نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١١

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار21%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 362

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 362 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 294637 / تحميل: 6137
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١١

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

وأمّا الأول فلأن أحداً من أئمة العربية لم يذكر أن مفعلاً يأتي بمعنى أفعل. وقوله تعالى:( مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ ) أي مقرّكم أو ناصرتكم، مبالغة في نفي النصرة، كقولهم: الجوع زاد من لا زاد له.

وأيضاً، فالاستعمال يمنع من أن مفعلاً بمعنى أفعل، إذ يقال هو أولى من كذا دون مولى من كذا، وأولى الرجلين دون مولاهما، وحينئذٍ فإنما جعلنا من معانيه المتصرف في الأمور نظراً للرواية الآتية من كنت وليّه. فالغرض من التنصيص على موالاته اجتناب بغضه لأن التنصيص عليه أوفى بمزيد شرفه. وصدّره بأ لست أولى بكم من أنفسكم ثلاثاً ليكون أبعث على قبولهم. وكذا بالدعاء له لأجل ذلك أيضاً »(١) .

فالعجب منه كيف يصرّ هنا - في الوجه الثاني - على نفي احتمال إرادة ( الأولى ) من ( المولى ) مطلقاً، ثمّ في الوجه الثالث يدعي بأن المعنى الواقعي من ( المولى ) في الحديث هو ( الأولى بالاتباع والقرب ) استناداً إلى فهم الشيخين هذا المعنى منه، فيبطل تطويلاته وخزعبلاته في الوجه الثاني بنفسه؟!

أليس تلك التطويلات رداً على الشيخين وإبطالاً لفهمهما؟!

نعم لا بدّ من الردّ على الشيعة وإن استلزم الردّ على أبي بكر وعمر!!

تحريف من عبد الحق الدهلوي

والعجب أيضاً من الشيخ عبد الحق الدهلوي إذ اقتفى أثر ابن حجر المكي في هذا التهافت والتناقض، ونقله في ( اللمعات ) من غير تنبيه على ذلك، وأمّا في ترجمته المشكاة إلى الفارسية فأورد كلام ابن حجر في الوجه الثالث مع إسقاط جملة: « بل هو الواقع » فحيّا الله الأمانة!!

____________________

(١). الصواعق المحرقة: ٢٥.

٨١

حديث الغدير بلفظ:

« من كنت أولى به »

ومن الأدلة القاطعة على مجيء ( المولى ) بمعنى ( الأولى ) وأنه المراد من حديث الغدير هو: ورود حديث الغدير في بعض طرقه بلفظ: « من كنت أولى به من نفسه » و في بعضها بلفظ: « من كنت وليّه وأولى بنفسه »:

أخرج الطبراني في مسند زيد بن أرقم خطبة الغدير وفيها حديث الثقلين وجاء في آخرها: « ثم أخذ بيد عليرضي‌الله‌عنه فقال: من كنت أولى به من نفسه فعليّ وليّه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه »(١) .

وقال الميرزا محمد بن معتمد خان البدخشاني: « وللطبراني في رواية أخرى عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم رضي الله عنهما بلفظ: من كنت أولى به من نفسه فعليّ وليّه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه »(٢) .

وقال أيضاً: « وعند الطبراني في رواية أخرى عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم رضي الله عنهما بلفظ: من كنت أولى به من نفسه فعليّ وليّه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه »(٣) .

____________________

(١). المعجم الكبير ٥ / ١٨٦.

(٢). مفتاح النجا في مناقب آل العبا - مخطوط.

(٣). نزل الأبرار بما صحّ من مناقب آل البيت الأطهار ص: ٢١.

٨٢

وقال القاضي ثناء الله الهندي - وهو من تلامذة الشاه ولي الله، والموصوف عند مخاطبنا ( الدهلوي ) بـ « بيهقي الزّمان » كما في ( إتحاف النبلاء ): « وفي بعض طرقه: من كنت أولى به من نفسه فعليّ وليّه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه »(١) .

وقال سبط ابن الجوزي: « فتعيّن العاشر، ومعناه: من كنت أولى به من نفسه فعلي أولى به. و قد صرّح بهذا المعنى الحافظ أبو الفرج يحيى بن سعيد الثقفي الاصفهاني في كتابه المسمّى بمرج البحرين، فإنه روى هذا الحديث بإسناده إلى مشايخه وقال فيه: فأخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيد عليّ وقال: من كنت وليّه وأولى به من نفسه فعلي وليّه »(٢) .

الحديث يفسّر بعضه بعضا ً

ثم إنّ من القضايا المسلّمة لدى علماء الحديث « إنّ الحديث يفسّر بعضه بعضاً »، وهي قضية يستند إليها المحقّقون في توضيح مشكلات الأخبار ورفع إشكالاتها، ومن ذلك قول ابن حجر العسقلاني في شرح حديث عائشة الآتي:

« إستأذنت هالة بنت خويلد أخت خديجة على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فعرف استيذان خديجة فارتاع لذلك، فقال: اللهم هالة، قالت: فغرت فقلت: ما تذكر من عجوزٍ من عجائز قريش، حمراء الشدقين، هلكت في الدهر قد أبدلك الله خيراً منها » فقال:

« قوله: قد أبدلك الله خيراً منها. قال ابن التين: في سكوت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على هذه المقالة دليل على أفضلية عائشة على خديجة، إلّا أنْ يكون المراد بالخيرية هنا حسن الصورة وصغر السن انتهى.

____________________

(١). سيف مسلول - مخطوط.

(٢). تذكرة خواص الأمة: ٣٢.

٨٣

ولا يلزم من كونه لم ينقل في هذه الطريق أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ردّ عليها عدم ذلك، بل الواقع أنه صدر منه ردّ لهذه المقالة.

ففي رواية أبي نجيح عن عائشة عند أحمد والطبراني في هذه القصّة قالت عائشة فقلت: قد أبدلك الله بكبيرة السنّ حديثة السّن، فغضب حتى قلت: والذي بعثك بالحق لا أذكرها بعد هذا إلّا بخير. وهذا يؤيد ما تأوّله ابن التين في الخيرية المذكورة. والحديث يفسّر بعضه بعضاً »(١) .

ونحن نقول بمقتضى « الحديث يفسّر بعضه بعضاً » إنّ رواية الطبراني والاصبهاني تفسّر حديث الغدير، ويتّضح أنّ المراد من ( المولى ) فيه هو ( الأولى ).

* * *

____________________

(١). فتح الباري في شرح صحيح البخاري ٧ / ١١١.

٨٤

مجيء ( المولى ) بمعنى:

( المتصرّف في الْأَمر ) و ( ولي الْأَمر )

و ( المليك ) ونحوها

٨٥

٨٦

١ - مجيء ( المولى ) بمعنى ( المتصرف في الأمر )

ثم إنّه قد صرّح جماعة من أعلام أهل السنّة بأنّ من المعاني الحقيقية للفظ ( المولى ) هو « المتصرف في الأمر ». وهذا أيضاً واف بمطلوب الشيعة، وكاف لاستدلالهم بحديث الغدير، إذ الحاصل من ( الأولى بالتصرف ) و ( المتصرف في الأمر ) واحد وممن صرّح بمجيء ( المولى ) بهذا المعنى:

ذكر من نص على ذلك

١ - ابن حجر المكي، وقد تقدم نص عبارته قريباً.

٢ - عبد الحق الدهلوي، حيث نقل مقالة ابن حجر في ( اللمعات ).

٣ - كمال الدين بن فخر الدين الجهرمي في ( البراهين القاطعة في ترجمة الصواعق المحرقة ).

٤ - محمد بن عبد الرسول البرزنجي، إذ قال في الجواب عن حديث الغدير: « الثاني - إنه لو سلّمنا تواتره ففيه دلالة وليس نصّاً في المدعى، لأن القدر المصرح بذكر الخلافة فيه موضوع كما مر التنبيه عليه، والقدر الصحيح غير صريح فيه، لأنا لا نسلّم أن ( المولى ) هو ( الامام )، بل له معان كثيرة، فإنه مشترك بين الناصر والمعتق والعتيق والمتصرف في الأمر والمحبوب وابن العم والقريب وغيرها.

٨٧

وهو حقيقة في الكل، وتعيين بعض معاني المشترك من غير دليل يقتضيه تحكّم لا يعبأ به ...»(١) .

٥ - الفاضل رشيد الدين خان الدهلوي حيث أورد كلام ابن حجر المذكور في ( إيضاح لطافة المقال ) وارتضاه.

ومتى ثبت مجيء ( المولى ) بمعنى « المتصرف في الأمر » باعتراف علماء أهل السنة، لم يجدهم إنكار مجيئه بمعنى ( الأولى )، لأن غرض الشيعة من الاستدلال بحديث الغدير إثبات دلالته على الامامة، وهذه الدلالة تامة على كل تقدير، فمن العجيب انكار ابن حجر والجهرمي والبرزنجي مجيء ( المولى ) بمعنى ( الأولى ) واثباتهم في نفس الوقت مجيئه بمعنى ( المتصرف في الأمر )!! ويزيد كون ( المتصرف في الأمر ) معنى حقيقياً للفظ ( المولى ) وضوحاً أنهم لا ينكرون على الشيعة قولهم بمجيئه بهذا المعنى، وإن أجابوا عن استدلالهم بذلك على الامامة، فقد قال الحسين بن محمد الطيبي: « قالت الشيعة: المولى هو المتصرف في الأمور، وقالوا: معنى الحديث إن علياًرضي‌الله‌عنه يستحق التصرف في كل ما يستحق الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم التصرف فيه، ومن ذلك أمور المؤمنين فيكون إمامهم. أقول: لا يستقيم أن يحمل الولاية على الامامة التي هي التصرف في أمور المؤمنين، لأن المتصرف المستقل في حياتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو لا غير، فيجب أن يحمل على المحبة وولاء الإسلام ونحوهما»(٢) .

فترى أن الطيبي لا ينكر مجيء ( المولى ) بمعنى ( المتصرف في الأمر ). كما أن كلامه ظاهر في أن التصرف في أمور المؤمنين هي الامامة بعينها.

وذكر علي بن سلطان القاري كلام الطيبي هذا بنصه في شرحه على المشكاة حيث قال: « وفي شرح المصابيح للقاضي قالت الشيعة: المولى هو المتصرف

____________________

(١). نواقض الروافض - مخطوط.

(٢). شرح المشكاة - مخطوط.

٨٨

وقالوا: معنى الحديث إن عليّاًرضي‌الله‌عنه يستحق التصرف في كلّ ما يستحق الرسول صلّى الله عليه التصرّف فيه، ومن ذلك أمور المؤمنين فيكون إمامهم. قال الطيبي: لا يستقيم أن يحمل الولاية على الامامة التي هي التصرف في أمور المؤمنين، لأن المتصرف المستقل في حياتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو لا غير، فيجب أن يحمل على المحبة وولاء الإسلام ونحوهما »(١) .

وقال الفخر الرازي بتفسير قوله تعالى:( ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ ) « البحث الثالث - إنه تعالى سمّى نفسه في هذه الآية باسمين، أحدهما: المولى وقد عرفت أن لفظ المولى ولفظ الولي مشتقان من الولي أي القرب، وهو سبحانه القريب البعيد الظاهر الباطن

وأيضاً قال: مولاهم الحق. والمعنى إنهم كانوا في الدنيا تحت تصرفات الموالي الباطلة، وهي النفس والشهوة والغضب، كما قال:( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ ) فلمـّا مات الانسان تخلّص من تصرفات الموالي الباطلة، وانتقل إلى تصرّفات المولى الحق »(٢) .

وقال بتفسير قوله تعالى:( وَاعْتَصِمُوا بِاللهِ هُوَ مَوْلاكُمْ ) : « وقال القفال: اجعلوا الله عصمة لكم مما تحذرون، هو مولاكم: سيدكم والمتصرف فيكم. فنعم المولى: فنعم السيد. ونعم النصير. فكأنه سبحانه قال: أنا مولاك، بل أنا ناصرك وحسبك »(٣) .

وقال النيسابوري بتفسير الآية الأُولى: « والمعنى: إنهم كانوا في الدنيا تحت تصرفات الموالي الباطلة، وهي النفس والشهوة والغضب، فلمـّا ماتوا تخلّصوا إلى تصرف المولى الحقّ »(٤) .

____________________

(١). المرقاة في شرح المشكاة ٥ / ٥٦٨.

(٢). تفسير الرازي ١٣ / ١٧ - ١٨.

(٣). تفسير الرازي ٢٣ / ٧٤.

(٤). تفسير النيسابوري ٧ / ١٢٨.

٨٩

وقال ابن كثير بتفسيرها: « أي ورجعت الأمور كلّها إلى الله الحكم العدل ففصلها، وأدخل أهل الجنة وأهل النار النار »(١) .

ففسّر ابن كثير ( المولى ) بـ ( الحكم )، ولو أنا فسرنا ( المولى ) في حديث الغدير بهذا المعنى لثبتت الامامة كذلك.

٢ - مجيء ( المولى ) بمعنى ( متولي الأمر )

وقد ثبت مجيء ( المولى ) بمعنى ( متولي الأمر ) من كلمات علماء العربية والمفسرين، وهذا المعنى أيضاً يفيد الامامة والخلافة كسابقه، لأنّ ( المتولي ) هو ( المتصرف ) كما هو ظاهر جدّاً، وبه صرح سعيد الجلبي، والشهاب الخفاجي في حاشيتيهما على البيضاوي كما سيجيء.

ذكر من قال بذلك

ومجيء ( المولى ) بمعنى ( متولي الأمر ) قد ثبت من كلمات جماعة من أعلام المحققين في العلوم المختلفة، وممن صرّح بذلك:

١ - أبو العباس محمد بن يزيد المبرّد.

٢ - أبو القاسم الحسين بن محمد بن المفضل المعروف بالرّاغب الاصفهاني.

٣ - أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي.

٤ - أحمد بن الحسن بن أحمد الزاهد.

٥ - جار الله محمود بن عمر الزمخشري.

٦ - أبو السعادات مبارك بن محمد الجزري.

٧ - أحمد بن يوسف بن حسن الكواشي.

٨ - ناصر الدين عبد الله بن عمر البيضاوي.

____________________

(١). تفسير ابن كثير ٢ / ١٣٨.

٩٠

٩ - عبد الله بن أحمد النسفي.

١٠ - أبو حيّان محمد بن يوسف الأندلسي.

١١ - نظام الدين حسن بن محمد بن حسين النيسابوري.

١٢ - جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي.

١٣ - محمد طاهر الكجراتي.

١٤ - أبو السعود بن محمد العمادي.

١٥ - سعيد الجلبي.

١٦ - شهاب الدين أحمد بن محمد بن عمر الخفاجي.

(١)

محمد بن يزيد المبرّد

قال المبرد - على ما نقل عنه السيد المرتضى - بعد تأويل قوله تعالى:( ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا ) : « والولي والمولى معناهما سواء، وهو الحقيق بخلقه المتولي لأمورهم »(١) .

(٢)

الراغب الاصفهاني

وقال الراغب الاصبهاني في كتابه ( غريب القرآن ) الذي قال عنه السيوطي

____________________

(١). الشافي في الامامة: ١٢٣ عن كتاب العبارة عن صفات الله للمبرد.

٩١

في ذكر كتب غريب القرآن: « ومن أحسنها المفردات للراغب » - قال ما هذا نصه: « الولاء والتوالي أن يحصل شيئان فصاعداً حصولاً ليس بينهما ما ليس منهما، ويستعار ذلك للقرب من حيث المكان، ومن حيث النسبة، ومن حيث الدين، ومن حيث الصداقة والنصرة والاعتقاد، والولاية النصرة، والولاية تولّي الأمر، والولي والمولى يستعملان في كل ذلك، وكلّ واحد منهما يقال في معنى الفاعل أي الموالي، وفي معنى المفعول اي الموالي، يقال للمؤمن هو ولي الله، ولم يرد مولاه »(١) .

(٣)

أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي

وقال أبو الحسن الواحدي:( ثُمَّ رُدُّوا ) يعنى العباد يردون بالموت( إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِ ) الذي يتولى أمورهم »(٢) .

(٤)

أحمد بن الحسن الزاهد الدرواجكي

وقال الزاهد الدرواجكي: « قوله( مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ ) والمولى في اللغة: من يتولى مصالحك فهو مولاك، يلي القيام بأمورك وينصرك على أعدائك، ولهذا سمي ابن العم والمعتق مولى، ثم صار اسماً لمن لزم الشيء، كما يقال أخ الفقراء وأخ المال »(٣) .

____________________

(١). المفردات: ٥٣٣.

(٢). التفسير الوسيط - مخطوط.

(٣). تفسير الزاهدي - مخطوط.

٩٢

(٥)

جار الله الزمخشري

وقال الزمخشري: «( مَوْلانا ) سيدنا ونحن عبيدك، أو ناصرنا، أو متولي أمورنا( فَانْصُرْنا ) فمن حق المولى أن ينصر عبيده، فان ذلك عادتك، أو فان ذلك من أمورنا التي عليك توليها »(١) .

(٦)

أبو السعادات ابن الأثير

وقال المبارك بن محمد بن الأثير الجزري: « وقد تكرر ذكر المولى في الحديث، وهو اسم يقع على جماعة كثيرة وكلّ من ولي أمراً أو قام به فهو مولاه ووليّه ومنه الحديث: أيما امرأة نكحت بغير إذن مولاها فنكاحها باطل، وفي رواية وليّها. أي متولي أمرها »(٢) .

____________________

(١). الكشاف ١ / ٣٣٣.

(٢). النهاية: ولي.

٩٣

(٧)

أحمد بن يوسف الكواشي

وقال أحمد بن يوسف الكواشي: « ولا يوقف على( أَنْتَ مَوْلانا ) سيدنا ومتولي أمورنا، لوجود الفاء في قوله( فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ ) لأنك سيدنا، والسيد ينصر عبيده »(١) .

(٨)

ناصر الدين البيضاوي

وقال ناصر الدين البيضاوي: «( مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ ) هي أولى بكم كقول لبيد:

فغدت كلا الفرجين تحسب أنه

مولى المخافة خلفها وأمامها

أو متوليكم. تتولاكم كما توليتم موجباتها في الدنيا وبئس المصير النار »(٢) .

____________________

(١). التلخيص في التفسير. توجد منه في المكتبة الناصرية نسخة مكتوبة في حياة المؤلف تاريخها ٦٧٧.

(٢). تفسير البيضاوي: ٧١٦.

٩٤

(٩)

عبد الله بن أحمد النسفي

وقال النسفي:( أَنْتَ مَوْلانا ) سيدنا ونحن عبيدك، أو ناصرنا أو متولي أمورنا »(١) .

(١٠)

أبو حيان الأندلسي

وقال أبو حيان: «( هُوَ مَوْلانا ) أي ناصرنا وحافظنا قاله الجمهور. وقال الكلبي: أولى بنا من أنفسنا في الموت والحياة. وقيل: مالكنا وسيّدنا فلهذا يتصرف كيف شاء، فيجب الرضى بما يصدر من جهته. وقال:( ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ ) فهو مولانا الذي يتولانا ويتولاهم »(٢) .

وقال أبو حيان أيضاً: « ومعنى( إِلَى اللهِ ) إلى عقابه. وقيل: إلى موضع جزائه( مَوْلاهُمُ الْحَقِ ) لا ما زعموه من أصنامهم، إذْ هو المتولي حسابهم، فهو مولاهم في الملك والإحاطة لا في النصر والرحمة »(٣) .

____________________

(١). تفسير النسفي ١ / ١٤٤.

(٢). البحر المحيط ٥ / ٥٢.

(٣). نفس المصدر ٤ / ١٤٩.

٩٥

(١١)

نظام الدين النيسابوري

وقال نظام الدين النيسابوري: « وهو قوله:( أَنْتَ مَوْلانا ) ففيه الاعتراف بأنه سبحانه هو المتولي لكلّ نعمة ينالونها، وهو المعطي لكل مكرمة يفوزون بها، وأنهم بمنزلة الطفل الذي لا تتم مصلحته إلّا بتدبير قيّمه، والعبد الذي لا ينتظم شمل مهماته إلا بإصلاح مولاه. وبهذا الاعتراف يحق الوصول إلى الحق، من عرف نفسه أي بالإِمكان والنقصان عرف ربه أي بالوجوب والتمام»(١) .

وقال النيسابوري أيضاً: «( فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَوْلاكُمْ ) ناصركم ومتولي أموركم، يحفظكم ويدفع شر الكفار عنكم، فإنّه( نِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ ) فثقوا بولايته ونصرته »(٢) .

وقال أيضاً: «( هُوَ مَوْلانا ) لا يتولى أمورنا إلّا هو، يفعل بنا ما يريد من أسباب التهاني والتعازي، لا اعتراض لأحدٍ عليه »(٣) .

وقال: «( وَاللهُ مَوْلاكُمْ ) متولي أموركم. وقيل: أولى بكم من أنفسكم ونصيحته أنفع لكم من نصائحكم لأنفسكم »(٤) .

وقال: «( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ ) حتى تصلوا إليه، هو متولي إفنائكم عنكم،( نِعْمَ الْمَوْلى ) في افناء وجودكم( وَنِعْمَ النَّصِيرُ ) في إبقائكم بربكم »(٥) .

____________________

(١). تفسير النيسابوري ٣ / ١١٣.

(٢). نفس المصدر ٩ / ١٥٣.

(٣). نفس المصدر ١٠ / ١٠٤.

(٤). نفس المصدر ٢٨ / ٨٠.

(٥). تفسير النيسابوري ١٧ / ١٢٦.

٩٦

(١٢)

جلال الدين السيوطي

وقال جلال الدين السيوطي: «( أَنْتَ مَوْلانا ) سيدنا ومتولي أمورنا »(١) .

وقال: «( فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَوْلاكُمْ ) ناصركم ومتولي أموركم »(٢) .

وقال: «( لَنْ يُصِيبَنا إِلَّا ما كَتَبَ اللهُ لَنا ) إصابته( هُوَ مَوْلانا ) ناصرنا ومتولي أمورنا»(٣) .

(١٣)

محمد بن طاهر الكجراتي

وقال محمد طاهر الفتني الكجراتي نقلاً عن النهاية: « وكلّ من ولي أمراً أو قام به فهو مولاه ووليّه ومنه: أيّما امرأة نكحت بغير إذن مولاها. وروى وليها. أي متولي أمرها »(٤) .

____________________

(١). تفسير الجلالين: ٦٦.

(٢). تفسير الجلالين: ٢٤٠.

(٣). المصدر نفسه: ٢٥٦.

(٤). مجمع البحار: ولي.

٩٧

(١٤)

أبو السعود العمادي

وقال أبو السعود:( هِيَ مَوْلاكُمْ ) أو متوليكم تتولاكم كما توليتم موجباتها »(١) .

(١٥)

سعيد الجلبي

وقال سعيد الجلبي بتفسير( هِيَ مَوْلاكُمْ ) : أو متوليكم. أي المتصرف فيه »(٢) .

(١٦)

الشهاب الخفاجي

وقال شهاب الدين الخفاجي: « وقوله: متوليكم. أي المتصرف فيكم كتصرفكم فيما أوجبها واقتضاها من أمور الدنيا »(٣) .

____________________

(١). تفسير أبي السعود هامش الرازي ٨ / ٧٣.

(٢). حاشية البيضاوي للجلبي.

(٣). حاشية البيضاوي للخفاجي.

٩٨

إعتراف الرازي

وإنّ مجيء ( المولى ) بمعنى ( متولي الأمر ) في غاية الثبوت والوضوح، حتى فسّر به الفخر الرّازي - الذي سعى في إنكار مجيئه بمعنى ( الأولى ) - فقال في تفسير قوله تعالى( أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ ) : « وفي قوله: أنت مولانا فائدة أخرى، وذلك: أن هذه الكلمة تدل على نهاية الخضوع والتذلل، والاعتراف بأنه سبحانه هو المتولي لكلّ نعمة يصلون إليها، وهو المعطي لكلّ مكرمة يفوزون بها، فلا جرم أظهروا عند الدعاء أنهم في كونهم متكّلين على فضله وإحسانه بمنزلة الطفل الذي لا تتم مصلحته إلّا ببرّ [ بتدبير ] قيّمه، والعبد الذي لا ينتظم شمل مهمّاته إلّا باصلاح مولاه، فهو سبحانه قيّوم السماوات والأرض، والقائم بإصلاح مهمّات الكلّ، وهو المتولي في الحقيقة للكلّ على ما قال:( نِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ ) (١) ».

٣ - مجيء ( المولى ) بمعنى ( الوارث الأولى )

على أنّ الرازي الذي أطال الكلام في إنكار مجيء ( المولى ) بمعنى ( الأولى ) بإبداء التشكيكات الواهية والاعتراضات السخيفة التي أضلت بعض الهمج الرعاع الذين ينعقون مع كل ناعق - قد ألجأته الحقيقة الراهنة إلى نقل تفسير ( المولى ) بـ ( الوارث الأولى ) عن أبي علي الجبائي، واستحسانه هذا المعنى كالوجوه الأخرى المذكورة بتفسير قوله تعالى:( وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ ) وهذا نصّ كلامه:

« المسألة الثالثة - من الناس من قال: هذه الآية منسوخة، ومنهم من قال: إنها غير منسوخة. أمّا القائلون بالنسخ فهم الذين فسّروا الآية بأحد هذه الوجوه

____________________

(١). تفسير الرازي ٧ / ١٦١.

٩٩

التي نذكرها

القول الثاني - قول من يقول: الآية غير منسوخة، والقائلون بذلك ذكروا في تأويل الآية وجوها: الأول - تقدير الآية: ولكل شيء ممّا ترك الوالدان والأقربون والذين عاقدت أيمانكم موالي وورثة فآتوهم نصيبهم. أي: فآتوا الموالي والورثة نصيبهم. فقوله: والذين عاقدت أيمانكم معطوف على قوله: الوالدان والأقربون، والمعنى: إن ما ترك الذين عاقدت أيمانكم فله وارث هو أولى به، وسمّي الله تعالى الوارث المولى، والمعنى: لا تدفعوا المال إلى الحليف بل إلى المولى والوارث، وعلى هذا التقدير فلا نسخ في الآية. وهذا تأويل أبي علي الجبائي ».

ثم قال الرازي بعد ذكر ثلاثة وجوه أخرى: « وكل هذه الوجوه حسنة محتملة. والله أعلم بمراده »(١) .

وأيضاً، فقد اعترف الرازي في ( نهاية العقول ) بحكم أبي عبيدة وابن الأنباري بأنّ لفظة ( المولى ) تأتي لـ ( الأولى ) وهذا نصّ كلامه: « لا نسلّم أن كلّ من قال بأن لفظه المولى محتملة للأولى قال بدلالة الحديث على إمامة عليرضي‌الله‌عنه . أليس أن أبا عبيدة وابن الأنباري حكما بأن لفظ المولى للأولى مع كونهما قائلين بامامة أبي بكررضي‌الله‌عنه »(٢) .

فالحمد لله الذي وفّقنا لإِظهار بطلان كلامه في إنكار مجيء ( المولى ) بمعنى ( الأولى ) من كلام نفسه في ( التفسير ) و ( نهاية العقول ). كما أثبتنا بطلان ردّه لحديث الغدير من كلامه في هذين الكتابين والتفسير. والله ولي التوفيق.

٤ - مجيء ( المولى ) بمعنى ( ولي الأمر )

وقد فسّر جماعة من كبار المفسرين لفظة ( المولى ) بـ ( ولي الأمر ) فقد قال

____________________

(١). تفسير الرازي ١٠ / ٨٨.

(٢). نهاية العقول - مخطوط.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

إنه لا يخلو عن إرسال

ثمّ إنّ هذا الحديث لا يخلو عن إرسالٍ، فلو سلم رواته عن الطعن لم يجز الحكم بصحته قال ابن حجر بشرح قول عمر « أقرؤنا أبيّ »: « كذا أخرجه موقوفاً، وقد أخرجه الترمذي وغيره من طريق أبي قلابة عن أنس مرفوعاً في ذكر أبي وفيه ذكر جماعة وأوّله: أرحم أمتي بأمتي أبوبكر وفيه: أقرؤهم لكتاب الله أبي بن كعب. الحديث وصححه. لكنْ قال غيره: إن الصّواب إرساله»(٤) .

وقال السخاوي في حديث أرحم أُمتي بأُمتي أبوبكر: « والحديث أعلّ بالإرسال، وسماع أبي قلابة من أنس صحيح إلّا أنه قيل: إنه لم يسمع منه هذا. وقد ذكر الدار قطني في العلل الاختلاف فيه على أبي قلابة، ورجّح هو وغيره كالبيهقي والخطيب في المدرج أن الموصول منه ذكر أبي عبيدة، والباقي مرسل، ورجّح ابن الموافق وغيره رواية الموصول »(٥) .

____________________

(١). ميزان الاعتدال ٢ / ١٧٣.

(٢). الكاشف ١ / ٣٧٩.

(٣). المغني ١ / ٢٦٩.

(٤). فتح الباري في شرح البخاري ٨ / ١٣٥.

(٥). المقاصد الحسنة: ١٢٤.

٢٦١

المرسل حديث ضعيف

ومن المعلوم أنَّ الحديث المرسل ضعيف والاحتجاج به ساقط، وقد نصَّ على ذلك ابن الصّلاح في ( علوم الحديث ) والسّيوطي في ( تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي ) وكذا غيرهما، وهذه عبارة السيوطي: « ثم المرسل حديث ضعيف لا يحتجّ به عند جماهير المحدثين والشافعي، كما حكاه عنهم مسلم في صدر صحيحه، وابن عبد البر في التمهيد، وحكاه الحاكم عن ابن المسيّب ومالك وكثير من الفقهاء وأصحاب الأصول والنظر »(١) .

رواية العاصمي واضحة الارسال

وأمّا العاصمي نفسه فقد روى هذا الحديث بسندٍ مرسل، حيث رواه بإسناده عن أبي قلابة عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بلا وساطة أنس، فانّه لم يجرأ على دعوى سماعها منه، ومن المعلوم ان أبا قلابة تابعي لم يدرك صحبة النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهذا نصّ روايته: « أخبرني شيخي محمد بن أحمدرحمه‌الله قال: حدثنا أبو سعيد الرازي قال: حدثنا يوسف بن عاصم الرازي البزار قال: حدثنا إبراهيم بن الحجاج قال: حدثنا حماد عن عاصم الأحول، عن أبي قلابة أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: أرحم أمتي بأمتي أبوبكر، وأحدّهم في دين الله عمر، وأكثرهم حياء عثمان بن عفان، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأقرؤهم أبيّ بن كعب، ولكلّ أمةٍ أمين وأمين هذه الأمّة أبو عبيدة بن الجرّاح ».

____________________

(١). تدريب الراوي ١ / ١٦٢.

٢٦٢

رواية قتادة مرسلا ً

بل يظهر من مراجعة ( المصابيح ) و ( المشكاة ) و ( فتح الباري ) رواية قتادة هذا الحديث مرسلاً، فلم يجرأ على دعوى سماعها من أنس كذلك، وهذه عبارة [ المصابيح للبغوي ]: « عن أنسرضي‌الله‌عنه عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: أرحم أُمتي بأُمتي أبوبكر، وأشدّهم بأُمّتي في أمر الله عمر، وأصدقهم حياءً عثمان، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأقرؤهم أبي، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ ابن جبل، ولكل أمّة أمين وأمين هذه الأُمة أبو عبيدة بن الجراح. صح. ورواه بعضهم عن قتادةرضي‌الله‌عنه مرسلاً وفيه: وأقضاهم علي ».

حصيلة البحث

إن هذا الحديث عن أنس مرسل، فضلاً عن كونه ضعيفاً سنداً، وجعلُ الترمذّي وابن ماجة - ومن حذا حذوهما - أنساً بين أبي قلابة أو قتادة وبين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خطأ فاحش أو تدليس ظاهر.

الحديث عن ابن عمر

وقد روي هذا الحديث الموضوع عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم برواية عبد الله بن عمر قال الحاكم: « حدّثنا عبد الرحمن بن حمدان الجلّاب بهمدان، حدثنا أبو حاتم الرازي، حدثنا محمد بن يزيد بن سنان الرّهاوي، حدثنا الكوثر ابن حكيم أبو محمد الحلبي، عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنَّ أرأف أُمتي بها أبوبكر، وإنّ أصلبها في أمر الله عمر، وإنّ أشدّها

٢٦٣

حياءً عثمان، وإنّ أقرأها أبيّ بن كعب، وإنّ أفرضها زيد بن ثابت، وإنّ أقضاها علي بن أبي طالب، وإنّ أعلمها بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وإنّ أصدقها لهجةً أبو ذر، وإنّ أمين هذه الأُمة أبو عبيدة بن الجراح، وإنّ حبر هذه الأمة لعبد الله بن عباس »(١) .

نظرة في رجاله

وهذا السند ضعيف أيضا، فأمّا « محمد بن يزيد بن سنان الرهاوي » فقد صرّحوا بضعفه، ففي ( الميزان ): « قال الدار قطني: ضعيف وقال النسائي: ليس بالقوي »(٢) وأورده في ( المغني في الضّعفاء )(٣) وقال ابن حجر: « قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عنه فقال: ليس بشيء، هو أشدّ غفلةً من أبيه وقال البخاري أبو فروة متقارب الحديث إلا ابنه محمداً يروي عنه مناكير. وقال الآجري عن أبي داود: وأبو فروة الجزري ليس بشيء وابنه ليس بشيء. وقال النسائي ليس بالقوي قال الترمذي: لا يتابع على روايته وهو ضعيف وقال الدار قطني: ضعيف »(٤) وقال ابن حجر في ( تقريب التهذيب ): « ليس بالقوي »(٥) .

وأمّا « كوثر بن حكيم » ففي ( الضعفاء والمتروكين للبخاري ): « كوثر بن حكيم عن نافع: منكر الحديث » وفي ( الضّعفاء والمتروكين للنّسائي ): « متروك الحديث » وقال الذهبي: « قال أبو زرعة: ضعيف، وقال ابن معين، ليس بشيء، وقال أحمد بن حنبل، أحاديثه بواطيل ليس بشيء، وقال الدار قطني وغيره:

____________________

(١). المستدرك ٣ / ٥٣٥.

(٢). ميزان الاعتدال ٤ / ٦٩.

(٣). المغني في الضعفاء ٢ / ٦٤٤.

(٤). تهذيب التهذيب ٩ / ٤٦٢.

(٥). تقريب التهذيب ٢ / ٢١٩.

٢٦٤

متروك »(١) وقال الذهبي أيضاً « تركوا حديثه، له عجائب »(٢) .

طريق آخر عن ابن عمر

وقد أورد السيوطي هذا الحديث الموضوع عن مسند أبي يعلى الموصلي عن ابن عمر حيث قال: « أرأف أُمّتي بأُمتي أبوبكر، وأشدّهم في دين الله عمر، وأصدقهم حياءً عثمان، وأقضاهم علي، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأقرؤهم أبي، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ. ألا وإنَّ لكلّ أمةٍ أميناً وأمين هذه الأمة أبو عبيدة ابن الجراح. عن ابن عمر »(٣) .

نظرة في سنده

لا حاجة لأنْ نراجع مسند أبي يعلى للوقوف على رجال هذا السند بالتفصيل، لأن الحافظ السخاوي والعلامة المنّاوي قد نصّا - كما ستسمع - على أنّه من طريق إبن البيلماني عن أبيه، وكلاهما ساقط عن درجة الاعتبار، فأمّا « محمد بن عبد الرحمن البيلماني » فقد قال البخاري: « محمد بن عبد الرحمن البيلماني عن أبيه. منكر الحديث، كان الحميدي يتكلّم فيه » وقال النسائي: « منكر الحديث »(٤) وفي ( الموضوعات لابن الجوزي ) بعد حديث في فضل جدّة: « محمد بن عبد الرحمن قال يحيى: ليس بشيء. وقال ابن حبان: حدّث عن أبيه بنسخةٍ شبيهاً بمائتي

____________________

(١). ميزان الاعتدال ٣ / ٤١٦.

(٢). المغني في الضعفاء ٢ / ٥٣٤.

(٣). الجامع الصغير بشرح المناوي ١ / ٤٥٩.

(٤). الضعفاء والمتروكين انظر المجموع: ٢٠٥.

٢٦٥

حديث كلّها موضوعة، لا يحل الاحتجاج به »(١) وفي ( ميزان الاعتدال ): « محمد ابن عبد الرحمن بن البيلماني عن أبيه: ضعّفوه. وقال البخاري وأبو حاتم: منكر الحديث، وقال الدار قطني وغيره: ضعيف قال ابن عدي: كلّما يرويه ابن البيلماني البلاء منه »(٢) وقال في ( المغني في الضعفاء ): « ضعّفوه. وقال ابن حبان: روى عن أبيه نسخة موضوعة »(٣) وأورده سبط ابن العجمي في ( الكشف الحثيث عمّن رمي بوضع الحديث ) وقال ابن حجر: « ضعيف، وقد اتّهمه ابن عدي وابن حبان »(٤) .

وأمّا أبوه « عبد الرحمن بن البيلماني » ففي ( ميزان الاعتدال ): « عبد الرحمن ابن البيلماني، من مشاهير التابعين، يروي عن ابن عمر، ليّنه أبو حاتم وقال الدار قطني: ضعيف لا تقوم به حجة »(٥) وذكره في ( المغني في الضعفاء )(٦) وفي ( تقريب التهذيب ): « ضعيف »(٧) .

حصيلة البحث

فظهر بطلان هذا الحديث عن ابن عمر بكلا طريقيه، ومن هنا قال الحافظ السخاوي: « وعن ابن عمر عند ابن عدي في ترجمة كوثر بن حكيم، وهو متروك. وله طريق أخرى في مسند أبي يعلى من طريق ابن البيلماني عن أبيه عنه »(٨) فإنّ في

____________________

(١). الموضوعات ٢ / ٥١.

(٢). ميزان الاعتدال ٣ / ٦١٧.

(٣). المغني في الضعفاء ٢ / ٦٠٣.

(٤). تقريب التهذيب ٢ / ١٨٢.

(٥). ميزان الاعتدال ٢ / ٥٥١.

(٦). المغني ٢ / ٣٧٧.

(٧). تقريب التهذيب ١ / ٤٧٤.

(٨). المقاصد الحسنة ١٢٤.

٢٦٦

هذا الكلام فوائد:

١ - إن حديث: ارحم أمتي بأمتي عن ابن عمر مذكور في كتاب الكامل لابن عدي، وذلك مما يدلّ على وهنه، لأنّ كتاب الكامل لابن عدي موضوعه الضّعفاء والمجروحون وأحاديثهم.

٢ - إن ابن عدي أورد هذا الحديث في ترجمة كوثر بن حكيم، ومنه يظهر أنّه يتّهم كوثر بن حكيم بوضع هذا الحديث.

٣ - إن راويه كوثر بن حكيم متروك عند الحافظ السخاوي.

٤ - إن طريقه الآخر هو من طريق ابن البيلماني عن أبيه عن ابن عمر.

٥ - إن ضعف ابن البيلماني وأبيه ثابت مشهور إلى حدَّ أعرض السخاوي عن بيانه، واكتفى بالقول بأنه من طريق ابن البيلماني عن أبيه.

الحديث عن جابر

وأخرج الطبراني هذا الحديث الموضوع عن جابر حيث قال: « ثنا علي بن جعفر الملحي الاصبهاني، ثنا محمد بن الوليد العباسي، ثنا عثمان بن زفر، ثنا مندل بن علي، عن ابن جريح، عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله الأنصاريرضي‌الله‌عنه قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أرحم أُمتي بأُمتي أبوبكر، وأرفق أمّتي لأمّتي عمر بن الخطاب، وأصدق أمتي حياء عثمان، وأقضى أمتي علي بن أبي طالب، وأعلمها بالحلال والحرام معاذ بن جبل يجيء يوم القيامة أمام العلماء برتوة، وأقرأ أمتي أبي بن كعب، وأفرضها زيد بن ثابت. وقد أوتي عويمر عبادة يعني أبا الدرداء رضي الله عنهم أجمعين. لم يروه عن ابن جريح إلّا مندل »(١) .

____________________

(١). المعجم الصغير ١ / ٢٠١.

٢٦٧

نظرة في رجاله

وهذا الحديث أيضاً مطروح، لأن في طريقه « مندل بن علي » - وقد تفرّد به عن ابن جريح كما نص عليه الطبراني نفسه - قال النسائي ( كتاب الضعفاء والمتروكين ): « مندل بن علي ضعيف » وقال الذهبي: « قال أبو حاتم: شيخ. وقال أبو زرعة: ليّن. وقال أحمد: ضعيف »(١) وفي ( الضعفاء للذهبي ): « فيه لين، ضعّفه أحمد والدار قطني »(٢) وقال ابن حجر: « قال الجوزجاني: ذاهب الحديث، وقال الحاكم أبو أحمد: ليس بالقوي عندهم. وقال الساجي: ليس بثقة، روى مناكير. وقال ابن معين: كان عبد الرحمن بن مهدي لا يحدّث عنه. وقال ابن قانع والدار قطني: ضعيف. وقال ابن حبان: كان ممن يرفع المراسيل والموقوفات من سوء حفظه فاستحق الترك. وقال الطحاوي: ليس من أهل الثبت في الرواية بشيء ولا يحتجّ به »(٣) وفي ( تقريب التهذيب ): « ضعيف »(٤) وقال صفي الدين الخزرجي: « ضعّفه أحمد وغيره »(٥) .

و « ابن جريج » قال ابن حجر العسقلاني « قال الجرمي عن مالك: كان ابن جريح حاطب ليل » قال: « وقال عثمان الدارمي عن ابن معين: ليس بشيء في الزهري » قال: « وقال جعفر بن عبد الواحد عن يحيى بن سعيد: كان ابن جريح صدوقاً فإذا قال حدثني فهو سماع، وإذا قال أخبرني فهو قراءة، وإذا قال: قال فهو شبه الريح »(٦) . قلت: وأنت ترى في سند الطبراني أنّه لم يقل: « قال » أيضا.

____________________

(١). ميزان الاعتدال ٤ / ١٨٠.

(٢). المغني في الضعفاء ٢ / ٦٧٦.

(٣). تهذيب التهذيب ١٠ / ٢٦٤.

(٤). تقريب التهذيب ٢ / ٢٧٤.

(٥). خلاصة تذهيب الكمال: ٣٨٧.

(٦). تهذيب التهذيب ٦ / ٣٥٧.

٢٦٨

وقال الدارقطني بأنّه قبيح التّدليس، ففي ( تهذيب التهذيب ): « وقال الدار قطني يتجنّب تدليس ابن جريج فإنه قبيح التدليس، لا يدلّس إلّا ممّا سمعه من مجروح » وفيه عن ابن حبان: « وكان يدلّس » وفيه: « وقال أبوبكر: ورأيت في كتاب علي بن المديني: سألت يحيى بن سعيد عن حديث ابن جريح عن عطاء الخراساني فقال: ضعيف. قلت ليحيى: انه يقول: أخبرني. قال: لا شيء، إنه ضعيف، إنما هو كتاب وقفه عليه »(١) .قلت : وسيأتي ذكر بعض المطاعن التي تترتّب على ارتكاب التّدليس، ولقد بلغت جرأة ابن جريح على التّدليس حدّا كان يرتكب الكذب فيه بصراحةٍ ووضوح ففي ( تهذيب التهذيب ): « قال ابن سعد: ولد سنة ٨٥ عام الجحاف. أنا محمد بن عمر - يعني الواقدي - قال ثنا عبد الرحمن ابن أبي الزناد قال: شهدت ابن جريح جاء إلى هشام بن عروة فقال: يا أبا المنذر الصحيفة التي أعطيتها فلانا أهي من حديثك؟ قال: نعم. قال محمد بن عمر: فسمعت ابن جريج بعد ذلك يقول: حدثنا هشام الأحصى »(٢) .

الحديث عن أبي سعيد الخدري

وروى ابن عبد البر هذا الحديث الموضوع عن أبي سعيد الخدري حيث قال: « وقد أخبرنا عبد الوارث بن سفيان قال: حدثنا قاسم بن أصبغ قال: حدثنا أحمد بن زهير قال: حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال: حدثنا سلام، عن زيد العمي عن أبي الصّديق الناجي، عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أرحم أمتي بها أبوبكر، وأقواهم في دين الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأقضاهم علي، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأقرؤهم لكتاب الله أبي بن كعب، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة ابن

____________________

(١). تهذيب التهذيب ٦ / ٣٥٩.

(٢). تهذيب التهذيب ٦ / ٣٥٩.

٢٦٩

الجراح، وأبو هريرة ووعاء للعلم - أو قال ووعاء العلم - وعند سلمان علم لا يدرك، وما أظلّت الخضراء ولا أقلَّت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر »(١) .

نظرة في رجاله

وفي سنده « زيد العمّي » قال النسائي ( كتاب الضعفاء والمتروكين ): « زيد العمى ضعيف »(٢) وفي ( ميزان الاعتدال ): « قال ابن معين: صالح، وقال مرةً: لا شيء. وقال مرةً: ضعيف يكتب حديثه. وقال أبو حاتم: ضعيف يكتب حديثه. وقال الدار قطني: صالح. وضعّفه النسائي. وقال ابن عدي: لعلّ شعبة لم يرو عن أضعف منه. وقال السعدي: متماسك »(٣) وقال في ( الكاشف ): « فيه ضعف »(٤) وقال ابن حجر: « ضعيف »(٥) .

وفي هذا السند « سلام » وهو « سلام بن سليم الطويل » قال النسائي « متروك الحديث »(٦) وفي ( الموضوعات لابن الجوزي ) في حديث في فضل المؤذّنين: « وفيه سلام الطويل قال يحيى: ليس بشيء لا يكتب حديثه. وقال البخاري: تركوه. وقال النسائي والدار قطني: متروك وقال ابن حبان: يروي عن الثقات الموضوعات كأنه كان المعتمّد لها »(٧) وقد أورد الذهبي هذا الحديث بعد كلمات القدح فيه في ( ميزان الاعتدال ) وذكره في ( المغني في الضعفاء )(٨) وقال ابن حجر: « قال

____________________

(١). الاستيعاب ١ / ١٧.

(٢). الضعفاء والمتروكين: ١٠٦.

(٣). ميزان الاعتدال ٢ / ١٠٢.

(٤). الكاشف ١ / ٣٣٧.

(٥). تقريب التهذيب ١ / ٢٧٤.

(٦). الضعفاء والمتروكين. المجموع: ١١٣.

(٧). الموضوعات ٢ / ٨٨.

(٨). ميزان الاعتدال ٢ / ١٧٦، المغني في الضعفاء ١ / ٢٧٠.

٢٧٠

أحمد: روى أحاديث منكرة. وقال ابن أبي مريم عن ابن معين: له أحاديث منكرة. وقال الدوري وغيره عن ابن معين: ليس بشيء. وقال ابن المديني: ضعيف. وقال ابن عمار: ليس بحجة. وقال الجوزجاني: ليس بثقة. وقال البخاري: تركوه. وقال مرةً: يتكلّمون فيه. وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث، تركوه. وقال أبو زرعة: ضعيف. وقال النسائي: متروك وقال مرة: ليس بثقة ولا يكتب حديثه. قال ابن خراش: كذّاب، وقال مرةً: متروك. وقال أبو القاسم البغوي: ضعيف الحديث جدّاً. وروى ابن عدي أحاديث وقال: لا يتابع على شيء منها وقال ابن حبان: روى عن الثقات الموضوعات كأنه كان المتعمّد لها وقال العجلي: ضعيف. وقال الساجي: عنده مناكير. وقال الحاكم: روى أحاديث موضوعة. وقال أبو نعيم في الحلية في ترجمة الشعبي: سلام بن سليم الخراساني متروك باتفاق »(١) .

ومن هنا ترى الحافظ السخاوي يقول في هذا الحديث بهذا الطريق: « وعن أبي سعيد عن قاسم بن أصبغ، عن ابن أبي خيثمة. وعنه العقيلي في الضعفاء عن علي بن عبد العزيز كلاهما عن أحمد بن يونس عن سلام عن زيد العمي عن أبي الصديق عنه. وزيد وسلام ضعيفان »(٢) .

وقال محمد بن معتمد خان في ( تحفة المحبين ) في فصل الأحاديث الضّعيفة: « أرحم أمتي بها أبوبكر أخرجه ابن عبد البر في الاستيعاب عن أبي سعيد الخدري. وفي سنده سلام وهو الطويل متروك عن زيد العمي ضعيف »(٣) .

____________________

(١). تهذيب التهذيب ٤ / ٢٤٧.

(٢). المقاصد الحسنة: ١٢٤.

(٣). تحفة المحبين - مخطوط.

٢٧١

الحديث عن أبي محجن الثقفي

وأخرجه ابن عبد البر عن أبي محجن الثقفي حيث قال: « وقد وصف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجوه أصحابه وخلالهم ليقتدى به فيهم بمثل ذلك، فيما رواه شيخنا عيسى بن سعيد بن سعدة المقري قال: حدّثنا أبوبكر أحمد بن إبراهيم ابن شاذان قال: حدّثنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد، وأنبأنا به أبو عثمان سعيد بن عثمان قال: حدّثنا أحمد بن دحيم قال: حدّثنا يحيى بن محمد بن صاعد قال: حدّثنا محمد بن عبيد بن ثعلبة العامري بالكوفة قال: حدّثنا عبد الحميد بن عبد الرحمن أبو يحيى الحماني قال: حدّثنا أبو سعد الأعور. يعني البقال وكان مولى لحذيفة - قال حدثنا شيخ من الصحابة يقال له أبو محجن أو محجن بن فلان قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّ أرأف أمتي بأمتي أبوبكر، وأقواها في دين الله عمر، وأصدقها حياء عثمان، وأقضاها علي بن أبي طالب، وأقرأها أبي بن كعب، وأفرضها زيد بن ثابت، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح »(١) .

نظرة في سنده

وفي سنده « سعيد البقّال » قال النسائي: « ضعيف »(٢) وقال الذهبي: « تركه الفلّاس. وقال ابن معين: لا يكتب حديثه. وقال أبو زرعة: صدوق مدلس.

____________________

(١). الاستيعاب ١ / ١٦.

(٢). الضعفاء والمتروكين. أنظر: المجموع: ١٧٠.

٢٧٢

وقال ح: منكر الحديث »(١) وذكره في ( المغني في الضعفاء )(٢) وقال « ابن حجر: ضعيف مرسل »(٣) وقال صفي الدين الخزرجي: « قال الذهبي مات سنة بضع وأربعين ومائة وما علمت أحداً وثّقه »(٤) وقد نصّ ابن حجر في الاصابة بترجمة أبي محجن على ضعف الرجل وأنه لم يدرك أبا محجن(٥) .

وأما « أبو محجن الثقفي » فكان فاسقاً فاجرا منهمكاً في الشّراب لا يكاد يقلع عنه ولا يردعه حد ولا لوم، جلده عمر بن الخطاب في الخمر مراراً - وقد كان عمر يحاول ان لا يجري الحدّ في شاربي الخمر من أصحابه لأنه كان منهم - لأنهماكه وتجريه وفعله ذلك علانية وجهاراً، ونفاه إلى جزيرة في البحر، وقد حضر القادسية وهو سكران من الخمر، فأمر به سعد بن أبي وقاص إلى القيد فهذا طرف من قبائح هذا الرجل وفضائحه ومن شاء التفاصيل فليرجع إلى ترجمته في ( الاستيعاب ) و ( أسد الغابة ) و ( الاصابة ) وغيرها من مصادر تراجم الصحابة.

الحديث عن شدّاد بن أوس في الموضوعات

وقد أخرج أبو جعفر العقيلي هذا الحديث الموضوع عن شداد بن أوس في ( كتاب الضعفاء ) وابن عساكر في ( تاريخ دمشق ) وضعفه، وأورده ابن الجوزي في ( الموضوعات ) وفي سنده مجروحون، واتّهم منهم بشير بن زاذان فإمّا وضعه وإمّا دلّسه عن بعض الضعفاء قال محمد بن معتمد خان البدخشاني في ( تحفة

____________________

(١). ميزان الاعتدال ٢ / ١٥٨.

(٢). المغني في الضعفاء ١ / ٢٦٦.

(٣). تقريب التهذيب ١ / ٣٠٥.

(٤). خلاصة تذهيب الكمال: ١٤٢.

(٥). الاصابة ٤ / ١٧٤.

٢٧٣

المحبين ) في الفصل الذي عقده للأحاديث الضعيفة: « أبوبكر أرأف أمتي وأرحمها، وعمر بن الخطاب خير أمتي وأعدلها، وعثمان بن عفان أحيا أمتي وأكرمها، وعلي بن أبي طالب ألبّ أمتي وأشجعها. عق عس وضعّفه عن شداد ابن أوس. وفي سنده مجروحون واتّهم منهم بشير فإمّا وضعه وإمّا دلّس عن بعض الضعفاء. وأورده ابن الجوزي في الموضوعات »(١) .

وهذه عبارة ابن الجوزي في ( الموضوعات ):

« حديث في ذكر جماعة من الصحابة: أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك قال: أنبأنا محمد بن المظفر قال: أنبأ أبو الحسن أحمد بن محمد العتيقي قال: أخبرنا يوسف بن الدخيل قال: ثنا أبو جعفر العقيلي قال: ثنا بشر بن موسى قال: ثنا عبد الرحيم بن واقد الواقدي قال: ثنا بشير بن زاذان، عن عمر بن صبيح عن كن عن شدّاد بن أوس: إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: أبوبكر أوزن أمتي وأرجحها، وعمر بن الخطاب خير أمتي وأكملها، وعثمان أحيا أمتي وأعدلها، وعلي بن أبي طالب ولي أمتي وأوسمها، وعبد الله بن مسعود أمين أمتي وأوصلها، وأبو ذر أزهد أُمتي وأرأفها، وأبو الدرداء أعدل أمتي وأرحمها، ومعاوية بن أبي سفيان أحلم أمتي وأجودها.

طريق آخر - أخبرنا علي بن عبيد الله قال: أنبأ علي بن أحمد البندار قال: أنبأنا أبو عبد الله ابن بطة قال: حدّثني أبو صالح محمد بن أحمد قال: ثنا خلف ابن عمرو العكبري قال: حدّثنا محمد بن إبراهيم قال: ثنا يزيد الحلال صاحب ابن أبي الشوارب قال: حدّثنا أحمد بن القاسم بن بهرام قال: ثنا محمد بن بشير عن بشير بن زاذان عن عكرمة عن ابن عباس قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أبوبكر خير أُمتي وأتقاها، وعمر أعزّها وأعدلها، وعثمان أكرمها وأحياها، وعلي ألبّها وأوسمها، وابن مسعود آمنها وأعدلها، وأبو ذر أزهدها وأصدقها، وأبو

____________________

(١). تحفة المحبّين - مخطوط.

٢٧٤

الدرداء أعبدها، ومعاوية أحلمها وأجودها.

قال المصنف: هذا حديث موضوع على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وفي الطريقين جماعة مجروحون، والمتهم به عندي بشير بن زاذان، إما أنْ يكون من فعله أو من تدليسه عن الضعفاء وقد خلط في إسناده. قال ابن عدي: هو ضعيف يحدّث عن الضّعفاء »(١) .

و « بشير بن زاذان » ضعّفه الذهبي أيضاً، إذ ذكره في ( المغني في الضعفاء ) وقال: « ضعّفه الدار قطني وغيره »(٢) .

الحديث عن ابن عباس لا سند له

وروى الملّا في سيرته هذا الافك الشنيع والكذب الفظيع عن ابن عباس: قال المحبّ الطبري في: « الفصل الرابع في وصف كلّ واحدٍ من العشرة بصفةٍ حميدة - عن ابن عباس قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أرحم أُمتي بأُمتي أبوبكر، وأقواهم في دين الله عمر، وأشدّهم حياء عثمان، وأقضاهم علي بن أبي طالب، ولكل نبي حواري وحواريَّ طلحة والزبير، وحيثما كان سعد ابن أبي وقاص كان الحق معه، وسعد بن زيد من أحباء الرحمن، وعبد الرحمن بن عوف من تجار الرحمن، وأبو عبيدة بن الجراح أمين الله وأمين رسوله، ولكل نبي صاحب وصاحب سرّي معاوية بن أبي سفيان، فمن أحبّهم فقد نجا ومن أبغضهم فقد هلك. خرجه الملّا في سيرته »(٣) .

وهذا الحديث باطل قطعاً، إذْ لا سند له أبداً، وركاكة ألفاظه وسخافة

____________________

(١). الموضوعات ٢ / ٢٩.

(٢). المغني في الضعفاء ١ / ١٠٨.

(٣). الرياض النضرة ١ / ٣٦.

٢٧٥

معانيه تشهد بوضعه، وممّا ينادى بذلك اشتماله على فضيلةٍ لمعاوية بن أبي سفيان، وقد نصَّ كبار الأئمة كالبخاري، والنسائي، والحاكم، وابن الجوزي، وابن تيمية، وابن حجر، وغيرهم، على أنّه لم يثبت حديث في فضل معاوية بن أبي سفيان كما ستطلع عليه في ما بعد إنْ شاء الله تعالى.

حصيلة البحث

وقد علم من هذا البحث بوضوحٍ: أن حديث « أرحم أمتي بأمتي ». حديث موضوع ومفتعل بجميع طرقه وألفاظه، على ضوء كلمات كبار أئمة الجرح والتعديل، ومشاهير حفاظ الحديث والأخبار.

آراء المحققين الآخرين

وقد نصَّ جماعة من مشاهير محقّقي أهل السّنة في الحديث والرجال على وضع هذا الحديث أو بطلانه أو ضعفه ولا بأس بذكر بعض كلماتهم في هذا المقام:

قال المناوي بشرح هذا الحديث: « ع من طريق ابن البيلماني عن أبيه عن ابن عمر بن الخطاب. وابن البيلماني حاله معروف. لكن في الباب أيضاً عن أنس وجابر وغيرهما عند الترمذي، وابن ماجة، والحاكم وغيرهم. لكن قالوا في روايتهم بدل أرأف: ارحم. وقالت: حسن صحيح. وقال ك‍: على شرطهما.

وتعقّبهم ابن عبد الهادي في تذكرته بأن في متنه نكارة، وبأن شيخه ضعّفه، بل رجح وضعه»(١) .

____________________

(١). فيض القدير ١ / ٤٦٠.

٢٧٦

ترجمة ابن عبد الهادي

وابن عبد الهادي - الذي تعقّب القوم في تذكرته بأنّ في الحديث نكارة وبأنّ شيخه ابن تيميّة ضعّفه بل رجح وضعه - من محققي حفّاظ أهل السّنة المشاهير، قال الحافظ الذهبي في ذكر مشايخه:

« وسمعت من الامام الأوحد الحافظ، ذي الفنون، شمس الدين محمد بن أحمد بن عبد الهادي. ولد سنة خمس أو ست وسبعمائة، وسمع من القاضي ولي الدين عبد الدائم والمطعم، واعتنى بالرجال والعلل وبرع وجمع، وتصدى للافادة والاشتغال في القراءات والحديث والفقه والأصول والنحو، وله توسّع في العلوم وذهن سيّال. توفي في شهر جمادى الأولى سنة ٧٤٤ »(١) .

وقال ابن رجب بترجمته: « المقرئ الفقيه المحدّث الحافظ الناقد النحوي المتفنّن عني بالحديث وفنونه ومعرفة الرجال والعلل وبرع في ذلك، وتفقّه في المذهب وأفتى وقرأ الأصلين والعربية وبرع فيها، ولازم الشيخ تقي الدين ابن تيميّة مدة وكتب بخطه المتقن الكثير، وصنف كتبا كثيرة »(٢) .

وقال الحافظ ابن حجر: « مهر في الحديث والفقه والأصول والعربية وغيرها. قال الصفدي: لو عاش لكان آية وقال الذهبي في معجمه المختص: الفقيه البارع المقرئ المجوّد المحدّث الحافظ النحوي الحاذق ذو الفنون، كتب عني واستفدت منه. وقال ابن كثير: كان حافظاً علّامة ناقداً، حصّل من العلوم ما لا يبلغه الشيوخ الكبار، وبرع في الفنون، وكان جبلاً في العلل والطرق والرجال، حسن الفهم جداً صحيح الذهن »(٣) .

____________________

(١). تذكرة الحفاظ ٤ / ١٥٠٨.

(٢). طبقات ابن رجب ٢ / ٤٣٦.

(٣). الدرر الكامنة ٣ / ٤٢١.

٢٧٧

٤ - بطلان دعوى ان أبابكر اوّل باب لأنه باب في الرحمة

وقول العاصمي: « ثم يكون أبوبكر الصديق رضوان الله عليه باباً منها، وهو أول بابٍ وأفضل بابٍ، حيث جعله النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أوّلهم في الحديث الذي ذكر فيه أصحابه، وخصّ كلّ واحدٍ منهم بخاصّية، فكان رضوان الله عليه باباً في الرحمة والرأفة بالمسلمين والشفقة عليهم، كما قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أرحم أمتي أبوبكر و في روايةٍ أخرى: أرأف أمتي بأمتي أبوبكر. ولا يكون الرحمة بالمسلمين إلّا من أصل العلم ».

واضح البطلان، لأنّ شواهد جهل أبي بكر متظافرة جدّا، ومن كان جاهلاً بمعنى « الأب » و « الكلالة » و « إرث العمّة والخالة » كيف يجوز أنْ يكون باباً لمدينة العلم؟! وكيف يكون أوّل باب وأفضل باب؟! وقد عرفت أن الحديث المذكور موضوع، فبطل الاستدلال به.

نوادر الأثر في شدة أبي بكر

على أن هناك في كتب أهل السّنة، أحاديث وآثاراً تحكي شدّة أبي بكر على المسلمين، وهذا من وجوه بطلان قوله: « فكان باباً في الرحمة والرأفة بالمسلمين والشفقة عليهم » ومن تلك القضايا ما يلي:

(١) ما أخرجه البخاري في كتاب الأدب قائلاً: « باب ما يكره من الغضب والجزع عند الضيف - حدّثنا عيّاش بن الوليد، حدّثنا عبد الأعلى قال: حدّثنا سعيد الجريري، عن أبي عثمان، عن عبد الرحمن بن أبي بكر: إن أبابكر تضيّف رهطاً فقال لعبد الرحمن: دونك أضيافك فإني منطلق إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فافرغ من قراهم قبل أن أجىء. فانطلق عبد الرحمن فأتاهم بما عنده

٢٧٨

فقال: إطعموا. فقالوا: اين ربّ منزلنا؟ قال: أطعموا. قالوا: ما نحن بآكلين حتى يجيء رب منزلنا. قال: إقبلوا عنا قراكم فإنه إنّ جاء ولم تطعموا لنلقينَّ منه، فأبوا. فعرفت انه يجد عليَّ، فلما جاء تنحيّت عنه. فقال: ما صنعتم؟ فأخبروه. فقال: يا عبد الرحمن، فسكتّ. ثم قال: يا عبد الرحمن. فسكتُّ. فقال: يا غنثر أقسمت عليك إنْ كنت تسمع صوتي لمـّا جئت. فخرجت فقلت: سل أضيافك. فقالوا: صدق، أتانا به. قال: فإنما انتظرتموني، والله لا أطعمه الليلة. فقال الآخرون: والله لا نطعمه حتى تطعمه. قال: لم ار في الشر كاللّيلة! ويلكم ما أنتم! لما لا تقبلون عنا قراكم. هات طعامك. فجاء به، فوضع يده فقال: بسم الله الأولى للشيطان. فأكل وأكلوا »(١) .

وأخرجه مسلم في باب إكرام الضّيف وفضل إيثاره: « حدثنا محمد بن مثنى قال: نا سالم بن نوح العطار عن الجريري عن أبي عثمان عن عبد الرحمن بن أبي بكر قال: نزل علينا أضياف لنا. قال وكان أبي يتحدّث إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الليل فانطلق وقال: يا عبد الرحمن افرغ من أضيافك. قال: فلما أمسيت جئنا بقراهم قال: فأبوا فقالوا: حتى يجيء أبو منزلنا فيطعم معنا. قال فقلت لهم: إنه رجل حديد وإنكم إنْ لم تفعلوا خفت أنْ يصيبني منه أذى. قال: فأبوا. فلما جاء لم يبدأ بشيء أول منهم فقال: أفرغتم من أضيافكم. قال: قالوا: لا والله ما فرغنا. قال: الم آمر عبد الرحمن؟ قال: وتنحّيت عنه. فقال: يا عبد الرحمن! قال: فتنحيّت عنه. قال فقال: يا غنثر أقسمت عليك إنْ كنت تسمع صوتي إلّا جئت. قال: فجئت. قال فقلت: والله ما لي ذنب، هؤلاء أضيافك فسلهم، قد أتيتهم بقراهم فأبوا أنْ يطعموا حتى تجيء قال فقال: ما لكم ألّا تقبلوا عنا قراكم؟ قال فقال أبوبكر: فو الله لا أطعمه الليلة. قال فقالوا والله لا نطعمه حتى تطعمه. قال فقال: ما رأيت في الشر كالليلة قط، ويلكم مالكم ألّا تقبلوا

____________________

(١). صحيح البخاري ٤ / ٣٦٤.

٢٧٩

عنا قراكم! قال: ثم قال: أما الأولى فمن الشيطان هلمّوا قراكم. قال: فجيء بالطعام فسمّى فأكل وأكلوا. قال: فلما أصبح غدا على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: يا رسول الله برّوا وحنثت. قال فأخبره. فقال: بل أنت أبرّهم وأخيرهم. قال: ولم تبلغني كفارة »(١) .

أقول: وهذا الحديث يدل على الشدّة والغضب من جهات:

فالأولى: قول عبد الرحمن: « إنه رجل حديد، وإنكم إنْ لم تفعلوا خفت أنْ يصيبني منه أذى» فهذا يشهد بأنَّ ما رووه من أنه أرحم الامّة بالأمّة كذب مختلق.

والثّانية: تنحّي عبد الرحمن عنه.

والثّالثة: نداؤه عبد الرحمن: « يا غنثر » وهو شتم أي: يا لئيم أو نحو ذلك من المعاني القبيحة. وقد اخرج البخاري في باب قول الضيف « لا آكل حتى تأكل » القصّة وفيها: « فغضب أبوبكر فسبَّ وجدع » قال القسطلاني في شرحه: « فسبّ أي شتم لظنّه أنّهم فرّطوا في حق ضيفه، وجدّع بالجيم المفتوحة والدال المهملة المشددة وبعدها عين مهملة: دعا بقطع الأنف أو الاذن أو الشفة » فهذا يدلّ على شدة غضبه وبذاءة لسانه وسوء خلقه، حيث جعل يدعو عليهم بذلك من غير استعلام منهم هل فرّطوا في حق ضيفه أولا!! بل المستفاد من البخاري أنه فعل ذلك بعد أن سأل أهله: « ما صنعتم؟ فأخبروه » وحينئذٍ يكون سبّه إيّاهم أشنع وأفظع.

والرّابعة: قوله للأضياف: « فو الله لا أطعمه الليلة » صنيع قبيح منه تجاه إبائهم عن الأكل حتى يجيء، يكشف عن غضبه معهم وعدم إكرامه لهم، من دون أنْ يكون منهم شيء يستحقّون ذلك به!! بل يجب إكرام الضيف عقلاً وعرفاً وشرعاً على كلّ حالٍ، وهذا أمر يعرفه ويفعله حتى أجلاف العرب

____________________

(١). صحيح مسلم ٦ / ١٣١.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362