تذكرة الفقهاء الجزء ١١

تذكرة الفقهاء0%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-224-5
الصفحات: 415

تذكرة الفقهاء

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الحلي
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: ISBN: 964-319-224-5
الصفحات: 415
المشاهدات: 130852
تحميل: 5050


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 415 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 130852 / تحميل: 5050
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء 11

مؤلف:
ISBN: 964-319-224-5
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

على المبيع قبل القبض.

وإن افتضّها الأجنبيّ بإصبعه ، فعليه ما نقص من قيمتها.

وإن افتضّها بالجماع ، فعليه المهر وأرش البكارة ، ولا تداخل ، وهو أحد وجهي الشافعيّة(١) .

والثاني الأصحّ عندهم : الدخول ، فعليه مهر مثلها بكراً ، وعلى الأوّل عليه أرش البكارة ومهر مثلها ثيّباً(٢) .

ثمّ المشتري إن أجاز العقد ، فالجميع له ، وإلّا فقدر(٣) أرش البكارة للبائع ؛ لعودها إليه ناقصةً ، والباقي للمشتري.

وإن افتضّها البائع ، فإن أجاز المشتري ، فلا شي‌ء على البائع إن قلنا : جنايته كالآفة السماويّة. وإن قلنا : إنّها كجناية الأجنبيّ ، فالحكم كما في الأجنبيّ. وإن فسخ المشتري ، فليس على البائع أرش البكارة.

وهل عليه مهر مثلها [ ثيّباً ](٤) إن افتضّ بالجماع؟ يبنى على أنّ جنايته كالآفة السماويّة أو لا.

وإن افتضّها المشتري ، استقرّ عليه من الثمن بقدر ما نقص من قيمتها ، فإن سلمت حتى قبضها ، فعليه الثمن بكماله. وإن تلفت قبل القبض ، فعليه بقدر نقصان الافتضاض من الثمن. وهل عليه مهر مثل ثيّبٍ إن افتضّها بالجماع؟ يبنى على أنّ العقد ينفسخ من أصله أو من حينه؟ هذا هو الصحيح عندهم(٥) .

____________________

(١و٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٧٧ ، روضة الطالبين ٣ : ١٥٠ - ١٥١.

(٣) في « ق ، ك ‍» والطبعة الحجريّة : « بقدر ». والصحيح ما أثبتناه.

(٤) بدل ما بين المعقوفين في « ق ، ك » والطبعة الحجريّة : « هنا ». والصحيح ما أثبتناه.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٧٧ ، روضة الطالبين ٣ : ١٥١.

١٤١

وفيه وجه : أنّ افتضاض المشتري قبل القبض كافتضاض الأجنبيّ(١) .

مسألة ٣١٣ : لو باع شيئاً ثمّ ظهر المشتري على عيب ولم يتصرّف ، كان له الردّ أو الأرش ، فإن اختار الردّ ، فلا يخلو إمّا أن تكون العين قائمةً بحالها فيردّها ، أو تنقص. وقد تنقص عند المشتري ، وقد مضى حكمه. أو تزيد ، فلا يخلو إمّا أن تكون هذه الزيادة متّصلةً ، كسمن الجارية ، وتعلّم العبد الصنعة أو القرآن ، وكبر الشجرة ، فهذه الزيادة تابعة لردّ الأصل ، ولا شي‌ء على البائع بسببها ، أو تكون منفصلةً ، كالولد والثمرة وكسب العبد ومهر الجارية الموطوءة بالشبهة أو بالزنا إن أثبتنا فيه مهراً للأمة ، وأُجرة الدابّة إذا ركبت من غير إذن المشتري عندنا وبإذنه عند الشافعي ، فهذه الزيادة لا تتبع الردّ بالعيب ، بل تسلم للمشتري ، ويردّ الأصل دون هذه الزيادة وبه قال الشافعي وأحمد(٢) لأنّ هذه حصلت في ملك المشتري.

ولأنّ مخلد بن خفاف(٣) ابتاع غلاماً فاستغلّه(٤) ثمّ أصاب به عيباً ، فقضى له عمر بن عبد العزيز بردّه وغلّته ، فأخبره عروة عن عائشة أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قضى في مثل هذا أنّ الخراج بالضمان ، فردّ عمر قضاءه وقضى لمخلد بالخراج(٥) .

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٧٧ ، روضة الطالبين ٣ : ١٥١.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٩٢ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٤٣٦ ، شرح السنّة - للبغوي - ٥ : ١٢٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٧٨ ، روضة الطالبين ٣ : ١٥١ ، بداية المجتهد ٢ : ١٨٢ ، المغني ٤ : ٢٥٨ - ٢٥٩، الشرح الكبير ٤ : ٩٧ ٩٨.

(٣) في « ق ، ك » والطبعة الحجريّة : « حداف ». وهي تصحيف.

(٤) في « ق ، ك ‍» والطبعة الحجريّة : « فاستعمله ». وما أثبتناه من المصادر.

(٥) سنن البيهقي ٥ : ٣٢١ – ٣٢٢ ، شرح السنّة ٥ : ١٢٣ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٤٣٠ - ٤٣٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٧٨.

١٤٢

ومعنى الحديث أنّ ما يخرج من المبيع من فائدة وغلّة فهو للمشتري في مقابلة أنّه لو تلف ، كان من ضمانه ، بخلاف الغاصب ؛ لأنّ المشتري مالك للعين ، والغاصب غير مالك.

وقال مالك : إن كان النماء ولداً ، ردّه معها. وإن كان ثمرةً ، ردّ الأصل دونها ؛ لأنّه حكم تعلّق برقبة الاُم ، فوجب أن يسري إلى الولد ، كالكتابة(١) .

وهو خطأ ؛ لأنّ الردّ ليس بمستقرّ ، ومتى حدث عيب عند المشتري مَنَع الردّ. ولأنّ الولد ليس بمبيع ، فلا يمكن ردّه بحكم ردّ الاُم.

وقال أبو حنيفة : النماء يمنع من الردّ بالعيب ؛ لأنّ الردّ في الأصل تعذّر ؛ لأنّه لا يمكن ردّه منفرداً عن نمائه ، لأنّ النماء موجبه ، فلا يرفع العقد مع بقاء موجبه ، ولا يمكن ردّه معه ؛ لأنّه لم يتناوله العقد ، وإذا(٢) تعذّر الرجوع ، فالأرش(٣) .

وليس بصحيح ؛ لأنّ هذا إنّما حدث في ملك المشتري ، فلم يمنع الردّ ، كما لو حدث في يد البائع ، وكما لو كان كسباً. والنماء ليس موجباً بالعقد ، بل موجبه الملك ، كالكسب ، ولو أوجبه العقد ، لوجب أن يعود إلى البائع بفسخه.

وكذا يلحق بالنماء المنفصل ما يكسبه العبد بعمله أو يوهب له أو يوصى له ، فإنّ هذا يكون للمشتري.

____________________

(١) بداية المجتهد ٢ : ١٨٢ - ١٨٣، شرح السنّة ٥ : ١٢٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٧٨ ، المغني ٤ : ٢٥٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٩٨.

(٢) في الطبعة الحجريّة : « فإذا ».

(٣) بدائع الصنائع ٥ : ٣٠٢ ، شرح السنّة ٥ : ١٢٢ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٤٣٦ ، بداية المجتهد ٢ : ١٨٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٧٨ ، المغني ٤ : ٢٥٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٩٨.

١٤٣

مسألة ٣١٤ : لا فرق بين الزوائد الحادثة قبل القبض والزوائد الحادثة بعده‌ إذا كان الردّ بعد القبض. وإن كان الردّ قبله ، فكذلك عندنا.

وللشافعيّة في الزوائد وجهان بناءً على أنّ الفسخ - والحال هذه - رفع للعقد من أصله أو من حينه؟ والأصح عندهم : أنّها تسلم للمشتري أيضاً(١) .

ولو كان المبيع جاريةً فحبلت وولدت في يد المشتري ، فإن نقصت بالولادة ، سقط الردّ بالعيب القديم ، وكان له الأرش - وبه قال الشافعي(٢) - لأنّه حدث عنده عيب وإن لم يكن الولد مانعاً.

وإن لم تنقص ، فالأولى جواز ردّها وحدها من دون الولد وهو أحد قولي الشافعيّة وأكثرهم عليه(٣) - لأنّ هذا التفريق موضع حاجة ، كما لو رهن جارية فولدت حُرّاً ، يباع الرهن دون الولد.

ومنهم مَنْ مَنَع ؛ لأنّ في ذلك تفريقاً بين الاُمّ والولد فيتعيّن الأرش ، إلّا أن يكون الوقوف على العيب بعد بلوغ الولد سنّاً لا يحرم بعده التفريق(٤) (٥) .

وكذا حكم الدابّة لو حملت عند المشتري وولدت ، فإن نقصت بالولادة ، فلا ردّ ، ويتعيّن(٦) الأرش. وإن لم تنقص ، ردّها دون ولدها ؛ لأنّه للمشتري.

مسألة ٣١٥ : لو اشترى جاريةً حبلى أو دابّة حاملاً ثمّ وجد بها عيباً ،

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٧٨ ، روضة الطالبين ٣ : ١٥١ - ١٥٢.

(٢و٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٧٨ ، روضة الطالبين ٣ : ١٥٢.

(٤) في « ق ، ك » والطبعة الحجريّة : « بعد بلوغ الولد سنّاً فإنّه لا يحرم بعده التفريق ». وما أثبتناه من العزيز شرح الوجيز.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٧٨ ، روضة الطالبين ٣ : ١٥٢.

(٦) في الطبعة الحجريّة : فيتعيّن.

١٤٤

فإن ظهر عليه قبل الوضع ، ردّها حاملاً ؛ لأنّ الزيادة حدثت عند البائع والنماء(١) فيها كالمتّصل.

وإن ظهر عليه بعد الوضع ، فإن نقصت بالولادة ، فلا ردّ - إلّا أن تضع في مدّة الثلاثة ، فإنّ العيب الحادث فيها من غير جهة المشتري لا يمنع من الردّ بالعيب السابق - ويتعيّن الأرش. وإن لم تنقص ، ردّها وردّ الولد معها ؛ لأنّه جزء من المبيع ، وله قسط من الثمن ، وله حكم بانفراده ، وهو أحد قولي الشافعيّة(٢) .

وفي الآخر : لا يردّ الولد ، بناءً على أنّ الحمل لا حكم له ولا يأخذ قسطاً من الثمن ، فيكون بمنزلة ما لو تجدّد الحبل عند المشتري(٣) . وليس شيئاً.

ويخرّج على هذا الخلاف أنّه هل للبائع حبس الولد إلى استيفاء الثمن؟ وأنّه لوهلك قبل القبض ، هل يسقط من الثمن بحصّته؟ وأنّه هل للمشتري بيع الولد قبل القبض؟ فإن قلنا : له قسط من الثمن ، جاز الحبس ، وسقط الثمن ، ولم يجز البيع ، وإلّا انعكس الحكم.

مسألة ٣١٦ : لو اشترى نخلةً عليها طلْعٌ غير مؤبَّر ووجد بها عيباً بعد التأبير ، ردّها وردّ الثمرة‌ أيضاً ؛ لأنّ لها قسطاً من الثمن ، فإنّها مشاهدة مستيقنة.

وللشافعيّة طريقان ، أظهرهما عندهم : أنّها على القولين في الحمل ، تشبيهاً للثمرة في الكمام بالحمل في البطن. والثاني : القطع بأنّها تأخذ قسطاً من الثمن(٤) .

____________________

(١) في « ق ، ك ‍» : « فالنماء ».

(٢-٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٧٩ ، روضة الطالبين ٣ : ١٥٢.

١٤٥

مسألة ٣١٧ : لو اشترى جاريةً حائلاً أو(١) بهيمةً حائلاً فحبلت ثمّ اطّلع على عيب ، فإن نقصت بالحمل ، فلا ردّ‌ إن كان الحمل في يد المشتري ، وبه قال الشافعي(٢) .

وإن لم تنقص أو كان الحمل في يد البائع ، فله الردّ ، والحكم في الولد كما تقدّم من أنّه للمشتري ؛ لأنّه نما على ملكه.

وللشافعيّة ما تقدّم من الخلاف إن قلنا : إنّه يأخذ قسطاً من الثمن ، يبقى للمشتري ، فيأخذه إذا انفصل.

وحكى بعضهم وجهاً آخر [ أنّه للبائع ](٣) لاتّصاله بالاُمّ عند الردّ.

وإن قلنا : إنّه لا يأخذ قسطاً من الثمن ، فهو للبائع ويكون تبعاً للاُمّ عند الفسخ كما يكون تبعاً لها عند العقد(٤) .

وأطلق بعض الشافعيّة أنّ الحمل الحادث نقصٌ ، أمّا في الجواري : فلأنّه يؤثّر في النشاط والجمال ، وأمّا في البهائم : فلأنّه ينقص لحم المأكول وينقص الحمل(٥) عليها والركوب(٦) .

ولو اشترى نخلةً وأطلعت في يده ثمّ اطّلع على عيب ، فالأقرب : أنّ الطلع [ له ؛ لأنّه ](٧) نماء منفصل(٨) متميّز عن الأصل ، كالحبل لو تجدّد عند‌

____________________

(١) في « ق ، ك » والطبعة الحجريّة : « و» بدل « أو » والصحيح ما أثبتناه.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٧٩ ، روضة الطالبين ٣ : ١٥٢.

(٣) بدل ما بين المعقوفين في « ق ، ك » والطبعة الحجريّة : « لأنّه ». والصحيح ما أثبتناه من المصدر.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٧٩ – ٢٨٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٥٢.

(٥) كذا ، وفي المصدر : « ويخلّ بالحمل » بدل « وينقص الحمل ».

(٦) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٨٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٥٢ - ١٥٣.

(٧) بدل ما بين المعقوفين في « ق ، ك ‍» والطبعة الحجريّة : « الآن ». والصحيح ما أثبتناه.

(٨) في « ق ، ك » : « مستفصل ».

١٤٦

المشتري.

وللشافعيّة وجهان(١) .

ولو كان على ظهر الحيوان صوف عند البيع فجزّه ثمّ عرف به عيباً ، فعندنا يسقط الردّ بالتصرّف ، ويتعيّن له الأرش.

وقال الشافعي : له الردّ ويردّ الصوف معه(٢) .

فإن استجزّ ثانياً وجزّه ثمّ عرف العيب القديم ، لم يكن له الردّ عندنا ، بل الأرش.

وقال الشافعي : له الردّ ، ويردّ الصوف الأوّل لا الثاني ؛ لحدوثه في ملكه(٣) .

ولو لم يجزّه ، ردّه تبعاً - وبه قال الشافعي(٤) - لأنّه كالمتّصل.

ولو اشترى أرضاً وبها اُصول الكرّاث ونحوه ، لم تدخل في المبيع.

وللشافعي قولان ، هذا أحدهما. والثاني : تدخل. فعلى الدخول إن أنبتت في يد المشتري ثمّ ظهر على عيب في الأرض ، يردّ الأرض ، ويبقى النابت للمشتري ، فإنّها ليست تبعاً في الأرض(٥) ، ولهذا لا يدخل الظاهر منها في ابتداء البيع فيه(٦) .

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٨٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٥٣.

(٢) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٤٣٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٨٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٥٣.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٨٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٥٣.

(٤) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٤٣٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٨٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٥٣.

(٥) الظاهر : تبعاً للأرض.

(٦) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٤٣٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٨٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٥٣.

١٤٧

مسألة ٣١٨ : الثمن المعيّن إذا خرج معيباً ، يردّه البائع بالعيب ما لم يتصرّف ، كالمبيع ، وبه قال الشافعي(١) .

وإن لم يكن معيّناً ، استبدل به ، ولا يفسخ العقد ، سواء خرج معيباً بخشونة أو سواد أو ظهر أنّ سكّته مخالفة لسكّة النقد الذي تعاقدا عليه ، أو(٢) خرج نحاساً أو رصاصاً.

ولو تصارفا وتقابضا ثمّ وجد أحدهما بما قبض خللاً ، فإن كانا معيّنين وخرج من غير الجنس ، يبطل الصرف.

وللشافعيّة قولان هذا أحدهما. والثاني : أنّه صحيح تغليباً للإشارة(٣) .

هذا إذا كان له قيمة ، وإن لم يكن له قيمة ، بطل إجماعاً.

وإن خرج بعضه بهذه الصفة ، بطل العقد فيه ، وفي الباقي قولا تفريق الصفقة للشافعيّة : إن لم يبطل ، فله الخيار. وإن أجاز ، فإن كان الجنس مختلفاً بأن يتبايعا فضّةً بذهب ، فالقولان في أنّ الإجازة بجميع الثمن أو بالحصّة. وإن كان متّفقاً ، فالإجازة بالحصّة ؛ لامتناع الفضل(٤) .

وإن خرج [ أحدهما ](٥) خشناً أو أسود ، فلآخذه الخيار ، ولا يجوز الاستبدال.

فإن خرج بعضه [ كذلك](٦) فله الخيار ، وليس له فسخ المعيب وإجازة الباقي.

وللشافعيّة قولا تفريق الصفقة ، فإن جوّزنا ، فالإجازة بالحصّة ؛ لأنّ‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٨٣ ، روضة الطالبين ٣ : ١٥٥.

(٢) في « ق ، ك » والطبعة الحجريّة : « لو » بدل « أو ». والصحيح ما أثبتناه.

(٣و٤) المصدر في الهامش (١)

(٥و٦) ما بين المعقوفين يقتضيه السياق.

١٤٨

العقد صحّ في الكلّ ، فإذا ارتفع ، كان بالقسط(١) .

وإن كانا غير معيّنين ، فإن خرج أحدهما نحاساً وهُما في المجلس ، استبدل. وإن تفرّقا قبله ، بطل العقد ؛ لأنّ المقبوض غير ما ورد عليه العقد.

وإن خرج خشناً أو أسود ، فإن لم يتفرّقا ، تخيّر بين الرضا به والاستبدال. وإن تفرّقا ، ففي أنّ له الاستبدال للشافعيّة قولان : أحدهما : لا ؛ لأنّه قبض بعد التفرّق. وأصحّهما : نعم ، كالمـُسْلَم فيه إذا خرج معيباً(٢) .

والأصل فيه أنّ القبض الأوّل صحيح إذا رضي به جاز ، والبدل مأخوذ ، فقام مقام الأوّل.

ويجب أخذ البدل قبل التفرّق عن مجلس الردّ.

وإن خرج البعض كذلك وتفرّقا ، فإن جوّزنا الاستبدال ، استبدل ، وإلّا تخيّر بين فسخ الجميع والإجازة.

وفي أنّ له فسخ المعيب خاصّة قولا تفريق الصفقة(٣) .

وحكم رأس مال السَّلم(٤) حكم عوض الصرف.

ولو وجد أحد المتصارفين بما أخذ عيباً بعد تلفه ، فإن كان العقد على معيّنين فاختلف الجنس ، فهو كبيع العرض بالنقد. وإن كان متّفقاً ، فالخلاف الذي سبق لهم في الحليّ(٥) .

وإن ورد على ما في الذمّة ولم يتفرّقا بَعْدُ ، غرم ما تلف عنده ،

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٨٣ ، روضة الطالبين ٣ : ١٥٥ - ١٥٦.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٨٣ - ٢٨٤، روضة الطالبين ٣ : ١٥٦.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٨٤ ، روضة الطالبين ٣ : ١٥٦.

(٤) في « ق ، ك » والطبعة الحجريّة : « المسلم ». والصحيح ما أثبتناه.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٨٤ ، روضة الطالبين ٣ : ١٥٦.

١٤٩

ويستبدل. وكذا إن تفرّقا وجوّزنا الاستبدال.

ولو وجد المـُسْلَم إليه برأس مال السَّلَم عيباً بعد تلفه عنده ، فإن كان معيّناً أو في الذمّة وعُيّن وقد تفرّقا ولم نجوّز الاستبدال ، فيسقط من المـُسْلَم فيه بقدر نقصان العيب من قيمة رأس المال. وإن كان في الذمّة وهُما في المجلس ، يغرم التالف ويستبدل. وكذا إن كان بعد التفرّق وجوّزنا الاستبدال.

مسألة ٣١٩ : لو اشترى عبداً بمائة ثمّ دفع بالمائة ثوباً برضا البائع ثمّ وجد المشتري بالعبد عيباً وردّه ، فالوجه : أنّه يرجع بالمائة ؛ لأنّ الثوب ملك بعقدٍ آخر ، وهو أحد قولي الشافعيّة. والثاني : أنّه يرجع بالثوب ؛ لأنّه إنّما ملك الثوب بالثمن ، وإذا فسخ البيع ، سقط الثمن عن ذمّة المشتري ، فينفسخ بيع الثوب به(١) .

ولو مات العبد قبل القبض وانفسخ البيع ، قال ابن سريج : يرجع بالألف دون الثوب ؛ لأنّ الانفساخ بالتلف يقطع العقد ولا يرفعه من أصله. وهو الأصحّ عندهم(٢) . وفيه وجه آخر لهم(٣) .

مسألة ٣٢٠ : لو باع عصيراً فوجد المشتري به عيباً بعد أن صار خمراً ، لم يمكن الردّ فيتعيّن له الأرش ، وبه قال الشافعي(٤) . فإن تخلّل ، فللمشتري ردّه.

وهل للبائع أن يستردّه ولا يدفع الأرش؟ قال الشافعي : نعم(٥) .

وليس بجيّد على ما تقدّم.

ولو اشترى ذمّيٌ خمراً من ذمّيٍّ ثمّ أسلما وعرف المشتري بالخمر‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٨٤ ، روضة الطالبين ٣ : ١٥٦.

(٢-٥) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٨٤ ، روضة الطالبين ٣ : ١٥٧.

١٥٠

عيباً ، فلا ردّ ، بل يأخذ الأرش. ولو أسلم البائع وحده ، فلا ردّ أيضاً. ولو أسلم المشتري وحده ، فله الردّ - قاله ابن سريج(١) - لأنّ المسلم لا يتملّك الخمر ، بل يزيل يده عنه.

مسألة ٣٢١ : الإقالة فسخ عندنا‌ على ما يأتي(٢) ، وليست بيعاً. فلو اشترى سلعة ثمّ تقايلا فوجد بها عيباً حدث عند المشتري ، كان له فسخ الإقالة ، وردّه بالعيب ؛ لأنّ هذا العيب من ضمان المشتري ، فهو بمنزلة أن يجد عيباً في المبيع.

مسألة ٣٢٢ : قد بيّنّا أنّه يصحّ بيع العين الغائبة الشخصيّة مع ذكر الجنس وكلّ وصف‌ تثبت الجهالة بفقده ، وهو أحد قولي الشافعي. والآخر : لا يشترط الوصف مطلقاً(٣) ، فعلى هذا الثاني لو رآه ، ثبت له الخيار عنده.

وعلى الأوّل إن وجده ناقصاً عنها ، كان له الخيار على وفق مذهبنا ، كما إذا دفع مال المـُسْلَم فيه ناقصاً عن صفاته ، إلّا أنّ في السَّلَم يلزمه إبداله ؛ لأنّ المعقود عليه كلّيّ يثبت(٤) في الذمّة ، وهنا عين شخصيّة ، فيكون له الخيار في إمضاء العقد وفسخه ؛ لأنّ العقد تعيّن به ، ولا أرش له ؛ للأصل.

وإن(٥) وجده على الصفات المذكورة ، لزمه البيع ، ولا خيار له عندنا ؛ لعدم موجبه ، وهو أحد وجهي الشافعي ، وبه قال أحمد ؛ لأنّ المعقود عليه سلم له بصفاته ، فأشبه المـُسْلَم فيه(٦) .

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٨٤ ، روضة الطالبين ٣ : ١٥٧.

(٢) في ج ١٢ ، المسألة ٦٢٨.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٠ ، الحاوي الكبير ٥ : ٢٠ ، حلية العلماء ٤ : ٨٥ - ٨٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٦١ - ٦٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٢.

(٤) في « ق ، ك » : « ثبت ».

(٥) في الطبعة الحجريّة : « فإن ».

(٦) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧١ ، المجموع ٩ : ٢٩٣ ، حلية العلماء ٤ : ٨٦ ، =

١٥١

والثاني - وهو ظاهر مذهبهم - : أنّه يثبت له الخيار(١) ؛ للإجماع على تسميته بيع خيار الرؤية ، فينبغي أن يثبت فيه الخيار. ولأنّ الرؤية تمام هذا العقد ؛ لأنّ العقد قائم قبله ؛ لأنّه موقوف على مشاهدته ووجود الصفات فيه ، فإذا كان عند الرؤية يتمّ العقد ، يثبت الخيار عقيبه ، كبيع العين الحاضرة يثبت الخيار عقيب العقد في المجلس ، بخلاف السَّلَم ؛ لأنّ العقد قد تمّ قبل رؤيته ؛ لأنّه معقود على الموصوف دون العين.

وليس بشي‌ء ؛ فإنّ التسمية لا يجب عمومها. ووقوف العقد على المشاهدة ظاهراً لا يوجب وقوفه في نفس الأمر ؛ لأنّه إذا كان على الصفات ، لم يكن موقوفاً على شي‌ء ، بل يكون لازماً.

وعلى قول الخيار هل يثبت على الفور أو على المجلس؟ للشافعي وجهان : أحدهما : على المجلس ؛ لأنّه ثبت بمقتضى العقد ، فكان على المجلس ، كخيار المجلس. والثاني : يكون على الفور ؛ لأنّه معلّق بمشاهدة المبيع ، فكان على الفور ، كخيار ردّ العيب ؛ لأنّه يتعلّق بمشاهدة العيب(٢) . وهذا ساقط عندنا.

مسألة ٣٢٣ : البائع إذا لم يشاهد المبيع ، صحّ‌ إن وصف له وصفاً يرفع الجهالة ، وإلّا فلا ، وهو أحد قولي الشافعي. وفي الثاني : يصحّ ، ويثبت له‌

____________________

= الحاوي الكبير ٥ : ٢٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٦٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٢ ، المغني ٤ : ٨٥ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٠.

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧١ ، المجموع ٩ : ٢٩٣ ، حلية العلماء ٤ : ٨٦ ، الحاوي الكبير ٥ : ٢٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٦٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٢ ، المغني ٤ : ٨٥ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٠.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧١ ، المجموع ٩ : ٢٩٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٦٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٢.

١٥٢

الخيار ؛ لأنّه جاهل بصفة المعقود عليه ، فأشبه المشتري(١) .

وقال أبو حنيفة : لا خيار له في الرؤية [ للرواية(٢) ] التي رجع إليها ؛ لأنّ عثمان وطلحة تناقلا داريهما إحداهما بالكوفة والاُخرى بالمدينة ، فقيل لعثمان : إنّك غبنت ، فقال : ما اُبالي ؛ لأنّي بعت ما لم أره ، وقيل لطلحة ، فقال : لي الخيار ؛ لأني اشتريت ما لم أره ، فتحاكما إلى جبير بن مطعم ، فجعل الخيار لطلحة(٣) .

ولأنّا لو جعلنا الخيار للبائع ، لكُنّا قد أثبتنا له الخيار لتوهّم الزيادة ، والزيادة في المبيع لا تثبت الخيار ، فإنّه لو باع شيئاً على أنّه معيب فبان سليماً ، لم يثبت الخيار ، بخلاف المشتري ؛ لأنّه يثبت الخيار له لتوهّم النقصان(٤) .

والخبر لا حجّة فيه. والخيار لا يتعلّق بالزيادة والنقصان ، فإنّ المشتري لو قال : هو أجود ممّا ظننته وقد اخترت الفسخ ، كان له. وكذا صاحب خيار المجلس والشرط له الفسخ ، ولا يشترط زيادة ولا نقصان.

ويبطل أيضاً بما لو باع ثوباً على أنّه عشرة أذرع فظهر أحد عشر ، فإنّه يثبت للبائع الخيار عنده(٥) .

ولو كان البائع شاهَدَ المبيع ولم يشاهده المشتري ، فلا خيار للبائع‌

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٢٨٦ ، حلية العلماء ٤ : ٨٨ - ٨٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٦٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٢ ، المغني ٤ : ٨٢ ٨٣ ، الشرح الكبير ٤ : ٢٩.

(٢) أضفناها لأجل السياق.

(٣) سنن البيهقي ٥ : ٢٦٨ ، المغني ٤ : ٧٧ ، الشرح الكبير ٤ : ٢٨.

(٤) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٢٨٦ ، حلية العلماء ٤ : ٨٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٦٣ ، المغني ٤ : ٨٢ - ٨٣ ، الشرح الكبير ٤ : ٢٩.

(٥) اُنظر : العزيز شرح الوجيز ٤ : ٦٣.

١٥٣

إذا لم يردّ(١) - وهو قول الشافعي(٢) - لأنّه أحد المتبايعين ، فلا يثبت له خيار الرؤية مع تقدّمها ، كالمشتري.

وحكى أبو حامد وجهاً أنّه يثبت للبائع أيضاً ؛ لأنّه خيار ثبت بمطلق العقد ، فيشترك فيه البائع والمشتري ، كخيار المجلس(٣) .

وليس بصحيح ؛ لأنّ المشتري إنّما يثبت(٤) له ؛ لعدم الرؤية ، لا لأجل العقد ، بخلاف خيار المجلس.

مسألة ٣٢٤ : إذا اختار إمضاء العقد قبل الرؤية ولم يوصف المبيع ، كان البيع باطلاً. ويصحّ عند الشافعي(٥) . وحينئذٍ لو اختار الإمضاء ، لم يصح ؛ لأنّ الخيار يتعلّق بالرؤية. ولأنّه يؤدّي إلى أن يلزمه المبيع المجهول الصفة. ولو فسخ قبل الرؤية ، جاز ؛ لجواز الفسخ في المجهول.

ولو تقدّمت رؤيتهما على البيع وعرفاه ثمّ غاب عنهما ، جاز بيعه ؛ عملاً بأصالة الاستصحاب. ولأنّه مبيع معلوم عندهما حالة العقد ، فأشبه ما إذا شاهداه.

وقال بعض الشافعيّة : لا يصحّ البيع حتى يشاهداه حالة التبايع - وهو محكيّ عن الحكم وحمّاد - لأنّ ما كان شرطاً في صحّة العقد يجب أن يكون موجوداً حالة العقد ، كشهادة النكاح(٦) .

____________________

(١) كذا في « ق ، ك » والطبعة الحجريّة.

(٢) حلية العلماء ٤ : ٨٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٦٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٢ ، المجموع ٩ : ٢٩٣.

(٣) حلية العلماء ٤ : ٩٠ ، وانظر : العزيز شرح الوجيز ٤ : ٦٣ ، وروضة الطالبين ٣ : ٤٢ ، والمجموع ٩ : ٢٩٣.

(٤) في « ق ، ك » : « ثبت ».

(٥) اُنظر : العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥١ ، والمجموع ٩ : ٢٩٠.

(٦) حلية العلماء ٤ : ٩٤ ، الحاوي الكبير ٥ : ٢٥ - ٢٦ ، المغني ٤ : ٨٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٠.

١٥٤

والفرق : أنّ الشهادة تراد لتحمّل العقد والاستيثاق عليه ، فلهذا اشترطت حال العقد.

وينتقض بما لو شاهدا داراً ثمّ وقفا في بعض بيوتها أو في صحنها وتبايعاها ، أو شاهدا أرضاً ثمّ وقفا في طرفها وتبايعاها ، وهو جائز بالإجماع مع أنّ مشاهدة الكلّ لا توجد حال العقد.

مسألة ٣٢٥ : إذا كان المبيع ممّا لا يتغيّر كالحديد والنحاس والرصاص وباعه بالوصف ، أو كان قد شاهده ، صحّ. فإن وجده بحاله ، لزم البيع. وإن كان ناقصاً ، ثبت الخيار ؛ لأنّ ذلك كحدوث العيب ، وبه قال الشافعي(١) .

ولو اختلفا فقال البائع : هو بحاله. وقال المشتري : قد نقص ، للشافعي قولان ، أحدهما : تقديم قول المشتري ؛ لأنّ الثمن يلزمه ولا يلزمه إلّا ما اعترف به(٢) .

ولو كان المبيع طعاماً يفسد فعقدا عليه وقد مضى زمان يفسد في مثله ، لم يصح البيع ، وبه قال الشافعي(٣) .

ولو كان الزمان ممّا يحتمل الفساد فيه والصحّة ، فالأقوى : الصحّة ؛ عملاً باستصحاب الحال. ومَنَع الشافعي(٤) منه.

ولو كان حيواناً ، جاز بيعه ؛ لأصالة البقاء ، وهو أحد قولي‌

____________________

(١) الحاوي الكبير ٥ : ٢٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٦ - ٣٧ ، المجموع ٩ : ٢٩٦.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٧ ، المجموع ٩ : ٢٩٧.

(٣) الحاوي الكبير ٥ : ٢٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٧ ، المجموع ٩ : ٢٩٦ - ٢٩٧.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٧ ، المجموع ٩ : ٢٩٧.

١٥٥

الشافعي(١) .

وحكي عن المزني المنع(٢) .

وعن ابن أبي هريرة أنّه إن طالت المدّة ، لم يجز ؛ لأنّه بيع الغرر(٣) .

وهو ممنوع ؛ لأصالة السلامة والبقاء.

مسألة ٣٢٦ : المشهور عند علمائنا أنّ الملك ينتقل بنفس الإيجاب والقبول إلى المشتري‌ انتقالاً غير لازم إن اشتمل على خيار ، ويلزم بانقضائه ، والملك في الثمن للبائع - وهو أحد أقوال الشافعي ، وبه قال أحمد - لقولهعليه‌السلام : « مَنْ باع عبداً وله مال فمالُه للبائع إلّا أن يشترطه المبتاع »(٤) .

ولأنّه عقد معاوضة يقتضي الملك ، فلزمه بنفس العقد ، كالنكاح.

والثاني للشافعي : أنّه ينتقل بالعقد وانقضاء الخيار ، فيكون في مدّة الخيار للبائع ، والملك في الثمن للمشتري ، وبه قال أبو حنيفة ومالك ، إلّا أنّهما قالا : لا يثبت خيار المجلس ، فيكون ذلك في خيار الشرط ؛ لأنّه إيجاب غير لازم مع سلامة المعقود عليه ، فلم ينتقل الملك ، كعقد الهبة.

والفرق ظاهر ؛ فإنّ الهبة ليست عقد معاوضة ، بل هي تبرّع محض ، وعدم اللزوم لا يمنع الملك في المعاوضات ، كما لو كان معيباً.

والثالث : أنّ الملك مراعى ، فإن فسخا ، تبيّنّا أنّ الملك لم ينتقل بالعقد ، وإن أجازا ، تبيّنّا أنّه انتقل بالعقد من حين العقد ؛ لأنّ البيع سبب‌

____________________

(١) الحاوي الكبير ٥ : ٢٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٧ ، المجموع ٩ : ٢٩٧.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٥ ، المجموع ٩ : ٢٩٧.

(٣) اُنظر : العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٥ ، والمجموع ٩ : ٢٩٧.

(٤) سنن أبي داوُد ٣ : ٢٦٨ / ٣٤٣٣ ، مسند أحمد ٢ : ٧٣ / ٤٥٣٨ ، و ٤ : ٢٣١ / ١٣٨٠٢.

١٥٦

الزوال ، إلّا أنّ شرط الخيار يشعر بأنّه لم يرض بَعْدُ بالزوال جزماً ، فوجب أن يتربّص وينظر عاقبة الأمر. ولأنّ العقد لو أوجب الملك لأجاز التصرّف ، ولا يجوز أن يتعلّق الملك بالتفرّق بالأبدان ؛ لأنّ ذلك ليس من أسباب الملك ، فلم يبق إلّا أنّه يملك بالعقد ويتبيّن ذلك بالتفرّق(١) .

وهذا يلزم عليه البيع قبل القبض والرهن ؛ فإنّ الملك حاصل فيه والتصرّف لا يجوز.

إذا ثبت هذا ، فلا فرق عند الشافعي بين أن يكون الخيار لهما أو لأحدهما - وبه قال مالك - لأنّه بيع نقل ملك البائع ، فوجب أن ينقله إلى المشتري كما لو لم يكن لهما خيار(٢) .

وقال أبو حنيفة : إن كان الخيار لهما أو للبائع ، لم ينتقل ملكه. وإذا كان للمشتري وحده ، خرج المبيع من ملك البائع ، ولا يدخل في ملك المشتري ؛ لأنّه شرط الخيار لنفسه ، فلم يزل ملكه عن الثمن ، ولا يجوز أن يجتمع له الثمن والمثمن فيما يصحّ تمليكه(٣) .

وليس بجيّد ؛ لأنّ الخيار لا يمنع انتقال الملك ، على أنّ هذا القول يستلزم المحال ، وهو ثبوت ملكٍ لغير مالك.

إذا عرفت هذا ، فللشافعيّة طرق في موضع الأقوال‌ :

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٦٦ ، المجموع ٩ : ٢١٣ ، حلية العلماء ٤ : ١٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٩٦ ، روضة الطالبين ٣ : ١١٢ ، المغني ٤ : ٢٨ - ٣٠ ، الشرح الكبير ٤ : ٧٩.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٩٦ ، المجموع ٩ : ٢١٣ ، المغني ٤ : ٢٨ - ٣٢ ، الشرح الكبير ٤ : ٧٩.

(٣) بدائع الصنائع ٥ : ٢٦٤ - ٢٦٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٩٦ ، المغني ٤ : ٢٨ - ٣٢ ، الشرح الكبير ٤ : ٧٩.

١٥٧

أحدها : أنّ الخلاف فيما إذا كان الخيار لهما إمّا بالشرط أو في خيار المجلس ، أمّا إذا كان لأحدهما ، فهو المالك للمبيع ؛ لنفوذ تصرّفه فيه.

والثاني : أنّه لا خلاف في المسألة ولكن إن كان الخيار للبائع ، فالملك له. وإن كان للمشتري ، فهو له. وإن كان لهما ، فهو موقوف. وتنزّل الأقوال على هذه الأحوال.

والثالث : طرد الأقوال في الأحوال ، وهو أظهر عند عامّة الشافعيّة.

وإذا جرت الأقوال ، فما الأظهر منها؟

قال أبو حامد : الأظهر : أنّ الملك للمشتري. وبه قال الجويني.

وقال بعضهم : الأظهر : الوقف.

والأشبه عندهم : أنّه إن كان الخيار للبائع ، فالأظهر بقاء الملك له. وإن كان للمشتري ، فالأظهر : انتقاله إليه. وإن كان لهما ، فالأظهر : الوقف(١) .

مسألة ٣٢٧ : كسب العبد والجارية المبيعين في زمن الخيار للمشتري ؛ لانتقال الملك إليه عندنا.

وقال الشافعي : إن قلنا : الملك للمشتري أو إنّه موقوف ، فالنماء له. وإن قلنا : الملك للبائع ، فوجهان :

قال الجمهور : الكسب للبائع ؛ لأنّه المالك حال حصوله.

وقال بعضهم : إنّه للمشتري ؛ لأنّ سبب ملكه موجود أوّلاً وقد استقرّ عليه آخراً فيكتفى به. وإن فسخ البيع ، فهو للبائع إن قلنا : الملك للبائع أو موقوف. وإن قلنا : للمشتري ، فوجهان : أصحّهما : أنّه له.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٩٦ ، روضة الطالبين ٣ : ١١٣ ، المجموع ٩ : ٢١٣ - ٢١٤.

١٥٨

وعن أبي إسحاق أنّه للبائع ؛ نظراً إلى المآل.

وقال بعضهم : الوجهان مبنيّان على أنّ الفسخ رفع للعقد من حينه أو من أصله؟ إن قلنا بالأوّل ، فهو للمشتري. وإن قلنا بالثاني ، فللبائع(١) .

واللبن والبيض والثمرة ومهر الجارية بوطي الشبهة كالكسب.

مسألة ٣٢٨ : فإذا حملت الجارية أو الدابّة عند المشتري في زمان الخيار لامتداد المجلس أو للشرط عندنا ، فهو كالكسب ، وهو عندنا للمشتري ، وعندهم على ما تقدّم من الأقوال(٢) .

أمّا لو كانت الجارية أو الدابّة حاملاً(٣) عند البيع وولدت في زمان الخيار ، فحكمه حكم النماء المتّصل ، كسمن الدابّة.

وقال الشافعي : يبنى على أنّ الحمل هل يأخذ قسطاً من الثمن؟ وفيه قولان :

أحدهما : لا ؛ لأنّ الحمل كالجزء منها ، فأشبه سائر الأعضاء ، فعلى هذا هو كالكسب بلا فرق.

وأصحّهما : نعم ، كما لو بِيع بعد الانفصال مع الاُمّ ، فالحمل والاُمّ على هذا عينان بِيعتا معاً ، فإن فسخ البيع ، فهُما معاً للبائع ، وإلّا فللمشتري(٤) .

مسألة ٣٢٩ : إذا كان المبيع رقيقاً فأعتقه البائع في زمان الخيار المشروط لهما أو للبائع ، فالأقرب نفوذ عتقه ، وبه قال الشافعي على كلّ‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٩٧ ، روضة الطالبين ٣ : ١١٣ ، المجموع ٩ : ٢١٤ ، المغني ٤ : ٣٨ - ٣٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٨٠.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٩٧ ، روضة الطالبين ٣ : ١١٣ ، المجموع ٩ : ٢١٤.

(٣) في « ق ، ك » والطبعة الحجريّة : « أمّا لو كانت الجارية والدابّة حاملين ». وما أثبتناه يقتضيه السياق.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٩٧ ، روضة الطالبين ٣ : ١١٣ ، المجموع ٩ : ٢١٤ ٢١٥.

١٥٩

قولٍ.

أمّا إذا كان الملك له : فظاهر.

وأمّا على غير هذا القول : فلأنّه بسبيل من فسخ ، والإعتاق يتضمّن الفسخ ، فينتقل الملك إليه قُبَيْله(١) .

ويحتمل أن يقال : لا يصحّ ؛ لعدم مصادفة العتق الملك ، لكن يبطل البيع ؛ لأنّ العتق وإن كان باطلاً على هذا الاحتمال إلاّ أنّه أبلغ في الفسخ.

وإن أعتقه المشتري ، فإن كان الخيار له خاصّةً ، نفذ العتق مطلقاً ؛ لأنّه إمّا مصادف للملك أو إجازة والتزام بالمبيع ، وليس فيه إبطال حقّ البائع ؛ إذ لا خيار له.

وإن أعتقه البائع والخيار للمشتري ، لم يصح ؛ لأنّه لم يصادف ملكاً.

وعند الشافعي(٢) لا ينفذ إن قال : إنّ الملك للمشتري ، تمّ البيع أو فسخ. ويجي‌ء فيما لو فسخ الوجهُ الناظر إلى المآل. وإن قال بالوقف ، لم ينفذ إن تمّ البيع ، وإلاّ نفذ. وإن قال : إنّه للبائع ، فإن اتّفق الفسخ ، نفذ ، وإلّا فقد أعتق ملكه الذي تعلّق به حقٌّ لازم ، فصار كإعتاق الراهن.

وإن كان الخيار للبائع أو لهما فأعتقه المشتري ، فالأقوى : النفوذ ؛ لأنّه صادف ملكاً. ثمّ إمّا أن يجعل العتق كالتلف أو يجعله موقوفاً ، كعتق الراهن.

وقال الشافعي : إن قلنا : إنّ الملك للبائع ، لم ينفذ إن فسخ البيع. وإن تمّ ، فكذلك في أصحّ الوجهين. والثاني : ينفذ اعتباراً بالمآل. وإن قلنا بالوقف ، فالعتق موقوف أيضاً إن تمّ العقد ، بانَ نفوذه ، وإلّا فلا.

____________________

(١و٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٩٧ ، روضة الطالبين ٣ : ١١٤ ، المجموع ٩ : ٢١٥.

١٦٠