تذكرة الفقهاء الجزء ١٢

تذكرة الفقهاء10%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-224-5
الصفحات: 381

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 381 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 125559 / تحميل: 5801
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ١٢

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٢٢٤-٥
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

وقال أبو حنيفة : تصحّ الإقالة ، ويبطل الشرط ، ويجب ردّ الثمن ؛ لأنّ الإقالة تصحّ بغير ذكر بدل ، فإذا ذكره فاسداً ، لم تبطل ، كالنكاح(١) .

ونحن نقول : إنّه أسقط حقّه من المبيع بشرط أن يحصل له العوض الذي شرطه ، فإذا لم يسلم له الذي شرطه ولا بذل له ، لم يزل ملكه عنه ، بخلاف النكاح ، فإنّه يثبت فيه عوض آخر. ولأنّ شرط الزيادة يخرج الإقالة عن موضوعها ، فلم تصحّ ، بخلاف النكاح.

مسالة ٦٣١ : تصحّ الإقالة في بعض المـُسْلَم فيه - وبه قال عطاء وطاوُس وعمرو بن دينار والحكم بن عيينة ، وإليه ذهب أبو حنيفة والشافعي والثوري ، وروي عن عبد الله بن عباس أنّه قال : لا بأس به(٢) - وهو المعروف ؛ لأنّ الإقالة مستحبّة ، وهي من المعروف ، وكلّ معروف جاز في جميع العوض جاز في بعضه ، كالإبراء والإنظار.

وقال مالك وربيعة والليث بن سعد وابن أبي ليلى : لا يجوز ذلك. وكرهه أحمد وإسحاق ، ورواه ابن المنذر عن ابن عمر والحسن وابن سيرين والنخعي ؛ لأنّه إذا أقاله في بعضه فقد صار بيعاً وسَلَفاً ، وقد نهى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عن البيع والسلف(٣) . [ و ](٤) لأنّه إذا أقاله في بعضه وردّ بعض‌

____________________

(١) تحفة الفقهاء ٢ : ١١١ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٥٥ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ١٦ ، حلية العلماء ٤ : ٣٨٦ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٤٩٢.

(٢) المغني والشرح الكبير ٤ : ٣٧٢ ، مختصر اختلاف العلماء ٣ : ٢٦ / ١٠٩٦ ، حلية العلماء ٤ : ٣٨٧ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٤٩٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٨٣ ، روضة الطالبين ٣ : ١٥٥ ، بداية المجتهد ٢ : ٢٠٦.

(٣) سنن البيهقي ٥ : ٣٤٨ ، شرح معاني الآثار ٤ : ٤٦.

(٤) زيادة يقتضيها السياق.

١٢١

رأس المال ، يصير في معنى القرض ؛ لأنّه ردّ مثله ، ويصير الباقي بيعاً(١) .

وهو منقوض بالرجوع بأرش العيب ، فإنّه في معنى ما ذكروه.

وكذلك ينتقض باليسير ، فانّ بعضهم كان يسلّم جواز الإقالة في اليسير منه.

على أنّا نمنع من كونه قرضاً. وردّ المثل لا يوجب كونه قرضاً ، وإلّا لزم أن يكون البيع إذا اُقيل منه قرضاً ؛ لوجوب ردّ المثل ، وليس كذلك.

سلّمنا ، لكن نمنع استحالة اجتماعهما في البيع ، لكن منع الاجتماع إنّما يكون إذا كان شرطاً في البيع ، وأمّا لو أسلفه شيئاً وباعه شيئاً ، جاز إذا لم يشترط أحدهما في الآخر عندهم(٢) .

مسالة ٦٣٢ : لو اشترى عبدين وتلف أحدهما ، صحّت الإقالة عندنا‌ ؛ لأنّها فسخ.

ومَنْ قال : إنّها بيع فوجهان في الإقالة في التالف بالترتيب ، إذ القائم تصادفه الإقالة فيستتبع التالف(٣) .

وإذا تقايلا والمبيع في يد المشتري ، نفذ تصرّف البائع فيه ؛ لأنّها فسخ.

ومَنْ جَعَلها بيعاً مَنَع ؛ إذ لا يصحّ التصرّف في المبيع قبل قبضه.

ولو تلف في يده ، انفسخت الإقالة عند مَنْ قال : إنّها بيع ، وبقي البيع كما كان.

____________________

(١) بداية المجتهد ٢ : ٢٠٦ ، المغني والشرح الكبير ٤ : ٣٧٢ ، حلية العلماء ٤ : ٣٨٧ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٤٩٣ ، مختصر اختلاف العلماء ٣ : ٢٦ / ١٠٩٦.

(٢) لم نعثر عليه في مظانّه.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٨٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١٥٤.

١٢٢

ومَنْ قال : إنّها فسخ صحّت الإقالة ، وكان على المشتري الضمان ؛ لأنّه مقبوض على حكم العوض ، كالمأخوذ قرضاً وسوماً. والواجب فيه إن كان متقوّماً أقلّ القيمتين من يوم العقد والقبض.

ولو تعيّب في يده ، فإن كانت بيعا ، تخيّر البائع بين إجازة الإقالة مجّانا ، وبين أن يفسخ ويأخذ الثمن. وإن كانت فسخا ، غرم أرش العيب.

ولو استعمله بعد الإقالة ، فإن جعلناها بيعاً ، فهو كالمبيع يستعمله البائع. وإن جعلناها فسخاً ، فعليه الاُجرة.

ولو عرف البائع بالمبيع عيباً كان قد حدث في يد المشتري قبل الإقالة ، فلا ردّ له إن كانت فسخاً. وإن كانت بيعاً ، فله ردّه(١) .

ويجوز للمشتري حبس المبيع لاسترداد الثمن على القولين. ولا يشترط [ ذكر ](٢) الثمن في الإقالة.

ولو أقاله على أن ينظره بالثمن أو على أن يأخذ الصحاح عوض المكسّرة ، لم يجز.

ويجوز للورثة الإقالة بعد موت المتبايعين.

وتجوز الإقالة في بعض المبيع - كما تقدّم - إذا لم تستلزم الجهالة.

قال الجويني : لو اشترى عبدين وتقايلا في أحدهما ، لم تجز على قول [ إنّها ](٣) بيع ، للجهل بحصّة كلّ واحد منهما(٤) .

وتجوز الإقالة في بعض المسلم فيه ، لكن لو أقاله في البعض ليعجّل‌

____________________

(١) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « ردّها ». والصحيح ما أثبتناه.

(٢) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « فك ». والظاهر ما أثبتناه.

(٣) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « إنّه ». والظاهر ما أثبتناه.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٨٢ - ٢٨٣ ، روضة الطالبين ٣ : ١٥٤ - ١٥٥.

١٢٣

الباقي أو عجّل المـُسْلَم إليه البعض ليقيله في الباقي ، فهي فاسدة.

نعم ، لو قال للمُسْلَم إليه : عجّل لي حقّي ، وأخذ دون ما استحقّه بطيبة من نفسه ، كان جائزاً ؛ لأنّه نوع صلحٍ وتراضٍ ، وهو جائز.

وقال الشافعي : لا يجوز(١) .

مسالة ٦٣٣ : لا تسقط اُجرة الدلّال والوزّان والناقد بعد هذه الأفعال بالإقالة‌ ؛ لأنّ سبب الاستحقاق ثابت ، فلا يبطل بالطارئ.

ولو اختلفا في قيمة التالف من العبدين ، فالقول قول من ينكر الزيادة مع اليمين.

____________________

(١) لم نعثر عليه في مظانّه.

١٢٤

١٢٥

المقصد الثامن : في اللواحق‌

وفيه فصلان :

الأوّل : في أنواع المكاسب.

مسالة ٦٣٤ : طلب الرزق للمحتاج واجب ، وإذا لم يكن له وجه التحصيل إلّا من المعيشة، وجب عليه.

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « ملعون مَنْ ألقى كلّه على الناس »(١) .

وهو أفضل من التخلّي للعبادة.

روى عليّ بن عبد العزيز عن الصادقعليه‌السلام قال : « ما فعل عمر بن مسلم؟ » قال : جعلت فداك أقبل على العبادة وترك التجارة ، فقال : « ويحه أما علم أنّ تارك الطلب لا يستجاب له ، إنّ قوماً من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لمـّا نزلت( وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ) (٢) أغلقوا الأبواب وأقبلوا على العبادة ، وقالوا : قد كفينا ، فبلغ ذلك النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأرسل إليهم فقال : ما حملكم على ما صنعتم؟ فقالوا : يا رسول الله تكفّل لنا بأرزاقنا فأقبلنا على العبادة ، فقال : إنّه من فعل ذلك لم يستجب له ، عليكم بالطلب »(٣) .

وسأل عمر بن زيد الصادقَعليه‌السلام : رجل قال : لأقعدنّ في بيتي‌

____________________

(١) الكافي ٥ : ٧٢ / ٧ ، التهذيب ٧ : ٣٢٧ / ٩٠٢.

(٢) الطلاق : ٢ و ٣.

(٣) الكافي ٥ : ٨٤ / ٥ ، الفقيه ٣ : ١١٩ - ١٢٠ / ٥٠٩ ، التهذيب ٦ : ٣٢٣ / ٨٨٥.

١٢٦

ولاُصلّينّ ولأصومنّ ولأعبدنّ ربّي عزّ وجلّ ، فأمّا رزقي فسيأتيني ، فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « هذا أحد الثلاثة الذين لا يستجاب لهم »(١) .

وسأل العلاء بن كامل الصادقَعليه‌السلام أن يدعو له الله تعالى أن يرزقه في دعة ، فقال : « لا أدعو لك ، اطلب كما أمرك الله »(٢) .

وسأل الصادقُعليه‌السلام عن رجل ، فقيل : أصابته حاجة ، قال : « فما يصنع اليوم؟ » قيل(٣) : في البيت يعبد ربّه عزّ وجلّ ، قال : « فمن أين قوته؟ » قيل : من عند بعض إخوانه ، فقال الصادقعليه‌السلام : « والله للذي(٤) يقوته أشدّ عبادةً منه »(٥) .

وقال الباقرعليه‌السلام : « مَنْ طلب الدنيا استعفافاً عن الناس وسعياً على أهله وتعطّفاً على جاره لقي الله عزّ وجلّ يوم القيامة ووجهه مثل القمر ليلة البدر »(٦) .

مسالة ٦٣٥ : وفي طلب الرزق ثواب عظيم.

قال الله تعالى :( فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ ) (٧) .

وقال الباقرعليه‌السلام : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : العبادة سبعون جزءاً أفضلها طلب الحلال »(٨) .

____________________

(١) الكافي ٥ : ٧٧ / ١ ، التهذيب ٦ : ٣٢٣ / ٨٨٧.

(٢) الكافي ٥ : ٧٨ / ٣ ، التهذيب ٦ : ٣٢٤ / ٨٨٨.

(٣) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « قال » بدل « قيل ». وما أثبتناه من المصدر.

(٤) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « بالله الذي ». وما أثبتناه من المصدر.

(٥) الكافي ٥ : ٧٨ / ٤ ، التهذيب ٦ : ٣٢٤ / ٨٨٩.

(٦) الكافي ٥ : ٧٨ / ٥ ، التهذيب ٦ : ٣٢٤ / ٨٩٠.

(٧) المـُلْك : ١٥.

(٨) الكافي ٥ : ٧٨ / ٦ ، التهذيب ٦ : ٣٢٤ / ٨٩١.

١٢٧

وقال الصادقعليه‌السلام : « يا هشام إن رأيت الصفّين قد التقيا فلا تدع طلب الرزق في ذلك اليوم »(١) .

وقال الصادقعليه‌السلام : « إنّ محمّد بن المنكدر كان يقول : ما كنت أرى أنّ عليّ بن الحسينعليهما‌السلام يدع خلفاً أفضل من عليّ بن الحسين حتى رأيت ابنه محمّد بن عليّعليهما‌السلام فأردت أن أعظه فوعظني ، فقال له أصحابه : بأيّ شي‌ء وعظك؟ قال : خرجت إلى بعض نواحي المدينة في ساعة حارّة ، فلقيني أبو جعفر محمّد بن عليّعليهما‌السلام وكان رجلاً بادناً ثقيلاً وهو متّكئ على غلامين أسودين أو موليين ، فقلت في نفسي : سبحان الله شيخ من أشياخ قريش في هذه الساعة على هذه الحال في طلب الدنيا ، أما لأعظنّه ، فدنوت منه فسلّمت عليه ، فردّ عليّ بنهر وهو يتصابّ عرقاً ، فقلت : أصلحك الله شيخ من أشياخ قريش في هذه الساعة على هذه الحال في طلب الدنيا ، أرأيت لو جاء أجلك وأنت على هذه الحال ما كنت تصنع؟ فقالعليه‌السلام : لو جاءني الموت وأنا على هذه الحال جاءني وأنا في طاعة من طاعات الله عزّ وجلّ ، أكف بها نفسي وعيالي عنك وعن الناس ، وإنّما كنت أخاف أن لو جاءني(٢) الموت وأنا على معصية من معاصي الله عزّ وجلّ ، فقلت : صدقت يرحمك الله ، أردت أن أعظك فوعظتني »(٣) .

وأعتق أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ألف مملوك من كدّ يده(٤) .

____________________

(١) الكافي ٥ : ٧٨ / ٧ ، التهذيب ٦ : ٣٢٤ / ٨٩٢.

(٢) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « جاء » بدل « جاءني ». وما أثبتناه من المصدر.

(٣) الكافي ٥ : ٧٣ - ٧٤ / ١ ، التهذيب ٦ : ٣٢٥ / ٨٩٤.

(٤) الكافي ٥ : ٧٤ / ٤ ، التهذيب ٦ : ٣٢٥ - ٣٢٦ / ٨٩٥.

١٢٨

وقال الصادقعليه‌السلام : « أوحى الله عزّ وجلّ إلى داوُدعليه‌السلام أنّك نِعْم العبد لو لا أنّك تأكل من بيت المال ولا تعمل بيدك شيئاً » قال : « فبكى داوُدعليه‌السلام أربعين صباحاً ، فأوحى الله عزّ وجلّ إلى الحديد أن لِنْ لعبدي داوُد ، فألانَ الله تعالى له الحديدَ ، فكان يعمل كلّ يوم درعاً فيبيعها بألف درهم ، فعمل ثلاثمائة وستّين درعاً ، فباعها بثلاثمائة وستّين ألفاً ، واستغنى عن بيت المال »(١) .

وقال محمّد بن عذافر عن أبيه ، قال : أعطى أبو عبد اللهعليه‌السلام أبي ألفاً وسبعمائة دينار ، فقال له : « اتّجر لي بها » ثمّ قال : « أما إنّه ليس لي رغبة في ربحها وإن كان الربح مرغوباً فيه ، ولكن أحببت أن يراني الله عزّ وجلّ متعرّضاً لفوائده » قال : فربحت فيها مائة دينار ، ثمّ لقيته فقلت : قد ربحت لك فيها مائة دينار ، قال : ففرح أبو عبد اللهعليه‌السلام بذلك فرحاً شديداً ، ثمّ قال : « أثبتها لي في رأس مالي »(٢) .

وقال الصادقعليه‌السلام في تفسير قوله تعالى :( رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً ) (٣) : « رضوان الله والجنّة في الآخرة ، والمعاش وحسن الخلق في الدنيا »(٤) .

وقال رجل للصادقعليه‌السلام : والله إنّا لنطلب الدنيا ونحبّ أن نؤتى بها ، فقال : « تحبّ أن تصنع بها ما ذا؟ » قال : أعود بها على نفسي وعيالي وأصل منها وأتصدّق وأحجّ وأعتمر ، فقال الصادقعليه‌السلام : « ليس هذا طلب الدنيا ،

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٣٢٦ / ٨٩٦.

(٢) الكافي ٥ : ٧٦ / ١٢ ، التهذيب ٦ : ٣٢٦ - ٣٢٧ / ٨٩٨.

(٣) البقرة : ٢٠١.

(٤) الكافي ٥ : ٧١ / ٢ ، التهذيب ٦ : ٣٢٧ / ٩٠٠.

١٢٩

هذا طلب الآخرة »(١) .

وقال معاذ بن كثير - صاحب الأكسية - للصادقعليه‌السلام : قد هممت أن أدع السوق وفي يدي شي‌ء ، قال : « إذن يسقط رأيك ، ولا يستعان بك على شي‌ء »(٢) .

مسالة ٦٣٦ : ولا ينبغي الإكثار في ذلك‌ ، بل ينبغي الاقتصار على ما يموّن نفسه وعياله وجيرانه ويتصدّق به.

قال الباقرعليه‌السلام : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في حجّة الوداع : ألا إنّ الروح الأمين نفث في روعي أنّه لا تموت نفس حتى تستكمل رزقها ، فاتّقوا الله عزّ وجلّ ، وأجملوا في الطلب ، ولا يحملنّكم استبطاء شي‌ء من الرزق أن تطلبوه بشي‌ء من معصية الله ، فإنّ الله تعالى قسّم الأرزاق بين خلقه حلالا ، ولم يقسّمها حراماً ، فمن اتّقى الله عزّ وجلّ وصبر أتاه الله برزقه من حلّه ، ومَنْ هتك حجاب الستر وعجّل فأخذه من غير حلّه قصّ به من رزقه الحلال ، وحوسب عليه يوم القيامة»(٣) .

وقال الصادقعليه‌السلام : « ليكن طلبك المعيشة فوق كسب المضيّع ودون طلب الحريص الراضي بدنياه المطمئنّ إليها ، ولكن أنزل نفسك(٤) من ذلك بمنزلة النصف(٥) المتعفّف ، ترفع نفسك عن منزلة الواهن الضعيف ، وتكتسب ما لا بُدَّ للمؤمن منه ، إنّ الذين أعطوا المال ثمّ لم يشكروا لا مال‌

____________________

(١) الكافي ٥ : ٧٢ / ١٠ بتفاوت يسير فيه ، التهذيب ٦ : ٣٢٧ - ٣٢٨ / ٩٠٣.

(٢) الكافي ٥ : ١٤٩ / ١٠ ، التهذيب ٦ : ٣٢٩ / ٩٠٨.

(٣) الكافي ٥ : ٨٠ / ١ ، التهذيب ٦ : ٣٢١ / ٨٨٠.

(٤) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « ولكن اترك لنفسك ». وما أثبتناه من المصدر.

(٥) في الكافي و « ي » : « المنصف » بدل « النصف ». والنصف : العدل. القاموس المحيط ٣ : ٢٠٠.

١٣٠

لهم »(١) .

وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « منهومان لا يشبعان : منهوم دنيا ، ومنهوم علم ، فمن اقتصر من الدنيا على ما أحلّ الله له سلم ، ومن تناولها من غير حلّها هلك إلّا أن يتوب ويراجع ، ومَنْ أخذ العلم من أهله وعمل به نجا ، ومَنْ أراد به الدنيا فهي حظّه »(٢) .

وقال الصادقعليه‌السلام : « ما أعطى الله عبدا ثلاثين ألفا وهو يريد به خيرا » وقال : « ما جمع رجل قطّ عشرة آلاف درهم من حلّ(٣) وقد يجمعها لأقوام ، إذا اعطي القوت ورزق العمل ، فقد جمع الله له الدنيا والآخرة »(٤) .

مسالة ٦٣٧ : فقد ثبت من هذا أنّ التكسّب واجب إذا احتاج إليه الإنسان لقوت نفسه وقوت من تجب نفقته عليه ، ولا وجه له سواه ، وأمّا إذا قصد التوسعة على العيال ونفع المحاويج وإعانة من لا تجب عليه نفقته مع حصول قدر الحاجة بغيره ، فإنّه مندوب إليه ، لما تقدّم من الأحاديث.

وأمّا ما يقصد به الزيادة في المال لا غير مع الغناء عنه ، فإنّه مباح. وقد يكون مكروها إذا اشتمل على وجه نهي الشارع عنه نهي تنزيه ، كالصرف ، فإنّه لا يسلم من الربا ، وبيع الأكفان ، فإنّه يتمنّى موت الأحياء ، والرقيق واتّخاذ الذبح والنحر صنعة ، لما في ذلك من سلب الرحمة من القلب ، وقد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « مَنْ قسا قلبه بعد من رحمة ربّه »(٥) .

____________________

(١) الكافي ٥ : ٨١ / ٨ ، التهذيب ٦ : ٣٢٢ / ٨٨٢.

(٢) الكافي ١ : ٣٦ ، ١ ، التهذيب ٦ : ٣٢٨ ، ٩٠٦.

(٣) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « عشرة ألف من حلّ ». وما أثبتناه من المصدر.

(٤) التهذيب ٦ : ٣٢٨ ، ٩٠٧.

(٥) وجدنا الحديث من دون « رحمة » في الكافي ٣ : ١٩٩ / ٥ ، والتهذيب ١ : ٣١٩ ، ٩٢٨ عن الإمام الصادقعليه‌السلام .

١٣١

قال إسحاق بن عمّار : دخلت على الصادقعليه‌السلام فخبّرته أنّه ولد لي غلام ، فقال : « ألا سمّيته محمّداً؟ » قال : قد فعلت ، فقال : « لا تضرب محمّداً ولا تشتمه ، جَعَله الله قرّة عين لك في حياتك وخَلَف صدْقٍ من بعدك » قلت : جعلت فداك فأيّ الأعمال(١) أضعه؟ قال : « إذا عدلته [ عن ](٢) خمسة أشياء فضَعْه حيث شئت ، لا تسلّمه صيرفيّاً ، فإنّ الصيرفيّ لا يسلم من الربا ، ولا تسلّمه بيّاع الأكفان ، فإنّ صاحب الأكفان يسرّه الوباء إذا كان ، ولا تسلّمه بيّاع طعام ، فإنّه لا يسلم من الاحتكار ، ولا تسلّمه جزّاراً فإنّ الجزّار تسلب [ منه ](٣) الرحمة ، ولا تسلّمه نخّاساً ، فإنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : شرّ الناس من باع الناس »(٤) .

وقال الكاظمعليه‌السلام : « جاء رجل إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : يا رسول الله قد علّمت ابني هذا الكتابة ففي أيّ شي‌ء أسلمه؟ فقال : أسلمه - لله أبوك - ولا تسلّمه في خمسة أشياء : لا تسلّمه سبّاء(٥) ولا صائغاً ولا قصّاباً ولا حنّاطاً ولا نخّاساً قال : فقلت : يا رسول الله ما السبّاء؟ فقال : الذي يبيع الأكفان ويتمنّى موت اُمّتي ، وللمولود من اُمّتي أحبّ إليَّ ممّا طلعت عليه الشمس ، وأمّا الصائغ فإنّه يعالج زين اُمّتي ، وأمّا القصّاب فإنّه يذبح حتى تذهب الرحمة من قلبه ، وأمّا الحنّاط فإنّه يحتكر الطعام على اُمّتي ، ولأن يلقى الله العبد سارقاً أحبّ إليَّ من أن يلقاه قد احتكر طعاماً أربعين يوماً ، وأمّا النخّاس فإنّه أتاني جبرئيلعليه‌السلام فقال : يا محمّد إنّ شرّ اُمّتك الذين‌

____________________

(١) في المصدر : « في أيّ الأعمال ».

(٢) ما بين المعقوفين من المصدر.

(٣) ما بين المعقوفين من التهذيب.

(٤) التهذيب ٦ : ٣٦١ - ٣٦٢ / ١٠٣٧ ، الاستبصار ٣ : ٦٢ - ٦٣ / ٢٠٨.

(٥) في النهاية - لابن الأثير - ٢ : ٤٣٠ : « سيّاء » بالياء المثنّاة التحتانيّة.

١٣٢

يبيعون الناس »(١) .

مسالة ٦٣٨ : ويكره اتّخاذ الحياكة والنساجة صنعةً‌ ؛ لما فيهما من الضعة والرذالة.

قال الله تعالى في قصّة نوحعليه‌السلام :( قالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ ) (٢) .

وقال أمير المؤمنينعليه‌السلام للأشعث بن قيس : « حائك بن حائك ، منافق بن كافر »(٣) .

قيل : إنّه كان ينسج الإبراد(٤) .

وقيل : إنّ قومه كانوا كذلك(٥) .

وقال أبو إسماعيل الصيقل الرازي(٦) : دخلت على الصادقعليه‌السلام ومعي ثوبان ، فقال لي : « يا أبا إسماعيل تجيئني من قبلكم أثواب كثيرة وليس يجيئني مثل هذين الثوبين اللّذين تحملهما أنت» فقلت : جعلت فداك تغزلهما اُمّ إسماعيل وأنسجهما أنا ، فقال لي : « حائك؟ » قلت : نعم ، قال : « لا تكن حائكاً » قلت : فما أكون؟ قال : « كُنْ صيقلاً » وكان معي مائتا دينار(٧) فاشتريت بها سيوفاً ومرايا عُتْقاً وقدمت بها الريّ ، وبعتها بربح‌

____________________

(١) الفقيه ٣ : ٩٦ / ٣٦٩ ، التهذيب ٦ : ٣٦٢ / ١٠٣٨ ، الاستبصار ٣ : ٦٣ / ٢٠٩.

(٢) الشعراء : ١١١.

(٣) نهج البلاغة - بشرح محمّد عبده - ١ : ٥١ - ٥٢ / ١٨.

(٤) شرح نهج البلاغة - لابن ميثم البحراني - ١ : ٣٢٤ ، حدائق الحقائق ١ : ٢١٢.

(٥) اُنظر : شرح نهج البلاغة - لابن أبي الحديد - ١ : ٢٩٧.

(٦) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « المرادي » بدل « الرازي ». وما أثبتناه من المصدر.

(٧) في المصدر : « درهم » بدل « دينار ».

١٣٣

كثير(١) .

مسالة ٦٣٩ : يكره كسب الحجّام مع الشرط.

قال الصادقعليه‌السلام : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّي أعطيت خالتي غلاما ونهيتها أن تجعله قصّابا أو حجّاماً أو صائغاً »(٢) .

وسأل أبو بصير الباقرَعليه‌السلام عن كسب الحجّام ، فقال : « لا بأس به إذا لم يشارط »(٣) .

إذا ثبت هذا ، فإنّ الاُجرة ليست حراماً ؛ للأصل.

وقال الباقرعليه‌السلام : « احتجم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، حجمه مولى لبني بياضة وأعطاه(٤) ، ولو كان حراماً ، ما أعطاه ، فلمـّا فرغ قال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أين الدم؟ قال : شربته يا رسول الله ، فقال : ما كان ينبغي لك أن تفعل ، وقد جَعَله الله عزّ وجلّ حجاباً لك من النار ، فلا تَعُد»(٥) .

تذنيب : إذا شارط ، كره له الكسب مع الشرط ، ولم يكره الشرط لمن يشارطه.

قال زرارة : سألت الباقرَعليه‌السلام عن كسب الحجّام ، فقال : « مكروه له أن يشارط ، ولا بأس عليك أن تشارطه وتماكسه ، وإنّما يكره له ، ولا بأس(٦) عليك »(٧) .

____________________

(١) الكافي ٥ : ١١٥ / ٦ ، التهذيب ٦ : ٣٦٣ - ٣٦٤ / ١٠٤٢ ، الاستبصار ٣ : ٦٤ / ٢١٣.

(٢) الكافي ٥ : ١١٤ / ٥ ، التهذيب ٦ : ٣٦٣ / ١٠٤١ ، الاستبصار ٣ : ٦٤ / ٢١٢.

(٣) الكافي ٥ : ١١٥ / ١ ، التهذيب ٦ : ٣٥٤ / ١٠٠٨ ، الاستبصار ٣ : ٥٨ / ١٩٠.

(٤) في التهذيب : « وأعطاه الأجر ».

(٥) الكافي ٥ : ١١٦ / ٣ ، الفقيه ٣ : ٩٧ / ٣٧٢ ، التهذيب ٦ : ٣٥٥ / ١٠١٠ ، الاستبصار ٣ : ٥٩ / ١٩٢.

(٦) في « س ، ي » : « فلا بأس ». وما أثبتناه من المصدر.

(٧) الكافي ٥ : ١١٦ / ٤ ، التهذيب ٦ : ٣٥٥ / ١٠١١ ، الاستبصار ٣ : ٥٩ / ١٩٣.

١٣٤

وقال الصادقعليه‌السلام : « إنّ رجلاً سأل رسولَ اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن كسب الحجّام ، فقال : لك ناضح؟ فقال له : نعم ، فقال : اعلفه إيّاه ولا تأكله »(١) .

وهذا يدلّ على حكمين : الكراهة حيث نهاه عن أكله ، وعلى الإباحة حيث أمره أن(٢) يعلف الناضح به.

وكذا القابلة كسبها مكروه مع الشرط ، ولا معه طلق.

مسالة ٦٤٠ : لا بأس بأجر النائحة بالحقّ‌ ، ويكره مع الشرط ، ويحرم بالباطل.

قال حنان بن سدير : كانت امرأة معنا في الحيّ ولها جارية نائحة فجاءت إلى أبي ، فقالت : يا عمّ أنت تعلم معيشتي من الله وهذه الجارية النائحة ، وقد أحببت أن تسأل أبا عبد اللهعليه‌السلام عن ذلك ، فإن كان حلالاً ، وإلّا بعتها وأكلت من ثمنها حتى يأتي الله عزّ وجلّ بالفرج ، فقال لها أبي : والله إنّي لاُعظّم أبا عبد اللهعليه‌السلام أن أسأله عن هذه المسألة ، قال : فلمـّا قدمنا عليه أخبرته أنا بذلك ، فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « أتشارط؟ » قلت : والله ما أدري أتشارط أم لا ، قال : « قُلْ لها : لا تشارط وتقبل كلّما اُعطيت »(٣) .

وقال الصادقعليه‌السلام : « لا بأس بأجر النائحة التي تنوح على الميّت »(٤) .

مسالة ٦٤١ : يكره اُجرة الضراب ؛ لأنّه في معنى بيع عسيب الفحل. ويكره إنزاء الحمير على الخيل ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى أن ينزى حمار على‌

____________________

(١) التهذيب ٦ : ٣٥٦ / ١٠١٤ ، الاستبصار ٣ : ٦٠ ، ١٩٦.

(٢) في « س ، ي » : « بأن ».

(٣) الكافي ٥ : ١١٧ - ١١٨ / ٣ ، التهذيب ٦ : ٣٥٨ / ١٠٢٦ ، الاستبصار ٣ : ٦٠ - ٦١ / ٢٠٠.

(٤) الفقيه ٣ : ٩٨ / ٣٧٦ ، التهذيب ٦ : ٣٥٩ / ١٠٢٨ ، الاستبصار ٣ : ٦٠ / ١٩٩.

١٣٥

عتيق ، رواه السكوني عن الصادق(١) عليه‌السلام . وفي السند ضعف.

وليس محرَّماً ؛ للأصل.

ولما رواه هشام بن إبراهيم عن الرضاعليه‌السلام ، قال : سألته عن الحمير تنزيها على الرَّمَك(٢) لتنتج البغال أيحلّ ذلك؟ قال : « نعم ، انزها »(٣) .

ولا تنافي بين الروايتين ؛ لأنّ الإمامعليه‌السلام سُئل عن الحلّ ، فأجاب بثبوته ، وقوله : « أنزها » على سبيل الإباحة ، والنهي الوارد عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إنّما هو على سبيل التنزيه.

مسالة ٦٤٢ : كسب الصبيان ومَنْ لا يجتنب(٤) المحارم مكروه‌ ؛ لعدم تحفّظهم من المحارم ، وعدم الوثوق بإباحة ما حصّلوه.

وكذا تكره الصياغة والقصابة ، وقد تقدّم بيانه في الرواية(٥) .

ويكره ركوب البحر للتجارة ؛ لرواية محمّد بن مسلم عن الباقر والصادقعليهما‌السلام أنّهما كرها ركوب البحر للتجارة(٦) .

ولو حصل الخوف - كما في وقت اضطرابه وتكاثر الأهوية المختلفة - فإنّه يكون حراماً.

قال الباقرعليه‌السلام في ركوب البحر للتجارة : « يغرّر الرجل بدينه »(٧) .

____________________

(١) التهذيب ٦ : ٣٧٧ - ٣٧٨ / ١١٠٥ ، الاستبصار ٣ : ٥٧ / ١٨٤.

(٢) الرَّمكة : البرذونة التي تتّخذ للنسل. والجمع : رَمَك. لسان العرب ١٠ : ٤٣٤ « رمك ».

(٣) التهذيب ٦ : ٣٨٤ / ١١٣٧ ، الإستبصار ٣ : ٥٧ / ١٨٥.

(٤) في « س ، ي » : « لا يتجنّب ».

(٥) وهي حديث الإمام الكاظم ٧ ، المتقدّم في ص ١٣١.

(٦) الكافي ٥ : ٢٥٦ / ١ ، التهذيب ٦ : ٣٨٨ / ١١٥٨.

(٧) الكافي ٥ : ٢٥٧ / ٤ ، التهذيب ٦ : ٣٨٨ / ١١٥٩.

١٣٦

وسأل معلّى بن خنيس الصادقعليه‌السلام : عن الرجل يسافر فيركب البحر ، فقال : « إنّ أبي كان يقول : إنّه يضرّ بدينك هو ذا الناس يصيبون أرزاقهم ومعايشهم »(١) .

مسالة ٦٤٣ : يجوز أخذ الاُجرة على تعليم الحكم والآداب والأشعار‌ ، ويكره على تعليم القرآن ؛ لأنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام جاءه رجل فقال : يا أمير المؤمنين والله إنّي لاُحبّك لله ، فقال له : « ولكنّي أبغضك لله » قال : ولم؟ قال : « لأنّك تبغي في الأذان ، وتأخذ على تعليم القرآن أجراً ، وسمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : من أخذ على تعليم القرآن أجراً كان حظّه يوم القيامة»(٢) .

وعن إسحاق بن عمّار عن الكاظمعليه‌السلام ، قال : قلت : إنّ لنا جاراً يكتب وقد سألني أن أسألك عن عمله ، فقال : « مُرْه إذا دفع إليه الغلام أن يقول لأهله : إنّي إنّما اُعلّمه الكتاب والحساب وأتّجر عليه بتعليم القرآن ، حتى يطيب له كسبه »(٣) .

وعن حسان المعلّم قال : سألت الصادقَعليه‌السلام عن التعليم ، فقال : لا تأخذ على التعليم أجراً » قلت : الشعر والرسائل وما أشبه ذلك اُشارط عليه؟ قال : « نعم ، بعد أن يكون الصبيان عندك سواءً في التعليم لا تفضّل بعضهم على بعض »(٤) .

____________________

(١) الكافي ٥ : ٢٥٧ / ٥ ، التهذيب ٦ : ٣٨٨ / ١١٦٠.

(٢) التهذيب ٦ : ٣٧٦ / ١٠٩٩.

(٣) التهذيب ٦ : ٣٦٤ / ١٠٤٤ ، الإستبصار ٣ : ٦٦ / ٢١٧.

(٤) الكافي ٥ : ١٢١ ( باب كسب المعلّم ) الحديث ١ ، التهذيب ٦ : ٣٦٤ / ١٠٤٥ ، الاستبصار ٣ : ٦٥ / ٢١٤.

١٣٧

وسأل الفضلُ بن أبي قرّة الصادقَعليه‌السلام : إنّ هؤلاء يقولون : إنّ كسب المعلّم سحت ، فقال : « كذبوا أعداء الله ، إنّما أرادوا أن لا يعلّموا القرآن ، ولو أنّ المعلّم أعطاه رجل دية ولده كان للمعلّم مباحاً »(١) .

قال الشيخرحمه‌الله : لا تنافي بين هذين الخبرين ؛ لأنّ الخبر الأوّل محمول على أنّه لا يجوز له أن يشارط في تعليم القرآن أجراً معلوماً ، والثاني على أنّه إن اُهدي إليه شي‌ء واُكرم بتحفة ، جاز له أخذه ؛ لرواية جرّاح المدائني عن الصادقعليه‌السلام قال : « المعلّم لا يعلّم بالأجر ، ويقبل الهديّة إذا اُهدي إليه »(٢) .

قال قتيبة الأعشى للصادقعليه‌السلام : إنّي أقرأ القرآن فتهدي إليَّ الهديّة فأقبلها؟ قال : « لا » قال : قلت : إن لم أشارطه؟ قال : « أرأيت لو لم تقرأه أكان يهدى لك؟ » قال : قلت : لا ، قال : « فلا تقبله »(٣) .

وهو محمول على الكراهة ، جمعا بين الأدلّة.

مسالة ٦٤٤ : ويكره خصا الحيوان‌ ؛ لما فيه من الإيلام ، ومعاملة الظالمين ؛ لعدم تحرّزهم عن المحرّمات.

وكذا تكره معاملة السفلة والأدنين والمحارفين ؛ لأنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام قال : « شاركوا مَنْ أقبل عليه الرزق فإنّه أجلب للرزق »(٤) .

____________________

(١) الكافي ٥ : ١٢١ ( باب كسب المعلّم ) الحديث ٢ ، الفقيه ٣ : ٩٩ / ٣٨٤ ، التهذيب ٦ : ٣٦٥ / ١٠٤٦ ، الاستبصار ٣ : ٦٥ / ٢١٦.

(٢) التهذيب ٦ : ٣٦٥ ، والحديث رقم ١٠٤٧.

(٣) التهذيب ٦ : ٣٦٥ / ١٠٤٨ ، الاستبصار ٣ : ٦٦ / ٢١٩.

(٤) نهج البلاغة - بشرح محمّد عبده - ٣ : ٢٠٤ / ٢٣٠ بتفاوت في بعض الألفاظ.

١٣٨

و كذا تكره معاملة ذوي العاهات والأكراد ومجالستهم ومناكحتهم ؛ لما روي من أنّهم حيّ من الجنّ(١) .

وكذا تكره معاملة أهل الذمّة.

مسالة ٦٤٥ : من التجارة ما هو حرام‌ ، وهو أقسام :

الأوّل : كلّ نجس لا يقبل التطهير ، سواء كانت نجاسته ذاتيّةً ، كالخمر والنبيذ والفقّاع والميتة والدم وأبوال ما لا يؤكل لحمه وأرواثه والكلب والخنزير وأجزائهما ، أو عرضيّةً ، كالمائعات النجسة التي لا تقبل التطهير ، إلّا الدهن النجس بالعرض لفائدة الاستصباح تحت السماء خاصّةً ، لا تحت الأظلّة ، لأنّ البخار الصاعد بالاشتعال لا بُدّ أن يستصحب شيئا من أجزاء الدهن.

ولو كانت نجاسة الدهن ذاتيّة - كالألية المقطوعة من الميتة أو الحيّة - لم يجز الاستصباح بها تحت السماء أيضا.

والماء النجس يجوز بيعه ؛ لقبوله التطهير.

وأبوال ما يؤكل لحمه وإن كانت طاهرةً إلّا أنّ بيعها حرام ؛ لاستخباثها ، إلّا بول الإبل للاستشفاء بها.

ويجوز بيع كلب الصيد والزرع والماشية والحائط ، وإجارتها واقتناؤها وإن هلكت الماشية ، وتربيتها.

ويحرم اقتناء الأعيان النجسة إلّا لفائدة ، كالكلب والسرجين لتربية الزرع ، والخمر للتخليل.

ويحرم أيضاً اقتناء المؤذيات ، كالحيّات والعقارب والسباع.

____________________

(١) الكافي ٥ : ١٥٨ / ٢ ، الفقيه ٣ : ١٠٠ / ٣٩٠ ، التهذيب ٧ : ١١ / ٤٢.

١٣٩

الثاني : كلّ ما يكون المقصود منه حراماً ، كآلات اللهو ، كالعود ، وآلات القمار ، كالنرد والشطرنج ، وهياكل العبادة ، كالصنم ، وبيع السلاح لأعداء الدين وإن كانوا مسلمين ؛ لما فيه من الإعانة على الظلم ، وإجارة السفن والمساكن للمحرّمات ، وبيع العنب ليعمل خمراً ، والخشب ليعمل صنماً وآلة قمار ، ويكره بيعهما على مَنْ يعمل ذلك من غير شرط ، والتوكيل في بيع الخمر وإن كان الوكيل ذمّيّاً.

وليس للمسلم منع الذمّي المستأجر داره من بيع الخمر فيها سرّاً. ولو آجره لذلك ، حرم.

ولو آجر دابّةً لحمل خمر ، جاز إن كان للتخليل والإراقة ، وإلّا فلا.

ولا بأس ببيع ما يُكنّ من آلة السلاح على أعداء الدين وإن كان وقت الحرب.

الثالث : بيع ما لا ينتفع به ، كالحشرات ، مثل : الفأر والحيّات والخنافس والعقارب والسباع ممّا لا يصلح للصيد ، كالأسد والذئب والرّخَم والحَدَأة والغراب وبيوضها ، والمسوخ البرّيّة ، كالقرد وإن قصد به حفظ المتاع ، والدبّ ، أو بحريّة ، كالجرّي والسلاحف والتمساح.

ولو قيل بجواز [ بيع ](١) السباع كلّها ؛ لفائدة الانتفاع بجلودها ، كان حسناً.

ويجوز بيع الفيل والهرّ ، وما يصلح للصيد ، كالفهد ، وبيع دود القزّ والنحل مع المشاهدة وإمكان التسليم.

وكذا يجوز بيع عامّ الوجود ، كالماء والتراب والحجارة.

____________________

(١) الزيادة يقتضيها السياق.

١٤٠

ويحرم بيع الترياق ؛ لاشتماله على الخمر ولحوم الأفاعي. ولا يجوز شربه للتداوي إلّا مع خوف التلف ، والسمّ من الحشائش.

والنبات يجوز بيعه إن كان ممّا ينتفع به ، كالسقمونيا ، وإلّا فلا.

والأقرب : المنع من بيع لبن الآدميّات.

ولو باعه داراً لا طريق لها مع علم المشتري ، جاز ، ومع جهله يتخيّر.

الرابع : ما نصّ الشارع على تحريمه عيناً ، كعمل الصُّور المجسّمة ، والغناء وتعليمه واستماعه ، وأجر المغنّية.

قال الصادقعليه‌السلام وقد سأله رجل عن بيع الجواري المغنّيات ، فقال : « شراؤهنّ حرام ، وبيعهنّ حرام ، وتعليمهنّ كفر ، واستماعهنّ نفاق »(١) .

وقال الصادقعليه‌السلام : « المغنّية ملعونة ، ملعون مَنْ أكل كسبها »(٢) .

وأوصى إسحاق بن عمر عند وفاته بجوارٍ له مغنّيات أن يُبعن ويُحمل ثمنهنّ إلى أبي الحسنعليه‌السلام ، قال إبراهيم بن أبي البلاد : فبعت الجواري بثلاثمائة ألف درهم ، وحملت الثمن إليه ، فقلت له : إنّ مولىً لك يقال له : إسحاق بن عمر أوصى عند وفاته ببيع جوار له مغنّيات وحَمْل الثمن إليك ، وقد بعتهنّ وهذا الثمن ثلاثمائة ألف درهم ، فقال : « لا حاجة لي فيه ، إنّ هذا سحت ، وتعليمهنّ كفر ، والاستماع منهنّ نفاق ، وثمنهنّ سحت »(٣) .

أمّا المغنّية في الأعراس فقد ورد رخصة بجواز كسبها إذا لم تتكلّم بالباطل ولم تلعب بالملاهي ولم يدخل الرجال عليها.

____________________

(١) الكافي ٥ : ١٢٠ / ٥ ، التهذيب ٦ : ٣٥٦ / ١٠١٨ ، الاستبصار ٣ : ٦١ / ٢٠١.

(٢) الكافي ٥ : ١٢٠ / ٦ ، التهذيب ٦ : ٣٥٧ / ١٠٢٠ ، الاستبصار ٣ : ٦١ / ٢٠٣.

(٣) الكافي ٥ : ١٢٠ / ٧ ، التهذيب ٦ : ٣٥٧ / ١٠٢١ ، الاستبصار ٣ : ٦١ / ٢٠٤.

١٤١

روي عن الصادقعليه‌السلام أنّه قال : « أجر المغنّية التي تزفّ العرائس ليس به بأس وليست بالتي يدخل عليها الرجال »(١) .

إذا ثبت هذا ، فإن أدخلت الرجال أو غنّت بالكذب ، كان حراماً ؛ لما تقدّم.

ولما رواه أبو بصير عن الباقرعليه‌السلام ، قال : سألته عن كسب المغنّيات ، فقال : « التي يدخل عليها الرجال حرام ، والتي تدعى إلى الأعراس ليس به بأس ، وهو قول الله عزّ وجلّ :( وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ ) (٢) »(٣) .

مسالة ٦٤٦ : القمار حرام وتعلّمه واستعماله وأخذ الكسب به حتى لعب الصبيان بالجوز والخاتم.

قال الله تعالى :( وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ) (٤) وقال تعالى :( وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ ) (٥) .

قال الباقرعليه‌السلام : « لمـّا أنزل الله تعالى على رسوله( إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ ) (٦) قيل : يا رسول الله ما الميسر؟ قال : كلّ ما يقمروا به حتى الكعاب والجوز ، فقيل : وما الأنصاب؟ قال : ما ذبحوا لآلهتهم ، قيل : والأزلام؟ قال : قداحهم‌

____________________

(١) الكافي ٥ : ١٢٠ / ٣ ، الفقيه ٣ : ٩٨ / ٣٧٦ ، التهذيب ٦ : ٣٥٧ / ١٠٢٢ ، الاستبصار ٣ : ٦٢ / ٢٠٥.

(٢) سورة لقمان : ٦.

(٣) الكافي ٥ : ١١٩ / ١ ، التهذيب ٦ : ٣٥٨ / ١٠٢٤ ، الاستبصار ٣ : ٦٢ / ٢٠٧.

(٤) المائدة : ٣.

(٥ و ٦ ) المائدة : ٩٠.

١٤٢

التي كانوا يستقسمون بها »(١) .

وسأل إسحاق بن عمّار الصادقَعليه‌السلام : الصبيان يلعبون بالجوز والبيض ويقامرون ، فقال : « لا تأكل منه فإنّه حرام »(٢) .

وكان الصادقعليه‌السلام ينهى عن الجوز يجي‌ء به الصبيان من القمار أن يؤكل ، وقال : « هو سحت »(٣) .

مسالة ٦٤٧ : الغشّ والتدليس محرَّمان‌ ، كشوب اللبن بالماء ، وتدليس الماشطة ، وتزيين الرجل بالحرام.

قال الصادقعليه‌السلام : « ليس منّا مَنْ غشّنا »(٤) .

وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لرجل يبيع التمر : « يا فلان أما علمت أنّه ليس من المسلمين مَنْ غشّهم »(٥) .

ونهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يشاب اللبن بالماء للبيع(٦) .

ولا بأس بكسب الماشطة إذا لم تفعل التدليس.

قال [ عليّ ](٧) : سألته عن امرأة مسلمة تمشط العرائس ليس لها معيشة غير ذلك وقد دخلها تضيّق ، قال : « لا بأس ، ولكن لا تصل الشعر بالشعر »(٨) .

____________________

(١) الكافي ٥ : ١٢٢ - ١٢٣ / ٢ ، الفقيه ٣ : ٩٧ / ٣٧٤ ، التهذيب ٦ : ٣٧١ / ١٠٧٥ ، بتفاوت يسير في بعض الألفاظ.

(٢) الكافي ٥ : ١٢٤ / ١٠ ، التهذيب ٦ : ٣٧٠ / ١٠٦٩.

(٣) الكافي ٥ : ١٢٣ / ٦ ، التهذيب ٦ : ٣٧٠ / ١٠٧٠.

(٤) الكافي ٥ : ١٦٠ / ١ ، التهذيب ٧ : ١٢ / ٤٨.

(٥) الكافي ٥ : ١٦٠ / ٢ ، التهذيب ٧ : ١٢ / ٤٩.

(٦) الكافي ٥ : ١٦٠ / ٥ ، الفقيه ٣ : ١٧٣ / ٧٧١ ، التهذيب ٧ : ١٣ / ٥٣.

(٧) بدل ما بين المعقوفين في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « سماعة ». ولقد ورد في المصدر لفظ « سماعة » في الحديث السابق بسطرٍ واحد. وما أثبتناه من المصدر.

(٨) التهذيب ٦ : ٣٥٩ / ١٠٣٠ ، وفيه : « وقد دخلها ضيق ».

١٤٣

وإذا لم يحصل تدليس بالوصل ، لم يكن به بأس.

سُئل [ الباقر ](١) عليه‌السلام عن القرامل التي يضعها النساء في رؤوسهن يصلنه بشعورهنّ ، فقال : « لا بأس به على المرأة ما تزيّنت به لزوجها » فقيل له : بلغنا أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعن الواصلة والموصولة ، فقال : « ليس هناك ، إنّما لعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله [ الواصلة ](٢) التي تزني في شبابها ، فإذا كبرت قادت النساء إلى الرجال ، فتلك الواصلة والموصولة »(٣) .

مسالة ٦٤٨ : وتحرم معونة الظالمين على الظلم.

قال ابن أبي يعفور : كنت عند الصادقعليه‌السلام إذ دخل عليه رجل من أصحابنا ، فقال له : أصلحك الله إنّه ربما أصاب الرجل منّا الضيق أو(٤) الشدّة فيدعى إلى البناء يبنيه ، أو النهر يكريه ، أو المسنّاة يصلحها ، فما تقول في ذلك؟ فقال الصادقعليه‌السلام : « ما أحبّ أنّي(٥) عقدت لهم عقدة أو وكيت لهم وكاء وإنّ لي ما بين لابتيها لا ولا مدّة بقلم ، إنّ أعوان الظلمة يوم القيامة في سرادق من نار حتى يحكم الله بين العباد »(٦) .

مسالة ٦٤٩ : يحرم حفظُ كتب الضلال ونسخُها لغير النقض أو الحجّة وتعلُّمُها ، ونسخُ التوراة والإنجيل ؛ لأنّهما منسوخان محرَّفان ، وتعليمهما وتعلّمهما حرام ، وأخذُ الاُجرة على ذلك.

____________________

(١) بدل ما بين المعقوفين في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « الصادق ». وما أثبتناه هو الموافق لما في المصدر ، وفيه : « أبو جعفر ».

(٢) ما بين المعقوفين من المصدر.

(٣) الكافي ٥ : ١١٩ / ٣ ، التهذيب ٦ : ٣٦٠ / ١٠٣٢.

(٤ و ٥ ) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « والشدّة إن عقدت ». وما أثبتناه كما في المصدر.

(٦) الكافي ٥ : ١٠٧ / ٧ ، التهذيب ٦ : ٣٣١ / ٩١٩.

١٤٤

وكذا يحرم هجاء المؤمنين والغيبة.

قال الله تعالى :( وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً ) (١) .

ويحرم سبّ المؤمنين والكذب عليهم والنميمة(٢) ومدح مَنْ يستحقّ الذمّ وبالعكس ، والتشبيب بالمرأة المعروفة المؤمنة ، بلا خلافٍ في ذلك كلّه.

مسالة ٦٥٠ : تعلّم السحر وتعليمه حرام.

وهو كلام يتكلّم به أو يكتبه أو(٣) رقية أو يعمل شيئاً [ يؤثّر ](٤) في بدن المسحور أو قلبه أو عقله من غير مباشرة.

وهل له حقيقة؟ قال الشيخ : لا ، وإنّما هو تخييل(٥) .

وعلى كلّ تقدير لو استحلّه قُتل.

ويجوز حلّ السحر بشي‌ء من القرآن أو الذكر والأقسام ، لا بشي‌ء منه.

روى إبراهيم بن هاشم قال : حدّثني شيخ من أصحابنا الكوفيّين ، قال : دخل عيسى بن سيفي(٦) على الصادقعليه‌السلام - وكان ساحراً يأتيه الناس‌

____________________

(١) الحجرات : ١٢.

(٢) في الطبعة الحجريّة : « التهمة » بدل « النميمة ».

(٣) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « و» بدل « أو ». والظاهر ما أثبتناه.

(٤) ما بين المعقوفين أضفناه لأجل السياق.

(٥) الخلاف ٥ : ٣٢٧ - ٣٢٨ ، المسألة ١٤ من كتاب كفّارة القتل ، المبسوط - للطوسي - ٧ : ٢٦٠.

(٦) في الكافي : « شفقي » بدل « سيفي ». وفي التهذيب - تحقيق السيّد حسن الخرسان - وكذا الفقيه : « شقفي». وفي التهذيب - تحقيق علي أكبر الغفاري - كما في المتن.

١٤٥

ويأخذ على ذلك الأجر - فقال له : جعلت فداك أنا رجل كانت صناعتي السحر وكنت آخذ عليه الاُجرة وكان معاشي ، وقد حججت ومَنَّ الله عليَّ بلقائك وقد تبت إلى الله تعالى ، فهل لي في شي‌ء منه مخرج؟ قال : فقال :الصادقعليه‌السلام : « حُلّ ولا تعقد »(١) .

وكذا يحرم تعلّم الكهانة وتعليمها ، والكاهن هو الذي له رئيٌّ(٢) من الجنّ يأتيه بالأخبار. ويقتل ما لم يتب.

والتنجيم حرام ، وكذا تعلّم النجوم مع اعتقاد تأثيرها في عالم العنصريّات على ما يقوله الفلاسفة.

والشعبذة حرام. وهي الحركات السريعة جدّاً بحيث يخفى على الحسّ الفرقُ بين الشي‌ء وشبهه لسرعة(٣) انتقاله من الشي‌ء إلى شبهه.

والقيافة حرام عندنا.

مسالة ٦٥١ : يحرم بيع المصحف‌ ، لما فيه من الابتذال له وانتفاء التعظيم ، بل ينبغي أن يبيع الجلد والورق.

قال سماعة : سألته عن بيع المصاحف وشرائها ، فقال : « لا تشتر كتاب الله ، ولكن اشتر الحديد والجلود(٤) والدفَّتين(٥) ، وقُلْ : أشتري هذا منك بكذا وكذا »(٦) .

____________________

(١) الكافي ٥ : ١١٥ / ٧ ، التهذيب ٦ : ٣٦٤ / ١٠٤٣ ، وانظر : الفقيه ٣ : ١١٠ / ٤٦٣.

(٢) يقال للتابع من الجنّ : رئيٌّ ، بوزن كمِيّ ، سُمّي به لأنّه يتراءى لمتبوعه. النهاية - لابن الأثير - ٢ : ١٧٨ « رأي».

(٣) في الطبعة الحجريّة : « بسرعة ».

(٤) في المصدر : « والورق » بدل « والجلود ».

(٥) في الطبعة الحجريّة : « والدفين ». وفي « س ، ي » : « والدفتر ». وما أثبتناه من المصدر.

(٦) الكافي ٥ : ١٢١ ( باب بيع المصاحف ) الحديث ٢.

١٤٦

وسأل جرّاح المدائني الصادقَعليه‌السلام : عن بيع المصاحف ، فقال(١) : « لا تبع الكتاب ولا تشتره ، وبع الورق والأديم والحديد »(٢) .

ولا بأس بأخذ الأجرة على كِتْبة القرآن.

قال الصادقعليه‌السلام وقد سأله روح بن عبد الرحيم(٣) ، فقال له : ما ترى أن أُعطي على كتابته أجراً؟ قال : « لا بأس »(٤) .

مسالة ٦٥٢ : يحرم تعشير المصاحف بالذهب وزخرفتها.

قال سماعة : سألته عن رجل يعشّر المصاحف بالذهب ، فقال : « لا يصلح » فقال : إنّها معيشتي ، فقال : « إنّك إن تركته لله جعل الله لك مخرجاً »(٥) .

والأولى عندي الكراهة دون التحريم ؛ عملاً بالأصل ، واستضعافاً للرواية ؛ لأنّها غير مستندة إلى إمام ، والرواة ضعفاء.

ويكره كِتْبة القرآن بالذهب.

قال محمّد الورّاق(٦) : عرضت على الصادقعليه‌السلام كتاباً فيه قرآن مختّم معشّر بالذهب ، وكتب في آخره سورة بالذهب ، فأريته إيّاه ، فلم يَعِبْ منه شيئاً إلّا كتابة القرآن بالذهب ، فإنّه قال : « لا يعجبني أن يكتب القرآن إلّا بالسواد كما كتب أوّل مرّة »(٧) .

____________________

(١) في « س ، ي » : « قال ».

(٢) التهذيب ٦ : ٣٦٦ / ١٠٥١.

(٣) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « عبد الرحمن ». وما أثبتناه من المصدر.

(٤) الكافي ٥ : ١٢١ - ١٢٢ / ٣ ، التهذيب ٦ : ٣٦٦ / ١٠٥٣.

(٥) التهذيب ٦ : ٣٦٦ ، ١٠٥٥.

(٦) في الكافي : « محمّد بن الورّاق ».

(٧) الكافي ٢ : ٤٦٠ / ٨ ، التهذيب ٦ : ٣٦٧ / ١٠٥٦.

١٤٧

مسالة ٦٥٣ : السرقة والخيانة حرام بالنصّ والإجماع‌ ، وكذا بيعهما.

ولو وجد عنده سرقة ، ضمنها ، إلّا أن يقيم البيّنة بشرائها ، فيرجع على بائعها مع جهله.

روى جرّاح عن الصادقعليه‌السلام قال : « لا يصلح شراء السرقة والخيانة إذا عرفت »(١) .

وقال الصادقعليه‌السلام : « من اشترى سرقة وهو يعلم فقد شرك في عارها وإثمها »(٢) .

وقال الصادقعليه‌السلام في الرجل يوجد عنده سرقة ، فقال : « هو غارم إذا لم يأت على بائعها بشهود(٣) »(٤) .

ولو اشترى بمال السرقة جاريةً أو ضيعةً ، فإن كان بالعين ، بطل البيع ، وإلّا حلّ له وطؤ الجارية ، وعليه وزر المال.

روى السكوني عن الصادق عن الباقر عن آبائهعليهم‌السلام : « لو أنّ رجلاً سرق ألف درهم فاشترى بها جاريةً أو أصدقها امرأة فإنّ الزوجة(٥) له حلال ، وعليه تبعة المال »(٦) .

ولو حجّ به مع وجوب الحجّ بدونه ، برئت ذمّته إلّا في الهدي.

ولو طاف أو سعى في الثوب المغصوب أو على الدابّة المغصوبة ،

____________________

(١) الكافي ٥ : ٢٢٨ / ٤ ، التهذيب ٦ : ٣٧٤ / ١٠٨٩.

(٢) الكافي ٥ : ٢٢٩ / ٦ ، التهذيب ٦ : ٣٧٤ / ١٠٩٠.

(٣) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « شهود ». وفي التهذيب : « شهوداً ». وما أثبتناه من الكافي.

(٤) الكافي ٥ : ٢٢٩ / ٧ ، التهذيب ٦ : ٣٧٤ / ١٠٩١.

(٥) في المصدر : « الفرج » بدل « الزوجة ».

(٦) التهذيب ٦ : ٣٨٦ / ١١٤٧ ، و ٨ : ٢١٥ / ٧٦٧.

١٤٨

بطل.

مسالة ٦٥٤ : التطفيف في الكيل والوزن حرام بالنصّ والإجماع.

قال الله تعالى :( وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ ) (١) .

ويحرم الرشا في الحكم وإن حكم على باذله بحقّ أو باطل.

الخامس : ما يجب على الإنسان فعله يحرم أخذ الأجر عليه ، كتغسيل الموتى وتكفينهم ودفنهم.

نعم ، لو أخذ الأجر على المستحبّ منها(٢) ، فالأقرب : الجواز.

وتحرم الاُجرة على الأذان ، وقد سبق(٣) ، وعلى القضاء ؛ لأنّه واجب.

ويجوز أخذ الرزق عليهما من بيت المال.

ويجوز أخذ الاُجرة على عقد النكاح والخطبة في الإملاك(٤) .

ويحرم الأجر على الإمامة والشهادة وقيامها.

مسالة ٦٥٥ : لو دفع إنسان إلى غيره مالا ليصرفه في المحاويج أو في قبيل وكان هو منهم ، فإن عيّن ، اقتصر على ما عيّنه ، ولا يجوز له إعطاء غيرهم ، فإن فَعَل ، ضمن.

وإن أطلق ، فالأقرب : تحريم أخذه منه ؛ لأنّ الظاهر أنّ الشخص هنا لا يتولّى طرفي القبض والإقباض.

ولما رواه عبد الرحمن بن الحجّاج عن الصادقعليه‌السلام في رجل أعطاه‌

____________________

(١) المطفّفين : ١ - ٣.

(٢) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « منهما » بدل « منها ». والصحيح ما أثبتناه.

(٣) في ج ٣ ص ٨١ ، المسألة ١٨٤.

(٤) الإملاك : التزويج. الصحاح ٤ : ١٦١٠ « ملك ».

١٤٩

رجل مالاً ليقسمه في المساكين وله عيال محتاجون ، أيعطيهم منه من غير أن يستأذن(١) صاحبه؟ قال : « نعم »(٢) .

وقال بعض علمائنا : يجوز له أن يأخذ مثل ما يعطي غيره ، ولا يفضّل نفسه عليهم(٣) .

وهو عندي جيّد إن علم بقرينة الحال تسويغ ذلك.

إذا عرفت هذا ، فإن كان الأمر بالدفع إلى قوم معيّنين ، لم تُشترط عدالة المأمور ، وإلّا اشترطت.

مسالة ٦٥٦ : يجوز أكل ما ينثر في الأعراس مع علم الإباحة إمّا لفظاً أو بشاهد الحال. ويكره انتهابه.

فإن لم يعلم قصد الإباحة ، حرم ؛ لأنّ الأصل عصمة مال المسلم.

قال إسحاق بن عمّار : قلت للصادقعليه‌السلام : الإملاك يكون والعرس فينثر على القوم ، فقال: « حرام ، ولكن كل ما أعطوك منه »(٤) .

وقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « لا بأس بنثر الجوز والسُّكّر »(٥) .

وعن الكاظمعليه‌السلام ، قال : سألته عن النثار من السّكّر واللوز وأشباهه أيحلّ أكله؟ قال : « يكره أكل ما انتهب »(٦) .

مسالة ٦٥٧ : الولاية من قبل العادل مستحبّة. وقد تجب إذا ألزمه بها ، أو كان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يتمّ إلّا بولايته.

____________________

(١) في المصدر : « يستأمر » بدل « يستأذن ».

(٢) التهذيب ٦ : ٣٥٢ - ٣٥٣ / ١٠٠١.

(٣) المحقّق الحلّي في شرائع الإسلام ٢ : ١٢.

(٤) التهذيب ٦ : ٣٧٠ / ١٠٧١ ، الاستبصار ٣ : ٦٦ / ٢٢٠.

(٥) التهذيب ٦ : ٣٧٠ / ١٠٧٣ ، الاستبصار ٣ : ٦٦ - ٦٧ / ٢٢٢.

(٦) الكافي ٥ : ١٢٣ / ٧ ، التهذيب ٦ : ٣٧٠ / ١٠٧٢.

١٥٠

وتحرم من الجائر ، إلّا مع التمكّن من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، أو مع الإكراه بالخوف على النفس أو المال أو الأهل أو بعض المؤمنين ، فيجوز حينئذٍ اعتماد ما يأمره إلّا القتل الظلم ، فإنّه لا يجوز له فعله وإن قُتل.

ولو خاف ضررا يسيرا بترك الولاية ، استحبّ له تحمّله ، وكرهت له الولاية.

روى عمّار قال : سئل الصادقعليه‌السلام : عن عمل السلطان يخرج فيه الرجل ، قال : « لا ، إلّا أن لا يقدر على شي‌ء [ ولا ](١) يأكل ولا يشرب ولا يقدر على حيلة ، فإن فعل فصار في يده شي‌ء فليبعث بخُمْسه إلى أهل البيت »(٢) .

وعن الوليد بن صبيح قال : دخلت على الصادقعليه‌السلام فاستقبلني زرارة خارجاً من عنده ، فقال لي الصادقعليه‌السلام : « يا وليد أما تعجب من زرارة سألني عن أعمال هؤلاء أيّ شي‌ء كان يريد؟ [ أيريد ](٣) أن أقول له : لا ، فيروي ذلك عليّ؟ » ثمّ قال : « يا وليد متى كانت الشيعة تسأل عن أعمالهم؟ إنّما كانت الشيعة تقول : يؤكل من طعامهم ، ويشرب من شرابهم ، ويستظلّ بظلّهم ، متى كانت الشيعة تسأل عن هذا؟ »(٤) .

وروى حمّاد عن حميد قال : قلت للصادقعليه‌السلام : إنّي(٥) ولّيت عملا‌

____________________

(١) ما بين المعقوفين من المصدر.

(٢) التهذيب ٦ : ٣٣٠ / ٩١٥.

(٣) ما بين المعقوفين من الكافي.

(٤) الكافي ٥ : ١٠٥ ، ٢ ، التهذيب ٦ : ٣٣٠ - ٣٣١ ، ٩١٧.

(٥) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « أن » بدل « إنّي ». وما أثبتناه كما في المصدر.

١٥١

فهل لي من ذلك مخرج؟ فقال : « ما أكثر مَنْ طلب [ من ](١) ذلك المخرج فعسر عليه » قلت : فما ترى؟ قال : « أرى أن تتّقي الله عزّ وجلّ ولا تعود »(٢) .

وكان النجاشي - وهو رجل من الدهاقين - عاملاً على الأهواز وفارس ، فقال بعض أهل عمله للصادقعليه‌السلام : إنّ في ديوان النجاشي عليَّ خراجاً وهو ممّن يدين بطاعتك ، فإن رأيت أن تكتب إليه كتاباً ، قال : فكتب إليه كتاباً : بسم الله الرحمن الرحيم ، سرّ أخاك يسرّك الله » فلمـّا ورد عليه الكتاب وهو في مجلسه وخلا ناوله الكتاب وقال : هذا كتاب الصادقعليه‌السلام ، فقبّله ووضعه على عينيه وقال : ما حاجتك؟ فقال : عليّ خراج في ديوانك ، قال له : كم هو؟ قال : عشرة آلاف درهم ، قال : فدعا كاتبه فأمره بأدائها عنه ، ثمّ أخرج مثله فأمره أن يثبتها له لقابل ، ثمّ قال : هل سررتك؟ قال : نعم ، قال : فأمر له بعشرة آلاف درهم أخرى ، فقال : هل سررتك؟ فقال : نعم ، جعلت فداك ، قال : فأمر له بمركب ثمّ أمر له بجارية وغلام وتخت ثياب في كلّ ذلك يقول : هل سررتك؟ فكلّما قال : نعم ، زاده حتى فرغ قال له : احمل فرش هذا البيت الذي كنت جالسا فيه حين دفعت إليّ كتاب مولاي فيه ، وارفع إليّ جميع حوائجك ، قال : ففعل ، وخرج الرجل فصار إلى الصادقعليه‌السلام بعد ذلك ، فحدّثه بالحديث على جهته ، فجعل يستبشر بما فعله ، قال له الرجل : يا بن رسول الله فإنّه قد سرّك ما فعل بي؟ قال : « إي والله لقد سرّ الله ورسوله »(٣) .

____________________

(١) ما بين المعقوفين من التهذيب. وفي الكافي : « مَنْ طلب المخرج من ذلك ».

(٢) الكافي ٥ : ١٠٩ / ١٥ ، التهذيب ٦ : ٣٣٢ / ٩٢٢.

(٣) الكافي ٢ : ١٥٢ ( باب إدخال السرور على المؤمنين ) الحديث ٩ ، التهذيب ٦ : ٣٣٣ - ٣٣٤ / ٩٢٥.

١٥٢

مسالة ٦٥٨ : جوائز الجائر إن علمت حراماً لغصبٍ وظلم وشبهه حرم أخذها‌ ، فإن أخذها، وجب عليه ردّها على المالك إن عرفه. وإن لم يعرفه ، تصدّق بها عنه ويضمن ، أو احتفظها أمانةً في يده ، أو دفعها إلى الحاكم. ولا يجوز له إعادتها إلى الظالم ، فإن أعادها ، ضمن، إلّا أن يقهره الظالم على أخذها ، فيزول التحريم.

أمّا الضمان فإن كان قد قبضها اختياراً ، لم يزل عنه بأخذ الظالم لها كرهاً. وإن كان قد قبضها مكرهاً ، زال الضمان أيضاً.

وإن لم يعلم تحريمها ، كانت حلالاً بناءً على الأصل.

قال محمّد بن مسلم وزرارة : سمعناه يقول : « جوائز العمّال ليس بها بأس »(١) .

وقال الباقرعليه‌السلام : « إنّ الحسن والحسين ٨ كانا يقبلان جوائز معاوية »(٢) .

ولو علم أنّ العامل يظلم ولم يعلم أنّ المبيع بعينه ظلم ، جاز شراؤه.

قال معاوية بن وهب : قلت للصادقعليه‌السلام : أشتري من العامل الشي‌ء وأنا أعلم أنّه يظلم ، فقال : « اشتر منه »(٣) .

قال أبو المغراء : سأل رجلٌ الصادقَعليه‌السلام وأنا عنده ، فقال : أصلحك الله أمرّ بالعامل فيجيزني بالدراهم آخذها؟ قال : « نعم » قلت : وأحجّ بها؟ قال : « نعم »(٤) .

____________________

(١) التهذيب ٦ : ٣٣٦ / ٩٣١.

(٢) التهذيب ٦ : ٣٣٧ / ٩٣٥.

(٣) التهذيب ٦ : ٣٣٨ / ٩٣٨.

(٤) الفقيه ٣ : ١٠٨ / ٤٥٠ ، التهذيب ٦ : ٣٣٨ / ٩٤٢.

١٥٣

مسالة ٦٥٩ : ما يأخذ الجائر من الغلّات باسم المقاسمة‌ ، ومن الأموال باسم الخراج عن حقّ الأرض ، ومن الأنعام باسم الزكاة يجوز شراؤه واتّهابه ، ولا تجب إعادته على أصحابه وإن عُرفوا ؛ لأنّ هذا مال لا يملكه الزارع وصاحب الأنعام والأرض ، فإنّه حقّ لله أخذه غير مستحقّه ، فبرئت ذمّته ، وجاز شراؤه.

ولأنّ أبا عبيدة سأل الباقرَعليه‌السلام : عن الرجل منّا يشتري من السلطان من إبل الصدقة وغنمها وهو يعلم أنّهم يأخذون منهم أكثر من الحقّ الذي يجب عليهم ، فقال : « ما الإبل والغنم إلّا مثل الحنطة والشعير وغير ذلك لا بأس به حتى تعرف الحرام بعينه » قيل له : فما ترى في مصدّقٍ يجيئنا فيأخذ صدقات أغنامنا(١) ، نقول : بعناها ، فيبيعناها ، فما ترى في شرائها منه؟ قال : « إن كان قد أخذها وعزلها فلا بأس » قيل له : فما ترى في الحنطة والشعير يجيئنا القاسم فيقسم لنا حظّنا ويأخذ حظّه فيعزله بكيل ، فما ترى في شراء ذلك الطعام منه؟ فقال : « إن كان قبضه بكيل وأنتم حضور ذلك فلا بأس بشرائه منه بغير كيل »(٢) .

روى عبد الرحمن بن الحجّاج - في الصحيح - عن أبي الحسنعليه‌السلام ، قال : قال لي : « ما لك لا تدخل مع عليّ في شراء الطعام؟ إنّي أظنّك ضيّقاً » قال : قلت : نعم ، فإن شئت وسّعت عليَّ ، قال : « اشتره »(٣) .

مسالة ٦٦٠ : إذا كان له مال حلال وحرام ، وجب عليه تمييزه منه‌ ، ودفع الحرام إلى أربابه ، فإن امتزجا ، أخرج بقدر الحرام ، فإن جهل أربابه ،

____________________

(١) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « أغنيائنا » بدل « أغنامنا ». وما أثبتناه من المصدر.

(٢) الكافي ٥ : ٢٢٨ / ٢ ، التهذيب ٦ : ٣٧٥ / ١٠٩٤.

(٣) التهذيب ٦ : ٣٣٦ / ٩٣٢.

١٥٤

تصدّق به عنهم ، فإن جهل المقدار ، صالح أربابه عليه ، فإن جهل أربابه ومقداره ، أخرج خُمْسه، وحلّ له الباقي.

قال الصادقعليه‌السلام : « أتى رجل أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال : إنّي كسبت مالا أغمضت في مطالبه حلالا وحراما وقد أردت التوبة ولا أدري الحلال منه والحرام وقد اختلط عليَّ ، فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : تصدّق بخُمْس مالك ، فإنّ الله عزّ وجلّ رضي من الأشياء بالخمس ، وسائر المال لك »(١) .

مسالة ٦٦١ : تكره معاملة مَنْ لا يتحفّظ من الحرام‌ ، فإن دفع إليه من الحرام ، لم يجز له أخذه ولا شراؤه ، فإن أخذه ، ردّه على صاحبه. وإن بايعه بمال يعلم أنّه حلال ، جاز. وإن اشتبه، كان مكروهاً.

قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : « الحلال بيّن ، والحرام بيّن ، وبين ذلك اُمور متشابهات لا يعلمها كثير من الناس ، فمَن اتّقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه ، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام ، كالراعي حول الحمى يوشك أن يقع فيه ، ألا إنّ لكلّ ملك حمىً ، وحمى الله محارمه »(٢) .

وروى الحسن بن عليّعليهما‌السلام عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه كان يقول : « دَعْ ما يُريبك إلى ما لا يُريبك»(٣) .

مسالة ٦٦٢ : الأجير إمّا عامّ أو خاصّ‌ ، فالعامّ هو الذي يستأجر للعمل‌

____________________

(١) الكافي ٥ : ١٢٥ / ٥ ، التهذيب ٦ : ٣٦٨ - ٣٦٩ / ١٠٦٥.

(٢) صحيح البخاري ١ : ٢٠ ، صحيح مسلم ٣ : ١٢١٩ / ١٥٩٩ ، سنن الترمذي ٣ : ٥١١ / ١٢٠٥ ، سنن الدارمي ٢ : ٢٤٥ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٦٤ باختلاف في بعض الألفاظ.

(٣) سنن الترمذي ٤ : ٦٦٨ / ٢٥١٨ ، سنن النسائي ٨ : ٣٢٧ - ٣٢٨ ، سنن البيهقي ٥ : ٣٣٥ ، مسند أحمد ١ : ٣٢٩ / ١٧٢٤ ، المستدرك - للحاكم - ٢ : ١٣ ، المعجم الكبير - للطبراني - ٣ : ٧٥ / ٢٧٠٨ ، شرح السنّة - للبغوي - ٥ : ١٣ / ٢٠٣٢.

١٥٥

المطلق ، فيجوز له فعله مباشرةً وتسبيباً. والخاصّ هو الذي يشترط عليه العمل مباشرة مدّة معيّنة ، فلا يجوز أن يعمل لغير من استأجره إلّا بإذنه.

و(١) لما رواه إسحاق بن عمّار عن الكاظمعليه‌السلام ، قال : سألته عن الرجل يستأجر الرجل بأجر معلوم فيعينه في صنعته(٢) فيعطيه رجل آخر دراهم فيقول : اشتر لي كذا وكذا ، فما ربحت فبيني وبينك ، قال : « إذا أذن له الذي استأجره فليس به بأس »(٣) .

ويجوز للمطلق.

وثمن الكفن حلال ، وكذا ماء تغسيل الميّت واُجرة البدرقة.

مسالة ٦٦٣ : يجوز لمن مرَّ بشي‌ء من الثمرة في النخل أو الفواكه الأكلُ منها إن لم يقصد ، بل وقع المرور اتّفاقاً. ولا يجوز له الإفساد ولا الأخذ والخروج به ، ولا يحلّ له الأكل أيضاً مع القصد. ولو أذن المالك مطلقاً ، جاز.

روى محمّد بن مروان قال : قلت للصادقعليه‌السلام : أمرّ بالثمرة فآخذ(٤) منها ، قال : « كُلْ ولا تحمل » قلت : فإنّهم قد اشتروها ، قال : « كُلْ ولا تحمل » قلت : جعلت فداك إنّ التجّار قد اشتروها ونقدوا أموالهم ، قال : « اشتروا ما ليس لهم »(٥) .

وعن يونس عن بعض رجاله عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن‌

____________________

(١) كذا ، والظاهر زيادة الواو حيث إنّها غير مسبوقة بذكر دليل حتى يتمّ العطف عليه.

(٢) كذا في النسخ الخطّيّة والحجريّة المعتمدة في التحقيق ، وفي المصدر : « فيبعثه في ضيعته » بدل « فيعينه في صنعته».

(٣) التهذيب ٦ : ٣٨١ - ٣٨٢ / ١١٢٥.

(٤) في المصدر : « فآكل » بدل « فآخذ ».

(٥) التهذيب ٦ : ٣٨٣ / ١١٣٤.

١٥٦

الرجل يمرّ بالبستان وقد حِيط عليه أو لم يحط ، هل يجوز له أن يأكل من ثمره وليس يحمله على الأكل من ثمره إلّا الشهوة وله ما يغنيه عن الأكل من ثمره؟ وهل له أن يأكل منه من جوع؟ قال : « لا بأس أن يأكل ، ولا يحمله ولا يفسده »(١) .

وهل حكم الزرع ذلك؟ إشكال أقربه : المنع ؛ لما رواه مروك بن عبيد عن بعض أصحابنا عن الصادقعليه‌السلام ، قال : قلت له : الرجل يمرّ على قراح الزرع يأخذ منه السنبلة ، قال : « لا » قلت : أيّ شي‌ء سنبلة؟ قال : « لو كان كلّ من يمرّ به يأخذ سنبلة كان لا يبقى منه شي‌ء »(٢) .

وكذا الخضراوات والبقول.

ولو مَنَعه المالك ، فالوجه : أنّه يحرم عليه التناول مطلقاً إلّا مع خوف التلف.

مسالة ٦٦٤ : روي أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن بيعتين في بيعة(٣) .

وفُسّر بأمرين :

أحدهما : أن يبيع الشي‌ء بثمن نقداً وبآخَر نسيئةً. وقد بيّنّا بطلان هذا البيع.

والثاني : أن يكون المراد به أن يقول : بعتك بكذا على أن تبيعني أنت كذا بكذا.

والثاني عندنا صحيح ، خلافاً للشافعي ؛ لأنّه شرط بيع ماله ، وذلك‌

____________________

(١) التهذيب ٦ : ٣٨٣ - ٣٨٤ / ١١٣٥.

(٢) التهذيب ٦ : ٣٨٥ / ١١٤٠.

(٣) سنن الترمذي ٣ : ٥٣٣ / ١٢٣١ ، سنن النسائي ٧ : ٢٩٦ ، سنن البيهقي ٥ : ٣٤٣ ، مسند أحمد ٢ : ٣٦٦ / ٦٥٩١ ، و ٣ : ٢٤٦ / ٩٧٩٥ ، و ٢٩٧ / ١٠١٥٧ ، الموطّأ ٢ : ٦٦٣ / ٧٢.

١٥٧

غير واجب بالشرط(١) .

وهو ممنوع ؛ لقولهعليه‌السلام : « المؤمنون عند شروطهم »(٢) وقد تقدّم(٣) .

مسالة ٦٦٥ : النجش حرام‌ ؛ لأنّهعليه‌السلام نهى عنه(٤) ، وهو خديعة ، وليس من أخلاق أهل الدين.

ومعناه أن يزيد الرجل في ثمن سلعة لا يريد شراءها ليقتدي به المشترون بمواطاة البائع.

وروي أنّهعليه‌السلام قال : « لا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا»(٥) .

إذا ثبت هذا ، فإذا اشترى(٦) المشتري مع النجش ، كان البيع صحيحاً - وبه قال الشافعي(٧) - لأصالة صحّة البيع. وقوله تعالى :( وَأَحَلَّ اللهُ

____________________

(١) مختصر المزني : ٨٨ ، الحاوي الكبير ٥ : ٣٤١ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٤ ، الوسيط ٣ : ٧٢ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٥٣٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٠٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٤ ، المجموع ٩ : ٣٣٨.

(٢) التهذيب ٧ : ٣٧١ / ١٥٠٣ ، الاستبصار ٣ : ٢٣٢ / ٨٣٥ ، الجامع لأحكام القرآن ٦ : ٣٣.

(٣) في ج ١٠ ص ٢٢٤ و ٢٥٠ ، المسألتان ١١٢ و ١١٨.

(٤) صحيح البخاري ٣ : ٩١ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٧٣٤ / ٢١٧٣ ، مسند أحمد ٢ : ١٧١ / ٥٢٨٢ ، و ٢٤٩ / ٥٨٢٨ ، و ٣٣٤ / ٦٤١٥.

(٥) المعجم الصغير - للطبراني - ٢ : ٨٩ ، تاريخ بغداد ٢ : ٢٧٣ ، وبتفاوت في المعجم الأوسط - للطبراني - ٧ : ١٥٧ / ٧٠٢١ ، والمصنّف - لابن أبي شيبة - ٦ : ٥٧١ / ٢٠٧٤ ، وسنن البيهقي ٦ : ٩٢ ، ومسند أحمد ٢ : ٥٤١ / ٧٦٧٠.

(٦) في « س ، ي » : « اشتراه ».

(٧) الحاوي الكبير ٥ : ٣٤٣ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٩٨ ، حلية العلماء ٤ : ٣٠٦ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٥٣٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٣١ ، روضة الطالبين ٣ : ٨٢ ، بداية المجتهد ٢ : ١٦٧ ، المغني ٤ : ٣٠٠ ، الشرح الكبير ٤ : ٨٨.

١٥٨

الْبَيْعَ ) (١) السالم عن معارضة النهي ؛ لأنّه لمعنى في غير البيع ، وإنّما هو الخديعة.

وقال مالك : يكون مفسوخاً لأجل النهي عنه(٢) .

ويثبت للمشتري الخيار إذا علم بالنجش ، سواء كان ذلك بمواطاة البائع وعلمه أو لا إن اشتمل على الغبن ، وإلّا فلا.

وقال الشافعي : إذا علم أنّه كان نجشاً ، فإن لم يكن بمواطأة البائع وعلمٍ ، فلا خيار. وإن كان ، فقولان.

أظهرهما : عدم الخيار ؛ لأنّه ليس فيه أكثر من الغبن ، وذلك لا يوجب(٣) الخيار ؛ لأنّ التفريط من المشتري حيث اشترى ما لا يعرف قيمته ، فهو بمنزلة من اشترى ما لا يعرف قيمته ، وغبنه بائعه.

ونحن لمـّا أثبتنا الخيار بالغبن سقط هذا الكلام بالكلّيّة.

والثاني : أنّه يثبت الخيار - كما قلناه - لأنّه تدليس من جهة البائع ، فأشبه التصرية(٤) .

ولو قال البائع : أعطيت في هذه السلعة كذا وكذا ، فصدّقه المشتري فاشتراها بذلك ، ثمّ ظهر له كذبه ، فإنّ البيع صحيح ، والخيار على هذين‌

____________________

(١) البقرة : ٢٧٥.

(٢) بداية المجتهد ٢ : ١٦٧ ، حلية العلماء ٤ : ٣٠٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٣١ ، المغني ٤ : ٣٠٠ ، الشرح الكبير ٤ : ٨٨.

(٣) ظاهر الطبعة الحجريّة : « لا يجيز » بدل « لا يوجب ». وظاهر « س ، ي » : « لا يعيّن ».

وما أثبتناه من نسخة بدل في هامش الطبعة الحجريّة.

(٤) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٩٨ ، حلية العلماء ٤ : ٣٠٧ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٥٣٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٣١ ، روضة الطالبين ٣ : ٨٢ ، المغني ٤ : ٣٠١ ، الشرح الكبير ٤ : ٨٨.

١٥٩

الوجهين(١) .

والأقرب عندي : انتفاء الخيار هنا ؛ لأنّ التفريط من المشتري.

مسالة ٦٦٦ : نهى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عن بيع البعض على البعض‌ ، فقال : « لا يبيع(٢) بعضكم على بيع بعض »(٣) .

ومعناه أنّ المتبايعين إذا عقدا البيع وهُما في مجلس الخيار ، فجاء آخَر إلى المشتري فقال له : أنا أبيعك مثل هذه السلعة بدون ثمنها الذي اشتريت به ، أو أنا أبيعك خيراً منها بثمنها ، أو عرض عليه سلعة حسب ما ذكره.

والأقرب : أنّه مكروه.

وقال الشافعي : إنّه محرَّم ؛ عملاً بظاهر النهي ؛ لأنّ الحديث وإن كان ظاهره ظاهر الخبر إلّا أنّ المراد به النهي. ولأنّه إضرار بالمسلم(٤) وإفساد عليه ، فكان حراماً(٥) .

ويُمنع ذلك.

فإن خالَف وفَعَل ذلك وبائع المشتري ، صحّ البيع ؛ لأنّ النهي لمعنى في غير البيع ، فأشبه البيع حالة النداء.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٣١ ، روضة الطالبين ٣ : ٨٢.

(٢) كذا ، وفي بعض المصادر : « لا يبع ».

(٣) صحيح البخاري ٣ : ٩٢ ، صحيح مسلم ٣ : ١١٥٤ / ١٤١٢ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٧٣٣ / ٢١٧١ ، سنن الترمذي ٣ : ٥٨٧ / ١٢٩٢ ، سنن النسائي ٧ : ٢٥٦ ، سنن البيهقي ٥ : ٣٤٤ ، مسند أحمد ٢ : ١٧١ / ٥٢٨٢ ، و ٢٤٩ / ٥٨٢٨.

(٤) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « بالمسلمين ». وما أثبتناه يقتضيه السياق.

(٥) الحاوي الكبير ٥ : ٣٤٣ - ٣٤٤ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٩٨ ، الوسيط ٣ :

٦٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٣٠ - ١٣١ ، روضة الطالبين ٣ : ٨١ ، المغني ٤ : ٣٠١ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٨.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381