تذكرة الفقهاء الجزء ٩

تذكرة الفقهاء16%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-008-0
الصفحات: 466

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 466 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 320280 / تحميل: 5241
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ٩

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٠٠٨-٠
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

الراهب علامات النبوة ، فقال لعمه : ارجع بابن أخيك ، واحذر عليه من اليهود ، فرجع.

ولما صار عمره الشريف خمسا وعشرين سنة ، ذهب بتجارة إلى الشام مع ميسرة غلام خديجة بنت خويلد ، فربحت التجارة ضعف ما كانت تربح ، ورأى ميسرة منه صفات حميدة لا تحصى ، فأخبر خديجة بذلك. فأعجبت به وتزوجتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهي بنت أربعين سنة. وكانت خديجةعليها‌السلام خير نساء قريش نسبا ، وأكثرهن مالا ، وأوفرهن جمالا ، وكانت تدعى في الجاهلية بالطاهرة وبسيدة قريش. ولم يتزوجصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليها حتّى ماتت. وهي أول من آمن به على الإطلاق ، حين بعث بالنبوة ، وعمره أربعون سنة.

ـ أولاد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :(المصدر السابق)

أما أولادهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقد ذكر العلماء أنهم سبعة : ثلاثة ذكور وأربعة بنات ، وكلهم من خديجةعليها‌السلام ما عدا (إبراهيم) من مارية القبطية. فأما الذين من خديجة ، فأول من ولد منهم (القاسم) وبه كان يكنّى ،

ثم زينب ثم رقية ثم فاطمة ثم أم كلثوم ، ثم الطاهر. وقد ولد هؤلاء كلهم بمكة.ثم ولد إبراهيم بالمدينة. وقد مات الذكور الثلاثة صغارا. أما (زينب) فتزوجت من ابن خالتها أبو العاص بن الربيع ، فولدت له عليا وأمامة ؛ فأما عليّ فمات مراهقا يوم الفتح ، وأما أمامة فتزوجها الإمام عليعليه‌السلام بعد وفاة فاطمةعليها‌السلام بوصية منها.وأما (رقية) فتزوجها عثمان بن عفان ، فولدت له عبد الله ، فمات وعمره ست سنين.وبعد وفاة رقية تزوج عثمان أختها (أم كلثوم) ، ولذلك سمّي ذو النورين ، ولم تنجب له ولدا.

وانحصر نسل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بفاطمة الزهراءعليها‌السلام التي حاول كثير من الصحابة خطبتها ، حتّى نزل الأمر الإلهي بتزويجها من ابن عمها علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، ليلتقي النوران المباركان في الحسن والحسينعليهما‌السلام ، ويكون من هذه السلالة المختارة الأئمة الأطهارعليهم‌السلام .

تزوج الإمام عليعليه‌السلام من فاطمة الزهراءعليها‌السلام في السنة الثانية من الهجرة وعمرها عشر سنين ، وعمرهعليه‌السلام ٢٥ سنة. ولما تزوجت فاطمةعليها‌السلام من

١٠١

عليعليه‌السلام نضح النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الماء على رأسها وصدرها ، وقال : «إني أعيذها بك وذرّيتها من الشيطان الرجيم».

وتوفيت فاطمةعليها‌السلام بعد وفاة أبيها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بثلاثة أشهر ، وقيل ستة أشهر ، ودفنها الإمام عليعليه‌السلام ليلا سرا ، وعمرها الشريف على التحقيق ١٨ عاما ، وفي بعض روايات العامة ٢٨ عاما. ولم يتزوجعليه‌السلام غيرها في حياتها.

٦ ـ ترجمة الإمام عليعليه‌السلام وأولاده

١٥ ـ ترجمة الإمام عليعليه‌السلام :

هو علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم. وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم. ولم يكن في زمانه هاشمي ولد من هاشمية إلا هو وإخوته.

كنيته : أبو الحسن ، ولقبه : سيد الوصيين ، وقائد الغرّ المحجّلين ، والإمام ، وأمير المؤمنين ، والصدّيق الأكبر ، والفاروق الأعظم ، وقسيم الجنة والنار ، والوصي ، وحيدرة ، وأبو تراب.

وهو أول من أسلم بعد خديجةعليها‌السلام وعمره اثنا عشر عاما.

هيئتهعليه‌السلام :(المختصر في أخبار البشر لابن الوردي ، ج ١ ص ٢٥٠)

كان الإمام عليعليه‌السلام شديد الأدمة ، عظيم العينين ، بطينا أصلع ، عظيم اللحية ، كثير شعر الصدر ، مائلا إلى القصر ، حسن الوجه ، لا يغيّر شيبه ، كثير التبسّم.

١٦ ـ شيء من فضائل الإمامعليه‌السلام :

(المصدر السابق ، ص ٢٥١)

فضائل الإمام عليعليه‌السلام أكثر من أن تحصى. منها مشاهده مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حروبه كلها ، ومؤاخاة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم له عند الهجرة ، وسبق إسلامه ، ومبيته على فراش النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم له يوم خيبر وقد عجزت الأقران عن فتح الحصن : «لأعطينّ الراية غدا رجلا يحبّ الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله».وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم غدير خم : «من كنت مولاه ، فهذا علي مولاه». وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هرون من موسى؟». وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أقضاكم علي».

(أقول) : وإذا كانت مقوّمات الخلافة وقيادة الأمة تتركز في عاملين أساسيين

١٠٢

هما : العلم والقوة ، فقد اجتمعا فيهعليه‌السلام دون غيره. فأما في العلم والحكمة ، فيكفيه قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيه : «أنا مدينة العلم وعلي بابها». وأما في القوة والشجاعة ، فقد كان المجليّ في كل الحروب ، ويكفيه قول جبرئيل في معركة أحد : «لا فتى إلا علي ، ولا سيف إلا ذو الفقار». وقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

في غزوة الخندق : «ضربة علي يوم الخندق ، تعدل عمل الثّقلين إلى يوم القيامة».

ولله درّ الشاعر الإيراني سعدي الشيرازي وهو من السنّة ، حين أراد أن يصوّر فضائل الإمام عليعليه‌السلام ، فقال :

كتاب فضل تو را آب بحر كافى نيست

كه تر كنند سرأنكشت وصفحه بشمارند

والمعنى : إذا أردت أن تعدّ صفحات كتاب فضائل عليعليه‌السلام فإن ماء البحر لن يكفيك لترطيب رؤوس أصابعك. وقد انتزع الشاعر هذا المعنى من قوله تعالى :( وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ ) [لقمان: ٢٧] صدق الله العظيم.

١٧ ـ زوجات الإمام علي وأولادهعليهم‌السلام :

رزق الإمام عليعليه‌السلام من الأولاد الذكور ١٤ ، ومن الإناث ١٩ ، على خلاف في ذلك.

وأول أزواج الإمام عليعليه‌السلام فاطمة الزهراءعليها‌السلام ، لم يتزوج عليها في حياتها ، وولدت له الحسن والحسين (والسقط محسن) وزينب العقيلة وأم كلثوم.

وبعد وفاة فاطمةعليه‌السلام تزوج أم البنين فاطمة بنت حزام الكلابية ، فولدت له أربعة بنين : العباس وجعفرا وعبد الله وعثمان. وقد قتل الأربعة مع الحسينعليه‌السلام يوم الطف ، ولم يعقب منهم غير العباسعليه‌السلام .

وتزوج عليعليه‌السلام ليلى بنت مسعود بن خالد النهشلية التميمية ، وولدت له عبيد الله وأبا بكر ، قتلا مع الحسينعليه‌السلام أيضا.

وتزوجعليه‌السلام أسماء بنت عميس الخثعمية ، وولدت له محمدا الأصغر ، ويحيى توفي في حياة أبيه.

وولد له من الصهباء (أم حبيب) بنت ربيعة التغلبية من سبي خالد بن الوليد بعين

١٠٣

نسل الإمام علي بن أبي طالب

١٠٤

١٠٥

بقية نسل الإمام علي (ع)[الذكور] :

١٠٦

التمر : عمر الأطرف ورقية (توأمان). وكان عمر المذكور آخر ولد أبيه ، وعاش خمسا وثمانين سنة ، وحاز نصف ميراث أبيهعليه‌السلام .

وتزوج عليعليه‌السلام أيضا أمامة بنت أبي العاص بن الربيع ـ بناء على وصية فاطمةعليها‌السلام ـ وأمها زينب بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وولدت له محمّد الأوسط ، ولا عقب له.

وولد لهعليه‌السلام من خولة بنت جعفر الحنيفة : محمّد الأكبر ابن الحنفية ، وله عقب.

البنات : وكانت لهعليه‌السلام بنات من أمهات شتى ، منهن : أم الحسن (أو أم الحسين) ورملة الكبرى ، من أم سعيد بنت عروة بن مسعود الثقفي. ومن بناته : أم هانئ وميمونة وزينب الصغرى ورملة الصغرى وأم كلثوم الصغرى وفاطمة وأمامة وخديجة وأم الكرام وأم سلمة وأم جعفر (جمانة) ونفيسة ، لأمهات أولاد شتى.

وبنوه الذكور لم يعقب منهم إلا خمسة : الحسن والحسينعليهما‌السلام ومحمد ابن الحنفية والعباس وعمر الأطراف رضي الله عنهم. [انظر مخطط نسل الإمام عليعليه‌السلام ص ١١٥].

وتوفي الإمام عليعليه‌السلام وخلفّ أربع حرائر : أمامة بنت زينب بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وليلى التميمية ، وأسماء بنت عميس ، وفاطمة بنت حزام الكلابية (أم البنين) ، وثمانية عشر ولدا.

وكانت وفاتهعليه‌السلام سنة ٤٠ ه‍ وعمره الشريف ٦٣ عاما ، ودفن في الغريّ (النجف).

١٨ ـ زواج أمير المؤمنينعليه‌السلام بأم البنين رضي الله عنها :

(المجالس السّنيّة للسيد محسن الأمين ، ج ١ ص ١٣٣)

قال أمير المؤمنينعليه‌السلام لأخيه عقيل ، وكان نسّابة عالما بأخبار العرب وأنسابهم : إبغني امرأة قد ولدتها الشجعان من العرب ، لأتزوجها فتلد لي غلاما فارسا. فقال له عقيل : أين أنت عن فاطمة بنت حزام الكلابية (وهي المكنّاة أم البنين) فإنه ليس في العرب أشجع من آبائها ولا أفرس. فتزوجها عليعليه‌السلام فولدت له : العباس ثم عبد الله ثم جعفر ثم عثمان. وحضر هؤلاء الإخوة الأربعة مع أخيهم الحسينعليه‌السلام يوم كربلاء ، وأبلوا في نصرته بلاء حسنا ، وجاهدوا أمامه حتّى قتلوا

١٠٧

جميعهم. وكان أحسنهم بلاء وأعظمهم جهادا ومواساة لأخيه الحسينعليه‌السلام أبو الفضل العباس وهو أكبرهم ، وكان عمره يومئذ أربعا وثلاثين سنة.

١٩ ـ عقب بنات الإمام عليعليه‌السلام :

(نسب قريش لمصعب الزبيري ص ٤٥)

١ ـ كانت رقية الصغرى بنت عليعليه‌السلام عند مسلم بن عقيلعليه‌السلام ، فولدت له : عبد الله قتل يوم الطف ، وعليا ومحمدا. وقد انقرض ولد مسلمعليه‌السلام .

٢ ـ كانت زينب الصغرى بنت عليعليه‌السلام عند محمّد بن عقيل بن أبي طالبعليه‌السلام ، فولدت له : عبد الله وعبد الرحمن والقاسم.

٣ ـ كانت أم هانئ بنت عليعليه‌السلام عند عبد الله الأكبر بن عقيلعليه‌السلام ، فولدت له : محمدا قتل بالطف ، وعبد الرحمن ومسلما وأم كلثوم.

٤ ـ وكانت ميمونة بنت عليعليه‌السلام عند عبد الله الأكبر بن عقيلعليه‌السلام ، فولدت له عقيلا.

٥ ـ وكانت أم كلثوم الصغرى (نفيسة) عند عبد الله الأكبر بن عقيلعليه‌السلام ، فولدت له : أم عقيل.

٦ ـ وكانت خديجة بنت عليعليه‌السلام عند عبد الرحمن بن عقيلعليه‌السلام ، فولدت له : سعيدا وعقيلا.

٧ ـ وكانت فاطمة بنت عليعليه‌السلام عند محمّد بن أبي سعيد بن عقيلعليه‌السلام ، فولدت له : حميدة.

٨ ـ وكانت أمامة بنت عليعليه‌السلام عند الصلت بن عبد الله.

٧ ـ أولاد الإمام الحسنعليه‌السلام وزوجاته

٢٠ ـ أولاد الإمام الحسنعليه‌السلام :

(إسعاف الراغبين لمحمد الصبان بهامش نور الأبصار للشبلنجي ص ١٨٣) نقل سبط ابن الجوزي في (تذكرة الخواص) عن ابن سعد في طبقاته ، أنه كان للحسنعليه‌السلام من الأولاد :

محمّد الأصغر ـ جعفر ـ حمزة ـ محمّد الأكبر ـ زيد ـ الحسن المثنى ـ

١٠٨

إسماعيل ـ يعقوب ـ القاسم ـ أبو بكر ـ طلحة ـ عبد الله. فاطمة ـ أم الحسن ـ أم الخير ـ أم عبد الرحمن ـ أم سلمة ـ أم عبد الله.

وعن الأسلمي أنهم : علي الأكبر ـ علي الأصغر ـ جعفر ـ عبد الله ـ القاسم ـ زيد ـ عبد الرحمن ـ إسماعيل ـ الحسين الأثرم ـ عقيل ـ الحسن المثنى. فاطمة ـ سكينة ـ أم الحسن.

واقتصر البلاذري في (أنساب الأشراف) على ذكر :

الحسن المثنى ـ زيد ـ حسين ـ عبد الله ـ أبي بكر ـ عبد الرحمن ـ القاسم ـ طلحة ـ عمرو.

رواية أخرى : (عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب لابن عنبة ص ٥٥)

وفي رواية شيخ الشرف العبيدلي أنه ولد للحسنعليه‌السلام تسعة عشر ولدا : منهم خمس بنات ، وأحد عشر ذكرا ، هم :

زيد ـ الحسن المثنى ـ الحسين (الأثرم) ـ طلحة ـ إسماعيل ـ عبد الله ـ حمزة ـ يعقوب ـ عبد الرحمن ـ أبو بكر ـ عمر.

وزاد الموضّح النسابة : القاسم ، وهي زيادة صحيحة. وقال : عبد الله هو أبو بكر.

وأما البنات فهن : أم الحسين (أو أم الخير أو رملة) ـ أم الحسن ـ فاطمة ـ أم سلمة ـ أم عبد الله. وزاد الموضّح : رقية.

وقال أبو نصر البخاري : أولد الحسن بن عليعليه‌السلام ١٣ ذكرا وست بنات.أعقب من ولد الحسنعليه‌السلام أربعة : زيد والحسن المثنى والحسين الأثرم وعمر.

إلا أن الحسين الأثرم وعمر انقرضا سريعا ، وبقي عقب الحسنعليه‌السلام من رجلين لا غير : زيد والحسن المثنى ، وزيد هو أكبر أولاد الحسنعليه‌السلام .

٢١ ـ أولاد الحسنعليه‌السلام وأمهاتهم :

(نسب قريش لمصعب الزبيري ص ٤٦)

ـ الحسن بن الحسنعليه‌السلام : أمه خولة بنت منظور بن زبّان.

١٠٩

ـ زيد بن الحسنعليه‌السلام ، أم الخير : أمهما أم بشر بنت أبي مسعود بن عقبة الأنصاري.

ـ القاسم ، أبو بكر (عبد الله) : قتلا يوم الطف ، أمهما أم ولد اسمها (نفيلة).

ـ طلحة بن الحسنعليه‌السلام درج : أمه أم اسحق بنت طلحة بن عبيد الله التيمي.

ـ عمرو ، عبد الرحمن ، الحسين الأثرم : لأمهات أولاد شتى.

ـ أم عبد الله ، فاطمة ، أم سلمة ، رقية : لأمهات أولاد شتى.

٢٢ ـ عقب بنات الحسنعليه‌السلام :

ـ كانت أم الحسين عند عبد الله بن الزبير بن العوام.

ـ وكانت أم عبد الله عند زين العابدين علي بن الحسينعليه‌السلام فولدت له الحسن والحسين الأكبر ، ومحمد الباقرعليه‌السلام ، وعبيد الله.

ـ وكانت رقية عند عمرو بن المنذر بن الزبير بن العوام.

ـ وكانت أم سلمة عند عمر بن زين العابدينعليه‌السلام .

٨ ـ أولاد الإمام الحسينعليه‌السلام وزوجاته

تمهيد حول تعدد الأسماء :

يظهر جليّا أن عدد أولاد الحسينعليه‌السلام أقل بشكل ملحوظ من أولاد أخيه الحسنعليه‌السلام أو من أولاد أي شخص آخر من الهاشميين ، كأبناء الإمام عليعليه‌السلام وأبناء عقيل وأبناء عبد الله بن جعفر. ورغم هذا فقد قدّم الإمام الحسينعليه‌السلام كل أولاده في كربلاء ، ولم يبق منهم إلا زين العابدينعليه‌السلام الّذي شاء الله أن تدوم منه ذرية الإمامة.

قيل لعلي بن الحسينعليه‌السلام : ما أقلّ ولد أبيك؟. قال : العجب كيف ولدت له.إنه كان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة ، فمتى كان يفرغ للنساء؟!.

وعند تعداد أولاد الإمام الحسينعليه‌السلام نجد ظاهرة غريبة عند أهل البيتعليهم‌السلام . فقد كان الواحد منهم يسمّي بنفس الاسم أكثر من ولد من أولاده. فلسنا نغالي إذا قلنا : إن كل أولاد الحسينعليه‌السلام كان اسمهم (علي) ، ومن هنا كانوا يضطرون للتمييز بينهم أن يقولوا : علي الأكبر ، وعلي الأوسط ، وعلي الأصغر.

١١٠

في كتاب (النسب) عن يحيى بن الحسن ، قال يزيد لعلي بن الحسينعليه‌السلام :واعجبا لأبيك سمّى عليّا وعليا!. فقالعليه‌السلام : إن أبي أحبّ أباه فسمّى باسمه مرارا. (وفي رواية أخرى) قال زين العابدينعليه‌السلام : إنه لو كان للحسينعليه‌السلام مائة ولد لسمّى كل واحد منهم عليا ، باسم أبيهعليه‌السلام .

وهذا الأمر ينطبق أيضا على بنات الإمام عليعليه‌السلام ، فلقد سمّى الإمام ثلاثة من بناته باسم (زينب) تيمّنا باسم زينب بنت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . ولا يخفى كم سبّب هذا من خلط عند الرواة حين يذكرون اسم زينب بدون تحديد. وهذه الزينبات الثلاث هن :زينب الكبرى وهي العقيلة ، وزينب الصغرى أم كلثوم ، وكلتاهما من بنات السيدة فاطمة الزهراءعليها‌السلام ، ثم زينب ثالثة أصغر منهما لأم أخرى. وحصل الالتباس أيضا من أن زينب العقيلةعليها‌السلام يطلق عليها البعض اسم زينب الصغرى ، تمييزا لها عن خالتها زينب بنت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم التي اعتبروها الكبرى ، بينما يطلق البعض عليها اسم زينب الكبرى تمييزا لها عن أختها زينب الصغرى أم كلثوم.

ومن هذا القبيل ما حصل من خلط كبير بين أبناء الحسينعليه‌السلام الثلاثة الذين كانوا معه في كربلاء ، والذين هم باسم واحد (علي) ؛ أيهم الأكبر وأيهم الأوسط وأيهم الأصغر ، وأيهم في ترتيب الكبر زين العابدينعليه‌السلام . مما سنناقشه في الفقرة التالية.

٢٣ ـ أولاد الإمام الحسينعليه‌السلام :

أغلب الروايات على أن عدد أولاد سيدنا الحسينعليه‌السلام عشرة ؛ منهم ستة ذكور وأربع بنات ، وإن كان أكثرهم لم يذكروا اسم البنت الرابعة.

ففي (مطالب السّؤول) لمحمد بن طلحة الشافعي (ص ٧٠ ط حجر إيران) أنهم :

الذكور : علي الأكبر ـ علي الأوسط (زين العابدين) ـ علي الأصغر ـ محمّد ـ عبد الله ـ جعفر. وقد مات محمّد في حياة أبيه ، كما مات جعفر في حياة أبيه صغيرا.

البنات : زينب ـ فاطمة ـ سكينة (ولم يذكر الرابعة) وهي رقية التي توفيت في دمشق صغيرة.

وذكر أن المقتول في كربلاء بالسهم هو الطفل علي الأصغر ، وأن عبد الله قتل مع أبيه شهيدا.

١١١

وقال : ويذكر البعض أن زين العابدينعليه‌السلام هو الأصغر ، ومنهم من يزعم أنه الأكبر ، كما سترى!.

٢٤ ـ أيّهم علي الأكبر؟ :

بالنسبة لأبناء الحسينعليه‌السلام الذكور ، باعتبار أن محمدا وجعفرا توفيّا في حياة أبيهما الحسينعليه‌السلام وكذلك السقط محسن ، فالذين حضروا الطف منهم هم : علي الأكبر وعلي الأوسط وعلي الأصغر وعبد الله الرضيع.

وقد مال البعض إلى اعتبار الأكبر هو زين العابدينعليه‌السلام ، والأصغر شهيد كربلاء ، ولم يذكر الأوسط مطلقا ، وهذا ما اعتمده الشيخ المفيد فقط.

كما مال البعض الآخر إلى تسمية زين العابدينعليه‌السلام عليا الأصغر ، وفي هذه الحالة لا يعتبر ولدا ثالثا باسم (علي). منهم مصعب الزبيري في (نسب قريش) ، واليعقوبي في تاريخه ، وسبط ابن الجوزي في تذكرته ، والمنّاوي في طبقاته.

إلا أن الأكثرية على أن زين العابدينعليه‌السلام هو علي الأوسط ، وأن أول المستشهدين من أهل البيتعليهم‌السلام في كربلاء هو علي الأكبرعليه‌السلام . منهم ابن شهراشوب وابن طلحة الشافعي وغيرهما.

يقول العلامة المجلسي في (البحار ، ج ٤٥ ص ٣٣٢ ، ط ٣) بعد استعراض جملة من الروايات : الصحيح أن للحسينعليه‌السلام ثلاثة أولاد باسم علي ، وزين العابدينعليه‌السلام هو علي الأوسط ، كما ذكر ابن طلحة الشافعي.

٢٥ ـ أيهم علي الأصغر؟ :

الناحية الثانية في الموضوع ، هي أن الذين اعتبروا الأكبر شهيد كربلاء ، والأوسط زين العابدينعليه‌السلام ، اعتبر بعضهم عبد الله الرضيع باسم علي الأصغرعليه‌السلام ، وهو الّذي جاءه سهم وهو في حجر أبيه فذبحه ، والبعض الآخر اعتبر طفلا آخر باسم علي الأصغر ، أكبر من عبد الله الرضيع ، استشهد مع أبيهعليه‌السلام جاءه سهم فمات. وفي حين اعتبر البعض أن عمر عبد الله الرضيع عدة أشهر ، اعتبر بعضهم أنه ولد في نفس اليوم الّذي قتل فيه ، أي يوم عاشوراء (ذكر ذلك صاحب الحدائق الوردية) ، وهي رواية نادرة.

والخلاصة : إنه كان للإمام الحسينعليه‌السلام ثلاثة أبناء باسم (علي) غير عبد الله الرضيع ، كما دلت على ذلك رواية ابن طلحة الشافعي وروايات أخرى ، وكلهم استشهدوا في كربلاء ما عدا زين العابدينعليه‌السلام ، وهو علي الأوسط.

١١٢

٢٦ ـ بنات الحسينعليه‌السلام :

أما بنات الحسينعليه‌السلام فقد ذكر بعضهم أنهن اثنتان : فاطمة وسكينة ، والكبرى فاطمة. وذكر آخرون أنهن أربعة : زينب وفاطمة وسكينة ، ولم يذكروا الرابعة ، وهي حتما رقيةعليها‌السلام التي ماتت في دمشق ، ودفنت في الخربة قرب دار يزيد.

قال الحمزاوي في كتاب (النفحات) : وكانت للحسينعليه‌السلام بنت تسمى رقية ، وأمها شاه زنان بنت كسرى ، خرجت مع أبيها الحسينعليه‌السلام من المدينة حين خرج ، وكان لها من العمر خمس سنين ، وقيل سبع سنين ، حتّى جاءت معه إلى كربلاء (المصدر : معالي السبطين ، ص ١٢٨).

ولكن زينب بنت الحسينعليها‌السلام لم يرد ذكرها في وقعة الطف ، إنما ورد ذكر عمتها زينب العقيلة بنت الإمام عليعليها‌السلام ، وهي بطلة كربلاء.

وفي بعض الأخبار أن الحسينعليه‌السلام ترك في المدينة ابنة صغيرة له اسمها (فاطمة الصغرى) تركها عند أم سلمة ، (وفي رواية) عند أسماء بنت عميس ، لأنها كانت مريضة ، وهي التي جاء الغراب المتمرغ في دمه يوم عاشوراء فوقع بالمدينة على جدار دارها ، مخبرا إياها بوفاة أبيها ، فهي غير فاطمة بنت الحسينعليها‌السلام السابقة.

٢٧ ـ أولاد الحسينعليه‌السلام وأمهاتهم :

الذكور :

اسم الولد

اسم أمّه

١ ـ علي بن الحسين الأكبر (شهيد كربلاء)

أمه ليلى بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود الثقفي ، وأمها بنت أبي سفيان ابن حرب

٢ ـ علي بن الحسين الأوسط (زين العابدينعليه‌السلام )

أمه شاه زنان بنت كسرى يزدجرد بن شهريار بن أبرويز ملك الفرس.وكان الحسينعليه‌السلام سمّاها :غزالة (تاريخ اليعقوبي)

٣ ـ علي بن الحسين الأصغر

أمه سلافة (ابن قتيبة) ، أو شهربانويه (ابن شهراشوب)

١١٣

٤ ـ عبد الله الرضيع

أمه الرباب بنت امرئ القيس الكلبية

٥ ـ جعفر

أمه السلافة [قضاعية] من بليّ (تذكرة الخواص)

٦ ـ محمّد

أمه الرباب (ابن شهراشوب)

٧ ـ السقط محسن

دفن في جبل الجوشن غربي حلب

والمعقب الوحيد من ولد الحسينعليه‌السلام هو زين العابدين علي بن الحسينعليه‌السلام ، فلم يكن على وجه الأرض حسيني إلا من نسله.

البنات :

١ ـ زينب (أم كلثوم)

لم نعثر على أحوالها

٢ ـ فاطمة (أم الحسن)

أمها أم اسحق بنت طلحة بن عبيد الله التيمية

٣ ـ سكينة

أمها الرباب بنت امرئ القيس الكلبية ، أم عبد الله الرضيع

٤ ـ رقية

أمها شاه زنان بنت كسرى يزدجرد ، أم الإمام زين العابدينعليه‌السلام (مشارق الأنوار عن درر الأصداف)

٥ ـ فاطمة الصغرى

لم نعثر على أحوالها.

نسل بنات الحسينعليه‌السلام :

١ ـ فاطمة بنت الحسينعليها‌السلام

تزوجت بابن عمها الحسن المثنى ، ثم بعبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان ، فأولدها الديباج.

١١٤

٢ ـ سكينة بنت الحسينعليها‌السلام

تزوجت بابن عمها عبد الله بن الحسنعليه‌السلام فقتل عنها يوم كربلاء قبل أن يبني بها ، ثم تزوجها مصعب بن الزبير قهرا ، ولما قتل تزوجها عبد الله بن عثمان بن عبد الله ، ثم خلف عليها زيد بن عمرو ابن عثمان بن عفان

٢٨ ـ زوجات الإمام الحسينعليه‌السلام :

(أدب الطف لجواد شبّر ، ص ٤٦)

١ ـ شاهزنان (أو شهربانويه) بنت يزدجرد بن شهريار كسرى : وهي أم زين العابدينعليه‌السلام . و (شاه زنان) تعني بالفارسية : ملكة النساء. وسوف تأتي قصة زواج الإمامعليه‌السلام منها.

٢ ـ ليلى بنت أبي مرة بن عروة الثقفي ، عظيم القريتين الّذي قالت فيه قريش :

( لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ) وعنوا بالقريتين مكة والطائف.وليلى هي أم علي الأكبرعليه‌السلام أول المستشهدين يوم الطف من آل أبي طالبعليهم‌السلام .

٣ ـ الرباب بنت امرئ القيس بن عدي الكلبية : وهي أم عبد الله الرضيع وسكينة.

٤ ـ أم اسحق بنت طلحة بن عبيد الله التيمية : وهي أم فاطمة (أم الحسن).وكانت أولا عند الإمام الحسنعليه‌السلام . وإنما تزوجها الحسينعليه‌السلام بوصية أخيه الحسنعليه‌السلام ، إذ قال له عند وفاته : لا أريد أن تخرج هذه المرأة من بيتكم ، وإني راض عنها.

٥ ـ المرأة القضاعية (سلافة) : وهي أم جعفر ، وقد مات جعفر في حياة أبيهعليه‌السلام .

٢٩ ـ قصة زواج الحسينعليه‌السلام من شاهزنان والدة زين العابدينعليه‌السلام :

قال ابن هشام في (السيرة الحلبية) :

لما جيء ببنات كسرى أسارى وكنّ ثلاثا ، مع أمواله وذخائره إلى عمر ، وقفن

١١٥

بين يديه ، وأمر المنادي أن ينادي عليهن ، وأن يزيل نقابهن عن وجوههن ، ليزيد المسلمون في ثمنهن ، فامتنعن من كشف نقابهن ، ووكزن المنادي في صدره.

فغضب عمر وأراد أن يعلوهن بالدرّة وهن يبكين. فقال له الإمام عليعليه‌السلام :مهلا يا أمير المؤمنين ، فإني سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : «ارحموا عزيز قوم ذلّ ، وغنيّ قوم افتقر». فسكن غضبه. فقال له عليعليه‌السلام : بنات الملوك لا يعاملن معاملة غيرهن من بنات السّوقة. فقال له عمر : كيف الطريق إلى العمل معهن؟.فقالعليه‌السلام : يقوّمن ، ومهما بلغ ثمنهن يقوّم به من يختارهن. فقوّمن ، وأخذهن عليعليه‌السلام ؛ فدفع واحدة لعبد الله بن عمر ، فجاء منها بولده سالم ؛ وأخرى لمحمد بن أبي بكر ، فجاء منها بولده القاسم ؛ والثالثة لولده الحسينعليه‌السلام ، فجاء منها بولده علي زين العابدينعليه‌السلام .

وهؤلاء الأولاد الثلاثة فاقوا أهل المدينة علما وورعا. وكان أهل المدينة قبل ذلك يرغبون عن التسري ، فلما نشأ هؤلاء الثلاثة منهن رغبوا في اتخاذ الجواري.

(أقول) : إن أسماء بنات يزدجرد الثلاث :

ـ شاهزنان (وتعني ملكة النساء) : التي تزوجها الإمام الحسينعليه‌السلام .

ـ شهر بانو (وتعني سيدة البلد) : التي تزوجها عبد الله بن عمر.

ـ كيهان بانو (وتعني سيدة العصر) : التي تزوجها محمّد بن أبي بكر.

وقد مرّ معي في إحدى الروايات أن الحسينعليه‌السلام بعد أن توفيت شاهزنان تزوج شهربانو أو شهربانويه ، ولذلك حصل خلط بين الاسمين. وفي رواية أن شاهزنان توفيت وهي تلد زين العابدينعليه‌السلام ، وهي رواية شاذة.

٣٠ ـ قصة زواج الحسينعليه‌السلام من الرباب ، ومدى إخلاصها له :

(ينابيع المودة للقندوزي ، ج ٢ ص ١٤٢)

جاء في (الإصابة) أن امرأ القيس بن عدي الكلبي ، كان أميرا على قضاعة الشام.

فقال له عليعليه‌السلام : هذان ابناي ، وقد رغبنا في صهرك ، فأنكحنا بناتك. فقال امرؤ القيس : قد أنكحتك يا علي [المحياة] ابنتي ، وأنكحتك يا حسن

[سلمى] ابنتي ، وأنكحتك يا حسين [الرباب] ابنتي ، وهي أم سكينةعليها‌السلام .

وفي الرباب وابنتها سكينة يقول الحسينعليه‌السلام شعرا يدل على حبه الشديد لها :

١١٦

لعمرك إنني لأحبّ دارا

تحلّ بها سكينة والرباب

والرباب هي التي أقامت على الروضة المكرمة للحسينعليه‌السلام في كربلاء حولا كاملا ، تبكي على الحسينعليه‌السلام . ثم أنشدت :

إلى الحول ثم اسم السلام عليكما

ومن يبك حولا كاملا فلقد عذر

والمخاطب بالسلام عليكما في هذا البيت هما : زوجها الحسينعليه‌السلام وابنها عبد الله الرضيععليه‌السلام .

١١٧
١١٨

الفصل الثالث

توطئة في أهل البيتعليهم‌السلام وفضائلهم

١ ـ من هم أهل البيتعليهم‌السلام ؟ :

ـ من هم آل الرسولعليهم‌السلام ؟

ـ من هم أهل البيتعليهم‌السلام ؟

ـ من هم العترة؟

ـ من هم ذوو القربى؟

٢ ـ أهل البيتعليهم‌السلام هم الأئمة الاثنا عشر

٣ ـ أهل البيتعليهم‌السلام هم الخمسة أصحاب الكساء :

حديث الكساء ـ آية المباهلة ـ آية المودة

٤ ـ فضائل أهل البيتعليهم‌السلام :

ـ بعض فضائل الإمام عليعليه‌السلام

ـ جملة من فضائل فاطمة الزهراءعليها‌السلام

ـ فضائل الخمسة أصحاب الكساءعليهم‌السلام

ـ فضائل الأئمة الاثني عشرعليهم‌السلام

٥ ـ محبة أهل البيتعليهم‌السلام : تفسير آية المودة

ـ عقاب من يبغض أهل البيتعليهم‌السلام

ـ موالاة أهل البيتعليهم‌السلام : حديث الثقلين وحديث الغدير

ـ أشعار في موالاة أهل البيتعليهم‌السلام .

١١٩
١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

ولو عهد إلى غائبٍ مجهول الحياة ، لم يصحّ. ولو كان معلومَ الحياة ، صحّ.

فإن مات المستخلف وهو غائبٌ بعدُ ، [ استقدمه ](١) أهل الاختيار ، فإن بعدت غيبته واستضرّ المسلمون بتأخير النظر في اُمورهم ، اختار أهل الحلّ والعقد نائباً له يبايعونه بالنيابة دون الخلافة ، فإذا قدم ، انعزل النائب(٢) .

ولو خلع الخليفة نفسَه ، كان كما لو مات ، فتنتقل الخلافة إلى وليّ العهد على خلافٍ(٣) .

ويجوز أن يفرق بين أن يقول : الخلافة بعد موتي لفلان ، أو بعد خلافتي(٤) .

واختلفوا في أنّه هل يجوز العهد إلى الوالد والولد كما يجوز إلى غيرهما؟

فقال بعضهم بالمنع كالتزكية والحكم لهما عندهم(٥) .

وقال آخرون بالفرق بين الوالد والولد ، لأنّ الميل إلى الولد أشدّ(٦) .

واختلفوا في أنّ وليّ العهد لو أراد أن ينقل ما إليه من ولاية العهد إلى غيره ، لم يجز ، لأنّه إنّما يجوز له النظر وتثبت الولاية بعد موت المـُولّي.

ولو عهد إلى اثنين أو أكثر على الترتيب ، فقال : الخليفة بعدي فلان ،

____________________

(١) بدل ما بين المعقوفين في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : أن تقدمه. وهي كما ترى ، وما أثبتناه من المصدر.

(٢ - ٤) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٧٤ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٦٥.

(٥) الأحكام السلطانيّة - للماوردي - : ١٠ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٧٤ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٦٥.

(٦) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٧٤ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٦٥.

٤٠١

وبعد موته فلان ، جاز ، وانتقلت الخلافة إليهم على ما رتّب.

ولو مات الأوّل في حياة الخليفة ، فالخلافة بعده للثاني. ولو مات الأوّل والثاني في حياته ، [فهي ](١) للثالث على خلافٍ ؛ لأنّ المفهوم من اللفظ جَعْل الثاني خليفةً بعد خلافة الأوّل(٢) .

ولو مات الخليفة والثلاثة أحياء وصارت الخلافة إلى الأوّل فأراد أن يعهد بها إلى غير الآخَرَيْن ، فالظاهر من مذهب الشافعي جوازه ؛ لأنّه إذا انتهت الخلافة إليه ، صار أملك بها ويوصلها إلى مَنْ شاء ، بخلاف ما إذا مات ولم يعهد بها إلى أحدٍ ، ليس لأهل البيعة أن يبايعوا غير الثاني ، ويقدّم عهد الأوّل على اختيارهم.

وليس لأهل الشورى أن يعيّنوا واحداً منهم في حياة الخليفة إلّا أن يأذن لهم في ذلك ، فإن خافوا انتشار الأمر بعده ، استأذنوه ، فإن أذن ، فَعَلوا.

وأنّه يجوز للخليفة أن ينصّ على مَنْ يختار الخليفة بعده ، كما يجوز له أن يعهد إلى غيره حتى لا يصحّ إلّا اختيار مَنْ نصّ عليه ، كما لا يصحّ إلّا تقليد مَنْ عهد إليه ؛ لأنّهما من حقوق خلافته.

وإذا عهد بالخلافة إلى غيره ، فالعهد موقوف على قبول المـُولّى(٣) . واختلفوا في وقت القبول.

فقيل : بعد موت المـُولّي ؛ لأنّه وقت نظره وقيامه بالاُمور(٤) .

والأصحّ عندهم : أنّ وقته ما بين عهد المـُولّي وموته(٥) .

____________________

(١) بدل ما بين المعقوفين في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : فهو. وما أثبتناه أنسب بسياق العبارة.

(٢) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٧٤ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٦٥.

(٣ - ٥) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٧٤ - ٧٥ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٦٥ - ٢٦٦‌

٤٠٢

وقيل : إذا امتنع المـُولّى من القبول فيبايع غيره ، فكأنّه لا تولية(١) .

وكذا إذا جعل الأمر شورى فترك القوم الاختيار ، لا يجبرون عليه ، فكأنّه ما جعل الأمر إليهم(٢) .

الأمر الثالث : القهر والاستيلاء. فإذا مات الإمام فتصدّى للإمامة مَنْ يستجمع شرائطها من غير استخلافٍ وبيعةٍ ، وقَهَر الناس بشوكته وجنوده ، انعقدت الخلافة ؛ لانتظام الشمل بما فَعَل(٣) .

ولو لم يكن مستجمعاً للشرائط بل كان فاسقاً أو جاهلاً ، فللشافعيّة وجهان ، أظهرهما : أنّ الحكم كذلك وإن كان عاصياً بما فَعَل(٤) .

وهذا من أغرب الأشياء إيجاب المعصية(٥) ، فهذا كلّه ساقط عندنا ؛ لأنّا قد بيّنّا أنّ الإمامة لا تثبت إلّا بالنصّ ؛ لوجوب العصمة ، وأنّ البيعة لا تصلح للتعيين. قال الله تعالى :( ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ) (٦) والأمر الثالث أبلغ في المنع والبطلان.

مسألة ٢٣٨ : تجب طاعة الإمام عندنا وعند كلّ أحد أوجب نصب الإمام ما لم يخالف المشروع‌ - وهذا القيد يفتقر إليه غيرنا حيث جوّزوا إمامة الفاسق - لقوله تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) (٧) .

وقالعليه‌السلام : « مَنْ نزع يده من طاعة إمامه فإنّه يأتي يوم القيامة ولا حجّة‌

____________________

(١ - ٤) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٧٥ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٦٦.

(٥) كذا في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة.

(٦) القصص : ٦٨.

(٧) النساء : ٥٩.

٤٠٣

له »(١) .

ولا فرق عندهم بين أن يكون عادلاً أو جائراً(٢) .

ولا يجوز عندهم نصب إمامين في وقتٍ واحد ؛ لما فيه من اختلاف الرأي وتفرّق الشمل(٣) .

وجوَّز أبو إسحاق من الشافعيّة نصبَ إمامين في إقليمين ؛ لأنّه قد يحدث في أحد الإقليمين ما يحتاج إلى نظر الإمام ويفوت المقصود بسبب البُعْد(٤) .

فإن عُقدت البيعة لرجلين معاً ، فالبيعتان باطلتان. وإن ترتّبتا ، فالثانية باطلة. ويُنظر إن جهل الثاني ومَنْ بايعه تقدُّمَ بيعةِ الأوّل ، لم يعزَّر ، وإلّا عُزّر(٥) .

ولما روي من قولهعليه‌السلام : « إذا بُويع الخليفتان فاقتلوا الأخير منهما »(٦) .

وتأوَّله بعضُهم بما إذا أصرّ ولم يبايع الأوّل ، فإنّه يكون باغياً يُقاتَل(٧) .

وقال بعضهم : لا تطيعوه ولا تقبلوا قولَه ، فيكون كمن مات أو قُتل(٨) .

ولو عُرف سبقُ أحدهما ولم يتعيّن ، أو لم يُعلم أوَقعا معاً أو على التعاقب ، فالحكم كالجُمعتين.

____________________

(١) أورده الرافعي في العزيز شرح الوجيز ١١ : ٧٥ ، وفي مسند أحمد ٢ : ٢٢٣ / ٥٦٤٣ ، و ٢٢٩ / ٥٦٨٥ نحوه.

(٢) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٧٥ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٦٧.

(٣) الأحكام السلطانيّة - للماوردي - : ٩ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٧٥ - ٧٦ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٦٧.

(٤ و ٥) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٧٦ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٦٧.

(٦) صحيح مسلم ٣ : ١٤٨٠ / ١٨٥٣ ، المستدرك - للحاكم - ٢ : ١٥٦ ، سنن البيهقي ٨ : ١٤٤ بتفاوت يسير.

(٧ و ٨) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٧٦.

٤٠٤

ولو سبق أحدهما على التعيين واشتبه السابق ، وقف الأمر إلى أن ينكشف الحال ، فإن طالت المدّة أو لم يمكن الانتظار ، قال بعض الشافعيّة : تبطل البيعتان ، وتستأنف بيعة أحدهما(١) . وفي جواز العدول إلى غيرهما خلاف(٢) .

وذكر أنّه لو ادّعى كلٌّ منهما أنّه الأسبق ، لم تسمع الدعوى ولم يحلف [ الآخر ](٣) لأنّ الحقّ يتعلّق بجميع المسلمين. وأنّه لو قطعا التنازع وسلّم أحدهما [ الأمر ](٤) إلى الآخر ، لم تستقرّ الإمامة له ، بل لا بدّ من بيّنة تشهد بتقدّم بيعته. وأنّه لو أقرّ أحدهما للآخر بتقدّم بيعته ، خرج منها المـُقرّ ، ولا بدّ من البيّنة ليستقرّ الأمر للآخر ، فإن شهد له المـُقرّ مع آخَرَ ، قُبلت شهادته إن كان يدّعي اشتباه الأمر قبل الإقرار ، وإن كان يدّعي التقدّم ، لم تُسمع ؛ لما في القولين من التكاذب(٥) .

وإذا ثبتت الإمامة بالقهر والغلبة فجاء آخر فقهره ، انعزل ، وصار القاهر إماماً.

ولا يجوز خلع الإمام بلا سبب ولو خلعوه ، لم ينفذ ؛ لأنّ الآراء تتغيّر ، فلا نأمن تكرّر التولية والعزل ، وفي ذلك سقوط الهيبة والوقْع من القلب.

ولو عزل الإمام نفسَه ، نُظر إن عزل للعجز عن القيام باُمور المسلمين من‌

____________________

(١) الأحكام السلطانيّة - للماوردي - : ٩ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٧٦ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٦٧.

(٢) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٧٦ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٦٧.

(٣ و ٤) أضفناها من المصدر.

(٥) الأحكام السلطانيّة - للماوردي - : ٩ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٧٦ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٦٧.

٤٠٥

هرمٍ أو مرضٍ ، انعزل عندهم. ثمّ إن ولّى غيره ، انعقدت الإمامة لمن ولّاه ، وإلّا بايع الناس غيره.

وإن عزل نفسَه من غير عذرٍ ، ففي انعزاله وجهان :

أحدهما : ينعزل ، ولا يكلّف أن يترك مصلحة نفسه محافظةً على مصلحة غيره ، وصار كما لو لم يُجبْ إلى المبايعة ابتداءً.

والثاني : المنع ؛ لما رُوي أنّ أبا بكر قال : أقيلوني(١) . ولو تمكّن من عزل نفسه ، لما طلب الإقالة(٢) .

وقال بعضهم : للإمام أن يعزل وليَّ العهد ؛، لأنّ الخلافة لم تنتقل إليه ، فلا يخشى من تبديله الفساد والفتنة(٣) .

وقال بعضهم : ليس له ذلك ما لم يتغيّر حاله وإن جاز له عزل من استنابه في إشغاله في الحال؛ لأنّه يستنيبه لنفسه ، واستخلاف وليّ العهد يتعلّق بالمسلمين عامّةً ، فصار كأهل البيعة يبايعون ، ولا يعزلون مَنْ بايعوه(٤) .

مسألة ٢٣٩ : الإمام عندنا لا يتحقّق منه صدور الفسق ؛ لأنّه واجب العصمة من أوّل عمره إلى آخره.

أمّا مَنْ لم يشترط عصمته : فالأظهر عند الشافعيّة منهم : أنّ الإمام لا ينعزل بالفسق ؛ لأنّهم يُجوزون إمامة الفاسق(٥) ، فإذا كان لا يمنع الفسق من الابتداء فأولى أن لا يمنع من الاستدامة. ولا ينعزل بالإغماء ؛ لأنّه‌

____________________

(١) شرح نهج البلاغة - لابن أبي الحديد - ١ : ١٦٩.

(٢) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٧٦ - ٧٧ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٦٧ - ٢٦٨.

(٣) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٧٧ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٦٨.

(٤) الأحكام السلطانيّة - للماوردي - : ١١ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٧٧ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٦٨.

(٥) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٧٢ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٦٣.

٤٠٦

متوقَّع الزوال.

قالوا : وينعزل بالمرض الذي يُنسيه العلوم ، وبالجنون(١) .

وقال بعضهم : لو كان الجنون منقطعاً وكان زمان الإفاقة أكثر وتمكّن معه من القيام بالاُمور ، لم ينعزل. وينعزل بالعمى والصمم والخرس ، ولا ينعزل بثقل السمْع وتمتمة اللسان(٢) .

وبينهم خلاف في أنّهم هل يمنعان ابتداء التولية؟ وفي أنّ قطع إحدى اليدين أو الرِّجْلين هل يؤثّر في الدوام(٣) .

مسألة ٢٤٠ : يثبت وصف البغي بشرائط ثلاثة :

أحدها : أن يكونوا في كثرةٍ ومنْعةٍ لا يمكن كفّهم وتفريق جمعهم‌ إلّا بإنفاقٍ وتجهيز جيوشٍ وقتالٍ، فأمّا إن كانوا نفراً يسيراً كالواحد والاثنين والعشرة وكيدها كيد ضعيف. فليسوا أهل بغي(٤) ، وكانوا قُطّاع طريقٍ ، ذهب إليه الشيخ في المبسوط(٥) وابن إدريس(٦) ، وهو مذهب الشافعي(٧) ؛ لأنّ عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله لمـّا جرح عليّاًعليه‌السلام ، قال لابنه الحسنعليه‌السلام : « إن برئت رأيت رأيي ، وإن متُّ فلا تمثلوا به »(٨) .

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٧٧ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٦٨.

(٢) الأحكام السلطانيّة - للماوردي - : ١٨ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٧٧ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٦٨.

(٣) الأحكام السلطانيّة - للماوردي - : ١٨ - ١٩ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٧٧ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٦٨.

(٤) في « ق » : البغي.

(٥) المبسوط - للطوسي - ٧ : ٢٦٤.

(٦) السرائر : ١٥٨.

(٧) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٨٠ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٧٢ ، المغني ١٠ : ٤٧ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٩.

(٨) الكامل في التاريخ ٣ : ٣٩١ ، المغني ١٠ : ٤٧ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٩.

٤٠٧

وقال بعض الجمهور : يثبت لهم حكم البغاة إذا خرجوا عن قبضة الإمام(١) . وفيه قوّة.

الثاني : أن يخرجوا عن قبضة الإمام منفردين عنه في بلدٍ أو بادية ، أمّا لو كانوا معه وفي قبضته ، فليسوا أهل بغي(٢) ؛ لأنّ عليّاًعليه‌السلام كان يخطب ، فقال رجل بباب المسجد : لا حكم إلّا لله ، تعريضاً بعليّعليه‌السلام أنّه حكم في دين الله ، فقال عليّعليه‌السلام : « كلمة حقّ اُريد بها باطل ، لكم علينا ثلاث : أن لا نمنعكم مساجد الله أن تذكروا اسم الله فيها ، ولا نمنعكم الفي‌ء ما دامت أيديكم معنا ، ولا نبدؤكم بقتال »(٣) فقولهعليه‌السلام : « مادامت أيديكم معنا » يعني لستم منفردين.

الثالث : أن يكونوا على المباينة بتأويلٍ سائغ عندهم‌ بأن تقع لهم شبهة تقتضي الخروج على الإمام ، فأمّا إذا لم يكن لهم تأويلٌ سائغ وباينوا ، فهم قُطّاع طريقٍ حكمهم حكم المحارب.

والشافعيّة اعتبروا في أهل البغي صفتين :

إحداهما : أن يكون لهم تأويلٌ يعتقدون بسببه جواز الخروج على الإمام ، أو منع الحقّ المتوجّه عليهم ؛ لأنّ مَنْ خالف الإمام(٤) من غير تأويلٍ ، كان معانداً ، ومَنْ يتمسّك بالتأويل ، يطلب الحقّ على اعتقاده ، ولا يكون معانداً ، فيثبت له نوع حرمةٍ ، كما في حقّ مَنْ خرج على عليّعليه‌السلام حيث اعتقدوا أنّه يعرف قَتَلة عثمان ، ويقدر عليهم ولا يقتصّ منهم ؛ لرضاه‌

____________________

(١) المغني ١٠ : ٤٧ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٩.

(٢) في « ق » : البغي.

(٣) تاريخ الطبري ٥ : ٧٣ ، الكامل في التاريخ ٣ : ٣٣٥ ، سنن البيهقي ٨ : ١٨٤ ، الأحكام السلطانيّة - للماوردي - : ٥٨ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٧٩.

(٤) كلمة « الإمام » لم ترد في « ق ، ك» والعزيز شرح الوجيز.

٤٠٨

بقتله ومواطأتهم إيّاه.

وكذا مانعو أبي بكر عن الزكاة ، حيث قالوا : اُمرنا بدفع الزكاة إلى مَنْ صلاته سَكَنٌ(١) لنا ، وهو رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأنت لسْتَ كذلك.

والتأويل المشروط في أهل البغي إذا كان بطلانه مظنوناً ، فهو معتبر. وإن كان بطلانه مقطوعاً به ، فوجهان :

أظهرهما : أنّه لا يعتبر ، كتأويل أهل الردّة.

والثاني : يعتبر ، ويكتفى بغلطهم فيه(٢) .

قالوا : ولهذا كان معاوية وأصحابه بغاةً. واستدلّوا عليه : بقولهعليه‌السلام : « إنّ عمّاراً تقتله الفئة الباغية »(٣) .

ثمّ قالوا : إن شرطنا في البغي أن يكون بطلان التأويل مظنوناً ، كان معاوية [ مبطلاً ](٤) فيما ذهب إليه ظنّاً ، وإن شرطنا العلم ، قلنا : إنّ معاوية كان مبطلاً قطعاً(٥) .

وأمّا الخوارج : فهُمْ صنفٌ مشهور من المبتدعة يعتقدون تكفير أصحاب الكبائر واستحقاق الخلود في النار بها ، كشرب الخمر والزنا والقذف ، ويستحلّون دماء المسلمين وأموالهم ، إلّا مَنْ خرج معهم ، وطعنوا في‌

____________________

(١) إشارة إلى الآية ١٠٣ من سورة التوبة.

(٢) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٧٨ - ٧٩ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٧١ - ٢٧٢.

(٣) صحيح مسلم ٤ : ٢٢٣٦ / ٧٣ ، المستدرك - للحاكم - ٢ : ١٤٩ ، ١٥٥ ، ١٥٦ ، و ٣ : ٣٨٦ ، ٣٨٧ ، ٣٩٧ ، سنن البيهقي ٨ : ١٨٩ ، المعجم الكبير - للطبراني - ٤ : ٨٥ / ٣٧٢٠ ، المصنّف - لابن أبي شيبة - ١٥ : ٢٩١ / ١٩٦٩١ ، الطبقات الكبرى - لابن سعد - ٣ : ٢٥٢ ، مسند أحمد ٢ : ٣٥٠ / ٦٥٠٢ ، و ٣ : ٤٠٠ / ١٠٧٨٢ ، و ٥ : ٢٢١ / ١٧٣١٢ ، و ٦ : ٢٨١ / ٢١٣٦٦.

(٤) أضفناها من المصدر.

(٥) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٧٩.

٤٠٩

عليّعليه‌السلام وعثمان ، ولا يجتمعون معهم في الجُمُعات والجماعات.

وللشافعيّة خلاف في تكفيرهم(١) .

وهل حكمهم إذا لم يكفّروهم حكم أهل البغي ، أو حكم أهل الردّة؟ الأصحّ عندهم : الثاني(٢) ، وعلى هذا تنفذ أحكامهم ، بخلاف أحكام البُغاة.

وأكثر الشافعيّة : [ على ](٣) أنّه إن أظهر قومٌ رأي الخوارج وتجنّبوا الجماعات وكفّروا الإمامَ ومَنْ معه ، فإن لم يقاتلوا وكانوا في قبضة الإمام ، فلا يُقتلون ولا يقاتلون(٤) ؛ لقول عليّعليه‌السلام للخارجيّ : « لكم علينا ثلاث : أن لا نمنعكم مساجد الله أن تذكروا فيها اسم الله ، ولا نمنعكم الفي‌ء ما دامت أيديكم معنا ، ولا نبدؤكم بقتال »(٥) .

ثمّ إنّهم إن صرّحوا بسبّ الإمام أو غيره من أهل العدل ، عُزّروا ، وإن عرّضوا ، فوجهان(٦) .

وعندنا : أنّ الخوارج كُفّار وأنّ مَنْ سبَّ الإمامَ وجب قتله.

ولو بعث الإمام إليهم والياً فقتلوه ، فعليهم القصاص.

وهل يتحتّم قَتْل قاتله ، كقاطع الطريق ؛ لأنّه شهر السلاح ، أو لا ؛ لأنّه لا يقصد إخافة الطريق؟ للشافعيّة أقوال ثلاثة(٧) ، أحدها : فيه وجهان(٨) .

____________________

(١ و ٢) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٧٩ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٧٢.

(٣) أضفناها لأجل السياق.

(٤) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٧٩ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٧٢.

(٥) تقدّمت الإشارة إلى مصادره في ص ٤٠٦ ، الهامش (٣)

(٦) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٧٩ - ٨٠ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٧٢.

(٧) كلمة « ثلاثة » لم ترد في « ق ، ك».

(٨) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٨٠ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٧٢.

٤١٠

الصفة الثانية : أن يكون لهم شوكة وعدد بحيث يحتاج الإمام في ردّهم إلى الطاعة‌ إلى كلفة ببذل مالٍ وإعداد رجالٍ ونصب قتالٍ(١) .

وشرط جماعة من الشافعيّة في الشوكة أن ينفردوا ببلدةٍ أو قريةٍ أو موضعٍ من الصحراء. وربما قالوا : ينبغي أن يكونوا بحيث لا يحيط بهم أجناد الإمام(٢) .

والمحقّقون لم يعتبروا ذلك ، بل اعتبروا استعصاءهم وخروجهم عن قبضة الإمام حتى لو تمكّنوا من المقاومة - مع كونهم محفوفين بجند الإمام - قاوَمُوهم(٣) .

وهل يشترط أن يكون بينهم إمام منصوب أو منتصب؟ قولان : الأكثر على المنع - وهو قول أكثر الشافعيّة(٤) - لأنّه ثبت لأهل الجمل وأهل النهروان حكم البغاة ولم يكن فيما بينهم إمام.

وقال بعضهم : يعتبر في أهل البغي وراء ما سبق أمران : أن يمتنعوا من حكم الإمام ، وأن يظهروا لأنفسهم حكماً. ولا يعتبر أن يكون عددهم عددَ أجناد الإمام ، بل يكفي أن يتوقّعوا الظفر(٥) .

مسألة ٢٤١ : كلّ مَنْ خرج على إمامٍ عادلٍ ثبتت إمامته بالنصّ عندنا ، والاختيار عند العامّة وجب قتاله إجماعاً ، وإنّما يجب قتاله بعد البعث إليه والسؤال عن سبب خروجه وإيضاح ما عرض له من الشبهة وحلّها له وكشف الصواب إلّا أن يخاف كَلَبهم ولا يمكنه ذلك في حقّهم ، أمّا‌

____________________

(١ - ٣) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٨٠ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٧٢.

(٤) الحاوي الكبير ١٣ : ١٠٢ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٨١ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٧٣.

(٥) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٨١ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٧٣.

٤١١

إذا أمكنه تعريفهم ، وجب عليه أن يُعرّفهم.

فإذا عرّفهم ، فإن رجعوا ، فلا بحث ، وإن لم يرجعوا ، قاتَلَهم ؛ لأنّ الله تعالى أمر بالصلح ، فقال( فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما ) (١) قبل الأمر بالقتال.

ولأنّ الغرض كفّهم ودفع شرّهم ، فإذا أمكن بمجرّد القول ، لم يعدل إلى القتل ، وإذا أمكن بالإثخان ، لم يعدل إلى التذفيف ، فإن التحم القتال واشتدّ الحرب ، خرج الأمر عن الضبط.

ولمـّا أراد أمير المؤمنين عليّعليه‌السلام قَتْلَ(٢) الخوارج ، بعث إليهم عبد الله بن عباس ليناظرهم فلبس حلّةً حسنة ومضى إليهم ، فقال : هذا عليّ بن أبي طالب ابن عمّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وزوج ابنته فاطمةعليها‌السلام ، وقد عرفتم فضله ، فما تنقمون منه؟ قالوا : ثلاثاً : إنّه حَكّم في دين الله ، وقتل ولم يَسْب ، فإمّا أن يقتل ويسبي أو لا يقتل ولا يسبي ، إذا حرمت أموالهم حرمت دماؤهم ، والثالث : محا اسمه من الخلافة. فقال ابن عباس : إن خرج عنها رجعتم إليه؟ قالوا : نعم.

قال ابن عباس : أمّا قولكم : حكّم في دين الله تعنون الحَكَمين بينه وبين معاوية ، وقد حكّم الله في الدين ، فقال( وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها ) (٣) وقال :( يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ ) (٤) فحكم في أرنب قيمته درهم ، فبأن يحكم في هذا الأمر العظيم أولى. فرجعوا عن هذا.

____________________

(١) الحجرات : ٩.

(٢) كذا ، والظاهر : قتال.

(٣) النساء : ٣٥.

(٤) المائدة : ٩٥.

٤١٢

قال : وأمّا قولكم : كيف قتل ولم يَسْب! فأيّكم لو كان معه فوقع في سهمه عائشة زوج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فكيف يصنع وقد قال الله تعالى :( وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً ) (١) ؟ قالوا : رجعنا عن هذا.

قال : وقولكم : محا اسمه من الخلافة ، تعنون أنّه لمـّا وقعت المواقفة بينه وبين معاوية كتب بينهم: هذا ما واقف عليه أمير المؤمنين عليّ معاوية ، قال له : لو كنت أمير المؤمنين ما نازعناك ، فمحا اسمه ، فقال ابن عباس : إن كان محا اسمه من الخلافة ، فقد محا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله اسمه من النبوّة لمـّا قاضى سهيل بن عمرو بالحديبيّة كتب الكتاب علي : هذا ما قاضى عليه رسول الله سهيل بن عمرو ، فقالوا له : لو كنت نبيّا ما خالفناك ، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّ : « امحه » فلم يفعل فقال لعليّ : « أرنيه » فأراه إيّاه ، فمحاه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بإصبعه ، وقال : « ستدعى إلى مثلها » فرجع بعضهم ، وبقي منهم أربعة آلاف لم يرجعوا ، فقاتلهم عليّعليه‌السلام فقتلهم(٢) .

مسألة ٢٤٢ : ويجب قتال أهل البغي على كلّ من ندبه الإمام لقتالهم عموما أو خصوصا أو من نصبه الإمام. والتأخير عن قتالهم كبيرة.

ويجب على الكفاية إذا قام به البعض سقط عن الباقين ما لم يستنهضه الإمام على التعيين فيجب عليه ، ولا يكفيه قيام غيره ، كما قلنا في جهاد المشركين.

____________________

(١) الأحزاب : ٥٣.

(٢) الحاوي الكبير ١٣ : ١٠٢ - ١٠٤ ، المبسوط - للطوسي - ٧ : ٢٦٥ - ٢٦٦ ، وانظر : السيرة النبويّة - لابن هشام - ٣ : ٣٣١ - ٣٣٢ ، وسنن البيهقي ٧ : ٤٢ ، ودلائل النبوّة - للبيهقي - ٤ : ١٤٦ و ١٤٧ ، وصحيح البخاري ٣ : ٢٤٢ ، و ٤ : ١٢٦ ، ومسند أحمد ٥ : ٣٧٠ / ١٨٠٩٥.

٤١٣

والفرار في حربهم كالفرار في حرب المشركين ، تجب مصابرتهم حتى يفيئوا إلى الحقّ ويرجعوا إلى طاعة الامام أو يُقتلوا ، بغير خلافٍ في ذلك. فإذا رجعوا ، حرم قتالهم ؛ لقوله تعالى :( حَتّى تَفِي‌ءَ إِلى أَمْرِ اللهِ ) (١) وكذا إن ألقوا السلاح وتركوا القتال ، أمّا لو انهزموا ، فإنّه يجب قتالهم إن كان لهم فئة يرجعون إليها.

ولو استعان أهل البغي بنسائهم وصبيانهم وعبيدهم في القتال وقاتلوا معهم أهل العدل ، قُوتلوا مع الرجال وإن أتى القتل عليهم ؛ لأنّ العادل يقصد بقتاله الدفع عن نفسه وماله.

ولو أرادت امرأة أو صبي قَتْل إنسان ، كان له قتالهما ودفعهما عن نفسه وإن أتى على أنفسهما.

مسألة ٢٤٣ : لو استعان أهل البغي بأهل الحرب وعقدوا لهم ذمّةً أو أماناً على هذا ، كان باطلاً ، ولا ينعقد لهم أمان ولا ذمّة ؛ لأنّ من شرط عقد الذمّة والأمان أن لا يجتمعوا على قتال المسلمين ، فحينئذٍ يقاتل الإمام وأهل العدل المشركين مُقبلين ومُدبرين ، كالمنفردين عن أهل البغي. وإذا وقعوا في الأسر ، تخيّر الإمام فيهم بين المنّ والفداء والاسترقاق والقتل.

وليس لأهل البغي أن يتعرّضوا لهم - قاله الشيخ(٢) رحمه‌الله - من حيث إنّهم بذلوا لهم الأمان وإن كان فاسداً ، فلزمهم الكفّ عنهم ؛ لاعتمادهم على قولهم ، لا من حيث صحّة أمانهم.

فإن استعانوا بأهل الذمّة فعاونوهم وقاتلوا معهم أهل العدل ، راسَلهم‌

____________________

(١) الحجرات : ٩.

(٢) المبسوط - للطوسي - ٧ : ٢٧٢ - ٢٧٣.

٤١٤

الإمام وسألهم عن فعلهم ، فإن ادّعوا الشبهة المحتملة بأن يدّعوا الجهل واعتقاد أنّ الطائفة من المسلمين إذا طلبوا المعونة جازت معونتهم ، أو ادّعوا الإكراه على ذلك ، كانت ذمّتهم باقيةً ، وقبل قولهم ، ولم يكن ذلك نقضاً للعهد.

وإن لم يدّعوا شيئاً من ذلك ، انتقض عهدهم ، وخرقوا الذمّة - وهو أحد قولي الشافعي(١) - لأنّهم لو انفردوا وقاتلوا الإمام خرقوا الذمّة ، وانتقض عهدهم ، فكذا إذا قاتلوا مع أهل البغي.

والثاني للشافعي : لا يكون نقضاً ؛ لجهل أهل الذمّة بالمـُحقّ ، فيكون شبهةً(٢) .

وليس جيّداً ؛ لاعتقادهم بطلان الطائفتين.

إذا عرفت هذا ، فإنّه بمجرّد قتالهم مع أهل البغي من غير شبهة يجوز قتلهم مقبلين ومُدبرين. ولو أتلفوا أموالاً وأنفساً ، ضمنوها عندنا.

وأمّا الشافعي في أحد قوليه : فإنّه لا يجعل القتال نقضاً ، فيكون حكمهم حكم أهل البغي في قتالهم مُقبلين لا مُدبرين(٣) .

وأمّا ضمان الأموال : فإنّ أهل الذمّة يضمنونها عنده قولاً واحداً(٤) . وأمّا أهل البغي : فقولان ، وفرّق بأمرين :

أحدهما : أنّ لأهل البغي شبهةً دون أهل الذمّة.

الثاني : أنّا أسقطنا الضمان عن أهل البغي لئلّا تحصل لهم نفرة عن‌

____________________

(١ و ٢) المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٢٢١ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٩٤ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٨٠.

(٣ و ٤) المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٢٢١ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٩٥ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٨١.

٤١٥

الرجوع إلى الحقّ ، وأمّا أهل الذمّة فلا يتحقّق هذا المعنى فيهم(١) .

وأمّا نحن : فلا فرق بينهما في وجوب الضمان عليهما.

وإن استعانوا بالمستأمنين ، انتقض أمانهم ، وصاروا حَرْباً لا أمان لهم. فإن ادّعوا الإكراه ، قُبل بالبيّنة لا بمجرّد الدعوى ، بخلاف أهل الذمّة ؛ لأنّ الذمّة أقوى حكماً.

مسألة ٢٤٤ : يجوز للإمام أن يستعين بأهل الذمّة على حرب أهل البغي ، وبه قال أصحاب الرأي(٢) .

وقال الشيخرحمه‌الله في المبسوط : ليس له ذلك(٣) . وهو خلاف ما عليه الأصحاب.

والشافعي خرّج ذلك أيضا ، لأنّ أهل الذمّة يجوّزون قتل أهل البغي مقبلين ومدبرين وذلك لا يجوز(٤) .

وهو ممنوع على ما يأتي تفصيله.

أمّا لو استعان من المسلمين بمن يرى قَتْلَهم مُقبلين ومُدبرين في موضعٍ لا يجوز ذلك ، لم يجز إلّا بأمرين : أحدهما : فَقْدُ مَنْ يقوم مقامهم. الثاني : أن يكون مع الإمام قوّة متى علم منهم قَتْلهم مُدبرين كفَّهم عنه.

مسألة ٢٤٥ : إذا افترق أهل البغي طائفتين ثمّ اقتتلوا ، فإن كان للإمام قوّة على قهرهما ، فعل ، ولم يكن له معاونة إحداهما على الاُخرى ؛ لأنّ كلّ‌

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٢٢١ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٩٥ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٨١ ، المغني ١٠ : ٥٨ ، الشرح الكبير ١٠ : ٦٠.

(٢) المغني ١٠ : ٥٥ ، الشرح الكبير ١٠ : ٥٦.

(٣) المبسوط - للطوسي - ٧ : ٢٧٤.

(٤) المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٢٢٠ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٩٣ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٧٩ - ٢٨٠ ، المغني ١٠ : ٥٥ ، الشرح الكبير ١٠ : ٥٦.

٤١٦

واحدة على خطأ ، والإعانة على الخطأ من غير حاجة خطأ ، بل يقاتلهما معاً حتى يعودوا إلى طاعته ، وإن لم يتمكّن من ذلك ، تَرَكهما ، فأيّهما قهرت الاُخرى دعاها إلى الطاعة ، فإن أبتْ ، قاتَلَهم.

وإن ضعف عنهما وخاف من اجتماعهما عليه ، جاز أن يضمّ إحداهما إليه ويقاتل الاُخرى ، ويقصد كسرها ومنعها عن البغي ، لا معاونة مَنْ يقاتل معها. وينبغي أن يعاون التي هي إلى الحقّ أقرب.

فإن انهزمت التي قاتَلَها أو رجعتْ إلى طاعته ، كفّ عنها ، ولم يجز له قتال الطائفة الاُخرى التي ضمّها إليه إلّا بعد دعائها إلى طاعته ؛ لأنّ ضمّها إليه يجري مجرى أمانه إيّاها.

مسألة ٢٤٦ : إذا لم يمكن دفع البُغاة إلّا بالقتل ، وجب ، ولا يقاتلون بما يعمّ إتلافه ، كالنار والمنجنيق والتغريق ؛ لأنّ القصد بقتالهم فلُّ(١) جَمْعهم ورجوعهم إلى الطاعة ، والنار تهلكهم وتقع على المقاتل وغيره ، ولا يجوز قَتْل مَنْ لا يقاتل.

ولو احتاج أهل العدل إلى ذلك واضطرّوا إليه بأن يكون قد أحاط بهم البُغاة من كلّ جانب وخافوا اصطدامهم ، ولا يمكنهم التخلّص إلّا برمي النار أو المنجنيق ، جاز ذلك. وكذا إن رماهم أهل البغي بالنار أو المنجنيق ، جاز لأهل العدل رميهم به.

إذا عرفت هذا ، فلا إثم على قاتلي أهل البغي إذا لم يندفعوا إلّا به ، ولا ضمان مال ولا كفّارة؛ لأنّه امتثل الأمر بقتل مباح الدم ؛ لقوله تعالى :( فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي ) (٢) وإذا لم يضمنوا النفوس فالأموال أولى بعدم الضمان.

____________________

(١) الفلّ : الكسر. وفلّ القوم : هزمهم. لسان العرب ١١ : ٥٣٠ « فلل ».

(٢) الحجرات : ٩.

٤١٧

والقتيل من أهل العدل شهيد ؛ لأنّه قُتل في قتالٍ أمَر الله تعالى به ، ولا يُغسَّل ولا يُكفَّن ، ويصلّى عليه ، عندنا ؛ لأنّه شهيد معركةٍ اُمر بالقتال فيها ، فأشبه معركة الكفّار.

وقال الأوزاعي وابن المنذر : يُغسَّل ويُصلّى عليه ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر بالصلاة على مَنْ قال : لا إله إلّا الله(١) (٢) .

ونحن نقول بموجَبه ؛ لأنّا نوجب الصلاة على الشهيد ، وليس في الخبر الأمر بالغسل والتكفين.

إذا ثبت هذا ، فإنّ ما يُتلفه أهل العدل من أموال أهل البغي حال الحرب غير مضمون ؛ لأنّه مأمور بالقتال ، فلا يضمن ما يتولّد منه. ولا نعلم فيه خلافاً ؛ لأنّ أبا بكر قال للّذين قاتلهم بعد ما تابوا : تَدُونَ قَتْلانا ، ولا نَدِي قَتْلاكم(٣) .

ولأنّهما فرقتان من المسلمين : محقّة ومبطلة ، فلا تستويان في سقوط الغرم ، كقطّاع الطريق.

وأمّا ما يُتلفه أهل العدل من أموال أهل البغي قبل الشروع في القتال أو بعد تقضّي الحرب : فإنّه يكون مضموناً ؛ لأنّه ليس لأهل العدل ذلك ، فكان إتلافاً بغير حقّ ، فوجب عليهم الضمان.

ويحتمل أن يقال : إن احتاج أهل العدل إلى قَتْلٍ أو إتلافِ مالٍ في تفرّقهم وتبديل كلمتهم ، جاز لهم ذلك ، ولا ضمان.

____________________

(١) سنن الدار قطني ٢ : ٥٦ / ٣ و ٤ ، المعجم الكبير - للطبراني - ١٢ : ٤٤٧ / ١٣٦٢٢ ، حلية الأولياء ١٠ : ٣٢٠.

(٢) المغني ١٠ : ٥٧ ، الشرح الكبير ١٠ : ٥٩.

(٣) المغني ١٠ : ٥٨ ، الشرح الكبير ١٠ : ٥٩ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٨٦.

٤١٨

ولو أتلف أهل البغي مالَ أهل العدل أو نفسَه قبل الشروع في القتال أو بعد تقضّيه ، فإنّه يضمنه إجماعاً.

وأمّا ما يُتلفه الباغي على العادل من مالٍ ونفسٍ حالةَ الحرب : فإنّه مضمون عليه عندنا بالغرامة والدية - وهو قول مالك وأحد قولي الشافعي(١) - لقوله تعالى :( وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها ) (٢) .

ولأنّها أموالٌ معصومة وأنفسٌ معصومة اُتلفت بغير حقٌّ ولا ضرورة ، فوجب ضمانها ، كالتالف في غير الحرب.

وقال أبو حنيفة وأحمد والشافعي في الثاني : لا يكون مضموناً لا في المال ولا في النفس ؛ لأنّه لم يُنقل عن عليّعليه‌السلام أنّه ضمّن أحداً من أهل البصرة ولا أهل الشام ما أتلفوه. ولأنّ فيه تنفيراً عن طاعة الإمام ، فأشبه أهل الحرب(٣) .

ونمنع أنّهعليه‌السلام لم يضمّن فجاز [ أنّهعليه‌السلام ضمّن ](٤) ولم يُنقل ، أو لم يحصل إتلافُ مالٍ ، أو جُهل المـُتلف. وعدم الغرم يُفضي إلى كثرة الفساد بإتلاف أموال أهل العدل ، مع أنّ الآية - وهي قوله تعالى :

____________________

(١) المغني ١٠ : ٥٨ ، الشرح الكبير ١٠ : ٦٠ ، حلية العلماء ٧ : ٦١٩ ، المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٢٢١ ، الحاوي الكبير ١٣ : ١٠٦ ، الوجيز ٢ : ١٦٤ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٨٦ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٧٥ ، بدائع الصنائع ٧ : ١٤١.

(٢) الشورى : ٤٠.

(٣) بدائع الصنائع ٧ : ١٤١ ، الهداية - للمرغيناني - ٢ : ١٧٢ ، المغني ١٠ : ٥٨ ، الشرح الكبير ١٠ : ٦٠ ، الوجيز ٢ : ١٦٤ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٨٦ ، حلية العلماء ٧ : ٦١٩ ، المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٢٢١ ، الحاوي الكبير ١٣ : ١٠٦ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٧٥.

(٤) أضفناها لأجل السياق وكما في منتهى المطلب ٢ : ٨٩٦.

٤١٩

( النَّفْسَ بِالنَّفْسِ ) (١) وقوله تعالى :( وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً ) (٢) - تدلّ على وجوب الضمان.

ولأنّ الضمان يتعلّق بأهل البغي قبل الحرب وبعده ، فكذا حالة الحرب ؛ لأنّها أكثر الحالات معصيةً ، فلا تتعقّب سقوط العقاب.

مسألة ٢٤٧ : لو قتل الباغي واحداً من أهل العدل ، وجب عليه القصاص ؛ لما تقدّم(٣) من الآيات. ولعموم قولهعليه‌السلام : « لو قتله ربيعة ومُضر لأقدتهم به »(٤) .

وللشافعيّة طريقان ، أظهرهما : طرد القولين في وجوب المال. والثاني : القطع بالمنع ؛ لأنّ القصاص سقط بالشبهة ، وتأويلهم موجب للشبهة(٥) .

وعلى القول بوجوب القصاص لو آل الأمر إلى المال ، فهو في مال الباغي. وعلى القول بعدمه فهل سبيله سبيل دية العمد حتى تجب في مال القاتل ولا تتأجّل ، أو دية شبيه العمد حتى تكون على العاقلة وتتأجّل؟ لهم خلاف(٦) .

وتجب الكفّارة على الباغي عندنا وعند الشافعي(٧) على تقدير حكمه [ بوجوب ](٨) القصاص أو الدية ، وإلّا فوجهان ، أشبههما عندهم(٩) :

____________________

(١) المائدة : ٤٥.

(٢) الإسراء : ٣٣.

(٣) تقدّم آنفاً.

(٤) لم نعثر عليه في المصادر الحديثيّة المتوفّرة لدينا.

(٥) المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٢٢١ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٨٦ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٧٥ ، المغني ١٠ : ٥٨ ، الشرح الكبير ١٠ : ٦٠.

(٦) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٨٦ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٧٥.

(٧) في « ك» والطبعة الحجريّة : الشافعيّة.

(٨) بدل ما بين المعقوفين في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : يوجب. وذلك تصحيف ما أثبتناه.

(٩) أي : الشافعيّة.

٤٢٠

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466