تذكرة الفقهاء الجزء ١٢

تذكرة الفقهاء15%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-319-224-5
الصفحات: 381

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 381 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 126948 / تحميل: 5817
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ١٢

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٢٢٤-٥
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

كما ستعلم ذلك من تصريح السمهودي والمناوي والزرقاني.

ترجمته:

١ - السّمعاني: « والمشهور بهذه النسبة: أبو محمد عبد الله بن عبد الله بن جعفر ابن حيان الاصبهاني المعروف بأبي الشيخ، حافظ كبير ثقة، صنّف التصانيف الكثيرة وأكثر عنه أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ، وآخر من روى عنه أبو طاهر محمد بن أحمد بن عبد الرحيم الكاتب بأصبهان »(١) .

٢ - الذهبي: « أبو الشيخ حافظ إصبهان ومسند زمانه، الامام أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان الأنصاري، صاحب التصانيف السائرة، ويعرف بأبي الشيخ وكان مع سعة علمه وغزارة حفظه صالحاً خيّراً قانتاً لله صدوقاً قال ابن مردويه: ثقة مأمون، صنّف التفسير والكتب الكثيرة - في الأحكام وغير ذلك. قال أبوبكر الخطيب: كان حافظاً ثبتاً صدوقاً قال أبو نعيم: كان أحد الأعلام وكان ثقة »(٢) .

٣ - السيوطي: « أبو الشيخ حافظ إصبهان ومسند زمانه، الامام كان مع سعة علمه وغزارة حفظه أحد الأعلام، صالحاً خيّراً صدوقاً مأموناً ثقة متقناً، صنف التفسير وغيره. مات في محرم سنة ٣٦٩ »(٣) .

هذا، وجاء في ( كفاية المتطلع ) وهو الكتاب الذي ألّفه تاج الدين الدّهان في الكتب التي يرويها الشيخ حسن العجيمي - ما نصه « كتاب أخلاق النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للامام المحدّث أبي عبد الله محمد بن محمد بن جعفر بن حيان المعروف بأبي الشيخرحمه‌الله تعالى: أخبر به عن الشيخ محمد بن علاء الدين البابلي عن محمد حجازي الشعراني عن المعمر محمد أركماس عن الحافظ أحمد بن

____________________

(١). الانساب - الحياني.

(٢). تذكرة الحفاظ ٣ / ٩٤٥.

(٣). طبقات الحفاظ: ٣٨١.

١٠١

حجر العسقلاني عن أبي إسحاق إبراهيم بن صديق الرسام قال أنا أبو محمد إسحاق بن يحيى الآمدي قال أنا أبو سفيان خليل الحافظ قال أنا ناصر بن محمد الويري قال أنا جعفر بن عبد الواحد الثقفي قال أنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن عبد الرحيم قال أنا به مؤلفه أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان فذكره ».

والشيخ حسن العجيمي من المشايخ السبعة الذي يفتخر شاه ولي الله في ( الارشاد إلى مهمات الاسناد ) باتصال أسانيده إليهم. وعلى هذا يكون الشيخ أبو الشيخ الحياني من شيوخ مشايخ والد ( الدهلوي ).

أضف إلى ذلك: تمسك الكابلي في ( الصواقع ) وكذلك ( الدهلوي ) نفسه في ( التحفة ) برواية أبي الشيخ فمن العجيب تمسكه بروايته في مورد وإعراضه عنها في مورد آخر، وهل هذا إلّا تعصب؟!

(١٩)

رواية ابن السقاء الواسطي

قال ابن المغازلي: « قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم أخبرنا أبو الحسن أحمد بن المظفر أحمد العطار الفقيه الشافعيرحمه‌الله - بقراءتي عليه فأقرّ به، سنة أربع وثلاثين وأربعمائة - قلت له: أخبركم أبو محمد عبد الله بن محمد بن عثمان المزني الملقب بابن السقاء الحافظ الواسطيرحمه‌الله ، نا عمر بن الحسن الصيرفيرحمه‌الله ، نا أحمد بن عبد الله بن يزيد، نا عبد الرزاق قال أنا سفيان الثوري عن عبد الله ابن عثمان عن عبد الرحمن بن بهمان عن جابر بن عبد الله قال: أخذ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعضد علي فقال: هذا أمير البررة وقاتل الكفرة، منصور من نصره، مخذول من خذله، ثم مدّ بها صوته فقال: أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأت الباب »(١) .

____________________

(١). المناقب لابن المغازلي: ٨٠.

١٠٢

ترجمته:

١ - ابن المغازلي في ( ذيل تاريخ واسط - مخطوط ).

٢ - السمعاني في ( الأنساب - السقاء ).

٣ - الذهبي في ( تذكرة الحفاظ ٣ / ٩٦٥ ) و ( العبر ٢ / ٣٦٥ ).

٤ - ابن ناصر الدين في ( الطبقات ).

٥ - السيوطي في ( طبقات الحفاظ ٣٨٥ ).

٦ - البدخشاتي في ( تراجم الحفاظ - مخطوط ).

ونكتفي هنا بعبارة الذهبي في ( العبر ) حيث قال « وأبو محمد ابن السقا الحافظ عبد الله بن محمد بن عثمان الواسطي، روى عن أبي خليفة وعبدان وطبقتهما، وما حدث إلّا من حفظه، توفي في جمادى الآخرة، وكان من كبراء أهل واسط وأولى الحشمة، رحل به أبوه »(١) .

(٢٠)

رواية أبي الليث

وروى أبو الليث نصر بن محمد السمرقندي حديث مدينة العلم حيث قال:

« عن قيس بن أبي حازمرضي‌الله‌عنه قال: جاء رجل إلى معاويةرضي‌الله‌عنه فسأله عن مسألة فقال: سل عنها علي بن أبي طالب فهو أعلم بها، فقال الرجل: قولك أحب إليّ من قول علي، فقال معاوية: بئسما قلت ولؤم ما جئت

____________________

(١). العبر في خبر من غبر ٣ / ٣٦٥.

١٠٣

به، لقد كرهت رجلاً كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يهزه للعلم هزاً(١) وقد قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا علي أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنه لا نبي بعدي، ولقد كان عمر بن الخطاب يسأله ويأخذ عنه، ولقد شهدت عمر ابن الخطاب إذا أشكل عليه شيء فقال(٢) هاهنا علي بن أبي طالب. ثم قال للرجل - معاويةرضي‌الله‌عنه - قم لا أقام الله رجليك، ومحا اسمه من الديوان.

ويروي أن سائلاً سأل عائشة رضي الله عنها عن المسح على الخفين فقالت: سلوا عنها علي بن أبي طالب، فإنه أعلم بالسُنّة.

وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها »(٣) .

ترجمته:

١ - الذهبي في ( تذكرة الحفاظ ).

٢ - عبد القادر في ( الجواهر المضية في طبقات الحنفية ٢ / ١٩٦ ).

٣ - الكفوي في ( كتائب أعلام الأخيار - مخطوط ).

٤ - القاري في ( الأثمار الجنية في طبقات الحنفية ).

٥ - الدهان في ( كفاية المتطلع - مخطوط ).

٦ - الكاتب الجلبي في ( كشف الظنون ٤٤١ ).

وقد ذكرنا ترجمته بالتفصيل في مجلد ( حديث الطير ).

____________________

(١). كذا.

(٢). كذا.

(٣). المجالس - مخطوط.

١٠٤

(٢١)

رواية محمد بن المظفر البغدادي

قال ابن المغازلي: « أخبرنا محمد بن أحمد بن عثمان، أنا أبو الحسين محمد ابن المظفر بن موسى بن عيسى الحافظ البغدادي، نا الباغندي محمد بن محمد بن سليمان، نا محمد بن مصفا، نا حفص بن عمر العدني، نا علي بن عمرو عن أبيه عن جرير عن عليعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها، ولا تؤتى البيوت إلّا من أبوابها »(١) .

ترجمته:

١ - الذهبي: في ( تذكرة الحفاظ ٣ / ٩٨٠ ) و ( العبر ٣ / ١٢ ) و ( دول الإسلام ١ / ٢٣١ ).

٢ - الصفدي في ( الوافي بالوفيات ٤ / ٣٤ ).

٣ - السيوطي في ( طبقات الحفاظ ٣٨٩ ).

وغيرهم وقد أوردنا ترجمته بالتفصيل في مجلد ( حديث الثقلين ).

(٢٢)

رواية ابن شاهين

قال ابن شهرآشوب: « وقال النبيعليه‌السلام بالاجماع: أنا مدينة العلم

____________________

(١). المناقب لابن المغازلي: ٨٠.

١٠٥

وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت الباب. رواه أحمد من ثمانية طرق وابراهيم الثقفي من سبعة طرق، وابن بطة من ستة طرق، والقاضي الجعابي من ستة طرق، وابن شاهين من أربعة طرق »(١) .

ترجمته:

١ - السمعاني في ( الأنساب ).

٢ - ابن الأثير في ( الكامل حوادث: ٣٨٥ ).

٣ - الخوارزمي في ( أسماء رجال مسانيد أبي حنيفة ).

٤ - الذهبي في ( العبر ٣ / ٢٩ ).

٥ - اليافعي في ( مرآة الجنان ٢ / ٤٢٦ ).

٦ - الجزري في ( طبقات القراء ١ / ٥٨٨ ).

٧ - السيوطي في ( طبقات الحفاظ ٣٩٢ ).

٨ - الداودي في ( طبقات المفسرين ٢ / ٢ ).

٩ - الدياربكري في ( الخميس حوادث ٣٨٥ ).

١٠ - الزرقاني في ( شرح المواهب اللدنية ١ / ١٦٦ ).

ونكتفي هنا بخلاصة ترجمته في ( تذكرة الحفاظ ) للاختصار:

« ابن شاهين، الحافظ المفيد المكثر محدّث العراق، قال ابن ماكولا: ثقة مأمون، سمع بالشام وفارس والبصرة، جمع الأبواب والتراجم، وصنّف شيئاً كثيراً. قال الأزهري: وابن شاهين ثقة عنده عن البغوي سبعمائة جزء، وقال ابن أبي الفوارس: ثقة مأمون صنّف ما لم يصنّفه أحد »(٢) .

____________________

(١). مناقب آل أبي طالب ٢ / ٣٤.

(٢). تذكرة الحفاظ ٣ / ٩٧٧.

١٠٦

(٢٣)

إثبات الصّاحب بن عباد

لقد جاء في ( المناقب ) حيث استشهد بأبيات لبعض الشعراء في علم أمير المؤمنينعليه‌السلام - ما نصه: « الصاحب:

كان النبي مدينة هو بابها

لو أثبت النصاب ذات المرسل

وله:

باب المدينة لا تبغوا سواه لها

لتدخلوها فخلّوا جانب التيه »

وقال في ذكر بعض من نظم حديث رد الشمس وأشعارهم: « الصاحب:

كان النبي مدينة العلم التي

حوت الكمال وكنت أفضل باب

ردت عليك الشمس وهي فضيلة

ظهرت فلم تستر بلف نقاب »(١)

ترجمته:

١ - الثعالبي في ( يتيمة الدهر ٣ / ٣١ - ١١٨ ).

٢ - ابن خلكان في ( وفيات الأعيان ١ / ٧٥ ).

٣ - ابو الفداء الأيوبي في ( المختصر - حوادث: ٣٨٥ ).

٤ - ابن الأثير في ( الكامل - حوادث: ٣٨٥ ).

٥ - الذهبي في ( العبر - حوادث: ٣٨٥ ).

____________________

(١). مناقب آل أبي طالب ٢ / ٣٥.

١٠٧

٦ - ابن الوردي في ( تتمة المختصر - حوادث: ٣٨٥ ).

٧ - اليافعي في ( مرآة الجنان - حوادث: ٣٨٥ ).

٨ - السيوطي في ( بغية الوعاة ١٩٦ ).

وقد ذكرنا ترجمته في مجلد ( حديث الطير ) بالتفصيل.

(٢٤)

رواية ابن شاذان السكري الحربي

رواه في كتاب ( الامالي ) حيث قال: « ثنا إسحاق بن مروان، ثنا أبي، ثنا عامر بن كثير السراج عن أبي خالد عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة عن علي بن أبي طالب قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها، يا علي كذب من زعم أنه يدخلها من غير بابها».

ترجمته:

١ - السمعاني في ( الأنساب - السكري ).

٢ - ابن الأثير في ( الكامل - حوادث: ٣٨٦ ).

٣ - الذهبي في ( العبر - حوادث: ٣٨٦ ).

وقد أوردنا ترجمته في مجلد ( حديث الطير ).

(٢٥)

رواية ابن بطة

لقد علمت من كلام ابن شهر آشوب أنه قد رواه من ستة طرق.

١٠٨

ترجمته:

١ - السمعاني في ( الأنساب - العكبري ).

٢ - الذهبي في ( سير أعلام النبلاء ٦ / ٥٢٩ ).

٣ - ابن كثير في ( تاريخه ١١ / ٣٢١ ).

٤ - ابن العماد في ( شذرات الذهب ٣ / ١٢٢ ).

وغيرهم، وقد ذكرنا في مجلد ( حديث الطير ) تمسك ابن تيمية برواياته واعتماده عليها، كما ذكرنا في مجلد ( حديث التشبيه ) أن ابن بطة من شيوخ مشايخ شاه ولي الله والد ( الدهلوي )

(٢٦)

رواية الحاكم النيسابوري

لقد رواه من طرق عديدة حديث قال: « حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا محمد بن عبد الرحيم الهروي بالرملة، ثنا أبو الصلت عبد السّلام بن صالح، ثنا أبو معاوية بن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة من العلم وعلي بابها، فمن أراد المدينة فليأت الباب.

هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه، وأبو الصلت ثقة مأمون، فإني سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب في التاريخ يقول: سمعت العباس بن محمد الدوري يقول: سألت يحيى بن معين عن أبي الصلت الهروي فقال: ثقة، فقلت: أليس قد حدّث عن أبي معاوية عن الأعمش حديث أنا مدينة العلم؟ فقال: قد حدّث به محمد بن جعفر الفيدي وهو ثقة مأمون.

١٠٩

سمعت أبا نصر أحمد بن سهل الفقيه القباني أمام عصره ببخارا يقول: سمعت صالح بن محمد بن حبيب الحافظ يقول - وسئل عن أبي الصلت الهروي فقال - دخل يحيى بن معين ونحن معه على أبي الصلت فسلّم عليه فلمـّا خرج تبعته فقلت له: ما تقول رحمك الله في أبي الصلت؟ فقال: هو صدوق، فقلت له: إنه يروي حديث الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأتها من بابها؟ فقال: قد روى هذا ذاك الفيدي عن أبي معاوية عن الأعمش كما رواه أبو الصلت.

حدثنا بصحة ما ذكره الامام أبو زكريا يحيى بن معين: - أبو الحسين محمد ابن أحمد بن تميم القنطري، ثنا الحسين بن فهم، ثنا محمد بن يحيى بن الضريس، ثنا محمد بن جعفر الفيدي، ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأت الباب. قال الحسين بن فهم: حدثناه أبو الصلت الهروي عن أبي معاوية.

قال الحاكم: ليعلم المستفيد لهذا العلم أن الحسين بن فهم بن عبد الرحمن ثقة مأمون حافظ. ولهذا الحديث شاهد من حديث سفيان الثوري بإسناد صحيح:

حدثني أبوبكر محمد بن علي الفقيه الامام الشاشي القفال ببخارا - وأنا سألته - حدثني النعمان بن هارون البلدي - ببلد من أصل كتابه - ثنا أحمد بن عبد الله بن يزيد الحراني، ثنا عبد الرزاق ثنا سفيان الثوري عن عبد الله بن عثمان ابن خثيم عن عبد الرحمن بن عثمان التيمي قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأت الباب »(١) .

____________________

(١). المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٢٦ - ١٢٧.

١١٠

أقول:

لقد جهد الحاكم في تصحيح هذا الحديث الشريف وسعى في تنقيحه، وصحّح سنده مرة بعد أخرى، ليوهن كيد الجاحدين ويقلع ريب المرتابين والحمد لله رب العالمين.

ولقد أخرج الحاكم حديث مدينة العلم من حديث أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام أيضاً قال السيوطي: « وأخرج الترمذي والحاكم عن علي قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها »(١) .

كما يعلم ذلك من ( الصواعق ) و ( العقد النبوي ) و ( النبراس ) و ( شرح المواهب ) و ( نزل الأبرار ) و ( مفتاح النجا ) و ( تحفة المحبين ) و ( إسعاف الراغبين ) و ( وسيلة النجاة ) و ( مرآة المؤمنين ) و ( ينابيع المودة ).

وأخرجه من حديث ابن عمر أيضاً. قال ابن حجر: « الحديث التاسع: أخرج البزار والطبراني في الأوسط عن جابر بن عبد الله، والطبراني والحاكم والعقيلي في الضعفاء وابن عدي عن ابن عمر، والترمذي والحاكم عن عليرضي‌الله‌عنه قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها ..»(٢) .

ويعلم ذلك أيضاً من ( العقد النبوي ) و ( نزل الأبرار ) و ( مفتاح النجا ) و ( تحفة المحبين ) و ( إسعاف الراغبين ) و ( وسيلة النجاة ) و ( مرآة المؤمنين ) و ( ينابيع المودة ) كما ستقف عليه فيما بعد إنْ شاء الله تعالى.

ترجمته:

١ - أبو موسى المديني في ( المصنف المفرد - مخطوط ).

٢ - عبد الغافر الفارسي في ( تاريخ نيسابور ).

____________________

(١). تاريخ الخلفاء: ١٧٠.

(٢). الصواعق المحرقة: ٧٣.

١١١

٣ - الفخر الرازي في ( مناقب الشافعي ).

٤ - ابن الأثير في ( جامع الأصول - مخطوط ).

٥ - ابن الأثير في ( الكامل - حوادث: ٤٠٥ ).

٦ - النووي في ( تهذيب الأسماء واللغات ).

٧ - ابن خلكان في ( وفيات الأعيان ٣ / ٤٠٨ ).

٨ - أبو الفداء الأيوبي في ( المختصر ٢ / ١٤٤ ).

٩ - الذهبي في ( تتمة المختصر ١ / ٤٥٣ ).

١٠ - ابن الوردي في ( تتمة المختصر ١ / ٤٥٣ ).

١١ - الخطيب التبريزي في ( رجال المشكاة - المطبوع مع المشكاة ).

١٢ - اليافعي في ( مرآة الجنان - حوادث: ٤٠٥ ).

١٣ - السبكي في ( طبقات الشافعية ٤ / ١٥٥ ).

١٤ - السيوطي في ( طبقات الحفاظ ٤٠٩ ).

١٥ - القنوجي في ( التاج المكلل ١١٣ ).

وغيرهم، وقد ذكرنا طرفاً من تراجمه في بعض المجلدات السابقة، ولعلّنا نذكر بعضها الآخر في المجلّدات اللّاحقة.

هذا، بالاضافة إلى أن شاه ولي الله الدهلوي يعتبره في ( قرة العينين ) مجدد الدين على رأس القرن الرابع، ويتمسك برواياته فيه وفي ( إزالة الخفاء )، وكذلك ( الدهلوي ) نفسه في مباحث كتابه ( التحفة ).

(٢٧)

إثبات الفردوسي

لقد أرسل أبو القاسم حسن بن إسحاق الفردوسي حديث مدينة العلم

١١٢

إرسال المسلم حيث قال في ( الشاهنامه ):

چهارم على بود جفت بتول

كه او را بخوبى ستايد رسول

كه من شهر علمم عليّم درست

درست اين سخن قول پيغمبر است

گواهى دهم كين سخن را زاوست

تو گوئي دو گوشم بر آواز اوست

بدان باش كو گفت زان برمگرد

چو گفتار روايت نياور بدرد »

أقول: وهذا خير شاهد على اشتهار حديث مدينة العلم واستفاضته بين الأمة منذ العصور القديمة، بل يدل على صحته وثبوته لدى جميع المسلمين حتى المتعصبين من أهل السنة، وذلك لأن الفردوسي نظم ( الشاهنامه ) بأمر السلطان محمود ابن سبكتكين، وقد كان هذا السلطان من أشدّ الناس قياماً على الشيعة وأتباع أهل البيتعليهم‌السلام ، وكان مولعاً بعلم الحديث ومن فقهاء الشافعية، فلو كان في الحديث مجال للطعن لفعل، وهذه عبارات بعض علماء أهل السنة في الثناء عليه:

ترجمة السلطان محمود:

١ - قالابن تيمية في ( منهاج السنة ): « وأما ما ذكره من الصلاة التي لا يجيزها أبو حنيفة وفعلها عند بعض الملوك حتى رجع عن مذهبه، فليس بحجة على فساد مذهب أهل السنة، لأن أهل السنة يقولون أن الحق لا يخرج عنهم، لا يقولون أنه لا يخطئ أحد منهم، وهذه الصلاة ينكرها جمهور أهل السنة كمالك والشافعي وأحمد، والملك الذي ذكره هو محمود بن سبكتكين، وإنما رجع إلى ما ظهر عنده أنه من سنة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : وكان من خيار الملوك وأعدلهم، وكان من أشدّ الناس قياماً على أهل البدع لا سيّما الرافضة ».

٢ - قالابن خلكان: « وذكر إمام الحرمين أبو المعالي عبد الملك الجويني - المقدّم ذكره - في كتابه الذي سماه مغيث الخلق في اختيار الأحق: إن السلطان

١١٣

المحمود المذكور كان على مذهب أبي حنيفةرضي‌الله‌عنه ، وكان مولعاً بعلم الحديث، وكانوا يسمعون الحديث من الشيوخ بين يديه وهو يسمع، وكان يستفسر الأحاديث، فوجد أكثرها موافقاً لمذهب الشافعيرضي‌الله‌عنه ، فوقع في جلده حكة فجمع الفقهاء من الفريقين في مرو والتمس منهم الكلام في ترجيح أحد المذهبين على الآخر، فوقع الاتفاق على أن يصلّوا بين يديه ركعتين على مذهب الامام الشافعيرضي‌الله‌عنه وعلى مذهب أبي حنيفةرضي‌الله‌عنه ، لينظر فيه السلطان ويتفكر ويختار ما هو أحسنهما، فصلى القفّال المروزي - وقد تقدم ذكره - بطهارة مسبغة وشرائط معتبرة من الطهارة والسترة واستقبال القبلة، وأتى بالاركان والهيئات والسنن والآداب والفرائض على وجوه الكمال والتمام وقال: هذه صلاة لا يجوز الامام الشافعي دونها رضي الله تعالى عنه.

ثم صلّى ركعتين على ما يجوز أبو حنيفةرضي‌الله‌عنه ، فلبس جلد كلب مدبوغاً، ثم لطخ ربعه بالنجاسة، وتوضأ بنبيذ التمر، وكان في صميم الصيف في المفازة، واجتمع الذباب والبعوض، وكان وضوئه منكساً منعكساً، ثم استقبل القبلة وأحرم بالصلاة من غير نية في الوضوء وكبّر بالفارسية، ثم قرأ آية بالفارسية دو برك سبز، ثم نقر نقرتين كنقرات الديك من غير فصل ومن غير ركوع، وتشهد وضرط في آخره من غير نية السلام، وقال: أيها السلطان هذه صلاة أبي حنيفة.

فقال السلطان: لو لم تكن هذه الصلاة صلاة أبي حنيفة لقتلتك، لأن مثل هذه الصلاة لا يجوّزها ذو دين، فأنكرت الحنفية أن تكون هذه صلاة أبي حنيفة، فأمر القفال باحضار كتب أبي حنيفة، وأمر السلطان نصرانياً كاتباً يقرأ المذهبين جميعاً، فوجدت الصلاة على مذهب أبي حنيفة على ما حكاه القفال، فأعرض السلطان عن مذهب أبي حنيفة وتمسك بمذهب الشافعيرضي‌الله‌عنه . إنتهى كلام إمام الحرمين.

وكانت مناقب السلطان محمود كثيرة، وسيره من أحسن السير، ومولده ليلة عاشوراء سنة إحدى وستين وثلاثمائة، وتوفي في شهر ربيع الآخر وقيل حادي عشر

١١٤

صفر سنة إحدى وقيل اثنتين وعشرين وأربعمائة بغزنة،رحمه ‌الله تعالى »(١) .

٣ - الذهبي: « قال عبد الغافر الفارسي: كان صادق النية في إعلاء كلمة الله تعالى، مظفراً في غزواته، ما خلت سنة من سني ملكه عن غزوة أو سفرة، وكان ذكياً بعيد الغور موفق الرأي، وكان مجلسه مورد العلماء »(٢) .

٤ - اليافعي: بنحو ما تقدّم(٣) .

٥ - السبكي: « محمود بن سبكتكين السلطان الكبير، أبو القاسم، سيف الدولة ابن الأمير ناصر الدولة أبي منصور: أحد أئمة العدل، ومن دانت له البلاد والعباد وظهرت محاسن آثاره، وكان يلقّب قبل السلطنة سيف الدولة، وأما بعدها فلقّب يمين الدولة، وبهذا اللقب سمي الكتاب اليميني الذي صنفه أبو النصر محمد بن عبد الجبار العتبي في سيرة هذا السلطان، وأهل خوارزم وما والاها يعتنون بهذا الكتاب ويضبطون ألفاظه أشد من عناية أهل بلدنا بمقامات الحريري.

كان هذا السلطان إماماً عادلاً شجاعاً مفرطاً فقيهاً سمحاً جواداً سعيداً مؤيّداً، وقد اعتبرت فوجدت أربعة لا خامس لهم في العدل بعد عمر بن عبد العزيزرضي‌الله‌عنه - إلّا أن يكون بعض الناس لم تطل لهم مدة ولا ظهرت عنهم آثاره ممتدة وهم: السلطان محمود والوزير نظام الملك - وبينهما في الزمان مدة - وسلطان وملك في بلدنا هما السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب فاتح بيت المقدس، وقبله الملك نور الدين محمود بن زنكي الشهيد »(٤) .

هذا، وقد ترجم الفردوسي: دولت شاه السمرقندي في ( تذكرة الشعراء: ٥٧ ) وذكر بعض أحواله مع السلطان محمود بن سبكتكين بالتفصيل فليراجع.

____________________

(١). وفيات الأعيان ٢ / ٨٤.

(٢). العبر - حوادث: ٤٢١.

(٣). مرآة الجنان - حوادث: ٤٢١.

(٤). طبقات الشافعية للسبكي ٥ / ٣١٤ - ٣٢٧.

١١٥

(٢٨)

رواية أبي بكر ابن مردويه

رواه من حديث أمير المؤمنينعليه‌السلام قائلاً: « عن عليرضي‌الله‌عنه قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت الباب ».

ومن حديث ابن عباس حيث قال: « عن ابن عباس قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأت الباب ».

وتظهر روايته له من حديث ابن عباس من عبارة الشوكاني الآتية إن شاء الله تعالى.

ترجمته:

١ - ياقوت الحموي ( معجم البلدان ٢ / ٣٤٦ ).

٢ - الذهبي ( تذكرة الحفاظ ٤ / ١٢١٢ ) و ( العبر - حوادث: ٤٥٨ ).

٣ - ابن كثير ( التاريخ - حوادث: ٤٥٨ ).

٤ - السيوطي ( طبقات الحفاظ ٤٤٦ ).

٥ - الزرقاني ( شرح المواهب اللدنية ١ / ٦٨ ).

(٢٩)

رواية أبي نعيم الاصبهاني

لقد رواه أبو نعيم الاصبهاني في كتاب ( معرفة الصحابة ) فقد جاء في:

١١٦

( جمع الجوامع ) « أنا مدينة العلم وعلي بابها. أبو نعيم في المعرفة عن علي »(١) .

وقال السيوطي أيضاً: « الحديث السادس عشر: عنه - أي عن علي كرّم الله وجهه -: إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: أنا مدينة العلم وعلي بابها. أخرجه أبو نعيم في المعرفة »(٢) .

كما تعلم روايته الحديث في ( المعرفة ) من ( الاكتفاء ) و ( نزل الأبرار ) و ( مفتاح النجا ) و ( تحفة المحبين )، وقد أوردها نور الدين السليماني في ( الدر اليتيم ) كما ستعرف إن شاء الله تعالى.

كما ذكر أبو نعيم معنى حديث مدينة العلم في جملة ألقاب سيدنا أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وذلك يدل على ثبوته بلا ريب، وهذا نص كلامه بترجمة الامامعليه‌السلام :

« سيّد القوم، محبّ المشهود ومحبوب المعبود، باب مدينة الحكم [ العلم ] والعلوم، ورأس المخاطبات ومستنبط الاشارات، راية المهتدين ونور المطيعين، وولي المتقين وإمام العادلين، أقدمهم إجابة وإيماناً، وأقومهم قضية وإيقاناً، وأعظمهم حلماً وأوفرهم علماً، علي بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه ، قدوة المتقين، وزينة العارفين، المنبي عن حقائق التوحيد، المشير إلى لوامع علم التفريد، صاحب القلب العقول واللسان السئول، والاذن الواعي والعهد الوافي، فقأ عيون الفتن، ووقى من فنون المحن، فدفع الناكثين ووضع القاسطين ودمغ المارقين، الأخيشن في دين الله، المموس في ذات الله»(٣) .

ترجمته:

١ - الفخر الرازي في ( مناقب الشافعي ).

____________________

(١). جمع الجوامع ١ / ٣٨٨.

(٢). القول الجلي في مناقب علي: ٣٥.

(٣). حلية الأولياء ١ / ٦١.

١١٧

٢ - ابن الأثير في ( الكامل - حوادث: ٤٣٠ ).

٣ - الخوارزمي في ( أسماء رجال مسانيد أبي حنيفة ).

٤ - ابن خلكان في ( وفيات الأعيان ١ / ٢٦ ).

٥ - أبو الفداء الأيوبي في ( المختصر - حوادث ٤٣٠ ).

٦ - الذهبي في ( تذكرة الحفاظ ٣ / ١٠٩٢ ) و ( العبر ٣ / ١٧٠ ) و ( دول الإسلام حوادث ٤٣٠ ).

٧ - ابن الوردي في ( تتمة المختصر - حوادث: ٤٣٠ ).

٨ - الخطيب التبريزي في ( أسماء رجال المشكاة - المطبوع مع المشكاة ٣ / ٨٠٥ ).

٩ - الصفدي في ( الوافي بالوفيات ٧ / ٨١ ).

١٠ - اليافعي في ( مرآة الجنان - حوادث ٤٣٠ ).

١١ - السبكي في ( طبقات الشافعية ٤ / ١٨ ).

١٢ - الأسنوي في ( طبقات الشافعية ٢ / ٤٧٤ ).

١٣ - السيوطي في ( طبقات الحفاظ ٤٢٣ ).

١٤ - الشعراني في ( لواقح الأنوار في طبقات الأخيار ).

١٥ - الدياربكري في ( الخميس - حوادث: ٤٣٠ ).

١٦ - القنوجي في ( التاج المكلل: ٣١ ).

١٧ - ( الدهلوي ) في ( بستان المحدثين ).

وغيرهم كما سيأتي في بعض مجلّدات الكتاب.

قالابن خلكان: « الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق ابن موسى بن مهران الاصبهاني الحافظ المشهور، صاحب كتاب حلية الأولياء، كان من أعلام المحدثين وأكابر الحفاظ الثقات، أخذ عن الأفاضل وأخذوا عنه وانتفعوا به، وكتابه الحلية من أحسن الكتب، وله كتب تاريخ إصبهان نقلت

١١٨

منه »(١) .

وفي ( العبر ) « تفرَّد بالدنيا بعلوّ الإِسناد، مع الحفظ والاستبحار من الحيث وفنونه وصنّف التصانيف الكبار المشهورة في الأقطار »(٢) .

(٣٠)

رواية أحمد بن المظفر الفقيه الشافعي

رواه باسناده عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، كما تقدّم عن ( المناقب ) لابن المغازلي، وستقف عليه فيما بعد أيضاً إنْ شاء الله تعالى.

ترجمته:

ترجم لهالذهبي (٣) كما تظهر جلالته من رواية ابن المغازلي عنه ووصفه إيّاه بالفقيه الشافعي في مواضع عديدة من كتابه ( المناقب ).

(٣١)

رواية أبي الحسن الماوردي

وقد رواه أقضى القضاة أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب البصري الشافعي المعروف بالماوردي على ما نقل عنه ابن شهر آشوب حيث قال: « وقال

____________________

(١). وفيات الأعيان ١ / ٢٦.

(٢). العبر في خبر من غبر ٣ / ١٧٠.

(٣). نفس المصدر.

١١٩

النبيعليه‌السلام بالاجماع: أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت الباب. رواه أحمد من ثمانية طرق، وإبراهيم الثقفي من سبعة طرق، وابن بطة من ستة طرق، والقاضي الجعابي من ستة طرق، وابن شاهين من أربعة طرق، والخطيب التاريخي من ثلاثة طرق، ويحيى بن معين من طريقين. وقد رواه السمعاني والقاضي الماوردي وأبو منصور السكري »(١) .

ترجمته:

١ - السمعاني: « أقضى القضاة أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب البصري المعروف بالماوردي، من أهل البصرة سكن بغداد، وكان من وجوه الفقهاء الشافعيين، وله تصانيف عدة في أصول الفقه وفروعه وغير ذلك، قال الخطيب كتبت عنه وكان ثقة »(٢) .

٢ - ابن الأثير: « وكان إماماً وله تصانيف كثيرة، منها الحاوي وغيره في علوم كثيرة، وكان عمره ستاً وثمانين سنة »(٣) .

٣ - ابن خلكان: « كان من وجوه الفقهاء الشافعية وكبارهم وكان حافظاً للمذهب، وله فيه كتاب الحاوي الذي لم يطالعه أحد إلّا وشهد له بالتبحر والمعرفة التامة بالمذهب، وفوّض إليه القضاء ببلدان كثيرة »(٤) .

٤ - الذهبي: « وكان إماماً في الفقه والأصول والتفسير، بصيراً بالعربية »(٥) .

٥ - اليافعي: « الامام النحرير والبحر الكبير أقضى القضاة »(٦) .

____________________

(١). مناقب آل أبي طالب ٢ / ٣٤.

(٢). الأنساب - الماوردي. ملخّصاً.

(٣). الكامل في التاريخ - حوادث: ٤٥٠. ملخّصاً.

(٤). وفيات الأعيان ١ / ٣٢٦.

(٥). العبر في خبر من غبر - حوادث: ٤٥٠.

(٦). مرآة الجنان - حوادث: ٤٥٠.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

الرابع قد باع نصيبه أو كان واحد من الثلاثة حاضراً ، فإنّه إمّا أن يأخذ الجميع أو يترك الجميعَ ، وليس له أخذ نصيبه ؛ لما فيه من تضرّر المشتري.

فإن أخذ الجميعَ ثمّ قدم ثانٍ ، أخذ منه النصفَ ؛ لأنّه لا شفيع الآن غيرهما ، ووجدت المطالبة منهما دون الثالث ، فكانت الشفعة بينهما ، فإن قدم الثالث ، أخذ منهما الثلث ليكونوا سواء ، فإن عفا الثاني ، استقرّ على الأوّل ، وإن عفا الثالث ، استقرّ عليهما.

ولو كان للشقص غلّة حصلت في يد الأوّل ، لم يشاركه الثاني فيها ؛ لأنّه مَلَك الجميعَ بالأخذ ، وقد حصل النماء في ملكه ، فكانت كما لو انفصلت في يد المشتري قبل الأخذ بالشفعة.

وكذا إن أخذ الثاني وحصلت الغلّة في يده ، لم يشاركه الثالث فيها.

ولو خرج الشقص مستحقّاً ، قال أكثر الشافعيّة : إنّ العهدة على المشتري يرجع الثلاثة عليه ، ولا يرجع أحدهم على الآخَر ؛ لأنّ الشفعة [ ليست ](١) مستحقّة عليهم(٢) .

وقال بعض الشافعيّة : يرجع الثاني على الأوّل ، والثالث يرجع عليهما ، والأوّل يرجع على المشتري ، لأنّ الثاني أخذ من الأوّل ودفع الثمن إليه(٣) .

وقال بعض الشافعيّة : هذا الخلاف في الرجوع بالمغروم من اجرة ونقص قيمة الشقص ، فأمّا الثمن فكلّ يستردّ ما سلّمه ممّن سلّمه إليه‌

____________________

(١) ما بين المعقوفين أضفناه لاستقامة المعنى.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٣٤ ، روضة الطالبين ٤ : ١٨٥.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٣٤ ، روضة الطالبين ٤ : ١٨٥ - ١٨٦.

٣٤١

بلا خلاف(١) . وهو المعتمد.

مسالة ٨٠٣ : لو قال الأوّل : لا آخذ الجميعَ وإنّما أنتظر مجي‌ء الشركاء ليأخذوا أو يعفوا‌ ، فالأقرب : عدم سقوط شفعته بذلك ، لأنّ له غرضاً في الترك ، وهو أن لا يأخذ ما يؤخذ منه ويحتاج إلى ثمن كثير ربما لا يقدر عليه في تلك الحال ، ومع ذلك يؤدّي حاله إلى عدم التمكّن من العمارة على ما يريده ، وربما انتزع منه فيضيع تعبه ، وهو أحد قولي الشافعيّة.

والثاني : أنّه تسقط شفعته ؛ لأنّه يمكنه الأخذ فلم يفعل فبطلت(٢) .

وليس بجيّد ؛ لعدم تمكّنه من أخذ حقٍّ لا ينازعه فيه غيره.

ولو قال الثاني : لا آخذ النصف ، بل الثلث خاصّةً لئلّا يحضر الثالث فيأخذ منّي ، فله ذلك ؛ لأنّه يأخذ دون حقّه ، بخلاف الأوّل ؛ لأنّ أخذه لبعض الشقص تبعيض للشقص على المشتري ، وهو أصحّ وجهي الشافعيّة(٣) .

ويُشكل بأنّه يريد أن يأخذ بعض ما يخصّه ، وليس لأحد الشفيعين أن يأخذ بعض ما يخصّه. فإن أخذ الثلث إمّا على هذا الوجه أو بالتراضي ، وهو سهمان من ستّة ، ثمّ قدم الثالث ، فله أن يأخذ من الأوّل نصف ما في يده ، فإن أخذه ، فلا كلام. وإن أراد أن يأخذ من الثاني ثلث ما في يده ، فله ذلك ؛ لأنّ حقّه ثابت في كلّ جزء.

ثمّ له أن يقول للأوّل : ضمّ ما معك إلى ما أخذته لنقسمه نصفين ؛

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٣٤ ، روضة الطالبين ٤ : ١٨٦.

(٢) الحاوي الكبير ٧ : ٢٦١ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٣٣ ، روضة الطالبين ٤ :١٨٥.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٣٥ ، روضة الطالبين ٤ : ١٨٦.

٣٤٢

لأنّا متساويان.

وتصحّ المسألة من ثمانية عشر ؛ لأنّا نحتاج إلى عددٍ لثُلْثه ثُلْث ، وهو تسعة ، مع الثاني - منها - ثلاثة ، ومع الأوّل ستّة ، فيأخذ الثالث من الثاني(١) واحداً ويضمّه إلى ما مع الأوّل وهو ستّة ، فلا تنقسم ، فنضرب(٢) اثنين في تسعة تبلغ ثمانية عشر ، للثاني منها اثنان في اثنين أربعة ، تبقى أربعة عشر ، للأوّل والثالث نصفين ، وهذا المنقسم من ثمانية عشر ربع الدار ، فتكون جملتها اثنين وسبعين - قال بعض الشافعيّة : لمـّا ترك الثاني سدساً للأوّل صار عافياً عن بعض حقّه ، فيبطل جميع حقّه على الأصحّ ، كما سبق ، فينبغي أن يسقط حقّ الثاني كلّه ، ويكون الشقص بين الأوّل والثالث(٣) - فكأنّ الثالث يقول للأوّل : نحن سواء في الاستحقاق ، ولم يترك واحد منّا شيئا من حقّه ، فنجمع ما معنا ونقسمه ، بخلاف الثاني ، لأنّه ترك شيئا من حقّه. ولأنّه لمـّا قدم الثالث فله أن يأخذ من الثاني ثلث ما في يده ، وذلك ثلثا سهم ، ولا يسقط حقّه بما تركه في يد الأوّل ، ثمّ يضمّ ما معه إلى ما في يد الأوّل ، وهو أربعة أسهم ، فيكون أربعة أسهم وثلثي سهم يقتسمانها نصفين ، لأنّه يطالب الأوّل بثلث نصيبه ، وهو سهم من ثلاثة وثلث السهم الذي تركه الثاني ، لأنّه لو أخذه لأخذ ثلثه ، ويبقى ثلثا هذا السهم تركه الثاني ، وسقط حقّه عنه ، فيقتسمانه بينهما ، فيحصل له ذلك من أربع جهات ، فإن قدم الرابع أخذ من الثاني سهما ، وهو ربع ما بيده ، وضمّه إلى ما في يد الأوّل والثالث يصير خمسة عشر يقتسمونه أثلاثا لكلّ واحد‌

____________________

(١) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « فيأخذ الثاني من الثالث ». والصحيح ما أثبتناه.

(٢) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « نضرب ». والأنسب ما أثبتناه.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٣٥ ، روضة الطالبين ٤ : ١٨٧.

٣٤٣

خمسة.

مسالة ٨٠٤ : لو أخذ الأوّل الشقص بالشفعة ثمّ وجد به عيباً فردّه ثمّ قدم الثاني ، كان له أخذ جميع الشقص - وبه قال الشافعي(١) - لأنّ الشفيع فسخ تملّكه ، ورجع إلى المشتري بالسبب الأوّل ، فكان للشفيع الآخَر أن يأخذه ، كما لو عفا.

وقال محمد بن الحسن الشيباني : إنّه لا يأخذ إلّا حصّته ؛ لأنّ الأوّل لم يعف عن الشفعة ، وإنّما ردّ ذلك لأجل العيب ، فلم يتوفّر نصيبه على الآخَر ، كما لو رجع إليه نصيب أحدهما بسببٍ آخَر(٢) .

والفرق بين صورة النزاع وبين عوده بسببٍ آخَر ثابت ؛ لأنّه عاد غير الملك الأوّل الذي تعلّقت به الشفعة.

مسالة ٨٠٥ : لو حضر اثنان وأخذا الشقص واقتسماه‌ ، كان للثالث بعد حضوره نقض القسمة ، والمطالبة بحصّته من الشفعة ، وله أن يأخذ من كلّ واحدٍ منهما ثلث ما في يده ، وتبقى القسمة بحالها إن رضي المتقاسمان بذلك ، وإلّا فلكلٍّ منهما الفسخ ؛ لأنّه إنّما رضي بأخذ الجميع ، والقسمة لم تقع فاسدةً في نفسها ، بل وقعت صحيحةً ، وتعقَّبها البطلان المتجدّد ، فإذا لم يسلم له جميع ما وصل إليه ، كان له الفسخ.

ولو قدم الثالث وأحد الشريكين كان غائباً ، فإن قضى له القاضي على الغائب ، أخذ من الحاضر الثلث ، ومن الغائب الثلث. وإن لم يقض ، أخذ من الحاضر الثلث ؛ لأنّه قدر ما يستحقّه ممّا في يده ، وهو أحد وجهي‌

____________________

(١) حلية العلماء ٥ : ٢٩٦ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٣٤ ، روضة الطالبين ٤ : ١٨٦.

(٢) حلية العلماء ٥ : ٢٩٦.

٣٤٤

الشافعيّة ، والثاني : النصف ؛ لأنّ أحدهما إذا كان غائباً ، صار كأنّهما الشفيعان ، فيقتسمان بينهما بالسويّة(١) .

إذا ثبت هذا ، فإن حضر الغائب وغاب هذا الحاضر ، فإن كان أخذ من الحاضر ثلث ما في يده ، أخذ من الذي كان غائباً وحضر ثلثَ ما في يده أيضاً(٢) . وإن كان قد أخذ من الحاضر النصفَ ممّا في يده ، أخذ من هذا سدس ما في يده ، فيتمّ بذلك نصيبه ، ويكون ذلك من ثمانية وأربعين ، والمبيع اثنا عشر أخذ ستّةً.

مسالة ٨٠٦ : لو كانت الدار بين ثلاثة فباع اثنان من رجل شقصاً‌ ، فقال الشفيع : أنا آخذ ما باع فلان وأترك ما باع فلان الآخر ، كان له ذلك ؛ لأنّ العقد إذا كان في أحد طرفيه عاقدان كان بمنزلة العقدين ، وبه قال الشافعي(٣) ، خلافاً لأبي حنيفة(٤) ، وقد سلف(٥) .

ولو باع واحد من اثنين ، كان للشفيع أن يأخذ منهما أو من أحدهما ، دون الآخر - وبه قال الشافعي(٦) - لأنّهما مشتريان ، فجاز(٧) للشفيع أخذ نصيب أحدهما.

____________________

(١) حلية العلماء ٥ : ٢٩٦ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٣٥ ، روضة الطالبين ٤ : ١٨٧.

(٢) كلمة « أيضاً » لم ترد في « س » والطبعة الحجريّة.

(٣) مختصر المزني : ١٢١ ، الحاوي الكبير ٧ : ٢٨٩ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٣٦ ، روضة الطالبين ٤ : ١٨٧.

(٤) الحاوي الكبير ٧ : ٢٨٩ ، المغني ٥ : ٥٣٠.

(٥) راجع ص ٣٧ ، المسألة ٥٦٣.

(٦) مختصر المزني : ١٢١ ، الحاوي الكبير ٧ : ٢٨٩ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٣٦ ، روضة الطالبين ٤ : ١٨٧ ، المغني ٥ : ٥٣٠ ، الشرح الكبير ٥ : ٤٩٨.

(٧) في الطبعة الحجريّة : « فكان » بدل « فجاز ».

٣٤٥

وقال أبو حنيفة : يجوز بعد القبض ، ولا يجوز قبله في إحدى الروايتين ، لأنّه قبل القبض يكون تبعيضاً للصفقة على البائع(١) ؛ بناءً على أصله في أنّه يأخذ المبيع منه.

وهو ممنوع ، على أنّ الباقي يأخذه المشتري والآخَر ، وليس تبعيضاً.

وكذا لو باع اثنان من واحد ، فإنّ للشفيع أن يأخذ الحصّتين أو حصّة أحدهما دون الآخَر ؛ لما تقدّم ، خلافاً لأبي حنيفة ولمالك(٢) .

ولو باع الشريكان من اثنين ، كان ذلك بمنزلة أربعة عقود ، وللشفيع أخذ الكلّ أو ما شاء منهما إمّا ثلاثة أرباعه ، وهو نصيب أحد المشتريين ونصف نصيب الآخَر ، أو يأخذ نصف الجملة إمّا بأن يأخذ نصيب أحدهما أو نصف نصيب كلّ واحد ، أو يأخذ ربع الجملة ، وهو نصف نصيب أحدهما.

مسالة ٨٠٧ : لو باع أحد الشريكين بعض(٣) نصيبه من رجل ثمّ باع منه الباقي ثمّ علم شريكه ، كان له أن يأخذ المبيع أوّلاً خاصّةً ، أو ثانياً خاصّةً ، أو هُما معاً بالشفعة ؛ لأنّ لكلّ واحدٍ من العقدين حكمَ نفسه ، فإن عفا عن الأوّل وأراد أخذ الثاني ، لم يشاركه المشتري بنصيبه الأوّل ؛ لأنّ ملكه على الأوّل لم يستقرّ ؛ لأنّ للشفيع أخذه ، فلا يستحقّ به شفعته ، كما لو ارتهن بعضه واشترى الباقي ، وبه قال الشافعي(٤) .

وقال أبو حنيفة : ليس له أن يأخذ النصيبين معاً ، وإنّما له أن يأخذ‌

____________________

(١) المغني ٥ : ٥٣٠ ، الشرح الكبير ٥ : ٤٩٨ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٣٦.

(٢) المغني ٥ : ٥٣٠ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٣٦.

(٣) في الطبعة الحجريّة : « نصف » بدل « بعض ».

(٤) اُنظر : المغني ٥ : ٥٣٣.

٣٤٦

الأوّل ونصف الثاني - وبه قال بعض الشافعيّة - لأنّ ملكه ثبت له على الأوّل ، فإذا اشترى الثاني ، كان شريكاً له بالنصف(١) .

مسالة ٨٠٨ : إذا باع أحد الشريكين نصيبه من ثلاثة أنفس صفقةً واحدة‌ ، فإن عفا [ الشريك ](٢) عن أحدهم ، صحّ عفوه ، ولم يجز للمعفوّ عنه مشاركته في الشفعة على الآخَرَيْن ؛ لأنّ ملك المعفوّ عنه لم يسبق ملكهما ، وإنّما ملك الثلاثة دفعة واحدة ، وإنّما يستحقّ الشفعة بملكٍ سابق لملك المشتري.

فإن باع أحد الشريكين نصيبه من ثلاثة في ثلاثة عقود على الترتيب فعفا الشريك عن المشتري الأوّل ، وطلب من الآخرين ، كان للمشتري الأوّل مشاركته في شفعة الآخرَيْن ؛ لأنّ ملكه سابق لشرائهما.

وكذا إن عفا عن الأوّل والثاني ، شاركاه في حقّ الشفعة على الثالث.

ولو عفا عن الثاني خاصّةً ، كان له مشاركته في شفعة الثالث ، دون الأوّل.

ولو عفا عن الثالث خاصّة ، لم يكن له مشاركته في شفعة الأوّلين.

ولو عفا عن الثاني والثالث ، لم يشاركاه في شفعة الأوّل ، لأنّهما حين وجوب الشفعة لم يكن لهما ملك.

مسالة ٨٠٩ : لو وكّل أحد الشركاء الثلاثة ثانيَهم‌ ، فباع الوكيل نصيبه ونصيب مُوكِّله صفقةً واحدة ، كان للثالث الشفعةُ ، وليس للوكيل ولا للموكّل شفعة على الآخَر ؛ لعدم الأولويّة. ولأنّهما بائعان.

وهل للثالث أن يأخذ أحد النصيبين دون الآخَر؟ الأقوى ذلك ؛ لأنّ‌

____________________

(١) اُنظر : المغني ٥ : ٥٣٣.

(٢) زيادة يقتضيها السياق.

٣٤٧

المالك اثنان ، فهو كما لو تولّيا العقد ، وهو أحد قولي الشافعيّة. والثاني : ليس له ؛ لأنّ العاقد واحد في الطرفين اعتباراً بالوكيل(١) .

ولو كانت الدار لاثنين فوكّل أحدهما الآخَر ببيع نصف نصيبه ، وجوّز له أن يبيع نصيب نفسه إن شاء صفقةً واحدة ، فباع كذلك ، وأراد الموكّل أخذ نصيب الوكيل بالشفعة بحقّ النصف الباقي ، فله ذلك ؛ لأنّ الصفقة اشتملت على ما لا شفعة للموكّل فيه - وهو ملكه - وعلى ما فيه شفعة - وهو ملك الوكيل - فأشبه مَنْ باع شقصين من دارين صفقةً واحدة.

فإن كان الشفيع في إحداهما غير الشفيع في الاُخرى ، فلكلٍّ أن يأخذ ما هو شريك فيه ، سواء وافقه الآخَر في الأخذ أو لا. وإن كان شفيعهما واحداً ، جاز له أخذ الجميع ، وأخذ أيّتهما شاء ، وهو أصحّ وجهي الشافعيّة(٢) .

مسالة ٨١٠ : لو كانت الدار لثلاثة نصفها لواحدٍ ولكلّ واحد من الآخَرَيْن الربع‌ ، فقارض أحد هذين الرجلين الآخَرَ على ألف ، فاشترى العامل منهما نصف نصيب صاحب النصف ، فلا شفعة هنا ؛ لأنّ البائع لا شفعة له فيما باع ، والشريك الآخَر ربّ المال ، والثالث هو العامل ، وربّ المال والعامل بمنزلة الشريكين في المبتاع ، فلا يستحقّ أحدهما على الآخَر شفعة فيما ابتاعه ، وهو أحد وجهي الشافعيّة(٣) .

فإن باع الذي كان صاحب النصف الربعَ الذي بقي له من أجنبيّ ،

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٣٦ ، روضة الطالبين ٤ : ١٨٨.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٣٧ ، روضة الطالبين ٤ : ١٨٨.

(٣) اُنظر : العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٤٥ ، وروضة الطالبين ٤ : ١٩٢ ، والمغني ٥ : ٤٩٩ ، والشرح الكبير ٥ : ٥٤٧.

٣٤٨

فالشقص للشفعة أثلاثاً ، الثلث بالربع الذي لربّ المال ، والثلث بالربع الذي للعامل ، والثلث لمال المضاربة وكان مال القراض بمنزلة شريكٍ آخَر ؛ لأنّ حكمه متميّز عن مال كلّ واحد منهما.

مسالة ٨١١ : لو اشترى بعيراً وشقصاً بعبد وجارية‌ ، وقيمة البعير والشقص مائتان كلّ واحد بمائة ، وكذا قيمة العبد مائة ، وقيمة الجارية مائة ، تثبت الشفعة في الشقص بنصف قيمة العبد والجارية.

فإن تلف البعير قبل القبض ، بطل فيه العقد ، ولا يبطل في الشقص ، وهو أحد قولي الشافعيّة(١) في طريق تفريق الصفقة ، فإن قلنا : يبطل ، بطل الكلّ وسقطت الشفعة. وإن قلنا : يصحّ في الشقص ، صحّ فيه بنصف العبد والجارية ، وأخذه الشفيع بقيمة ذلك.

وإن تلف العبد ، بطل العقد في نصف البعير ونصف الشقص ، وأخذ الشفيع نصف الشقص بنصف قيمة الجارية.

مسالة ٨١٢ : لو كانت الدار بين أربعة بالسويّة فاشترى اثنان منهم من واحد نصيبه وهو الربع ، استحقّ الذي لم يشتر عليهما الشفعة ، واستحقّ كلّ واحد من المشتريين ؛ لأنّه شريك ، فلا يسقط حقّه من الشفعة ، وتبسط الدار ثمانية وأربعين سهماً ، فالربع اثنا عشر ، وفيه أربع صُور :

أ - أن يطالب كلّ واحد بشفعة ، فيقتسمون المبيع أثلاثاً ، فيحصل لكلّ واحد أربعة.

ب - أن يعفو كلّ واحد من الشريكين عن صاحبه ، ويطالب الذي لم يشتر ، فإنّه يأخذ من كلّ واحد منهما نصف ما في يده ؛ لأنّه ممّا اشتراه‌

____________________

(١) لم نعثر عليه في مظانّه.

٣٤٩

كلّ واحد شريكه في الشفعة ؛ إذ لا شفعة فيه إلّا لهما ، فيحصل للّذي لم يشتر نصفُ السهم ستّة ، ولكلّ واحد من المشتريين ثلاثة أسهم.

ج - أن يعفو الذي لم يشتر خاصّة ، فكلّ واحد من المشتريين يأخذ من صاحبه ما في يده ، فيكون ذلك قدر ما اشتراه لكلّ واحد ستّة.

د - أن يعفو الذي لم يشتر عن أحدهما دون الآخَر ، فإنّه يأخذ ممّن لم يعف عنه سهمين ، وتبقى معه أربعة أسهم يأخذ منها المعفوّ عنه سهمين ، ويأخذ الذي لم يعف عنه من المعفوّ عنه ثلاثة أسهم نصف ما في يده ؛ لأنّه لا شفيع في هذا السهم سواهما ، فيحصل مع كلّ واحد منهما خمسة ، ومع العافي سهمان.

البحث الثامن : في الحِيَل المسقطة للشفعة.

مسالة ٨١٣ : يجوز استعمال الحِيَل بالمباح مطلقاً عندنا وعند جماعة من العامّة ، خلافاً لأحمد بن حنبل(١) .

فإذا أراد أن يشتري الشقص ولا تلزمه شفعة ، أمكنه أن يشتريه بثمن مشاهد لا يعلمان قدره ولا قيمته إذا لم يكن من المكيلات والموزونات ، ثمّ يخرجه عن ملكه بتلفٍ أو غيره بحيث لا يتمكّن من العلم به وقت المطالبة بالشفعة ، فإذا طُولب بالشفعة وتعذّر عليه معرفة الثمن ، سقطت الشفعة ، فإن ادّعى الشفيع أنّ الثمن كان معلوماً وذكر قدره فأنكر المشتري ، قُدّم قول المشتري مع اليمين.

ولو كان الثمن مكيلاً أو موزوناً ، فقال المشتري : إنّه كان جزافاً أو كان‌

____________________

(١) المغني ٥ : ٥١١.

٣٥٠

معلوماً وقد نسيته ، لم يُسمع منه في الجزاف عندنا ، وطُولب بجوابٍ صحيح ، فإن أجاب وإلّا جُعل ناكلاً.

ومَنْ قال : إنّه يجوز البيع به هل يكون الجواب به أو بالنسيان صحيحاً؟ الأقرب عندي ذلك - وهو قول أكثر الشافعيّة(١) - لأنّ نسيان المشتري ممكن ، وقد يكون الثمن جزافاً عند مجوّزيه ، فإذا أمكن ، حلف عليه.

وقال بعض الشافعيّة : إنّه لا يكون جواباً صحيحاً ، فيقال له : إمّا أن تجيب بجوابٍ صحيح ، وإلّا جعلناك ناكلاً ، ويحلف الشفيع ، كما لو ادّعى رجل على آخَر ألف درهم دَيْناً ، فقال : لا أعلم قدر دَيْنك ، لم يكن جواباً(٢) .

والفرق : أنّ المدّعي يدّعي عليه قدراً معيّناً ، وهو لا يجيب عنه لا بإقرارٍ ولا بإنكارٍ ، فلهذا جعلناه ناكلاً ، وفي مسألتنا قوله : « إنّ الثمن كان جزافاً ، أو : لا أذكره » إنكار للشفعة ؛ لأنّه إذا كان كذلك ، لا تجب الشفعة.

نعم ، لو قال : لا أدري لك شفعة أم لا ، كان كمسألة الدَّيْن.

ولأنّ الدَّيْن إن لم يعلمه مَنْ هو عليه يجوز أن يعلمه من هو له ، فيجعل القول قوله مع يمينه ، وهنا هذا هو العاقد ، وإذا كان جزافاً أو لا يعلم ، فلا طريق للشفيع إلى معرفته.

مسالة ٨١٤ : لو أتلف المشتري الثمن المعيّن قبل القبض وكان قد قبض الشقص وباعه ، سقطت الشفعة ، وصحّ تصرّف المشتري ، وكان عليه قيمة الشقص للبائع.

____________________

(١و٢) لم نعثر عليه في مظانّه.

٣٥١

ولو أراد المتبايعان التوصّل إلى رغبة الشفيع عن الشفعة ، اشتراه بألف إذا كان يساوي مائةً ثمّ يبيعه بالألف سلعة تساوي مائةً ، فإذا أراد الشفيع أن يأخذه ، وجب عليه دفع الألف. وكذا إذا باعه سلعة تساوي مائةً بألفٍ ثمّ اشترى الشقص المساوي مائةً بألف ، فإذا أراد الشفيع أن يأخذه ، أخذه بالألف.

وهذا يصحّ عندنا مطلقاً.

وعند الشافعي إنّما يصحّ إذا لم يشترط مشتري الشقص على بائعه أخذ السلعة بالثمن في العقد ، فإنّه متى شرط ذلك ، بطل العقد عنده ، ويحصل على المشتري بشراء ما يساوي مائة بألفٍ غررٌ(١) .

مسالة ٨١٥ : لو نُقل الشقص بهبةٍ أو صلح أو بجَعْله مالَ إجارة أو غيرها من العقود المغايرة للبيع ، فلا شفعة عندنا.

ووافقنا الشافعي(٢) في كلّ عقد لا يشتمل على المعاوضة ، وعلى أنّهما إذا اتّفقا على أن يهب أحدهما الشقص للآخَر ويهب الآخَر الثمن ، ويكون هذا الاتّفاق قبل عقد الهبة ويعقدانها مطلقةً ، فلا تجب الشفعة.

ولو اتّفقا على بيع الشقص بألف وهو يساوي مائةً ثمّ يُبرئه من تسعمائة بعد انبرام البيع فتعاقدا على ذلك ، رغب الشفيع عن أخذه ؛ لأنّه لو طلبه لزمه الألف.

مسالة ٨١٦ : ومن الحِيَل أن يبيعه جزءاً من الشقص بثمنه كلّه‌ ، ويهب له الباقي أو يهبه بعض الشقص ، أو يملّكه إيّاه بوجهٍ آخَر غير البيع ، ثمّ‌

____________________

(١) لم نعثر عليه في مظانّه.

(٢) الحاوي الكبير ٧ : ٢٣٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٩٦ ، روضة الطالبين ٤ : ١٦٣.

٣٥٢

يبيعه الباقي ، فإنّه لا شفعة عند مَنْ يُبطلها مع الكثرة ، أو يبيعه بثمن حاضر مجهول القدر عند مَنْ يُجّوزه ، ويقبضه البائع ولا يزنه ، بل ينفقه أو يمزجه بمالٍ له مجهول ، فتندفع الشفعة على أصحّ قولي الشافعيّة(١) .

ولو باع بعض الشقص ثمّ باع الباقي ، لم يكن للشفيع أخذ جميع المبيع ثانياً على أحد الوجهين(٢) .

ولو وكّل البائع شريكه بالبيع فباع ، لم يكن له الشفعة على أحد الوجهين(٣) .

مسالة ٨١٧ : لا يكره دفع الشفعة بالحيلة‌ ؛ إذ ليس فيها دفع حقٍّ عن الغير ، فإنّ الشفعة إنّما تثبت بعد البيع مع عدم المعارض ، فإذا لم يوجد بيع أو وُجد مع معارض الشفعة ، فلا شفعة ؛ لعدم الثبوت ، وبه قال أبو يوسف(٤) .

وقال محمد بن الحسن : يكره(٥) .

وللشافعيّة وجهان ، أصحّهما عندهم : الثاني(٦) ، ولا يكره عندهم دفع شفعة الجار بالحيلة قطعاً(٧) .

ولو اشترى عُشْر الدار بتسعة أعشار الثمن ، فلا يرغب الشفيع ؛ لكثرة‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٤٤ ، روضة الطالبين ٤ : ١٩٥.

(٢و٣) الوجهان للشافعيّة أيضاً ، اُنظر : العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٤٤ ، وروضة الطالبين ٤ : ١٩٥.

(٤و٥) الهداية - للمرغيناني - ٤ : ٣٩ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٤٤ ، روضة الطالبين ٤ : ١٩٦.

(٦) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٤٥ ، روضة الطالبين ٤ : ١٩٦.

(٧) روضة الطالبين ٤ : ١٩٦.

٣٥٣

الثمن ، ثمّ يشتري تسعة أعشاره بعُشْر الثمن ، فلا يتمكّن الجار من الشفعة ؛ لأنّ المشتري حالة الشراء شريك في الدار ، والشريك مقدّم على الجار ، أو يخطّ البائع على طرف ملكه خطّاً ممّا يلي دار جاره ، ويبيع ما وراء الخطّ ؛ لأنّ ما بين ملكه وبين المبيع فاصلاً ، ثمّ يهبه الفاصل.

البحث التاسع : في اللواحق.

مسالة ٨١٨ : لو مات المديون وله شقص يستوعبه الدَّيْن فبِيع شقصٌ في شركته‌ ، كان للورثة الشفعةُ ؛ لأنّ الدَّيْن لا يمنع انتقال الملك إلى الورثة على ما يأتي ، وبه قال الشافعي(١) ، خلافاً لأبي حنيفة(٢) وبعض الشافعيّة(٣) .

ولو كان للمديون دار فبِيع بعضها في الدّين ، لم يكن للورثة الشفعة ، لأنّ البيع يقع لهم ، فلا يستحقّون الشفعة على أنفسهم.

ولو كان الوارث شريك الموروث فبيع نصيب الموروث في دينه ، تثبت الشفعة للوارث بنصيبه الذي كان يملكه ؛ لأنّ البيع على الميّت إنّما كان بسبب دينه الذي ثبت عليه في حال الحياة ، فصار البيع كأنّه قد وقع في حال الحياة ، والوارث كان شريكه في حال الحياة ، فتثبت له الشفعة ، ولا يلزم إذا كانت الدار للموروث فبيع بعضها في دَيْنه ؛ لأنّا إذا جعلنا البيع كأنّه وقع في حال الحياة ، لم يكن الوارث شريكه في تلك الحال ، وهو قول بعض الشافعيّة(٤) .

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٧٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٤٧ ، روضة الطالبين ٤ : ١٩٤ ، المغني ٥ : ٥٣٨ ، الشرح الكبير ٥ : ٥١٧.

(٢) المغني ٥ : ٥٣٨ ، الشرح الكبير ٥ : ٥١٧.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٤٧ ، روضة الطالبين ٤ : ١٩٤.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٤٧ - ٥٤٨ ، روضة الطالبين ٤ : ١٩٥.

٣٥٤

وقال أكثرهم : لا شفعة ؛ لأنّ الدَّيْن لا يمنع انتقال الملك إلى الوارث ، فإذا بِيع فقد بِيع ملك الوارث عليه ، فلا يستحقّ الشفعة ، كما لو كان له على رجل دَيْنٌ وهو غائب فباع بعض داره ثمّ قدم ، لم تثبت له الشفعة ، كذا هنا(١) .

وما ذكره أوّلاً بعضهم فليس بشي‌ء ؛ لأنّه إنّما يلحق بحال الحياة إذا وجد سببه في حال الحياة وما لا يمكن(٢) ابتداؤه بعد الوفاة ، ولو كان كذلك ، لم يكن للوارث أن يقضي الدَّيْن من عنده ، ويمنع(٣) من البيع.

وهذا عندي هو المعتمد.

لا يقال : هذا الدَّيْن وجب على الميّت ، فلا يجوز أن يباع غيره فيه ، وإنّما يُجعل كأنّه بِيع عليه.

لأنّا نقول : مَنْ يقول : إنّ الملك ينتقل إلى الوارث قد لزمه ما اُلزم ؛ لأنّه يبطل ملك الوارث لأجل دَيْن الميّت ، على(٤) أنّ ذلك لا يمنع(٥) ؛ لأنّ هذا الدَّيْن يتعلّق(٦) بهذه العين ؛ لأنّها مُلكت من جهة السبب ، ألا ترى أنّ العبد إذا جنى ، تعلّقت الجناية برقبته ، وهي ملك لمولاه ، ويُباع فيها وإن لم يكن الدَّيْن على مولاه.

مسالة ٨١٩ : لو كان لأحد الثلاثة نصف الدار ولكلٍّ من الآخَرَيْن ربع‌ ، فاشترى صاحب النصف من أحد شريكيه ربعه ، والآخَر غائب ، ثمّ باع‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٤٨ ، روضة الطالبين ٤ : ١٩٥.

(٢) كذا ، والظاهر : « وما لم يكن ».

(٣) في الطبعة الحجريّة : « ويمتنع ».

(٤) في « ي » والطبعة الحجريّة : « وعلى ».

(٥) في « س ، ي » : « لا يمتنع ».

(٦) في « ي » : « تعلّق ».

٣٥٥

صاحب ثلاثة الأرباع ربعاً منها لرجل ، ثمّ قدم الشريك الغائب ، كان له أخذ ما يخصّه من المبيع الأوّل بالشفعة ، وهو ثُمْنٌ ، ويأخذ المبيع الثاني بأجمعه ؛ إذ لا شفيع غيره.

فإن أراد العفو عن الثاني والأخذ من الأوّل ، أخذ من المشتري الثاني سهماً من ستّة ، ومن الأوّل سهمين من ستّة ؛ لأنّا نفرض الدار أربعة وعشرين سهماً ؛ إذ لا تخرج صحيحةً من أقلّ.

وإنّما قلنا ذلك ؛ لأنّ صاحب النصف اشترى الربع ، فكان بينه وبين الغائب نصفين إن قلنا : إنّ للمشتري شفعةً وإنّ الشفعة على عدد الرؤوس فإذا باع الربع ممّا في يده وفي يده ثلاثة أرباع ، فقد باع ثلث ما في يده ، وهو ستّة ، وبقي في يده اثنا عشر ، وللغائب شفعة ثلاثة أسهم ، فإذا قدم ، أخذ من المشتري ثلث ما استحقّه ، وهو سهم واحد ، لأنّه حصل له ثلث ما كان في يد بائعه ، وأخذ من الأوّل سهمين.

وإن جعلنا الشفعة على قدر النصيب ، فالذي يستحقّ الغائب سهمان من الستّة ، لأنّ ملكه مثل نصف ملك المشتري حصل له في المبيع ثلثا سهم ، ويأخذ من المشتري الأوّل سهماً وثُلثاً ومن الثاني ثلثي سهم.

هذا إذا عفا عن الثاني ، وإن عفا عن الأوّل وأخذ من الثاني ، أخذ من المشتري ما اشتراه ، وهو ستّة أسهم ، لأنّ شريكه بائع ، فلا شفعة له.

وإن أراد أن يأخذ الشفعة بالعقدين ، أخذ ما في يد الثاني ، وأخذ من الأوّل سهمين إن جعلنا الشفعة على عدد الرؤوس ، وإن قلنا : على قدر النصيب ، يأخذ سهماً وثُلثاً.

مسالة ٨٢٠ : لو بِيع شقص وله شفيعان فعفا أحدهما ومات الآخَر وكان وارثه هو العافي‌ ، كان له أن يأخذ الشقص بما ورثه من الشفعة ،

٣٥٦

ولا يبطلها العفو السابق ؛ لأنّ العفو وقع عمّا يملكه بالأصالة لا بالميراث.

وكذا لو قذف رجل أباهما وهو ميّت فعفا أحدهما ، كان للآخَر استيفاء الحدّ كملاً ، فإن مات وكان العافي وارثَه ، كان له استيفاؤه بالنيابة عن مورّثه.

مسالة ٨٢١ : قد سلف(١) أنّ الإقالة لا توجب الشفعة ، خلافاً لأبي حنيفة(٢) . وكذا الردّ بالعيب وإن كان على سبيل التراضي ، وبه قال الشافعي(٣) .

وقال أبو حنيفة : تثبت الشفعة إن وقع الردّ بالتراضي ، لأنّه نقل الملك بالتراضي ، فأشبه البيع(٤) .

وهو خطأ ، لأنّه فسخ ، وليس بمعاوضة ، ولهذا يعتبر فيه العوض الأوّل ، فلم تثبت فيه الشفعة ، كالفسخ بالخيار.

ولو لم يقايله(٥) ، بل باعه المشتري من البائع بذلك الثمن أو غيره ، كان للشفيع الشفعة ، لأنّه عفا عمّا استحقّه بالعقد الأوّل ، وهذا عقد يستحقّ به الشفعة ، فوجبت له.

تذنيب : إذا كان الثمن معيّناً فتلف قبل القبض ، بطل البيع والشفعة ؛ لأنّه تعذّر التسليم ، فتعذّر إمضاء العقد ، بخلاف الإقالة والردّ بالعيب.

____________________

(١) في ص ٢٣٠ ، المسألة ٧٢٧.

(٢) حلية العلماء ٥ : ٢٩٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٩٨ ، المغني ٥ : ٤٧٠ ، الشرح الكبير ٥ : ٤٦٥.

(٣) حلية العلماء ٥ : ٢٩٥ ، الوسيط ٤ : ٧٤ ، الوجيز ١ : ٢١٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٩٧ ، روضة الطالبين ٤ : ١٦٣.

(٤) حلية العلماء ٥ : ٢٩٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٩٨.

(٥) في « ي » : « ولم يقابل ». وفي الطبعة الحجريّة : « ولم يقابله » بالباء. وفي « س » : « ولم يقايله » بالياء. والصحيح ما أثبتناه.

٣٥٧

ولو ظهر الثمن المعيّن مستحقّاً ، بطل البيع أيضاً والشفعة.

ولو كان المشتري قد باع الشقص قبل التلف ، صحّ بيعه ، وللشفيع أخذه بالشفعة ، وبطل البيع الأوّل.

أمّا لو باعه ثمّ ظهر استحقاق الثمن المعيّن ، بطل الثاني أيضاً ، ولا شفعة ؛ لأنّ المقتضي لبطلان البيع الاستحقاقُ لا ظهورُه.

آخَر : لو وجبت الشفعة وقضى له القاضي بها والشقص في يد البائع ودفع الثمن إلى المشتري فقال البائع للشفيع : أقلني ، فأقاله ، لم تصحّ الإقالة ؛ لأنّها إنّما تصحّ بين المتبايعين ، وليس للشفيع ملكٌ من جهة البائع ، فإن باعه منه ، كان حكمه حكم بيع ما لم يقبض.

مسالة ٨٢٢ : لو كان أحد الشريكين في الدار غائباً وله وكيل فيها‌ ، فقال الوكيل : قد اشتريته منه ، لم يكن للحاضر أخذه بالشفعة ؛ لأنّ إقرار الوكيل لا يقبل في حقّ موكّله. ولأنّه لو ثبتت الشفعة للحاضر بمجرّد دعوى الوكيل ، لثبت للوكيل جميع توابع الملك ، فكان لو مات(١) الموكّل ، لم يفتقر الوكيل في دعوى الشراء منه إلى بيّنة ، بل يكتب الحاكم إلى حاكم البلد الذي فيه الموكّل ، ويسأله عن ذلك ، وهو أحد وجهي الشافعيّة.

والثاني : أنّ الحاضر يأخذه بالشفعة - وبه قال أبو حنيفة وأصحابه - لأنّه أقرّ بحقٍّ له فيما في يده(٢) .

ويذكر الحاكم ذلك في السجلّ ، فإن قدم الغائب وصدّقه ، فلا كلام.

وإن أنكر البيع فإن أقام مدّعيه البيّنةَ ، بطل إنكاره ، وإن لم يُقم بيّنةً ، حلف المنكر ، ثمّ يردّ النصف عليه واُجرة مثله وأرش نقصه إن كان ، وله أن‌

____________________

(١) كذا ، والظاهر : « فكان كما لو مات ».

(٢) المغني ٥ : ٥١٨ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٣٠ - ٥٣١.

٣٥٨

يرجع بذلك على مَنْ شاء ، فإن رجع على الوكيل ، رجع به على الشفيع ، وإن رجع على الشفيع ، لم يرجع به على الوكيل ؛ لأنّ التلف حصل في يده.

وفي وجهٍ للشافعيّة : أنّه يرجع عليه ؛ لأنّه غرَّه(١) .

مسالة ٨٢٣ : لو حكم حاكمُ شرعٍ باعتقاده أنّ الشفعة تثبت مع الكثرة‌ ، لم يعترض عليه مَنْ لا يعتقد ذلك من الحُكّام.

وكذا عند الشافعي إذا قضى الحنفي بشفعة الجوار ، لم يعترض عليه في الظاهر ، وفي الحكم باطناً عندهم خلاف(٢) .

أمّا نحن فإن كان الآخذ مقلّداً وقلّد مَنْ يجب تقليده ، كان مباحاً له في الباطن. وإن كان مجتهداً ، لم يجز له أن يأخذ على خلاف مذهبه.

مسالة ٨٢٤ : لو اشترى الشقص بكفٍّ من الدراهم لا يعلم(٣) وزنها‌ ، أو بصُبرة حنطة لا يعلم كيلها ، فعندنا يبطل البيع.

وعند مَنْ جوَّزه تُكال أو تُوزن ليأخذ الشفيع بذلك القدر(٤) .

فإن كان غائباً فتبرّع البائع بإحضاره أو أخبر عنه واعتُمد قوله ، فذاك ، وإلّا فليس للشفيع أن يكلّفه الإحضار والإخبار عنه.

ولو هلك وتعذّر الوقوف عليه ، تعذّر الأخذ بالشفعة.

وهذا يتأتّى مثله عندنا ، وهو أن يبيع بما لا مِثْل له ثمّ يتلف قبل العلم بقيمته.

ولو أنكر الشفيع الجهالة ، فإن عيّن قدراً وقال للمشتري : قد اشتريتَه‌

____________________

(١و٢) لم نعثر عليه في مظانّه.

(٣) في الطبعة الحجريّة : « لم يعلم ».

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥١٦ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧٥.

٣٥٩

بكذا ، وقال المشتري : لم يكن قدره معلوماً ، فأصحّ القولين عند الشافعيّة : أنّه يقنع منه بذلك ، ويحلف عليه(١) ، وهو المعتمد عندي في عدم العلم بالقيمة.

وقال ابن سريج : لا يُقبل منه ذلك ، ولا يحلف ، بل إن أصرّ على ذلك ، جُعل ناكلاً ، ورُدّت اليمين على الشفيع(٢) .

وكذا الخلاف لو قال : نسيت(٣) (٤) .

وإن لم يعيّن الشفيع قدراً لكن ادّعى على المشتري أنّه يعلمه وطالَبه بالبيان ، فللشافعيّة وجهان أصحّهما عندهم : لا تُسمع دعواه حتى يعيّن قدراً ، فيحلف المشتري حينئذٍ أنّه لا يعرف. والثاني : تُسمع ، ويحلف المشتري على ما يقوله ، فإن نكل ، حلف الشفيع على علم المشتري ، وحُبس المشتري حتى يُبيّن قدره.

فعلى الأوّل طريق الشفيع أن يعيّن قدراً ، فإن وافقه المشتري ، فذاك ، وإلّا حلّفه على نفيه ، فإن نكل ، استدلّ الشفيع بنكوله ، وحلف على ما عيّنه ، وإن حلف المشتري ، زاد وادّعى ثانياً ، وهكذا يفعل إلى أن ينكل المشتري ، فيستدلّ الشفيع بنكوله ويحلف ، وهذا(٥) لأنّ اليمين عندهم قد تستند إلى التخمين.

قالوا : ولهذا له أن يحلف على خطّ أبيه إذا سكنت نفسه إليه(٦) .

وهذا باطل ، وأنّ اليمين لا تصحّ إلّا مع العلم والقطع دون الظنّ‌

____________________

(١و٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥١٦ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧٥.

(٣) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « انسيت ». وما أثبتناه كما في المصدر.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥١٦ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧٥.

(٥) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « وهكذا » بدل « وهذا ». وما أثبتناه كما في المصدر.

(٦) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥١٦ - ٥١٧ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧٥.

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381