تذكرة الفقهاء الجزء ١٠

تذكرة الفقهاء13%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-197-4
الصفحات: 458

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 458 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 197575 / تحميل: 5964
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ١٠

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-١٩٧-٤
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

الصالحين، على جانب عظيم من الورع والتقوى، والاجتهاد في العبادة ورفض السّوى، له مصنّفات عديدة، وذكروا عنه أخباراً حميدة فما كان هذا الرجل إلّا من حسنات الدهر، وخاتمة أهل الورع، ومفاخر الهند، وشهرته تغني عن ترجمته، وتعظيمه في القلوب يغني عن مدحه ».

(١٣٧)

ذكر محمد طاهر الفتني

حديث الغدير في ( مجمع البحار ) نقلاً عن النهاية حيث قال:

« إسم المولى يقع على: الربّ، والمالك، والسيّد، والمنعم، والناصر، والمحب، والتابع، والجار، وابن العم، والحليف، والعقيد، والصهر، والعبد، والمعتق، والمنعم عليه، وأكثرها جاء في الحديث، وكل من ولّي أمرا أو قام به فهو مولاه ووليّه، وقد يختلف مصادرها، فالولاية بالفتح في النسب والنصرة والعتق، وبالكسر في الامارة، والولاء في المعتق، والموالاة من والى القوم، ومنه: من كنت مولاه فعلي مولاه ، يحمل على أكثر الأسماء المذكورة »(١) .

____________________

(١). مجمع البحار -: مادة ولي. وتوجد ترجمه الفتني في النور السافر ٣٦١ وأخبار الأخيار ٢٦٨ وسبحة المرجان في آثار هندوستان ٤٣ وأبجد العلوم ٨٩٥ وتفصيل الكلمات في حقه في قسم حديث ( أنا مدينة العلم ).

٢٠١

(١٣٨)

ذكر ميرزا مخدوم

ابن عبد الباقي حديث الغدير، وتصريحه بتواتره، مع ما هو عليه من التعصّب والعناد، وقد تقدم ذلك سابقاً.

(١٣٩)

رواية القاري

ورواه علي بن سلطان محمد الهروي القاري، فقد قال في شرح قول الخطيب التبريزي: « رواه أحمد والترمذي » ما نصّه: « وفي الجامع رواه أحمد وابن ماجة عن البراء، وأحمد عن بريدة، والترمذي والنسائي والضياء عن زيد بن أرقم. ففي إسناد المصنّف الحديث عن زيد بن أرقم إلى أحمد والترمذي مسامحة لا تخفى. و في رواية لأحمد والنسائي والحاكم عن بريدة بلفظ: من كنت وليّه فعلي وليّه. وروى المحاملي في أماليه عن ابن عباس ولفظه: علي بن أبي طالب مولى من كنت مولاه »(١) .

ترجمته

قالالمحبي: « أحد صدور العلم، فرد عصره، الباهر السمت في التحقيق

____________________

(١). المرقاة في شرح المشكاة ٥ / ٥٦٨.

٢٠٢

وتنقيح العبارات، وشهرته كافية عن الإِطراء في وصفه، إشتهر ذكره، وطار صيته، وألّف التآليف الكثيرة اللطيفة، المحتوية على الفوائد الجليلة »(١) .

وكذا ترجمه الشوكاني(٢) ، والقنوجي(٣) ، وسيأتي عبارتهما في قسم حديث ( أنا مدينة العلم وعلي بابها ).

(١٤٠)

رواية المناوي

ورواه شمس الدين محمد المدعوّ بعبد الرءوف المناوي في ( كنوز الحقائق ) حيث قال: « من كنت مولاه فعلي مولاه. حم »(٤) .

وقال في شرحه في ( فيض القدير ): « قال ابن حجر: حديث كثير الطّرق، قد استوعبها ابن عقدة في كتاب مفرد، منها صحاح ومنها حسان، وفي بعضها: قال ذلك يوم غدير خم. و زاد البزار في روايته: اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وأحب من أحبّه وأبغض من أبغضه، وانصر من نصره، واخذل من خذله. ولـمّا سمع عمر ذلك قال: أمسيت يا ابن أبي طالب مولى كلّ مؤمن ومؤمنة، خرّجه الدار قطني وأخرج أيضاً: قيل لعمر إنّك تصنع بعلي شيئاً لا تصنعه بأحد من الصحابة، قال: إنّه مولاي »(٥) .

____________________

(١). خلاصة الأثر ٣ / ١٨٥.

(٢). البدر الطالع ١ / ٤٤٥.

(٣). إتحاف النبلاء المتقين.

(٤). كنوز الحقائق في حديث خير الخلائق - هامش الجامع الصغير ٢ / ١١٨.

(٥). فيض القدير في شرح الجامع الصغير ٦ / ٢١٧ - ٢١٨.

٢٠٣

ترجمته

قالالمحبي: « الامام الكبير، الحجة الثبت القدوة، صاحب التصانيف السائرة، وأجل أهل عصره من غير ارتياب، وكان إماماً فاضلاً، زاهداً عابداً، قانتاً لله خاشعاً له، كثير النفع فهو أعظم علماء هذا التاريخ آثاراً، ومؤلفاته غالباً متداولة، كثيرة النفع وكانت ولادته في سنة ٩٥٢، وتوفي ١٠٣١ »(١) .

(١٤١)

رواية شيخ العيدروس

ورواه شيخ بن عبدالله العيدروس أيضاً. وسيأتي نصّ روايته إنْ شاء الله(٢) .

(١٤٢)

رواية الشيخاني القادري

ورواه محمود بن محمد بن علي الشيخاني القادري المدني حيث قال: « ومن تلك الأحاديث الواردة الصحيحة، قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعليرضي‌الله‌عنه : من كنت مولاه فعلي مولاه. أخرجه الترمذي والنسائي والامام أحمد وغيرهم، وكم حديث صحيح ما أخرجه الشيخان.

وعن سعيد بن وهب قال: قال عليرضي‌الله‌عنه في الرحبة: أنشد الله من

____________________

(١). خلاصة الأثر ٢ / ٤١٢ - ٤١٦.

(٢). وتوجد ترجمته في خلاصة الأثر ٢ / ٢٣٥، النور السافر ٣٧٢.

٢٠٤

سمع رسول الله يوم غدير خم يقول: ان الله ولي المؤمنين، ومن كنت وليه فهذا وليّه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره. قال سعيد: فقام إلى جنبي ستة. أخرجه النسائي في كتاب الخصائص، قال الحافظ الذهبي: هذا حديث صحيح.

و أخرج الإِمام أحمد في مسنده عن أبي الطّفيل، قال: جمع عليرضي‌الله‌عنه الناس في الرحبة وهذا الحديث مروي أيضاً عن زيد بن أرقم قال الحافظ الذهبي: هذا الحديث صحيح غريب.

وأخرج أبو عوانة عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقمرضي‌الله‌عنه قال: لما رجع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حجة الوداع ونزل غدير خم قال الحافظ الذهبي: هذا حديث صحيح.

وأخرج أبو يعلى والحسن بن سفيان في مسنديهما عن البراءرضي‌الله‌عنه قال: كنّا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حجّة الوداع قال الحافظ الذهبي: هذا حديث حسن.

اتفق على ما ذكرنا جمهور أهل السنّة، وأما ما انفرد به أهل البدع من الإِسماعيليّة ببلاد اليمن، وخالف فيه أهل الجمعة والجماعة والسنن أقول: وقد مرّ الأحاديث الصحاح والحسان، وليس فيها جميع ما ذكره المدعي، بل الصحيح مما ذكرنا: من كنت مولاه فعلي مولاه، والصحيح مما ذكرنا أيضاً: اللهم وال من والاه. والصحيح مما ذكرنا أيضاً: إن الله وليي وأنا وليّ المؤمنين ومن كنت وليه فهذا وليه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره والصحيح مما ذكرنا أيضاً قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للناس: أتعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: نعم يا رسول الله. قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.

والصحيح مما ذكرنا أيضاً قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كأني قد دعيت فأجبت، وإني قد تركت فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فانظروا كيف

٢٠٥

تخلفوني فيهما، لن يفترقا حتى يردا علي الحوض. ثم قال: إنّ الله مولاي فأنا [ وأنا ] ولي كل مؤمن، ثم أخذ بيد علي فقال: من كنت مولاه فهذا وليّه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. والصحيح مما ذكرنا أيضا قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ألست أولى بكل مؤمن من نفسه؟ قالوا: بلى. قال: فإن هذا مولى من أنا مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، فلقيه عمررضي‌الله‌عنه فقال: هنيئاً لك، أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة. انتهى ما هو الصحيح والحسان.

وليس في ذلك مخترعات المدعي ومفترياته، وقد استوعب طرق الأحاديث المذكورة وغيرها ابن عقدة في كتاب مفرد. وذكر بعضها أيضاً الشيخ نور الدين السيد الجليل علي بن جمال الدين عبدالله بن أحمد الحسني السمهودي الشافعي في كتابه المسمى أنجح المساعي، في ردّ شبه الدّاعي. فاكتفينا بردّه على المدعي البدعي »(١) .

(١٤٣)

رواية الحلبي

ورواه نور الدين الحلبي الشافعي بلفظ الطبراني ثم قال: « وهذا أقوى ما تمسكت به الشيعة والامامية والرافضة، على أنّ عليّاً كرم الله وجهه أولى بالامامة من كلّ أحد. وقالوا: هذا نص صريح على خلافته، سمعه ثلاثون صحابياً وشهدوا به. قالوا: فلعلي عليهم من الولاء ما كان لهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بدليل قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ألست أولى بكم؟

وهذا حديث صحيح ورد بأسانيد صحاح وحسان، ولا التفات لمن قدح في

____________________

(١). الصراط السوي في مناقب آل النبي - مخطوط.

٢٠٦

صحته كأبي داود، وأبي حاتم الرازي وقول بعضهم: إن زيادة اللهم وال من والاه - إلى آخره - موضوعة، مردود، فقد ورد ذلك من طرق صحّح الذهبي كثيراً منها.

و قد جاء أنّ عليّاً كرم الله وجهه قام خطيباً فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أنشد الله من شهد يوم غدير خم إلاّ قام، ولا يقوم رجل يقول نبّئت أو بلغني، إلّا رجل سمعت أذناه ووعى قلبه، فقام سبعة عشر صحابياً. وفي رواية ثلاثون صحابيا، وفي المعجم الكبير: ستة عشر، وفي رواية: اثنا عشر. فقال: هاتوا ما سمعتم، فذكروا الحديث، ومن جملته: من كنت مولاه فعلي مولاه، وفي رواية: فهذا مولاه.

وعن زيد بن أرقمرضي‌الله‌عنه : وكنت ممن كتم، فذهب الله ببصري، وكان علي كرم الله وجهه دعا على من كتم »(١) .

ترجمته

قالالمحبي: « الامام الكبير، أجلّ أعلام المشايخ، وعلّامة الزمان، كان جبلاً من جبال العلم، وبحراً لا ساحل له، واسع الحلم، علامة جليل المقدار، جامعاً لأشتات العلى، صارفاً نقد عمره في بث العلم النافع ونشره، وحظي فيه حظوة لم يحظها أحد مثله، فكان درسه مجمع الفضلاء، ومحط رحال النبلاء، وكان غاية في التحقيق، حاد الفهم، قوي الفكرة، متحرياً في الفتاوى، جامعاً بين العلم والعمل، صاحب جدٍ واجتهاد، عمّ نفعه الناس، فكانوا يأتونه لأخذ العلم عنه من البلاد »(٢) .

____________________

(١). إنسان العيون في سيرة الأمين والمأمون ٣ / ٣٣٦.

(٢). خلاصة الأثر ٣ / ١٢٢.

٢٠٧

(١٤٤)

رواية ابن باكثير المكي

ورواه الشيخ أحمد بن الفضل بن محمد باكثير المكي الشافعي « عن عامر ابن ليلى بن ضمرة وحذيفة بن أسيد رضي الله عنهما قالا: لـمّا صدر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حجة الوداع ولم يحج غيرها - أقبل حتى إذا كان بالجحفة أخرجه ابن عقدة في الموالاة. ومن طريق ابن عقدة أورده أبو موسى في الصحابة وقال: إنه غريب، والحافظ أبو الفتوح العجلي في فضائل الصحابة ».

ورواه من حديث حذيفة وزيد والبراء بن عازب، ثم قال: « وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: أخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في غدير خم بيد عليرضي‌الله‌عنه ، حتى رأينا بياض إبطه فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه. الحديث. وفيه ثم قال: يا أيها الناس إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي، ولن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض. وأخرجه ابن عقدة.

و أخرجه محمد بن جعفر الرازي عنها بلفظ: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مرضه الذي قبض فيه، وقد امتلأت الحجرة من أصحابه فقال: أيها الناس يوشك أن أقبض قبضاً سريعاً، فينطلق بي، وقد قدمت القول معذرة إليكم، ألا وإني مخلّف فيكم كتاب الله عز وجلّ وعترتي أهل بيتي. ثم أخذ بيد علي فقال: هذا علي مع القرآن والقرآن مع علي، لا يفترقان حتى يردا عليّ الحوض، فأسألهما ما خلّفت فيهما. أخرجه الدارقطني.

وأخرج أيضاً عن سالم بن أبي جعد، قال: قيل لعمر بن الخطابرضي‌الله‌عنه : إنك تصنع بعلي شيئاً لا تصنع بأحد من أصحاب النبي صلّى الله عليه

٢٠٨

وسلّم! فقال: إنه مولاي.

وعن سعد بن أبي وقاصرضي‌الله‌عنه : إن أبابكر وعمر رضي الله عنهما قالا: أمسيت يا ابن أبي طالب مولى كلّ مؤمن ومؤمنة.

وأخرج الدارقطني في الفضائل عن معقل بن يساررضي‌الله‌عنه قال: سمعت أبا بكررضي‌الله‌عنه يقول: علي بن أبي طالب عترة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أي: الذين حث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على التمسك بهم، والأخذ بهديهم، فإنهم نجوم الهدى من اقتدى بهم اهتدى. وخصه أبوبكر بذلكرضي‌الله‌عنه لأنه الامام في هذا الشأن، وباب مدينة العلم والعرفان، فهو إمام الأئمّة وعالم الأمة، وكأنه أخذ ذلك من تخصيصهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم له من بينهم يوم غدير خم بما سبق.

وهذا حديث صحيح، لا مرية فيه، ولا شك ينافيه، وروى عن الجم الغفير من الصحابة وشاع واشتهر، وناهيك بمجمع حجة الوداع. قال شيخ الإسلام الحافظ شهاب الدين أحمد بن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى : حديث من كنت مولاه فعلي مولاه. أخرج الترمذي والنسائي، وهو كثير الطّرق جداً، وقد استوعبها ابن عقدة في كتاب مفرد، وكثير من أسانيدها صحاح وحسان، ويدل على ذلك ما روى أبو الطفيلرضي‌الله‌عنه ان علياًرضي‌الله‌عنه وكرّم وجهه جمع الناس - وهو خليفة - في الرحبة »(١) .

ترجمته

وقد ترجم لهالمحبي ووصفه بقوله: « من أدباء الحجاز وفضلائها المتمكّنين، كان فاضلاً أديباً، له مقدار علي وفضل جلي »(٢) .

____________________

(١). وسيلة المآل في عدّ مناقب الآل - مخطوط.

(٢). خلاصة الأثر ١ / ٢٧١.

٢٠٩

(١٤٥)

رواية عبد الحق الدهلوي

ورواه عبد الحق بن سيف الدين الدهلوي البخاري في شرح المشكاة حيث قال: « وهذا حديث صحيح لا مرية فيه، وقد أخرجه جماعة كالترمذي والنسائي وأحمد، وطرقه كثيرة جدّاً، رواه ستة عشر صحابياً، وفي رواية لأحمد أنه سمعه من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثلاثون صحابياً، وشهدوا به لعليرضي‌الله‌عنه لـمّا نوزع أيام خلافته، وكثير من أسانيده صحاح وحسان، ولا التفات لمن قدح في صحته، ولا إلى قول بعضهم أن زيادة اللهم وال من والاه إلى آخره موضوع، فقد ورد ذلك من طرق صحّح الذهبي كثيراً منها. كذا قال الشيخ ابن حجر في الصواعق المحرقة »(١) .

(١٤٦)

ذكر محمد بن محمد المصري

حديث الغدير في كتاب ( الدرر العوال )، فقد قال في ذكر سيّدنا أمير

____________________

(١). اللمعات في شرح المشكاة، وقد رواه في مدارج النبوة ٢ / ٤٠١ وغيره أيضاً، وقد ترجم لعبد الحق الدهلوي الهندي علامة الهند في سبحة المرجان: ٥٢، ونص عبارته في قسم حديث ( أنا مدينة العلم ).

٢١٠

المؤمنينعليه‌السلام : « وورد في فضله أحاديث كثيرة منها: قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه »(١) .

(١٤٧)

رواية محمد محبوب

ورواه محمد محبوب عالم بن صفي الدين جعفر بدر عالم، وسيأتي نص روايته إن شاء الله.

(١٤٨)

إثبات المقبلي

وقد أثبت ضياء الدين صالح بن مهدي المقبلي حديث الغدير في ( الأبحاث المسددة ) وقد تقدم نص عبارته سابقاً.

وأورده المقبلي في كتابه في الأحاديث المتواترة أيضاً، حيث جاء فيه: « من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار، من كنت مولاه فعلي مولاه. من لم يجد نعلين فليلبس خفّين. ومن لم يجد إزاراً فليلبس سراويل ».

ترجمته

وتوجد ترجمة المقبلي في البدر الطالع ١ / ٢٨٨، والتاج المكلل ٣٨٦.

قالالشوكاني: « هو ممن برع في جميع العلوم الكتاب والسنّة، وحقّق الأصولين والعربية، والمعاني والبيان، والحديث والتفسير، وفاق في جميع ذلك، وله

____________________

(١). الدرر العوال بحل ألفاظ بدء المآل.

٢١١

مؤلّفات مقبولة كلها عند العلماء، محبوبة إليهم، يتنافسون فيها، ويحتجون بترجيحاته، وهو حقيق بذلك ».

(١٤٩)

ذكر البرزنجي

حديث الغدير مع التصريح بصحّته وكثرة طرقه، فقد قال: « إعلم أنّ الشيعة يدّعون أنّ هذا الحديث نصّ جليّ في إمامة عليّرضي‌الله‌عنه ، وهو أقوى شبههم. والقدر الذي ذكرناه وهو: من كنت مولاه فعلي مولاه - من دون تلك الزيادة من الحديث - صحيح، وروي من طرق كثيرة »(١) .

(١٥٠)

رواية السهارنبوري

ورواه حسام الدين بن محمد بايزيد السهارنبوري، عن أحمد عن البراء بن عازب، كما تقدم مراراً(٢) .

____________________

(١). نواقض الروافض - مخطوط، وترجم للبرزنجي في سلك الدرر ٤ / ٦٥، ونصها في قسم حديث ( أنا مدينة العلم).

(٢). مرافض الروافض - مخطوط.

٢١٢

(١٥١)

رواية البدخشاني

ورواه محمد بن معتمد خان البدخشاني عن الحكيم في نوادر الأصول، والطبراني بسند صحيح في الكبير عن أبي الطفيل عن حذيفة بن أسيد رضي الله عنهما

ورواه عن أحمد عن البراء بن عازب، وزيد بن أرقم، رضي الله عنهما، ثم قال: « وأخرج هو عن علي وأبي أيوب الأنصاري وعمرو ذي مر، وأبو يعلى عن أبي هريرة، وابن أبي شيبة عنه وعن اثني عشر من الصحابة، والبزار عن ابن عباس وعمارة وبريدة، والطبراني عن ابن عمر ومالك بن الحويرث وأبي أيوب وجرير وسعد بن أبي وقاص وأبي سعيد الخدري وأنس، والحاكم عن علي وطلحة، وأبو نعيم في فضائل الصحابة عن سعد. و الخطيب عن أنس رضي الله عنهم:

إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال بغدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.

و في رواية أخرى للطبراني عن عمرو ذي مر وزيد بن أرقم وحبشي بن جنادة رضي الله عنهم مرفوعاً بلفظ: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره وأعن من أعانه.

و عند ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، واخذل من خذله وانصر من نصره، وأحب من أحبّه وأبغض من أبغضه.

و في رواية أخرى لأبي نعيم في فضائل الصحابة عن زيد بن أرقم والبراء

٢١٣

ابن عازب معاً مرفوعاً: ألا إنّ الله وليي وأنا ولي كل مؤمن، من كنت مولاه فعلي مولاه.

و لأحمد في رواية أخرى، ولا بن حبان والحاكم والحافظ أبي بشر اسماعيل بن عبدالله العبدي الاصبهاني المشهور بسمّويه عن ابن عباس عن بريدة رضي الله عنهما بلفظ: يا بريدة ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ من كنت مولاه فعلي مولاه.

و للطبراني في رواية أخرى عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم رضي الله عنهما بلفظ: من كنت أولى به من نفسه فعليّ وليّه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.

وعند الترمذي والحاكم عن زيد بن أرقمرضي‌الله‌عنه : من كنت مولاه فعلي مولاه.

أقول: هذا حديث صحيح مشهور، نصّ الحافظ أبو عبدالله محمد بن أحمد ابن عثمان الذهبي التركماني الفارقي ثم الدمشقي على كثير من طرقه بالصحة، وهو كثير الطرق جدّاً، وقد استوعبها الحافظ أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي المعروف بابن عقدة في كتاب مفرد »(١) .

وقد روى البدخشاني حديث الغدير في ( نزل الأبرار بما صح من مناقب أهل البيت الأطهار ) كذلك، ثم قال: « وهذا حديث صحيح مشهور، ولم يتكلّم في صحته إلّا متعصب جاحد، لا اعتبار بقوله، فإنّ الحديث كثير الطرق جدّاً، وقد استوعبها ابن عقدة في كتاب مفرد، وقد نصّ الذهبي على كثير من طرقه بالصحة، ورواه من الصحابة عدد كثير »(٢) .

ترجمته

والبدخشاني من مشاهير علماء الهند من أهل السنة، كما ذكرنا في قسم

____________________

(١). مفتاح النجا في مناقب آل العبا - مخطوط.

(٢). نزل الأبرار بما صح في مناقب أهل البيت الأطهار: ٢١.

٢١٤

( حديث التشبيه ) من كتابنا.

(١٥٢)

رواية صدر عالم

ورواه محمد صدر عالم عن عدةٍ من الحفّاظ، عن عدد كثير من الصحابة، قائلاً في بداية ذلك: « ثم اعلم أن حديث الموالاة متواتر عند السيوطيرحمه‌الله ، كما ذكره في قطف الأزهار، فأردت أن أسوق طرقه ليتّضح التواتر، فأقول »(١) .

(١٥٣)

رواية ولي الله الدهلوي

ورواه ولي الله أحمد بن عبد الرحيم والد ( الدهلوي ) حيث قال: « عن البراء بن عازب وزيد بن أرقم: إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لـمّا نزل بغدير خم أخذ بيد علي، فقال: ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى. قال: ألستم تعلمون أني أولى بكل مؤمن من نفسه؟ قالوا: بلى. فقال: اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، فلقيه عمر بعد ذلك فقال له: هنيئاً يا ابن أبي طالب، أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة. أخرجه أحمد »(٢) .

____________________

(١). معارج العلى في مناقب المرتضى - مخطوط.

(٢). قرة العينين: ١٦٨.

٢١٥

وقال أيضاً: « وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه. أخرجه جماعة »(١) .

(١٥٤)

رواية محمد الأمير

ورواه محمد بن إسماعيل بن صلاح الأمير اليماني الصنعاني في ( الروضة الندية - شرح التحفة العلوية ) حيث قال بشرح:

و بخمّ قام فيهم خاطباً

تحت أشجار بها كان يفيّا

قائلاً من كنت مولاه فقد

صار مولاه كما كنت علياً

« والبيتان إشارة إلى الفضيلة، التي هي من أعظم الفضائل، والتكرمة من الله ورسوله لوصيّه التي نقص عنها الافاضل. وحديث الغدير متواتر عند أكثر أئمة الحديث، قال الحافظ الذهبي في تذكرة الحفاظ في ترجمة الطبري: من كنت مولاه ألّف محمد بن جرير فيه كتاباً، قال الذهبي: وقفت عليه فاندهشت لكثرة طرقه انتهى. وقال الذهبي في ترجمة الحاكم أبي عبدالله بن البيع: وأمّا حديث من كنت مولاه فله طرق جيّدة أفردتها بمصنّف.

قلت: عدّه الشيخ المجتهد نزيل حرم الله ضياء الدين صالح بن مهدي المقبلي في الأحاديث المتواترة التي جمعها في أبحاثه، أعنى لفظ: من كنت مولاه فعلي مولاه، وهو من أئمة العلم والتقوى والانصاف.

ومع إنصاف الأئمة بتواتره فلا يملّ بايراد طرقه، بل يتبرّك ببعض منها » ثم

____________________

(١). إزالة الخفا في تاريخ الخلفا، لولي الله الدهلوي، وهو والد عبد العزيز الدهلوي صاحب التحفة واستاذه، ترجمته في قسم حديث ( أنا مدينة العلم ).

٢١٦

ذكر طرفاً من طرق حديث الغدير(١) .

(١٥٥)

رواية الصبان

ورواه محمد بن علي الصبان المصري بقوله: « وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وأحب من أحبه، وأبغض من أبغضه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، وأدر الحق معه حيث دار رواه عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثلاثون صحابياً، وكثير من طرقه صحيح وحسن »(٢) .

(١٥٦)

ذكر الشبرخيتي

إبراهيم بن مرعي بن عطيّة المالكي، حديث الغدير في ( الفتوحات الوهبية ) بشرح الحديث الحادي عشر الذي جاء فيه: « عن أبي محمد الحسن بن علي بن أبي طالب سبط رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وريحانتهرضي‌الله‌عنه ، قال: حفظت من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دع ما يريبك إلى ما لا يريبك »

____________________

(١). الروضة الندية - شرح التحفة العلوية. توجد ترجمة محمد بن اسماعيل الأمير في البدر الطالع ٢ / ١٣٣، والتاج المكلل ٤١٤ وغيرهما.

(٢). إسعاف الراغبين في سيرة المصطفى وفضائل أهل بيته الطاهرين: ١٥٢.

٢١٧

فقال بشرح كلمة ( علي بن أبي طالب ) ما نصه: « القائل فيه المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. ويكنّى أبا الحسن وأبا تراب. كنّاه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمـّا وجده نائماً وقد علاه التراب »(١) .

(١٥٧)

رواية العجيلي

ورواه أحمد بن عبد القادر بن بكري العجيلي حيث قال:

« فاحذرو لا تنقّب لشد ما رب

وكن معا حزب الاله الغالب

واقرأ حديث إنّما وليّكم

واسمع حديثاً جاء في غدير خم »

فذكر الحديث وقال: « هذا صحيح لا مرية فيه، أخرجه الترمذي والنسائي وأحمد، وطرقه كثيرة، قال الامام أحمد رحمه الله تعالى : وشهد به لعلي ثلاثون صحابياً »(٢) .

ترجمته

قالالقنوجي: « الشيخ العلامة المشهور، عالم الحجاز على الحقيقة لا المجاز: أحمد بن عبد القادر بن بكري العجيليرحمه‌الله . لم يزل مجتهداً في نيل المعالي، وكم سهر في طلبها الليالي، حتى فاز من ذلك بالقدح المعلى، وصلّى في

____________________

(١). الفتوحات الوهبية في شرح الأربعين النووية، الحديث الحادي عشر، وقد ترجم له العلامة الأميني في الغدير ١ / ١٤١.

(٢). ذخيرة المآل في شرح عقد جواهر اللئال - مخطوط.

٢١٨

بها وجلى، أخذ العلوم عن آبائه الكرام، وعن غيرهم من الأعلام، وله مؤلفات »(١) .

(١٥٨)

رواية الرشيد الدهلوي

ورواه رشيد الدين خان الدهلوي تلميذ ( الدهلوي ) عن ( مفتاح النجا ) عن الطبراني عن ابن عمر وغيره(٢) .

(١٥٩)

رواية اللكهنوي

ورواه المولوي محمد مبين اللكهنوي، عن الحاكم وأحمد والطبراني وغيرهم، قال « وفي الصواعق قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه - الحديث، رواه ثلاثون صحابياً، وإن كثيراً من طرقه صحيح وحسن »(٣) .

____________________

(١). التاج المكلل ٥٠٩.

(٢). الفتح المبين في فضائل أهل بيت سيد المرسلين. ورشيد الدهلوي من مشاهير علماء أهل السنة ومؤلفيهم في الهند، ومن تلامذة المولوي عبد العزيز الدهلوي صاحب التحفة الاثنا عشرية، وقد اشتهر بالرد على الشيعة الامامية كشيخه، وله في ذلك مؤلفات. ترجمته في قسم حديث ( أنا مدينة العلم ).

(٣). وسيلة النجاة ١٠١ - ١٠٢.

٢١٩

(١٦٠)

رواية محمد سالم الدهلوي

وورواه المولوي محمد سالم الدهلوي البخاري في رسالته الموسومة ( أصول الايمان ) عن أحمد والترمذي(١) .

(١٦١)

رواية ولي الله اللكهنوي

ورواه المولوي ولي الله اللكهنوي عن جماعة من الحفاظ، وقد أورد كلام ابن حجر في ( الصواعق ) من « إنّه حديث صحيح لا مرية فيه وقد أخرجه جماعة »(٢) .

(١٦٢)

ذكر المولوي حيدر علي

الفيض آبادي حديث الغدير عن أحمد عن عائشة(٣) .

____________________

(١). أصول الايمان - مخطوط.

(٢). مرآة المؤمنين في مناقب أهل بيت سيد المرسلين - مخطوط.

(٣). منتهى الكلام: ٧٦.

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

وهذا عندنا كلّه باطل ؛ لما تقدّم.

مسألة ١٨٨ : واستثني من المزابنة العرايا ، وهي جمع عريّة‌ ، والعريّة : النخلة تكون في دار الإنسان أو في بستانه ، فيباع ثمرتها رطباً بخرصها تمراً كيلاً ، فلا تجوز العرايا في أكثر من نخلة واحدة في عقدٍ واحد.

والشافعي أطلق الجواز في بيع العرايا ، وهو أن يبيع الرطب على رؤوس النخل بخرصه تمراً فيما دون خمسة أوسق ، سواء تعدّدت النخلة أو اتّحدت. ولا يجوز عنده فيما زاد على خمسة أوسق قولاً واحداً. وفي خمسة أوسق قولان - وبه قال أحمد - لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله رخّص في بيع العرايا فيما دون خمسة أوسق أو في خمسة أوسق(١) . الشكّ من الراوي(٢) .

وقال أبو حنيفة : لا يجوز بيع العرايا مطلقاً بحال البتّة ؛ لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن المزابنة(٣) . وهي بيع التمر بالتمر كيلاً ، وبيع العنب بالزبيب كيلاً. ولأنّه لا يجوز فيما زاد على خمسة أوسق كذلك في خمسة أوسق ، كما لو كان على وجه الأرض(٤) .

____________________

(١) صحيح البخاري ٣ : ٩٩ ، صحيح مسلم ٣ : ١١٧١ / ١٥٤١ ، سنن أبي داود ٣ : ٢٥٢ / ٣٣٦٤ ، سنن الترمذي ٣ : ٥٩٥ / ١٣٠١ ، سنن البيهقي ٥ : ٣١١ ، الموطّأ ٢ : ٦٢٠ / ١٤.

(٢) الوجيز ١ : ١٥٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٧ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٤٠١ ، حلية العلماء ٤ : ١٧٤ - ١٧٥ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١٨ ، الحاوي الكبير ٥ : ٢١٦ ، المغني ٤ : ١٩٦ - ١٩٧ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦٥ - ١٦٦.

(٣) صحيح مسلم ٣ : ١١٧١ / ١٥٤٢ ، الموطّأ ٢ : ٦٢٤ - ٦٢٥ / ٢٣ - ٢٥ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٧٦٢ / ٢٢٦٦ ، سنن الترمذي ٣ : ٥٩٤ / ١٣٠٠ ، سنن النسائي ٧ : ٣٧ ، سنن البيهقي ٥ : ٣٠٧.

(٤) حلية العلماء ٤ : ١٧٤ - ١٧٦ ، المغني ٤ : ١٩٧ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦٥.

٤٠١

والجواب : الخاصّ مقدّم على العامّ.

وقال مالك : يجوز في موضعٍ مخصوص ، وهو أن يكون قد وهب لرجل ثمرة نخلة ثمّ شقّ عليه دخوله إلى قراحه ، فيشتريها منه بخرصها من التمر يعجّله له ؛ لأنّ العريّة في اللغة هي : الهبة والعطيّة(١) .

وقال أحمد في إحدى الروايتين : يخرص الرطب في رؤوس النخل ويبيعه بمثله تمراً(٢) .

إذا تقرّر هذا ، فإنّ العريّة عندنا إنّما تكون في النخلة الواحدة تكون في دار الإنسان ، فلا تجوز فيما زاد على النخلة الواحدة ؛ عملاً بالعموم ، واقتصاراً في الرخص على مواردها.

مسألة ١٨٩ : وهذه الرخصة عامّة للغني والفقير‌ - وبه قال الشافعي في الاُمّ(٣) - لعموم اللفظ. ولأنّ كلّ بيع جاز للفقير جاز للغني ، كسائر البياعات.

وقال في الإملاء واختلاف الحديث : لا يجوز بيع العرايا إلّا للفقير خاصّة - وبه قال أحمد - لأنّ محمود بن لبيد قال : قلت لزيد بن ثابت : ما عراياكم هذه؟ فسمّى رجالاً محتاجين من الأنصار شكوا إلى رسول الله ٦ أنّ الرطب يأتي ولا نقد بأيديهم يتبايعون به رطباً يأكلونه مع الناس ، وعندهم فضول من قوتهم من التمر ، فرخّص أن يبتاعوا العرايا بخرصها من‌

____________________

(١) بداية المجتهد ٢ : ٢١٦ - ٢١٧ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ٣١٥ ، حلية العلماء ٤ : ١٧٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٦ ، المغني ٤ : ١٩٨ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦٨.

(٢) المغني ٤ : ١٩٦ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٦.

(٣) الاُمّ ٣ : ٥٦ ، وكما في الحاوي الكبير ٥ : ٢١٨.

٤٠٢

التمر الذي في أيديهم يأكلونه رطباً(١) (٢) .

والجواب : العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، والحديث دلّ على أنّ سبب الرخصة الحاجة ، وهي غير مختصّة بالفقراء.

مسألة ١٩٠ : قد بيّنّا أنّ الضابط في التسويغ إنّما هو بالنخلة الواحدة في الدار الواحدة‌ أو البستان الواحد. ولو كان له عدّة دُوْر في كلّ واحدة نخلة ، جاز بيعها عرايا.

وأجاز الشافعي العريّة في أقلّ من خمسة(٣) بمهما كان قولاً واحداً ، وبه قال المزني وأحمد. ومَنَع من الزيادة. وفي الخمسة قولان ؛ لأنّ النبيّ ٦ رخّص في العرايا الوسق والوسقين والثلاثة والأربعة(٤) . ولأنّ الخمسة جُعلت في حدّ الكثرة ، ووجبت الزكاة. واستدلّ على الجواز في الخمسة بإطلاق التسويغ في العريّة ثمّ ورد النهي فيما(٥) زاد على خمسة أوسق(٦) .

مسألة ١٩١ : إذا تبايعا العريّة ، وجب أن ينظر إلى الثمرة على النخلة‌ ويحزر ذلك رطباً فيتبايعاه بمثله تمراً ، ولا يشترط التماثل في الخرص بين‌

____________________

(١) أورده الشافعي في اختلاف الحديث : ١٩٧ ، والمزني في مختصره : ٨١ ، وابن قدامة في المغني ٤ : ١٩٨.

(٢) الحاوي الكبير ٥ : ٢١٨ ، حلية العلماء ٤ : ١٧٧ - ١٧٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٨ ، المغني ٤ : ٢٠٠ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦٧ ، وانظر : اختلاف الحديث : ١٩٧.

(٣) أي : خمسة أوسق.

(٤) سنن البيهقي ٥ : ٣١١ ، المغني ٤ : ١٩٧ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦٦.

(٥) في « ق » : « عمّا » بدل « فيما ».

(٦) الاُمّ ٣ : ٥٤ - ٥٥ ، مختصر المزني : ٨١ ، الوجيز ١ : ١٥٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٧٥ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٤٠١ ، حلية العلماء ٤ : ١٧٥ و ١٧٩ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٢ ، المغني ٤ : ١٩٧ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦٥.

٤٠٣

ثمرتها عند الجفاف وثمنها ، ولا يجوز التفاضل عند العقد ، ولا تكفي مشاهدة التمر على الأرض ولا الخرص(١) فيه ، بل لا بُدّ من معرفة مقداره بالكيل أو الوزن.

وقال الشافعي : يجب التماثل بين ثمرتها عند الجفاف وبين التمر المجعول ثمناً(٢) .

والأصل العدم. والربا لا يثبت على تقدير إتلاف الرطب. ولا يجب الترقّب بحيث يثبت فيه. نعم ، يحرم التفاضل بين الرطب والتمر ، وتجب المساواة وإن كنّا قد منعنا من بيع الرطب بالتمر ؛ لأنّ هذا مستثنى ؛ للرخصة.

مسألة ١٩٢ : لا يجب التقابض في الحال عندنا قبل التفرّق‌ ، بل الحلول ، فلا يجوز إسلاف أحدهما في الآخر ؛ للأصل والإطلاق.

وقال الشافعي : يجب التقابض في الحال قبل التفرّق(٣) . فيخلّي صاحب الثمرة بينها وبين مشتريها ويسلّم صاحب التمر التمر إلى مشتريه لينقله ويحوّله.

وليس من شرط ذلك عنده(٤) حضور التمر عند العقد ، بل إذا شاهد الثمرة على رؤوس النخل ثمّ شاهد التمر على الأرض ثمّ تبايعا ومضيا جميعاً إلى النخلة فسلّمها إلى مشتريها ثمّ مضيا إلى التمر فسلّمه إلى مشتريه ، جاز عنده(٥) ؛ لأنّ التفرّق لم يحصل بينهما قبل التقابض ، والاعتبار بتفرّقهما دون مكان البيع.

____________________

(١) في « ق » : « الحزر » بدل « الخرص ».

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨١ ، المغني ٤ : ١٩٩ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦٧.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٦ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٤٠٢ ، المغني ٤ : ١٩٩ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦٨.

(٤و٥) اُنظر : المغني ٤ : ٢٠٠ ، والشرح الكبير ٤ : ١٦٨.

٤٠٤

مسألة ١٩٣ : لا يجوز بيع أكثر من النخلة الواحدة عريّةً‌ ؛ لعموم المنع من المزابنة(١) ، خرج عنه العريّة في النخلة الواحدة - وبه قال أحمد(٢) - للحاجة ، فيبقى الباقي على المنع ، سواء اتّحد العقد أو تعدّد. أمّا لو تعدّد المشتري فالوجه : الجواز.

وقال الشافعي : يجوز أن يبيع العريّة من رجل ثمّ يبيع منه أو من غيره عريّة اُخرى في عقدٍ آخر حتى يأتي على جميع حائطه ؛ للعموم(٣) .

وهو ممنوع. ولأنّ فيه توصّلاً إلى المحرَّم وهو المزابنة ؛ لأنّه يبيع جميع النخل في عقود متعدّدة.

فروع :

أ - لو باع في صفقة واحدة من رجلين كلّ واحد منهما نخلة معيّنة ، جاز. وكذا لو باعهما نخلتين مشاعاً بينهما ، وبه قال الشافعي(٤) ، خلافاً لأحمد ؛ لأنّ البائع - عنده - لا يجوز أن يبيع أكثر من عريّة واحدة(٥) .

ب - لو باع رجلان من واحد صفقة واحدة نخلتين عريّة ، جاز‌ - وهو‌

____________________

(١) صحيح مسلم ٣ : ١١٦٨ / ١٥٣٩ ، و ١١٧١ / ١٥٤٢ ، سنن الترمذي ٣ : ٥٩٤ / ١٣٠٠ ، سنن البيهقي ٥ : ٣٠٧ ، الموطأ ٢ : ٦٢٤ - ٦٢٥ / ٢٣ - ٢٥.

(٢) المغني ٤ : ١٩٧ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٧ ، حلية العلماء ٤ : ١٨٠.

(٣) الوجيز ١ : ١٥٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٧ ، حلية العلماء ٤ : ١٧٩ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٢ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٤٠٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١٨ ، المغني ٤ : ١٩٧ - ١٩٨ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦٦.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١٨.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٧ ، المغني ٤ : ١٩٧ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦٦.

٤٠٥

أحد وجهي الشافعيّة(١) - لأنّ تعدّد الصفقتين بتعدّد البائع أظهر من تعدّدها بتعدّد المشتري.

والثاني لهم : لا تجوز الزيادة على خمسة أوسق نظراً إلى مشتري الرطب ؛ لأنّه محلّ الخرص الذي هو خلاف قياس الربويّات ؛ فلا ينبغي أن يدخل في ملكه أكثر من القدر المحتمل دفعةً واحدة(٢) .

والجواب : أنّ ذلك يأتي في بائعٍ واحد ، أمّا في اثنين فلا.

ج - لو باع رجلان من رجلين صفقة واحدة ، احتمل جواز أربع نخلات.

وقال الشافعي : لا يجوز في أكثر من عشرة أوسق ، ويجوز فيما دونها ، وفي العشرة قولان(٣) .

مسألة ١٩٤ : وهل تثبت العريّة في العنب؟ إن قلنا بتناول تحريم المحاقلة العنب ، احتمل الثبوت ، وإلّا فلا بأس في بيعه بالزبيب أو العنب ؛ اقتصاراً بالمنع على مورده ، وانتفاء أصالة العلّيّة بالربا ؛ لانتفاء شرطه ، وهو الكيل أو الوزن في الثمرة على رؤوس الأشجار.

أمّا الشافعي فإنّه عمّم التحريم في العنب كالثمرة ، وجوّز بيع العريّة منه ؛ لأنّ في حديث ابن عمر أنّه قال : والعرايا بيع الرطب بالتمر والعنب بالزبيب(٤) . ولأنّ العنب يخرص كما يخرص النخل ويوسق ، وهو ظاهر يمكن معرفة مقداره بالتخمين(٥) .

____________________

(١ - ٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١٨.

(٤) صحيح مسلم ٣ : ١١٧١ / ١٥٤٢.

(٥) الاُم ٣ : ٥٥ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٢ ، الحاوي الكبير ٥ : ٢١٩ ، التهذيب =

٤٠٦

أمّا ما عدا ذلك من الثمار التي تجفّف - كالمشمش والخوخ والإجّاص - ففي جواز بيعه على شجرة بخرصه للشافعي قولان :

الجواز ، كالرطب والعنب ؛ لأنّ الحاجة تدعو إليه.

والمنع ؛ لأنّ العُشْر لم يجب ، ولم يُسنّ الخرص منها. ولأنّها تستتر في ورقها فيخفى خرصها(١) .

مسألة ١٩٥ : إنّما يجوز بيع الرطب بخرصه تمراً‌ إذا كان على رؤوس النخل في العريّة خاصّة ، فأمّا إذا كان الرطب على وجه الأرض ، فإنّه لا يجوز ؛ لأنّ ذلك إنّما جاز للحاجة ولا حاجة إلى شراء ذلك على وجه الأرض ، وإنّما الغرض في جوازه على النخل ليؤخذ شيئاً فشيئاً.

ولو باع الرطب على رؤوس النخل بالرطب على رؤوس النخل خرصا أو باع الرطب على رؤوس النخل خرصاً بالرطب على وجه الأرض كيلاً ، فالأقوى : الجواز ؛ للأصل السالم عن معارضة الربا ؛ ( لانتفائه بانتفاء شرطه )(٢) - وبه قال أبو علي ابن خيران من الشافعيّة(٣) - لما روي عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه رخّص في بيع العرايا بالتمر والرطب(٤) .

____________________

= - للبغوي - ٣ : ٤٠٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١٨ ، المغني ٤ : ٢٠١ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦٩.

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٢ ، الحاوي الكبير ٥ : ٢١٩ ، حلية العلماء ٤ : ١٨٠ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٤٠٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١٨.

(٢) بدل ما بين القوسين في « ك ‍» : لانتفاء شرطه.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٢ ، الحاوي الكبير ٥ : ٢١٦ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٤٠٣ ، حلية العلماء ٤ : ١٧٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١٨.

(٤) صحيح البخاري ٣ : ٩٨ ، صحيح مسلم ٣ : ١١٦٨ / ١٥٣٩ ، سنن أبي داوُد ٣ : ٢٥١ / ٣٣٦٢ ، سنن النسائي ٧ : ٢٦٧ و ٢٦٨ ، سنن البيهقي ٥ : ٣١١.

٤٠٧

وقال أبو إسحاق منهم : إنّه إن كان نوعاً واحداً ، لم يجز. وإن كان نوعين ، جاز ؛ لأنّ في النوع الواحد لا حاجة إليه ، وقد ثبت غرض صحيح في النوعين(١) .

وقال الاصطخري منهم : إنّه لا يجوز ؛ لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله إنّما رخّص في بيعه بالتمر(٢) ، فلم يجز غير ذلك(٣) .

وهو ممنوع ؛ لأنّ المساواة بين الرطب والرطب أقرب منها بين الرطب والتمر.

ولو باع الرطب على وجه الأرض بالرطب على وجه الأرض متساوياً ، جاز عندنا على ما تقدّم في باب الربا ، خلافاً للشافعي(٤) .

مسألة ١٩٦ : ظاهر كلام الأصحاب يقتضي المنع من بيع العريّة على غير مالك الدار‌ أو البستان أو مستأجرهما أو مشتري ثمرة البستان على إشكال ، لأنّ النخلة إذا كانت للغير في ملك إنسان ربما لحقه التضرّر بدخول مشتري الثمرة إليها ، وكذا في بستانٍ ، وكذا في ثمرة بستانه ، فاقتضت الحكمة جواز بيعها على مالك الدار والبستان ومستأجرهما ومشتري الثمرة ، دفعاً للحاجة ، بخلاف غيرهما.

وظاهر كلام المجوّزين من الجمهور : العموم ، فيجوز لصاحب‌

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٢ ، حلية العلماء ٤ : ١٧٩ ، الحاوي الكبير ٥ : ٢١٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١٨.

(٢) صحيح البخاري ٣ : ٩٩ ، سنن البيهقي ٥ : ٣١٠.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٢ ، حلية العلماء ٤ : ١٧٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١٨.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١٨.

٤٠٨

البستان أن يبيع خمسة أوسق من الرطب بخرصها تمراً لأيّ شخص كان.

مسألة ١٩٧ : يجوز أن يتقبّل أحد الشريكين بحصّة صاحبه من الثمرة بشي‌ء معلوم منها‌ لا على سبيل البيع ؛ عملاً بالأصل. ولأنّ الحاجة قد تدعو إليه.

ولما رواه يعقوب بن شعيب عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن الرجلين يكون بينهما النخل فيقول أحدهما لصاحبه : اختر إمّا أن تأخذ هذا النخل بكذا وكذا كيلاً مسمّى وتعطيني نصف هذا الكيل زاد أو نقص ، وإمّا أن آخذه أنا بذلك وأردّ عليك ، قال : « لا بأس بذلك »(١) .

وهل يجوز البيع؟ يحتمل ذلك ؛ عملاً بالأصل السالم عن معارضة الربا ؛ إذ لا وزن في الثمرة على رأس الشجرة ، فعلى تقدير جواز البيع يثبت فيه أحكامه من الضمان على البائع قبل الإقباض ، وعلى المشتري بعده.

وإن منعنا البيع وجوّزنا التقبّل ، كان معناه أنّ المتقبّل يأخذ جميع الثمرة ويدفع إلى شريكه عن قدر حصّته ما تقبّل به ، فإن كان ما حصل مساوياً لما تقبّل به ، فلا بحث. وإن زاد فله. وإن نقص فعليه.

وهل يكون ذلك لازماً؟ إشكال. وعلى تقدير لزومه هل يكون الناقص عليه؟ وهل يكون مضموناً في يده؟ الأقرب : ذلك ، لأنّه إمّا بيعٌ فاسد أو تقبّل.

ولو تلفت الثمرة بآفة سماويّة بعد القبض ، هل يسقط من المال الذي تقبّل به شي‌ء أم لا؟

مسألة ١٩٨ : يجوز لمشتري الثمرة أن يبيعها بزيادة عمّا ابتاعه‌ أو‌

____________________

(١) الكافي ٥ : ١٩٣ / ٢ ، الفقيه ٣ : ١٤٢ / ٦٢٣ ، التهذيب ٧ : ٩١ / ٣٨٩.

٤٠٩

نقصان قبل قبضه وبعده ؛ عملاً بالأصل ، وبما رواه محمّد الحلبي - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن الرجل يشتري الثمرة ثمّ يبيعها قبل أن يأخذها ، قال : « لا بأس به إن وجد ربحاً فليبع »(١) .

وفي الصحيح عن محمّد بن مسلم عن أحدهماعليهما‌السلام أنّه قال في رجل اشترى الثمرة ثمّ يبيعها قبل أن يقبضها ، قال : « لا بأس »(٢) .

مسألة ١٩٩ : لو اشترى الزرع قصيلاً مع اُصوله ، صحّ. فإن قطعه فنبت ، فهو له. فإن شرط صاحب الأرض قطعه فلم يقطعه ، كان عليه اُجرة الأرض. ولو لم يشرط المشتري الأصل ، فهو لصاحبه. فإذا قصله المشتري ونبت ، كان للبائع. ولو لم يقصله ، كان شريكاً للبائع ويحكم بالصلح.

تذنيب : لو سقط من الحبّ المحصود شي‌ء فنبت في القابل‌ ، فهو لصاحب البذر لا الأرض - خلافاً لأحمد(٣) - سواء سقاه صاحب الأرض وربّاه أو لا ، ولصاحب الأرض الاُجرة ؛ لأنّه شغلها بماله.

آخر : لو اشترى نخلاً ليقطعه أجذاعاً فتركه حتى حمل ، فالحمل له ، وعليه الاُجرة ، سواء سقاه صاحب الأرض أو لا.

وفي رواية هارون بن حمزة الغنوي عن الصادقعليه‌السلام ، قال : قلت له : الرجل يشتري النخل ليقطعه للجذوع فيحمل النخل ، قال : « هو له إلاّ أن يكون صاحب الأرض سقاه وقام عليه»(٤) .

وهذه الرواية محمولة على جريان عقد المساقاة بينهما.

مسألة ٢٠٠ : يجوز للإنسان إذا مرّ بشي‌ء من ثمرة النخل والشجر‌

____________________

(١) التهذيب ٧ : ٨٨ - ٨٩ / ٣٧٦.

(٢) التهذيب ٧ : ٨٩ / ٣٧٧.

(٣) المغني ٤ : ٢٢٦ ، الشرح الكبير ٤ : ٢٤١.

(٤) التهذيب ٧ : ٩٠ / ٣٨٢.

٤١٠

والزرع أن يأكل منها(١) من غير إفساد. ولا يحلّ له أن يأخذ منها شيئاً يحمله ويخرج به ؛ لما رواه ابن أبي عمير - في الصحيح - عن بعض أصحابنا عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن الرجل يمرّ بالنخل والسنبل والثمرة فيجوز له أن يأكل منها من غير إذن صاحبها من ضرورة أو غير ضرورة؟ قال : « لا بأس »(٢) .

وقد روى عليّ بن يقطين - في الصحيح - عن الرضاعليه‌السلام ، قال سألته عن الرجل يمرّ بالثمرة من الزرع والنخل والكرم والشجر والمباطخ وغير ذلك من الثمر أيحلّ له أن يتناول منه شيئاً ويأكل بغير إذن من صاحبه؟

وكيف حاله إن نهاه صاحب الثمرة أو أمره المقيم فليس له؟ وكم الحدّ الذي يسعه أن يتناول منه؟ قال : « لا يحلّ له أن يأخذ منه شيئاً »(٣) .

قال الشيخرحمه‌الله : قوله : « لا يحلّ له أن يأخذ منه شيئاً » محمول على ما يحمله معه ، فأمّا ما يأكله في الحال من الثمرة فمباح(٤) ، للرواية السابقة. ولما رواه الحسين بن سعيد عن أبي داود عن بعض أصحابنا عن محمّد بن مروان عن الصادقعليه‌السلام ، قال : قلت له : أمرّ بالثمرة فآكل منها؟

قال : « كُلْ ولا تحمل » قلت : جعلت فداك ، التجّار قد اشتروها ونقدوا أموالهم ، قال : « اشتروا ما ليس لهم »(٥) .

مسألة ٢٠١ : لو كان في قرية نخل وزرع وبساتين وأرحاء وأرطاب‌ ، جاز للإنسان أن يشتري غلّتها ؛ للأصل.

____________________

(١) في « ق ، ك » والطبعة الحجريّة : منه ، وما أثبتناه يقتضيه السياق.

(٢) التهذيب ٧ : ٩٣ / ٣٩٣ ، الاستبصار ٣ : ٩٠ / ٣٠٦.

(٣) التهذيب ٧ : ٩٢ / ٣٩٢ ، الاستبصار ٣ : ٩٠ / ٣٠٧.

(٤) التهذيب ٧ : ٩٢ - ٩٣ ، الاستبصار ٣ : ٩٠ ذيل الحديث ٣٠٧.

(٥) التهذيب ٧ : ٩٣ / ٣٩٤ ، الاستبصار ٣ : ٩٠ / ٣٠٥.

٤١١

ولما رواه عبد الله بن أبي يعفور عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن قرية فيها أرحاء ونخل وزرع وبساتين وأرطاب أشتري غلّتها؟ قال : « لا بأس »(١) .

إذا ثبت هذا ، فإنّه يجوز أن يشتري ما فيها من الثمار والزروع ، ويشترط منفعة الرحى مدّة معلومة بشي‌ء معلوم ، وأن يتقبّل بمنافع هذه القرية على اختلاف أصنافها بشي‌ء معيّن ؛ للأصل.

____________________

(١) التهذيب ٧ : ٩٠ / ٣٨٣.

٤١٢

٤١٣

الفصل الثالث

في الصرف‌

وهو بيع الأثمان من الذهب أو الفضّة بالأثمان.

وإنّما سُمّي صرفاً ؛ لأنّ الصرف في اللغة هو : الصوت ، ولمـّا كان الصوت يحصل بتقليب الثمن والمثمن هنا سُمّي صرفاً.

وهو جائز إجماعاً ، وله شرائط تأتي إن شاء الله تعالى.

مسألة ٢٠٢ : من شرط الصرف التقابضُ في المجلس قبل التفرّق‌ ، سواء تماثلا جنساً أو اختلفا ، وسواء كانا معيّنين أو غير معيّنين بل موصوفين ، لما رواه العامّة عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « لا تبيعوا الذهب بالذهب إلاّ هاء وهاء »(١) وهي تقتضي وجوب التقابض في المجلس.

ومن طريق الخاصّة : ما رواه محمّد بن قيس عن الباقرعليه‌السلام قال : « قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : لا يبتاع رجل فضّة بذهب إلّا يداً بيد ، ولا يبتاع ذهباً بفضّة إلّا يداً بيد »(٢) .

إذا ثبت هذا ، فلا يجوز إسلاف أحدهما في الآخر ، سواء اتّفقا في الجنس أو اختلفا ، وسواء اتّحدا وزناً أو اختلفا ، وسواء تساويا وصفاً أو‌

____________________

(١) لم نعثر عليه في الكتب الحديثيّة المتوفّرة لدينا ، وفي صحيح البخاري ٣ : ٩٧ ، وسنن ابن ماجة ٢ : ٧٥٧ / ٢٢٥٣ ، وسنن البيهقي ٥ : ٢٧٦ : « الذهب بالذهب ربا إلّا هاء وهاء ». و « هاء » اسم فعل ، بمعنى « خُذْ ».

(٢) الكافي ٥ : ٢٥١ / ٣١ ، التهذيب ٧ : ٩٩ / ٤٢٦ ، الاستبصار ٣ : ٩٣ / ٣١٨.

٤١٤

تضادّا ؛ لأنّ التقابض في المجلس شرط فيه ، ولا يتحقّق ذلك مع إسلاف أحدهما في الآخر.

ولقول الباقرعليه‌السلام أنّه قال : « في الورق بالورق وزناً بوزن ، والذهب بالذهب وزناً بوزن »(١) .

فروع :

أ - لو افترقا قبل التقابض ، بطل البيع ؛ لعدم الشرط.

ولو تفرّقا وقد تقابضا البعض خاصّة ولمـّا يتقابضا في الباقي ، بطل البيع فيما لم يتقابضا فيه ، ويكونان بالخيار في الباقي ؛ لتبعّض الصفقة في حقّهما ، ولا يبطل في الباقي المقبوض. وللشافعي قولان مبنيّان على تفريق الصفقة(٢) .

ب - لو قاما عن ذلك المجلس قبل التقابض مصطحبين ، لم يحصل الافتراق ، وكان البيع صحيحاً ، فإن تقابضا في غير ذلك المجلس ولم يفترقا ، صحّ البيع ولزم ، لحصول التقابض قبل التفرّق ، لقول الصادقعليه‌السلام : « إذا اشتريت ذهباً بفضّة ، أو فضّة بذهب فلا تفارقه حتى تأخذ منه ، وإن نزا حائطاً فانز معه »(٣) .

ولأنّ خيار المجلس يبطل مع الافتراق ولا يبطل مع مفارقتهما لذلك المجلس مصطحبين ، فلا يكون ذلك افتراقاً.

ج - قد بيّنّا أنّه يشترط الحلول ؛ لاشتراط التقابض في المجلس ، فلو‌

____________________

(١) التهذيب ٧ : ٩٨ / ٤٢٣.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨.

(٣) التهذيب ٧ : ٩٩ / ٤٢٧ ، الاستبصار ٣ : ٩٣ / ٣١٩.

٤١٥

أسلف أحدهما في الآخر بأجل قصير جدّا ولو ساعة مع الضبط ولم يتفارقا حتى تقابضا ، لم يصحّ البيع أيضا ، لما تقدّم(١) في الحديثين عن أمير المؤمنينعليه‌السلام وعن الباقرعليه‌السلام .

د - لو تصارفا ذهباً بذهب أو فضّة ، أو فضّةً بفضّة أو ذهب ، لم يضرّ طول لبثهما في المجلس‌ ولا طول مصاحبتهما ، سواء كان الثمن والمثمن معيّنين أو مطلقين في الذمّة أو معيّناً ومطلقاً ولو امتدّ إلى سنة وأزيد.

ه- لو وكّل أحدهما وكيلاً في القبض أو وكّلا وكيلين فيه وتقابض الوكيلان ، صحّ البيع‌ إن تقابض الوكيلان أو قبض وكيل أحدهما من العاقد قبل مفارقة المتبايعين ، وإلّا بطل ؛ لأنّ المجلس متعلّق ببدن المتعاقدين.

ولأنّ الصادقعليه‌السلام سُئل عن بيع الذهب بالدراهم فيقول : أرسل رسولاً فيستوفي لك ثمنه ، قال : « يقول : هات وهلمّ ويكون رسولك معه »(٢) .

و - لو لم تتّفق المصاحبة ولا ملازمة المجلس فأرسل أحدهما وكيله ليقبض من صاحبه ، بطل ذلك العقد ، واحتاج إلى أن يجدّده الوكيل ؛ لفوات الشرط.

ولأنّ ابن الحجّاج سأله عن الرجل يشتري من الرجل الدراهم بالدنانير فيزنها وينتقدها ويحسب ثمنها كم هو دينار ثمّ يقول : أرسل غلامك معي حتى اُعطيه الدنانير ، فقال : « ما أحبّ أن يفارقه حتى يأخذ الدنانير » فقلت : إنّما هم في دار واحدة وأمكنتهم قريبة بعضها من بعض وهذا يشقّ عليهم ، فقال : « إذا فرغ من وزنها وانتقادها فليأمر الغلام الذي‌

____________________

(١) في ص ٤١٣.

(٢) الكافي ٥ : ٢٥٢ / ٣٣ ، التهذيب ٧ : ٩٩ / ٤٢٨.

٤١٦

يرسله أن يكون هو الذي يبايعه ويدفع إليه الورق ويقبض منه الدنانير حيث يدفع إليه الورق»(١) .

ز - لا تقوم مصاحبة الوكيل مقام مصاحبة الموكّل ، بل متى تعاقدا وتفرّقا واصطحب الوكيل والآخر ، بطل البيع ؛ لانتفاء الشرط.

ح - لو تصارف الوكيلان أو أحدُ صاحبي المال مع وكيل الآخر ، كان الاعتبار بالمتعاقدين لا بالمالكين ، فلو تفرّق الوكيلان المتعاقدان دون صاحبي المال ، بطل البيع ، وبالعكس لا يبطل.

ط - لو تعذّر عليهما التقابض في المجلس وأرادا الافتراق ، لزمهما أن يتفاسخا العقد بينهما ، فإن تفرّقا قبله ، كان ذلك ربا ، وجرى مجرى بيع مال الربا بعضه ببعض نسيئةً ، ولا يغني تفرّقهما ؛ لأنّ فساد العقد إنّما يكون به شرعاً ، كما أنّ العقد مع التفاضل فاسد ويأثمان به.

مسألة ٢٠٣ : لو اشترى بنصف دينار شيئا وبنصفه ورقا ، جاز‌بشرط أن يقبض ما قابل الورق ، لما رواه الحلبي - في الصحيح(٢) - قال : سألت أبا عبد الله الصادقعليه‌السلام : عن رجل ابتاع من رجل بدينار وأخذ بنصفه بيعا وبنصفه ورقا ، قال : « لا بأس به » وسألته هل يصلح له أن يأخذ بنصفه ورقاً أو بيعاً ويترك نصفه حتى يأتي بعد فيأخذ به ورقاً أو بيعاً؟ فقال : « ما اُحبّ أن أترك منه شيئاً حتى آخذه جميعاً فلا يفعله »(٣) .

واعلم أنّ الدينار المقبوض إذا كان قد انتقل بالبيع ، لم يجز التفرّق قبل قبض الورق ، سواء قبض العوض الآخر أو لا. ولو قبض العوض‌

____________________

(١) الكافي ٥ : ٢٥٢ / ٣٢ ، التهذيب ٧ : ٩٩ / ٤٢٩ ، الاستبصار ٣ : ٩٤ / ٣٢٠.

(٢) « في الصحيح » لم ترد في « ق ، ك ».

(٣) التهذيب ٧ : ٩٩ - ١٠٠ / ٤٣٠.

٤١٧

الآخر ، لم يكف في قبض الورق ، وصحّ البيع فيه خاصّة وإن لم يقبضه.

ولو انعكس الفرض فدفع نصف الدينار خاصّة بعد إقباض الورق والمبيع الآخر ، فإن نوى بالدفع عن الورق ، صحّ البيع فيهما. وإن نوى بالدفع عن الآخر ، بطل في الورق ، وتخيّر في الآخر. وإن أطلق ، احتمل ضعيفاً صرفه إلى الورق تصحيحاً للعقد ، والبطلان في نصف الورق.

مسألة ٢٠٤ : لو اشترى الإنسان من غيره دراهم بدنانير ثمّ اشترى بها دنانير‌ قبل قبض الدراهم ، بطل الثاني ؛ لأنّه بيع الموزون قبل قبضه ، وهو منهيّ عنه(١) على ما تقدّم(٢) ؛ فإن(٣) افترقا ، بطل العقدان معاً ؛ للتفرّق قبل التقابض في الصرف. ولو كان ثمن الدراهم غير الدنانير ، لم يبطل الأوّل ؛ إذ القبض في المجلس ليس شرطاً فيه.

مسألة ٢٠٥ : لو كان للإنسان على غيره دراهم وأمره بأن يحوّلها إلى الدنانير‌ أو بالعكس بعد المساعرة على جهة التوكيل في البيع ، صحّ وإن تفرّقا قبل القبض ؛ لأنّ النقدين من واحد ، وهو بعينه موجب للبيع بالأصالة وقابل بالوكالة ، فكان بمنزلة المقبوض.

ولما رواه إسحاق بن عمّار ، قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : يكون للرجل عندي الدراهم فيلقاني فيقول : كيف سعر الوضح اليوم؟ فأقول : كذا وكذا ، فيقول : أليس لي عندك كذا وكذا ألف درهم وضحاً؟ فأقول : نعم ، فيقول : حوّلها إلى دنانير بهذا السعر وأثبتها لي عندك ، فما ترى في هذا؟

فقال لي : « إذا كنت قد استقصيت له السعر يومئذٍ فلا بأس بذلك » فقلت :

____________________

(١) المعجم الكبير - للطبراني - ١١ : ١٢ / ١٠٨٧٥.

(٢) في ص ١٢٠ و ١٢١.

(٣) في الطبعة الحجريّة : « وإن » بدل « فإن ».

٤١٨

إنّي لم اُوازنه ولم اُناقده وإنّما كان كلام منّي ومنه ، فقال : « أليس الدراهم من عندك والدنانير من عندك؟ » قلت : بلى ، قال : « فلا بأس »(١) .

أمّا لو لم يكن على جهة التوكيل في البيع بل اشترى منه بالدراهم - التي في ذمّته - دنانير ، وجب القبض قبل التفرّق ؛ لأنّه صرفٌ فات شرطه فكان باطلاً.

مسألة ٢٠٦ : لا يشترط الوزن والنقد حالة العقد ولا حالة القبض‌ ، فلو صارفة مائة دينار بألف درهم ثمّ دفع إليه دراهم غير معلومة القدر والنقد وتفرّقا ، صحّ البيع إن كان المدفوع قد اشتمل على الحقّ أو زاد ، أمّا لو نقص ، فإنّه يبطل في القدر الناقص خاصّة ؛ لوجود المقتضي للصحّة ، وعدم المانع ، وهو انتفاء القبض ؛ إذ لم يشرط في القبض التعيين.

ولما رواه إسحاق بن عمّار ، قال : سألت الكاظمعليه‌السلام عن الرجل يأتيني بالورق فأشتريها منه بالدنانير فأشتغل عن تحرير وزنها وانتقادها وفضل ما بيني وبينه ، فاُعطيه الدنانير وأقول له : إنّه ليس بيني وبينك بيع ، وإنّي قد نقضت الذي بيني وبينك من البيع ، وورقك عندي قرض ، ودنانيري عندك قرض ، حتى يأتيني من الغد فاُبايعه ، فقال : « ليس به بأس »(٢) .

ولو كان المدفوع أقلّ من المستحَقّ ، بطل الصرف في الناقص خاصّة ، وتخيّر في الفسخ في الباقي ؛ لتبعّض الصفقة.

وكذا لو دفع إليه الدراهم بقدر حقّه إلّا أنّ فيها زيوفاً ، فإنّه يصحّ البيع إن كان الغشّ من الجنس بسبب اختلاف الجوهر في النعومة والخشونة‌

____________________

(١) التهذيب ٧ : ١٠٢ - ١٠٣ / ٤٤١.

(٢) التهذيب ٧ : ١٠٣ / ٤٤٤.

٤١٩

وشبهه ؛ لأنّه من جنس الحقّ ، ولو رضي قابضه به ، لزم البيع ، بخلاف ما إذا لم يكن من الجنس.

ولأنّ إسحاق بن عمّار سأل الكاظمَعليه‌السلام عن الرجل يبيعني الورق بالدنانير وأتّزن منه وأزن له حتى أفرغ فلا يكون بيني وبينه عمل إلّا أنّ في ورقه نفاية(١) وزيوفا وما لا يجوز ، فيقول : انتقدها وردّ نفايتها ، فقال : « ليس به بأس ولكن لا تؤخّر ذلك أكثر من يوم أو يومين فإنّما هو الصرف » قلت : فإن وجدت(٢) في ورقه فضلاً مقدار ما فيها من النُّفاية؟ فقال : « هذا احتياط ، هذا أحبّ إليَّ »(٣) .

مسألة ٢٠٧ : الجيّد من الجوهرين مع الردي‌ء منه واحد مع اتّحاد الجنس‌ ، وكذا المصوغ والمكسّر ، فلو باع آنيةً من ذهب أو فضّة بأحد النقدين ، وجب التقابض قبل التفرّق ؛ لأنّ أصالة الجوهريّة مانعة من التكثّر ، والكسرُ وضدُّه غير موجبين له. وكذا جيّد الجوهر - كالفضّة الناعمة - مع رديئه كالخشنة - وبه قال أبو حنيفة وأحمد(٤) - لأنّ الصفة لا قيمة لها في الجنس ، فإنّه لا يجوز بيع المصوغ بالتبر متفاضلاً.

وخالف فيه الشافعي ؛ لأنّ قيمة الصحيح أكثر من قيمة المكسور ، فيؤدّي إلى التفاضل فيلزم الربا(٥) .

____________________

(١) النُّفاية : ما نفيتَه من الشي‌ء لرداءته. الصحاح ٦ : ٢٥١٤ « نفا ».

(٢) في « ق ، ك » والطبعة الحجريّة : « أخذت » بدل « وجدت ». وما أثبتناه من المصدر.

(٣) الكافي ٥ : ٢٤٦ / ٧ ، التهذيب ٧ : ١٠٣ / ٤٤٤.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٨٧ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٤٣ ، المغني والشرح الكبير ٤ : ١٤١ و ١٩٦.

(٥) مختصر المزني : ٧٨ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٤٣ ، الوجيز ١ : ١٣٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٨٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٣.

٤٢٠

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458