تذكرة الفقهاء الجزء ١٢

تذكرة الفقهاء15%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-224-5
الصفحات: 381

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 381 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 125524 / تحميل: 5801
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ١٢

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٢٢٤-٥
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

كما لو باع ملكه قبل العلم بالشفعة. وإن أخذه بالشفعة ثمّ فسخ البيع ، فالحكم في الشفعة كالحكم في الزوائد الحادثة في زمن الخيار.

مسالة ٧٢٠ : إذا اشترى شقصاً فوجد به عيباً ، فإن كان المشتري والشفيع معاً عالمـَين به ، لم يكن للشفيع ردّه لو أخذه من المشتري ، ولم يكن للمشتري ردّه لو لم يكن الشفيع أخذه ، بل يثبت(١) للمشتري الأرش.

ولو لم يعلما معاً بالعيب ، كان للشفيع ردّه على المشتري ، وللمشتري ردّه على البائع.

وإن علم به المشتري خاصّةً دون الشفيع ، كان للشفيع ردّه بالعيب على المشتري ، ولم يكن للمشتري ردّه على البائع.

وإن كان الشفيع عالماً به دون المشتري ، لم يكن للشفيع ردّه على المشتري ، ويثبت للمشتري الأرش.

وقال بعض الشافعيّة : إنّه استدرك ظلامته ، فلم يكن له الرجوع بالأرش(٢) .

وقال بعضهم : إنّه لم ييأس من الردّ(٣) .

فإن رجع إلى المشتري ببيعٍ أو إرث أو غير ذلك ، فهل له ردّه؟ مبنيّ على التعليلين ، إن قلنا : إنّه لا يرجع ؛ لأنّه استدرك ظلامته ، لم يكن له ردّه. وإن قلنا بالآخَر ، فله ردّه.

____________________

(١) في « س ، ي » : « ثبت ».

(٢ و ٣) لم نعثر عليه في مظانّه.

٢٢١

وإذا لم يكن المشتري عالماً بالعيب وأراد(١) ردّه وأراد الشفيع أخذه ورضي بكونه معيباً ، فللشافعي قولان :

أحدهما : أنّ الشفيع أولى بالإجابة ؛ لأنّه حقٌّ سابق على حقّ المشتري ، فإنّه ثابت بالبيع. ولأنّ الغرض للمشتري استدراك الظلامة والوصول إلى الثمن ، وهذا الغرض يحصل بأخذ الشفيع ، ولأنّا لو قدّمنا المشتري ، بطل حقّ الشفيع بالكلّيّة ، ولو قدّمنا الشفيع ، حصل للمشتري مثل الثمن أو قيمته.

وهذا أقوى عندي وهو قول أكثرهم.

والثاني : أنّ المشتري أولى ؛ لأنّ الشفيع إنّما يأخذ إذا استقرّ العقد وسلم عن الردّ. ولأنّه قد يريد استرداد عين ماله ودفع عهدة الشقص عنه(٢) .

مسالة ٧٢١ : لو ردّه المشتري بالعيب قبل علم الشفيع ومطالبته ثمّ علم وجاء يطلب الشفعة‌ ، فإن قلنا : إنّ المشتري أولى عند اجتماعهما - كما هو أحد قولي الشافعي(٣) - فلا يُجاب الشفيع.

وإن قلنا : الشفيع أولى ، فللشافعي وجهان :

أظهرهما : أنّه يُجاب ويفسخ الردّ ، أو نقول : تبيّنّا أنّ الردّ كان باطلاً. وهو الأقوى عندي.

والثاني : لا يجاب ؛ لتقدّم الردّ(٤) .

وهذا الخلاف في أنّ الشفيع أولى أو المشتري جارٍ فيما إذا اشترى‌

____________________

(١) في « س ، ي » : « فأراد ».

(٢ و ٣ ) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٩٤ ، روضة الطالبين ٤ : ١٦١.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٩٤ ، روضة الطالبين ٤ : ١٦١ - ١٦٢.

٢٢٢

شقصاً بعبدٍ ثمّ وجد البائع بالعبد عيباً فأراد ردّه واسترداد الشقص ، وأراد الشفيع أخذه بالشفعة ، وسيأتي(١) ، وفيما إذا اشترى شقصاً بعبدٍ وقبض الشقص قبل تسليم العبد ، فتلف العبد في يده، تبطل شفعة الشفيع في وجهٍ ، ويتمكّن من الأخذ في الثاني(٢) ، كما لو تلف بعد أخذ الشفيع ، فإنّ الشفعة لا تبطل ، بل على الشفيع قيمة العبد للمشتري ، وعلى المشتري قيمة الشقص للبائع.

ولو كان الثمن معيّناً وتلف قبل القبض ، بطل البيع والشفعة.

مسالة ٧٢٢ : لا تثبت الشفعة في عقد غير البيع‌ ، سواء كان عقد معاوضة كالهبة المعوّض عنها ، والإجارة والنكاح وغيرها من جميع العقود عند علمائنا أجمع ، فلو تزوّج امرأة وأصدقها شقصاً ، لم تثبت الشفعة عند علمائنا - وبه قال أبو حنيفة(٣) - للأصل الدالّ على أصالة عصمة مال الغير ، وأنّه لا يحلّ أخذه منه إلّا عن طيبة نفس ، خرج ما اتّفقنا على إثبات الشفعة فيه ؛ للنصوص ، فيبقى الباقي على أصله.

وما رواه - في الصحيح(٤) - أبو بصير عن الباقرعليه‌السلام ، قال : سألته عن رجل تزوّج امرأة على بيت في دار له وفي تلك الدار شركاء ، قال : « جائز له ولها ، ولا شفعة لأحد من الشركاء عليها »(٥) .

____________________

(١) في ص ٢٧٧ ، المسألة ٧٥٤.

(٢) أي : في الوجه الثاني.

(٣) بدائع الصنائع ٥ : ١٠ - ١١ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٢٤٤ / ١٩٥٤ ، الحاوي الكبير ٧ : ٢٤٩ ، بداية المجتهد ٢ : ٢٥٩ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٩٧ ، المغني ٥ : ٤٦٩ ، الشرح الكبير ٥ : ٤٦٤ - ٤٦٥.

(٤) جملة « في الصحيح » لم ترد في « س ، ي ».

(٥) الفقيه ٣ : ٤٧ / ١٦٥ ، التهذيب ٧ : ١٦٧ / ٧٤٢.

٢٢٣

وقول الصادقعليه‌السلام : « الشفعة في البيوع »(١) .

ولأنّ البُضْع ليس بمال ، وإذا ملك الشقص بغير مال ، لا تثبت فيه الشفعة ، كالهبة.

وقال الشافعي ومالك : تثبت الشفعة(٢) . ثمّ اختلفا ، فقال الشافعي : يأخذه الشفيع بمهر مثل الزوجة(٣) .

وقال مالك : بقيمة الشقص ؛ لأنّه عقد معاوضة ، فجاز أن تثبت الشفعة في الأرض المملوكة به ، كالبيع(٤) (٥) .

ويمنع صلاحيّة عقد المعاوضة للعلّيّة ، بل العلّة عقد خاصّ ، وهو البيع.

قال مالك : ولو أوجبنا مهر المثل ، لقوّمنا البُضْع على الأجانب ، ولأضررنا(٦) بالشفيع ؛ لأنّه قد يتفاوت مهر المثل مع المسمّى ؛ لأنّ المهر قد يسامح فيه في العادة ، بخلاف البيع(٧) (٨) .

____________________

(١) الكافي ٥ : ٢٨١ / ٥ ، التهذيب ٧ : ١٦٤ / ٧٢٨.

(٢) حلية العلماء ٥ : ٣٨٤ ، الحاوي الكبير ٧ : ٢٤٩ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٩٧ ، روضة الطالبين ٤ : ١٦٢ ، المنتقى - للباجي - ٦ : ٢٠٧ ، المغني ٥ : ٤٦٩ ، الشرح الكبير ٥ : ٤٦٥.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٨٦ ، الحاوي الكبير ٧ : ٢٥٠ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٢٤٤ / ١٩٥٤ ، المغني ٥ : ٤٦٩ ، المنتقى - للباجي - ٦ : ٢٠٨.

(٤) في الطبعة الحجريّة : « كالمبيع ».

(٥) المنتقى - للباجي - ٦ : ٢٠٨ ، الحاوي الكبير ٧ : ٢٥٠ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٢٤٤ / ١٩٥٤.

(٦) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة بدل « لأضررنا » : « لاضربنا ». والصحيح ما أثبتناه من المصدر.

(٧) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة بدل « البيع » : « البضع ». وما أثبتناه من المصدر.

(٨) اُنظر : المغني ٥ : ٤٦٩ ، والشرح الكبير ٥ : ٤٦٥.

٢٢٤

قالت الشافعيّة : إنّ المرأة ملكت الشقص القابل للشفعة ببدلٍ ليس له مثل ، فوجب الرجوع إلى قيمته في الأخذ بالشفعة ، كما لو باع سلعةً لا مثل لها(١) .

ولا يمتنع تقويم البُضْع على الأجنبيّ بسببٍ ، كما نقوّمه(٢) على المرضعة وشاهدَي الطلاق إذا رجعا. والمسامحة لا اعتبار بها ، والظاهر أنّ العوض يكون عوض المثل.

مسالة ٧٢٣ : إذا أصدقها شقصاً ثمّ طلّقها قبل الدخول‌ ، فلا شفعة عندنا.

وقال الشافعي : تثبت الشفعة(٣) .

فعلى قوله لا يخلو إمّا أن يكون قد طلّقها بعد ما أخذ الشفيع الشقصَ أو بعد عفوه قبل علمه.

فإن طلّقها بعد ما أخذ ، رجع الزوج إلى قيمة الصداق ؛ لزوال ملكها عن الصداق ، كما لو باعته ثمّ طلّقها ، ويكون له قيمة نصف الصداق أقلّ ما كان من حين العقد إلى حين القبض.

وإن طلّقها بعد عفو الشفيع ، رجع في نصف الشقص ؛ لأنّ حقّ الشفيع قد سقط ، والشقص في يدها نصفه ، وتعلّق حقّ الشفيع قبل سقوطه لا يمنع من الرجوع بعد سقوطه ، ألا ترى أنّه لو باعته ثمّ اشترته ثمّ طلّقها الزوج ، فإنّه يرجع في نصفه.

____________________

(١) اُنظر : المغني ٥ : ٤٦٩.

(٢) في « ي » : « يقوَّم » بدل « نقوّمه ».

(٣) مختصر المزني : ١٢٠ ، الحاوي الكبير ٧ : ٢٥١ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٩٤ ، روضة الطالبين ٤ : ١٦٢.

٢٢٥

وإن طلّقها قبل أن يعلم الشفيع ثمّ علم وجاء يريد أخذه بالشفعة ، فله أخذ نصفه.

وأمّا النصف الآخَر فهل الزوج أولى به أو الشفيع؟ وجهان للشافعيّة :

أحدهما : أنّ الشفيع أولى ؛ لأنّ حقّه أسبق ، فإنّ حقّ الزوج ثبت بالطلاق.

والثاني : الزوج أولى ؛ لأنّ حقّه ثبت بالنصّ.

والأوّل أصحّ عندهم ؛ لأنّ حقّ الشفعة في الجملة ثبت أيضاً بالإجماع ، كما أنّ حقّ الزوج ثبت بالنصّ في الجملة(١) .

وهذا عندنا ساقط ؛ إذ لا شفعة هنا.

مسالة ٧٢٤ : لو اشترى شقصاً وأفلس بالثمن وأراد البائع الرجوع في الشقص وطلبه الشفيع، فالأقوى عندي : تقديم حقّ الشفيع ، ويؤخذ منه الثمن ويدفع إلى البائع ؛ لأنّ حقّه ثبت بالعقد ، وحقّ البائع ثبت بالإفلاس ، والعقد أسبق ، وأسبق الحقّين أولى بالرعاية. ولأنّ منع الشفيع يقتضي إبطال حقّه بالكلّيّة ، وإذا قدّمناه ، لا يبطل حقّ البائع ، بل ينتقل إلى البدل. ولأنّ حقّ الشفيع أقوى من حقّ البائع ، فإنّ الشفيع يُبطل تصرّف المشتري ويأخذ الشقص ، والبائع لا يُبطل تصرّف المشتري عند إفلاسه ، وهذا وجهٌ للشافعي(٢) .

وله وجهان آخَران :

أحدهما : تقديم حقّ البائع ؛ لاستناد حقّه إلى ملك سابق. ولأنّ البائع‌

____________________

(١) الحاوي الكبير ٧ : ٢٥٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٩٥ ، روضة الطالبين ٤ : ١٦٢.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٩٥ ، روضة الطالبين ٤ : ١٦٢.

٢٢٦

لم يرض بزوال الشقص إلّا على أن يسلم له الثمن ، فإذا لم يسلم ، وجب أن لا يؤخذ منه.

والآخَرَ : الشفيع أولى ، ويكون الثمن اُسوة الغرماء ؛ لأنّ حقّ البائع إذا انتقل عن العين إلى الذمّة ، التحق بسائر الغرماء.

وقيل : يقدّم البائع بالثمن رعايةً للجانبين.

والثالث(١) : إن كان البائع سلّم الشقص ثمّ أفلس المشتري ، لم يكن أولى بالثمن ؛ لرضاه بذمّة المشتري. وإن لم يسلّمه ، فهو أولى بالثمن(٢) .

وهذا الخلاف بين الشافعيّة ثابت في الزوج إذا طلّق قبل الدخول أو ارتدّ والمهر الشقص(٣) .

وقال بعض الشافعيّة : إنّ الشفيع أولى من الزوج ، والبائع أولى من الشفيع في الإفلاس ؛ لأنّ الثابت للزوج بالطلاق الملكُ ، والشفيع يثبت له ولاية التملّك ، لكنّ الشفيع أسبق حقّاً ، فهو أولى بالتقديم(٤) .

هذا إن اجتمع الشفيع مع الزوج أو البائع ، أمّا لو أخذ الشفيع الشقص من يد الزوجة ثمّ طلّق الزوج ، أو من يد المشتري ثمّ أفلس ، فلا رجوع للزوج وللبائع بحال ، لكنّ البائع يرجع إلى الثمن ، والزوج إلى القيمة في مالها ، كما لو زال الملك ببيع وشبهه.

ولو طلّقها قبل علم الشفيع وأخذ النصف ، فلا شفعة عندنا.

وقال الشافعي : إذا جاء الشفيع ، ففي استرداده ما أخذ الزوج وجهان ،

____________________

(١) أي الوجه الثالث للشافعيّة أيضاً.

(٢ و ٣ ) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٩٥ ، روضة الطالبين ٤ : ١٦٢.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٩٥.

٢٢٧

كما إذا جاء بعد الردّ بالعيب(١) .

وحكى الجويني طريقةً قاطعة بالمنع ؛ لأنّ المهر يشطر بالطلاق من غير اختيار ، فيبعد نقضه. فإن قلنا : يستردّه ، أخذه وما بقي في يدها ، وإلّا أخذ ما في يدها ، ودفع إليها نصف مهر المثل(٢) .

ولو كان للشقص الممهور شفيعان وطلبا وأخذ أحدهما نصفه وطلّقها قبل أن يأخذ الآخَر ، لم يأخذ الزوج النصف الحاصل في يد الشفيع.

وهل هو أولى في النصف الآخَر أم الشفيع؟ فيه ما سبق من الخلاف.

ويجري فيما إذا أخذ أحد الشفيعين من يد المشتري ثمّ أفلس ، فإن قلنا : الشفيع أولى ، ضارَبَ البائع مع الغرماء بالثمن.

وإن قلنا : البائع أولى ، فإن شاء أخذ النصف الثاني وضارَبَ مع الغرماء بنصف الثمن ، وإلّا تركه وضارب بجميع الثمن.

مسالة ٧٢٥ : قد بيّنّا أنّ الشفعة إنّما تثبت بالبيع خاصّةً.

وقال الشافعي : تثبت بكلّ عقد معاوضة(٣) .

ووافقنا(٤) على ما إذا ملك من غير معاوضة ، فلا شفعة عليه ، كالإرث والهبة والوصيّة.

أمّا الإرث : فلأنّ الوارث يملك بغير اختياره ، بخلاف المشتري المالك باختياره ، فإنّه بدخوله على الشريك سلّط الشريك عليه دفعاً للتضرّر به ، وقد كان من حقّه أن لا يدخل عليه.

____________________

(١ و ٢ ) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٩٦ ، روضة الطالبين ٤ : ١٦٣.

(٣ و ٤ ) حلية العلماء ٥ : ٢٧٠ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٩٦ ، روضة الطالبين ٤ : ١٦٣.

٢٢٨

وأمّا الهبة والوصيّة : فلأنّ المتّهب والموصى له تقلّدا المنّة من الواهب والموصي حيث قبلا تبرّعهما ، ولو أخذ الشفيع ، لأخذ عن استحقاقٍ وتسلّط ، فلا يكون متقلّداً للمنّة ، ووضع الشفعة على أن يأخذ الشفيع بما أخذ به المتملّك.

أمّا لو شرط في الهبة الثواب أو قلنا : إنّها تقتضي الثواب مع الإطلاق ، فلا شفعة فيها أيضاً عندنا.

وقال الشافعي : إن كان العوض معلوماً ، صحّت الهبة ، وكانت بيعاً ، وتثبت فيه الشفعة ، سواء تقابضا أو لم يتقابضا - وبه قال زفر - لأنّه ملك بعوض ، فلم يفتقر إلى التقابض ، كالبيع(١) .

وقال أبو حنيفة وأصحابه : لا تثبت حتى يتقابضاً ؛ لأنّ الهبة لا تلزم إلّا بالقبض ، فهو بمنزلة بيع الخيار(٢) .

وأجاب الشافعيّة بأنّه لا يصحّ ما قالوه من اعتبار لفظ الهبة ؛ لأنّ العوض يصرفها عن مقتضاها ، وتصير عبارةً عن البيع ، وخاصّة عندهم ينعقد بها النكاح ، ولا يفتقر النكاح إلى القبض(٣) .

فأمّا إذا كانت بغير شرط العوض ، فكذلك مبنيّ على القولين في اقتضائها الثواب.

وكلّ موضع قلنا : تقتضي الثواب تثبت الشفعة فيها بمثل الثواب إن كان مثليّاً ، وإلّا القيمة. وكلّ موضع قلنا : لا تقتضيه ، لم تثبت الشفعة ولو‌

____________________

(١) المغني ٥ : ٤٦٨ ، الشرح الكبير ٥ : ٤٦٤ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٢٤٥ / ١٩٥٨ ، بدائع الصنائع ٥ : ١١.

(٢) بدائع الصنائع ٥ : ١١ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٢٤٥ / ١٩٥٨ ، المغني ٥ : ٤٦٨ ، الشرح الكبير ٥ : ٤٦٤.

(٣) اُنظر : المغني ٥ : ٤٦٨ - ٤٦٩ ، والشرح الكبير ٥ : ٤٦٤.

٢٢٩

أثابه الموهوب له.

وقال ابن أبي ليلى : تثبت الشفعة فيها بقيمة الشقص - وهو إحدى الروايتين عن مالك - لأنّ الشفعة تثبت لإزالة الضرر بالاشتراك ، وذلك موجود في الهبة(١) .

قالت الشافعيّة : إنّه يملكها بغير بدل ، فأشبه الميراث(٢) . وأمّا الضرر فلا يزال بضرر ، وفي أخذ الهبة ضرر ؛ لأنّه لا عوض فيها ، وإذا أخذها بغير عوض ، أبطل غرض(٣) الواهب والمتّهب معاً.

وعن الشافعي قولٌ آخَر : إنّه إذا شرط الثواب ، أو قلنا : إنّها تقتضيه ، لا يؤخذ – كمذهبنا - لأنّه ليس المقصود منه المعاوضة.

وعلى قول الأخذ ففي أخذه قبل قبض الموهوب وجهان :

أظهرهما : الأخذ ؛ لأنّه صار بيعاً.

والثاني : لا ؛ لأنّ الهبة لا تتمّ إلّا بالقبض ، وهذا هو الخلاف في أنّ الاعتبار باللفظ أم بالمعنى؟(٤)

مسالة ٧٢٦ : لو كان بين اثنين دار‌ ، فادّعى أجنبيّ ما في يد أحدهما ، فصالَحه المتشبّث عليه ، فلا شفعة عندنا ؛ لأنّها تتبع البيع ، والصلح عقد مستقلّ بنفسه مغاير للبيع.

وقال الشافعي : إن صالَحه بعد إقراره له به ، صحّ الصلح ، وتثبت‌

____________________

(١) المغني ٥ : ٤٦٨ ، الشرح الكبير ٥ : ٤٦٣.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٨٤ ، وانظر : المغني ٥ : ٤٦٨ ، والشرح الكبير ٥ : ٤٦٣.

(٣) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « عوض » بدل « غرض ». والظاهر ما أثبتناه.

(٤) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٤٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٩٧ ، روضة الطالبين ٤ : ١٦٣.

٢٣٠

الشفعة للشريك ؛ لأنّ الصلح عنده بيع. وإن(١) أنكره وصالَح ، لم يصحّ الصلح عنده بناءً على مذهبه من أنّ الصلح لا يصحّ عن الإنكار(٢) .

وكذا لو ادّعى رجل على أحد الشريكين في الدار ألفاً ، فصالَحه منها على نصف الدار الذي له ، فلا شفعة عندنا.

وقال الشافعي : إن كان مع الإقرار بالألف ، صحّ الصلح ، وكان للشفيع أخذه بالألف. وإن كان الصلح مع الإنكار ، لم يصحّ الصلح ، ولم تجب الشفعة(٣) .

مسالة ٧٢٧ : لو اشترى شقصا فعفا الشريك عن الشفعة ثمّ تقايلا‌ ، لم تثبت الشفعة بالإقالة عندنا على ما تقدّم(٤) من أنّ الشفعة تتبع البيع ، وأنّ الإقالة ليست بيعاً.

وقال الشافعي : إن قلنا : إنّ الإقالة فسخ لا بيع ، فلا شفعة ، كما لا يأخذ بالردّ بالعيب ؛ لأنّ الفسوخ وإن اشتملت على ترادّ العوضين فلا تعطى أحكام المعاوضات ، ألا ترى أنّه يتعيّن فيها العوض الأوّل. وإن قلنا : إنّها بيع ، فله الشفعة وأخذه من البائع(٥) .

وقال أبو حنيفة : تثبت الشفعة بالإقالة ، وبالردّ بالعيب بالتراضي(٦) ؛ لأنّه نقل الملك بالتراضي ، فأشبه البيع(٧) .

____________________

(١) في الطبعة الحجريّة : « فإن » بدل « وإن ».

(٢) حكاه عنه الشيخ الطوسي في الخلاف ٣ : ٤٤٩ - ٤٥٠ ، المسألة ٣٠.

(٣) حكاه عنه الشيخ الطوسي في الخلاف ٣ : ٤٥٠ ، المسألة ٣١.

(٤) في ص ٢٢٢ ، المسألة ٧٢٢ ، وفي ص ١١٧ ، المسألة ٦٢٧.

(٥) حلية العلماء ٥ : ٢٩٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٩٧ ، روضة الطالبين ٤ : ١٦٣.

(٦) في « س » والطبعة الحجريّة : « وبالتراضي ».

(٧) حلية العلماء ٥ : ٢٩٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٩٨ ، المغني ٥ : ٤٧٠ ، الشرح الكبير ٥ : ٤٦٥.

٢٣١

ولو تقايلا قبل علم الشريك بالبيع ، كان له الأخذ بالشفعة وفسخ الإقالة ؛ لسبق حقّه على الإقالة.

وقال الشافعي : إن قلنا : إنّ الإقالة بيع ، فالشفيع بالخيار [ بين ](١) أن يأخذ بها وبين أن يُبطلها حتى يعود الشقص إلى المشتري ، فيأخذ منه. وإن جعلناها فسخاً ، فهو كطلب الشفعة بعد الردّ بالعيب(٢) .

أمّا لو باع المشتري ، فللشريك هنا الخيار بين الأخذ من الأوّل وفسخ البيع الثاني ، وبين الأخذ من الثاني.

مسالة ٧٢٨ : لو جعل الشقص اُجرةً في إجارة ، أو جُعْلاً في جعالة‌ ، أو أصدقها شقصاً أو متّعها به أو خالعها على شقص ، أو صالَح عليه عن(٣) مال أو دم أو جراحة عن إقرار أو(٤) إنكار أو جعله المكاتب عوض نجومه ، لم تثبت الشفعة في شي‌ء من ذلك عندنا ، بل إنّما تثبت الشفعة في الشراء لا غير ، وبه قال أبو حنيفة ، وهو رواية عن أحمد(٥) ، وقد تقدّم(٦) بيانه.

ولو أقرضه شقصاً ، صحّ القرض ، وبه قال الشافعي(٧) .

وليس للشفيع أخذه بالشفعة عندنا.

وقال الشافعي : له الأخذ(٨) .

____________________

(١) ما بين المعقوفين من المصدر.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٩٧ ، روضة الطالبين ٤ : ١٦٣.

(٣) في الطبعة الحجريّة : « من » بدل « عن ».

(٤) في « س ، ي » : « و» بدل « أو ».

(٥) بدائع الصنائع ٥ : ١٠ - ١١ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٢٤٤ / ١٩٥٤ ، حلية العلماء ٥ : ٢٧٠ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٤٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٩٧ ، بداية المجتهد ٢ : ٢٥٩ ، المغني ٥ : ٤٦٩ ، الشرح الكبير ٥ : ٤٦٤ - ٤٦٥.

(٦) في ص ٢٢٢ ، المسألة ٧٢٢.

(٧) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٩٧ ، روضة الطالبين ٤ : ١٦٣ - ١٦٤.

(٨) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٩٧ ، روضة الطالبين ٤ : ١٦٤.

٢٣٢

والجعالة لا تثبت بها الشفعة ، كما قلنا.

وعند الشافعي تثبت بعد العمل ، لأنّ الملك حينئذٍ يحصل للعامل(١) .

أمّا لو اشترى بالشقص شيئاً أو جَعَله رأس مال السَّلَم ، فالأقرب : ثبوت الشفعة ؛ لصدق البائع على المشتري.

ولو بذل المكاتب شقصاً عوضاً عن بعض النجوم ثمّ عجز ورقّ ، فلا شفعة عندنا.

وأمّا عند الشافعي ففي بطلان الشفعة وجهان ينظر في أحدهما إلى أنّه كان عوضاً أو لا ، وفي الثاني إلى خروجه أخيراً عن العوضيّة ، وهذا أظهر عندهم(٢) .

ويشبه هذا الخلاف خلافهم فيما إذا كان الثمن عيناً وتلف قبل القبض(٣) .

ولو قال لمستولدته : إن خدمتِ أولادي شهراً ، فلك هذا الشقص ، فخدَمَتْهم ، استحقّت الشقص عند الشافعي. وفي ثبوت الشفعة وجهان :

أحدهما : تثبت ؛ لأنّها ملكتْه بالخدمة ، فكان كالمملوك بالإجارة وسائر المعاوضات.

وأظهرهما : المنع ؛ لأنّه وصيّة معتبرة من الثلث كسائر الوصايا ، وذكر الخدمة شرط داخل على الوصيّة(٤) .

مسالة ٧٢٩ : لوليّ الصبي والمجنون أن يأخذ لهما بالشفعة ما بِيع في شركتهما مع الغبطة لهما، عند علمائنا أجمع - وبه قال الشافعي‌

____________________

(١ و ٢ ) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٩٧ ، روضة الطالبين ٤ : ١٦٤.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٩٧.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٩٨ ، روضة الطالبين ٤ : ١٦٤.

٢٣٣

وأبو حنيفة(١) - لأنّه خيار جُعل لإزالة الضرر عن المال ، فملكه الوليّ في حقّ الصبي والمجنون ، كخيار الردّ بالعيب. وللعمومات الدالّة على ثبوت الشفعة للشريك ، فيدخلان فيه ، وكلّ حقٍّ هو لهما فإنّما يتولّاه الوليّ.

ولما رواه الخاصّة عن الصادقعليه‌السلام قال : « قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : وصيّ اليتيم بمنزلة أبيه يأخذ له الشفعة إذا كان [ له ](٢) رغبة فيه »(٣) .

وقال ابن أبي ليلى : لا شفعة فيه ؛ لأنّ الوليّ لا يثبت له الأخذ بالشفعة ، لأنّه لا يملك العفو، ومن لا يملك العفو لا يملك الأخذ ، ولا يمكن الانتظار بها ؛ لأنّ في ذلك إضرارا بالمشتري ، فبطلت(٤) .

وقال الأوزاعي : تثبت الشفعة ، وليس للوليّ أن يأخذ بها ، ويتأخّر ذلك إلى زوال الحجر عن مستحقّها ؛ لأنّ خيار القصاص ثبت للصبي ولا يستوفيه الوليّ ، كذلك الشفعة(٥) .

والجواب : لا نسلّم أنّه ليس له العفو ، بل له ذلك مع المصلحة.

سلّمنا ، لكنّ العفو إسقاط حقّه ، والأخذ استيفاء حقّه ، وهذا فرقٌ ، كما يملك قبض حقوقه ولا يملك إسقاط شي‌ء منها.

وخيار القصاص ثابت للوليّ مع المصلحة.

سلّمنا ، لكنّ القصد التشفّي ، وذلك لا تدخله النيابة ، والغرض‌

____________________

(١) الحاوي الكبير ٧ : ٢٧٦ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٣٦ ، الوسيط ٤ : ٣٧٧ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٦٩ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٨١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٢٤ ، بدائع الصنائع ٥ : ١٦ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٢٤٤ / ١٩٥٥ ، فتاوى قاضى خان ( بهامش الفتاوى الهنديّة ) ٣ : ٥٣٦ ، المغني ٥ : ٤٩٦ ، الشرح الكبير ٥ : ٤٨٦ - ٤٨٧.

(٢) ما بين المعقوفين من المصدر.

(٣) الكافي ٥ : ٢٨١ / ٦ ، التهذيب ٧ : ١٦٦ / ٧٣٧.

(٤) الحاوي الكبير ٧ : ٢٧٦ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٢٤٤ ، ١٩٥٥ ، المغني ٥ : ٤٩٥ ، الشرح الكبير ٥ : ٤٨٥.

(٥) المغني ٥ : ٤٩٥ و ٤٩٦ ، الشرح الكبير ٥ : ٤٨٧.

٢٣٤

بالشفعة إزالة الضرر عن المال ، وهو ممّا تدخله(١) النيابة.

مسالة ٧٣٠ : إنّما يأخذ الوليّ لهما إذا كان الأخذ مصلحةً بأن يكون قد بِيع بأقلّ من ثمن مثله ، أو تزيد قيمة الملك بأخذه ، أو يكون له مال يحتاج أن يشترى به العقار ، فيأخذه بثمن المثل.

وإن كان الحظّ في الأخذ فتُرك ، لم يصحّ الترك ، ولم تسقط الشفعة ، وكان للصبي والمجنون بعد الكمال أخذ الشقص - وبه قال محمد وزفر(٢) - لأنّه إسقاط حقَّ للمولّى عليه ، لا حظّ له في إسقاطه ، فلم يسقط ، كالإبراء وإسقاطِ خيار الردّ بالعيب.

وقال أبو حنيفة : إذا عفا ، سقطت ؛ لأنّ مَنْ ملك الأخذ ملك العفو ، كالمالك(٣) .

والفرق : أنّ المالك يملك الإبراء والتبرّع ، بخلاف الوليّ ، فبطل القياس.

وإن كان الحظّ في الترك - بأن يكون قد اشترى بأكثر من ثمن المثل أو لم يكن للصبي مال يشتري به فاستقرض له ورهن ماله وأخذ الشقص - لم يصحّ أخذه ، فإن أخذه ، لم يصحّ ، ولم يملكه الصبي بهذا الأخذ ، بل يكون باقياً على ملك المشتري ، ولا يقع للوليّ.

وكذا لو اشترى بأكثر من ثمن المثل ، لم يصحّ ، ولا يقع له إن سمّى الشراء للطفل. ولو أطلق ، وقع له ، بخلاف الأخذ بالشفعة ؛ لأنّ الشفعة تؤخذ بحقّ الشركة ، وذلك مختصّ بالصبي ، ولهذا لو أراد الوليّ الأخذ لنفسه ، لم يصحّ ، بخلاف الشراء.

____________________

(١) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « يدخل » بدل « تدخله ». والصحيح ما أثبتناه.

(٢) المغني ٥ : ٤٩٥ ، الشرح الكبير ٥ : ٤٨٦.

(٣) المغني ٥ : ٤٩٦ ، الشرح الكبير ٥ : ٤٨٦.

٢٣٥

وفي النكاح لو تزوّج لغيره بغير إذنه ، لم يقع للعاقد ؛ لأنّه يفتقر إلى ذكر الزوجين ، بخلاف البيع ؛ لأنّ عقد النكاح اختصّ بالمعقود له ، والشراء لا يحتاج إلى ذكر المشتري له.

مسالة ٧٣١ : العفو كالترك ليس للوليّ العفو عن الشفعة مع الحظّ بالأخذ ولا تركها كما بيّنّا.

ولو كان الحظّ في الترك فتُرك ، سقطت الشفعة ، وإذا زال الحجر عن المحجور عليه ، لم يكن له المطالبة بها - وبه قال الشافعي(١) - لأنّ الوليّ يتبع الحظّ والمصلحة للمولّى عليه ، فله الأخذ إذا كان فيه حظّ ، فإذا كان الحظّ في العفو ، وجب أن يصحّ ، كما يصحّ الأخذ ، ولهذا يصحّ من الوليّ الردّ بالعيب ، وإذا بلغ ، لم يكن له الاعتراض ، كذا هنا.

وقال بعض(٢) الشافعيّة : ليس للوليّ أن يعفو ، وإنّما يترك الأخذ إذا لم يكن حظّاً ، فإذا زال الحجر ، كان المحجور عليه بالخيار. وجَعَله قولاً ثانياً للشافعي - وبه قال زفر ومحمد بن الحسن الشيباني(٣) - لأنّ المستحقّ للشفعة له أخذها ، سواء كان له فيها حظّ أو لم يكن ، وإنّما يعتبر الحظّ في حقّ المولّى [ عليه ](٤) ، وإذا زال عنه الحجر ، كان له الأخذ.

مسالة ٧٣٢ : لو باع الوصي أو الوليّ شقصا للطفل وطفل آخر - هو وليّه أيضا - شريك‌ ، كان له الأخذ بالشفعة للآخَر ؛ لأنّ الأوّل قد يحتاج إلى البيع ، والثاني إلى الأخذ.

ولو كان الوليّ هو الشريك ، فالأقرب : أنّ له الأخذ ؛ لأنّه حقّ ثبت له على المشتري بعد تمام العقد وانقطاع ملك الطفل ، وهو أحد وجهي‌

____________________

(١ و ٢ ) حلية العلماء ٥ : ٣١٣.

(٣) اُنظر : بدائع الصنائع ٥ : ١٦ ، وحلية العلماء ٥ : ٣١٢.

(٤) ما بين المعقوفين أضفناه لأجل السياق.

٢٣٦

الشافعيّة. والثاني - وهو الأصحّ عندهم - : أنّه ليس له أخذه بالشفعة ؛ لأنّه لو مُكّن منه ، لم يؤمن أن يترك النظر والاستقصاء للصبي ، ويسامح في البيع ليأخذ بالشفعة بالثمن البخس ، كما أنّه لا يُمكّن من بيع ماله من نفسه(١) .

ولو رفع ذلك إلى الحاكم فباعه ، أخذه الوصيّ ؛ لزوال التهمة.

ولو كان البائعُ الأبَ أو الجدَّ له ، جاز له الأخذ - وبه قال الشافعي(٢) - لأنّه يجوز أن يبيع من نفسه. ولأنّ ولايتهما أقوى ، وكذا شفقتهما.

ولو اشترى شقصاً للطفل وهو شريك في العقار ، فله الأخذ بالشفعة ؛ لثبوت السبب السالم عن معارضة التهمة ؛ إذ لا يزيد في الثمن ليأخذ به ، وهو أحد قولي الشافعي.

وفي الثاني : أنّه ليس له الأخذ ؛ لأنّه يلزم الصبي العهدة ولا منفعة له فيه(٣) .

وليس بجيّد ؛ لأنّ له أن يشتري للصبي وأن يشتري منه.

ولو وكّل الشريكُ شريكَه في البيع فباع ، فله الأخذ بالشفعة - وهو أحد قولي الشافعيّة ، وقال بعضهم : إنّه قول الأكثر(٤) - لأنّ الموكّل ناظر لنفسه ، يعترض ويستدرك إن وقف على تقصير الوكيل ، والصبي عاجز عن ذلك ، فيُصان حقّه عن الضياع.

وقال بعضهم : ليس له الأخذ ؛ للتهمة(٥) .

ولو وكّل إنسان أحد الشريكين ليشتري الشقص من الآخَر ، فاشتراه ، فله الأخذ.

وهنا إشكال ، وهو إن رضي الشريك بالبيع ، تبطل شفعته ، وفي هذه الصور كيف تتحقّق الشفعة مع قصد البيع ورضاه حيث كان وكيلاً باختياره!؟

____________________

(١ - ٥ ) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٩٩ ، روضة الطالبين ٤ : ١٦٤.

٢٣٧

وقال أبو حنيفة : في الوكيل والوصي معاً تثبت الشفعة في الشراء ، ولا تثبت في البيع(١) .

ولو وكّل الشريكُ شريكَه ببيع نصف نصيبه ، أو أذن له في بيع نصيبه أو بعض نصيبه مع نصيب الموكّل إن شاء ، فباع نصف نصيب الموكّل مع نصف نصيبه صفقة واحدة ، فللموكّل أخذ نصيب الوكيل بالشفعة.

وهل للوكيل أخذ نصيب الموكّل؟ للشافعي(٢) الوجهان السابقان.

مسالة ٧٣٣ : إنّه سيأتي(٣) الخلاف في أنّ الشفعة هل تثبت مع الكثرة أم لا؟ فإن قلنا به لو كان ملكٌ بين ثلاثة فباع أحدهم نصيبه من أحد الآخَرَيْن ، فالشفعة بين المشتري والشريك الآخَر يشتركان في المبيع - وبه قال أبو حنيفة ومالك والمزني والشافعي في أصحّ الوجهين(٤) - لاستوائهما في الشركة وسبب الشفعة ، كما لو كان المشتري غيره.

وقال بعض الشافعيّة : إنّ الشريك الثالث منفرد بالشفعة ، ولا حقّ فيه للمشتري - وهو محكيّ عن الحسن البصري وعثمان البتّي - لأنّ الشفعة تستحقّ على المشتري ، فلا يجوز أن يستحقّها المشتري على نفسه(٥) .

وليس بصحيح ؛ لأنّا لا نقول : تجب له الشفعة ، بل لا يستحقّ عليه‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٩٩.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٩٩ ، روضة الطالبين ٤ : ١٦٥.

(٣) لم نعثر على الخلاف فيما يأتي من مسائل الشفعة ، وقد تقدّم في ص ٢٠١ - ٢٠٢ ، المسألة ٧٠٦.

(٤) المغني ٥ : ٥٢٥ ، الشرح الكبير ٥ : ٤٩٥ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٨٨ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٧٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٩٩ - ٥٠٠ ، روضة الطالبين ٤ : ١٦٥.

(٥) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٨٨ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٧٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٠٠ ، روضة الطالبين ٤ : ١٦٥ ، المغني ٥ : ٥٢٥ ، الشرح الكبير ٥ : ٤٩٥.

٢٣٨

في نصف النصيب ؛ لأنّه أولى من الشريك الآخَر ، ولا بُعْد في استحقاق الإنسان على نفسه لأجل تعلّق حقّ الغرماء ، كالعبد المرهون إذا جنى على عبدٍ آخَر لسيّده ، فإنّه يثبت للسيّد على العبد أرش الجناية لأجل تعلّق حقّ الغير به ، ولو لم يكن مرهوناً ، ما تعلّق به ، فعلى هذا يكون الثالث بالخيار بين أن يترك جميع المبيع ، أو يأخذ الجميع ، وعلى الأوّل يتخيّر بين أن يأخذ نصف المبيع أو يترك.

فإن قال المشتري : خُذ الكلَّ أو اترك الكلَّ وقد تركتُ أنا حقّي ، لم تلزمه الإجابة ، ولم يصح إسقاط المشتري الشفعة ؛ لأنّ ملكه مستقرّ على النصف بالشراء ، فأشبه ما إذا كان للشقص شفيعان : حاضر وغائب ، فأخذ الحاضر الجميعَ ، ثمّ عاد الغائب ، له أن يأخذ نصفه ، وليس للحاضر أن يقول : اترك الكلَّ أو خُذ الكلَّ وأنا تركت حقّي ، ولا نظر إلى تبعّض الصفقة عليه ، فإنّه لزم من دخوله في هذا العقد.

وعن بعض الشافعيّة وجه : أنّه إذا ترك فيه المشتري حقّه ، وجب على الآخَر أخذ الكلّ أو ترك الكلّ ، كما إذا باع من أجنبيّ وله شفيعان ، فترك أحدهما حقّه ، يأخذ الآخَر الكلَّ أو يترك الكلَّ ، إلّا أنّ هذا الترك سابق على اختيار التملّك هناك ، وفيما نحن فيه اختيار(١) التملّك بالشراء ، فلم يؤثّر الإعراض بعده(٢) .

ولو كان بين اثنين دار فباع أحدهما نصف نصيبه من ثالث ثمّ باع النصف الثاني من ذلك الثالث ، فعلى أحد قولي الشافعيّة حكمه حكم ما لو‌

____________________

(١) في الطبعة الحجريّة : « اختار ».

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٠٠ ، روضة الطالبين ٤ : ١٦٥.

٢٣٩

باع النصف الثاني من أجنبيّ. وعلى الآخَر : لا شفعة للمشتري ، وللشفيع الخيار بين أن يأخذ الكلَّ أو يأخذ أحد النصفين دون الآخَر(١) .

مسالة ٧٣٤ : تبرّعات المريض عندنا من الثلث‌ ، فلو باع المريض شقصاً من دار وله شفيع ، فإمّا أن يبيع بثمن المثل أو بدونه ، فإن باع بثمن المثل ، لزم البيع ، وثبتت فيه الشفعة ، سواء كان المشتري والشفيع وارثين أو أحدهما أو غير وارثين - وبه قال الشافعي(٢) - لأنّ البيع بثمن المثل لا اعتراض فيه ، وإنّما يعترض على المريض في التبرّع ، وبه قال أبو يوسف ومحمد(٣) أيضاً.

وقال أبو حنيفة : لا يصحّ بيعه من وارثه ؛ لأنّه محجور عليه في حقّه ، فصار كبيع الصبي(٤) .

وهو غلط ؛ لأنّه محجور عليه في التبرّع في حقّه ، كما يحجر عليه في حقّ الأجنبيّ في الثلث ، ويصحّ أن يبيع منه بثمن مثله مطلقاً ، كذا هنا.

وإن باع بدون ثمن المثل ، فلا يخلو إمّا أن يكون المشتري والشفيع أجنبيّين أو وارثين أو المشتري وارثاً والشفيع أجنبيّاً أو بالعكس.

فإن كانا أجنبيّين ، فإن احتمل الثلث المحاباة ، صحّ البيع ، وأخذ الشقص بالشفعة ، ولا(٥) إشكال ؛ لأنّ المحاباة وقعت في البيع ، فإذا وقع البيع مسترخصاً ، لم يسقط حقّ الشفعة ، ولم يجز أن يأخذه بأكثر من الثمن.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٠٠ ، روضة الطالبين ٤ : ١٦٥.

(٢ - ٤ ) حلية العلماء ٥ : ٢٨٠ ، المغني ٥ : ٤٧٢ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٣٥.

(٥) في « ي » والطبعة الحجريّة : « فلا » بدل « ولا ».

٢٤٠

كما أنّ الولاية الّتي يستحقّ صاحبها الكرامة ، وكذلك الكرامة الّتي تثبتُ لصاحب الولاية ، إنّما يحتاجانِ إلى إثباتٍ.

فلا يثبتان بالادّعاء ، أو بالتوهّم ، أو الفرض ، وإنّما هما بحاجة إلى مثبتات بمستوى الحُجج الصالحة للاستناد والاعتماد.

ومن أوضح أدلّة ذلك :

الشهرة والشيوع عند المؤمنين ، شهرةً مفيدةً للعلم ، ونافيةً للريب ، ومفندهً للإنكار والمعارضة.

فكيف بها إذا سلّم بها الخصمُ ، وتناقلَها الأعداءُ ، ولم يُعارضها نقلٌ ولو ضعيفٌ؟!

وإذا ارتفعت الموانع ، وتمّت المُثبتات ، فلا يجدُ المسلمُ المتشرّعُ إشكالاً أو شبهةً في الالتزام بما يتحقّق من الكرامات ، قديماً وحديثاً.

وأمثلة ذلك في حضارة الإسلام كثيرةٌ جدّاً ، كما لم تخلُ من نماذج ثابتة لذلك في الحضارات السابقة ، إلاّ أنّ النماذج الإسلاميّة قد تناقلتها الرواياتُ والأحاديثُ ، وسجّلتها الدواوينُ والمصادرُ ، واستقرّتْ في الصدور وشاعتْ على الألسن ، ووصلتْ إلينا بالتواتُر المعنويّ القاطع لكلّ مكابرةٍ والدافع لكلّ إنكارٍ.

وإذا خضعت الكراماتُ للإمكان الموضوعيّ عقلاً ، وثبت وقوعُها بالروايات والآثار نقلاً ، فلم يبقِ للإنسان المتشرّع والمتعبّد إلاّ القبولُ والاقتناعُ بها وجداناً ، بل تكون مفخرةً للمسلمين وللإسلام أن يوجد فيهم

٢٤١

مثلُ تلك النماذج الرائعة ، وبكثرةٍ ملحوظةٍ ، ممّا يدلّ على عمق الإيمان في قلوب معتنقيه ومدى رسوخ العقيدة في نفوس تابعيه ، وبلوغ أوليائه إلى القِمَمِ ، وسيطرتهم على مقدّرات الكون لكونهم أفضل الاُمم ، مع تواضع فذٍّ للهِ الخالق جلّ وعلا ، وخدمةٍ خالصةٍ للخلق المبتلى.

وبعد هذا الّذي أوردنا ؛ فمن يحاول الاستغرابَ من بعض الكرامات ، أو يُكابِرُ قبول شيء منها ، أو يُناقِشُ في إمكانها ، أو ثبوتها ، أو صحّتها ، أو إثباتها ، مستنداً إلى عقله! أو نظره! فانّما يُنْبِىء عن قُصُور من تناول تلك المحكَمات من الآياتِ ، أو جهلٍ بتلك المشهورات من الأخبار ، أو تعامٍ عن الحقّ : رغبةً في المخالفة. وحبّاً للشهرة. أو تزلّفاً إلى الأعداء بموافقتهم في الأفكار. أو معاندة وعصبيّة لمرض في قلبه ، وعَمَىً في بصيرته ، وهوىً في نفسه. نعوذ بالله من الخذلان.

ولقد انبرى جمعٌ من العلماء لجمع عيّناتٍ بارزةً من النماذج الإسلاميّة من الكرامات لأصحابها ، بالطرق الموثوقة رواية عن الرجال الموثوقين ، لتكون شواهدَ صدقٍ ، ونواطق حقّ ، بتحقّق ذلك.

وليكون دليلاً واضحاً على بلوغ تلك الكرامات مبلغ الشهرة المؤدّية إلى القناعة والعلم ، لسعة رواياتها ونقولها ، واعتماداً على رواتها الّذين يعدّون من رجالات العلم والدين.

وإنّ مثل هذه الكرامات يعدّ دعماً لمواقف أهل الحقّ على طول تاريخ النضال العقيديّ المُستميت ، الّذي خاضَهُ اُولئك الأبرارُ الأوتادُ

٢٤٢

الأولياءُ لله وللرسول وللأئمّة الأطهار من آل محمّد عليهم السلام ولا يزال يخوضه المجاهدون الأحرارُ من شيعتهم الأخيار ، وهم الّذين وقفوا ـ ولا يزالون ـ على طول خطّ التاريخ وحتّى اليوم ـ في صفّ المواجهة الأوّل ، للدفاع عن القرآن الكريم ، والإسلام العظيم ، والرسول الأعظم ، والأئمّة الطاهرين ، وكلّ المقدّسات ؛ بِنِيّاتٍ صادقةٍ ، وعزماتٍ قويّةٍ وإرادات جادّة ، ويقين بوعد الله جلّ وعزّ بالنصر ، والمنّ على الّذين استضعفوا في الأرض ليستخلفنّهم فيها ، ويجعلهم أئمّةً ويجعلهم الوارثين.

جعلنا اللهُ ممّن ينتصرُ به لدينه تحت راية نبيّه وأوصيائه والأولياء من شيعتهم ، وقيادة صاحب الأمر إمام الزمان المهديّ المنتظر عليه السلامُ وعجّل اللهُ فرجه ، الّذي يملأ الدُنيا عَدلاً وقِسطاً بعدَما مُلئتْ ظُلماً وجَوراً.

وأمّا كرامات العَبّاس عليه السلام :

فقد ملأتْ أسماعَ التاريخ ، وأوراقَ الكتب ، وأجواءَ الفضاء ، وبلغت من الشُهرة والشُيوع ما أقرّ بِها الأولياءُ ، وخضعَ لها الأعداءُ ، ولا تزال ـ حتّى في عصرنا ـ تُحَسُّ وتُمَسُّ ، وتُرَى وتُرْوَى ، وتُسَجَّلُ وتُنْقَلُ ، بما لا مجال لاستيعاب جميعها ، بل ، ولا لتعدادها ، ولا للوصول إلى غورها ومدى أبعادها.

ويكفي الحضور في مزاره الشريف ، ليرى الطالبُ للكرامة تحقّقها في كلّ ساعةٍ ، ويومٍ ، وأسبوعٍ ، وشهرٍ ، وسنةٍ.

وليس كلّ هذا إلاّ من بعض إكرام الله تعالى لهذا العَبْد ، الصالح ، المطيع

٢٤٣

لله ولرسوله ولأمير المؤمنين ولفاطمة وللحسن ولأخيه الحسين عليهم السلام.

وبما حصّل بذلك من الدرجة الراقية والمنزلة الرفيعة والمقام المحمود عند الله.

فسلامُ الله عليه :

يوم وُلِدَ ،

ويوم جاهد وناضل ،

ويوم استشهد بين يدي أخيه المظلُوم ،

ويوم يقُوم بين يديه في الجنّة ، ويحظى بدرجته ومقامه.

ونسألُ الله تعالى أن يشفّعه فينا يوم لقائه ، وأن يجعلنا معهُ في الآخرة كما وفّقنا لحُبّه ولخدمته والفوز بزيارته في الدُنيا.

آمين يا ربّ العالمين.

٢٤٤

الملاحق

الملحق الأوّل : نصوص الزيارات المأثورة للعبّاس عليه السلام

الملحق الثاني : زوجة العَبّاس عليه السلام وأولاده ، وذرّيّته في كتب

النسب والأعلام منهم عبر التاريخ

الملحق الثالث : خلاصة الكتاب

٢٤٥
٢٤٦

الملحق الأوّل : الزيارات المأثورة للعبّاس عليه السلام

زيارة العبّاس عليه السلام المُطلَقَهُ :

روى ابن قولويه ، والشيخ المفيد زيارةً له عليه السلام غير مقيّدة بوقت من الأوقات ، قالا : إذا وَرَدتَ إنْ شاءَ اللهُ أرضَ كربلاء ، فانزلْ منها بشاطئ العَلْقَمِيّ ، ثمّ اغتسل غسل الزيارة مندوباً ، ثمّ امْشِ حتّى تأتي مشهد العبّاس بن عليّ عليه السلام (وهو على شطّ الفُراتِ بِحِذاءِ الحائر)(١) فإذا أتيت ، فقفْ على باب السقيفة ، وقل :

سلامُ الله وسلامُ ملائكته المُقرّبين ، وأنبيائه المرسلين ، وعبداه الصالحين ، وجميع الشهداء والصِدِّيقين ، والزاكِياتُ الطيِّباتُ في ما تغتدي وتروحُ ، عليك يا ابن أمير المؤمنين ، أشهدُ لَكَ بِالتسليمِ والتصديقِ والوفاءِ والنصيحةِ لِخَلَفِ النّبيِّ صلّى الله عليه وآله المُرسَلِ ، والسِبطِ المُنتَجَبِ ، والدَليلِ العالمِ ، والوَصِيِّ المُبلِّغِ ، والمَظلُومِ المُهْتَضَمِ ، فجزاكَ اللهُ عن رسولِهِ وعن فاطِمةَ وعن أمير المؤمنين وعن الحَسَنِ والحُسينِ أفضلَ الجزاءِ بِما صبرتَ واحتسبتَ وأعَنْتَ ، فنعمَ عقبى الدار. لعنَ اللهُ مَنْ قتلكَ ولعنَ اللهُ من جهلَ حقَّكَ واستخفَّ بِحُرمتِكَ ولعنَ اللهُ مَنْ حالَ بينَكَ وبينَ ماءِ الفُراتِ ، أشهدُ أنّك قُتِلْتَ مَظلُوماً ،

__________________

(١) ما بين القوسين من كامل الزيارات ، ولاحظ ما ذكرناه عن (الحائر المقدس) في هذا الكتاب.

٢٤٧

وأنّ اللهَ مُنجزٌ لكُم ما وَعَدَكمْ ، جئتُكَ يا ابنَ أمير المؤمنين وافِداً إليكُم ، وقلبي مُسَلِّمٌ لكمْ وأنا لكم تابِعٌ ونُصرَتي لكمْ مُعَدَّةٌ ، حتّى يحكُمَ اللهُ وهُو خيرُ الحاكمين ، فَمَعَكُمْ لا مَعَ عَدُوِّكمْ إنّي بكمْ وبإيابِكُمْ من المؤمنين ، وبِمَنْ خالَفَكُمْ وقَتَلَكُمْ من الكافرين ، لعنَ اللهُ أُمّةً قَتَلَتْكُمْ بِالأيديْ والألْسُن .

ثمّ ادخل وانكبَّ على القبر وقل :

السلامُ عليك أيّها العبدُ الصالحُ المُطيعُ للهِ ولِرسولِهِ ولأمير المؤمنين والحسنِ والحُسينِ صلّى الله عليهم وسلّم. والسلامُ عليك ورحمةُ اللهِ وبركاتُهُ ومغفرتُهُ ، وعلى روحك وبدنك.

أشهدُ أنّك مضيتَ على ما مضى عليه البَدْرِيّون والمُجاهِدُون في سبيل الله ، المُناصِحُون لهُ في جهاد أعدائه ، المُبالِغُون في نُصرةِ أوليائه الذابُّون عن أحبّائِه.

فجزاكَ اللهُ أفضلَ الجزاء وأوفر جزاءِ أحَدٍ ممّنْ وفي بِبَيْعَتِهِ ، واستجابَ لهُ دعوَتَهُ ، وأطاعَ وُلاةَ أمرِهِ ، أشهدُ أنّك قدْ بالغتَ في النَصِيحَةِ ، وأعطيتَ غايَةَ المَجهودِ ، فَبَعَثَكَ اللهُ في الشُهداءِ ، وجَعَلَ رُوحَكَ مَعَ أرواحِ السُعَداءِ ، وأعطاكَ مِن جِنانِهِ أفْسَحَها مَنْزِلاً ، وأفْضَلَها غُرَفاً ، ورَفَعَ ذِكْرَكَ في العِلِّيِّيْنَ ، وحشركَ مَعَ النَبِيِّينَ والصِدِّيْقِينَ ، والشُهداءِ والصالِحِينَ وحَسُنَ أُولئكَ رَفيقاً ، أشهدُ أنّكَ لَمْ تَهِنْ ولمْ تَنْكُلْ ، وأنّكَ مَضَيْتَ على بصيرةٍ من أمرِكَ ، مُقْتَدِياً بِالصالِحِينَ ، ومُتَّبِعاً لِلنَبِيِّين ،

٢٤٨

فَجَمَعَ اللهُ بَينَنا وبَينَكَ وبَيْنَ رَسُولِهِ وأولِيائِهِ في منازِلَ المُخْبِتِينَ ، فإنّهُ أرحَمُ الراحمين.

ثُمّ انحرِفْ إلى عند الرأس ، فَصَلِّ رَكعتين ، ثُمَّ صَلِّ بَعدَهُما ما بَدا لَكَ ، وادعُ اللهَ كثيراً ، وقُلْ عقيبَ الرَكَعاتِ :

اللّهمّ صَلِّ على محمّدٍ وآلِ محمّدٍ ، ولا تَدَعْ لي في هذا المكان المُكرّمِ ، والمشهدِ المُعظّمِ ، ذَنْباً إلاّ غَفَرَتَهُ ، ولا هَمّاً إلاّ فَرَّجْتَهُ ، ولا مرضاً إلاّ شفيته ، ولا عَيْباً إلاّ سَتَرْتَهُ ، ولا رِزْقاً إلاّ بَسَطْتَهُ ، ولا خَوْفاً إلاّ آمَنْتَهُ ، ولا شَمْلاً إلاّ جَمَعْتَهُ ، ولا غائِباً إلاّ حَفِظْتَهُ وأدْنَيْتَهُ ، ولا حاجَةً من حوائِجِ الدُّنْيا والآخِرَةِ لَكَ فِيها رضاً ولِيَ فِيها صَلاحٌ إلاّ قَضَيْتَها يا أرْحَمَ الراحِمين.

ثُمّ عُدْ إلى الضريحِ فقفْ عندَ الرِجلين ، وقُلْ :

السلامُ عليك يا أبا الفَضْلِ العبّاس ابن أمير المؤمنين ، السلامُ عليكَ يا ابنَ سيّدِ الوَصيّين ، السلامُ عليكَ يا ابنَ أوّلِ القومِ إسلاماً ، وأقْدَمِهم إيْماناً ، وأقْوَمِهمْ بِدِينِ اللهِ ، وأحْوَطِهم على الإسلامِ ، أشهدُ لَقَدْ نَصَحْتَ للهِ ولِرسولِهِ ولأخِيْكَ ، فنعمَ الأخُ المُواسِي ، فَلَعَنَ اللهُ أُمّةً قَتَلَتْكَ ، ولَعَنَ اللهُ أُمّةً ظَلَمَتْكَ ، ولَعَنَ اللهُ أُمّةً اسْتَحَلَّتْ منكَ المَحارِمَ وانْتَهَكَتْ حُرْمَةَ الإسلام ، فَنِعْمَ الصابِرُ المُجاهِدُ ، المُحامي الناصِرُ ، والأخُ الدافِعُ عن أخِيهِ المُجِيبُ إلى طاعَةِ رَبِّهِ ، الراغِبُ في ما زَهَدَ فِيهِ غيرُهُ من الثوابِ الجزيْلِ والثَناءِ الجَميلِ ، فألْحَقَكَ اللهُ بِدَرَجَةِ آبائِكَ في دارِ النَعيمِ .

٢٤٩

اللّهمّ إنّي تَعَرَّضْتُ لِزيارَةِ أوْلِيائِكَ ، رَغْبَةً في ثوابِكَ ، ورَجاءً لِمَغْفِرَتِكَ وجَزِيْلِ إحسانِكَ ، فأسْألُكَ أنْ تصلّيَ على محمّدٍ وآله الطاهرين ، وأنْ تَجْعَلَ رِزْقِي بِهِمْ دارّاً ، وعَيْشَي قارّاً ، وزِيارَتِي بِهِمْ مقبُولَةً ، وحياتِي بِهِم طيّبَةً ، وأدْرِجْنِي إدْراجَ المُكَرَّمِيْنَ ، واجْعَلْني مِمّنْ يَنْقَلِبُ مِن زِيارَةِ مَشاهِدِ أحِبّائِكَ مُنْجِحاً ، قد اسْتَوْجَبَ غُفرانَ الذُنُوبِ ، وسَتْرَ العُيُوبِ ، وكَشْفَ الكُرُوبِ ، إنّكَ أهْلُ التَقْوى وأهلُ المَغْفِرَةِ .

فإذا أردتَ وَداعَهُ للانصراف ، فقفْ عندَ القبرِ ، وقل :

أستوْدِعُكَ اللهَ وأسْتَرْعِيكَ وأقْرأُ عليكَ السلامَ ، آمَنّا بِاللهِ وبِرسولِهِ وبِكِتابِهِ ، وبِما جاءَ بِهِ من عندِ اللهِ ، اللّهمّ اكتُبْنا مَعَ الشاهدين ، اللّهمّ لا تَجْعَلْهُ آخِرَ العَهْدِ مِن زِيارَةِ قبرِ ابنِ أخِي رسولِكَ ، وارزُقْني زِيارَتَهُ أبَداً ما أبْقَيْتَنِي ، واحْشُرْنِي مَعَهُ ومَعَ آبائِهِ في الجِنانِ ، وعرِّفْ بَيْنِي وبَيْنَهُ وبَيْنَ رَسُولِكَ وأولِيائِكَ ، اللّهمّ صَلِّ على محمّدٍ وآلِ محمّدٍ ، وتَوَفَّنِي على الإيْمانِ بِكَ ، والتصدِيقِ بِرسولِكَ ، والوَلايَةِ لِعليِّ بن أبي طالب والأئِمّةِ عليهم السلام والبراءَةِ مِن عَدُوِّهِم ، فإنّي رَضِيْتُ بِذلِكَ ، وصلّى اللهُ على محمّدٍ وآلِ محمّدٍ .

ثُمّ ادْعُ لِنفسكَ ولِوالِدَيكَ ولِلمؤمِنينَ والمُؤمِناتِ ، وتَخَيَّرْ من الدُّعاء ما شِئْتَ(١) .

وللعباس عليه السلام زياراتٌ خاصّة في يوم الأربعين العشرين من شهر صفر ،

__________________

(١) ابن قولويه في كامل الزيارات (ص ٢٥٦ ـ ٢٥٨) ونقله المجلسي في البحار (٩٨ / ٢٠٦ ، ٢١٧ ـ ٢١٩) و(٩٨ / ٢٧٧ ـ ٢٧٨).

٢٥٠

وفي أوّل يوم من شهر رجب ، وفي ليلة النصف من شهر رجب ونهاره ، وفي النصف من شهر شعبان ، وفي ليالي القدر الثلاث ، وفي ليلتي عيدَي الفطر والأضحى ونهارهما ، وفي يوم عَرَفة ليلها ونهارها.

ومن مجموع ذلك يستدلّ على استحباب زيارة العبّاس عليه السلام كلّما زار المؤمنُ الإمامَ الحُسينَ عليه السلام.

وفقنا الله لذلك إنّه خير موفقٍ ومعين.

وقد وردت زيارة للعباس عليه السلام في التراث الزيدي ـ أيضاً ـ كما في ما نقل عن عبد الله بن حمزة (ت ٦١٤ هـ) في كتاب «الزيارات» بعنوان «زيارة الحسين وأهل البيت عليهم السلام» ما نصّه : إذا وصلتَ ؛ فاغتسل ـ إن شاء الله ـ على الفُرات ، ومسّ ما أمكنك من الطِيب ، ثمّ ادْنُ إلى القبر ؛ فكبّر اللهَ تعالى ، ، ثمّ تقول :

السلامُ عليك يا سبطَ رسول الله.

السلامُ عليك يا ريحانةَ الرسول. السلامُ عليك يا فرخَ البتول.

السلامُ عليك أيُّها الشهيدُ السعيدُ. السلامُ عليك أيُّها الفقيدُ الحميدُ.

السلامُ عليك أبا الشُهداء. السلامُ عليك يا ثمرةَ قلب المصطفى. السلامُ عليك يا بحرَ العطاء. السلامُ عليك يا جمّ النَوال. السلامُ عليك يا ليثَ النِزال. السلامُ عليك يا نورَ الملّة. السلام عليك يا واهبَ نفسِه لله. السلامُ عليك يا ليثَ العرين. السلامُ عليك يا معدوم القَرِين.

السلامُ عليك يا شهيدَ الطُفُوف. السلامُ عليك يا مُلاقيَ الأُلُوف. السلامُ عليك يا مَسْتَهْوِنَ الحُتُوف. السلامُ عليك يا سيّد شباب أهل

٢٥١

الجنّة ، السلامُ عليك يا قويّ المنّة ، السلامُ عليك يا مَن مَطَرَت السماءُ لِقَتلِهِ دَماً ؛ لِغَضَبِ ربّ السماء ، السلامُ عليك يا مَنْ فرّقَ بهِ بينَ الشَقِيّ والسعيد ، السلامُ عليك يا مَنْ باءَ بِالخِزْيِ والعارِ فيه يَزِيدُ. السلامُ عليك يا قتيلَ الدَعِيّ. السلامُ عليك يا سبطَ النبيّ. يا أبا عبد الله ابن رسول الله ، هذه كلماتٌ أَهْدَيْناها إليك ، فصلوات الله وملائكته على جدّكَ وأبيكَ وأمّكَ وأخيكَ وعليكَ وعلى الطيّبينَ من آلِكُم ، ورحمة الله ، أرَدْنا بإهدائِها القُرْبَ إليكم والفوز لَدَيْكُم (١) .

ثمّ قال : وتُسلّمُ بعدَ ذلكَ على العبّاس بن عليَّ وعلى أهل البيت ، بالطَفِّ ، وتقول :

السلامُ عليك يا عبّاسُ ، يا ثابتَ الأساس ، ونُورَ النِبْراس ، وعروس الأفراد(٢) . السلامُ عليك يا ليثَ الطِراد ، وسيفَ الجِلاد ، وسمّ الأعادِ. السلامُ عليك يا مَنْ احْتَسَبَ نَفْسهُ وبني أمّهِ وأبيهِ دُونَ أَخِيه.

السلامُ عليك يا ابنَ مَنْ كاعَتْ عنهُ الفوارسُ الشوامِسُ. السلامُ عليك يا ساقيَ الماءَ الطيّبين المُهتدِين ، ومُبِيحَ حِمَى الجبّارينَ المُعْتَدِين.

ثمّ أتبع السلام على عليّ بن الحسين ، وعموم بني هاشم ، وعلى أوليائهم الشهداء(٣) .

__________________

(١) مجموع مكاتبات الإمام عبد الله بن حمزة (ص ٢٧٦ ـ ٢٧٧).

(٢) وفي نسخة : «عروس الأفراس».

(٣) مجموع مكاتبات الإمام عبد الله بن حمزة (ص ٢٧٦ ـ ٢٧٧).

٢٥٢

الملحق الثاني

زوجة العَبّاس عليه السلام

وأولاده

وذريّته في كتب النسب والأعلام منهم عبرَ التاريخ

٢٥٣
٢٥٤

زوجتُهُ لُبابَةُ بنتُ عُبَيْد الله بن العبّاس بن عبد المطّلب

اتّفق أهل النسب ـ وورد في أكثر المصادر ـ على :

أنّ العَبّاس الأكبر السقّاء عليه السلام تزوّج (لُبابة) بنت (عُبَيْد الله) بن العَبّاس ابن عَبْد المطّلب.

وأنّعُبَيْد الله بن العَبّاس بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام هو من لُبابَة بنت عُبَيْد الله.

وأنّعقب العَبّاس السقّاء عليه السلام منحصرٌ في أولاد عُبَيْد الله ابنه هذا .

قال أبو نصر البخاري ـ نقلاً عن عدّة من النسّابين والمؤرّخين تبلغ(١٨) شخصاً ، أنّهم ذكروا(١) : إنّ العَبّاس بن علي عليه السلام وَلَدَ عُبَيْدَ الله بنَ

__________________

(١) قال : ذكر :

أبو اليقظان سحيم بن حفص النّسّابة ؛

وعليّ بن مجاهد الكابليّ ؛

ومحمّد بن عمر الواقديّ ؛

وعليّ بن محمّد بن سيف المدائنيّ ؛

وهشام بن محمّد الكلبيّ ؛

والشَرَقيّ بن القطاميّ ؛

والهيثم بن عديّ ؛

وأبو القاسم خرداذبه ؛

ومحمّد بن حبيب ؛

٢٥٥

العَبّاس ، من بنت عُبَيْد الله بن العَبّاس بن عَبْد المطّلب ، ومنه أعقب(١) .

أقولُ : وبهذا تتمّ الحُجّةُ على الجميع في الأمور الثلاثة :

الأوّل : أنّ اسم زوجة العَبّاس عليه السلام هو «لُبابَة» بلامٍ مضمومةٍ وبائين موحّدتين ، بينهما ألِفٌ ، وفي آخره تاءٌ مُثنّاةٌ قصيرةٌ.

الثاني : أنّهابنت عُبَيْد الله بن العَبّاس بن عَبْد المطّلب ، لا عَبْد الله.

الثالث : أنّعقب العَبّاس من عُبَيْد الله ابنه ، وحدَهُ ، وغيرهُ من أولاده لم يُعْقِبُوا. وعلى هذا أثبت الأكثر من القُدماء والمتأخّرين.

لكنّ وقع في هذه الأُمور خلافٌ من آحادٍ منهم ، كما يلي :

الأمر الأوّل : اسم زوجة العَبّاس عليه السلام لُبابَة :

لكنّ المطبوع في (الدرجات الرفيعة) : وكان له من الولد ولُبانَة

__________________

والزّبير بن بكار الزّبيريّ ؛

وعَبْد الله بن سليم القينيّ ؛

ومحمّد بن أبي الجَهْمِ العدويّ ؛

وحمزة بن الحسن الأصفهانيّ ؛

وأحمد بن حييى ثعلب ؛

ومحمّد بن جرير الطّبريّ ؛

والشّريف أبو الحسين يحيى بن الحسن بن عُبَيْد الله بن الحسين بن عُبيد الله بن الحسين الأصغر ؛

وأبو طاهر عيسى بن عبد الله بن محمّد بن عمر بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام ؛

والنّاصر الحسن بن علي بن الحسين بن عليّ بن عمر بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام ؛ أنّ كلّهم ذكروا : أنّ العبّاس بن عليّ ولد عُبَيْد الله بن العَبّاس ، من لُبابة بنت عُبَيْد الله بن العَبّاس بن عَبْد المطّلب ، ومنه أعقب.

أبو نصر ، سرّ السّلسلة ، / ٨٨ ـ ٩٥.

(١) سرّ السلسلة (ص ٨٩) معالم أنساب (ص ٢٥٦).

٢٥٦

وأسماء(١) والظاهر أنّه خطأٌ مطبعيٌّ ، والصواب : لُبابَة ، فقد انفردت تلك النسخة بذلك ، وإنّما المذكور في المصادر (لُبابة) لا غير.

وجاء في مخطوطة كتاب النسب ليحيى بن الحسين باسم (أُمامة) وهي نسخةٌ فريدةٌ قال : والعقب من ولد العَبّاس من عُبَيْد الله ، وأُمّه أُمامة بنت عُبَيْد الله بن العَبّاس بن عَبْد المطّلب(٢) .

إلاّ أنّ ذلك غير موثوق ، لعدم التأكّد من صحّة هذه النسخة ، لكونها وحيدةً ، ولم تحتوِ على شيءٍ من أدوات التوثيق العلميّ المتداولة.

والمظنون تصحيف كلمة أُمامة من كلمة (لُبابة) للتشابُه الكبير بينهما في الرسم والوزن ، المؤدّي إلى مثل ذلك.

وقد وقع مثل ذلك التصحيف في ما ذكره الزَبِيدي قال : وأُمامة بنت الحارث الهلاليّة ، إنّما هي (لُبابة) صحّفها بعضهم(٣) .

ووقع عكس هذا التصحيف في اسم ابنة الإمام موسى الكاظم عليه السلام فقد ذكرها الشيخ المفيد باسم (لُبابة)(٤) لكنّها مسمّاةٌ بأُمامة في كتاب نصر بن علي الجهضمي(٥) . والظاهر صحّة ما في الإرشاد للمفيد ، لأنّ النُسخة المُعتَمَدة منهُ موثوقةٌ جيّدةٌ.

__________________

(١) الدرجات الرفيعة للمدني (ص ١٤١) ذكر ذلك في أولاد عُبَيْد الله بن العَبّاس.

(٢) تسمية من أَعْقَبَ من ولد أَمِيْر المُؤْمِنِيْنَ عليه السلام.

(٣) تاج العروس (٨ / ١٩٢).

(٤) الإرشاد (٢ / ٢٤٤).

(٥) تاريخ أهل البيت عليهم السلام (ص ١٢٠).

٢٥٧

الأمر الثاني : إنّها بنت عُبَيْد الله ، لا عَبْد الله :

وقد أثبت ذلك ـ مع مَنْ ذُكِرَ سابقاً ـ ابنُ قتيبة ، قال : العَبّاس بن عليّ ابن أبي طالب ، قُتِلَ مَعَ الحُسين عليه السلام وَلَدَ العَبّاسُ عُبَيْد الله ، أُمّه لُبابَة بنت عُبَيْد الله ، وحسَنَاً : لأُمّ ولدٍ ، وله عقبٌ(١) .

وقد أصرّ السيّد الأعرجيّ على كون زوجة أبي الفَضْلِ هي (لُبابة بنت عَبْد الله) فقال : لُبابة بنت عَبْد الله ، خرجت إلى العَبّاس ابن أَمِيْر المُؤْمِنِيْنَ عليه السلام(٢) .

وقال الناسبُ البيهقيّ : عُبَيْد الله بن العَبّاس السقّاء ، أُمّه لُبابَة بنتُ عَبْد الله بن العَبّاس بن عَبد المطّلب(٣) .

وكذا جاء في مطبوعة (سرّ السلسلة) قال : كان لزيد بن الحسن بن عليّ ابن أبي طالب ابنةٌ يُقال لها : «نفيسةٌ» أُمّها : لُبابَة بنت عَبْد الله بن عبّاس بن عَبْد المطّلب ، وكانتْ تحت العَبّاس بن عليّ أَمِيْر المُؤْمِنِيْنَ عليه السلام قُتِلَ عنها يوم الطَفّ مع الحسين عليه السلام تزوّجها(٤) زيدُ بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام. وأخو نفيسة هذه لأُمّها : عُبَيْد الله بن العَبّاس بن عليّ عليه السلام ونفيسةٌ تزوّجها الوليدُ بن عَبْد الملك بن مروان ، ووُلِدَ له منها أولاد(٥) .

__________________

(١) المعارف ط مصر (٢١٧).

(٢) مناهل الضرب (ص ١ ـ ٦٢) ولعلّ هذا من الأخطاء الكثيرة في هذا الكتاب.

(٣) لباب الأنساب (١ / ٣٥٧).

(٤) في المطبوعة : فزوّجها.

(٥) سرّ السلسلة (ص ٢٩).

٢٥٨

أقولُ : والتحقيق في هذا الأمر ، يبتني على معرفة أُمور :

أوّلاً : إنّ كلا الرَجُلين : عَبْد الله ، وعُبَيْد الله ، ابني العبّاس بن عَبْد المطّلب ، قد سمّيا بنتيهما باسم أُمّهما (لُبابة بنت الحارث) فهما اثنتان : لُبابَة بنت عَبْد الله ، ولُبابة بنت عُبَيْد الله.

ثانياً : خرجتْ لُبابَة بنت عَبْد الله الحَبْر ـ كما ذكره النسّابون ـ إلى : عليّ بن عَبْد الله بن جعفر(١) .

ثمّ إسماعيل بن طلحة(٢) .

قال في المحبّر : وتزوّجتْ لُبابَة بنتُ عَبْد الله بن العبّاس بن عبد المطّلب : عليَّ بن عَبْد الله بن جعفر ، ثمّ خلف عليّاً : إسماعيلُ بنُ طلحة بن عُبَيْد الله ، ثمّ محمّدُ بنُ عُبَيْد الله بن العَبّاس بن عَبْد المطّلب(٣) ؛ وهو ابنُ عمّها.

وقال الزُبيريّ : كانتْ عند عليّ بن عَبْد الله بن جعفر : فولدتْ له محمّداً.

ثمّ خلف عليها إسماعيلُ بن طلحة بن عُبَيْد الله ؛ فولدتْ له يعقوب.

ثمّ فارقها فتزوّجها محمّدُ بن عُبَيْد الله(٤) بن العَبّاس(٥) .

__________________

(١) سير أعلام النبلاء (٣ / ٣٣٣) والمحبّر (ص ٤٤١) ومستدرك الحاكم (٣ / ٥٤٥) وشرح الأخبار (٣ / ٣٠٣) وشرح النهج الحديدي (١٥ / ٢٧٧) وبحار الأنوار (٤٧ / ١٧٦)

(٢) المعارف لابن قتيبة (ص ٢٣٢).

(٣) المحبّر (ص ٤٤٠).

(٤) في المطبوعة (عَبْد الله) وهو خطأ.

(٥) نسب قريش (ص ٢٩).

٢٥٩

وذكر يحيى بن الحسن في كتاب (تسمية المُعْقِبِيْنَ) : لُبابَة بنت عَبْد الله ابن العَبّاس بن عَبْد المطّلب ، وقال : والعقب من ولد عليّ بن عَبْد الله بن جعفر ابن أبي طالب : من (محمّد بن عليّ) و(إسحاق بن عليّ) وأُمّهما (لُبابة بنت عَبْد الله بن العَبّاس)(١) .

لكنّ ابن عَبْد ربّه قال : إنّها من العقائل اللّاتي كُنّ عند الوليد بن عَبْد الملك الأمويّ(٢) .

وقد ردّ السيّدُ الخِرْسان هذا ، واعتبر القول «كذبةً شنعاء»(٣) بل الّتي كانت عند الوليد الأموي هي «نفيسةٌ» بنتها ، كما مرّ عن البخاري في (سرّ السلسلة)؟ أو أنّه خلط بين الوليد بن عتبة ، وبين الوليد بن عَبْد الملك ، فلاحظ.

مع أنّ زوجة الوليد بن عتبة هي لُبابَة بنت عُبَيْد الله ، لا بنت عَبْد الله(٤) .

ثالثاً : خرجت لُبابَة بنت عُبَيْد الله الجواد ـ كما ذكره النسّابون ـ إلى العَبّاس بن عليّ بن أبي طالب :

قال البخاري : كانت تحت العَبّاس بن عليّ ، قُتِلَ عنها يومَ الطَفّ ،

__________________

(١) تسمية من أَعْقَبَ من ولد أَمِيْر المُؤْمِنِيْنَ عليه السلام (ص ١٠٦).

(٢) العقد الفريد (٢ / ١١٢).

(٣) موسوعة ابن عبّاس (٥ / ٥ ـ ٤٠٦).

(٤) ويلاحظ أنّ التي كانت عند عَبْد الملك بن مروان (لُبابة بنت عَبْد الله بن جعفر بن أبي طالب) وقد تزوّجها بعده ابن عمها علي بن عَبْد الله بن عباس ، فضربه الوليد بالسياط لذلك ، كما في الجوهرة للبري الأندلسي ص ٣٧٢ تحقيق التونجي.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381