تذكرة الفقهاء الجزء ١٠

تذكرة الفقهاء13%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-197-4
الصفحات: 458

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 458 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 196779 / تحميل: 5939
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ١٠

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-١٩٧-٤
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

وكذا إذا اشترى رجل سلعة بثمن فجاء آخَر قبل لزوم العقد ، فقال للبائع : أنا أشتريها بأكثر من الثمن الذي اشتراها هذا ، فإنّه مكروه عندنا ، وحرام عند الشافعي ؛ لأنّه في معنى نهيهعليه‌السلام . ولأنّ اللفظ مشتمل عليه ؛ لأنّ اسم البائع يقع عليهما ، ولهذا يسمّيان متبايعين. ولأنّهعليه‌السلام نهى عن أن يخطب الرجل على خطبة أخيه(١) ، والمشتري في معنى الخاطب(٢) .

مسالة ٦٦٧ : يكره السوم على سوم المؤمن‌ ؛ لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « لا يسوم الرجل على سوم أخيه »(٣) .

فإن وجد من البائع تصريح بالرضا بالبيع ولم يعقد أو أذن فيه لوكيله ، كره السوم.

وقال الشافعي : يحرم ، كما تحرم الخطبة(٤) .

والأصل عندنا مكروه.

وأمّا إن لم يوجد ذلك ولا ما يدلّ عليه بل سكت ولم(٥) يُجِبْ إلى البيع ، لم يحرم السوم ، وبه قال الشافعي(٦) .

وأمّا أن يكون لم يصرّح بالرضا ، بل ظهر منه ما يدلّ على الرضا بالبيع ، فهو عند الشافعي مبنيّ على القولين في الخطبة.

____________________

(١) سنن البيهقي ٧ : ١٨٠ ، سنن النسائي ٧ : ٢٥٨ ، مسند أحمد ٢ : ٢٨٧ / ٦١٠٠.

(٢) الحاوي الكبير ٥ : ٣٤٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٣٠ - ١٣١ ، روضة الطالبين ٣ : ٨١ ، المغني ٤ : ٣٠١ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٨.

(٣) سنن الترمذي ٣ : ٥٨٧ / ١٢٩٢ ، سنن البيهقي ٥ : ٣٤٤ ، شرح معاني الآثار ٣ : ٣.

(٤) الحاوي الكبير ٥ : ٣٤٤ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٩٨ ، الوسيط ٣ : ٦٥ - ٦٦ ، حلية العلماء ٤ : ٣٠٨ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٥٣٨ - ٥٣٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٣٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٨٠.

(٥) في الطبعة الحجريّة : « فلم ».

(٦) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٩٨ ، الوسيط ٣ : ٦٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٣٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٨١.

١٦١

قال في القديم : تحرم الخطبة ؛ لعموم النهي.

وقال في الجديد : لا تحرم ؛ لحديث فاطمة بنت قيس ، وقوله [صلى‌الله‌عليه‌وآله ] لها : « انكحي اُسامة» وقد خطبها معاوية وأبو جهم(١) ، فالبيع مثل ذلك(٢) .

هذا إذا تساوما بينهما ، فأمّا إذا كانت السلعة في النداء ، فإنّه يجوز أن يستامها واحد بعد واحد ، لأن صاحبها لم يرض بأن يبيعها أو يسومها مع واحد ، بل سامها للكلّ ولم يخصّ واحداً.

وأصله أنّ رجلاً من الأنصار شكا إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله الشدّةَ والجهد ، فقال له : « ما بقي لك شي‌ء؟ » فقال : بلى قدح وحلس ، قال : « فأتني بهما » فأتاه بهما ، فقال : « مَنْ يبتاعهما؟» فقال رجل : أنا أبتاعهما بدرهم ، وقال(٣) رجل آخر : عليَّ درهمين ، فقال النبيّ : « هُما لك بالدرهمين »(٤) .

ولأنّه قد يبيعهما من واحد ويقصد إرفاقه ويخصّصه(٥) ، فإذا سامها آخَر ، فسد غرضه ، وإذا نادى عليها ، فلم يقصد إلّا طلب الثمن ، فافترقا.

تذنيب : يكره السوم ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، لدلالته على شدّة الحرص في طلب الدنيا ، لأنّه وقت طلب الرزق من الله تعالى.

ولما رواه عليّ بن أسباط رَفَعه ، قال : « نهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن السوم ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس »(٦) .

____________________

(١) صحيح مسلم ٢ : ١١١٤ / ١٤٨٠ ، سنن البيهقي ٧ : ١٧٧ - ١٧٨ ، ١٨١ ، ٤٧١ ، شرح معاني الآثار ٣ : ٥ و ٦.

(٢) الحاوي الكبير ٥ : ٣٤٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٣٠.

(٣) في « س ، ي » : « فقال ».

(٤) سنن ابن ماجة ٢ : ٧٤٠ / ٢١٩٨ ، سنن أبي داوُد ٢ : ١٢٠ / ١٦٤١ ، مسند أحمد ٣ : ٥٥٨ - ٥٥٩ / ١١٧٢٤ بتفاوت.

(٥) في الطبعة الحجريّة : « أو تخصيصه ».

(٦) الكافي ٥ : ١٥٢ / ١٢.

١٦٢

وتكره الزيادة وقت النداء ، بل إذا سكت المنادي ، زاد ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « كان أمير المؤمنين عليّعليه‌السلام يقول : إذا نادى المنادي فليس لك أن تزيد ، وإنّما يحرّم الزيادةَ النداءُ ، ويُحلّها السكوت »(١) .

مسالة ٦٦٨ : لا يجوز للرجل أن يأخذ من ولده البالغ شيئاً إلّا بإذنه - إلّا مع خوف التلف - إن كان غنيّاً ، أو كان الولد ينفق عليه ؛ لأصالة عصمة مال الغير.

ولو كان الولد صغيراً أو مجنوناً ، فالولاية للأب ، فله الاقتراض مع العسر واليسر.

ويجوز له أن يشتري من مال ولده الصغير لنفسه بثمن المثل ، ويكون موجباً قابلاً ، وأن يقوّم جاريته عليه ، ويطأها حينئذٍ.

ولو كان الأب معسراً ، جاز أن يتناول من مال ولده الموسر قدر مؤونة نفسه خاصّةً إذا مَنَعه الولد.

روى محمّد بن مسلم - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن الرجل يحتاج إلى مال ابنه ، قال : « يأكل منه ما شاء من غير سرف » وقال : « وفي كتاب عليّعليه‌السلام أنّ الولد لا يأخذ من مال والده شيئاً إلّا بإذنه ، والوالد يأخذ من مال ابنه ما شاء ، وله أن يقع على جارية ابنه إذا لم يكن الابن وقع عليها ، وذكر أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لرجل : أنت ومالك لأبيك »(٢) .

وعن الباقرعليه‌السلام قال : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لرجل : أنت ومالك لأبيك » ثمّ قال الباقرعليه‌السلام : « لا نحبّ أن يأخذ من مال ابنه إلّا ما احتاج إليه‌

____________________

(١) الكافي ٥ : ٣٠٥ - ٣٠٦ / ٨ ، وبتفاوت يسير في التهذيب ٧ : ٢٢٧ - ٢٢٨ / ٩٩٤.

(٢) التهذيب ٦ : ٣٤٣ / ٩٦١ ، وفي الاستبصار ٣ : ٤٨ / ١٥٧ عن الإمام الباقرعليه‌السلام .

١٦٣

ممّا لا بُدّ منه ، إنّ الله عزّ وجلّ لا يحبّ الفساد »(١) .

وعن عليّ بن جعفر عن أخيه الكاظمعليه‌السلام ، قال : سألته عن الرجل يأكل من مال ولده ، قال : « لا ، إلّا أن يضطرّ إليه ، فليأكل منه بالمعروف ، ولا يصلح للولد أن يأخذ من مال والده شيئا إلّا بإذن والده »(٢) .

مسالة ٦٦٩ : والولد يحرم عليه مال والده‌ ، فلا يحلّ له أن يأخذ منه شيئاً إلّا بإذنه ، فلو اضطرّ الولد المعسر إلى النفقة ومَنَعه الأب ، كان للولد أن يأخذ قدر مؤونته ؛ لأنّه كالدَّيْن على الأب.

ويحرم على الاُمّ أن تأخذ من مال ولدها شيئاً إلّا إذا مَنَعها النفقة الواجبة عليه.

وكذا يحرم على الولد أخذ مال الاُمّ إلّا إذا وجب نفقته عليها ومَنَعْته.

وليس لها أن تقترض من مال ولدها الصغير كما سوّغنا ذلك للأب ؛ لأنّ الولاية له دونها ؛ لما رواه - في الحسن - محمّد بن مسلم عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن رجل لابنه مال فيحتاج الأب إليه ، قال : « يأكل منه ، فأمّا الاُمّ فلا تأكل منه إلّا قرضاً على نفسها »(٣) .

ويجوز للأب أن يقترض من مال ابنه الصغير ويحجّ عنه ؛ للولاية.

ولما رواه سعيد بن يسار قال : قلت للصادقعليه‌السلام : أيحجّ الرجل من مال ابنه وهو صغير؟ قال : « نعم » قلت : أيحجّ حجّة الإسلام وينفق منه؟ قال : « نعم بالمعروف » ثمّ قال : « نعم ، يحجّ منه وينفق منه ، إنّ مال الولد‌

____________________

(١) الكافي ٥ : ١٣٥ / ٣ ، التهذيب ٦ : ٣٤٣ / ٩٦٢ ، الاستبصار ٣ : ٤٨ / ١٥٨.

(٢) الكافي ٥ : ١٣٥ / ٢ ، التهذيب ٦ : ٣٤٤ / ٩٦٣ ، الاستبصار ٣ : ٤٨ - ٤٩ / ١٥٩ ، وفيها : « فيأكل» بدل « فليأكل ».

(٣) الكافي ٥ : ١٣٥ / ١ ، التهذيب ٦ : ٣٤٤ / ٩٦٤ ، الاستبصار ٣ : ٤٩ / ١٦٠.

١٦٤

للوالد ، وليس للولد أن ينفق من مال والده إلّا بإذنه »(١) .

وسأل ابنُ سنان - في الصحيح - الصادقَعليه‌السلام : ما ذا يحلّ للوالد من مال ولده؟ قال : « أمّا إذا أنفق عليه ولده بأحسن النفقة فليس له أن يأخذ من ماله شيئاً ، فإن كان لوالده جارية للولد فيها نصيب فليس له أن يطأها إلّا أن يقوّمها قيمة تصير لولده قيمتها عليه » قال : « ويعلن ذلك فإن كان للرجل ولد صغار لهم جارية ، فأحبّ أن يفتضّها فليقوّمها على نفسه قيمة ثمّ يصنع بها ما شاء ، إن شاء وطئ ، وإن شاء باع »(٢) .

وعلى هذا تُحمل الأحاديث المطلقة.

مسالة ٦٧٠ : لا يحلّ لكلٍّ من الزوجين أن يأخذ من مال الآخَر شيئاً‌ ؛ لأصالة عصمة مال الغير ، إلّا بإذنه ، فإن سوّغت له ذلك ، حلّ.

ولو دَفَعتْ إليه مالاً وقالت له : اصنع به ما شئت ، كره له أن يشتري به جاريةً ويطأها ؛ لأنّ ذلك يرجع بالغمّ عليها.

روى هشام عن الصادقعليه‌السلام في الرجل تدفع إليه امرأته المال فتقول : اعمل به واصنع به ما شئت ، أله أن يشتري الجارية ثمّ(٣) يطأها؟ قال : « ليس له ذلك »(٤) ومقصود الإمامعليه‌السلام الكراهة ؛ لأصالة الإباحة.

روى الحسين بن المنذر قال : قلت للصادقعليه‌السلام : دَفَعَتْ إليَّ امرأتي مالاً أعمل به ، فأشتري من مالها الجارية أطأها؟ قال : فقال : « أرادت أن تقرّ‌

____________________

(١) التهذيب ٦ : ٣٤٥ / ٩٦٧ ، الاستبصار ٣ : ٥٠ / ١٦٥.

(٢) التهذيب ٦ : ٣٤٥ / ٩٦٨ ، الاستبصار ٣ : ٥٠ / ١٦٣.

(٣) كلمة « ثمّ » لم ترد في المصدر.

(٤) التهذيب ٦ : ٣٤٦ - ٣٤٧ / ٩٧٥.

١٦٥

عينك وتسخن عينها »(١) .

وقد وردت رخصة في أنّ المرأة لها أن تتصدّق بالمأدوم إذا لم تجحف به ، إلّا أن يمنعها فيحرم.

قال ابن بكير : سألت الصادقَعليه‌السلام عمّا يحلّ للمرأة أن تتصدّق به من مال زوجها بغير إذنه؟ قال : « المأدوم »(٢) .

وسأل عليّ بن جعفر أخاه ( موسى بن جعفرعليهما‌السلام )(٣) : عن المرأة لها أن تعطي من بيت زوجها بغير إذنه؟ قال : « لا ، إلّا أن يحلّلها »(٤) .

مسالة ٦٧١ : في الاحتكار قولان لعلمائنا :

التحريم ، وهو أصحّ قولي الشافعي(٥) ؛ لما رواه العامّة عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : « لا يحتكر إلّا خاطئ »(٦) أي آثم.

وقالعليه‌السلام : « الجالب مرزوق ، والمحتكر ملعون »(٧) .

وقالعليه‌السلام : « من احتكر الطعام أربعين ليلة فقد بري‌ء من الله وبري‌ء الله منه »(٨) .

____________________

(١) التهذيب ٦ : ٣٤٧ / ٩٧٦.

(٢) الكافي ٥ : ١٣٧ ( باب الرجل يأخذ من مال امرأته ) الحديث ٢ ، التهذيب ٦ : ٣٤٦ / ٩٧٣.

(٣) بدل ما بين القوسين في « س ، ي » : « الكاظمعليه‌السلام ».

(٤) التهذيب ٦ : ٣٤٦ / ٩٧٤.

(٥) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٩٩ ، حلية العلماء ٤ : ٣١٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٨.

(٦) صحيح مسلم ٣ : ١٢٢٨ / ١٣٠ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٧٢٨ / ٢١٥٤ ، سنن أبي داوُد ٣ : ٢٧١ / ٣٤٤٧ ، سنن الترمذي ٣ : ٥٦٧ / ١٢٦٧ ، سنن الدارمي ٢ : ٢٤٨.

(٧) سنن ابن ماجة ٢ : ٧٢٨ / ٢١٥٣ ، سنن البيهقي ٦ : ٣٠ ، سنن الدارمي ٢ : ٢٤٩.

(٨) المستدرك - للحاكم - ٢ : ١١ - ١٢ ، مسند أحمد ٢ : ١١٦ ، ٤٨٦٥.

١٦٦

ومن طريق الخاصّة : قول الباقرعليه‌السلام : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا يحتكر الطعام إلّا خاطئ»(١) .

وعن الصادقعليه‌السلام قال : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : الجالب مرزوق ، والمحتكر ملعون »(٢) .

وقال الصادقعليه‌السلام : « الحكرة في الخصب أربعون يوماً ، وفي الشدّة والبلاء ثلاثة أيّام ، فما زاد على الأربعين يوماً في الخصب فصاحبه ملعون ، وما زاد في العسرة على ثلاثة أيّام فصاحبه ملعون »(٣) .

وروي عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله « من احتكر على المسلمين لم يمت حتى يضربه الله بالجذام والإفلاس »(٤) .

والكراهة ؛ للأصل.

ولقول الصادقعليه‌السلام : « وإن كان الطعام قليلا لا يسع الناس فإنّه يكره أن يحتكر الطعام ويترك الناس ليس لهم طعام »(٥) .

مسالة ٦٧٢ : الاحتكار هو حبس الحنطة والشعير والتمر والزبيب والسمن والملح بشرطين : الاستبقاء للزيادة ، وتعذّر غيره ، فلو استبقاها لحاجته أو وُجد غيره ، لم يمنع.

وقيل : أن يستبقيها في الغلاء ثلاثة أيّام ، وفي الرخص أربعين‌

____________________

(١) التهذيب ٧ : ١٥٩ / ٧٠١ ، الاستبصار ٣ : ١١٤ / ٤٠٣.

(٢) الكافي ٥ : ١٦٥ / ٧ ، الفقيه ٣ : ١٦٩ / ٧٥١ ، التهذيب ٧ : ١٥٩ / ٧٠٢ ، الاستبصار ٣ : ١١٤ / ٤٠٤.

(٣) الكافي ٥ : ١٦٥ / ٧ ، التهذيب ٧ : ١٥٩ / ٧٠٣ ، الاستبصار ٣ : ١١٤ / ٤٠٥.

(٤) سنن ابن ماجة ٢ : ٧٢٩ / ٢١٥٥ ، الترغيب والترهيب ٢ : ٥٨٣ / ٤ بتفاوت.

(٥) الكافي ٥ : ١٦٥ / ٥ ، التهذيب ٧ : ١٦٠ / ٧٠٨ ، الاستبصار ٣ : ١١٥ - ١١٦ / ٤١١.

١٦٧

يوماً(١) .

وفسّر الشافعيّةُ الاحتكارَ : أن يشتري ذو الثروة من الطعام ما لا يحتاج إليه في حال ضيقه وغلاة على الناس فحبسه عنهم(٢) .

فأمّا إذا اشترى في حال سعته ، وحَبَسه ليزيد نفعه(٣) ، أو كان له طعام في زرعه فحبسه ، جاز ما لم يكن بالناس ضرورة ، فأمّا إذا كان بهم ضرورة ، وجب عليه بذله لهم لأحيائهم ، وبه قال الشافعي(٤) أيضاً.

ولا بأس أن يشتري في وقت الغلاء لنفقة نفسه وعياله ثمّ يفضل شي‌ء فيبيعه في وقت الغلاء.

ولا بأس أن يشتري في وقت الرخص ليربح في وقت الغلاء.

ولا بأس أن يمسك غلّة ضيعته ليبيع في وقت الغلاء ، ولكنّ الأولى أن يبيع ما فضل عن كفايته.

وهل يكره إمساكه؟ للشافعيّة وجهان(٥) .

وتحريم الاحتكار مختصّ بالأقوات ، ومنها : التمر والزبيب ، ولا يعمّ جميع الأطعمة ، قاله الشافعي(٦) .

وقال الصادق ٧ : « الحكرة في الحنطة والشعير والتمر والزبيب والسمن »(٧) .

____________________

(١) القائل بذلك من أصحابنا الإماميّة هو الشيخ الطوسي في النهاية : ٣٧٤ - ٣٧٥.

(٢و٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٨.

(٣) في « س » و الطبعة الحجريّة : « ليريد منعه » و في « ي » : « ليزيد منعه » والظاهر ما أثبتناه

(٥) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٨ - ٧٩.

(٦) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٩.

(٧) الكافي ٥ : ١٦٤ / ١ ، التهذيب ٧ : ١٥٩ / ٧٠٤ ، الاستبصار ٣ : ١١٤ / ٤٠٦.

١٦٨

وسأل الحلبي الصادقَعليه‌السلام : عن الزيت ، فقال : « إذا كان عند غيرك فلا بأس بإمساكه»(١) .

وقال الصادقعليه‌السلام : « الحكرة أن يشتري طعاماً ليس في المصر غيره فيحتكره ، فإن كان في المصر طعام أو يباع غيره فلا بأس أن يلتمس بسلعته الفضل »(٢) .

مسالة ٦٧٣ : يجبر الإمام أو نائبه المحتكر على البيع.

وهل يسعّر عليه؟ قولان لعلمائنا ، المشهور : العدم ؛ لما رواه العامّة أنّ السعر غلا على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقالوا : يا رسول الله سعِّر لنا ، فقال : « إنّ الله هو المسعِّر القابض الباسط ، وإنّي لأرجو أن ألقى ربّي وليس أحد(٣) منكم يطلبني بمظلمةٍ بدمٍ ولا مالٍ »(٤) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « فقد الطعام على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأتى المسلمون فقالوا : يا رسول الله فقد الطعام ولم يبق منه شي‌ء إلاّ عند فلان ، فمره يبع ، قال : فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال : يا فلان إنّ المسلمين ذكروا أنّ الطعام قد فُقد إلّا شيئاً عندك ، فأخرجه وبِعْه كيف شئت ولا تحبسه »(٥) ففوّض السعر إليه.

وعن أمير المؤمنين عليّعليه‌السلام قال : « إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مرّ بالمحتكرين فأمر بحكرتهم أن تخرج إلى بطون الأسواق وحيث تنظر‌

____________________

(١و٢) الكافي ٥ : ١٦٤ - ١٦٥ / ٣ ، التهذيب ٧ : ١٦٠ / ٧٠٦ ، الاستبصار ٣ : ١١٥ / ٤٠٩.

(٣) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « لأحد ». وما أثبتناه من المصادر.

(٤) سنن ابن ماجة ٢ : ٧٤١ / ٢٢٠٠ ، سنن أبي داوُد ٣ : ٢٧٢ / ٣٤٥١ ، سنن الدارمي ٢ : ٢٤٩ ، مسند أحمد ٣ : ٦٢٩ / ١٢١٨١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٧.

(٥) الكافي ٥ : ١٦٤ / ٢ ، التهذيب ٧ : ١٥٩ / ٧٠٥ ، الاستبصار ٣ : ١١٤ / ٤٠٧.

١٦٩

الأبصار إليها ، فقيل لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لو قوّمت عليهم ، فغضبعليه‌السلام حتى عرف الغضب من وجهه ، فقال : أنا اُقوّم عليهم!؟ إنّما السعر إلى الله يرفعه إذا شاء ، ويخفضه إذا شاء »(١) .

إذا ثبت هذا ، فإنّه لا يجوز أن يسعّر حالة الرخص عندنا وعند الشافعي(٢) .

وأمّا حالة الغلاء فكذلك عندنا.

وللشافعي وجهان :

أحدهما : يجوز له أن يسعّر - وبه قال مالك - رفقاً بالضعفاء.

وأصحّهما : أنّه لا يجوز تمكيناً للناس من التصرّف في أموالهم. ولأنّهم قد يمتنعون بسبب ذلك عن البيع ، فيشتدّ الأمر(٣) .

وقال بعض الشافعيّة : إن كان الطعام يجلب إلى البلدة ، فالتسعير حرام. وإن كان يزرع بها ويكون عند التناه(٤) فيها ، فلا يحرم(٥) .

وحيث جوّزنا التسعير فإنّما هو في الأطعمة خاصّة دون سائر الأقمشة والعقارات.

ويلحق بها علف الدوابّ ، وهو أظهر وجهي الشافعيّة(٦) .

وإذا قلنا بالتسعير فسعَّر الإمام فخالف واحدٌ ، عُزّر ، وصحّ البيع.

____________________

(١) التهذيب ٧ : ١٦١ - ١٦٢ / ٧١٣ ، الاستبصار ٣ : ١١٤ - ١١٥ / ٤٠٨.

(٢و٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٩.

(٤) في « العزيز شرح الوجيز » : « الغلاء » بدل « التناه ». وفي « ي » : « التناء ». والظاهر أنّ كلمة « التناه » مأخوذة من ناه الشي‌ء ينوه : ارتفع وعلا. اُنظر : لسان العرب ١٣ :٥٥٠ « نوه ».

(٥و٦) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٩.

١٧٠

وللشافعي في صحّته قولان(١) .

مسالة ٦٧٤ : تلقّي الركبان منهيّ عنه إجماعاً.

وهل هو حرام أو مكروه؟ الأقرب : الثاني ؛ لأنّ العامّة روت أنّ النبيّعليه‌السلام قال : « لا تتلقّوا الركبان للبيع »(٢) .

ومن طريق الخاصّة : قول الباقرعليه‌السلام قال : « قال رسول اللهعليه‌السلام :

لا يتلقّى أحدكم تجارة خارجاً من المصر ، ولا يبيع حاضر لباد ، والمسلمون يرزق الله بعضهم من بعض »(٣) .

وصورته أن ترد طائفة إلى بلد بقماش ليبيعوا فيه ، فيخرج الإنسان يتلقّاهم فيشتريه منهم قبل قدوم البلد ومعرفة سعره. فإن اشترى منهم من غير معرفة منهم بسعر البلد ، صحّ البيع ؛ لأنّ النهي لا يعود إلى معنى في البيع ، وإنّما يعود إلى ضرب من الخديعة والإضرار ، لأنّ في الحديث « فإن تلقّاه متلقّ فاشتراه فصاحبه بالخيار إذا قدم السوق »(٤) فأثبت البيع مع ذلك.

إذا ثبت هذا ، فإنّه لا خيار لهم قبل أن يقدموا البلد ويعرفوا السعر ، وبعده يثبت لهم الخيار مع الغبن ، سواء أخبر كاذباً أو لم يخبر. ولو انتفى الغبن ، فلا خيار.

وقال الشافعي : إذا كان الشراء بسعر البلد أو زائداً ، ففي ثبوت الخيار(٥) وجهان :

أحدهما : يثبت ؛ لظاهر الخبر.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٩.

(٢) سنن البيهقي ٥ : ٣٤٨ ، مسند أحمد ٣ : ٢٩٤ / ١٠١٣٨.

(٣) الكافي ٥ : ١٦٨ ( باب التلقّي ) الحديث ١ ، التهذيب ٧ : ١٥٨ / ٦٩٧.

(٤) صحيح مسلم ٣ : ١١٥٧ / ١٧ ، سنن البيهقي ٥ : ٣٤٨.

(٥) في « س » : « ثبوته » بدل « ثبوت الخيار ».

١٧١

وأصحّهما : العدم ؛ لأنّه لم يوجد تغرير وخيانة(١) .

ولا فرق بين أن يكون مشترياً منهم أو بائعاً عليهم.

ولو ابتدأ الباعة والتمسوا منه الشراء مع علمٍ منهم بسعر البلد أو غير علم ، فالأقرب : ثبوت الخيار مع الغبن كما قلنا.

وللشافعي(٢) القولان السابقان.

ولو خرج اتّفاقاً لا بقصد التلقّي ، بل خرج لشغلٍ(٣) آخر من اصطياد وغيره فرآهم مقبلين فاشترى منهم شيئاً ، لم يكن قد فَعَل مكروهاً.

وللشافعيّة وجهان :

أحدهما : أنّه يعصي ؛ لشمول المعنى.

والثاني : لا يعصي ؛ لأنّه لم يتلقّ.

والأظهر عندهم : الأوّل(٤) .

فعلى الثاني لا خيار لهم وإن كانوا مغبونين ، عند الشافعي(٥) .

وعندنا يثبت الخيار للمغبون مطلقاً.

وقال بعض الشافعيّة : إن أخبر بالسعر كاذباً ، ثبت(٦) الخيار.

وحيث ثبت الخيار فهو على الفور ، كخيار العيب.

وللشافعي قولان ، هذا أحدهما ، وهو أصحّهما. والثاني : أنّه يمتدّ ثلاثة أيّام ، كخيار التصرية(٧) .

ولو تلقّى الركبان وباع منهم ما يقصدون شراءه في البلد ، فهو‌

____________________

(١و٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٨٠.

(٣) في « س » والطبعة الحجريّة : « بشغل ».

(٤و٥) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٨٠.

(٦) في الطبعة الحجريّة : « يثبت ».

(٧) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٨٠.

١٧٢

كالتلقّي.

وللشافعي وجهان :

أحدهما : لا يثبت فيه حكمه ؛ لأنّ النهي ورد عن الشراء.

والثاني : نعم ؛ لما فيه من الاستبداد بالرفق الحاصل منهم(١) .

وقال مالك : البيع باطل(٢) .

وحدّ التلقّي عندنا أربعة فراسخ ، فإن زاد على ذلك ، لم يكره ولم يكن تلقّياً ، بل كان تجارةً وجلباً ؛ لما رواه منهال عن الصادقعليه‌السلام قال : قال : « لا تلقّ فإنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن التلقّي » قلت : وما حدّ التلقّي؟ قال : « ما دون غدوة أو روحة » قلت : وكم الغدوة والروحة؟ قال : « أربعة فراسخ » قال ابن أبي عمير : وما فوق ذلك فليس بتلقّ(٣) .

مسالة ٦٧٥ : يكره أن يبيع حاضر لباد فيكون الحاضر وكيلا للبادي.

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا يبيع حاضر لباد »(٤) .

وصورته أن يجلب أهل البادية متاعا إلى بلد أو قرية فيجي‌ء إليه الحاضر في البلد فيقول : لا تبعه فأنا أبيعه لك بعد أيّام بأكثر من ثمنه الآن.

وليس محرّما ، للأصل.

وقال الشافعي : إنّه محرّم ، للنهي(٥) .

ويحصل له الإثم بشروط أربعة :

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٨٠.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٩.

(٣) الكافي ٥ : ١٦٩ / ٤ ، التهذيب ٧ : ١٥٨ / ٦٩٩.

(٤) صحيح مسلم ٣ : ١١٥٥ / ١١ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٧٣٤ / ٢١٧٦ ، سنن الترمذي ٣ : ٥٢٥ / ١٢٢٢ ، سنن النسائي ٧ : ٢٥٦ ، سنن البيهقي ٥ : ٣٤٦.

(٥) الحاوي الكبير ٥ : ٣٤٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٩.

١٧٣

أ - أن يكون البدوي يريد البيع.

ب - أن يريد بيعه في الحال.

ج - أن يكون بالناس حاجة إلى المتاع وهُمْ في ضيق.

د - أن يكون الحاضر استدعى منه ذلك.

روى ابن عباس أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « لا يبيع حاضر لباد » قال طاوُس : وكيف لا يبيع؟ فقال : لا يكون له سمساراً(١) .

والأصل في المنع أنّ فيه إدخال الضرر على أهل الحضر وتضييقاً عليهم ، فلهذا نهي عنه.

فإن لم توجد هذه الشرائط أو شرط منها ، جاز ذلك ؛ لأنّه إذا لم يكن بأهل البلد حاجة ، فلا ضرر في تأخير بيع ذلك.

وكذا إذا لم يرد صاحبه بيعه أو لم يرد بيعه في الحال ، فإنّه يجوز للحضري أن يتولّى له البيع.

ولو وُجدت الشرائط وخالف الحاضر وباع ، صحّ البيع ؛ لأنّ النهي لا لمعنى يعود إلى البيع.

وشرط بعض الشافعيّة أن يكون الحاضر عالماً بورود النهي فيه ، وهذا شرط يعمّ جميع المناهي. وأن يظهر من ذلك المتاع سعة في البلد ، فإن لم تظهر إمّا لكبر البلد وقلّة ذلك الطعام أو لعموم وجوده ورخص السعر ، ففيه عندهم وجهان ، أوفقهما لمطلق الخبر : أنّه يحرم. والثاني : لا ، لأنّ المعنى المحرّم تفويت الرزق ، والربح على الناس ، وهذا المعنى لم يوجد هنا. وأن يكون المتاع المجلوب إليه ممّا تعمّ الحاجة إليه ، كالصوف والأقِط‌

____________________

(١) صحيح البخاري ٣ : ٩٤ ، صحيح مسلم ٣ : ١١٥٧ / ١٥٢١ ، سنن أبي داوُد ٣ : ٢٦٩ / ٣٤٣٩ ، سنن البيهقي ٥ : ٣٤٦.

١٧٤

وسائر أطعمة القرى ، وأمّا ما لا يحتاج إليه إلّا نادراً فلا يدخل تحت النهي(١) .

ولو استشار البدوي بالحضري فيما فيه حظّه ، قال بعض الشافعيّة : إذا كان الرشد في الادّخار والبيع على التدريج ، وجب عليه إرشاده إليه بذْلاً للنصيحة(٢) .

وقال بعضهم : لا يرشده إليه توسّعاً على الناس(٣) .

مسالة ٦٧٦ : روى العامّة أنّه قد نهى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عن بيع العربان(٤) . ويقال : عربون ، وأربان وأربون. والعامّة يقولون : ربون.

وهو أن يشتري السلعة فيدفع درهما أو دينارا على أنّه إن أخذ السلعة ، كان المدفوع من الثمن. وإن لم يدفع الثمن وردّ السلعة ، لم يسترجع ذلك المدفوع - وبه قال الشافعي(٥) - للنهي الذي رواه العامّة.

ومن طريق الخاصّة : قول الصادق ٧ : « كان أمير المؤمنين ٧ يقول : لا يجوز بيع العربون إلاّ أن يكون نقدا من الثمن »(٦) .

وقال أحمد : لا بأس به ؛ لما روي أنّ نافع بن عبد الحارث اشترى لعمر دار السجن من صفوان، فإن رضي عمر ، وإلّا له كذا وكذا. وضعّف‌

____________________

(١) الحاوي الكبير ٥ : ٣٤٧ - ٣٤٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٧ - ١٢٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٩.

(٢ و ٣ ) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٩ - ٨٠.

(٤) سنن ابن ماجة ٢ : ٧٣٨ / ٢١٩٢ ، سنن أبي داوُد ٣ : ٢٨٣ / ٣٥٠٢ ، سنن البيهقي ٥ : ٣٤٢.

(٥) حلية العلماء ٤ : ٣١٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٣٤ ، المغني ٤ : ٣١٣ ، الشرح الكبير ٤ : ٦٦.

(٦) الكافي ٥ : ٢٣٣ ( باب العربون ) الحديث ١ ، التهذيب ٧ : ٢٣٤ / ١٠٢١.

١٧٥

حديث النهي(١) .

قالت الشافعيّة : إنّه ليس بصحيح ؛ لأنّه شرط أن يكون للبائع شي‌ء بغير عوض ، فهو كما لو شرط للأجنبيّ(٢) .

ويفسّر العربون أيضاً بأن يدفع دراهم إلى صانع ليعمل له شيئاً من خاتم يصوغه أو خفّ يخرزه أو ثوب ينسجه على أنّه إن رضيه بالمدفوع في الثمن ، وإلّا لم يستردّه منه. وهُما(٣) متقاربان.

مسالة ٦٧٧ : بيع التلجئة باطل عندنا‌ ، وهو أن يتّفقا على أن يُظهرا العقد خوفاً من ظالم من غير بيع ، ويتواطآ على الاعتراف بالبيع ، أو لغير ذلك - وبه قال أحمد وأبو يوسف ومحمّد(٤) - لأنّ الأصل بقاء الملك على صاحبه ، ولم يوجد ما يخرجه عن أصالته. ولأنّهما لم يقصدا البيع ، فلا يصحّ منهما ، كالهازلَيْن.

وقال أبو حنيفة والشافعي : هو صحيح ؛ لأنّ البيع تمّ بأركانه وشروطه خاليةً عن مقارنة مُفسدٍ ، فصحّ ، كما لو اتّفقا على شرطٍ فاسد ثمّ عقدا البيع بغير شرط(٥) .

ونمنع تماميّة البيع.

ولو تبايعا بعد ذلك بعقدٍ صحيح ، صحّ البيع إن لم يوقعاه قاصدين لما تقدّم من المواطأة ؛ لأصالة الصحّة ، وعدم صلاحية سبق المواطاة للمانعيّة.

وكذا لو اتّفقا على أن يتبايعا بألف ويُظهرا ألفين فتبايعا بألفين ، فإنّ‌

____________________

(١) المغني ٤ : ٣١٣ ، الشرح الكبير ٤ : ٦٦ ، حلية العلماء ٤ : ٣١٣ ، المجموع ٩ : ٣٣٥.

(٢) المغني ٤ : ٣١٣ ، الشرح الكبير ٤ : ٦٦.

(٣) أي : هذا التفسير والتفسير المتقدّم في صدر المسألة.

(٤ و ٥ ) المغني ٤ : ٣٠٢ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٩ ، بدائع الصنائع ٥ : ١٧٦ ، المجموع ٩ : ٣٣٤.

١٧٦

البيع لازم ، والاتّفاق السابق لا يؤثّر ، قاله الشافعي ، ورواه أبو يوسف عن أبي حنيفة(١) .

وروى محمّد عن أبي حنيفة أنّه لا يصحّ البيع إلّا على أن يتّفقا على أنّ الثمن ألف درهم ويتبايعاه بمائة دينار ، فيكون الثمن مائة دينار استحساناً - وإليه ذهب أبو يوسف ومحمّد - لأنّه إذا تقدّم الاتّفاق ، صارا كالهازلَيْن بالعقد ، فلم يصحّ العقد(٢) .

قالت الشافعيّة : الشرط السابق لحالة العقد لا يؤثّر فيه ، كما لو اتّفقا على شرطٍ فاسد ثمّ عقدا العقد ، فإنّه لا يثبت فيه(٣) .

مسالة ٦٧٨ : قد ذكرنا أنّ التجارة مستحبّة.

قال الصادقعليه‌السلام : « ترك التجارة ينقص العقل »(٤) .

وقال الصادقعليه‌السلام لمعاذ في حديثٍ : « اسع على عيالك ، وإيّاك أن يكونوا هُم السعاة عليك »(٥) .

إذا ثبت هذا ، فينبغي لمن أراد التجارة أن يبدأ أوّلاً فيتفقّه.

قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « مَن اتّجر بغير علمٍ ارتطم في الربا ثمّ ارتطم »(٦) .

وكان أمير المؤمنينعليه‌السلام يقول على المنبر : « يا معشر التجّار الفقه ثمّ المتجر ، الفقه ثمّ المتجر، والله للربا في هذه الاُمّة أخفى من دبيب النملة على الصفا ، شوبوا أيمانكم بالصدقة(٧) ، التاجر فاجر ، والفاجر في النار إلّا‌

____________________

(١ - ٣ ) المجموع ٩ : ٣٣٤.

(٤) الكافي ٥ : ١٤٨ / ١ ، التهذيب ٧ : ٢ / ١.

(٥) الكافي ٥ : ١٤٨ - ١٤٩ / ٦ ، التهذيب ٧ : ٢ - ٣ / ٣.

(٦) الكافي ٥ : ١٥٤ / ٢٣ ، الفقيه ٣ : ١٢٠ / ٥١٣ ، التهذيب ٧ : ٥ / ١٤.

(٧) في الكافي « بالصدق ».

١٧٧

مَنْ أخذ الحقّ وأعطى الحقّ »(١) .

« وكان عليّعليه‌السلام بالكوفة يغتدي كلّ يوم بكرةً من القصر يطوف في أسواق الكوفة سوقاً سوقاً ومعه الدرّة على عاتقه فيقف على أهل كلّ سوق فينادي : يا معشر التجّار اتّقوا الله عزّ وجلّ ، فإذا سمعوا صوته ألقوا ما في أيديهم وأرعوا إليه بقلوبهم وسمعوا بآذانهم ، فيقول : قدّموا الاستخارة ، وتبرّكوا بالسهولة ، واقتربوا من المتبايعين ، وتزيّنوا بالحلم ، وتناهوا عن اليمين ، وجانبوا الكذب ، وتجافوا عن الظلم ، وأنصفوا المظلومين ، ولا تقربوا الربا ، وأوفوا الكيل والميزان ، ولا تبخسوا الناس أشياءهم ، ولا تعثوا في الأرض مفسدين ، فيطوف في جميع الأسواق بالكوفة ثمّ يرجع فيقعد للناس »(٢) .

مسالة ٦٧٩ : يكره الحلف على البيع‌ ، وكتمان العيب ، ومدح البائع ، وذمّ المشتري ، والمبادرة إلى السوق أوّلاً ؛ لما فيه من شدّة الحرص في الدنيا.

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « مَنْ باع واشترى فليحفظ خمس خصال ، وإلّا فلا يشتر ولا يبع : الربا ، والحلف ، وكتمان العيب ، والحمد إذا باع ، والذمّ إذا اشترى »(٣) .

وقال الكاظمعليه‌السلام : « ثلاثة لا ينظر الله اليهم ، أحدهم : رجل اتّخذ الله عزّ وجلّ بضاعة لا يشتري إلّا بيمين ولا يبيع إلّا بيمين »(٤) .

____________________

(١) الكافي ٥ : ١٥٠ / ١ ، الفقيه ٣ : ١٢١ / ٥١٩ ، التهذيب ٧ : ٦ / ١٦.

(٢) الكافي ٥ : ١٥١ / ٣ ، بتفاوت يسير في بعض الألفاظ ، التهذيب ٧ : ٦ / ١٧.

(٣) التهذيب ٧ : ٦ / ١٨ ، وفي الكافي ٥ : ١٥٠ - ١٥١ / ٢ ، والفقيه ٣ : ١٢٠ - ١٢١ / ٥١٥ بتفاوت يسير في بعض الألفاظ.

(٤) الكافي ٥ : ١٦٢ / ٣ ، التهذيب ٧ : ١٣ / ٥٦.

١٧٨

وقال الصادقعليه‌السلام : « إيّاكم والحلف ، فإنّه يمحق البركة ، وينفق السلعة »(١) .

وتكره معاملة ذوي العاهات.

قال الصادقعليه‌السلام : « لا تعامل ذا عاهة فإنّهم أظلم شي‌ء »(٢) .

وكذا تكره مخالطة السفلة والمحارفين والأكراد ، ولا يعامل إلّا مَنْ نشأ في خير.

قال الصادقعليه‌السلام : « إيّاكم ومخالطة السفلة فإنّ السفلة لا يؤول إلى خير »(٣) .

وقال الصادقعليه‌السلام : « لا تشتر من محارف ، فإنّ حرفته لا بركة فيها »(٤) .

وسأل أبو الربيع الشامي الصادقَعليه‌السلام ، فقلت : إنّ عندنا قوماً من الأكراد وإنّهم لا يزالون يجيئون بالبيع فنخالطهم ونبايعهم ، فقال : « يا أبا الربيع لا تخالطوهم ، فإنّ الأكراد حيّ من أحياء الجنّ كشف الله عنهم الغطاء ، فلا تخالطوهم »(٥) .

وقال الصادقعليه‌السلام : « لا تخالطوا ولا تعاملوا إلّا مَنْ نشأ في الخير »(٦) .

واستقرض قهرمان لأبي عبد اللهعليه‌السلام من رجل طعاماً للصادقعليه‌السلام ، فألحّ في التقاضي ، فقال له الصادقعليه‌السلام : « ألم أنهك أن تستقرض ممّن‌

____________________

(١) التهذيب ٧ : ١٣ / ٥٧.

(٢) الكافي ٥ : ١٥٨ / ٣ ، التهذيب ٧ : ١١ / ٤٠.

(٣) الكافي ٥ : ١٥٨ / ٧ ، التهذيب ٧ : ١٠ / ٣٨.

(٤) التهذيب ٧ : ١١ / ٤١.

(٥) الكافي ٥ : ١٥٨ / ٢ ، التهذيب ٧ : ١١ / ٤٢.

(٦) الكافي ٥ : ١٥٨ / ٥ ، الفقيه ٣ : ١٠٠ / ٣٨٨ ، التهذيب ٧ : ١٠ / ٣٦.

١٧٩

لم يكن له فكان »(١) .

مسالة ٦٨٠ : يستحبّ إنظار المعسر ، وإقالة النادم‌ ؛ لأنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يأذن لحكيم بن حزام في تجارة حتى ضمن له إقالة النادم وإنظار المعسر وأخذ الحقّ وافياً أو غير وافٍ(٢) .

وعن الصادقعليه‌السلام قال : « لا يكون الوفاء حتى يرجّح »(٣) .

وقال : « لا يكون الوفاء حتى يميل الميزان »(٤) .

ولا ينبغي أن يتعرّض للكيل أو الوزن(٥) إلّا من يعرفهما حذراً من أخذ مال الغير.

مسالة ٦٨١ : لا يبيع المبيع في المواضع المظلمة التي لا يظهر فيها المبيع ظهوراً بيّناً ، حذراً من الغشّ.

قال هشام بن الحكم : كنت أبيع السابري في الظلال ، فمرّ بي الكاظمعليه‌السلام فقال : « يا هشام إنّ البيع في الظلال غشّ ، والغشّ لا يحلّ »(٦) .

ويحرم أن يزيّن المتاع بأن يُظهر جيّده ويكتم رديئه.

قال الباقرعليه‌السلام : « مرّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في سوق المدينة بطعام ، فقال لصاحبه : ما أرى طعامك إلّا طيباً ، وسأل عن سعره ، فأوحى الله تعالى [ إليه ](٧) أن يدير يده في الطعام ، ففَعَل فأخرج طعاماً رديئاً ، فقال لصاحبه :

____________________

(١) الكافي ٥ : ١٥٨ / ٤ ، التهذيب ٧ : ١٠ / ٣٩.

(٢) الكافي ٥ : ١٥١ / ٤ ، التهذيب ٧ : ٥ / ١٥.

(٣) الكافي ٥ : ١٦٠ ( باب الوفاء والبخس ) الحديث ٥ ، التهذيب ٧ : ١١ / ٤٣.

(٤) الكافي ٥ : ١٥٩ / ١ ، التهذيب ٧ : ١١ / ٤٤.

(٥) في « ي » : « للكيل والوزن ». وفي الطبعة الحجريّة : « الكيل والوزن ».

(٦) الكافي ٥ : ١٦٠ - ١٦١ / ٦ ، التهذيب ٧ : ١٣ / ٥٤.

(٧) ما بين المعقوفين من المصدر.

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

للمشتري ، وإن لم يكن علم ، فهو للبائع »(١) .

والجواب : أنّه محمول على ما إذا شرطه المشتري ؛ عملاً بالأصل ، وبما تقدّم(٢) في رواية محمّد بن مسلم.

والحقّ أنّ المال للبائع ، سواء علم به أو لا ما لم يشترطه المشتري.

ب - لو اشتراه ومالَه جميعاً ، صحّ البيع بشرطين : العلم بمقداره ، وأن لا يتضمّن الربا. فلو كانت معه مائة درهم واشتراه مع ماله بمائة درهم ، لم يصحّ البيع ؛ لأنّه ربا. ولو اشتراه بمائة ودرهم ، صحّ البيع ، وكان المائة مقابلة المائة ، والدرهم في مقابلة العبد. وكذا لو اشتراه بغير الجنس أو لم يكن الثمن ربويّاً أو لم يكن المال الذي معه ربويّاً.

ولو اشتراه ومالَه مع جهله بالمال ، لم يصحّ ؛ لأنّه جزء من المبيع مقصود فوجب العلم به.

ج - لو اشتراه وشرط مالَه ، فكذلك. فإن كانا ربويّين ، شرطت زيادة الثمن ، وإلّا فلا ، إلّا في شي‌ء واحد ، وهو العلم بقدر المال ، فإنّه ليس شرطاً هنا ؛ لأنّه تابع للمبيع ليس مقصوداً بالذات ، فكان كماء الآبار وخشب السقوف.

وقال(٣) بعض الشافعيّة : إنّما تجوز الجهالة فيما كان تبعاً(٤) إذا لم يمكن إفراده بالبيع ، وإنّما تجوز الجهالة في مال العبد ؛ لأنّه ليس بمبيع ، وإنّما يبقى على ملك العبد ، والشرط يفيد عدم زوال ملكه إلى‌

____________________

(١) الكافي ٥ : ٢١٣ / ١ ، الفقيه ٣ : ١٣٨ / ٦٠٥ ، التهذيب ٧ : ٧١ / ٣٠٧.

(٢) في ص ٣١٩.

(٣) في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : وبه قال. والصحيح ما أثبتناه.

(٤) في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : بيعاً. والصحيح ما أثبتناه.

٣٢١

البائع ، بل يكون للعبد ، فيكون المشتري يملك عليه(١) .

د - إن قلنا : إنّ العبد يملك ، فإنّه يملك ملكاً ناقصاً لا تتعلّق به الزكاة ، وحينئذٍ تسقط ، أمّا عن العبد : فلعدم تماميّة الملك ، كالمكاتب.

وأمّا عن السيّد : فلأنّه ملك الغير. وإن نفينا الملك ، فالزكاة على السيّد ؛ لتماميّة الملك في حقّه.

ولو ملّكه جاريةً ، جاز له وطؤها على التقديرين ؛ لجواز الإباحة ، فالتمليك لا يقصر عنها وإن نفيناه لتضمّنه إيّاها.

وإذا وجب عليه كفّارة ، فإن قلنا : يملك ، كفّر بالمال ، وإلّا بالصيام ، ولا يدخل في البيع وإن قلنا : إنّ العبد يملك ؛ لما تقدّم من الأحاديث.

ه- لو اشترى عبداً له مال وقلنا بملكيّة العبد‌ فاشترطه المبتاع فانتزعه المبتاع من العبد فأتلفه(٢) ثمّ وجد بالعبد عيباً ، لم يكن له الردّ - وبه قال الشافعي(٣) - لأنّ العبد يكثر قيمته إذا كان له مال ، وبتلف المال نقصت قيمته ، فلم يجز ردّه ناقصاً.

وقال داوُد : يردّ العبد وحده ؛ لأنّ ما انتزعه لم يدخل في البيع(٤) .

وهو غلط ؛ لنقص القيمة كما قلناه.

و - لو اشترى عبداً مأذوناً له في التجارة وقد ركبته الديون ولم يعلم المشتري ؛ لم يثبت له الخيار ؛ لأنّ الديون تتعلّق بالمولى. وإن قلنا : تتعلّق‌

____________________

(١) اُنظر : العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٧ ، وروضة الطالبين ٣ : ٢٠٣.

(٢) في « ق ، ك» : وأتلفه.

(٣) حلية العلماء ٤ : ٢٧٧ ، وحكاه عنه أيضاً الشيخ الطوسي في الخلاف ٣ : ١٢٥ ، المسألة ٢١٠.

(٤) المحلّى ٨ : ٤٢٢ ، المغني ٤ : ٢٧٦ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٢٣ - ٣٢٤ ، وحكاه عنه أيضاً الشيخ الطوسي في الخلاف ٣ : ١٢٥ ، المسألة ٢١٠.

٣٢٢

بالعبد ، فلا تتعلّق برقبته بل بذمّته ، وذلك غير ضائر للمشتري ، فلا يكون عيباً في حقّه ، وبه قال الشافعي(١) .

وقال مالك : يثبت له الخيار(٢) .

وقال أبو حنيفة : البيع باطل. وبناه على أصله من تعلّق الديون برقبته(٣) .

ز - لو قال العبد لغيره : اشترني ولك عليَّ كذا ، لم يلزمه شي‌ء ، سواء كان للمملوك مال حين قوله أولا ، وسواء شرط المبتاع المالَ أو لا ، وسواء قلنا : العبد يملك أو لا ، وسواء قلنا : المال يدخل في الشراء مع علم البائع أو لا ؛ لأنّ المولى لا يثبت له على عبده شيئاً.

وللشيخ قول آخر : إنّه يجب عليه الدفع إن كان له شي‌ء في تلك الحال ، وإلّا فلا(٤) .

وقد روي عن الصادقعليه‌السلام أنّه قال له غلام : إنّي كنت قلت لمولاي : بِعْني بسبعمائة درهم ولك عليَّ ثلاثمائة درهم ، فقال الصادقعليه‌السلام : « إن كان لك يوم شرطت أن تعطيه [ شي‌ء ](٥) فعليك أن تعطيه ، وإن لم يكن لك يومئذٍ شي‌ء فليس عليك شي‌ء »(٦) .

مسألة ١٤٢ : لو دفع إنسان إلى عبد غيره مأذوناً له في التجارة مالاً ليشتري نسمةً ويُعتقها ويحجّ عنه بالباقي ، فاشترى المأذون أباه ودفع إليه بقيّة المال للحجّ فحجّ به ، ثمّ اختلف مولى المأذون وورثة الدافع ومولى‌

____________________

(١ -٣ ) حلية العلماء ٤ : ٢٧٣.

(٤) النهاية : ٤١٢.

(٥) ما بين المعقوفين من المصدر.

(٦) الكافي ٥ : ٢١٩ / ١ ، التهذيب ٧ : ٧٤ / ٣١٦.

٣٢٣

الأب ، فكلُّ منهم يقول : اشتُري بمالي ، قال الشيخ : يردّ الأب إلى مواليه يكون رقّاً كما كان ، ثمّ أيّ الفريقين الباقيين أقام البيّنة بما ادّعاه ، حُكم له به(١) ؛ لما رواه ابن أشيم عن الباقرعليه‌السلام في عبدٍ لقومٍ مأذون له في التجارة دفع إليه رجل ألف درهم ، فقال : اشتر بها نسمةً وأعتقها عنّي وحجّ بالباقي ، ثمّ مات صاحب الألف ، فانطلق العبد فاشترى أباه فأعتقه عن الميّت ودفع إليه الباقي يحجّ عن الميّت ، فحجّ عنه ، فبلغ ذلك موالي أبيه وورثة الميّت جميعاً فاختصموا جميعاً في الألف ، فقال موالي معتق العبد : إنّما اشتريت أباك بمالنا. وقال الورثة : إنّما اشتريت أباك بمالنا. وقال موالي العبد : إنّما اشتريت أباك بمالنا ، فقال أبو جعفرعليه‌السلام : « أمّا الحجّة فقد مضت بما فيها لا تردّ ، وأمّا المعتق فهو ردّ في الرقّ لموالي أبيه ، وأيّ الفريقين أقاموا البيّنة أنّه اشترى أباه من أموالهم كان لهم رقّاً »(٢) .

وابن أشيم ضعيف ، فلا يعوّل على روايته ، على أنّا نحمل الرواية على إنكار موالي الأب البيعَ ، وحينئذٍ يقدّم قوله ، ثمّ أيّ الفريقين أقام البيّنة على دعواه حُكم له بها. وعلى ظاهر الرواية ينبغي أن يدفع الأب إلى مولى الابن المأذون ؛ لأنّ ما في يد المملوك لمولاه.

ولو أقام كلٌّ من الثلاثة بيّنةً على دعواه ، فإنّ رجّحنا بيّنة ذي اليد ، فالحكم كما تقدّم من دفع الأب إلى مولى المأذون. وإن رجّحنا بيّنة الخارج ، فالأقرب : ترجيح بيّنة الدافع ؛ عملاً بمقتضى صحّة البيع ، فهو معتضد بالأصل.

____________________

(١) النهاية : ٤١٤.

(٢) الكافي ٧ : ٦٢ / ٢٠ ، التهذيب ٧ : ٢٣٤ - ٢٣٥ / ١٠٢٣ ، و ٩ : ٢٤٣ - ٢٤٤ / ٩٤٥ بتفاوت في بعض الألفاظ.

٣٢٤

ويحتمل تقديم بيّنة مولى الأب ؛ لادّعائه ما ينافي الأصل ، وهو الفساد.

مسألة ١٤٣ : إذا كان مملوكان لشخصين مأذونان لهما في التجارة‌ اشترى كلٌّ منهما الآخرَ من مالكه لمولاه ، فإن سبق عقد أحدهما ، صحّ عقده ، وبطل عقد الآخر ؛ لأنّ للمأذون الشراء لمولاه والعبد قابل للنقل بالابتياع ، فلا مانع للمقتضي عن مقتضاه ، ولمـّا انتقل العبد إلى مولى الأوّل بطل الإذن من مولاه له ، فلم يصادف العقد أهلاً يصدر عنه على الوجه المعتبر شرعاً ، فكان عقده لاغياً.

وإن اقترن العقدان في وقتٍ واحد ، بطلا ؛ لأنّ حالة شراء كلّ واحد منهما لصاحبه هي حالة بطلان الإذن من صاحبه له.

وقال الشيخ في النهاية : يقرع بينهما ، فمن خرج اسمه كان البيع له ، ويكون الآخر مملوكه.

ثمّ قال : وقد روي أنّه إذا اتّفق أن يكون العقدان في حالة واحدة ، كانا باطلين. والأحوط ما قدّمناه(١) .

ويؤيّد ما اخترناه نحن من البطلان مع الاتّفاق زماناً : روايةُ أبي خديجة عن الصادقعليه‌السلام في رجلين مملوكين مفوّض إليهما يشتريان ويبيعان بأموالهما وكان بينهما كلام فخرج هذا ويعدو إلى مولى هذا ، وهذا إلى مولى هذا ، وهُما في القوّة سواء ، فاشترى هذا من مولى هذا العبد ، وذهب هذا فاشترى هذا من مولى العبد الآخر فانصرفا إلى مكانهما فتشبّث كلّ واحد منهما بصاحبه وقال له : أنت عبدي قد اشتريتك من سيّدك. قال :

____________________

(١) النهاية : ٤١٢.

٣٢٥

« يحكم بينهما من حيث افترقا ، يذرع الطريق فأيّهما كان أقرب فهو الذي سبق الذي هو أبعد ، وإن كانا سواءً فهما ردّ على مواليهما ، جاءا سواءً وافترقا سواءً إلّا أن يكون أحدهما سبق صاحبه ، فالسابق هو له إن شاء باع وإن شاء أمسك ، وليس له أن يضرّ به »(١) .

ثم قال الشيخ في التهذيب عقيب هذه الرواية : وفي رواية اُخرى : « إذا كانت المسافة سواء يقرع بينهما فأيّهما وقعت القرعة به كان عبداً للآخر »(٢) .

فروع :

أ - حكم الإمامعليه‌السلام بذرع الطريق بناءً على الغالب والعادة ، فإنّ كلّ واحد منهما يجدّ فيما يرومه ؛ لدلالة قول الراوي : ذهب كلٌّ منهما يعدو إلى مولى الآخر. والتقدير أنّهما متساويان في القوّة ، والأصل عدم المانع ، فبالضرورة يكون مَنْ كانت مسافته أقلّ أسبق في العقد من الآخر ، ومع التساوي في المسافة يحكم بالاقتران ؛ للظنّ الغالب به ، فإن فُرض تقدّم أحدهما ، صحّ عقده ، وإلّا بطلا ؛ لما تقدّم.

ب - الرواية بالقرعة لم نقف عليها ، لكنّ الشيخرحمه‌الله ذكر هذا الإطلاق في النهاية والتهذيب(٣) .

والظاهر أنّ القرعة لاستخراج الواقع أوّلاً مع علم المتقدّم واشتباه تعيينه ، أو مع الشكّ في التقدّم وعدمه ، أمّا مع الاقتران فلا وجه للقرعة.

____________________

(١) التهذيب ٧ : ٧٢ - ٧٣ / ٣١٠.

(٢) التهذيب ٧ : ٧٣ / ٣١١.

(٣) النهاية : ٤١٢ ، التهذيب ٧ : ٧٣ / ٣١١.

٣٢٦

ج - لو قلنا بصحّة وكالة السيّد لعبده في الشراء‌ فاتّفق أن وكّل كلّ واحد منهما مملوكه في شراء الآخر له ، صحّ العقدان معاً إن لم تبطل الوكالة مع الانتقال.

د - لا نريد بالبطلان في الموضع الذي حكمنا به هنا وقوع العقدين فاسدين ، بل أن يكون العقدان هنا بمنزلة عقد الفضولي إن أجازه المولَيان ، صحّا معاً ، وإلّا فلا. ولو أجازه أحدهما خاصّة ، صحّ عقده خاصّة.

ه- لو اشترى كلٌّ منهما الآخرَ لنفسه بإذن مولاه‌ وقلنا : إنّ العبد يملك ما يملكه مولاه ، فإن اقترنا ، بطلا. وان سبق أحدهما ، فهو المالك للآخر(١) .

مسألة ١٤٤ : لو اشترى من غيره جاريةً ثمّ ظهر أنّها سُرقت من أرض الصلح‌ ، قال الشيخرحمه‌الله : يردّها المشتري على البائع أو ورثته ويسترجع الثمن. ولو لم يخلف وارثاً ، استُسعيت الجارية في ثمنها(٢) ؛ لما رواه مسكين السمّان ، قال : سألت الصادقَعليه‌السلام : عن رجل اشترى جاريةً سُرقت من أرض الصلح ، قال : « فليردّها على الذي اشتراها منه ، ولا يقربها إن قدر عليه لو كان موسراً » قلت : جعلت فداك فإنّه قد مات ومات عقبه ، قال : « فليستسعها »(٣) .

ولأنّه بيع باطل ؛ لظهور الملكيّة لغير البائع.

والردّ على البائع ؛ لاحتمال أن يكون السارق غيره وقد حصلت في يده ، فتُدفع إليه على سبيل الأمانة إلى أن يحضر مالكها ويُسترجع الثمن منه.

____________________

(١) الفرعان « د ، ه‍ » لم يردا في « ك».

(٢) النهاية : ٤١٤.

(٣) التهذيب ٧ : ٨٣ / ٣٥٥ ، وفيه : « أو كان موسراً ».

٣٢٧

وبالجملة ، فهذه الرواية مشكلة.

والمعتمد هنا : أنّ المشتري يدفع الجارية إلى الحاكم ليجتهد في ردّها على مالكها الذي سُرقت منه ، ولا شي‌ء للمشتري مع تلف البائع من غير تركة. ولا تستسعى الجارية ؛ لأنّه تصرّف في مال الغير بغير إذنه.

وقيل : تكون بمنزلة اللقطة(١) .

مسألة ١٤٥ : لو اشترى عبداً موصوفاً في الذمّة فدفع البائع إليه عبدين‌ ليختار واحداً منهما فأبق أحدهما من يد المشتري ، قال الشيخرحمه‌الله : يردّ المشتري إلى البائع العبدَ الباقي ، ويسترجع نصف الثمن ، ويطلب الآبق ، فإن وجده ، اختار حينئذٍ ، وردّ النصف الذي قبضه من البائع إليه. وإن لم يجده ، كان العبد الباقي بينهما(٢) ؛ لما رواه السكوني عن الصادقعليه‌السلام في رجل اشترى من رجل عبداً وكان عنده عبدان وقال للمشتري : اذهب بهما فاختر أحدهما وردّ الآخر وقد قبض المال ، فذهب بهما المشتري فأبق أحدهما من عنده ، قال « ليردّ الذي عنده منهما ويقبض نصف الثمن ممّا أعطى من البيّع ، ويذهب في طلب الغلام ، فإن وجده اختار أيّهما شاء وردّ النصف الذي أخذ ، وإن لم يجده كان العبد بينهما ، نصف للبائع ونصف للمبتاع »(٣) .

والرواية ضعيفة السند. ومثل هذه الرواية رواها محمّد بن مسلم عن الباقر(٤) عليه‌السلام .

____________________

(١) القائل به هو ابن إدريس في السرائر ٢ : ٣٥٦.

(٢) النهاية : ٤١١.

(٣) التهذيب ٧ : ٨٢ - ٨٣ / ٣٥٤.

(٤) الكافي ٥ : ٢١٧ / ١ ، الفقيه ٣ : ٨٨ / ٣٣٠.

٣٢٨

والمعتمد : أنّ التالف مضمون على المشتري بقيمته ؛ لأنّه كالمقبوض بالسوم ، وله المطالبة بالعبد الثابت في ذمّة البائع بالبيع.

فرع : لو اشترى عبداً من عبدين ، لم يصحّ ؛ للجهالة.

مسألة ١٤٦ : يجب على البائع للجارية استبراؤها قبل بيعها‌ - إذا كان يطؤها - بخمسة وأربعين يوماً إن كانت من ذوات الحيض ولم تر الدم. ولو رأت الدم ، استبرأها بحيضة. ولو كانت صغيرةً أو يائسةً أو حاملاً أو حائضاً ، فلا استبراء.

وكذا يجب على المشتري استبراؤها بعد شرائها قبل وطئها لو جهل حالها ؛ لئلّا تختلط الأنساب.

وهذا الاستبراء بمنزلة العدّة في الحُرّة.

ولو أخبره البائع الثقة باستبرائها ، صدّقه ، ولم يجب عليه الاستبراء ؛ تنزيلاً لإخبار المسلم على الصدق.

ولو كانت الجارية لامرأةٍ فاشتراها منها ، لم يجب عليه الاستبراء ؛ إذ لا يتحقّق اختلاط النسب هنا.

ولو اشترى أمةً حاملاً ، لم يجز له وطؤها قُبُلاً قبل مضيّ أربعة أشهر وعشرة أيّام ، إلّا أن تضع ، فإن وطئها ، عزل عنها استحباباً. وإن(١) لم يعزل ، كره له بيع ولدها. ويستحبّ له أن يعزل له من ميراثه قسطاً.

تنبيه : أطلق علماؤنا كراهة وطئ الأمة الحامل بعد مضيّ أربعة أشهر وعشرة أيّام. وعندي في ذلك إشكال.

____________________

(١) في « ق ، ك» : فإن.

٣٢٩

والتحقيق فيه أن نقول : هذا الحمل إن كان من زنا ، لم تكن له حرمة ، وجاز وطؤها قبل أربعة أشهر وعشرة أيّام وبعدها. وإن كان عن وطىءٍ مباح أو جُهل الحال فيه ، فالأقوى : المنع من الوطئ حتى تضع.

مسألة ١٤٧ : يكره وطؤ المولودة من الزنا بالملك والعقد معاً ؛ لأنّه قد ورد كراهة الحجّ والتزويج من ثمنها فالنكاح لها أبلغ في الكراهة.

روى أبو بصير عن الصادقعليه‌السلام ، قال : قلت له : تكون لي المملوكة من الزنا أحجّ من ثمنها وأتزوّج؟ فقال : « لا تحجّ ولا تتزوّج منه »(١) .

وعن أبي خديجة عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سمعته يقول : « لا يطيب ولد الزنا أبداً ، ولا يطيب ثمنه ، والممزيز(٢) لا يطيب إلى سبعة آباء » فقيل : وأيّ شي‌ء الممزيز(٣) ؟ قال : « الرجل يكسب مالاً من غير حلّه فيتزوّج أو يتسرّى فيولد له فذلك الولد هو الممزيز(٤) »(٥) .

إذا ثبت هذا ، فإن خالف ووطئ ، فلا يطلب الولد منها.

مسألة ١٤٨ : يكره للرجل إذا اشترى مملوكاً أن يُريه ثمنه في الميزان. ويستحبّ له تغيير اسمه ، وأن يُطعمه شيئاً من الحلاوة ، وأن يتصدّق عنه بأربعة دراهم ؛ لما رواه زرارة قال : كنت عند الصادقعليه‌السلام ، فدخل عليه رجل ومعه ابنٌ له ، فقال له الصادقعليه‌السلام : « ما تجارة ابنك؟ » فقال : التنخّس ، فقال له الصادقعليه‌السلام : « لا تشتر سبياً ولا غبيّاً(٦) ، فإذا اشتريت رأساً فلا ترين ثمنه في كفّة الميزان ، فما من رأس يرى ثمنه في كفّة الميزان‌

____________________

(١) الكافي ٥ : ٢٢٦ / ٨ ، التهذيب ٧ : ٧٨ / ٣٣٢ ، الاستبصار ٣ : ١٠٥ / ٣٦٨.

(٢ - ٤ ) في الطبعة الحجريّة : الممزير. وفي الكافي : الممراز.

(٥) الكافي ٥ : ٢٢٥ / ٦ ، التهذيب ٧ : ٧٨ / ٣٣٣.

(٦) في الكافي : « ولا عيباً ».

٣٣٠

فأفلح ، وإذا اشتريت رأساً فغيِّر اسمه وأطعمه شيئاً حلواً إذا ملكته ، وتصدّق عنه بأربعة دراهم»(١) .

وقال الصادقعليه‌السلام : « مَنْ نظر إلى ثمنه وهو يُوزن لم يفلح »(٢) .

مسألة ١٤٩ : قد بيّنّا أنّه يجب الاستبراء في شراء الإماء‌ ، وستأتي تتمّته في باب العِدَد إن شاء الله تعالى.

إذا ثبت هذا ، فإذا باع الجارية وسلّم المشتري إلى الثمن ، وجب عليه تسليم الجارية في مدّة الاستبراء إلى المشتري ، سواء كانت جميلةً أو قبيحةً ، وبه قال الشافعي وأبو حنيفة(٣) .

وقال مالك : إن كانت جميلةً ، لا يسلّمها ، وإنّما يضعها على يدي عَدْلٍ حتى تستبرأ. وإن كانت قبيحةً اُجبر على تسليمها ؛ لأنّ الجميلة يلحقه فيها التهمة فمُنع منها(٤) .

وليس بجيّد ؛ لأنّ الظاهر العدالة والسلامة ، فلا يسقط حقّه من القبض بالتهمة.

ويبطل أيضاً بأنّه مبيع لا خيار فيه ، فإذا نقد الثمن ، وجب تسليمه ، كسائر المبتاعات(٥) .

إذا تقرّر هذا ، فإن اتّفقا على وضعها على يد عَدْلٍ ، فإن قبضها‌

____________________

(١) الكافي ٥ : ٢١٢ / ١٤ ، التهذيب ٧ : ٧٠ - ٧١ / ٣٠٢.

(٢) الكافي ٥ : ٢١٢ / ١٥ ، التهذيب ٧ : ٧١ / ٣٠٣.

(٣) الاُمّ ٣ : ٨٧ ، الحاوي الكبير ٥ : ٢٧٦ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٤٧٩ ، المغني ٤ : ٢٩٣ ، الشرح الكبير ٤ : ١٢٣ - ١٢٤.

(٤) الحاوي الكبير ٥ : ٢٧٦ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٤٧٩ ، حلية العلماء ٧ : ٣٦٤ ، المغني ٤ : ٢٩٣ ، الشرح الكبير ٤ : ١٢٤.

(٥) في « ق ، ك» : البياعات.

٣٣١

المشتري وسلّمها إلى العَدْل ، فهي من ضمانه. وإن سلّمها البائع ، كانت من ضمانه ؛ لأنّ التسليم لم يحصل للمشتري ولا لوكيله ، وليس العدل نائباً عنه في القبض.

فإن اشتراها بشرط أن يضعها البائع على يد عَدْلٍ ، كان الشرط والبيع صحيحين ؛ عملاً بقولهعليه‌السلام : « المؤمنون عند شروطهم »(١) .

ولأنّه شرط سائغ مرغوب فيه ، فوجب أن يكون مباحاً.

وقال الشافعي : يفسد الشرط والعقد معاً ؛ لأنّ العقد على المعيّن لا يجوز فيه شرط التأخير(٢) . وهو ممنوع.

تذنيب : ليس للمشتري بعد شرائه الجاريةَ شراءً مطلقاً أن يطلب من البائع كفيلاً بالثمن أو ببدن البائع لو خرجت حاملاً ؛ لأنّه لم يشترط الكفيل في العقد ، فلا تلزمه إقامته بعده ، كما لو باع بثمنٍ مؤجّل ثمّ طلب منه كفيلاً أو رهناً فامتنع البائع ؛ إذ لو سلّم إليه الثمن ثمّ طلب منه كفيلاً على عهدة الثمن ، لم يكن له ذلك.

مسألة ١٥٠ : لا يجوز التفرقة بين الاُمّ وولدها في البيع‌ - وبه قال الشافعي وأبو حنيفة(٣) - لما رواه العامّة عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : « لا توله والدة بولدها »(٤) .

____________________

(١) التهذيب ٧ : ٣٧١ / ١٥٠٣ ، الاستبصار ٣ : ٢٣٢ / ٨٣٥ ، الجامع لأحكام القرآن ٦ : ٣٣.

(٢) اُنظر : الاُمّ ٣ : ٨٧.

(٣) الوجيز ١ : ١٣٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٣٢ - ١٣٣ ، الوسيط ٣ : ٦٩ ، حلية العلماء ٤ : ١٢٢ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٥ ، المجموع ٩ : ٣٦٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٨٢ ، تحفة الفقهاء ٢ : ١١٥ ، بدائع الصنائع ٥ : ٢٢٨ ، المغني ١٠ : ٤٥٩ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٠٨.

(٤) أورد نصّه الرافعي في العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٣٢ ، وفي سنن البيهقي ٨ : ٥ ، =

٣٣٢

وعن أبي أيّوب عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « مَنْ فرّق بين والدة وولدها فرّق الله بينه وبين أحبّته يوم القيامة »(١) .

ومن طريق الخاصّة : ما رواه سماعة قال : سألته عن أخوين مملوكين هل يفرّق بينهما ، وعن المرأة وولدها؟ فقال : « لا ، هو حرام إلّا أن يريدوا ذلك »(٢) .

وفي الحسن عن هشام بن الحكم عن الصادقعليه‌السلام ، قال : اشتريت له جارية من الكوفة ، قال : فذهبت لتقوم في بعض الحاجة فقالت : يا اُمّاه ، فقال لها أبو عبد اللهعليه‌السلام : « ألكِ اُمّ؟ » قالت : نعم ، فأمر بها فرُدّت ، فقال : « ما آمنت لو حبستها أن أرى في ولدي ما أكره »(٣) .

وفي الحسن عن معاوية بن عمّار قال : سمعت الصادقَعليه‌السلام يقول : « اُتي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بسبي من اليمن ، فلمـّا بلغوا الجحفة نفدت نفقاتهم فباعوا جاريةً من السبي كانت اُمّها معهم ، فلمـّا قدموا على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله سمع بكاءها ، فقال : ما هذه؟ قالوا : يا رسول الله احتجنا إلى نفقة فبِعْنا ابنتها ، فبعث بثمنها فاُتي بها وقال : بيعوهما جميعاً أو أمسكوهما جميعاً »(٤) .

وفي الصحيح عن ابن سنان ، قال الصادقعليه‌السلام في الرجل يشتري‌

____________________

= وغريب الحديث - للهروي - ٣ : ٦٥ والكامل - لابن عدي - ٦ : ٢٤١٢ : « لا توله والدة عن ولدها ».

(١) سنن الترمذي ٣ : ٥٨٠ / ١٢٨٣ ، و ٤ : ١٣٤ / ١٥٦٦ ، سنن الدار قطني ٣ : ٦٧ / ٢٥٦ ، سنن البيهقي ٩ : ١٢٦ ، سنن الدارمي ٢ : ٢٢٧ - ٢٢٨ ، المستدرك - للحاكم - ٢ : ٥٥ ، المعجم الكبير - للطبراني - ٤ : ١٨٢ / ٤٠٨٠ ، مسند أحمد ٦ : ٥٧٥ / ٢٣٠٠٢.

(٢) الكافي ٥ : ٢١٨ - ٢١٩ / ٢ ، الفقيه ٣ : ١٣٧ / ٦٠٠ ، التهذيب ٧ : ٧٣ / ٣١٢.

(٣) الكافي ٥ : ٢١٩ / ٣ ، التهذيب ٧ : ٧٣ / ٣١٣.

(٤) الكافي ٥ : ٢١٨ / ١ ، الفقيه ٣ : ١٣٧ / ٥٩٩ ، التهذيب ٧ : ٧٣ / ٣١٤.

٣٣٣

الغلام أو(١) الجارية وله الأخ أو الاُخت أو اُمّ بمصر من الأمصار ، قال : « لا يخرجه من مصر إلى مصر آخر إن كان صغيراً ولا تشتره ، وإن كانت له اُمّ فطابت نفسها ونفسه فاشتره إن شئت»(٢) .

ولاشتماله على ضرر كلَّ من الاُمّ والولد ، فيكون منفيّاً بقوله تعالى :( ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) (٣) وبقولهعليه‌السلام : « لا ضرر ولا إضرار »(٤) .

فروع :

أ - إنّما يتحقّق المنع مع حاجة الولد إلى الاُمّ ، فلو استغنى عنها ، زال المنع ؛ لأصالة الإباحة السالم عن معارضة الضرر الحاصل بالتفريق.

ب - لو فرّق بينهما بالبيع ، لم يصحّ عندنا‌ - وبه قال الشافعي(٥) - لما تقدّم من الأحاديث الدالّة على الردّ.

وقال أبو حنيفة : يصحّ ؛ لأنّ المنع لا يعود إلى المبيع وإنّما يعود إلى الضرر اللاحق بهما ، فلا يمنع صحّة البيع ، كالبيع وقت النداء(٦) .

____________________

(١) في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : « و» بدل « أو ». وما أثبتناه من المصادر.

(٢) الكافي ٥ : ٢١٩ / ٥ ، الفقيه ٣ : ١٤٠ / ٦١٦ ، التهذيب ٧ : ٦٧ - ٦٨ / ٢٩٠.

(٣) الحج : ٧٨.

(٤) سنن الدار قطني ٤ : ٢٢٨ / ٨٥ ، مسند أحمد ١ : ٥١٥ / ٢٨٦٢.

(٥) الوجيز ١ : ١٣٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٣٣ ، الوسيط ٣ : ٦٩ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٥ ، المجموع ٩ : ٣٦٠ ، حلية العلماء ٤ : ١٢٣ ، الحاوي الكبير ١٤ : ٢٤٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٨٣ ، تحفة الفقهاء ٢ : ١١٥ ، بدائع الصنائع ٥ : ٢٣٢ ، المغني ١٠ : ٤٦١ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤١٠.

(٦) مختصر اختلاف العلماء ٣ : ١٦٢ / ١٢٤٢ ، تحفة الفقهاء ٢ : ١١٥ ، بدائع الصنائع =

٣٣٤

وهو خطأ ؛ لأنّ النهي عنه لمعنى في البيع ، وهو حصول الضرر بالتفرقة. ولأنّ التسليم تفريق محرَّم ، فيكون كالمتعذّر ؛ إذ لا فرق بين العجز الحسّي والشرعي.

ج - لو رضي كلُّ من الولد والاُمّ بالتفريق ، صحّ التفريق ؛ لعدم المقتضي للمنع. ولحديث ابن سنان عن الصادقعليه‌السلام ، وقد سبق(١) .

د - الضابط في غاية التحريم الاستغناء ، فمتى حصل استغناء الطفل عن الاُمّ ، جاز التفريق ، وإلّا فلا.

ويحصل الاستغناء ببلوغ سبع سنين.

وقيل : بالاستغناء عن الرضاع(٢) .

والمشهور : الأوّل ؛ لأنّه سنّ التمييز ، فيستغنى عن التعهّد والحضانة ، وهو أحد قولي الشافعي(٣) .

ويقرب منه قول مالك حيث جعل التحريم ممتدّاً إلى وقت سقوط الأسنان(٤) .

____________________

= ٥ : ٢٣٢ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ٤١ - ٤٢ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٥٤ ، المغني ٤ : ٣٣٣ ، و ١٠ : ٤٦١ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤١٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٣٣ ، الحاوي الكبير ١٤ : ٢٤٥ ، حلية العلماء ٤ : ١٢٣ ، المعونة ٢ : ١٠٧١.

(١) في ص ٣٣٣.

(٢) كما في شرائع الإسلام ٢ : ٥٩.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٣٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٨٣ ، المجموع ٩ : ٣٦١ ، المغني ١٠ : ٤٦٠ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٠٩ ، مختصر اختلاف العلماء ٣ : ١٦٣ ، بداية المجتهد ٢ : ١٦٨ ، تحفة الفقهاء ٢ : ١١٥.

(٤) بداية المجتهد ٢ : ١٦٨ ، المعونة ٢ : ١٠٧١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٣٣ ، المغني ١٠ : ٤٦٠ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٠٩.

٣٣٥

وقال في الآخر : حدّه البلوغ(١) . وبه قال أبو حنيفة(٢) ؛ لما رواه عبادة بن الصامت أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « لا يفرّق بين الاُمّ وولدها » قيل : إلى متى؟ قال : « حتى يبلغ الغلام وتحيض الجارية »(٣) .

ه- قال بعض(٤) علمائنا بكراهة التفريق لا بتحريمه ، والمشهور : التحريم.

وهذا الخلاف إنّما هو إذا كان التفريق بعد سقي الاُمّ ولدها اللّبأ ، فأمّا قبله فلا يجوز قطعاً ؛ لأنّه يسبّب إلى إهلاك الولد.

و - يكره التفريق بعد البلوغ‌ - وبه قال الشافعي(٥) - لما فيه من التوحّش بانفراد كلٍّ منهما عن صاحبه.

والتقييد بالصغر في حديث(٦) ابن سنان ؛ للتحريم لا الكراهة.

ولو فرّق مع البلوغ بالبيع أو الهبة ، صحّا - وبه قال الشافعي(٧) - لوجود المقتضي السالم عن معارضة النهي ؛ لاختصاصه بالصغر.

وقال أحمد : يبطل البيع والهبة(٨) . وليس بمعتمد.

____________________

(١) الوسيط ٣ : ٦٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٣٣ ، المجموع ٩ : ٣٦١ ، روضة الطالبين ٣ : ٨٣ ، المغني ١٠ : ٤٦٠ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٠٩.

(٢) مختصر اختلاف العلماء ٣ : ١٦٢ ، تحفة الفقهاء ٢ : ١١٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٣٣ ، المغني ١٠ : ٤٦٠ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٠٩.

(٣) سنن الدار قطني ٣ : ٦٨ / ٢٥٨ ، سنن البيهقي ٩ : ١٢٨ ، المستدرك - للحاكم - ٢ : ٥٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٣٢.

(٤) كالشيخ الطوسي في النهاية : ٥٤٦ ، والمحقّق الحلّي في المختصر النافع : ١٣٢ ، وشرائع الإسلام ٢ : ٥٩.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٣٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٨٣ ، المجموع ٩ : ٣٦١.

(٦) تقدّمت الإشارة إلى مصادره في ص ٣٣٣ ، الهامش (٢).

(٧) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٣٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٨٣.

(٨) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٣٣.

٣٣٦

ز - الأقوى كراهة التفريق بين الأخوين وبين الولد والأب أو الجدّ في البيع ، وليس محرّماً - وبه قال الشافعي(١) - عملاً بالأصل. ولأنّ القرابة بينهما لا تمنع القصاص فلا تمنع التفرقة في البيع ، كابن(٢) العمّ عندهم(٣) .

وفي قولٍ آخر له : إنّ التفريق بين الولد والجدّة والأب وسائر المحارم كالاُمّ في تحريم التفريق(٤) .

وقال أبو حنيفة : يحرم التفريق بين الأخوين ؛ لأنّه رحم ذو محرم من النسب ، فأشبه الولد(٥) .

والجواب : الفرق بجواز القصاص هنا دون الأوّل عندهم.

ح - يجوز التفريق بين البهيمة وولدها بعد استغنائه عن اللبن وقبله‌ إن كان ممّا يقع عليه الذكاة(٦) أو كان له ما يُموّنه من غير لبن اُمّه.

ومَنَع بعض الشافعيّة من التفريق قبل الاستغناء ؛ قياساً على الآدمي(٧) . والحرمة فارقة بينهما.

ط - كما لا يجوز التفريق بالبيع كذا لا يجوز بالقسمة والهبة وغيرها‌

____________________

(١) حلية العلماء ٤ : ١٢٤ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤٢١ ، روضة الطالبين ٧ : ٤٥٦ ، المجموع ٩ : ٣٦١.

(٢) في بدائع الصنائع والمغني : كابني.

(٣) المغني ٤ : ٣٣٣ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ٤١ ، بدائع الصنائع ٥ : ٢٢٩.

(٤) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤٢١ ، روضة الطالبين ٧ : ٤٥٦ ، المجموع ٩ : ٣٦١ و ٣٦٢.

(٥) تحفة الفقهاء ٢ : ١١٥ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ٤١ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٥٤ ، حلية العلماء ٤ : ١٢٤.

(٦) في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : الزكاة. والصحيح ما أثبتناه.

(٧) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٣٣ ، المجموع ٩ : ٣٦٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٨٤.

٣٣٧

من العقود الناقلة للعين ، بخلاف نقل المنافع ، فله أن يؤجر الاُمّ من شخصٍ وولدها من آخر ، إلّا أن يستوعب المدّة الممنوع من التفرقة فيها ؛ فإنّ الأقوى المنع من التفريق حسّاً بحيث لا يجتمعان إلّا نادراً.

ي - لا يحرم التفريق بالعتق ، فلو أعتق الاُمّ دون ولدها أو بالعكس ، فلا بأس. ولا في الوصيّة ، فلعلّ الموت يكون بعد انقضاء زمان التحريم.

فإن اتّفق قبله ، فإشكال.

يأ - لو لم تحصل التفرقة الحسّيّة ، فالأقوى جواز البيع ، كمن يبيع الولد ويشترط استخدامه مدّة المنع. وكذا لو باعه على مَنْ لا يفارق البائع والاُمّ بل يلازمهما.

يب - في الردّ بالعيب إشكال ، أقربه : المنع ؛ لحصول التفريق فيه ، فلو اشترى الجارية والولد ثمّ تفاسخا البيع في أحدهما أو ردّه بعيبٍ فيه ، مُنع ؛ لما فيه من التفريق.

وقال بعض الشافعيّة : يجوز(١) .

أمّا الرهن : ففي التفريق بينهما به إشكال ، أقربه : الجواز ، لكن ليس للمرتهن البيع ولا للراهن إلّا مع الآخر.

يج - لا بأس بالتفريق بالسفر ؛ لعدم المقتضي للمنع ، وأصالة الإباحة.

يد - لو كانت الاُمّ رقيقةً والولد حُرّاً وبالعكس ، لم يمنع من بيع الرقيق ؛ لثبوت التفريق قبل البيع ، فلا يُحدث البيع تفريقاً ؛ لاستحالة تحصيل الحاصل.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٣٣ ، المجموع ٩ : ٣٦٠.

٣٣٨

مسألة ١٥١ : يجوز لمن يشتري الأمة أن ينظر إلى وجهها ومحاسنها‌ وأن يمسّها بيده ويقلبها - إلّا العورة ، فلا يجوز له النظر إليها - للحاجة الداعية إلى ذلك ، فوجب أن يكون مشروعاً لينتفي الغرر.

ولما رواه أبو بصير عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن الرجل يعترض الأمة ليشتريها ، قال : « لا بأس بأن ينظر إلى محاسنها ويمسّها ما لم ينظر إلى ما لا ينبغي له النظر إليه »(١) .

ولا يجوز ذلك لمن لا يريد الشراء إلّا في الوجه ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « لا اُحبّ للرجل أن يقلب جاريةً إلّا جاريةً يريد شراءها »(٢) .

وسأله حبيب بن معلى الخثعمي : إنّي اعترضت جواري بالمدينة فأمذيت ، قال : « أمّا لمن يريد أن يشتري فليس به بأس ، وأمّا لمن لا يريد أن يشتري فإنّي أكرهه »(٣) .

مسألة ١٥٢ : لو اشترى جاريةً فوطئها ثمّ ظهر استحقاقها لغير البائع مع جهل المشتري‌ ، فإن كانت بكراً ، غرم عُشْر قيمتها لصاحبها ، ودفعها إليه.

وإن كانت ثيّباً ، كان عليه نصف العُشْر ؛ لقول الصادقعليه‌السلام في رجل تزوّج امرأةً حُرّة فوجدها أمة دلّست نفسها ، إلى أن قال : « ولمواليها عليه عُشْر قيمة ثمنها إن كانت بكراً ، وإن كانت ثيّباً فنصف عُشْر قيمتها بما استحلّ من فرجها »(٤) .

ولأنّه تصرّف في مال الغير بغير إذنه ، وانتفع بما لَه عوضٌ ، فوجب‌

____________________

(١) التهذيب ٧ : ٧٥ / ٣٢١.

(٢) التهذيب ٧ : ٢٣٦ / ١٠٣٠.

(٣) التهذيب ٧ : ٢٣٦ / ١٠٢٩.

(٤) الكافي ٥ : ٤٠٤ / ١ ، التهذيب ٧ : ٣٤٩ / ١٤٢٦ ، الاستبصار ٣ : ٢١٦ - ٢١٧ / ٧٨٧.

٣٣٩

الرجوع عليه به.

وقال الشافعي : يجب مهر المثل(١) .

وهو ممنوع ؛ إذ لا عقد نكاح هنا.

فإن أولدها المشتري الجاهل بالغصبيّة ، فالولد لا حق به ؛ لموضع الشبهة ، وهو حُرٌّ ؛ لأنّه اعتقد أنّه ملكها بالشراء ، وعليه قيمته لمولاه يوم سقط حيّاً - وبه قال الشافعي(٢) - لأنّه أتلف على مولاها رقّه باعتقاده أنّها ملكه.

ولا يُقوّم حملاً لعدم إمكان تقويم الحمل ، فيُقوَّم في أوّل حالة انفصاله ؛ لأنّها أوّل حالة إمكان تقويمه. ولأنّ ذلك هو وقت الحيلولة بينه وبين سيّده.

ولقول الصادقعليه‌السلام : « وعلى مولاها أن يدفع ولدها إلى أبيه بقيمته يوم يصير إليه » قلت : فإن لم يكن لأبيه ما يأخذ ابنه به؟ قال : « يسعى أبوه في ثمنه حتى يؤدّيه ويأخذ ولده » قلت : فإن أبى الأب السعي في ثمن ابنه؟

قال : « فعلى الإمام أن يفديه ، ولا يُملك ولدٌ حُرّ »(٣) .

وقال أبو حنيفة : يُقوَّم يوم المطالبة ؛ لأنّ ولد المغصوبة لا يضمنه إلّا بالبيع(٤) .

وقد بيّنّا أنّه يحدث مضموناً ، فيُقوَّم حال إتلافه.

____________________

(١) الوجيز ١ : ٢١٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٧٠ - ٤٧٢ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣١٥ ، روضة الطالبين ٤ : ١٤٦.

(٢) مختصر المزني : ١١٧ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٥٣ ، الوجيز ١ : ٢١٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٧٣ ، روضة الطالبين ٤ : ١٤٩.

(٣) التهذيب ٧ : ٣٥٠ / ١٤٢٩ ، الاستبصار ٣ : ٢١٧ - ٢١٨ / ٧٩٠.

(٤) الحاوي الكبير ٧ : ١٥٣.

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458