نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٣

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار14%

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 411

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 411 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 194081 / تحميل: 9614
الحجم الحجم الحجم
نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار الجزء ١٣

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

(٣٧)

رواية أبي غالب ابن بشران النحوي

قال ابن المغازلي: « أخبرنا محمد بن أحمد بن سهل النحوي -رحمه‌الله ، إذناً - أنّ أبا نصر أحمد بن محمّد بن أحمد بن سهل بن مردويه البزّاز - حدّثهم إملاء في صفر سنة أربعمائة - نا أحمد بن عيسى الناقد، نا صالح بن مسمار، نا ابن أبي فديك، نا الحسن بن عبد الله، عن نافع، عن أنس بن مالك، إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قرّب إليه الطير فقال: اللّهم ائتني بأحبّ خلقك يأكل معي من هذا الطير، فجاء علي بن أبي طالب، فأكل معه »(١) .

ترجمته

١ - الذهبي حوادث سنة ٤٦٢: « وأبو غالب بن بشران الواسطي، صاحب اللغة، محمّد بن أحمد بن سهل المعدل الحنفي، ويعرف بابن الخالة، وله اثنتان وثمانون سنة، ولم يكن بالعراق أعلم منه باللغة، روى عن أحمد بهرى وطبقته »(٢) .

٢ - وقال: « العلامة، شيخ الأدب، أبو غالب، محمّد بن أحمد بن سهل ابن بشران، الواسطي، اللغوي، الحنفي، المعدّل، وكان جدّه للاُم هو ابن عم المحدّث أبي الحسين ابن بشران. مولد أبي غالب في سنة ٣٨٠. وسمع من روى عنه

وقال أحمد بن صالح الجيلي: كان أحد شهود واسط، وكان عالماً

____________________

(١). مناقب علي بن أبي طالب: ١٦٧.

(٢). العبر، حوادث ٤٦٢.

٢٤١

بالأدب، روايةً له، ثقةً، بارعاً في النحو، صار شيخ العراق في اللغة في وقته، وانتهت الرحلة إليه في هذا العلم

مات في نصف رجب سنة ٤٦٢.

قلت: شاخ وعمّر »(١)

٣ - عبد القادر القرشي: « أحد الأئمة في اللغة، مولده سنة ٣٨٠، سمع وحدّث وحرّض، روى عنه فضل الله بن محمّد العراقي، قال السمعاني في ذيله: أحد الأئمة اللغوية [ كان ] فاضلاً مكثراً بارعاً شيخ العراق في وقته، مات رحمه ‌الله تعالى سنة ٤٦٢ »(٢) .

٤ - اليافعي: « وفيها الإِمام اللغوي أبو غالب »(٣) .

(٣٨)

رواية ابن عبد البرّ

رواه في سياق فضائل سيّدنا أمير المؤمنينعليه‌السلام حيث قال: « واُهدي للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثلاث طوائر فقال: اللّهم سق أحبّ خلقك إليك يأكل معي، فجاء علي -رضي‌الله‌عنه - فقال: كل يا علي فأنت أحبّ خلق الله إليه »(٤) .

ترجمته

أثنى عليه وبالغ في مدحه، ووصفه بأجلّ الصفات جميع الأعلام

____________________

(١). سير أعلام النبلاء ١٨ / ٢٣٥.

(٢). الجواهر المضية في طبقات الحنفية ٢ / ١١.

(٣). مرآة الجنان، حوادث ٤٦٢.

(٤). بهجة المجالس.

٢٤٢

المترجمين له، في الكتب والتواريخ، راجع منها:

١ - الأنساب القرطبي.

٢ -وفيات الأعيان ٧ / ٦٦.

٣ -تذكرة الحفّاظ ٣ / ١١٢٨.

٤ - المختصر في أخبار البشر ٢ / ١٨٧.

٥ - تتمة المختصر ١ / ٥٦٤.

٦ - مرآة الجنان ٣ / ٨٩.

٧ - دول الإِسلام ١ / ٢٧٣.

٨ - طبقات الحفاظ: ٤٣٢.

وقد أوردنا ترجمته عن هذه وغيرها في مجلّد حديث الولاية.

كتاب بهجة المجالس

وكتابه ( بهجة المجالس وأُنس الجالس ) من الكتب المعتبرة كما نصّ عليه في ( كشف الظنون ) حيث قال: « بهجة المجالس وأُنس الجالس للحافظ أبي عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البرّ النمري القرطبي، المتوفى سنة ٤٦٣، وهو في مجلّدٍ، من الكتب المعتبرة في المحاضرات، مرتب على مائة وأربعة وعشرين باباً »(١) .

(٣٩)

رواية الخطيب البغدادي

لقد روى حديث الطير في ( تاريخه ) بطرقٍ عديدةٍ، قال ابن شهر آشوب:

____________________

(١). كشف الظنون ١ / ٢٥٨.

٢٤٣

« ورواه ابن بطة في الإِبانة من طريقين، والخطيب أبو بكر في تاريخ بغداد، من سبعة طرق »(١) .

أقول: منها:

قوله: « أخبرنا التنوخي، حدّثنا أبو الطيّب ظفران بن الحسن بن الفيرزان النخّاس المعروف بالفأفاء - في سنة ٣٨٤ - حدّثنا أبو هارون موسى بن محمّد ابن هارون الأنصاري، حدّثنا أحمد بن محمّد بن عاصم الرازي، حدّثنا حفص ابن عمر المهرقاني.

و أخبرنا أبو بكر عبد القاهر بن محمّد بن عترة الموصلي، أخبرنا أبو هارون موسى بن محمّد الأنصاري الزرقي، حدّثنا أحمد - يعني ابن علي الخراز - حدّثنا محمّد بن عاصم الرازي، حدثنا حفص بن عمر المهرقاني:

حدّثنا النجم بن بشير، عن إسماعيل بن سليمان - أخي إسحاق بن سليمان - الرازي، عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن أنس بن مالك قال:

أُتي النبي -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - بطائر فقال: اللّهم ائتني بأحبّ خلقك يأكل معي من هذا الطائر، فجاء علي بن أبي طالب فدَقَّ الباب، وذكر الحديث »(٢) .

و قوله: « أخبرنا أبو محمّد عبد الله بن علي بن عياض القاضي - بصور - أخبرنا محمّد بن أحمد بن جميع الغسّاني، حدّثنا محمّد بن مخلد، حدّثني أبو محمّد علي بن الحسن بن إبراهيم بن قتيبة بن جبلة القطّان، حدّثنا سهل بن زنجلة، حدّثنا الصباح - يعني ابن محارب - عن عمر بن عبد الله بن يعلى بن

____________________

(١). مناقب آل أبي طالب ٢ / ٢٨٢.

(٢). تاريخ بغداد ٩ / ٣٦٩.

٢٤٤

مرّة، عن أبيه، عن جدّه وعن أنس بن مالك قالا:

أُهدي إلى رسول الله -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - طير - ما نراه إلّا حبارى - فقال: اللّهم ابعث إليَّ أحبّ أصحابي إليك يؤاكلني هذا الطير وذكر الحديث »(١) .

و قوله: « أنبأنا الحسن بن أبي بكر، حدّثنا أبو بكر محمّد بن العباس بن نجيح، حدّثنا محمّد بن القاسم النحوي أبو عبد الله، حدّثنا أبو عاصم، عن أبي الهندي عن أنس قال:

أُتي النبي -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - بطائر فقال: اللّهم آتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي، فجاء علي، فحجبته مرتين، فجاء في الثالثة فأذنت له فقال:

يا علي ما حبسك؟ قال: هذه ثلاث مرّات قد جئتها فحجبني أنس. قال: لِمَ يا أنس؟ قال: سمعت دعوتك يا رسول الله، فأحببت أنْ يكون رجلاً من قومي، فقال النبي -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - الرجل يحبُّ قومه »(٢) .

و قوله: « قرأت في كتاب عبيد الله بن أحمد النحوي - المعروف بجحجح - سماعه من أحمد بن كامل قال: قال لنا محمّد بن موسى البربري: رأيت شيخاً في المسجد الجامع بالرصافة - سنة ٢٩ - طويلاً أسود يخضّب بالحنّاء فسمعته يقول: سمعت أنس بن مالك يقول: اُهدي للنبيّ -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - طير فقال: اللّهم ائتني بأحبّ الخلق إليك يأكل معي من هذا الطير » وذكر الحديث.

فسألت عن الشيخ فقيل: هذا دينار خادم أنس بن مالك »(٣) .

قلت: وقد سكت الحافظ الخطيب البغدادي عن التكلّم في سند

____________________

(١). تاريخ بغداد ١١ / ٣٧٦.

(٢). تاريخ بغداد ٣ / ١٧١.

(٣). تاريخ بغداد ٨ / ٣٨٢.

٢٤٥

الحديثين الأول والثاني، وكذلك الآخران غير أنّه ذكر أن « أبا الهندي » و« ديناراً » الراويين عن « أنس » مجهولان.

* ثمّ إنّ الخطيب أخرج هذا الحديث في كتاب ( موضّح أوهام الجمع التفريق ) حيث قال:

« أخبرني أبو الحسن محمّد بن أحمد بن رزقويه قال: حدّثنا عثمان بن أحمد الدقّاق - إملاءً - حدّثنا أحمد بن القاسم بن مساور الجوهري، حدّثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة أبو سعيد الجشمي، حدّثنا يونس بن أرقم، حدّثنا مسلم بن كيسان الضّبي، عن أنس بن مالك -رضي‌الله‌عنه - قال: اهدي إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أطيار، فقال: اللّهم ائتني بأحبّ خلقك إليك. قال أنس فقلت: اللّهم إنْ شئت جعلته رجلاً من الأنصار، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما أنت بأوّل رجلٍ أحبّ قومه، فجاء علي، فلمـّا رآه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: اللّهم وإليَّ »(١) .

و قال الخطيب: « أخبرنا الحسن بن محمّد الخلّال، حدّثنا محمّد بن إسحاق القطيعي، حدّثنا أحمد بن نصر بن طالب حدّثنا عبد الملك بن يحيى ابن عبد الله بن بكير، حدّثنا أبي، حدّثنا عبد الله بن محمّد بن المغيرة، عن أبي الخليل قال: حدّثني أنس بن مالك -رضي‌الله‌عنه - قال: أهدت أُم أيمن لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طيراً فقال: اللّهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير. فدخل علي بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه ، فقال: اللّهم وإليَّ.

قال أحمد بن نصر: أبو الخليل هذا اسمه: عائذ بن شريح »(٢) .

* ثمّ إنّ كثيراً من الأعلام أخرجوا هذا الحديث عن الخطيب بهذه

____________________

(١). موضّح أوهام الجمع والتفريق ٢ / ٣٩٨.

(٢). موضّح أوهام الجمع والتفريق ٢ / ٣٠٤.

٢٤٦

الأسانيد:

كالحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق، بترجمة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، كالحديث رقم: ٦٢٨، ٦٣٨.

وكالحافظ ابن كثير في تاريخه ٧ / ٣٥١.

وكالحافظ الكنجي في كفاية الطالب: ٥٩.

كما ستعلم رواية الخطيب هذا الحديث من كلام شهاب الدين أحمد الآتي في محلّه، إن شاء الله تعالى.

ترجمته

١ - السمعاني: « والإِمام أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد بن مهدي، الخطيب الحافظ الثابتي البغدادي، صاحب التصانيف في الحديث، منها كتاب تاريخ مدينة السلام بغداد، أشهر من أن يذكر »(١) .

وفيه أيضاً: « كان إمام عصره بلا مدافعة، وحافظ وقته بلا منازعة، صنّف قريباً من مائة مصنّف صارت عمدة لأصحاب الحديث، منها التاريخ الكبير لمدينة السلام بغداد »(٢) .

٢ - السمعاني أيضاً: « والخطيب في درجة القدماء من الحفّاظ والأئمة الكبار: كيحيى بن معين، وعلي بن المديني، وأحمد بن أبي خيثمة، وطبقتهم، وكان علّامة العصر، إكتسى به هذا الشأن غضارة وبهجة ونضارة، وكان مهيباً وقوراً نبيلاً خطيراً، ثقة صدوقاً متبحراً، حجةً فيما يصنّفه ويقوله ويجمعه، حسن النقل والخط، كثير الشكل والضبط، قارياً للحديث فصيحاً، وكان في درجة الكمال والرتبة العليا خلقاً وخُلقاً وهيأةً ومنظراً، إنتهى إليه علم

____________________

(١). الأنساب - الثابتي.

(٢). الأنساب - الخطيب.

٢٤٧

الحديث وحفظه، وختم به الحفّاظرحمهم‌الله »(١) .

٣ - ابن خلكان: « الحافظ أبو بكر صاحب تاريخ بغداد وغيره من المصنّفات المفيدة، كان من الحفّاظ المتقنين والعلماء المتبحّرين، ولو لم يكن له سوى التاريخ لكفاه، فإنّه يدلّ على اطّلاع عظيم، وصنّف قريباً من مائة مصنف، وفضله أشهر من أنْ يوصف وكان قد انتهى إليه علم الحديث وحفظه في وقته »(٢) .

٤ - الذهبي: « الخطيب الإِمام الأوحد صاحب التصانيف وخاتمة الحفّاظ، ولد سنة ٣٩٢ كتب الكثير وتقدم في هذا الشأن وبذّ الأقران وجمع وصنّف وصحّح وعللّ وجرح وعدّل وأوضح، وصار أحفظ أهل عصره على الإِطلاق وكان من كبار الشافعية قال ابن ماكولا: كان أبو بكر آخر الأعيان ممّن شاهدناه معرفةً وحفظاً وإتقاناً وضبطاً لحديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وتفنّناً في علله وأسانيد، وعلماً بصحيحه وغريبه وفرده ومنكره ومطروحة، ولم يكن للبغداديين بعد أبي الحسن الدار قطني مثله. سألت أبا عبد الله الصوري عن الخطيب وأبي نصر السجزي أيّهما أحفظ؟ ففضّل الخطيب تفضيلاً بيّناً. قال المؤتمن السّاجي: ما أخرجت بغداد بعد الدار قطني أحفظ من أبي بكر الخطيب، وقال أبو علي البرداني: لعلّ الخطيب لم ير مثل نفسه وقال أبو إسحاق الشيرازي الفقيه: أبو بكر الخَطيب يشبه الدار قطني ونظرائه في معرفة الحديث وحفظه، وقال أبو الفتيان الحافظ: كان الخطيب إمام هذه الصنعة، ما رأيت مثله وقال السّلفي: سألت شجاعاً الذهلي عن الخطيب فقال: إمام مصنّف حافظ لم يدرك مثله »(٣) .

____________________

(١). ذيل تاريخ بغداد - مخطوط.

(٢). وفيات الأعيان ١ / ٩٢.

(٣). سير أعلام النبلاء ١٨ / ٢٧٠.

٢٤٨

٥ - الذهبي أيضاً: « الخطيب الحافظ الكبير، الإِمام محدّث الشام والعراق »(١) .

٦ - الذهبي أيضاً حوادث ٤٦٣: « وأبو بكر الخطيب، أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد بن مهدي، البغدادي الحافظ، أحد الأئمة الأعلام وصاحب التواليف المنتشرة في الإِسلام. قال: ولدت سنة ٣٩٢ وتوفي ببغداد في سابع ذي الحجة،رحمه‌الله »(٢) .

٧ - ابن الأثير: في حوادث السنة المذكورة: « وفي هذه السنة في ذي الحجة توفي الخطيب أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت البغدادي، صاحب التاريخ، والمصنّفات الكثيرة ببغداد، وكان إمام الدنيا في زمانه، وممّن حمل جنازته الشيخ أبو إسحاق الشيرازي »(٣) .

٨ - أبو الفداء: « كان إمام الدنيا في زمانه، وممّن حمل جنازته الشيخ أبو إسحاق الشيرازي، وصنّف تاريخ بغداد الذي ينبئ عن اطّلاع عظيم، وكان من الحفاظ المتبحّرين، وكان فقيهاً وغلب عليه الحديث والتاريخ، ومولده في جمادى الاُخرى سنة ٣٩٢. وكان الخطيب المذكور في وقته حافظ المشرق، وأبو عمر يوسف بن عبد البرّ صاحب الاستيعاب حافظ المغرب، وماتا في هذه السنة، ولم يكن للخطيب عقب، وصنّف أكثر من ستين كتاباً، ووقف جميع كتبهرحمه‌الله »(٤) .

وراجع أيضاً إن شئت:

١ - معجم الادباء ٤ / ١٣.

٢ - الوافي بالوفيات ٧ / ١٩٠.

____________________

(١). تذكرة الحفّاظ ٣ / ١١٣٥.

(٢). العبر ٣ / ٢٥٣.

(٣). الكامل ١٠ / ٦٨.

(٤). المختصر في أخبار البشر ٢ / ١٨٧.

٢٤٩

٣ - مرآة الجنان ٣ / ٨٧.

٤ - طبقات السبكي ٤ / ٢٩.

٥ - طبقات الحفاظ: ٤٣٤.

٦ - تتمة المختصر ١ / ٥٦٤.

٧ - النجوم الزاهرة ٥ / ٨٧.

٨ - الخميس ٢ / ٣٥٨.

٩ - طبقات الاسنوي ١ / ٢٠١.

١٠ - البداية والنهاية ١٢ / ١٠١.

(٤٠)

رواية ابن المغازلي

رواه بطرق عديدة وألفاظ مختلفة وهذه نصوص عباراته(١) .

« حدّثنا أبو يحيى زكريّا بن أحمد البلخي قال: حدّثنا محمّد بن إبراهيم الحلواني قال: حدّثنا يوسف بن عدي قال: حدّثنا حماد بن مختار - من أهل الكوفة - عن عبد الملك بن عمير، عن أنس بن مالك قال: اُهدي لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طعام، فوضع بين يديه فقال: اللّهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي، قال: فجاء علي بن أبي طالب فدقّ الباب، قلت: من ذا؟ قال: أنا علي، قال [ قلت - ظ ]: النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على حاجة، فأتى ثلاث مرّات، كلّ ذلك يجيء فأردّه، فضرب الباب برجله فدخل، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما حبسك؟ قال: جئت ثلاث مرّات، كلّ ذلك يقول [ أنس ] النبي على حاجة، فقال لي: ما حملك على ذلك؟ قال [ قلت. ظ ]

____________________

(١). مناقب علي بن أبي طالب: ١٥٦ - ١٧٥.

٢٥٠

كنت اُحبّ أنْ يكون رجل من قومي ».

« حديث الطائر وطرقه: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن المظفّر بن أحمد العطّار الفقيه الشافعيرحمه‌الله - بقراءتي عليه، فأقرَّ به سنة أربع وثلاثين وأربعمائة - قلت: أخبركم أبو محمّد عبد الله بن محمّد بن عثمان المزني، الملقّب بابن السقاء الحافظ الواسطي - رحمه ‌الله تعالى - نا أبو الحسن علي بن محمّد بن صدقة الجوهري الواسطي - رحمه ‌الله تعالى، سنة ثلاث وثلاثمائة - نا محمّد بن زكريا بن دويد العبدي، نا حميد الطويل، عن أنس بن مالك قال: اُهدي إلى النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بحمامة مشويّة، فقال: اللّهم ابعث إليَّ أحبّ خلقك إليك وإلى نبيّك يأكل معنا من هذه المائدة، قال: فأتى علي فقال: يا أنس، استأذن لي على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال فقلت: النبيّ عنك مشغول، فرجع ولم يلبث إلاّ قليلا أن رجع فقال: يا أنس، استأذن لي على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقلت: النبيّ عنك مشغول، فرجع ولم يلبث إلّا قليلاً أنْ رجع فقال: يا أنس، استأذن لي على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فهممت أنْ أقول مثل قولي الأول والثاني، فسمع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من داخل الحجرة كلام علي فقال: اُدخل أبا الحسن، ما أبطأ بك عني؟ قال: جئت يا رسول الله [ مرتين ] هذه الثالثة، كلّ ذلك يردّني أنس يقول: النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عنك مشغول، فقال: يا أنس ما حملك على هذا؟ فقال: يا رسول الله سمعت الدعوة فأحببت أنْ يكون رجلاً من قومي، فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا أنس كلٌّ يحبُّ قومه.

أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمّد بن عبد الوهاب بن طاوان السمسار - بقراءتي عليه، فأقرَّ به سنة تسع وأربعين وأربعمائة - قلت له: حدّثكم القاضي أبو الفرج أحمد بن علي بن جعفر بن محمّد بن المعلّى الحنوطي الحافظ الواسطي، وأخبرنا القاضي أبو علي إسماعيل بن محمّد بن الطيّب الفقيه

٢٥١

العرّاف الواسطي - بقراءتي عليه فأقرّ به - قلت له: أخبركم أبو بكر أحمد بن عبيد بن المفضل بن سهل بن بري الواسطي، وأخبرنا أبو غالب محمّد بن أحمد ابن سهل النحوي - سنة أربع وخمسين وأربعمائة - نا أبو الحسن علي بن الحسن الجاذري الطحّان قالوا: نا محمّد بن عثمان بن سمعان المعدّل الحافظ الواسطي، نا أبو الحسن أسلم بن سهل الرزاز المعروف ببحشل الواسطي، نا وهب بن بقيّة أبو محمّد الواسطي، نا إسحاق بن يوسف الأزرق - وهو واسطي - عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن أنس بن مالك قال: دخلت على محمّد بن الحجاج فقال: يا أبا حمزة حدّثنا عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حديثاً، ليس بينك وبينه فيه أحد، فقلت: تحدّثوا، فإنَّ الحديث شجون يجرّ بعضه بعضاً، فذكر إنسان حديثاً عن علي بن أبي طالب، فقال له محمّد بن الحجاج: عن أبي ترابٍ تحدّثنا؟! دعنا من أبي تراب! فغضب أنس وقال: ألعليّ تقول هذا؟ [ أما والله إذا قلت هذا ] لأحدّثنّك حديثاً فيه سمعت عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ليس بيني وبينه أحد:

أُهدي لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يعاقيب، فأكل منها وفضلت فضلة وشيء من خبز، فلمـّا أصبح أتيته به فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اللّهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر، فجاء رجل فضرب الباب، فرجوت أنْ يكون رجلاً من الأنصار، فإذا بعليّ فقلت [ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على حاجةٍ ] فرجع، ثمّ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اللّهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير، فجاء رجل فضرب الباب، وإذا به علي، فقلت: أليس إنّما جئت الساعة، فرجع، ثمّ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اللّهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير، فجاء رجل فضرب الباب، وإذا به علي، فسمعه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إئذن له، فلمـّا رآه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: اللّهم وإليَّ، اللّهم وإليَّ.

٢٥٢

قال أسلم: روى هذا الحديث عن أنس بن مالك:

يوسف بن إبراهيم الواسطي.

وإسماعيل بن سليمان الأزرق.

والزهري.

وإسماعيل السدي.

وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة.

وثمامة بن عبد الله بن أنس.

وسعيد بن زربي.

قال ابن سمعان: سعيد بن زربي إنّما حدّث به عن أنس.

وقد روى جماعة عن أنس منهم:

سعيد بن المسيب.

وعبد الملك بن عمير.

ومسلم الملّائي.

وسليمان بن الحجاج الطائفي.

وابن أبي الرجال المدني.

وأبو الهندي.

وإسماعيل بن عبد الله بن جعفر.

ويغنم بن سالم بن قنبر.

وغيرهم.

قال ابن سمعان: ووهم ابن أسلم في قوله: سعيد بن زربي، لأن سعيد ابن زربي إنّما حدّث به عن ثابت البناني عن أنس.

أخبرنا أبو طالب محمّد بن أحمد بن عثمان قلت له: أخبركم أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن شاذان البزّاز البغدادي - إذناً - أن محمّد بن الحسين بن حميد بن الربيع حدّثهم: ناجدي، نا عبد الله بن موسى نا إسماعيل

٢٥٣

ابن أبي المغيرة، عن أنس بن مالك قال: اُهدي لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أطيار، فقسّمها بين نسائه، فأصاب كلّ إمرأة منهنّ ثلاثة، فأصبح عند بعض نسائه طيران، فبعثت بهما إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: اللّهم ائتني بأحبّ خلقك إليك وإلى رسولك يأكل معي من هذا الطعام، فقلت: اللّهم اجعله رجلاً من الأنصار، فجاء علي، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اُنظر مَنْ على الباب، فنظرت فإذا علي، فقلت له: رسول الله على حاجة، ثمّ جئت فقمت بين يدي رسول الله، فجاء عليّ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا أنس اُنظر مَنْ على الباب؟ فنظرت فإذا عليّ [ حتّى فعل ذلك ثلاثاً ] ففتحت له فدخل يمشي وأنا خلفه.

فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما حبسك؟ فقال: هذا آخر ثلاث مرّات يردّني أنس يزعم أنك على حاجة، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما حملك على ما صنعت؟ قلت يا رسول الله سمعت دعاءك فأحببت أن يكون رجلاً من قومي، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنَّ الرَّجل قد يحبِّ قومه، إنَّ الرَّجل قد يحبِّ قومه، إنَّ الرَّجل قد يحبُّ قومه.

أخبرنا محمّد بن أحمد بن عثمان أنَّ أبا الحسين محمّد بن المظفّر بن موسى بن عيسى الحافظ البغداديّ أخبرهم - إذناً - حدَّثنا محمّد بن موسى الحضرميِّ بمصر، حدَّثنا محمّد بن سليمان، حدَّثنا أحمد بن يزيد، حدَّثنا زهير، حدَّثنا عثمان الطويل، عن أنس بن مالك قال: اُهدي للنبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طير كان يعجبه أكله فقال: اللّهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل من هذا الطائر معي، فجاء عليّ فاستأذن على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقلت: ما عليه إذن - وكنت اُحبّ أن يكون رجلاً من الأنصار - فذهب ثمَّ رجع فقال: استأذن لي عليه: فسمع النبيُّ كلامه فقال: اُدخل يا عليّ، ثمَّ قال: وإليَّ.

أخبرنا محمّد بن أحمد بن عثمان، أخبرنا أبو عمر محمّد بن العبّاس بن

٢٥٤

حيُّويْه الخزَّاز وأبو بكر أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن شاذان البزّاز البغداديّان - إذناً - أنَّ الحسين بن محمّد حدَّثهم قال: حدَّثنا الحجّاج بن يوسف بن قتيبة الاصفهانيُّ، حدَّثنا بِشر بن الحسين، حدَّثني الزبير بن عديِّ، عن أنس قال: اُهدي إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طير مشويّ، فلمـّا وضع بين يديه قال: اللّهم ائتني بأحبِّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر، قال: فقلت في نفسي: اللّهم اجعله رجلاً من الأنصار، قال: فجاء عليّ فقرع الباب قرعاً خفيفاً فقلت: من هذا؟ فقال: عليّ. فقلت: إنَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على حاجة، فانصرف.

قال: فرجعت إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فسمعته يقول الثانية: اللّهمَّ ائتني بأحبِّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر، فقلت في نفسي: اللّهمَّ اجعله رجلاً من الأنصار، قال: فجاء عليّ فقرع الباب فقلت: ألم اُخبرك أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على حاجة؟ فانصرف ورجعت إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فسمعته يقول الثالثة: اللّهمَّ ائتني بأحبِّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير، فجاء عليّ فضرب الباب ضرباً شديداً فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إفتح إفتح إفتح! قال: فلمـّا نظر إليه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: اللّهمَّ وإليَّ، اللّهمَّ وإليَّ، اللّهمَّ وإليَّ. قال: فجلس مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأكل معه من الطير.

أخبرنا محمّد بن عليّ إجازة أنّ أبا حفص عمر بن أحمد بن شاهين الواعظ حدَّثهم قال: حدَّثنا محمّد بن الحسين الجواربيُّ، حدَّثنا إبراهيم بن صدقة، حدَّثنا يَغْنَمُ بن سالم، حدَّثنا أنس قال: اُهدي لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طائر وذكر الحديث.

أخبرنا أبو طالب محمّد بن أحمد بن عثمان البغداديُّ - قدم علينا واسطاً، بقراءتي عليه فأقرَّ به - قلت له: أخبركم عمر بن أحمد بن شاهين أبو حفص

٢٥٥

- إذناً - حدَّثنا يحيى بن محمّد بن صاعد، حدَّثنا إبراهيم بن سعيد الجوهريُّ، حدَّثنا حسين بن محمّد، حدَّثنا سليمان بن قَرم، عن محمّد بن شُعيب، عن داود بن عليّ بن عبد الله بن عبّاس، عن أبيه عن جدِّه: ابن عبّاس قال: اُتي النبيَّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بطائر فقال: اللّهمَّ ائتني برجل يحبّه الله ورسوله، فجاء عليّ فقال: اللّهمَّ وإليَّ.

هذا حديث غريب تفرَّد به حسين المروزيٌّ عن سليمان بن قَرم ولم يحدِّث به إلّا إبراهيم بن سعيد.

أخبرنا أبو طالب محمّد بن عليِّ بن الفتح الحربيُّ البغداديُّ - فيما كتب به إليَّ - أنَّ أبا حفص عمر بن أحمد بن شاهين حدَّثهم قال: حدَّثنا نصْر بن القاسم الفرضي حدَّثنا عيسى بن مُساور الجوهريُّ قال: قال لي يَغْنَم بن سالم ابن قنبر - ولقيته سنة تسعين ومائة؛ وقال يغنم بن سالم: لي اثنا عشر ومائة سنة -: قال لي أنس بن مالك: اُهدي إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طير مشويّ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اللّهمَّ ائتني بأحبِّ خلقك إليك - أو بمن تحبُّه - الشكُّ من عيسى بن مساور الجوهريِّ - فجاء عليّ فرددته ثمَّ جاء فرددته، فدخل في الثالثة أو في الرابعة فقال له النبيٌّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما حبسك عنّي - أو ما أبطأ بك عنّي - يا عليُّ؟ قال: جئت فردَّني أنس، ثمَّ جئت فردَّني أنس، ثمّ جئت فردّني أنس! قال لي: يا أنس ما حملك على ما صنعت؟ أرجوت أن يكون رجلاً من الأنصار؟ فقلت: نعم، فقال: يا أنس أوفي الأنصار خير من عليّ؟ أو في الأنصار أفضل من عليِّ؟.

أخبرنا أبو القاسم عبد الواحد بن عليِّ بن العبّاس البزاز الواسطيُّ، أخبرنا أبو القاسم عبيد الله بن محمّد بن أحمد بن أسد البزّار، حدَّثنا محمّد بن العبّاس ابن أحمد أبو مقاتل، حدَّثنا العبّاس حدَّثنا أبو عاصم، عن أبي الهنديِّ عن أنس أنَّ النبيَّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اُتي بطير فقال: اللّهمَّ ائتني بأحبِّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير، قال: فجاء عليّ بن أبي طالب فقال: اللّهمَّ

٢٥٦

و إليَّ اللّهمَّ وإليَّ.

أخبرنا محمّد بن أحمد بن سهل النحويُّرحمه‌الله - إذناً - أنّ أبا نصر أحمد بن محمّد بن سهل بن مردويه البزار حدَّثهم - إملاء في صفر من سنة أربعمائة - قال: حدَّثنا أحمد بن عيسى الناقد، حدَّثنا صالح بن مِسمار، حدَّثنا ابن أبي فُديْك، حدَّثنا الحسن بن عبد الله، عن نافع، عن أنس بن مالك أنَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قُرِّب إليه طير فقال: اللّهمَّ ائتني بأحبِّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير! قال: فجاء عليٌّ بن أبي طالب فأكل معه.

حدَّثني أبو غالب محمّد بن الحسين بن أبي صالح المقرئ العدل - رحمه ‌الله تعالى - حدَّثنا أبو نصر أحمد بن أحمد بن سهل بن مردويه البزّار، حدَّثنا أبو بكر أحمد بن عيسى الناقد، حدَّثنا إبراهيم بن محمّد بن الهيثم، حدَّثنا عبيد الله ابن عمر القواريريّ، حدَّثنا يونس بن أرْقم، حدَّثنا مسلم بن كيسان، عن أنس بن مالك قال: اُتي النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأطيار فوضعهنَّ بين يديه فقال: اللّهمَّ ائتني بأحبّ خلقك إليك، فقلت: اللّهمَّ إن شئت جعلته امرءاً من الأنصار، فقال - يعني النبيَّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم -: إنّك لست بأوّل من أحبَّ قومه، فجاء عليّ فضرب الباب فأذنت له، فلمـّا دخل قال: اللّهمَّ وإليَّ.

أخبرنا الحسن بن موسى، أخبرنا هلال بن محمّد بن جعفر بن سعدان أبو الفتح، حدَّثنا إسماعيل بن عليّ بن رزين بن عثمان بن عبد الرَّحمان بن عبد الله بن بديل بن ورقاء الخُزاعيُّ البزّار - بحرَّان - حدَّثنا وهب بن بقيّة عن أبي جعفر السبّاك، عن أنس بن مالك قال: اُهدي لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طائر مشويّ أهدته له امرأة من الأنصار، فدخل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فوضعت ذلك بين يديه فقال: اللّهمَّ أدخل عليَّ أحبَّ خلقك إليك من الأوَّلين والآخرين ليأكل معي من هذا الطائر قال أنس: فقلت في

٢٥٧

نفسي: اللّهمَّ اجعله رجلاً من الأنصار من قومي، فجاء عليّ فطرق الباب فرددته وقلت: رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم متشاغل، ولم يعلم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بذلك، فقال: اللّهمَّ أدخل عليَّ أحبَّ خلقك إليك من الأوَّلين والآخرين يأكل معي من هذا الطائر قلت: اللّهمَّ اجعله رجلاً من قومي الأنصار، فجاء عليّ، فرددته.

فلمـّا جاء الثالثة قال لي رسول الله: قم فافتح الباب لعليّ، فقمت ففتحت الباب فأكل معه، فكانت الدَّعوة له.

أخبرنا أبو الحسن عليّ بن الحسين بن الطيّب الصوفيُّ الواسطيُّ - بقراءتي عليه في المحرَّم سنة خمس وثلاثين وأربعمائة قلت له -: أخبركم أبو القاسم عبيد الله بن أحمد بن جعفر بن محمّد الصفّار قال: حدّثنا قاضي القضاة أبو محمّد عبيد الله بن أحمد بن معروف قال: قرئ على أبي بكر محمّد بن إبراهيم بن نَيْروز الأنماطيِّ - وأنا أسمع - حدَّثكم محمّد بن عمر بن نافع، حدَّثنا عليّ بن الحسن، حدَّثنا خُليد - وهو ابن دَعلجٍ - عن قتادة عن أنس قال: قدّمت إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طيرا مشويّا فسمّى وأكل منه ثمّ قال: اللهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليك وإليّ، قال: فأتى عليّ فضرب الباب فقلت: من أنت؟ فقال: أنا عليّ قال: قلت: رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على حاجة، قال: ثمَّ أكل منه لقمة ثمَّ قال مثل قوله الأوَّل، فضرب الباب، فقلت: من أنت، فقال: أنا عليّ قال: قلت: رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على حاجة قال: ثمَّ أكل منه لقمة ثمَّ قال مثل قوله الأوَّل والثاني فضرب الباب فقلت: من أنت؟ فقال عليّ: أنا، قال: قلت: إنَّ رسول الله على حاجة قال: ثمَّ أكل منه لقمة ثمَّ قال مثل قوله الأوَّل والثاني [ والثالث ]، قال فضرب الباب ورفع صوته فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا أنس افتح الباب قال: فدخل فلمـّا رآنا تبسّم ثمَّ قال: الحمد لله الّذي جعلك، أدعو في كلِّ لقمة أن يأتيني الله بأحبِّ الخلق إليه وإليَّ، قال: فكنت أنت، قال:

٢٥٨

فو الّذي بعثك بالحقِّ إنّي لأضرب الباب ثلاث مرّات يردّني أنس، قال: فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا يلام الرجل على حبِّ قومه.

أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمّد بن عبد الوهّاب بن طاوان السّمسار - إجازة - أنَّ أبا أحمد عمر بن عبد الله بن أحمد بن عمر بن شوذب المقرئ الواسطيِّ أخبرهم قال: أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن الحسين بن سعيد الزَّعفرانيٌّ العدل الواسطيٌّ قال: أخبرنا أبو الأحوص محمّد بن الهيثم حدَّثنا يوسف بن عديِّ قال: حدَّثنا حمّاد بن المختار رجل من أهل الكوفة عن عبد الملك بن عمير عن أنس

وأخبرنا عمر بن عبد الله بن عمر بن شوذب، حدَّثنا محمّد بن الحسن بن زياد - يعني النّقاش - أخبرنا أبو الجارود مسعود بن محمّد - بالرَّملة - حدَّثنا عمران بن هارون، حدَّثنا يَغْنَم حدَّثنا أنس

وأخبرنا عمر بن عبد الله بن عمر بن شوذب، حدَّثنا أحمد بن عيسى، حدَّثنا ابراهيم بن محمّد بن الهيثم، حدَّثنا عبيد الله بن عمر القواريريُّ، حدَّثنا يونس بن أرقم، حدَّثنا مسلم بن كيسان عن أنس

وأخبرنا عمر بن عبد الله قال: حدَّثني عيسى بن محمّد بن أحمد بن جريح - يعني الطوماريَّ - حدَّثنا محمّد بن عبد الله بن سليمان، حدَّثنا حسن بن حمّاد، حدَّثنا مُسهر بن عبد الملك، عن عيسى بن عمر، عن السديِّ

وأخبرنا عمر بن عبد الله، حدَّثنا أحمد بن محمّد بن عبد الله بن زياد، حدَّثنا أحمد بن الحسن، حدَّثنا الحسن بن حمّاد، حدَّثنا مُسهر بن عبد الملك ابن سَلْع الهمْدانيٌّ، عن عيسى بن عمر، عن إسماعيل السدّي

وأخبرنا عمر بن عبد الله، أخبرنا أبيرحمه‌الله ، حدَّثنا أحمد بن عمّار، حدَّثنا قطن بن نسير الذّراع أبو عبّاد، حدّثنا جعفر - وهو ابن سليمان الضبعيّ - حدَّثنا عبد الله بن المثنّى، عن عبد الله بن أنس عن أنس

وأخبرنا [ أبي ] عبد الله بن عمر، حدَّثنا محمّد بن إسحاق السوسيُّ، حدَّثنا

٢٥٩

الحسين بن إسحاق الدَّقيقي، حدَّثنا بشر بن هلال، حدَّثنا جعفر بن سليمان، عن عبد الله بن المثنَّى بن عبد الله، عن عبد الله بن أنس قال: قال: أنس

وأخبرنا عمر بن عبد الله، حدَّثنا محمّد بن عثمان بن سَمْعان المعدل، حدَّثنا أسلم بن سهل، حدَّثنا وهب بن بقيّة، أخبرنا إسحاق بن يوسف الأزرق، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن أنس بن مالك

وأخبرنا عمر بن عبد الله، حدَّثنا إبراهيم بن محمّد، حدَّثنا صالح بن مِسمار، حدَّثنا ابن أبي فُديك، عن الحسن بن عبد الله، عن نافع عن أنس بن مالك

وأخبرنا عمر بن عبد الله، حدَّثنا محمّد بن يونس بن الحسين، حدَّثنا أبو جعفر الحسن بن عليّ بن الوليد الفسويُّ، حدَّثنا إبراهيم بن مهدي المصيِّصيُّ، حدَّثنا عليُّ بن مُسهر، عن مسلم بن أبي عبد الله، عن أنس بن مالك

و أخبرنا عمر بن عبد الله، حدَّثنا محمّد بن الحسن بن زياد، حدّثنا أحمد ابن روح المروزيّ بمروز، حدّثنا العلاء بن عمران، حدَّثنا خالد بن عبيد قال:

قال أنس بن مالك: بينا أنا ذات يوم بباب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ جاءه رجل بطبق مغطّى فقال: هل من إذن؟ فقلت: نعم، فوضع الطبق بين يدي رسول الله وعليه طائر مشويُّ فقال: اُحبُّ أن تملأ بطنك من هذا يا رسول الله: قال: غطِّ عليه، ثمّ شال يديه فقال: اللّهمَّ أدخل عليَّ أحبَّ خلقك إليك ينازعني هذا الطعام، قال أنس: فلمـّا سمعت ذلك قلت: اللّهمَّ اجعل هذه الدعوة في رجل من الأنصار، فخرجت أشوف رجلاً من الأنصار.

بينا أنا كذلك إذ دخل عليّ فقال: هل من إذن؟ فقلت: لا، ولم يحملني على ذلك إلّا الحسد، فانصرف فجعلت أنظر يميناً وشمالاً هل من أنصاريّ فلم أجد، ثمَّ عاد عليّ فقال: هل من إذن؟ فقلت: لا، فانصرف! فنظرت يمينا وشمالا ولا أنصاريّ إذ عاد عليّ فقال: هل من إذن؟ إذ نادى النبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أن ائذن له، فدخل، فجعل ينازع النبيَّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ،

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

تجزئ عنه عند الشافعي وأحمد(١) .

أمّا عندنا فإن كان المدفوع قرضاً سقطت الزكاة ، لأنّها تتمة النصاب ، وإن كان زكاةً معجَّلة لم تقع ، وكانت باقيةً على ملك صاحبها إن كان المال بحاله جاز أن يحتسبه من الزكاة وأن يعدل بها إلى غيره.

وأمّا عندهما : فلأنّه نصاب تجب فيه الزكاة بحلول الحول ، فجاز تعجيلها منه ، كما لو كان أكثر من أربعين ، ولأنّ المعجَّل في حكم الموجود(٢) .

وقال أبو حنيفة : لا تجب الزكاة ، ولا يكون ما عجّله زكاة ؛ لأنّ المعجَّل زال ملكه عنه فلم يحتسب من ماله ، كما لو باعه أو أتلفه(٣) .

الثانية : لو كان معه مائة وعشرون فعجَّل منها شاةً ثم نتجت شاة ثم حال الحول لم يكن عليه شاة اُخرى عندنا ؛ لعدم ضمّ السخال إلى الاُمّهات عند علمائنا ، فالنصاب لا يجب فيه أكثر من شاة ، فله الاحتساب والدفع إلى غير الآخذ.

وقال الشافعي وأحمد : تجب عليه شاة اُخرى(٤) .

وقال أبو حنيفة : لا تجب اُخرى(٥) ، كما قلناه.

الثالثة : لو كان معه مائتا شاة فعجَّل منها شاتين ثم نتجت شاة ، وحال عليها الحول لم تجب عليه شاة اُخرى عندنا ، وبه قال أبو حنيفة(٦) .

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٣ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣١ ، المغني ٢ : ٤٩٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٢.

(٢) اُنظر : المغني ٢ : ٤٩٩ ، والشرح الكبير ٢ : ٦٨٢.

(٣) بدائع الصنائع ٢ : ٥١ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٢ ، المغني ٢ : ٤٩٩ ، المجموع ٦ : ١٤٨.

(٤) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٣ ، المجموع ٦ : ١٤٧ - ١٤٨ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣٢ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٤ - ١٣٥ ، المغني ٢ : ٤٩٩.

(٥) بدائع الصنائع ٢ : ٥١ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٥ ، المغني ٢ : ٤٩٩.

(٦) شرح فتح القدير ٢ : ١٥٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٢ ، المجموع ٦ : ١٤٨.

٣٠١

وقال الشافعي وأحمد : تجب عليه شاة أخرى ، لأنّه لو لم يعجّل الشاتين وجب عليه ثلاث شياه ، والتعجيل رفق بالمساكين ، فلا يكون سببا في إسقاط حقوقهم(١) .

وينتقض بالبيع والإتلاف.

مسألة ٢١٢ : لو كان معه خمس من الإِبل فعجّل زكاتها‌ وله أربعون من الغنم فهلكت الإِبل فأراد أن يجعل الشاة معجَّلة عن الغنم ابتني على ما إذا عيّن الزكاة من مال هل له أن يصرفه إلى غيره؟ الأقرب ذلك ؛ لأنّها لم تصر زكاةً بعدُ ، وسيأتي.

مسألة ٢١٣ : وكما لا يجوز تقديم الزكاة في النقدين والمواشي فكذا في الزروع والثمار‌ - وهو قول بعض الشافعية(٢) - لأنّ زكاتها متعلّقة بسبب واحد وهو الإِدراك ، فإذا قدّم الزكاة فقد قدّمها قبل وجود سببها.

وقال ابن أبي هريرة منهم : يجوز(٣) ؛ لأنّ وجود الزرع سبب فيها ، وإدراكه بمنزلة حؤول الحول فجاز تقديمها.

مسألة ٢١٤ : وكما لا يجوز تقديم الزكاة عندنا لحول واحد فالحولان فصاعداً أولى بالمنع‌.

واختلف المـُجوّزون في الأول هل يجوز تعجيل أكثر من زكاة حول واحد فقال الحسن البصري : يجوز لسنتين وثلاث - وهو المشهور عند الشافعية ، وهو قول أبي إسحاق منهم - لأنّ النصاب سبب في إيجاب الزكاة في هذين العامين فجاز تقديم الزكاة كالعام الأول ( ولأنّ العباس استلف صدقة عامين‌

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٣ ، المجموع ٦ : ١٤٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٢.

(٢ و ٣ ) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٥ ، المجموع ٦ : ١٦٠ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣٤ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٩.

٣٠٢

من الناس )(١) (٢) .

وقال بعض الشافعية : لا يجوز - كما قلناه - لأنّه قدّم الزكاة على الحول الثاني ( فلم يجز )(٣) كما لو قدّمه على الحول الأول(٤) .

وفرّق الأولون : بأنّ التقديم على الحول الأول تقديم على النصاب ، بخلاف صورة النزاع.

إذا ثبت هذا فإن كان معه نصاب لا غير لم يجز له أن يعجّل أكثر من صدقة سنة واحدة إجماعاً منهم ؛ لأنّه إذا عجّل أكثر من ذلك نقص النصاب في الحول الثاني بوقوع زكاة الحول الأول موقعها ، وانقطاع حكمها عن ماله.

وعلى قولنا إن احتسب عند الحول الأول المدفوع من الزكاة سقطت في الثاني ، وإن لم يحتسب سقطت أيضاً ؛ لتعلّق الزكاة بالعين فينقص عن النصاب حكماً في الثاني.

مسألة ٢١٥ : إذا مات المالك قبل الحول انتقل المال إلى الوارث‌ ، واستأنف الحول ، وبطل حكم الأول ، وانقطع الحول بموت المالك عند علمائنا - وهو الجديد للشافعي(٥) - لأنّه بموته خرج عن أهلية التملّك ، وبقاء مال بغير مالك محال ، فينتقل إلى الوارث ، فيستأنف الحول كما لو باعه.

____________________

(١) كذا في النسخ الخطية المعتمدة في التحقيق ، والطبعة الحجرية ، خلافاً لما في المهذب للشيرازي ١ : ١٧٣ ، وفتح العزيز ٥ : ٥٣١ ، وسنن البيهقي ٤ : ١١١ ، حيث ورد فيها : أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله تسلّف من العباس صدقة عامين. فلاحظ.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٣ ، المجموع ٦ : ١٤٦ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٣ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣١ - ٥٣٢ ، والمغني ٢ : ٤٩٨.

(٣) في « ط » : فلم يجزئه.

(٤) راجع المصادر في الهامش (٢)

(٥) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٠ ، المجموع ٥ : ٣٦٣ ، فتح العزيز ٥ : ٤٩٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢٦ - ٢٧.

٣٠٣

ولقوله تعالى :( لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ) (١) أضاف بلام التملّك.

وقال في القديم : لا ينقطع بموته ، ويبنى حول الوارث على حول الموروث(٢) .

إذا عرفت هذا ، فلو عجّل زكاة ماله قبل الحول ثم مات ، وانتقل المال إلى ورثته ، لم يجزئه التعجيل عندنا ؛ لما مرّ ، وهو قول بعض الشافعية ؛ لأنّه يؤدّي إلى أن تكون الزكاة معجّلةً قبل ملك النصاب.

وعلى القديم يجزئه ما عجّله ؛ لأنّه لمـّا قام الوارث مقام الميت في ملكه قام مقامه في حقّه ، ولهذا يرث منه الشفعة ( فيأخذها )(٣) بسبب ملك متجدّد(٤) .

وهو ممنوعٌ ؛ لأنّه يأخذها إرثاً لا بسبب ملكه.

إذا ثبت هذا ، فإن كان المالك حين الدفع شرط التعجيل رجع بها الوارث ، وإلّا فلا.

وفرّع الشافعي على الإِجزاء إن كان نصيب كلّ واحد يبلغ نصابا أجزأت عنهم إذا حال الحول ، وإن قصر فإن اقتسموا بطل الحول ، وكان لهم ارتجاع الزكاة إن شرط فيها التعجيل ، وإن لم يقتسموا وبقي مختلطاً إلى آخر الحول ، فإن كانت ماشيةً أجزأت عنهم الزكاة ، وإن كان غيرها ( بني )(٥) على القولين في الخلطة فيه ، إن جوّزناها كان كالماشية ، وإلّا كان كما لو اقتسموا(٦) .

____________________

(١) النساء : ١١.

(٢) الاُم ٢ : ٢١ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٥٠ ، المجموع ٥ : ٣٦٣ ، فتح العزيز ٥ : ٤٩٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢٧.

(٣) ورد بدل ما بين القوسين في النسخ الخطية المعتمدة في التحقيق ، والطبعة الحجرية : فيأخذ.

وما أثبتناه يقتضيه السياق.

(٤) المجموع ٦ : ١٥٥ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣٥ و ٥٣٦ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٩.

(٥) في « ط » : يبنى.

(٦) اُنظر : المجموع ٦ : ١٥٥ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣٦.

٣٠٤

مسألة ٢١٦ : إذا تسلّف الساعي أو الإِمام الزكاة‌ ، فإن كان بغير مسألة أهل السُّهمان ولا أرباب الأموال فتلفت في يده ضمن - وبه قال الشافعي(١) - لأنّهم أهل رشد لا يولّى عليهم ، فإذا قبض لهم بغير إذنهم كان ضامناً ، كالأب يقبض لابنه الكبير بغير إذنه.

لا يقال : الأب ليس له القبض ، وهنا يجوز لحاجتهم.

لأنّا نقول : جواز القبض لا يدفع الضمان.

وقال أبو حنيفة وأحمد : لا يضمن ، لأنّ للإِمام ولاية على أهل السُّهمان ، فإذا استقرض لهم وتلف في يده من غير تفريط لم يضمن كولي اليتيم(٢) .

ونمنع ولاية الإِمام إذا لم يكن المالك مانعاً ، ويخالف ولي اليتيم ؛ لأنّه لا إذن للمولّى عليه ، بخلاف أهل السُّهمان.

وإن قبضها بسؤال أهل السُّهمان فتلفت ( في يده )(٣) من غير تفريط لم يضمن ، وأجزأت عن رب المال ؛ لأنّ يده كيدهم إذا نوى في القبض ، والمالك مأمور بالدفع إليه ، فحصل الإِجزاء؛ للامتثال.

وإن قبضها بسؤال أرباب الأموال فلا ضمان عليه ؛ لأنّه أمين قبض المال بإذن ربه على سبيل الأمانة ولا تجزئ عن أربابها ، بل تكون من أموالهم ؛ لأنّه وكيل لهم فيها.

وإن كان بسؤالهما معاً قال الشيخ : الأولى أن يكون منهما ؛ لأنّ كلّ واحد منهما له إذن في ذلك ، ولا ترجيح لأحدهما على صاحبه في ذلك(٤) .

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٤ ، المجموع ٦ : ١٥٨ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣٧ ، المغني ٢ : ٥٠٢.

(٢) بدائع الصنائع ٢ : ٥٢ ، المغني ٢ : ٥٠٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٤ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣٧.

(٣) ما بين القوسين لم يرد في « ن ».

(٤) المبسوط للطوسي ١ : ٢٢٨.

٣٠٥

وللشافعي وجهان : أحدهما : يكون من ضمان أرباب الأموال ؛ لأنّهم أقوى جنبة فإنّهم المالكون للمال. والثاني : يكون من ضمان الفقراء ، لأنّه قبضه لمنفعتهم بإذنٍ ، فكان من ضمانهم. وهو أصحّهما عند الشافعية(١) .

مسألة ٢١٧ : ما يتعجّله الوالي من الصدقة يقع متردّداً بين أن يقع زكاةً أو يستردّ‌ - وبه قال الشافعي(٢) - لأنّا قد بيّنّا أنّه لا يجوز تقديم الزكاة إلّا على جهة القرض ، فإذا حال الحول فإن تمّت الشرائط والدافع والمدفوع إليه على الصفات ، كان للمالك احتسابه من الزكاة والاسترداد على ما اخترناه نحن.

وعند الشافعي يقع زكاةً معجّلة ، فإن تغيّرت الأحوال لم يسقط عنه الدّين ، بل يتأكّد قضاؤه عليه(٣) .

وقال أبو حنيفة : إنّه متردّد بين أن يقع زكاةً أو تطوّعاً(٤) .

وليس بجيّد ؛ لأنّ المالك لم يقصد التطوّع ، فلا ينصرف إلى غير ما قصده.

مسألة ٢١٨ : إذا تسلّف الساعي الزكاة‌ ، فبعد الحول إن لم يتغيّر الحال في المال والدافع والمدفوع إليه ، فعلى ما اخترناه نحن من أنّها قرض لا زكاة معجّلة ، للمالك استرجاعها منه ، ودفعها إلى غيره ، أو دفع عوضها ، أو احتسابها من الزكاة ، وللمدفوع إليه دفع المثل أو القيمة وإن كره المالك ؛ لأنّه قرض.

وعند القائلين بأنّها زكاة معجّلة يقع الدفع موقعه ويجزئ ، وليس للمالك انتزاعها منه(٥) .

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٤ ، المجموع ٦ : ١٥٩ ، و ٥ : ٥٣٧ و ٥٣٨ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٨ ، المغني ٢ : ٥٠٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٤.

(٢) حلية العلماء ٣ : ١٣٧.

(٣) حلية العلماء ٣ : ١٣٦.

(٤) حلية العلماء ٣ : ١٣٧ ، بدائع الصنائع ٢ : ٥٢.

(٥) المغني ٢ : ٥٠٠ ، والشرح الكبير ٢ : ٦٨٣.

٣٠٦

وإن تغيّرت حال المالك فمات قبل الأجل أو نقص النصاب أو ارتدّ لم يقع ما دفعه زكاةً ، وله استرجاعه - وبه قال الشافعي وأحمد(١) - لأنّه مال دفعه عمّا يستحقّه القابض في الثاني(٢) ، فإذا طرأ ما يمنع الاستحقاق وجب الردّ ، كما لو دفع اُجرةً في سكنى دار فانهدمت. ولأنّه دفع على أنّها زكاة واجبة وقد ظهر البطلان.

وقال أبو حنيفة : ليس له استرجاعه إلّا أن يكون في يد الإِمام أو الساعي ؛ لأنّها وصلت إلى يد الفقير ، فلم يكن له استرجاعها ، كما لو لم يشترط ؛ لأنّه زكاة معجّلة(٣) .

والفرق أنّه إذا لم يشترط التعجيل احتمل أن يكون تطوعاً ، فلم يقبل قوله في الرجوع.

وإن تغيّرت حال الفقير بأن يستغني بغير الزكاة ، أو يرتدّ ، فإنها لا تجزئ ، ويجب استرجاعها ليدفعها إلى مستحقّها - وبه قال الشافعي(٤) وأحمد(٥) - لأنّ ما كان شرطاً في إجزاء الزكاة إذا ( عدم )(٦) قبل حلول الحول لم يجزئ كما لو مات رب المال.

وقال أبو حنيفة : وقعت موقعها ؛ لأنّ تغيّر حال الفقير بعد وصول الزكاة‌

____________________

(١) المجموع ٦ : ١٥٥ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣٩ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٥ ، المغني ٢ : ٥٠١ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٤.

(٢) أي : في العام القابل.

(٣) بدائع الصنائع ٢ : ٥٢ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣٩ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٥.

(٤) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٤ ، المجموع ٦ : ١٥٤ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣٥ ، المغني ٢ : ٥٠٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٣.

(٥) يظهر من المغني ٢ : ٥٠٠ ، والشرح الكبير ٢ : ٦٨٣ ، أنّ قول أحمد موافق لقول أبي حنيفة ومخالف لرأي المصنّف ، والشافعي. فلاحظ.

(٦) ورد بدل ما بين القوسين في النسخ الخطية المعتمدة في التحقيق ، والطبعة الحجرية : ( تقدّم ) والصحيح - كما يقتضيه السياق - ما أثبتناه.

٣٠٧

إلى يده لا يمنع من إجزائها ، كما لو استغنى بها(١) .

والفرق : أنّه إذا استغنى بها حصل المقصود بالدفع ، فلم يمنع ذلك من إجزائها.

فروع :

أ - لو مات المدفوع إليه جاز الاحتساب من الزكاة بعد الحول ؛ لأنّ قضاء الدَّين عن الميت من الزكاة سائغ على ما أوضحناه. ولأنّه من سبيل الله.

ومنع الشافعي من ذلك(٢) . وليس بمعتمد.

ب - قال الشيخ : إذا عجّل الزكاة لمسكين ثم حال الحول وقد أيسر ، فإن كان من هذا المال مثل أن كانت ماشيةً فتوالدت ، أو مالاً فاتّجر به وربح ، وقعت موقعها ، ولا يجب استرجاعها ؛ لأنّه يجوز أن يعطيه ما يغنيه ، لقول الصادقعليه‌السلام : « أعطه وأغنه »(٣) .

ولأنّا لو استرجعناها منه افتقر وصار مستحقّاً للإِعطاء ، ويجوز أن تردّ عليه ، وإذا جاز ذلك جاز أن يحتسب به.

وإن كان قد أيسر بغير هذا المال بأن ورث أو غنم أو وجد كنزاً ، لم تقع موقعها ، ووجب استرجاعها ، أو إخراج عوضها ؛ لأنّ ما أعطاه كان دَيْناً عليه ، وإنّما تحتسب عليه بعد حوؤل الحول ، وفي هذه الحال لا يستحق الزكاة ، لغنائه ، فلا تحتسب له(٤) .

وفي قول الشيخ إشكال ، أمّا أوّلاً : فلأنّ نماء المدفوع يقع ملكاً

____________________

(١) بدائع الصنائع ٢ : ٥٢ ، المغني ٢ : ٥٠٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٣ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٧.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٤ ، المجموع ٦ : ١٥٤ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣٥ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٦.

(٣) نقله الشيخ الطوسي بالمعنى ، وانظر : الكافي ٣ : ٥٤٨ / ٣ و ٤ ، والتهذيب ٤ : ٦٣ / ١٧٠ و ٦٤ / ١٧٤.

(٤) المبسوط للطوسي ١ : ٢٣٠.

٣٠٨

للقابض ؛ لأنّه قرض على ما تقدّم ، ونماء القرض لمالكه ، فإذا كان النماء موجباً للغناء لم يجز صرف الزكاة إليه كما لو كان غنياً بغيره.

وأمّا ثانياً : فلأنّ ما يأخذه على سبيل القرض يملكه المقترض ، ويخرج عن ملك الدافع ، فلا يكون محسوباً من النصاب ، فيجب على المالك زكاة ما في يده إن كان نصاباً ، ولا يضمّ إليه ما أخذه القابض.

ج - إنّما يكون له الرجوع في موضعه إذا شرط حالة الدفع ثم ظهر الخلاف على ما يأتي.

مسألة ٢١٩ : إذا تسلّف الساعي الزكاة ، وتغيّرت الحال‌ ، وحكمنا باسترداد المدفوع ، فإن كان باقياً بحاله استرجعه إن شرط حالة الدفع أنّها زكاة معجّلة ؛ لفساد الدفع عندنا ، ولفوات شرط الاستحقاق عند من سوّغه.

وإن كان قد زاد زيادةً متصلةً كالسمن ردّ العين مع الزيادة ، لأنّها تابعة لها ، وإن كانت منفصلةً كالولد ردّه أيضاً مع العين ؛ لفساد الدفع.

وقال الشافعي : لا يستردّ النماء ؛ لأنّها حدثت في ملك الفقير(١) . وهو ممنوع.

نعم لو دفعها قرضاً ملكها الفقير ، ولم يكن له الرجوع في العين ، بل يطالب بالمثل أو القيمة سواء زادت أو لا ، والنماء المنفصل للفقير حينئذٍ ؛ لأنّه نماء ملكه.

ولو كانت العين ناقصةً لم يضمن النقصان لفساد الدفع ، فكانت العين أمانةً في يده ، أمّا لو قبضها قرضاً فإنّه يضمن النقصان.

وقال الشافعي في الاُم : لا يضمنها ؛ لأنّ النقص حدث في ملكه فلا يضمنه(٢) .

____________________

(١) الاُم ٢ : ٢١ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٧٤ ، المجموع ٦ : ١٥٢ ، فتح العزيز ٥ : ٥٤٣.

(٢) الاُم ٢ : ٢١ وعنه في فتح العزيز ٥ : ٥٤٣.

٣٠٩

وله آخر : الضمان ؛ لأنّ من ضمن القيمة عند التلف ضمن النقص(١) .

ولو كانت العين تالفةً ، فإن كان لها مثل وجب المثل وإلّا القيمة.

ومتى يعتبر؟ قال الشيخ : يوم القبض ؛ لأنّه قبض العين على جهة القرض ، فيلزمه قيمة يوم القبض(٢) .

وهو حقّ إن دفعها على جهة القرض ، أمّا لو دفعها على أنّها زكاة معجّلة فإنّ الدفع يقع فاسداً ، والملك باقٍ على مالكه.

وللشافعي قولان : أحدهما : أنّه تعتبر القيمة يوم القبض - وبه قال أحمد - لأنّ ما زاد بعد ذلك أو نقص فإنّما كانت في ملكه فلم يضمنه ، كما لو تلف الصداق في يد المرأة ثم طلّقها فإنّها تضمن نصيبه يوم القبض.

والثاني : يضمنه يوم التلف(٣) ، لأنّ حقّه انتقل من العين الى القيمة بالتلف ، فاعتبر يوم التلف كالعارية ، بخلاف الصداق ؛ فإنّ حقّه في المسمّى خاصة ، ولهذا لو زاد الصداق لم يرجع في العين مع الزيادة المتصلة والمنفصلة ، فافترقا.

إذا عرفت هذا ، فإن استرجع المدفوع بعينه ضمّ إلى ماله ، وأخرج زكاته إن كان قد دفع على أنّها زكاة معجّلة ؛ لبقاء الملك على ربّه ، وتمكّنه من أخذه ، وبه قال الشافعي(٤) .

وبعض أصحابه قال : إن كان غير الحيوان ضمّه كما يضمّ الدَّين الى ماله ، وإن كان حيواناً لم يضمّه ؛ لأنّه لمـّا استغنى الفقير زال حكم الزكاة فيها ،

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٤ ، المجموع ٦ : ١٥٣ ، فتح العزيز ٥ : ٥٤٣ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٦.

(٢) المبسوط للطوسي ١ : ٢٢٩.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٤ ، المجموع ٦ : ١٥١ ، فتح العزيز ٥ : ٥٤٢ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٦ ، المغني ٢ : ٥٠١ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٤.

(٤) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٤ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٦.

٣١٠

وتعلّق حقّه بعينها ، ولم يملكها إلا بالرجوع فيها ، فانقطع حكم الحول فيها(١) .

وإن استرجع القيمة لم يضمّها الى ماله ؛ لأنّه تجدّد ملكه عليها ، ولم يكن حكمها حكم ماله.

مسألة ٢٢٠ : إذا عجّل الزكاة إلى فقير حال الدفع ثم استغنى بغير الزكاة ثم افتقر‌ فحال الحول وهو فقير ، جاز له أن يحتسب من الزكاة ؛ لأنّ الاعتبار بحال الدفع وحال الحول ، وإذا كان حال الدفع فقيراً حصل المقصود بالدفع ، وإذا كان فقيرا حال الحول فهو ممّن يجوز دفع الصدقة إليه فيجزئه ، ولا اعتبار بما بينهما ، وهو أحد وجهي الشافعي(٢) .

وفي الثاني : لا يجزئ(٣) ، لأنّه بالاستغناء بطل قبضه ، فصار كما لو دفعها إلى غني ثم صار فقيراً عند الحول.

ونمنع الحكم في الأصل.

ولو دفعها إلى غني إلّا أنّه افتقر حال الحول ، فالوجه الإِجزاء ؛ لأنّ الاعتبار إنّما هو بالحول ، وهو حينئذٍ ممّن يستحقّ الزكاة.

وقال الشافعي : لا يجوز(٤) ؛ لأنّ التعجيل جاز للإِرفاق ، فإذا لم يكن من أهله لم يصح التعجيل.

وينتقض عليهم : بما لو أوصى لوارث ثم تغيّرت حاله(٥) فمات وهو غير وارث ، فإنّها تصح الوصية عندهم(٦) اعتباراً بحال نفاذها. ولأنّه لا فائدة في‌

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٤ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٦.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٤ ، المجموع ٦ : ١٥٤ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣٥ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٧.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٤ ، المجموع ٦ : ١٥٤ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣٥ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٧.

(٤) المجموع ٦ : ١٥٦.

(٥) بارتداد مثلاً.

(٦) لم نعثر عليه في مظانّه.

٣١١

استعادتها منه ثم دفعها إليه.

مسألة ٢٢١ : إذا عجّل الزكاة ثم تلف ماله قبل الحول‌ بطل الحول ، وسقطت الزكاة عنه ، وله الرجوع فيما دفعه إن كان حين الدفع قال : هذه صدقة مالي عجّلتها أو زكاة مالي عجّلتها ؛ لأنّه دفع دفعاً مشروطاً لا مطلقاً ، وقد ظهر بطلانه ، فله الاستعادة.

وإن قال : هذه زكاة مالي ، أو صدقة مالي ، وأطلق ، لم يكن له أن يرجع فيها ، قاله الشيخ(١) - وهو مذهب الشافعي(٢) - لأنّه إذا قال : هذه زكاة مالي ، كان الظاهر أنّها واجبة عليه ، واحتمل أن يكون عن هذا المال وعن غيره.

وإذا قال : هذه صدقة ؛ كان الظاهر أنّها صدقة في الحال إمّا واجبة أو تطوّع.

فإن ادّعى علم المدفوع إليه أنّها معجّلة ، كان له إحلافه ؛ لأنّ المدفوع إليه منكر لو اعترف بما قاله الدافع وجب عليه ردّ ذلك ، فإذا أنكره وادّعى علمه اُحلف ، كمن يدّعي على ورثة الميت دَيناً عليه ، وهو أحد وجهي الشافعي.

وفي الثاني : لا يحلف ؛ لأنّ دعوى الدافع يخالف ظاهر قوله فلم يسمع(٣) .

لا يقال : ألا جعلتم القول قول الدافع ؛ لأنّه أعلم بنيّته ، كما لو دفع مالا وقال : إنّه قرض ، وقال المدفوع إليه : إنّه هبة ، فالقول قول الدافع ، وكما لو قضى أحد الدينين وادّعى القابض قضاء الآخر ، قدّم قول الدافع.

لأنّا نقول : إنّما كان القول في هاتين قول الدافع ؛ لأنّه لا يخالف الظاهر ، فكان أولى ، وفي مسألة الزكاة قول الدافع يخالف الظاهر ؛ لأنّ الزكاة‌

____________________

(١) المبسوط للطوسي ١ : ٢٣١.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٣ - ١٧٤ ، المجموع ٦ : ١٥٠ ، مغني المحتاج ١ : ٤١٧.

(٣) المجموع ٦ : ١٥٠ ، فتح العزيز ٥ : ٥٤٠.

٣١٢

ظاهرة في الوجوب ، والمعجّلة ليست زكاةً في الحال ، فلم يقبل قوله.

أمّا الوالي إذا أطلق وكانت معجّلةً ، فإنّ له الرجوع ؛ لأنّه نائب عن الفقراء ، فيقبل قوله عليهم ، ورب المال يدّعيها لنفسه ، فلم يقبل قوله.

إذا ثبت هذا ، فالدافع أعرف بنيّته إن كان صادقاً وتمكّن من الاستيفاء ، كان له ذلك ، وإلّا فلا. ولو علم الفقير ذلك وجب عليه الردّ مع الطلب وإن كان مستحقّاً ولم يتغيّر الحال.

مسألة ٢٢٢ : قد بيّنا أنّه لا يجوز أن يعجّل الزكاة قبل إكمال النصاب‌ عند المجوّزين ، فلو كان معه مائتا شاة فعجّل زكاة أربعمائة عن المائتين الموجودة وعمّا تتوالد ، فتوالدت وبلغت أربعمائة لم تجزئ إلّا عن المائتين عند القائلين منّا بالتعجيل - وهو أحد وجهي الشافعي(١) - لأنّها لم توجد في ملكه ، فأشبه ما إذا زكّى مائتي درهم قبل حصولها.

والثاني : الإِجزاء ؛ لأنّ السخال تابعة للاُمّهات ، فإذا سلف عنها مع وجود الاُمّهات صار ذلك كوجودها(٢) .

ولو كان عنده عشرون من الغنم حوامل ، فعجّل شاةً عنها وعن أولادها ، فتوالدت وبلغت أربعين ، لم تجزئ ؛ لأنّها لا تتبع ما دون النصاب ، وبه قال الشافعي(٣) .

ولو كان معه سلعة للتجارة قيمتها مائتان ، فأخرج زكاة أربعمائة ، ثم زادت قيمتها ، وصارت أربعمائة عند الحول ، لم يجزئه عندنا ، لما تقدّم.

وقال الشافعي : يجزئه ؛ لأنّ الواجب في قيمة العرض ، والاعتبار بالقيمة في آخر الحول دون غيره ، ولهذا لو نقصت القيمة ثم زادت لم ينقطع الحول(٤) .

____________________

(١ و ٢ ) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٣ ، المجموع ٦ : ١٤٨ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٤.

(٣) اُنظر : فتح العزيز ٥ : ٥٣١ ، والمجموع ٦ : ١٤٦.

(٤) فتح العزيز ٥ : ٥٣٢ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٧٣.

٣١٣

وكذا لو كان معه أقلّ من نصاب للتجارة ، فأخرج خمسة دراهم ، وزادت القيمة ، وبلغت نصاباً ، أجزأه(١) .

وعندنا أنّ النصاب معتبر في أول الحول إلى آخره في القيمة ، فلهذا قلنا بعدم الإِجزاء.

ولو كان معه مائتا درهم فعجّل منها خمسة ، فلمـّا دنا الحول أتلف منها درهماً انقطع الحول ، وسقطت الزكاة عنه ؛ لقصور المال عن النصاب ، وله أن يرجع فيما عجّله إذا شرط أنّه زكاة معجّلة ؛ لأنّ الزكاة لم تجب عليه.

ولا فرق في النقصان قبل الحول بين التفريط وعدمه ، ولهذا نمنع وجوب الزكاة ، وهو أحد وجهي الشافعية.

والثاني : ليس له ، لأنّه مفرط في ذلك ، قاصد لاسترجاع ما عجّله ، فلم يكن له الرجوع(٢) .

وقد تقدّم أنّ التفريط لا يمنع الرجوع.

* * *

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٣ ، المجموع ٦ : ١٤٦ و ١٤٨.

(٢) فتح العزيز ٥ : ٥٤٢ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٦.

٣١٤

٣١٥

الفصل الثالث

في المُخرج‌

مسألة ٢٢٣ : يجوز أن يتولّى المالك الإِخراج بنفسه في الأموال كلّها‌ ، سواء كانت ظاهرةً أو باطنةً ، وإن كان الأفضل في الظاهرة صرفها إلى الإمام أو الساعي ؛ ليتولّيا تفريقها ، عند علمائنا - وبه قال الحسن ومكحول وسعيد بن جبير وميمون بن مهران والثوري وطاوس وعطاء والشعبي والنخعي وأحمد والشافعي في أحد القولين(١) - لأنّها حق لأهل السُّهمان ، فجاز دفعه إليهم ؛ لأنّهم المستحقّون كسائر الحقوق ، وكالدَّين إذا دفعه إلى مالكه ، وكالزكاة الباطنة. ولأنّه أحد نوعي الزكاة ، فأشبه الآخر.

ولقول الصادقعليه‌السلام : « لو أنّ رجلاً حمل زكاته على عاتقه فقسّمها علانيةً كان ذلك حسناً جميلاً »(٢) .

وقال مالك : لا يفرّق الأموال الظاهرة إلّا الإِمام - وبه قال أبو حنيفة‌

____________________

(١) المغني ٢ : ٥٠٥ و ٥٠٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٧١ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٧٥ ، المجموع ٦ : ١٦٤ ، حلية العلماء ٣ : ١٤١.

(٢) الكافي ٣ : ٥٠١ / ١٦ ، التهذيب ٤ : ١٠٤ / ٢٩٧.

٣١٦

والشافعي في أحد القولين(١) - لقوله تعالى( خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ ) (٢) .

ولأنّ أبا بكر طالبهم بالزكاة وقاتلهم عليها ، وقال : لو منعوني عناقاً كانوا يؤدّونه إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لقاتلتهم عليها. ووافقه الصحابة على هذا(٣) .

ولأنّ ما للإِمام قبضه بحكم الولاية لا يجوز دفعه إلى المولّى عليه كولي اليتيم(٤) .

والجواب : نقول بموجب الآية ، فإنّها تدلّ على أنّ للإِمام أخذها ، ولا خلاف فيه.

ومطالبة أبي بكر ؛ لمنعهم ، ولو أدّوها إلى مستحقّها لم يقاتلهم.

وإنّما يطالب الإِمام بحكم الولاية والنيابة عن مستحقّها ، وإذا دفعها إليهم جاز ، لأنّهم أهل رشد ، فجاز الدفع إليهم ، بخلاف اليتيم.

إذا ثبت هذا ، فإنّ المالك يتخيّر في الصرف إلى الإِمام أو العامل أو المساكين أو الوكيل ؛ لأنّه فِعْلٌ تدخله النيابة فجاز التوكيل فيه.

مسألة ٢٢٤ : الأفضل أن تدفع زكاة الأموال الظاهرة إلى الإِمام العادل‌ ، وبه قال الباقرعليه‌السلام والشعبي والأوزاعي وأحمد(٥) - لأنّ الإِمام أعلم بمصارفها ، ودفعها إليه يبرئه ظاهراً وباطناً ؛ لاحتمال أن يكون الفقير غير مستحق ، ويزيل التهمة عنه في منع الحق ، ولأنّه يخرج من الخلاف.

____________________

(١) بدائع الصنائع ٢ : ٣٥ ، المغني ٢ : ٥٠٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٧٢ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٧٥ ، المجموع ٦ : ١٦٤ ، حلية العلماء ٣ : ١٤١.

(٢) التوبة : ١٠٣.

(٣) صحيح البخاري ٢ : ١٣١ ، سنن البيهقي ٤ : ١١٤.

(٤) المنتقى - للباجي - ٢ : ٩٤ ، المغني ٢ : ٥٠٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٧٢ ، حلية العلماء ٣ : ١٤١.

(٥) المغني ٢ : ٥٠٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٧١ - ٦٧٢.

٣١٧

وقال بعض الجمهور : الأفضل أن يفرّقها بنفسه ؛ لما فيه من توفير أجر العمالة وصيانة الحق عن خطر الخيانة ومباشرة تفريج كربة مستحقّها وإغنائه بها ، مع إعطائها الأولى بها من محاويج أقاربه وذوي رحمه وصلة الرحم بها فكان أفضل(١) .

ولو تعذّر الصرف إلى الإِمام حال الغيبة استحب دفعها إلى الفقيه المأمون من الإِمامية ؛ لأنّه أبصر بمواقعها. ولأنّه إذا دفعها إلى الإِمام أو الفقيه برئ لو تلفت قبل التسليم ؛ لأنّ الإِمام أو نائبه كالوكيل لأهل السُّهمان ، فجرى مجرى قبض المستحقّ.

مسألة ٢٢٥ : لو طلب الإِمام الزكاة منه وجب دفعها إليه‌ إجماعاً منّا ؛ لأنّه معصوم تجب طاعته وتحرم مخالفته ، فلو دفعها المالك إلى المستحقّين بعد طلبه وإمكان دفعها إليه فقولان لعلمائنا : الإِجزاء - وهو الوجه عندي - لأنّه دفع المال إلى مستحقّه ، فخرج عن العهدة ، كالدَّين إذا دفعه الى مستحقّه.

وعدمه ؛ لأنّ الإِخراج عبادة لم يوقعها على وجهها ؛ لوجوب الصرف إلى الإِمام بالطلب ، فيبقى في عهدة التكليف. ولا خلاف في أنّه يأثم بذلك.

مسألة ٢٢٦ : الطفل والمجنون إن أوجبنا الزكاة في مالهما أو قلنا باستحبابها فالولي هو المتولّي للإِخراج‌ ، وحكم الولي هنا حكم المالك ، إن شاء فرّقها بنفسه ، وإن شاء دفعها إلى الساعي أو إلى الإِمام ، وكذا الوكيل في الدفع له أن يدفع إلى الفقراء وإلى الإِمام وإلى الساعي.

ولو أمره المالك بالمباشرة ، فإن دفع الى الإِمام العادل برئ ؛ لأنّه أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، وإن دفعها إلى الساعي فالوجه الضمان ؛ للمخالفة.

مسألة ٢٢٧ : يجب أن ينصب الإِمام عاملاً لقبض الصدقات‌ ؛ لأنّه من الأمر بالمعروف ، ومن المصالح التي تشتد الحاجة إليها من الفقراء‌

____________________

(١) قاله ابنا قدامة في المغني ٢ : ٥٠٦ - ٥٠٧ ، والشرح الكبير ٢ : ٦٧٢.

٣١٨

للانتفاع ، ومن المالك لتخليص ذمته من الحقّ.

ويجب الدفع إليه مع طلبها ؛ لأنّه كالنائب للإِمام ، وأمره مستند إلى أمره ولمـّا كان امتثال أمر الإِمام واجباً فكذا أمر نائبه.

ولقوله تعالى( خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً ) (١) والأمر بالأخذ يستلزم الأمر بالإِعطاء.

مسألة ٢٢٨ : وليس للعامل أن يتولّى تفريق الصدقة إلّا بإذن الإِمام‌ ؛ لأنّه لا ولاية له إلّا من قِبَلهعليه‌السلام ، فتختص ولايته بما قصرها عليه ، فإن فوّض إليه ذلك جاز.

ثم إن عيّن له الإِمام الصرف إلى أقوام معيّنين على التفضيل أو التسوية ، لم يجز التخطّي(٢) ، فإن تخطّى الى غيرهم أو فضّل وقد اُمر بالتسوية أو بالعكس ، ضمن القدر الذي فرّط فيه خاصة، وإن أطلق تصرّف هو كيف شاء ممّا يبرئ المالك.

ولو عيّن له المالك وعيّن له الإِمام أيضاً ، واختلف المحل أو التقسيط اتّبع تعيين الإِمام خاصة.

ومع إطلاق الإِمام وتعيين المالك هل يجوز له التخطّي(٣) الى غير من عيّنه المالك؟ إشكال ينشأ من أنّ للمالك التخيير لا لغيره ، ومن زوال ولايته بالدفع إلى الساعي.

إذا عرفت هذا ، فإذا أذن الإِمام في التفريق وأطلق ، جاز أن يأخذ نصيبه من تحت يده ؛ لأنّه أحد المستحقّين وقد أذن له في الدفع إليهم ، فيندرج تحت الإِذن كغيره.

مسألة ٢٢٩ : واذا بعث الإِمام الساعي لم يتسلّط على أرباب المال‌ ، بل يطلب منهم الحقّ إن كان عليهم ، فإن قال المالك : أخرجت الزكاة ، أو‌

____________________

(١) التوبة : ١٠٣.

(٢ و ٣ ) في النسخ الخطيّة والحجرية : التخطية. والصحيح ما أثبتناه.

٣١٩

لم يَحُلْ على مالي الحول ، أو أبدلته ؛ صدَّقه من غير يمين ، خلافاً للشافعي(١) ، على ما تقدّم.

ولا يلزم المالك أن يدفع من خيار ماله ، ولا يقبل منه الأدون ، بل يؤخذ الأوسط ، ويقسّم الشياه قسمين عندنا ، ويخيّر المالك حتى تبقى الفريضة.

وقال بعض الجمهور : يقسّم ثلاثة أقسام : أجود وأدون وأوسط ، وتؤخذ الفريضة من الأوسط(٢) .

وقولنا أعدل ؛ لأنّ فيه توصّلاً إلى الحقّ من غير تسلّط على أرباب الأموال.

مسألة ٢٣٠ : وينبغي أن يخرج العامل في أخذ صدقة الثمار والغلّات عند كمالها وقطفها‌ وجذاذها وتصفيتها ، والناحية الواحدة لا تختلف زروعها اختلافاً كثيراً ، وأمّا ما يعتبر فيه الحول فيخرج في رأس الحول استحباباً ؛ لتنضبط الأحوال.

فإذا قدم العامل فإن كان حول الأموال قد تمّ ، قبض الزكاة ، وإن كان فيهم من لم يتمّ حوله وصّى عدلاً ثقةً يقبض الصدقة منه عند حلولها ، ويفرّقها في أهلها إن أذن له الإِمام دفعاً لحرج العود.

وإن رأى أن يكتبها ديناً عليه ليأخذ من قابل ، فالوجه المنع ، خلافاً للشافعي(٣) .

وإن أراد أن يرجع في وقت حلولها لقبضها كان أولى.

ولا يكلّف أرباب الأموال أن يجلبوا المواشي إليه ليعدّها ، ولا يكلّف الساعي أن يتبعها في مراتعها ؛ لما فيه من المشقة ، بل يقصد الساعي موارد‌

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٦ ، المجموع ٦ : ١٧٤ ، حلية العلماء ٣ : ١٤٢.

(٢) حكاه المحقق في المعتبر : ٢٧٦.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٦ ، المجموع ٦ : ١٧٣.

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411