تذكرة الفقهاء الجزء ١١

تذكرة الفقهاء0%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-224-5
الصفحات: 415

تذكرة الفقهاء

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الحلي
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: ISBN: 964-319-224-5
الصفحات: 415
المشاهدات: 130829
تحميل: 5050


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 415 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 130829 / تحميل: 5050
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء 11

مؤلف:
ISBN: 964-319-224-5
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

ثَلاثَةَ أَيّامٍ ) (١) وأجاز رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله للمهاجر أن يقيم بمكّة بعد قضاء مناسكه ثلاثاً(٢) (٣) .

وقال مالك : يجوز في ذلك قدر ما يحتاج إليه ، فإن كان البيع من الفواكه التي لا تبقى أكثر من يوم ، جاز الخيار فيها(٤) يوماً واحداً. وإن كان ضيعةً لا يمكنه أن يصل إليها إلّا في أيّامٍ ، جاز الخيار أكثر من ثلاث ؛ لأنّ الخيار إنّما يثبت للحاجة إليه ، فجاز حسب الحاجة(٥) .

والجواب : لا عبرة بتحريم عمر ، فإنّه ليس أهلاً لأن يُحلّل أو يُحرّم. وجَعْلُ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لحبّان بن منقذ عهدة ثلاثة أيّام لا يدلّ على المنع عن الزائد. ولو كان الخيار مشتملاً على غرر ، لما ساغ التقدير بثلاثة أيّام ، وإذا كان الضابط الحاجةَ ، وجب أن يتقدّر بقدرها ، كما قاله مالك ، والغالب‌

____________________

(١) هود : ٦٥.

(٢) صحيح مسلم ٢ : ٩٨٥ / ٤٤٢ ، و ٩٨٦ / ٤٤٤ ، سنن النسائي ٣ : ١٢٢ ، سنن البيهقي ٣ : ١٤٧ ، مسند أحمد ٦ : ٣٩ / ٢٠٠٠٢ ، المعجم الكبير للطبراني ١٨ : ٩٦ و ٩٧ / ١٦٩ - ١٧١.

(٣) مختصر المزني : ٧٦ ، الحاوي الكبير ٥ : ٦٥ ، المهذّب للشيرازي ١ : ٢٦٥ ، المجموع ٩ : ١٩٠ و ٢٢٥ ، الوجيز ١ : ١٤١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٩٠ ، الوسيط ٣ : ١٠٨ ، حلية العلماء ٤ : ٢١ ، التهذيب للبغوي ٣ : ٣١٨ ، روضة الطالبين ٣ : ١٠٨ ، المبسوط للسرخسي ١٣ : ٤١ ، الهداية للمرغيناني ٣ : ٢٧ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ١٨ ، مختصر اختلاف العلماء ٣ : ٥١ ، ١١٢٨ ، النتف ١ : ٤٤٦ ، تحفة الفقهاء ٢ : ٦٥ ، بداية المجتهد ٢ : ٢٠٩ ، الذخيرة ٥ : ٢٤ ، المغني ٤ : ٩٨ ، الشرح الكبير ٤ : ٧٤.

(٤) كلمة « فيها » لم ترد في « ق ، ك».

(٥) بداية المجتهد ٢ : ٢٠٩ ، الحاوي الكبير ٥ : ٦٥ ، الذخيرة ٥ : ٢٣ ٢٤ ، حلية العلماء ٤ : ١٩ ٢١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٩٠ ، المغني ٤ : ٩٨ ، الشرح الكبير ٤ : ٧٤.

٤١

الحاجة إلى الزيادة على الثلاثة ، ولمـّا كانت الحاجة تختلف باختلاف الأشخاص وأحوالهم وجب الضبط بما يعرفه المتعاقدان من المدّة التي يحتاجان إليها.

مسألة ٢٣٤ : وإنّما يصحّ شرط الخيار إذا كان مضبوطاً محروساً‌ من الزيادة والنقصان ، وأن يُذكر في متن العقد ، فلو جعل الخيار إلى مقدم(١) الحاجّ أو إدراك الغلّات أو إيناع الثمار أو حصاد الزرع أو دخول القوافل أو زيادة الماء أو نقصانه أو نزول الغيث أو انقطاعه ، بطل العقد ؛ لأنّ للأجل قسطاً من الثمن ، فيؤدّي جهالته إلى جهالة العوض ، ويؤدّي إلى الغرر المنهيّ عنه.

ولو ذكرا مثل هذا الخيار ثمّ أسقطاه بعد العقد أو اختارا الإمضاء ، لم ينقلب صحيحاً ؛ لأنّه وقع فاسداً ، فلا عبرة به ، والأصل بقاء الملك على بائعه ولم يوجد مزيل عنه فبقي على حاله.

وإذا ذكرا أجلاً مضبوطاً قبل العقد أو بعده ، لم يعتدّ به ؛ لأنّ العقد وقع منجّزاً فلا يؤثّر فيه السابق واللاحق ، وإنّما يعتدّ بالشرط لو وقع في متن العقد بين الإيجاب والقبول ، فيقول مثلاً : بعتك كذا بكذا ولي الخيار مدّة كذا ، فيقول : اشتريت.

مسألة ٢٣٥ : إذا اشترطا(٢) مدّة معيّنة أكثر من ثلاثة أيّام في العقد ، صحّ‌ على ما بيّنّاه.

وقال الشافعي بناءً على أصله : يبطل العقد. فإن أسقطا ما زاد على الثلاث في مدّة الخيار ، لم يحكم بصحّة العقد وبه قال زفر لأنّه عقد وقع‌

____________________

(١) في هامش « ق » : « الأصل : قدوم ».

(٢) في « ق ، ك» : « شرطا ».

٤٢

فاسداً ، فلا يصحّ حتى يبتدأ ، كما لو باع درهماً بدرهمين وأسقطا درهماً(١) .

وقال أبو حنيفة : يصحّ العقد بإسقاط ذلك ؛ لأنّ المفسد ما زاد على الثلاث ، فإذا أسقطه ، وجب أن يصحّ العقد. والدليل على جواز إسقاطه أنّه خيار مشروط في العقد ، فإذا أسقطاه في الثلاث ، سقط ، كاليوم الثالث(٢) .

وهو ممنوع ؛ لأنّ العقد غير قائم بينهما ، والخيار لم يثبت فيسقط ، بخلاف الثالث ؛ لأنّه يثبت(٣) فصحّ إسقاطه ، بخلاف ما زاد عليه ، فإنّه لم يثبت.

مسألة ٢٣٦ : إذا اشترى شيئاً بشرط الخيار ولم يُسمّ وقتاً ولا أجلاً ، بل أطلقه ، بطل البيع‌ وبه قال الشافعي(٤) للجهالة المتضمّنة لجهالة العوض.

وللشيخرحمه‌الله قول : إنّه يصحّ البيع ، ويكون له الخيار ثلاثة أيّام ، ولا خيار له بعد ذلك(٥) .

وهو محمول على إرادة خيار الحيوان.

____________________

(١) التهذيب للبغوي - ٣ : ٣١٨ - ٣٢٣ ، حلية العلماء ٤ : ٢٢ ، الحاوي الكبير ٥ : ٦٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٩٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٠٨ ، المجموع ٩ : ١٩٠ و ١٩٤ ، المبسوط للسرخسي ١٣ : ٤٢ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ١٩.

(٢) المبسوط للسرخسي ١٣ : ٤٢ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ١٩ ، الحاوي الكبير ٥ : ٦٧ ، حلية العلماء ٤ : ٢٢ ، التهذيب للبغوي ٣ : ٣٢٣ ، المغني ٤ : ١٢٥ ، الشرح الكبير ٤ : ٧٤.

(٣) في « ق ، ك» : « ثبت ».

(٤) الحاوي الكبير ٥ : ٦٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٩٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٠٩ ، المجموع ٩ : ١٩١ و ١٩٤ ، بداية المجتهد ٢ : ٢٠٩ ٢١٠ ، المغني ٤ : ١٢٤ ١٢٦ ، الشرح الكبير ٤ : ٧٤ - ٧٥.

(٥) الخلاف ٣ : ٢٠ ، المسألة ٢٥.

٤٣

وقال أبو حنيفة : البيع فاسد ، فإن أجازه في الثلاثة ، جاز عنده خاصّة.

وإن لم يجز حتى مضت الثلاثة ، بطل البيع(١) .

وقال أبو يوسف ومحمّد : له أن يجيز بعد الثلاثة(٢) .

وقال مالك : إن لم يجعل للخيار وقتاً ، جاز ، وجعل له من الخيار مثل ما يكون في تلك السلعة(٣) .

وقال الحسن بن صالح بن حيّ : إذا لم يعيّن أجل الخيار ، كان له الخيار أبداً(٤) .

مسألة ٢٣٧ : قد ذكرنا أنّه إذا قرن الخيار بمدّة مجهولة ، بطل البيع‌ - وبه قال الشافعي وأبو حنيفة(٥) لما تقدّم. ولأنّها مدّة ملحقة بالعقد ، فلا يجوز مع الجهالة ، كالأجل.

وقال ابن أبي ليلى : الشرط باطل والبيع صحيح ؛ لأنّ عائشة اشترت‌

____________________

(١) مختصر اختلاف العلماء ٣ : ٥٥ / ١١٣٢ ، الهداية للمرغيناني ٣ : ٢٧ ، النتف ١ : ٤٤٦ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ١٩ ، بداية المجتهد ٢ : ٢٠٩ ، الاستذكار ٢٠ : ٢٥٣ / ٣٠٠٨٤ ، وحكاه عنه الشيخ الطوسي في الخلاف ٣ : ٢٠ ، المسألة ٢٥.

(٢) الاستذكار ٢٠ : ٢٥٣ / ٣٠٠٨٥ ، وحكاه عنهما أيضاً الشيخ الطوسي في الخلاف ٣ : ٢٠ ، المسألة ٢٥.

(٣) بداية المجتهد ٢ : ٢٠٩ ، الاستذكار ٢٠ : ٢٥٣ ، ٣٠٠٨٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٩٠ ، وحكاه عنه أيضاً الشيخ الطوسي في الخلاف ٣ : ٢٠ ، المسألة ٢٥.

(٤) المحلّى ٨ : ٣٧٣ ، بداية المجتهد ٢ : ٢٠٩ ، الاستذكار ٢٠ : ٢٥٤ ، ٣٠٠٨٨ ، مختصر اختلاف العلماء ٣ : ٥٥ ، ١١٣٢ ، وحكاه عنه أيضاً الشيخ الطوسي في الخلاف ٣ : ٢٠ ، المسألة ٢٥.

(٥) الحاوي الكبير ٥ : ٦٧ ، حلية العلماء ٤ : ٣٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٩٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٠٩ ، المجموع ٩ : ١٩١ ، المغني ٤ : ١٢٤ - ١٢٦ ، الشرح الكبير ٤ : ٧٤ - ٧٥.

٤٤

بريرة وشرط مواليها أن تجعل ولاءها لهم ، فأجاز النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله البيع وردّ الشرط(١) . وهذا يدلّ على أنّ الشرط الفاسد لا يفسد العقد(٢) .

وقال ابن شُبْرُمة : الشرط والبيع صحيحان - وهو ظاهر ما روي عن أحمد(٣) لما رواه جابر قال : إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ابتاع منّي بعيراً بمكة فلمـّا نقدني الثمن شرطت عليه أن يحملني على ظهره إلى المدينة ، فأجاز النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله الشرط والبيع(٤) ، فكذلك سائر الشروط.

وقال مالك : البيع صحيح ، ويضرب له من الأجل ما يختبر في مثله في العادة ؛ لأنّ ذلك متقرّر(٥) في العادة ، فإذا(٦) أطلقا ، حُمل عليه(٧) .

والجواب : أنّ حديث عائشة قضيّة في عين. ويحتمل أن يكون الشرط قد وقع قبل العقد أو بعده ، فلا يكون معتبراً. وقد روي أنّه أمرها أن تشتري وتشترط الولاء(٨) ؛ ليبيّن فساده بياناً عامّاً.

وخبر جابر : نقول بموجبه ؛ لأنّه شرط بعد العقد ونقد الثمن ؛ لدلالة كلامه عليه ، وذلك غير مانع من صحّة العقد السابق.

____________________

(١) صحيح البخاري ٣ : ٢٥١ ، صحيح مسلم ٢ : ١١٤١ ، ١٥٠٤.

(٢) حلية العلماء ٤ : ٣٠ ، المغني ٤ : ١٢٦ ، الشرح الكبير ٤ : ٧٥.

(٣) حلية العلماء ٤ : ٣٠ ، المغني ٤ : ١٢٥ ، الشرح الكبير ٤ : ٧٤.

(٤) صحيح البخاري ٣ : ٢٤٨ ، صحيح مسلم ٣ : ١٢٢٣ / ١١٣ ، سنن البيهقي ٥ : ٣٣٧.

(٥) في الشرح الكبير : « مقرّر ». وفي المغني : « مقدّر ». والأخير مناسب لما يأتي عند الجواب عن قول مالك.

(٦) في الطبعة الحجريّة : « فإن » بدل « فإذا ».

(٧) حلية العلماء ٤ : ٣١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٩٠ ، المغني ٤ : ١٢٥ ، الشرح الكبير ٤ : ٧٤.

(٨) صحيح البخاري ٣ : ٢٥١ ، صحيح مسلم ٢ : ١١٤٢ - ١١٤٣ / ٨.

٤٥

سلّمنا لكن شرط الحمل إلى المدينة معلوم ، فجاز اشتراطه في العقد ، وليس محلَّ النزاع.

والعادة المقدّرة ممنوعة ؛ إذ لا عادة مضبوطة هنا ؛ لأنّه إنّما يُشرط نادراً.

مسألة ٢٣٨ : قال الشيخرحمه‌الله : إذا قال : بعتك على أن تنقدني الثمن إلى ثلاث ، فإن نقدتني الثمن إلى ثلاث ، وإلّا فلا بيع بيننا ، صحّ البيع(١) ، وبه قال أبو حنيفة. ويكون في ذلك إثبات الخيار للمشتري وحده(٢) .

قال أبو حنيفة : ولو قال البائع : بعتك على أنّي إن رددت الثمن بعد ثلاثة فلا بيع بيننا ، صحّ. ويكون في ذلك إثبات الخيار للبائع وحده(٣) ؛ لقولهعليه‌السلام : « المؤمنون عند شروطهم »(٤) .

ولأنّه نوع بيع ، فجاز أن ينفسخ بتأخّر القبض ، كالصرف.

وقال الشافعي : إنّ ذلك ليس بشرط خيار ، بل شرط فاسد يُفسد العقد ؛ لأنّه علّق العقد على خطر فلا يصحّ ، كما لو علّقه بقدوم زيد. ولأنّ عقده لا يتعلّق فكذا فسخه(٥) .

لا يقال : ينتقض بالنكاح.

لأنّا نقول : فسخه لا يتعلّق بذلك ، بل إنّما يتعلّق الطلاق وليس‌

____________________

(١) الخلاف ٣ : ٤٠ ، المسألة ٥٧.

(٢) حلية العلماء ٤ : ٢٨ ، المغني ٤ : ١٢٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٦٧.

(٣) حلية العلماء ٤ : ٢٨.

(٤) التهذيب ٧ : ٣٧١ / ١٥٠٣ ، الاستبصار ٣ : ٢٣٢ / ٨٣٥ ، الجامع لأحكام القرآن ٦ : ٣٣.

(٥) حلية العلماء ٤ : ٢٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٩١ ، روضة الطالبين ٣ : ١٠٩ ، المجموع ٩ : ١٩٣ و ٣٧٩ ، المغني ٤ : ١٢٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٦٧.

٤٦

بفسخ.

ويفارق الصرف ؛ لأنّ القبض واجب فيه بالشرع ، وهنا بخلافه.

ونحن في ذلك من المتوقّفين.

مسألة ٢٣٩ : يجوز اشتراط أقلّ من الثلاثة‌ عندنا وعند الباقين(١) خلافاً لمالك - لأنّه يجوز عندنا أكثر من ثلاثة ، وعند الباقين يجوز ثلاثة ، فالناقص أولى.

أمّا مالك ، فإنّه اعتبر الحاجة ، فإنّها إن دعت إلى شهر أو أزيد ، جاز شرطه. وإن كان المبيع ممّا يسارع إليه الفساد أو يُعرف حاله بالنظر إليه ساعة أو يوماً ، لم تجز الزيادة(٢) .

وقالت الشافعيّة : فيما لو كان المبيع ممّا يسرع إليه الفساد عادة لو شرط الثلاث ، هل يبطل البيع أو يصحّ ويباع عند الإشراف على الفساد ويقام ثمنه مقامه؟ وجهان(٣) .

مسألة ٢٤٠ : روى الجمهور أنّ حبّان بن منقذ أصابته آمّة في رأسه فكان يُخدع في البيع ، فقال له النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إذا بايعت فقُلْ : لا خلابة » ‌

____________________

(١) المبسوط للسرخسي ١٣ : ٤١ ، الهداية للمرغيناني ٣ : ٢٧ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ١٨ ، الحاوي الكبير ٥ : ٦٨ - ٦٩ ، المهذّب للشيرازي ١ : ٢٦٥ ، المجموع ٩ : ١٩٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٠٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٩٠.

(٢) بداية المجتهد ٢ : ٢٠٩ ، الذخيرة ٥ : ٢٣ - ٢٤ ، حلية العلماء ٤ : ١٩ - ٢١ ، الحاوي الكبير ٥ : ٦٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٩٠ ، المغني ٤ : ٩٨ ، الشرح الكبير ٤ : ٧٤.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٩٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٠٨.

٤٧

وجَعَل له الخيار ثلاثاً(١) .

وفي رواية « وجعل له بذلك خيار ثلاثة أيّام »(٢) .

وفي رواية : « قُلْ : لا خلابة ، ولك الخيار ثلاثاً »(٣) .

وهذه الروايات مسطورة في كتب فقههم دون مشهورات كتب أحاديثهم.

وهذه الكلمة في الشرع عبارة عن اشتراط الخيار ثلاثاً إذا أطلقاها عالمَيْن بمعناها ، كان بمنزلة التصريح باشتراط الثلاثة. وإن كانا جاهلَيْن ، لم يثبت الخيار.

وإن علم البائع دون المشتري ، للشافعيّة فيه وجهان :

أحدهما : لا يثبت ؛ لعدم التراضي ، وهو لا يعلمه فلا يلزمه.

والثاني : يثبت ؛ للخبر(٤) . ولا يعذر في جهله ، كما إذا كان محجوراً عليه ، لزمه حكم الحجر وإن كان جاهلاً.

والأقرب أن نقول : إذا قال البائع : بعتك كذا بكذا ولا خلابة ، وقصد إثبات الخيار ثلاثاً لنفسه وكان المشتري عالماً ، يثبت(٥) الخيار ، وإلّا فلا.

مسألة ٢٤١ : إذا اشترط الخيار مدّةً معيّنة وأطلقا مبدأها ، قال الشيخرحمه‌الله : المبدأ انقضاء خيار المجلس‌ بالتفرّق لا من حين العقد(٦) . وهو أحد قولي الشافعيّة ؛ لأنّه لو جعل المبدأ العقد ، لزم اجتماع الخيارين ، وهُما مِثْلان والمِثْلان يمتنع اجتماعهما. ولأنّ الشارط يبغي بالشرط إثبات ما لولا الشرط لما ثبت ، وخيار المجلس ثابت وإن لم يوجد الشرط ، فيكون المقصود ما بعده.

____________________

(١ - ٣ ) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٨٣.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٩٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١١٠ ، المجموع ٩ : ١٩٢ - ١٩٣.

(٥) في « ق ، ك» : « ثبت ».

(٦) الخلاف ٣ : ٣٣ ، المسألة ٤٤.

٤٨

واُجيب : بأنّ الخيار واحدٌ له جهتان : المجلس والشرط ، ولا بُعْد فيه ، كما أنّه قد يجتمع خيار المجلس والعيب.

ولو نُزّل الشرط على ما بعد المجلس ، لزم الجهل بالشرط ؛ لأنّ وقت التفرّق مجهول.

واُجيب بأنّ جهالة المجلس كجهالة(١) العقد ؛ لأنّ لهما فيه الزيادة والنقصان ، فكانت المدّة بعده ، كالعقد(٢) .

والأقرب : أنّ المبدأ من حين العقد ؛ لأنّها مدّة ملحقة بالعقد ، فكان ابتداؤها من حين العقد ، كالأجل ، لا من حين التفرّق ولا خروج الثلاثة في الحيوان.

فروع :

أ - إذا شرطا مدّةً لتسليم الثمن ، فابتداؤها من حين العقد.

وللشافعيّة وجهان :

أحدهما : إن جعلنا الخيار من وقت العقد ، فالأجل أولى.

والثاني : من حين التفرّق.

والفرق : أنّ الأجل لا يثبت إلّا بالشرط ، فالنظر فيه إلى وقت الشرط ، والخيار قد يثبت من غير شرط ، فمقصود الشرط إثبات ما لولاه لما ثبت. وأيضاً فإنّ الأجل وإن شارك الخيار في منع المطالبة بالثمن لكن يخالفه من‌

____________________

(١) في « ق ، ك» : « كحالة ». وفي المغني والشرح الكبير : « حالة المجلس كحالة ».

(٢) الوجيز ١ : ١٤١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٩٢ ، المهذّب للشيرازي ١ : ٢٦٥ ، المجموع ٩ : ١٩٨ ، روضة الطالبين ٣ : ١١٠ ، المغني ٤ : ١١٢ - ١١٦ ، الشرح الكبير ٤ : ٧٦.

٤٩

وجوه ، واجتماع المختلفين ممكن(١) .

ب - إن(٢) قلنا : إنّ المبدأ هو العقد كما اخترناه فلو انقضت المدّة وهُما مصطحبان ، انقطع خيار الشرط بانقضاء مدّته ، وبقي خيار المجلس. وإن تفرّقا والمدّة باقية ، فالحكم بالعكس. وإن قلنا : المبدأ التفرّق كما قاله الشيخ(٣) فإذا تفرّقا ، انقطع خيار المجلس ، واستؤنف خيار الشرط.

ج - إن قلنا : إنّ ابتداء المدّة من حين العقد فشرطا أن يكون ابتداؤها من حين التفرّق ، لم يصح ؛ لأنّه يجعله مجهولاً ، ويقتضي زيادةً على الثلاثة ، وهو ممنوع عند الشافعيّة(٤) .

وإن قلنا : ابتداؤها من حين التفرّق فشرطا أن يكون ابتداؤه(٥) من حين العقد ، صحّ عندنا وهو أحد قولي الشافعيّة(٦) لأنّ ابتداء المدّة معلومة ولم يزد به على الثلاثة بل نقص فجاز ، كما لو شرط يومين.

والثاني : لا يصحّ ؛ لأنّهما شرطا الخيار في المجلس ، والخيار فيه ثابت بالشرع ، فلم يصح اشتراطه(٧) .

وهو ممنوع ؛ فإنّه يصحّ اشتراط القبض وغيره من مقتضيات العقد.

د - لو قلنا بأنّ مبدأ المدّة العقدُ وأسقطا الخيار مطلقاً قبل التفرّق ،

____________________

(١) حلية العلماء ٤ : ٢٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٩٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١١٠ ، المجموع ٩ : ١٩٩.

(٢) في الطبعة الحجريّة : « إذا » بدل « إن ».

(٣) الخلاف ٣ : ٣٣ ، المسألة ٤٤.

(٤) اُنظر المصادر في الهامش (٤) من ص ٤٠.

(٥) أي : ابتداء الخيار.

(٦ و ٧ ) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٦٦ ، المجموع ٩ : ١٩٩ ، روضة الطالبين ٣ : ١١٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٩٢.

٥٠

سقط الخياران : خيار المجلس والشرط. وإن قلنا بالتفرّق ، سقط خيار المجلس دون خيار الشرط ؛ لأنّه غير ثابت بَعْدُ ، وهو أصحّ وجهي الشافعيّة(١) .

مسألة ٢٤٢ : الأقرب عندي أنّه لا يشترط اتّصال مدّة شرط الخيار(٢) بالعقد ، فلو شرط خيار ثلاثة أو أزيد من آخر الشهر ، صحّ العقد والشرط ؛ عملاً بالأصل ، وبقولهعليه‌السلام : «المسلمون عند شروطهم »(٣) ولأنّه عقد تضمّن شرطاً لا يخالف الكتاب والسنّة ، فيجب الوفاء به ؛ لقوله تعالى :( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) (٤) .

وقال الشافعي : لا يجوز ؛ لأنّه إذا تراخت المدّة عن العقد ، لزم ، وإذا لزم لم يَعُدْ جائزاً(٥) .

وهو ممنوع ؛ فإنّ خيار الرؤية لم يثبت قبلها ، وكذا الخيار بعد الثلاثة ؛ لعدم التسليم.

فروع :

أ - لو قال : بعتك ولي الخيار عشرة أيّام ، مثلاً وأطلق ، اقتضى اتّصال‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٩٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١١٠ ، المجموع ٩ : ١٩٩.

(٢) في « ق ، ك» : « اتّصال مدّة خيار شرط الخيار ».

(٣) صحيح البخاري ٣ : ١٢٠ ، سنن الدارقطني ٣ : ٢٧ ، ٩٨ و ٩٩ ، سنن البيهقي ٧ : ٢٤٩ ، معرفة السنن والآثار ١٠ : ٢٣٧ / ١٤٣٤٩ ، و ٢٣٨ / ١٤٣٥١ ، المستدرك - للحاكم ٢ : ٤٩ و ٥٠ ، المصنّف لابن أبي شيبة - ٦ : ٥٦٨ / ٢٠٦٤ ، المعجم الكبير للطبراني ٤ : ٢٧٥ / ٤٤٠٤.

(٤) المائدة : ١.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٩٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٠٩ ، المجموع ٩ : ١٩١.

٥١

المدّة بالعقد ؛ للعرف.

ب - لو قال : عشرة أيّام متى شئت ، بطل ؛ للجهالة.

ج - لو شرط خيار الغد دون اليوم ، صحّ عندنا على ما تقدّم ، خلافاً للشافعي(١) .

د - لو شرط خيار ثلاثة أيّام ثمّ أسقطا اليوم الأوّل ، سقط خاصّة ، وبقي الخيار في الآخَرَيْن.

وقال الشافعي : يسقط الكلّ(٢) .

مسألة ٢٤٣ : إذا تبايعا وشرطا الخيار إلى الليل ، لم يدخل الليل في الشرط ، وكذا لو تبايعا وشرطا الخيار إلى النهار ، لم يدخل النهار - وبه قال الشافعي(٣) لأنّ الغاية جُعلت فاصلةً بين ما قبلها وما بعدها تحقيقاً للغاية ، فلو دخل ما بعدها في حكم ما قبلها ، لم يكن غاية. ولأنّها مدّة ملحقة بالعقد ، فلا يدخل حدّها في محدودها ، كالأجل.

وقال أبو حنيفة : يدخل الليل والنهار معاً إذا كانا غايتين ؛ لأنّ « إلى » قد تستعمل للغاية ، وبمعنى « مع » كـ( إِلَى الْمَرافِقِ ) (٤) فإذا شرط الخيار ، لم ينتقل الملك فلا ينتقل(٥) بالشكّ(٦) .

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٩٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٠٩ ، المجموع ٩ : ١٩١.

(٢) التهذيب للبغوي ٣ : ٣٣٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٩٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١١٠ ، المجموع ٩ : ١٩٢.

(٣) الحاوي الكبير ٥ : ٦٩ ، حلية العلماء ٤ : ٢٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٩١ ، المجموع ٩ : ١٩١ ، روضة الطالبين ٣ : ١٠٩ ، المغني ٤ : ١١٧.

(٤) المائدة : ٦.

(٥) في « ق ، ك» : « فلا ننقله ».

(٦) المبسوط للسرخسي - ١٣ : ٥٢ ، بدائع الصنائع ٥ : ٢٦٧ - ٢٦٨ ، الحاوي الكبير ٥ : ٦٩ ، حلية العلماء ٤ : ٢٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٩١ ، المجموع ٩ : ١٩١ ، المغني ٤ : ١١٧.

٥٢

ونمنع استعمالها بمعنى « مع » حقيقةً ؛ لأنّها للحدّ حقيقةً ، فلا تكون حقيقةً في غيرها ؛ دفعاً للاشتراك. والاستعمال لا يدلّ عليه ، والمجاز أولى من الاشتراك ، على أنّ البيع يوجب الملك وإنّما الشرط منع ، فما تحقّق منع ، وما لم يتحقّق منه وجب إنفاذ حكم العقد.

وقال أبو حنيفة : ولو شرط الخيار إلى الزوال أو إلى وقت العصر ، اتّصل إلى الليل(١) . وليس بجيّد.

تذنيب : لو شرطا الخيار إلى وقت طلوع الشمس من الغد ، صحّ ؛ لأنّه وقت معلوم محروس من الزيادة والنقصان.

ولو شرطا إلى طلوعها من الغد ، قال الزبيري(٢) : لا يصحّ ؛ لأنّ طلوع الشمس مجهول ؛ لأنّ السماء قد تتغيّم فلا تطلع الشمس(٣) .

وهو خطأ ؛ فإنّ التغيّم إنّما يمنع من الإشراق واتّصال الشعاع لأمن الطلوع.

ولو شرطاه إلى الغروب أو إلى وقته ، جاز قولاً واحداً ؛ لأنّ الغروب سقوط القرص ، ولا مانع لها من ذلك ، كما يمنع الغيم من طلوعها.

والتحقيق عدم الفرق ؛ لأنّ الطلوع ثابت في الأوّل لكنّه قد يخفى ، وكذا الغروب قد يخفى.

مسألة ٢٤٤ : يجوز جَعْل خيار الشرط لكلّ واحد من المتعاقدين‌ ولأحدهما دون الآخر وأن يشرط لأحدهما الأكثر وللآخر الأقلّ ؛ لأنّه شُرّع‌

____________________

(١) حكاه عنه الشيخ الطوسي في الخلاف ٣ : ٣٤ ، المسألة ٤٦.

(٢) في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : « الزهري » بدل « الزبيري ». وما أثبتناه من المصادر.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٩٠ ١٩١ ، روضة الطالبين ٣ : ١٠٩ ، المجموع ٩ : ١٩١.

٥٣

للإرفاق بهما ، فكيفما تراضيا به جاز.

ولدلالة حديث حبّان بن منقذ على أنّهعليه‌السلام جعل للمشتري الخيار(١) ، ولم يفرق أحد بينه وبين البائع.

وهل يجوز جَعْل الخيار للأجنبيّ؟ ذهب علماؤنا أجمع إلى جوازه ، وأنّه يصحّ البيع والشرط وبه قال أبو حنيفة ومالك وأحمد والشافعي في أصحّ القولين(٢) لأنّه خيار يثبت بالشرط للحاجة وقد تدعو الحاجة إلى شرطه للأجنبيّ ؛ لكونه أعرف بحال المعقود عليه. ولأنّ الخيار إلى شرطهما ؛ لأنّه يصحّ أن يشترطاه لأحدهما دون الآخر فكذلك صحّ أن يشترطاه للأجنبيّ.

وللشافعي قول : إنّه لا يصحّ ، ويبطل البيع والشرط معاً ؛ لأنّه خيار يثبت في العقد فلا يجوز شرطه لغير المتعاقدين ، كخيار الردّ بالعيب(٣) .

والفرق : أنّ خيار العيب يثبت لا من جهة الشرط ، بخلاف المتنازع.

فروع :

أ - إذا شرط الخيار للأجنبيّ ، صحّ سواء جَعَله وكيلاً في الخيار أو لا.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٨٣.

(٢) مختصر اختلاف العلماء ٣ : ٥٥ / ١١٣٤ ، المبسوط – للسرخسي - ١٣ : ٤٧ ، الهداية – للمرغيناني - ٣ : ٣٠ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ٢١ ، بداية المجتهد ٢ : ٢١٢ ، المغني ٤ : ١٠٨ ، الشرح الكبير ٤ : ٧٦ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٦٥ ، المجموع ٩ : ١٩٦ ، روضة الطالبين ٣ : ١١١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٩٤.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٦٥ ، المجموع ٩ : ١٩٦ ، روضة الطالبين ٣ : ١١١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٩٤ ، المغني ٤ : ١٠٦ ، الشرح الكبير ٤ : ٧٦. بداية المجتهد ٢ : ٢١٢.

٥٤

وقال أبو حنيفة : إذا شرطه لأجنبيّ ، صحّ ، وكان الأجنبيّ وكيلاً للّذي شرطه(١) .

وللشافعي قول ثالث : إنّه إن جعل فلاناً وكيلاً له في الخيار ، صحّ. وإن لم يجعله وكيلاً ، لم يصح(٢) . وما تقدّم يُبطله.

ب - لو جعل المتعاقدان خيار الشرط للموكّل الذي وقع العقد له ، صحّ قولاً واحداً ؛ لأنّه المشتري أو البائع في الحقيقة والوكيل نائب عنه.

ج - لا فرق في التسويغ بين أن يشترطا أو أحدهما الخيار لشخصٍ واحد وبين أن يشترط هذا الخيارَ لواحدٍ وهذا الخيارَ لآخرَ.

وكذا عند الشافعي لا فرق بينهما على القولين(٣) .

وكذا يجوز أن يجعلا شرط الخيار لهما ولأجنبيّ أو اثنين أو جماعة ، ولأحدهما مع الأجنبيّ.

د - لو شرطه لفلان ، لم يكن للشارط خيار ، بل كان لمن جَعَله خاصّة ، وهو أحدقو لي الشافعي تفريعاً على الجواز. وفي الآخر : أنّه يكون له وللآخر ، ويكون الآخر وكيلاً - له وبه قال أبو حنيفة وأحمد - لأنّه نائب عنه في الاختيار ، فإذا ثبت للنائب فثبوته للمنوب أولى(٤) .

____________________

(١) اُنظر : النتف ١ : ٤٤٧ - ٤٤٨ ، والهداية – للمرغيناني - ٣ : ٣٠ ، والاختيار لتعليل المختار ٢ : ٢١ ، والمغني ٤ : ١٠٦ ، والشرح الكبير ٤ : ٧٦ ، والعزيز شرح الوجيز ٤ : ١٩٤.

(٢) اُنظر : العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٩٤ ، وروضة الطالبين ٣ : ١١١ ، والمغني ٤ : ١٠٦ ، والشرح الكبير ٤ : ٧٦.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٩٤ ، روضة الطالبين ٣ : ١١١ ، المجموع ٩ : ١٩٦.

(٤) النتف ١ : ٤٤٧ - ٤٤٨ ، المغني ٤ : ١٠٦ ، الشرح الكبير ٤ : ٧٦ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٦٥ ، المجموع ٩ : ١٩٧ ، روضة الطالبين ٣ : ١١١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٩٤.

٥٥

وليس بجيّد ؛ اقتصاراً على الشرط ، كما لو شرطاه لأحدهما ، لم يكن للآخر شي‌ء ، وكما لو شرطاه لأجنبيّ دونهما.

ه - قال محمّد بن الحسن في جامعه الصغير : قال أبو حنيفة : لو قال : بعتك على أنّ الخيار لفلان ، كان الخيار له ولفلان(١) .

وقال أبو العباس : جملة الفقه في هذا أنّه إذا باعه وشرط الخيار لفلان ، نظرت فإن جعل فلاناً وكيلاً له في الإمضاء والردّ ، صحّ قولاً واحداً. وإن أطلق الخيار لفلان ، أو قال : لفلان دوني ، فعلى قولين : الصحّة وعدمها. وبه قال المزني(٢) .

و - لو شرطا الخيار للأجنبيّ دونهما ، صحّ البيع والشرط عندنا ، ويثبت الخيار للأجنبيّ خاصّة ؛ عملاً بالشرط ، وهو أحد قولي الشافعي. وعلى الثاني أنّه لا يختصّ بالأجنبيّ ، بل يكون للشارط أيضاً - لا يصحّ هذا الشرط ، ولا يختصّ بالأجنبيّ(٣) .

ز - لو شرطا الخيار لأجنبيّ ، كان له خاصّة دون العاقد ، فإن مات الأجنبيّ في زمن الخيار ، ثبت الآن له ؛ لأنّ الحقّ والرفق له في الحقيقة ، وهو أصحّ وجهي الشافعيّة على تقدير اختصاص الأجنبيّ بالخيار(٤) .

ح - لو شرطا الخيار لأحدهما وللأجنبيّ أو لهما وللأجنبيّ ، فلكلّ واحد منهم الاستقلال بالفسخ ؛ عملاً بمقتضى الشرط. ولو فسخ أحدهما وأجاز الآخر ، فالفسخ أولى.

____________________

(١) حكاه عنه الشيخ الطوسي في الخلاف ٣ : ٣٥ ، المسألة ٤٨.

(٢) حكاه عنه الشيخ الطوسي في الخلاف ٣ : ٣٥ ٣٦ ، المسألة ٤٨.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٩٤.

(٤) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٣١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٩٤ ، روضة الطالبين ٣ : ١١١ ، المجموع ٩ : ١٩٧.

٥٦

ط - لو باع عبداً وشرط الخيار للعبد ، صحّ البيع والشرط معاً عندنا - وهو أحدقو لي الشافعي(١) - لأنّ العبد بمنزلة الأجنبيّ.

ي - لا فرق بين جَعْل الخيار لأحد المتعاقدين وللأجنبيّ في اشتراط ضبط مدّته - وهو أصحّ قولي الشافعيّة(٢) - لأنّه مع عدم الضبط تتطرّق الجهالة إلى المبيع. والثاني : أنّه يصحّ مع جهالة المدّة في حقّ الأجنبيّ خاصّة ؛ لأنّه يجري مجرى خيار الرؤية فلا يتوقّت. والصحيح عندهم الأوّل(٣) .

مسألة ٢٤٥ : إذا اشترى شيئاً أو باع بشرط أن يستأمر فلاناً ، صحّ‌ عندنا ؛ لأنّه شرط سائغ يتعلّق به غرض العقلاء ، فيندرج تحت قولهعليه‌السلام : « المؤمنون(٤) عند شروطهم »(٥) وهو أحد قولي الشافعي بناءً على أنّه يصحّ شرط الخيار للأجنبيّ. والثاني : المنع(٦) على ما تقدّم.

إذا تقرّر هذا ، فإنّه ليس للشارط أن يفسخ حتى يستأمر فلاناً ويأمره بالردّ ؛ لأنّه جعل الخيار له دون العاقد ، وهو أحد قولي الشافعي(٧) . والثاني : أنّه يجوز له الردّ من غير أن يستأمر ، وذكر الاستئمار احتياطاً(٨) . والمعتمد : الأوّل.

____________________

(١) التهذيب - للبغوي ٣ : ٣٣٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٩٤ ، روضة الطالبين ٣ : ١١١ ، المجموع ٩ : ١٩٦.

(٢و٣) لم نعثر عليهما فيما بين أيدينا من المصادر. وانظر : التهذيب للبغوي - ٣ : ٣٣١.

(٤) في « ق ، ك » : « المسلمون ».

(٥) التهذيب ٧ : ٣٧١ / ١٥٠٣ ، الاستبصار ٣ : ٢٣٢ / ٨٣٥ ، الجامع لأحكام القرآن ٦ : ٣٣.

(٦) التهذيب للبغوي ٣ : ٣٣١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٩٥ ، روضة الطالبين ٣ : ١١١ ، المجموع ٩ : ١٩٧.

(٧) في « ق ، ك » : « الشافعيّة ».

(٨) التهذيب للبغوي ٣ : ٣٣١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٩٥ ، روضة الطالبين ٣ : ١١١ ، المجموع ٩ : ١٩٧ ، المغني ٤ : ١١١ ، الشرح الكبير ٤ : ٧٧.

٥٧

فروع :

أ - لا بدّ من ضبط مدّة الاستئمار ؛ لأنّ الجهالة فيه توجب تطرّقها إلى العقد ، وهو أحد قولي الشافعي. والثاني : أنّه لا يشترط ضبطه ، بل يجوز من غير تحديد ، كما في خيار الرؤية(١) .

وإذا قلنا : لا بدّ من تحديده ، لم ينحصر في مدّة معيّنة ، بل يجوز اشتراط ما أراد من الزمان ، قلّ أو كثر بشرط ضبطه وهو أحد قولي الشافعيّة كخيار الرؤية.

والثاني : أنّه لا يزيد على ثلاثة أيّام ، كخيار الشرط(٢) . وقد أبطلنا ذلك فيما تقدّم.

ب - يجوز للوكيل أن يشترط الخيار للموكّل ؛ لأنّه يجوز جَعْله للأجنبيّ فللموكّل أولى وهو أظهر وجهي الشافعيّة(٣) لأنّ ذلك لا يضرّه.

وهل له شرط الخيار لنفسه؟ عندنا يجوز ذلك ؛ لأنّه يجوز في الأجنبيّ ففي الوكيل أولى ، وهو أحد وجهي الشافعيّة. والثاني : ليس له ذلك(٤) .

ج - للوكيل أن يجعل شرط الخيار لغيره ولغير موكّله حسبما تقتضيه مصلحة الموكّل ، فلوكيل البيع شرط الخيار للمشتري ، ولوكيل الشراء شرط الخيار للبائع.

ومَنَع الشافعي من ذلك ، وأبطل البيع(٥) . وليس بجيّد.

د - لو شرط الخيار لنفسه أو أذن له الموكّل فيه صريحاً ، ثبت له‌

____________________

(١و٢) اُنظر : العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٩٥ ، وروضة الطالبين ٣ : ١١١ ١١٢ ، والمجموع ٩ : ١٩٧.

(٣-٥) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٩٥ ، روضة الطالبين ٣ : ١١٢ ، المجموع ٩ : ١٩٤.

٥٨

الخيار ، ولا يفعل إلّا ما فيه الحظّ للموكّل ؛ لأنّه مؤتمن. وكذا الأجنبيّ لو جُعل الخيار له.

وفرّق الشافعي بينهما ، فلم يوجب على الأجنبيّ رعاية الحظّ(١) .

وليس بجيّد ؛ لأنّ جَعْل الخيار له ائتمان له.

وهل يثبت الخيار للموكّل في هذه الصورة مع ثبوته للوكيل؟ الوجه : لا ؛ اقتصاراً بالشرط على مورده.

وللشافعيّ وجهان(٢) .

وحكى الجويني فيما إذا أطلق الوكيل شرط الخيار بالإذن المطلق من الموكّل ثلاثة أوجُه : إنّ الخيار يثبت للوكيل أو للموكّل أو لهما(٣) .

وقد عرفت مذهبنا فيه.

مسألة ٢٤٦ : يشترط تعيين محلّ الخيار المشترط وتعيين مستحقّه ، فلو باعه عبدين وشرط الخيار في أحدهما لا بعينه ، لم يصحّ الشرط ولا العقد ؛ لأنّه خيار مجهول المحلّ ، وغرر ، فيكون منفيّاً ، ويقدّر بمنزلة ما لو باعه أحدهما لا بعينه ، وبه قال الشافعي(٤) .

وقال أبو حنيفة : يجوز في العبدين والثوبين والثلاثة ، ولا يجوز في الأربعة فما زاد(٥) .

وليس بشي‌ء ؛ لما بيّنّا.

____________________

(١-٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٩٥ ، روضة الطالبين ٣ : ١١٢ ، المجموع ٩ : ١٩٥.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٩١ ، روضة الطالبين ٣ : ١٠٩ ، المجموع ٩ : ١٩٣.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٩١.

٥٩

ولو شرطه في أحدهما بعينه ، صحّ البيع والشرط معاً ؛ للأصل ، وعموم( وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ ) (١) و « المسلمون عند شروطهم »(٢) وهو أحد قولي الشافعي(٣) ويثبت لكلّ مبيع حكمه ، فيثبت الخيار فيما شُرط فيه الخيار ، ويكون الآخر خالياً عن الخيار.

وفي القول الآخر : لا يصحّ ؛ لأنّه جمع بين عينين مختلفي الحكم بعقدٍ واحد(٤) .

وبطلانه ممنوع ، كما لو جمع بين بيع وصرف ، أو بيع وإجارة.

ولو شرط الخيار لأحد المتعاقدين لا بعينه أو لأحد الرجلين لا بعينه ، بطل البيع والشرط.

ولو شرط الخيار يوماً في أحد العبدين بعينه ، ويومين في الآخر ، صحّ عندنا. وللشافعي قولان(٥) .

مسألة ٢٤٧ : بيع الخيار جائز عندنا ، وهو أن يبيعه شيئاً عقاراً أو غيره ، ويشترط البائع الخيار لنفسه سنةً أو أقلّ أو أكثر إن جاء بالثمن الذي قبضه من المشتري وردّه إليه ، كان أحقّ بالمبيع. وإن خرجت المدّة ولم يأت بالثمن ، سقط خياره ، ووجب البيع للمشتري ؛ للأصل ، وعموم‌

____________________

(١) البقرة : ٢٧٥.

(٢) صحيح البخاري ٣ : ١٢٠ ، سنن الدارقطني ٣ : ٢٧ / ٩٨ و ٩٩ ، سنن البيهقي ٧ : ٢٤٩ ، معرفة السنن والآثار ١٠ : ٢٣٧ / ١٤٣٤٩ ، و ٢٣٨ / ١٤٣٥١ ، المعجم الكبير – للطبراني - ٤ : ٢٧٥ / ٤٤٠٤ ، المستدرك – للحاكم - ٢ : ٤٩ و ٥٠ ، المصنّف - لابن أبي شيبة - ٦ : ٥٦٨ / ٢٠٦٤.

(٣و٤) الوسيط ٣ : ١١٠ ، حلية العلماء ٤ : ٥٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٩١ ، روضة الطالبين ٣ : ١٠٩ ، المجموع ٩ : ١٩٣.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٩١ ، روضة الطالبين ٣ : ١٠٩ ، المجموع ٩ : ١٩٣.

٦٠