تذكرة الفقهاء الجزء ١٠

تذكرة الفقهاء8%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-197-4
الصفحات: 458

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 458 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 197880 / تحميل: 5967
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ١٠

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-١٩٧-٤
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

وهذا عندنا كلّه باطل ؛ لما تقدّم.

مسألة ١٨٨ : واستثني من المزابنة العرايا ، وهي جمع عريّة‌ ، والعريّة : النخلة تكون في دار الإنسان أو في بستانه ، فيباع ثمرتها رطباً بخرصها تمراً كيلاً ، فلا تجوز العرايا في أكثر من نخلة واحدة في عقدٍ واحد.

والشافعي أطلق الجواز في بيع العرايا ، وهو أن يبيع الرطب على رؤوس النخل بخرصه تمراً فيما دون خمسة أوسق ، سواء تعدّدت النخلة أو اتّحدت. ولا يجوز عنده فيما زاد على خمسة أوسق قولاً واحداً. وفي خمسة أوسق قولان - وبه قال أحمد - لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله رخّص في بيع العرايا فيما دون خمسة أوسق أو في خمسة أوسق(١) . الشكّ من الراوي(٢) .

وقال أبو حنيفة : لا يجوز بيع العرايا مطلقاً بحال البتّة ؛ لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن المزابنة(٣) . وهي بيع التمر بالتمر كيلاً ، وبيع العنب بالزبيب كيلاً. ولأنّه لا يجوز فيما زاد على خمسة أوسق كذلك في خمسة أوسق ، كما لو كان على وجه الأرض(٤) .

____________________

(١) صحيح البخاري ٣ : ٩٩ ، صحيح مسلم ٣ : ١١٧١ / ١٥٤١ ، سنن أبي داود ٣ : ٢٥٢ / ٣٣٦٤ ، سنن الترمذي ٣ : ٥٩٥ / ١٣٠١ ، سنن البيهقي ٥ : ٣١١ ، الموطّأ ٢ : ٦٢٠ / ١٤.

(٢) الوجيز ١ : ١٥٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٧ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٤٠١ ، حلية العلماء ٤ : ١٧٤ - ١٧٥ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١٨ ، الحاوي الكبير ٥ : ٢١٦ ، المغني ٤ : ١٩٦ - ١٩٧ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦٥ - ١٦٦.

(٣) صحيح مسلم ٣ : ١١٧١ / ١٥٤٢ ، الموطّأ ٢ : ٦٢٤ - ٦٢٥ / ٢٣ - ٢٥ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٧٦٢ / ٢٢٦٦ ، سنن الترمذي ٣ : ٥٩٤ / ١٣٠٠ ، سنن النسائي ٧ : ٣٧ ، سنن البيهقي ٥ : ٣٠٧.

(٤) حلية العلماء ٤ : ١٧٤ - ١٧٦ ، المغني ٤ : ١٩٧ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦٥.

٤٠١

والجواب : الخاصّ مقدّم على العامّ.

وقال مالك : يجوز في موضعٍ مخصوص ، وهو أن يكون قد وهب لرجل ثمرة نخلة ثمّ شقّ عليه دخوله إلى قراحه ، فيشتريها منه بخرصها من التمر يعجّله له ؛ لأنّ العريّة في اللغة هي : الهبة والعطيّة(١) .

وقال أحمد في إحدى الروايتين : يخرص الرطب في رؤوس النخل ويبيعه بمثله تمراً(٢) .

إذا تقرّر هذا ، فإنّ العريّة عندنا إنّما تكون في النخلة الواحدة تكون في دار الإنسان ، فلا تجوز فيما زاد على النخلة الواحدة ؛ عملاً بالعموم ، واقتصاراً في الرخص على مواردها.

مسألة ١٨٩ : وهذه الرخصة عامّة للغني والفقير‌ - وبه قال الشافعي في الاُمّ(٣) - لعموم اللفظ. ولأنّ كلّ بيع جاز للفقير جاز للغني ، كسائر البياعات.

وقال في الإملاء واختلاف الحديث : لا يجوز بيع العرايا إلّا للفقير خاصّة - وبه قال أحمد - لأنّ محمود بن لبيد قال : قلت لزيد بن ثابت : ما عراياكم هذه؟ فسمّى رجالاً محتاجين من الأنصار شكوا إلى رسول الله ٦ أنّ الرطب يأتي ولا نقد بأيديهم يتبايعون به رطباً يأكلونه مع الناس ، وعندهم فضول من قوتهم من التمر ، فرخّص أن يبتاعوا العرايا بخرصها من‌

____________________

(١) بداية المجتهد ٢ : ٢١٦ - ٢١٧ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ٣١٥ ، حلية العلماء ٤ : ١٧٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٦ ، المغني ٤ : ١٩٨ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦٨.

(٢) المغني ٤ : ١٩٦ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٦.

(٣) الاُمّ ٣ : ٥٦ ، وكما في الحاوي الكبير ٥ : ٢١٨.

٤٠٢

التمر الذي في أيديهم يأكلونه رطباً(١) (٢) .

والجواب : العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، والحديث دلّ على أنّ سبب الرخصة الحاجة ، وهي غير مختصّة بالفقراء.

مسألة ١٩٠ : قد بيّنّا أنّ الضابط في التسويغ إنّما هو بالنخلة الواحدة في الدار الواحدة‌ أو البستان الواحد. ولو كان له عدّة دُوْر في كلّ واحدة نخلة ، جاز بيعها عرايا.

وأجاز الشافعي العريّة في أقلّ من خمسة(٣) بمهما كان قولاً واحداً ، وبه قال المزني وأحمد. ومَنَع من الزيادة. وفي الخمسة قولان ؛ لأنّ النبيّ ٦ رخّص في العرايا الوسق والوسقين والثلاثة والأربعة(٤) . ولأنّ الخمسة جُعلت في حدّ الكثرة ، ووجبت الزكاة. واستدلّ على الجواز في الخمسة بإطلاق التسويغ في العريّة ثمّ ورد النهي فيما(٥) زاد على خمسة أوسق(٦) .

مسألة ١٩١ : إذا تبايعا العريّة ، وجب أن ينظر إلى الثمرة على النخلة‌ ويحزر ذلك رطباً فيتبايعاه بمثله تمراً ، ولا يشترط التماثل في الخرص بين‌

____________________

(١) أورده الشافعي في اختلاف الحديث : ١٩٧ ، والمزني في مختصره : ٨١ ، وابن قدامة في المغني ٤ : ١٩٨.

(٢) الحاوي الكبير ٥ : ٢١٨ ، حلية العلماء ٤ : ١٧٧ - ١٧٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٨ ، المغني ٤ : ٢٠٠ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦٧ ، وانظر : اختلاف الحديث : ١٩٧.

(٣) أي : خمسة أوسق.

(٤) سنن البيهقي ٥ : ٣١١ ، المغني ٤ : ١٩٧ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦٦.

(٥) في « ق » : « عمّا » بدل « فيما ».

(٦) الاُمّ ٣ : ٥٤ - ٥٥ ، مختصر المزني : ٨١ ، الوجيز ١ : ١٥٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٧٥ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٤٠١ ، حلية العلماء ٤ : ١٧٥ و ١٧٩ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٢ ، المغني ٤ : ١٩٧ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦٥.

٤٠٣

ثمرتها عند الجفاف وثمنها ، ولا يجوز التفاضل عند العقد ، ولا تكفي مشاهدة التمر على الأرض ولا الخرص(١) فيه ، بل لا بُدّ من معرفة مقداره بالكيل أو الوزن.

وقال الشافعي : يجب التماثل بين ثمرتها عند الجفاف وبين التمر المجعول ثمناً(٢) .

والأصل العدم. والربا لا يثبت على تقدير إتلاف الرطب. ولا يجب الترقّب بحيث يثبت فيه. نعم ، يحرم التفاضل بين الرطب والتمر ، وتجب المساواة وإن كنّا قد منعنا من بيع الرطب بالتمر ؛ لأنّ هذا مستثنى ؛ للرخصة.

مسألة ١٩٢ : لا يجب التقابض في الحال عندنا قبل التفرّق‌ ، بل الحلول ، فلا يجوز إسلاف أحدهما في الآخر ؛ للأصل والإطلاق.

وقال الشافعي : يجب التقابض في الحال قبل التفرّق(٣) . فيخلّي صاحب الثمرة بينها وبين مشتريها ويسلّم صاحب التمر التمر إلى مشتريه لينقله ويحوّله.

وليس من شرط ذلك عنده(٤) حضور التمر عند العقد ، بل إذا شاهد الثمرة على رؤوس النخل ثمّ شاهد التمر على الأرض ثمّ تبايعا ومضيا جميعاً إلى النخلة فسلّمها إلى مشتريها ثمّ مضيا إلى التمر فسلّمه إلى مشتريه ، جاز عنده(٥) ؛ لأنّ التفرّق لم يحصل بينهما قبل التقابض ، والاعتبار بتفرّقهما دون مكان البيع.

____________________

(١) في « ق » : « الحزر » بدل « الخرص ».

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨١ ، المغني ٤ : ١٩٩ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦٧.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٦ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٤٠٢ ، المغني ٤ : ١٩٩ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦٨.

(٤و٥) اُنظر : المغني ٤ : ٢٠٠ ، والشرح الكبير ٤ : ١٦٨.

٤٠٤

مسألة ١٩٣ : لا يجوز بيع أكثر من النخلة الواحدة عريّةً‌ ؛ لعموم المنع من المزابنة(١) ، خرج عنه العريّة في النخلة الواحدة - وبه قال أحمد(٢) - للحاجة ، فيبقى الباقي على المنع ، سواء اتّحد العقد أو تعدّد. أمّا لو تعدّد المشتري فالوجه : الجواز.

وقال الشافعي : يجوز أن يبيع العريّة من رجل ثمّ يبيع منه أو من غيره عريّة اُخرى في عقدٍ آخر حتى يأتي على جميع حائطه ؛ للعموم(٣) .

وهو ممنوع. ولأنّ فيه توصّلاً إلى المحرَّم وهو المزابنة ؛ لأنّه يبيع جميع النخل في عقود متعدّدة.

فروع :

أ - لو باع في صفقة واحدة من رجلين كلّ واحد منهما نخلة معيّنة ، جاز. وكذا لو باعهما نخلتين مشاعاً بينهما ، وبه قال الشافعي(٤) ، خلافاً لأحمد ؛ لأنّ البائع - عنده - لا يجوز أن يبيع أكثر من عريّة واحدة(٥) .

ب - لو باع رجلان من واحد صفقة واحدة نخلتين عريّة ، جاز‌ - وهو‌

____________________

(١) صحيح مسلم ٣ : ١١٦٨ / ١٥٣٩ ، و ١١٧١ / ١٥٤٢ ، سنن الترمذي ٣ : ٥٩٤ / ١٣٠٠ ، سنن البيهقي ٥ : ٣٠٧ ، الموطأ ٢ : ٦٢٤ - ٦٢٥ / ٢٣ - ٢٥.

(٢) المغني ٤ : ١٩٧ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٧ ، حلية العلماء ٤ : ١٨٠.

(٣) الوجيز ١ : ١٥٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٧ ، حلية العلماء ٤ : ١٧٩ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٢ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٤٠٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١٨ ، المغني ٤ : ١٩٧ - ١٩٨ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦٦.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١٨.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٧ ، المغني ٤ : ١٩٧ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦٦.

٤٠٥

أحد وجهي الشافعيّة(١) - لأنّ تعدّد الصفقتين بتعدّد البائع أظهر من تعدّدها بتعدّد المشتري.

والثاني لهم : لا تجوز الزيادة على خمسة أوسق نظراً إلى مشتري الرطب ؛ لأنّه محلّ الخرص الذي هو خلاف قياس الربويّات ؛ فلا ينبغي أن يدخل في ملكه أكثر من القدر المحتمل دفعةً واحدة(٢) .

والجواب : أنّ ذلك يأتي في بائعٍ واحد ، أمّا في اثنين فلا.

ج - لو باع رجلان من رجلين صفقة واحدة ، احتمل جواز أربع نخلات.

وقال الشافعي : لا يجوز في أكثر من عشرة أوسق ، ويجوز فيما دونها ، وفي العشرة قولان(٣) .

مسألة ١٩٤ : وهل تثبت العريّة في العنب؟ إن قلنا بتناول تحريم المحاقلة العنب ، احتمل الثبوت ، وإلّا فلا بأس في بيعه بالزبيب أو العنب ؛ اقتصاراً بالمنع على مورده ، وانتفاء أصالة العلّيّة بالربا ؛ لانتفاء شرطه ، وهو الكيل أو الوزن في الثمرة على رؤوس الأشجار.

أمّا الشافعي فإنّه عمّم التحريم في العنب كالثمرة ، وجوّز بيع العريّة منه ؛ لأنّ في حديث ابن عمر أنّه قال : والعرايا بيع الرطب بالتمر والعنب بالزبيب(٤) . ولأنّ العنب يخرص كما يخرص النخل ويوسق ، وهو ظاهر يمكن معرفة مقداره بالتخمين(٥) .

____________________

(١ - ٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١٨.

(٤) صحيح مسلم ٣ : ١١٧١ / ١٥٤٢.

(٥) الاُم ٣ : ٥٥ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٢ ، الحاوي الكبير ٥ : ٢١٩ ، التهذيب =

٤٠٦

أمّا ما عدا ذلك من الثمار التي تجفّف - كالمشمش والخوخ والإجّاص - ففي جواز بيعه على شجرة بخرصه للشافعي قولان :

الجواز ، كالرطب والعنب ؛ لأنّ الحاجة تدعو إليه.

والمنع ؛ لأنّ العُشْر لم يجب ، ولم يُسنّ الخرص منها. ولأنّها تستتر في ورقها فيخفى خرصها(١) .

مسألة ١٩٥ : إنّما يجوز بيع الرطب بخرصه تمراً‌ إذا كان على رؤوس النخل في العريّة خاصّة ، فأمّا إذا كان الرطب على وجه الأرض ، فإنّه لا يجوز ؛ لأنّ ذلك إنّما جاز للحاجة ولا حاجة إلى شراء ذلك على وجه الأرض ، وإنّما الغرض في جوازه على النخل ليؤخذ شيئاً فشيئاً.

ولو باع الرطب على رؤوس النخل بالرطب على رؤوس النخل خرصا أو باع الرطب على رؤوس النخل خرصاً بالرطب على وجه الأرض كيلاً ، فالأقوى : الجواز ؛ للأصل السالم عن معارضة الربا ؛ ( لانتفائه بانتفاء شرطه )(٢) - وبه قال أبو علي ابن خيران من الشافعيّة(٣) - لما روي عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه رخّص في بيع العرايا بالتمر والرطب(٤) .

____________________

= - للبغوي - ٣ : ٤٠٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١٨ ، المغني ٤ : ٢٠١ ، الشرح الكبير ٤ : ١٦٩.

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٢ ، الحاوي الكبير ٥ : ٢١٩ ، حلية العلماء ٤ : ١٨٠ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٤٠٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١٨.

(٢) بدل ما بين القوسين في « ك ‍» : لانتفاء شرطه.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٢ ، الحاوي الكبير ٥ : ٢١٦ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٤٠٣ ، حلية العلماء ٤ : ١٧٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١٨.

(٤) صحيح البخاري ٣ : ٩٨ ، صحيح مسلم ٣ : ١١٦٨ / ١٥٣٩ ، سنن أبي داوُد ٣ : ٢٥١ / ٣٣٦٢ ، سنن النسائي ٧ : ٢٦٧ و ٢٦٨ ، سنن البيهقي ٥ : ٣١١.

٤٠٧

وقال أبو إسحاق منهم : إنّه إن كان نوعاً واحداً ، لم يجز. وإن كان نوعين ، جاز ؛ لأنّ في النوع الواحد لا حاجة إليه ، وقد ثبت غرض صحيح في النوعين(١) .

وقال الاصطخري منهم : إنّه لا يجوز ؛ لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله إنّما رخّص في بيعه بالتمر(٢) ، فلم يجز غير ذلك(٣) .

وهو ممنوع ؛ لأنّ المساواة بين الرطب والرطب أقرب منها بين الرطب والتمر.

ولو باع الرطب على وجه الأرض بالرطب على وجه الأرض متساوياً ، جاز عندنا على ما تقدّم في باب الربا ، خلافاً للشافعي(٤) .

مسألة ١٩٦ : ظاهر كلام الأصحاب يقتضي المنع من بيع العريّة على غير مالك الدار‌ أو البستان أو مستأجرهما أو مشتري ثمرة البستان على إشكال ، لأنّ النخلة إذا كانت للغير في ملك إنسان ربما لحقه التضرّر بدخول مشتري الثمرة إليها ، وكذا في بستانٍ ، وكذا في ثمرة بستانه ، فاقتضت الحكمة جواز بيعها على مالك الدار والبستان ومستأجرهما ومشتري الثمرة ، دفعاً للحاجة ، بخلاف غيرهما.

وظاهر كلام المجوّزين من الجمهور : العموم ، فيجوز لصاحب‌

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٢ ، حلية العلماء ٤ : ١٧٩ ، الحاوي الكبير ٥ : ٢١٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١٨.

(٢) صحيح البخاري ٣ : ٩٩ ، سنن البيهقي ٥ : ٣١٠.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٢ ، حلية العلماء ٤ : ١٧٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١٨.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٥٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٢١٨.

٤٠٨

البستان أن يبيع خمسة أوسق من الرطب بخرصها تمراً لأيّ شخص كان.

مسألة ١٩٧ : يجوز أن يتقبّل أحد الشريكين بحصّة صاحبه من الثمرة بشي‌ء معلوم منها‌ لا على سبيل البيع ؛ عملاً بالأصل. ولأنّ الحاجة قد تدعو إليه.

ولما رواه يعقوب بن شعيب عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن الرجلين يكون بينهما النخل فيقول أحدهما لصاحبه : اختر إمّا أن تأخذ هذا النخل بكذا وكذا كيلاً مسمّى وتعطيني نصف هذا الكيل زاد أو نقص ، وإمّا أن آخذه أنا بذلك وأردّ عليك ، قال : « لا بأس بذلك »(١) .

وهل يجوز البيع؟ يحتمل ذلك ؛ عملاً بالأصل السالم عن معارضة الربا ؛ إذ لا وزن في الثمرة على رأس الشجرة ، فعلى تقدير جواز البيع يثبت فيه أحكامه من الضمان على البائع قبل الإقباض ، وعلى المشتري بعده.

وإن منعنا البيع وجوّزنا التقبّل ، كان معناه أنّ المتقبّل يأخذ جميع الثمرة ويدفع إلى شريكه عن قدر حصّته ما تقبّل به ، فإن كان ما حصل مساوياً لما تقبّل به ، فلا بحث. وإن زاد فله. وإن نقص فعليه.

وهل يكون ذلك لازماً؟ إشكال. وعلى تقدير لزومه هل يكون الناقص عليه؟ وهل يكون مضموناً في يده؟ الأقرب : ذلك ، لأنّه إمّا بيعٌ فاسد أو تقبّل.

ولو تلفت الثمرة بآفة سماويّة بعد القبض ، هل يسقط من المال الذي تقبّل به شي‌ء أم لا؟

مسألة ١٩٨ : يجوز لمشتري الثمرة أن يبيعها بزيادة عمّا ابتاعه‌ أو‌

____________________

(١) الكافي ٥ : ١٩٣ / ٢ ، الفقيه ٣ : ١٤٢ / ٦٢٣ ، التهذيب ٧ : ٩١ / ٣٨٩.

٤٠٩

نقصان قبل قبضه وبعده ؛ عملاً بالأصل ، وبما رواه محمّد الحلبي - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن الرجل يشتري الثمرة ثمّ يبيعها قبل أن يأخذها ، قال : « لا بأس به إن وجد ربحاً فليبع »(١) .

وفي الصحيح عن محمّد بن مسلم عن أحدهماعليهما‌السلام أنّه قال في رجل اشترى الثمرة ثمّ يبيعها قبل أن يقبضها ، قال : « لا بأس »(٢) .

مسألة ١٩٩ : لو اشترى الزرع قصيلاً مع اُصوله ، صحّ. فإن قطعه فنبت ، فهو له. فإن شرط صاحب الأرض قطعه فلم يقطعه ، كان عليه اُجرة الأرض. ولو لم يشرط المشتري الأصل ، فهو لصاحبه. فإذا قصله المشتري ونبت ، كان للبائع. ولو لم يقصله ، كان شريكاً للبائع ويحكم بالصلح.

تذنيب : لو سقط من الحبّ المحصود شي‌ء فنبت في القابل‌ ، فهو لصاحب البذر لا الأرض - خلافاً لأحمد(٣) - سواء سقاه صاحب الأرض وربّاه أو لا ، ولصاحب الأرض الاُجرة ؛ لأنّه شغلها بماله.

آخر : لو اشترى نخلاً ليقطعه أجذاعاً فتركه حتى حمل ، فالحمل له ، وعليه الاُجرة ، سواء سقاه صاحب الأرض أو لا.

وفي رواية هارون بن حمزة الغنوي عن الصادقعليه‌السلام ، قال : قلت له : الرجل يشتري النخل ليقطعه للجذوع فيحمل النخل ، قال : « هو له إلاّ أن يكون صاحب الأرض سقاه وقام عليه»(٤) .

وهذه الرواية محمولة على جريان عقد المساقاة بينهما.

مسألة ٢٠٠ : يجوز للإنسان إذا مرّ بشي‌ء من ثمرة النخل والشجر‌

____________________

(١) التهذيب ٧ : ٨٨ - ٨٩ / ٣٧٦.

(٢) التهذيب ٧ : ٨٩ / ٣٧٧.

(٣) المغني ٤ : ٢٢٦ ، الشرح الكبير ٤ : ٢٤١.

(٤) التهذيب ٧ : ٩٠ / ٣٨٢.

٤١٠

والزرع أن يأكل منها(١) من غير إفساد. ولا يحلّ له أن يأخذ منها شيئاً يحمله ويخرج به ؛ لما رواه ابن أبي عمير - في الصحيح - عن بعض أصحابنا عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن الرجل يمرّ بالنخل والسنبل والثمرة فيجوز له أن يأكل منها من غير إذن صاحبها من ضرورة أو غير ضرورة؟ قال : « لا بأس »(٢) .

وقد روى عليّ بن يقطين - في الصحيح - عن الرضاعليه‌السلام ، قال سألته عن الرجل يمرّ بالثمرة من الزرع والنخل والكرم والشجر والمباطخ وغير ذلك من الثمر أيحلّ له أن يتناول منه شيئاً ويأكل بغير إذن من صاحبه؟

وكيف حاله إن نهاه صاحب الثمرة أو أمره المقيم فليس له؟ وكم الحدّ الذي يسعه أن يتناول منه؟ قال : « لا يحلّ له أن يأخذ منه شيئاً »(٣) .

قال الشيخرحمه‌الله : قوله : « لا يحلّ له أن يأخذ منه شيئاً » محمول على ما يحمله معه ، فأمّا ما يأكله في الحال من الثمرة فمباح(٤) ، للرواية السابقة. ولما رواه الحسين بن سعيد عن أبي داود عن بعض أصحابنا عن محمّد بن مروان عن الصادقعليه‌السلام ، قال : قلت له : أمرّ بالثمرة فآكل منها؟

قال : « كُلْ ولا تحمل » قلت : جعلت فداك ، التجّار قد اشتروها ونقدوا أموالهم ، قال : « اشتروا ما ليس لهم »(٥) .

مسألة ٢٠١ : لو كان في قرية نخل وزرع وبساتين وأرحاء وأرطاب‌ ، جاز للإنسان أن يشتري غلّتها ؛ للأصل.

____________________

(١) في « ق ، ك » والطبعة الحجريّة : منه ، وما أثبتناه يقتضيه السياق.

(٢) التهذيب ٧ : ٩٣ / ٣٩٣ ، الاستبصار ٣ : ٩٠ / ٣٠٦.

(٣) التهذيب ٧ : ٩٢ / ٣٩٢ ، الاستبصار ٣ : ٩٠ / ٣٠٧.

(٤) التهذيب ٧ : ٩٢ - ٩٣ ، الاستبصار ٣ : ٩٠ ذيل الحديث ٣٠٧.

(٥) التهذيب ٧ : ٩٣ / ٣٩٤ ، الاستبصار ٣ : ٩٠ / ٣٠٥.

٤١١

ولما رواه عبد الله بن أبي يعفور عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن قرية فيها أرحاء ونخل وزرع وبساتين وأرطاب أشتري غلّتها؟ قال : « لا بأس »(١) .

إذا ثبت هذا ، فإنّه يجوز أن يشتري ما فيها من الثمار والزروع ، ويشترط منفعة الرحى مدّة معلومة بشي‌ء معلوم ، وأن يتقبّل بمنافع هذه القرية على اختلاف أصنافها بشي‌ء معيّن ؛ للأصل.

____________________

(١) التهذيب ٧ : ٩٠ / ٣٨٣.

٤١٢

٤١٣

الفصل الثالث

في الصرف‌

وهو بيع الأثمان من الذهب أو الفضّة بالأثمان.

وإنّما سُمّي صرفاً ؛ لأنّ الصرف في اللغة هو : الصوت ، ولمـّا كان الصوت يحصل بتقليب الثمن والمثمن هنا سُمّي صرفاً.

وهو جائز إجماعاً ، وله شرائط تأتي إن شاء الله تعالى.

مسألة ٢٠٢ : من شرط الصرف التقابضُ في المجلس قبل التفرّق‌ ، سواء تماثلا جنساً أو اختلفا ، وسواء كانا معيّنين أو غير معيّنين بل موصوفين ، لما رواه العامّة عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « لا تبيعوا الذهب بالذهب إلاّ هاء وهاء »(١) وهي تقتضي وجوب التقابض في المجلس.

ومن طريق الخاصّة : ما رواه محمّد بن قيس عن الباقرعليه‌السلام قال : « قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : لا يبتاع رجل فضّة بذهب إلّا يداً بيد ، ولا يبتاع ذهباً بفضّة إلّا يداً بيد »(٢) .

إذا ثبت هذا ، فلا يجوز إسلاف أحدهما في الآخر ، سواء اتّفقا في الجنس أو اختلفا ، وسواء اتّحدا وزناً أو اختلفا ، وسواء تساويا وصفاً أو‌

____________________

(١) لم نعثر عليه في الكتب الحديثيّة المتوفّرة لدينا ، وفي صحيح البخاري ٣ : ٩٧ ، وسنن ابن ماجة ٢ : ٧٥٧ / ٢٢٥٣ ، وسنن البيهقي ٥ : ٢٧٦ : « الذهب بالذهب ربا إلّا هاء وهاء ». و « هاء » اسم فعل ، بمعنى « خُذْ ».

(٢) الكافي ٥ : ٢٥١ / ٣١ ، التهذيب ٧ : ٩٩ / ٤٢٦ ، الاستبصار ٣ : ٩٣ / ٣١٨.

٤١٤

تضادّا ؛ لأنّ التقابض في المجلس شرط فيه ، ولا يتحقّق ذلك مع إسلاف أحدهما في الآخر.

ولقول الباقرعليه‌السلام أنّه قال : « في الورق بالورق وزناً بوزن ، والذهب بالذهب وزناً بوزن »(١) .

فروع :

أ - لو افترقا قبل التقابض ، بطل البيع ؛ لعدم الشرط.

ولو تفرّقا وقد تقابضا البعض خاصّة ولمـّا يتقابضا في الباقي ، بطل البيع فيما لم يتقابضا فيه ، ويكونان بالخيار في الباقي ؛ لتبعّض الصفقة في حقّهما ، ولا يبطل في الباقي المقبوض. وللشافعي قولان مبنيّان على تفريق الصفقة(٢) .

ب - لو قاما عن ذلك المجلس قبل التقابض مصطحبين ، لم يحصل الافتراق ، وكان البيع صحيحاً ، فإن تقابضا في غير ذلك المجلس ولم يفترقا ، صحّ البيع ولزم ، لحصول التقابض قبل التفرّق ، لقول الصادقعليه‌السلام : « إذا اشتريت ذهباً بفضّة ، أو فضّة بذهب فلا تفارقه حتى تأخذ منه ، وإن نزا حائطاً فانز معه »(٣) .

ولأنّ خيار المجلس يبطل مع الافتراق ولا يبطل مع مفارقتهما لذلك المجلس مصطحبين ، فلا يكون ذلك افتراقاً.

ج - قد بيّنّا أنّه يشترط الحلول ؛ لاشتراط التقابض في المجلس ، فلو‌

____________________

(١) التهذيب ٧ : ٩٨ / ٤٢٣.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨.

(٣) التهذيب ٧ : ٩٩ / ٤٢٧ ، الاستبصار ٣ : ٩٣ / ٣١٩.

٤١٥

أسلف أحدهما في الآخر بأجل قصير جدّا ولو ساعة مع الضبط ولم يتفارقا حتى تقابضا ، لم يصحّ البيع أيضا ، لما تقدّم(١) في الحديثين عن أمير المؤمنينعليه‌السلام وعن الباقرعليه‌السلام .

د - لو تصارفا ذهباً بذهب أو فضّة ، أو فضّةً بفضّة أو ذهب ، لم يضرّ طول لبثهما في المجلس‌ ولا طول مصاحبتهما ، سواء كان الثمن والمثمن معيّنين أو مطلقين في الذمّة أو معيّناً ومطلقاً ولو امتدّ إلى سنة وأزيد.

ه- لو وكّل أحدهما وكيلاً في القبض أو وكّلا وكيلين فيه وتقابض الوكيلان ، صحّ البيع‌ إن تقابض الوكيلان أو قبض وكيل أحدهما من العاقد قبل مفارقة المتبايعين ، وإلّا بطل ؛ لأنّ المجلس متعلّق ببدن المتعاقدين.

ولأنّ الصادقعليه‌السلام سُئل عن بيع الذهب بالدراهم فيقول : أرسل رسولاً فيستوفي لك ثمنه ، قال : « يقول : هات وهلمّ ويكون رسولك معه »(٢) .

و - لو لم تتّفق المصاحبة ولا ملازمة المجلس فأرسل أحدهما وكيله ليقبض من صاحبه ، بطل ذلك العقد ، واحتاج إلى أن يجدّده الوكيل ؛ لفوات الشرط.

ولأنّ ابن الحجّاج سأله عن الرجل يشتري من الرجل الدراهم بالدنانير فيزنها وينتقدها ويحسب ثمنها كم هو دينار ثمّ يقول : أرسل غلامك معي حتى اُعطيه الدنانير ، فقال : « ما أحبّ أن يفارقه حتى يأخذ الدنانير » فقلت : إنّما هم في دار واحدة وأمكنتهم قريبة بعضها من بعض وهذا يشقّ عليهم ، فقال : « إذا فرغ من وزنها وانتقادها فليأمر الغلام الذي‌

____________________

(١) في ص ٤١٣.

(٢) الكافي ٥ : ٢٥٢ / ٣٣ ، التهذيب ٧ : ٩٩ / ٤٢٨.

٤١٦

يرسله أن يكون هو الذي يبايعه ويدفع إليه الورق ويقبض منه الدنانير حيث يدفع إليه الورق»(١) .

ز - لا تقوم مصاحبة الوكيل مقام مصاحبة الموكّل ، بل متى تعاقدا وتفرّقا واصطحب الوكيل والآخر ، بطل البيع ؛ لانتفاء الشرط.

ح - لو تصارف الوكيلان أو أحدُ صاحبي المال مع وكيل الآخر ، كان الاعتبار بالمتعاقدين لا بالمالكين ، فلو تفرّق الوكيلان المتعاقدان دون صاحبي المال ، بطل البيع ، وبالعكس لا يبطل.

ط - لو تعذّر عليهما التقابض في المجلس وأرادا الافتراق ، لزمهما أن يتفاسخا العقد بينهما ، فإن تفرّقا قبله ، كان ذلك ربا ، وجرى مجرى بيع مال الربا بعضه ببعض نسيئةً ، ولا يغني تفرّقهما ؛ لأنّ فساد العقد إنّما يكون به شرعاً ، كما أنّ العقد مع التفاضل فاسد ويأثمان به.

مسألة ٢٠٣ : لو اشترى بنصف دينار شيئا وبنصفه ورقا ، جاز‌بشرط أن يقبض ما قابل الورق ، لما رواه الحلبي - في الصحيح(٢) - قال : سألت أبا عبد الله الصادقعليه‌السلام : عن رجل ابتاع من رجل بدينار وأخذ بنصفه بيعا وبنصفه ورقا ، قال : « لا بأس به » وسألته هل يصلح له أن يأخذ بنصفه ورقاً أو بيعاً ويترك نصفه حتى يأتي بعد فيأخذ به ورقاً أو بيعاً؟ فقال : « ما اُحبّ أن أترك منه شيئاً حتى آخذه جميعاً فلا يفعله »(٣) .

واعلم أنّ الدينار المقبوض إذا كان قد انتقل بالبيع ، لم يجز التفرّق قبل قبض الورق ، سواء قبض العوض الآخر أو لا. ولو قبض العوض‌

____________________

(١) الكافي ٥ : ٢٥٢ / ٣٢ ، التهذيب ٧ : ٩٩ / ٤٢٩ ، الاستبصار ٣ : ٩٤ / ٣٢٠.

(٢) « في الصحيح » لم ترد في « ق ، ك ».

(٣) التهذيب ٧ : ٩٩ - ١٠٠ / ٤٣٠.

٤١٧

الآخر ، لم يكف في قبض الورق ، وصحّ البيع فيه خاصّة وإن لم يقبضه.

ولو انعكس الفرض فدفع نصف الدينار خاصّة بعد إقباض الورق والمبيع الآخر ، فإن نوى بالدفع عن الورق ، صحّ البيع فيهما. وإن نوى بالدفع عن الآخر ، بطل في الورق ، وتخيّر في الآخر. وإن أطلق ، احتمل ضعيفاً صرفه إلى الورق تصحيحاً للعقد ، والبطلان في نصف الورق.

مسألة ٢٠٤ : لو اشترى الإنسان من غيره دراهم بدنانير ثمّ اشترى بها دنانير‌ قبل قبض الدراهم ، بطل الثاني ؛ لأنّه بيع الموزون قبل قبضه ، وهو منهيّ عنه(١) على ما تقدّم(٢) ؛ فإن(٣) افترقا ، بطل العقدان معاً ؛ للتفرّق قبل التقابض في الصرف. ولو كان ثمن الدراهم غير الدنانير ، لم يبطل الأوّل ؛ إذ القبض في المجلس ليس شرطاً فيه.

مسألة ٢٠٥ : لو كان للإنسان على غيره دراهم وأمره بأن يحوّلها إلى الدنانير‌ أو بالعكس بعد المساعرة على جهة التوكيل في البيع ، صحّ وإن تفرّقا قبل القبض ؛ لأنّ النقدين من واحد ، وهو بعينه موجب للبيع بالأصالة وقابل بالوكالة ، فكان بمنزلة المقبوض.

ولما رواه إسحاق بن عمّار ، قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : يكون للرجل عندي الدراهم فيلقاني فيقول : كيف سعر الوضح اليوم؟ فأقول : كذا وكذا ، فيقول : أليس لي عندك كذا وكذا ألف درهم وضحاً؟ فأقول : نعم ، فيقول : حوّلها إلى دنانير بهذا السعر وأثبتها لي عندك ، فما ترى في هذا؟

فقال لي : « إذا كنت قد استقصيت له السعر يومئذٍ فلا بأس بذلك » فقلت :

____________________

(١) المعجم الكبير - للطبراني - ١١ : ١٢ / ١٠٨٧٥.

(٢) في ص ١٢٠ و ١٢١.

(٣) في الطبعة الحجريّة : « وإن » بدل « فإن ».

٤١٨

إنّي لم اُوازنه ولم اُناقده وإنّما كان كلام منّي ومنه ، فقال : « أليس الدراهم من عندك والدنانير من عندك؟ » قلت : بلى ، قال : « فلا بأس »(١) .

أمّا لو لم يكن على جهة التوكيل في البيع بل اشترى منه بالدراهم - التي في ذمّته - دنانير ، وجب القبض قبل التفرّق ؛ لأنّه صرفٌ فات شرطه فكان باطلاً.

مسألة ٢٠٦ : لا يشترط الوزن والنقد حالة العقد ولا حالة القبض‌ ، فلو صارفة مائة دينار بألف درهم ثمّ دفع إليه دراهم غير معلومة القدر والنقد وتفرّقا ، صحّ البيع إن كان المدفوع قد اشتمل على الحقّ أو زاد ، أمّا لو نقص ، فإنّه يبطل في القدر الناقص خاصّة ؛ لوجود المقتضي للصحّة ، وعدم المانع ، وهو انتفاء القبض ؛ إذ لم يشرط في القبض التعيين.

ولما رواه إسحاق بن عمّار ، قال : سألت الكاظمعليه‌السلام عن الرجل يأتيني بالورق فأشتريها منه بالدنانير فأشتغل عن تحرير وزنها وانتقادها وفضل ما بيني وبينه ، فاُعطيه الدنانير وأقول له : إنّه ليس بيني وبينك بيع ، وإنّي قد نقضت الذي بيني وبينك من البيع ، وورقك عندي قرض ، ودنانيري عندك قرض ، حتى يأتيني من الغد فاُبايعه ، فقال : « ليس به بأس »(٢) .

ولو كان المدفوع أقلّ من المستحَقّ ، بطل الصرف في الناقص خاصّة ، وتخيّر في الفسخ في الباقي ؛ لتبعّض الصفقة.

وكذا لو دفع إليه الدراهم بقدر حقّه إلّا أنّ فيها زيوفاً ، فإنّه يصحّ البيع إن كان الغشّ من الجنس بسبب اختلاف الجوهر في النعومة والخشونة‌

____________________

(١) التهذيب ٧ : ١٠٢ - ١٠٣ / ٤٤١.

(٢) التهذيب ٧ : ١٠٣ / ٤٤٤.

٤١٩

وشبهه ؛ لأنّه من جنس الحقّ ، ولو رضي قابضه به ، لزم البيع ، بخلاف ما إذا لم يكن من الجنس.

ولأنّ إسحاق بن عمّار سأل الكاظمَعليه‌السلام عن الرجل يبيعني الورق بالدنانير وأتّزن منه وأزن له حتى أفرغ فلا يكون بيني وبينه عمل إلّا أنّ في ورقه نفاية(١) وزيوفا وما لا يجوز ، فيقول : انتقدها وردّ نفايتها ، فقال : « ليس به بأس ولكن لا تؤخّر ذلك أكثر من يوم أو يومين فإنّما هو الصرف » قلت : فإن وجدت(٢) في ورقه فضلاً مقدار ما فيها من النُّفاية؟ فقال : « هذا احتياط ، هذا أحبّ إليَّ »(٣) .

مسألة ٢٠٧ : الجيّد من الجوهرين مع الردي‌ء منه واحد مع اتّحاد الجنس‌ ، وكذا المصوغ والمكسّر ، فلو باع آنيةً من ذهب أو فضّة بأحد النقدين ، وجب التقابض قبل التفرّق ؛ لأنّ أصالة الجوهريّة مانعة من التكثّر ، والكسرُ وضدُّه غير موجبين له. وكذا جيّد الجوهر - كالفضّة الناعمة - مع رديئه كالخشنة - وبه قال أبو حنيفة وأحمد(٤) - لأنّ الصفة لا قيمة لها في الجنس ، فإنّه لا يجوز بيع المصوغ بالتبر متفاضلاً.

وخالف فيه الشافعي ؛ لأنّ قيمة الصحيح أكثر من قيمة المكسور ، فيؤدّي إلى التفاضل فيلزم الربا(٥) .

____________________

(١) النُّفاية : ما نفيتَه من الشي‌ء لرداءته. الصحاح ٦ : ٢٥١٤ « نفا ».

(٢) في « ق ، ك » والطبعة الحجريّة : « أخذت » بدل « وجدت ». وما أثبتناه من المصدر.

(٣) الكافي ٥ : ٢٤٦ / ٧ ، التهذيب ٧ : ١٠٣ / ٤٤٤.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٨٧ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٤٣ ، المغني والشرح الكبير ٤ : ١٤١ و ١٩٦.

(٥) مختصر المزني : ٧٨ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٤٣ ، الوجيز ١ : ١٣٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٨٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٣.

٤٢٠

وهو ممنوع ؛ لأنّ الربا إنّما يثبت مع زيادة العين لا زيادة الصفة.

ولما رواه أبو بصير عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن الرجل يستبدل الشاميّة بالكوفيّة وزناً بوزن ، فقال : « لا بأس »(١) .

وفي الصحيح عن الحلبي عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن الرجل يستبدل الشاميّة بالكوفيّة وزناً بوزن ، فيقول الصيرفي : لا أبدلك حتى تبدلني يوسفيّة بغلّة وزناً بوزن ، فقال : « لا بأس به » فقلنا : إنّ الصيرفي إنّما طلب فضل اليوسفيّة على الغلّة ، فقال : « لا بأس به »(٢) ولو لا اتّحادهما في الجنس ، لما جاز ذلك.

إذا ثبت هذا ، فإذا اختلف الجنس ، جاز التفاضل ؛ لعموم قولهعليه‌السلام : « إذا اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم »(٣) .

ولأنّ محمّد بن مسلم سأله عن الرجل يبتاع الذهب بالفضّة مثلين بمثل ، قال : « لا بأس به يداً بيد »(٤) .

أمّا إذا اتّحد الجنس ، فلا يجوز التفاضل في القدر ، بل يجوز في الوصف كما قلنا : إنّه يجوز بيع جيّد الجوهر برديئه متساوياً لا متفاضلاً ، فلو باعه مائة دينار جيّدة ومائة دينار رديئة بمائتين جيّدة أو رديئة أو وسط ، جاز عندنا ، خلافاً للشافعي(٥) .

مسألة ٢٠٨ : الدراهم والدنانير المغشوشة إن علم مقدار الغشّ فيها‌ ،

____________________

(١) التهذيب ٧ : ١٠٤ / ٤٤٧.

(٢) الكافي ٥ : ٢٤٧ / ١١ ، التهذيب ٧ : ١٠٤ - ١٠٥ / ٤٤٨ بتفاوت يسير.

(٣) الجامع لأحكام القرآن ١٠ : ٨٦.

(٤) التهذيب ٧ : ٩٨ / ٤٢٤ ، الاستبصار ٣ : ٩٣ / ٣١٧.

(٥) مختصر المزني : ٧٨ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٤٣ ، الوجيز ١ : ١٣٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٨٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٣.

٤٢١

جاز بيعها بجنسها بشرط زيادة في السليم يقابل الغشّ ليخلص من الربا لو بيع بقدر الصافي منها ، ويجوز بيعها بغير الجنس مطلقاً. وإن لم يعلم مقدار الغشّ ، وجب أن تباع بغير جنسها حذراً من الربا ؛ لإمكان أن يتساوى الصافي والثمن في القدر ، فيبقى الغشّ زيادة في أحد المتساويين.

ولما رواه ابن سنان - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن شراء الفضّة فيها الرصاص بالورق ، وإذا خُلّصت نقصت من كلّ عشرة درهمين أو ثلاثة ، قال : « لا يصلح إلّا بالذهب » وسألته عن شراء الذهب فيه الفضّة والزئبق والتراب بالدنانير والورق ، فقال : « لا تصارفه إلّا بالورق »(١) .

ولو بِيع بوزن المغشوش ، فإنّه يجوز ؛ إذ الفاضل عن الصافي مقابل الغشّ.

إذا ثبت هذا ، فإنّه لا يجوز إنفاقه إلّا بعد إبانته وإيضاح حاله ، إلّا أن يكون معلوم الصرف بين الناس ؛ لاشتماله على الغشّ المحرَّم.

ولما رواه المفضل بن عمر الجعفي ، قال : كنت عند الصادقعليه‌السلام ، فاُلقي بين يديه دراهم فألقى إليَّ درهماً منها ، فقال : « ما هذا؟ » فقلت : ستوق ، فقال : « وما الستوق؟ » فقلت : طبقتان فضّة وطبقة من نحاس وطبقة من فضّة ، فقال « اكسرها فإنّه لا يحلّ بيع هذا ولا إنفاقه»(٢) .

أمّا مع الإيضاح والبيان فلا بأس ؛ لانتفاء الغشّ.

ولما رواه علي بن رئاب - في الصحيح - قال : لا أعلمه إلّا عن محمّد ابن مسلم ، قال : قلت للصادقعليه‌السلام : الرجل يعمل الدراهم يحمل عليها‌

____________________

(١) التهذيب ٧ : ١٠٩ / ٤٦٨.

(٢) التهذيب ٧ : ١٠٩ / ٤٦٦ ، الاستبصار ٣ : ٩٧ / ٣٣٣ بتفاوت يسير في بعض الألفاظ.

٤٢٢

النحاس أو غيره ثمّ يبيعها ، قال : « إذا بيّن ذلك فلا بأس »(١) .

وكذا إذا كان يجوز بين الناس ، لانتفاء الغشّ أيضاً فيه.

ولما رواه محمّد بن مسلم - في الصحيح - عن الباقرعليه‌السلام ، قال : جاءه رجل من سجستان ، فقال له : إنّ عندنا دراهم يقال لها : الشاهيّة ، يحمل على الدرهم دانقين ، فقال : « لا بأس به إذا كان يجوز »(٢) .

مسألة ٢٠٩ : تراب معدن أحد النقدين يُباع بالآخر‌ - وبه قال أبو حنيفة(٣) - احتياطاً وتحرّزاً من الربا. ولو جُمعا ، بِيعا بهما صرفاً لكلٍّ منهما إلى غير جنسه ، والأصل حمل العقد على الصحّة مهما أمكن.

ولما رواه أبو عبد الله مولى عبد ربّه عن الصادقعليه‌السلام أنّه سأله عن الجوهر الذي يخرج من المعدن وفيه ذهب وفضّة وصُفْر جميعاً كيف نشتريه؟ قال : « اشتر بالذهب والفضّة جميعاً »(٤) .

وقال الشافعي : لا يجوز ؛ لجهالة المقصود(٥) . وهو ممنوع.

مسألة ٢١٠ : تراب الصياغة يُباع بالجوهرين معاً أو بجنس غيرهما لا بأحدهما‌ ؛ تحرّزاً من الربا ، كما قلنا في تراب معدن أحد الجوهرين ، خلافاً للشافعي(٦) ، كما تقدّم في تراب المعدن.

وإذا بِيع ، تصدّق بثمنه ؛ لأنّ أربابه لا يتميّزون. ولو عُرفوا ، صرف إليهم ؛ لما رواه علي بن ميمون الصائغ ، قال : سألت الصادقَعليه‌السلام عمّا يكنس من التراب فأبيعه فما أصنع به؟ فقال : « تصدّق به فإمّا لك وإمّا‌

____________________

(١) التهذيب ٧ : ١٠٩ / ٤٦٧ ، الاستبصار ٣ : ٩٧ / ٣٣٤.

(٢) التهذيب ٧ : ١٠٨ / ٤٦٥‌

(٣) بدائع الصنائع ٥ : ١٩٥.

(٤) الكافي ٥ : ٢٤٩ / ٢٢ ، التهذيب ٧ : ١١١ / ٤٧٨.

(٥ و ٦ ) المجموع ٩ : ٣٠٧.

٤٢٣

لأهله » قلت : فإنّ فيه ذهباً وفضّةً وحديداً فبأيّ شي‌ء أبيعه؟ قال : « بِعْه بطعام » قلت : فإن كان لي قرابة محتاج اُعطيه منه؟ قال : « نعم »(١) .

مسألة ٢١١ : يجوز بيع الرصاص وإن كان فيه فضّة يسيرة بالفضّة‌ ، وبيعُ النحاس بالذهب وإن اشتمل على ذهبٍ يسير ، ولا اعتبار بهما ؛ لأنّه تابع غير مقصود ألبتّة بالبيع ، فأشبه الحلية على سقوف الجدران.

ولما رواه عبد الرحمن بن الحجّاج - في الحسن - عن الصادقعليه‌السلام في الاُسرب(٢) يشترى بالفضّة ، فقال : « إذا كان الغالب عليه الاُسرب فلا بأس »(٣) .

مسألة ٢١٢ : المصاغ من النقدين معاً إن جهل قدر كلّ واحد منهما‌ ، بِيع بهما معاً أو بجنس غيرهما أو بالأقلّ إن تفاوتا مع الزيادة عليه حذراً من الربا. وإن علم قدر كلّ واحد منهما ، بِيع بأيّهما شاء مع زيادة الثمن على جنسه. ولو بِيع بهما أو بغيرهما ، جاز مطلقاً ؛ لأصالة الجواز ، وزوال مانعيّة الربا هنا.

ولما رواه إبراهيم بن هلال ، قال : سألت الصادقَعليه‌السلام : جام فيه ذهب وفضّة أشتريه بذهب أو فضّة؟ فقال : « إن كان تقدر على تخليصه فلا ، وإن لم تقدر على تخليصه فلا بأس »(٤) .

مسألة ٢١٣ : الدراهم والدنانير إذا كانا خالصين ، جاز مصارفة كلّ واحد منهما بجنسه متساوياً‌ وبغير جنسه مطلقاً ، سواء اتّفقت صفتهما أو لا.

____________________

(١) الكافي ٥ : ٢٥٠ / ٢٤ ، التهذيب ٧ : ١١١ / ٤٧٩.

(٢) الاُسرب : الرصاص ، أعجميّ. لسان العرب ١ : ٤٦٦ « سرب ».

(٣) الكافي ٥ : ٢٤٨ / ١٥ ، التهذيب ٧ : ١١١ - ١١٢ / ٤٨١.

(٤) الكافي ٥ : ٢٥ / ٢٦ ، التهذيب ٧ : ١١٢ / ٤٨٤.

٤٢٤

وإن كان فيهما غشّ ، فإن كان له قيمة - كالرصاص والنحاس - جاز بيع بعضها ببعض صرفاً للخالص إلى الغشّ ، والغشّ إلى الخالص ، وحملاً على صحّة البيع مهما أمكن.

ولما رواه عمر بن يزيد عن الصادقعليه‌السلام : قلت له : الدراهم بالدراهم مع أحدهما الرصاص وزناً بوزن ، فقال : « لا بأس »(١) وبه قال أبو حنيفة(٢) .

وقال الشافعي : لا يجوز ؛ لجهل التساوي بين الفضّتين ؛ لإمكان اختلاف الغشّ ، والجهل بالتساوي فيما فيه الربا كالعلم بالتفاضل ، وهو مبني على مقابلة الجنس بمثله(٣) .

وهو ممنوع ، بل إمّا أن يقابل بمخالفه ، أو تُقابل الجملة بالجملة ، والمركّب من المساوي والمختلف مخالف للمركّب من المساوي والمختلف ، كالأنواع المندرجة تحت جنسٍ واحد.

وإن كان الغشّ ممّا يستهلك ، كالزرنيخيّة والاندرانيّة في الفضّة التي تطلي على النورة ، والزرنيخ المستهلك بدخوله النار ، جاز البيع ، عندنا أيضاً على ما تقدّم ، خلافاً للشافعي ؛ للجهل بتساوي الفضّتين(٤) . وقد بيّنّا عدم اشتراط العلم بهما.

تذنيب : يجوز أن يشتري بكلّ واحدٍ من هذين القسمين متاعاً غير أحد النقدين ؛ لأنّه لمـّا جاز شراء النقدين بهما فبغيرهما أولى - وهو أحد وجهي الشافعيّة(٥) - لأنّ عمر قال : مَنْ زافت دراهمه فليدخل السوق‌

____________________

(١) الفقيه ٣ : ١٨٤ - ١٨٥ / ٨٣٣ ، التهذيب ٧ : ١١٤ / ٤٩٣ بتفاوت يسير.

(٢) بدائع الصنائع ٥ : ١٩٦.

(٣) حلية العلماء ٤ : ١٥٨.

(٤) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨١ ، حلية العلماء ٤ : ١٥٨.

(٥) حلية العلماء ٤ : ١٥٨.

٤٢٥

فليشتر بها سحق الثياب(١) .

ومن طريق الخاصّة : قول عمر بن يزيد : سألتُ الصادقَعليه‌السلام عن إنفاق الدراهم المحمول عليها ، فقال : « إذا جازت الفضّة المثلين(٢) فلا بأس »(٣) وهو محمول على العلم بحالها والتعامل بمثلها.

ولأنّ المنع من ذلك يؤدّي إلى الإضرار ؛ لأنّه لا يمكنه الانتفاع بها جملة.

وأمّا إذا اشترى بها ذهباً ، كان بيعاً وصرفاً ، فيكون هذا العقد قد اشتمل على أمرين مختلفي الأحكام.

وفيه قولان للشافعي : المنع ، والجواز(٤) .

والثاني(٥) : المنع ؛ لجهالة المقصود(٦) . وهو ممنوع.

مسألة ٢١٤ : السيوف المحلّاة أو المراكب المحلّاة وغيرها بأحد النقدين‌ إن علم مقدار الحلية ، جاز البيع بجنسها مع زيادة الثمن في مقابلة السيف أو المركب ليخلص من الربا ، أو مع اتّهاب المحلّى من غير شرط.

ويجوز بيعها بالجنس الآخر أو بغير النقدين مطلقاً ، سواء ساواه أو زاد أو نقص ؛ لقولهعليه‌السلام : « إذا اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم »(٧) .

وإن جهل مقدار الحلية ، بيع بالجنس الآخر من النقدين أو بغيرهما أو‌

____________________

(١) أورده السبكي في تكملة شرح المهذّب ( المجموع ) ١٠ : ٤٠٩ بتفاوت يسير.

(٢) في الاستبصار : « الثلثين ».

(٣) التهذيب ٧ : ١٠٨ / ٤٦٣ ، الاستبصار ٣ : ٩٦ / ٣٣٠.

(٤) حلية العلماء ٤ : ١٥٩.

(٥) أي : الوجه الثاني للشافعيّة ، المتقدّم أوّلهما في صدر التذنيب.

(٦) حلية العلماء ٤ : ١٥٨.

(٧) الجامع لأحكام القرآن ١٠ : ٨٦.

٤٢٦

بالجنس مع الضميمة ، تحرّزاً من الربا.

ولما رواه منصور الصيقل عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن السيف المفضّض يباع بالدراهم؟ فقال : « إذا كانت فضّته أقلّ من النقد فلا بأس ، وإن كانت أكثر فلا يصلح »(١) والأكثريّة هنا تتناول المساوي جنساً وقدراً ؛ لحصولها بانضمام المحلّى إليها.

وقال الشافعي : لا يجوز بيع المحلّى بالفضّة بالدراهم(٢) ؛ لما تقدّم.

وقد أبطلناه. فإن باعه بذهب ، فقولان ؛ لأنّ العقد جمع بين عوضين مختلفي الأحكام ، أحدهما : لا يجوز ؛ لأنّه صرفٌ وبيع ، وهُما مختلفا الأحكام. والثاني : الجواز(٣) . وهو الحقّ عندنا ، لأنّ كلّ واحد منهما يصحّ العقد عليه ، فجاز جمعهما فيه.

وإن اختلف الحكمان ، كما لو باع شقصاً وثوباً صفقةً واحدة ، فإنّ حكمهما مختلف ؛ لثبوت الشفعة في الشقص دون الثوب.

ولو باعه بغير الذهب والفضّة ، جاز إجماعاً ؛ لانتفاء مانعيّة الربا واختلاف الأحكام.

ولو اشترى خاتماً من فضّة له فُصٌّ بفضّة ، جاز عندنا مع زيادة الثمن على الفضّة أو اتّهاب الفُصّ.

ومَنَعه الشافعي ؛ لأدائه إلى الربا إذا قسّمت الفضّة على الفضّة والفُصّ(٤) .

____________________

(١) التهذيب ٧ : ١١٣ / ٤٨٨ ، الاستبصار ٣ : ٩٨ / ٣٣٨.

(٢) الاُم ٣ : ٣٣ ، وحكاه عنه الشيخ الطوسي في الخلاف ٣ : ٧١ ، المسألة ١١٧.

(٣) الاُم ٣ : ٣٣ ، وحكاه عنه الشيخ الطوسي في الخلاف ٣ : ٧١ ، المسألة ١١٨.

(٤) الاُم ٣ : ٣٣ ، وحكاه عنه الشيخ الطوسي في الخلاف ٣ : ٧٢ ، المسألة ١١٩.

٤٢٧

وهو ممنوع ؛ لأنّا شرطنا زيادة الثمن.

ولو باعه بذهب ، جاز مطلقاً عندنا.

وللشافعي قولان ؛ لأنّه بيعٌ وصرفٌ(١) .

تذنيب : لو باع السيف المحلّى بالنسبة بمساوي الحلية في النقد‌ أو بالنقد الآخر ، فإن نقد مقابل الحلية ، جاز ، وإلّا فلا ؛ لأنّ القبض في المجلس شرط في الصرف لا في السيف.

ولما رواه أبو بصير - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن بيع السيف المحلّى بالنقد ، فقال : « لا بأس » قال : وسألته عن بيع النسيئة ، فقال : « إذا نقد مثل ما في فضّته فلا بأس »(٢) .

ولو كان الثمن غير النقدين ، جاز نسيئة من غير شرط قبض شي‌ء البتّة ؛ لانتفاء شرطيّة القبض هنا ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « لا بأس ببيع السيف المحلّى بالفضّة نسْأً إذا نقد عن فضّته ، وإلّا فاجعل ثمنه طعاماً ، ولينسه إن شاء »(٣) .

مسألة ٢١٥ : الدراهم والدنانير تتعيّنان بالتعيين‌ ، فلو باعه بهذه الدراهم أو بهذه الدنانير ، لم يجز للمشتري الإبدال بمثلها ، بل يجب عليه دفع تلك العين ، كالمبيع. ولو تلفت قبل القبض ، انفسخ البيع ، ولم يكن له دفع عوضها وإن ساواه مطلقا ، ولا للبائع طلبه.

وإن وجد البائع بها عيباً ، لم يستبدلها ، بل إمّا أن يرضى بها ، أو يفسخ العقد - وبه قال الشافعي وأحمد(٤) - لاختلاف الأغراض باختلاف‌

____________________

(١) الاُم ٣ : ٣٣ ، وحكاه عنه الشيخ الطوسي في الخلاف ٣ : ٧٢ ، المسألة ١٢٠.

(٢) الكافي ٥ : ٢٤٩ - ٢٥٠ / ٢٣ ، التهذيب ٧ : ١١٢ / ٤٨٥ ، الاستبصار ٣ : ٩٧ / ٣٣٥.

(٣) التهذيب ٧ : ١١٢ / ٤٨٦ ، الاستبصار ٣ : ٩٧ / ٣٣٦.

(٤) الحاوي الكبير ٥ : ١٣٩ - ١٤٠ ، حلية العلماء ٤ : ١٥٥ - ١٥٦ ، المغني ٤ : ١٨١ - ١٨٢ و ١٨٤ ، الشرح الكبير ٤ : ١٨٢ و ١٩٠.

٤٢٨

الأشخاص ، كالمبيع. ولأنّها عوض يشار إليه بالعقد(١) ، فوجب أن يتعيّن كسائر الأعواض. ولأنّ الدراهم والدنانير تتعيّن في الغصب والوديعة فكذا هنا.

ولو أبدلها بمثلها أو بغير جنسها برضا البائع ، فهو كبيع المبيع من البائع.

وقال أبو حنيفة : لا تتعيّن بالعقد ، بل تتعيّن بالقبض ، ويجوز إبدالها بمثلها. وإذا تلفت قبل القبض ، لا ينفسخ العقد. وإذا وجد بها عيباً ، كان له الاستبدال ؛ لأنّه يجوز إطلاقه في العقد ، وما يجوز إطلاقه لا يتعيّن بالتعيين ، كالمكيال والصنجة. ولأنّه عوض في أعيانها(٢) .

والجواب : أنّ جواز الإطلاق ثبت لأنّ له عرفاً ينصرف إليه يقوم في بيانه مقام الصفة. والمكيال المراد(٣) به تقدير المعقود عليه ، وكلّ مكيال قُدّر به فهو مقدّر بمثله ، ولا يختلف ذلك ، وهنا تختلف أعيانها فافترقا.

والعوض ينتقض بما بعد القبض وبالوديعة وبالغصب وبالإرهان وكلّ متساوي الأجزاء.

مسألة ٢١٦ : إذا تقابضا الصرف ثمّ وجد أحدهما بما صار إليه عيباً ، فهو(٤) قسمان.

الأوّل : أن يكونا معيّنين. فإمّا أن يكون العيب من غير الجنس - كأنّ يشتري فضّة فيخرج رصاصاً ، أو ذهباً فيخرج نحاساً - أو من الجنس ، كأن‌

____________________

(١) في « ق ، ك» : في العقد.

(٢) بدائع الصنائع ٥ : ٢١٨ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٣٨ ، حلية العلماء ٤ : ١٥٦ ، المغني ٤ : ١٨٤ ، الشرح الكبير ٤ : ١٩٠.

(٣) في الطبعة الحجريّة : والمراد ، بزيادة الواو.

(٤) في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : وهو. وما أثبتناه من تصحيحنا.

٤٢٩

تكون الفضّة سوداء أو خشنة أو مضطربة السكّة مخالفة لسكّة السلطان.

فإن كان الأوّل ، بطل البيع - وبه قال الشافعي(١) - لأنّه غير ما اشتراه.

وكذا في غير الصرف لو باعه ثوباً على أنّه كتّان فخرج صوفاً ، أو بغلةً فخرجت حمارة ؛ لوقوع العقد على غير هذا الجنس. ويجب ردّ الثمن ، وليس له الإبدال ؛ لوقوع العقد على عين شخصيّة لا يتناول غيرها.

ولا الأرش ؛ لعدم وقوع الصحيح على هذه العين.

وقال بعض الشافعيّة : البيع صحيح ، ويتخيّر المشتري ؛ لأنّ البيع وقع على عينه(٢) . وليس بجيّد.

ولو كان البعض من غير الجنس ، بطل فيه ، وكان المشتري أو البائع بالخيار في الباقي بين الفسخ وأخذه بحصّته من الثمن بعد بسطه على الجنس وعلى الآخر لو كان منه ؛ لتبعّض الصفقة عليه.

وللشافعي فيه قولان : الصحّة والبطلان(٣) .

وإن كان الثاني ، تخيّر مَن انتقل إليه بين الردّ والإمساك ، وليس له المطالبة بالبدل ؛ لوقوع العقد على عين شخصيّة.

ثمّ إن كان العيب في الكلّ ، كان له ردّ الكلّ أو الإمساك ، وليس له ردّ البعض ؛ لتفرّق الصفقة على صاحبه.

وإن كان العيب في البعض ، كان له ردّ الجميع أو إمساكه.

وهل له ردّ البعض؟ الوجه : ذلك ؛ لانتقال الصحيح بالبيع ، وثبوت‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٨٣ ، حلية العلماء ٤ : ١٥٦ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٣٩ - ١٤٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٥٥ ، المغني ٤ : ١٧٨ - ١٧٩ ، الشرح الكبير ٤ : ١٨٢.

(٢) حلية العلماء ٤ : ١٥٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٨٣ ، روضة الطالبين ٣ : ١٥٥.

(٣) الحاوي الكبير ٥ : ١٤٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٨٣ ، روضة الطالبين ٣ : ١٥٥.

٤٣٠

الخيار في الباقي لا يوجب فسخ البيع فيه.

ويحتمل المنع ؛ لتبعّض الصفقة في حقّ صاحبه.

وللشافعي قولان مبنيّان على تفريق الصفقة ، فإن قلنا : لا تفرّق ، ردّ الكلّ أو أمسكه. وإن قلنا : تفرّق ، ردّ المعيب وأمسك الباقي بحصّته من الثمن(١) .

ويجي‌ء على مذهب الشافعيّة البطلان لو اشترى دراهم بدراهم فوجد في بعضها عيباً ؛ لأدائه إلى التفاضل ، لأنّ المعيب يأخذ من الثمن أقلّ ما يأخذ السليم ، فيكون الباقي متفاضلاً(٢) .

ثمّ إن اتّفق الثمن والمثمن في الجنس ، كالدراهم بمثلها ، والدنانير بمثلها ، لم يكن له الأرش ؛ لما بيّنّا من أنّ جيّد الجوهر ورديئه جنس واحد ، فلو أخذ الأرش ، بقي ما بعده مقابلاً لما هو أزيد منه مع اتّحاد الجنس ، فيكون ربا.

وإن كان مخالفاً ، كالدراهم بالدنانير ( كان له )(٣) المطالبة بالأرش مع الإمساك ما داما في المجلس ، فإن فارقاه فإن أخذ الأرش من جنس السليم ، بطل فيه ؛ لأنّه قد فات شرط الصرف ، وهو التقابض في المجلس. وإن كان مخالفاً ، صحّ ؛ لأنّه لا يكون صرفاً.

القسم الثاني : أن يكونا غير معيّنين‌ بأن يتبايعا الدراهم بالدراهم أو الدنانير بالدنانير أو الدراهم بالدنانير في الذمّة ولا يعيّنان واحداً من العوضين وإنّما يعيّنانه في المجلس قبل التفرّق ، سواء وصفا العوضين أو‌

____________________

(١) الحاوي الكبير ٥ : ١٤٠ ، حلية العلماء ٤ : ١٥٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٨٤ ، روضة الطالبين ٣ : ١٥٥ - ١٥٦ ، المغني ٤ : ١٨١ - ١٨٢.

(٢) اُنظر : المغني ٤ : ١٨٢.

(٣) بدل ما بين القوسين في « ق ، ك» : فله.

٤٣١

أطلقا إذا كان للبلد نقد غالب ، مثل أن يقول : بعتك عشرة دراهم مستعصميّة بدينار مصريّ ، أو يقول : بعتك عشرة دراهم بدينار ، وكان لكلٍّ من الدراهم والدنانير نقدٌ غالب ، فإنّه يصحّ إجماعاً.

ولو لم يكن في البلد نقد غالب ، لم يصحّ الإطلاق ، ووجب بيان النوع ، فإذا تصارفا ، وجب تعيين ذلك في المجلس بتقابضهما.

فإن تقابضا ثمّ وجد أحدهما أو هُما عيباً فيما صار إليه ، فإن كان قبل التفرّق ، كان له مطالبته بالبدل ، سواء كان المعيب من جنسه أو من غير جنسه ؛ لوقوع العقد على مطلق سليم.

وإن كان بعد التفرّق ، فإن كان العيب من غير الجنس في الجميع ، بطل العقد ؛ للتفرّق قبل التقابض. وإن كان في البعض ، بطل فيه ، وكان في الباقي بالخيار.

وللشافعي قولا تفريق الصفقة(١) .

وإن كان العيب من جنسه ، كان له الإبدال - وبه قال الشافعي في أحد قوليه ، وأبو يوسف ومحمّد وأحمد(٢) - لأنّه لمـّا جاز إبداله قبل التفرّق جاز بعده ، كالمـُسْلَم فيه.

وفي الثاني : ليس له الإبدال - وهو قول المزني - وإلّا لجاز التفرّق في الصرف قبل القبض ، وهو باطل(٣) .

والملازمة ممنوعة ؛ لحصول القبض ، ولهذا لو رضي بالعيب ، لزم‌

____________________

(١) اُنظر : العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٨٤ ، وروضة الطالبين ٣ : ١٥٦.

(٢) حلية العلماء ٤ : ١٥٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٨٣ - ٢٨٤ ، روضة الطالبين ٣ : ١٥٦.

(٣) مختصر المزني : ٧٨ ، حلية العلماء ٤ : ١٥٥ - ١٥٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٨٤ ، روضة الطالبين ٣ : ١٥٦.

٤٣٢

البيع. فلو لم يكن اسم المبيع صادقاً عليه ، لما كان كذلك.

وهل له فسخ البيع؟ الوجه : أنّه ليس له ذلك إلّا مع تعذّر تسليم الصحيح ؛ لأنّ العقد تناول(١) أمراً كلّيّاً.

ويحتمل ثبوته ؛ لأنّ المطلق يتعيّن بالتقابض وقد حصل.

وله الإمساك مجّاناً وبالأرش مع اختلاف الجنس لا مع اتّفاقه ، وإلّا لزم الربا.

ومع الردّ هل يشترط أخذ البدل في مجلس الردّ؟ إشكال.

ولو كان العيب في بعضه ، كان له ردّ الكلّ أو المعيب خاصّة - خلافاً للشافعي في أحد قوليه(٢) - أو إمساكه مجّاناً وبالأرش مع اختلاف الجنس.

وإذا ردّه ، كان له المطالبة بالبدل ، والخلاف كما تقدّم في ظهور عيب الجميع.

وهل له فسخ العقد؟ على ما تقدّم من الاحتمال.

وقال الشافعي : إذا جوّزنا الإبدال ، لم يكن له الفسخ ، كالعيب في المسلم فيه. وإن لم نجوّزه ، كان له الخيار في الردّ والفسخ في الجميع.

وهل له ردّ البعض؟ مبنيّ على تفريق الصفقة(٣) .

وهل يشترط أخذ البدل في مجلس الردّ؟ إشكال ينشأ من أنّه صرف في البدل والمردود ، ومن عدمه.

ولو ظهر العيب بعد التقابض وتلف المعيب من غير الجنس ، بطل‌

____________________

(١) في الطبعة الحجريّة : يتناول.

(٢) الحاوي الكبير ٥ : ١٤٠ - ١٤١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٨٤ ، روضة الطالبين ٣ : ١٥٦.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٨٤ ، روضة الطالبين ٣ : ١٥٦.

٤٣٣

الصرف ، ويردّ الباقي ، ويضمن التالف بالمثل أو القيمة. ولو كان من الجنس ، كان له أخذ الأرش إن اختلف الجنس ، وإلّا فلا ؛ لأنّه يكون ربا ، بل ينفسخ العقد بينهما ، ويردّ مثل التالف أو قيمته إن لم يكن له مثل ، ويسترجع الثمن الذي من جهته.

تذنيب : نقص السعر أو زيادته لا يمنع الردّ بالعيب‌ ، فلو صارفة دراهم - وهي تساوي عشرة - بدينار ، فردّها وقد صارت تسعة بدينارٍ أو أحد عشر ، صحّ الردّ ولا ربا ، وليس للغريم الامتناع من الأخذ ؛ إذ العبرة في الردّ بالعين لا بالقيمة.

مسألة ٢١٧ : يجوز إخلاد أحد المتعاقدين إلى الآخر في قدر عوضه‌ ، فيصحّ البيع فيما يشترط فيه القبض في المجلس قبل اعتباره ؛ لأصالة صدق العاقل ، واقتضاء عقله الامتناع من الإقدام على الكذب.

إذا تقرّر هذا ، فلو أخبره بالوزن فاشتراه ، صحّ العقد ؛ لأنّه كبيع المطلق ، لكن يخالفه في التعيين. فإن قبضه ثمّ وجده ناقصاً بعد العقد ، بطل الصرف مع اتّحاد الثمن والمثمن في الجنس ، سواء تفرّقا أو لا ؛ لاشتماله على الربا حيث باع العين الشخصيّة الناقصة بالزائدة.

أمّا لو اختلف الجنس فإنّ البيع لا يبطل من أصله ؛ لقبول هذا العقد التفاوت بين الثمن والمثمن ، فكان بمنزلة العيب ، بل يتخيّر مَنْ نقص عليه بين الردّ والأخذ بحصّته من الثمن أو بالجميع على ما تقدّم.

ولو وُجد زائداً واتّحد الجنس ، فإن عيّن بأن قال : بعتك هذا الدينار بهذا الدينار ، بطل البيع؛ لاشتماله على الربا. ولو لم يعيّن بأن قال : بعتك ديناراً بدينار ، ثمّ دفع إليه الزائد ، صحّ البيع ؛ لعدم تعيين هذا الزائد هنا ؛ لوقوع العقد على مطلق ، وتكون الزيادة في يد قابضها أمانةً ؛ لوقوعها في‌

٤٣٤

يده من غير تعدّ منه بل بإذن مالكها.

ويحتمل أن تكون مضمونةً ؛ لأنّه قبض الدينار الزائد على أنّه عوض ديناره ، والمقبوض بالبيع الصحيح أو الفاسد مضمون على قابضه.

نعم ، لو دفع إليه أزيد من الثمن ليكون وكيله في تحقيق الزيادة أو ليزن حقّه منه في وقت آخر ثمّ يردّ الزائد ، فإن الزيادة هنا أمانة قطعاً.

ولو كان الثمن والمثمن متغايرين في الجنس ، صحّ البيع على ما تقدّم ، والزيادة لصاحبها. ولو كانت الزيادة لاختلاف الموازين ، فإنّها لقابضها ؛ لعدم الاعتداد بمثلها ، ولإمكان القبض في البعض.

تذنيب : لقابض الزيادة فسخ البيع للتعيّب بالشركة‌ إن منعنا الإبدال مع التفرّق. ولو أسقطها الدافع ، لم يسقط الخيار ؛ إذ لا يجب عليه قبول الهبة. وكذا لدافعها الخيار ؛ إذ لا يجب عليه أخذ العوض. ولو تفرّقا(١) ، ردّ الزائد وطالب بالبدل.

مسألة ٢١٨ : قد بيّنّا أنّ جيّد الجوهر ورديئه جنس واحد‌ ، وكذا صحيحه ومكسوره ، فيجوز بيع أحدهما بالآخر متساويا ، خلافا للشافعي على ما تقدّم(٢) .

ولا يجوز التفاضل ، فلو أراده ، وجب إدخال مخالف في الجنس بينهما. فلو أراد أن يشتري بدراهم صحاح دراهم مكسورة أكثر وزناً منها ، لم يجز إجماعاً ؛ لاشتمالها على الربا.

فإن باعها بذهب وقبضه ثمّ اشترى به مكسورة أو صحيحة أكثر ، جاز ذلك ، سواء كان ذلك عادةً أو لا ، عند علمائنا - وبه قال الشافعي‌

____________________

(١) كذا في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة ، والظاهر : ولو لم يتفرّقا.

(٢) في ص ٤١٩ ، المسألة ٢٠٧.

٤٣٥

وأبو حنيفة(١) - لما رواه الجمهور أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله استعمل رجلاً على خيبر فجاءه بتمر جنيب ، فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : « أكلّ تمر خيبر هكذا؟ » فقال : لا والله يا رسول الله إنّا لنأخذ الصاع بالصاعين والصاعين بالثلاثة ، فقال : « لا تفعل ، بِع الجَمْع بالدراهم وابتع بالدراهم جنيباً »(٢) . والجنيب : أجود التمر. والجَمْع : كلّ لون من التمر لا يُعرف له اسم.

ومن طريق الخاصّة : ما رواه إسماعيل بن جابر عن الباقرعليه‌السلام ، قال : سألته عن رجل يجي‌ء إلى صيرفيّ ومعه دراهم يطلب أجود منها ، فيقاوله على دراهم تزيد كذا وكذا بشي‌ء قد تراضيا عليه ، ثمّ يعطيه بَعْدُ بدراهمه دنانير ، ثمّ يبيعه الدنانير بتلك الدراهم على ما تقاولا عليه أوّل مرّة ، قال : « أليس ذلك برضا منهما معاً؟ » قلت : بلى ، قال : « لا بأس »(٣) .

وقال مالك : إن فعل ذلك مرّة واحدة ، جاز. وإن تكرّر ، لم يجز ؛ لأنّ ذلك يضارع الربا ويؤدّي إليه(٤) .

وهو ممنوع ؛ لأنّه باع الجنس بغيره نقداً فجاز ، كما لو كان مرّة. ولو كان ذلك ربا ، كان حراماً مرّةً وأكثر.

مسألة ٢١٩ : إذا باع الصحاح أو الأكثر وزناً بالذهب وتقابضا‌ ثمّ اشترى بالذهب المكسَّرةَ أو الأقلّ وزناً ، صحّ البيع عندنا ؛ لعموم قولهعليه‌السلام : « إذا اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم »(٥) سواء تفرّقا بعد التقابض قبل العقد‌

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٦١ ، حلية العلماء ٤ : ١٨٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٨.

(٢) صحيح البخاري ٣ : ١٠٢ و ١٢٩ ، و ٥ : ١٧٨ - ١٧٩ ، صحيح مسلم ٣ : ١٢١٥ / ٩٥ ، سنن النسائي ٧ : ٢٧١ - ٢٧٢ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٩١.

(٣) التهذيب ٧ : ١٠٦ / ٤٥٥.

(٤) حلية العلماء ٤ : ١٨٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٨ ، المغني ٤ : ١٩٣.

(٥) الجامع لأحكام القرآن ١٠ : ٨٦.

٤٣٦

الثاني أو لا ، وسواء تخايرا بينهما أو لا - وبه قال ابن سريج من الشافعيّة(١) - لأنّ دخولهما في العقد رضا به ، فجرى مجرى التخاير ، فيلزم الأوّل وينعقد الثاني.

وقال القفّال منهم : إنّه لا ينعقد البيع الثاني إلّا بعد التفرّق بعد التقابض قبل العقد الثاني أو التخاير بينهما ، إلّا على القول الذي يقول : إنّ الخيار لا يمنع انتقال الملك ، فأمّا إذا قلنا : يمنع انتقال الملك ، فلا يصحّ ؛ لأنّه باعه غير ملكه إلّا أنّ ذلك يكون قطعاً للخيار ، ويستأنفان العقد. والأوّل أصحّ ؛ لأنّ قصدهما للتبايع رضا به ، وجارٍ مجرى التخاير ؛ لما فيه من الرضا باللزوم(٢) .

وكذا لو اشترى جارية من رجل ثمّ زوّجها به في مدّة الخيار ، صحّ النكاح عندنا وعند أبي العباس بن سريج(٣) ، ويجري عند القفّال على الأقوال في الملك(٤) .

فروع :

أ - لو باعه من غير بائعه قبل التفرّق والتخاير ، صحّ عندنا ؛ لأنّ الملك قد حصل بالعقد ، ولهذا يكون النماء للمشتري ، وتزلزله لا يمنع من تصرّف المشتري.

وقال الشافعي : لا يصحّ ؛ لأنّه يسقط خيار البائع ، وليس له ذلك(٥) .

وهو ممنوع ؛ لأنّ صحّة البيع لا تنافي ثبوت الخيار لغير المتعاقدين.

____________________

(١) حلية العلماء ٤ : ١٨٩ - ١٩٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٨.

(٢ - ٤) لم نعثر عليه في مظانّه من المصادر المتوفّرة لدينا.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨.

٤٣٧

ب - لو باعه(١) الصحاحٍ بعوض غير النقدين ثمّ اشترى به المكسّرة ، صحّ مطلقا ، سواء تقابضا في المجلس أو لا ، تخايرا أو لا.

ج - تجوز الحيلة في انتقال الناقص بالزائد بغير البيع أيضاً بأن يقرضه الصحاح ويقترض منه المكسّرة بقدر قيمتها ثمّ يبرئ كلّ واحد منهما صاحبه ؛ لانتفاء البيع هنا ، فلا صرف ولا ربا. وكذا لو وهب كلٌّ منهما لصاحبه العين التي معه. وكذا لو باعه الصحاح بوزنها ثمّ وهب له الباقي من غير شرط. ولو جمع بينهما في عقد ، فالأقرب الجواز ، خلافاً للشافعي(٢) .

د - لو اشترى نصف دينار قيمته عشرون درهماً ومعه عشرة دفعها‌ وقبض الدينار بأجمعه ليحصل قبض النصف ، ويكون نصفه له بالبيع والآخر أمانةً في يده ويسلّم الدراهم ، صحّ ، وبه قال الشافعي(٣) .

فإن اشتراه بأجمعه بعشرين ، دفع العشرة ثمّ استقرضها منه ، فيثبت في ذمّته مثلها.

وللشافعي فيه قولان :

أحدهما : هذا ، وهو الأصحّ ؛ لأنّ هذه الدراهم دفعها لما عليه من الدَّيْن ، وذلك تصرّف ، كما لو اشترى بها النصف الآخر من الدينار ؛ فإنّه يجوز ، ويكون ذلك تصرّفاً.

والثاني : المنع ؛ لأنّ القرض يملك بالتصرّف ، وهذه الدراهم لم يتصرّف فيها وإنّما ردّها(٤) إليه على حالها ، فكان ذلك فسخاً

____________________

(١) في الطبعة الحجريّة : باع.

(٢) لم نعثر على قوله في مظانّه من المصادر المتوفّرة لدينا.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩.

(٤) في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : ردّه. وما أثبتناه يقتضيه السياق.

٤٣٨

للقرض(١) . وهو ممنوع.

أمّا لو استقرض عشرة غيرها ودفعها عوضاً عن باقي الثمن ، جاز إجماعا.

ه- لو كان معه تسعة عشر درهما وأراد شراءه بعشرين ، فعلى ما تقدّم ، فإن لم يقرضه البائع وتقابضا وتفرّقا قبل تسليم الدرهم ، فسد الصرف فيه خاصّة ، وكان للبائع نصف عشر الدينار.

وللشافعي(٢) قولان في الفساد في الباقي ، فإن سوّغ تفريق الصفقة ، صحّ ، وإلّا فلا. نعم ، يثبت الخيار.

فإن أراد الخلاص من الخيار عندنا والفسخ عنده ، تفاسخا العقد قبل التفرّق ثمّ تبايعا تسعة عشر جزءاً من عشرين جزءاً من الدينار بتسعة عشر درهماً ، وسلّم(٣) الدينار ليكون الباقي أمانةً.

و - لو كان عليه دَيْن عشرة دنانير فدفع عشرة عدداً فوَزَنها فكانت أحد عشر ديناراً ، كان الزائد مضموناً على القابض مشاعاً ؛ لأنّه قبض ذلك على أن يكون بدلاً من دَيْنه ، وما يقبض على سبيل المعاوضة يكون مضموناً ، بخلاف الباقي لبائع الدينار في البيع في الفرع السابق ؛ لأنّه قبضه لصاحبه ، فكان أمانةً في يده.

ثمّ إن شاء طالبه بالدينار ، وإن شاء أخذ عوضه دراهم وقَبَضها في الحال ، وإن شاء أخذ عيناً غير النقدين ، وإن شاء أسلمه إليه في موصوف.

وهل له الاستعادة ودفع القدر لا غير؟ الأقرب : ذلك.

____________________

(١) حلية العلماء ٤ : ١٩٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٩.

(٢) لم نعثر على قوله فيما بين أيدينا من المصادر.

(٣) في الطبعة الحجريّة : يسلّم.

٤٣٩

مسألة ٢٢٠ : تجوز المصارفة بما في الذمم‌ ، فلو كان له على غيره ألف درهم وللغير عليه مائة دينار فتصارفا بهما ، صحّ الصرف. وكذا لو اتّفق الجنس وتساوى القدر وإن اختلفت الصفات ؛ عملاً بالأصل والنصوص.

وبما رواه عبيد بن زرارة - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن الرجل يكون له عند الصيرفيّ مائة دينار ويكون للصيرفي عنده ألف درهم ، فيقاطعه عليها ، قال : « لا بأس »(١) .

ولا يشترط هنا التقابض ؛ لحصوله قبل البيع ، لكن لا يخلو من إشكال منشؤه اشتماله على بيع دَيْن بدَيْن.

ولو تباريا أو تصالحا ، جاز قطعاً.

إذا ثبت هذا ، فإنّه يجوز أيضاً اقتضاء أحد النقدين من الآخر ويكون مصارفة عين بدين بأن يكون له على غيره ألف درهم فيشتريها الغير منه بمائة دينار يدفعها إليه في المجلس ، لما تقدّم.

ولما رواه الحلبي - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن الرجل يكون عليه دنانير ، فقال : « لا بأس أن يأخذ بثمنها دراهم »(٢) .

وسأله في الرجل يكون له الدَّيْن دراهم معلومة إلى أجل فجاء الأجل وليس عند الذي حلّ عليه دراهم ، قال له : خُذْ منّي دنانير بصرف اليوم ، قال : « لا بأس »(٣) .

ولو لم يحصل قبض العين في المجلس حتى تفارقا قبله ، بطل الصرف ؛ لانتفاء شرطه.

____________________

(١) التهذيب ٧ : ١٠٣ / ٤٤٣.

(٢) التهذيب ٧ : ١٠٢ / ٤٣٧ ، الاستبصار ٣ : ٩٦ / ٣٢٧.

(٣) التهذيب ٧ : ١٠٢ / ٤٣٨ ، الاستبصار ٣ : ٩٦ / ٣٢٨.

٤٤٠

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458