نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٢

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار12%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 301

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 301 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 142120 / تحميل: 5864
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٢

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

١

٢

٣

٤

(٤)

مع ابن تيميّة الحرّاني

في كلامه حول حديث « أنا مدينة العلم »

ومن المواضع التي يتبيّن فيها بوضوح نصب ابن تيميّة وعناده للحق وأهله هو: مبحث حديث « أنا مدينة العلم وعلي بابها »، فقد بالغ في هذا المقام في الكذب والافتراء، في سبيل ردّ هذا الحديث الشريف وتكذيبه، ونحن نذكر أوّلاً عبارته، ثم نتكلّم حولها، فهذا نصّ عبارته:

« وحد يث أنا مدينة العلم وعلي بابها أضعف وأوهى، ولهذا إنّما يعدّ في الموضوعات، وإن رواه الترمذي، وذكره ابن الجوزي وبيّن أن سائر طرقه موضوعة.

والكذب يعرف من نفس متنه، فإنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا كان مدينة العلم، ولم يكن لها إلّا باب واحد، ولم يبلّغ عنه العلم إلّا واحد فسد أمر الإسلام، ولهذا اتفق المسلمون على أنه لا يجوز أن يكون المبلّغ عنه العلم إلّا واحداً، بل يجب أن يكون المبلِّغون أهل التواتر، الذين يحصل العلم بخبرهم للغائب، وخبر الواحد لا يفيد العلم إلّا بقرائن، وتلك قد تكون منتفية أو خفيةً

٥

عن أكثر الناس، فلا يحصل لهم العلم بالقرآن والسنن المتواترة.

وإذا قالوا: ذلك الواحد معصوم يحصل العلم بخبره.

قيل لهم: فلابدّ من العلم بعصمته أوّلاً، وعصمته لا تثبت بمجرد خبره قبل أن تعلم عصمته فإنه دور، ولا تثبت بالإِجماع فإنه لا إجماع فيها، وعند الإِمامية إنما يكون الاجماع حجة لأن فيهم الإِمام المعصوم، فيعود الأمر إلى إثبات عصمته بمجرد دعواه، فعلم أن عصمته لو كانت حقّاً لا بدّ أنْ تعلم بطريقٍ آخر غير خبره، فلو لم يكن لمدينة العلم باب إلّا هو لم يثبت لا عصمته ولا غير ذلك من أمور الدين.

فعلم أنّ هذا الحديث إنما افتراه زنديق جاهل ظنّه مدحاً، وهو يطرق الزنادقة إلى القدح في دين الاسلام، إذ لم يبلّغه إلّا واحد.

ثم إن هذا خلاف المعلوم بالتواتر، فإن جميع مدائن الاسلام بلغهم العلم عن الرسول من غير علي:

أما أهل المدينة ومكة فالأمر فيهما [ فيهم ] ظاهر، وكذلك الشام والبصرة، فإن هؤلاء لم يكونوا يروون عن عليّ إلّا شيئاً قليلاً، وإنما كان غالب علمه في الكوفة، ومع هذا فأهل الكوفة كانوا تعلّموا القرآن والسنّة قبل أنْ يتولى عثمان فضلاً عن علي. وفقهاء أهل المدينة تعلّموا الدّين في خلافة عمر، وتعليم معاذ بن جبل لأهل اليمن ومقامه فيهم أكثر من عليّ، ولهذا روى أهل اليمن عن معاذ بن جبل أكثر ممّا رووا عن علي، وشريح وغيره من أكابر التابعين إنما تفقّهوا على معاذ ابن جبل، ولـمّا قدم علي الكوفة كان شريح فيها قاضياً، وهو وعبيدة السلماني تفقّها على غيره، فانتشر علم الإسلام في المدائن قبل أن يقدم علي الكوفة »(١) .

١ - بطلان دعوى ضعف الحديث

نقول: دعوى أن حديث مدينة العلم أضعف وأوهى، ولهذا إنما يعدّ في

____________________

(١). منهاج السنة ٤ / ١٣٨.

٦

الموضوعات، إفك فضيح، لما عرفت سابقاً من صحّة هذا الحديث واستفاضته وشهرته بل وتواتره، حتى تجلّى ذلك كالشمس المنجلي عنها الغمام على رغم آناف المنكرين الطّغام، فمن العجيب تعامي ابن تيميّة عن جميع تلك النصوص والتصريحات من كبار المحقّقين، ومشاهير نقدة الأخبار والحديث المعتمدين!!

ثناء ابن تيمية على ابن معين وأحمد

أليس فيمن صحّح حديث « أنا مدينة العلم وعلي بابها » يحيى بن معين هذا الرجل الذي أذعن ابن تيميّة نفسه - فيمن أذعن - بجلالة قدره وسمّو منزلته في علم الحديث ونقده؟ بل لقد عدّه ابن تيميّة فيمن يرجع إليه في التمييز بين الصّدق والكذب حيث قال: « المنقولات فيها كثير من الصدق وكثير من الكذب، والمرجع في التمييز بين هذا وهذا إلى أهل العلم بالحديث، كما يرجع إلى النحاة في الفرق بين لحن العرب ونحو العرب، ويرجع إلى علماء اللغة فيما هو من اللغة وما ليس من اللغة، وكذلك علماء الشعر والطب وغير ذلك، فلكلّ علمٍ رجال يعرفون به.

والعلماء بالحديث أجلّ هؤلاء، وأعظم قدراً، وأعظمهم صدقاً، وأعلاهم منزلة، وأكثرهم ديناً، فإنهم من أعظم الناس صدقاً وديناً وأمانةً وعلماً وخبرة بما يذكرونه من الجرح والتعديل، مثل: مالك، وشعبة، وسفيان بن عيينة، وسفيان الثوري، ويحيى بن سعيد القطّان، وعبد الرحمن بن مهدي، وعبد الله بن المبارك، ووكيع بن الجراح، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق ابن راهويه، ويحيى ابن معين، وعلي بن المديني، والبخاري، ومسلم، وأبي داود، وأبي زرعة، وأبي حاتم، والنسائي، والعجلي، وأبي أحمد ابن عدي، وأبي حاتم البستي، وأبي الحسن الدار قطني.

وأمثال هؤلاء خلق كثير لا يحصى عددهم، من أهل العلم بالرجال والجرح والتعديل، وإنْ كان بعضهم أعلم من بعض، وبعضهم أعدل من بعض في وزن

٧

كلامه، كما أنّ الناس في سائر العلوم كذلك »(١) .

فإذا كان « يحيى بن معين » في هذه المرتبة من الجلالة والعظمة عند ابن تيميّة، فلما ذا لا ينظر ابن تيميّة إلى تنصيص يحيى بن معين على صحة حديث مدينة العلم بعين الاعتبار؟ ولما ذا يقول ما لا يفعل؟ والله تعالى يقول:( لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ* كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ ) .

وذكر ابن تيميّة « يحيى بن معين » في موضع آخر من كتابه في جماعةٍ من أئمة أهل السنة، وصفهم بـ « أئمة الحديث ونقّاده وحكّامه وحفّاظه، الذين لهم خبرة ومعرفة تامة بأقوال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأحوال من نقل العلم والحديث عن النبي من الصحابة والتابعين وتابعيهم، ومن بعد هؤلاء من نقلة العلم » وإليك نصُّ عبارته كاملة لما فيها من الفوائد في هذا المقام:

« فإنْ قيل: فهذا الحديث قد ذكره طائفة من المفسّرين والمصنّفين في الفضائل، كالثعلبي والبغوي وأمثالهما، والمغازلي وأمثاله.

قيل له: مجرّد رواية هؤلاء لا توجب ثبوت الحديث باتّفاق أهل العلم بالحديث، فإن في كتب هؤلاء من الأكاذيب الموضوعة ما اتّفق أهل العلم على أنه كذب، والثعلبي وأمثاله لا يتعمّدون الكذب، بل فيهم من الصلاح والدّين ما منعهم من ذلك، لكن ينقلون ما وجدوه في الكتب، ويدوّنون ما سمعوه، وليس لأحدهم من الخبرة بالأسانيد ما لأئمة الحديث، كشعبة، ويحيى بن سعيد القطّان، وعبد الرحمن بن مهدي، وأحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، ويحيى بن معين، وإسحاق بن راهويه، ومحمّد بن يحيى الذهلي، والبخاري، ومسلم، وأبي داود، والنسائي، وأبي حاتم وأبي زرعة الرازيين، وأبي عبد الله بن مندة، والدار قطني، وعبد الغني بن سعيد، وأمثال هؤلاء من أئمة الحديث ونقّاده

وقد صنّفوا الكتب الكثيرة في معرفة الرجال الذين نقلوا الآثار وأسمائهم،

____________________

(١). منهاج السنة ٤ / ١٠.

٨

وذكروا أخبارهم وأخبار من أخذوا عنه، ومن أخذ عنهم، مثل: كتاب العلل وأسماء الرجال عن يحيى بن سعيد القطان، وعلي بن المديني، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، والبخاري، ومسلم، وأبي زرعة، وأبي حاتم، والنسائي، والترمذي، وأبي أحمد ابن عدي، وأبي حاتم ابن حبان، وأبي الفتح الأزدي، والدارقطني، وغيرهم »(١) .

فلماذا يعدّ حديث مدينة العلم في الموضوعات مع تصحيح يحيى بن معين إيّاه، وهو كالبخاري ومسلم ومشايخهما وأضرابهما من نقدة الحديث وحفاظه، والمرجع إليهم في تمييز صدقه من كذبه؟

وفي موضعٍ ثالثٍ يزيد في المبالغة والإِغراق في مدح يحيى بن معين فيقول في كلامٍ له:

« ومن أراد أن يعرف فضائلهم ومنازلهم عند النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فليتدبّر الأحاديث الصحيحة التي صحّحها أهل العلم بالحديث، الذين كملت خبرتهم بحال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومحبّتهم له وصدقهم في التبليغ عنه، وصار هواهم تبعاً لما جاء به، فليس لهم غرض إلّا معرفة ما قاله، وتمييزه عمّا يخلط بذلك من كذب الكاذبين وغلط الغالطين، كأصحاب الحديث مثل: البخاري، ومسلم، والإِسماعيلي، والبرقاني، وأبي نعيم، والدار قطني، ثم مثل صحيح(٢) ابن خزيمة، وابن مندة، وأبي حاتم البستي، ثم الحاكم، وما صحّحه أئمة أهل الحديث الذين هم أجلّ من هؤلاء، أو مثلهم من المتقدمين والمتأخرين، مثل: مالك بن أنس، وشعبة بن الحجاج، ويحيى بن سعيد، وعبد الرحمن بن مهدي، وعبد الله بن المبارك، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وعلي بن المديني، وأبي حاتم وأبي زرعة الرازيين، وخلائق لا يحصي عددهم إلّا الله.

____________________

(١). منهاج السنة ٤ / ٨٤.

(٢). لفظة « الصحيح » لا تناسب المقام، فلعلّها من هفوات القلم.

٩

فإذا تدبّر العاقل للأحاديث الصحيحة الثابتة عند هؤلاء وأمثالهم، عرف الصّدق من الكذب، فإنَّ هؤلاء من أكمل الناس معرفة بذلك، وأشدّهم رغبةً في التمييز بين الصّدق والكذب، وأعظمهم ذبّاً عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فهم المهاجرون إلى سنّته وحديثه والأنصار له في الدين، يقصدون ضبط ما قاله وتبليغه للناس، وينفون عنه ما كذبه الكاذبون، وغلط فيه الغالطون، ومن شركهم في عملهم علم ما قالوه، وعلم بعض قدرهم، وإلّا فليسلّم القوس إلى باريها، كما يسلم إلى الأطباء طبّهم، وإلى النحاة نحوهم، وإلى الفقهاء فقههم، وإلى الحسّاب حسابهم، وإلى أهل العلم بالأوقات علمهم »(١) .

فهذا الكلام صريح في أنّ « يحيى بن معين » ممّن كملت خبرته، وكبرت معرفته، بحال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وحديثه، وأنّ ما صحّحه صدق، وأنّه لابدَّ من تسليم أمر التمييز بين الصدق والكذب إليه

فلما ذا يقف هذا الموقف تجاه حديث مدينة العلم الذي ثبت تصحيح يحيى ابن معين إيّاه؟

وهل هذا إلّا تهافت؟

وأيضاً، فإنّ من رواة حديث مدينة العلم هو « أحمد بن حنبل »، وقد عرفت من كلمات ابن تيميّة ثنائه على أحمد أيضاً، إذ قد ذكره في عداد أئمة الحديث ونقدته وحفّاظه

لقد روى أحمد بن حنبل حديث مدينة العلم في فضائل ومناقب سيّدنا أمير المؤمنينعليه‌السلام بطرقٍ متعدّدة، أفهل يعقل أنّ يروي أحمد حديثاً موضوعاً بطرقٍ عديدة، ويعدّه من فضائل عليعليه‌السلام ، وهو ومصنّفاته على تلك الجلالة والعظمة التي وصفه بها ابن تيميّة؟

ولو كان حديث أنا مدينة العلم من الموضوعات لجعل ابن تيميّة مصنّفات

____________________

(١). منهاج السنة ٤ / ٢٥٢.

١٠

أحمد كمصنّفات الثعلبي والبغوي وأمثالهما الموصوفة عنده بالإِشتمال على الصّدق والكذب، لكنّه جعل مصنفات أحمد وأمثاله في مقابل مصنفات أولئك كما رأيت في عبارته السابقة، فإن هذا يدل على أنّ أحمد ما كان يدوّن في كتبه كلّ ما سمعه، فضلاً عن تعمّد الكذب ونقل الأحاديث الموضوعة.

فثبت بطلان زعم ابن تيميّة بكلام نفسه حول أحمد بن حنبل ومصنفاته.

بل لقد نصَّ ابن تيميّة على أنّ أحمد بن حنبل كان من العلماء الذين لا يروون عن شخص ليس بثقة عندهم، ولا يروون حديثاً يعلمون أنه عن كذّاب، وهذا نصّ كلامه حيث قال:

« والناس في مصنّفاتهم منهم من لا يروي عمّن يعلم أنه يكذب مثل: مالك، وشعبة، ويحيى بن سعيد، وعبد الرحمن بن مهدي، وأحمد بن حنبل. فإن هؤلاء لا يروون عن شخصٍ ليس بثقة عندهم، ولا يروون حديثاً يعلمون أنّه عن كذاب، ولا يروون أحاديث الكذابين الذين يعرفون بتعمّد الكذب »(١) .

فإذا كان هذا حال أحمد بن حنبل في اعتقاد ابن تيميّة، وقد عرفت أنّ أحمد يروي حديث مدينة العلم بطرقٍ عديدة، فإن هذا الحديث ليس بموضوعٍ، وليس رواته غير ثقاة، وإلّا لما رواه أحمد.

فظهر خزي ابن تيميّة حسب ما اعترف به في حق أحمد بن حنبل، والحمد لله ربّ العالمين.

اعتراف ابن تيميّة برواية الترمذي

واعترف ابن تيميّة في كلامه في ردّ حديث مدينة العلم برواية الترمذي إيّاه، والترمذي من أرباب الصحاح الستّة عند أهل السنّة، وقد وصفوا جامعه الصحيح بأعلى أوصاف المدح، وبعجائب المآثر العالية، وبجّلوه غاية التبجيل، حتّى لو أنّ

____________________

(١). منهاج السنة ٤ / ١٥.

١١

أحداً حلف على صحّة أحاديثه بالطلاق لم يحنث، بل زعموا اتّفاق أهل الشرق والغرب على صحّة أحاديث الكتب الستة ومنها كتاب الترمذي وقد ذكرنا ذلك مفصّلاً في مجلّد حديث الطير.

فحديث مدينة العلم - المخرّج عند الترمذي باعتراف ابن تيميّة - لا يحنث من حلف على صحته بالطلاق، ويكون من الأحاديث المجمع على صحتها بين أهل الشرق والغرب، فمن طعن فيه فهو خارج عن دائرة الإِجماع كما قرّروا، وتكون عاقبته النار وبئس المصير.

ثناء ابن تيميّة على الترمذي واعتماده عليه

هذا كلّه من جهةٍ، ومن جهة أخرى فإنّ من يلاحظ كلمات ابن تيميّة نفسه في حقّ الترمذي، واعتماده على رواياته في مواضع عديدة من بحوثه، يتّضح له شناعة ردّه لحديث مدينة العلم مع اعترافه برواية الترمذي له، فمن ذلك: عدّه الترمذي في نقدة الحديث وحكّامه وحفّاظه وأنّه ليس كالثعلبي وأمثاله، الذين يروون الأحاديث الموضوعة، ويدوّنون كلّ ما سمعوه في كتبهم وقد تقدّم نصّ كلامه في ذلك قريباً.

وإذا كان هذا شأن الترمذي فإنّ العاقل لا يجوّز الطعن في حديث مدينة العلم - الذي اعترف ابن تيميّة رواية الترمذي له -، إذ لو صحّ الطّعن فيه لزم اشتمال كتاب الترمذي على الموضوعات كذلك، فلا يبقى فرق بينه وبين الثعلبي وغيره، وهذا ممّا لا يرتضيه ابن تيميّة، فلا مناص لابن تيميّة من التسليم بصحة حديث مدينة العلم شاء أو أبى.

ومن ذلك قوله:

« قال الرافضي: الثاني ما رووه عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر. والجواب: المنع من الرواية، ومن دلالته على الإِمامة، فإن الاقتداء بالفقهاء لا يستلزم كونهم أئمة. وأيضاً: فإن أبابكر

١٢

وعمر قد اختلفا في كثير من الأحكام، فلا يمكن الإِقتدا بهما. وأيضاً: فإنه معارض بما رووه من قوله: أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم، مع إجماعهم على انتفاء إمامتهم.

والجواب من وجوه أحدها: أنْ يقال: هذا الحديث أقوى من النص الذي يروونه في إمامة علي، فإن هذا معروف في كتب أهل الحديث المعتمدة، رواه أبو داود في سننه، والإِمام أحمد في مسنده، والترمذي في جامعه. وأمّا النص على علي فليس في شيء من كتب أهل الحديث »(١) .

فكتاب الجامع الصحيح للترمذي من كتب أهل الحديث المعتمدة عند ابن تيميّة، ومن هنا يحتجّ به في مقابلة الشيعة، ويجعل ما أخرج فيه أقوى من النص على أمير المؤمنينعليه‌السلام ، والعياذ بالله.

وهل يجوز أنْ يكون هذا الكتاب معتمداً في مورد حديث الإِقتداء المزعوم - بالرغم من ثبوت وضعه بوجوهٍ عديدة، وقد طعن الترمذي في بعض طرقه - ولا يكون معتمداً في مورد حديث مدينة العلم؟ لكن ابن تيميّة باحتجاجه بكتاب الترمذي قد أفحم نفسه في مورد حديث مدينة العلم الذي اعترف برواية الترمذي له، وأوضح للملأ أنّ طعنه في هذا الحديث ليس إلّا للعناد والتعصّب، نستجير بالله.

ومن ذلك قوله:

« ومع هذا، فقد أخبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حق عمر من العلم والدين والإِلهام بما لم يخبر بمثله، لا في حق عثمان ولا علي لا طلحة ولا الزبير، ففي الترمذي عن ابن عمر: إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه. قال: وقال ابن عمر: ما نزل بالناس أمر قط فقالوا فيه وقال فيه عمر إلّا نزل فيه القرآن على نحو ما قال عمر. وفي سنن أبي داود عن

____________________

(١). منهاج السنة ٤ / ٢٣٨.

١٣

أبي ذررضي‌الله‌عنه قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: إن الله وضع الحق على لسان عمر يقول به وفي الترمذي عن عقبة بن عامر قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لو كان بعدي نبي لكان عمر بن الخطاب »(١) .

فأيّ إنصافٍ هذا؟! يُجعل حديث الترمذي حجةً على الشيعة، ومستَنداً في إثبات فضيلةٍ لعمر بن الخطاب يدعي أنها لم تكن لغيره، ويسقط عن الإِعتبار والإِعتماد في باب فضائل أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وحديث مدينة العلم الصحيح الثابت؟!

غلوّ ابن تيميّة في ابن جرير الطبري

ومن رواة حديث مدينة العلم ومصحّحيه هو: أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، إذ أخرج هذا الحديث في كتابه ( تهذيب الآثار ) وأثبته وحكم بصحته، كما عرفت سابقاً من عبارة ( جمع الجوامع ) لجلال الدين السّيوطي.

وقد ذكر ابن تيميّة ابن جرير الطبري بما لا يجوز لنا الإِذعان به، بل لا يجوز نقله والتفوّه به، ولكنّ ضرورة البحث تلجأ إلى إيراد نصّ عبارته هنا، حتى يتّضح مدى فظاعة ردّه للحديث الذي رواه الطبري لقد قال ابن تيميّة ما نصّه:

« وأمّا قوله: ولم يلتفتوا إلى القول بالرأي والإِجتهاد، وحرّموا الأخذ بالقياس والإِستحسان، فالكلام على هذا من وجوه:

أحدها: إن الشيعة في هذا مثل غيرهم، ففي أهل السنة النزاع في الرأي والإِجتهاد والقياس والإِستحسان، كما في الشيعة النزاع في ذلك، فالزيديّة تقول بذلك وتروي فيه الروايات عن الأئمة.

الثاني: إن كثيراً من أهل السنة العامة والخاصة لا تقول بالقياس، فليس كلّ من قال بإمامة الخلفاء الثلاثة قال بالقياس، بل المعتزلة البغداديون لا يقولون

____________________

(١). منهاج السنة ٤ / ١٦١.

١٤

بالقياس، وحينئذٍ، فإن كان القياس باطلاً أمكن الدخول في أهل السنة وترك القياس، وإنْ كان حقاً أمكن الدخول في أهل السنة والأخذ بالقياس.

الثالث: أن يقال: القول بالرأي والإِجتهاد والقياس والإِستحسان، خير من الأخذ بما ينقله من يعرف بكثرة الكذب عمّن يصيب ويخطي، نقل غير مصدق عن قائل غير معصوم.

ولا يشك عاقل أن رجوع مثل مالك، وابن أبي ذئب، وابن الماجشون، والليث بن سعد، والأوزاعي، والثوري، وابن أبي ليلى، وشريك، وأبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد بن الحسن، وزفر، وحسن بن زياد اللؤلؤي، والشافعي، والبويطي، والمزني، وأحمد بن حنبل، وأبي داود السجستاني، والأثرم، وإبراهيم الحربي، والبخاري، وعثمان بن سعيد الدارمي، وأبي بكر بن خزيمة، ومحمد بن جرير الطبري، محمد بن نصر المروزي، وغير هؤلاء إلى اجتهادهم واعتبارهم، مثل أن يعلموا سنة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الثابتة عنه ويجتهدوا في تحقيق مناط الأحكام، وتنقيحها وتخريجها، خير لهم من أنْ يتمسّكوا بنقل الروافض عن العسكريين وأمثالهما!!

فإنَّ الواحد من هؤلاء أعلم بدين الله ورسوله من العسكريين أنفسهما!! فلو أفتاه أحدهما بفتيا كان رجوعه إلى اجتهاده أولى من رجوعه إلى فتيا أحدهما، بل هو الواجب عليه!!

فكيف إذا كان ذلك نقلاً عنهما من مثل الرافضة.

والواجب على مثل العسكريين وأمثالهما أنْ يتعلّموا من الواحد من هؤلاء!! »(١) .

إن صريح هذا الكلام أعلميّة محمد بن جرير الطبري من الإِمامين المعصومين العسكريين، وهما الإِمام علي بن محمد الهادي، والإِمام الحسن بن علي

____________________

(١). منهاج السنة ٤ / ٢٣١.

١٥

عليهما الصلاة والسلام، وأنّه يجب عليهما أن يتعلمـّا منه ومن أمثاله، نعوذ بالله من الضلالة والكفر.

فهذا صريح كلامه في الطبري، وهو في نفس الوقت لا ينظر إلى تصحيحه لحديث مدينة العلم بنظر الاعتبار، بل يتجاسر فيعدّه في الأحاديث الموضوعة، وما هذا إلّا من شدّة العناد وكثرة التعصّب

فالله حسيبه وحسيب أمثاله، وهو المنتصر من أعدائه بمخزيات عقابه ونكاله.

ثناء ابن تيميّة على الحاكم

وممّن أخرج حديث مدينة العلم وصحّحه هو الحاكم النيسابوري، لكن ابن تيميّة لا يعتني برواية الحاكم وتصحيحه ومساعيه الجميلة في سبيل إثبات هذا الحديث وتحقيقه على شرط البخاري ومسلم، بالرغم من علوّ مرتبته في علوم الحديث عند أهل السنّة قاطبة، وأنّ ابن تيميّة ذكره في أهل العلم بالحديث، الذين كانوا أكمل الناس خبرة بحال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكانوا أشدهم رغبةً في التمييز بين الصدق والكذب، فهم المهاجرون إلى سنة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وحديثه، يقصدون ضبط ما قاله وتبليغه للناس، وينفون ما كذبه الكاذبون، وغلط فيه الغالطون، إلى آخر ما قال.

فمن الغريب أمره العاقل بالتدبّر للأحاديث الصحيحة الثابتة عند هؤلاء وأمثالهم، لغرض معرفة الصدق من الكذب، ثم لا يفعل هو بما أمر به، وكأنّه ليس من العقلاء!

وعلى الجملة، فإن دعواه أنّ هذا الحديث الشريف « أضعف وأوهى، ولهذا إنما يعدّ في الموضوعات » من الأكاذيب الصّريحة الواضحة، والأباطيل الفضيحة اللائحة، ووجوه بطلانها لا تعدّ ولا تحصى كثرةً، وقد أشبعنا الكلام في إثبات هذا الحديث وتحقيقه بما لا مزيد عليه، والحمد لله على التوفيق.

١٦

٢ - سقوط التمسّك بقدح ابن الجوزي

وأمّا تمسّك ابن تيميّة بقدح ابن الجوزي في حديث مدينة العلم، فقد تقدّم الجواب عنه في ضمن ردّ كلام ( الدهلوي )، بحيث يذعن كلّ منصفٍ بصحة ما ذكرناه إذا وقف عليه، ولو تظاهر عظماء العلماء لما تمكّنوا من إنكاره وجحده، وكيف لا؟ وقد نصّ المحققون من أهل السنّة على تجاسر ابن الجوزي وتهوّره في الحكم على الأحاديث مطلقا، وأنّ جماعة منهم ردّوا كلامه في خصوص حديث مدينة العلم.

إذن، لا يجوز الاعتماد على كلام من اشتهر بين علماء أهل السنة وحفّاظهم بهذه الصفة، وعلى هذا الأساس أعرضوا عن كلماته في الأحاديث، أو توقّفوا عن قبولها، وقد بلغ سقوط تقوّلاته في خصوص هذا الحديث إلى حدٍّ انبرى جماعة من أعلام المحققين للردّ عليه وبيان فساده وبطلانه، إلّا أنّ ابن تيميّة لا يستحي من التمسّك بكلام ابن الجوزي الباطل، و« إذا لم تستح فاصنع ما شئت ».

ونحن كما فنّدنا كلام ابن تيميّة بالنسبة إلى حديث مدينة العلم بكلام نفسه، نثبت بطلان كلام ابن الجوزي الذي تمسّك به ابن تيميّة في ردّ هذا الحديث مزيداً للإِفحام والإِلزام، وذلك أنّ ابن الجوزي يقول في كتابه ( الموضوعات ): « فمتى رأيت حديثاً خارجاً عن دواوين الإسلام، كالموطأ، ومسند أحمد، والصحيحين، وسنن أبي داود، والترمذي، ونحوها، فانظر فيه، فإن كان له نظير في الصحاح والحسان فرتّب أمره، وإن ارتبت به فرأيته يباين الأصول فتأمّل رجال إسناده، واعتبر أحوالهم من كتابنا المسمّى بالضعفاء والمتروكين، فإنك تعرف وجه القدح فيه »(١) .

ففي هذا الكلام اعتراف بكون ( كتاب الترمذي ) من دواوين الإسلام،

____________________

(١). الموضوعات ١ / ٩٩.

١٧

وأنّ كلّ حديث مخرج فيه مقبول ومعتبر بلا نظرٍ وتردّد فيه، بل فيه تصريح بأنّ ما كان خارجاً عنه وعن غيره من دواوين الاسلام، وكان له نظير في الصحاح والحسان المخرجة في هذه الدواوين يرتّب أمره بلا ارتياب وهذا مقام جليل، وشأن عظيم لكتاب الترمذي وأمثاله وإذا كان كذلك فلما ذا يرمي ابن الجوزي حديث مدينة العلم المخرج في صحيح الترمذي مع الحكم بالحسن - كما مضى بيانه - بالوضع؟ هذا من موارد تسرّع ابن الجوزي، ومن مصاديق التهوّر كما وصفه بذلك كبار المحقّقين المتأخرين عنه.

فاللّازم من كلام ابن الجوزي نفسه أنْ يتوب عمّا قال في حديث مدينة العلم، وبذلك يزيد سقوط تمسّك ابن تيميّة بكلامه وضوحاً وظهوراً، ولله الحمد على ما أبان دحوض حجة هذا الناصب العنيد.

ثمّ إنَّ قوله: « وذكره ابن الجوزي وبيّن أنّ سائر طرقه موضوعة » كذب آخر، فإنّ ابن الجوزي لم يذكر جميع طرق حديث مدينة العلم، وإنما ذكر بعض طرقه التي كان يمكنه الخدشة في أسانيدها بزعمه، مع أنّ ما قاله بالنسبة إلى تلك الطرق غير مقبول لدى المحققين، ومن هنا تعقّبوا كلماته فيها. وأمّا سائر طرقه الصحيحة المخرجة في كتب علماء الحديث المعتمدة فلم يذكرها ابن الجوزي أصلاً، فقول ابن تيميّة أنه « بيّن أنّ سائر طرقه موضوعة » إفك صريح، وكذب فضيح.

٣ - قوله: « والكذب يعرف من نفس متنه »

فإن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا كان مدينة العلم، ولم يكن لها إلّا باب واحد، ولم يبلّغ عنه العلم إلّا واحد، فسد أمر الاسلام » من الخرافات الواضحة البطلان.

ومن يلاحظ ردود ابن تيميّة على الإِمامية، يرى أنّ كلماته في الغالب تنتهي إلى هدم مباني دين الإسلام، وتشييد أفكار المنكرين لنبوة الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، إلّا أنّه لفرط نفاقه وشدة شقاقه يسعى في سبيل الردّ على

١٨

الإِمامية غير مبالٍ بما يترتّب على أباطيله.

إنّ هذا الذي ذكره ابن تيميّة في جحد حديث مدينة العلم يمهّد الطّريق للكفّار لأن يقولوا: إنّه إذا كان الله عالما بشرائع الدين والأحكام التكليفية للعباد، ولم يبلّغها من جانبه في كلّ عصر إلّا واحد، لفسد أمر الدين وبطلت الشرائع، لأن التبليغ عن الله في كلّ عصر يلزم أن يكون بواسطة عدد كثير من الأنبياء يبلغون إلى حدّ التّواتر.

وهذا النقض كاف للردٍ على ما ذكره ابن تيميّة، لأنّ كلمـّا أجيب به عنه فهو جوابنا على كلامه الباطل.

وأيضاً: كما أنّ نبيّناصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بوحده كافٍ للإِبلاغ عن الله عزّ وجلّ، وأنّه لثبوت حقّيّته غير محتاج إلى أنْ يشاركه في الإخبار عن الله غيره، كذلك يكفي في الإِبلاغ عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجود سيّدنا أمير المؤمنينعليه‌السلام ، ولا حاجة إلى أن يشاركه أحد في الإِبلاغ كائناً من كان، للقطع بحقّيّة ما يبلّغه عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وإنّ حديث مدينة العلم - بالإضافة إلى غيره من الأدلة - شاهد صدق على ذلك. ومن هنا جعل أهل العلم واليقين حديث مدينة العلم من أدلة عصمة أمير المؤمنين، وقد مرّ التصريح بذلك من نصوص أعاظم المخالفين.

والحاصل: كما لا يضر توحّد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في إبلاغه، بعد ثبوت حقّيّته، كذلك لا يضرّ توحّد الإِمام في تبليغه عن النبي، بعد ثبوت حقّيّته بالأدلة الكثيرة ومنها حديث مدينة العلم.

٤ - بطلان دعوى وجوب أن يكون المبلّغون أهل التواتر

وأمّا قول ابن تيميّة: « ولهذا اتفق المسلمون على أنّه لا يجوز أنْ يكون المبلِّغ عنه العلم واحداً، بل يجب أن يكون المبلِّغون أهل التواتر، الذين يحصل العلم بخبرهم » فظاهر السقوط جدّاً، لمنافاته لتصريحات أئمة علم أصول الفقه وعلوم

١٩

الحديث، كما لا يخفى على المتتبّع لها، فإنّ قاطبة أهل السنة يوجبون العمل بخبر الواحد، ولم يخالف في هذا الحكم إلّا شاذ لا يعبأ به، وإليك نصّ عبارة أبي الحسن البزدوي في هذا المطلب، ليتّضح بطلان دعوى ابن تيميّة بوجوهٍ عديدة:

قال البزدوي: « باب خبر الواحد(١) ، وهو الفصل الثالث من القسم الأول، وهو كلّ خبرٍ يرويه الواحد أو الاثنان فصاعداً، لا عبرة للعدد فيه، بعد أنْ يكون دون المشهور والمتواتر، وهذا يوجب العمل ولا يوجب العلم يقيناً عندنا، وقال بعض الناس: لا يوجب العمل، لأنه لا يوجب العلم، ولا عمل إلّا عن علم. قال الله تعالى:( وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ) وهذا لأن صاحب الشرع موصوف بكمال القدرة، فلا ضرورة له في التجاوز عن دليلٍ يوجب علم اليقين، بخلاف المعاملات لأنها من ضروراتنا، وكذلك الرأي من ضروراتنا، فاستقام أن يثبت غير موجب علم اليقين. وقال بعض أهل الحديث: يوجب علم اليقين، لما ذكرنا أنه أوجب العمل، ولا عمل من غير علم، وقد ورد الآحاد في أحكام الآخرة مثل: عذاب القبر، ورؤية الله تعالى بالأبصار، ولا حظّ لذلك إلّا العلم. قالوا: وهذا العلم يحصل كرامةً من الله تعالى، فثبت على الخصوص للبعض دون البعض، كالوطء تعلّق من بعض دون بعض، ودليلنا في أنّ خبر الواحد يوجب العمل واضح، من الكتاب والسنة والإجماع والدليل المعقول.

أمّا الكتاب: قال الله تعالى:( وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ ) وكل واحد إنما يخاطب بما في وسعه، ولو لم يكن خبره حجةً لما أمر ببيان العلم. وقال جلّ ذكره:( فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ ) وهذا في كتاب الله أكثر من أنْ يحصى.

وأمّا السنة: فقد صحّ عن النبيعليه‌السلام قبوله خبر الواحد، مثل خبر بريرة في الهدية، وخبر سلمان في الهدية والصدقة، وذلك لا يحصى عدده، ومشهور

____________________

(١). في هذه العبارة وأمثالها شيء كثير من الأدلة والوقائع التي لا يصحّحها الاماميّة، فليتنبّه.

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

٦ - السبكي: « الامام الجليل القدر الرفيع الشأن أبو الحسن الماوردي صاحب الحاوي كان إماماً جليلاً رفيع الشأن، له اليد الباسطة في المذهب والتفنن التام في سائر العلوم، قال الشيخ أبو اسحاق: درس بالبصرة وبغداد سنين كثيرة، وله تصانيف كثيرة في الفقه والأدب، وكان حافظاً للمذهب. وقال الخطيب: من وجوه الفقهاء الشافعيين، وله تصانيف عدة في أصول الفقه وفروعه وغير ذلك، قال: وجعل إليه القضاء ببلدان السلطان، وكان أحد الأئمة، له التصانيف الحسان في كلّ فنٍ من العلم

ومن كلام الماوردي الدال على دينه ومجاهدته لنفسه ما ذكره في كتاب أدب الدين والدنيا فقال: ومما أتدرك به من حالي أنّي صنّفت في البيوع كتاباً جمعته ما استطعت من كتب الناس، واجتهدت فيه نفسي وكرّرت فيه خاطري، حتى إذا نهدت واستكمل وكدت أعجب به، وتصوّرت أني أشدّ الناس اطلاعاً بعلمه، حضرني - وأنا في مجلس - أعرابيان فسألاني عن بيع عقداه في البادية على شروط تضمنت أربع مسائل لم أعرف لشيء منها جوابا، فأطرقت مفكرا وبحالي وحالهما معتبراً، فقالا: أما عندك فيما سألنا جواب وأنت زعيم هذه الجماعة؟ فقلت: لا، فقالا: إيهاً لك وانصرافا، ثم أتيا من قد يتقدّمه في العلم كثير من أصحابي فسألاه فأجابهما مسرعاً بما اقنعهما، فانصرفا عنه راضيين بجوابه حامدين لعلمه - إلى أنّ قال - فكان ذلك زاجر نصيحة وتدبر عظيمة، تذلل لهما قياد النفس وانخفض لهما جناح العجب.

قال الخطيب: كان ثقة »(١)

____________________

(١). طبقات الشافعية للسبكي ٣ / ٣٠٣.

١٢١

(٣٢)

رواية أبي بكر البيهقي

قال أخطب خوارزم « أخبرنا الشيخ الزاهد الحافظ أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي الخوارزمي، قال أخبرنا شيخ القضاة إسماعيل بن أحمد الواعظ، قال أخبرنا أبوبكر أحمد بن الحسين البيهقي، قال أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسين ابن داود العلوي رحمه ‌الله تعالى، قال أخبرنا محمد بن محمد بن سعد الهروي الشعراني، قال حدثنا محمد بن عبد الرحمن النيسابوري، قال حدثنا أبو الصلت الهروي، قال حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت الباب »(١) .

ترجمته:

١ - الفخر الرازي في ( مناقب الشافعي ).

٢ - ابن الأثير في ( الكامل - حوادث: ٤٥٨ ).

٣ - ياقوت في ( معجم البلدان ١ / ٨٠٤ ).

٤ - ابن خلكان في ( وفيات الأعيان ١ / ٢٠ ).

٥ - أبو الفداء الأيوبي في ( المختصر - حوادث: ٤٥٨ ).

٦ - ابن الوردي في ( تتمة المختصر - حوادث: ٤٥٨ ).

٧ - الذهبي في ( تذكرة الحفاظ ٣ / ١١٣٢ ) و ( العبر ٣ / ٢٤٠ ) و ( دول

____________________

(١). المناقب للخوارزمي: ٤٠.

١٢٢

الاسلام حوادث: ٤٥٨ ).

٨ - الخطيب التبريزي في ( أسماء رجال المشكاة المطبوع مع المشكاة ٣ / ٨٠٦ ).

٩ - اليافعي في ( مرآة الجنان - حوادث ٤٥٨ ).

١٠ - السبكي في ( طبقات الشافعية ٤ / ٨ ).

١١ - الأسنوي في ( طبقات الشافعية ١ / ١٩٨ ).

١٢ - السيوطي في ( طبقات الحفاظ ٤٣٣ ).

١٣ - القاري في ( المرقاة ١ / ٢٣ ).

١٤ - المناوي في ( فيض القدير ١ / ٢٨ ).

١٥ - الزرقاني في ( شرح المواهب ١ / ٣٣ ).

١٦ - ( الدهلوي ) في ( بستان المحدثين ).

١٧ - القنوجي في ( التاج المكلل: ٢٨ ).

وغيرهم، وقد ذكرنا ترجمته في بعض مجلّدات الكتاب بالتفصيل، ونقتصر هنا على عبارة ابن خلكان، وهي هذه: « أبوبكر أحمد بن الحسين بن علي بن عبد الله بن موسى البيهقي الخسروجردي، الفقيه الشافعي، الحافظ الكبير المشهور، واحد زمانه وفرد أقرانه في الفنون، من كبار أصحاب الحاكم أبي عبد الله ابن البيع في الحديث، ثم الزائد عليه في أنواع العلوم، أخذ الفقيه عن أبي الفتح ناصر بن محمد العمري المروزي، غلب عليه الحديث واشتهر به ورحل في طلبه إلى العراق، والحجاز، وسمع بخراسان من علماء عصره، وكذلك ببقية البلاد التي انتهى إليها، وشرع في التصنيف، فصنّف فيه كثيرا حتى قيل تبلغ تصانيفه ألف جزء، وهو أول من جمع نصوص الامام الشافعي رضي الله تعالى عنه في عشر مجلّدات وكان قانعاً من الدنيا بالقليل، وقال إمام الحرمين في حقّه: ما من شافعي المذهب إلّا وللشّافعي عليه منة إلّا أحمد البيهقي فإنّ له على الشافعي منة. وكان من أكثر الناس نصراً لمذهب الشافعي، وطلب إلى نيسابور لنشر العلم

١٢٣

فأجاب وانتقل إليها، وكان على سيرة السلف، وأخذ عنه الحديث جماعة من الأعيان ».

(٣٣)

رواية أبي غالب ابن بشران النحوي

لقد علمت روايته من عبارة ( المناقب ) لابن المغازلي، وستقف على ذلك فيما بعد أيضاً ان شاء الله تعالى.

ترجمته:

١ - الذهبي في ( العبر - حوادث ٤٦٢ ).

٢ - القرشي في ( الجواهر المضية في طبقات الحنفية ٢ / ١١ ).

٣ - اليافعي ( مرآة الجنان - حوادث ٤٦٢ ).

٤ - القاري في ( الأثمار الجنيّة في طبقات الحنفية ).

وقد أوردنا ذلك في مجلّد ( حديث الطير ).

(٣٤)

رواية الخطيب البغدادي

لقد أخرج حديث مدينة العلم عن ابن عباس بطرق متعددة حيث قال:

« أخبرنا الحسين بن علي الصيمري، قال حدثنا أحمد بن محمد بن علي الصيرفي، قال ثنا إبراهيم بن أحمد بن أبي حصين، قال حدثنا محمد بن عبد الله

١٢٤

أبو جعفر الحضرمي، قال حدثنا جعفر بن محمد البغدادي أبو محمد الفقيه - وكان في لسانه شيء - قال حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأت الباب »(١) .

« أخبرني أحمد بن محمد العتيقي، قال ثنا عبد الله بن محمد بن عبد الله الشاهد، قال ثنا أبوبكر أحمد بن فاذويه بن عزرة الطحان، قال ثنا أبو عبد الله أحمد بن أحمد بن يزيد بن سليم، قال حدثني رجاء بن سلمة قال حدثنا أبو معاوية الضرير عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأت الباب »(٢) .

« حدثنا محمد بن أحمد بن رزق، قال أخبرنا أبوبكر مكرم القاضي، قال حدثنا القاسم بن عبد الرحمن الأنباري، قال ثنا أبو الصلت عبد السلام بن صالح بن سليمان بن ميسرة الهروي، قال حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها »(٣) .

وأخرجه من حديث جابر عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيث قال: « أخبرنا يحيى بن علي الدسكري بحلوان، قال أخبرنا أبوبكر محمد بن المقري باصبهان، قال ثنا أبو الطيّب محمد بن عبد الصمد الدقاق، قال ثنا أحمد بن عبد الله أبو جعفر المكتب، قال أخبرنا عبد الرزاق قال ثنا سفيان عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن عبد الرحمن بن بهمان قال سمعت جابر بن عبد الله قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم الحديبية وهو آخذ بيد علي: هذا أمير البررة وقاتل الفجرة منصور من نصره مخذول من خذله - يمد بها صوته - أنا مدينة

____________________

(١). تاريخ بغداد ٧ / ١٧٢.

(٢). المصدر نفسه ٤ / ٣٤٨.

(٣). المصدر نفسه ١١ / ٢٠٤.

١٢٥

العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأت الباب »(١) .

وأخرجه من حديث سيدنا أمير المؤمنينعليه‌السلام قائلاً: « أخبرنا عبد الله ابن محمد بن عبد الله، حدثنا محمد بن المظفر، حدثنا أبو جعفر الحسين بن حفص الخثعمي، حدثنا عباد بن يعقوب، حدثنا يحيى بن بشير الكندي عن اسماعيل بن إبراهيم الهمداني عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي. وعن عاصم بن ضمرة عن علي قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّ الله خلقني وعلياً من شجرة، أنا أصلها وعلي فرعها، والحسن والحسين ثمرتها، والشيعة ورقها، فهل يخرج من الطيب إلّا الطيّب، وأنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد المدينة فليأت الباب »(٢) .

ويعلم هذا من ( كفاية الطالب في مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ) أيضاً. كما سيأتي.

وأخرجه من حديث ابن عباس في كتاب ( المتفق والمفترق ) على ما جاء في ( الاكتفاء للوصابي ) وهذا نصه: - « وعنه ( أي عن ابن عباسرضي‌الله‌عنه ) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأت الباب. أخرجه الحاكم في المستدرك والخطيب في المفترق والمتفق »(٣) .

كما أورد في ( تاريخ بغداد ) عدة روايات عن يحيى بن معين تتضمن إثبات وتصحيح حديث مدينة العلم، وستقف عليها إن شاء الله تعالى فيما بعد.

ترجمته:

١ - السمعاني في ( الأنساب - البغدادي ).

٢ - ابن الأثير في ( الكامل - حوادث: ٤٦٣ ).

____________________

(١). تاريخ بغداد ٢ / ٣٧٧.

(٢). المصدر نفسه ١١ / ٤٩.

(٣). الاكتفاء للوصابي عن المتفق والمفترق للخطيب - مخطوط.

١٢٦

٣ - الخوارزمي في ( أسماء رجال جامع مسانيد أبي حنيفة ).

٤ - ابن خلكان في ( وفيات الأعيان ١ / ٢٧ ).

٥ - أبو الفداء الأيوبي في ( المختصر - حوادث: ٤٦٣ ).

٦ - ابن الوردي في ( تتمة المختصر - حوادث: ٤٦٣ ).

٧ - الذهبي في ( تذكرة الحفاظ ٣ / ١١٣٥ ) و ( العبر ٣ / ٢٥٣ ) وغيرهما.

٨ - اليافعي في ( مرآة الجنان ٣ / ٨٧ ).

٩ - السبكي في ( طبقات الشافعية ٤ / ٢٩ ).

١٠ - الأسنوي في ( طبقات الشافعية ١ / ٢٠١ ).

١١ - السيوطي في ( طبقات الحفاظ: ٤٣٤ ).

١٢ - الدياربكري في ( الخميس - حوادث: ٤٦٣ ).

١٣ - المناوي في ( فيض القدير ١ / ٢٩ ).

١٤ - الزرقاني في ( شرح المواهب ١ / ١٠٥ ).

١٥ - ابن قاضي شهبة في ( طبقات الشافعية ١ / ٢٤٦ ).

١٦ - ( الدهلوي ) في ( بستان المحدثين ).

١٧ - القنوجي في ( التاج المكلل ).

قال القنوجي: « الحافظ أبوبكر أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد بن مهدي ابن ثابت البغدادي، المعروف بالخطيب صاحب تاريخ بغداد وغيره من المصنفات، كان من الحفاظ المتقنين والعلماء المتبحرين، ولو لم يكن له سوى التاريخ لكفاه فانه يدل على اطلاع عظيم، وصنّف قريباً من مائة مصنّف، وفضله أشهر من أن يوصف، وأخذ الفقه عن أبي الحسن المحاملي والقاضي أبي الطيّب الطبري وغيرهما، وكان فقيهاً فغلب عليه الحديث والتاريخ، ولد في جمادى الآخرة سنة ٣٩٢ يوم الخميس لست بقين من الشهر، وتوفي يوم الاثنين سابع ذي الحجة سنة ٤٦٣ ببغداد، رحمه ‌الله تعالى، وقال السمعاني: توفي في شوال. وسمعت أنّ الشيخ أبا إسحاق الشيرازيرحمه‌الله كان من جملة من حمل نعشه، لأنه انتفع به

١٢٧

كثيراً وكان يراجعه في تصانيفه، والعجب إنه كان في وقته حافظ المشرق وأبو عمرو يوسف بن عبد البر صاحب كتاب الاستيعاب حافظ المغرب، وماتا في سنة واحدة »(١) .

(٣٥)

رواية ابن عبد البر القرطبي

لقد روى حديث مدينة العلم بترجمة الامام أمير المؤمنينعليه‌السلام حيث قال: « وروي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال: أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأته من بابه »(٢) .

ترجمته:

١ - السمعاني في ( الأنساب - القرطبي ).

٢ - ابن خلكان في ( وفيات الأعيان ٢ / ٣٤٨ ).

٣ - أبو الفداء في ( المختصر حوادث: ٤٦٣ ).

٤ - ابن الوردي في ( تتمة المختصر حوادث: ٤٦٣ ).

٥ - الذهبي في ( تذكرة الحفاظ ٣ / ١١٢٨ ) و ( العبر ٣ / ٢٥٥ ) وغيرهما.

٦ - اليافعي في ( مرآة الجنان - حوادث: ٤٦٣ ).

٧ - ابن شحنة في ( روضة المناظر - حوادث ٤٦٣ ).

٨ - ابن ناصر الدين في ( طبقات الحفاظ - مخطوط ).

____________________

(١). التاج المكلل: ٣٢.

(٢). الاستيعاب في معرفة الاصحاب ٣ / ١١٠٢.

١٢٨

٩ - السيوطي في ( طبقات الحفاظ ٤٣٢ ).

١٠ - الزرقاني في ( شرح المواهب ١ / ١٢٦ ).

١١ - البدخشاني في ( تراجم الحفاظ - مخطوط ).

١٢ - القنوجي في ( التاج المكلل ١٥٣ ).

١٣ - ( الدهلوي ) في ( بستان المحدثين ).

قال الميرزا محمد البدخشاني ما ملخصه: « يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري الأندلسي أبو عمر، المعروف بابن عبد البر، أحد الأئمة - ذكره في نسبة القرطبي - الحافظ، كان إماماً فاضلاً كبيراً جليل القدر، صنّف التصانيف. مات سنة ٤٦٣. وذكره الذهبي وابن ناصر الدين في طبقات الحفّاظ ».

(٣٦)

رواية الغندجاني

لقد روى أبو محمد الحسن بن أحمد بن موسى الغندجاني حديث مدينة العلم، كما تقدم ويأتي في كلام ابن المغازلي، وقد أوردنا ترجمة الغندجاني في مجلد حديث الثقلين عن ( كتاب الأنساب ) فانّه جاء فيه: « كان شيخاً صالحاً ثقةً صدوقاً، سكن واسط بأخرة » وله ترجمة في ( معجم الأدباء ٧ / ٢٦١ ) و ( بغية الوعاة: ٢١٧ ) وغيرهما.

(٣٧)

رواية ابن المغازلي

لقد روى هذا الحديث بطرق عديدة وألفاظ مختلفة، حيث قال: « حدثنا

١٢٩

إبراهيم بن عبد الرحمن، قال حدثنا محمد بن عبد الرحيم الهروي بالرملة، قال حدثنا أبو الصلت الهروي عبد السلام بن صالح، قال حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها فيمن أراد العلم فليأته من بابه ».

« قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها، أخبرنا أبو الحسن أحمد بن المظفر بن أحمد العطار الفقيه الشافعيرحمه‌الله بقراءتي عليه فأقرّ به سنة أربع وثلاثين وأربعمائة قلت له: أخبركم أبو محمد عبد الله بن محمد بن عثمان المزني الملقب بابن السقاء الحافظ الواسطيرحمه‌الله ، نا عمر بن الحسن الصيرفيرحمه‌الله ، نا أحمد بن عبد الله بن يزيد، نا عبد الرزاق، قال أنا سفيان الثوري عن عبد الله ابن عثمان عن عبد الرحمن بن بهمان عن جابر بن عبد الله قال: أخذ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعضد علي فقال: هذا أمير البررة وقاتل الكفرة، منصور من نصره مخذول من خذله، ثمّ مدّ بها صوته فقال: أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت الباب.

أخبرنا أبو طالب محمد بن أحمد بن عثمان بن الفرج رحمه ‌الله تعالى، أنا أبوبكر أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن شاذان البزاز إذناً، نا محمد بن حميد اللخمي أنا أبو جعفر محمد بن عمار بن عطية، نا عبد السلام بن صالح الهروي، نا أبو معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت الباب.

أخبرنا محمد بن أحمد بن عثمان، أنا أبو الحسين محمد بن المظفر بن موسى ابن عيسى الحافظ البغدادي، نا الباغندي محمد بن محمد بن سليمان، نا محمد بن مصفا، نا حفص بن عمر العدني، نا علي بن عمر عن أبيه عن جرير عن علي قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها ولا تؤتى البيوت إلّا من أبوابها.

أخبرنا أبو منصور زيد بن طاهر بن سيار البصري - قدم علينا واسطاً - نا

١٣٠

أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن داسة، نا أحمد بن عبيد الله، نا بكر بن أحمد بن مقيل نا محمد بن الحسن بن العباس، نا عبد السلام بن صالح، نا أبو معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت الباب.

أخبرنا أبو القاسم الفضل بن محمد بن عبد الله الاصفهاني - قدم علينا واسطاً إملاءً في جامعنا في شهر رمضان سنة أربع وثلاثين وأربعمائة - أنا أبو سعيد محمد بن موسى بن الفضل بن شاذان الصيرفي بنيسابور، أنا أبو العباس محمد ابن يعقوب الأصم، نا محمد بن عبد الرحيم الهروي، نا عبد السلام بن صالح، نا أبو معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأت الباب.

أخبرنا الحسن بن أحمد بن موسى، أنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن الصلت القرشي، نا علي بن محمد المقري، نا محمد بن عيسى بن شعبة البزاز، نا أحمد بن عبد الله بن يزيد المؤدّب، نا عبد الرزاق، أنا معمر عن عبد الله بن عثمان عن عبد الرحمن قال سمعت جابر بن عبد الله الأنصاري يقول: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول يوم الحديبية - وهو آخذ بضبع علي بن أبي طالب - هذا أمير البررة وقاتل الفجرة، منصور من نصره مخذول من خذله، ثم مدّ بها صوته فقال: أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت الباب.

أخبرنا أبو غالب محمد بن أحمد بن سهل النحويرحمه‌الله تعالى - فيما أذن لي في روايته عنه - أن أبا طاهر إبراهيم بن عمر بن يحيى يحدّثهم نا محمد بن عبيد الله بن [ محمد بن عبيد الله بن ] المطلب، نا أحمد بن محمد بن عيسى سنة عشر وثلاثمائة، نا محمد بن عبد الله بن عمر بن مسلم اللاحقي الصفّار بالبصرة سنة أربع وأربعين ومائتين، نا أبو الحسن علي بن موسى الرضا قال: حدثني أبي عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه عن جدّه علي بن الحسن عن أبيه الحسين عن أبيه علي ابن أبي طالب قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا علي أنا مدينة العلم

١٣١

وأنت الباب، كذب من زعم أنه يصل إلى المدينة إلّا من قبل الباب »(١) .

ترجمته:

ترجم له جماعة من أكابر علماء أهل السنة، وأثنوا عليه الثناء البالغ، كما ذكرنا في بعض مجلَّدات الكتاب، وهذه جملة من مصادر ترجمته: الأنساب – الجلّابي، ذيل تاريخ بغداد لابن النجار ٤ / ٧١، الوافي بالوفيات ٢٢ / ١٣٣، واللباب في الأنساب ١ / ٣١٩، تبصير المنتبه ١ / ٣٨٠

(٣٨)

رواية أبي المظفر السمعاني

قال ابن شهرآشوب « قال النبيعليه‌السلام بالاجماع: أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأت الباب.

رواه أحمد من ثمانية طرق، وإبراهيم الثقفي من سبعة طرق، وابن بطة من ستة طرق، والقاضي الجعابي من ستة طرق، وابن شاهين من أربعة طرق، والخطيب التاريخي من ثلاثة طرق، ويحيى بن معين من طريقين.

وقد رواه السمعاني والقاضي الماوردي وأبو منصور السكري »(٢) .

ترجمته:

١ - عبد الغافر الفارسي في ( سياق تاريخ نيسابور ).

٢ - السمعاني في ( الأنساب - السمعاني ).

____________________

(١). المناقب لابن المغازلي ٨٠ - ٨٥.

(٢). مناقب آل أبي طالب ٢ / ٣٤.

١٣٢

٣ - الرافعي في ( التدوين ٤ / ١١٨ ).

٤ - ابن خلكان في ( وفيات الأعيان ).

٥ - الذهبي في ( العبر حوادث ٤٨٩ ) و ( دول الاسلام حوادث ٤٨٩ ).

٦ - اليافعي في ( مرآة الجنان - حوادث: ٤٨٩ ).

٧ - السبكي في ( طبقات الشافعية ٥ / ٣٣٠ ).

٨ - الأسنوي في ( طبقات الشافعية ٢ / ٢٩ ).

٩ - ابن قاضي شهبة في ( طبقات الشافعية ١ / ٣٨١ ).

١٠ - الداودي في ( طبقات المفسرين ٢ / ٣٣٩ ).

وغيرهم. قال الرافعي ما ملخصه:

« منصور بن محمد السمعاني التميمي أبو المظفر، تفقه على أبيه على مذهب أبي حنيفةرضي‌الله‌عنه حتى برع في الفقه، ثم ورد بغداد واجتمع بأبي اسحاق الشيرازي، وجرى بينه وبين أبي نصر بن الصباغ صاحب الشامل مسألة أحسن الكلام فيها، ثم انتقل إلى مذهب الشافعيرضي‌الله‌عنه .

وقال أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل الفارسي في سياق تاريخ نيسابور: أبو المظفر السمعاني وحيد عصره فضلاً وطريقة، من بيت العلم والزهد.

وصنف الامام أبو المظفر التفسير في ثلاث مجلدات، وصنّف في الخلاف كتباً مشهورة، توفي سنة تسع وثمانين وأربعمائة ».

(٣٩)

رواية أبي علي البيهقي

لقد روى أبو علي إسماعيل بن أحمد بن الحسين البيهقي حديث مدينة العلم، كما علمت سابقاً من عبارة ( المناقب ) لأخطب خطباء خوارزم.

١٣٣

ترجمته:

١ - ابن الأثير في ( الكامل - حوادث: ٥٠٧ ).

٢ - أبو الفداء في ( المختصر - حوادث: ٥٠٧ ).

٣ - ابو الوردي في ( تتمة المختصر - حوادث ٥٠٧ ).

٤ - السبكي في ( طبقات الشافعية الوسطى - مخطوط ).

٥ - الأسنوي في ( طبقات الشافعية ١ / ٢٠٠ ).

٦ - ابن شحنة في ( روضة المناظر - حوادث: ٥٠٧ ).

وغيرهم. قال ابن الأثير: « وإسماعيل بن أحمد بن الحسين بن علي، أبو علي، ابن أبي بكر البيهقي، الامام ابن الامام، ومولده سنة ثمان وعشرين وأربعمائة، وتوفي بمدينة بيهق، ولوالده تصانيف كثيرة مشهورة ».

(٤٠)

رواية شيرويه الديلمي

رواه حيث قال: « أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأت الباب »(١) .

ترجمته:

١ - الرافعي في ( التدوين ٣ / ٨٥ ).

٢ - الذهبي في ( تذكرة الحفاظ ٤ / ١٢٥٩ ) و ( العبر ٤ / ١٨ ) وغيرهما.

٣ - اليافعي في ( مرآة الجنان - حوادث: ٥٠٩ ).

٤ - الأسنوي في ( طبقات الشافعية ٢ / ١٠٤ ).

____________________

(١). فردوس الأخبار ١ / ٧٦.

١٣٤

٥ - السبكي في ( طبقات الشافعية ٧ / ١١١ ).

٦ - ابن قاضي شهبة في ( طبقات الشافعية ١ / ٢٩٢ ).

٧ - السيوطي في ( طبقات الحفاظ: ٤٥٧ ).

٨ - المناوي في ( فيض القدير ١ / ٢٨ ).

وغيرهم، وستقف على ترجمته بالتفصيل في موضعه إن شاء الله تعالى.

هذا، ولا يخفى على أهل العلم أن كتاب ( الفردوس ) في أعلى درجات الاعتبار والشهرة لدى العلماء الأعلام، وجهابذة الحديث والأخبار، كما نصّ مؤلفه ( الديلمي ) في ديباجته على أنه قد انتقى أحاديثه من الأحاديث الصحاح والغرائب والأفراد، وصرح بخلوّه عن الأكاذيب الموضوعات.

كما أشاد ولده بفضل هذا الكتاب وشأنه في ( مسند الفردوس )، وكذا السيد على الهمداني في ( روضة الفردوس ) فراجع.

(٤١)

رواية العاصمي

رواه في ( زين الفتى في تفسير سورة هل أتى ) حيث قال: « ذكر مشابه أبينا آدمعليه‌السلام : أما آدمعليه‌السلام ، فإنّه قد وقعت المشابهة بين المرتضى وبينهعليه‌السلام بعشرة أشياء: أوّلها: بالخلق والطينة، والثاني: بالمكث والمدة، والثالث: بالصاحبة والزوجة، والرابع: بالتزويج والخلعة، والخامس: بالعلم والحكمة، والسادس: بالذهن والفطنة، والسابع: بالأمر والخلافة، والثامن: بالأعداء والمخالفة، والتاسع: بالوفاة والوصية والعاشر: بالأولاد والعترة ».

قال: « وأما بالعلم والحكمة فإنّ الله تعالى قال لآدمعليه‌السلام :( وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها ) ففضّل بالعلم العباد الذين كانوا لا يعصون الله ما أمرهم

١٣٥

ويفعلون بما يؤمرون، واستحق بذاك منهم السجود له، فكما لا يصير العلم جهلاً والعالم جاهلاً فكذلك لم يصر آدم المفضل بالعلم مفضولاً، وكذلك حال من فضل بالعلم، وأما من فضل بالعبادة فربّما يصير مفضولاً، لأن العابد ربما يسقط عن درجة العبادة إن تركها معرضاً عنها، أو توانى فيها تغافلاً منها فيسقط فضله، ولذلك قيل: بالعلم ويعلو ولا يعلى، والعالم يزار ولا يزور، ومن ذلك وجوب الوصف لله سبحانه بالعلم والعالم وفساد الوصف له بالعبادة والعابد، ولذلك منَّ على نبيهعليه‌السلام بقوله:( وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيماً ) فعظّم الفضل عليه بالعلم دون سائر ما أكرمه به من الخصال والأخلاق، وما فتح عليه البلاد والآفاق.

وكذلك المرتضى رضوان الله عليه، فضّل بالعلم والحكمة ففاق بهما جميع الأمة ما خلا الخلفاء الماضين رضي الله عنهم أجمعين، ولذلك وصفه الرسولعليه‌السلام بهما حيث قال: يا علي ملئت علماً وحكمة، وذكر في الحديث عن المرتضى رضوان الله عليه: إن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان ذات ليلة في بيت أم سلمة فبكرت إليه بالغداة، فإذا عبد الله بن عباس بالباب، فخرج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى المسجد وأنا عن يمينه وابن عباس عن يساره فقال النبيعليه‌السلام : يا علي ما أول نعم الله عليك؟ قال: أن خلقني فأحسن خلقي. قال: ثم ما ذا؟ قال: أن عرّفني نفسه، قال: ثم ما ذا؟ قال قلت: وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها. قال: فضرب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على كتفي وقال: يا علي ملئت علماً وحكمة. ولذلك قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها، وفي بعض الروايات: أنا دار الحكمة وعلي بابها.

أخبرني شيخي محمد بن أحمدرحمه‌الله ، قال حدثنا أبو سعيد الرازي، قال قرئ على أبي الحسن بن محمد بن مهرويه القزويني بها في الجامع وأنا اسمع، قال حدّثنا أبو أحمد داود بن سليمان بن وهب الفراء قال حدثني علي بن موسى الرضا، قال حدثني أبي موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن

١٣٦

أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عن أبيه علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت الباب. ولهذا الحديث طرق أخر نذكرها في فصل خصائص المرتضى رضوان الله عليه إن شاء الله عز وجلّ ».

ورواه في « ذكر مشابه داود ذي الأيد صلوات الله وسلامه عليه » قال:

« ووقعت المشابهة بين المرتضى رضوان الله عليه وبين داودعليه‌السلام بثمانية أشياء والثامن بفصل الخطاب وأما فصل الخطاب فقوله تعالى:( وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ ) فكذلك المرتضى رضوان الله عليه أوتي من فصل الخطاب كما ذكرناه في معنى قولهعليه‌السلام : أنا مدينة العلم وعلي بابها، وفي فصل قضائه ».

ورواه أيضاً في « أسماء الامامعليه‌السلام » حيث ذكر فيها « باب مدينة العلم وباب دار الحكمة » ثم قال: وأما باب مدينة العلم فإنه أخبرنا محمد بن أبي زكريارحمه‌الله ، قال فيما أجاز لنا أبو حفص بن عمر، قال أخبرنا أبوبكر بن إسحاق قال أخبرنا العباس بن الفضل قال حدثنا أبو الصلت الهروي قال حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها ».

(٤٢)

إثبات الحكيم السنائي

لقد أرسله أبو المجد مجدود بن آدم الشهير بالحكيم السنائي في كتاب [ حديقة الحقيقة والشريعة والطريقة ] إرسال المسلم حيث قال ما نصه « في مناقب زوج البتول وابن عم الرسول أبي الحسن والحسين، المبارز الكرار غير الفرار،

١٣٧

غالب الجيش، سيد المهاجرين والأنصار أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه: من أحبّ علياً فقد استمسك بالعروة الوثقى، الذي أنزل الله تعالى في شأنه:( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) وقال النبيعليه‌السلام : أنا مدينة العلم وعلي بابها. وقال: يا علي أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبي بعدي. وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله. وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه. وقال جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: دخلت عائشة رضي الله عنها وعن أبيها على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: يا عائشة ما تقولين في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه؟ فأطرقت ملياً ثم رفعت رأسها فقالت بيتين:

إذا ما التبرحك على المحك

تبين غشه من غير شك

و فينا الغش والذهب المصفى

على بيننا شبه المحك »

وفي [ حديقة الحقيقة ] في مدح الامامعليه‌السلام :

« آل يس شرف بدو ديده

ايزد او را بعلم بگزيده

مر نبى را وصى وهم داماد

جان پيغمبر از جمالش شاد

كتب ناديده بود خوانده بود بدل

علم هر دو جهان ورا حاصل

بفصاحت جو او سخن گفتى

مستمع زان حديث در سفتى

لطف او بود لطف پيغمبر

عنف او عنف شير شرزه نر

خوانده در دين وملك مختارش

هم در علم وهم علمدارش »

ترجمته:

١ - عبد الرحمن الجامي في ( نفخات الأنس من حضرات القدس ٥٩٥ ).

٢ - دولت شاهالسمرقندي في ( تذكرة الشعراء ١٠٦ ).

٣ - مجد الدينالبدخشاني في ( جامع السلاسل - مخطوط ).

١٣٨

وغيرهم وقد عدّه ( الدهلوي ) في ( التحفة ) من كبار أهل السنة المقبولين لديهم، ومن أجلة عظمائهم الذين جمعوا بين الشريعة والطريقة كما استشهد بشعرٍ له في تفسيره ( فتح العزيز ) معبّراً عنه بـ « بعض المحققين ».

هذا، وقد ذكر الكاتب الجلبي كتابه المذكور بقوله: « حديقة الحقيقة وشريعة الطريقة المعروف بفخري نامه، فارسي منظوم لأبي المجد - محمد - بن آدم الشهير بالحكيم السنائي المتوفى سنة ٥٢٥، نظمه من بحر الخفيف لبهرام شاه القونوي السبكتكيني، ورتّب على عشرين بابا في التوحيد وكلام الله ونعت الرسول وفضل الصحابة والخلفاء وفضل السيدين الشهيدين، والامامين أبي حنيفة والشافعي، والعقل والعلم والعشق والقلب والتصوف وصفة البشر والشيخوخة وغور الغفلة والحكمة والشهوة وصنعة الأفلاك والربيع. ومدح بهرام شاه ومدح ولده دولت شاه. والحكم والأمثال. فرغ من نظمه سنة ٥٢٤ »(١) .

(٤٣)

رواية شهردار الديلمي

لقد روى حديث مدينة العلم في كتابه ( مسند الفردوس ) الذي خرج فيه سند كل حديث رواه والده في كتاب ( الفردوس ). قال المناوي في ( فيض القدير ) « فر للديلمي في مسند الفردوس المسمى بمأثور الخطاب المخرج على كتاب الشهاب، والفردوس للامام عماد الاسلام أبي شجاع الديلمي، ألّفه محذوف الأسانيد مرتّباً على الحروف ليسهل حفظه، وأعلم بإزائها بالحروف للمخرجين كما مر، ومسنده لولده سيد الحفاظ أبي منصور شهردار بن شيرويه، خرّج سند كل حديث تحته وسمّاه: إبانة الشبهة في معرفة كيفية الوقوف على ما في كتاب الفردوس من علامات الحروف »(٢) .

____________________

(١). كشف الظنون ١ / ٦٤٥.

(٢). فيض القدير ١ / ٢٨.

١٣٩

وقد تقدم ذكر رواية والده الحديث في كتاب ( الفردوس ).

ترجمته:

١ - الذهبي في ( العبر - حوادث: ٥٥٨ ).

٢ - السبكي في ( طبقات الشافعية ٤ / ٢٢٩ ).

٣ - الأسنوي في ( طبقات الشافعية ٢ / ١٠٥ ).

٤ - ابن قاضي شهبة في ( طبقات الشافعية ١ / ٣٢٤ ).

٥ - ( الدهلوي ) في ( بستان المحدثين ).

وقد تقدّم عن المناوي وصفه إياه بسيد الحفاظ.

(٤٤)

إثبات السمعاني

لقد قال السمعاني ما نصه:

« الشهيد - بفتح الشين المعجمة وكسر الهاء وسكون الياء المعجمة بنقطتين من تحتها وفي آخرها الدال المهملة - اشتهر بهذا الاسم جماعة من العلماء المعروفين قتلوا فعرفوا بالشهيد، أوّلهم ابن باب مدينة العلم وريحانة رسول الله الشهيد ابن الشهيد الحسين بن علي سيد شبّان أهل الجنة، وكان يكنّى أبا عبد الله »(١) .

ترجمته:

١ - ابن الأثير في ( الكامل - حوادث: ٥٦٢ ) و ( اللباب - السمعاني ).

٢ - المحب ابن النجار في ( تاريخه - مخطوط ).

____________________

(١). الأنساب - الشهيد.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301