠٥ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤١٣ ، حلية العلماء ٧ : ٦٦٢ ، المغني ١٠ : ٤٦٨ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤١٣.

(٨) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤١٣ ، الحاوي الكبير ١٤ : ٢٢٠ ، روضة الطالبين ٧ : ٤٥٢ ، المغني ١٠ : ٤٦٩ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤١٣.

١٦٤

وجوّز أبو حنيفة استرقاقَ الحمل تبعاً للاُم(١) .

وليس بجيّد ؛ لأنّه مسلم بإسلام أبيه ، فأشبه المنفصل.

ولو سُبيت الزوجة وهي حامل وقد أسلم أبوه ، حُكم بإسلام الحمل وحُرّيّته - وبه قال الشافعي وأحمد(٢) - كالمولود.

وقال أبو حنيفة : يحكم برقّه مع اُمّه ؛ لأنّ الاُم سرى إليها الرقّ بالسبي فيسري إلى الحمل ؛ لأنّ ما سرى إليه العتق سرى إليه الرقّ ، كسائر أعضائها(٣) .

والفرق : عدم انفراد الأعضاء بحكم عن الأصل ، بخلاف الحمل.

وهل يُحرز ولد ابنه الصغير؟ إشكال ينشأ من مشابهة الجدّ للأب ، ومن مفارقته إيّاه ، كالميراث. وللشافعيّة وجهان(٤) .

ولهم ثالث : أنّ الوجهين فيما إذا كان الأب ميّتاً ، فأمّا إذا كان الأب حيّاً ، لم يحرز الجدّ(٥) .

وقيل : الوجهان في الصغير الذي أبوه حيّ ، فإن كان ميّتاً ، أحرز الجدّ ، وجهاً واحداً(٦) .

والمجانين من الأولاد كالصغار. ولو بلغ عاقلاً ثمّ جُنّ ، فالأقرب أنّه‌

____________________

(١) بدائع الصنائع ٧ : ١٠٥ ، الحاوي الكبير ١٤ : ٢٢٠ - ٢٢١ ، حلية العلماء ٧ : ٦٦٢ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤١٣ ، المغني ١٠ : ٤٦٩ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤١٣.

(٢) الحاوي الكبير ١٤ : ٢٢٠ ، حلية العلماء ٧ : ٦٦٢ ، المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٢٤٠ ، المغني ١٠ : ٤٦٩ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤١٣.

(٣) بدائع الصنائع ٧ : ١٠٥ ، الحاوي الكبير ١٤ : ٢٢٠ - ٢٢١ ، المغني ١٠ : ٤٦٩ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤١٣.

(٤ و ٥) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤١٣ ، روضة الطالبين ٧ : ٤٥٢.

(٦) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤١٣.

١٦٥

يحرز.

وللشافعيّة وجهان(١) .

ولو أسلمت المرأة قبل الظفر ، أحرزت نفسها ومالها وأولادها الصغار ، وهو أحد قولي الشافعي. وفي الثاني : لا تحرزهم ، وبه قال مالك(٢) .

وأمّا الأولاد البالغون العاقلون فلا يُحرزهم إسلام أحدٍ من الأبوين ؛ لاستقلالهم بالإسلام.

مسألة ٩٨ : لو استأجر مسلم من حربيّ أرضه في دار الحرب ، صحّت الإجارة ، فلو غنمها المسلمون ، كانت غنيمةً ، وكانت المنافع للمستأجر ؛ لأنّه ملكها بالعقد ، فلا يبطل بتجديد الملك بالاستغنام ، كالبيع.

ولو أسلم وزوجته حامل ، عصم الحمل على ما تقدّم. ويجوز استرقاق الزوجة - وهو أحد وجهي الشافعي(٣) - كما لو لم تكن زوجةَ مسلم. والثاني : لا تُسترقّ ؛ لما فيه من إبطال حقّه(٤) .

ولو أعتق المسلم عبده الذمّي مطلقاً إن جوّزنا بغير نذرٍ فلحق بدار الحرب ثمّ اُسر ، احتمل جوازُ استرقاقه ؛ لإطلاق إذن الاسترقاق ، وعدمه ؛ لأنّ للمسلم عليه ولاءً ، واسترقاقه يقتضي إبطاله عنه ، فلا يجوز استرقاقه ، كما لو أبق وهو مملوك.

ولو كان لذمّي في دار الإسلام عبدٌ ذمّي فأعتقه ، صحّ عتقه ، فإن لحق بدار الحرب فاُسر ، جاز استرقاقه عندنا إجماعاً ، وهو أحد وجهي‌

____________________

(١ و ٢) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤١٣ ، روضة الطالبين ٧ : ٤٥٢.

(٣ و ٤) الحاوي الكبير ١٤ : ٢٢١ ، حلية العلماء ٧ : ٦٦٢ ، المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٢٤٠ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤١٣ - ٤١٤ ، روضة الطالبين ٧ : ٤٥٢.

١٦٦

الشافعي(١) .

والثاني : المنع ؛ لتعلّق ولاء الذمّي به(٢) .

وليس بجيّد ؛ لأنّ سيّده لو لحق بدار الحرب ، جاز استرقاقه فهو أولى ، وسقط حقّه بلحوق مُعتقه.

مسألة ٩٩ : لو أسلم عبدُ الذمّي أو أمته في دار الحرب ثمّ أسلم مولاه ، فإن خرج إلينا قبل مولاه ، فهو حرّ ، وإن خرج بعده ، فهو على الرقّيّة ؛ لما رواه العامّة عن أبي سعيد الأعسم ، قال : قضى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في العبد وسيّده قضيّتين : قضى أن العبد إذا خرج من دار الحرب قبل سيّده أنّه حُرُّ ، فإن خرج سيّده بعدُ ، لم يُردّ عليه ، وقضى أنّ السيّد إذا خرج قبل العبد ثمّ خرج العبد ، رُدّ على سيّده(٣) .

ومن طريق الخاصّة : قول الباقرعليه‌السلام : « إنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حيث حاصر أهل الطائف قال : أيّما عبد خرج إلينا قبل مولاه فهو حُرٌّ ، وأيّما عبد خرج إلينا بعد مولاه فهو عبد »(٤) .

ولأنّه بخروجه إلينا قبل مولاه يكون قد قهره على نفسه فيكون قد ملكها ؛ لأنّ القهر يقتضي التملّك ، فكان حُرّاً ، أمّا لو خرج مولاه أوّلاً ، فإنّ العبد يكون قد رضي ببقائه في العبوديّة حيث لم يقهره على نفسه بالخروج ، فكان باقياً على الرقّيّة.

____________________

(١ و ٢) الحاوي الكبير ١٤ : ٢٢٢ ، حلية العلماء ٧ : ٦٦٣ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤١٥ ، روضة الطالبين ٧ : ٤٥٣.

(٣) سنن سعيد بن منصور ٢ : ٢٩٠ / ٢٨٠٦ ، المغني ١٠ : ٤٧٠ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤١٥.

(٤) التهذيب ٦ : ١٥٢ / ٢٦٤.

١٦٧

قال الشيخرحمه‌الله : وإن قلنا : إنّه يصير حُرّاً على كلّ حال ، كان قويّاً(١) .

ولو خرج إلينا قبل مولاه مسلماً ، ملك نفسه ؛ لما قلناه.

ولو كان سيّده صبيّاً أو امرأةً ولم يسلم حتى غُنمت وقد حارب معنا ، جاز أن يملك مولاه. وكذا لو اُسر سيّده وأولاده واُخذ ماله وخرج إلينا ، فهو حُرٌّ ، والمال له والسبي رقيقه.

ولو لم يخرج قبل مولاه ، فإن أسلم مولاه ، كان باقياً على الرقّيّة له ، وإن لم يسلم حتى غنم المسلمون العبد ، كان غنيمةً للمسلمين كافّة.

ولو أسلمت اُمّ ولد الحربيّ وخرجت إلينا ، عُتقت ؛ لأنّها بالقهر ملكت نفسها ، وتستبرئ نفسها ، وهو قول أكثر العلماء(٢) .

وقال أبو حنيفة : تتزوّج إن شاءت من غير استبراء(٣) .

وليس بجيّد ؛ لأنّها اُمّ ولد منكوحة للمولى عتقت ، فلا يجوز لها أن تتزوّج من غير استبراء ، كما لو كانت لذمّيُّ.

ولو أسلم العبد ولم يخرج إلينا ، فإن بقي مولاه على الكفر حتى غُنم ، انتقل إلى المسلمين ، وزال ملك مولاه عنه ، وإن أسلم مولاه ، كان باقياً على ملكيّته.

ولو عقد لنفسه أماناً ، لم يقرّ المسلم على ملكه ؛ لقوله تعالى :( وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً ) (٤) .

وكذا حكم المدبَّر والمكاتب المشروط والمطلق واُمّ الولد في ذلك كلّه على السواء.

____________________

(١) المبسوط - للطوسي - ٢ : ٢٧.

(٢ و ٣) المغني ١٠ : ٤٧٠ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤١٥.

(٤) النساء : ١٤١.

١٦٨

مسألة ١٠٠ : لا يجوز لغير الإمام قتل الأسير بغير قول الإمام قبل أن يرى الإمام رأيه فيه ، فإن قَتَله مسلمٌ أو ذمّيٌّ ، فلا قصاص ولا دية ولا كفّارة ؛ لأنّه لا أمان له ، وهو حُرٌّ إلّا أن يسترقّ ، وبه قال الشافعي(١) .

وقال الأوزاعي ، تجب عليه الدية(٢) ؛ لتعلّق حقّ الغانمين به ، ولهذا يجوز للإمام أن يفاديه بالمال ويكون لهم.

وليس بجيّد ؛ لأنّ الحق إنّما يتعلّق بالبدل لا به ؛ فإنّه حُرٌّ لا ملك لهم فيه ، نعم ، يعزّر قاتله.

ويجب أن يُطعم الأسير ويُسقى وإن اُريد قتله بعدُ بلحظةٍ ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « الأسير يطعم وإن كان يقدّم للقتل »(٣) .

ولو عجز الأسير عن المشي ولم يكن مع المسلم ما يركبه ، لم يجب قتله ؛ لأنّه لا يدري ما حكم الإمام فيه ؛ لقول زين العابدينعليه‌السلام : « إذا أخذْتَ أسيراً فعجز عن المشي ولم يكن معك محمل فأرسله ولا تقتله فإنّك لا تدري ما حكم الإمام فيه »(٤) .

ويكره قتل مَنْ يجب قتله صبراً من الاُسراء(٥) وغيرهم ، ومعناه أنّه يُحبس للقتل ، فإن اُريد قتله ، قتل على غير ذلك الوجه ؛ لقول الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - : « لم يقتل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله رجلاً صبراً قطّ غير رجل واحد‌

____________________

(١) الحاوي الكبير ١٤ : ١٧٨ ، حلية العلماء ٧ : ٦٥٥ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤١١ ، روضة الطالبين ٧ : ٤٥١ ، المغني ١٠ : ٤٠٠ ، الشرح الكبير ١٠ : ٣٩٧.

(٢) حلية العلماء ٧ : ٦٥٥ ، الحاوي الكبير ١٤ : ١٧٨.

(٣) التهذيب ٦ : ١٥٣ / ٢٦٨.

(٤) التهذيب ٦ : ١٥٣ / ٢٦٧.

(٥) في الطبعة الحجريّة : « الأسرى » بدل « الاُسراء ».

١٦٩

عقبة بن أبي مُعيط »(١) .

ولو وقع في الأسر(٢) امرأة أو صبي فقُتل ، وجبت قيمته على القاتل ؛ لأنّه صار مالاً بنفس الأسر.

مسألة ١٠١ : الحميل هو الذي يُجلب من بلاد الشرك ، فإن جُلب منهم قوم تعارفوا بينهم بما يوجب التوارث ، قُبل قولهم بذلك ، سواء كان ذلك قبل العتق أو بعده ، ويورثون على ذلك ؛ لتعذّر إقامة البيّنة عليه من المسلمين ، وقولهعليه‌السلام : « إقرار العقلاء على أنفسهم جائز »(٣) .

وسواء كان النسب نسب الوالدين والولد أو مَنْ يتقرّب بهما إلّا أنّه لا يتعدّى ذلك إلى غيرهم ، ولا يُقبل إقرارهم به.

فإذا اُخذ الطفل من بلاد الشرك ، كان رقيقاً ، فإذا أعتقه السابي ، نفذ عتقه ، قاله الشافعي. [ قال ](٤) : وثبت(٥) له الولاء عليه. فإن أقرّ هذا المعتق بنسب ، نظرت فإن اعترف بنسب أبٍ أو جدٍّ أو أخٍ أو ابن عمّ ، لم يُقبل منه إلّا ببيّنة ؛ لأنّه يبطل حقّ المولى من الولاء(٦) . وهو حسن.

قال : ولو أقرّ بولد ، ففيه ثلاثة أوجه : أحدها : لا يُقبل إقراره ؛ لما تقدّم. والثاني : يقبل ، لأنّه يملك أن يستولد فملك الإقرار بالولد. والثالث : إن أمكن أن يكون ولد له بعد عتقه ، قبل ، لأنّه يملك الاستيلاد بعد عتقه ولا يملكه قبل ذلك(٧) .

____________________

(١) التهذيب ٦ : ١٧٣ / ٣٤٠.

(٢) في الطبعة الحجريّة : « الأسرى » بدل « الأسر ».

(٣) لم نعثر عليه في المصادر الحديثيّة المتوفّرة لدينا.

(٤) إضافة يقتضيها السياق.

(٥) في الطبعة الحجريّة : « يثبت » بدل « ثبت ».

(٦) الحاوي الكبير ١٤ : ٢٤٧ - ٢٤٨.

(٧) الحاوي الكبير ١٤ : ٢٤٨.

١٧٠

مسألة ١٠٢ : إذا سُبي مَنْ لم يبلغ ، صار رقيقاً في الحال ، فإن سُبي مع أبويه الكافرين ، كان على دينهما - وبه قال أبو حنيفة ومالك والشافعي(١) - لقولهعليه‌السلام : « كلّ مولود يولد على الفطرة وإنّما أبواه يهوّدانه وينصّرانه ويمجسانه »(٢) وهما معه.

وقال الأوزاعي : يكون مسلماً ؛ لأنّ السابي يكون أحقّ به ، فإنّه يملكه بالسبي ، وتزول ولاية أبويه عنه ، وينقطع ميراثه منهما وميراثهما منه ، فيكون تابعاً له في الإسلام ، كما لو انفرد السابي به(٣) .

ونمنع من الأصل ، وملك السابي لا يمنعه اتّباعه لأبويه ؛ فإنّه لو كان لمسلمٍ عبدٌ وأمةٌ كافران ، فزوّجه منها ، فإنّ الولد يكون كافراً وإن كان المالك مسلماً.

وإن سُبي منفرداً عن أبويه ، قال الشيخ : يتبع السابي في الإسلام(٤) . وهو قول العامّة(٥) كافّة ؛ لأنّ الكفر إنّما يثبت له تبعاً لأبويه وقد انقطعت تبعيّته لهما ؛ لانقطاعه عنهما وإخراجه عن دارهما ومصيره إلى دار الإسلام تبعاً لسابيه المسلم ، فكان تابعاً له في دينه.

قال الشيخرحمه‌الله : وحينئذٍ لا يباع إلّا من مسلم ، فإن بِيع من كافر ، بطل البيع(٦) .

____________________

(١) مختصر اختلاف العلماء ٣ : ٤٨٢ ، المغني ١٠ : ٤٦٥ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٠٥ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ٢٠٩ ، الحاوي الكبير ١٤ : ٢٤٦ ، حلية العلماء ٧ : ٦٦٣ ، المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٢٤٠.

(٢) صحيح البخاري ٢ : ١٢٥ ، مسند أحمد ٢ : ٤٦٤ - ٧١٤١ و ٥٣٧ - ٧٦٥٥.

(٣) مختصر اختلاف العلماء ٣ : ٤٨٣ ، المحلّى ٧ : ٣٢٤ ، الحاوي الكبير ١٤ : ٢٤٦ ، المغني ١٠ : ٤٦٥ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٠٥.

(٤) المبسوط - للطوسي - ٢ : ٢٣.

(٥) المغني ١٠ : ٤٦٣ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٠٣ ، الحاوي الكبير ١٤ : ٢٤٦ ، الكافي في فقه الإمام أحمد ٤ : ١٣٢ ، روضة الطالبين ٧ : ٤٥١.

(٦) المبسوط - للطوسي - ٢ : ٢٣.

١٧١

وإن سُبي مع أحد أبويه ، قال الشيخرحمه‌الله : يتبع أحد أبويه في الكفر(١) . وبه قال الشافعي وأبو حنيفة وأحمد في رواية ؛ لأنّه لم ينفرد عن أحد أبويه ، فلم يحكم بإسلامه ، كما لو سُبي معهما(٢) .

وقال الأوزاعي وأحمد في الرواية الاُخرى : يحكم بإسلامه ؛ لقولهعليه‌السلام : « كلّ مولود يولد على الفطرة »(٣) الحديث ، وهو يدلّ من حيث المفهوم على أنّه لا يتبع أحدهما ، لأنّ الحكم متى علّق على شيئين لا يثبت بأحدهما ، والتهويد قد ثبت بهما ، فإذا كان معه أحدهما ، لم يهوّده. ولأنّه يتبع سابيه منفرداً فيتبعه مع أحد أبويه ، كما لو أسلم أحد الأبوين(٤) .

ودلالة المفهوم ضعيفة ، ونمنع قوله : إنّه يتبع السابي.

قال الشيخرحمه‌الله : لو مات أبو الطفل المسبيّ معهما ، لم يحكم بإسلامه ، وجاز بيعه على المسلمين ، ويكره بيعه على الكافر ، لأنّه بحكم الكافر فجاز بيعه على الكافر(٥) .

وقال أحمد : لو مات أبواه أو أحدهما ، حُكم بإسلامه ، لقولهعليه‌السلام : « كلّ مولود »(٦) الحديث ، وهو يدلّ على أنّه إذا ماتا أو مات أحدهما ، حُكم بإسلامه ؛ لأنّ العلّة إذا عدمت عدم المعلول(٧) .

____________________

(١) المبسوط - للطوسي - ٢ : ٢٢.

(٢) مختصر اختلاف العلماء ٣ : ٤٨٢ ، المغني ١٠ : ٤٦٤ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٠٤ ، الكافي في فقه الإمام أحمد ٤ : ١٣٢ ، المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٢٤٠ ، الحاوي الكبير ١٤ : ٢٤٦.

(٣) تقدّمت الإشارة إلى مصادره في ص ١٧٠ ، الهامش (٢)

(٤) المحلّى ٧ : ٣٢٤ ، المغني ١٠ : ٤٦٤ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٠٤ ، الكافي في فقه الإمام أحمد ٤ : ١٣٢.

(٥) المبسوط - للطوسي - ٢ : ٢٢ - ٢٣.

(٦) تقدّمت الإشارة إلى مصادره في ص ١٧٠ ، الهامش (٢)

(٧) الكافي في فقه الإمام أحمد ٤ : ١٣١.

١٧٢

احتجّ الشيخ : بأنّه مولود بين كافرين ، فإذا ماتا أو مات أحدهما ، لم يُحكم بإسلامه ، كما لو كانا في دار الحرب ، ولأنّه كافر أصلي ، فلم يحكم بإسلامه بموت أبويه ، كالبالغ.

مسألة ١٠٣ : إذا سُبيت المرأة وولدها الصغير ، كره التفرقة بينهما ، بل ينبغي للإمام أن يدفعهما إلى واحد ، فإن لم يبلغ سهمه قيمتَهما ، دفعهما إليه واستعاد الفاضل ، أو يجعلهما في الخُمْس ، فإن لم يفعل ، باعهما وردّ قيمتهما في المغنم.

وقال بعض علمائنا : لا تجوز التفرقة(١) .

وأطبق العامّة على المنع من التفرقة(٢) ؛ لقول النبيعليه‌السلام : « مَنْ فرّق بين والدة وولدها فرّق الله بينه وبين أحبّته يوم القيامة »(٣) .

ولو رضيت الاُمّ بالتفرقة ، كره ذلك أيضاً ؛ لما فيه من الإضرار بالولد. وحكم البيع كذلك.

وتجوز التفرقة بين الولد والوالد ، قاله الشيخ(٤) رحمه‌الله - وبه قال بعض‌

____________________

(١) كالشيخ الطوسي في المبسوط ٢ : ٢١ ، والقاضي ابن البرّاج في المهذّب ١ : ٣١٨.

(٢) مختصر المزني : ٢٧٤ ، الحاوي الكبير ١٤ : ٢٤٣ ، الوجيز ٢ : ١٩١ ، الوسيط في المذهب ٧ : ٣٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٣٢ و ١١ : ٤٢٠ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٥ ، المجموع ٩ : ٣٦٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٨٢ و ٧ : ٤٥٥ ، حلية العلماء ٤ : ١٢٢ و ٧ : ٦٦٥ ، المغني ١٠ : ٤٥٩ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٠٨ ، الكافي في فقه الإمام أحمد ٤ : ١٣٢ ، المبسوط - للسرخسي - ١٣ : ١٣٩ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٥٤ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ٤١.

(٣) سنن الترمذي ٣ : ٥٨٠ / ١٢٨٣ و ٤ : ١٣٤ / ١٥٦٦ ، سنن الدارمي ٢ : ٢٢٧ - ٢٢٨ ، سنن البيهقي ٩ : ١٢٦ ، مسند أحمد ٦ : ٥٧٣ / ٢٢٩٨٨ ، المستدرك - للحاكم - ٢ : ٥٥.

(٤) المبسوط - للطوسي - ٢ : ٢١.

١٧٣

الشافعيّة(١) - لأنّه ليس من أهل الحضانة بنفسه ، ولأصالة الجواز ، ولم يرد فيه نصّ بالمنع ولا معنى النصٌّ ؛ لأنّ الاُمّ أشفق من الأب وأقلّ صبراً ، ولهذا قُدّمت في الحضانة ، فافترقا.

ومنع أبو حنيفة والشافعي منه ؛ لأنّه أحد الأبوين ، فأشبه الاُمّ(٢) .

والفرق ما تقدّم.

وإنّما تكره التفرقة بين الاُمّ والولد الصغير ، فإذا بلغ سبع سنين ، جازت التفرقة ، قاله الشيخ(٣) رحمه‌الله - وبه قال مالك والشافعي في قولٍ(٤) - لأنّه في تلك الحال يستغني عن الاُمّ.

وقال بعض علمائنا : إذا استغنى الولد عن الاُمّ ، جازت التفرقة(٥) . وبه قال الأوزاعي والليث بن سعد(٦) .

وقال أبو ثور : إذا كان يلبس ثيابه وحده ويتوضّأ وحده ؛ لأنّه حينئذٍ يستغني عن الاُمّ(٧) .

____________________

(١) الوجيز ٢ : ١٩١ ، الوسيط ٧ : ٣٠ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤٢٠ - ٤٢١ ، حلية العلماء ٧ : ٦٦٥ ، الحاوي الكبير ١٤ : ٢٤٣ ، المغني ١٠ : ٤٦٠ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٠٩.

(٢) المغني ١٠ : ٤٦٠ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٠٩.

(٣) الخلاف ٥ : ٥٣١ ، المسألة ١٨.

(٤) المغني ١٠ : ٤٦٠ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٠٩ ، الوسيط ٣ : ٦٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٣٣ و ١١ : ٤٢١ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٥ ، المجموع ٩ : ٣٦١ ، روضة الطالبين ٣ : ٨٣ و ٧ : ٤٥٦ ، الحاوي الكبير ١٤ : ٢٤٣ ، حلية العلماء ٤ : ١٢٢ - ١٢٣ ، مختصر اختلاف العلماء ٣ : ١٦٣ ، تحفة الفقهاء ٢ : ١١٥.

(٥) اُنظر : شرائع الإسلام ٢ : ٥٩.

(٦) المغني ١٠ : ٤٦٠ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٠٩ ، مختصر اختلاف العلماء ٣ : ١٦٣.

(٧) المغني ١٠ : ٤٦٠ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٠٩.

١٧٤

وقال الشافعي في القول الآخر : لا يجوز التفريق بينهما إلى أن يبلغ - وبه قال أحمد وأصحاب الرأي - لقول النبيعليه‌السلام : « لا يفرّق بين الوالدة وولدها » فقيل : إلى متى؟ قال : « حتى يبلغ الغلام وتحيض الجارية »(١) .

ولأنّ ما دون البلوغ مولّى عليه ، فأشبه الطفل(٢) .

وتجوز التفرقة بين البالغ واُمّه إجماعاً.

وعن أحمد روايتان ، إحداهما : المنع(٣) .

ولو فرّق بينهما بالبيع ، قال الشيخ : إنّه محرّم ويصحّ البيع(٤) . وبه قال أبو حنيفة(٥) ؛ لقوله تعالى :( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) (٦) وأصالة الصحّة ، وعدم اقتضاء النهي الفساد في المعاملات ، ولأنّ النهي في هذا العقد لا لمعنى في المعقود عليه ، فأشبه البيع وقت النداء.

وقال الشافعي : لا ينعقد البيع. وبه قال أحمد(٧) .

____________________

(١) المستدرك - للحاكم - ٢ : ٥٥.

(٢) المغني ١٠ : ٤٦٠ - ٤٦١ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٠٩ - ٤١٠ ، الوسيط ٣ : ٦٩ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٥ ، المجموع ٩ : ٣٦١ ، روضة الطالبين ٣ : ٨٣ و ٧ : ٤٥٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٣٣ ، و ١١ : ٤٢١ ، الحاوي الكبير ١٤ : ٢٤٣ ، حلية العلماء ٤ : ١٢٢ - ١٢٣ ، تحفة الفقهاء ٢ : ١١٥ ، المبسوط - للسرخسي - ١٣ : ١٣٩.

(٣) المغني ١٠ : ٤٦٠ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٠٩ ، الكافي في فقه الإمام أحمد ٢ : ١٣ و ٤ : ١٣٢.

(٤) الخلاف ٥ : ٥٣١ و ٥٣٢ ، المسألتان ١٨ و ١٩.

(٥) المبسوط - للسرخسي - ١٣ : ١٤٠ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٥٤ ، تحفة الفقهاء ٢ : ١١٥ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ٤١ ، الحاوي الكبير ١٤ : ٢٤٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٣٣ ، حلية العلماء ٤ : ١٢٣ ، المجموع ٩ : ٣٦١ ، المغني ١٠ : ٤٦١ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤١٠.

(٦) المائدة : ١.

(٧) حلية العلماء ٤ : ١٢٣ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٥ ، تحفة الفقهاء ٢ : =

١٧٥

مسألة ١٠٤ : قال الشيخرحمه‌الله : لا يفرّق بين الولد والجدّة اُمّ الاُمّ ؛ لأنّها بمنزلة الاُمّ في الحضانة(١) .

وقال أكثر العامّة : لا يفرّق بين الولد والجدّ للأب أيضاً ، وكذا الجدّة له أو الجدّ للاُمّ ؛ لأنّهما بمنزلة الأبوين ؛ فإنّ الجدّ أب والجدّة أُمٌّ ، ولهذا يقومان مقامهما في استحقاق الحضانة والميراث فقاما مقامهما في تحريم التفريق(٢) .

قال الشيخرحمه‌الله : تجوز التفرقة بين الأخوين والاُختين(٣) . وبه قال مالك والليث بن سعد والشافعي وابن المنذر ؛ للأصل ، ولأنّها قرابة لا تمنع الشهادة ، فلم يحرم التفريق ، كقرابة ابن العمّ(٤) .

وقال أحمد : لا تجوز - وبه قال أصحاب الرأي - لأنّه ذو رحم محرم ، فلم يجز التفريق بينهما ، كالولد والوالد(٥) .

والفرق : قوّة الشفقة وضعفها.

____________________

= ١١٥ ، المغني ١٠ : ٤٦١ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤١٠. وفي الوجيز ١ : ١٣٩ ، والعزيز شرح الوجيز ٤ : ١٣٣ ، والوسيط ٣ : ٦٩ ، وروضة الطالبين ٣ : ٨٣ ، والحاوي الكبير ١٤ : ٢٤٤ - ٢٤٥ ، وحلية العلماء ٧ : ٦٦٦ قولان أو وجهان.

(١) المبسوط - للطوسي - ٢ : ٢١.

(٢) المغني ١٠ : ٤٦١ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤١٠.

(٣) لم نعثر عليه في مظانّه من كتب الشيخ الطوسيرحمه‌الله وانظر : المبسوط - للطوسي - ٢ : ٢١ ، والخلاف ٥ : ٥٣٣ ، المسألة ٢٠.

(٤) المغني ١٠ : ٤٦١ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤١٠ ، الحاوي الكبير ١٤ : ٢٤٥ ، حلية العلماء ٤ : ١٢٤ ، الوسيط ٣ : ٦٨ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤٢١ ، المجموع ٩ : ٣٦١ و ٣٦٢ ، روضة الطالبين ٧ : ٤٥٦.

(٥) المبسوط - للسرخسي - ١٣ : ١٣٩ ، حلية العلماء ٤ : ١٢٤ ، المغني ١٠ : ٤٦١ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤١٠.

١٧٦

قال الشيخرحمه‌الله : تجوز التفرقة بين مَنْ خرج من عمود الوالدين من فوق وأسفل ، كالإخوة وأولادهم ، والأعمام وأولادهم وسائر الأقارب(١) . وهو قول أكثر العلماء(٢) ؛ للأصل.

وقال أبو حنيفة : لا تجوز التفرقة بينه وبين كلّ ذي رحم محرم ، كالعمّة ( مع ) ابن أخيها والخالة مع ابن اُختها بالقياس على الأبوين(٣) . وهو باطل.

وتجوز التفرقة بين الرحم غير المحرم إجماعاً ، وكذا بين الاُمّ وولدها من الرضاع أو اُخته منه ؛ لأنّ القرابة به لا توجب نفقةً ولا ميراثاً ، فلا تمنع التفريق ، كالصداقة.

وتجوز التفرقة بينهما في العتق ، فتعتق الامّ دون الولد ، وبالعكس.

وكذا تجوز التفرقة في الفداء إجماعاً ، لأنّ العتق لا تفرقة فيه في المكان ، والفداء تخليص ، كالعتق.

ولو اشترى من المغنم اثنين أو أكثر وحُسبوا عليه بنصيبه بناءً على أنّهم أقارب تحرم التفرقة بينهم فظهر عدم النسب بينهم ، وجب عليه ردّ الفضل الذي فيهم على المغنم ؛ لأنّ قيمتهم تزيد بذلك ، فإنّ من اشترى اثنين على أنّ أحدهما اُمٌّ ، يحرم الجمع في الوطء والتفرقة بينهما ، فتقلّ قيمتها لذلك ، فإذا ظهر أنّ إحداهما أجنبيّة ، اُبيح له وطؤها والتفريق ، فتكثر القيمة ، فيردّ الفضل ، كما لو اشتراهما فوجد معهما حُليّاً.

____________________

(١) المبسوط - للطوسي - ٢ : ٢١.

(٢) المغني ١٠ : ٤٦٢ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤١١ ، الحاوي الكبير ١٤ : ٢٤٥.

(٣) المبسوط - للسرخسي - ١٣ : ١٣٩ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٥٤ ، الحاوي الكبير ١٤ : ٢٤٥.

١٧٧

ولو جنت جارية وتعلّق الأرش برقبتها ولها ولد صغير لم يتعلّق به أرش ، فإن فداها السيّد ، فلا كلام ، وإن امتنع ، قال الشيخ : لم يجز بيعها دون ولدها ؛ لاشتماله على التفرقة ، لكن يباعان معاً ، ويعطى المجنيّ عليه ما يقابل قيمة جارية ذات ولد ، والباقي للسيّد ، فلو كانت قيمة الجارية - ولها ولد - دون ولدها مائة وقيمة ولدها خمسون ، خُصّ الجارية ثلثا الثمن ، فإن وفي بالأرش ، وإلّا فلا شي‌ء غيره ، وإن زاد ، ردّ الفضل على السيّد(١) .

قال : ولو كانت الجارية حاملاً بحُرٍّ وامتنع سيّدها من الفداء ، لم يجز بيعها ، وتصبر حتى تضع ، ويكون الحكم كما لو كان منفصلاً ، وإن كانت حاملاً بمملوك ، جاز بيعهما معاً ، كالمنفصل(٢) .

قالرحمه‌الله : لو باع جاريةً حاملاً إلى أجل ففلس المشتري وقد وضعت ولداً مملوكاً من زنا أو زوج ، فهل له الرجوع فيها دون ولدها؟ وجهان :

أحدهما : ليس له ؛ لأنّه تفريق بينها وبين ولدها ، ويتخيّر بين أن يعطي قيمة ولدها ويأخذهما ، وبين أن يدع ويضرب مع الغرماء بالثمن.

والثاني : له الرجوع فيها ؛ لأنّه ليس تفرقةً ، فإنّهما يباعان معاً وينفرد هو بحصّتها(٣) .

قال : ولو ابتاع جاريةً فأتت بولد مملوك في يد المشتري وعلم بعيبها ، لم يكن له ردّها بالعيب ؛ لأنّه تفريق ، ولا يلزمه ردّ الولد ؛ لأنّه ملكه وسقط الردّ ، ويكون له الأرش ، فإن علم بالعيب وهي حامل ، تخيّر بين الردّ والأرش(٤) .

مسألة ١٠٥ : لو سُبيت امرأة وولدها ، لم يفرّق بينهما ، فإن وفي‌

____________________

(١ - ٤) المبسوط - للطوسي - ٢ : ٢٢.

١٧٨

نصيب أحدٍ بهما ، دُفعا إليه ، وإلّا اشترك مع الإمام فيهما ، أو باعهما وجعل ثمنهما في المغنم.

فإن فرّق بينهما في القسمة ، لم يصح.

وللشافعي قولان كما في البيع(١) .

وعلى القول بصحّته قال بعض أصحابه : لا يُقرّان على التفريق ولكن يقال لهما : إن رضيتما ببيع الآخر ليجتمعا في الملك فذاك ، وإلّا فسخنا البيع(٢) .

وقال بعضهم : يقال للبائع : إمّا أن تتطوّع بتسليم الآخر ، أو فُسخ البيع ، فإن تطوّع بالتسليم فامتنع المشتري من القبول ، فُسخ البيع(٣) .

ولو كان له أُمٌّ وجدّة فبِيع مع الاُمّ ، اندفع المحذور ، وإن بِيع مع الجدّة وقطع عن الاُمّ ، فللشافعي قولان(٤) .

وله قولان في تعدّي التحريم إلى سائر المحارم ، كالأخ والعمّ(٥) .

ولو ألجأت الضرورة إلى التفرقة ، جاز ، كما لو كانت الاُمّ حُرّةً ، جاز بيع الولد. ولو كانت الاُمّ لواحد والولد لآخر ، فله أن ينفرد ببيع ما يملكه.

مسألة ١٠٦ : إذا اُسر المشرك وله زوجة لم تؤسر ، فالزوجيّة باقية ؛

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤٢٠ ، روضة الطالبين ٧ : ٤٥٥.

(٢) الحاوي الكبير ١٤ : ٢٤٥ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤٢٠ ، روضة الطالبين ٧ : ٤٥٥ - ٤٥٦ ، المجموع ٩ : ٣٦١.

(٣) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤٢٠ ، روضة الطالبين ٧ : ٤٥٦ ، المجموع ٩ : ٣٦١.

(٤) الوسيط ٧ : ٣٠ ، الوجيز ٢ : ١٩١ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤٢٠ ، روضة الطالبين ٧ : ٤٥٦ ، المجموع ٩ : ٣٦١.

(٥) الوسيط ٧ : ٣٠ ، الوجيز ٢ : ١٩١ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤٢٠ ، روضة الطالبين ٧ : ٤٥٦ ، المجموع ٩ : ٣٦١ ، و ٣٦٢.

١٧٩

للاستصحاب. ولأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله سبى يوم بدر سبعين رجلاً من الكفّار ، فمَنَّ على بعضهم وفادى بعضاً(١) ، فلم يحكم عليهم بفسخ أنكحتهم ، وبه قال أكثر العلماء.

وقال أبو حنيفة : ينفسخ النكاح ؛ لافتراق الزوجين في الدار ، وطروّ الملك على أحدهما ، فانفسخ النكاح ، كما لو سُبيت المرأة وحدها(٢) .

وليس بجيّد ؛ لأنّ الملك لا يحصل بنفس الأسر بل باختيار الإمام له.

إذا ثبت هذا ، فإن مَنَّ الإمام عليه أو فأداه ، فالزوجيّة باقية ، وإن استرقّه ، انفسخت.

ولو اُسر الزوجان معاً ، انفسخ النكاح عندنا - وبه قال مالك والثوري والليث والشافعي وأبو ثور(٣) - لقوله تعالى :( وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ) (٤) ( وَالْمُحْصَناتُ ) : المزوّجات( إِلّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ) بالسبي.

قال أبو سعيد الخدري : نزلت هذه الآية في سبي أو طاس(٥) .

وقال ابن عباس : إلّا ذوات الأزواج من المسبيّات(٦) .

ولأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال في سبي أو طاس : « لا توطأ حامل حتى تضع ،

____________________

(١) المغني ١٠ : ٤٦٧ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٠٦.

(٢) حلية العلماء ٧ : ٦٦٦ ، المغني ١٠ : ٤٦٧ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٠٧ ، وانظر : العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤١٦.

(٣) الكافي في فقه أهل المدينة : ٢٠٩ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٠٥ ، الوجيز ٢ : ١٩١ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤١٦ ، المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٢٤١ ، حلية العلماء ٧ : ٦٦٦ ، روضة الطالبين ٧ : ٤٥٣.

(٤) النساء : ٢٤.

(٥) المغني ١٠ : ٤٦٥ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٠٥ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤١٦.

(٦) المغني ١٠ : ٤٦٥ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٠٥.

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466