نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٢

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار18%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 301

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 301 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 142099 / تحميل: 5862
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٢

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

٢٩ - باب أنّ الصانع إذا أفسد متاعا ضمنه كالغسّال والصبّاغ والقصّار والصائغ والبيطار والدلّال ونحوهم، وكذا ما يتلف بأيديهم إذا فرطوا أو كانوا متّهمين فلم يحلفوا، وحكم ما لو دفعوا المتاع إلى الغير

[ ٢٤٣١٧ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: سُئل عن القصّار يفسد ؟ فقال: كلّ أجير يعطى الاُجرة على أن يصلح فيفسد فهو ضامن.

ورواه الشيخ بإسناده عن علي بن إبراهيم مثله(١) .

[ ٢٤٣١٨ ] ٢ - وبالإِسناد عن الحلبي، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال في الغسال والصباغ: ما سرق منهم من شيء فلم يخرج منه على أمر بيّن أنّه قد سرق وكلٌّ قليل له أو كثير، فإن فعل فليس عليه شيء، وإن لم يقم البيّنة وزعم أنّه قد ذهب الذي ادّعى عليه فقد ضمنه إن لم يكن له بيّنة على قوله.

ورواه الصدوق بإسناده عن حمّاد(٢) .

__________________________

الباب ٢٩

فيه ٢٣ حديثاً

١ - الكافي ٥: ٢٤١ / ١.

(١) التهذيب ٧: ٢١٩ / ٩٥٥، والاستبصار ٣: ١٣١ / ٤٧٠.

٢ - الكافي ٥: ٢٤٢ / ٢.

(٢) الفقيه ٣: ١٦١ / ٧٠٨.

١٤١

[ ٢٤٣١٩ ] ٣ - ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمّد، عن علي بن الحكم، عن أبي المغرا، عن الحلبي مثله، وزاد قال: وعن رجل استأجر أجيراً فأقعده على متاعه فسرقه ؟ قال: هو مؤتمن.

[ ٢٤٣٢٠ ] ٤ - وبالإِسناد عن الحلبي، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: كان أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) يضمن القصّار والصائغ احتياطاً للناس، وكان أبي يتطوّل عليه إذا كان مأموناً.

ورواه الشيخ بإسناده عن علي بن إبراهيم مثله(١) .

[ ٢٤٣٢١ ] ٥ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عمن ذكره، عن ابن مسكان عن أبي بصير، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: سألته عن قصّار دفعت إليه ثوبا فزعم أنّه سرق من بين متاعه ؟ قال: فعليه أن يقيم البيّنة أنّه سرق من بين متاعه وليس عليه شيء، فإن سرق متاعه كلّه فليس عليه شيء.

ورواه الصدوق بإسناده عن ابن مسكان(٢) .

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمّد، عن علي بن النعمان، عن ابن مسكان مثله(٣) .

[ ٢٤٣٢٢ ] ٦ - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن

__________________________

٣ - التهذيب ٧: ٢١٨ / ٩٥٢، وأورده في الحديث ٢ من الباب ٤ من أبواب الوديعة.

٤ - الكافي ٥: ٢٤٢ / ٣.

(١) التهذيب ٧: ٢٢٠ / ٩٦٢، والاستبصار ٣: ١٣٣ / ٤٧٨.

٥ - الكافي ٥: ٢٤٢ / ٤.

(٢) الفقيه ٣: ١٦٢ / ٧١٢.

(٣) التهذيب ٧: ٢١٨ / ٩٥٣.

٦ - الكافي ٥: ٢٤٢ / ٥، والتهذيب ٧: ٢١٩ / ٩٥٦، والاستبصار ٣: ١٣١ / ٤٧١، وأورده ذيله في الحديث ١ من الباب ١١ من أبواب اللقطة.

١٤٢

السكوني، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: كان أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) يضمّن الصبّاغ والقصّار والصائغ احتياطاً على أمتعة الناس، وكان لا يضمن من الغرق والحرق والشيء الغالب الحديث.

ورواه الصدوق مرسلاً(١) .

ورواه ابن إدريس في آخر( السرائر) نقلاً من جامع البزنطي عن أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) مثله(٢) .

[ ٢٤٣٢٣ ] ٧ - وعنه، عن أبيه، عن ابن أبي نجران، عن صفوان، عن الكاهلي، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: سألته عن القصّار يسلّم إليه الثوب واشترط عليه يعطيني في وقت ؟ قال: إذا خالف وضاع الثوب بعد الوقت فهو ضامن.

ورواه الشيخ بإسناده عن علي بن إبراهيم(٣) ، وكذا الذي قبله.

[ ٢٤٣٢٤ ] ٨ - وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن إسماعيل بن أبي الصباح(٤) ، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: سألته عن الثوب أدفعه إلى القصّار فيخرقه ؟ قال: أغرمه، فإنّك إنّما دفعته إليه ليصلحه ولم تدفع إليه ليفسده.

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمّد(٥) .

__________________________

(١) الفقيه ٣: ١٦٢ / ٧١٤.

(٢) مستطرفات السرائر: ٦٣ / ٤٣.

٧ - الكافي ٥: ٢٤٢ / ٦.

(٣) التهذيب ٧: ٢١٩ / ٩٥٧، والاستبصار ٣: ١٣١ / ٤٧٢.

٨ - الكافي ٥: ٢٤٢ / ٧.

(٤) في التهذيبين: إسماعيل عن أبي الصباح.

(٥) التهذيب ٧: ٢٢٠ / ٩٦٠، والاسبتصار ٣: ١٣٢ / ٤٧٥.

١٤٣

ورواه الصدوق بإسناده عن علي بن الحكم، عن إسماعيل بن الصباح نحوه، إلاّ أنّه قال: عن القصّار يسلّم إليه المتاع فيخرقه أو يحرقه أيغرمه ؟ قال: غرّمه بما جنت يده(١) .

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن علي بن محبوب، عن محمّد بن السندي، عن علي بن الحكم مثله(٢) .

[ ٢٤٣٢٥ ] ٩ - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرار، عن يونس قال: سألت الرضا( عليه‌السلام ) عن القصّار والصائغ أيضمنون ؟ قال: لا يصلح إلاّ أن يضمنوا.

قال: وكان يونس يعمل به ويأخذ.

[ ٢٤٣٢٦ ] ١٠ - وعنه، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) أنّ أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) رفع إليه رجل استأجر رجلاً يصلح بابه، فضرب المسمار فانصدع الباب، فضمّنه أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) .

محمّد بن الحسن بإسناده عن علي بن إبراهيم مثله(٣) ، وكذا الذي قبله.

[ ٢٤٣٢٧ ] ١١ - وبإسناده عن أحمد بن محمّد، عن العبّاس بن موسى، عن يونس مولى علي بن يقطين، عن ابن مسكان، عن أبي بصير - يعني

__________________________

(١) الفقيه ٣: ١٦١ / ٧٠٥.

(٢) التهذيب ٧: ٢٢١ / ٩٦٨، والاستبصار ٣: ١٣٣ / ٤٨٠.

٩ - الكافي ٥: ٢٤٣ / ١٠، والتهذيب ٧: ٢١٩ / ٩٥٨، والاسبتصار ٣: ١٣٢ / ٤٧٣.

١٠ - الكافي ٥: ٢٤٣ / ٩.

(٣) التهذيب ٧: ٢١٩ / ٩٥٩، والاستبصار ٣: ١٣٢ / ٤٧٤.

١١ - التهذيب ٧: ٢١٨ / ٩٥١، وأورد ذيله في الحديث ٧ من الباب ٣٠ من هذه الأبواب.

١٤٤

المرادي -، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: لا يضمن الصائغ ولا القصّار ولا الحائك إلاّ أن يكونوا متّهمين فيخوف(١) بالبيّنة ويستحلف لعلّه يستخرج منه شيئاً.

وفي رجل استأجر جمّالاً فيكسر الذي يحمل أو يهريقه، فقال: على نحو من العامل إن كان مأموناً فليس عليه شيء، وإن كان غير مأمون فهو ضامن.

ورواه الصدوق بإسناده عن ابن مسكان نحوه(٢) .

[ ٢٤٣٢٨ ] ١٢ - وبإسناده عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن أبي المغرا، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: كان علي( عليه‌السلام ) يضمّن القصّار والصائغ، يحتاط به على أموال الناس.

وكان أبو جعفر( عليه‌السلام ) يتفضّل عليه إذا كان مأموناً.

[ ٢٤٣٢٩ ] ١٣ - وعنه، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصباح قال: سألت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) عن القصّار هل عليه ضمان ؟ فقال: نعم كلّ من يعطى الأجر ليصلح فيفسد فهو ضامن.

[ ٢٤٣٣٠ ] ١٤ - وعنه، عن حماد بن عيسى وابن أبي عمير، عن معاوية ابن عمّار، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: سألته عن الصبّاغ والقصّار ؟ فقال: ليس يضمنان.

قال الشيخ: يعني: إذا كانا مأمونين، فأمّا إذا اتهما ضمنا حسب ما قدّمنا.

__________________________

(١) في الفقيه: فيجيئون ( هامش المخطوط ).

(٢) الفقيه ٣: ١٦٣ / ٧١٥.

١٢ - التهذيب ٧: ٢٢٠ / ٩٦١، والاستبصار ٣: ١٣٣ / ٤٧٩.

١٣ - التهذيب ٧: ٢٢٠ / ٩٦٣، والاستبصار ٣: ١٣٢ / ٤٧٦.

١٤ - التهذيب ٧: ٢٢٠ / ٩٦٤، والاستبصار ٣: ١٣٢ / ٤٧٧.

١٤٥

[ ٢٤٣٣١ ] ١٥ - وعنه، عن صفوان، عن يعقوب بن شعيب قال: سألت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) عن الرجل يبيع للقوم بالأجر وعليه ضمان مالهم ؟ قال(١) : إنما كره ذلك من أجل أنّي أخشى أن يغرموه أكثر مما يصيب عليهم، فإذا طابت نفسه فلا بأس.

[ ٢٤٣٣٢ ] ١٦ - وبإسناده عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن ابن رباط، عن منصور بن حازم، عن بكر بن حبيب قال: قلت لأبي عبد الله( عليه‌السلام ) : أعطيت جبة إلى القصّار فذهبت بزعمه، قال: إن اتّهمته فاستحلفه، وإن لم تتّهمه فليس عليه شيء.

[ ٢٤٣٣٣ ] ١٧ - وبهذا الإِسناد عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: لا يضمّن القصّار إلاّ ما جنت يده، وإن اتّهمته أحلفته.

وبإسناده عن محمّد بن علي بن محبوب، عن ابن رباط مثله(٢) .

[ ٢٤٣٣٤ ] ١٨ - وبإسناده عن محمّد بن الحسن الصفار قال: كتبت إلى الفقيه( عليه‌السلام ) في رجل دفع ثوباً إلى القصّار ليقصّره فدفعه القصّار إلى قصّار غيره ليقصّره، فضاع الثوب هل يجب على القصّار أن يردّه إذا دفعه إلى غيره، وإن كان القصّار مأموناً ؟ فوقع( عليه‌السلام ) : هو ضامن له إلاّ أن يكون ثقة مأموناً إن شاء الله.

محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن محمّد بن علي بن محبوب قال: كتب رجل إلى الفقيه( عليه‌السلام ) وذكر مثله(٣) .

__________________________

١٥ - التهذيب ٧: ٢٢١ / ٩٦٥، واورده في الحديث ٢ من الباب ١٩ من أبواب أحكام العقود.

(١) في المصدر زيادة: إذا طابت نفسه بذلك.

١٦ - التهذيب ٧: ٢٢١ / ٩٦٦.

١٧ - التهذيب ٧: ٢٢١ / ٩٦٧.

(٢) الاستبصار ٣: ١٣٣ / ٤٨١.

١٨ - التهذيب ٧: ٢٢٢ / ٩٧٤.

(٣) الفقيه ٣: ١٦٣ / ٧٢٠.

١٤٦

[ ٢٤٣٣٥ ] ١٩ - وبإسناده عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) في الرجل يعطى الثوب ليصبغه فيفسده، فقال: كلّ عامل أعطيته أجراً على أن يصلح فأفسد فهو ضامن.

[ ٢٤٣٣٦ ] ٢٠ - قال: وقال( عليه‌السلام ) : كان أبي( عليه‌السلام ) يضمّن الصائغ والقصّار ما أفسدا.

وكان علي بن الحسين( عليه‌السلام ) يتفضّل عليهم.

[ ٢٤٣٣٧ ] ٢١ - وفي كتاب( إكمال الدين) عن محمّد بن علي بن محمّد النوفلي، عن أحمد بن عيسى الوشاء، عن أحمد بن طاهر القمي، عن محمّد بن بحر الشيباني، عن أحمد بن محمّد بن مسرور، عن سعد بن عبد الله (١) ، عن مولانا صاحب الزمان( عليه‌السلام ) - في حديث - أنّه قال لأحمد بن إسحاق وقد حمل إليه هدايا من الشيعة فأول صرّة أخرجها قال له الإِمام( عليه‌السلام ) : هذه لفلان وعددها كذا، وفيها ثلاثة دنانير حرام والعلّة في تحريمها أن صاحب هذه الحملة وزن على حائك من الغزل منّا وربع منّ، فسرق الغزل فأخبر به الحائك صاحبه فكذّبه واستردّ منه بدل ذلك منّا ونصف منّ غزلاً أدقّ ممّا دفعه إليه، واتّخذ من ذلك ثوباً كان هذا من ثمنه الحديث.

[ ٢٤٣٣٨ ] ٢٢ - وفي كتاب( المقنع) قال: كان أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) يضمّن القصّار والصائغ، وكلّ من أخذ شيئاً ليصلحه فأفسده.

__________________________

١٩ - الفقيه ٣: ١٦١ / ٧٠٤.

٢٠ - الفقيه ٣: ١٦١ / ٧٠٦.

٢١ - إكمال الدين: ٤٥٤ / ٢١.

(١) لا يخلو السند من غرابة لأن المعروف رواية الصدوق عن سعد بن عبد الله بواسطة واحدة وقد روىٰ عنه هنا بخمس وسائط « منه قده ».

٢٢ - المقنع: ١٣٠.

١٤٧

[ ٢٤٣٣٩ ] ٢٣ - وكان أبو جعفر( عليه‌السلام ) : يتفضّل على القصار والصائغ إذا كان مأموناً.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك هنا(١) ، وفي الديات(٢) .

٣٠ - باب ثبوت الضمان على الجمّال والحمّال والمكاري والملاح ونحوه إذا فرطوا أو كانوا متهمين ولم يحلفوا أو شرط عليهم الضمان

[ ٢٤٣٤٠ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: سُئل عن رجل جمّال استكرى منه إبلاً(٣) . وبعث معه بزيت إلى أرض فزعم أنّ بعض زقاق الزيت انخرق فاهراق ما فيه ؟ فقال: إن شاء أخذ الزيت، وقال: إنّه انخرق ولكنّه لا يصدق إلاّ ببينة عادلة.

ورواه الصدوق بإسناده عن حمّاد(٤) .

ورواه الشيخ بإسناده عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن صالح بن خالد، عن أبي جميلة، عن زيد الشحام، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) نحوه(٥) .

__________________________

٢٣ - المقنع: ١٣٠.

(١) يأتي في الباب ٣٠ من هذه الأبواب.

(٢) يأتي ما يدل علىٰ بعض المقصود في البابين ١٢ ٢٤ من أبواب موجبات الضمان.

وتقدم ما يدل على بعض المقصود في الباب ١٩ من أبواب أحكام العقود.

الباب ٣٠

فيه ١٦ حديثاً

١ - الكافي ٥: ٢٤٣ / ١ والتهذيب ٧: ٢١٧ / ٩٥٠.

(٣) في نسخة: إبل ( هامش المخطوط ).

(٤) الفقيه ٣: ١٦٢ / ٧١٠.

(٥) التهذيب ٧: ١٢٩ / ٥٦٤.

١٤٨

[ ٢٤٣٤١ ] ٢ - وبالإِسناد عن الحلبي، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) في رجل حمل مع رجل في سفينته طعاماً فنقص، قال: هو ضامن، قلت: إنّه ربّما زاد، قال: تعلم أنّه زاد شيئاً ؟ قلت: لا، قال: هو لك.

ورواه الشيخ بإسناده عن علي بن إبراهيم(١) ، وكذا الذي قبله.

ورواه الصدوق كالذي قبله(٢) .

[ ٢٤٣٤٢ ] ٣ - وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن يحيى، عن يحيى بن الحجاج، عن خالد بن الحجاج(٣) . قال: سألت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) عن الملاّح أحمله الطعام ثمّ أقبضه منه فينقص ؟ قال: إن كان مأموناً فلا تضمّنه.

[ ٢٤٣٤٣ ] ٤ - وعنهم، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمون، عن عبد الله ابن عبد الرحمن، عن مسمع بن عبد الملك، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : الأجير المشارك(٤) هو ضامن إلاّ من سبع أو من غرق أو حرق أو لص مكابر.

ورواه الشيخ بإسناده عن سهل بن زياد(٥) ، والذي قبله بإسناده عن أحمد بن محمّد مثله.

__________________________

٢ - الكافي ٥: ٢٤٣ / ٣.

(١) التهذيب ٧: ٢١٧ / ٩٤٨.

(٢) الفقيه ٣: ١٦١ / ٧٠٧.

٣ - الكافي ٥: ٢٤٣ / ٢، والتهذيب ٧: ٢١٧ / ٩٤٧.

(٣) في نسخة: خالد بن الحجال ( هامش المخطوط ).

٤ - الكافي ٥: ٢٤٤ / ٧.

(٤) يأتي تفسير المشارك في حديث. « منه قده ».

(٥) التهذيب ٧: ٢١٦ / ٩٤٥.

١٤٩

[ ٢٤٣٤٤ ] ٥ - وعن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن علي بن الحكم، عن موسى بن بكر، عن أبي الحسن( عليه‌السلام ) قال: سألته عن رجل استأجر سفينة من ملاّح فحملها طعاماً واشترط عليه إن نقص الطعام فعليه ؟ قال: جائز، قلت: إنّه ربما زاد الطعام، قال: فقال: يدّعي الملاّح أنّه زاد فيه شيئاً ؟ قلت: لا، قال: هو لصاحب الطعام الزيادة، وعليه النقصان إذا كان قد اشترط ذلك.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يحيى مثله(١) .

[ ٢٤٣٤٥ ] ٦ - وعنه، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي عمير، عن جعفر بن عثمان قال: حمل أبي متاعاً إلى الشام مع جمّال فذكر أنّ حملاً منه ضاع، فذكرت ذلك لأبي عبد الله( عليه‌السلام ) فقال: أتتّهمه ؟ قلت: لا، قال: فلا تضمنه.

ورواه الصدوق بإسناده عن جعفر بن عثمان(٢) .

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمّد مثله(٣) .

[ ٢٤٣٤٦ ] ٧ - وعنه، عن أحمد بن محمّد، عن العبّاس بن موسى، عن يونس، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) في الجمّال يكسر الذي يحمل أو يهريقه، قال: إن كان مأموناً فليس عليه

__________________________

٥ - الكافي ٥: ٢٤٤ / ٤، وأورده عن السرائر في الحديث ١ من الباب ٢٧ من هذه الأبواب.

(١) التهذيب ٧: ٢١٧ / ٩٤٩.

٦ - الكافي: ٥: ٢٤٤ / ٥.

(٢) الفقيه ٣: ١٦٢ / ٧١١.

(٣) التهذيب ٧: ٢١٧ / ٩٤٦.

٧ - الكافي ٥: ٢٤٤ / ٦، وأورده عن التهذيب والفقيه في الحديث ١١ من الباب ٢٩ من هذه الأبواب.

١٥٠

شيء، وإن كان غير مأمون فهو ضامن.

محمّد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمّد مثله(١) .

[ ٢٤٣٤٧ ] ٨ - وبإسناده عن محمّد بن علي بن محبوب، عن أيوب بن نوح، عن عبد الله بن المغيرة، عن سعيد(٢) ، عن عثمان بن زياد، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: قلت: إنّ حمالاً لنا يحمل فكاريناه فحمل على غيره فضاع، قال: ضمّنه وخذ منه.

ورواه الصدوق بإسناده عن عثمان بن زياد نحوه، إلاّ أنّه قال: إن جمّالاً كان مكارينا(٣) .

[ ٢٤٣٤٨ ] ٩ - وعنه، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن عيسى، عن عبد الله بن المغيرة، عن إسماعيل بن أبي زياد السكوني، عن جعفر، عن أبيه، عن علي( عليه‌السلام ) قال: إذا استبرك البعير بحمله فقد ضمن صاحبه(٤) .

[ ٢٤٣٤٩ ] ١٠ - وعنه، عن ابن محبوب، عن الحسن بن صالح(٥) ، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: إذا استقل البعير أو الدابة بحملها فصاحبهما ضامن.

__________________________

(١) التهذيب ٧: ٢١٦ / ٩٤٤.

٨ - التهذيب ٧: ٢٢١ / ٩٦٩.

(٢) في نسخة: سعد ( هامش المخطوط ).

(٣) الفقيه ٣: ١٦٢ / ٧١٣.

٩ - التهذيب ٧: ٢٢٢ / ٩٧١.

(٤) أورد الشيخ هذه الأحاديث في هذا المقام. فتأمل « منه قده ».

١٠ - التهذيب ٧: ٢٢٢ / ٩٧٢.

(٥) في المصدر: الحسين بن صالح.

١٥١

[ ٢٤٣٥٠ ] ١١ - وعنه، عن ابن أبي نصر، عن داود بن سرحان، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) في رجل حمل متاعاً على رأسه فأصاب إنساناً فمات أو انكسر منه شيء فهو ضامن.

ورواه الصدوق بإسناده عن ابن أبي نصر مثله(١) .

[ ٢٤٣٥١ ] ١٢ - وبإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن أبي عبد الله، عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي، عن ابن سنان، عن حذيفة بن منصور قال: سألت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) عن الرجل يحمل المتاع بالأجر فيضيع المتاع فتطيب نفسه أن يغرمه لأهله، أيأخذونه ؟ قال: فقال لي: أمين هو ؟ قلت: نعم، قال: فلا يأخذ منه شيئاً.

وبإسناده عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن صفوان، عن محمّد بن سنان نحوه(٢) .

[ ٢٤٣٥٢ ] ١٣ - وعن محمّد بن علي بن محبوب(٣) ، عن أبي جعفر، عن أبي الجوزاء، عن الحسين بن علوان، عن عمرو بن خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه( عليهم‌السلام ) أنّه اُتي بحمال كانت عليه قارورة عظيمة فيها دهن فكسرها فضمّنها إياه، وكان يقول: كل عامل مشترك إذا أفسد فهو ضامن، فسألته ما المشترك ؟ فقال: الذي يعمل لي ولك ولذا.

__________________________

١١ - التهذيب ٧: ٢٢٢ / ٩٧٣، واورده في الحديث ١ من الباب ١٠ من أبواب موجبات الضمان.

(١) الفقيه ٣: ١٦٣ / ٧١٩.

١٢ - التهذيب ٧: ٢٢٢ / ٩٧٥.

(٢) التهذيب ٧: ١٢٩ / ٥٦٥.

١٣ - التهذيب ٧: ٢٢٢ / ٩٧٦.

(٣) في المصدر: محمد بن أحمد بن يحيى.

١٥٢

[ ٢٤٣٥٣ ] ١٤ - وبإسناده عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) في رجل حمل عبده على دابّة فأوطأت رجلاً، قال: الغرم على مولاه.

[ ٢٤٣٥٤ ] ١٥ - وبإسناده عن علي بن إبراهيم، عن علي بن محمّد القاساني قال: كتبت إليه - يعني أبا الحسن( عليه‌السلام ) (١) - رجل أمر رجلاً يشتري له متاعاً أو غير ذلك فاشتراه فسرق منه أو قطع عليه الطريق من مال من ذهب المتاع ؟ من مال الآمر أو من مال المأمور ؟ فكتب( عليه‌السلام ) من مال الآمر.

[ ٢٤٣٥٥ ] ١٦ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) في حمّال يحمل معه الزيت، فيقول: قد ذهب أو أهرق أو قطع عليه الطريق، فإن جاء ببيّنة عادلة أنّه قطع عليه أو ذهب فليس عليه شيء، وإلا ضمن.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٢) .

__________________________

١٤ - التهذيب ٧: ٢٢٣ / ٩٨٠، وأورده عن الكافي والفقيه وقرب الإِسناد في الحديث ١ من الباب ١٦ من أبواب موجبات الضمان.

١٥ - التهذيب ٧: ٢٢٥ / ٩٨٥، وأورده في الحديث ١ من الباب ١٩ من أبواب أحكام العقود.

(١) في المصدر زيادة: وأنا بالمدينة سنة احدى وثلاثين ومائتين جعلت فداك.

١٦ - الفقيه ٣: ١٦١ / ٧٠٧.

(٢) تقدم ما يدل علىٰ بعض المقصود في الباب ٢٩ من هذه الأبواب وفي الباب ٦ من أبواب الخيار.

١٥٣

٣١ - باب أنّ من استأجر بيتاً له باباً إلى بيت آخر فيه امرأة أجنبيّة ولم ترض بإغلاق الباب وجب عليه التحوّل منه وفسخ الإِجارة

[ ٢٤٣٥٦ ] ١ - محمّد بن على بن الحسين بإسناده عن محمّد بن الطيّار(١) قال: دخلت المدينة وطلبت بيتاً أتكاراه، فدخلت داراً فيها بيتان بينهما باب وفيه امرأة، فقالت: تكاري هذا البيت، قلت: بينهما باب وأنا شاب، فقالت: أنا أغلق الباب بيني وبينك، فحوّلت متاعي فيه، وقلت لها: أغلقي الباب، فقالت: يدخل عليّ منه الروح دعه، فقلت: لا، أنا شاب وأنت شابة أغلقيه، فقالت: اُقعد أنت في بيتك فلست آتيك ولا أقربك، وأبت أن تغلقه، فلقيت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) فسألته عن ذلك ؟ فقال: تحوّل منه، فإنّ الرجل والمرأة إذا خليا في بيت كان ثالثهما الشيطان.

أقول: ويأتي ما يدلّ على تحريم الخلوة بالأجنبية(٢) .

__________________________

الباب ٣١

فيه حديث واحد

١ - الفقيه ٣: ١٥٩ / ٧٠٠.

(١) في نسخة: محمد بن الطيّان ( هامش المخطوط ).

(٢) يأتي في الباب ٩٩ من أبواب مقدمات النكاح.

وتقدم ما يدل عليه في الحديث ٢٢ من الباب ٣٨ من أبواب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

١٥٤

٣٢ - باب أنّ العين أمانة لا يضمنها المستأجر إلاّ مع التفريط أو التعدي، وحكم إجارة الأرض وشرط ثمر الشجر للمستأجر، وجواز استئجار المرأة للرضاع

[ ٢٤٣٥٧ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن النضر، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) - في حديث -: ولا يغرم الرجل إذا استأجر الدابة ما لم يكرهها أو يبغها غائلة.

[ ٢٤٣٥٨ ] ٢ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد(١) ، عن أبي المغرا، عن الحلبي قال: سألت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) عن رجل تكارى دابة إلى مكان معلوم فنفقت الدابة(٢) ؟ فقال: إن كان جاز الشرط فهو ضامن، وإن كان دخل وادياً لم يوثقها فهو ضامن، وإن وقعت في بئر ضامن لأنّه لم يستوثق منها.

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمّد، عن رجل، عن أبي المغرا مثله(٣) .

[ ٢٤٣٥٩ ] ٣ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن حماد، عن

__________________________

الباب ٣٢

فيه ٤ أحاديث

١ - التهذيب ٧: ١٨٢ / ٨٠٠، وأورده بتمامة في الحديث ٩ من الباب ١ من أبواب العارية.

٢ - الكافي: ٥: ٢٨٩ / ٣، واورده في الحديث ٣ من الباب ١٧ من هذه الأبواب.

(١) في المصدر زيادة: [ عن رجل ].

(٢) نفقت الدابة: من باب قعد، تنفق نفوقاً أي هلكت وماتت: ( مجمع البحرين - نفق - ٥: ٢٤١ ).

(٣) التهذيب ٧: ٢١٤ / ٩٣٩.

٣ - الفقيه ٣: ١٦٢ / ٧١٠.

١٥٥

الحلبي، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) نحوه، وزاد: وأيّما رجل تكارى دابّة فأخذتها الذئبة فشقّت كرشها فنفقت فهو ضامن، إلاّ أن يكون مسلماً عدلاً.

[ ٢٤٣٦٠ ] ٤ - علي بن جعفر في( كتابه) عن أخيه موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) قال: سألته عن رجل استأجر دابّة فوقعت في بئر فانكسرت ما عليه ؟ قال: هو ضامن إن كان لم يستوثق منها، فإن أقام البيّنة أنّه ربطها فاستوثق منها فليس عليه شيء.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على الضمان مع التعدي هنا(١) ، وعلى الحكم الثاني في المزارعة(٢) ، ويأتي ما يدلّ على الحكم الثالث في النكاح إن شاء الله(٣) .

٣٣ - باب حكم الزرع والغرس والبناء في الأرض المستأجرة وغيرها بإذن المالك وغير إذنه

[ ٢٤٣٦١ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن فضّال، عن علي بن عقبة، عن موسى بن أكيل النميري، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) في رجل اكترى داراً وفيها بستان فزرع في البستان وغرس نخلاً وأشجاراً وفواكه وغير ذلك(٤) ، ولم

__________________________

٤ - مسائل علي بن جعفر: ١٩٦ / ٤١٥.

(١) تقدم في البابين ١٦، ١٧ من هذه الأبواب.

(٢) تقدم في الباب ١٩ من أبواب المزارعة.

(٣) يأتي في الحديث ٧ من الباب ٧٠، وفي الأبواب ٧١، ٨٠، ٨١ من أبواب أحكام الأولاد.

الباب ٣٣

فيه ٣ أحاديث

١ - التهذيب ٧: ٢٠٦ / ٩٠٧، واورده في الحديث ٢ من الباب ٢ من أبواب الغصب.

(٤) في الفقيه: وفاكهة وغيرها ( هامش المخطوط ).

١٥٦

يستأمر صاحب الدار في ذلك، فقال: عليه الكراء ويقوّم صاحب الدار الزرع والغرس( قيمة عدل) (١) فيعطيه الغارس إن كان استأمره في ذلك، وإن لم يكن استأمره في ذلك فعليه الكراء، وله الغرس والزرع يقلعه ويذهب به حيث شاء.

ورواه الصدوق بإسناده عن محمّد بن مسلم نحوه(٢) .

ورواه الكليني، عن علي بن إبراهيم، إلاّ أنّه قال: فيعطيه الغارس، وإن كان استأمر فعليه الكراء، وذكر بقيّة الحديث مثله(٣) .

[ ٢٤٣٦٢ ] ٢ - وبإسناده عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن عبد الله بن هلال، عن عقبة بن خالد قال: سألت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) عن رجل أتى أرض رجل فزرعها بغير إذنه حتّى إذا بلغ الزرع جاء صاحب الأرض فقال: زرعت بغير إذني فزرعك لي وعليّ ما أنفقت، أله ذلك ؟ فقال: للزارع زرعه، ولصاحب الأرض كراء أرضه.

ورواه الكليني، عن محمّد بن يحيى مثله(٤) .

[ ٢٤٣٦٣ ] ٣ - وبإسناده عن محمّد بن علي بن محبوب، عن علي بن محبوب بن شيرة، عن القاسم بن محمّد، عن سليمان بن واقد، عن عبد العزيز بن محمّد قال: سمعت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) يقول: من أخذ أرضاً بغير حقّها أو بنى فيها، قال: يرفع بناؤه وتسلّم التربة الى صاحبها ليس لعرق ظالم حقّ.

__________________________

(١) ليس في نسخة من الفقيه. ( هامش المخطوط ).

(٢) الفقيه ٣: ١٥٦ / ٦٨٤.

(٣) الكافي: ٥: ٢٩٧ / ٢.

٢ - التهذيب ٧: ٢٠٦ / ٩٠٦، وأورده في الحديث ١ من الباب ٢ من أبواب الغصب.

(٤) الكافي ٥: ٢٩٦ / ١.

٣ - التهذيب ٧: ٢٠٦ / ٩٠٩، واورده في الحديثين ١، ٢ من الباب ٣ من أبواب الغصب.

١٥٧

ثمّ قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : من أخذ أرضاً بغير حقّها كلّف أن يحمل ترابها إلى المحشر.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(١) .

ويأتي ما يدلّ عليه(٢) .

٣٤ - باب جواز جعل أكثر الأُجرة في مقابلة أقل المدّة وبالعكس مع تفاوت النفع وتقدم الشرط، وحكم خراج الأرض المستأجرة

[ ٢٤٣٦٤ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن علي بن محبوب(٣) ، عن بعض أصحابنا، عن عباد بن سليمان، عن سعد بن سعد، عمّن حدثه، عن إدريس بن عبد الله القمي قال: قلت له: جعلت فداك إجارة الرحى تعلّمني كيف تصحّ إجارتها ؟ فإنّ الماء عندنا ربما دام، وربما انقطع، قال: فقال لي: اجعل جلّ الإِجارة في الأشهر التى لا ينقطع الماء فيها، والباقى اجعله في الأشهر التي ينقطع فيها الماء ولو درهماً(٤) .

أقول: وتقدّم ما يدلّ على لزوم الشرط عموماً في خيار الشرط(٥) ،

__________________________

(١) تقدم ما يدل على بعض المقصود في الباب ١٥، وفي الحديثين ١، ٤ من الباب ١٨ من أبواب المزارعة.

(٢) يأتي في الباب ٢ من أبواب الغصب.

الباب ٣٤

فيه حديث واحد

١ - التهذيب ٧: ٢٠٧ / ٩١١.

(٣) في المصدر: محمّد بن أحمد بن يحيىٰ.

(٤) في نسخة: درهم ( هامش المخطوط ) وكذلك المصدر.

(٥) تقدم في الباب ٦ من أبواب الخيار.

١٥٨

وخصوصاً عليه(١) ، وعلى حكم الخراج في المزارعة(٢) .

٣٥ - باب حكم من استأجر أجيراً يحفر بئراً عشر قامات فحفر قامة وعجز

[ ٢٤٣٦٥ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن العباس بن معروف، عن أبي شعيب المحاملي الرفاعي قال: سألت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) عن رجل قبل رجلاً حفر بئر عشر قامات بعشرة دراهم فحفر قامة ثمّ عجز، فقال: له جزء من خمسة وخمسين جزءاً من العشرة دراهم.

ورواه الصدوق في( المقنع) مرسلاً (٣) .

[ ٢٤٣٦٦ ] ٢ - وعن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن معاوية بن حكيم، عن أبي شعيب المحاملي الرفاعي قال: سألت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) عن رجل قبل رجلاً أن يحفر له عشر قامات بعشرة دراهم فحفر له قامة ثمّ عجز، فقال: تقسّم عشرة على خمسة وخمسين جزءاً، فما أصاب واحداً فهو للقامة الأولى، والإِثنان للثانية، والثلاثة للثالثة، وعلى هذا الحساب إلى العشرة.

__________________________

(١) تقدم في الباب ١٧ من أبواب المزارعة.

(٢) تقدم في الباب ١٠، وفي الحديث ١٠ من الباب ١٦ من أبواب المزارعة.

الباب ٣٥

فيه حديثان

١ - الكافي ٧: ٤٢٢ / ٣.

(٣) المقنع: ١٣٤.

٢ - الكافي ٧: ٤٣٣ / ٢٢.

١٥٩

ورواه الشيخ بإسناده عن سهل بن زياد(١) .

ورواه في( النهاية) عن أبي شعيب المحاملي (٢) .

__________________________

(١) التهذيب ٦: ٢٨٧ / ٧٩٤.

(٢) النهاية: ٣٤٨ / ١.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

(١٢)

مع البنباني

في كلامه حول الحديث

وقال الملّا محمد يعقوب البنباني في ( عقائده ) في الجواب على استدلال الشيعة بحديث « أنا مدينة العلم » وحديث « أنا دار الحكمة » ما نصّه: « واستدلّ الخصم على تفضيل عليرضي‌الله‌عنه بأنه أعلم، وهو أولى بالخلافة لأنه تعالى فضّل آدمعليه‌السلام على الملائكة واختاره للخلافة بالعلم. أمّا أنّه كان أعلم فلقوله عليه الصلاة والسلام: أنا مدينة العلم وعليٌّ بابها. وأنا دار الحكمة وعليّ بابها وعلم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما هو أزيد كذلك علم عليّ، وأنه لا يخرج ما في الدار إلّا من الباب. فعلمهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنما وصل بمن وصل من قبل عليرضي‌الله‌عنه .

والجواب: إنّ هذا يوجب أنه لم يبلّغ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما أُرسل به إلّا عليّاً، ثم هو بلّغ غيره. ولا يخفى أنه مما لا يقول به الخصم أيضاً. والمراد من الحديث المذكور - والله أعلم - بيان أن عليّاً باب العلوم بالنسبة إلى جماعة لم يدركوا شرف الصحبة. وهذا مبني على أمر وهو: إن أعلم الصحابة هم الخلفاء الراشدون، وقد كان أبو بكررضي‌الله‌عنه مقيّداً بأمر الخلافة بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مدة حياته، ثم عمررضي‌الله‌عنه كذلك، ثم عثمان كذلكرضي‌الله‌عنه ، وقد كان عليرضي‌الله‌عنه في أيام خلافتهم مشغولاً بالإِفادة والإِفاضة، فالذين لم يدركوا شرف الصحبة أتوا اليه وأخذوا منهرضي‌الله‌عنه .

ثم لا أدري أيّ لفظ في الحديث يدل على أن ليس لمدينة العلم إلّا باب واحد هو عليرضي‌الله‌عنه ، بل يجوز أن يكون لها أبواب ويكون علي كرّم الله وجهه باباً منها ».

والجواب عنه من وجوه:

١٨١

أحدها: إن أساس استدلال الشيعة بحديث « أنا مدينة العلم » كما ذكر البنباني أيضاً هو بدلالته على أعلمية الامام أمير المؤمنين، وهي تكشف عن الأفضلية وتستلزم الخلافة والامامة كما يدلّ عليه قصة آدمعليه‌السلام وقد علمت أنّ دلالة الحديث على الأعلميّة تامّة بكلّ وضوح، حتى اعترف بها جماعة من علماء أهل السنّة، وذكر المنّاوي أنها مما اتّفق عليه الموافق والمخالف، ومن هنا ترى البنباني عاجزا عن الجواب على هذا الاستدلال القوي المتين، بل زاد في تقريره جملة: « وعلم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما هو أزيد كذلك علم علي ».

الثاني: قد ذكر البنباني وجه استدلال الشيعة بحديث « أنا دار الحكمة » بقوله: « وأنه لا يخرج ما في الدار ». لكنّه لم يفهم مراد الشيعة من ذلك، وإلّا لم يقل في الجواب: « والجواب - إن هذا يوجب » إذ ليس مرادهم ذلك أبداً، بل المراد أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أودع جميع علوم الشريعة - المعبّر عنها بالحكمة - عند عليعليه‌السلام ، وأمر الأمة بالرجوع إليه والأخذ منه، وأنّه لم يصل شيء من علومهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى الأمّة إلاّ بواسطة الإمامعليه‌السلام .

على أنّه لا يخفى على المتأمّل الفرق بين تبليغ النبي ما أرسل به، وتبليغه علم ما أرسل به، ومن هنا ترى أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بلّغ ما أرسل به - وهو القرآن - إلى جميع الناس، ولكن لا يمكن القول بأنّه بلّغ علم القرآن إلى جميع الناس كذلك، نعم علّمه أمير المؤمنينعليه‌السلام وجعله مبلِّغاً لعلوم القرآن إلى الناس قاطبةً، ومن هنا ذكروا أن فهم كتاب الله منحصر إلى علمهعليه‌السلام ، قال المناوي: « قال الحرالي: قد علم الأوّلون والآخرون أن فهم كتاب الله منحصر إلى علم علي، ومن جهل ذلك فقد ضلّ عن الباب الذي من ورائه يرفع الله عن القلوب [ الغيوب ] الحجاب، حتى يتحقق اليقين الذي لا يتغيّر بكشف الغطاء. إلى هنا كلامه »(١) فإذا كان هذا حال علم القرآن الذي أمر

____________________

(١). فيض القدير ٣ / ٤٧.

١٨٢

صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بتبليغه إلى جميع الناس، فالعلوم الُأخرى منحصرة إلى فهمهعليه‌السلام بالأولوية القطعيّة.

دعوى تخصيص كونه باباً لغير الصحابة

الثالث: دعوى تخصيص كون الامامعليه‌السلام باب العلوم إلى جماعةٍ لم يدركوا شرف الصحبة، هذه الدعوى التي ذكرها بقوله: « والمراد من الحديث المذكور - والله أعلم - بيان أنْ علياً باب العلوم الشّرعيّة » تخرّص باطل، فإنّه تخصيصٌ بلا مخصِّص، ويبطله اعتراف أصحاب الشورى - فيما رواه المحدّث الشيرازي في ( روضة الأحباب ) بأنّ حديث: « أنا مدينة العلم وعلي بابها » جاء ليعلم الصحابة بأنّ علياً باب مدينة علم الأوّلين والآخرين، فكيف تختص با بيّته بجماعةٍ لم يدركوا شرف الصحبة؟ بل لو كان معنى الحديث ما ذكره البنباني لما احتج به الامامعليه‌السلام - فيما احتج به - على أصحاب الشورى، ولما اعترف القوم بما أراد الامام من الاحتجاج به.

ومما يبطل هذا المعنى الذي ذكره البنباني إقرار الأصحاب بأعلميّة الإِمامعليه‌السلام ، فهذا ابن عباس يقول - فيما يرويه الشيخاني القادري في ( الصراط السوي ) -: « من أتى العلم فليأت الباب وهو عليرضي‌الله‌عنه »، و هذا عمرو ابن العاص يحتجّ بهذا الحديث على معاوية في كتاب له إليه - فيما رواه الخوارزمي في ( المناقب ) ويقول: « وأكّد القول عليك وعلى جميع المسلمين وقال: إني مخلّف فيكم الثقلين كتاب الله عزّ وجلّ وعترتي، وقد قال: أنا مدينة العلم وعلي بابها ».

ومن هنا ترى الحافظ الزرندي يقول في عنوان الحديث: « فضيلة أُخرى اعترف بها الأصحاب وابتهجوا، وسلكوا طريق الوفاق وانتهجوا - عن ابن عباس رضي الله عنهما: إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد بابها فليأت علياً ».

١٨٣

دعوى أنّ أعلم الصحابة هم الخلفاء

ثم إنّ الأمر الذي بنى عليه البنباني المعنى الذي ذكره لحديث المدينة، وهو: « أنّ أعلم الصحابة هم الخلفاء الراشدون » باطل من وجوه أيضاً.

أمّا أولاً: فإن الثلاثة ليسوا من الخلفاء الراشدين عن رسول رب العالمينصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المعصومين.

وأمّا ثانياً: فلأن أحداً من أهل الإِنصاف لا يرتضي القول بأعلميّة الثلاثة من: سلمان، وأبي ذر، والمقداد، وعمار، وابن عباس، وحذيفة، وابن مسعود، وأُبي بن كعب، وأبي الدرداء، وجابر بن عبد الله، وأبي سعيد الخدري، وأمثالهم من مشاهير الأصحاب بل إنّ هؤلاء، بل ومعاذ بن جبل وأبو هريرة وزيد ابن ثابت وأضرابهم أعلم من الثلاثة قطعاً بل الحق أن الثلاثة لم يحصلوا على شيء من العلوم، وتلك آثار جهلهم بالأمور الواضحة مشهودة ومشهورة، وستقف على ذلك فيما بعد بالتفصيل إنْ شاء الله.

وأمّا ثالثاً: فلأنهم لو كانوا علماء لأفادوا وأفاضوا، وظهرت الآثار واشتهرت الشواهد على بلوغهم المراتب العلميّة في الموارد المختلفة، وانتشرت بواسطتهم أحكام الحلال والحرام، من غير أن يمنعهم عن ذلك الخلافة، بل إنه من أجلّ وأهمّ أعمال خليفة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . ألا ترى أنّ الامامعليه‌السلام - على قصر مدّته - لم تشغله الحروب عن نشر العلوم الجليلة والمعارف السّامية، و لقد صدق ضرار حيث قال في وصفهعليه‌السلام : « يتفجر العلم من جوانبه وتنطق الحكمة من نواحيه » كما رواه ابن عبد البر القرطبي بترجمتهعليه‌السلام في ( الاستيعاب ).

وأمّا رابعاً: سلّمنا أنّ تقيّدهم بأمر الخلافة منعهم عن الإِفادة، فما الذي منعهم عنها في حياة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ وما الذي منع عمر وعثمان عنها أيام أبي بكر؟ وما الذي منع عثمان عنها أيام عمر؟ نعم إنهم يقولون بأن عمر

١٨٤

وعثمان كانا يفتيان في خلافة أبي بكر، وأن عثمان كان يفتي في خلافة عمر ...، قال ابن سعد: « أخبرنا محمد بن عمر الأسلمي، نا جارية بن أبي عمران، عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه: إن أبا بكر الصديق كان إذا نزل به أمر يريد فيه مشاورة أهل الرأي وأهل الفقه، دعا رجالاً من المهاجرين والأنصار، دعا عمر وعثمان وعلياً وعبد الرحمن بن عوف ومعاذ بن جبل وأُبيّ بن كعب وزيد بن ثابت، وكلّ هؤلاء كان يفتي في خلافة أبي بكر، وإنما تصير فتوى الناس إلى هؤلاء، فمضى أبو بكر على ذلك، ثمّ ولّي عمر فكان يدعو هؤلاء النفر، وكانت الفتوى تصير وهو خليفة إلى عثمان وأُبي وزيد »(١) .

لكنْ ما السَّبب في عدم ظهور آثار أعلميّة عمر وعثمان للمستفيدين والمستفتين بل لغيرهم؟ بل لم تظهر آثار عالميّتهم، ولم نعثر على ما يدلّ على رسوخ قدمٍ لهم في العلم

وقد رووا أيضاً: إنّ عمر كان يشغل منصب القضاء على عهد أبي بكر، روى ابن عبد البرّ عن إبراهيم النخعي: « قال: أول من ولّي شيئاً من أمور المسلمين عمر بن الخطاب، ولّاه أبوبكر القضاء، وكان أول قاض في الاسلام، وقال: إقض بين الناس فإني في شغل »(٢) ، وروى الطبري: « واستقضى أبوبكر فيها عمر بن الخطاب، فكان على القضاء أيام خلافته »(٣) . وروى ابن الأثير: « وفيها استقضى أبوبكر عمر بن الخطاب، وكان يقضي بين الناس خلافته كلّها »(٤) ، والقضاء من أحسن أسباب ظهور الآثار، فأين قضايا عمر الدالّة على سعة علمه فضلاً عن أعلميّته؟ ولماذا لم يذكروا قضيةً واحدةً - ولو مفتعلةً - من قضاياه على عهد أبي بكر، تدلّ على عالميّته فضلاً عن أعلميّته؟

____________________

(١). الطبقات الكبرى ٢ / ٣٥٠.

(٢). الاستيعاب ٣ / ١١٥٠.

(٣). تاريخ الطبري حوادث سنة ١١.

(٤). الكامل في التاريخ. حوادث سنة ١١.

١٨٥

بل إنهم يروون اشتغال الثلاثة بالقضاء أيّام خلافتهم قال السيوطي: « وأخرج أبو القاسم البغوي عن ميمون بن مهران قال: كان أبوبكر إذا ورد عليه الخصم نظر في كتاب الله فإنْ وجد فيه ما يقضي بينهم قضى به، وإنْ لم يكن في الكتاب وعلم من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ذلك الأمر سنّة قضى به، فإنْ أعياه خرج فسأل المسلمين وقال: أتاني كذا وكذا فهل علمتم أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قضى في ذلك بقضاء؟ فربما اجتمع عليه النفر كلّهم يذكر من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيه قضاء، فيقول أبو بكر: الحمد لله الذي جعل فينا من يحفظ عن نبينا، فإنْ أعياه أن يجد فيه سنّة من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جمع رؤس الناس وخيارهم فاستشارهم، فإن أجمع أمرهم على رأي قضى به. وكان عمررضي‌الله‌عنه يفعل ذلك فإنْ أعياه أن يجد في القرآن والسنّة نظر هل كان لأبي بكر فيه قضاء، فإنْ وجد أبابكر قد قضى فيه بقضاء قضى به وإلّا دعا رؤس المسلمين فإذا اجتمعوا على أمرٍ قضى به »(١) . وقد رواه المتقي في ( كنز العمال ) والمحبّ الطبري - قبل السيوطي - في ( الرياض النضرة ).

ولكن أين آثار أعلميّتهم؟ بل إنّ أكثر تلك الأخبار يشتمل على شواهد بيّنة على جهلهم وبلادتهم وسنذكر بعضهم فيما بعد إنْ شاء تعالى فانتظر.

وأمّا خامساً: فرضنا أنّ تقيّدهم بأمر الخلافة منعهم عن الإِفادة ونشر العلوم والآثار الدالّة على أعلمّيتهم، لكنّ التقيّد بأمر الخلافة لا يوجب ظهور آثار الجهل والضلال منهم، فإذا كان من المعقول اختفاء أعلميّة شخصٍ أو علم عالمٍ بوجهٍ من الوجوه، فإن شيئاً لا يكون سبباً في ظهور جهله، بل لا يعقل ذلك مع فرض عالميّته فضلاً عن كونه الأعلم، لأن العلم والجهل ضدّان، مع أنّ آثار الجهل المنقولة عنهم كثيرة جدّاً بحيث لا تقبل الستر والكتمان.

____________________

(١). تاريخ الخلفاء: ٤٢.

١٨٦

أخذ الخلفاء وغيرهم من الامام

وأمّا قول البنباني: « وقد كان عليرضي‌الله‌عنه في أيام خلافتهم مشغولا بالإفادة والإفاضة، فالذين لم يدركوا شرف الصحّبة أتوا إليه وأخذوا منهرضي‌الله‌عنه » ففيه: إنّ الامامعليه‌السلام كان مشغولاً بالإِفادة والإِفاضة وسائر شئون الإِمامة والخلافة طيلة أيام حياته الكريمة الشّريفة، ولم يكن الأخذ منه منحصراً بالذين لم يدركوا شرف الصحّبة، بل لقد أخذ منه كبار الصحابة، والخلفاء الثلاثة، وأئمة التابعين كما عرفت وستعرف إن شاء الله ربّ العالمين ولقد اشتهر عن عمر قوله: « لو لا علي لهلك عمر » وقوله: « أعوذ بالله من معضلة ليس لها أبو الحسن » حتى صار من الأمثال واشتهر رجوعهم إليه حتى اعترف بذلك كبار علماء أهل السنة سلفاً وخلفاً:

قال ابن الاثير: « وله أخبار كثيرة نقتصر على هذا منها، ولو ذكرنا ما سأله الصحابة مثل عمر وغيره رضي الله عنهم لأطلنا »(١) .

وقال الكنجي: « ومع هذا، فقد قال العلماء من الصحابة والتابعين وأهل بيته بتفضيل علي، وزيادة علمه وغزارته وحدّة فهمه ووفور حكمته وحسن قضاياه وصحة فتواه، وقد كان أبوبكر وعمر وعثمان وغيرهم من علماء الصحابة يشاورونه في الأحكام، ويأخذون بقوله في النقض والإِبرام، إعترافاً منهم بعلمه ووفور فضله ورجاحة عقله وصحة حكمه »(٢) .

وقال النووي: « وسؤال كبار الصحابة له ورجوعهم إلى فتاويه وأقواله في المواطن الكثيرة والمسائل المعضلات مشهور »(٣) .

وقال شهاب الدين أحمد: « وهو كان بإجماع الصحابة مرجوعاً إليه في

____________________

(١). أسد الغابة ٤ / ٢٣.

(٢). كفاية الطالب: ٢٢٣.

(٣). تهذيب الأسماء واللغات ١ / ٣٤٦.

١٨٧

علمه، موثوقاً بفتواه وحكمه، والصحابة كلّهم يراجعونه فيما أشكل عليهم ولا يسبقونه، ومن هذا المعنى قال عمر: لو لا علي لهلك عمر. رضي الله تعالى عنهم »(١) .

وقال القاري: « والمعضلات التي سأله كبار الصحابة ورجعوا إلى فتواه فيها [ فيها ] فضائل كثيرة شهيرة، تحقق قولهعليه‌السلام : أنا مدينة العلم وعلي بابها، وقولهعليه‌السلام : أقضاكم علي »(٢) .

وقال عبد الحق الدهلوي: « وسؤال كبار الصحابة ورجوعهم إلى فتاواه وأقواله في المواطن الكثيرة والمسائل المعضلات مشهور، وكان عمررضي‌الله‌عنه يرجع إليه ويسأله ولا يحكم حتى يسأله، وكان يقول: أقضانا علي »(٣) .

وقال نصر الله الكابلي - في مبحث حديث السفينة، في ذكر أهل البيت -:

« ولا شك أن الفلاح منوط بولائهم وهداهم، والهلاك بالتخلّف عنهم، ومن ثمة كان الخلفاء والصحابة يرجعون إلى أفضلهم فيما أشكل عليهم من المسائل »(٤) .

وقال العجيلي: « ولم يكن يسأل منهم واحداً، وكلّهم يسأله مسترشداً، وما ذلك إلّا لخمود نار السؤال تحت نور الإِطّلاع »(٥) .

وقال الحفني: « قوله: عيبة علمي. أي وعاء علمي الحافظ له، فإنه باب مدينة العلم، ولذا كانت الصحابة تحتاج إليه في فكّ المشكلات »(٦) .

وقال البنباني نفسه: « وكفاك شاهداً على كونه أعلم: إن سلاسل العلماء من المفسرين وأهل العربية وغيرهم والعرفاء تنتهي إليه، وأن الحكماء كانوا يعظّمونه غاية التعظيم، والكبراء من الصحابة كانوا يرجعون إليه فيما كان يشكل

____________________

(١). توضيح الدلائل - مخطوط.

(٢). شرح الفقه الأكبر: ١١٣.

(٣). أسماء رجال المشكاة - ترجمة أمير المؤمنينعليه‌السلام .

(٤). الصواقع الموبقة - مخطوط.

(٥). ذخيرة المآل - مخطوط.

(٦). حاشية الجامع الصغير: ١٧٦.

١٨٨

عليهم، وهو المجيب عن شبهات اليهود وظلمات النصارى، كما هو المعروف والمشهور »(١) .

فهذه كلمات القوم في رجوع الصحابة والخلفاء إلى الامامعليه‌السلام ، وهذا كلام البنباني نفسه، وكفى بذلك شاهداً على خزيه وافتضاحه.

دلالة الحديث على أنّ للمدينة باباً واحداً فقط

وآخر ما قال البنباني هنا هو قوله: « ثم لا أدري أيّ لفظ في الحديث يدلّ على أنْ ليس لمدينة العلم إلّا باب واحد هو عليرضي‌الله‌عنه ، بل يجوز أن يكون لها أبواب، ويكون علي كرّم الله وجهه باباً » وهو يدلّ على شدة جهله، إذ لا ريب في وجود لفظ « بابها » في هذا الحديث، ومن كان له أدنى شعور فهم منه وحدة الباب.

وأيضاً: يدل على وحدة الباب سياق الحديث بجميع ألفاظه، الدال على أنّ غرض النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اختصاص شرف البابية بعليعليه‌السلام ، كما اختصّ بنفسه الشريفة شرف كونه مدينة العلم وللحديث ذيل في كثيرٍ من طرقه يزيد معنى الحديث وضوحاً ويؤكّده، كقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « فمن أراد العلم فليأت الباب » وقوله: « فمن أراد العلم فليأت باب المدينة » وقوله: « فمن أراد المدينة فليأت الباب » وقوله: « فمن أراد المدينة فليأتها من بابها » وقوله: « فمن أراد العلم فليأته من بابه » وقوله: « أنا مدينة العلم وأنت بابها يا علي كذب من زعم أنه يدخلها من غير بابها » وقوله: « أنا مدينة العلم وأنت الباب، كذب من زعم أنه يصل إلى المدينة إلّا من قبل الباب » وهذه الألفاظ وردت في طرق الحاكم، والحدثاني، والطبري، والطبراني، والحربي، وابن المغازلي، كما دريت سابقاً فلا تكن من الذاهلين.

____________________

(١). شرح تهذيب الكلام - مبحث الامامة.

١٨٩

مضافاً: إلى ما سبق عن كتاب ( المناقب لابن المغازلي ) من أنّ جابر بن عبد الله الأنصاري روى الحديث قائلاً: « سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول يوم الحديبيّة - وهو آخذ بضبع علي بن أبي طالب -: هذا أمير البررة وقاتل الفجرة، منصور من نصره، مخذول من خذله، ثم مدّ بها صوته فقال: أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأت الباب »(١) .

ومن هنا: رأيت الأصحاب متّفقين على هذا المعنى، احتج به الامام على أصحاب الشورى واعترفوا به، واحتج به ابن عباس في مقابلة عائشة، وعمرو بن العاص في مقابلة معاوية

ولـمّا رأى علماء أهل السنّة ذلك: اعترفوا بهذا المعنى ولم يكن لهم مناص من ذلك:

قال الكنجي: « الباب الثامن والخمسون - في تخصيص عليرضي‌الله‌عنه بقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها »(٢) .

وقال محبّ الدين الطبري: « ذكر اختصاصه بأنه باب دار العلم وباب مدينة العلم - عن عليرضي‌الله‌عنه قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا دار العلم وعلي بابها. أخرجه في المصابيح في الحسان، و أخرجه أبو عمر وقال: أنا مدينة العلم، وزاد: فمن أراد العلم فليأته من بابه »(٣) .

وقال الحسين بن محمد الفوزي في ( نزهة الأرواح ) في مدح الامام: « هو الذي لولاه لم يكن لمدينة العلم باب، ومعه لا حاجة لملك الدين إلى باب ».

وقال نظام الدين محمد بن أحمد البخاري في ( ملفوظاته ): « وهو المخصوص من بين جملة الصحابة بكثرة العلم، لِقول رسول الله: أنا مدينة العلم وعلي بابها، ولهذا قال عمر بن الخطاب: لو لا علي لهلك عمر ».

____________________

(١). المناقب لابن المغازلي: ٨٤.

(٢). كفاية الطالب: ٢٢٠.

(٣). الرياض النضرة ٢ / ١٥٩.

١٩٠

وقال مغلطاي بن قليج في ( التلويح - شرح البخاري ) على ما نقله بدر الدين العيني حيث قال: « وفي التلويح: ومن خواصّه - أي خواص علي رضي الله تعالى عنه - فيما ذكره أبو الثناء: إنه كان أقضى الصحابة، وإن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تخلّف عن أصحابه لأجله، وأنه باب مدينة العلم، وإنّه لما أراد كسر الأصنام التي في الكعبة المشرفة أصعده النبي صلّى الله تعالى عليه وسلّم برجليه على منكبيه، وإنّه حاز سهم جبرئيل عليه الصلاة والسلام بتبوك فقيل فيه:

علي حوى سهمين من غير أنْ غزا

غزاة تبوك حبّذا سهم مسهم

وأنّ النظر إلى وجهه عبادة، روته عائشة رضي الله تعالى عنها، وأنه أحبّ الخلق إلى الله بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . رواه أنس في حديث الطائر. وسمّاه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يعسوب الدين، وسمّاه أيضاً زر الأرض. وقد رويت هذه اللفظة مهموزة ومليّنةً »(١) .

وقال محمد بن إسماعيل بن صلاح الأمير في ( الروضة الندية ) بعد أن بيّن معنى حديث أنا مدينة العلم كما مرّ: « وإذا عرفت هذا عرفت أنه قد خصّ الله الوصيعليه‌السلام بهذه الفضيلة العجيبة، ونوّه شأنه إذ جعله باب أشرف ما في الكون وهو العلم، وأن منه يستمد ذلك من أراده. ثم إنه باب لأشرف العلوم وهي العلوم الدينية، ثم لأجمع خلق الله علما وهو سيد رسلهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وأن هذا الشرف يتضاءل عنه كل شرف، ويطأطئ رأسه تعظيما له كلّ من سلف وخلف.

وكما خصّه الله بأنه باب مدينة العلم فاض عنه منها ما يأتيك من ذلك قريباً ».

فتلخص: أن دعوى عدم دلالة الحديث على اختصاص الأميرعليه‌السلام بالبابيّة مندفعة، وأنّه لا يدّعيها إلّا المكابر للحق، والمعاند لأهل

____________________

(١). عمدة القاري ١٦ / ٢١٥.

١٩١

البيت الطاهرين، والمخالف لما عليه جميع الأصحاب وأعاظم علماء أهل مذهبه.

ومع التنزّل عن جميع ما ذكر نقول: من المراد من الأبواب في قول البنباني: « بل يجوز أن يكون لها أبواب، ويكون علي كرم الله وجهه باباً منها »؟ وما الدليل على كونهم أبواباً؟ إن أُريد من الأبواب المشايخ الثلاثة، فيكون للمدينة أربعة أبواب، فهذا ما ادّعاه العاصمي وأجبنا عنه بالتفصيل. وإنْ أُريد منهم الثلاثة وأُبي ومعاذ وزيد بن ثابت وأبو عبيدة وأبو ذر فهذا قد ادّعاه العاصمي أيضاً، وسبق أنْ أجبنا عنه في محلّه. وإنْ أريد أن جميع الأصحاب هم الأبواب لها، فهذا ما زعمه القاري، وقد أبطلناه. وإنْ أُريد من قوله: « يجوز أن يكون لها أبواب » جعل أبواب تخييلية للمدينة، فإنَّ أمير المؤمنينعليه‌السلام هو الباب الحقيقي لمدينة العلم، والبابيّة الحقيقية منحصرة في وجوده الشريف، ومن هنا قال فخر الدين ابن مكانس المصري في مدحه:

« يا ابن عم النبي إن أُناساً

قد توالوك بالسعادة فازوا

أنت للعلم في الحقيقة باب

يا إماماً وما سواك مجاز »(١)

على أنّ جعل بعض الأصحاب أبواباً للمدينة - مع أنّه ثبت بطلانه بوجوه غير محصورة - لا ينفع البنباني وغيره على حالٍ من الأحوال، ومن هنا لم يتفّوه به أحد قبل العاصمي، وكيف يتخيّل أحد ذلك مع أنه لا مجال له في الحديث أبداً، ومن هنا ترى الوضّاعين يتصرّفون في الحديث ويضعون له زيادات وألفاظاً ركيكة كما رأيت، ولا تجد أحداً منهم يجرأ على افتعال حديثٍ بلفظ: أنا مدينة العلم وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي ومعاوية أبوابها، فلو جاز ذلك لوضعوه كما وضعوا الألفاظ الُأخرى.

ثم أنّه لو لا دلالة الحديث على اختصاص هذا المقام العظيم بالإِمامعليه‌السلام لما كانت تلك المكابرات الفاضحة في مقابلة هذا الحديث المخرّج في

____________________

(١). خزانة الأدب لابن حجة الحموي: ٧٥.

١٩٢

الصّحاح والمسانيد والجوامع المعتبرة الُأخرى، لكنّهم لما رأوا دلالته على الإِختصاص المذكور المقتضي للأعلميّة المستلزمة للامامة قدحوا فيه، لأنه يهدم أساس مذهبهم ويبطل كيان خلافتهم، ألا ترى إلى ابن تيميّة كيف لا يمكنه المناقشة في دلالة هذا الحديث، وأنّ الداعي على الطعن فيه هو نفس دلالته على الإختصاص؟! إنّه يقول: « والكذب يعرف من نفس متنه، فإن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا كان مدينة العلم ولم يكن لها إلّا باب واحد ولم يبلّغ عنه عنه العلم إلّا واحد فسد أمر الاسلام » وحينئذٍ يقع التنافر والتهافت بين كلام ابن تيميّة وكلام يعقوب البنباني، فبكلام ابن تيميّة أيضاً يسقط كلام البنباني أما كلام ابن تيميّة فقد أبطلناه في موضعه، فراجع ما ذكرناه هناك إن شئت بل إنّ كلام البنباني نفسه متناقض متهافت، فإنّ الناظر فيه لا يشك في دلالة الحديث على أنّ للمدينة باباً واحداً عند البنباني أيضاً، وهو يعترف بأنّ الباب هو علي، ويعتذر للخلفاء بتقيّدهم بأمر الخلافة، غاية ما في الباب إنّه يزعم كونه باباً للتابعين فقط لا للصّحابة - وهذا أمر آخر بيّنا بطلانه فيما سبق - والحمد لله رب العالمين.

* * *

١٩٣

(١٣)

مع القادري

في كلامه حول الحديث

وانتحل محمود بن محمد بن علي الشيخاني القادري كلام السمهودي في تأويل حديث مدينة العلم فقال: « و روى الإِمام أحمد في الفضائل والترمذي مرفوعاً: إن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: أنا مدينة العلم وعلي بابها. ولهذا كان ابن عباس يقول: من أتى العلم فليأت الباب. وهو عليرضي‌الله‌عنه .

وقال الترمذي عقب هذا: إنه منكر. وكذا قال شيخه البخاري. وصحّحه الحاكم. وأورده ابن الجوزي في الموضوعات. وقال الحافظ أبو سعيد العلائي: الصواب إنه حسن باعتبار طرقه لا صحيح ولا ضعيف، فضلاً عن أن يكون موضوعاً. وكذا قال شيخ الإِسلام الحافظ ابن حجر في فتوى له.

ولا ينافيه تفضيل أبي بكر عنه مطلقاً بشهادة علي وغيره بذلك له، وشهد له بالعلم أيضاً، فقد قال علي: أبو بكر أعلمهم وأفضلهم. وما اختلفوا في شيء إلّا كان الحق معه، وعدم اشتهار علمه لعدم طول مدته بعد الاحتياج بموت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم »(١) .

وهذا عين ألفاظ السمهودي في ( جواهر العقدين ) انتحلها الشيخاني من غير أنْ يشير إلى ذلك، وأمّا تصرّفه الطفيف في أوّل الكلام فلا يخرجه عن دائرة الانتحال، بل يكشف عن قلّة فهمه، كما لا يخفى على من طابق بين الكلامين.

وعلى كلّ حال، يكفي في الجواب عما قاله الشيخاني ما ذكرناه في جواب كلام السمهودي، فراجعه لتظهر لك حقيقة الحال.

ثم إنّه كما ذكر السّمهودي - قبل كلامه المتعلِّق بحديث مدينة العلم وبعده - بعض الأخبار والآثار المثبتة لأعلميّة الإِمامعليه‌السلام ، والكاشفة عن

____________________

(١). الصراط السوي - مخطوط.

١٩٤

جهل الشيخين، كذلك القادري ذكر تلك الآثار والأخبار، وأبطل بها مقالته حول حديث مدينة العلم من حيث لا يشعر، وهذا نصّ ما ذكره القادري قبل مقالته، بعد ذكر رواية حكم عمر برجم المرأة المجنونة: « وفي رواية فقال عمر: لو لا علي لهلك عمر. وروى بعضهم: إنه اتّفق لعلي مع أبي بكر رضي الله عنهما نحو ذلك، وكان عمر يقول لعلي: لا أبقاني الله بعدك يا علي. كذا أخرجه ابن السّمان. وكان عمر يقول: أقضانا علي، وكان يتعوّذ من معضلة ليس لها أبو حسن. رواه الدارقطني. ولفظ التعوذ: أعوذ بالله من معضلة ليس لها أبو حسن. وكان عمر يقول: أعوذ بالله أن أعيش في قوم لست فيهم أبا حسن، وكان عمر لا يبعث علياً لبعوث لأخذ رأيه ومشاورته. وكان عطا يقول: والله ما علمت أحداً من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أفقه من علي. كذا أخرجه الحافظ الذهبي »(١) .

وقال بعد مقالته: « وقول عمررضي‌الله‌عنه : علي أقضانا. رواه البخاري في صحيحه ونحوه عن جماعة من الصحابة. وللحاكم في المستدرك عن ابن مسعود قال: كنّا نتحدّث أنّ أقضى أهل المدينة علي وقال: إنه صحيح، ولم يخرجاه. و أصل ذلك قصة بعثهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعليرضي‌الله‌عنه إلى اليمن قاضياً فقال: يا رسول الله بعثتني أقضي بينهم وأنا شاب لا أدري ما القضاء!! فضرب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في صدره وقال: اللهم اهده وثبّت لسانه. قال: فو الذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما شككت في قضاء بين اثنين. رواه أبو داود والحاكم وقال: صحيح الإِسناد ».

وقال أيضاً: « وعن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال لفاطمة: أما ترضين أنْ زوّجتك أقدم أمتي سلماً وأكثرهم علماً وأعظمهم حلماً؟!. رواه أحمد والطبراني برجال وثقوا بهم ».

والله يحقّ بكلماته، والحمد لله رب العالمين.

____________________

(١). الصراط السوي - مخطوط.

١٩٥

(١٤)

مع عبد الحق

في كلامه حول الحديث

وقال الشيخ عبد الحق الدهلوي في تأويل حديث: « أنا دار الحكمة » ما نصه:

« قوله: أنا دار الحكمة وعلي بابها. قيل: لا شك أنّ العلم قد جاء منهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من قبل باقي الصحابة، وليس بمنحصر في علي المرتضىرضي‌الله‌عنه ، فلابدّ أنْ يكونوا أبواب العلم، لكن لا بدّ للتخصيص من وجه، بأن يكون متميّزا من سائر الأبواب بالسّعة والفتح والعظمة ونحوها، والله أعلم »(١) .

أقول: وما ذكره مردود من وجوه:

أحدها: دعوى مجيء العلم من قبل باقي الصحابة باطلة بالضّرورة، فقد كان في الصحابة من لا حظّ له من العلم ولا كلمة، وعليك بمراجعة أسامي الصحابة في ( الإِستيعاب ) و ( أسد الغابة ) و ( الإِصابة ) وأمثالها ليتّضح لك واقع الأمر.

والثاني: إنه لا يكفي نقل شيء من العلم عن رجل لأن يكون بابا للعلم، لما قرّرنا بالتفصيل من أنّ باب مدينة العلم محيط بجميع علم المدينة، وتحقّق هذه المرتبة لجميع أفراد الأصحاب من المستحيلات.

والثالث: إنه ليس كلّ ما نقل عن كلّ صحابي بعلمٍ، فبعض ما يرويه أهل السنّة عن الصحابة وأودعوه في أسفارهم وجوامعهم ليس بعلم، فإنّ كثيراً من الأشياء المنقولة عندهم تكذّبها الآيات القرآنية وأحاديث اهل بيت العصمةعليهم‌السلام بصراحة، ومن الواضح أنّ نقلة هكذا أشياء لا يعدّون علماء ولا

____________________

(١). اللّمعات في شرح المشكاة - باب مناقب علي.

١٩٦

يكونون أبواباً للعلوم.

بل كان فيهم أشخاص معروفون بالكذب والإِختلاق كأبي هريرة وأمثاله، ومنافاة الكذب والافتراء على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لبابيّة مدينة العلم، وبعد المتّصف بهذه الصفة عن مدينة العلم في غاية الوضوح.

والرابع: إن الصحابة كلّهم - كما صرّح به العجيلي في ( ذخيرة المآل ) - كانوا يسألون الامام أمير المؤمنينعليه‌السلام ، ويرجعون إليه في القضايا والأحكام، ولا سيّما الثلاثة منهم، فإن رجوعهم إليه في نهاية الشّهرة والتواتر، فكيف يكونون أبواباً لمدينة العلم كما هو سيدنا أمير المؤمنينعليه‌السلام ؟!

بل إنّ بعضهم اشتهر - على العكس من ذلك - بالجهالات الفاضحة حتى ضرب به المثل، فالقول بأنّ العلم قد جاء منهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من قبل باقي الصّحابة مكابرة واضحة.

والخامس: إن كثيراً من الصحابة كانت لهم مطاعن عظيمة ومعايب بادية - كما فصّل في ( تشييد المطاعن ) - خرجوا بها عن العدالة، بل لقد صدرت من بعضهم أعمال شنيعة خرجوا بها عن الاسلام - كما فصّل في كتب الأصحاب لا سيّما ( تشييد المطاعن ) - وحينئذٍ كيف يكون باقي الصحابة كلّهم أبواب العلم.

السادس: لقد كان في الصحابة أناس كثيرون يعادون النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويعاندونه، وكان فيهم جميع كثير يبغضون أمير المؤمنينعليه‌السلام فهل يجوّز العاقل أن يكونوا أبواب العلم؟!

دعوى أنّ وجه التخصيص تميّزه بالسّعة

فظهر أنّ غير الامامعليه‌السلام ليس باباً لمدينة العلم، فلا وجه لقول عبد الحق بعدئذٍ: « لكن لا بدّ للتخصيص من وجه بأنْ يكون متميّزاً من سائر الأبواب بالسعة والفتح والعظمة ونحوها » لكن قائله بعد أن فرض كون باقي الصّحابة أبواباً لما لم يجد في الحديث ذكراً لغير الامامعليه‌السلام استدرك قائلاً ذلك، لكنّه

١٩٧

غير نافع له أبداً، لأنّ كلمات أهل السنّة الصريحة في اختصاص هذا الشرف العظيم والمقام الجليل بسيّدنا أمير المؤمنينعليه‌السلام تردّه وتبطله، بل اعترف بذلك أكابر الأصحاب من الموالين والمخالفين لأمير المؤمنين، بالاضافة إلى احتجاج الامام نفسه بهذا الاختصاص.

ولو سلّمنا كلام القائل هذا، فإنّ التميّز الذي ذكره هو دليل الأعلميّة، والأعلمية دليل الخلافة، فبطلت خلافة المتقدّمين عليه.

فظهر من هاهنا أن صاحب القيل في هذا التوجيه والتأويل لا يحصل الّا على ما يورث له التعيير والتخجيل، ويجعل كيده في تضليل.

فهذا جواب ما ذكره عبد الحق الدّهلوي عن قائل لم يصرّح باسمه.

ثم قال عبد الحق الدهلوي بعد كلامٍ له: « ولكن لا يقتضي ذلك الحصر في هذا الباب، وهذا باب خاص ومخصوص بدخول العلم، فقد جاء أقضاكم علي، ولكلٍ من الخيرات والمبرّات والأنوار والأسماء التي أشرقت وظهرت من شمس النبوّة لها مظاهر ومجالي متعددة، بل لا تعدّ ولا تحصى:

فإنه شمس فضل هم كواكبها

يظهرن أنوارها للناس في الظلم

أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم.

وفي الحقيقة لمسألة الفضيلة وجوه وحيثيّات، وهذا هو المخلص والمسلك في هذا الباب، والله أعلم بالحق والصواب، وإليه المرجع والمآب ».

وهو أيضاً مردود من وجوه:

أحدها: قد عرفت مراراً أن حديث « أنا مدينة العلم وعلي بابها » يقتضي ذلك الحصر، وأنّ بعض رواياته صريح في ذلك، مع اعتراف الصحابة به سواء كانوا من الموالين المؤالفين أو من المعاندين المخالفين.

والثاني: قوله: « وهذا باب خاص ومخصوص بدخول العلم فقد جاء أقضاكم علي » من غرائب الكلام، لأنه إن أراد - كما هو ظاهر العبارة - أن هذا الباب - يعني الإِمامعليه‌السلام - خاص ومخصوص بدخول العلم منه إلى

١٩٨

المدينة، فبطلانه ظاهر جدّاً، وإنْ أراد أنّ الامامعليه‌السلام خاص ومخصوص بدخول مدينة العلم لأخذ العلم، أي إنّ من أراد الدخول إلى مدينة العلم فلا بدّ أنْ يدخل من هذا الباب الخاص المخصوص. فهذا حق وصدق، لكنّ عبارته قاصرة عن أداء هذا المعنى، وهو حينئذٍ يبطل ما ذكره سابقاً عن قائل مجهول، وكذا قوله هنا: ولكن لا يقتضي ذلك الحصر، اللهم إلّا أنْ يقول بأنّ كلّ واحدٍ من الأصحاب باب في صفةٍ من الصفات، فأبو بكر في الرأفة، وعمر في الشّدة وإلى هذا الوجه يوحي استدلاله بقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « أقضاكم علي » فيبطله وجوه:

١ - إنّ عبارته قاصرة عن أداء هذا المعنى.

٢ - إنّ كون كلّ واحد من الأصحاب بابا في صفة من الصفات ذكره العاصمي إستناداً إلى حديث موضوع، وقد تكلّمنا عليه سابقاً بالتفصيل، فراجع إن شئت.

٣ - إن كون الإِمامعليه‌السلام أقضى الأصحاب يستلزم كونه باباً لمدينة العلم في جميع علومها، وسيأتي مزيد بيان لهذا إن شاء الله تعالى.

لا مظاهر لصفات النبوة إلّا أهل البيت

الثالث: وقوله: « ولكلٍ من الخيرات والمبرات والأنوار والأسرار التي أشرقت من شمس النبوة لها مظاهر ومجالي متعدّدة بل لا تعدّ ولا تحصى » زعم فاسد، لأنّ مظاهر ومجالي ذلك كلّه هم أهل البيت المعصومون، لأنّهم المخلوقون من نوره وطينتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما تحقّق في ( قسم حديث النور ) من ( كتابنا ) ولو كان وراءهم من الأصحاب أحد له الأهليّة لهذه المنزلة فهم أشخاص معدودون، فقوله: « لا تعد ولا تحصى » ساقط على أنّ من حصل على ذلك فبواسطة أهل البيتعليهم‌السلام حصل، قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « نحن الشعار والأصحاب والخزنة والأبواب ولا تؤتى البيوت إلّا من

١٩٩

أبوابها » فهم أفضل من هؤلاء الأصحاب المعدودين قطعاً.

العلم أجلّ الصفات

والرابع: إنّ العلم أجل الصّفات وأعلاها، فمن كان مظهر العلم ومجلاة فهو أفضل من غيره الذي هو مظهر صفةٍ من الصّفات الأخرى، وهذا في غاية الوضوح.

ثم إنه إنْ أراد عبد الحق: أنّ لكلّ واحدٍ من « الخيرات والمبرات والأنوار والأسرار » مظاهر ومجالي متعددة بل لا تعد ولا تحصى، فلا يرتاب عاقل في بطلانه، إذ لم يتحقق لواحد من الأنوار والأسرار مظاهر ومجالي لا تعد ولا تحصى، فكيف بكل واحدٍ واحدٍ منها؟! نعم لمـّا كان أهل بيته جميعاً مظاهر ومجالي الخيرات والمبرّات والأنوار والأسرار، وكانوا متعدّدين، أمكن إثبات المظاهر والمجالي لكلٍ واحدٍ واحدٍ من الخيرات والمبرات

وإن أراد: أنّ لمجموع الخيرات والمبرات من حيث المجموع مظاهر ومجالي لا تعد ولا تحصى فهذا أقلّ شناعةً من الفرض الأول، لكنّه باطل كذلك قطعاً، إلّا أهل البيت الأطهار عليهم الصلاة والسلام، الذين لم يختلفوا عنه لا خلقاً ولا خلقاً بالأدلّة المتكاثرة من الكتاب والسنّة المتواترة

والخامس: الشعر الذي استشهد به هو من أبيات البردة البوصيريّة والمراد من الضمير في « فإنه» هو النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وفي « هم كواكبها » هم الأنبياءعليهم‌السلام :

قال الشيخ خالد الأزهري بشرحه:

وكل آي أتى الرسل الكرام بها

فإنما اتّصلت من نوره بهم

فإنه شمس فضل هم كواكبها

يظهرن أنوارها للناس في الظلم

( اللغة ) أي جمع آية بمعنى علامة، وأتى أي جاء، والرسل جمع رسول وهو إنسان أُوحي إليه بالعمل والتبليغ، والكرام جمع كريم، والإِتصال ضدّ الإِنقطاع

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301