تذكرة الفقهاء الجزء ٩

تذكرة الفقهاء12%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-008-0
الصفحات: 466

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 466 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 320713 / تحميل: 5257
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ٩

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٠٠٨-٠
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

والشجر على إصبع والماء والثرى على إصبع وسائر الخلائق على إصبع، فيقول أنا الملك، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه تصديقاً لقول الحبر، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما قدروا الله حق قدره.

وروى في ج ٨ ص ١٧٣

عن عبد الله أن يهودياً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد إن الله يمسك السماوات على إصبع والأرضين على إصبع والجبال على إصبع والشجر على إصبع والخلائق على إصبع، ثم يقول أنا الملك، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه، ثم قرأ:وما قدروا الله حقّ قدره . قال يحيى بن سعيد وزاد فيه فضيل بن عياض عن منصور عن إبراهيم عن عبيدة عن عبد الله فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم تعجباً وتصديقاً له.

... قال عبد الله جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب فقال: يا أبا القاسم إن الله يمسك السماوات على إصبع والأرضين على إصبع والشجر والثرى على إصبع والخلائق على إصبع، ثم يقول أنا الملك، أنا الملك فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذه، ثم قرأ:وما قدروا الله حقّ قدره .

- صحيح البخاري ج ٨ ص ١٨٧

... عن عبد الله قال جاء حبر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد إن الله يضع السماء على إصبع والأرض على إصبع والجبال على إصبع والشجر والأنهار على إصبع وسائر الخلق على إصبع ثم يقول بيده أنا الملك، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال:وما قدروا الله حقّ قدره .

- صحيح البخاري ج ٨ ص ٢٠٢

... عن عبد اللهرضي‌الله‌عنه قال جاء حبر من اليهود فقال: إنه إذا كان يوم القيامة جعل الله السماوات على إصبع والأرضين على إصبع والماء والثرى على إصبع والخلائق على إصبع ثم يهزهن، ثم يقول أنا الملك أنا الملك، فلقد رأيت النبي صلى الله عليه

٢٢١

وسلم يضحك حتى بدت نواجذه تعجباً وتصديقاً لقوله، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم:وما قدروا الله حق قدره ، إلى قولهيشركون .

- ورواه مسلم في ج ٨ ص ١٢٥ بعدة روايات منها بلفظ البخاري وفيها عبارة (وقال فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذه تعجباً لما قال تصديقاً له).

- ورواه أحمد في مسنده ج ١ ص ٣٧٨ وص ٤٢٩ وص ٤٥٧ وذكر في جميع رواياته أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ضحك حتى بدت نواجذه تصديقاً لليهودي! انتهى. ورواه البغوي في معالم التنزيل ج ٤ ص ٨٧ وفي مصابيحه ج ٣ ص ٥٢٣ والمراغي في تفسيره جزء ٢١ ص ٣١

والصنعاني في تفسيره ج ٢ ص ٢٥٠ والأحاديث القدسية ج ٢ ص ٣٩ وأبو الشيخ في طبقات المحدثين ج ١ ص ٢٨٧.. وغيرهم.

- ورواه الطبري في تفسيره ج ٢٤ ص ١٨، بصيغة كأنها ابتداء من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بدون ذكر لليهودي! قال: عن ابن عمر قال سمعت رسول الله (ص) يقول: يأخذ الجبار سمواته وأرضيه بيمينه وقبض يده فجعل يقبضها ويبسطها ثم يقول أنا الجبار أنا الملك، أين الجبارون أين المتكبرون! قال ويميل رسول الله (ص) عن يمينه وعن شماله حتى نظرت إلى المنبر يتحرك من أسفل شيء منه، حتى أني لأقول أساقط هو برسول الله (ص )!

* *

نكتفي بهذا القدر من النصوص عن الخليفة عمر وابنه وأبي موسى الأشعري وابنه، وهي أقدم من جميع نصوص الرؤية والتشبيه والتجسيم!

ومنها يتضح أن الخليفة عمر أول رائد في هذا المجال، وأن كعب الأحبار هو أول مصدر يهودي بعد يهود المدينة تلقى منه الخليفة ومن أطاع الخليفة من المسلمين بشكل رسمي! وكان من أبرز المتأثرين بالخليفة ولده عبد الله وأبا موسى الأشعري

٢٢٢

وولده أبا بكر.ثم جاء الذين من بعدهم فوجدوا طريقاً ممهداً فسلكوه، لأن فتح الخليفة عمر لهذا الباب لم يكن حدثاً عادياً، بل كان وضع أساس من صدر الإسلام لكل من جاء بعده، وفتح (قناة شرعية) بين نهر ثقافة أحبار اليهود ومكتوباتهم لتصب في نهر الإسلام الصافي!

وقد نشطت قناة الخليفة عمر، وصارت مصدراً أساسياً لثقافة المسلمين في عهد معاوية، وشرب الرواة وعلماء السلطة من أفكار كعب وجماعته، وشيدوا أبنيتهم بأحجارها! وهذه آثارها شاخصة في مصادر المسلمين وصحاحهم!

ومن جهة سياسية فقد سببت هذه الأفكار اختلافات في الأمة وانقسامات وصراعات مريرة.. وحاول المؤرخون كعادتهم أن يبرئوا منها السلطة والخليفة ويتهموا بها المعارضة من أهل البيت وشيعتهم، لمجرد أنهم معارضة مكروهون!

و طول البحث لو أردنا تعداد الذين رووا عن اليهود من رواة القرن الأول والثاني.. ومن باب المثال نذكر ما قاله السبكي في طبقات الشافعية ج ٩ ص ٧٣ في رده على ابن تيمية: (.... ثم أفاد المدعي (ابن تيمية) وأسند أن هذه المقالة مأخوذة من تلامذة اليهود والمشركين وضلال الصابئين. قال: فإن أول من حفظ عنه هذه المقالة: الجعد بن درهم، وأخذها عنه جهم بن صفوان، وأظهرها فنسبت مقالة الجهمية إليه، قال والجعد أخذها عن أبان بن سمعان، وأخذها أبان من طالوت بن أخت لبيد بن الأعصم، وأخذها طالوت من لبيد اليهودي الذي سحر النبي صلى الله عليه وسلم. قال: وكان الجعد هذا فيما يقال من أهل حران.

فيقال له: أيها المدعي إن هذه المقالة مأخوذة من تلامذة اليهود، قد خالفت الضرورة في ذلك، فإنه ما يخفى على جميع الخواص وكثير من العوام أن اليهود مجسمة مشبهات، فكيف يكون ضد التجسيم والتشبيه مأخوذاً عنهم!) انتهى.

ويسهل على الباحث أن يلاحظ أن بعض الأحاديث التي استدل بها ابن تيمية وغيره من القائلين بالرؤية بالعين والتشبيه، هي نصوص يهودية أو نصرانية موجودة في مصادرهم، وبعضها الآخر يشم منها رائحة يهودية قوية!

٢٢٣

ومن ذلك الحديثان اللذان أوردهما السبكي في مناقشته لابن تيمية، قال في طبقات الشافعية ج ٩ ص ٥٣: (حديث الرقية: ربنا الله الذي في السماء تقدس اسمك. حديث الأوعال: والعرش فوق ذلك كله والله فوق ذلك كله. فقد فهمه هذا المدعي (يقصد ابن تيمية) أن الله فوق العرش حقيقة. انتهى.

وحديث الأوعال هو الحديث الذي يدعي أن الله تعالى يجلس على عرشه وأن الحيوانات تحمل عرشه، تعالى الله عما يصفون، وستأتي رواياته في تفسير قوله تعالى: الرحمن على العرش استوى.

هذا وقد حاول بعض شراح البخاري ومسلم الدفاع عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وإثبات أنه لم يصدق الحاخام بل رد عقيدة اليهود في الله تعالى، ولكنهم ثاروا في وجههم!

- قال في الأحاديث القدسية من الصحاح ج ٢ ص ٤٢

قال القسطلاني: هذا من شديد الإشتباه وقد حمله بعضهم على أن اليهود مشبهة، وروي الحديث من غير واحد فلم يذكروا قوله (ص) إنه تعجب من قول الحبر تصديقاً لقوله بل ذكروا أنه (ص) تعجب من كذب اليهودي. انتهى. وذكرنحوه في إرشاد الساري ج ١٠ ص ٣٨٨ وقال:.... وهذه الأوصاف في حق الله تعالى محال.انتهى.

- وقال النووي في شرح مسلم ٩ جزء ١٧ ص ١٣٠

قوله (فضحك رسول الله (ص) تعجباً مما قال الحبر تصديقاً له، ثم قرأ:وما قدروا الله حق قدره ..) ظاهر الحديث أن النبي (ص) صدق الحبر في قوله إن الله تعالى يقبض السماوات والأرضين والمخلوقات بالأصابع. قال القاضي: وقال بعض المتكلمين ليس ضحكه (ص) وتعجبه تصديقاً للحبر، بل هو رد لقوله وإنكار تعجب من سوء اعتقاده، فإن مذهب اليهود التجسيم.... انتهى. ونحوه في ج ٩ جزء ١٧ ص ١٣١ وفي ج ٢ ص ٤٦

٢٢٤

ولكن جمهور علماء إخواننا السنة لم يقبلوا هذه النقود العلمية لأنها رد لما صرح به البخاري ومسلم، فعصمة هذين الكتابين واجبة عندهم حتى من اشتباهات الرواة والنساخ، وحتى لو استلزم ذلك تهمة النبي بتصديق اليهود في التجسيم! قال في الأحاديث القدسية من الصحاح ج ٢ ص ٤٣: قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح: ما اتفق عليه الشيخان بمنزلة التواتر، وإن ضحك الرسول ليس إنكاراً.... إن ما اتفق عليه الشيخان بمنزلة المتواتر فلا ينبغي التجاسر على الطعن في ثقاة الرواة، ورد الأخبار الثابتة! انتهى.

وأمام ذلك التشدد تراجع القسطلاني في كتاب التوحيد ج ١٠ ص ٣٨٨ ونقل قول أبي عمر الصلاح وأيده! وقال جامع الأحاديث القدسية من الصحاح ج ٢ ص ٤٥: قال ابن فورك:.... وقد اشتد إنكار ابن خزيمة على من ادعى أن الضحك المذكور على سبيل الإنكار منه صلى الله عليه وسلم!

* *

وهكذا أخذ أكثر علماء إخواننا السنة بحديث البخاري عن الحاخام، وشهدوا أن النبي أيده وصدقه، وضحك له ضحكاً كثيراً شديداً من فرحه بهذا العلم العظيم على حد تعبير إمام الوهابية. ولكن عدداً منهم بقي يراوده الشك والتحير كيف يمكن أن يؤيد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قول يهودي في التجسيم، مع أن الآية التي قرأها النبي تدل على رده قول اليهودي.

الكوثري يصعد درجات ولا يصل إلى لبّ الحقيقة

اقترب الشيخ محمد زاهد الكوثري من الحقيقة، فاعترف بأن التشبيه والتجسيم انتقل الى المسلمين من اليهود عن طريق رواة إخواننا السنة من التابعين ومن بعدهم، ولكنه لم ينفذ الى لب الحقيقة، ولم يجرأ على نسبة ذلك إلى الصحابة الذين أخذوا هذه العقائد من اليهود وأدخلوها في عقائد المسلمين.

٢٢٥

- قال في مقدّمته لكتاب الأسماء والصفات للبيهقي:

للمحدثين ورواة الاخبار منزلة عليا عند جمهرة أهل العلم، لكن بينهم من تعدى طوره وألف فيما لايحسنه، فأصبح مجلبة العار لطائفته بالغ الضرر لمن يسايره ويتقلد رأيه! من هوَلاء غالب من ألف منهم في صفات الله سبحانه، فدونك مرويات حماد بن سلمة في الصفات تجدها تحتوي على كثير من الأخبار التالفة يتناقلها الرواة طبقة عن طبقة، مع أنه قد تزوج نحو مائة امرأة من غير أن يولد له ولد منهن، وقد فعل هذا التزواج والتنكاح في الرجل فعله بحيث أصبح في غير حديث ثابت البناني لايميز بين مروياته الأصلية وبين مادسه في كتبه أمثال ربيبه ابن أبي العوجاء وربيبه الآخر زيد المدعو بابن حماد، بعد أن كان جليل القدر بين الرواة قوياً في اللغة، فضلّ بمروياته الباطلة كثير من بسطاء الرواة.

ويجد المطالع الكريم نماذج شتى من أخباره الواهية في باب التوحيد من كتب الموضوعات المبسوطة، وفي كتب الرجال، وإن حاول أناس الدفاع عنه بدون جدوى، وشرع الله أحق بالدفاع من الدفاع عن شخص، ولاسيما عند تراكب التهم القاطعة لكل عذر.

فعلت مرويات نعيم بن حماد أيضاً مثل ذلك بل تحمسه البالغ أدى به إلى التجسيم كما وقع مثل ذلك لشيخ شيخه مقاتل بن سليمان تجد آثار الضرر الوبيل في مروياتهما في كتب الرواة الذين كانوا يتقلدونها من غير معرفة منهم لما هنالك، فدونك كتاب الاستقامة لخشيش بن أصرم، والكتب التي تسمى السنة لعبد الله وللخلال، ولأبي الشيخ، وللعسال، ولأبي بكر بن عاصم، وللطبراني، والجامع، والسنة والجماعة لحرب بن إسماعيل السيرجاني، والتوحيد لابن خزيمة، ولابن منده، والصفات للحكم بن معبد الخزاعي، والنقض لعثمان بن سعيد الدارمي، والشريعة للآجري، والابانة لأبي نصر السجزي، ولابن بطة، ونقض التأويلات لأبي يعلي القاضي، وذم الكلام، والفاروق لصاحب منازل السائرين.. تجد فيها ما ينبذه

٢٢٦

الشرع والعقل في آن واحد ولا سيما النقض لعثمان بن سعيد الدارمي السجزي المجسم فإنه أول من اجترأ من المجسمة بالقول إن الله لو شاء لاستقر على ظهر بعوضة فاستقلت به بقدرته، فكيف على عرش عظيم!! وتابعه الشيخ الحراني (ابن تيمية) في ذلك كما تجد نص كلامه في غوث العباد المطبوع سنة ١٣٥١ بمطبعة الحلبي. وكم لهذاالسجزي من طامات مثل إثبات الحركة له تعالى وغير ذلك! كم من كتب من هذا القبيل فيها من الأخبار الباطلة والآراء السافلة ما الله به عليم، فاتسع الخرق بذلك على الراقع وعظم الخطب إلى أن قام علماء أمناء برأب الصدع نظراً ورواية وكان من هوَلاء العلماء الخطابي، وأبو الحسن الطبري، وابن فورك، والحليمي، وأبو إسحاق الاسفرايني، والأستاذ عبد القاهر البغدادي، وغيرهم من السادة القادة الذين لايحصون عدداً... انتهى.

نقول: مع شكرنا لمن تصدى لهذه التحريفات في عقائد الاسلام.. فإن المشكلة مازالت قائمة في مصادر إخواننا لكثرة أحاديث الرؤية والتشبيه والتجسيم فيها، وجلها إن لم يكن كلها يرجع مصدره الى كعب الأحبار وزملائه وتلاميذهم ومن تأثر بهم مثل أبي هريرة وعكرمة ووهب ومقاتل والسفيانين والحمادين ونعيم بن حماد.. الخ.! فلا بد من فتح باب الاجتهاد في الجرح والتعديل وقيام الدراسات النقدية الجادة لرواة أخبار الصفات.

وفيما يلي نقدم خلاصة أقوال علماء الجرح والتعديل في اثنين من قدماء الرواة ذكرهما الكوثري في كلامه، وهما: حماد بن سلمة، ونعيم بن حماد.

السّفيانان والحمّادان

السفيانان والحمادان من كبار أئمة الحديث عند إخواننا السنيين، بل هم شيوخ أئمة المذاهب سوى مالك، وكلهم من الفرس ماعدا سفيان الثوري الذي نسب الى تميم طابخة! وقد ولد الثوري سنة ٩٧ ومات سنة ١٦١ ثم سفيان بن عيينة الرازي أي

٢٢٧

الطهراني ولد سنة ١٠٧ وتوفي سنة ١٧٨، ثم حماد بن سلمة الفارسي أيضا الذي توفي سنة ١٦٧ ثم حماد بن زيد الفارسي أيضا الذي توفي سنة ١٧٩ كما في سير أعلام النبلاء للذهبي.

فالحمادان متعاصران ومتقاربان في السن، بل ذكر الكوثري أن حماد بن زيد هو ربيب حماد بن سلمة.. وقد حكم أهل الجرح بأن عقل ابن زيد أكبر من دينه، وأن دين ابن سلمة أكبر من عقله.

حمّاد بن سلمة

حماد بن سلمة الربعي فارسي مولى ربيعة الجوع، أو ربيعة كلب، قال في إكمال الكمال ج ٤ ص ١٤٧:

وفي اللباب (ربيعة الجوع وهو ربيعة بن مالك بن زيد مناة، منهم حماد بن سلمة الربعى مولاهم إمام مشهور) وذكر أيضاً ربيعة كلب (ربيعة بن حصن بن ضمضم بن عدي بن جناب بن هبل....)

- قال الذهبي في سير أعلام النبلاء ج٧ ص ٤٥٦

حماد بن زيد بن درهم، العلامة، الحافظ الثبت، محدث الوقت، قال إبراهيم بن سعيد الجوهري: سمعت أبا أسامة يقول: كنت إذا رأيت حماد بن زيد قلت: أدبه كسرى، وفقهه عمررضي‌الله‌عنه .

قال الخليلي: سمعت عبد الله بن محمد الحافظ، سمعت أبا عبيد محمد بن محمد بن أخي هلال الرأي، سمعت هشام بن علي يقول: كانوا يقولون كان علم حماد بن سلمة أربعة دوانيق، وعقله دانقين، وعلم حماد بن زيد دانقين، وعقله أربعة دوانيق.

- وقال المزي في تهذيب الكمال ج ٧ ص ٢٥١ عن حماد بن زيد:

وقال أبو حاتم بن حبان: كان ضريراً يحفظ حديثه كله، وكان درهم جده من سبي

٢٢٨

سجستان، وما كان يحدث إلا من حفظه، وقد وهم من زعم أن بينهما كما بين الدينار والدرهم، إلا أن يكون القائل أراد فضل ما بينهما مثل الدينار والدرهم في الفضل والدين، لان حماد بن سلمة كان أفضل وأدين وأورع من حماد بن زيد، ولسنا ممن يطلق الكلام على أحد بالجزاف بل نعطي كل شيخ قسطه، وكل راوٍ حظه، والله الموفق.

- تهذيب التهذيب ج ٣ ص ١٠

وقال أحمد بن حنبل: حماد بن زيد أحب إلينا من عبد الوارث. حماد من أئمة المسلمين من أهل الدين والاسلام، وهو أحب إلي من حماد بن سلمة.

- ميزان الاعتدال ج ٣ ص ١٣٦

وقال الذهلي: قلت لأحمد في علي بن عاصم فقال: كان حماد بن سلمة يخطيء، وأومأ أحمد بيده كثيراً، ولم نر بالرواية عنه بأساً.

ونحوه في سير أعلام النبلاء ج ٩ ص ٢٥٣ وفي تهذيب الكمال ج ٢٠ ص ٥١٠

- سير أعلام النبلاء ج ٥ ص ٢٣٦

قال أبوداود: سمعت أبا عبد الله أحمد يقول: حماد (بن أبي سليمان) مقارب الحديث، ما روى عنه سفيان وشعبة، ولكن حماد بن سلمة عنده عنه تخليط.

- الأنساب ج ١ ص ١٢١

الإمام أ بو إسماعيل حماد بن زيد بن درهم الأزدي البصري المعروف بالأزرق...

- وروى الذهبي في سير أعلام النبلاء ج ٩ ص ١١٤ أن حماد بن سلمة كان لا يحترم علم حماد بن زيد.. قال الذهبي: وروى عفان قال: كنا عند حماد بن سلمة، فأخطأ في حديث، وكان لا يرجع إلى قول أحد، فقيل له: قد خولفت فيه فقال: من؟ قالوا: حماد بن زيد فلم يلتفت، فقيل إن إسماعيل ابن علية يخالفك، فقام ودخل ثم خرج، فقال: القول ما قال إسماعيل.

٢٢٩

بعض روايات ابن سلمة في التشبيه والتجسيم

- لسان الميزان ج ١ ص ٤٨٥

أيوب بن عبدالسلام، أبو عبد السلام، قال ابن حبان: كانه كان زنديقا! يروي عن أبي بكرة عن ابن مسعودرضي‌الله‌عنهما : إن الله إذا غضب انتفخ على العرش حتى يثقل على حملته. رواه حماد بن سلمة وكان كذاباً.

قلت، بئس ما فعل حماد بن سلمة برواية مثل هذا الضلال، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثما إن يحدث بكل ما سمع، بل ولا أعرف له إسنادا عن حماد فيتأمل هذا، فإن ابن حبان صاحب تشنيع وتشغب. انتهى.

- وكذا في ميزان الإعتدال ج ١ ص ٢٩٠ وفيه: ص ٥٩٠:

حماد بن سلمة، عن ثابت، عن ابن أبى ليلى، عن صهيب - مرفوعاً: للذين أحسنوا الحسنى وزيادة، قال: هي النظر إلى وجه الله.

حماد، عن ثابت، عن أنس أن النبى صلى الله عليه وسلم قرأ: فلما تجلى ربه للجبل، قال: أخرج طرف خنصره، وضرب على إبهامه، فساخ الجبل! فقال حميد الطويل لثابت: تحدث بمثل هذا! قال فضرب في صدر حميد وقال: يقوله أنس، ويقوله رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكتمه أنا! رواه جماعة عن حماد (وصححه الترمذي).

إبراهيم بن أبى سويد، وأسود بن عامر، حدثنا حماد، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس - مرفوعاً: رأيت ربي جَعْداً أمرد عليه حلة خضراء.

وقال ابن عدي: حدثنا عبد الله بن عبد الحميد الواسطي، حدثنا النضر بن سلمة شاذان، حدثنا الاسود بن عامر، عن حماد، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس أن محمداً رأى ربه في صورة شاب أمرد دونه ستر من لؤلؤ قدميه أو رجليه في خضرة. وحدثنا ابن أبى سفيان الموصلي وابن شهريار قالا: حدثنا محمد بن رزق

٢٣٠

الله بن موسى، حدثنا الاسود بنحوه. وقال عفان: حدثنا عبدالصمد بن كيسان، حدثنا حماد، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: رأيت ربي. (ومثله في تذكرة الحفّاظ ج ٢ ص ٥٩٦)

وقال أبو بكر بن أبي داود: حدثنا الحسن بن يحيى بن كثير، حدثنا أبي، حدثنا حماد بنحوه. فهذا من أنكر ما أتى به حماد بن سلمة، وهذه الرؤية رؤية منام إن صحت... قال المرودي: قلت لأحمد: يقولون لم يسمع قتادة عن عكرمة فغضب وأخرج كتابه بسماع قتادة، عن عكرمة، في ستة أحاديث. ورواه الحكم بن أبان عن زيرك عن عكرمة. وهو غريب جداً....

- وقال... في الموضوعات ج ١ ص ١٢٢ عن حديث (أخرج خنصره أو طرف خنصره): وهذا حديث لا يثبت. قال ابن عدي الحافظ: كان ابن أبي العوجاء ربيب حماد بن سلمة فكان يدس في كتبه هذه الأحاديث. ومثله في ص ١٠٠

- سير أعلام النبلاء ج ٧ ص ٤٤٤

وروى عبد العزيز بن المغيرة، عن حماد بن سلمة: أنه حدثهم بحديث نزول الرب عز وجل فقال: من رأيتموه ينكر هذا، فاتهموه....

- وقال في ميزان الإعتدال ج ١ ص ٥٩٠

الدولابي، حدثنا محمد بن شجاع الثلجي، حدثني إبراهيم بن عبد الرحمن بن مهدي، قال: كان حماد بن سلمة لا يعرف بهذه الأحاديث يعني التي في الصفات حتى خرج مرة إلى عبادان فجاء وهو يرويها، فلا أحسب إلا شيطاناً خرج إليه من البحر، فألقاها إليه!

قال ابن الثلجي: فسمعت عباد بن صهيب يقول: إن حماداً كان لا يحفظ، وكانوا يقولون إنها دُسَّت في كتبه.

وقد قيل: إن ابن أبي العوجاء كان ربيبه فكان يدس في كتبه. قلت: ابن الثلجي ليس بمصدق على حماد وأمثاله، وقد اتهم. نسأل الله السلامة.

٢٣١

- وفي تهذيب التهذيب ج ٣ ص ١١

وقال الدولابي ثنا محمد بن شجاع البلخي حدثني إبراهيم بن عبد الرحمن بن مهدي قال كان حماد بن سلمة لا يعرف بهذه الأحاديث التي في الصفات حتى خرج مرة إلى عبادان فجاء وهو يرويها! فسمعت عباد ابن صهيب يقول: إن حماداً كان لا يحفظ وكانوا يقولون إنها دست في كتبه. وقد قيل إن ابن أبي العوجاء كان ربيبه فكان يدس في كتبه...

وحكى أبو الوليد الباجي في رجال البخاري أن النسائي سئل عنه فقال ثقة. قال الحكم بن مسعدة فكلمته فيه فقال: ومن يجترئ يتكلم فيه لم يكن عند القطان هناك. ثم جعل النسائي يذكر الأحاديث التي انفرد بها في الصفات كأنه خاف أن يقول الناس تكلم في حماد من طريقها انتهى.

وهو يدل على ما ذكرناه من أن العوام يحبون التجسيم لأن المعبود المادي أسهل على أذهانهم، وقد كان ذلك عاملاً في رواج سوق روايات التجسيم اليهودية، حتى أن أئمة المحدثين مثل النسائي يخاف أن يقولوا عنه إنه ضعف حماداً لروايات التجسيم!!

- سير أعلام النبلاء ج ٥ ص ٣١

وروى جعفر بن أبي عثمان الطيالسي، عن يحيى بن معين قال: إذا رأيت إنساناً يقع

في عكرمة، وفي حماد بن سلمة، فاتهمه على الاسلام!.

قلت: هذا محمول على الوقوع فيهما بهوى وحيف في وزنهما، أما من نقل ما قيل في جرحهما وتعديلهما على الانصاف فقد أصاب، نعم إنما قال يحيى هذا في معرض رواية حديث خاص في رؤية الله تعالى في المنام، وهو حديث يستنكر. وقد جمع ابن مندة فيه جزءاً سماه: صحة حديث عكرمة.

حمّاد يروي أنّ النبي لا يحفظ القرآن!

- تهذيب الكمال ج ٢ ص ٢٦٧

وقال حماد بن سلمة، عن ثابت، عن الجارود بن أُبي سبرة، عن أبي بن كعب:

٢٣٢

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بالناس فترك آية! فقال: أيكم أخذ عليّ شيئاً من قراءتي؟ فقال أبي: أنا يارسول الله، تركت آية كذا وكذا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قد علمت إن كان أحد أخذها عليّ فإنك أنت هو!

- وقال في تهذيب الكمال ج ٢ ص ٢٦٨: رواه البخاري في كتاب القراءة خلف الإمام عن أبي سلمة موسى بن إسماعيل، عن حماد. فوقع لنا بدلاً عالياً!

أخذ حمّاد القول بالجبر من شيخ شيخه وهب

- ميزان الإعتدال ج ٤ ص ٣٥٣

وروى حماد بن سلمة عن أبي سنان: سمعت وهب بن منبه يقول: كنت أقول بالقدر حتى قرأت بضعة وسبعين كتاباً من كتب الأنبياء في كلها: من جعل لنفسه شيئاً على المشيئة فقد كفر، فتركت قولي انتهى. ومثله في تهذيب الكمال ج ٣١ ص ١٤٧

ويقصد وهب بكتب الأنبياء: كتب بني إسرائيل المنسوبة الى الأنبياء.

ويقصد بعبارته التي نقلها من كتب اليهود: أن من يجعل للانسان شيئا من الإرادة في أفعاله فقد كفر! بل أفعاله كلها بما فيها المعاصي والجرائم من الله تعالى!! وبذلك رفع اليهود مسؤولية مخالفتهم لأنبيائهم وقتلهم إياهم عن عواتقهم، ونسبوها الى الله تعالى..!! وتبعهم في ذلك بعض المسلمين حذو القذة بالقذة!!

ربيبه عبد الكريم بن أبي العوجاء

نذكر فيما يلي شيئا عن ابن العوجاء ابن زوجة حماد الذي اتهموه بالدس في أحاديثه، لكي تعرف خطورته..قال في لسان الميزان ج ٤ ص ٥١:

عبد الكريم بن أبي العوجاء خال معن بن زائدة زنديق مغتر، قال أحمد بن عدي: لما أخذ ليضرب عنقه قال: لقد وضعت فيكم أربعة آلاف حديث أحرم فيه الحلال وأحلل الحرام!! قتله محمد بن سليمان العباسي الأمير بالبصرة. انتهى.

وذكر أبو الفرج الأصبهاني في كتاب الأغاني عن جرير بن حازم: كان بالبصرة ستة

٢٣٣

من أصحاب الكلام: واصل بن عطاء وعمرو بن عبيد وبشار بن برد وصالح بن عبد القدوس وعبد الكريم بن أبي العوجاء ورجل من الأزد، فكانوا يجتمعون في منزل الأزد...

- وفي تهذيب المقال ج ٣ ص ١٠١ ابن أبي العوجاء: هو عبد الكريم بن أبي العوجاء، أحد زنادقة عصر الامام الصادقعليه‌السلام . كان من تلامذة الحسن البصري فانحرف عن التوحيد، فقيل له تركت مذهب صاحبك ودخلت فيما لا أصل له ولا حقيقة! قال: إن صاحبي كان مخلطاً يقول طوراً بالقدر وطوراً بالجبر، فما أعلمه اعتقد مذهباً دام عليه.

قتله أبو جعفر محمد بن سليمان عامل البصرة من جهة المنصور. وكان خال معن بن زائدة. وقد جرى بينه وبين مولاناالصادقعليه‌السلام احتجاجات كثيرة....انتهى.

وتجد مناظرات الإمام الصادقعليه‌السلام وتلاميذه مع ابن أبي العوجاء وصاحبيه أبي شاكر الديصاني وعبد الله بن المقفع، وبقية أخباره ونشاطه في نشر الالحاد، في: الكنى والألقاب للقمي ج ١ ص ٢٠١، وفي إختيار معرفة الرجال للطوسي ج ٢ ص ٤٣٠، جامع الرواة للأردبيلي ج ٢ ص ١٦٠ و٢٩٦ و ٤٣٨، والإحتجاج للطبرسي.. وغيرها.

عشرات الألوف من الأحاديث ومئات التلاميذ

- تهذيب الكمال ج ١٩ ص ١٤٧

وقال أبوحاتم: صدوق ثقة، روى عنه أحمد بن حنبل وكان عنده عن حماد بن سلمة تسعة آلاف حديث...!!.

- تهذيب الكمال ج ٢٢ ص ٨٩

قال إسحاق بن سيار النصيبي: سمعت عمرو بن عاصم يقول: كتبت عن حماد بن سلمة بضعة عشر ألفاً! وكذا ج ٧ ص ٢٦٣ وفي سير أعلام النبلاء ج ١٠ ص ٢٥٧ وتهذيب التهذيب ج ٨ ص ٥٢

٢٣٤

- وفي سير أعلام النبلاء ج ٧ ص ٤٤٦

قال عمرو بن عاصم: كتبت عن حماد بن سلمة بضعة عشر ألفاً.

جعفر الطيالسي: سمعت عفان يقول: كتبت عن حماد بن سلمة بضعة عشر ألفاً.

- وفي تهذيب الكمال ج ٢٠ ص ١٧٢

وقال جعفر بن أبي عثمان الطيالسي: سمعت عفان يقول: يكون عند أحدهم حديث فيخرجه بالمقرعة، كتبت عن حماد بن سلمة عشرة آلاف حديث ما حدثت منها بألفي حديث.

وقال علي بن سهل بن المغيرة: سمعت يحيى بن معين يقول: لي حانوت بباب الطاق وددت أن عفان قرأ عليَّ كتب حماد بن سلمة فأبيعه وأدفع ثمنه إليه.

- سير أعلام النبلاء ج ٩ ص ٥٠٠

قال علي بن المديني: كان عند يحيى بن ضريس عن حماد بن سلمة عشرة آلاف حديث!

- تذكرة الحفّاظ ج ١ ص ٢٠٢

قال ابن المديني: كان عند يحيى بن ضريس عن حماد عشرة آلاف حديث.

- وقال في الجرح والتعديل ج ٣ ص ١٤٠

قال أحمد بن وكان عند يحيى بن ضريس عن حماد بن سلمة عشرة آلاف حديث، وعن الثوري عشرة آلاف أو نحوه....

- الجرح والتعديل ج ١ ص ٣٣٥

حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبا زرعة يقول: كتبت عن أبي سملة التبوذكي عشرة آلاف حديث، أما حديث حماد بن سلمة فعشرة آلاف حديث، وكنا نظن أنه يقرأ كما يقرأ قديماً فاستكتبنا الكثير ومات فبقي علينا شيء نحو قوصرة فوهبت لقوم بالبصرة. انتهى. أي بقي من أحاديث التبوذكي تلميذ ابن حماد كيس كبير (خيشة) وسيأتي أن أحمد بن حنبل روى عنه تسعة آلاف حديث!

٢٣٥

- تهذيب التهذيب ج ٣ ص ١١

البخاري في التعاليق ومسلم والأربعة: حماد بن سلمة بن دينار البصري أبو سلمة مولى تميم. ويقال مولى قريش وقيل غير ذلك. روى عن: ثابت البناني وقتادة وخاله حميد الطويل وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة وانس بن سيرين وثمامة بن عبد الله بن أنس ومحمد بن زياد القرشي وأبي الزبير المكي وعبد الملك بن عمير وعبد العزيز بن صهيب وأبي عمران الجوني وعمرو بن دينار وهشام بن زيد بن انس وهشام بن عروة ويحيى ابن سعيد الأنصاري وأيوب السختياني وخالد الحذاء وداود بن أبي هند وسليمان التيمي وسماك بن حرب وخلق كثير من التابعين فمن بعدهم.

وعنه: ابن جريج والثوري وشعبة وهم أكبر منه وابن المبارك وابن مهدي والقطان وأبوداود و أبوالوليد الطيالسيان وأبوسلمة التبوذكي وآدم بن أبي اياس والاشيب وأسود بن عامر شاذان وبشر بن السري وبهز بن أسد وسليمان بن حرب وأبونصر الثمار وهدبة بن خالد وشيبان بن فروخ وعبيد الله العيشي وآخرون...انتهى. وقد أورد الذهبي في سير أعلام النبلاء ج ٧ ص ٤٤٤ عدداً أكبر من شيوخه وتلاميذه.

- تهذيب التهذيب ج ١٠ ص ٢٩٤

دعس (أبي داود والنسائي في مسند علي) مهنأ بن عبد الحميد أبوشبل ويقال أبو سهل البصري. روى عن حماد بن سلمة، وعنه أحمد بن حنبل.

كان مفتي البصرة وله مسجد ويلزم تلاميذه بالكتابة عنه

- تهذيب التهذيب ج ٣ ص ١١

وحماد من أجلة المسلمين وهو مفتي البصرة، وقد حدث عنه من هو أكبر منه سناً. ونحوه في ميزان الاعتدال ج ١ ص ٥٩٠

- ميزان الاعتدال ج ١ ص ٦٠٨

حمزة بن واصل البصري.... قلت: هو صاحب حديث المرأة البيضاء بطوله،

٢٣٦

رواه الدارقطني في كتاب الرؤية من طريق محمد بن سعيد القرشى، حدثنا حمزة بن واصل المنقري، وكان يلزم مسجد حماد بن سلمة، وحماد أمرنا أن نكتب عنه..

- تذكرة الحفّاظ ج ١ ص ٢٠٢

قال أبو داود لم يكن لحماد بن سلمة كتاب إلا كتاب قيس بن سعد...! ومثله في سير أعلام النبلاء ج ٧ ص ٤٤٤

- الأنساب ج ٢ ص ٣٥٦

قلت: وعباد أيضا ليس بشيء وقد قال أبو داود لم يكن لحماد بن سلمة كتاب غير كتاب قيس بن سعد يعني كان يحفظ علمه.

وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه: ضاع كتاب حماد عن قيس بن سعد وكان يحدثهم من حفظه.

- سير أعلام النبلاء ج ١١ ص ٩٩

وقال ابن عدي: سمعت أبا يعلى وسئل عن هدبة وشيبان أيهما أفضل فقال: هدبة أفضلهما وأوثقهما وأكثرهما حديثاً، كان حديث حماد بن سلمة عنده نسختين: واحدة على الشيوخ، وأخرى على التصنيف.

ومع هذا وثّقه إخواننا وغالوا فيه

- إكمال الكمال ج ٢ ص ١٨٥

وفي المشتبه: فقيه العصر أبو حنيفة الخزاز، وإمام المحدثين حماد بن سلمة...

- ميزان الإعتدال ج ١ ص ٥٩٠

حماد بن سلمة بن دينار الامام العلم، أبوسلمة البصري.... وقال ابن المديني: من سمعتموه يتكلم في حماد فاتهموه.

وقال رجل لعفان: أحدثك عن حماد قال: من حماد ويلك! قال: ابن سلمة. قال: ألا تقول أمير المؤمنين....

٢٣٧

- تهذيب الكمال ج ١٩ ص ١٤٧

قال أبوطالب، عن أحمد بن حنبل: صدوق في الحديث..... روى عنه أحمد بن حنبل وكان عنده عن حماد بن سلمة تسعة آلاف حديث...!

- تهذيب الكمال ج ٧ ص ٢٦١

وقال شهاب بن المعمر البلخي: كان حماد بن سلمة يعد من الابدال، وعلامة الأبدال أن لا يولد لهم! تزوج سبعين امرأة فلم يولد له.انتهى. وكذا في أنساب السمعاني ج ٢ ص ٣٥٦.

ولم أجد فيما راجعت من كتب الجرح والتعديل أنه تزوج نحو مئة امرأة كما ذكر العلامة الكوثري، وإن كانت السبعين أكثر من ثلثي المئة!

- تذكرة الحفّاظ ج ١ ص ٢٠٢

شهاب بن معمر كان حماد بن سلمة يعد من الأبدال.

- وقال في الجرح والتعديل ج ٣ ص ١٤٠

نا سعيد بن أبي سعيد الأراطي الرازي قال سئل أحمد بن حنبل عن حماد بن سلمة فقال: صالح... المديني: لم يكن في أصحاب ثابت أثبت من حماد بن سلمة عن يحيى بن معين قال: حماد بن سلمة ثقة.

- سير أعلام النبلاء ج ٧ ص ٤٤٤

حماد بن سلمة ابن دينار، الامام القدوة، شيخ الاسلام، أبوسلمة البصري، النحوي، البزاز، الخرقي، البطائني، مولى آل ربيعة بن مالك....

وقال حجاج بن منهال: حدثنا حماد بن سلمة، وكان من أئمة الدين.

قال أبو عبد الله الحاكم: قد قيل في سوء حفظ حماد بن سلمة، وجمعه بين جمعة في الاسناد بلفظ واحد، ولم يخرج له مسلم في الأصول إلا من حديثه عن ثابت، وله في كتابه أحاديث في الشواهد عن غير ثابت....

٢٣٨

قال أحمد بن حنبل: إذا رأيت من يغمزه، فاتهمه فإنه كان شديداً على أهل البدع، إلا أنه لما طعن في السن ساء حفظه، فلذلك لم يحتج به البخاري، وأما مسلم فاجتهد فيه وأخرج من حديثه عن ثابت، مما سمع منه قبل تغيره، وما عن غير ثابت فأخرج نحو اثني عشر حديثاً في الشواهد دون الاحتجاج، فالاحتياط أن لا يحتج به فيما يخالف الثقات....

قال أبو القاسم البغوي: حدثني محمد بن مطهر قال: سألت أحمد ابن حنبل فقال: حماد بن سلمة عندنا من الثقات، ما نزداد فيه كل يوم إلا بصيرة.

قال أبوسلمة التبوذكي: مات حماد بن سلمة وقد أتى عليه ست وسبعون سنة.

وقال ابن سعد: أخبرني أ بوعبد الله التميمي قال: أخبرني أبوخالد الرازي، عن حماد بن سلمة قال: أخذ إياس بن معاوية بيدي وأنا غلام فقال: لا تموت حتى تقص، أما إني قد قلت هذا لخالك يعني حميد الطويل، فما مات حماد حتى قص. قال أبو خالد قلت لحماد: أنت قصصت قال: نعم.

قلت: القاص هو الواعظ.

قال علي بن عبد الله: قلت ليحيى: حملت عن حماد بن سلمة إملاء. قال: نعم، إملاء كلها، إلا شيئا كنت أسأله عنه في السوق، فأتحفظ. قلت ليحيى: كان يقول: حدثني وحدثنا قال: نعم، كان يجيء بها عفواً، حدثني وحدثنا... انتهى.

أقول: ينبغي للباحث أن يتوقف عند فراسة إياس بن معاوية بأن حماداً قصاص، وأن فراسته قد تحققت في حماد! فالقصاص في القرون الأولى له مواصفات محددة، ومن أولها أن يعرف الاسرائيليات ويقصها على الناس.. ولابد أن حمادا كان صاحب بضاعة كبيرة من الاسرائيليات، وأين هي... إلا في مروياته!

- تذكرة الحفّاظ ج ١ ص ٢٠٢

حماد بن سلمة بن دينار الامام الحافظ شيخ الاسلام أبو سلمة الربعي مولاهم البصري.... وقال وهيب: حماد بن سلمة سيدنا وأعلمنا.

٢٣٩

وقال أحمد بن حنبل: حماد بن سلمة أعلم الناس بثابت البناني وأثبتهم في حميد... قلت: هو أول من صنف التصانيف... وقيل إن حماد بن سلمة تزوج سبعين امرأة ولم يولد له ولد. وعن حمد بن حنبل قال: إذا رأيت الرجل ينال من حماد بن سلمة فاتهمه على الإسلام. مناقب حماد يطول شرحها....

واحترمه البخاري وروى عنه ولم يكتفوا بذلك

مع أن البخاري ترجم لحماد في تاريخه الكبير ج ٣ ص ٢٢ بكل احترام، وروى عنه في صحيحه، ولكن المتعصبين لحماد هاجموا البخاري لماذا لم يحتج بحماد فيما خالف فيه الثقات! وقد دافع بعضهم عن البخاري!

قال في الموضوعات ج ١ ص ٣٤: وإنما اشترط البخاري ومسلم الثقة والاشتهار وقد تركا أشياء كثيرة تركها قريب وأشياء لاوجه لتركها، فمما ترك البخارى الرواية عن حماد بن سلمة مع علمه بثقته لأنه قيل له إنه كان له ربيب يدخل في حديثه ما ليس منه.

- تهذيب الكمال ج ٧ ص ٢٦٦

يعرض ابن حبان هنا بمحمد بن إسماعيل البخاري صاحب الصحيح، وقد رد ابن حبان على البخاري رداً قوياً في مقدمة صحيحه ١١٤ - ١١٧ بسبب عدم تخريجه له.

- الأنساب للسمعاني ج ٢ ص ٣٥٦

ولم ينصف من جانب حديثه واحتج بأبي بكر بن عياش في كتابه وبابن أخي الزهري وبعبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، فإن كان تركه إياه لما كان يخطيء فغيره من أقرانه مثل الثوري وشعبة ودونهما كانوا يخطئون، فإن زعم أن خطأه قد كثر من تغير حفظه فقد كان ذلك في أبي بكر بن عياش موجوداً، وأنى يبلغ أبو بكر حماد بن سلمة، ولم يكن من أقران حماد بالبصرة مثله في الفضل والدين والعلم والنسك والجمع والكتبة والصلابة في السنة والقمع لأهل البدعة، ولم يكن مثله في أيامه

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

المنع ؛ لأنّ الكفّارة حقّ الله تعالى ، وهو أولى بالتساهل(١) .

ولو استولى باغٍ على أمة أو مستولدة لأهل العدل فوطئها ، فعليه الحدّ ، والولد رقيق بغير نسب.

وفي وجوب المهر مع إكراهها قولان للشافعي(٢) .

قال الشيخرحمه‌الله : لا خلاف في أنّ الحربيّ إذا أتلف شيئاً من أموال المسلمين ونفوسهم ثمّ أسلم ، فإنّه لا يضمن ولا يُقاد به(٣) .

وأمّا المرتدّ : فإنّه يضمن عندنا ما أتلفه حالة الحرب أو قبلها أو بعدها.

وأمّا الشافعي وأبو حنيفة : فأسقطا ضمان ما يُتلفه حالة الحرب من مالٍ ونفسٍ(٤) .

وأمّا الذين يخالفون الإمام بتأويلٍ يعتقدونه ولا شوكة لهم ولا امتناع ؛ لقلّة عددهم ، فإنّه يلزمهم ضمان ما أتلفوا من نفسٍ ومالٍ إن كان على صورة القتال. وإن لم يكن قتال ، فكذلك عندنا ، خلافاً للشافعي في أحد القولين(٥) .

وهو غلط ؛ إذ لا تعجز كلّ شِرْذِمةٍ تُريد إتلاف نفسٍ أو مال أن تُبدي تأويلاً وتفعل من الفساد ما تشاء ، وذلك يُفضي إلى إبطال السياسات.

وأمّا الذين لهم كثرة وشوكة ولا تأويل لهم : ففي ضمان ما أتلفوا من المال طريقان للشافعيّة :

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٨٦ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٧٥.

(٢) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٨٧ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٧٦.

(٣) المبسوط - للطوسي - ٧ : ٢٦٧.

(٤) اُنظر : الوجيز ٢ : ١٦٥ ، والعزيز شرح الوجيز ١١ : ٨٨ ، وروضة الطالبين ٧ : ٢٧٦ ، والهداية - للمرغيناني - ٢ : ١٧٧ ، والمغني ١٠ : ٧٠.

(٥) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٨٨.

٤٢١

أحدهما : القطع بوجوبه ؛ لأنّهم ليسوا بأهل البغي ، كالذين لهم التأويل دون الشوكة.

وأظهرهما عندهم : طرد القولين في الباغي(١) .

وعندنا يجب عليهم الضمان.

مسألة ٢٤٨ : قد بيّنّا أنّه ينبغي للإمام وعظ أهل البغي وأمرهم بالطاعة‌ لتكون كلمة أهل الدين واحدةً ، فإن امتنعوا ، آذنهم بالقتال ، فإن طلبوا الإنظار ، بحث الإمام عن حالهم واجتهد ، فإن عرف عزمهم على الطاعة وطلبِ الإنظار لحلّ الشبهة ، أنظرهم. وإن ظهر له أنّهم يقصدون استلحاق مددٍ ، لم يُنظرهم. وإن سألوا ترك القتال أبداً ، لم يُجبهم.

وحيث لا يجوز الإنظار لو بذلوا مالاً أو رهنوا الأولاد والنساء ، لم يلتفت إليهم ؛ لأنّهم قد يقوون في المدّة ، ويتغلّبون على أهل العدل ، ويستردّون ما بذلوا.

ولو كان بأهل العدل ضعْفٌ ، أخّر الإمام القتال ، ولا يخطر بالناس.

مسألة ٢٤٩ : أهل البغي قسمان :

أحدهما : أن لا يكون لهم فئة يرجعون إليها‌ ولا رئيس يلجؤون(٢) إليه ، كأهل البصرة ، وأصحاب الجَمَل.

والثاني : أن يكون لهم فئة يرجعون إليها ورئيس يعتضدون به ويجيش لهم الجيوش ، كأهل الشام ، وأصحاب معاوية بصفّين.

فالأوّل لا يُجاز على جريحهم ، ولا يُتبع مُدبرهم ، ولا يُقتل أسيرهم والثاني يُجاز على جريحهم ، ويُتبع مُدبرهم ، ويُقتل أسيرهم ، سواء‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٨٨ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٧٦.

(٢) في « ق ، ك» : يلتجؤون.

٤٢٢

كانت الفئة حاضرةً أو غائبة ، قريبة أو بعيدة(١) ، ذهب إلى هذا التفصيل علماؤنا أجمع - وبه قال ابن عباس وأبو حنيفة وأبو إسحاق من الشافعيّة(٢) - لأنّا لو لم نقتلهم لم نأمن عَوْدَهم(٣) وقتالَهم.

[ و ](٤) لأنّ حفص بن غياث سأله عن طائفتين ، إحداهما باغية ، والاُخرى عادلة ، فهزمت العادلة الباغيةَ ، قال : « ليس لأهل العدل أن يتبعوا مُدبراً ، ولا يقتلوا أسيراً ، ولا يُجيزوا(٥) على جريح »(٦) .

هذا إذا لم يبق من أهل البغي أحد ولم تكن لهم فئة يرجعون إليها ، فإذا كانت لهم فئة يرجعون إليها ، فإنّ أسيرهم يُقتل ، ومُدبرهم يُتبع ، وجريحهم يُجاز عليه.

وقال الشافعي : لا يُجاز على جريح الفريقين معاً ، ولا يُتبع مُدبرهم ، ولا يُقتل أسيرهم(٧) ؛ لقول عليّعليه‌السلام : « لا يُذفَّف على جريحٍ ، ولا يُتبع مُدبر »(٨) .

ونقول بموجبه ؛ لأنّه قاله في الفئة التي لا رئيس لها.

____________________

(١) في الطبعة الحجريّة : بعيدة أو قريبة.

(٢) المغني ١٠ : ٦٠ ، الشرح الكبير ١٠ : ٥٧ ، المبسوط - للسرخسي - ١٠ : ١٢٦ ، بدائع الصنائع ٧ : ١٤٠ - ١٤١ ، الهداية - للمرغيناني - ٢ : ١٧١ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٩١.

(٣) في الطبعة الحجريّة : لم نأمن من عودهم.

(٤) أضفناها لأجل السياق.

(٥) في الكافي : « ولا يجهزوا ».

(٦) التهذيب ٦ : ١٤٤ / ٢٤٦ ، الكافي ٥ : ٣٢ / ٢ وفيه عن الإمام الصادقعليه‌السلام .

(٧) المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٢١٩ و ٢٢٠ ، حلية العلماء ٧ : ٦١٦ و ٦١٧ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٩٠ و ٩١ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٧٨ ، الهداية - للمرغيناني - ٢ : ١٧١ ، المغني ١٠ : ٦٠ ، الشرح الكبير ١٠ : ٥٨.

(٨) سنن البيهقي ٨ : ١٨١.

٤٢٣

مسألة ٢٥٠ : لو وقع أسير من أهل البغي في يد أهل العدل وكان شابّاً من أهل القتال ، جَلِداً ، حُبس وعرض عليه المبايعة ، فإن بايع على الطاعة والحرب قائمة ، قُبل منه واُطلق. وإن لم يبايع ، تُرك في الحبس.

فإذا انقضت الحرب فإن تابوا وطرحوا السلاح وتركوا القتال أو ولّوا مدبرين إلى غير فئةٍ ، اُطلق. وإن ولّوا مُدبرين إلى فئة ، لم يُطلق عندنا في الحال.

وقال بعضهم : يُطلق ؛ لأنّه لا يُتبع مُدبرهم(١) . وقد بيّنّا خلافه.

وهل يجوز قتله؟ الذي يقتضيه مذهبنا : التفصيل ، فإن كان ذا فئة ، جاز قتله ، وإلّا فلا - وبه قال أبو حنيفة(٢) - لأنّ في ذلك كسراً لهم.

وقال الشافعي : لا يجوز قتله(٣) ؛ لأنّ ابن مسعود قال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « يا بن اُمّ عبد ما حكْمُ مَنْ بغى من اُمّتي؟ » قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : « لا يُتبع مُدبرهم ، ولا يُجاز على جريحهم ، ولا يُقتل أسيرهم ، ولا يُقسم فيئهم »(٤) .

وهو محمول على ما إذا لم تكن له فئة.

ولو كان الأسير صبيّاً أو عبداً أو امرأةً اُطلقوا ؛ لأنّهم لا يُطالبون بالبيعة ؛ لأنّهم ليسوا من أهل الجهاد ، وإنّما يُبايعون على الإسلام خاصّة.

وقال بعضهم : يُحبسون كالرجال ؛ لأنّ فيه كسْرَ قلوبهم(٥) .

____________________

(١) اُنظر : العزيز شرح الوجيز ١١ : ٩١ ، وروضة الطالبين ٧ : ٢٧٨.

(٢) بدائع الصنائع ٧ : ١٤٠ - ١٤١ ، المغني ١٠ : ٦٠ ، الشرح الكبير ١٠ : ٥٧.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٢٢٠ ، حلية العلماء ٧ : ٦١٧ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٩١ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٧٨ ، المغني ١٠ : ٦٠ ، الشرح الكبير ١٠ : ٥٧.

(٤) سنن البيهقي ٨ : ١٨٢ ، المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٢١٩ ، المغني ١٠ : ٦٠ - ٦١ ، الشرح الكبير ١٠ : ٥٧ - ٥٨.

(٥) الحاوي الكبير ١٣ : ١٢٢ ، المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٢٢٠ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٩١ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٧٩.

٤٢٤

وكذا الزَّمن والشيخ الفاني.

ولو أسر كلٌّ من الفريقين اُسارى من الآخر ، جاز فداء اُسارى أهل العدل باُسارى أهل البغي.

ولو امتنع أهل البغي من المفاداة وحبسوهم ، جاز لأهل العدل حبس مَنْ معهم ؛ توصّلاً إلى تخليص اُساراهم.

وقال بعض العامّة : لا يجوز ؛ لأنّ الذنب في حبس اُسارى أهل العدل لغيرهم(١) .

ولو قتل أهل البغي اُسارى أهل العدل ، لم يجز لأهل العدل قتل اُساراهم إذا لم تكن لهم فئة ؛ لأنّهم لا يُقتلون بجناية غيرهم.

مسألة ٢٥١ : أموال أهل البغي ، التي لم يحوها العسكر لا تخرج عن ملكهم ، ولا تجوز قسمتها(٢) بحالٍ.

أمّا ما حواه العسكر من السلاح والكراع والدوابّ والأثاث وغير ذلك : فللشيخ قولان :

أحدهما : أنّها تقسّم بين أهل العدل ، وتكون غنيمةً ، كأموال المشركين ، للفارس سهمان ، وللراجل سهم ، ولذي الأفراس ثلاثة(٣) . وبه قال ابن الجنيد.

والثاني : أنّه لا تحلّ قسمتها ، بل هي باقية على ملكهم لا تجوز قسمتها ولا استغنامها(٤) ، وبه قال السيّد المرتضى(٥) وابن إدريس(٦) وكافّة‌

____________________

(١) المغني ١٠ : ٦٢ ، الشرح الكبير ١٠ : ٥٩.

(٢) في « ق ، ك » والطبعة الحجريّة : قسمته. وما أثبتناه يقتضيه السياق.

(٣) النهاية : ٢٩٧.

(٤) المبسوط - للطوسي - ٧ : ٢٦٦.

(٥) مسائل الناصريّات : ٤٤٣ ، المسألة ٢٠٦.

(٦) السرائر : ١٥٩.

٤٢٥

العلماء ؛ لما رواه العامّة عن أبي أمامة ، قال : شهدت صفّين وكانوا لا يجيزون(١) على جريح ، ولا يقتلون مُولّياً ، ولا يسلبون قتيلاً(٢) .

وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « ولا يقسم فيئهم »(٣) .

ومن طريق الخاصّة : قول مروان بن الحكم : لـمّا هزمنا عليّ -عليه‌السلام - بالبصرة ردّ على الناس أموالهم ، مَنْ أقام بيّنةً أعطاه ، ومَنْ لم يُقمْ بيّنةً أحلفه. قال : فقال له قائل : يا أمير المؤمنين اقسم الفي‌ء بيننا والسبي. [ قال : ](٤) فلمـّا أكثروا عليه قال : « أيّكم يأخذ اُمّ المؤمنين في سهمه؟ » فكفّوا(٥) .

وقول الصادقعليه‌السلام : « كان في قتال عليّعليه‌السلام على أهل القبلة بركة ، ولو لم يقاتلهم عليّ لم يَدْر أحدٌ بعده كيف يسير فيهم »(٦) .

احتجّ الشيخرحمه‌الله : بسيرة عليّعليه‌السلام ، ولأنّهم أهل قتال فحلّت أموالهم ، كأهل الحرب.

والسيرة معارضة بمثلها ، والفرق ما تقدّم.

ولا استبعاد في الجمع بين القولين وتصديق نَقَلة السيرتين ، فيقال بالقسمة للأموال إذا كان لهم فئة يرجعون إليها إضعافاً لهم وحسماً لمادّة‌

____________________

(١) في « ك » والشرح الكبير : لا يجهزون.

(٢) سنن البيهقي ٨ : ١٨٢ ، المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٢١٩ ، المغني ١٠ : ٦٠ ، الشرح الكبير ١٠ : ٥٧.

(٣) سنن البيهقي ٨ : ١٨٢ ، المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٢١٩ ، المغني ١٠ : ٦٠ - ٦١ ، الشرح الكبير ١٠ : ٥٧ - ٥٨.

(٤) أضفناها من المصدر.

(٥) التهذيب ٦ : ١٥٥ / ٢٧٣.

(٦) التهذيب ٦ : ١٤٥ / ٢٥٠.

٤٢٦

فسادهم ، وبعدمها فيما إذا لم تكن لهم فئة ؛ لحصول الغرض فيهم من تفريق كلمتهم وتبدّد شَمْلهم. وهذا هو الذي أعتمده.

إذا عرفت هذا ، فإنّه لا يجوز سبي ذراري الفريقين من أهل البغي ولا تملّك نسائهم بلا خلاف بين الاُمّة في ذلك.

ولا يجوز لأهل العدل الانتفاع بكراع أهل البغي ولا بسلاحهم بحالٍ ، إلّا في حال الضرورة ، كما لو خاف بعض أهل العدل على نفسه ، وذهب سلاحه ، فإنّه يجوز أن يدفع عن نفسه بسلاحهم. وكذا يركب دوابّهم مع الحاجة ، وهذا في الموضع الذي منعنا من قسمة أموالهم فيه ، أمّا في غيره فالجواز أظهر.

مسألة ٢٥٢ : لو غلب أهل البغي على بلدٍ فأخذوا الصدقات والجزية والخراج ، لم يقع ذلك موقعه ، لكن للإمام أن يجيز ذلك ؛ لأنّهم أخذوه ظلماً وعدواناً ، فلا يتعيّن في إبراء ذمّتهم ، كما لو غصبوهم مالاً غير الجزية والصدقات.

وقال الشافعي وأبو ثور من أصحاب الرأي(١) : يقع ذلك موقعه ، فإذا ظهر أهل العدل بعد ذلك عليه ، لم يكن لهم مطالبتهم بإعادة ذلك ؛ لأنّ عليّاًعليه‌السلام لمـّا ظهر على البصرة ، لم يطالب بشي‌ء ممّا جبوه(٢) .

ولا حجّة فيه ؛ لما بيّنّا من أنّ للإمام إجازة ذلك ؛ للمشقّة الحاصلة من تكليف إعادة ذلك من الناس خصوصاً إذا أقاموا في البلد سنين متطاولة.

____________________

(١) كذا ، وفي المغني والشرح الكبير : وأبو ثور وأصحاب الرأي.

(٢) مختصر المزني : ٢٥٨ ، الحاوي الكبير ١٣ : ١٣٣ ، المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٢٢١ ، الوجيز ٢ : ١٦٤ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٨٣ - ٨٤ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٧٤ ، المغني ١٠ : ٦٦ - ٦٧ ، الشرح الكبير ١٠ : ٦٣ ، الهداية - للمرغيناني - ٢ : ١٧١.

٤٢٧

وأمّا الحدود إذا أقاموها : قال الشيخ : لا تعاد عليهم مرّة اُخرى ؛ للمشقّة(١) .

مسألة ٢٥٣ : إذا زالت يد أهل البغي عن البلد وملكه أهل العدل فطالَبَهم العادلُ‌ بالصدقات فذكروا أنّهم استوفوا منهم ، فإن لم يجز الإمام ذلك ، طالَبهم به مرّةً ثانية وإن أجازه ، فالأقرب : قبول قولهم بغير بيّنة ؛ لأنّ ربّ المال إذا ادّعى إخراج زكاته ، قُبلت دعواه بغير بيّنة.

وهل يحتاج إلى اليمين؟ قال بعض الشافعيّة : نعم(٢) ، لأنّه مدّع ، فلا تقبل دعواه بغير بيّنة ، لكن لمـّا تعسّر إثبات البيّنة ، افتقر إلى اليمين ، فإن نكل ، اُخذت الزكاة ، لا بمجرّد النكول ، بل بظاهر الوجوب عليه.

أمّا لو ادّعى أداء الخراج ، قال الشيخرحمه‌الله : لا يُقبل قوله ، بخلاف الزكاة ؛ لأنّها تجب على سبيل المواساة ، وأداؤها عبادة ، فلهذا قُبل قوله في أدائها ، بخلاف الخراج ؛ فإنّه معاوضة ؛ لأنّه ثمن أو اُجرة ، فلا يُقبل قوله في أدائه ، كغيره من المعاوضات(٣) .

ولو ادّعى أهل الذمّة أداء الجزية إلى أهل البغي ، لم تُقبل منهم ، لكفرهم ، ولأنّها معاوضة عن المساكنة وحقن الدماء ، فلا يقبل قولهم فيه.

مسألة ٢٥٤ : أهل البغي عندنا فُسّاق وبعضهم كفّار ، فلا تُقبل شهادتهم وإن كان عدلاً في مذهبه ، لقوله تعالى :( إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَأ فَتَبَيَّنُوا ) (٤)

____________________

(١) المبسوط - للطوسي - ٧ : ٢٧٦.

(٢) الاُمّ ٤ : ٢٢٠ ، المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٢٢١ - ٢٢٢ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٨٤ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٧٥.

(٣) المبسوط - للطوسي - ٧ : ٢٧٧.

(٤) الحجرات : ٦.

٤٢٨

ولقوله تعالى :( وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا ) (١) .

وسواء في ذلك أن يشهد لهم أو عليهم ، وسواء كان على طريق التديّن أو لا على وجه التديّن.

وقال أبو حنيفة : تُقبل شهادتهم ، وهُمْ فُسّاق ؛ لأنّ أهل البغي بخروجهم عن طاعة الإمام والبغي قد فسقوا ولكن تُقبل شهادتهم ؛ لأنّ فسقهم من جهة الدين ، فلا تُردّ به الشهادة ، وقد قبل شهادة الكفّار بعضهم على بعض(٢) .

وأطبق الجمهور كافّة على قبول شهادتهم(٣) .

وقال أكثر العامّة : أقبل شهادته إذا كان ممّن لا يرى أنّه يشهد لصاحبه بتصديقه كالخطّابيّة ؛ فإنّهم يعتقدون تحريم الكذب والإقدام على اليمين الكاذبة ، فإذا كان لبعضهم حقٌّ على مَنْ يجحده ولا شاهد له به فذكر ذلك لبعض أهل مذهبه وحلف له أنّه صادق فيما يدّعيه ، ساغ له في مذهبه أن يشهد له بدعواه(٤) .

وعندنا لا تُقبل شهادة مَنْ خالف الحقَّ من سائر الفِرَق على ما يأتي.

وأمّا الحكم والقضاء بين الناس : فإنّه لا يجوز عندنا إلّا بإذن الإمام أو مَنْ نصبه الإمام ، فإذا نصب أهل البغي قاضياً ، لم ينفذه قضاؤه مطلقاً ، سواء‌

____________________

(١) هود : ١١٣.

(٢) المغني ١٠ : ٦٥ ، الشرح الكبير ١٠ : ٦٢ ، الحاوي الكبير ١٣ : ١٣٦.

(٣) المغني ١٠ : ٦٥ ، الشرح الكبير ١٠ : ٦٢ ، الوجيز ٢ : ١٦٤ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٨٢ ، مختصر المزني : ٢٥٨ ، الحاوي الكبير ١٣ : ١٣٦ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٧٣.

(٤) اُنظر : الحاوي الكبير ١٣ : ١٣٦ ، والعزيز شرح الوجيز ١١ : ٨٢ ، و ١٣ : ١٣٠ - ١٣١.

٤٢٩

حكم بحقٍّ أو باطل ؛ لأنّه فاسق بمجرّد التولية ، والعدالة عندنا شرط في القضاء.

وقال أبو حنيفة : إن كان قاضيهم - الذي نصبوه - من أهل العدل ، نفذ قضاؤه ، وإن كان من أهل البغي ، لم ينفذ(١) .

وقال الشافعي : ينفذ مطلقاً ، سواء كان من أهل البغي أو من أهل العدل إذا لم يستحلّ دماء أهل العدل ولا أموالهم. وإن استحلّ ذلك ، لم ينفذ حكمه إجماعاً(٢) .

وقال بعض الشافعيّة : ينفذ قضاء أهل البغي مطلقاً رعايةً لمصلحة الرعاياً(٣) .

وقال آخرون منهم : مَنْ ولّاه صاحب الشوكة نفذ قضاؤه وإن كان جاهلاً أو فاسقاً(٤) .

ولو كتب قاضي البُغاة كتاباً ، لم يجز لأحد من القُضاة إنفاذه عندنا ، خلافاً لبعض الشافعيّة(٥) .

وقال بعضهم : يستحبّ أن لا يقبل ؛ استخفافاً لهم وإهانة(٦) .

ولو كتب قاضيهم بسماع البيّنة دون الحكم المبرم ، لم يحكم به قاضينا.

____________________

(١) الحاوي الكبير ١٣ : ١٣٥ ، حلية العلماء ٧ : ٦٢٠ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٨٣ ، المغني ١٠ : ٦٨ ، الشرح الكبير ١٠ : ٦٤.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٢٢١ ، حلية العلماء ٧ : ٦٢٠ ، الحاوي الكبير ١٣ : ١٣٥ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٧٣ ، المغني ١٠ : ٦٨ ، الشرح الكبير ١٠ : ٦٤.

(٣) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٨٢ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٧٣.

(٤) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٨٢.

(٥ و ٦) المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٢٢١ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٨٣ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٧٤.

٤٣٠

وللشافعي قولان :

أحدهما كما قلنا ؛ لما فيه من معاونة أهل البغي وإقامة مناصبهم.

وأصحّهما عنده : نعم ؛ لأنّ الكتاب الذي يرد يتعلّق برعايانا ، وإذا نفذ حكم قاضيهم لمصلحة رعاياهم فلأن تُراعى مصالح رعايانا أولى(١) .

مسألة ٢٥٥ : مَنْ قُتل من أهل العدل في المعركة لا يُغسَّل ولا يُكفَّن ، ويُصلى عليه ، عندنا.

ومَنْ قُتل من أهل البغي لا يغسَّل ولا يُكفَّن ولا يُصلّى عليه ، عندنا ؛ لأنّه كافر.

وقال مالك والشافعي وأحمد : يغسّل ويكفّن ويصلّى عليه ، لقولهعليه‌السلام : « صلّوا على من قال : لا إله إلاّ الله »(٢) (٣) .

وليس عامّاً عندهم ؛ لخروج الشهيد عنه. ولأنّ مَنْ لم يعترف بالنبوّة مُخرَج عنه.

وقال أصحاب الرأي : إن لم تكن لهم فئة ، صُلّي عليهم. وإن كان لهم فئة ، لم يُصلّ عليهم ؛ لأنّه يجوز قتلهم في هذه الحالة ، فأشبهوا الكفّار(٤) .

وقال أحمد : لا يصلّى على الخوارج ، كالشهيد(٥) .

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٨٣ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٧٤ ، منهاج الطالبين : ٢٩١.

(٢) سنن الدار قطني ٢ : ٥٦ / ٣ و ٤ ، المعجم الكبير - للطبراني - ١٢ : ٤٤٧ / ١٣٦٢٢ ، حلية الأولياء ١٠ : ٣٢٠.

(٣) المغني ١٠ : ٦٤ ، الشرح الكبير ١٠ : ٦١ ، الوجيز ١ : ٧٥ ، العزيز شرح الوجيز ٢ : ٤٢٤ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ١٤٢ ، المجموع ٥ : ٢٦٧ ، روضة الطالبين ١ : ٦٣٤.

(٤ و ٥) المغني ١٠ : ٦٤ ، الشرح الكبير ١٠ : ٦١.

٤٣١

وقال مالك : لا يصلّى على الأباضيّة ولا القدريّة وسائر [ أهل ](١) الأهواء(٢) .

مسألة ٢٥٦ : إذا فعل أهل البغي حال امتناعهم ما يوجب الحدّ ، اُقيم عليهم مع القدرة - وبه قال مالك والشافعي وأحمد وابن المنذر(٣) - لعموم الآيات والأحاديث الدالّة على وجوب الحدّ مطلقاً.

وقال أصحاب الرأي : إذا امتنعوا بدار الحرب ، لم يجب الحدّ عليهم ولا على مَنْ عندهم من تاجر أو أسير ؛ لأنّهم خرجوا عن دار الإمام ، فأشبهوا أهل دار الحرب(٤) .

ونمنع ثبوت الحكم في الأصل إن كان مسلماً ، فإنّا نوجب عليه الحدّ لكن تكره إقامته في دار الحرب ، فإذا جاء إلى دار الإسلام ، اُقيم عليه.

ولأنّ كلّ موضع تجب فيه العبادات في أوقاتها تجب الحدود فيه عند وجود أسبابها ، كدار العدل.

مسألة ٢٥٧ : يجوز للعادل قصد الباغي بالقتل ؛ لأنّه محكوم بكفره ، فجاز قصده بالقتل ، كالحربيّ ، خلافاً لبعض العامّة ؛ حيث منعوا منه ، بل يقصد دفعهم وتفريق جمعهم(٥) .

قال ابن الجنيد : لا يستحبّ أن يبدأ والي المسلمين أهل البغي بحربٍ وإن كان قد استحقّوا بفعلهم المتقدّم القتلَ ، إلّا أن يبدؤونا هُمْ بالقتال ؛

____________________

(١) أضفناها من الشرح الكبير ، وكما في منتهى المطلب - للمصنّف - ٢ : ٩٩٠ ، وفي المغني : أصحاب الأهواء.

(٢) المدوّنة الكبرى ١ : ١٨٢ ، المغني ١٠ : ٦٥ ، الشرح الكبير ١٠ : ٦١.

(٣) المغني ١٠ : ٦٩ ، الشرح الكبير ١٠ : ٦٥ ، حلية العلماء ٧ : ٦١٨.

(٤) المغني ١٠ : ٦٩ ، الشرح الكبير ١٠ : ٦٥.

(٥) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٨٩.

٤٣٢

لجواز حدوث إرادة التوبة ، فإنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام كان يقول في كلّ موطن : « لا تقاتلوا القوم حتى يبدؤوكم فإنّكم بحمد الله على حجّة وترككم إيّاهم حتى يبدؤوكم حجّة اُخرى »(١) .

قال : ولا يستحبّ بيات أحد من أهل البغي ولا قتاله غيلة ولا على غرّة حتى يبدروا ، وقد وصّى أمير المؤمنينعليه‌السلام الأشتر بذلك(٢) .

قال الشيخرحمه‌الله : يكره للعادل القصد إلى أبيه الباغي أو ذي رحمه(٣) . وهو قول أكثر العلماء(٤) ؛ لقوله تعالى :( وَإِنْ جاهَداكَ ) (٥) الآية.

ولأنّ أبا بكر أراد قَتْل ابنه(٦) يوم أحد ، فنهاه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عن ذلك ، وقال : « دعه ليلي قتله غيرك »(٧) .

وقال بعض العامّة : لا يكره :؛ لأنّه قتل بحقّ ، فأشبه إقامة الحدود(٨) .

والفرق : بإمكان الرجوع هنا ، بخلاف استيفاء الحدّ ، فإنّه يجب وإن تاب.

إذا عرفت هذا ، فإن خالف وقَتَله ، كان جائزاً ؛ لأنه مباح الدم ، فجاز‌

____________________

(١) الكافي ٥ : ٣٨ / ٣.

(٢) شرح نهج البلاغة - لابن ميثم البحراني - ٤ : ٣٨١ - ٣٨٢.

(٣) المبسوط - للطوسي - ٧ : ٢٧٨.

(٤) المغني ١٠ : ٦٦ ، الشرح الكبير ١٠ : ٦٢ ، مختصر المزني : ٢٥٨ ، الحاوي الكبير ١٣ : ١٣٨ ، المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٢٢٠ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٨٢.

(٥) لقمان : ١٥.

(٦) في « ق ، ك » والطبعة الحجريّة وكذا في المبسوط للطوسي : أبيه. وذلك تصحيف ، والصحيح ما أثبتناه من المغازي للواقدي ، والكامل في التاريخ ، والحاوي الكبير.

(٧) المبسوط - للطوسي - ٧ : ٢٧٩ ، المغازي - للواقدي - ١ : ٢٥٧ ، الكامل في التاريخ ٢ : ١٥٦ ، الحاوي الكبير ١٣ : ١٣٨ ، وليس فيما عدا المبسوط مقالة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله .

(٨) المغني ١٠ : ٦٦ ، الشرح الكبير ١٠ : ٦٢.

٤٣٣

قَتْله ، كالكافر.

ولا يمنع العادل(١) من ميراثه - وبه قال أبو حنيفة(٢) - لأنّه قَتَله بحقٍّ ، فأشبه القصاص.

وقال الشافعي : لا يرثه - وعن أحمد روايتان - لعموم قولهعليه‌السلام : « ليس لقاتل شي‌ء »(٣) (٤) .

والمراد ظلماً ؛ لأنّ القاتل حدّاً أو قصاصاً يرث إجماعاً.

ولو قتل الباغي العادلَ ، مُنع من الميراث - وبه قال الشافعي وأحمد(٥) - لأنّه قَتَله بغير حقٍّ ، فلا يرثه ، كالعمد.

وقال أبو حنيفة : لا يُمنع من الميراث ؛ لأنّه قَتَله بتأويلٍ ، فأشبه قتل العادل الباغي(٦) .

والفرق : بأنّ العادل قتل الباغي بحقٍّ ، بخلاف العكس.

مسألة ٢٥٨ : مَنْ سبَّ الله تعالى أو أحداً من أنبيائه أو ملائكته أو الإمام ، وجب قَتْله ، عندنا ؛ لأنّه كافر بذلك. وقال الجمهور : يستتاب ويُعزَّر. وسيأتي البحث فيه.

____________________

(١) بهامش « ك » : القاتل. خ ل.

(٢) الهداية - للمرغيناني - ٢ : ١٧٢ ، بدائع الصنائع ٧ : ١٤٢ ، المبسوط - للسرخسي - ١٠ : ١٣١ ، الحاوي الكبير ١٣ : ١٣٩ ، المغني ١٠ : ٦٦ ، الشرح الكبير ١٠ : ٦٣.

(٣) الموطّأ ٢ : ٨٦٧ / ١٠ ، سنن الدار قطني ٤ : ٩٥ - ٩٦ / ٨٤ ، سنن البيهقي ٨ : ٣٨ ، مسند أحمد ١ : ٨٠ / ٣٤٩ و ٣٥٠.

(٤) الحاوي الكبير ١٣ : ١٤٠ ، المغني ١٠ : ٦٦ ، الشرح الكبير ١٠ : ٦٣.

(٥) مختصر المزني : ٢٥٨ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٥١٨ ، روضة الطالبين ٥ : ٣٣ ، المغني ١٠ : ٦٦ ، الشرح الكبير ١٠ : ٦٣.

(٦) المبسوط - للسرخسي - ١٠ : ١٣١ - ١٣٢ ، الهداية - للمرغيناني - ٢ : ١٧٢ ، المغني ١٠ : ٦٦ ، الشرح الكبير ١٠ : ٦٣.

٤٣٤

وأمّا الردّة : فهي الخروج عن الملّة بالكفر ، فمانع الزكاة ليس بمرتدٍّ ، ويجب قتاله حتى يدفع الزكاة ، فإن دَفَعها ، وإلّا قُتل.

ولو منعها مستحلّاً للمنع ، كان مرتدّاً. وكذا كلّ مَن اعتقد عدم وجوب ما عُلم من الدين ثبوته بالضرورة.

وقال بعض العامّة : إنّ مانع الزكاة مرتدّ وإن كان مسلما(١) . وليس بمعتمد.

فإذا أتلف المرتدّ مالاً أو نفساً حال ردّته ، ضمن ، سواء تحيّز به وصار في منْعةٍ أو لا ؛ لقوله تعالى :( فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ ) (٢) .

وما رواه العامّة عن أبي بكر أنّه قال لأهل الردّة حين رجعوا : تردّون علينا ما أخذتم منّا ، ولا نردّ عليكم ما أخذنا منكم ، وأن تدوا قَتْلانا ، ولا ندي قَتْلاكم ، قالوا : نعم(٣) .

وقال الشافعي : لا ضمان عليه - وبه قال أحمد في الأنفس ، وقال في الأموال بقولنا - لأنّ تضمينهم يؤدّي إلى تنفيرهم عن الرجوع إلى الإسلام ، فأشبهوا أهل البغي(٤) .

ونمنع الحكم في الأصل ، ولأنّه يؤدّي إلى كثرة الفساد.

ولو قصد رجل رجلاً أو امرأةً ، يريد نفسه أو ماله أو حريمه أو الفساد به ، فله أن يقاتله ويدفعه عن نفسه بأقّل ما يمكنه دفعه به إجماعاً وإن أتى ذلك على نفسه ؛ لقولهعليه‌السلام : « مَنْ قُتل دون ماله فهو شهيد »(٥) .

____________________

(١) اُنظر : المغني ٢ : ٤٣٥.

(٢) البقرة : ١٩٤.

(٣ و ٤) المغني ١٠ : ٧٠ ، الشرح الكبير ١٠ : ٦٠.

(٥) صحيح البخاري ٣ : ١٧٩ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٨٦١ / ٢٥٨٠ ، سنن الترمذي ٤ : =

٤٣٥

والأقوى عندي : أنّه إن ظنّ التلف ، وجب دفع المال والتوقّي به.

ولو قُتل القاصد ، لم يجب على القاتل قِوَدٌ ولا دية ولا كفّارة.

وهل يجب عليه أن يدفع عن نفسه؟ الحقّ عندنا ذلك ؛ لقوله تعالى :( وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) (١) وهو أحد قولي الشافعي(٢) .

والثاني : لا يجب ؛ لأنّ عثمان بن عفّان استسلم للقتال مع القدرة على الدفع(٣) .

والثانية ممنوعة ، مع أنّ فعله ليس حجّةً.

أمّا المال فلا يجب الدفاع عنه.

والمرأة والصبي يجب عليهما الدفاع عن فرجهما ؛ لأنّ التمكين منهما محرَّم ، وفي ترك الدفع نوع تمكين.

ثمّ المدافع عن نفسه وماله وفرجه إن أمكنه التخلّص بالهرب ، وجب - وهو أحد قولي الشافعي(٤) - لأنّه أسهل طريقٍ إلى الدفع.

والثاني : لا يلزمه ؛ لأنّ إقامته في مكانه مباح له ، فلا يلزمه أن ينصرف عنه لأجل غيره(٥) .

وليس بجيّد ؛ لأنّ في الانصراف حفظَ النفس ، فوجب.

وكذا المضطرّ إلى أكل ميتة أو نجاسة أو شُرْب نجسٍ يجب عليه‌

____________________

= ٢٨ / ١٤١٨ ، و ٢٩ / ١٤١٩ ، سنن النسائي ٧ : ١١٥ - ١١٦ ، سنن البيهقي ٣ : ٢٦٥ - ٢٦٦ ، و ٨ : ١٨٧ ، ٣٣٥ ، مسند أحمد ١ : ١٢٧ / ٥٩١.

(١) البقرة : ١٩٥.

(٢ و ٣) الحاوي الكبير ١٣ : ٤٥٥ - ٤٥٦ ، الوجيز ٢ : ١٨٥ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٣١٤ - ٣١٥ ، روضة الطالبين ٧ : ٣٩٣.

(٤ و ٥) الوجيز ٢ : ١٨٥ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٣٢٠ ، روضة الطالبين ٧ : ٣٩٣.

٤٣٦

تناوله لحفظ الرمق. وهو أحد وجهي الشافعي(١) .

والثاني : لا يجب ؛ لأنّه يتوقّى النجاسة(٢) .

وليس بجيّد ؛ لأنّ النجاسة حكم شرعي وقد عُفي عنه ، فلا يتلف نفسه لذلك.

____________________

(١ و ٢) الوجيز ٢ : ٢١٧ ، العزيز شرح الوجيز ١٢ : ١٥٨ - ١٥٩ ، روضة الطالبين ٢ : ٥٤٨ - ٥٤٩.

٤٣٧

الفصل السابع : في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر‌

مقدّمة : الأمر طلب الفعل بالقول على جهة الاستعلاء ، والنهي نقيضه. ولا يشترط العلوّ. والمعروف هو الفعل الحسن المختصّ بوصف زائد على حسنه إذا عرف فاعله ذلك أو دلّ عليه. والمنكر هو الفعل القبيح إذا عرف فاعله ذلك أو دلّ عليه.

والحسن ما للقادر عليه المتمكّن منه ومن العلم بحُسْنه أن يفعله ، وأيضاً ما لم يكن على صفة تؤثّر في استحقاق الذمّ. والقبيح هو الذي ليس للمتمكّن منه ومن العلم بقبحه أن يفعله ، أو الذي على صفة لها تأثير في استحقاق الذمّ.

والحسن شامل للمباح والمندوب والواجب والمكروه ، والقبيح هو الحرام ، وقد يُطلق في العرفِ الحسنُ على مالَه مدخلٌ في استحقاق المدح ، فيتناول الواجب والمندوب خاصّة.

مسألة ٢٥٩ : في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فضلٌ عظيم وثوابٌ جزيل.

قال الله تعالى :( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ

٤٣٨

وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ) (١) وقال تعالى :( لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ * كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ ) (٢) .

وقال الصادقعليه‌السلام : « إنّ رجلاً من خَثْعم جاء إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : يا رسول الله أخبرني ما أفضل الإسلام؟ قال : الإيمان بالله ، قال : ثمّ ما ذا؟ قال : صلة الرحم ، قال : ثمّ ما ذا؟ قال : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، قال : فقال الرجل : فأيّ الأعمال أبغض إلى الله عزّ وجلّ؟ قال : الشرك بالله ، قال : ثم ما ذا؟ قال : قطيعة الرحم ، قال : ثمّ ما ذا؟ قال : ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر(٣) »(٤) .

وقد حذّر الله تعالى في كتابه عن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في قوله :( لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ) (٥) الآية ، وقوله تعالى :( لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النّاسِ ) (٦) .

وقال أبو الحسنعليه‌السلام : « لتأمرنّ(٧) بالمعروف ولتنهنّ(٨) عن المنكر أو‌

____________________

(١) آل عمران : ١١٠.

(٢) المائدة : ٧٨ و ٧٩.

(٣) في المصدر : الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف.

(٤) الكافي ٥ : ٥٨ / ٩ ، التهذيب ٦ : ١٧٦ / ٣٥٥.

(٥) المائدة : ٧٨.

(٦) النساء : ١١٤.

(٧ و ٨) في التهذيب : « لتأمرون ولتنهون ».

٤٣٩

ليستعملنّ عليكم شراركم فيدعو خياركم فلا يُستجاب لهم »(١) .

وقال الباقرعليه‌السلام : « ويل لقوم لا يدينون الله بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر »(٢) .

وقال الصادقعليه‌السلام : « ما قدست اُمّة لم تأخذ(٣) لضعيفها من قويّها بحقّه غير مضيع(٤) »(٥) .

وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا يزال الناس بخير ما أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر وتعاونوا على البرّ ، فإذا لم يفعلوا ذلك نُزعت منهم البركات ، وسلّط بعضهم على بعض ، ولم يكن لهم ناصر في الأرض ولا في السماء »(٦) .

وقال الصادقعليه‌السلام لقوم من أصحابه : « إنّه قد حقّ لي أن آخذ البري‌ء منكم بالسقيم ، وكيف لا يحقّ لي ذلك!؟ وأنتم يبلغكم عن الرجل منكم القبيح فلا تنكرون عليه ولا تهجرونه ولا تؤذونه حتى يتركه »(٧) .

مسألة ٢٦٠ : المعروف قسمان : واجب وندب ، فالأمر بالواجب واجبٌ ، وبالمندوب ندبٌ. وأمّا المنكر فكلّه حرام ، فالنهي عنه واجب ، ولا خلاف في ذلك.

____________________

(١) الكافي ٥ : ٥٦ / ٣ ، التهذيب ٦ : ١٧٦ / ٣٥٢.

(٢) الكافي ٥ : ٥٦ - ٥٧ / ٤ ، التهذيب ٦ : ١٧٦ / ٣٥٣ ، وفيهما عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام .

(٣) في الكافي : لم يؤخذ.

(٤) كذا ، وفي الكافي : متعتع. وفي التهذيب : متضع.

(٥) الكافي ٥ : ٥٦ / ٢ ، التهذيب ٦ : ١٨٠ / ٣٧١.

(٦) التهذيب ٦ : ١٨١ / ٣٧٣ ، وفيه : « على البرّ والتقوى ».

(٧) التهذيب ٦ : ١٨١ - ١٨٢ / ٣٧٥.

٤٤٠

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466