تذكرة الفقهاء الجزء ١٠

تذكرة الفقهاء8%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-197-4
الصفحات: 458

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 458 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 196795 / تحميل: 5940
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ١٠

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-١٩٧-٤
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

حدوث الربا فيها ، فكانت جنساً واحداً ، كثمار النخل ، المختلفة الأنواع ، بخلاف الخُلول والأدهان ؛ لأنّ دخول الربا حصل في اُصولها قبل اشتراكها في الاسم.

والجواب : الطلع جنس واحد.

فروع :

أ - يجوز بيع لبن البقر بلبن الغنم متماثلاً ومتفاضلاً نقداً ، ويكره نسيئةً ؛ لاختلاف الجنس ، وهو أحد قولي الشافعي(١) .

ولبن الوحشي والإنسي جنسان ، ولهذا لا يضمّ إليها في الزكاة ولا ينصرف إطلاق الاسم إليها.

وفي قولٍ آخر له : إنّها جنس(٢) ، فلا يباع بعضه ببعضٍ متفاضلاً لا نقداً ولا نسيئةً.

ب - يجوز بيع الرطب بالرطب متماثلاً لا متفاضلاً على ما يأتي.

ومَنَع الشافعي من ذلك(٣) ، وجوّز في اللبن بيع بعضه ببعض متساوياً(٤) . وفرّق أصحابه(٥) بوجهين :

____________________

(١) الاُم ٣ : ٢٧ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٠.

(٢) راجع المصادر في الهامش (٤) من ص ١٥٩.

(٣) الاُم ٣ : ٢٠ ، مختصر المزني : ٧٧ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٣٤ ، الوجيز ١ : ١٣٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٨٢ و ٨٩ ، حلية العلماء ٤ : ١٧٢ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٤٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٥.

(٤) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٧.

(٥) اُنظر : العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٢.

١٦١

الأوّل : اللبن معظم منفعته في حال رطوبته ، وبقاء رطوبته من مصلحته ، بخلاف الرطب ؛ فإنّ رطوبته تفسده ، ومعظم منفعته إذا جفّ.

الثاني : الرطب ينتهي إلى حال الجفاف بنفسه ، فاعتبرت تلك الحال ، واللبن لا ينتهي إلى حال الجفاف بنفسه ، بل ربما يطرح معه غيره ليتجفّف ، فلم ينتظر به هذه الحال.

ج - يجوز بيع الجنس بعضه ببعض إذا لم يخالطه غيره ، فإن خالطه ماء أو ملح أو إنفحة وإن كان كثيراً ، لم يؤثّر في الجواز ، خلافاً للشافعي(١) .

لنا : أنّه مع الممازجة إن كان التساوي في الجنس باقياً ، جاز البيع مع التساوي قدراً ، وإن زال وحصل الاختلاف ، جاز مع التساوي قدراً ، وعدمه.

ولو باع حليباً بلبن قد حمض وتغيّر ولم يخالطه غيره ، جاز عندنا وعنده(٢) ؛ لأنّ تغيّر الصفة لا يمنع من جواز البيع ، كالجودة والرداءة.

مسألة ٨٣ : الأدهان تتبع أصولها ، وكذا الخلول والأدقّة والسمون‌ والعصير والدبوس والبيوض إن اعتبرنا العدد ، فدهن الشيرج والبزر ودهن اللوز والجوز أجناس مختلفة يباع بعضها ببعض متماثلاً ومتفاضلاً نقداً ، وفي النسيئة الأقوى : الكراهة ؛ لأنّها فروع أجناس مختلفة ، فتختلف باختلافها.

وخَلّ العنب وخَلّ التمر جنسان ، وكذا عصير العنب مع عصير الرطب جنسان ، ودبسهما جنسان أيضاً.

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٤ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٤٩ - ٣٥٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٨٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٤.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٤ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٧.

١٦٢

ودقيق الحنطة ودقيق الشعير جنس واحد ، أمّا دقيق أحدهما مع دقيق الدخن أو الذرّة أو الباقلاء فجنسان.

وسمن الغنم وسمن البقر وسمن الإبل أجناس متعدّدة باختلاف اُصولها.

وكذا السمن والزيت ؛ لقول الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - وقد سُئل عن الزيت بالسمن اثنين بواحد ، قال : « يداً بيد لا بأس »(١) .

وبيض الدجاج والنعام والطيور أجناس مختلفة باختلاف الاُصول ، وهو المشهور من مذهب الشافعي(٢) .

وفي الأدقّة حكاية قولٍ عن أمالي حرملة أنّها جنس واحد(٣) .

وأبعد منه وجهٌ ذكره الشافعيّة في الخُلول والأدهان ، ويجري مثله في عصير العنب وعصير الرطب(٤) .

وبيوض الطيور أجناس عندهم إن قالوا بتعدّد اللُّحْمان ، وإلّا فوجهان ، أصحّهما : التعدّد في البيوض عندهم(٥) .

والزيت المعروف مع زيت الفجل - وهو دهن يتّخذ من بزر الفجل يسمّى زيتاً - جنسان ؛ لأنّه يصلح لبعض ما لا يصلح له الزيت.

ومن الشافعيّة من ألحقهما(٦) باللُّحْمان(٧) .

والتمر من النخل مع التمر الهندي جنسان ؛ لاختلافهما في الحقيقة‌

____________________

(١) التهذيب ٧ : ٩٤ / ٣٩٩ ، و ٩٧ / ٤١٦ ، و ١٢١ / ٥٢٩.

(٢ و ٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٧.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٠.

(٥) الحاوي الكبير ٥ : ١٥٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٠.

(٦) في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : ألحقها. والصحيح ما أثبتناه.

(٧) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٧.

١٦٣

والأصول.

وعن [ ابن القطان ](١) من الشافعيّة وجهٌ : أنّهما واحد(٢) .

والبطّيخ المعروف مع الهندي مختلفان.

وللشافعيّة فيه قولان(٣) .

وكذا القثّاء مع الخيار.

والبقول - كالهندباء والنعنع وغيرهما - أجناس ؛ لاختلافهما حقيقةً وجنساً.

مسألة ٨٤ : الأصل مع كلّ فرعٍ له واحدٌ‌ ، وكذا فروع كلّ أصل واحدٌ - وذلك كاللبن الحليب مع الزُّبْد والسمن والمخيض واللِّبَأ والشيراز(٤) والأقِط والمـَصْل(٥) والجبن والترجين(٦) والكشك والكامخ ، والسمسم مع الشيرج والكُسْب والراشي ، وبزر الكتّان مع حبّه ، والحنطة مع الدقيق والخبز على اختلاف أصنافه من الرقاق والفرن وغيرهما ومع الهريسة ، والشعير مع السويق ، والتمر مع السيلان والدبس والخَلّ منه والعصير منه ، والعنب مع دبسه وخَلّه ، والعسل مع خَلّه ، والزيت مع الزيتون وغير ذلك - عند علمائنا‌

____________________

(١) بدل ما بين المعقوفين في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : أبي العطاف. وذلك تصحيف. وما أثبتناه كما في المصدر ، وهو الموافق لما في تاريخ بغداد ٤ : ٣٦٥ / ٢٢٢٩ ، وطبقات الفقهاء - للشيرازي - : ١٢١ ، وتهذيب الأسماء واللغات ٢ : ٢١٤ / ٣٢٧ ، وطبقات الشافعيّة - للاسنوي - ٢ : ١٤٦ / ٩١٧ ، وطبقات الشافعيّة - لابن قاضي شهبة - ١ : ١٢٤ / ٧٤.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٧.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٠.

(٤) الشيراز : اللبن الرائب المستخرج ماؤه. تاج العروس ٤ : ٤٣ « شرز ».

(٥) المـَصْل : ما سال من الأقِط إذا طُبخ ثمّ عصر. لسان العرب ١١ : ٤٢٦ « مصل ».

(٦) ارتجن الزُّبْدُ : طبخ فلم يَصْفُ وفسد. لسان العرب ١٣ : ١٧٦ « رجن ».

١٦٤

أجمع ، فلا يجوز التفاضل بين اللبن والزُّبْد والسمن والمخيض واللِّبَأ والأقِط وغير ذلك ممّا تقدّم ، بل يجب التماثل نقداً ، ولا يجوز نسيئةً لا متماثلاً ولا متفاضلاً. ولا فرق في ذلك بين أن يباع الأصل مع فرعه ، أو بعض فروعه مع البعض.

ومَنَع الشافعي من بيع الزُّبْد والسمن باللبن متساوياً نقداً ؛ لأنّهما مستخرجان من اللبن ، ولا يجوز عنده بيع ما استخرج من شي‌ء بأصله(١) ، كما لا يجوز بيع الشيرج بالسمسم ، والزيت بالزيتون(٢) .

وهو غلط ؛ لأنّهما إن تساويا في الحقيقة ، جاز البيع فيهما مع التساوي قدراً ونقداً. وإن اختلفا ، جاز مطلقاً.

قال أبو إسحاق - ممّا حكي عنه في التعليل - : إنّ الزُّبْد لا يخلو من لبن فيكون بيع لبن مع غيره بلبن(٣) .

ولا يرد بيع اللبن بمثله ؛ لأنّ الزُّبْد لا حكم له ما دام في أصله ولم ينفرد ، فإنّ بيع السمسم بالسمسم يجوز مع تفاضل الدهن ولا يجوز بيع الشيرج بالسمسم.

وهذا الأصل عندنا باطل ؛ لأنّه عندنا يجوز بيع السمسم بالشيرج متساوياً نقداً لا نسيئةً.

ومَنَع الشافعي أيضاً من بيع المخيض باللبن ؛ لأنّ اللبن فيه زُبْد‌

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٤ ، التهذيب - للبغوي - ١ : ٣٥٢ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٢١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٨.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٤ ، التهذيب - للبغوي - ١ : ٣٥١ ، حلية العلماء ٤ : ١٨٤ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٢٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٨.

(٣) الحاوي الكبير ٥ : ١٢١.

١٦٥

والمخيض لا زُبْد فيه فيؤدّي إلى تفاضل اللبنين(١) .

وما ذكرناه أحقّ ؛ لعدم الانفكاك من التماثل والاختلاف ، وعلى كلا التقديرين يجوز.

وقد علّل(٢) أيضاً بأنّ في المخيض أجزاءً مائيّة ، ولا يجوز بيع المشوب بالماء بالخالص. وهو ممنوع أيضاً.

ومَنَع أيضاً من بيع اللِّبَأ والشيراز بالحليب ؛ لانعقاد أجزائها ، فلا يمكن كيلها ، ولا يجوز بيع اللبن وزناً(٣) . وهو ممنوع.

ومَنَع أيضاً من بيع اللبن بالمـَصْل والجبن والكشك ؛ لانعقاد أجزائها ، ومخالطة الملح والإنفحة(٤) .

وهو ممنوع ؛ لأنّ الأجزاء اليسيرة لا اعتبار لها في حصول الاختلاف ، ولو حصل ، جاز أيضاً.

وأمّا المطبوخ فإن لم تنعقد أجزاؤه وإنّما يسخن ، فإنّه يجوز عنده بيع بعضه ببعض ، كالعسل المصفّى بالشمس والنار(٥) . وإن طبخ حتى انعقدت أجزاؤه ، فوجهان عنده : الجواز ، كما يجوز بيع الدهن بالدهن ، والمنع ؛ لما فيه من لبن وغيره ، فكان كبيع لبن وغيره بلبن(٦) . والأصل ممنوع.

والسمن يجوز بيع بعضه ببعض ؛ لأنّه لا يخالطه غيره. قال : وبيعه‌

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٤ ، التهذيب - للبغوي - ١ : ٣٥٢ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٢٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٨.

(٢) اُنظر : الحاوي الكبير ٥ : ١٢٢.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٤.

(٤) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٤ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٢١.

(٥) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٣ و ٣٥٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٨.

(٦) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٨.

١٦٦

وزناً أحوط(١) .

وأمّا المخيض فإن خالطه ماء ، لم يجز بيع بعضه ببعض عنده ؛ لجواز تفاضل اللبنين أو الماءين ، وإن لم يخالطه ماء ، جاز(٢) .

وعندنا يجوز مطلقاً.

وأمّا الأقِط والمـَصْل والجبن والكامخ فلا يجوز بيع الواحد منها بواحد من نوعه عنده ؛ لانعقاد أجزائها ، والكيل مختلف فيها والكيل أصلها ، وفيها ما خالطه غيره(٣) .

ولا اعتبار عندنا بذلك بل يجوز.

وأمّا بيع نوعٍ منها بنوعٍ آخر - كالسمن بالزُّبْد والمخيض ، والزُّبْد بالمخيض - فإنّه جائز عندنا.

ومَنَع الشافعي من السمن بالزُّبْد ؛ لأنّ السمن مستخرج منه ، وجوّز الباقي ، وإنّما أجاز المخيض بالسمن ؛ لأنّ المخيض ليس فيه سمن ، فكانا بمنزلة الجنسين(٤) .

ثمّ اعترض على نفسه في المنع من بيع الشيرج بالكُسْب ، والمخيض والسمن بمنزلته.

وأجاب : بأنّ الكُسْب لا ينفرد عن الشيرج ، ولا بُدّ أن يبقى فيه شي‌ء ،

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٤ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٧.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٤ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٧.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٤ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٧ - ٥٨.

(٤) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٤ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٢١ و ١٢٢.

١٦٧

بخلاف اللبن ، فإنّ المخيض لا يبقى فيه سمن(١) .

وعندنا أنّ المخيض والسمن جنسٌ يجوز بيع بعضه ببعض متماثلاً لا متفاضلاً.

وأمّا الزُّبْد بمثله يجوز بيعه به.

وحكي عن أبي إسحاق أنّه لا يجوز ؛ لأنّه إذا كان في الزُّبْد لبن ، لم يجز بيعه باللبن عنده(٢) .

والصحيح عندهم : الجواز - كمذهبنا - لأنّ ذلك القدر يسير لا يتبيّن إلّا بالنار والتصفية ، فلم يكن له حكم(٣) .

فروع :

أ - دهن السمسم وكُسْبه جنسٌ واحد عندنا ؛ لما بيّنّا من أنّ الفروع المستندة إلى أصلٍ واحد جنسٌ واحد ، فلا يجوز بيع الشيرج بالكُسْب متفاضلاً.

وقال الشافعي : إنّهما جنسان ، كالمخيض والسمن(٤) .

والأصل عندنا ممنوع.

ب - عصير العنب مع خَلّه وعصير التمر مع خَلّه‌ بل والعنب مع خَلّه والتمر مع خَلّه جنسٌ واحد في كلّ واحد منها ، فلا يجوز بيع عصير العنب بخَلّ العنب متفاضلاً ، ولا عصير التمر بخَلّ التمر متفاضلاً.

____________________

(١) لم نعثر على الاعتراض والجواب فيما بين أيدينا من المصادر.

(٢ و ٣ ) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٤ ، حلية العلماء ٤ : ١٨٨ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٢٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٣ وفيه الصحيح عدم الجواز من دون نسبته إلى أبي إسحاق ، وكذا في بقيّة المصادر.

(٤) التذهيب - للبغوي - ٣ : ٣٥١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٠.

١٦٨

وللشافعيّة وجهان ، أحدهما : أنّهما جنسان ؛ لاختلافهما في الوصف والاسم والمقصود(١) . وهو ممنوع.

ج - الشيرج مع دهن ما يضاف إليه جنس واحد يحرم التفاضل فيه‌ ويجب التساوي نقداً ، كالشيرج ودهن البنفسج ودهن النيلوفر.

مسألة ٨٥ : يجوز بيع عسل النحل بعضه ببعض متساوياً نقداً‌ ، ولا يجوز نسيئةً ولا متفاضلاً مطلقاً قبل التصفية من الشمع وبعدها ؛ لأصالة الإباحة ، وورود النصّ(٢) بها مع سلامته عن معارضة الربا ؛ لما يأتي من جواز بيع الشيئين المختلفين بجنسيهما ، وبعد التصفية يكونان مِثْلين.

ومَنَع الشافعي من بيع بعضه ببعض قبل التصفية متساوياً ومتفاضلاً ؛ لأدائه إلى تفاضل العَسَلين ؛ لأنّ الشمع قد يكون في أحدهما أكثر(٣) .

ثمّ اعترض أصحابه بجواز بيع التمر بعضه ببعض وإن جاز أن يكون النوى في أحدهما أكثر ، وكذا بيع قديد اللحم بقديدٍ وإن كان فيه عظام.

ثمّ أجابوا بأنّ النوى والعظام من مصلحة التمر واللحم فلم يكلّف نزعه ؛ للضرورة ، فجاز بيعه معه ، بخلاف الشمع. ولأنّ العظام والنوى غير مقصودين ، بخلاف الشمع ، ولا يجوز ما فيه الربا بجنسه ومعه ما يقصد بالبيع(٤) . وهو ممنوع.

وأمّا إن صُفّي فإن صُفّي بالشمس ، جاز بيع بعضه ببعض ؛ لأنّ الشمس لا يختلف تأثيرها فيه. وإن صُفّي بالنار ، فوجهان ، أصحّهما :

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٠.

(٢) البقرة : ٢٧٥.

(٣) الاُمّ ٣ : ٢٤ ، مختصر المزني : ٧٧ ، الحاوي الكبير ٥ : ١١٨.

(٤) اُنظر : الحاوي الكبير ٥ : ١١٨.

١٦٩

الجواز ؛ لقلّة الاختلاف. والبطلان ؛ لاختلاف أثر النار ، فربما عقدت أجزاء بعضه دون بعض(١) .

والحقّ ما قلناه نحن.

فروع :

أ - عسل الطَّبَرْزد وعسل القصب جنس واحد ، وهُما جميعاً من قصب السكر. ويجوز بيع أحدهما بالآخر وبعضٍ منه ببعض عند علمائنا.

وللشافعيّة وجهان ، هذا أحدهما ؛ لخفّة أثر النار فيهما. والثاني : المنع ؛ لأجل الطبخ(٢) .

وعندنا لا أثر للنار في المنع.

ب - يجوز بيعهما بعسل النحل ؛ لأنّهما جنسان مختلفان باختلاف اُصولهما ، فجاز التساوي فيهما والتفاضل نقداً ، وفي النسيئة خلاف.

ج - يجوز بيع السُّكَّر بالسُّكَّر متساوياً نقداً لا نسيئةً.

وللشافعيّة وجهان ، أحدهما : المنع ؛ لأنّ النار تدخله(٣) . وقد بيّنّا أنّ ذلك غير مانع.

د - يجوز بيع السُّكَّر بعسل النحل متفاضلاً ؛ لاختلافهما في الجنس.

ويجوز بيع السُّكَّر بعسله عندنا ، خلافاً للشافعي(٤) .

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٣ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٤ ، حلية العلماء ٤ : ١٨١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٤.

(٢) حكى الوجهين السبكي في تكملة المجموع ١١ : ٩٧ عن القاضي أبي الطيّب وغيره.

(٣) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٤ ، حلية العلماء ٤ : ١٨١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٨.

(٤) لم نعثر عليه بحدود المصادر المتوفّرة لدينا.

١٧٠

ه- يباع العسل بالعسل وزناً وكيلاً ؛ لعدم التفاوت بينهما ، وثبوت التقارب فيهما.

وقال الشافعي : يباع وزناً(١) .

وقال أبو إسحاق : يباع كيلاً ؛ لأنّ أصله الكيل(٢) .

و - السُكَّر والنبات والطَّبَرْزد جنس واحد ، وبه قال الشافعي(٣) .

والسُّكَّر الأحمر - وهو القواليب(٤) - عَكَرُ(٥) الأبيض ومن قصبه جنس من السُّكَّر والنبات أيضاً.

قال الجويني : الأظهر أنّه من جنس السُّكَّر(٦) .

وللشافعيّة وجهان(٧) .

مسألة ٨٦ : قد بيّنّا أنّ أصل كلّ شي‌ء وفرعه واحد يباع أحدهما بالآخر متساوياً لا متفاضلاً، نقداً ، ولا يجوز نسيئةً مطلقاً إذا كان ممّا يكال أو يوزن ، فيجوز بيع الحنطة بدقيقها ودقيق الشعير وسويقها والسويق بالدقيق متساوياً ، عند علمائنا أجمع - وبه قال مالك وربيعة والليث والنخعي وقتادة وإسحاق والشافعي في أحد القولين ، لكن بعض أصحابه أنكر هذا القول عنه ، وعن أحمد روايتان(٨) - عملاً بالأصل السالم عن‌

____________________

(١ و ٢) كما في الخلاف - للشيخ الطوسي - ٣ : ٥٨ ، المسألة ٨٧.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٧.

(٤) القلبة - بالضمّ - : الحمرة. وقلبت البسرة : إذا احمرّت. تاج العروس ١ : ٤٣٧ « قلب ».

(٥) ورد في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : « عكس » بدل « عكر » وذلك تصحيف. وما أثبتناه هو الصحيح. والعَكَرُ : دُرْديّ كلّ شي‌ء وآخره وخاثره. لسان العرب ٤ : ٦٠٠ « عكر ».

(٦) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٧.

(٧) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٠.

(٨) المغني ٤ : ١٥٣ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥٩ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٣ ، =

١٧١

معارضة الربا ، لوجوب التساوي الرافع للربا.

وقول الباقرعليه‌السلام - في الصحيح - : « الدقيق بالحنطة والسويق بالدقيق مِثْلاً بمِثْل لا بأس به»(١) ومثله عن الصادق(٢) عليه‌السلام .

ولأنّ الدقيق نفس الحنطة ، وإنّما تفرّقت أجزاؤه ، فصار بمنزلة الحنطة الدقيقة مع السمينة.

والمشهور عن الشافعي : المنع - وهو محكيّ عن الحسن البصري ومكحول والحكم وحمّاد وأحمد في الرواية الاُخرى - لأنّ التماثل معتبر في ذلك بحالة الكمال والادّخار ، لأنّ النبيعليه‌السلام سُئل عن بيع الرطب بالتمر ، فقال : « أينقص الرطب إذا يبس؟ » قالوا : نعم ، قال : « فلا إذَنْ »(٣) فإذا باع الدقيق بالحنطة ، لم يعلم تساويهما حنطتين ، فلم يجز(٤) .

والجواب : المنع من التفاوت ؛ لأصالة بقاء التساوي.

وقال أبو ثور(٥) : يجوز بيع الدقيق بالحنطة متفاضلاً ؛ لأنّهما بمنزلة الجنسين ؛ لاختلافهما في الاسم ، فإنّه لو حلف لا يأكل أحدهما ، لم يحنث‌

____________________

= الكافي في فقه الإمام أحمد ٢ : ٣٦ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٠ ، حلية العلماء ٤ : ١٨٢ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٠٨ و ١٠٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٠ و ٩١ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦.

(١) الفقيه ٣ : ١٧٨ / ٨٠٢ ، التهذيب ٧ : ٩٤ / ٤٠١.

(٢) دعائم الإسلام ٢ : ٤٢ / ٩٨.

(٣) سنن الدار قطني ٣ : ٥٠ / ٢٠٦ ، المستدرك - للحاكم - ٢ : ٣٨ ، المغني ٤ : ١٤٤ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٨٩.

(٤) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٣ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٠ ، حلية العلماء ٤ : ١٨٢ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٠٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦ ، المغني ٤ : ١٥٣ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥٩.

(٥) الحاوي الكبير ٥ : ١٠٨ ، حلية العلماء ٤ : ١٨٢.

١٧٢

بأكل الآخر.

والجواب : الاختلاف بالاسم لا يوجب الاختلاف في الحقيقة ؛ لأنّ(١) أفراد النوع تختلف في الاسم وإن استوى حكمه. وينتقض ببيع اللحم بالحيوان ، مع أنّ النصّ عن أهل البيت : المنع ، ولم يقولوا ذلك إلّا عن وحي.

فروع :

أ - قد بيّنّا أنّه يجوز بيع الحنطة بالسويق متساوياً نقداً ؛ لأنّهما جنسٌ واحد.

ومَنَع الشافعي(٢) منه ، بل جعلوه أبعد من الحنطة بالدقيق في الجواز ؛ لأنّ النار تدخله ، ومنه ما ينقع بالماء ثمّ يجفّف ثمّ يقلى.

والكلّ عندنا جائز متساوياً نقداً ؛ لقول الباقرعليه‌السلام وقد سُئل عن البُرّ بالسويق ، فقال : « مِثْلاً بِمِثْلٍ لا بأس به »(٣) .

ب - يجوز بيع الحنطة بالخبز متساوياً نقداً ، ولا يجوز نسيئةً ولا متفاضلاً.

لنا : أنّ الخبز فرع الحنطة ، فكان حكمها حكم الجنس الواحد.

وقال الشافعي(٤) : لا يجوز بيع الحنطة بالخبز - وبه قال أحمد(٥) - لأنّه‌

____________________

(١) في « ق ، ك» : فإنّ ، بدل لأنّ.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٣ ، الحاوي الكبير ٥ : ١١٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦ ، المغني ٤ : ١٥٢ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦٠.

(٣) الكافي ٥ : ١٨٩ / ٩ ، التهذيب ٧ : ٩٥ / ٤٠٤.

(٤) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٣ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٠ ، الحاوي الكبير ٥ : ١١٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦.

(٥) الشرح الكبير ٤ : ١٦٠.

١٧٣

متنوَّع أصلٍ يحرم فيه الربا ، فلم يجز بيعه بالدقيق مع الحنطة.

والجواب : المنع من حكم الأصل.

وقال أبو حنيفة : يجوز بيع الخبز بالحنطة متفاضلاً(١) - وهو قياس قول أبي ثور(٢) - لأنّ بالصنعة صار في حكم الجنسين.

والجواب : زيادة الصفة غير مؤثّرة في الاتّحاد بالحقيقة.

ج - يجوز بيع الخبز بالخبز ، سواء كانا رطبين أو يابسين أو بالتفريق ، مِثْلاً بمِثْل ، نقداً لا نسيئةً - وبه قال أحمد(٣) - للأصل ، ولأنّ معظم منفعتهما في حال رطوبتهما ، فجاز بيع أحدهما بالآخر ، كاللبن باللبن.

وقال الشافعي : لا يجوز بيع أحدهما بالآخر ، إذا كانا رطبين أو أحدهما ؛ لأنّهما جنس يجري فيه الربا ، بِيع بعضه ببعض على صفة يتفاضلان في حال الكمال والادّخار.

وإن كانا يابسين مدقوقين بحيث يمكن كليهما ، فقولان :

قال في كتاب الصرف : لا يجوز ؛ لأنّه قد خالطه الملح ، فقد يكثر في أحدهما دون الآخر.

وروى عنه حرملة أنّه يجوز ؛ لأنّ ذلك حالة كمالٍ وادّخار ، وليس للملح موضع للمكيال ، فإنّ الملح يطرح مع الماء فيصير صفةً فيه(٤) .

والحقّ ما قدّمناه من الجواز مطلقاً.

____________________

(١) الاختيار لتعليل المختار ٢ : ٤٨ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٦٥ ، حلية العلماء ٤ : ١٨٤.

(٢) حلية العلماء ٤ : ١٨٤.

(٣) المغني ٤ : ١٥٤ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦٣ ، حلية العلماء ٤ : ١٨٤.

(٤) الاُم ٣ : ٨٠ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٣ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٠ ، حلية العلماء ٤ : ١٨٤ ، الحاوي الكبير ٥ : ١١٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٠ و ٩١.

١٧٤

د - بيع الحنطة بالفالوذج جائز عندنا.

ومَنَع الشافعي(١) من بيعه بالحنطة كالدقيق ؛ لأنّه نشأ ، وهو من الحنطة ، وكذا كلّ ما يعمل من الحنطة لا يجوز بيعه بالحنطة ، وكذا ما يعمل من التمر لا يباع بالتمر ، وكلّ ما يجري فيه الربا كذلك.

وعندنا يجوز متساوياً مع الاتّفاق ، ومتفاضلاً لا معه.

ه- بيع الدقيق بالدقيق جائز إذا اتّحد أصلهما ، كدقيق الحنطة بمثله أو بدقيق الشعير ؛ لأنّهما جنس على ما تقدّم(٢) . ولا فرق بين الناعم بالناعم أو الخشن بالناعم ، ومع الاختلاف في الأصل يجوز متفاضلاً نقداً ، ويكره نسيئةً ، كدقيق الحنطة بدقيق الذرّة ، وبه قال أحمد(٣) .

واختلف قول الشافعي في الدقيق بالدقيق مع اتّحاد الجنس ، فقال في القديم والجديد معاً : لا يجوز ؛ لإمكان تفاضلهما حال الكمال والادّخار ؛ لإمكان كون أحدهما من حنطة ثقيلة الوزن ، والآخر من خفيفة ، فيستويان دقيقاً ناعماً ولا يستويان حنطةً(٤) .

والمعتبر إنّما هو حالة البيع ، على أنّ التجويز لا ينافي المعلوم.

ونقل البويطي والمزني معاً عنه الجوازَ(٥) .

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٥٠.

(٢) في ص ١٦٢ ، المسألة ٨٣.

(٣) المغني ٤ : ١٥٣ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦٢.

(٤) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٣ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٠ ، الحاوي الكبير ٥ : ١١٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦ ، المغني ٤ : ١٥٣ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦٢.

(٥) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٣ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٠ ، الحاوي الكبير =

١٧٥

وقال أبو حنيفة : يجوز بيع الناعم بالناعم والخشن بالخشن ، ولا يجوز بيع الناعم بالخشن(١) .

وقد سبق(٢) أنّ الاختلاف في الأوصاف لا يؤثّر في الاتّحاد في الحقيقة.

و - يجوز بيع الدقيق بالسويق متساوياً نقداً ، ولا يجوز متفاضلاً ولا نسيئةً ؛ لاتّحادهما في الحقيقة.

ولقول الباقرعليه‌السلام - في الصحيح - : « الدقيق بالحنطة والسويق بالدقيق مِثْلاً بمِثْلٍ لا بأس به»(٣) .

وقال الشافعي : لا يجوز ؛ لدخول النار في السويق(٤) . ونمنع المانعيّة.

وقال مالك وأبو يوسف ومحمّد : يجوز بيع الدقيق بالسويق متفاضلاً(٥) . ورواه أبو يوسف عن أبي حنيفة(٦) .

وروايته الأصل أنّه لا يجوز ؛ لأنّ السويق صار بالصنعة جنساً آخر ،

____________________

= ٥ : ١١٠ ، حلية العلماء ٤ : ١٨٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦.

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩١ ، حلية العلماء ٤ : ١٨٣ ، المغني ٤ : ١٥٣ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦٢.

(٢) في ص ١٧٣.

(٣) الفقيه ٣ : ١٧٨ / ٨٠٢ ، التهذيب ٧ : ٩٤ / ٤٠١.

(٤) الحاوي الكبير ٥ : ١١٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٠ ، المغني ٤ : ١٥٣ - ١٥٤ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦٢.

(٥) المدوّنة الكبرى ٤ : ١٠٨ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٦٤ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ٤٨ ، المغني ٤ : ١٥٤ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦٢.

(٦) نقله الشيخ الطوسي في الخلاف ٣ : ٥٤ ، المسألة ٧٦.

١٧٦

فصار كالجنسين(١) .

وهو ممنوع ، ومنتقض بالدقيق مع الحنطة ، فإنّه قد زال عنه اسمها بالصنعة ولم يصر جنساً آخر.

مسألة ٨٧ : الخُلول إن اتّحدت اُصولها ، جاز بيع بعضها ببعض متساوياً نقداً‌ ، ولا يجوز نسيئةً. وإن اختلفت ، جاز التفاضل نقداً ، ويكره نسيئةً ، فيجوز بيع خلّ العنب بخلّ العنب متساوياً - وبه قال الشافعي(٢) - لأنّ تلك حال ادّخاره ، فصار كبيع الزبيب بالزبيب.

وكذا يجوز بيع خلّ العنب بعصيره متساوياً عندنا وعنده(٣) ؛ لأنّه لا ينقص إذا صار خَلّاً ، فهُما متساويان في حال الادّخار.

ويجوز بيع خلّ العنب بخلّ التمر عندنا وعنده(٤) ؛ لأنّهما جنسان.

ويجوز بيع خلّ العنب بخلّ الزبيب عندنا - خلافاً له(٥) - لاتّحاد أصلهما.

احتجّ بأنّ في خلّ الزبيب ماءً.

وهو غير مانع ؛ لأنّه إن أفاد اختلاف الحقيقة ، جاز متفاضلاً ، وإلّا متساوياً.

ويجوز بيع خلّ الزبيب عندنا ؛ لاتّحاد جنسهما.

____________________

(١) فتاوى قاضى خان بهامش الفتاوى الهنديّة ٢ : ٢٧٨ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٦٤ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ٤٧.

(٢) الاُم ٣ : ٨١ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٧.

(٣) المجموع ١١ : ١٥٠.

(٤ و ٥ ) الحاوي الكبير ٥ : ١١٢ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٧.

١٧٧

وقال الشافعي : لا يجوز ؛ لأنّ في كلّ واحد منهما ماءً ، فإن قلنا : في الماء ربا ، لم يجز ؛ لمعنيين : جواز تفاضل الزبيب والعنب ، وجواز تفاضل الماء(١) . وليس بشي‌ء.

وكذا يجوز بيع خلّ التمر بخلّ التمر عندنا ، خلافاً له ؛ لاشتمالهما على الماء عنده(٢) .

فأمّا خلّ التمر بخلّ الزبيب(٣) فإنّه يجوز عندنا متساوياً ومتفاضلاً.

وعنه وجهان : إن قلنا : في الماء ربا ، لم يجز. وإن قلنا : لا ربا فيه ، جاز ؛ لاختلاف جنسي الزبيب والتمر(٤) .

وأمّا بيع الدبس بالدبس فيجوز عندنا متساوياً مع اتّفاق أصله ، كدبس التمر بدبس التمر ، ومع الاختلاف يجوز التفاضل ، كدبس التمر بدبس العنب.

ومَنَع الشافعي من جوازه وإن تساويا قدراً وجنساً ؛ لاشتماله على الماء وقد دخلته النار(٥) .

ويجوز عندنا بيع الدبس بالتمر مع اتّحاد الأصل متساوياً نقداً ، ولا يجوز نسيئةً.

وقال الشافعي : لا يجوز مطلقاً ؛ لما تقدّم(٦) .

____________________

(١ و ٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٣ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥١ ، الحاوي الكبير ٥ : ١١٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٧.

(٣) في « ق ، ك» : خلّ الزبيب بخلّ التمر.

(٤) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٣ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥١ ، الحاوي الكبير ٥ : ١١٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٧.

(٥) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٨.

(٦) اُنظر : التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٠.

١٧٨

مسألة ٨٨ : يجوز بيع الجوز بالجوز واللوز باللوز‌ وإن كان عليهما قشر ؛ لأنّ صلاحه فيه. والجوز موزون ؛ لأنّه أكبر من التمر وربما تجافى في المكيال. وأمّا اللوز فإنّه مكيل ، وهذا مذهب الشافعي(١) .

وحكى القاضي ابن كج عن نصّ الشافعي أنّه لا يجوز بيع الجوز بالجوز واللوز باللوز في القشر(٢) .

ويجوز عندنا بيع لبّ الجوز بلبّ الجوز ولبّ اللوز بلبّ اللوز - وبه قال الشافعي(٣) - عملا بالأصل.

وعند الشافعيّة وجهٌ آخر : أنّه لا يجوز بيع اللبّ باللبّ ؛ لخروجه عن حال الادّخار(٤) .

ويجوز بيع البيض بالبيض وإن كان أحدهما أكبر أو أزيد من الآخر.

وللشافعي قولان : أحدهما : المنع ، كما في الجوز بالجوز. والثاني - وهو المشهور - : الجواز مع التساوي(٥) . والمعيار فيه الوزن عنده(٦) .

وليس بشي‌ء.

مسألة ٨٩ : الأدهان أربعة :

أ - ما يُعدّ للأكل ، كالزيت والشيرج ودهن الجوز واللوز(٧) ودهن الصنوبر وما أشبه ذلك ، فهذا يجري فيه الربا بشرط التساوي جنساً ، وإنّما يتساوى الجنس باعتبار اتّحاد الأصول على ما تقدّم ، فيجوز بيع الشيرج‌

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٤٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٦١.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٩ ، وانظر روضة الطالبين ٣ : ٦١.

(٣ - ٥) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٤٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٦١.

(٦) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٦١.

(٧) في « ق ، ك» : اللوز والجوز.

١٧٩

بالشيرج متساوياً نقداً ، ولا يجوز نسيئةً ، وهو ظاهر مذهب الشافعيّة(١) .

وحكي عن أبي إسحاق أنّه قال : الشيرج لا يباع بعضه ببعض ؛ لأنّه يطرح في طبخه الماء والملح(٢) .

وليس بصحيح ؛ لأنّ الماء لا يختلط به ويتميّز مع كُسْبه ، وكذا الملح وإن أثّر طعمه فيه دون جسمه ، على أنّ هذا المزج لا يغيّر الحقيقة عن التساوي.

ويجوز بيع جنس بجنس آخر متساوياً ومتفاضلاً نقداً ، ويكره نسيئةً ، كدهن الشيرج بدهن اللوز ، وبه قال الشافعي(٣) .

ب - ما يُعدّ للتطيّب ، كدهن الورد والبنفسج والبان. وعندنا يجري فيه الربا ؛ لأنّه موزون سواء اختلف ما يضاف إليه أو لا.

وللشافعي قولان ، أحدهما : أنّه لا ربا فيه ؛ لأنّه لا يُعدّ للأكل. والثاني : فيه الربا ؛ لأنّ أصله السمسم ، وإنّما يُعدّ لأعظم منفعته ؛ لأنّه ليس بمأكولٍ ، وحينئذٍ فكلّه واحد ؛ لأنّ أصله واحد وإنّما اختلفت الرائحة(٤) .

وقال أبو حنيفة : يجوز بيع المتطيّب متفاضلاً وإن كان أصله واحداً إذا اختلف طيبه ؛ لاختلاف المقصد بهما ، فصارا كالجنسين(٥) .

وقالوا أيضاً : يجوز بيع المتطيّب بغير المتطيّب متفاضلاً(٦) .

والكلّ باطل ؛ لأنّها فروع أصلٍ واحد فيه الربا ، فلا يجوز التفاضل‌

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٣ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥١ ، الحاوي الكبير ٥ : ١١٧ ، حلية العلماء ٤ : ١٨٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩١ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٣ ، المجموع ١١ : ١٣٩.

(٣) اُنظر : الاُم ٣ : ١٩.

(٤) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٨ ، المجموع ٩ : ٣٩٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦ ، المغني ٤ : ١٥٠ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥٢.

(٥) المغني ٤ : ١٥٠ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥٢ ، حلية العلماء ٤ : ١٨٥.

(٦) حلية العلماء ٤ : ١٨٥.

١٨٠

فيها.

ج - ما يُعدّ للتداوي ، كدهن الخوخ واللوز المـُرّ وحبّة الخضراء وما أشبه ذلك ، فإنّه يجري فيه الربا ؛ لأنّه مكيل أو موزون. وعلّل الشافعي بأنّه يؤكل للتداوي(١) .

د - ما يُعدّ للاستصباح ، كالبزر ودهن السمك. ويجري فيهما الربا ؛ لأنّه مكيل أو موزون ، فيباع كلّ واحد منهما بجنسه متساوياً نقداً لا نسيئةً ، وبصاحبه متفاضلاً نقداً ونسيئةً.

وللشافعيّة وجهان(٢) ، أحدهما : جريان الربا فيه ؛ لأنّه يؤكل ، وأصله حبّ الكتّان ، وهو مأكول يطرح في الملح. والثاني : لا يجري ؛ لأنّه لا يؤكل في عادة الناس ، ولهذا لا يستطاب ، وأكله سَفَهٌ.

مسألة ٩٠ : يجوز بيع المطبوخ بالني‌ء من جنسه ومن غير جنسه‌ ، وكذا المطبوخ بالمطبوخ ، لكن يعتبر في المتّحد جنسه تساوي القدر والحلول دون غيره ، عند علمائنا ؛ عملاً بالأصل.

وقال الشافعي : لا يجوز بيع المطبوخ بالني‌ء(٣) مع اتّحاد الجنس مطلقاً ؛ لأنّ النار تعقد أجزاءه فتختلف فيؤدّي ذلك إلى التفاضل بينهما لو كانا على حالة الادّخار(٤) .

____________________

(١) اُنظر : المجموع ٩ : ٣٩٨ ، و ١٠ : ١٨٥.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٨ ، المجموع ٩ : ٣٩٨ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥.

(٣) في نسختين من التذكرة ، المرموز لهما بـ « خ ، ه‍ » المعتمدتين في تحقيق قسم البيع ( الجزء السابع ) منها المطبوع بمطبعة النجف عام ١٣٧٤ ه‍ زيادة : ولا بيع المطبوخ بالمطبوخ.

(٤) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٣ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٨.

١٨١

وينتقض بالتمر ؛ فإنّ الشمس تُجفّفه ، ويختلف جفافها فيه. ولأنّ ذلك غير معتدّ به ؛ لعدم العلم بجفافه أزيد.

إذا ثبت هذا ، فإنّ عصير العنب جنس يباع بعضه ببعضٍ متساوياً - وبه قال الشافعي(١) - لأنّ حالته حالة كمال ، ولا ينقص إذا بلغ إلى حالة كماله بالحموضة. وكذا عصير الرمّان والسفرجل والتفّاح وقصب السُّكّر.

ويجوز بيع بعض هذه الأجناس بجنس آخر منها متفاضلاً ؛ لتعدّدها جنساً. وكذا إن طُبخت بالنار أو بعضها ، عندنا مطلقاً وعند الشافعي مع اختلاف الجنس لا اتّفاقه ، فلا يجوز عنده بيع المطبوخ بالمطبوخ ولا بغيره إذا اتّفق الجنس(٢) .

مسألة ٩١ : جيّد كلّ شي‌ء ورديئه جنس لا يباع أحدهما بالآخر متفاضلاً لا نقداً ولا نسيئةً‌ ، ويجوز متساوياً نقداً لا نسيئةً ، عند علمائنا ، فلا يجوز بيع درهم صحيح بدرهم مكسّر مع زيادة تقابل الصحّة ، وبه قال الشافعي ، خلافاً لمالك ، وقد تقدّم(٣) .

مسألة ٩٢ : يجوز بيع الجنسين المختلفين بأحدهما‌ إذا زاد على ما في المجموع من جنسه بحيث تكون الزيادة في مقابلة المخالف ، وذلك كمُدّ عجوة ودرهم بمُدَّيْ عجوة أو بدرهمين أو بمُدَّيْ عجوة ودرهمين ، عند علمائنا أجمع - وبه قال أبو حنيفة(٤) - حتى لو باع ديناراً في خريطة‌

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٣ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٠ ، حلية العلماء ٤ : ١٨٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩١ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦ ، المغني ٤ : ١٦٥ - ١٦٦.

(٢) اُنظر : المغني ٤ : ١٦٥ - ١٦٦ ، والشرح الكبير ٤ : ١٦٣.

(٣) تقدّم في ص ١٤٦ ، الفرع ( ب ) من المسألة ٧٧.

(٤) حلية العلماء ٤ : ١٧٠ - ١٧١ ، الحاوي الكبير ٥ : ١١٣ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٤٧ - ٣٤٨.

١٨٢

بمائة دينار ، جاز.

لنا : الأصل السالم عن معارضة الربا ؛ لأنّ الربا هو بيع أحد المثلين بأزيد منه من الآخر ، والمبيع هنا المجموع ، وهو مخالف لأفراده.

وما رواه أبو بصير قال : سألته عن السيف المفضّض يباع بالدراهم؟

قال : « إذا كانت فضّته أقلّ من النقد فلا بأس ، وإن كانت أكثر فلا يصلح »(١) .

وسأله عبد الرحمن بن الحجّاج عن شراء ألف درهم ودينار بألفي درهم ، قال : « لا بأس بذلك »(٢) .

ولأنّ أصل العقود الصحّة ، ومهما أمكن حمله عليها لم يحمل على الفساد ، كشراء اللحم من القصّاب ، فإنّه سائغ ؛ حملاً على التذكية ، ولا يحمل على الميتة وإن كان الأصل ؛ لأنّ أصالة الصحّة أغلب. وكذا لو اشترى إنسان شيئاً بمال معه ، حُمل على أنّه له ليصحّ البيع.

وهنا يمكن حمل العقد على الصحّة بأن يجعل الخريطة في مقابلة ما زاد على الدينار ، فيصحّ العقد ، وفي مسألة مُدّ عجوة بصرف المـُدّ الآخر من التمر في مقابلة الدرهم ، أو صرف الدرهم إلى الدرهم والدرهم الآخر في مقابلة المـُدّ ، أو صرف مُدّ عجوة إلى الدرهمين والدرهم إلى المـُدَّيْن.

وقال الشافعي : لا يجوز ذلك كلّه - وبه قال أحمد - لأنّ فضالة بن عبيد قال : شريت يوم خيبر قلادة فيها ذهب وخزر ، فذكرت ذلك لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : « لا يباع مثل هذا حتى يفصل »(٣) .

____________________

(١) التهذيب ٧ : ١١٣ / ٤٨٩ ، الاستبصار ٣ : ٩٨ / ٣٣٩.

(٢) الكافي ٥ : ٢٤٦ / ٩ ، الفقيه ٣ : ١٨٥ / ٨٣٤ ، التهذيب ٧ : ١٠٤ / ٤٤٥.

(٣) صحيح مسلم ٣ : ١٢١٣ / ٩٠ ، سنن أبي داوُد ٣ : ٢٤٩ / ٣٣٥٢ ، سنن الترمذي ٣ : ٥٥٦ / ١٢٢٥ ، والعزيز شرح الوجيز ٤ : ٨٤ - ٨٥.

١٨٣

ولأنّ العقد إذا جمع عوضين ، وجب أن ينقسم أحدهما على الآخر على قدر قيمة الآخر في نفسه ، فإن كان مختلف القيمة ، اختلف ما يأخذه(١) من العوض ، كما لو باع ثوبين بدراهم ، فإذا احتيج إلى معرفة ثمن كلٍّ منهما ، قوّم الثوبين وقسّم على قدر القيمتين ، فلو كانت قيمة أحدهما ستّة والآخر ثلاثة وبِيعا بعشرة ، بسطت عليهما أثلاثاً. وبهذا الطريق يعرف قيمة شقص الشفعة ، المنضمّ إلى غيره. وكذا لو تلف أحد العبدين المبيعين صفقةً في يد البائع قبل القبض ، فكذا هنا إذا باع مُدّاً ودرهماً بمُدَّيْن ، فينظر إلى ما يساوي الدرهم ، فيكون مُدّاً ونصفاً ، فيخصّ الدرهم ثلاثة أخماس المـُدَّيْن(٢) .

والجواب : جاز أن يكون في القلادة من الذهب ما يزيد ، فتجب معرفة القدر ، فلهذا أوجب الفصل. وقسط الثمن لا يقتضي شراء كلّ جزء بما قسط عليه من الثمن.

فروع :

أ - لو باع نوعين من جنس واحد مختلفي القيمة بنوعٍ واحد ، كدينار معزّي ودينار أبريزي بدينارين أبريزية ، جاز مع التساوي قدراً ، ولا اعتبار بالقيمة عندنا. وكذا لو باع درهماً صحيحاً بدرهم مكسور أو درهماً صحيحاً ودرهماً مكسوراً بصحيحين أو مكسورين ، سواء قلّت قيمة المكسور عن‌

____________________

(١) في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : ما يأخذ. وما أثبتناه من المغني والشرح الكبير.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٠ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٤٧ ، حلية العلماء ٤ : ١٧٠ ، الحاوي الكبير ٥ : ١١٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٨٤ - ٨٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٣ ، المغني ٤ : ١٦٩ - ١٧٠ ، الشرح الكبير ٤ : ١٧٠ - ١٧١.

١٨٤

قيمة الصحيح أو لا. وكذا درهم وثوب بدرهمين ، وبه قال أحمد في الجنس الواحد(١) ، كبيع دينارين مختلفين بدينارين متّفقين ، وكبيع مكسور وصحيح بمكسورين أو صحيحين.

وجوّزه أبو حنيفة مطلقاً ، ومَنَعه الشافعي مطلقاً ، وقد تقدّم(٢) .

والأصل أنّ الصنعة لا قيمة لها في الجنس ، ولهذا لا يجوز بيع المصوغ بأكثر متفاضلاً.

ب - لو تلف الدرهم المعيّن المنضمّ إلى المـُدّ قبل قبضه أو ظهر استحقاقه‌ وكان المثمن مُدَّيْن ودرهمين ، احتمل بطلان البيع في الجميع حذراً من الربا ؛ لاستلزام بسط الثمن على أجزاء المبيع إيّاه ، فتلفُ نصفه - على تقدير مساواة المـُدّ درهماً - يقتضي سقوط النصف من الثمن ، فيصير ثمن المـُدّ الثاني مُدّاً ودرهماً.

ويحتمل البطلان في التخالف ؛ فإنّ المقتضي لصحّة هذا البيع صرف كلّ جنس إلى ما يخالفه لتحصل السلامة من الربا ، فالدرهم في مقابلة المـُدَّيْن خاصّة ، ويبقى المـُدّ في مقابلة الدرهمين.

ويحتمل التقسيط ؛ لأنّه مقتضى مطلق العقد ، والربا المبطل إنّما يعتبر حين العقد ، وهو في تلك الحال كان منفيّاً.

ج - لو باعه مُدّاً ودرهماً بمُدَّيْن ثمّ تلف الدرهم المعيّن وكان المـُدّ المضاف إليه يساوي درهماً ، وكلٌّ من المـُدَّيْن يساوي درهماً أيضاً ، بقي مُدٌّ في مقابلة المـُدّ الآخر ، وبطل البيع في المـُدّ الثاني.

ولو كان يساوي درهمين ، فقد تلف ثلث العوض ، فيبطل من الآخر ثلثه ، فيبقى مُدٌّ في مقابلة مُدٌّ وثلث مُدٌّ ، ولا يثبت الربا هنا ؛ لأنّ الزيادة‌

____________________

(١) المغني ٤ : ١٧١ ، الشرح الكبير ٤ : ١٧١ - ١٧٢.

(٢) في ١٤٦ - ١٤٧ ، الفرع ( ب ) من المسألة ٧٧.

١٨٥

حصلت بالتقسيط الثابت بعد صحّة البيع.

د - لو كان كلٌّ من المـُدَّيْن لواحدٍ فباعهما أحدهما ولم يُجز الآخر ، بطل البيع في مُدّه ، وسقط من الثمن نصف المـُدّ ونصف درهم ، وثبتا للبائع في مقابلة مُدّه إن تساويا قيمةً ، ولو اختلفا فكانت قيمة مُدّ الفاسخ نصفَ قيمة مُدّ البائع ، كان للبائع ثلثا مُدٍّ وثلثا درهمٍ عوض مُدّه.

ه- لو باعه مُدّاً ودرهماً بمُدَّيْن فتلف الدرهم قبل القبض وهو يساوي مُدّاً ونصفاً ، فالذي يخصّ الدرهم ثلاثة أخماس المـُدَّيْن ، فيبقى مُدٌّ في مقابلة أربعة أخماس مُدٍّ ، ويجي‌ء الاحتمالات.

و - لو باعه درهماً صحيحاً ومكسوراً بدرهمين صحيحين ثمّ تلف الصحيح المعيّن ، بسطت قيمة الصحيحين على الصحيح والمكسور ، وسقط ما قابل الصحيح منها ، ويجي‌ء الاحتمالات.

مسألة ٩٣ : يجوز بيع شاة في ضرعها لبن بمثلها‌ ، وبشاة خالية من اللبن ، وبلبن من جنسها ، عند علمائنا ، خلافاً للشافعي(١) .

لنا : الأصل السالم عن معارضة الربا ؛ لأنّ الشاة ليست مقدّرةً بالكيل والوزن ، ولا اللبن الذي في ضرعها ، وإنّما يكون مكيلاً أو موزوناً بعد حلبه ، فأشبه الثمرة على رؤوس النخل. ولأنّه ما دام في الضرع يكون تابعاً للمبيع ليس مقصوداً بالذات.

احتجّ بأنّ اللبن يأخذ قسطاً من الثمن ؛ لحديث المصرّاة ، فإنّ النبيّعليه‌السلام أوجب مع ردّها بعينها صاعاً من تمر(٢) ، ولو لا دخوله في العقد وتقسيط‌

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٤ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٣ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٢٥ ، حلية العلماء ٤ : ١٨٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٦١.

(٢) صحيح البخاري ٣ : ٩٣ ، صحيح مسلم ٣ : ١١٥٥ / ١١ ، سنن أبي داوُد ٣ : =

١٨٦

الثمن عليه ، لم يضمنه ، كما أنّ المشتري إذا ردّ المبيع بعيبٍ بعد أن حدث عنده نماء أو ولد في يده ، لم يردّ عوض ذلك. ولأنّ اللبن في الضرع كالشي‌ء في الوعاء والدراهم في الخزانة ، وإذا كان له قسط من الثمن ، كان بيع لبن مع غيره بلبن.

والجواب : المنع من أخذه قسطاً من الثمن ، وإلزامه بالصاع ؛ لأنّه فصل اللبن عن الشاة وانتفع به ، والبحث في المتّصل في أساسات الحيطان ، فإنّها تتبع الدار ، ولو قُلعت ، قُوّمت بانفرادها.

سلّمنا ، لكنّ البيع وقع للجملة لا للأجزاء ، ألا ترى أنّه لا يجوز بيعه منفرداً؟

فروع :

أ - لو باع الشاة اللبون بلبن البقر ، جاز عندنا ؛ لأنّه يجوز بيعه بلبن الشاة ، فلبن غيره أولى.

وللشافعي قولان(١) مبنيّان على أنّ الألبان هل هي جنس واحد أو أجناس متعدّدة؟ فعلى الأوّل لا يجوز ، ويجوز على الثاني. ويجب التقابض عنده في الحال قبل التفرّق ، لأنّه بيع لبن بلبن من جنس آخر.

ب - لو كانت الشاة لا لبن فيها ، جاز بيعها بلبن جنسها أو ( من غير )(٢) جنسها. وكذا لو كان في ضرعها لبن فحلبه ثمّ باعها بلبن ، جاز‌

____________________

= ٢٧٠ / ٣٤٤٣ ، سنن الترمذي ٣ : ٥٥٣ / ١٢٥١ ، سنن النسائي ٧ : ٢٥٣ و ٢٥٤ ، سنن البيهقي ٥ : ٣١٨ و ٣١٩.

(١) اُنظر : التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٣ ، والحاوي الكبير ٥ : ١٢٣ - ١٢٥ ، والعزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٩ ، وروضة الطالبين ٣ : ٦١.

(٢) بدل ما بين القوسين في الطبعة الحجريّة : بغير.

١٨٧

- وبه قال الشافعي(١) - لأنّ المتخلّف في الضرع يسير لا يحلب في العادة ، فلا عبرة له.

ج - لو كانت مذبوحةً وفي ضرعها لبن ، جاز بيعها بلبن ، وبشاة مذبوحة في ضرعها لبن ، وبخالية من لبن. وبحيّةٍ ذات لبن وخاليةٍ عنه ، وبلبن من جنسها.

وقال الشافعي : لا يجوز إذا كان في الشاة المذبوحة لبن ، وإن لم يكن في ضرعها لبن ، جاز إذا سُلّمت لتزول جهالتها(٢) .

د - قد بيّنّا أنّه يجوز بيع شاة في ضرعها لبن بشاة في ضرعها لبن. ومَنَعه أكثر الشافعيّة(٣) .

وليس بشي‌ء ؛ لأنّ اللبن المتّصل بأصله لا اعتبار به في العوضين ، كما يجوز بيع السمسم بمثله من غير اعتبار الدهن فيهما ، وكذا لو باع داراً مموّهة بالذهب بمثلها أو داراً فيها بئر ماءٍ بمثلها.

احتجّوا بأنّ اللبن في الضرع بمنزلة كونه في الآنية ، فكأنّه باع شاةً ولبناً بشاة ولبن ، ولو كان اللبنان منفصلين ، لم يجز ، وكذا إذا كانا في الضرع.

ثمّ فرّقوا بين السمسم بمثله وبين المتنازع بأنّ الدهن غير موجود فيه بصفته وإنّما يحصل بالتخليص والطحن.

والماء غير مملوك عند بعضهم ، ولا يدخل في البيع ، بل كلّ مَنْ

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٦١.

(٢) لم نعثر عليه فيما بين أيدينا من المصادر. وحكاه عنه الشيخ الطوسي في الخلاف ٣ : ٦٢ ، المسألة ١٠٠.

(٣) اُنظر المصادر في الهامش (١) من ص ١٨٥.

١٨٨

أخذه استحقّه. وعند آخرين أنّه مملوك وأصل في البيع إلّا أنّ في ثبوت الربا في الماء قولين ، فإن نفيناه عنه ، فلا بحث ، وإلّا منعنا من بيع الدار بالدار وفيهما ماء.

والجواب : المنع من مساواة كون اللبن في الضرع لكونه في الإناء ؛ لأنّه بعد الحلب مقدّر بكيل أو وزن ، بخلاف كونه في الضرع. ولأنّه كالجزء من الشاة تابع للمبيع لا أصلا ، بخلاف المحلوب.

وما ذكروه في دهن السمسم ينقض عليهم المنع من بيع السمسم بالشيرج ، فإنّه إذا لم يكن في السمسم بصفته ، لم يمنع مانع من بيعه بالدهن. وكون الماء غير مملوك باطل.

ه- يجوز بيع نخلة فيها ثمر بنخلة مثمرة أو بثمرة أو بنخلة خالية ؛ لما مرّ في الشاة ، خلافاً للشافعي(١) .

مسألة ٩٤ : كلّ ما لَه حالتا رطوبة وجفاف من الربويّات يجوز بيع بعضه ببعض‌ مع تساوي الحالين إذا اتّفق الجنس. وإن اختلف ، جاز مطلقاً ، فيجوز بيع الرطب بمثله ، والعنب بمثله ، والفواكه الرطبة بمثلها ، والحنطة المبلولة بمثلها ، واللحم الطري بمثله ، والتمر والزبيب والفواكه الجافّة ، والمقدَّد والحنطة اليابسة كلّ واحد بمثله - وبه قال مالك وأبو حنيفة وأبو يوسف ومحمّد وأحمد والمزني(٢) - لوجود المقتضي ، وهو عموم الحلّ ، السالم عن معارضة الربا ؛ لتساويهما في الحال وفيما بعدُ. فإن اختلفا في حالة اليبس ، فبشي‌ء يسير لا اعتبار به كالتمر الحديث‌

____________________

(١) الحاوي الكبير ٥ : ١٢٥.

(٢) المدوّنة الكبرى ٤ : ١٠٢ ، المنتقى - للباجي - ٤ : ٢٤٣ ، بدائع الصنائع ٥ : ١٨٨ ، المغني ٤ : ١٤٥ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦٤ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٣٤ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٤٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٨٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٥.

١٨٩

بالعتيق. ولأنّ معظم منفعته في حال رطوبته ، فجاز بيع بعضه ببعضٍ ، كاللبن.

وقال الشافعي : لا يجوز بيع الرطب بالرطب متساوياً ؛ لأنّهما على غير حالة الادّخار ، ولا نعلم تساويهما في حالة الادّخار ، فلم يجز بيع أحدهما بالآخر ، كالرطب بالتمر(١) .

وهو ضعيف ؛ لما بيّنّا من التفاوت اليسير.

وينتقض بالرطب الذي لا يصير تمراً في العادة ، كالبربن وشبهه ، فإنّ فيه قولين(٢) ، وكذا الفواكه التي لا تجفّف والبقول.

وأمّا إن باع بعض الجنس الواحد ببعض مع اختلاف الحالين ، كبيع الرطب بالتمر ، والعنب بالزبيب ، واللحم الطري بالمقدَّد ، والحنطة المبلولة باليابسة ، والفاكهة الجافّة بالرطبة ، فالمشهور عند علمائنا : المنع وإن تساويا قدراً - وبه قال سعد بن أبي وقّاص وسعيد بن المسيّب ومالك وأحمد والشافعي وإسحاق وأبو يوسف ومحمّد(٣) - لما رواه الجمهور : أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله سُئل عن بيع الرطب بالتمر ، فقال : « أينقص الرطب إذا يبس؟ » فقالوا : نعم ، فقال : « فلا إذَنْ »(٤) .

ومن طريق الخاصّة : ما رواه الحلبي - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام

____________________

(١) مختصر المزني : ٧٧ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨١ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٤٣ ، شرح السنّة - للبغوي - ٥ : ٦٠ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٣٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٨٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٥.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨١ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٤٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٨٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٥١ ، المغني ٤ : ١٤٥ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦٤.

(٣) المغني ٤ : ١٤٤ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦١ ، بداية المجتهد ٢ : ١٣٩ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨١ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٤٣ ، شرح السنّة - للبغوي - ٥ : ٥٩ - ٦٠ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٣١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٨٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٥.

(٤) سنن الدار قطني ٣ : ٥٠ / ٢٠٦ ، المستدرك - للحاكم - ٢ : ٣٨ ، المغني ٤ : ١٤٤ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٨٩.

١٩٠

قال : « لا يصلح التمر اليابس بالرطب من أجل أنّ اليابس يابس والرطب رطب ، فإذا يبس نقص »(١) .

ولأنّه جنس يجري فيه الربا بِيع بعضه ببعض على صفة يتفاضلان في حال الكمال والادّخار ، فوجب أن لا يجوز ، كالحنطة بالدقيق.

وقال بعض(٢) علمائنا بالجواز مع التساوي - وبه قال أبو حنيفة(٣) - لأنّ الصادقعليه‌السلام سُئل عن العنب بالزبيب ، قال : « لا يصلح إلّا مِثْلاً بمثل » قال : « والتمر والرطب مِثْلاً بمثل»(٤) .

ولأنّه وجد التساوي فيه كيلاً حال العقد ، فالنقصان بعد ذلك لا يؤثّر فيه ، كالحديث والعتيق.

والرواية ضعيفة ؛ لأنّ سماعة في طريقها. والقياس لا يُسمع في مقابلة النصّ ، مع قيام الفرق ؛ فإنّ الحديث والعتيق على صفة الادّخار ولقلّة النقصان فيه لا يمكن الاحتراز عنه.

فروع :

أ - نبّه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في قوله : « أينقص إذا جفّ؟ »(٥) على علّة الفساد ، وأنّ المماثلة عند الجفاف تعتبر - وإلّا فهوعليه‌السلام يعلم النقصان عند الجفاف - [ و ](٦) جَعْل الوصف المنصوص عليه علّةً بالنصّ يقتضي‌

____________________

(١) التهذيب ٧ : ٩٤ / ٣٩٨ ، الاستبصار ٣ : ٩٣ / ٣١٤.

(٢) هو ابن إدريس في السرائر ٢ : ٢٥٨ - ٢٥٩.

(٣) بدائع الصنائع ٥ : ١٨٨ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٣١ ، شرح السنّة - للبغوي - ٥ : ٥٩ - ٦٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٨٩ ، المغني ٤ : ١٤٤ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦١.

(٤) التهذيب ٧ : ٩٧ / ٤١٧ ، الاستبصار ٣ : ٩٢ / ٣١٣.

(٥) اُنظر : المصادر في الهامش (٤) من ص ١٨٩.

(٦) أضفناها لأجل السياق.

١٩١

العموميّة في جميع صُور موارده.

ب - لا خلاف في جواز بيع الرطب بالتمر في صورة العرايا ، وسيأتي إن شاء الله تعالى.

ج - قد بيّنّا عموميّة الحكم في جميع صُور الوصف الذي هو النقص عند الجفاف ، وأنّه لا يجوز بيع رطبه بيابسه ، سواء اتّفقت العادة بضبط الناقص أو لا. ويجوز عندنا بيع رطبه برطبه متساوياً ، خلافاً للشافعي(١) في الأخير.

وحكى إمام الحرمين وجهاً للشافعي في المشمش والخوخ وما لا يعمّ تجفيف رطبه أنّه يجوز بيع بعضه ببعض في حال الرطوبة ؛ لأنّ رطوبتها أكمل أحوالها ، والتجفيف ، في حكم النادر(٢) .

د - يجوز بيع الحنطة المقليّة بمثلها متساوياً وبغير المقليّة ؛ لقلّة الرطوبة فيها.

وخالف الشافعي(٣) فيهما معاً.

ه- لا يجوز بيع الحنطة وفروعها بالنخالة متفاضلاً ؛ لأنّهما جنس واحد ؛ حيث إنّ أصلهما الحنطة.

وقال الشافعي : يجوز ؛ لأنّ النخالة ليست مطعومةً(٤) .

ونحن نمنع التعليل بالطعم.

و - لا يجوز بيع الحنطة المسوّسة بالحنطة المسوّسة إذا لم يبق فيها‌

____________________

(١) اُنظر المصادر في الهامش (١) من ص ١٨٩.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٨٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٥.

(٣) الحاوي الكبير ٥ : ١٣٥ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٤٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩١ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩١ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦.

١٩٢

لبٌّ إلّا متساوياً ، خلافاً للشافعي ؛ فإنّه سوّغ البيع مع التفاضل ، حيث علّل بالطعم(١) . وهو ممنوع.

ز - المأكولات التي لا تكال ولا توزن كالمعدودات لا ربا فيها عندنا ، إلّا على رأي مَنْ يُثبت الربا في المعدودات.

وللشافعي قولان ، ففي القديم : لا ربا فيها. وفي الجديد : يثبت(٢) .

فعلى قولنا وقوله القديم يجوز التفاضل فيها ، كرُمّانة برُمّانتين وسفرجلة بسفرجلتين. وعلى الجديد لا يجوز بيع المتفاضل.

وأمّا مع التساوي : فإن كان ممّا ييبس وتبقى منفعته يابساً كالخوخ المشمّس ، فإذا جفّ ، جاز بيع بعضه ببعض متساوياً ، ولا يجوز بيع بعضه ببعض رطباً عنده(٣) ، كما لا يجوز بيع الرطب بالرطب عنده(٤) .

وإن كان ممّا لا ييبس ولا ينتفع بيابسه كالقثّاء والخيار وشبههما ، ففي جواز بيع بعضه ببعض رطباً متساوياً قولان : المنع ، نصّ عليه في الاُم ؛ لأنّ بعضه يحمل من الماء أكثر من البعض. والجواز ؛ لأنّ معظم منفعته في حال رطوبته ، فجاز ، كاللبن باللبن. وكذا حكم الرطب الذي لا يصلح للتجفيف والعنب الذي لا يصلح لذلك(٥) .

ثمّ إنّ هذا المبيع إن كان ممّا لا يمكن كيله ، كالقثّاء والبطّيخ‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩١ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٧ و ٢٧٨ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٣٤ - ٣٣٧ ، شرح السنّة - للبغوي - ٥ : ٤٤ ، المجموع ٩ : ٣٩٧ ، حلية العلماء ٤ : ١٤٨ - ١٥٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٤ - ٤٥.

(٣ و ٤ ) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٤٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٨٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٥١ و ٥٥.

(٥) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٤٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٨٢ و ٨٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٥١ و ٥٥.

١٩٣

والخيار وما أشبهه ، فإنّه يباع بعضه ببعض وزناً متساويين عنده ، وإن كان ممّا يمكن كيله ووزنه ، كالتفّاح والخوخ الصغار ، فوجهان : جواز بيع بعضه ببعض وزناً ؛ لأنّه أحصر له. والكيل ؛ لأنّ الاُصول الأربعة كلّها مكيلة ، فرُدّت إليها(١) .

مسألة ٩٥ : يجوز بيع مُدّ حنطة فيها قَصَل‌ٌ - وهو عقد التبن - أو زُؤان - وهو حبّ أسود غليظ الوسط - أو تراب بمجرى العادة بمُدّ حنطة مثله أو بخالص من ذلك ، عند علمائنا ، وكذا إذا كان في أحدهما شعير ، سواء كثر عن الآخر أو ساواه ، وسواء زاد في الكيل أو لا ؛ عملاً بالأصل السالم عن الربا ؛ لأنّ التقدير تساويهما وزناً أو كيلاً. والقَصَل والزُّؤان والتراب بمجرى العادة والشعير لا يؤثّر ؛ لقلّته ، فأشبه الملح في الطعام والماء اليسير في الخلّ.

وقال الشافعي : لا يجوز بيعه بمثله ولا بالخالص. أمّا بمثله : فللاختلاف ؛ إذ قد يكون القَصَل وشبهه في أحدهما أكثر. وأمّا بالخالص : فلتفاضل الحنطتين. أمّا إذا كان التراب يسيراً جدّاً بحيث لا يزيد في الكيل ، فإنّه يجوز بيعه بمثله لا بالخالص. وكذا التبن الناعم جدّاً ؛ لأنّه لا يأخذ قسطاً من المكيال ؛ لأنّه يكون في خلل الحنطة ، فلا يؤدّي إلى تفاضل الكيل وتفاوت الحنطتين. ولا يجوز فيما يوزن وإن قلّ التراب ، عنده ؛ لأنّ قليله يؤثّر في الميزان(٢) .

تذنيب : حكم الدرديّ في الخَلّ والثفل في البزر‌ حكم التراب في‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٨٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٥١.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨١ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٤٩ - ٣٥٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٨٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٤.

١٩٤

الحنطة.

تنبيه : لو كان أحد العوضين مشتملاً على الآخر غير مقصود ، صحّ مطلقاً ، كبيع دار مموّهة بالذهب بالذهب.

المطلب الثاني : في شرط التقدير.

قد عرفت أنّه يشترط في الربا أمران : الاتّحاد في الجنس ، وقد مضى. وكونهما مقدَّرين بالكيل أو الوزن إجماعاً.

وهل يثبت الربا مع التقدير بالعدد؟ الأصحّ : المنع ؛ عملاً بالأصل.

ولقول الصادقعليه‌السلام : « لا يكون الربا إلّا فيما يكال أو يوزن »(١) .

وسُئلعليه‌السلام عن البيضة بالبيضتين ، قال : « لا بأس ما لم يكن فيه كيل ولا وزن »(٢) .

إذا تقرّر هذا ، فلا ربا إلّا فيما يكال أو يوزن مع التفاوت. ولو تساويا قدراً ، صحّ البيع نقداً.

ولو انتفى الكيل والوزن معاً ، جاز التفاضل نقداً ونسيئةً ، كثوبٍ بثوبين وبيضة ببيضتين ، سواء اختلفت القيمة أو اتّفقت.

مسألة ٩٦ : الأجناس الأربعة - أعني الحنطة والشعير والتمر والملح - مكيلة في عهده‌صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلا يباع بعضها ببعض إلّا مكيلةً. ولا يجوز بيع شي‌ء منها بشي‌ء آخر من جنسها وزناً بوزن وإن تساويا ، ولا يضرّ مع الاستواء في الكيل التفاوتُ في الوزن. وأمّا الموزون : فلا يجوز بيع بعضه‌

____________________

(١) الكافي ٥ : ١٤٦ / ١٠ ، الفقيه ٣ : ١٧٥ / ٧٨٦ ، التهذيب ٧ : ١٧ /٧٤ ، و ١٩ ، ٨١ ، و ٩٤ ، ٣٩٧ ، و ١١٨ / ٥١٥ ، الاستبصار ٣ : ١٠١ / ٣٥٠.

(٢) التهذيب ٧ : ١١٨ / ٥١٣ ، الاستبصار ٣ : ١٠٠ - ١٠١ / ٣٤٩.

١٩٥

ببعض كيلاً ، ولا يضرّ مع الاستواء في الوزن التفاوتُ في الكيل - وبه قال الشافعي(١) - لأدائه إلى التفاضل في المكيال ؛ لاحتمال أن يتفاوتا بأن يكون أحدهما أوزن وأثقل من البعض ، فيأخذ الأخفّ في المكيال أكثر فيتفاضلا في الكيل ، وقد نهى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عنه(٢) .

أمّا لو تساويا في الثقل والخفّة وعلم التفاوت(٣) بينهما ، فالأقرب : الجواز - خلافاً للشافعي(٤) - لأنّ التفاوت اليسير لا اعتبار به ، كما في قليل التراب.

أمّا الملح إذا كان قِطَعاً كباراً ، فإنّه يباع وزناً ؛ لتجافيه في المكيال ، فيعتبر حاله الآن - وهو أظهر وجهي الشافعيّة(٥) - نظراً إلى ما لَه من الهيئة في الحال.

والآخر : أنّه يسحق ويباع كيلاً(٦) . وليس بمعتمد.

وكذا كلّ ما يتجافى في المكيال يباع بعضه ببعض وزناً.

وأمّا ما عدا الأجناس الأربعة : فإنّ كان موزوناً على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فهو موزون. وكذا إن كان مكيلاً في عهدهعليه‌السلام ، حُكم فيه بالكيل ، فلو أحدث الناس خلاف ذلك ، لم يعتدّ بما أحدثوه ، وكان المعتبر تقرير الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله أو العادة في عهدهعليه‌السلام ، وبه قال الشافعي(٧) .

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٤٤ - ٣٤٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٨٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩.

(٢) صحيح مسلم ٣ : ١٢١٠ / ١٥٨٧.

(٣) في « ق » : « التقارب » بدل « التفاوت ».

(٤) اُنظر : المصادر في الهامش (١).

(٥ و ٦ ) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٨٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٠.

(٧) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٤٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٨٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٠.

١٩٦

وحكي عن أبي حنيفة أنّه يعتبر فيه عادات البلدان(١) .

وقد روى ابن عمر عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : « المكيال مكيال المدينة والميزان ميزان مكة »(٢) .

ولأنّ المعتاد في زمانهعليه‌السلام يضاف التحريم إليه كيلاً أو وزناً ، فلا يجوز أن يتغيّر بعد ذلك ؛ لعدم النسخ بعدهعليه‌السلام .

وأمّا ما لم يكن على عهدهعليه‌السلام ولا عُرف أصله بالحجاز أو لم يكن أصلاً في الحجاز فإنّه يرجع فيه إلى عادة البلد ، وبه قال أبو حنيفة ؛ فإنّه قال : المكيلات المنصوص عليها مكيلات أبداً ، والموزونات موزونات أبداً ، وما لم ينصّ عليه فالمرجع فيه إلى عادة الناس(٣) ؛ لأنّ أنساً قال: إنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « ما وزن مِثْلاً بمِثْل إذا كان نوعاً واحداً ، وما كِيل منه مِثْلاً بمِثْل إذا كان نوعاً واحداً »(٤) .

ولأنّ غير المنصوص قد عُهد من الشارع ردّ الناس فيه إلى عوائدهم ، كما في القبض والحرز والإحياء ، فإنّها تُردّ إلى العرف ، وكذا هنا.

وللشافعي وجهان :

أحدهما : أنّه يردّ إلى عادة الحجاز في أقرب الأشياء شبهاً به ، كالصيد يتبع فيه ما حكمت الصحابة به في قتل المحرم. وما لم يحكم فيه بشي‌ء يردّ إلى أقرب الأشياء شبهاً به.

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٤٥ ، حلية العلماء ٤ : ١٦٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٨٠.

(٢) مصابيح السنّة ٢ : ٣٣٨ ، ٢١٢١ ، المعجم الكبير - للطبراني - ١٢ : ٣٩٢ / ٣٩٣ ، ١٣٤٤٩ ، حلية الأولياء ٤ : ٢٠ ، وفيها : « مكيال أهل المدينة ميزان أهل مكة ».

(٣) الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٦٢ ، الكتاب - بشرح اللباب - ١ : ٢٦٦ - ٢٦٧.

(٤) سنن ، الدارقطني ٣ : ١٨ / ٥٨ ، المغني ٤ : ١٣٦ - ١٣٧.

١٩٧

والثاني : يعتبر عادة البلاد ويحكم فيه بالغالب ، كما في الحرز والإحياء والقبض حين ردّ الناس فيه إلى العرف. وينبغي أن يكون مع استواء البلاد فيه - فكأنّه لا يعلم الكيل أغلب عليه أو الوزن - أن يردّ إلى أقرب الأشياء شبهاً ؛ لتعذّر العرف فيه(١) .

فروع :

أ - ما أصله الكيل يجوز بيعه وزناً سلفاً وتعجيلاً ، ولا يجوز بيعه بمثله وزناً ؛ لأنّ الغرض في السلف والمعجّل بغير جنسه معرفة المقدار ، وهو يحصل بهما ، والغرض هنا المساواة ، فاختصّ البيع في بعضه ببعض به.

ب - إذا كان الشي‌ء يكال مرّة ويوزن اُخرى ولم يكن أحدهما أغلب ، فالوجه : أنّه إن كان التفاوت بين المكاييل يسيراً ، جاز بيع بعضه ببعضٍ متماثلاً وزناً وكيلاً. وإن كان التفاوت كثيراً ، لم يجز بيعه وزناً ، بل كيلاً.

وقال بعض الشافعيّة : إن كان أكبر جرماً(٢) ، اعتبر الوزن ؛ لأنّه لم يعهد في الحجاز الكيل فيما هو أكبر جرماً من التمر. وإن كان مثله أو أصغر ، فوجهان : الوزن ؛ لقلّة تفاوته. والكيل ؛ لعمومه ؛ فإنّ أكثر الشبه مكيل(٣) .

وقال بعضهم : ينظر إلى عادة الوقت(٤) .

____________________

(١) اُنظر العزيز شرح الوجيز ٤ : ٨١.

(٢) أي : أكبر جرماً من التمر.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٨٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٠.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٨١ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٠.

١٩٨

ج - لو كان الشي‌ء يباع في بعض البلاد جزافا وفي بعضها كيلا أو وزنا‌ ولم يكن له أصل أو لم يعرف ، قال الشيخ : يحكم بالربا بالاحتياط(١) .

وقيل : يحكم بعادة البلد الذي يقع فيه(٢) .

د - لو اختلفت البلدان فكان في بعضها يباع كيلا وفي بعضها يباع وزناً وفي بعضها جزافاً ، فالوجه : ما تقدّم أيضاً من أنّ لكلّ بلد حكم نفسه ، فيحرم التفاضل فيه إذا كان في بلد يكال أو يوزن. ويجوز في غيره.

وقال بعض الشافعيّة : الاعتبار بعادة أكثر البلدان ، فإن اختلفت العادة ولا غالب ، اعتبر بأشبه الأشياء به(٣) .

وقال بعضهم : الاعتبار بعادة بلد البيع(٤) .

ه- لا فرق بين المكيال المعتاد في عصر الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وسائر المكاييل المحدثة بعده ، كما أنّا إذا عرفنا التساوي بالتعديل في كفّتي الميزان ، نكتفي به وإن لم نعرف قدر ما في كلّ كفّة.

و - لا بُدّ في المكيال من معرفة مقداره ، فلا يجوز التعويل على قصعة ونحوها ممّا لا يعتاد الكيل بها ، إلّا إذا عرف نسبتها إلى الصاع. وكذا الوزن لا بُدّ من اعتباره بالأرطال المعهودة المقدّرة في نظر الشرع ، فلو عوّلا على صنجة مجهولة ، لم يصحّ.

وقد يمكن الوزن بالماء بأن يوضع الشي‌ء في ظرف ويلقى على الماء وينظر إلى مقدار غوصة. لكنّه ليس وزناً شرعيّاً ولا عرفيّاً ، فيحتمل التعويل‌

____________________

(١) النهاية : ٣٧٨.

(٢) القائل هو المحقّق الحلّي في شرائع الإسلام ٢ : ٤٥ ، والمختصر النافع : ١٢٧.

(٣ و ٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٨١ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٠.

١٩٩

في الربويّات عليه.

مسألة ٩٧ : ما يباع كيلاً أو وزناً لا يجوز بيعه مجازفةً‌ - وبه قال الشافعي(١) - لما فيه من الغرر المنهيّ عنه.

ولقول الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - : « ما كان من طعام سمّيت فيه كيلاً فلا يصلح مجازفةً »(٢) .

وقال مالك : يجوز في البادية بيع المكيل دون الموزون جزافاً(٣) ؛ لأنّ المكيال يتعذّر في البادية ، وفي التكليف به(٤) مشقّة ، فجاز بالحزر والتخمين ، كبيع التمر بالرطب في العرايا.

والجواب : نمنع تعذّر المكيال ؛ لأنّه يمكن بالقصعة وشبهها ممّا لا يخلو أحد عنه غالباً ، ويُعلم تقديره إمّا تحقيقاً أو تقريباً. نعم ، الميزان يتعذّر غالباً. ويعارض بأنّ الكيل معنى يعتبر المماثلة والمساواة به فيما يجري فيه الربا ، فاستوى فيه الحضر والبادية كالوزن. وبيع العرايا مستثنى ؛ لحاجة الفقراء إلى الرطب.

فروع :

أ - المراد جنس المكيل والموزون وإن لم يدخلاه‌ إمّا لقلّته كالحبّة والحبّتين أو لكثرته كالزُّبْرة(٥) العظيمة.

ب - إذا خرج بالصنعة عن الوزن ، جاز التفاضل فيه ، كالثوب‌

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٤٤.

(٢) الفقيه ٣ : ١٤٣ / ٦٢٧ ، التهذيب ٧ : ١٢٢ / ٥٣٠ ، الاستبصار ٣ : ١٠٢ / ٣٥٥.

(٣) حلية العلماء ٤ : ١٦٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٨٢.

(٤) في « ق ، ك» : وفي تكليفهم إيّاه.

(٥) أي : القطعة الضخمة من الحديد. لسان العرب ٤ : ٣١٦ « زبر ».

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458